الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر50%

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مؤلف:
تصنيف: مكتبة الأسرة والمجتمع
الصفحات: 109

  • البداية
  • السابق
  • 109 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 13255 / تحميل: 6170
الحجم الحجم الحجم
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

مقدِّمة المركز:

الحمد للّه المُتعال بما هو أهله، وأتمّ الصلاة وأزكى التسليم على نبيّنا محمد وآله الطاهرين، وصحبه المخلصين، ومن اتّبع الهدى إلى يوم الدين.

وبعد ...

فإنّ الشريعة التي اعتبرت جسد الاُمّة المؤمنة كجسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، خليقة باقتفاء منهجها، جديرة باقتداء سلوكها، قمينة بالتحلي بآدابها وأخلاقها، أهل للهداية بقبول ما جاء فيها من الدعوة الصريحة إلى كلّ ما فيه الصلاح والأمر به، والتحذير من الفساد والنهي عنه.

ولكي يعلم أفراد الأمّة المسلمة هذه الحقيقة، ويفهموا جيّدا ما هو دورهم في الحياة، فلابدّ وأن يدركوا بأنّ نطق الشهادتين بلا عمل والاهتمام بالوسائل وإغفال المقاصد ليس من الإيمان المطلوب في شيء، وإنّما هو من إسلام المنافقين الذين قال اللّه تعالى فيهم: «إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللّه وَاللّه يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللّه يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ».

فوعي الظواهر السلبية وإدراكها إذن لا يكفي دون بيانها للناس كافّة كما بيّنها اللّه تعالى لرسوله الكريم، وأمّا التغاضي عنها فلا ريب أنه سيؤدّي إلى تفاقم المنكر بشتى سُبله وألوانه.

ولا شكّ أنّ من أهمّ الأسباب التي أدّت إلى ضعف المسلمين بعد قوّتهم، وتمزيق شملهم بعد وحدتهم، وما آل إليه أمر شرذمتهم من ضياع شوكتهم، وتبديد كلمتهم، وتفتيت أوصالهم، وانكسار عزيمتهم حتى وصلوا إلى هذه الحال المؤلمة، إنّما هو فقدان الصدق والصراحة إزاء ظواهر النفاق ونظائرها في المجتمع الإسلامي كالمسامحة في اختراق أدب الشريعة، وطغيان المجاملة على حساب الدين الحنيف، فبنيت بذلك أسس الأفعال القبيحة، وتوفّرت مصادرها، فاُقعدت الأمّة عن معرفة الكثير من الحقائق، والتبس الأمر على أفرادها، وأصبح للباطل وجه مقبول نتيجة السكوت عليه، وأُلفه، واستحسانه، والتغاضي عن قول الحقّ.

٥

ولعلّ من أشدّ الأمور رذيلة التساهل مع الظالم الفاسق بالإغماض عن جوره وعتوه، ثمّ ازدياد الطين بلّة بمدحه واطرائه، حتى ليخيّل إليه إنّ الافمّة لا ترضى بسوى الطغيان بدلاً؛ لأنّه الحقّ لذي تنشده!! فيزداد عتوّا وفسادا، فيتوهمه المغفل حقيقة ويرضاه المنافق وسيلة، ويسكت عنه الآخرون خوفا وطمعا، وعندها ترى الاُمّة القبيح حسنا، والضار نافعا، والخائن أمينا وكفى بهذا دلالة على ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يحفظ للاُمّة بقاءها ويصون لكلّ حقّه.

ونحسب أنّ في هذا وغيره مبرّرا كافيا لبحث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنّ الفرصة التي ينبغي أن لا تضيع انماهي في إحياء هذه الشعيرة، بل ركن الشريعة الوطيد الذي لو ساد بين أفراد الأمّة لنالت ما ترجوه من حياة حرّة كريمة، خصوصا بعد عجز ساير الحلول الوضعية في إصلاح ما فسدّ من أخلاق وما اعوجَّ من شؤونممّا يعني هذا انحصار الأمر بالرجوع إلى منابع الإسلام الصافية، وإحياء ما في دستور الشريعة الغرّاء من مُثل ونُظم وقوانين وفرائض وشعائر، ويأتي الأمر بالمعروفوالنهي عن المنكر في طليعتها لما فيه من حلّ متين لمشاكل الرد والمجتمع، وصراط مستقيم لنهضتها ورقيها.

وقد حاول الكتاب الماثل بين يديك عزيزي القارئ استنطاق ما في شريعتنا الغرّاء من نصوص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مبيّنا غاياتهال وأهدافها وما تنطوي عليه من فوائد كثيرة لها دورها الكبير في إفشاء الطمأنينية والعدل والسماواة والقضاء على كلّ الظواهر السلبية التي مني بها متمعنا المسلم.

آملين أن يكون تدارك ما فات بالتطّلع نحو أفق الإسلام الأرحب والتعلّق بأسبابه نحو حياة أفضل بتدبّر ما في دستوره العظيم من ضرورة التمسّك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

واللّه وليّ الرشاد والتوفيق

مركز الرسالة

٦

المقدِّمة

الحمدُ للّه ربِّ العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وبعد :

جاءت الرسالة الإسلامية الخاتمة لهداية الإنسان ، وتحريره من جميع ألوان الانحراف في فكره وسلوكه وتحريره من ضلال الأوهام وظُلمة الخرافات ، وتحريره من عبادة الالهة المصطنعة ، وتحريره من الانسياق وراء الشهوات والمطامع ، وتهذيب نفسه من بواعث الانانية والحقد والعدوان ، وتحرير سلوكه من الرذيلة والانحطاط ، بتهيئة العقول والقلوب للتلقي والاستجابة للمنهج الالهي المرسوم ، واستتباعها بالعمل الايجابي ـ وفق المفاهيم والقيم الالهية الثابتة ـ الذي يترجم الآراء والنصوص إلى مشاعر وعواطف وأعمال وممارسات وعلاقات متجسدة في الواقع ، لكي يكون الإنسان والمجتمع بمستوى المسؤولية المناطة به في الحياة ، والمتمثلة بحمل الامانة وخلافة اللّه تعالى في الأرض ، والترقي في سلم الكمال والسمو الروحي والسلوكي.

وهداية الإنسان تعني تغيير محتواه الداخلي في عقله وقلبه وارادته لينسجم مع المنهج الالهي في الحياة ، ويكون فكره وعاطفته وسلوكه وحدة واحدة لا ازدواجية فيها ولا تناقض.

والتغيير ليس أمرا هينا اذا نظرنا إلى طبيعته ، وطبيعة الميدان الذي يحلّ فيه وهو ميدان النفس البشرية ، فهو يواجه محدودية الإنسان

٧

وضعفه وعجلته ، ويواجه شهوات النفس ونزواتها المتجذرة والطارئة والمتقلبة ، ويواجه كبرياء النفس وغرورها ، ويواجه اعتزاز الناس بمفاهيمهم وقيمهم التي أنسوا بها ، وأصبحت جزءا من كيانهم الموروث والمكتسب ، ويواجه ما يتلبس بتلك المفاهيم والقيم من مصالح ذاتية ومطامع شخصية ، ويواجه المغريات الخارجية التي تناغي الرغبات والشهوات وتهتف بالانسان لاشباعها ، ويواجه اصنافا من الناس تختلف بعدا أو قربا من الدين والتديّن ، وتختلف مواقفها من حملة التغيير اندفاعا وانكماشا.

وتتجسد عملية التغيير باداء مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اداءً ينسجم مع ضخامة الواقع البشري ، وضخامة الاهداف المراد ـ من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ـ تحقيقها في الواقع.

فلا بدّ من عمل دؤوب وحركة متواصلة تبدأ بتغيير النفس أولاً ثم المجتمع ثانيا ، ولا بدّ من اطلاعٍ دقيق وتشخيص واعٍ لمستويات الناس الفكرية والعاطفية والسلوكية ، والمعرفة الواعية للظروف والعوامل المتحكمة في المجتمع ، والقوى المؤثرة فيه ، ليضع الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر لكلِّ مستوىً ولكلِّ ظرفٍ خطة ، يصلون بها إلى تحقيق الأهداف ، وأُسلوبا ينفذون من خلاله إلى خلجات القلوب ويجعلونها تتهيأ للتلقي والاستجابة ، ثم الانتقال إلى مرحلة العمل الايجابي بعد مرحلة التأثر الوجداني.

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم التكاليف التي ينبغي القيام بها ، فيه تقام الفرائض ويتوجه الانسان إلى اللّه تعالى بكل كيانه ومقومات شخصيته ، وبه تتحقق الاستقامة في الفكر والعاطفة والسلوك

٨

ويكون المنهج الالهي هو الحاكم على العقول والقلوب والارادة الانسانية.

وفي هذا البحث ـ ومن خلال استقراء آيات القرآن الكريم والاحاديث الشريفة وسيرة المعصومينعليهم‌السلام ومن خلال التجربة العملية ـ نتطرق إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أربعة فصول : نتناول في الفصل الأول : حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأهميتهما ، ثم نستعرض في الفصل الثاني : وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومراحلهما ، ونتناول في الفصل الثالث : خصائص وصفات الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ـ الذاتية والعملية ـ ونتناول في الفصل الرابع : آثار ونتائج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من حيث الأداء وعدمه.

وحاولنا جهد الامكان استخدام العبارات والمصطلحات الواضحة الميسّر فهمها من قبل جميع المستويات ؛ لتعم الفائدة المتوخاة من متابعة فصوله والامعان في مباحثه.

واللّه وليّ التوفيق

٩

١٠

الفصل الأول

حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وأهميتهما

تمهيد في معناهما :

جاء في كتب اللغة أن المعروف : ما يستحسن من الافعال ، وكلّ ما تعرفه النفس من الخير وتطمئن إليه(١) .

والمنكر : كل ما قبّحه الشرع وحرّمه وكرّهه(٢) .

وقيل عن المعروف : هو اسم لكلِّ فعل يُعْرَف بالعقل أو الشرع حسنه. والمنكر : ما ينكر بهما(٣) ، أي كل فعل تحكم العقول الصحيحة بقبحه أو تتوقف في استقباحه واستحسانه ، فتحكم بقبحه الشريعة(٤) .

وجاء في مجمع البيان أنّ المعروف : الطاعة ، والمنكر : المعصية.

__________________

١) لسان العرب / ابن منظور ٩ : ٢٣٩.

٢) لسان العرب ٥ : ٢٣٣.

٣) مفردات ألفاظ القرآن / الراغب الاصفهاني : ٣٣١.

٤) مفردات ألفاظ القرآن : ٥٠٥.

١١

وكل ما أمر اللّه ورسوله به فهو معروف ، وما نهى اللّه ورسوله عنه فهو منكر(١) .

موارد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :

لا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمورد من الموارد ، ولا مجال من المجالات ، بل هو شامل لجميع ما جاء به الإسلام من مفاهيم وقيم ، فهو شامل للتصورات والمبادئ التي تقوم على أساسها العقيدة الإسلامية ، وشامل للموازين والقيم الإسلامية التي تحكم العلاقات الانسانية ، وشامل للشرائع والقوانين ، وللاوضاع والتقاليد ، وبعبارة اُخرى هو دعوة إلى الإسلام عقيدة ومنهجا وسلوكا ؛ بتحويل الشعور الباطني بالعقيدة إلى حركة سلوكية واقعية ، وتحويل هذه الحركة إلى عادة ثابتة متفاعلة ومتصلة مع الاوامر والارشادات الإسلامية ، ومنكمشة ومنفصلة عن مقتضيات النواهي الإسلامية.

وقد بيّن الإمام الحسينعليه‌السلام موارد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائلاً : «بدأ اللّه بالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر فريضة منه ، لعلمه بأنّها إذا أديت وأقيمت استقامت الفرائض كلّها هينها وصعبها ؛ وذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى الإسلام ، مع ردّ المظالم ومخالفة الظالم ، وقسمة الفيء والغنائم ، وأخذ الصدقات من مواضعها ، ووضعها في حقها » (٢) .

وقد تجلّت هذه الشمولية بوصية رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمعاذ بن جبل

__________________

١) مجمع البيان في تفسير القرآن / الطبرسي ١ : ٤٨٣.

٢) تحف العقول / ابن شعبة الحرّاني : ١٦٨.

١٢

حينما ولاّه على أحد البلدان : «يا معاذ علمهم كتاب اللّه وأحسن أدبهم على الاخلاق الصالحة ، وانزل الناس منازلهم ـ خيّرهم وشرهم ـ وانفذ فيهم أمر اللّه وأمت أمر الجاهلية إلاّ ما سنّه الإسلام ، واظهر أمر الإسلام كلّه ، صغيره وكبيره ، وليكن أكثر همّك الصلاة فإنّها رأس الإسلام بعد الاقرار بالدين ، وذكّر الناس باللّه واليوم الآخر واتبع الموعظة » (١) .

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يستتبع جميع مقوّمات الشخصية الانسانية في الفكر والعاطفة والسلوك ، لتكون منسجمة مع المنهج الالهي في الحياة ، وتكون هذه المقومات متطابقة مع بعضها ، فلا ازدواجية بين الفكر والعاطفة ولا بينهما وبين السلوك ، وهي وحدة واحدة يكون فيها الولاء والممارسة العملية للّه وحده ولمنهج التوحيد الذي دعا إليه في جميع مفاهيمه وقيمه.

المبحث الأول

حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

إنّ الإسلام ليس مجرد تفكير وتدبّر وخشوع يتحرك في داخل العقول والقلوب ، وإنّما هو منهج حياة واقعي ، يدعو إلى استنهاض الهمم والعزائم وتقوية الارادة ؛ لتنطلق في الواقع مجسدة للمفاهيم والقيم الالهية بصورة عملية ، وهو يدعو إلى النهوض بالتكاليف الالهية في عالم الضمير

__________________

١) تحف العقول : ١٩.

١٣

وعالم الواقع على حدٍّ سواء ، والاستقامة على ضوئها.

وبما ان الإنسان يحمل في جوانحه الاستعدادات المختلفة للخير والشر وللفضيلة والفجور ، ويتأثر بالعوامل الخارجية كالمغريات والمثيرات المتنوعة ، اضافة إلى دور الشيطان في الوسوسة والاغراء ، فهو بحاجة إلى من يهديه ويرشده ويقوّم له تصوراته وعواطفه وممارساته العملية ، لتكون موصولة بالعقيدة والشريعة الإسلامية ، ولهذا شرّع الإسلام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليقوم به الإنسان المسلم إيقاظا للقلوب البشرية الغافلة ، وتحريكا للارادات الضعيفة لتستقيم على أساس المفاهيم والموازين الالهية.

فأوجب سبحانه وتعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وجعله من التكاليف الأساسية ؛ لأنّه غاية الدين كما عبّر عنه الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام : «غاية الدين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واقامة الحدود » (١) .

وقالعليه‌السلام : «قوام الشريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واقامة الحدود » (٢) .

__________________

١) تصنيف غرر الحكم : ٣٣٢.

٢) تصنيف غرر الحكم : ٣٣٢.

١٤

أدلة الوجوب :

أولاً : القرآن الكريم :

اعتمد أغلب الفقهاء على الآيات القرآنية في اثبات الوجوب دون ذكر تفاصيل الاستدلال(١) ، اقرارا منهم بوضوح دلالتها حتّى قيل : (إنّ وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرورة دينية عند المسلمين يستدلُّ بها ، ولا يستدل عليها)(٢) .

وفيما يلي نستعرض الآيات القرآنية الواقعة في مقام الاستدلال على الوجوب.

الآية الاُولى : «وَلتكُن مِنكُم أُمّة يَدعُونَ إلى الخَيرِ ويَأمُرُونَ بِالمعرُوفِ وَيَنهونَ عَنِ المنكَرِ وأُولئك هُمُ المفلحِونَ »(٣) .

المخاطب بهذه الآية القرآنية هم المؤمنون كافة ، فهم مكلفون بأن (ينتخبوا منهم أُمّة تقوم بهذه الفريضة ، وذلك بأن يكون لكلِّ فرد منهم ارادة وعمل في ايجادها)(٤) .

وهي واضحة الدلالة على الوجوب ، فإنّ قوله تعالى : «ولتكن »أمر ، وظاهر الأمر الايجاب هذا من جهة ، ومن جهة اُخرى حصرت الآية الفلاح بهذا العمل.

__________________

١) التبيان ٢ : ٥٤٩. وكشف الغطاء : ٤١٩. وجواهر الكلام : ٤١٩. وروح المعاني ٤ : ٢١.

٢) التفسير المبين : ٨٠.

٣) سورة آل عمران : ٣ / ١٠٤.

٤) تفسير المراغي ٢ : ٢٢.

١٥

و (مِنْ) في (منكم) للتبعيض(١) ، لذا استدلّ أغلب الفقهاء على أن الوجوب كفائي(٢) فإذا قام به البعض سقط عن الآخرين.

الآية الثانية : «كُنتُم خَيرَ أُمّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاسِ تَأمرُونَ بِالمعرُوفِ وَتَنهونَ عَنِ المُنكَرِ وتُؤمِنونَ بِاللّه »(٣) .

قرنت الآية القرآنية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالايمان باللّه تعالى ، وقدّمتهما عليه (لانهما سياج الإيمان وحفاظه)(٤) .

ومعنى الآية : (صرتم خير أُمّة خُلقت ؛ لأمركم بالمعروف ونهيكم عن المنكر وإيمانكم باللّه ، فتصير هذه الخصال على هذا القول شرطا في كونهم خيرا)(٥) .

وهذه الخيرية ( لا يستحقّها من أقام الصلاة ، وآتى الزكاة ، وصام رمضان ، وحجّ البيت الحرام ، والتزم الحلال ، واجتنب الحرام مع الاخلاص الذي هو روح الإسلام ، إلاّ بعد القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر )(٦) .

واستدل الفقهاء بهذا الثناء الذي انحصر بهذه المزايا الثلاث على الوجوب (فمدحهم بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر كما مدحهم

__________________

١) الكشاف ١ : ٤٥٢.

٢) التبيان ٢ : ٥٤٩. وفتح القدير ١ : ٣٦٩. والكشاف ١ : ٤٥٢.

٣) سورة آل عمران : ٣ / ١١٠.

٤) تفسير المراغي ٤ : ٣٠.

٥) مجمع البيان في تفسير القرآن ١ : ٤٨٦.

٦) تفسير المنار ٤ : ٥٨.

١٦

بالايمان باللّه تعالى ، وهذا يدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)(١) .

وقد اكتفى كثير من الفقهاء بذكر الآية دليلاً دون تفصيل(٢) ، لاقتران الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالايمان باللّه تعالى ، ووقوعهما في مستواه ، وتخصيص الثناء والمدح بالخيرية بهذه الصفات الثلاث.

الآية الثالثة : «لَيسُوا سَوَاءً مِن أهلِ الكِتابِ أُمّةٌ قائمةٌ يَتلُونَ آياتِ اللّه آناءَ الليلِ وَهم يَسجُدُونَ * يُؤمِنُونَ بِاللّه وَاليومِ الآخرِ ويَأمُرُونَ بِالمعرُوفِ وَيَنهونَ عَنِ المنكَرِ وَيُسارِعُونَ في الخَيراتِ وأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحينَ » (٣) .

جعل اللّه تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من علامات القيام بالواجبات ، ومن علامات الصلاح ، فلم يشهد اللّه تعالى لهم بالصلاح بمجرد الايمان باللّه واليوم الآخر حتى أضاف إليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(٤) .

ومفهوم الآية هو انّ الذين لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر لا يعدّون من الصالحين ، ولولا الوجوب لما نفى صفة الصلاح عنهم.

الآية الرابعة : «والمؤمِنُونَ والمؤمِناتُ بَعضُهُم أولياءُ بعضٍ يأمرُونَ بالمعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ ويُقيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤتَونَ الزَّكاةَ ويُطيعُونَ اللّه

__________________

١) المقنعة : ٨٠٨.

٢) كشف الغطاء : ٤١٩. وجواهر الكلام ٢١ : ٣٥٢.

٣) سورة آل عمران : ٣ / ١١٣ ـ ١١٤.

٤) المحجّة البيضاء ٤ : ٩٦.

١٧

وَرَسولَهُ أولئِكَ سَيرحمُهُمُ اللّه إنَّ اللّه عَزيزٌ حكيمٌ »(١) .

جعل اللّه تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الاوصاف الخاصة بالمؤمنين ، وهما من شؤون ولاية بعض المؤمنين على بعض.

وعلى هذا فالذي يهجر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون خارجا عن (هؤلاء المؤمنين المنعوتين في هذه الآية)(٢) .

واخراج التاركين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جماعة المؤمنين لا يصحّ ولا يستقيم إلاّ إذا كانا واجبين ، وعليهما تترتب الرحمة.

ويؤيد ثبوت الوجوب انّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وردا في سياق الواجبات كاقامة الصلاة وايتاء الزكاة وطاعة اللّه ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله فهما واجبان بدلالة وحدة السياق ، وتكرّر اقترانهما مع الواجبات يفيد الاطمئنان بوجوبهما.

الآية الخامسة : «لَولا يَنهاهُمُ الرَّبَّانيُونَ والأحبارُ عَن قَولِهِم الإثمَ وأكلِهِمُ السُّحتَ لَبئسَ ما كَانُوا يَصنعُونَ »(٣) .

ذمّ اللّه تعالى ووبَّخ بني اسرائيل لقولهم الأثم وأكلهم السحت ، وذمّ علماءهم لعدم قيامهم بنهيهم ، فذمّ (هؤلاء بمثل اللفظة التي ذم بها اولئك ، وفي هذه الآية دلالة على أن تارك النهي عن المنكر بمنزلة مرتكبه)(٤) .

__________________

١) سورة التوبة : ٩ / ٧١.

٢) المحجة البيضاء ٤ : ٩٧.

٣) سورة المائدة : ٥ / ٦٣.

٤) مجمع البيان في تفسير القرآن ٢ : ٢١٨.

١٨

فالتوبيخ شامل لمرتكب المنكر والساكت عن النهي عنه ، فقد وبَّخ اللّه تعالى (الربانيين والاحبار في سكوتهم عنهم ، وعدم نهيهم عن ارتكاب هذه الموبقات من الآثام والمعاصي ، وهم عالمون بأنّها معاصٍ وذنوب)(١) .

فقد بين اللّه تعالى ان الربانيين والأحبار أثموا بترك النهي عن المنكر والدلالة واضحة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فلو لم يكونا واجبين لما ترتب الأثم على تركهما ، ولما وبّخهم اللّه تعالى على سكوتهم ؛ لأنّ التوبيخ يستتبع العمل السيئ ، وترك النهي عن المنكر هو أحد مصاديقه.

الآية السادسة : «لُعِنَ الَّذينَ كَفَرُوا مِن بَني إسرائيلَ عَلى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابنِ مَريَمَ ذَلِكَ بِما عَصَوا وَّكَانُوا يَعتدُونَ * كَانُوا لا يَتَناهَونَ عَن مُّنكَرٍ فَعلَوهُ لَبِئسَ مَا كَانُوا يَفعَلُونَ »(٢) .

لعن اللّه تعالى بني اسرائيل بعصيانهم واعتدائهم ، ثمّ بيّن حالهم ، فقال : «كَانُوا لا يَتَناهَونَ عَن مُّنكَرٍ فَعلُوهُ » أي لم يكن ينهى بعضهم بعضا ، ولا ينتهون أي لا يكفّون عمّا نهوا عنه(٣) .

وقد علّل اللّه تعالى استحقاقهم اللعنة (بتركهم النهي عن المنكر)(٤) .

فلولم يكن النهي عن المنكر واجبا لما استحقوا اللعنة بتركهم إيّاه؛ لأنّ

__________________

١) الميزان في تفسير القرآن ٦ : ٣١.

٢) سورة المائدة : ٥ / ٧٨ ـ ٧٩.

٣) مجمع البيان في تفسير القرآن ٢ : ٢٣١.

٤) المحجة البيضاء ٤ : ٩٧.

١٩

اللعنة تختص بترك الواجب.

ويؤيد الوجوب ما روي عن ابن عباس في تفسير رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله للآية، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لتأمرنّ بالمعروف ولتنهنّ عن المنكر ، ولتأخذنَّ على يد السفيه ، ولتأطرنه على الحق اطرا أو ليضربنّ اللّه قلوب بعضكم على بعض ويلعنكم كما لعنهم » (١) .

الآية السابعة : «يَا أيُّها الَّذِينَ آمنُوا قُوا أنفُسَكُم وأهلِيكُم نَارا وقُودُها النَّاسُ والحِجارةُ »(٢) .

وقاية الأهل من النار تتم (بدعائهم إلى الطاعة وتعليمهم الفرائض ، ونهيهم عن القبائح ، وحثّهم على أفعال الخير)(٣) .

والوقاية هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «لمّا نزلت هذه الآية جلس رجل من المسلمين يبكي ، وقال : أنا عجزت عن نفسي ، كُلّفت أهلي ، فقال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك ، وتنهاهم عمّا تنهى عنه نفسك » (٤) .

وفعل الأمر (قوا) يدل على الوجوب ، ويتحقق هذا الفعل ان قام الإنسان بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهما واجبان ؛ لأنهما مقدمة من مقدمات الهداية والانقاذ من النار.

وقد وردت آيات في غير موضع من القرآن الكريم قرنت الأمر

__________________

١) مجمع البيان في تفسير القرآن ٢ : ٢٣١.

٢) سورة التحريم : ٦٦ / ٦.

٣) مجمع البيان في تفسير القرآن ٥ : ٣١٨.

٤) الكافي ٥ : ٦٢.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

١٤ - باب أنه يجوز لمن تزوّج أمته وجعل مهرها عتقها أن يشترط عليها ترك القسم وتفضيل الحرّة برّضاها

[ ٢٦٦٣٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد جميعاً، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل له زوجة وسريّة يبدو له أن يعتق سريّته ويتزوّجها فقال: إن شاء اشترط عليها أن عتقها صداقها فانّ ذلك له حلال، أو يشترط عليها إن شاء قسم لها، وإن شاء لم يقسم وإن شاء فضل الحرّة عليها فان رضيت بذلك فلا بأس.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على لزوم الشرط عموماً(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

١٥ - باب أن من أعتق أمته وتزوجها وجعل عتقها مهرها ثمّ طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف قيمتها فان أبت فله نصفها

[ ٢٦٦٣٤ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن سنان، قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل أعتق مملوكة له وجعل عتقها صداقها، ثمّ طلّقها قبل أن يدخل بها؟ فقال: قد مضى عتقها وتردّ على السيّد نصف قيمة ثمنها تسعى فيه ولا عدّة عليها.

____________________

الباب ١٤

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٥: ٤٧٦ / ٥ وأورد صدره في الحديث ٢ من الباب ١١ من هذه الأبواب.

(١) تقدم في الباب ٦ من أبواب الخيار.

(٢) يأتي في الباب ٤ من أبواب المكاتبة.

الباب ١٥

فيه ٤ أحاديث

١ - التهذيب ٧: ٤٨٢ / ١٩٣٨، والفقيه ٣: ٢٦١ / ١٢٤٢.

١٠١

[ ٢٦٦٣٥ ] ٢ - وعنه، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل أعتق أمة(١) له وجعل عتقها صداقها ثمّ طلقها قبل أن يدخل بها، قال: يستسعيها في نصف قيمتها وإن أبت كان لها يوم وله يوم في الخدمة، قال: وإن كان لها ولد فإن(٢) أدّى عنها نصف قيمتها عتقت.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب(٣) ، وكذا الذي قبله.

وبإسناده عن عليّ بن جعفر، عن يونس بن يعقوب، مثله(٤) .

[ ٢٦٦٣٦ ] ٣ - وبإسناده عن عليّ بن الحسن، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن رجل، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل يعتق جاريته ويقول لها: عتقك مهرك، ثمّ يطلّقها قبل أن يدخل بها، قال: يرجع نصفها مملوكاً ويستسعيها في النصف الآخر.

[ ٢٦٦٣٧ ] ٤ - وبإسناده عن الحسن بن محبوب، عن نعيم بن إبرّاهيم، عن عباد بن كثير قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : رجل أعتق أُمّ ولد له وجعل عتقها صداقها ثمّ طلّقها قبل أن يدخلها(٥) ، قال: قال: يعرض عليها أن تستسعي في نصف قيمتها فان أبت هي فنصفها رق ونصفها حر.

أقول: ويأتي ما يدلّ على الرجوع بنصف المهر مع الطلاق قبل الدخول(٦) .

____________________

٢ - التهذيب ٧: ٤٨٢ / ١٩٣٩.

(١) في المصدر: أم ولد.

(٢) في المصدر: وله مال.

(٣) الفقيه ٣: ٢٦١ / ١٢٤٣.

(٤) التهذيب ٨: ٢٠١ / ٧١١.

٣ - التهذيب ٨: ٢٠٢ / ٧١٢، والاستبصار ٣: ٢١٠ / ٧٦٢.

٤ - التهذيب ٨: ٢٠٢ / والاستبصار ٣: ٢١١ / ٧٦٣.

(٥) كذا في الأصل وفي المصدرين: يدخل بها.

(٦) يأتي في الباب ٥١ من أبواب المهور.

١٠٢

١٦ - باب أن من اشترى أمة فأعتقها وتزوجها استحب له أن يستبرّئها وليس بواجب

[ ٢٦٦٣٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن العلاء(١) عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) في الرجل يشتري الجارية فيعتقها ثمّ يتزوّجها، هل يقع عليها قبل أن يستبرّئ رحمها؟ قال: يستبرّئ رحمها بحيضة، قلت: فإن وقع عليها؟ قال: لا بأس.

[ ٢٦٦٣٩ ] ٢ - وبإسناده عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن محمّد بن عبدالله بن زرارة، عن الحسن بن علي، عن عبدالله بن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في الرجل يشتري الجارية ثمّ يعتقها ويتزوّجها، هل يقع عليها قبل أن يستبرّئ رحمها؟ قال: يستبرّئ رحمها بحيضة، وإن وقع عليها فلا بأس.

[ ٢٦٦٤٠ ] ٣ - وبإسناده عن أبي العبّاس البقباق قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل اشترى جارية فأعتقها ثمّ تزوّجها ولم يستبرئ رحمها؟ قال: كان نوله(٢) أن يفعل وإن لم يفعل فلا بأس.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) .

____________________

الباب ١٦

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٨: ١٧٥ / ٦١٢، والاستبصار ٣: ٣٦١ / ١٢٩٥.

(١) « عن العلاء » ليس في التهذيب.

٢ - التهذيب ٨: ١٧٥ / ٦١٣، والاستبصار ٣: ٣٦١ / ١٢٩٦.

٣ - التهذيب ٨: ١٧٥ / ٦١٤، والاستبصار ٣: ٣٦١ / ١٢٩٧.

(٢) في المصدر: له.

(٣) تقدم في الحديث ٣ من الباب ٣ من هذه الأبواب.

١٠٣

١٧ - باب وجوب استبرّاء الأمة المسبية

[ ٢٦٦٤١ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده، عن الحسن بن محبوب، عن الحسن بن صالح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: نادى منادي رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) في الناس يوم أوطاس(١) : أن استبرّئوا سباياكم بحيضة.

١٨ - باب أن من وطئ أمته ثمّ أراد بيعها وجب عليه استبرّاؤها

[ ٢٦٦٤٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبرّاهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في الرجل يبيع الأمة من رجل، قال: عليه أن يستبرّئ من قبل أن يبيع.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليّ بن إسماعيل، عن ابن أبي عمير، مثله(٢) .

[ ٢٦٦٤٣ ] ٢ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن أبان بن عثمان، عن ربيع بن القاسم قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الجارية التي لم تبلغ المحيض ويخاف عليها الحبل؟ فقال:

____________________

الباب ١٧

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٨: ١٧٦ / ٦١٥.

(١) أوطاس: واد في ديار فيه كانت وقعة حنين المعروفة في السيرة الشريفة، « معجم البلدان ١ / ٢٨١ ».

الباب ١٨

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٤٧٢ / ٤، وأورده في الحديث ٢ من الباب ١٠ من الباب ١١ من أبواب بيع الحيوان، وصدره في الحديث ١ من الباب ٦ من هذه الأبواب.

(٢) التهذيب ٨: ١٧٣ / ٦٠٣، والاستبصار ٣: ٣٥٩ / ١٢٨٩.

٢ - الكافي ٥: ٤٧٣ / ٥، وأورده في الحديث ٣ من الباب ١٠ من أبواب بيع الحيوان، وفي الحديث ٧ من الباب ٣ من هذه الأبواب.

١٠٤

يستبرّئ رحمها الذي يبيعها بخمس وأربعين ليلة، والذي يشتريها بخمسة وأربعين ليلة.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن القاسم، عن أبان، مثله(١) .

[ ٢٦٦٤٤ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن شمّون، عن الأصمّ، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : ثمانية لا تحلّ مناكحتهم - إلى أن قال: - وأمتك وهي على سوم.

[ ٢٦٦٤٥ ] ٤ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن عليّ بن الريّان، عن الحسن بن راشد، عن مسمع بن كردين، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، نحوه، إلّا أنّه قال: وأمتك وهي على سوم من مشتر.

[ ٢٦٦٤٦ ] ٥ - وبإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن أحمد بن الحسن(٢) ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار الساباطي قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : الاستبراء على الذي يبيع الجارية واجب إن كان يطؤها، وعلى الذي يشتريها الاستبرّاء أيضاً، قلت: فيحلّ له أن يأتيها دون الفرج؟ قال: نعم، قبل أن يستبرئها.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك هنا(٣) وفي التجارة(٤) .

____________________

(١) التهذيب ٨: ١٧٠ / ٥٩٣، والاستبصار ٣: ٣٥٨ / ١٢٨٤.

٣ - الكافي ٥: ٤٤٧ / ١، وأورده بتمامه في الحديث ٤ من الباب ٨ من أبواب ما يحرم بالرضاع وقطعة منه في الحديث ٤ من الباب ٢١ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

٤ - التهذيب ٨: ١٩٨ / ٦٩٦، وأورد قطعة في الحديث ٥ من الباب ٨ وتمامه في الحديث ٢ من الباب ١٩ من هذه الأبواب.

٥ - التهذيب ٨: ١٧٧ / ٦٢١، والاستبصار ٣: ٣٦٣ / ١٣٠٣.

(٢) في التهذيب احمد بن محمّد عن الحسن، وفي الاستبصار: أحمد بن علي.

(٣) تقدم في الباب ١٠ من هذه الأبواب.

(٤) تقدم في الباب ١٠ من أبواب بيع الحيوان.

١٠٥

١٩ - باب أن من وطأ أمة بالملك حرمت عليه أمها وبنتها عينا ً نسباً ورضاعاً وأختها جمعاً لا عيناً، وأن كل من حرم وطؤها بالعقد بالنسب والرضاع والمصاهرة يحرم بالملك

[ ٢٦٦٤٧ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن هارون بن مسلم، عن مسعدّة بن زياد، قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : يحرم من الإِماء عشر: لا يجمع بين الأُمّ والبنت، ولا بين الأُختين. ولا أمتك وهي حامل من غيرك حتّى تضع ولا أمتك ولها زوج، ولا أمتك وهي عمّتك من الرضاعة، ولا أمتك وهي خالتك من الرضاعة(١) . ولا أمتك ولك فيها شريك.

ورواه الصدوق بإسناده عن هارون بن مسلم، مثله(٢) .

ورواه في( الخصال) عن محمّد بن الحسن، عن الحميريّ، عن هارون بن مسلم، مثله (٣) .

[ ٢٦٦٤٨ ] ٢ - وعنه، عن عليّ بن الريان، عن الحسن بن راشد، عن مسمع كردين، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : عشر لا يحلّ نكاحهنّ ولا غشيانهنّ أمتك أُمّها أمتك، وأمتك

____________________

الباب ١٩

فيه حديثان

١ - التهذيب ٨: ١٩٨ / ٦٩٥، وأورد قطعة منه في الحديث ٩ من الباب ٨ من أبواب ما يحرم بالرضاع، وصدره في الحديث ٥ من الباب ٢١ وفي الحديث ٨ من الباب ٢٩، وقطعة منه في الحديث ١ من الباب ٥٠ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(١) في الفقيه زيادة: ولا أمتك وهي أختك من الرضاعة، ولا أمتك وهي ابنة أخيك من الرضاعة، ولا أمتك وهي في عدّة. « هامش المخطوط ».

(٢) الفقيه ٣: ٢٨٦ / ١٣٦٠.

(٣) الخصال: ٤٣٨ / ٢٧.

٢ - التهذيب: ١٩٨ / ٦٩٦.

١٠٦

أُختها أمتك، وأمتك وهي عمّتك من الرضاعة، وأمتك وهي خالتك من الرضاعة، وأمتك وهي أُختك من الرضاعة، وأمتك وقد أرضعتك وأمتك وقد وُطِئَت حتّى تستبرئ بحيضة، وأمتك وهي حبلى من غيرك، وأمتك وهي على سوم من مشتر، وأمتك ولها زوج وهي تحته.

ورواه الكلينيّ كما مر نحوه(١) ،

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك عموماً وخصوصاً في النسب(٢) والرضاع(٣) والمصاهرة(٤) .

٢٠ - باب أن الأمة لا يحلّ للمشتري وطؤها ولا ما دونه إلّا بعد الايجاب والقبول والقبض باذن البائع

[ ٢٦٦٤٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن حمران قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن رجل اشترى أمة، هل يصيب منها دون الغشيان ولم يستبرّئها؟ قال: نعم، إذا استوجبها وصارت من ماله، وإن ماتت كانت من ماله.

[ ٢٦٦٥٠ ] ٢ - وعنه،( عن أحمد بن محمّد) (٥) ، عن أحمد بن الحسن، عن

____________________

(١) مرّ في الحديث ٤ من الباب ٨ من أبواب ما يحرم بالرضاع.

(٢) تقدم في أبواب ما يحرم بالنسب.

(٣) تقدم في الحديث ٤ من الباب ٨ من أبواب ما يحرم بالرضاع.

(٤) تقدم ما يدلّ على بعض المقصود في الباب ٢١ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

الباب ٢٠

فيه حديثان

١ - الكافي ٥: ٤٧٤ / ٩.

٢ - الكافي ٥: ٤٧٤ / ١٠.

(٥) في المصدر: عن محمّد بن أحمد.

١٠٧

عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل اشترى جارية بثمن مسمّى ثمّ افترقا، فقال: وجب البيع وليس له أن يطأها وهي عند صاحبها حتي يقبضها ويعلم صاحبها، والثمن إذا لم يكونا اشترطا فهو نقد.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسن، مثله، إلّا أنه قال: أو يعلم(١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

٢١ - باب أن من اشترى أمة حلت له فإذا أعتقها حرمت عليه ، فإذا تزوجها حلت له، فاذا ظاهر منها حرمت عليه، فاذا كفّر عن الظهار حلت له، فاذا طلقها حرمت عليه، فاذا راجعها حلت له، فاذا ارتد حرمت عليه، فاذا تاب حلت له، ويجوز كون ذلك كله في يوم وليلة بل أقل

[ ٢٦٦٥١ ] ١ - محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد في( الإِرشاد) : عن الحسن بن محمّد بن سليمان، عن عليّ بن إبرّاهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريّان بن شبيب، عن أبي جعفر الجواد( عليه‌السلام ) - في حديث - أن المأمون قال له: سل يحيى بن أكثمّ عن مسألة، فقال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : يا يحيى، أسألك؟ فقال: ذلك إليك جعلت فداك، فإن عرفت الجواب وإلّا استفدته منك، فقال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : أخبرّني عن رجل نظر إلى امرأة في أوّل

____________________

(١) التهذيب ٨: ١٩٩ / ٦٩٧.

(٢) تقدم في الحديثين ٣ و ٤ من الباب ١٨ من هذه الأبواب، وتقدّم ما يدلّ عليه بعمومه في الباب ١٠ من أبواب بيع الحيوان وفي الأبواب ٣ - ٨ من هذه الأبواب.

الباب ٢١

فيه حديثان

١ - إرشاد المفيد: ٣٢٢.

١٠٨

النهار وكان نظره إليها حراماً عليه، فلمّا ارتفع النهار حلّت له، فلما زالت الشمس حرمت عليه، فلما كان وقت العصر حلت له، فلمّا غربت الشمس حرمت عليه، فلما دخل وقت العشاء حلّت له، فلمّا كان انتصاف الليل حرمت عليه، فلما طلع الفجر حلت له، ما حال هذه المرأة؟ وبماذا حلّت له وحرمت عليه؟ فقال يحيى: لا والله لا أهتدي إلى جواب هذا السؤال، فان رأيت أن تفيدناه، فقال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : هذه أمة لرجل من الناس نظر إليها أجنبي في أوّل النهار وكان نظره إليها حراماً عليه، فلمّا ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلّت له، فلما كان عند الظهر اعتقها فحرمت عليه، فلمّا كان وقت العصر تزوجها فحلت له، فلما كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه، فلمّا كان وقت العشاء الآخرة كفر عن الظهار فحلت له، فلمّا كان نصف الليل طلّقها واحدة فحرمت عليه، فلما كان عند الفجر راجعها فحلّت له.

ورواه الطبرّسي في( الاحتجاج) عن الريّان بن شبيب (١) ،

ونقله عليّ بن عيسى في( كشف الغمّة) عن ارشاد المفيد (٢) .

ورواه محمّد بن أحمد بن عليّ بن الفتّال في( روضة الوعظين) عن الريّان بن شبيب، مثله (٣) .

[ ٢٦٦٥٢ ] ٢ - الحسن بن عليّ بن شعبة في( تحف العقول) قال: قال أبو جعفر محمّد بن عليّ ( عليهما‌السلام ) ليحيى بن أكثم: يا أبا محمّد، ما تقول في رجل حرمت عليه امرأة بالغداة وحلّت له ارتفاع النهار، وحرمت عليه نصف النهار ثمّ حلت له الظهر، ثمّ حرمت عليه العصر، ثمّ حلّت له المغرب، ثمّ حرمت عليه نصف الليل ثمّ حلّت له مع الفجر، ثمّ حرمت عليه ارتفاع النهار، ثمّ

____________________

(١) الاحتجاج: ٤٤٥.

(٢) كشف الغمة ٢: ٣٥٧.

(٣) روضة الواعظين: ٢٤٠.

٢ - تحف العقول: ٤٥٤.

١٠٩