المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية الجزء ١

المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية0%

المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية مؤلف:
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 369

  • البداية
  • السابق
  • 369 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 33956 / تحميل: 6568
الحجم الحجم الحجم
المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية

المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية الجزء 1

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فيبشّرهم بما سلّمهم الله تعالى عزّ وجل، والآخر نذير، فيرجع إلى السفياني فيخبره بما نال الجيش، عند ذلك، قال: (وعند جهينة الخبر اليقين) لأنّهما من جهينة، ثمّ يهرب قوم من ولد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى بلد الروم، فيبعث السفياني إلى ملك الروم رُدَّ إليّ عبيدي، فيردّهم إليه فيضرب أعناقهم على الدرج شرقي مسجد دمشق، فلا يُنكر ذلك عليه، ثمّ يسير في سبعين ألفاً نحو العراق والكوفة والبصرة، ثمّ يدور الأمصار، ويحلّ عُرى الإسلام عروة بعد عروة، ويقتل أهل العلم، ويحرق المصاحف، ويخرب المساجد، ويستبيح الحرام، ويأمر بضرب الملاهي والمزاهر في الأسواق، والشرب على قوارع الطريق، ويحلّ الفواحش، ويحرّم عليهم كل ما فرض الله تعالى عليهم من الفرائض، ولا يردع عن الظلم والفجور، بل يزداد تمرداً وعتوا، ويقتل كل من اسمه أحمد، ومحمّد، وعليّ، وجعفر، وحمزة، وحسن، وحسين، وفاطمة، وزينب، ورقيّة، وأم كلثوم، وخديجة، وعاتكة، حنقاً وبغضاً لآل بيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، ثمّ يبعث فيجمع الأطفال ويغلي الزيت لهم، فيقولون: إن كان آبائنا عصوك فنحن ما آذيناك. فيأخذ منهم اثنين اسمهما حسن وحسين، فيصليهما، ثمّ يسير إلى الكوفة فيفعل بهم كما فعل بالأطفال، ويصلب على باب مسجدها طفلين اسمهما حسن وحسين، فيغلي دماءهما كما غلى دم يحيى بن زكريا (عليه السلام) فإذا رأى ذلك أيقن بالبلاء والهلاك. فيخرج منها متوجهاً إلى الشام، فلا يرى في طريقه أحداً يخالفه، فإذا دخل دمشق اعتكف على شرب الخمر والمعاصي، ويأمر أصحابه بذلك، ويخرج السفياني وبيده حربة، فيأخذ المرأة الحامل فيدفعها إلى بعض أصحابه، فيقول: افجر بها في وسط الطريق، ويبقر بطنها فيسقط الجنين من بطن أمه، فلا يقدر أحد أن يغيّر ذلك، فتضطرب الملائكة في السماء، فيأمر الله عزّ وجل جبرائيل (عليه السلام) فيصيح على سور مسجد دمشق: ألا قد جاءكم الغوث يا أُمّة محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد جاءكم الفرج - وهو المهديّ - خارج مكّة فأجيبوه، ثمّ قال (رضي الله عنه) ألا أصفه لكم؟ ألا وإنّ الدهر فينا قسّمت حدوده، ولنا أخذت عهوده، وإلينا

١٢١

تردّ شهوده، ألا وإنّ أهل حرم الله عزّ وجل سيطلبون لنا بالفضل من عرف عودتنا فهو مشاهد، ألا فهو أشبه خَلْقِ الله عزّ وجل برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، واسمه على اسمه، واسم أبيه على اسم أبيه، من ولد فاطمة بنت محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، ألا فمن تولّى غيره لعنه الله ، ثمّ قال (رضي الله عنه): ثمّ يجمع الله بأصحابه على عدد أهل بدر، وعلى عدد أصحاب طالوت، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، كأنّهم ليوث قد خرجوا من غابة، قلوبهم مثل زبر الحديد، لو همّوا بإزالة الجبال لأزالوها، الزيّ واحد، واللباس واحد، كأنّما آباؤهم أب واحد ، قال أمير المؤمنين: وأنا أعرف أسماؤهم، ثمّ سمّاهم. وقال: ثمّ يجمعهم الله تعالى من مطلع الشمس إلى مغربها في أقل من نصف ليلة، فيأتون مكّة، فيشرف عليهم أهل مكّة فلا يعرفونهم، فيقولون: لسنا أصحاب السفياني، فإذا انجلى لهم الصباح يرونهم طائعين مصلّين، فينكرونهم.

  فعند ذلك يقيّض الله مَن يُعرِّفهم المهديّ(عليه السلام) وهو مختفٍ، فيجتمعون إليه ويقولون: أنت المهديّ؟! فيقول: أنا أنصاري. والله ما كذبت؛ لأنّه ناصر الدين، ويتغيب عنهم فيخبرونهم أنّه قد لحق بقبر جده فيلحقونه بالمدينة، فإذا أحسّ بهم رجع إلى مكّة فلا يزالون به إلى أن يجيبهم إلى ذلك، فيقول: إنّي لست قاطعاً أمراً حتى تبايعوني على ثلاثين خصلة، تلزمكم لا تغيرون منها شيئا، ولكم عليّ ثمان خصال، قالوا: قد فعلنا ذلك فاذكر ما أنت ذاكر يا بن رسول الله، فيخرجون معه إلى الصفا، فيقول: أنا معكم على أن لا تولّوا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا محرماً، ولا تأتوا فاحشة، ولا تضربوا أحداً إلاّ بحقّه، ولا تكنزوا ذهباً، ولا فضّة، ولا بُرّاً، ولا شعيراً، ولا تأكلوا مال اليتيم، ولا تشهدوا بما لا تعلمون، ولا تخرّبوا مسجداً، ولا تقبّحوا مسلماً، ولا تلعنوا مؤاجراً، ولا تشربوا مسكراً، ولا تلبسوا ذهبا، ولا الحرير، ولا الديباج، ولا تتّبعوا هارباً، ولا تسفكوا دماً حراماً، ولا تغدروا على مستأمن، ولا تبقوا على كافر ولا منافق، وتلبسون الخشن من الثياب، وتتوسدون

١٢٢

التراب على الخدود، وتجاهدون في الله حقّ جهاده، ولا تشتمون، وتكرهون التّحاسُد، وتأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، فإذا فعلتم ذلك فعليّ أن لا أتخذ حاجباً، ولا بواباً، ولا ألبس إلاّ كما تلبسون، ولا أركب إلاّ كما تركبون، وأملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً، وأعبد الله عزّ وجل حقّ عبادته، أفي لكم، وتفوا لي، قالوا رضينا، واتّبعناك على هذا، فيصافحهم رجلاً رجلاً، فيفتح الله عزّ وجل له خراسان، ويطيعه أهل اليمن وتقبل الجيوش أمامه، وتكون همدان وزراءه، وخولان جيوشه، وحِميَر أعوانه، ومضر قواده، ويكثر الله عزّ وجل جمعهم بتميم، ويشتدّ ظهره بقيس، ويسيّر راياته أمامه وعلى مقدمته عقيل، وعلى ساقته الحارث، وتخالفه ثقيف وعذاف، ويسيّر الجيوش حتى تصير بوادي القرى في هدوء ورفق، فيلحقه هناك ابن عمّه الحسني في اثني عشر ألف فارس، فيقول له الحسني: هل لك من آية فنبايعك؟ فيومئ المهديّ (عليه السلام) إلى الطير فيسقط على يديه، فيغرس قضيباً في بقعة من الأرض فيخضرّ ويورّق، فيقول له الحسني: يا ابن عمّ هي لك، ويسلّم إليه جيشه. ويكون على مقدمته واسمه على اسمِهِ.

  وتقع الضجّة في الشام: ألاَ إنّ أعراب الحجاز قد خرجوا إليكم، فيقول السفياني لأصحابه: ما تقولون في هؤلاء القوم؟ فيقولون: هم أصحاب نبل وإبل، ونحن أصحاب القوة والسلاح، أخرج بنا إليهم، فيرونه قد جبن، وهو عالم بما يراد منه، فلا يزالون به حتى يخرجوه فيخرج بخيله ورجله بمائتي ألف وستين ألفا، حتى ينزلوا بحيرة طبرية، فيسير المهديّ(عليه السلام) لا يُحدث في بلد حادثة إلاّ الأمن والإيمان، والبشرى، وعن يمينه جبرائيل، وعن يساره ميكائيل، والناس يلحقونهم من الآفاق، حتى يلحقوا السفياني على بحيرة طبرية، ويغضب الله تعالى على السفياني وجيشه، ويُغضب سائر خلقه عليهم حتى الطير في السماء، فترميهم بأجنحتها، وإنّ الجبال لترميهم بصخورها، فيكون وقعة يهلك الله عزّ وجل فيها جيش السفياني ويمضي هاربا، فيأخذه رجل من الموالي اسمه صباح، فيأتي به

١٢٣

المهديّ (عليه السلام) وهو يصلّي العشاء الآخرة فيُبشره، فيخفّف في الصّلاة ويخرج، ويكون السفياني قد جعلت عمامته في عنقه ويسحب، فيوقفه بين يديه فيقول السفياني للمهدي: يا بن العم، مُنّ عليّ بالحياة أكن لك سيفاً بين يديك أجاهد أعداءك، والمهديّ جالس بين أصحابه وهو أحيى من عَذراء، فيقول: خلّوه، فيقول أصحاب المهدي: يا بن بنت رسول الله، تَمُنُّ عليه بالحياة وقد قتل أولاد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ؟! فيقولون: ما نصبر على ذلك، فيقول: شأنكم وإيّاه، وقد كان خلاّه واختلى، فيلحقه صباح في جماعة إلى عند السدرة فيضجعه ويذبحه، ويأخذ رأسه فيأتي به إلى المهديّ، فتنظر شيعته إلى الرأس فيهلّلون ويكبّرون، ويحمدون الله على ذلك. ثمّ يأمر المهديّ بدفنه، ثمّ يسير في عساكره فينزل دمشق، وقد كان أصحاب الأندلس أحرقوا مسجدها وأخربوه ( وأخربوا بيوتها - نسخة -) ، ويقيم في دمشق مدّة فيأمر بعمارة جامعها، وإنّ دمشق فسطاط المسلمين يومئذٍ، وهي خير مدينة على وجه الأرض في ذلك الوقت، ألا وفيها آثار النبيين وبقايا الصالحين، معصومة من الفتن، منصورة على أعدائها، فمن وجد السبيل إلى أن يتخذ فيها موضعاً ولو مربط شاة، فإنّ ذلك خير له من عشرة حيطان بالمدينة، ينتقل أخيار العراق إليها، ثمّ إنّ المهديّ يبعث بجيش إلى أحياء كلب، والخائب مَن خاب من غنيمة كلب » .

المؤلِّف:

هذا الحديث الشريف فيه أمور مهمّة، وإنمّا ذكرناه في الباب لِما فيه من أنّ الإمام المهديّ (عليه السلام) من أولاد فاطمة (عليها السلام)، وسنوردهما أيضاً - إن شاء الله - في أخبار السفياني في (باب 25)، وفي باب علامات ظهوره (باب 30) وكراماته وأصحابه (عليهم السلام).

17 - أخرج الحافظ أبو نعيم في الأربعين حديث، الذي جمعه في أحوال الإمام المهديّ (عليه السلام)، أنّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لفاطمة: « المهديّ من ولدكِ » ، ولم يعيّن الحديث الذي ذكر فيه هذا الأمر، وقد ورد في أحاديث

١٢٤

عديدة أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لابنته فاطمة سيدة النساء (عليها السلام): « إنّ المهديّ من وُلدك » وقد تقدم قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لفاطمة (عليها السلام): « إنّ المهديّ (عليه السلام) من وُلدك » . بتعبيرات مختلفة.

18 - وأخرج السيّد في غاية المرام (ص701)، نقلاً من الكنجي الشافعي بسنده، عن سعيد بن المسيّب، قال: كنّا عند أم سلمة فتذاكرنا المهدي، فقالت: سمعت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: « المهديّ مِن ولد فاطمة » ، (ثمّ قال): أخرجه ابن ماجه في سننه.

المؤلِّف:

تقدم في (رقم 3) رواة هذا الحديث، وذكرنا بعض من أخرجه من علماء أهل السنّة، وهم: القندوزي، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم.

19 - وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (ج1، ص49، باب 162) أخرج نعيم بسنده، عن زر بن حبيش، (أنّه) سمع علياً (عليه السلام) يقول: « المهديّ رجل مِنّا مِن ولد فاطمة » . وروى قبل هذا الحديث نعيم بسنده، عن الوليد، عن أبي بكر، بن أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب، عن أبي هزان، عن كعب (أنّه) قال: المهديّ مِن ولد فاطمة (عليها السلام).

20 - وفي ينابيع المودّة (ص434)، أخرج بسنده، من المعجم الأوسط للطبراني، عن عباية بن ربعي، عن أبي أيوب الأنصاري، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لفاطمة (رضي الله عنه): « مِنّا خير الأنبياء وهو أبوكِ، ومِنّا خير الأوصياء وهو بعلكِ، ومِنّا خير الشهداء وهو عمّ أبيكِ حمزة، ومِنّا من له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء وهو ابن عمّ أبيكِ، ومِنّا سبطا هذه الأمّة سيدا شباب أهل الجنّة الحسن والحسن وهما ابناكِ، ومِنّا المهديّ وهو من ولدكِ » .

المؤلِّف:

تقدم في (رقم 1) الحديث عن عباية مع اختلاف في

١٢٥

اللفظ من كتاب البيان للكنجي الشافعي ولأجل الاختلاف في اللفظ ذكرنا الحديث ثانيا.

21 - وفي مناقب ابن المغازلي، أبو الحسن علي بن محمّد الواسطي الشافعي، المتوفّى سنة 483، وكتاب المناقب مخطوط يوجد في مكتبة أمير المؤمنين (عليه السلام) في النجف الأشرف، وهذا نص الحديث - كما في ينابيع المودّة (ص436) - عن أبي أيوب الأنصاري قال: إنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مرض فأتته فاطمة وبكت، فقال:

« يا فاطمة إنّ لكرامة الله إياكِ زوّجكِ مَن هو أقدمهم سلماً وأكثرهم عِلما، إنّ الله اطّلع إلى أهل الأرض اطلاعة فاختارني منهم، فجعلني نبياً مرسلا، ثمّ اطّلع اطلاعة ثانية فاختار منهم بعلكِ فأوحى إليّ أن أزوجه إياكِ واتخذه وصيّا، يا فاطمة مِنّا خير الأنبياء وهو أبوكِ، ومِنّا خير الأوصياء وهو بعلكِ، ومِنّا خير الشهداء وهو حمزة عمّ أبيكِ، ومِنّا من له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء وهو جعفر ابن عمّ أبيكِ، ومِنّا سبطا هذه الأمّة وسيدا شباب أهل الجنّة الحسن والحسين وهما ابناكِ، والذي نفسي بيده مِنّا مهديّ هذه الأمّة وهو من ولدكِ » .

22 - وفي إسعاف الراغبين، بهامش (ص131) من نور الأبصار، قال، وقال الشيخ محيي الدين - في الفتوحات: اعلموا، أنّه لا بد من خروج المهديّ (عليه السلام) ولكن لا يخرج، حتى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً، فيملأها قسطاً وعدلاً، وهو من عترة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، من وُلد فاطمة (رضي الله عنه)، جدّه الحسين بن علي بن أبي طالب، ووالده الإمام الحسن العسكري ابن الإمام علي النقي (بالنون)، ابن الإمام محمّد التقي (بالتاء)، ابن الإمام علي الرضا، ابن الإمام موسى الكاظم، بن الإمام جعفر الصادق، بن الإمام محمّد الباقر، بن الإمام زين العابدين، علي بن الحسين، بن الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنهم)، يواطي اسمه اسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يبايعه

١٢٦

المسلمون بين الركن والمقام، يشبه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الخَلق - بفتح الخاء - وينزل عنه في الخُلق - بضمَّها. إذ لا يكون أحد مثل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في أخلاقه.

المؤلِّف:

هذا رأي محيي الدين، ولكن ورد كثير من الأحاديث فيها تصريح بأنّه (عليه السلام) يشبه جده رسول الله في الخَلق والخُلق، ولا يبعد ذلك. قال محيي الدين:

أسعد الناس به أهل الكوفة (لأنّهم من محبّيه أباً وجد) يُقسِّم المال بالسّوية (بين الناس)، ويعدل في الرعيّة، يمشي الخضر بين يديه، يعيش خمسا، أو سبعا، أو تسعاً، يقفوا أثر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لا يخطئ، له مَلَك يسددّه من حيث لا يراه، يفتح المدينة الرومية بالتكبير مع سبعين ألفاً من المسلمين، يشهد الملحمة العظمى مأدبة الله بمرج عكّا، يعزّ الله به الإسلام بعد ذلّه، ويحييه بعد موته، ويضع الجزية (أي: لا يرضى بالجزية، ويجبر الناس بالإسلام فمن لم يسلم قتله) ويدعو إلى الله تعالى بالسيف، فمن أبى قُتل، ومَن نازعه خُذل، يحكم بالدين الخالص عن الرأي، ويخالف في غالب أحكامه مذاهب العلماء (الأربعة) فينقبضون منه لذلك؛ لظنّهم أنّ الله تعالى لا يُحدث بعد أئمّتهم (الأربعة) مجتهداً، وأطال (الشيخ محيي الدين) في ذكر وقائعه معهم.

ثمّ قال: واعلم أنّ المهديّ إذا خرج يَفرَحُ به جميع المسلمين، خاصّتهم وعامّتهم، (قال): وله رجال إلهيون يقيمون دعوته وينصرونه، هُمُ الوزراء له، يتحملون أثقال المملكة عنه، ويعينونه على ما قلّده الله، ينزل الله عليه عيسى بن مريم (عليه الصلاة والسلام)، بالمنارة البيضاء، شرقي دمشق (حال كونه) متكئاً على مَلكين مَلك عن يمينه ومَلك عن يساره والناس في صلاة العصر، قال: وفي زمانه يقتل السفياني عند شجرة بغوطة دمشق، ويخسف بجيشه في البيداء، فمن كان في جيشه (السفياني) مجبوراً من ذلك الجيش مُكرهاً يُحشر على نيته، وقال في الفتوحات أيضا: قد استوزر الله للمهديّ طائفة خبّأهم الله تعالى له في مكنون غيبه، أطلعهم كشفاً وشهوداً على الحقائق وما هو أمر الله في عباده، فلا يفعل المهديّ

١٢٧

(عليه السلام) شيئاً إلاّ بمشاورتهم، وهم على أقدام رجال من الصحابة الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وهم من الأعاجم ليس فيهم عربي، لكن لا يتكلمون إلاّ بالعربية، لهم حافظ من غير جنسهم ما عصى الله قط، هو أخص الوزراء، (الحديث). وله بقية لا تحتاج إلى ذكرها.

23- وفي شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي (ج2، ص179، ط/ مصر، سنة 1329)، قال: ومنها - أي: ومن خُطب أمير المؤمنين (عليه السلام) التي ذكرها السيّد الرضي (قدّس سره) وفيه إشارة إلى الإمام المهديّ الموعود المنتظر - الخُطبة التي فيها قوله (عليه السلام):

« فانظروا أهل بيت نبيكم، فإن لبدوا فالبدوا، وإن استنصروكم فانصروهم، فليفرجنّ الله الفتنة برجل مِنّا أهل البيت، بأبي ابن خيرة الإماء (نرجس)، لا يعطيهم إلاّ السيف هرجاً هرجاً، موضوعاً على عاتقه ثمانية أشهر، حتّى تقول قريش لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا، يغريه الله ببني أميّة حتّى يجعلهم حطاماً ورُفاتاً، ملعونين أينما ثُقفوا أُخذوا وقُتلوا تقتيلا، سنّة الله في الذين خلوا من قبل، (إلى أن يقول) فإن قيل ومَن هذا الرجل الموعود به؟ الذي قال (عليه السلام) عنه، بأبي ابن خيّر الإماء ».

قيل أمّا الإمامية فيزعمون أنّه إمامهم الثاني عشر، وأنّه ابن أمَة أسمها نرجس، ثمّ يتكلم ابن أبي الحديد بما يعتقده علماؤهم في حق الإماء، إلى أن يقول: وإنّه لمن أم ولد كما ورد في هذا الأثر، وفي غيره من الآثار، وإنّ اسمه محمّد كاسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وإنّه إنّما يظهر بعد أن يستولي على كثير من الإسلام ملك من أعقاب بني أميّة، وهو السفياني الموعود به في الخبر الصحيح، من ولد أبي سفيان بن حرب بن أميّة (إلخ)...

24 - وفي ينابيع المودّة (ص512)، قال: روى المدايني في كتاب

١٢٨

صفين (و) قال: خُطب عليّ (عليه السلام) بعد انقضاء أمر النهروان فذكر طرفاً من الملاحم، وقال: « ذاك أمر الله وهو كائن، وقتاً مريحاً، فيا بن خِيرة الإماء متى تنتظر، ابشر بنصر قريب من رب رحيم، فبأبي وأمّي، عدّة قليلة أسماؤهم في الأرض مجهولة »، الحديث.

25 - وفي منتخب كنز العمّال (ص32، بهامش ج6)، مسند أحمد عن الحسين (عليه السلام)، أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لفاطمة: « ابشري بالمهديّ منكِ » . أخرجه عن ابن عساكر في تاريخه (قال): وروى في كنوز الحقائق عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: « ابشري يا فاطمة، المهديّ منك » (ابن عساكر)، وروى في البرهان في علامات مهدي آخر الزمان، في الباب الثاني، عن ابن عساكر، وأبي نعيم عن الحسين عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) روى نحوه.

26- وفي عقد الدرر (الحديث، من الباب 1)، أخرج بسنده، عن أبي عمر عثمان بن سعيد المقري في سننه، عن قتادة، قال، قلت لسعيد بن المسيّب: المهديّ حقّ؟ قال: حقّ، قلت: ممّن؟ قال: من كنانة، قلت: ثمّ ممّن؟ قال: من قريش، قلت: ثمّ ممّن؟ قال: من بني هاشم، قلت: ثمّ ممّن؟ قال: من ولد فاطمة (عليهما السلام).

27- وفي منتخب كنز العمّال (ص34، ج6) بهامش مسند أحمد بن حنبل، قال علي بن أبي طالب (عليهما السلام): « المهديّ رجل مِنّا من ولد فاطمة » ، قال: أخرجه نعيم.

المؤلِّف:

أخرج السيّد ابن طاووس الحديث في الملاحم والفتن

١٢٩

في (الباب 162)، وقال ممّا ذكره عن كتاب الفتن، تأليف نعيم، قال نعيم: حدّثنا أبو هارون، عن عمر، بن قبيل الملائي، عن المنهال بن عمرو، عن زر، عن حبيش، (أنّه) سمع علياً (عليه السلام) يقول: « المهديّ رجل منّا، من وُلد فاطمة » .

28- وفي الفصول المهمّة، لابن الصبّاغ المالكي (ص281)، قال وأما بقاء المهديّ (عليه السلام)، فقد جاء في الكتاب والسنّة، أمّا الكتاب، فقد قال سعيد بن جبير، في تفسير قوله تعالى: ( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (سورة 9، آية 33)، قال: هو المهديّ من ولد فاطمة (عليها السلام).

١٣٠

الباب السادس

1- في فرائد السمطين، لإبراهيم بن محمّد الحمويني الشافعي (ج2، في الباب 12)، أخرج بسنده، عن علي بن هلال، عن أبيه، قال: دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو في الحالة التي قُبض فيها، فإذا فاطمة عند رأسه، فبكت حتى ارتفع صوتها، فرفع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) طرفه إليها، فقال:

« حبيبتي فاطمة، ما الذي يبكيكِ؟ فقالت: أخشى الضيعة من بعدك. فقال: يا حبيبتي، أمَا علمتِ أنّ الله عزّ وجل اطّلع على الأرض اطّلاعة، فاختار منها أباكِ وبعثه برسالته ( فبعثه برسالته)، ثمّ اطّلع اطّلاعة، فاختار منها بعلكِ وأوحى إليّ أن أنكحكِ إيّاه.

  يا فاطمة، ونحن أهل بيت قد أعطانا الله عزّ وجل سبع خصال لم يعطَ أحداً قبلنا ولا يعطي أحداً بعدنا، أنا خاتم النبيين وأكرم النبيين على الله عزّ وجل، وأحب المخلوقين إلى الله عزّ وجل، وأنا أبوكِ، ووصيِّي خير الأوصياء وأحبّهم إلى الله عزّ وجل وهو بعلكِ، وشهيدنا خير الشهداء وأحبّهم إلى الله عزّ وجل وهو حمزة بن عبد المطلب عمّ أبيك وعمّ بعلكِ، ومنّا مَن له جناحان أخضران، يطير بهما في الجنة مع الملائكة حيث يشاء وهو ابن عمّ أبيكِ وأخو بعلكِ، ومنّا سبطا هذه الأمّة وهما ابناكِ الحسن والحسين، وهما سيدا شباب أهل الجنّة، وأبوهما - والذي بعثني بالحق - خير منهما. يا فاطمة، والذي بعثني بالحق، إنّ منهما مهديّ هذه الأمّة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجا، وتظاهرت الفتن، وتقطّعت السبل، وأغار بعضهم على بعض فلا كبير يرحم صغيراً ولا صغير يوقّر كبيرا، فيبعث الله عزّ وجل عند ذلك منهما مَن يفتح حصون الضلالة، وقلوباً

١٣١

غلفاً، يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أوّل الزمان، ويملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً. يا فاطمة، لا تحزني ولا تبكي؛ فإنّ الله أرحم بكِ وأرأف عليك منّي وذلك لمكانكِ منّي وموقعكِ من قلبي، قد زوّجكِ الله زوجكِ وهو أعظمهم حسباً (وهو اشرف أهل بيتكِ حسب)، وأكرمهم منصبا، وأرحمهم بالرعيّة وأعدلهم بالسّوية، وأبصرهم بالقضية، وقد سألت ربّي عزّ وجل أن تكوني أوّل من يلحقني من أهل بيتي ». قال علي (صلوات الله عليه): « فلمّا قُبض رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لم تبقَ فاطمة بعده إلاّ خمسة وسبعين يوماً حتى ألحقها الله به » .

المؤلِّف:

أخرج هذا الحديث الشريف جمعٌ كثير من علماء أهل السنّة، ومن علماء الإمامية (عليهم الرحمة)، بألفاظ مختلفة، وفي بعضها زيادة، فإليك بعض من ذكر ذلك من علماء أهل السنّة، وهم جماعة.

  منهم:العلاّمة الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي، (المتوفّى سنة 658)، فإنّه أخرج الحديث في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان (ص305، من الباب 1، طبع/ تبريز، سنة 1324)، بسند متصل، ولفظه يساوي لفظ الحمويني إلاّ في بعض الكلمات.

ومنهم: العلاّمة أبو بدر يوسف بن يحيى السلمي الشافعي، أخرجه في كتابه عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر، في الفصل الثالث من (الباب 9).

ومنهم: الشيخ سليمان الحنفي، فإنّه أخرج الحديث مع اختصار بعض ألفاظه في ينابيع المودّة (ص436).

ومنهم: الشيخ إبراهيم بن محمّد الحمويني الشافعي، فإنّه أخرج الحديث في كتابه فرائد السمطين، بسندين.

  ومنهم:العلاّمة محبّ الدين أحمد بن عبد الله المكّي الطبري الشافعي، (المتوفّى سنة 694). فقد أخرج الحديث في كتابه ذخائر العقبى في مناقب

١٣٢

ذوي القربى (ص136، طبع/ م، سنة 1365)، ولم يذكر تمام الحديث، بل اختصره إلى قوله: « ويملأ الأرض عدلاًً كما مُلئت جوراً » ، ثمّ قال: أخرجه الحافظ أبو العلاء الهمداني في الأربعين حديثاً في المهدي.

المؤلِّف:

أخرج محب الدين الطبراني بعض ألفاظ الحديث، في (ص44) ذخائر العقبى، برواية أبي أيوب الأنصاري، وقال: أخرجه الطبراني في معجمه الكبير.

  ومنهم:العلاّمة الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله، فإنّه أخرج الحديث في الأربعين حديثا، الذي جمعه في أحوال الإمام المهديّ المنتظر، وهو (الحديث 6) من الأحاديث الأربعين، وقال: رواه علي بن بلال، عن أبيه، وفي لفظه اختلاف في بعض ألفاظه، وفي بقية ألفاظه يوافق ما في فرائد السمطين.

  ومنهم:جلال الدين السيوطي الشافعي، المتوفّى (سنة 911)، فقد أخرج بعض ألفاظ الحديث في كتابه العرف الوردي في أخبار المهديّ (ص66)، عن علي الهلالي، وقال، قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « والذي بعثني بالحقّ، (الحديث) إلى قوله: يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً » ، وقد أسقط من أوّل الحديث ومن آخره لما فيها من أمور لا توافق عقيدته. ثمّ قال: أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، وأبو نعيم عن علي الهلالي.

المؤلِّف:

لا يخفى على أهل الحديث والدراية أنّ جميع ما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير أحاديث صحيحة على اصطلاحهم، فكيف لا يذكرها جلال الدين؟ ومن الممكن أن نقول: إنّما ترك نقل جميع ألفاظ الحديث رعاية للاختصار.

  ومنهم:العلاّمة الشيخ أبو بدر يوسف بن يحيى السلمي الشافعي، فقد أخرج الحديث في كتابه عقد الدرر، في (الباب 7، الحديث 213)، عن علي بن علي الهلالي، عن أبيه، قال: دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو في

١٣٣

الحالة التي قُبض فيها، فإذا فاطمة عند رأسه، فبكت حتى ارتفع صوتها، فرفع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) طرفه إليها، فقال: « حبيبتي فاطمة، ما يبكيكِ؟ » فذكر الحديث. قال في آخره: أخرجه الحافظ أبو نعيم، في صفة المهدي، وذكره الحافظ أبو عبد الرحمان النخعي في شرح سيرة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

المؤلِّف:

  روي هذا الحديث بطرقٍ عديدةٍ، وبألفاظ مفصلةٍ ومختصرةٍ، من جملة مَن ذكره مختصراً الشيخ أبو بدر بن يوسف بن يحيى الشافعي، فإنّه أخرج الحديث في عقد الدرر أيضاً، في (الباب 1، والحديث 285). ومن جملتهم محبّ الدين الطبري، فقد أخرج بعض ألفاظ الحديث في ذخائر العقبى (ص44) برواية أبي أيوب الأنصاري مختصراً، ويأتي حديث عقد الدرر في (رقم 2)، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لفاطمة (رضي الله عنه): « نبينا خير الأنبياء وهو أبوكِ، وشهيدنا خير الشهداء وهو عمّ أبيكِ حمزة، ومنّا مَن له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء وهو ابن عمّ أبيكِ جعفر، ومنّا سبطا هذه الأمّة الحسن والحسين وهما ابناكِ، ومنّا المهديّ ». ثمّ قال: أخرجه الطبراني في معجمه الكبير.

المؤلِّف:

أخرج محب الدين الطبري الشافعي الحديث مفصّلا، في (ص135) ذخائر العقبى - عن علي بن الهلالي - من أوّله إلى قوله: « ويملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً » . وترك باقي الحديث. ثمّ قال: أخرجه الحافظ أبو العلاء الهمداني في الأربعين حديث الذي جمعه في المهديّ (عليه السلام). وقد أخرجاه بألفاظه في الأحاديث التي ذَكر فيها (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه من أولاد فاطمة وهو (الحديث 15) منها راجع تراه كاملا.

ومن جملة مَن أخرج الحديث برواية أبي أيوب الأنصاري، الشيخ سليمان القندوزي الحنفي، في ينابيع المودّة (ص433–434، و ص436–490)،

ومن جملتهم الكنجي الشافعي، في كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان (ص311). ومن جملتهم ابن طاووس في كتابه الملاحم

١٣٤

والفتن. وأخرجه في الصواعق المحرقة، لابن حجر الهَيْتَمي (ص100)، وقد أخرجنا بعض ألفاظهم في الأحاديث التي ذكر فيها أنّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: « المهديّ منّا » ، في (الباب2)، وهو (الحديث 10) من تلك الأحاديث، فمن أراد الاطلاع على نص الحديث فليراجع تلك الأحاديث، ويأتي بعض ألفاظه برواية أبي سعيد الخدري، في الأحاديث التي ذكر فيها أنّ المهديّ (عليه السلام) من أولاد الحسين (عليه السلام)، من كتاب أرجح المطالب (ص385) ومن غيره.

ومن جملة علماء أهل السنّة الذين أخرجوا الحديث، الشيخ عبيد الله الآمرتسري الحنفي، فقد أخرج الحديث في كتابه أرجح المطالب (ص 382)، نقلاً من كتاب العرف الوردي، ومن المعجم الكبير للطبراني، ومن أبي نعيم، وفي لفظه اختلاف مع ما تقدم نقله من الفرائد، وفيه زيادة، وهذا نصّه:

عن علي بن الهلالي المكّي، قال: دخلت على رسول الله في شكايته التي قُبض فيها، فإذا بفاطمة عند رأسه، فبكت حتى ارتفع صوتها، فرفع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) طرفه إليها، فقال:

« حبيبتي فاطمة، ما الذي يبكيكِ؟ قالت: أخشى الضيعة من بعدك. فقال: يا حبيبتي، أمَا علمتِ أنّ الله عزّ وجل اطّلع إلى أهل الأرض اطّلاعة فاختار منها أباكِ فبعثه بالرسالة (فبعثني بالحق نبي)، ثمّ اطّلع اطّلاعة (ثانية) فاختار منها بعلكِ فأوحى إليّ أن أنكحكِ إياه، يا فاطمة، نحن أهل البيت قد أعطانا الله سبع خصال لم يعطَ أحداً قبلنا ولا يعطي أحداً بعدنا: أنا خاتم النبيين وأكرمهم على الله وأحبّ المخلوقين إلى الله وأنا أبوكِ، ووصيّي خير الأوصياء وأحبّهم إلى الله عزّ وجلّ، وهو بعلكِ، وشهيدنا خير الشهداء وأحبّهم إلى الله، وهو حمزة بن عبد المطلب وهو عمّ أبيكِ وعمّ بعلكِ، ومنّا من له جناحان أخضران يطير (بهم) في الجنّة مع الملائكة حيث يشاء، وهو ابن عمّ أبيكِ وأخو بعلكِ، ومنّا سبطا هذه الأمّة، وهما ابناك الحسن والحسين وهما سيّدا شباب أهل الجنّة، وأبوهما - والذي

١٣٥

بعثني بالحق - خير منهما. يا فاطمة، والذي بعثني بالحق إنّ منهما مهديّ هذه الأمّة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجا، وتظاهرت الفتن وتقطّعت السبل، وأغار بعضهم على بعض فلا كبير يرحم صغيراً ولا صغير يوقّر كبيرا، فيبعث الله عند ذلك منهما مَن يفتح حصون الضلالة وقلوباً غلفاً، ويقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أوّل الزمان، (و) يملأ الدنيا عدلاً كما مُلئت جوراً. يا فاطمة، لا تحزني ولا تبكي فإنّ الله عزّ وجل أرأف عليك منّي؛ وذلك لمكانكِ منّي وموقعكِ في قلبي، وزوّجكِ الله زَوْجَكِ، وهو أشرف أهل بيتي حسباً وأكرمهم منصباً، وأرحمهم بالرعية وأعدلهم بالسوية وأبصرهم بالقضية، وقد سألت ربي عزّ وجل أن تكوني أوّل من يلحقني ( من أهل بيتي ) » قال عليّ: « فلمّا قُبض النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم تبقَ فاطمة إلاّ خمسة وسبعين يوماً حتى ألحقها الله تعالى به ».

ثمّ قال: أخرجه الطبراني في الكبير، وأبو نعيم والسيوطي في عرف الوردي، وأخرجه الكنجي في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان.

المؤلِّف:

ما أخرجه الكنجي في كتابه البيان (ص306، ط/ إيران) يقرب ألفاظه ألفاظ عبيد الله الحنفي. وقال في آخره: أخرجه صاحب حلية الأولياء، في كتابه المترجم بذكر نعت المهدي، وأخرجه الطبراني شيخ أهل الصفة، في معجمه الكبير. وأخرجه أبو نعيم في الأربعين حديث، الذي أخرج السيّد في غاية المرام (ص699) جميعها. وهو الحديث السابع والسبعون من الأحاديث التي جمعها السيّد في إمامة الإمام المهديّ (عليه السلام)، ولفظه يساوي لفظ الشيخ عبيد الله في أرجح المطالب من (ص382)، وفيه اختلاف يسير لا يغيّر المعنى.

2- وفي عقد الدرر (الحديث 285) عن علي بن علي الهلالي، عن أبيه قال: دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو في الحالة التي قُبض فيها، وذكر الحديث بطوله. وقال في آخره: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « يا فاطمة والذي

١٣٦

بعثني بالحق إنّ منهما - يعني الحسن والحسين (عليهما السلام) - مهديّ هذه الأمّة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً، وتظاهرت الفتن وتقطّعت السبل، وأغار بعضهم على بعض فلا كبير يرحم صغير ولا صغيراً يوقّر كبيرا، فيبعث الله تعالى عند ذلك منهما مَن يفتح حصون الضلالة، وقلوباً غلفاً، ويقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أوّل الزمان، ويملأ الدنيا عدلاً كما مُلئت جوراً » ، أخرجه أبو نعيم في صفة المهدي.

المؤلِّف:

هذا الحديث هو الحديث المذكور في (رقم 1)، غير أنّه اختصره الشيخ يوسف بن يحيى لمقصود لم يذكره في الكتاب.

١٣٧

الباب السابع

1- في عقد الدرر (الحديث 29، من الباب 1)، أخرج بسنده، عن حُذيفة (رضي الله عنه)، قال: خَطَبنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فذكر لنا بما هو كائن إلى يوم القيامة، ثمّ قال: « لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل الله عزّ وجل ذلك اليوم؛ حتى يبعث رجل من ولدي اسمه اسمي . فقام سلمان (رضي الله عنه) فقال: يا رسول الله: إنّه من (أي) ولدك؟ قال: هو مِن وِلدي هذا » وضرب بيده على الحسين بن علي. أخرجه أبو نعيم في صفة المهدي.

المؤلِّف:

في فرائد السمطين آخر (ج2)، أخرج الحديث بإسناده، عن حُذيفة، قال: خطب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فذكر لنا ما هو كائن، ثمّ قال: « لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى، يبعث رجلاً من ولدي اسمه اسمي . فقام سلمان، فقال: يا رسول الله من أيّ وُلْدك هو؟ قال: من وَلَدي هذا » . فضرب بيده على الحسين. وأخرج الحديث أبو نعيم في الأربعين حديث، الذي جمعه في أحوال الإمام المهديّ (عليه السلام)، وهو (الحديث 78) من الأحاديث التي أخرجها السيّد في غاية المرام (ص699) نقلاً من الأربعين، وهذا نصّه عن حُذيفة، قال: خَطبنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فذكر ما هو كائن، ثمّ قال: « لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلاً من وُلْدي » (الحديث).

١٣٨

2- وفي عقد الدرر (الحديث 40، من الباب 2)، أخرج بسنده، عن أبي إسحاق، قال: عن علياً نظر إلى ابنه الحسين فقال: « ابني هذا السيّد، كما سمّاه نبيّكم، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيّكم، يشبهه في الخُلق ولا يشبهه في الخَلق » . ورواه البيهقي في البعث والنشور.

المؤلِّف:

يأتي الحديث في (رقم 4) عن أبي وائل، وفيه زيادة ويأتي في (رقم 10)، وفيه زيادة نقلاً من كنز العمّال (ج7، ص104)، ويأتي في (رقم 12) من ينابيع المودّة (ص432)، ولفظه لفظ عقد الدرر، وقال: رواه أبو داود والترمذي في جامعه، والنسائي في سننه، والكل رووه عن أبي إسحاق. وأخرجه السيّد في الملاحم والفتن (ص103، من الباب 76) نقلاً من فتن السليلي، وقال: أخرجه مسندا، عن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، وعنده جلسائه، فقال: « هذا سيّدكم سمّاه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سيّدا، وليخرجنّ من صلبه شبهي شبهه في الخَلق والخُلق، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، قيل له: ومتى ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: هيهات، إذا خرجتم عن دينكم كما تخرج المرأة عن وركها لبعلها » .

المؤلِّف:

هذا الحديث دليل على أنّه (عليه السلام) يشبه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الخَلق والخُلق معاً، والراوي من أهل البيت، وأهل البيت أدرى بما في البيت، والولد أدرى بحال جدّه من غيره.

3- وفي عقد الدرر (الحديث 136)، أخرج بسنده، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال، قال أبو جعفر (عليه السلام): « يا جابر، إلزم الأرض ولا تحرِّك يداً ولا رجلاً، حتى ترى ما أذكرها لك إن أدركتها، أوّلها اختلاف بني العبّاس، وما أراك تدرك ذلك، ولكن حدّث به بعدي، وينادي مناد من السماء، ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق، ويخسف بقرية من قرى الشام تسمّى

١٣٩

الجابية، ويسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن، ومارقة تمرق من الترك ويعقبها هرج الروم، ويترك الترك الجزيرة. وينزل الروم الرملة، فتلك السنة يا جابر، قبلها اختلاف كثير في كل أرض، ويختلف في الشام ثلاث رايات. راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السفياني ومَن معه، ثمّ يُقتل الأصهب، ثمّ لا يكون لهم همّ إلاّ القتل نحو العراق، وتمرّ جيوشه بقرقيسنا فيقتتلون بها، فيقتل من الجبارين مائة ألف، ويبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة وعدّتهم سبعون ألفا، فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلباً وسبيا، فبينما هم كذلك إذ أقبلت رايات من نحو خراسان تطوي المنازل طيّاً حثيثا، وهُم نفر من أصحاب المهديّ، فيخرج رجل من موالي الكوفة في صقعها فيقتل أمير جيش السفياني بين الكوفة والحيرة، ويبعث السفياني بعثاً إلى المدينة، فيفرّ المهديّ منها إلى مكّة، فيبلغ أمير جيش السفياني أنّ المهديّ قد خرج إلى مكّة فيبعث جيشاً على أثره، فلا يدركه حتى يدخل مكّة خائفاً يترقب على سنّة موسى بن عمران (عليه السلام) ، وينزل أمير جيش السفياني بالبيداء، فينادي منادٍ من السماء: يا بيداء أبيدي القوم. فيخسَف بهم فلا يفلت منهم إلاّ ثلاثة نفر، يحوّل الله وجوههم إلى أقفيتهم وهم من كلب، قال: فيجمع الله للمهديّ أصحابه، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً على غير ميعاد، قزع كقزع السحاب، فيبايعونه بين الركن والمقام، قال: والمهديّ - يا جابر - من ولد الحسين (عليه السلام) » .

المؤلِّف:

ذُكر في هذا الحديث الشريف أمور لم تذكر في غيره، ومن جملتها: أنّ الذين لا يخسف بهم من جيش السفياني ثلاثة أشخاص، وفي جميع أحاديث الباب ذُكر أنهم اثنين بشير ونذير.

4- وفي عقد الدرر (الحديث 55، من الباب 3). أخرج بسنده، عن أبي وائل، قال: نظر عليّ إلى الحسين (رضي الله عنهم)، فقال: « ابني هذا السيّد، كما سمّاه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وسيخرج من صلبه رجل باسم

١٤٠