إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق13%

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق مؤلف:
تصنيف: مكتبة الأسرة والمجتمع
الصفحات: 434

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق
  • البداية
  • السابق
  • 434 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225115 / تحميل: 7234
الحجم الحجم الحجم
إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

وورد عن إسحاق أن بعض المتكلمين قال له: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء. فقال: آمنت برب يفعل ما يشاء....

- وقال في سيره ج ١٤ ص ٣٩٦

أخبرنا إسماعيل بن إسماعيل في كتابه، أخبرنا أحمد بن تميم اللبلي ببعلبك، أخبرنا أبو روح بهراة، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا عبدالواحد بن أحمد المليجي، أخبرنا أحمد بن محمد الخفاف، حدثنا أبو العباس السراج إملاء قال: من لم يقر بأن الله تعالى يعجب ويضحك وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول من يسألني فأعطيه، فهو زنديق كافر، يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين....

وصار ابن عقيل شيخ الحنابلة

- سير أعلام النبلاء ج ١٩ ص ٤٤٣

ابن عقيل. الإمام العلامة البحر شيخ الحنابلة، أبوالوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل بن عبد الله البغدادي الظفري الحنبلي المتكلم، صاحب التصانيف، كان يسكن الظفرية، ومسجده بها مشهور.

ولد سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة وسمع أبا بكر بن بشران، وأبا الفتح بن شيطا، وأبا محمد الجوهري، والحسن بن غالب المقريء، والقاضي أبا يعلى بن الفراء، وتفقه عليه، وتلا بالعشر على أبي الفتح بن شيطا، وأخذ العربية عن أبي القاسم بن برهان، وأخذ علم العقليات عن شيخي الإعتزال أبي علي بن الوليد، وأبي القاسم بن التبان صاحبي أبوالحسين البصري، فانحرف عن السنة.

وكان يتوقد ذكاء، وكان بحر معارف وكنز فضائل، لم يكن له في زمانه نظير على بدعته، وعلق كتاب الفنون، وهو أزيد من أربع مئة مجلد، حشد فيه كل ما كان

٢٦١

يجري له مع الفضلاء والتلامذة، وما يسنح له من الدقائق والغوامض، وما يسمعه من العجائب والحوادث....

قال المبارك بن كامل: صلى على شيخنا بجامع القصر فأمهم ابن شافع، وكان الجمع ما لا يحصى، وحمل إلى جامع المنصور فصلي عليه، وجرت فتنة وتجارحوا، ونال الشيخ تقطيع كفن، ودفن قريباً من الإمام أحمد....

وفي تاريخ ابن الأثير قال: كان قد اشتغل بمذهب المعتزلة في حداثته على ابن الوليد، فأراد الحنابلة قتله فاستجار بباب المراتب عدة سنين، ثم أظهر التوبة.

وقال ابن عقيل في الفنون: الأصلح لإعتقاد العوام ظواهر الآي لأنهم يأنسون بالإثبات، فمتى محونا ذلك من قلوبهم زالت الحشمة. قال: فتهافتهم في التشبيه أحب إلينا من إغراقهم في التنزيه، لأن التشبيه يغمسهم في الإثبات فيخافون ويرجون، والتنزيه يرمي بهم إلى النفي فلا طمع ولا مخافة في النفي. ومن تدبر الشريعة رآها غامسة للمكلفين في التشبيه بالألفاظ الظاهرة التي لا يعطي ظاهرها سواه، كقول الأعرابي: أو يضحك ربنا قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم. فلم يكفهر لقوله، وتركه وما وقع له....

من عقائد الدولة: إطاعة الحاكم الجائر والتجسيم والرؤية

- سير أعلام النبلاء ج ١٢ ص ٦٧

وعن يحيى بن عون: قال: دخلت مع سحنون على ابن القصار وهو مريض فقال: ما هذا القلق؟ قال له: الموت والقدوم على الله. قال له سحنون: ألست مصدقاً بالرسل والبعث والحساب، والجنة والنار، وأن أفضل هذه الأمة أبو بكر، ثم عمر، والقرآن كلام الله غير مخلوق، وأن الله يرى يوم القيامة، وأنه على العرش استوى، ولا تخرج على الأئمة بالسيف وإن جاروا؟ قال: إي والله، فقال: مت إذا شئت، مت إذا شئت!!

٢٦٢

- تاريخ الإسلام للذهبي ج ٢٩ ص ٧٣

محمود السلطان كان صادق النية في إعلاء كلمة الله.. وقبره بغزنة يدعى عنده.. دخل ابن فورك على السلطان محمود فقال: لا يجوز أن يوصف الله بالفوقيه لأنه يلزمك أن تصفه بالتحتيه.. فقال السلطان: هو وصف نفسه!

هجمة الحنابلة على الطبري

- قال الحموي في معجم الأدباء ج ٩ جزء ١٨ ص ٥٧ في ترجمة الطبري:

فلما قدم إلى بغداد من طبرستان بعد رجوعه إليها تعصب عليه أبو عبد الله الجصاص وجعفر بن عرفة والبياضي. وقصده الحنابلة فسألوه عن أحمد بن حنبل في الجامع يوم الجمعة، وعن حديث الجلوس على العرش، فقال أبو جعفر: أما أحمد بن حنبل فلا يعد خلافه. فقالوا له: فقد ذكره العلماء في الإختلاف، فقال: ما رأيته روي عنه ولا رأيت له أصحاباً يعول عليهم. وأما حديث الجلوس على العرش فمحال ثم أنشد:

سبحان من ليس له أنيس

ولا له في عرشه جليس

فلما سمع ذلك الحنابلة منه وأصحاب الحديث وثبوا ورموه بمحابرهم وقيل كانت ألوفاً، فقام أبو جعفر بنفسه ودخل داره فرموا داره بالحجارة حتى صار على بابه كالتل العظيم! وركب نازوك صاحب الشرطة في ألوف من الجند يمنع عنه العامة ، ووقف على بابه يوماً إلى الليل وأمر برفع الحجارة عنه. وكان قد كتب على بابه: سبحان من ليس له أنيس ولا له في عرشه جليس، فأمر نازوك بمحو ذلك، وكتب مكانه بعض أصحاب الحديث:

لأحمد منزل لا شك عالٍ

إذا وافى إلى الرحمن وافد

فيدنيه ويقعده كريماً

على رغم لهم في أنف حاسد

على عرشٍ يغلفه بطيبٍ

على الأكباد من باغ وعاند

له هذا المقام الفرد حقّاً

كذاك رواه ليثٌ عن مجاهد

٢٦٣

فخلا في داره وعمل كتابه المشهور في الإعتذار إليهم، وذكر مذهبه واعتقاده وجرح من ظن فيه غير ذلك، وقرأ الكتاب عليهم وفضل أحمد بن حنبل، وذكر مذهبه وتصويب اعتقاده ولم يزل في ذكره إلى أن مات، ولم يخرج كتابه في الإختلاف حتى مات فوجدوه مدفوناً في التراب، فأخرجوه ونسخوه أعني اختلاف الفقهاء، هكذا سمعت من جماعة منهم أبيرحمه‌الله !

- وقال ابن قيم الجوزية في بدائع الفوائد ج ٤ ص ٣٩

قال القاضي: صنف المروزي كتاباً في فضيلة النبي صلى الله عليه وسلم وذكر فيه إقعاده على العرش، وهو قول أبي داود وأحمد بن أصرم.... وعبد الله بن الإمام أحمد.... إلخ. ثم قال ابن قيم: قلت وهو قول ابن جرير الطبري، وإمام هؤلاء كلهم مجاهد إمام التفسير. انتهى.

ولم يذكر ابن القيم عمن أخذه مجاهد، ولم يذكر تهديد الحنابلة للطبري وإجبارهم إياه على القول بذلك حتى صار ليناً هينا مع التجسيم وأهله.

ولكن جولد تسيهر اليهودي قال في مذاهب التفسير الاسلامي ص ١١٨:

وهو (الطبري) يعارض أشد صرامة وعنفاً فهم التجسيد في عبارات التشبيه المضافة الى الله والذهاب إلى أن مثل هذه العبارات دالة على صفات الله الحقيقية.. فقد اختلف أهل الجدل.. في تأويل قوله (بل يداه مبسوطتان) فقال بعضهم.. عنى باليد النعمة أو القدرة أو الملك. وقال آخرون: بل يد الله صفة من صفاته، هي يد غير أنها ليست بجارحة.. والطبري يجزم بالرأي الثاني..

هجمة الحنابلة على ابن حبّان

- المجروحين لابن حبان ج ١ مقدمة

قال أبو إسماعيل عبد الله بن محمد.... قال سألت يحيى بن عمار عن ابن حبان، قلت رأيته؟ قال: وكيف لم أره ونحن أخرجناه من سجستان، لأنه أنكر الحد لله!

٢٦٤

وقال السبكي تعليقاً على ذلك: من أحق بالإخراج من يجعل ربه محدوداً، أو من ينزهه عن الجسمية....

- وقال ابن حجر في لسان الميزان ج ٥ ص ١١٣

وقد بدت من ابن حبان هفوة فطعنوا فيه بها. قال أبو إسمعيل الأنصاري شيخ الإسلام: سألت يحيى بن عمار عن أبي حاتم بن حبان فقال: رأيته ونحن أخرجناه من سجستان، كان له علم كثير ولم يكن له كبير دين، قدم علينا فأنكر الحد لله فأخرجناه.

قلت: إنكاره الحد وإثباتكم للحد نوع من فضول الكلام، والسكوت من الطرفين أولى إذ لم يأت نص بنفي ذلك ولا إثباته، والله تعالى ليس كمثله شيء، فمن أثبته قال له خصمه جعلت لله حداً برأيك ولا نص معك بالحد، والمحدود مخلوق تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. وقال هو للنافي ساويت ربك بالشيء المعدوم، إذ المعدوم لا حد له. فمن نزه الله وسكت سلم وتابع السلف.

- وقال الذهبي في سيره ج ١٦ ص ٩٤

وقال أبو بكر الخطيب: كان ابن حبان ثقة نبيلاً فهماً. وقال أبو عمرو بن الصلاح في طبقات الشافعية: غلط ابن حبان الغلط الفاحش في تصرفاته. قال ابن حبان في أثناء كتاب الأنواع: لعلنا قد كتبنا عن أكثر من ألفي شيخ.

قلت: كذا فلتكن الهمم، هذا مع ما كان عليه من الفقه والعربية والفضائل الباهرة وكثرة التصانيف....

وقال أبو إسماعيل الأنصاري: سمعت يحيى بن عمار الواعظ، وقد سألته عن ابن حبان، فقال: نحن أخرجناه من سجستان، كان له علم كثير، ولم يكن له كبير دين، قدم علينا، فأنكر الحد لله، فأخرجناه!

قلت: إنكاركم عليه بدعة أيضاً، والخوض في ذلك مما لم يأذن به الله، ولا أتى

٢٦٥

نص بإثبات ذلك ولا بنفيه. ومن حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه. وتعالى الله أن يحد أو يوصف إلا بما وصف به نفسه، أو علمه رسله بالمعنى الذي أراد بلا مثل ولا كيف: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. انتهى.

وهكذا مدح الذهبي ابن حبان وأظهر إعجابه بعلو همته، ولكنه خطَّأه في إنكاره الحد لله تعالى وحكم بأنه صاحب بدعة، فهو يستحق الطرد من سجستان، بل قد يستحق الإعدام إن لم يتب!

ومن عجب الزمان أن يكون الجو الحاكم في بعض مناطق المسلمين في أواخر القرن الثالث أن الذي يقول إن الله تعالى غير محدود بمكان ولا زمان، يعتبر مبدعاً في الإسلام، وكأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قد بلغ الأمة بأن ربكم محدود بالمكان والزمان، ومن أنكر ذلك فقد أبدع!

ولا تغتر بتخطئة الذهبي للذين طردوا ابن حبان من سجستان، فإنه لم يخطئهم لطرده على بدعته، بل خطَّأهم لمجادلته حتى أظهر بدعته، ولأنه كان الواجب عليهم أن يسكتوا عن لوازم التجسيم في نزول الله تعالى وجلوسه على العرش، كما هو مذهبه!!

من تكفيرات المجسّمين لمن خالفهم

- سير أعلام النبلاء ج ١١ ص ٧٠

قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبا معمر الهذلي يقول: من زعم أن الله لا يتكلم ولا يسمع ولا يبصر ولا يرضى ولا يغضب، فهو كافر، إن رأيتموه واقفاً على بئر فألقوه فيها، بهذا أدين الله عز وجل!

- سير أعلام النبلاء ج ١١ ص ٣٠٢

حدثنا أحمد بن جعفر الإصطخري قال: قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل: هذا مذهب أهل العلم والأثر، فمن خالف شيئاً من ذلك أو عاب قائلها، فهو مبتدع.

٢٦٦

وكان قولهم: إن الإيمان قول وعمل ونية وتمسك بالسنة، والإيمان يزيد وينقص، ومن زعم أن الإيمان قول والأعمال شرائع فهو جهمي، ومن لم ير الإستثناء في الإيمان فهو مرجيء، والزنى والسرقة وقتل النفس والشرك كلها بقضاء وقدر من غير أن يكون لأحد على الله حجة. إلى أن قال: والجنة والنار خلقتنا ثم خلق الخلق لهما لا تفنيان، ولا يفنى ما فيهما أبداً. إلى أن قال: والله تعالى على العرش، والكرسي موضع قدميه. إلى أن قال: وللعرش حملة. ومن زعم أن ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة والقرآن كلام الله، فهو جهمي. ومن لم يكفره فهو مثله. وكلم الله موسى تكليماً من فيه! إلى أن ذكر أشياء من هذا الأنموذج المنكر، والأشياء التي والله ما قالها الإمام. فقاتل الله واضعها. ومن أسمج مافيها قوله: ومن زعم أنه لا يرى التقليد ولا يقلد دينه أحداً فهذا قول فاسق عدو لله. فانظر إلى جهل المحدثين كيف يروون هذه الخرافة ويسكتون عنها. انتهى.

ومع أن الذهبي وصف الأنموذج بأنه منكر وخرافة، فهو يتبنى أكثر عقائده!

- التحفة اللطيفة للسخاوي ج ٢ ص ٢٨٥

علي بن عبد الله.. قال قبل أن يموت بشهرين.. من زعم أن الله لا يرى فهو كافر، ومن زعم أن الله لم يكلم موسى على الحقيقة فهو كافر. انتهى.

وقصدهم أن الله تعالى كلم موسى من فمه، ولم يخلق الصوت في شيء مخلوق، وقد نصت على ذلك أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام وقال به أكثر المسلمين.

- تاريخ الإسلام للذهبي ج ١٧ ص ٣٨٦

هارون بن معروف.... وقال هارون الجبال: سمعت هارون بن معروف يقول: من زعم أن القرآن مخلوق فكأنما عبد اللات والعزى! وروى عبد الله بن أحمد بن حنبل عن هارون بن معروف قال: من زعم أن الله لا يتكلم فهو يعبد الأصنام! انتهى. وقصده أن الله تعالى يتكلم من فمه! وأن الذي يعتقد بأن الله لافم له فقد جعله صنماً! والذي يقول له فم، فقد نزهه عن الصنمية!!

٢٦٧

- سير أعلام النبلاء ج ١٧ ص ٢٥٥

قال الإمام تقي الدين ابن الصلاح في فتاوىه: وجدت عن الإمام أبي الحسن الواحدي المفسررحمه‌الله أنه قال: صنف أبو عبد الرحمن السلمي حقائق التفسير، فإن كان اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر. قلت: واغوثاه! واغربتاه!.

- سير أعلام النبلاء ج ٨ ص ٤٠٣

حدثنا أحمد بن يونس، سمعت ابن المبارك قرأ شيئاً من القرآن، ثم قال: من زعم أن هذا مخلوق، فقد كفر بالله العظيم.

- سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ١٨

الحاكم: سمعت أبا سعيد بن أبي عثمان، سمعت الحسن ابن صاحب الشاشي، سمعت الربيع، سمعت الشافعي وسئل عن القرآن فقال: أف أف، القرآن كلام الله، من قال: مخلوق، فقد كفر. هذا إسناد صحيح.

- سير أعلام النبلاء ج ١١ ص ٥٨

ابن مخلد العطار: حدثنا محمد بن عثمان، سمعت علي بن المديني، يقول قبل أن يموت بشهرين: القرآن كلام الله غير مخلوق. ومن قال مخلوق، فهو كافر. وقال عثمان بن سعيد الدارمي، سمعت علي بن المديني يقول: هو كفر، يعني من قال: القرآن مخلوق.

ملحد (سنّي) يحبّه المجسّمة لأنّه يلعن من خالفهم

- مروج الذهب للمسعودي ج ٣ ص ٤٣،٤٤

كان رجل في أيام هارون الرشيد ببغداد، وإنه كان دهرياً من أهل السنة والجماعة! ويلعن أهل البدع.... ويعرف بالسني، تنقاد له العامة فكان يجتمع إليه خلق من الناس، وإذا اجتمعوا وثب قائماً على قدمه فقال: يا معشر المسلمين قلتم لا ضار ولا نافع إلا الله، فلأي شيء مصيركم إليَّ تسألوني عن مضاركم ومنافعكم؟ إلجؤوا الى ربكم وتوكلوا على بارئكم..

٢٦٨

من الفتن التي حدثت بسبب التجسيم

في القرن الثاني انتقل ثقل التشبيه والتجسيم من الشام إلى بغداد، وأرخ المؤرخون لفتن متعددة حدثت في بغداد ذكرنا بعضها في الفصل الخامس، ونشير منها هنا إلى الفتنة التي ذكرها الذهبي في تاريخ الإسلام ج ٢٣ ص ٣٨٤ بسبب تفسير آية: عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً، قالت الحنابلة معناه أن يقعده على عرشه كما فسره مجاهد. وقال غيرهم: بل هي الشفاعة العظمى. وقد تقدم أن ابن خلدون يرى أن الفتن بين الحنابلة ومخالفيهم كانت أحد الأسباب في خراب بغداد.

- سير أعلام النبلاء ج ١٨ ص ٨٩

القاضي أبو يعلى الإمام العلامة، شيخ الحنابلة، القاضي أبويعلى، محمد بن الحسين ابن محمد بن خلف بن أحمد البغدادي، الحنبلي، ابن الفراء، صاحب التعليقة الكبرى، والتصانيف المفيدة في المذهب. ولد في أول سنة ثمانين وثلاث مئة.... أفتى ودرس، وتخرج من الأصحاب، وانتهت إليه الإمامة في الفقه، وكان عالم العراق في زمانه، مع معرفة بعلوم القرآن وتفسيره، والنظر والأصول، وكان أبوه من أعيان الحنفية، ومن شهود الحضرة، فمات ولأبي يعلى عشرة أعوام، فلقنه مقرئه العبادات من مختصر الخرقي، فلذ له الفقه، وتحول إلى حلقة أبي عبد الله بن حامد، شيخ الحنابلة، فصحبه أعواماً، وبرع في الفقه عنده، وتصدر بأمره للإفادة سنة اثنتين وأربع مئة، وأول سماعه من علي بن معروف في سنة ٣٨٥.

وقد سمع بمكة ودمشق من عبد الرحمن بن أبي نصر، وبحلب، وجمع كتاب إبطال تأويل الصفات، فقاموا عليه لما فيه من الواهي والموضوع، فخرج إلى العلماء من القادر بالله المعتقد الذي جمعه، وحمل إلى القادر كتاب إبطال التأويل، فأعجبه، وجرت أمور وفتن نسأل الله العافية ثم أصلح بين الفريقين الوزير علي بن المسلمة، وقال في الملا: القرآن كلام الله، وأخبار الصفات تمر كما جاءت. ثم ولي أبو يعلى القضاء بدار الخلافة والحريم، مع قضاء حران حلوان..

٢٦٩

وواجه بعض الخلفاء تطرّف المجسّمين

- نشوار المحاضرة للتنوخي ج ٣ ص ١٤٤

وكانت العامة قد هاجت في أيام وزارته وعظمت الفتنة وكثر كلام القصاص في المساجد ورؤساء الصوفية.... فاتفق أن بديء برجل من رؤساء الصوفية يعرف بإسحاق بن ثابت أحد الربانيين عند أصحابه، فقال له: بلغني أنك تقول في دعائك: يا واحدي بالتحقيق يا جاري اللصيق، فمن لا يعلم بأن الله لا يجوز أن يوصف أنه لصيق على الحقيقة فهو كافر، لأن الملاصقة من صفات الأجسام. إنكم تهذون وتوهمون الناس على أنكم ربانيين.... وكتب إليه أن لا يتكلم على الناس.

- تاريخ الإسلام للذهبي ج ٣٢ ص ١٧١،١٧٢

أبو بكر الواعظ البكري.... قدم إلى بغداد وجلس للوعظ وذكر ما يلطخ به الحنابلة من التجسيم.... وضربه جماعة من الهاشميين (يقصد العبّاسيين) بالحصى وهم من أصحاب أحمد، فأخذهم النقيب وعاقبهم.

وقتل خلفاء شرعيّون إماماً مجسّماً طمع بالحكم

- تهذيب الكمال ج ١ ص ٥٠٧

... حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: وقُتِل أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي سنة إحدى وثلاثين ومئتين. قال الحافظ أبو بكر: وكان قتله في خلافة الواثق لامتناعه عن القول بخلق القرآن. وبه حدثني القاضي أبوعبد الله الصيمري، حدثنا محمد ابن عمران المرزباني، أخبرني محمد بن يحيى الصولي قال: كان أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي من أهل الحديث، وكان جده من رؤساء نقباء بني العباس، وكان أحمد وسهل بن سلامة، حين كان المأمون بخراسان، بايعا الناس على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى أن دخل المأمون بغداد، فرفق بسهل حتى لبس السواد، وأخذ الأرزاق ولزم أحمد بيته، ثم إن أمره تحرك ببغداد

٢٧٠

في آخر أيام الواثق، واجتمع إليه خلق من الناس، يأمرون بالمعروف، إلى أن ملكوا بغداد، وتعدى رجلان من أصحابه يقال لأحدهما: طالب في الجانب الغربي، ويقال للآخر أبو هارون في الجانب الشرقي، وكانا موسرين فبذلا مالاً، وعزما على الوثوب ببغداد في شعبان سنة إحدى وثلاثين ومئتين، فنم عليهم قوم إلى إسحاق بن إبراهيم فأخذ جماعة فيهم أحمد بن نصر، وأخذ صاحبيه طالباً وأبا هارون فقيدهما، ووجد في منزل أحدهما أعلاماً، وضرب خادماً لأحمد بن نصر فأقر أن هؤلاء كانوا يصيرون إليه ليلاً فيعرفونه ما عملوا، فحملهم إسحاق مقيدين إلى سر من رأى، فجلس لهم الواثق وقال لأحمد بن نصر: دع ما أخذت له، ما تقول في القرآن قال: كلام الله. قال: أفمخلوق هو قال: كلام الله. قال: أفترى ربك في القيامة قال: كذا جاءت الرواية، قال: ويحك، يرى كما يرى المحدود المتجسم ويحويه مكان ويحصره الناظر، أنا أكفر برب هذه صفته، ما تقولون فيه؟ فقال عبدالرحمان بن إسحاق، وكان قاضياً على الجانب الغربي ببغداد فعزل: هو حلال الدم، وقال جماعة من الفقهاء كما قال، فأظهر ابن أبي دؤاد أنه كاره لقتله، فقال للواثق: يا أميرالمؤمنين شيخ مختل لعل به عاهة أو تغير عقله يؤخر أمره ويستتاب. فقال الواثق: ما أراه إلا مؤدياً لكفره قائماً بما يعتقده منه. ودعا الواثق بالصمصامة وقال: إذا قمت إليه فلا يقومن أحد معي، فإني أحتسب خطاي إلى هذا الكافر الذي يعبد رباً لا نعبده ولا نعرفه بالصفة التي وصفه بها، ثم أمر بالنطع فأجلس عليه وهو مقيد وأمر بشد رأسه بحبل، وأمرهم أن يمدوه، ومشى إليه حتى ضرب عنقه، وأمر بحمل رأسه إلى بغداد فنصب بالجانب الشرقي أياماً، وفي الجانب الغربي أياماً، وتتبع رؤساء أصحابه فوضعوا في الحبوس!. انتهى. ورواه الذهبي أيضاً في ج ١٧ ص ٥٦

- سير أعلام النبلاء ج ١١ ص ١٦٥

قال الحسن بن محمد الحربي: سمعت جعفر بن محمد الصائغ، يقول: رأيت أحمد بن نصر حين قتل قال رأسه: لا إله إلا الله. قال المروذي: سمعت أحمد ذكر

٢٧١

أحمد بن نصر فقالرحمه‌الله : لقد جاد بنفسه. وعلق في أذن أحمد بن نصر ورقة فيها: هذا رأس أحمد بن نصر، دعاه الإمام هارون إلى القول بخلق القرآن ونفي التشبيه، فأبى إلا المعاندة فعجله الله إلى ناره. وكتب محمد بن عبد الملك.

- تاريخ الإسلام للذهبي ج ١٧ ص ٥٨

قال: رأى بعض أصحابنا أحمد بن نصر في النوم فقال: ما فعل ربك؟ قال: ما كانت إلا غفوه حتى لقيت الله فضحك لي.... وقال غضبت له فأباحني النظر إلى وجهه!

وكان التجسيم منتشراً في عصر ابن الجوزي والسبكي

- كشف الظنون ج ١ ص ٢١٨

للشيخ أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الحنبلي المتوفى سنة ٥٩٧ سبع وتسعين وخمسمائة، مختصر صنف في تأييد مذهبه والرد على الحنابلة المجسمة. انتهى.

وله ايضاً كتاب دفع شبهة التشبيه بأكف التنزيه، حققه في عصرنا ونشره الباحث السيد حسن السقاف، وتجد في ترجمة ابن الجوزي وكتبه قصة محنته مع الحناابلة المجسمين في عصره!

- كشف الظنون ج ١ ص ٨٧٩

رسالة الغفران من المكث بحران، مختصر لبعض العلماء، أولها الحمد لله على كل حال الخ. ألفها سنة ٦٢٧ سبع وعشرين وستمائة رد فيها على حنبلي مجسم منكر، على قواعد علم الكلام.

- وقد ذكر السبكي في طبقات الشافعية وغيره نماذج عديدة للمجسّمة العلنيين والسرّيين، قال في ج ٢ ص ١٩: وقد وصل حال بعض المجسمه في زماننا إلى أن كتب شرح صحيح مسلم للشيخ محي الدين النووي وحذف من كلام النووي ما تكلم به على أحاديث الصفات، فإن النووي أشعري العقيدة، فلم تحمل قوى هذا الكاتب أن

٢٧٢

يكتب الكتاب على الوضع الذي صنفه مصنفه! انتهى.

ووصل الحال في عصرنا إلى أن بعض الوهابيين ينشرون كتب النووي وغيره ويحذفون منها كل مايخالف مذهبهم حتى أنهم حذفوا فضل زيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من أحد كتبه. وهذا غيض من فيض فإن دور نشرهم في عدة بلدان تعمل مناشيرها وسكاكينها في كتب الثراث الاسلامي، ومستأجريهم ينفذون تعليماتهم بحذف كل ما لا يليق لهم!

هذا مضافاً الى نشرهم كتب المشبهة والمجسمة وتكبير شخصياتهم وإشاعة تعظيمهم وتقدسيهم، وتكفير مخالفيهم من سلف الأمة ومعاصريها!

وانتقل التجسيم من بغداد إلى مصر

- سير أعلام النبلاء ج ١٥ ص ٤٢٩

أبو إسحاق المروزي الإمام الكبير، شيخ الشافعية وفقيه بغداد، أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي، صاحب أبي العباس بن سريج وأكبر تلامذته، اشتغل ببغداد دهراً وصنف التصانيف وتخرج به أئمة كأبي زيد المروزي، والقاضي أبي حامد أحمد بن بشر المروروذي مفتي البصرة، وعدة.

شرح المذهب ولخصه، وانتهت إليه رئاسة المذهب. ثم إنه في أواخر عمره تحول إلى مصر فتوفي بها في رجب في تاسعه، وقيل في حادي عشرة سنة أربعين وثلاث مئة، ودفن عند ضريح الإمام الشافعي ولعله قارب سبعين سنة..... صنف المروزي كتاباً في السنة، وقرأه بجامع مصر، وحضره آلاف فجرت فتنة، فطلبه كافور فاختفى، ثم أدخل إلى كافور، فقال: أما أرسلت إليك أن لا تشهر هذا الكتاب فلا تظهره. وكان فيه ذكر الإستواء، فأنكرته المعتزلة. انتهى. يقصد أنه كان في الكتاب ذكر القعود الحسي لله تعالى على عرشه، فأنكره علماء مصر. ولكن الحاكم كافوراً الإخشيدي كان يميل إلى التجسيم فطلب منه أن لا ينشر كتابه فقط!

٢٧٣

الإمام العبدري المغربي المجسّم

- تذكرة الحفّاظ ج ٤ ص ٧٢

العبدري: الإمام الحافظ العلاّمة أبو عامر محمد بن سعدون بن مرجي القرشي العبدري الميورقي الأندلسي نزيل بغداد، وكان من أعيان الحفاظ ومن فقهاء الظاهرية، سمع أبا عبد الله مالك بن أحمد البانياسي ورزق الله التميمي وأبا الفضل ابن خيرون وطراد بن محمد الزينبي ويحيى بن أحمد السيبي وأبا عبد الله الحميدي وطبقتهم، قال القاضي أبو بكر بن العربي في معجمه: أبوعامر العبدري هو أنبل من لقيته. وقال ابن ناصر: كان فهماً عالماً متعففاً وكان يذهب إلى أن المناولة كالسماع. وقال السلفي في معجمه: كان من أعيان علماء الإسلام بمدينة السلام، متصرفاً في فنون من العلوم أدباً ونحواً ومعرفة بالأنساب، وكان داودي المذهب قرشي النسب، كتب عني وكتبت عنه، مولده بقرطبة. وقال أحمد بن أبي بكر البندنيجي: لما دفنوا أبا عامر العبدري قال ابن ناصر: خلا لك الجو فبيضي واصفري. مات أبوعامر حافظ حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من شاء فليقل ما شاء.

قال الحافظ ابن عساكر: كان أبو عامر داودياً وكان أحفظ شيخ لقيته.... ذكر أنه دخل دمشق، سمعته يقول جرى ذكر الإمام مالك فقال: جلف جاف ضرب هشام بالدرة.... بلغني أنه قال في: يوم يكشف عن ساق، وضرب على ساقه فقال: ساق كساقي هذه. قلت: هذه حكاية منقطعة، وهذا قول الضلال المجسمة، وما أعتقد أن بلغ بالعبدري هذا. ثم قال: وبلغني أنه قال إن أهل البدع يحتجون بقوله تعالى: ليس كمثله شيء، أي في الإلهية أما في الصورة فهو مثلي ومثلك.... قال ثم تلا قوله تعالى: يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن، أي في الحرمة!!

- وترجم له ترجمة مفصلة في تاريخ الإسلام ج ٣٦ ص ١٠٣

٢٧٤

التجسيم ينتشر في المغرب فيقاومه المهدي بن تومرت

- تاريخ ابن خلدون ج ٧ ص ٢٢٥

الخبر عن مبدأ أمر المهدي ودعوته وما كان للموحدين القائمين بها على يدى بني عبد المؤمن من السلطان والدولة بالعدوتين وإفريقية.... وكانت وفاة المهدي لأربعة أشهر بعدها، وكان يسمى أصحابه بالموحدين، تعريضاً بلمتونة في أخذهم بالعدول عن التأويل وميلهم إلى التجسيم. وكان حصوراً لا يأتي النساء، وكان يلبس العباءة المرقعة، وله قدم في التقشف والعبادة، ولم تحفظ عنه فلتة في البدعة، إلا ما كان من وفاقه الإمامية من الشيعة في القول بالإمام المعصوم، والله تعالى أعلم. انتهى. يستكثر علينا إخواننا السنة أن نقول بعصمة أهل البيت وهم الأئمة الإثني عشر والصديقة الزهراءعليهم‌السلام اللذين نص عليهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ونص الله تعالى على طهارتهم، وأوجب محبتهم وجعل بغضهم نفاقاً، وجعل الصلاة عليهم فى صلاة المسلمين اليومية.. ثم نراهم يقولون بعصمة الخليفة عمر وأبي بكر وعثمان، بل وعصمة كل الصحابة وعدالتهم. فهل يريدون بذلك استثناء أهل البيت فقط من عشرة آلاف صحابي. واذا أجابوا بأنا لانقول بعصمة الصحابة طالبناهم بأن يذكروا أخطاء الذين يقدسونهم منهم.

- تاريخ ابن خلدون ج ٧ ص ٢٦٦

هذا العهد لما دعا المهدي إلى أمره في قومه من المصامدة بجبال درن، وكان أصل دعوته نفي التجسيم الذى آل إليه مذهب أهل المغرب باعتمادهم ترك التأويل في المتشابه من الشريعة، وصرح بتكفير من أبى ذلك، أخذاً بمذهب التكفير بالمآل، فسمى لذلك دعوته بدعوة التوحيد وأتباعه بالموحدين، نعياً على الملثمين فإن مذاهبهم إلى اعتقاد الجسمية.

٢٧٥

- وقال الدكتور حسن إبراهيم في تاريخ الإسلام ج ٤ ص ٣٦٨

صرف ابن تومرت الناس عن اتباع مذهب السلف الذي قد يجر معتنقيه إلى التشبيه والتجسيم. وابن تومرت في هذا الميدان العلمي يعتبر من الشخصيات العلمية البارزة في التاريخ الإسلامي.

وكثر الحشوية والْمُخَلِّطُونَ في العالم الإسلامي

قال العلامة الأرموي في منهاج الكرامة ص ٦: وقالت جماعة الحشوية والمشبهة: إن الله تعالى جسم له طول وعرض وعمق، وإنه يجوز عليه المصافحة، وإن الصالحين من المسلمين يعانقونه في الدنيا، وحكى الكعبي عن بعضهم أنه كان يجوز رؤيته في الدنيا وأنه يزورهم ويزورونه، وحكى عن داود الظاهري أنه قال: أعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عما وراء ذلك، وقال: إن معبودهم له جسم ولحم ودم وله جوارح وأعضاء كيد ورجل ولسان وعينين وأذنين، وحكى أنه قال: هو أجوف من أعلاه إلى صدره مصمت ما سوى ذلك، وله شعر قطط. حتى قالوا: اشتكت عيناه فعادته الملائكة، وبكى على طوفان نوح حتى رمدت عيناه، وأنه يفضل من العرش من كل جانب أربع أصابع. وذهب بعضهم إلى أنه تعالى ينزل في كل ليلة جمعة على شكل أمرد حسن الوجه راكباً على حمار، حتى أن بعضهم ببغداد وضع على سطح داره معلفاً يضع كل ليلة جمعة فيه شعيراً وتبناً لتجويز أن ينزل الله على حماره على ذلك السطح فيشتغل الحمار بالأكل ويشتغل الرب بالنداء، ويقول: هل من تائب هل من مستغفر، تعالى الله عن مثل ذلك.

... وحكى عن بعض المنقطعين التاركين من شيوخ الحشوية أنه اجتاز عليه في بعض الأيام نفاط ومعه أمرد حسن الوجه قطط الشعر على الصفات التي يصفون ربهم بها، فألح الشيخ بالنظر إليه وكرره وأكثر تصويبه إليه، فتوهم فيه النفاط فجاء إليه ليلاً فقال: أيها الشيخ رأيتك تلح بالنظر إلى هذا الغلام وقد أتيتك به فإن كان لك فيه

٢٧٦

نية فأنت الحاكم، فرد الشيخ عليه وقال: إنما كررت النظر إليه لأن مذهبي أن الله تعالى ينزل على صورة هذا الغلام، فتوهمت أنه الله تعالى! فقال له النفاط: ما أنا عليه من النفاطة أجود مما أنت عليه من الزهد مع هذه المقالة....

وأضاف الأرموي: أقول: لا يسع المقام أكثر من ذلك وإلا لنقلنا أضعاف ما ذكرنا. وقال الطبراني: حدثنا على بن سعيد الرازي حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج عن الضحاك عن ابن عباس قال: رأى محمد ربه عز وجل في صورة شاب أمرد وبه قال ابن جريج.. عن صفوان بن سليم عن عائشة قالت: رأى النبي ربه على صورة شاب جالس على كرسي رجله في خضرة من لؤلؤ يتلألأ!

* *

٢٧٧

الفصل السابع

كلّ الناس مبرّؤون.... والشيعة متّهمون

المنطق الحاكم في كتب العقائد عند إخواننا، هو منطق الدولة الذي يصدر الأحكام ولا يقبل الإعتراض، وأحكامه هنا تقول:

أولاً: السنة هم المسلمون الموحدون، حتى لو كانت مصادرهم تنادي بالتشبيه والتجسيم بأحاديث صحيحة عندهم!

والشيعة هم المجسمون والمعطلون، وإن كانت مصادرهم تنادي بالتنزيه ونفي التشبيه بأحاديث صحيحة عندهم!

ثانياً: يحرم قراءة أي كلام والخوض في أي بحث يوجب اتهام السنة بالتجسيم! كما يحرم قراءة كتب الشيعة وأحاديثهم في العقائد، لأنهم يجسمون الله تعالى ويؤلهون الأئمة من ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

هذا هو حكم أكثر الكتاب والمؤلفين في العقائد، ودليلهم أن التاريخ عامل الشيعة بهذه الأحكام، فصارت هي الجو العام الذي نشأوا فيه، فكتبوا كما قرؤوا وكما سمعوا.

٢٧٨

لقد استطاع كثير من المظلومين في التاريخ، أن يرفعوا أيديهم أو أصواتهم ويسجلوا (آخهم) من ظالميهم. أما نحن الشيعة فلم نستطع إلى الآن أن نسجل ( آخنا) من التاريخ.

يكفيك أن تلقي نظرة على مصادر التاريخ والعقائد وما كتبوه عن الفرق والملل والنحل، وما يكتبه خصوم الشيعة وأهل البيت في عصرنا.. لتراها تكرر ادعاء أن الشيعة أخذوا عقائدهم من اليهود والفرس والهندوس، فهم المجسمون الذين يعبدون إلهاً مادياً له طول وعرض وأعضاء، ولذا فهم يعبدون صنماً ولا يعبدون الله تعالى!

أما السنة فهم المسلمون الأصيلون الذين أخذوا عقائدهم من منبع الإسلام الصافي، من الكتاب والسنة، عن طريق الصحابة الأبرار بدون أي تأثر باليهود ولا بغيرهم، فهم الموحدون المنزهون لله تعالى عما افتراه عليه اليهود والنصارى والمجوس والشيعة!

إن مشكلتنا نحن شيعة أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن الكتب التي اتهمتنا قد كتبت بحبر حكام الجور وأقلام موظفيهم! وأن الذين أنصفونا ومدحونا، كتبوا ذلك وهم على وجل من غضب السلاطين!

ولكن ذلك من مفاخرنا أيضاً!

محاولات الدولة والمشبّهين إلصاق التشبيه بالنبي وآله

يدل النص التالي على أن تهمة التشبيه والتجسيم للشيعة كانت موجودة في القرن الثاني، أي منذ أن راج التشبيه والتجسيم وطفح كيله فمجه الناس، فاتهمت به السلطة معارضيها من أئمة أهل البيتعليهم‌السلام .

وفي نفس الوقت عمد المشبهون والمجسمون إلى نسبة مذهبهم إلى النبي وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم، ليثبتوا شرعية فريتهم! وهو اسلوب مزدوج في ترويج التهمة في الناس، بنسبتها الى أهل البيتعليهم‌السلام ، ثم رمي أهل البيت وشيعتهم بها!!

٢٧٩

- روى النيسابوري في روضة الواعظين ص ٣٣

قال الحسن بن خالد: قلت للرضاعليه‌السلام : يابن رسول الله إن الناس ينسبونا إلى القول بالتشبيه والجبر لما روي في الأخبار في ذلك عن آبائكعليهم‌السلام !

فقال: يابن خالد أخبرني عن الأخبار التي رويت عن آبائيعليهم‌السلام في التشبيه أكثر، أم الأخبار التي رويت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك؟

فقلت: بل ما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أكثر.

فقال: فليقولوا إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول بالتشبيه إذن!!

فقلت له: إنهم يقولون إن رسول الله لم يقل من ذلك شيئاً، وإنما روي عليه.

قال: قولوا في آبائيعليهم‌السلام إنهم لم يقولوا من ذلك شيئاً وإنما روي عليهم.

ثم قالعليه‌السلام : من قال بالتشبيه والجبر فهو كافر مشرك، ونحن منه براء في الدنيا والآخرة. يابن خالد: إنما وضع الأخبار عنا في التشبيه الغلاة الذين صغروا عظمة الله جل جلاله، فمن أحبهم فقد أبغضنا.. إلى آخر الخبر.

- وقال الشيخ الصدوق المتوفى سنة ٣٨١ في مقدمة كتابه التوحيد ص ١٧:

إن الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا أني وجدت قوماً من المخالفين لنا ينسبون عصابتنا إلى القول بالتشبيه والجبر، لما وجدوا في كتبهم من الأخبار التي جهلوا تفسيرها ولم يعرفوا معانيها ووضعوها في غير موضعها، ولم يقابلوا بألفاظها ألفاظ القرآن، فقبحوا بذلك عند الجهال صورة مذهبنا، ولبسوا عليهم طريقتنا، وصدوا الناس عن دين الله، وحملوهم على جحود حجج الله، فتقربت إلى الله تعالى ذكره بتصنيف هذا الكتاب في التوحيد ونفي التشبيه والجبر، مستعيناً به ومتوكلاً عليه.

بغض أهل البيت وشيعتهم إرث غير شرعي

إن التهم لأهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وشيعتهم موروثة إرثاً (غير شرعي) وقد كانت بدايتها يوم فارق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الحياة وتركوا جنازته لأهل بيته، وأعلنوا ولادة حكومة

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

٩ - والجلال السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٥١٧ ).

١٠ - والشوكانى في ( البذر الطالع لمحاسن من بعد القرن السابع ٢ / ٣٥٢ ).

وهنا نكتفي بما ذكره الشوكاني، وهذا نصه:

« يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الملك بن يوسف بن علي بن أبي الزاهر الحلبي الاصل المزي، أبو الحجاج جمال الدين، الامام الكبير الحافظ، صاحب التصانيف. ولد في ربيع الآخر سنة ٦٥٤ وطلب فأكثر عن أحمد بن أبي الخير ومسلم بن علان والفخر بن البخاري ونحوهم من أصحاب ابن طبرزد والكندي، وسمع الكتب الطوال والاجزاء، ومشايخه نحو ألف شيخ، ومن مشايخه النووي، وأسمع بالشام والحرمين ومصر وحلب والاسكندرية وغيرها.

وأتقن اللغة والتصريف، وتبحر في الحديث، ودرس بمدارس منها دار الحديث الاشرفية، ولما ولي تدريسها قال ابن تيمية: لم يلها من حين بنيت الى الان أحق بشرط الواقف منه. قال الذهبي: ما رأيت أحداً في هذا الشأن أحفظ منه.

ومن مصنفاته ( تهذيب الكمال )، اشتهر في زمانه وحدث به خمس مرات، و ( كتاب الاطراف ) وهو كتاب مفيد جداً.

وقد أخذ عنه الاكابر وترجموا له وعظموه جداً. قال ابن سيد الناس في ترجمته: انه أحفظ الناس للتراجم وأعلمهم بالرواة الاعارب والاعاجم. وأطال الثناء عليه ووصفه بأوصاف ضخمة وقال: انه في اللغة امام، وله في الفرائض معرفة والمام.

وقال الصفدي: سمعنا صحيح مسلم على السيد المنبجي وهو حاضر، فكان يرد على القارئ فيقول القارئ: ما عندي الا ما قرأت، فيوافق المزي بعض من حضر ممن بيده نسخة، اما بأن يوجد فيها كما قال أو يوجد مظننا عليه أو في الحاشية، ولما كثر منه ذلك قلت له: ما النسخة الصحيحة

٤٠١

الا أنت. قال: ولم أر بعد أبي حيان مثله في العربية مثله خصوصاً التصريف، ولم يكن مع توسعه في معرفة الرجال يستحضر تراجم غير المحدثين، لا من الملوك ولا من الوزراء والقضاة والأدباء.

وقال الذهبي: كان خاتم الحفاظ، وناقد الأسانيد والألفاظ، وهو صاحب معضلاتنا ومرجع مشكلاتنا. قال: وفيه حياء وكرم وسكينة واحتمال وقناعة، وترك للتجمل وانجماع عن الناس، ومات يوم السبت ثاني عشر صفر سنة ٧٤٤ ».

*(١٢١)*

اثبات شرف الدين الطيبي

أثبت حديث الثقلين في ( شرح المشكاة ) حيث قال:

« السادس زيد، قوله الثقلين، الثقل المتاع المحمول على الدابة، وانما قيل للانس والجن الثقلان لأنهما قطان الأرض فكأنهما ثقلاها. وقد شبه بها الكتاب والعترة لان الدين يستصلح بهما ويعمر كما عمرت الدنيا بالثقلين. وقيل: سماهما ثقلين لان الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل، وقيل: في تفسيره قوله تعالى:( إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ) أي أوامر الله ونواهيه، لأنه لا تؤدى الا بتكليف ما ثقيل. وقيل قولا ثقيلا: أي له وزن. وسمي الجن والانس ثقلين لأنهما فضلا بالتمييز على سائر الحيوان، وكل شيء له وزن وقدر يتنافس فيه فهو ثقل. قوله « أذكركم الله في أهل بيتي » أي أحذركم الله في شأن أهل بيتي وأقول لكم لا تؤذوهم واحفظوهم، والتذكير بمعنى الوعظ، يدل عليه قوله « ووعظ وذكر ».

وقال فيه أيضاً: « الفصل الثاني - الاول جابر، قوله « وعترتي أهل بيتي » عترة الرجل أهل بيته ورهطه الأدنون، ولاستعمالهم العترة على أنحاء كثيرة بينها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليعلم أنه أراد بذلك نسله وعصابته الأدنين وأزواجه.

٤٠٢

الثاني زيد، قوله « ما ان تمسكتم به » ما الموصولة، والجملة الشرطية صلتها، وإمساك الشيء التعلق به وحفظه، قال تعالى:( وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ ) . واستمسك الشيء: إذا تحرى الإمساك به، ولهذا لما ذكر التمسك عقبه بالمتمسك به صريحاً، وهو الحبل في قوله « كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض »، وفيه تلويح الى معنى قوله تعالى:( وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ ) . والتمسك بالعترة: محبتهم والاهتداء بهديهم وسيرتهم.

و قوله « انّي تارك فيكم » إشارة الى أنهما بمنزلة التوأمين الخلفين عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنه يوصي الامة بحسن المعاشرة معهما وايثار حقهما على أنفسهم، كما يوصي الأب المشفق لأولاده. ويعضده الحديث السابق في الفصل الاول « أذكركم الله في أهل بيتي »، كما يقول الأب المشفق: الله الله في حق اولادي. ومعنى كون أحدهما أعظم من الآخر: ان القرآن مؤساة للعترة، وعليهم الاقتداء به، وهم أولى الناس بالعمل بما فيه.

ولعل السرفي هذه الوصية والاقتران بالقرآن إيجاب محبتهم، لقوله تعالى( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) فانه تعالى جعل شكر انعامه وإحسانه بالقرآن منوطاً بمحبتهم على سبيل الحصر، وكأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوصي الامة بقيام الشكر وقيد تلك النعمة به ويحذرهم عن الكفران، فمن قام بالوصية وشكر تلك الصنيعة بحسن الخلافة بينهما لن يتفرقا، فلا يفارقانه في مواطن القيامة ومشاهدها حتى يردا الحوض فيشكرا صنيعه عند رسول الله، فحينئذ هو بنفسه يكافيه والله يجازيه الجزاء الأوفى، ومن أضاع الوصية وكفر النعمة فحكمه بالعكس.

وعلى هذا التأويل حسن موقع قوله « أنظروا كيف تخلفوني فيهما »، والنظر بمعنى التأمل والتفكر، أي تفكروا واستعملوا الروية في استخلافى إياكم، هل تكونون خلف صدق أو خلف سوء. وان استغربت قولي لا يفارقانه في مواقف الحشر حتى يردا علي الحوض تمسكت بما ورد عن

٤٠٣

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « اقرأوا الزهراوين - الى قوله - يحاجان عن صاحبهما ». وان استبعدت قولي أنشدت لك قول الأعشى »(١) .

ترجمته:

١ - ابن حجر العسقلاني: « الحسن بن محمد بن عبد الله الطيبي، الامام المشهور، صاحب شرح المشكاة وغيره. قرأت بخط بعض الفضلاء: كان ذا ثروة من الإرث والتجارة، فلم يزل ينفق ذلك في وجوه الخيرات الى أن كان في آخر عمره فقيراً. قال: وكان كريماً متواضعاً حسن المعتقد، شديد الرد على الفلاسفة والمبتدعة، مظهراً فضائحهم مع استيلائهم في بلاد المسلمين حينئذ، شديد الحب لله ولرسوله، كثير الحياء ملازماً لاشغال الطلبة في العلوم الإسلامية بغير طمع، بل يجديهم ويعينهم ويعير الكتب النفيسة لأهل بلده وغيرهم من أهل البلدان من يعرف ومن لا يعرف، محباً لمن عرف منه تعظيم الشريعة، مقبلا على نشر العلم، آية في استخراج الدقائق من القرآن والسنن. شرح الكشاف شرحاً كبيراً وصنف في المعاني والبيان التبيان وشرحه، وأمر بعض تلامذته باختصار المصابيح على طريقة نهجها له وسماه المشكاة وشرحها هو شرحا حافلا، ثم شرع في جمع كتاب في التفسير وعقد مجلساً عظيماً لقراءة كتاب البخاري »(٢) .

٢ - الجلال السيوطي : « الامام المشهور العلامة في المعقول والعربية والمعاني والبيان، قال ابن حجر: كان آية »(٣) .

٣ - والشمس الداودي بمثل ما تقدم(٤) .

٤ - الشوكانى : « الامام المشهور، صاحب شرح المشكاة وحاشية

____________________

(١). الكاشف في شرح المشكاة - مخطوط.

(٢). الدرر الكامنة ٢ / ٦٨.

(٣). بغية الوعاة ٢٢٨.

(٤). طبقات المفسرين ١ / ١٤٣.

٤٠٤

الكشاف وغيرهما له اقبال على استخراج الدقائق من الكتاب والسنة، وحاشيته على الكشاف هي أنفس حواشيه على الإطلاق، مع ما فيها من الكلام على الأحاديث في بعض الحالات إذا اقتضى ذلك على طريقة المحدثين، مما يدل على ارتفاع طبقته في علمي المعقول والمنقول »(١) .

٥ - القنوجى : « امام مشهور وعالم مبرور »(٢) .

*(١٢٢)*

اثبات شمس الدين الخلخالى

أثبت حديث الثقلين حيث قال: « قوله بماء يدعى خماً » أي سمي ذلك الماء خماً، بضم الخاء المعجمة وتشديد الميم. قوله « يوشك أن يأتينى رسول ربى فأجيب » أخبر النبيعليه‌السلام الناس عن وفاته « الثقلين » قال في شرح السنة: قيل سماهما ثقلين لان الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل، لان الكتاب عظيم القدر والعمل بمقتضاه ثقيل، وكذا محافظة اهل بيته واحترامهم وانقيادكم لهم إذا كانوا خلفاء بعدي »(٣) .

وقال فيه: « قوله: على ناقته القصوى »، قيل انها ناقة تلقب بالجدعاء وتارة بالعضباء وأخرى بالقصوى على حسب ما خيل للناظرين. قوله « كتاب الله وعترتي »، بيان « ما » في ما أخذتم به أو بدل، و « أهل بيتي » بيان عترتي. يريد بأهل بيتي نسله وعصابته الأدنين وأزواجه. و قوله « من السماء الى الأرض » المراد من السماء الربوبية وبالأرض الخلق. و « لن يتفرقا » أي كتاب الله وعترتي »(٤) .

____________________

(١). البدر الطالع ١ / ٢٢٩.

(٢). التاج المكلل: ٣٧٣.

(٣). المفاتيح في شرح المصابيح - مخطوط.

(٤). المفاتيح في شرح المصابيح - مخطوط.

٤٠٥

ترجمته:

١ - الاسنوى : « كان اماماً في العلوم النقلية والعقلية ذا تصانيف كثيرة مشهورة، منها ( شرح المصابيح ) و ( مختصر ابن الحاجب ) و ( المفتاح ) و ( التلخيص في علم البيان ) وصنف أيضاً في المنطق »(١) .

٢ - وابن قاضي شهبة في ( طبقات الشافعية ٣ / ٨٧ ).

٣ - والجلال السيوطي في ( بغية الوعاة ١٠٦ ).

٤ - وابن حجر العسقلاني في ( الدرر الكامنة ٤ / ٢٦٠ ) بمثل ما تقدم.

*(١٢٣)*

تصحيح شمس الدين الذهبي

قال الشيخاني القادري ما نصه: « وأخرج ابو عوانة عن ابى الطفيل عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه قال: لما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم [ أمر بدوحات ] فقممن، ثم قال: كأنى قد دعيت فأجبت، وانّي قد تركت فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: ان الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن. ثم أخذ بيد عليرضي‌الله‌عنه فقال: من كنت مولاه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقلت لزيد: سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: ما كان في الدوحات أحد الا رآه بعينه وسمعه بأذنه. قال الحافظ الذهبي: هذا حديث صحيح »(٢) .

أقول: ووافق الحاكم على تصحيحه في ( تلخيص المستدرك ٣ / ١٠٩ ).

____________________

(١). طبقات الشافعية ١ / ٥٠٥.

(٢). الصراط السوى - مخطوط.

٤٠٦

ترجمته:

١ - ابن شاكر الكتبي في ( فوات الوفيات ٣ / ٣١٥ ).

٢ - وتاج الدين السبكى في ( طبقات الشافعية ٥ / ٢١٦ ).

٣ - وجمال الدين الاسنوى في ( طبقات الشافعية ١ / ٥٥٨ ).

٤ - وابن قاضي شهبة في ( طبقات الشافعية ٢ / ٧٢ ).

٥ - وابن حجر العسقلاني في ( الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ٤ / ٤٢٦ ).

٦ - والجلال السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٥١٧ ).

٧ - وغياث الدين المدعو خواندمير في ( حبيب السير ).

٨ - ( الدهلوي ) في ( بستان المحدثين ) و ( التحفة ).

٩ - والقنوجى في ( التاج المكلل ٤١٣ ).

ونكتفي هنا بما ذكرهالشوكانى وهذا نصه: « محمد بن أحمد بن عثمان ابن قايماز بن عبد الله التركماني الأصل، الفارقي ثم الدمشقي، أبو عبد الله شمس الدين الذهبي، الحافظ الكبير المؤرخ، صاحب التصانيف السائرة في الأقطار، ولد ثالث شهر ربيع الآخر سنة ٦٧٣، وأجاز له في سنة مولده جماعة بعناية أخيه من الرضاع، وطلب بنفسه بعد سنة ٦٩٠ فأكثر عن ابن عساكر وطبقته، ثم رحل الى القاهرة وأخذ عن الدمياطي وابن الصواف وغيرهما وخرج لنفسه ثلاثين بلداً، ومهر في فن الحديث وجمع فيه المجاميع المفيدة الكثيرة. قال ابن حجر: حتى كان أكثر أهل عصره تصنيفاً، وجمع ( تاريخ الإسلام ) فأربى فيه على من تقدمه بتحرير أخبار المحدثين خصوصاً - انتهى.

أي لا باعتبار تحرير غيرهم، فان غيره أبسط منه. واختصر منه مختصرات كثيرة منها ( النبلاء ) و ( العبر ) و ( تلخيص التاريخ ) و ( طبقات الحفاظ ) و ( طبقات القراء ). ولعل ( تاريخ الإسلام ) في زيادة على عشرين مجلداً وقفت منه على أجزاء، و ( النبلاء ) في نحو العشرين مجلدا وقفت منه على أجزاء، وهو مختصر من ( تاريخ الإسلام ) باعتبار أن الأصل لمن لم ينبل

٤٠٧

في الغالب و ( النبلاء ) ليس الا لمن نبل، لكنه أطال تراجم النبلاء فيه بما لم يكن في تاريخ الإسلام.

ومن مصنفاته ( الميزان في نقد الرجال ) جعله مختصاً بالضعفاء الذين قد تكلم فيهم متكلم [ وان كانوا غير ضعفاء في الواقع، ولهذا ذكر فيه مثل ابن معين وعلي بن المديني باعتبار أنه قد تكلم فيهما متكلم ] وهذا كتاب مفيد في ثلاث مجلدات كبار.

وله كتاب ( الكاشف ) المعروف، ومختصر ( سنن البيهقي ) الكبرى، ومختصر ( تهذيب الكمال ) لشيخه المزي، وخرج لنفسه ( المعجم الكبير ) و ( الصغير ) و ( المختص بالمحدثين )، فذكر فيه غالب الطلبة من أهل ذلك العصر، وعاش الكثير منهم بعده الى نحو أربعين سنة، وخرج لغيره من شيوخه وأقرانه وتلامذته.

وجميع مصنفاته مقبولة مرغوب فيها، رحل اليه الناس لأجلها، وأخذوا عنه وتداولوها وقرأوها وكتبوها في حياته وطارت في جميع بقاع الأرض، وله فيها تعبيرات رائقة وألفاظ رشيقة غالباً، لم يسلك فيها مسلكه أهل عصره ولا من قبلهم ولا من بعدهم. وبالجملة فالناس في التاريخ من أهل عصره فمن بعدهم عيال عليه، ولم يجمع أحد في هذا الفن كجمعه ولا حرره كتحريره.

قال البدر النابلسى في ( مشيخته ): كان علامة زمانه في الرجال وأحوالهم جيد الفهم ثاقب الذهن، وشهرته تغنى عن الاطناب فيه - انتهى »(١) .

*(١٢٤)*

رواية جمال الدين الزرندي المدني الأنصاري

روى حديث الثقلين في كتاب [ نظم درر السمطين ] حيث قال:

____________________

(١). البدر الطالع ٢ / ١١٠.

٤٠٨

« ذكر وصاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأهل بيته وفضل مودتهم وأن محبتهم من الايمان بالله ورسوله:روى ابن عباس ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أحبوا الله لما يغدوكم من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي.

و عن عبد الرحمن بن عوف (رض) قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصيكم بعترتي خيراً، وان موعدكم الحوض. وعن زيد بن أرقم (رض) قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما.

و ورد عن عبد الله بن زيد عن أبيه أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من أحب أن ينسأ له في أجله وأن يمتع بما خوله الله فليخلفني في أهلي خلافة حسنة، فمن لم يخلفني فيهم بتك عمره، وورد علي يوم القيامة مسوداً وجهه.

و في رواية عن زيد بن أرقم: ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام خطيباً بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أيها الناس، انما أنا بشر يوشك أن يأتينى رسول ربى فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي.

و في رواية: كتاب الله هو حبل من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « وأنا تارك فيكم ثقلين » سماهما ثقلين لان الاخذ بهما والعمل بهما والمحافظة على رعايتهما ثقيل، وقد جعلهما ثقلين لان كان نفيس وخطير ثقيل، ومنه الثقلان الانس والجن، لانهما فضلا بالتمييز والعقل على سائر الحيوان، وكل شيء له وزن وقدر يتنافس فيه فهو ثقل، وسماهما بذلك إعظاماً لقدرهما. وفسروا قوله تعالى:( إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً

٤٠٩

ثَقِيلاً ) أن أوامر الله تعالى وفرائضه ونواهيه لا يؤدى الا بتكلف ما يثقل، وقيل أي له وزن. قال زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه : أهل بيته أهل وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده: آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس.

و عن أبي سعيد الخدريرضي‌الله‌عنه قال سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: أيها الناس اني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود بين السماء والارض، وعترتي أهل بيتي، ألا وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض - غريب.

و عن جابررضي‌الله‌عنه قال: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول: يا أيها الناس، اني تركت فيكم ما أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي.

و رواه بلفظ آخر عن زيد بن أرقم أيضاً »(١) .

وقال نور الدين السمهودي ضمن طرق الحديث: « روى الحافظ جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي المدني في كتابه ( نظم درر السمطين ) حديث زيد من غير اسناد ولا عزو، ولفظه: روى زيد بن أرقم قال: أقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع فقال: اني فرطكم على الحوض وانكم تبعي، وانكم توشكون أن تردوا علي الحوض فأسألكم عن ثقلي كيف خلفتموني فيهما. فقام رجل من المهاجرين فقال: ما الثقلان؟ قال: الاكبر منهما كتاب الله سبب طرفه بيد الله وسبب طرفه بأيديكم فتمسكوا به، والاصغر عترتي، فمن استقبل قبلتي وأجاب دعوتي فليستوص بهم خيراً. او كما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم، واني قد سألت لهم اللطيف الخبير فأعطانى أن يردوا علي الحوض كتين - أو قال كهاتين - فأشار بالمسبحتين، ناصرهما لي ناصر، وخاذلهما لي خاذل، ووليهما لي ولي، وعدوهما لي عدو.

____________________

(١). نظم درر السمطين ٢٣١ - ٢٣٢.

٤١٠

و قال الحافظ جمال الدين المذكور، وورد عن عبد الله بن زيد عن أبيه أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من أحب أن ينسأ له في أجله وان يمتع بما خوله الله فليخلفني في أهلي خلافة حسنة، فمن لم يخلفني فيهم بتر عمره وورد علي يوم القيامة مسوداً وجهه »(١) .

ترجمته:

ترجم له وأثنى عليه ونقل عنه جماعة من كبار العلماء، منهم:

١ - شمس الدين الكرماني في ( الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري ).

٢ - وابن حجر العسقلاني في ( الدرر الكامنة في اعيان المائة الثامنة ٤ / ٢٩٥ ).

٣ - وشهاب الدين احمد في ( توضيح الدلائل - مخطوط ).

٤ - وابن الصباغ المالكي في ( الفصول المهمة ).

٥ - ونور الدين السمهودي في ( جواهر العقدين - مخطوط ).

٦ - ومحمد بن يوسف الشامي في ( سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد ).

٧ - وأحمد بن محمد بن الفضل بن باكثير المكي في ( وسيلة المآل - مخطوط ).

٨ - وميرزا محمد خان البدخشانى في ( مفتاح النجا - مخطوط ).

٩ - وأحمد العجيلى في ( ذخيرة المآل - مخطوط ).

وبمراجعة هذه المصادر وغيرها يتبين شأن هذا الرجل واعتماد أبناء السنة عليه.

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

٤١١

*(١٢٥)*

رواية سعيد الدين الكازروني

روى حديث الثقلين في كتابه ( المنتقى في سيرة المصطفى ) وهذا نص كلامه:

« ومن توقيرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بره وبر آله وذريته وأمهات المؤمنين، قال رسول الله: أنشدكم الله في أهل بيتي - ثلاثاً. قال الراوي: قلنا لزيد: من أهل بيته؟ قال: آل عليّ وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس.

و قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ».

وقال فيه أيضاً: « ومن طعن في نسب شخص من أولاد فاطمة رضي الله عنها بأن قال: أفنى الحجاج بن يوسف ذريتها ولم يبق أحد منهم وليس في الناس أحد يصح نسبه إليها. فقد ظلم وكذب وأساء، فان تعمد ذلك بعد ما نشأ في بلاد علماء الدين كاد يكون كافراً، لانه يخالف ما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ما ثبت في الترمذي عن زيد بن أرقم أنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الاخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. وقد تقدم في حديث المباهلة قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهم هؤلاء أهل بيتي.

قال مؤلف هذا الكتاب سعيد بن مسعود الكازروني - جعله الله ممن دخل في العلم من طريق الباب حتى يفوز بالسداد والصواب: فما دام القرآن باقياً فأولاد فاطمة باقون، لظاهر الحديث الصحيح ».

ترجمته:

١ - ابن حجر العسقلاني: « محمد بن مسعود بن محمد ابن خواجة امام

٤١٢

مسعود بن محمد بن علي بن أحمد بن عمر بن اسماعيل بن الشيخ أبي علي الدقاق البليانى الكازروني.

ذكره ابن الجزري في ( مشيخة الجنيد البلياني ) ثم قال: كان سعيد الدين محدثاً فاضلا سمع الكثير، وأجاز له المزي صاحب ( تهذيب الكمال ) وجماعة، وخرج ( المسلسل ) وألف ( المولد النبوي ) فأجاد، ومات في أواخر جمادى الاخرة سنة ٧٥٨ »(١) .

٢ - محيي الدين محمد بن الخطيب القاسم: في ( حاشية روض الاخبار المنتخب من ربيع الابرار - مخطوط ): « كان شيخاً محدثاً في وقته، كتب اجازة بعض تلامذته سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة [ سبعمائة ظ ] بهراة، وروى عنه الشيوخ، منهم الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن محمد الجزري الشافعي، وكان الجزري شيخ المحدثين في أوانه وامام القراء في زمانه ».

٣ - وترجم له محمد بن أحمد بن محمدالسمرقندي في مقدمة كتابه ( ترجمة المنتقى ) ترجمة مفصلة.

وهذا المقدار باختصار يكفي لمعرفة عظمة سعيد الدين الكازروني.

*(١٢٦)*

رواية ابن كثير الدمشقي

روى حديث الثقلين في تفسير قوله تعالى( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) ، رواه في تفسير هذه الاية عن مسلم بسنده عن زيد بن أرقم(٢) .

ورواه في تفسير آية المودة عن أحمد بن حنبل بسنده عن زيد أيضاً، ثم

____________________

(١). الدرر الكامنة ٤ / ٢٥٥.

(٢). تفسير ابن كثير ٥ / ٤٥٧.

٤١٣

قال بعده: « وهكذا رواه مسلم في ( الفضائل ) والنسائي من طرق [ عن ] يزيد بن حيان به ».

« ورواه أيضاً عن الترمذي كذلك ثم قال: « وفي الباب عن أبي ذر وأبي سعيد وزيد بن أرقم وحذيفة بن أسيد رضي الله عنهم »(١) .

وقال أيضاً: « و قد ثبت في الصحيح أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في خطبته بغدير خم: انّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض »(٢) .

هذا، وقد تقدم في ابن عساكر أن ابن كثير قد روى حديث الثقلين في ( تاريخه ) أيضاً.

ترجمته:

١ - الذهبي في ( المعجم المختص - مخطوط ).

٢ - وابن حجر العسقلاني في ( الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ١ / ٣٩٩ ).

٣ - وابن قاضى شهبة في ( طبقات الشافعية ٢ / ١١٣ ).

٤ - وجلال الدين السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٥٢٩ ).

٥ - والداودي المالكي في ( طبقات المفسرين ١ / ١١٠ ).

وللاختصار نكتفي بما يلي:

قال الداودي: « اسماعيل بن عمر بن كثير كان قدوة العلماء والحفاظ، وعمدة أهل المعاني والالفاظ، تفقه على الشيخين برهان الدين الفزاري وكمال الدين ابن قاضي شهبة، ثم صاهر الحافظ أبا الحجاج المزي ولازمه وأخذ عنه وأقبل على علم الحديث، وأخذ الكثير عن ابن تيمية، وقرأ

____________________

(١). تفسير ابن كثير ٦ / ٢٠٠.

(٢). تفسير ابن كثير ٦ / ١٩٩.

٤١٤

الاصول على الاصفهاني، وسمع الكثير وأقبل على حفظ القرآن ومعرفة الاسانيد والعلل والرجال والتاريخ حتى برع في ذلك وهو شاب، وصنف في صغره كتاب الاحكام على أبواب التنبيه والتاريخ المسمى بالبداية والنهاية والتفسير وكتاباً في جمع المسانيد العشرة واختصر تهذيب الكمال وأضاف اليه ما تأخر في الميزان سماه التكميل وطبقات الشافعية ومناقب الامام الشافعي وخرج الاحاديث الواقعة في مختصر ابن الحاجب وسيرة صغيرة، وشرع في أحكام كثيرة حافلة كتب منها مجلدات الى الحج، وشرح قطعة من البخاري وقطعة كبيرة من التنبيه، وولي مشيخة أم الصالح بعد موت الذهبي، وبعد موت السبكي مشيخة دار الحديث الاشرفية مدة يسيرة، ثم أخذت منه.

وذكره شيخه الذهبي في المعجم المختص فقال: فقيه متفنن ومحدث متقن ومفسر نقاد.

وقال تلميذه الحافظ شهاب الدين ابن حجر: كان أحفظ من أدركناه لمتون الاحاديث، وأعرفهم بتخريجها ورجالها وصحيحها وسقيمها، وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك، وكان يستحضر شيئاً كثيراً من الفقه والتاريخ، قليل النسيان، وكان فقيهاً جيد الفهم صحيح الذهن، ويحفظ ( التنبيه ) الى آخر وقت، ويشارك في العربية مشاركة جيدة، وينظم الشعر، وما أعرف أني اجتمعت به مع كثرة ترددي اليه الا واستفدت منه.

وقال غيره: كانت له خصوصية بالشيخ تقي الدين ابن تيمية ومناضلة عنه واتباع له في كثير من آرائه، وكان يفتي برأيه في مسألة الطلاق، وامتحن بسبب ذلك وأوذي. مات في يوم الخميس السادس والعشرين من شعبان سنة أربع وسبعين وسبعمائة، ودفن بمقبرة الصوفية عند شيخه ابن تيمية »

وقالالقنوجى في ( أبجد العلوم ): « الفقيه الشافعي الحافظ عماد الدين ابن الخطيب شهاب الدين المعروف بالحافظ ابن كثير، ولد سنة سبعمائة وقدم دمشق وله نحو سبع سنين مع أخيه بعد موت أبيه وذكره الذهبي في

٤١٥

معجمه المختص فقال: الامام المحدث المفتي البارع ووصفه بحفظه المتون وسمع من ابن عساكر وغيره وصنف التصانيف الكثيرة في التفسير والتاريخ والاحكام. وقال ابن حبيب فيه: امام ذوي التسبيح والتهليل، وزعيم أرباب التأويل، سمع وجمع وصنف وأطرب الاسماع بأقواله وشنف، وحدث وأفاد وطارت أوراق فتاواه الى البلاد، واشتهر بالضبط والتحرير، وانتهت اليه رئاسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير ».

*(١٢٧)*

رواية السيد على الهمداني

روى حديث الثقلين في كتابه [ المودة في القربى ] حيث قال ما نصه: « عن أبي سعيد الخدريرضي‌الله‌عنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم الثقلين، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض وأهل بيتي - ويروى عترتي - لم [ لن ظ ] يفترقا حتى يردا علي الحوض ».

و قال فيه: « وعن جبير بن مطعمرضي‌الله‌عنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألست بوليكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: اني أوشك أن أدعى فأجيب، وانّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله ربي وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ».

ترجمته:

ترجم له، واعتمد عليه عدة من الاعلام، مما يدل على جلالته، نذكر من ذلك:

١ - نور الدين جعفر البدخشانى في ( خلاصة المناقب - مخطوط ).

٢ - عبد الرحمن الجامى في ( نفحات الانس ٤٤٧ ).

٣ - الكفوى في ( كتائب أعلام الاخيار - مخطوط ).

٤ - مجد الدين البدخشانى في ( جامع السلاسل - مخطوط ).

٤١٦

٥ - شهاب الدين احمد في ( توضيح الدلائل - مخطوط ).

٦ - حسين الميبدى في ( الفواتح ).

٧ - القشاشى في ( السمط المجيد ).

٨ - الدهلوي ( والد الدهلوي ) في ( الانتباه ).

٩ - الفاضل الرشيد الدهلوي ( تلميذ الدهلوي ) في ( ايضاح لطافة المقال ).

*(١٢٨)*

اثبات السيد محمد الطالقاني

في كتابه ( رساله قيافه نامه ) - على ما نقل عنه مجد الدين البدخشاني في كتابه ( جامع السلاسل - مخطوط ) بترجمة السيد علي الهمداني.

قال في كلام له في معنى « حبل الله »: « وقال بعضهم: ان المراد من حبل الله هو عترة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما قال: انّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، ألا فتمسكوا بهما، فانهما حبلان لا ينقطعان الى يوم القيامة ».

ترجمته:

ترجم له مجد الدين البدخشاني في كتابه ( جامع السلاسل - مخطوط ). وقد أثنى عليه الثناء البالغ، ووصفه بالاوصاف الجميلة التي قلما يصفون أحداً بها.

*(١٢٩)*

اثبات سعد الدين التفتازاني

أثبت حديث الثقلين حيث قال ما نصه:

« فان قيل: قال الله تعالى( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ

٤١٧

الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) . وقال عليه الصلاة والسلام: انّي تركت فيكم ما أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله تعالى وعترتي أهل بيتي. وقال عليه‌السلام : انّي تارك فيكم الثقلين، كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. ومثل هذا يشعر بفضلهم على العالم وغيره.

قلنا: لا تصافهم بالعلم والتقوى وشرف النسب، ألا ترى أنه عليه الصلاة والسلام قرنهم بكتاب الله تعالى في كون التمسك بهما منقذاً عن الضلالة، ولا معنى للتمسك بالكتاب الا الاخذ بما فيه من العلم والهداية. فكذا في العترة، ولهذا قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه »(١) .

ترجمته:

وقد ترجم للتفتازاني جماعة من أعيان العلماء، أمثال:

١ - الجلال السيوطي في ( بغية الوعاة ٣٩١ ).

٢ - وابن حجر العسقلاني في ( الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ٥ / ١١٩ ).

٣ - والداودي في ( طبقات المفسرين ٢ / ٣١٩ ).

٤ - والقنوجى في ( التاج المكلل ٤٧١ ).

٥ - والشوكانى في ( البدر الطالع ٢ / ٣٠٣ ) وهذا نص كلام الشوكاني:

« مسعود بن عمر التفتازاني، الامام الكبير، صاحب التصانيف المشهورة المعروف بسعد الدين، ولد بتفتازان في صفر سنة ٧٢٢، وأخذ عن أكابر أهل العلم في عصره كالعضد وطبقته، وفاق في النحو والصرف

____________________

(١). شرح المقاصد ٢ / ٢٢١.

٤١٨

والمنطق والمعاني والبيان والاصول والتفسير والكلام وكثير من العلوم، وطار صيته واشتهر ذكره ورحل اليه الطلبة، وشرع في التصنيف وهو في ست عشرة سنة، فصنف الزنجانية وفرغ منها في شعبان سنة ٧٣٨، وفرغ من شرح التلخيص الكبير في صفر سنة ٧٤٨ بهراة، ومن مختصره سنة ٧٥٦، ومن شرح التوضيح في ذي القعدة سنة ٧٥٨ بكاشان، ومن شرح العقائد في شعبان سنة ٧٦٨، ومن حاشية العضدي في ذي الحجة سنة ٧٧٠، ومن رسالة الارشاد سنة ٧٧٤، كلها بخوارزم، ومن المقاصد وشرحه في ذي القعدة سنة ٧٨٤ بسمرقند، ومن تهذيب الكلام في رجب منها، ومن شرح المفتاح في شوال سنة ٧٨٩ بسمرقند ايضاً.

وشرع في فتاوى الحنفية يوم الاحد التاسع من ذي القعدة سنة ٧٦٩ بهراة، وفي تأليف مفتاح الفقه سنة ٧٧٢، وفي شرح تلخيص المفتاح سنة ٧٨٦ كليهما بسرخس، وفي حاشية الكشاف في ثامن ربيع الآخر سنة ٧٨٩ بظاهر سمرقند.

هكذا ذكر ملا زادة تاريخ ما فرغ منه من مؤلفاته وما شرع فيه ولم يكمل وقال في أول الترجمة ما لفظه: أستاذ العلماء المتأخرين وسيد الفضلاء المتقدمين مولانا سعد الملة والدين، معدل ميزان المعقول والمنقول، منقح أغصان الفروع والاصول، أبي سعيد مسعود ابن القاضي الامام فخر الملة والدين عمر ابن المولى الاعظم سلطان العارفين الغازي التفتازاني

وبالجملة، فصاحب الترجمة متفرد بعلومه في القرن الثامن، لم يكن له في أهله نظير فيها، وله من الحظ والشهرة والصيت في أهل عصره فمن بعدهم مالا يلحق به غيره ».

*(١٣٠)*

رواية حسام الدين حميد المحلى

روى حديث الثقلين في كتابه ( محاسن الازهار في تفصيل مناقب

٤١٩

العترة الاخيار الاطهار ) كما ذكره العلامة محمد بن اسماعيل الامير في ( الروضة الندية ) في سياق طرق حديث الغدير حيث قال ما نصه: « وذكر الخطبة بطولها الفقيه العلامة حميد المحلى في ( محاسن الازهار ) في شرح قول الامام المنصور بالله:

أيهما نص بها أجملا

له على المكي واليثربي

بسنده الى زيد بن أرقم قال: أقبل نبى اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع حتى نزل بغدير الجحفة بين مكة والمدينة، فأمر بدوحات فقم ما تحتهن من شوك، ثم نادى الصلاة جامعة، فخرجنا الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في يوم شديد الحر، ان منا من يضع بعض ردائه على رأسه وبعضه على قدمه من شدة الرمضاء، حتى أتينا الى رسول الله، فصلى بنا الظهر، ثم انصرف الينا فقال:

الحمد لله نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن أضل ولا مضل لمن هدى، وأشهد ان لا اله الا الله وأن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد، أيها الناس فانه لم يكن لنبي من العمر الا النصف من عمر الذي قبله، وان عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة، واني قد شرعت في العشرين، ألا واني يوشك أن أفارقكم، ألا واني مسؤول وأنتم مسؤولون، فهل بلغتكم فما ذا أنتم قائلون؟

فقام من كل ناحية من القوم مجيب يقولون: نشهد أنك عبد الله ورسوله، قد بلغت رسالته وجاهدت في سبيله، وصدعت بأمره وعبدته حتى أتاك اليقين، جزاك الله عنا خيراً ما جزى نبياً عن أمته.

فقال: ألستم تشهدون أن لا اله الا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الجنة حق والنار حق وتؤمنون بالكتاب كله؟ قالوا: بلى.

فقال: انى أشهد أن صدقتكم وصدقتموني، ألا واني فرطكم وأنتم تبعي توشكون أن تردوا علي الحوض فأسألكم حين تلقوني عن ثقلي كيف

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434