المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية الجزء ١

المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية15%

المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية مؤلف:
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 369

  • البداية
  • السابق
  • 369 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 37485 / تحميل: 7385
الحجم الحجم الحجم
المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية

المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

بسنده، عن أبي القاسم الطّاهر بن هارون بن موسى الكاظم، عن أبيه، عن جدّه، قال، قال سيدي جعفر بن محمّد:

« الخلف الصالح من ولدي، وهو المهديّ، اسمه محمّد، وكنيته أبو القاسم، يخرج في آخر الزمان، يقال لأمّه نرجس، وعلى رأسه غمامة تظلّله عن الشمس تدور معه حيث ما دار، تنادي بصوت فصيح: هذا المهديّ فاتّبعوه » .

المؤلِّف:

أخرج السيّد البحراني السيّد هاشم (قُدِّس سره) في غاية المرام (ص٧٠١) الحديث من ابن الخشاب مع اختلاف، وهذا نصّه - من ابن الخشاب -، قال:

حدّثني أبو القاسم الطاهر بن هارون بن موسى العلوي، عن أبيه هارون، عن أبيه موسى، قال سيدي جعفر بن محمّد: « الخَلَف الصالح من ولدي وهو المهديّ، اسمه محمّد وكنيته أبو القاسم، يخرج في آخر الزمان، يقال لأمّه صيقل . قال لنا أبو بكر الزرّاع: ويقال (له) حكيمة، وفي رواية، يقال لها: نرجس، وفي رواية، يقال لها: سوسن، ويكنّى أبا القاسم وهو ذو الاسمين، خلف ومحمّد، يظهر في آخر الزمان على رأسه غمامة تظلّله عن الشمس تدور معه حيث ما دار، تنادي بصوت فصيح: هذا المهدي » .

المؤلِّف:

وأخرج ابن الخشّاب الحديث بسند آخر، وفيه قال، يقال: « كنيته الخَلَف الصالح أبو القاسم، وهو ذو الاسمين » .

١٦١

الباب الحادي عشر

١ - الحديث المتقدم من ينابيع المودّة (ص٤٤٠)، وقد مرّ تمامه في باب أنّه (عليه السلام) من أولاد موسى بن جعفر (عليهما السلام) علي بن الحسين (عليهما السلام)، أي: في الباب الثامن.

٢ - وفي كتاب غيبة الشيخ الطوسي (عليه الرحمة)، أخرج بسنده عن أبي عبد الله الصّادق (عليه السلام) حديثاً مفصلاً، وفيه أنّه (عليه السلام) قال: « يظهر صاحبنا وهو من صُلب هذا - وأومى بيده إلى الإمام موسى بن جعفر(عليهما السلام) - فيملأها عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، وتصفو له الدنيا » .

٣ - وفي كتاب كفاية الأثر أخرج بسنده، عن محمّد بن الحنفية، قال، قال أمير المؤمنين (عليه السلام):

« سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول، قال الله تبارك وتعالى: لأُعذِّبنّ كلّ رعيّة دانت بطاعة إمام ليس منّي، وإن كانت الرعيّة في نفسها بَرّة، ولأَرحمنّ كلّ رعيّة دانت بطاعة إمام عادل منّي، وإن كانت الرعيّة غير بَرّة ولا تقيّة، ثمّ قال لي: يا عليّ أنت الإمام والخليفة بعدي، حربك حربي، وسلْمك سلْمي، وأنت أبو سبطيّ، وزوج ابنتي، ومن ذرّيتك الأئمّة المطهّرون، فأنا سيّد الأنبياء وأنت سيّد الأوصياء، وأنا وأنت من شجرة واحدة، ولولا أنا لم يخلق الله الجنّة ولا النار، ولا الأنبياء، ولا الملائكة، قال، قلت: يا رسول الله، فنحن أفضل أم الملائكة؟ قال: يا علي، نحن خير خليقة الله على

١٦٢

بسيط الأرض، وخير من الملائكة المقرّبين، وكيف لا نكون خيراً منهم؛ وقد سبقناهم إلى معرفة الله، وتوحيده، فبنا عرفوا الله، وبنا عبدوا الله، وبنا اهتدوا السبيل إلى معرفة الله، يا علي أنت منّي وأنا منك، وأنت أخي ووزيري، فإذا متّ ظهرت لك ضغاين في صدور قوم، وستكون بعدي فتنة صمّاء صيلم، يسقط فيها كلّ وليجة وبطانة، وذلك عند فقدان شيعتك الخامسَ مِن وُلد السابع مِن ولدك، تحزن لفقده أهل الأرض والسّماء، فكم من مؤمن ومؤمنة متأسف متلهف، حيران عند فقده.

  ثمّ أطرق(صلى الله عليه وآله وسلم) مليّاً ثمّ رفع رأسه، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : بأبي وأمّي، سميّي وشبيهي وشبيه موسى بن عمران، عليه جيوب النور ( أو قال ) جلابيب النور، يتوقّد من شعاع القدس، كأنّي بهم آيسَ مَن كانوا، ثمّ نودي بنداء يسمعه من البعد كما يسمعه من القرب، يكون رحمة على المؤمنين، وعذاباً على المنافقين، قلت: وما ذلك النداء؟ قال: ثلاثة أصوات في رجب، أوّلها: أَلاَ لعنةُ الله على الظّالمين، الثاني: أزفت الآزفة، والثالث: يرون بَدَناً بارزاً مع قرن الشمس، ينادي أَلاَ إنّ الله قد بعث فلان ابن فلان، حتى ينسبه إلى عليّ، فيه هلاك الظالمين، فعند ذلك يأتي الفرج، ويشفي إليه ( ويشفي الله) صدورهم، ويذهب غيظ قلوبهم، قلت: يا رسول الله، فكم يكون بعدي من الأئمّة؟ قال: بعد الحسين تسعة، والتاسع قائمهم » .

المؤلِّف:

ذكرنا في أبواب النداء السماوي (باب ٢٣)، وفي باب ما يقع قبل ظهور الإمام (باب٣٠) أحاديث نبويّة من كتب علماء أهل السنّة تتضمن ما في هذا الحديث الشريف.

٤- وفي كتاب كفاية الأثر أخرج بسنده، عن يونس بن عبد الرحمان، قال: دخلت على موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فقلت: يا ابن رسول الله، أنت القائم بالحق؟ فقال: « أنا القائم بالحقّ، ولكن القائم

١٦٣

الذي يطهّر الأرض من أعداء الله، ويملأها عدلاً كما مُلئت جوراً، هو الخامسُ مِن وُلدي، له غيبة يطول أمدها، خوفاً على نفسه، يرتدّ فيها أقوام، ويثبت فيها آخرون، ثمّ قال (عليه السلام): طوبى لشيعتنا المتمسكين بحبلنا، في غيبة قائمنا، الثابتين على موالاتنا، والبراءة من أعدائنا، أولئك منّا ونحن منهم، قد رضوا بنا أئمّة ورضينا بهم شيعة، فطوبى لهم، ثمّ طوبى لهم، هُم والله معنا في درجتنا يوم القيامة » .

المؤلِّف:

الأحاديث التي يظهر منها أنّ الإمام المهديّ الموعود المنتظر (عليه السلام) من أولاد الإمام السابع (عليه السلام) كثيرة، وقد ذكر الشيخ لطف الله، في كتابه منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر - عليه السلام - (ص٢١٨)، أنّ الأخبار الدالة على مطلوبنا (٩٨ خبر) وذكر ذلك بالإشارة.

١٦٤

الباب الثاني عشر

١- في كتاب ينابيع المودّة (ص٤٥٤)، نقلاً من كتاب فرائد السمطين لإبراهيم بن محمّد الحمويني الشافعي، قال: أخرج بسندهن عن أحمد بن زياد، عن دعِبل بن علي الخزاعي (ره)، قال: أنشدت قصيدتي لمولاي الإمام علي الرضا (رضي الله عنه)، أوّلها:

مدارس آيات خلت من تلاوة، إلى أن قال، قال لي الرضا: « أفلا أَلحق البيتين بقصيدتك، قلت: بلى يا ابن رسول الله، فقال (عليه السلام):

وقبر بطوسٍ يا لها من مصيبة

ألحّت على الأحشاء بالزفرا

إلى الحشر حتى يبعث الله قائماً

يفرّج عنّا الهمّ والكُربات

قال دعِبل: ثمّ قرأت باقي القصيدة عنده، فلمّا انتهيت إلى قولي:

خروج إمامٍ لا محالة لازم

يقوم على اسم الله والبركات

يميّز فينا كلّ حقّ وباطل

ويجزى على النعماء والنقمات

بكى الرضا بكاءً شديداً، ثمّ قال: يا دِعبل نطق روح القدس بلسانك، أتعرف من هذا الإمام؟ قلت: لا، إلاّ إنّي سمعت خروج إمام منكم، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، فقال (عليه السلام): إنّ الإمام بعدي ابني محمّد، وبعد محمّد ابنه عليّ، وبعد عليّ ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم، وهو المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، وأمّا متى يقوم فإخبار عن الوقت

١٦٥

لقد حدّثني أبي، عن آبائه، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قال: مَثله كمثل الساعة لا تأتيكم إلاّ بغتة » .

المؤلِّف:

أخرج هذا الحديث الشريف في كتاب كفاية الأثر بسند آخر، وأخرجه في كتاب عُيون أخبار الرضا، وفي كتاب إكمال الدين، وفي كتاب إعلام الورى، عن أبي الصلت. وأخرجه السيّد في غاية المرام (ص٦٩٦) نقلاً من فرائد السمطين للحمويني الشافعي، وفي لفظه اختلاف وزيادة. وهذا نصّه - بحذف السند، في آخر الجزء الثاني:

عن أحمد بن زيد بن جعفر الهمداني، قال: سمعت دِعبل بن علي الخزاعي يقول: أنشدت مولاي الرضا (عليه السلام) قصيدتي التي أوّلها:

مدارس آيات خلت من تلاوة

فلما انتهيت إلى قولي:

خروج إمام لا محالة خارج

يقوم على اسم الله والبركات

يميّز فينا كلّ حق وباطل

ويجزى على النعماء والنقمات

بكى الرضا (عليه السلام) بكاءً شديداً، ثمّ رفع رأسه إليّ، ثمّ قال: « يا خزاعي، نَطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري مَن هذا الإمام؟ ومتى يقوم؟

فقلت: لا، يا مولاي. إلاّ إنّي سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفساد يملأها عدلاً.

فقال: يا دِعبل، الإمام من بعدي محمّد ابني، وبعد محمّد ابنه عليّ، وبعد عليّ ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم، المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج، فيملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً، وأمّا متى، فأخبار عن الوقت، وقد حدّثني أبي، عن جدي، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ (صلوات الله عليهم) ، أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قيل له: متى يخرج القائم من ذرّيتك؟ فقال: مَثله كَمثل الساعة لا يجلّيها لوقتها إلاّ هو عزّ وجل، ثَقُلت في السماوات، لا تأتيكم إلاّ بغتة » .

المؤلِّف:

  هذا اللفظ أحسن لفظ روي في الباب وبقية الروايات

١٦٦

مختصرة لا يفهم من ألفاظه شيء إلاّ بالمراجعة إلى غيره.

٢ - وفي فرائد السمطين في آخر الجزء الثاني، أخرج بسنده، عن الحسن ابن خالد، قال، قال علي بن موسى الرضا (عليه السلام): « لا دين لمَن لا ورع له، ولا إيمان لمَن لا تقيّة له، وإنّ أكرمكم عند الله أتقاكم،أي: أعملكم بالتقيّة، فقيل: إلى متى يا ابن رسول الله؟ قال: إلى يوم الوقت المعلوم، وهو يوم خروج قائمنا، فمن ترك التقيّة قبل خروج قائمنا فليس منّا.

 فقيل له: يا ابن رسول الله، ومن القائم منكم أهل البيت؟ قال: الرابع من وُلدي، ابن سيدة الإماء، يطهّر الله به الأرض من كل جور ويقدّسها من كل ظلم، وهو الذي يشكّ الناس في ولادته، وهو صاحب الغيبة قبل خروجه، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره، ووضع ميزان العدل بين الناس، فلا يَظلِم أحدٌ أحداً، وهو الذي تطوى له الأرض ولا يكون له ظلّ، وهو الذي ينادي مناد من السماء، يسمعه جميع أهل الأرض، الدعاء إليه يقول: ألا إنّ حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه؛ فإنّ الحقّ فيه ومعه، وهو قوله تعالى: ( إِن نَشَأْ نُنَزّلْ عَلَيْهِم مِنَ السّماءِ آيَةً فَظَلّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ) وقول الله عزّ وجل: ( يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ) ، أيّ: خروج وَلدي القائم المهديّ (عليه السلام) » .

المؤلِّف:

هذه الآيات في (ص٤٤٨) توجد في الحديث لا في غيره.

المؤلِّف:

أخرج هذا الحديث الشريف في كتاب كفاية الأثر، ولفظه يساوي ما في غاية المرام، وأخرجه في ينابيع المودّة (ص٤٤٨، و ص٤٨٩). من قوله: « يوم الوقت المعلوم، وهو يوم خروج قائمنا » الحديث. وترك صدر الحديث.

ويدلُّ على أنّ الإمام المهديّ الموعود المنتظر (عليه السلام) من أولاد الإمام الثامن الحديثُ المتقدم من ينابيع المودّة (ص ٤٤٠)، ويدلُّ عليه غيره من الأحاديث المروية في كتب الإمامية. وقد صرّح الشيخ في كتابه منتخب الأثر (ص٢٢٠) أنّ ذلك يظهر من (٩٥ حديث)، وبعضها من كتب أهل السنّة، والأكثر من كتب الإمامية (عليهم الرحمة).

١٦٧

الباب الثالث عشر

١- الحديث المتقدم المنقول من كتاب ينابيع المودّة (ص٤٤٠)، وقد ذُكر بتمامه في أحوال الإمام علي بن الحسين السجاد (عليهما السلام) في (باب ٨) فلا نعيده.

٢- وفي كتاب كفاية الأثر، أخرج بسنده، عن عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: دخلت على سيّدي محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) وأنا أُريد أن أسأله عن القائم، أهو المهديّ أو غيره؟ فابتدأني هو، فقال لي:

« يا أبا القاسم، إنّ القائم منّا هو المهديّ الذي يجب أن يُنتظر في غيبته ويطاع في ظهوره، وهو الثالث من وُلدي، والذي بعث محمداً بالنبوّة وخصّنا بالإمامة، إنّه لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، وإنّ الله تبارك وتعالى ليصلح أمره في ليلة، كما أصلح الله أمر كليمه موسى، إذ ذهب ليقتبس لأهله ناراً فرجع وهو رسول نبيّ مرسل، ثمّ قال (عليه السلام): أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج » .

المؤلِّف:

هذا الحديث الشريف أخرجه جمع كثير من علماء الإمامية غير مَن تقدم، منهم: مؤلف إكمال وإتمام النعمة.

ومنهم: مؤلف إعلام الورى.

ومنهم: المجلسي في (١٣ من البحار) نقلاً من كتب عديدة.

١٦٨

٣- وفي كتاب كفاية الأثر أيضاً أخرج بسنده، عن الصقر بن أبي دلف، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي الرضا (عليهما السلام)، يقول: « الإمام بعدي ابني عليّ، أمرُه أمرِي، وقولُه قولِي، وطاعتُه طاعتِي، ثمّ سكت، فقلت له: يا ابن رسول الله، فمن الإمام بعد عليّ؟ قال: ابنه الحسن، قلت: يا ابن رسول الله، فمن الإمام بعد الحسن؟ فبكى (عليه السلام) بكاءً شديداً، ثمّ قال: إنّ من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر، فقلت له: يا ابن رسول الله، ولم سُمّي القائم؟ قال: لأنّه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته، فقلت له: ولم سُمّي المنتظر؟ قال: إنّ له غيبة يكثر أيّامها، ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون، وينكره المرتابون، ويستهزئ به الجاحدون، ويكذب فيها الوقّاتون، ويهلك فيها المبطلون، وينجوا فيها المسلمون » .

المؤلِّف:

أخرج الحديث الشريف المذكور في كتاب إعلام الورى، وفي كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة، بسنديهما، عن أبي جعفر (عليه السلام).

٤- وفي ينابيع المودّة (ص٤٤٢)، أخرج بسنده، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: دخل جندل بن جنادة بن جبير اليهودي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا محمّد، أخبرني عمّا ليس للهِ، وعمّا ليس عند الله، وعمّا لا يعلمُه الله، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): « أمّا ما ليس للهِ، فلله شريك. وأمّا ما ليس عند الله، فليس عند الله ظلم. وأمّا ما لا يعلمه الله، فذلك قولكم - يا معشر اليهود - إنّ عُزير ابن الله، والله لا يعلم أنّه له ولد، بل يعلم أنّه (أي: عُزير) مخلوقه وعبده، فقال: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّكَ رسول الله حقاً،

١٦٩

وصدقاً، ثمّ قال: إنّي رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران (عليه السلام)، فقال: يا جندل، أسلم على يد محمّد خاتم الأنبياء واستمسك بأوصيائه من بعده، فقلت: أسلم، فلِِلّهِ الحمد أسلمت، وهداني بك.

ثمّ قال: أخبرني يا رسول الله عن أوصيائك من بعدك لأتمسّك بهم، قال: أوصيائي الاثنا عشر، قال جندل: هكذا وجدناهم في التوراة، وقال: يا رسول الله، سمِّهم لي، فقال: أوّلهم سيد الأوصياء أبو الأئمّة عليّ، ثمّ ابناه الحسن والحسين، فاستمسك بهم ولا يغرنّك جهل الجاهلين، فإذا ولِد عليّ بن الحسين زين العابدين يقضي الله عليك، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة لبن تشربه، فقال جندل: وجدنا في التوراة وفي كتب الأنبياء (عليهم السلام)، إيليا وشَبَّراً وشَبِيراً، فهذا اسم علي والحَسن والحُسين، فمَن بعد الحسين؟ وما أساميهم؟

قال: إذا انقضت مدة الحسين، فالإمام ابنه عليّ ويلقّب بزَين العابدين، وبعده ابنه محمّد يلقّب بالباقر، فبعده ابنه جعفر يدعى بالصادق، فبعده ابنه موسى يدعى بالكاظِم، فبعده ابنه عليّ يُدعى بالرّضا، فبعده ابنه محمّد يُدعى بالتقي والزكي، فبعده ابنه عليّ يُدعى بالنقي والهادي، فبعده ابنه الحسن يُدعى بالعسكري، فبعده ابنه محمّد يُدعى بالمهديّ، والقائم، والحجّة، فيغيب، ثمّ يخرج، فإذا خرج يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محبتهم أولئك الذين وَصَفهم الله في كتابه وقال:

( هُدىً لِلْمُتّقِينَ * الّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) ، ثمّ قال تعالى: ( أُولئِكَ حِزْبُ اللّهِ أَلاَ إِنّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الغالبون ) »، فقال جندل: الحمد لله الذي وفّقني بمعرفتهم، ثمّ عاش إلى أن كانت ولادة علي بن الحسين (عليهما السلام) فخرج إلى الطائف ومرض، وشرب لبناً، وقال: أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن. ومات ودُفِن بالطائف، بالموضع المعروف بالكوزارة.

المؤلِّف:

هذا الحديث الشريف يستفاد منه أنّ الإمام المهدي

١٧٠

الموعود المنتظر (عليه السلام) من أولاد الأئمّة ومنهم الإمام التاسع، فيناسب الإشارة إليه في جميع الأبواب المتقدمة والأبواب الآتية.

وقد تقدم حديث آخر من ينابيع المودّة يستفاد منه المطلوب، ويوجد أحاديث أخرى يستفاد منها المطلوب. وقد ذكر الشيخ لطف الله في كتابه المنتخب، أنّ الأحاديث الدالّة على أنّ المهديّ (عليه السلام) من أولاد الإمام الجَواد - عليه السلام - (١٤٦ حديثاً) منها ما ذكرناه، وذكر البقية بالإشارة.

١٧١

الباب الرابع عشر

١ - تقدّم حديثان نقلاً من ينابيع المودّة، الأوّل في (ص٤٤٠)، والثاني في (ص٤٤٢)، وفيهما ما يدلّ على أنّ الإمام المهديّ (عليه السلام) من أولاد الإمام العاشر علي بن محمّد الهادي. والحديث الأوّل أخرجناه في (الباب ٨)، والحديث الثاني أخرجناه بتمامه فلا نعيده.

٢- وفي كفاية الأثر، أخرج بسنده عن الصقر بن أبي دلف، قال: سمعت عليّ بن محمّد بن عليّ الرضا يقول: « الإمام بعدي الحسن ابني وبعده ابنه القائم، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً » .

المؤلِّف:

أخرج هذا الحديث في كتاب إعلام الورى، بسنده، عن صقر بن أبي دلف، وكذلك أخرجه في كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة، بسنده، عن صقر بن أبي دلف. وذكر الشيخ لطف الله في كتابه المنتخب (ص٢٢٥) أنّ الأحاديث التي يُستفاد منها أنّ الإمام المهديّ (عليه السلام) من أولاد الإمام العاشر عليّ بن محمّد الهادي - عليهما السلام - (٩٠ حديث) منها ما تقدّم وأشار إلى البقية بالإجمال.

٣- وفي كتاب إعلام الورى، أخرج بسنده، عن المفضّل بن عمر، قال: دخلت على سيدي جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام)، فقلت: يا سيدي، لو عَهدت إلينا: مَن الخلف من بعدك؟ فقال: « يا مفضّل،

١٧٢

الإمام من بعدي موسى، والخلف المنتظر م ح م د ابن الحسن، بن عليّ، بن محمّد، بن عليّ،بن موسى (عليهم السلام) » .

المؤلِّف:

أخرج هذا الحديث الشريف في إكمال الدين وإتمام النعمة بسنده المتّصل، عن المفضّل بن عمر، ولفظه يساوي لفظه.

٤ - وفي كفاية الأثر، أخرج بسنده، عن مسلم عن مسعدة، قال: كنت عند الصادق (عليه السلام) إذ أتاه شيخ كبير قد انحنى مُتكِّئاً على عصاه، فسلّم، فردّ أبو عبد الله الجواب، ثمّ قال: يا ابن رسول الله، ناولني يدك أُقبّلها، فأعطاه يده فقبّلها، ثمّ بكى! فقال أبو عبد الله:

« ما يبكيك يا شيخ؟ قال: جُعلت فداك يا ابن رسول الله، أقمتُ على قائمكم منذ مائة سنة، أقول هذا الشهر وهذه السنة، وقد كَبُرت سنّي ودقّ عظمي، واقترب أجلي، وأرى فيكم ما لا أحبّ، أراكم مقتّلين مشرّدين، وأرى عدوّكم يطيرون بالأجنحة. فكيف لا أبكي؟!، فدمعت عينا أبي عبد الله (عليه السلام) ثمّ قال:

يا شيخ، إن أبقاك الله حتى ترى قائمنا كنت معنا في السنام الأعلى، وإن حلّت بك المنية جئت يوم القيامة مع ثِقلِ محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ونحن ثِقلُهُ، قد قال: إنّي مخلّف فيكم الثَقَلين، فتمسّكوا بهما لن تضلّوا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فقال الشيخ: لا أُبالي بعدما سمعت هذا الخبر، ثمّ قال: يا شيخ، اعلم أنّ قائمنا يخرج من صلب الحسن ( العسكري ) ، والحسن ( العسكري ) يخرج من صلب عليّ ( الهادي ) ، وعليّ يخرج من صلب محمّد ( الجواد ) ، ومحمّد ( الجواد ) يخرج من صلب عليّ ( الرضا)، وعلي ( الرضا) يخرج من صلب ابني هذا، وأشار إلى موسى (عليه السلام): وهذا خرج من صلبي، ونحن اثنا عشر، كلهم معصومون مطهرّون، فقال: يا شيخ، والله! لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج قائمنا أهل البيت، ألا إنّ شيعتنا يقعون في فتنةٍ وحيرةٍ في غيبته، هناك يثبّت الله على هُداه المخلصين، اللهمّ أعنهم على ذلك » ، انتهى الحديث.

١٧٣

٥- وفي كشف الحقّ، وهو أربعين الخاتون آبادي، أخرج بسنده، عن سعيد بن جبير، قال، قيل لعمّار بن ياسر: ما حمَلك على حبّ عليّ بن أبي طالب؟ قال: قد حَملني اللهُ ورسولُه، وقد أنزل الله تعالى فيه آياتٍ جليلةٍ، وقال رسول الله فيه أحاديث كثيرة، فقيل له: هلاّ تحدّثني بشيء ممّا قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال: ولِمَ لا أُحدِّث، ولقد كنت بريّاً من الذين يكتمون الحقَّ، ويظهرون الباطل، ثمّ قال: كنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فرأيت علياً (عليه السلام) في بعض الغزوات قد قتل عدّة من أصحاب الرايات (من) قريش فقلت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا رسول الله، إنّ علياً قد جاهد في الله حقّ جهاده، فقال:

« وما يمنعه منه، إنّه منّي، وأنا منه، وإنّه وارثي، وقاضي ديني، ومنجز وعدي، وخليفتي من بعدي، ولولاه لم يُعرف المؤمن في حياتي، وبعد وفاتي، حَرْبه حَرْبي، وحَرْبي حَرْب الله، وسلْمه سلْمي، وسلْمي سلْم الله، ويُخرِجُ اللهُ مِن صلْبهِ الأئمّة الراشدين، فاعلم يا عمّار، إنّ الله تبارك وتعالى عهد إليّ أن يعطيني اثنا عشر خليفة، منهم عليّ، وهو أوّلهم، وسيدهم . قلت: ومَن الآخرون منهم، يا رسول الله قال: (الثاني منهم) الحسن بن عليّ بن أبي طالب، (والثالث منهم) الحسين بن عليّ بن أبي طالب، (والرابع منهم) عليّ بن الحسين زين العابدين، (والخامس منهم) محمّد بن عليّ، ثمّ ابنه جعفر، ثمّ ابنه موسى، ثمّ ابنه عليّ، ثمّ ابنه محمّد، ثمّ ابنه عليّ، ثمّ ابنه الحسن، ثمّ ابنه الذي يغيب عن الناس غيبة طويلة، وذلك قوله تبارك وتعالى: ( أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَعِينٍ ) ، ثمّ يخرج ويملأ الدنيا قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، يا عمّار، سيكون بعدي فتنةً فإذا كان ذلك فاتّبع علياً وحزبه، فإنّه مع الحقّ والحقّ معه وإنّك ستقاتل الناكثين والقاسطين معه، ثمّ تقتلك الفئة الباغية، ويكون آخر

١٧٤

زادك شربة من لبن تشربه »، قال سعيد بن جبير: فكان كما اخبره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .

المؤلِّف:

وردت مضامين هذا الحديث الشريف في أحاديث عديدة روته علماء أهل السنّة في كتبهم، منها ما في كتاب كنز العمّال لعلي المتقي الحنفي، وذكرها الطبري في ذخائر العقبى، وفي الرياض النضرة، وذكرها ابن الصبّاغ في الفصول المهمّة في الباب الأوّل منه. وقد ذكرنا بعض تلك الأحاديث في كتابنا (علي والسنّة)، وكتابنا (علي والوصية)، هذا ولا يخفى أنّ الأحاديث التي يُستفاد منها أنّ الإمام المهديّ (عليه السلام) من أولاد الإمام العاشر أبي الحسن عليّ بن محمّد الهادي (عليه السلام) كثيرة، ونكتفي بما ذكر.

١٧٥

الباب الخامس عشر

١ - الحديث المتقدم المنقول من ينابيع المودّة (ص٤٤٢) وقد مرّ تمامه، ويدلّ عليه أيضاً، الحديث الذي أخرجناه من ينابيع المودّة (ص٤٤٠)، وقد تقدّم تمامه في أحوال الإمام الرابع عليّ بن الحسين السجاد (عليه السلام)، فتكون الأحاديث الدالّة عليه حديثين من كتب علماء أهل السنّة.

٢ - وفي كفاية الأثر، أخرج بسنده، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن صاحب العسكر (علي الهادي - عليه السلام)، يقول: « الخَلَف من بعدي ابني الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخَلَف، فقلت: كيف (ولِمَ)، جعلني الله فداك؟ قال: لأنّكم لا ترون شخصه، ولا يحلّ لكم ذكره باسمه، قلت: فكيف نذكره؟ قال، قولوا: الحجّة من آل محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) » .

المؤلِّف:

أخرج هذا الحديث الشريف جماعة من علماء الإمامية في كتبهم المعتبرة، كالكافي، وعلل الشرائع، وإكمال الدين وإتمام النعمة، وغيبة الشيخ الطوسي، وبحار الأنوار، وغيبة النعماني، وإرشاد المفيد وإثبات الوصية للمسعودي، وإعلام الورى.

٣ - وفي كفاية الأثر - وغيره - أخرج بسنده، عن موسى بن جعفر بن وهب البغدادي، قال: سمعت أبا محمّد الحسن بن عليّ العسكري يقول: « كأنّي بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف منّي، إلاّ أنّ المُقِر بالأئمّة بعد رسول الله المُنكِر لوَلدي، كمن أقرّ بجميع الأنبياء ورسله،

١٧٦

ثمّ أنكر نبوة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، لأنّ طاعة آخرنا كطاعة أوّلِنا، والمُنكِر لآخرِنا كالمُنكِر لأوّلنا، أمَا إنّ لولدي (المهديّ) غَيبة يرتاب فيها الناس إلاّ مَن عَصمه الله » .

٤ - وفي كفاية الأثر - وغيره - أخرج بسنده، عن محمّد بن عثمان العمري، يقول، سمعت أبي يقول: سُئِلَ أبو محمّد الحسن بن عليّ (العسكري) - وأنا عنده - عن الخبر الذي روي عن آبائه (عليهم السلام): « ألا إنّ الأرض لا تخلو من حجّة الله على خلقه إلى يوم القيامة، وإنّ مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهلية » فقال:

« إنّ هذا حقّ كما أنّ النهار حقّ. فقيل له: يا ابن رسول الله، فمن الحجّة والإمام بعدك؟ قال: ابني محمّد هو الإمام والحجّة بعدي، مَن مات ولم يعرفْه مات ميتةً جاهليةً، أمَا إنّ له غيبة يحار فيها الجاهلون، ويهلك فيها المبطلون، ويكذب فيها الوقّاتون، ثمّ يخرج، فكأنّي أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه، بنجف الكوفة » .

٥ - وفي مقتضب الأثر، أخرج بسنده، عن الحارث بن عبد الله الهمداني، والحارث بن شرب، كلٌ حدّثنا: أنّهم كانوا عند عليّ بن أبي طالب (عليهما السلام) فكان إذا أقبل ابنه الحسن يقول: « مرحباً بابن رسول الله، وإذا أقبل ابنه الحسين يقول: بأبي أنت وأمي يا أبا ابن خيرة الإماء، فقيل: يا أمير المؤمنين، ما بالك تقول هذا للحسن وهذا للحسين؟ ومَن ابن خيرة الإماء؟ فقال: ذلك الفقيد الطريد الشريد، م ح م د بن الحسن، ابن عليّ، بن محمّد، بن عليّ، بن موسى، بن جعفر، بن محمّد، بن عليّ، بن الحسين هذا »، ووضع يده على رأس الحسين.

٦ - وفي إكمال الدين وإتمام النعمة، أخرج بسنده، عن أبي بصير

١٧٧

قال: سمعت أبا عبد الله يقول: « إنّ سنن الأنبياء (عليهم السلام) بما وقع بهم من المغيّبات الحادثة (الجارية) في القائم منّا أهل البيت حذو النعل بالنعل، والقذّة بالقذّة، قال، قال أبو بصير، فقلت: يا ابن رسول الله، ومن القائم منكم أهل البيت؟ فقال: يا أبا بصير، هو الخامسُ مِن وُلد ابن موسى، ذلك ابن سيدة الإماء، يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون، ثمّ يظهره الله - عزّ وجل - فيفتح الله على يديه مشارق الأرض ومغاربها، وينزل روح الله عيسى بن مريم (عليها السلام) فيصلّي خلفه فتشرق الأرض بنور ربّها، ولا تبقى في الأرض قطعةٌ عُبد فيها غير الله عزّ وجل إلاّ عُبِد الله عزّ وجل فيها، ويكون الدين كله للهِ، ولو كره المشركون » .

المؤلِّف:

هذا الحديث الشريف أخرجناه في ضمن أحاديث عديدة بمضامينه من كتب علماء أهل السنّة، وكلّ حديث أدرجناه في بابه بالمناسبة، راجع أبواب هذا الكتاب ترى ما يسرّك. وقد أخرج في مستدرك الحاكم (ج١، ص٣٧) حديثاً فيه معنى حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة، وفيه زيادة.

٧ - وفي فرائد السمطين (ج٢، باب ٣٥)، أخرج حديثاً مفصّلاً، وقال في ضمنه: « وإنّ الله ركّب في صلب (الملقّب بالخالص) الحسن (بن علي النقي) نطفة مباركة، زكية طيبة طاهرة مطهّرة، يرضى بها كل مؤمن ممّن أخذ الله ميثاقه في الولاية، ويكفر به كل جاحد، وهو إمامٌ تقيٌ نقيٌ، سار مرضي، هادٍ مهدي، يحكم بالعدل، ويأمر به، يصدّق الله عزّ وجل ويصدّق الله في قوله، يخرج من تهامة حتى يظهر الدلائل والعلامات، وله بالطالقان كنوز لا ذهب ولا فضة، إلاّ خيول مطهّمة، ورجال مسوّمة، يجمع الله له من أقصى البلاد، على عدّة أهل بدر، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، معه صحيفة مختومة، فيها عدد أصحابه، بأسمائهم وأنسابهم، وبلدانهم، وصنائعهم، وطبائعهم، وكلامهم، وكناهم، كدّادون، مجدّون في طاعته، فقال له أُبي:

١٧٨

وما دلالته وعلامته، يا رسول الله؟ قال له:

عَلَم، إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه، وأنطقه الله عزّ وجل، فناداه العَلَم اخرج يا وليّ الله، اقتُل أعداء الله، وهما رايتان وعلامتان وله سيف مغمّد، فإذا حان وقت خروجه، اقتلع ذلك السيف من غمده، وأنطقه الله عزّ وجل، فناداه السيف اخرج يا ولي الله، فلا يحلّ لك أن تقعد عن أعداء الله، فيخرج، فيقتل أعداء الله حيث ثقفهم ويقيم الحدود (حدود الله) ويحكم بحكم الله، يخرج جبرائيل عن يمينه، وميكائيل عن ميسرته، وشعيب بن صالح على مقدمته، وسوف تدركون (تذكُرون) ما أقول لكم، وأُفوض أمري إلى الله عزّ وجل، يا أُبي: طوبى لمن لَقِيه، وطوبى لمن أحبّه، وطوبى لمن قال به ولو بعد حين » ، الحديث وله بقية.

وقد أخرج السيّد الحديث بتمامه وكماله في غاية المرام (ص٤٢) إلى (ص٤٣) نقلاً من فرائد السمطين، ومَن أراد الاطلاع على جميع ألفاظ الحديث فليراجع فرائد السمطين (ج٢، باب ٣٥)، والكتاب يوجد في مكتبة الإمام الصادق (عليه السلام) في حسينية الحيدرية في الكاظمية، ويوجد في همدان، عند العلاّمة الثقة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ مُلا عليّ، وكانت نسخة منه في مكتبة المرحوم المغفور له الشيخ محمّد السماوي، ولمّا بيعت المكتبة اشتراه بعض علماء النجف الأشرف، وتوجد نسخة كاملة بخطٍ جيدٍ في مكتبة السلطاني في طهران.

٨ - وذكر سبط ابن الجوزي الحنفي (المتوفّى سنة ٦٥٤) في تذكرة الخواص (ص٢٧٧)، أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) من أولاد الإمام الحادي عشر أبو محمّد الحسن بن علي العسكري.

٩ - وذكر محمّد بن طلحة الشافعي (المتوفّى سنة ٦٥٢) في كتابه مطالب السؤال (ج٢، ص٧٩)، أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) من أولاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).

١٠ - وذكر الكنجي الشافعي (المتوفّى سنة ٦٥٨)، في كتابه البيان في

١٧٩

أحوال صاحب الزمان (ص١٠٢ –١١٢): أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) من أولاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).

١١ - وذكر ابن خلّكان الشافعي، في كتابه وفيات الأعيان (ج٣، ص٣١٦): أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) من أولاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).

١٢ - وذكر في الصواعق المحرقة، لابن حَجَر الهيتمي الشافعي (المتوفّى سنة ٨٥٢)، (ص١٢٤): أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) من أولاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).

١٣ - وذكر ابن الصباغ المالكي (المتوفّى سنة ٨٥٥)، في كتابه الفصول المهمّة (ص٢٧٤): أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) من أولاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).

١٤ - وذكر ابن طولون الدمشقي (المتوفّى سنة ٩٥٣)، في كتابه الأئمّة الاثني عشر (ص١١٧): أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) من أولاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).

١٥ - وذكر ابن الصبان الشافعي (المتوفّى سنة ١٢٠٦)، في كتابه إسعاف الراغبين (ص١٤٠): أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) من أولاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).

١٦ - وذكر مؤمن الشبلنجي الشافعي (المتوفّى سنة)، في كتابه نور الأبصار (ص١٥٤): أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) هو ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).

١٧ - وذكر الشيخ سليمان القندوزي الحنفي (المتوفّى سنة ١٢٩٤)، في ينابيع المودّة (ص٤٥٠ – ٤٥١): أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) من أولاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

القضاء ، وبقضائه كان الإمضاء .

فالعلم متقدِّم المشيَّة والمشيَّة ثانية ، والإرادة ثالثة ، والتّقدير واقع على القضاء بالإمضاء ، فللّه تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء وفيما أراد لتقدير الأشياء ، فإذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء .

فالعلم بالمعلوم قبل كونه ، والمشيَّة في المنشأ قبل عينه ، والإرادة في المراد قبل قيامه ، والتّقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عياناً وقياماً ، والقضاء بالإمضاء هو المبرم من المفعولات ذوات الأجسام .

المدركات بالحواسِّ من ذي لون وريح ووزن وكيل وما دبَّ ودرج من إنس وجنٍّ وطير وسباع وغير ذلك ممّا يدرك بالحواسِّ ، فللّه تبارك وتعالى فيه البداء ممّا لا عين له ، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء .

والله يفعل ما يشاء ، وبالعلم علم الأشياء قبل كونها ، وبالمشيَّة عرف صفاتها وحدودها وأنشأها قبل إظهارها وبالإرادة ميَّز أنفسها في ألوانها وصفاتها وحدودها ، وبالتَّقدير قدَّر أوقاتها وعرف أوَّلها وآخرها ، وبالقضاء أبان للنّاس أماكنها ودلَّهم عليها ، وبالإمضاء شرح عللها ، وأبان أمرها ، وذلك تقدير العزيز العليم (١) .

قالعليه‌السلام : إنَّ الله لا يوصف إلاّ بما وصف به نفسه ; وأنّى يُوصف الّذي تعجز الحواسُّ أن تدركه والأوهام أن تناله والخطرات أن تحدَّه والأبصار عن الإحاطة به .

نأى في قربه وقرب في نأيه ، كيَّف الكيف بغير أن يقال : كيف ، وأيَّن الأين بلا أن يقال : أين ، هو منقطع الكيفيَّة والأينيَّة ، الواحد الأحد ، جلَّ جلاله وتقدَّست أسماؤه (٢) .

ــــــــــــــ

(١) التوحيد : ٣٣٤ .

(٢) تحف العقول : ٣٥٧ .

٢٠١

٨ ـ رسالتهعليه‌السلام المعروفة في الردّ على أهل الجبر والتّفويض :( من عليّ بن محمّد ; سلام عليكم وعلى مَن اتّبع الهدى ورحمة الله وبركاته ; فإنّه ورد عليَّ كتابكم (١) وفهمت ما ذكرتم من اختلافكم في دينكم وخوضكم في القدر ومقالة مَن يقول منكم بالجبر ومَن يقول بالتفويض وتفرُّقكم في ذلك وتقاطعكم وما ظهر من العداوة بينكم ، ثمّ سألتموني عنه وبيانه لكم وفهمت ذلك كلَّه .

اعلموا رحمكم الله أنّا نظرنا في الآثار وكثرة ما جاءت به الأخبار فوجدناها عند جميع مَن ينتحل الإسلام ممّن يعقل عن الله جلَّ وعزَّ لا تخلو من معنيين : إمّا حقٌّ فيُتَّبع وإمّا باطل فيُجتنب .

وقد اجتمعت الأُمّة قاطبة لا اختلاف بينهم أنَّ القرآن حقٌّ لا ريب فيه عند جميع أهل الفرق ، وفي حال اجتماعهم مقرّون بتصديق الكتاب وتحقيقه ، مصيبون ، مهتدون وذلك بقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا تجتمع أُمَّتي على ضلالة ) فأخبر أنَّ جميع ما اجتمعت عليه الأمة كلُّها حق ، هذا إذا لم يخالف بعضها بعضاً .

والقرآن حقٌّ لا اختلاف بينهم في تنزيله وتصديقه .

فإذا شهد القرآن بتصديق خبر وتحقيقه وأنكر الخبر طائفة من الأمة لزمهم الإقرار به ضرورة حين اجتمعت في الأصل على تصديق الكتاب ، فإن ( هي ) جحدت وأنكرت لزمها الخروج من الملَّة .

فأوَّل خبر يعرف تحقيقه من الكتاب وتصديقه والتماس شهادته عليه خبر ورد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووجد بموافقة الكتاب وتصديقه بحيث لا تخالفه أقاويلهم ; حيث قال : ( إنِّي مخلِّف فيكم الثَّقلين كتاب الله وعترتي ـ أهل بيتي ـ لن تضلّوا ما تمسَّكتم بهما وإنَّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض ) .

فلمّا وجدنا شواهد هذا الحديث في كتاب الله نصّاً مثل قوله جلَّ وعزَّ :( إنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ والّذينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ

ــــــــــــــ

(١) رواها الطبرسي بتلخيص في الاحتجاج تحت عنوان رسالتهعليه‌السلام إلى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر والتفويض ، راجع بحار الأنوار : ٥٠/٦٨ .

٢٠٢

الغالِبُونَ ) (١) .

وروت العامّة في ذلك أخباراً لأمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه تصدَّق بخاتمه وهو راكع فشكر الله ذلك له وأنزل الآية فيه .

فوجدنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أتى بقوله :( مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه ) وبقوله :( أنت منِّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيَّ بعدي ) ووجدناه يقول :( عليّ يقضي ديني وينجز موعدي وهو خليفتي عليكم من بعدي ) .

فالخبر الأوَّل الَّذي استنبطت منه هذه الأخبار خبر صحيح مجمع عليه لا اختلاف فيه عندهم ، وهو أيضاً مُوافق للكتاب ; فلمّا شهد الكتاب بتصديق الخبر وهذه الشَّواهد الأُخر لزم على الأمة الإقرار بها ضرورةً ؛ إذ كانت هذه الأخبار شواهدها من القرآن ناطقة ووافقت القرآن والقرآن وافقها .

ثمَّ وردت حقائق الأخبار من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الصّادقينعليهما‌السلام ونقلها قوم ثقات معروفون فصار الاقتداء بهذه الأخبار فرضاً واجباً على كلِّ مؤمن ومؤمنة لا يتعدَّاه إلاّ أهل العناد .

وذلك أنَّ أقاويل آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متَّصلة بقول الله وذلك مثل قوله في محكم كتابه :( إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهيناً ) (٢) ووجدنا نظير هذه الآية قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( مَن آذى عليّاً فقد آذاني ، ومَن آذاني فقد آذى الله ومَن آذى الله يوشك أن ينتقم منه ) وكذلك قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( مَن أحبَّ عليّاً فقد أحبَّني ومَن أحبَّني فقد أحبَّ الله ) .

ومثل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بني وليعة :( لأبعثنَّ إليهم رجلاً كنفسي يحبُّ الله ورسوله ويحبُّه الله ورسوله قم يا عليُّ فسر إليهم ) (٣) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم خيبر :( لأبعثنَّ إليهم غداً رجلاً يحبُّ الله ورسوله ويحبُّه الله ورسوله كرّاراً غير فرَّار لا يرجع حتّى يفتح الله عليه ) .

ــــــــــــــ

(١) المائدة (٥) : ٥٥ ـ ٥٦ .

(٢) الأحزاب (٣٣) : ٥٧ .

(٣) بنو وليعة ـ كسفينة ـ : حي من كِندة .

٢٠٣

فقضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالفتح قبل التَّوجيه فاستشرف لكلامه أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلمّا كان من الغد دعا عليّاًعليه‌السلام فبعثه إليهم فاصطفاه بهذه المنقبة وسمّاه كرَّاراً غير فرَّار ، وسمّاه الله محبّاً لله ولرسوله ، فأخبر أنَّ الله ورسوله يحبّانه .

وإنّما قدَّمنا هذا الشَّرح والبيان دليلاً على ما أردنا وقوَّة لما نحن مبيِّنوه من أمر الجبر والتَّفويض والمنزلة بين المنزلتين وبالله العون والقوَّة وعليه نتوكَّل في جميع أُمورنا فإنّا نبدأ من ذلك بقول الصّادقعليه‌السلام :( لا جبر ولا تفويض ولكن منزلة بين المنزلتين وهي صحَّة الخلقة وتخلية السَّرب (١) والمهلة في الوقت والزَّاد مثل الرَّاحلة والسَّبب المهيِّج للفاعل على فعله ) ، فهذه خمسة أشياء جمع به الصّادقعليه‌السلام جوامع الفضل ، فإذا نقص العبد منها خلَّة كان العمل عنه مطروحاً بحسبه ، فأخبر الصّادقعليه‌السلام بأصل ما يجب على النّاس من طلب معرفته ونطق الكتاب بتصديقه فشهد بذلك محكمات آيات رسوله ؛ لأنّ الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآلهعليهم‌السلام لا يعدون شيئاً من قوله وأقاويلهم حدود القرآن ، فإذا وردت حقائق الأخبار والتُمست شواهدها من التَّنزيل فوجد لها موافقاً وعليها دليلاً كان الاقتداءُ بها فرضاً لا يتعدّاه إلاّ أهل العناد كما ذكرنا في أوَّل الكتاب ، ولمّا التمسنا تحقيق ما قاله الصّادقعليه‌السلام من المنزلة بين المنزلتين وإنكاره الجبر والتفويض وجدنا الكتاب قد شهد له وصدَّق مقالته في هذا .

وخبرٌ عنه أيضاً موافق لهذا : أنَّ الصّادقعليه‌السلام سُئل هل أجبر الله العباد على المعاصي ؟ فقال الصّادقعليه‌السلام :هو أعدل من ذلك .

فقيل له : فهل فوَّض إليهم ؟ فقالعليه‌السلام :هو أعزُّ وأقهر لهم من ذلك .

وروي عنه أنَّه قال :النّاس في القدر على ثلاثة أوجه : رجل يزعم أنَّ الأمر مفوّض إليه فقد وهَّن الله في سلطانه فهو هالك .

ــــــــــــــ

(١) السرب ـ بالفتح ـ : الطريق والصدر ـ وبالكسر ـ أيضاً : الطريق والقلب ـ وبالتحريك ـ الماء السائل .

٢٠٤

ورجل يزعم أنَّ الله جلَّ وعزَّ أجبر العباد على المعاصي وكلَّفهم ما لا يطيقون فقد ظلم الله في حكمه فهو هالك .

ورجل يزعم أنَّ الله كلَّف العباد ما يطيقون ولم يكلّفهم ما لا يطيقون ، فإذا أحسن حمد الله وإذا أساء استغفر الله فهذا مسلم بالغ فأخبرعليه‌السلام أنَّ مَن تقلَّد الجبر والتفويض ودان بهما فهو على خلاف الحقِّ .

فقد شرحت الجبر الَّذي مَن دان به يلزمه الخطأ ، وأنَّ الّذي يتقلَّد التّفويض يلزمه الباطل ، فصارت المنزلة بين المنزلتين بينهما(١) .

ــــــــــــــ

(١) راجع تمام الرسالة في تحف العقول والاحتجاج ، وبحار الأنوار : ٥٠/٦٨ .

٢٠٥

٣ ـ من تراثه الفقهي

١ ـ عن خيران الخادم قال : كتبت إلى الرّجل ـ أيّ الإمام ـ صلوات الله عليه أسأله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير أيصلّى فيه أم لا ؟ فإنّ أصحابنا قد اختلفوا فيه ، فقال بعضهم : صلّ فيه فإنّ الله إنّما حرّم شربها وقال بعضهم : لا تصلّ فيه ، فكتبعليه‌السلام :لا تصلّ فيه فإنه رجسٌ (١) .

٢ ـ عن علي بن إبراهيم ، عن يحيى بن عبد الرَّحمن بن خاقان قال : رأيت أبا الحسن الثالثعليه‌السلام سجد سجدة الشكر فافترش ذراعيه فألصق جؤجؤه وبطنه بالأرض فسألته عن ذلك ؟ فقال :كذا نحبّ (٢) .

٣ ـ وعنه أيضاً ، عن عليّ بن راشد قال : قلت لأبي الحسنعليه‌السلام جُعلت فداك إنّك كتبت إلى محمد بن الفرج تعلمه أنّ أفضل ما تقرأه في الفرائض بإنّا أنزلناه وقل هو الله أحد ، وإنّ صدري ليضيق بقراءتهما في الفجر ، فقالعليه‌السلام :لا يضيقنَّ صدرك بهما فإنّ الفضل والله فيهما (٣) .

٤ ـ سأل داود بن أبي زيد أبا الحسن الثالثعليه‌السلام عن : القراطيس والكواغذ المكتوبة عليها هل يجوز عليها السجود ؟ فكتب : يجوز(٤) .

٥ ـ عن أيوب بن نوح قال : كتبت إلى أبي الحسن الثالثعليه‌السلام أسأله عن المغمى عليه يوماً أو أكثر هل يقضي ما فاته أم لا ؟ فكتبعليه‌السلام :لا يقضي الصوم ولا يقضي الصلاة (٥) .

ــــــــــــــ

(١) الكافي : ٣ / ٤٠٥ .

(٢) الكافي : ٣ / ٣٢٤ .

(٣) الكافي : ٣ / ٢٩٠ .

(٤) مَن لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٧٠ .

(٥) تهذيب الأحكام : ٤ / ٢٤٣ .

٢٠٦

٦ ـ عن أبي إسحاق بن عبد الله العلوي العريضي قال : وحك في صدري ما الأيام التي تُصام ؟ فقصدت مولانا أبا الحسن علي بن محمدعليهما‌السلام وهو بصربا .

ولم أبد ذلك لأحد من خلق الله فدخلت عليه فلما بصر بي قالعليه‌السلام :يا أبا إسحاق جئت تسألني عن الأيام التي يُصام فيهن وهي أربعة : أوّلهن يوم السابع والعشرين من رجب يوم بعث الله تعالى محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى خلقه رحمة للعالمين ، ويوم مولده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو السابع عشر من شهر ربيع الأول ، ويوم الخامس والعشرين من ذي القعدة فيه دُحيت الكعبة ، ويوم الغدير فيه أقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخاه عليه‌السلام علماً للناس وإماماً من بعده ، قلت : صدقت جُعلت فداك ، لذلك قصدت ، أشهد أنّك حجّة الله على خلقه(١) .

٧ ـ عن علي بن مهزيار قال : كتبت إليه : يا سيدي رجل دفع إليه مال يحجّ فيه ، هل عليه في ذلك المال حين يصير إليه الخمس أو على ما فضل في يده بعد الحج ؟ فكتبعليه‌السلام :ليس عليه الخمس (٢) .

٨ ـ عن أحمد بن حمزة قال : قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : رجلٌ من مواليك له قرابة كلّهم يقول بك وله زكاة أيجوز له أن يعطيهم جميع زكاته ؟ قال : نعم (٣) .

٩ ـ عن أبي علي بن راشد قال : قلت لأبي الحسن الثالثعليه‌السلام : إنّا نؤتى بالشيء فيقال هذا كان لأبي جعفرعليه‌السلام عندنا ، فكيف نصنع ؟ فقال :ما كان لأبي عليه‌السلام بسبب الإمامة فهو لي وما كان غير ذلك فهو ميراث على كتاب الله وسنّة نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) .

ــــــــــــــ

(١) تهذيب الأحكام : ٤ / ٣٠٥ .

(٢) الكافي : ١ / ٥٤٧ .

(٣) الكافي : ٣ / ٥٥٢ .

(٤) مَن لا يحضره الفقيه : ٢ / ٤٢ .

٢٠٧

١٠ ـ عن إبراهيم بن محمد قال : كتبت إلى أبي الحسن الثالثعليه‌السلام ، أسأله عمّا يجب في الضياع ، فكتب : الخمس بعد المؤونة ، قال : فناظرت أصحابنا فقالوا : المؤونة بعدما يأخذ السلطان ، وبعد مؤونة الرجل ، فكتبت إليه أنّك قلت : الخمس بعد المؤونة وإن أصحابنا اختلفوا في المؤونة ؟ فكتب :الخمس بعدما يأخذ السلطان وبعد مؤونة الرجل وعياله (١) .

١١ ـ كتب محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني إلى أبي الحسن علي بن محمد العسكريعليهما‌السلام في رجل دفع ابنه إلى رجل وسلّمه منه سنة بأجرة معلومة ليخيط له ، ثم جاء رجل آخر فقال له : سلّم ابنك منّي سنة بزيادة هل له الخيار في ذلك ؟ وهل يجوز له أن يفسخ ما وافق عليه الأوّل أم لا ؟ فكتبعليه‌السلام بخطّه :يجب عليه الوفاء للأوّل ما لم يعرض لابنه مرض أو ضعف (٢) .

١٢ ـ عن محمد بن عيسى ، عن إبراهيم الهمداني قال : كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام وسألته عن امرأة آجرت ضيعتها عشر سنين على أن تعطى الأجرة في كل سنة عند انقضائها لا يقدم لها شيء من الأجرة ما لم يمض الوقت فماتت قبل ثلاث سنين أو بعدها هل يجب على ورثتها إنفاذ الإجارة إلى الوقت أم تكون الإجارة منتقضة بموت المرأة ؟ فكتبعليه‌السلام :إن كان لها وقت مسمّى لم يبلغ فماتت فلورثتها تلك الإجارة فإن لم تبلغ ذلك الوقت وبلغت ثلثه أو نصفه أو شيئاً منه فيعطى ورثتها بقدر ما بلغت من ذلك الوقت إن شاء الله (٣) .

١٣ ـ عن محمد بن رجاء الخياط قال : كتبت إلى الطيبعليه‌السلام إنّي كنت في المسجد الحرام فرأيت ديناراً فأهويت إليه لآخذه فإذا أنا بآخر ، ثمّ بحثت

ــــــــــــــ

(١) تفسير العياشي : ٢ / ٦٣ .

(٢) الكافي : ٤ / ٢٣٩ .

(٣) الكافي : ٥ / ٢٧٠ .

٢٠٨

الحصى فإذا أنا بثالث فأخذتها فعرَّفتها ولم يعرفها أحدٌ فما ترى في ذلك ؟ فكتبعليه‌السلام :إنّي قد فهمت ما ذكرت من أمر الدَّنانير فإن كنت محتاجاً فتصدّق بثلثها ، وإن كنت غنيّاً فتصدق بالكلِّ (١) .

١٤ ـ عن أحمد بن محمد قال : قال أبو الحسنعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلَّ :( وليطّوفوا بالبيت العتيق ) قال :طواف الفريضة طواف النساء (٢) .

١٥ ـ روى عليُّ بن مهزيار عن محمد بن إسماعيل قال : أمرت رجلاً أن يسأل أبا الحسنعليه‌السلام عن الرَّجل يأخذ من الرَّجل حجّة فلا تكفيه ، أله أن يأخذ من رجل آخر حجّة أُخرى فيتّسع بها فتجزي عنهما جميعاً أو يتركهما جميعاً أن لم تكفه إحداهما ؟ فذكر أنّه قال : أحبّ إليّ أن تكون خالصة لواحد فإن كانت لا تكفيه فلا يأخذها(٣) .

١٦ ـ عن القاسم بن محمد الزيات قال : قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : إنّي ظاهرت من امرأتي فقال :كيف قلت ؟ قال : قلت : أنت عليَّ كظهر أُمّي إن فعلت كذا وكذا ، فقال :لا شيء عليك ولا تعد (٤) .

١٧ ـ عن الوشاء قال : كتبت إليه أسأله عن الفقّاع ، قال : فكتب :حرام وهو خمر ومَن شربه كان بمنزلة شارب الخمر ، قال : وقال أبو الحسن الأخيرعليه‌السلام :لو أنّ الدار داري لقتلت بايعه ولجلدت شاربه ، وقال أبو الحسن الأخيرعليه‌السلام :حدّه حدُّ شارب الخمر ، وقالعليه‌السلام :هي خميرة استصغرها الناس (٥) .

١٨ ـ كتب إبراهيم بن محمد الهمداني إليهعليه‌السلام : ميّت أوصى بأن يجري

ــــــــــــــ

(١) الكافي : ٤ / ٢٣٩ .

(٢) الكافي : ٤٠/٥١٢ .

(٣) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٤٤٤ .

(٤) الكافي : ٦ / ١٥٨ .

(٥) الكافي : ٦ / ٤٢٣ .

٢٠٩

على رجل ما بقي من ثلثه ولم يأمر بإنفاذ ثلثه ، هل للوصي أن يوقف ثلث الميّت بسبب الإجراء ؟ فكتبعليه‌السلام :ينفذ ثلثه ولا يوقف .

٢١ ـ عن أبي عليّ بن راشد قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام قلت : جُعلت فداك اشتريت أرضاً إلى جنب ضيعتي بألفي درهم فلمّا وفيت المال خبّرت أنّ الأرض وقف ؟ فقال :لا يجوز شراء الوقف ولا تدخل الغلّة في مالك ادفعها إلى مَن أوقفت عليه .

قلت لا أعرف لها ربّاً ؟ قال :تصدق بغلّتها (١) .

٤ ـ من أدعية الإمام الهاديعليه‌السلام

١ ـ دعاؤه عند الشدائد : وكان يدعو به إذا ألمّت به حادثة أو حلّ به خطب أو أراد قضاء حاجة مهمّة ، و كان قبل أن يدعو به يصوم يوم الأربعاء والخميس والجمعة ، ثم يغتسل في أوّل يوم الجمعة ويتصدق على مسكين ويصلّي أربع ركعات فيقرأ في الركعة الأولى سورة الفاتحة وسورة يس وفي الثانية سورة الحمد وحم الدخان ، وفي الثالثة سورة الحمد مع سورة الواقعة وفي الرابعة سورة الحمد وسورة تبارك ، وإذا فرغ منها بسط راحتيه إلى السماء ، ودعا بإخلاص قائلاً بعد البسملة(٢) :( اللّهمّ لك الحمد حمداً يكون أحقّ الحمد بك ، وأرضى الحمد لك ، وأوجب الحمد لك ، وأحب الحمد إليك ، ولك الحمد كما أنت أهله وكما رضيته لنفسك وكما حمدك مَن رضيت حمده من جميع خلقك ، ولك الحمد كما حمدك به جميع أنبيائك ورسلك وملائكتك ، وكما ينبغي لعِزّك وكبريائك وعظمتك ، ولك الحمد حمداً تكل الألسن عن

ــــــــــــــ

(١) الكافي : ٧ / ٣٧ .

(٢) الوسائل : ٥ / ٦٢ .

٢١٠

صفته ويقف القول عن منتهاه ، ولك الحمد حمداً لا يقصر عن رضاك ولا يفضله شيء من محامدك .

اللّهمّ ومن جودك وكرمك أنّك لا تخيب مَن طلب إليك وسألك ورغب فيما عندك ، وتبغض مَن لم يسألك ، وليس كذلك أحد غيرك ، وطمعي يا ربّ في رحمتك ومغفرتك ، وثقتي بإحسانك وفضلك حداني على دعائك والرغبة إليك ، وأنزل حاجتي بك ، وقد قدمت أمام مسألتي التوجّه بنبيّك الذي جاء بالحق والصدق فيما عندك ، ونورك وصراطك المستقيم الذي هديت به العباد ، وأحييت بنوره البلاد ، وخصصته بالكرامة ، وأكرمته بالشهادة وبعثته على حين فترة من الرسل .

اللّهمّ دللت عبادك على نفسك فقلت تباركت وتعاليت : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) (١) وقلت : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (٢) وقلت : ( وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ ) (٣) أجل يا رب نعم المدعو أنت ونعم الرب أنت ونعم المجيب ، وقلت : ( قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ) (٤) ، وأنا أدعوك اللّهمّ بأسمائك التي إذا دُعيت بها أجبت ، وإذا سُئلت بها أعطيت ، وأدعوك متضرّعاً إليك مستكيناً ، دعاء مَن أسلمته الغفلة ، وأجهدته الحاجة ، أدعوك دعاء مَن استكان ، واعترف بذنبه ، ورجاك لعظيم مغفرتك ، وجزيل مثوبتك .

ــــــــــــــ

(١) البقرة (٢) : ١٨٦ .

(٢) الزمر (٣٩) : ٥٣ .

(٣) الصافات (٣٧) : ٧٥ .

(٤) الإسراء (١٧) : ١١٠ .

٢١١

٢ ـ دعاء الاعتصام ، وهذا نصّه : ( يا عدّتي عند العدد ، ويا رجائي والمعتمد ، ويا كهفي والسند ويا واحد يا أحد ، يا قل هو الله أحد ، أسألك بحق مَن خلقته من خلقك ، ولم تجعل في خلقك مثلهم أحد أن تصلّي عليهم ثمّ تذكر حاجتك ) (١) .

٣ ـ مناجاته : وكان الإمام الهاديعليه‌السلام يناجي الله تعالى في غلس الليل البهيم بقلب خاشع ، ونفس آمنة مطمئنّة .

وكان ممّا يقول في مناجاته :( إلهي مسيء قد ورد ، وفقير قد قصد ، فلا تخيّب مسعاه وارحمه واغفر له خطاه ) .

( إلهي صلِّ على محمّد وآل محمّد ، وارحمني إذا انقطع من الدنيا أثري ومُحي من المخلوقين ذكري ، وصرت من المنسيّين كمَن نسي ، إلهي كبُر سنّي ، ورقّ جلدي ، ودقّ عظمي ، ونال الدهر منّي واقترب أجلي ، ونفدت أيامي ، وذهبت شهواتي وبقيت تبعاتي ، إلهي ارحمني إذا تغيّرت صورتي ) (٢) .

٥ ـ من تراثه التربوي والأخلاقي

وأُثرت عن الإمام أبي الحسن الهاديعليه‌السلام مجموعة من الكلمات الذهبية التي عالج فيها مختلف القضايا التربوية والأخلاقية ، والنفسية ، وهذه بعضها :

١ ـ قالعليه‌السلام :( خير من الخير فاعله ، وأجمل من الجميل قائله ، وأرجح من العلم عامله ) .

ــــــــــــــ

(١) راجع حياة الإمام علي الهادي : ١٣١ ـ ١٣٦ .

(٢) حياة الإمام علي الهاديعليه‌السلام ، : ١٣٧ ، عن الدر النظيم .

٢١٢

٢ ـ قالعليه‌السلام :( مَن سأل فوق قدر حقّه فهو أولى بالحرمان ) .

٣ ـ قالعليه‌السلام :( صلاح من جهل الكرامة هوانه ) .

٤ ـ قالعليه‌السلام :( الحلم أن تملك نفسك ، وتكظم غيظك مع القدرة عليه ) .

٥ ـ قالعليه‌السلام :( الناس في الدنيا بالمال ، وفي الآخرة بالأعمال ) .

٦ ـ قالعليه‌السلام :( مَن رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه ) .

٧ ـ قالعليه‌السلام :( تريك المقادير ما لا يخطر ببالك ) .

٨ ـ قالعليه‌السلام :( شر الرزيّة سوء الخلق ) .

٩ ـ قالعليه‌السلام :( الغنى قلة تمنّيك ، والرضى بما يكفيك ، والفقر شره النفس وشدّة القنوط ، والمذلّة اتباع اليسير ، والنظر في الحقير ) .

١٠ ـ سُئل الإمامعليه‌السلام عن الحزم ؟ فقالعليه‌السلام :( هو أن تنظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك ) .

١١ ـ قالعليه‌السلام :( راكب الحرون ـ وهو الفرس الذي لا ينقاد ـأسير نفسه ) .

١٢ ـ قالعليه‌السلام :( الجاهل أسير لسانه ) .

١٣ ـ قالعليه‌السلام :( المراء يفسد الصداقة القديمة ، ويحلل العقد الوثيقة وأقل ما فيه أن تكون المغالبة ، والمغالبة أسّ أسباب القطيعة ) .

١٤ ـ قالعليه‌السلام :( العتاب مفتاح التعالي ، والعتاب خير من الحقد ) .

١٥ ـ أثنى بعض أصحاب الإمام على الإمام ، وأكثر من تقريظه والثناء عليه ، فقالعليه‌السلام له :( إنّ كثرة الملق يهجم على الفطنة ، فإذا حللت من أخيك محل الثقة فاعدل عن الملق إلى حسن النيّة ) .

١٦ ـ قالعليه‌السلام :( المصيبة للصابر واحدة ، وللجازع اثنان ) .

١٧ ـ قالعليه‌السلام : ( الحسد ماحق الحسنات ، والزهو جالب المقت ) .

٢١٣

١٨ ـ قالعليه‌السلام :( العجب صارف عن طلب العلم ، وداع إلى الغمط (١) في الجهل ) .

١٩ ـ قالعليه‌السلام :( البخل أذمّ الأخلاق ، والطمع سجيّة سيّئة ) .

٢٠ ـ قالعليه‌السلام :( مخالطة الأشرار تدلّ على شرّ مَن يخالطهم ) .

٢١ ـ قالعليه‌السلام :( الكفر للنعم إمارة البطر ، وسبب للتغيير ) .

٢٢ ـ قالعليه‌السلام :( اللجاجة مسلبة للسلامة ، ومؤدّية للندامة ) .

٢٣ ـ قالعليه‌السلام :( الهزء فكاهة السفهاء وصناعة الجهّال ) .

٢٤ ـ قالعليه‌السلام :( العقوق يعقب القلّة ، ويؤدّي إلى الذلّة ) .

٢٥ ـ قالعليه‌السلام :( السهر ألذّ للمنام ، والجوع يزيد في طيب الطعام ) .

٢٦ ـ قالعليه‌السلام لبعض أصحابه :( اذكر مصرعك بين يدي أهلك حيث لا طبيب يمنعك ، ولا حبيب ينفعك ) .

٢٧ ـ قالعليه‌السلام :( اذكر حسرات التفريط بأخذ تقديم الحزم ) .

٢٨ ـ قالعليه‌السلام :( ما استراح ذو الحرص والحكمة ) .

٢٩ ـ قالعليه‌السلام :( لا نجع في الطبايع الفاسدة ) .

٣٠ ـ قالعليه‌السلام :( مَن لم يحسن أن يمنع لم يحسن أن يعطى ) .

٣١ ـ قالعليه‌السلام :( شرٌّ من الشرّ جالبه ، وأهول من الهول راكبه ) .

٣٢ ـ قالعليه‌السلام :( إيّاك والحسد فإنّه يبين فيك ، ولا يعمل في عدوك ) .

٣٣ ـ قالعليه‌السلام :( إذا كان زمان العدل فيه أغلب من الجور فحرام أن يظن بأحد سوءاً حتى يعلم ذلك منه ، وإذا كان زمان الجور أغلب فيه من العدل فليس لأحد أن يظن

ــــــــــــــ

(١) غمط الناس : احتقرهم وتكبّر عليهم .

٢١٤

بأحد خيراً ما لم يعلم ذلك منه ) .

٣٤ ـ قالعليه‌السلام للمتوكل :( لا تطلب الصفاء ممّن كدرت عليه ، ولا الوفاء ممّن غدرت به ، ولا النصح ممّن صرفت سوء ظنّك إليه ، فإنّما قلب غيرك لك كقلبك له ) .

٣٥ ـ قالعليه‌السلام :( ابقوا النعم بحسن مجاورتها ، والتمسوا الزيادة فيها بالشكر عليها ، واعلموا أنّ النفس أقبل شيء لما أُعطيت ، وأمنع شيء لما مُنعت فاحملوها على مطيّة لا تبطي ) .

٣٦ ـ قالعليه‌السلام :( الجهل والبخل أذمّ الأخلاق ) .

٣٧ ـ قالعليه‌السلام :( حسن الصورة جمال ظاهر ، وحسن العقل جمال باطن ) .

٣٨ ـ قالعليه‌السلام :( إنّ من الغرة بالله أن يصرّ العبد على المعصية ويتمنّى على الله المغفرة ) .

٣٩ ـ قالعليه‌السلام :( لو سلك الناس وادياً وسيعاً لسلكت وادي رجل عبد الله وحده خالص ) .

٤٠ ـ قالعليه‌السلام :( والغضب على مَن تملك لؤم ) (١) .

٤١ ـ قالعليه‌السلام :( إنّ لله بقاعاً يحبُّ أن يدعى فيها فيستجيب لمن دعاه والحير (٢) منه ) .

٤٢ ـ وقالعليه‌السلام يوماً :( إنَّ أكل البطّيخ يورث الجذام ) ، فقيل له : أليس قد أمن المؤمن إذا أتى عليه أربعون سنة من الجنون والجذام والبرص ؟ قالعليه‌السلام :( نعم ; ولكن إذا خالف المؤمن ما أُمر به ممّن آمنه لم يأمن أن تصيبه عقوبة الخلاف ) .

ــــــــــــــ

(١) راجع حياة الإمام علي الهادي عليه‌السلام : ١٥٦ ـ ١٦٥ .

(٢) الحير ـ بالفتح ـ : مخفّف حائر والمراد أنّ الحائر الحسينيعليه‌السلام من هذه البقاع .

٢١٥

٤٣ ـ وقالعليه‌السلام :( الشّاكر أسعد بالشُّكر منه بالنّعمة الّتي أوجبت الشُّكر ؛ لأنّ النِّعم متاع والشُّكر نعم وعقبى ) .

٤٤ ـ وقالعليه‌السلام :( إنَّ الله جعل الدُّنيا دار بلوى والآخرة دار عقبى وجعل بلوى الدُّنيا لثواب الآخرة سبباً وثواب الآخرة من بلوى الدُّنيا عوضاً ) .

٤٥ ـ وقالعليه‌السلام :( إنّ الظّالم الحالم يكاد أن يعفي على ظلمه بحلمه ، وإنّ المحقَّ السّفيه يكاد أن يطفئ نور حقِّه بسفهه ) .

٤٦ ـ وقالعليه‌السلام :( مَن جمع لك ودَّه ورأيه فاجمع له طاعتك ) .

٤٧ ـ وقالعليه‌السلام :( مَن هانت عليه نفسه فلا تأمن شرَّه ) .

٤٨ ـ وقالعليه‌السلام :( الدُّنيا سوق ، ربح فيها قوم وخسر آخرون ) (١) .

إلى هنا نختم الكلام عن التراث القيّم للإمام علي بن محمد الهاديعليه‌السلام تاركين التفصيل إلى مسنده ومصادر ترجمته .

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .

ــــــــــــــ

(١) راجع تحف العقول : ٣٦٢ طبعة النجف الأشرف .

٢١٦

الفهرست

الباب الأوّل : وفيه فصول : ١١

الفصل الأوّل : الإمام علي بن محمد الهادي عليه‌السلام في سطور ١١

الفصل الثاني : انطباعات عن شخصيّة الإمام علي بن محمد الهادي عليه‌السلام.... ١٣

الفصل الثالث : مظاهر من شخصيّة الإمام علي بن محمد الهادي عليه‌السلام.... ١٩

١ ـ الكرم : ١٩

٢ ـ الزهد : ٢١

٣ ـ العمل في المزرعة : ٢١

٤ ـ إرشاد الضالين : ٢٢

٥ ـ التحذير عن مجالسة الصوفيّين : ٢٢

٦ ـ تكريمه للعلماء : ٢٤

٧ ـ العبادة : ٢٥

٨ ـ استجابة دعائه : ٢٦

الباب الثاني : فيه فصول : ٢٩

الفصل الأوّل : نشأة الإمام علي بن محمد الهادي عليه‌السلام.... ٢٩

١ ـ نسبه الشريف.. ٢٩

٢ ـ ولادته ونشأته ٢٩

٣ ـ بشارة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بولادته ٣٠

٤ ـ كنيته وألقابه ٣٠

الفصل الثاني : مراحل حياة الإمام الهادي عليه‌السلام.... ٣١

الفصل الثالث : الإمام علي بن محمد الهادي في ظلّ أبيه الجواد عليهما‌السلام..... ٣٢

الشيعة وإمامة الجواد عليه‌السلام.... ٣٣

عصر الإمام الجواد ٣٤

الحالة السياسية ٣٧

الإمام الجواد عليه‌السلام والمأمون العباسي. ٤٠

٢١٧

زواج الإمام الجواد عليه‌السلام.... ٤٢

الإمام الجواد عليه‌السلام والمعتصم. ٤٤

نصوص الإمام الجواد عليه‌السلام على إمامة ولده الهادي عليه‌السلام.... ٤٥

استشهاد الإمام الجواد عليه‌السلام.... ٤٩

الباب الثالث : وفيه فصول : ٥٢

الفصل الأوّل : المسيرة الرسالية لأهل البيت عليهم‌السلام منذ عصر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ٥٢

عقبات وأخطار أمام عملية التغيير الشاملة ٥٣

مضاعفات الانحراف بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ٥٥

انهيار الدولة الإسلامية ومضاعفاته ٥٥

دور الأئمّة الراشدين. ٥٧

المهامّ الرساليّة للأئمّة الطاهرين. ٥٩

موقف أهل البيت عليهم‌السلام من انحراف الحكّام ٦٠

أهل البيت عليهم‌السلام وتربية الأُمّة ٦١

سلامة النظرية الإسلامية ٦١

مراحل الحركة الرسالية للائمّة الراشدين عليهم‌السلام.... ٦٢

موقع الإمام الهادي عليه‌السلام في عملية التغيير الشاملة ٦٤

الفصل الثاني : عصر الإمام علي بن محمّد الهادي عليه‌السلام.... ٦٥

المعتصم (٢١٨ ـ ٢٢٧ هـ) ٦٥

الإمام الهادي عليه‌السلام والمعتصم العباسي. ٦٦

الواثق (٢٢٧ ـ ٢٣٢ هـ) ٦٨

الإمام الهادي عليه‌السلام وبغا الكبير. ٦٩

الواثق ومحنة خلق القرآن. ٧١

موقف الإمام الهادي عليه‌السلام من مسألة خلق القرآن. ٧٣

إخبار الإمام الهادي عليه‌السلام بموت الواثق. ٧٣

المتوكّل (٢٣٢ ـ ٢٤٧ هـ) ٧٤

٢١٨

الإمام الهادي عليه‌السلام والمتوكّل العبّاسي. ٧٦

الإمام في طريقه إلى سامراء ٨٢

الإمام عليه‌السلام في سامراء ٨٥

تفتيش دار الإمام عليه‌السلام.... ٨٩

اعتقال الإمام الهادي عليه‌السلام.... ٩٣

محاولة اغتيال الإمام الهادي عليه‌السلام.... ٩٤

دعاء الإمام عليه‌السلام على المتوكّل. ٩٦

هلاك المتوكّل. ٩٧

المنتصر بالله (٢٤٧ ـ ٢٤٨ هـ) ٩٨

المنتصر والعلويين. ٩٨

المستعين (٢٤٨ ـ ٢٥٢ هـ) ٩٩

الثورات في عصره ٩٩

المعتز (٢٥٢ ـ ٢٥٥ هـ) ١٠٠

اضطهاد الشيعة : ١٠١

الفصل الثالث : ملامح عصر الإمام الهادي عليه‌السلام.... ١٠٣

١ ـ الحالة السياسية العامّة ١٠٣

٢ ـ الحالة الثقافية ١٠٧

٣ ـ الحالة الاقتصادية ١٠٧

٧ ـ انتفاضات العلويين. ١١١

إنّ عواطف المسلمين وقلوبهم قد اتّجهت نحو أبناء الرسول عليهم‌السلام.... ١١١

الباب الرابع : وفيه فصول : ١١٤

الفصل الأوّل : متطلّبات عصر الإمام الهادي عليه‌السلام.... ١١٤

الدلالة الأُولى : ١١٤

الدلالة الثانية : ١١٨

متطلّبات الساحة الإسلامية في عصر الإمام الهادي عليه‌السلام.... ١٢٣

٢١٩

١ ـ تجنّب إثارة الحكّام وعمّالهم. ١٢٣

٢ ـ الردّ على الإثارات الفكرية والشبهات الدينية ١٢٥

٣ ـ التحدّي العلمي للسلطة وعلمائها ١٢٦

٤ ـ توسيع دائرة النفوذ في جهاز السلطة ١٣٣

الفصل الثاني : الإمام الهادي عليه‌السلام وتكامل بناء الجماعة الصالحة وتحصينها ١٣٥

٢ ـ تحصين الجماعة الصالحة وإعدادها لمرحلة الغيبة ١٤٢

التحصين العقائدي. ١٤٣

الموقف من الغلاة والفرق المنحرفة ١٤٧

ظاهرة الزيارة ودورها في التحصين العقائدي. ١٤٨

أوّلاً : الزيارة الجامعة الكبيرة ١٤٨

٣ ـ الأُسس الفكريّة للتشيّع. ١٥٠

ثانياً ـ زيارة الغدير ١٥٦

التحصين العلمي. ١٥٩

التحصين التربوي. ١٦٠

التحصين الأمني. ١٦٣

نظام الوكلاء ١٦٦

وكلاء الإمام الهادي عليه‌السلام.... ١٦٨

التحصين الاقتصادي. ١٦٩

الفصل الثالث : الإمام الهادي عليه‌السلام في ذمّة الخلود ١٧١

تجهيزه وحضور الخاصّة والعامّة لتشييعه ١٧٣

انتشار خبر استشهاد الإمام الهادي عليه‌السلام في البلاد ١٧٦

تاريخ استشهاده عليه‌السلام.... ١٧٧

الفصل الرابع : مدرسة الإمام الهادي عليه‌السلام وتراثه ١٧٩

البحث الأوّل : أصحاب الإمام عليه‌السلام ورواة حديثه ١٨٠

١ ـ إبراهيم بن عبده النيسابوري : ١٨١

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369