إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق13%

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق مؤلف:
تصنيف: مكتبة الأسرة والمجتمع
الصفحات: 434

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق
  • البداية
  • السابق
  • 434 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 224345 / تحميل: 7196
الحجم الحجم الحجم
إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

والذي يدل على تمدحه شيئان:

أحدهما: إجماع الأمة فإنه لا خلاف بينهم في أنه تعالى تمدح بهذه الآية، فقولنا تمدح بنفي الإدراك عن نفسه لاستحالته عليه، وقال المخالف تمدح لأنه قادر على منع الأبصار من رؤيته. فالإجماع حاصل على أن فيها مدحة.

والثاني: أن جميع الأوصاف التي وصف بها نفسه قبل هذه الآية وبعدها مدحة، فلا يجوز أن يتخلل ذلك ما ليس بمدحة. والذي يدل على أن الإدراك يفيد الرؤية أن أهل اللغة لا يفرقون بين قولهم: أدركت ببصري شخصاً، وآنست، وأحسست ببصري. وأنه يراد بذلك أجمع الرؤية. فلو جاز الخلاف في الإدراك لجاز الخلاف فيما عداه من الأقسام.

فأما الإدراك في اللغة، فقد يكون بمعنى اللحوق كقولهم: أدرك قتادة الحسن. ويكون بمعنى النضج، كقولهم أدركت الثمرة، وأدركت القدر، وإدرك الغلام إذا بلغ حال الرجال.

وأيضاً فإن الإدراك إذا أضيف إلى واحد من الحواس أفاد ما تلك الحاسة آلة فيه. ألا ترى أنهم يقولون: أدركته بأذني يريدون سمعته، وأدركته بأنفي يريدون شممته، وأدركته بفمي يريدون ذقته. وكذلك إذا قالوا: أدركته ببصري يريدون رأيته. وأما قولهم أدركت حرارة الميل ببصري فغير معروف ولا مسموع، ومع هذا ليس بمطلق بل هو مقيد، لأن قولهم حرارة الميل تقييد لأن الحرارة تدرك بكل محل فيه حياة، ولو قال أدركت الميل ببصري لما استفيد به إلا الرؤية.

وقولهم إن الإدراك هو الإحاطة باطل، لأنه لو كان كذلك لقالوا: أدرك الجراب بالدقيق وأدرك الحب بالماء وأدرك السور بالمدينة لإحاطة جميع ذلك بما فيه، والأمر بخلاف ذلك. وقوله: حتى إذا أدركه الغرق، فليس المراد به الإحاطة بل المعنى حتى إذا لحقه الغرق، كما يقولون أدركت فلاناً إذا لحقته، ومثله: فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون، أي لملحوقون.

٣٠١

والذي يدل على أن المدح إذا كان متعلقاً بنفي فإثباته لا يكون إلا نقصاً، قوله:لا تأخذه سنة ولا نوم ، وقوله:ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله ، لما كان مدحاً متعلقاً بنفي فلو ثبت في حال لكان نقصاً.

فإن قيل: كيف يتمدح بنفي الرؤية ومع هذا يشاركه فيها ما ليس بممدوح من المعدومات والضمائر.

قلنا: إنما كان ذلك مدحاً بشرط كونه مدركاً للأبصار، وبذلك تميز من جميع الموجودات، لأنه ليس في الموجودات ما يدرك ولا يدرك.

فإن قيل: ولم إذا كان يدرك ولا يدرك يجب أن يكون ممدوحاً.

قلنا: قد ثبت أن الآية مدحة بما دللنا عليه، ولابد فيها من وجه مدحة فلا يخلو من أحد وجهين: إما أن يكون وجه المدحة أنه يستحيل رؤيته مع كونه رائياً، أو ما قالوه من أنه يقدر على منع الأبصار من رؤيته بأن لا يفعل فيها الإدراك، وما قالوه باطل لقيام الدلالة على أن الإدراك ليس بمعنى الإحاطة، فإذا بطل ذلك لم يبق إلا ما قلناه، وإلا خرجت الآية من كونها مدحة. وقد قيل: إن وجه المدحة في ذلك أن من حق المرئي أن يكون مقابلاً أو في حكم المقابل، وذلك يدل على مدحته، وهذا دليل من أصل المسألة لا يمكن أن يكون جواباً في الآية.

فإن قيل: إنه تعالى نفى أن تكون الأبصار تدركه فمن أين أن المبصرين لا يدركونه؟

قلنا: الأبصار لا تدرك شيئاً البتة فلا اختصاص لها به دون غيره، وأيضاً فإن العادة أن يضاف الإدراك إلى الأبصار ويراد به ذووا الأبصار، كما يقولون: بطشت يدي وسمعت أذني وتكلم لساني، ويراد به أجمع ذووا الجارحة.

فإن قيل: إنه تعالى نفى أن جميع المبصرين لا يدركونه، فمن أين أن البعض لا يدركونه وهم المؤمنون؟

قلنا: إذا كان تمدحه في استحالة الرؤية عليه لما قدمناه، فلا اختصاص لذلك براء دون رائي، ولك أن تستدل بأن تقول: هو تعالى نفى الإدراك عن نفسه نفياً عاماً كما

٣٠٢

أنه أثبت لنفسه ذلك عاماً، فلو جاز أن يخص ذلك بوقت دون وقت لجاز مثله في كونه مدركاً. وإذا ثبت نفي إدراكه على كل حال، فكل من قال بذلك قال الرؤية مستحيلة عليه. ومن أجاز الرؤية لم ينفها نفياً عاماً فالقول بنفيها عموماً، مع جواز الرؤية عليه قول خارج عن الإجماع.

فإن عورضت هذه الآية بقوله: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة، فإنا نبين أنه لا تعارض بينهما وأنه ليس في هذه الآية مايدل على جواز الرؤية إذا انتهينا إليها إنشاء الله.

- تفسير التبيان ج ١ ص ٢٢٨

وقال قوم: إن النظر إذا كان معه إلى لا يحتمل إلا الرؤية. وحملوا قوله: إلى ربها ناظرة على ذلك وقالوا لا يحتمل التأمل. وذلك غلط لأنهم يقولون: إنما أنظر إلى الله ثم إليك بمعنى أتوقع فضل الله ثم فضلك. وقال الطريح بن إسماعيل:

وإذا نظرت إليك من ملك

والبحر دونك جرتني نعماء

وقال جميل بن معمر:

إني إليك لما وعدت لناظر

نظر الفقير إلى الغني الموسر

وقال آخر:

وجوه يوم بدر ناظرات

إلى الرحمان تأتي بالفلاح

وأتوا ب- (إلى) على معنى نظر الإنتظار.

والصحيح أن النظر لا يفيد الرؤية وإنما حقيقته تحديق الجارحة الصحيحة نحو المرئي طلباً لرؤيته، ولو أفاد الرؤية لما جعل غاية لنفسه، ألا تراهم يقولون: ما زلت أنظر إليه (حتى رأيته) ولا يقولون ما زلت أراه حتى رأيته، ولأنهم يثبتون النظر وينفون الرؤية فيقولون: نظرت إليه فلم أره، ولا يقولون رأيته فلم أره.

- تفسير التبيان ج ١٠ ص ١٩٧

ثم قسم تعالى أهل الآخرة فقال(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) أي مشرقة مضيئة، فالنضرة الصورة الحسنة التي تملأ القلب سروراً عند الرؤية، نضر وجهه

٣٠٣

ينضر نضرة ونضارة فهو ناضر. والنضرة مثل البهجة والطلاقة، وضده العبوس والبسور، فوجوه المؤمنين المستحقين للثواب بهذه الصفة بما جعل الله عليها من النور علامة للخلق، والملائكة على أنهم مؤمنون مستحقون الثواب.

وقوله:إلى ربها ناظرة ، معناه منتظرة نعمة ربها وثوابه أن يصل إليهم.

وقيل (ناضرة) أي مشرفة (إلى) ثواب ربها (ناظرة) وليس في ذلك تنغيص، لأن الإنتظار إنما يكون فيه تنغيص إذا كان لا يوثق بوصوله إلى المنتظر أو هو محتاج إليه في الحال، والمؤمنون بخلاف ذلك، لأنهم في الحال مستغنون منعمون، وهم أيضاً واثقون أنهم يصلون إلى الثواب المنتظر.

والنظر هو تقليب الحدقة الصحية نحو المرئي طلباً للرؤية، ويكون النظر بمعنى الإنتظار، كما قال تعالى:(وإنّي مرسلة إليهم بهدية فناظرة) أي منتظرة، وقال الشاعر:

وجوه يوم بدر ناظرات

إلى الرحمن تأتي بالفلاح

أي منتظرة للرحمة التي تنزل عليهم.

وقد يقول القائل: إنما عيني ممدودة إلى الله وإلى فلان، وأنظر إليه أي أنتظر خيره ونفعه وأؤمل ذلك من جهته، وقوله: ولا ينظر إليهم يوم القيامة، معناه لا ينيلهم رحمته.

ويكون النظر بمعنى المقابلة، ومنه المناظرة في الجدل، ومنه نظر الرحمة أي قابله بالرحمة، ويقال: دور بني فلان تتناظر أي تتقابل، وهو وينظر إلى فلان أي يؤمله وينتظر خيره، وليس النظر بمعنى الرؤية أصلاً، بدلالة أنهم يقولون: نظرت إلى الهلال فلم أره، فلو كان بمعنى الرؤية لكان متناقضاً، ولأنهم يجعلون الرؤية غاية للنظر يقولون: ما زلت أنظر إليه حتى رأيته، ولا يجعل الشيء غاية لنفسه لا يقال: بما زلت أراه حتى رأيته، ويعلم الناظر ناظراً ضرورة، ولا يعلم كونه رائياً بل يسأل بعد ذلك هل رأيت أم لا.

٣٠٤

ودخول (إلى) في الآية لا يدل على أن المراد بالنظر الرؤية، ولا تعليقه بالوجوه يدل على ذلك، لأنا أنشدنا البيت وفيه تعليق النظر بالوجه وتعديه بحرف (إلى) والمراد به الإنتظار، وقال جميل بن معمر:

وإذا نظرت إليك من ملك

والبحر دونك جدتني نعما

والمراد به الإنتظار والتأميل.

وأيضاً، فإنه في مقابلة قوله في صفة أهل النار: تظن أن يفعل بها فاقرة، فالمؤمنون يؤمنون بتجديد الكرامة وينتظرون الثواب، والكفار يظنون الفاقرة، وكله راجع إلى فعل القلب.

ولو سلمنا أن النظر يعد الرؤية لجاز أن يكون المراد أنها رؤية ثواب ربها، لأن الثواب الذي هو أنواع اللذات من المأكول والمشروب والمنكوح تصح رؤيته.

ويجوز أيضاً أن يكون إلى واحد إلاء وفي واحدها لغات (ألا) مثل قفا و (ألي) مثل معي و (ألي) مثل حدي و (أل) مثل حسا، فإذا أضيف إلى غيره سقط التنوين، ولا يكون (إلى) حرفاً في الآية. وكل ذلك يبطل قول من أجاز الرؤية على الله تعالى.

وليس لأحد أن يقول: إن الوجه الأخير يخالف الإجماع، أعني إجماع المفسرين، وذلك لأنا لا نسلم لهم ذلك، بل قد قال مجاهد وأبو صالح والحسن وسعيد بن جبير والضحاك: إن المراد نظر الثواب. وروي مثله عن عليعليه‌السلام .

وقد فرق أهل اللغة بين نظر الغضبان ونظر الراضي، يقولون: نظر غضبان، ونظر راض، ونظر عداوة ونظر مودة، قال الشاعر:

تخبرني العينان ما الصدر كاتم

ولا حن بالبعضاء والنظر الشزر

والرؤية ليست كذلك فإنهم لا يضيفونها، فدل على أن النظر غير الرؤية، والمرئي هو المدرك، والرؤية هي الإدراك بالبصر، والرائي هو المدرك، ولا تصح الرؤية وهي الإدراك إلا على الأجسام أو الجوهر أو الألوان. ومن شرط المرئي أن يكون هو أو محله مقابلاً أو في حكم المقابل، وذلك يستحيل عليه تعالى، فكيف تجيز الرؤية عليه تعالى!

٣٠٥

أمير المؤمنينعليه‌السلام يدفع الشبهات

- كتاب التوحيد للصدوق ص ٢٥٤ - ٢٦٩

حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أحمد بن يحيى، عن بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثني أحمد بن يعقوب بن مطر قال: حدثنا محمد بن الحسن ابن عبد العزيز الأحدب الجند بنيسابور قال: وجدت في كتاب أبي بخطه: حدثنا طلحة بن يزيد، عن عبيد الله بن عبيد عن أبي معمر السعداني أن رجلاً أتى أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال: يا أمير المؤمنين إني قد شككت في كتاب الله المنزل، قال لهعليه‌السلام : ثكلتك أمك وكيف شككت في كتاب الله المنزل؟

قال: لأني وجدت الكتاب يكذب بعضه بعضاً فكيف لا أشك فيه.

فقال علي بن أبي طالبعليه‌السلام : إن كتاب الله ليصدق بعضه بعضاً ولا يكذب بعضه بعضاً، ولكنك لم ترزق عقلاً تنتفع به، فهات ما شككت فيه من كتاب الله عز وجل.

قال له الرجل: إني وجدت الله يقول: فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا، وقال أيضاً: نسوا الله فنسيهم، وقال: وما كان ربك نسياً، فمرة يخبر أنه ينسى، ومرة يخبر أنه لا ينسى، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين!

قال: هات ما شككت فيه أيضاً.

قال: وأجد الله يقول: يوم يقوم الروح والملائكة صفاً لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً، وقال واستنطقوا فقالوا والله ربنا ما كنا مشركين، وقال: يوم القيمة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً، وقال: إن ذلك لحق تخاصم أهل النار، وقال:لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ، وقال:نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ، فمرة يخبر أنهم يتكلمون ومرة يخبر أنهم لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً، ومرة يخبر أن الخلق لا ينطقون ويقول عن مقالتهم: والله ربنا ما كنّا مشركين: ومرة يخبر أنهم يختصمون، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين، وكيف لا أشك فيما تسمع.....

٣٠٦

قال: هات ويحك ما شككت فيه.

قال: وأجد الله عز وجل يقول:وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة ، ويقول:لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ، ويقول:ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى ، ويقول: يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً ، ومن أدركته الأبصار فقد أحاط به العلم، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع؟....

فقالعليه‌السلام : وأما قوله عز وجل:وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة ، وقوله:لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، وقوله:ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى ، وقوله:: يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً ، فأما قوله: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظره، فإن ذلك في موضع ينتهي فيه أولياء الله عز وجل بعدما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى الحيوان فيغتسلون فيه ويشربون منه فتنضر وجوههم إشراقاً فيذهب عنهم كل قذى ووعث، ثم يؤمرون بدخول الجنة، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم، ومنه يدخلون الجنة، فذلك قوله عز وجل من تسليم الملائكة عليهم: سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين، فعند ذلك أيقنوا بدخول الجنة والنظر إلى ما وعدهم ربهم فذلك قوله: إلى ربها ناظرة، وإنما (عنى) بالنظر إليه النظر إلى ثوابه يعني لا تحيط به الأوهام. وهو يدرك الأبصار، يعني يحيط بها وهو اللطيف الخبير، وذلك مدح امتدح به ربنا نفسه تبارك وتعالى وتقدس علواً كبيرا، وقد سأل موسىعليه‌السلام وجرى على لسانه من حمد الله عز وجل: رب أرني أنظر إليك، فكانت مسألته تلك أمراً عظيماً، فقال الله تبارك وتعالى: لن تراني.. فانظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني، فأبدى الله سبحان بعض آياته وتجلى ربنا للجبل فتقطع الجبل فصار رميماً وخر موسى صعقاً، يعني ميتاً، ثم أحياه الله وبعثه وتاب عليه، فقال: سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين، يعني أول مؤمن آمن بك منهم أنه لن يراك.

٣٠٧

وأما قوله: ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى، يعني محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله كان عند سدرة المنتهى حيث لا يتجاوزها خلق من خلق الله، وقوله في آخر الآية: ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى، رأى جبرئيلعليه‌السلام في صورته مرتين هذه المرة ومرة أخرى، وذلك أن خلق جبرئيل عظيم فهو من الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم وصفتهم إلا الله رب العالمين. ورواه الطبرسي في الإحتجاج ج ١ ص ٣٥٨ - ٣٦٢ ورواه المجلسي في بحار الأنوار ج ٤ ص ٣٢

- شرح الأسماء الحسنى ج ١ ص ١٨٥

(يا من يَرى ولا يُرى)

طال التشاجر بين الأشاعرة والمعتزلة في مسألة الرؤية فذهب الأشاعرة إلى أن الله تعالى يرى في الآخرة وينكشف انكشاف البدر المرئي ولكن بلا مقابلة وجهة ومكان، خلافاً للمعتزلة حيث نفوها، وللمشبهة والكرامية فإنهم وإن جوزوا رؤيته تعالى ولكن في الجهة والمكان وعلى سبيل المقابلة، لاعتقادهم جسميته تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيرا.

وحرر بعض متأخري الأشاعرة حل النزاع بأنه لا نزاع للنافين في جواز الإنكشاف التام العلمي، ولا للمثبتين في امتناع ارتسام صورة المرئي في العين، أو اتصال الشعاع الخارج من العين بالمرئي.

وإنما محل النزاع أنا إذا عرفنا الشمس مثلاً بحد أو رسم كان نوعاً من المعرفة، ثم إذا أبصرناها وغمضنا العين كان نوعاً آخر من المعرفة فوق الأول، ثم إذا فتحنا العين حصل نوع آخر من الإدراك فوق الأولين، نسميها الرؤية ولا يتعلق في الدنيا إلا بما هو في جهة ومكان، فمثل هذه الحالة الإدراكية هل يصح أن تقع بدون المقابلة والجهة، وأن تتعلق بذات الله تعالى منزها عن الجهة والمكان أم لا.

واحتج الأشاعرة بحجة عقلية كلامية لا نطيل الكلام بذكرها، وأدلة نقلية منها قوله تعالى حكاية عن موسىعليه‌السلام : رب أرني أنظر إليك....

٣٠٨

ومنها، قوله تعالى:لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير .

ومنها، هذا الإسم الشريف الذي هو نظير هذه الآية.

وبالجملة كل الآيات والسنن التنزيهية تدل عليه نصاً وظاهراً ومنطوقاً ومفهوماً، والحق أن مراد محققي الأشاعرة من الرؤية هو الشهود بنوره لنوره والإنكشاف البالغ حد العيان، أيدته الأذواق وصدقه قاطع البرهان، بدليل قولهم بلا مقابلة وجهة ومكان، وكذا قولهم في تحرير محل النزاع، فمثل تلك الحالة الإدراكية أعدل شاهد على ذلك، إذ ليس مرادهم ما هو ظاهره حتى يقال حصول مثل تلك الحالة وعدم حصول مقابله ولا جهة، ومع هذا تكون رؤية لا تعقلاً، بل مرادهم أنه كما أن تلك الحالة ممتازة عن التعقل والتخيل والإحساس بالحس المشترك ومشاهدة وشهود للبصر، كذلك سيحصل لنا حالة عيانية ممتازة عنها وعلم حضوري بالنسبة إليه تعالى، هو شهود لا على المشاعر الجامع لجميعها بنحو أعلى، خذ الغايات ودع المباديَ أي المبادي الطبيعية المحدودة، كما ذكرنا في كونه سميعاً بصيراً أن المشاهدة التي يترتب على قوانا يترتب على ذاته النورية بنحو أنور فإنه سميع بصير بذاته لا بالسمع والبصر، فهذا مرادهم، وإلا فكما لا يليق بالعلماء التكلم في مسموعيته أو مشموميته مثلاً إذ ليس من سنخ المسموعات أو المشمومات، كذلك لا يليق بهم التكلم في مبصريته إذ ليس من سنخ المبصرات لأن المبصر بالذات هو الضوء واللون عند التحقيق، وإن كانت الجواهر الفردة عند المتكلم مبصرة بالذات.

فإذا عرفت هذا، فاعلم أن أرباب القشور منهم حرفوا الكلم عن مواضعه فلم يتفوهوا بما هو مخ القول، وعموا وصموا عما هو لب الحق، إذ كان المراد هو الشهود، والمعتزلة أيضاً لا ينكرونه، وإنما أنكروا الرؤية الظاهرية التي بالجارحة كما مر في محل النزاع أنه لا نزاع للنافين في جواز الإنكشاف التام العلمي بأن يكون المراد بالعلمي العلم الحضوري، ولكن لا على سبيل الإكتناه، كما قيل إن العارفين المتألهين يشاهدونه ولكن لا بالكنه بل على سبيل الفناء الذي هو قرة عين العرفاء والعلماء، بأن يرى كل فعل وصفة ووجود مستهلكة في فعله وصفته ووجوده تعالى.

٣٠٩

ولا يجوز للمؤمن إنكار ذلك الشهود لأن إنكاره إنكار الكتب السماوية والسنن النبوية والآثار الولوية، بل هو غاية إرسال المرسلين وإرشاد الأئمة الهادين وسير السايرين وسلوك السالكين، ولولاه لم يكن سماء ولا أرض ولا بسيط ولا مركب، كما قال تعالى: ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، أي ليعرفون، وفي الحديث القدسي: فخلقت الخلق لأعرف، فالكتاب المجيد الذي هو تنزيل من حكيم حميد مشحون منه قال تعالى:من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت .يا أيتها النفس المطمئنه ارجعي إلى ربك .شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم . والشهادة بالوحدانية فرع الشهادة بالوجود وشهوده، وهكذا كل آية مشتملة على ما دل على الشهود حتى لفظ الإيمان باعتبار بعض درجاته العالية....

قال سيد الأولياءعليه‌السلام : لم أعبد رباً لم أره. ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله فيه أو قبله أو معه.

وقال ابنه سيد الشهداءعليه‌السلام : عميت عين لا تراك.

وقال أيضاً: تعرفت بكل شيء فما جهلك شيء. تعرفت إليّ في كل شيء فرأيتك ظاهراً في كل شيء، فأنت الظاهر لكل شيء.

وليكف هذا اليسير من الكثير لأن كل أشراك مقالاتهم وحبايل تحريراتهم لاصطياد هذا الصيد العديم المثال، فتمام سهام قصودهم واقعة على هذا الغرض الرفيع المنال، وحيث حملنا الرؤية على الشهود فلا تخصيص له بالآخرة، فإن أبناء اليقين لموتهم الإرادي قبل موتهم الطبيعي وفنائهم عن ذواتهم قامت قيامتهم ورأوا ما رأوا، ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى:

روى الشيخ الصدوقرحمه‌الله عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أخبرني عن الله تعالى هل يراه المؤمنون يوم القيمة قال: نعم وقد رأوه قبل يوم القيامة، فقلت متى؟ قال: حين قال ألست بربكم قالوا بلى. ثم سكت ساعة ثم قال: وإن المؤمنين يرونه في الدنيا قبل يوم القيامة. ألست تراه في وقتك هذا قال أبو بصير فقلت: جعلت

٣١٠

فداك فأحدث بهذا عنك؟ فقال: لا فإنك إذا حدثت به فأنكره منكر جاهل بمعنى ما تقول ثم قدر أن هذا تشبيه كفر، وليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين تعالى عما يصفه المشبهون والملحدون.

وقال سيد الموقنين ومولى المكاشفين: لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً....

وقولهعليه‌السلام ما ازددت يقيناً، لعل المراد منه نفي الزيادة الكمية لا الكيفية، ومن ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن العيش عيش الآخرة. ونعم ما قال العارف عبد الرحمن الجاميقدس‌سره السامي:

تا بود باقى بقاياى وجود

كى شودصاف از كدر جام شهود

تا بود پيوند جان وتن بجاى

كى شود مقصود كل برقع گشاى

تا بود قالب غبار چشم جان

كى توان ديدنرخ جانان عيان

ثم إن الشهود الحاصل لأهل الله في الدنيا ليس لهم بما هم بأبدانهم فرشيون دنيويون، بل بما هم بقلوبهم عرشيون أخرويون، فيصدق أن الرؤية والشهود مطلقاً مخصوصة بالآخرة.

ويمكن أيضاً التوفيق بين المذهبين بأن الرؤية وإن كانت بمعنى الشهود لا يمكن في الدنيا والآخرة بالنسبة إلى كنه ذاته، احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار، ويمكن بالنسبة إلى وجهه:أينما تولوا فثم وجه الله .

بل هاهنا نظر آخر فيه حصر النظر على وجهه الكريم كما قال المعصومعليه‌السلام بنقل القاضي سعيد القمي: لا أرى إلا وجهك ولا أسمع إلا صوتك، يا من يخلق ولا يخلق، يا من يهدي ولا يهدى، يا من يحيي ولا يحيى، يا من يسأل ولا يسأل. هذا الإسم الشريف مأخوذ من الآية الشريفة وهي: لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

وقد تمسك الأشاعرة بها في كثير من المواضع، منها أنهم قالوا بنفي اللمية الغائية والداعي وجواز الترجيح من غير مرجح، فإذا سئل عنهم ما المخصص لأحداث العالم في وقت مخصوص دون ساير الأوقات مع تشابهها، وما المرجح للإمساك في

٣١١

أوقات غير متناهية، كما هو مذهبهم من التعطيل والإفاضة في وقت؟ مع كونه تعالى علة تامة غير محتاج إلى شرط أو آلة أو معاون أو حالة منتظرة، وبالجملة ما به يتم فاعليته؟ قالوا: لا يسئل عما يفعل، والتزموا القدرة الخرافية.

ومنها، أنهم حيث قالوا بالتحسين والتقبيح الشرعيين دون العقليين قالوا بنفي العلاقة اللزومية بين الأعمال الحسنة ودخول الجنة وبين الأعمال القبيحة ودخول النار، بحيث جوزوا أن يدخل الله السعيد في النار خالداً والشقي في الجنة أبداً، فإذا قيل عليهم إن هذا ظلم صريح، قالوا: لا يسأل عما يفعل.... إلخ.

واحتج المعتزلة أيضاً بحجج عقلية ونقلية كثيرة، نذكر بعضها ونترك أكثرها، لأن من أنس بالقواعد العقلية وحافظ على تنزيه الله من سمات المحدثات وصفات الأجسام قدر على إقامة حجج كثيرة وإبطال ما هو ظاهر الأشاعرة من الرؤية.

فمنها، أنه فيما عندنا من المبصرات يجب الرؤية عند تحقق شروط ثمانية ككون الحاسة سليمة وكون الشيء جايز الرؤية وكون الشيء مقابلاً أو في حكم المقابل وعدم كون المرئي في غاية القرب وغاية البعد وغاية اللطافة وغاية الصغر وأن لا يكون بين الرائي والمرئي حجاب، إذ لو لم تجب الرؤية عند حصول الشرائط جاز أن يكون بحضرتنا جبال وأشخاص لا نراها، والستة الأخيرة لا يمكن اعتبارها في رؤيته تعالى لتنزهه عن الجهة والحيز، بقي سلامة الحاسة وجواز الرؤية، وسلامة الحاسة حاصلة فلو جاز الرؤية وجب أن تراه في الدنيا والجنة دائماً، والأول منتف بالضرورة والثاني بالإجماع والنصوص القاطعة الدالة على اشتغالهم بغير ذلك من اللذات.

تفسيرهم الموافق لمذهبنا

روى السيوطي في الدر المنثور ج ٣ ص ٣٧ عدداً من الروايات التي توافق مذهبنا ومذهب عائشة، قال:

- وأخرج عبد ابن حميد وأبوالشيخ عن قتادة: لا تدركه الأبصار، قال هو أجلُّ من ذلك وأعظم من أن تدركه الأبصار.

٣١٢

- وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله:لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، يقول لا يراه شيء وهو يرى الخلائق.

- تفسير الطبري ج ٩ ص ٣٨

معاوية عن علي (بن طلحة) عن ابن عباس قوله تعالى:سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ، يقول أنا أول من يؤمن أنه لا يراك شيء من خلقك. انتهى.

وقد تقدم استدلال عائشة بالآية على عدم إمكان الرؤية، قال الرازي في المطالب العالية ج ١ جزء ١ ص ٨٧: إن عائشةرضي‌الله‌عنها قالت: من حدثكم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم الفرية، ثم قرأت:لا تدركه الأبصار .

محاولاتهم تأويل الآية وإبطال معناها

- رد النووي على عائشة في شرح مسلم - هامش الساري ج ٢ ص ٩٣ فقال : فأما إحتجاج عائشة بقول الله تعالى لا تدركه الأبصار. فجوابه ظاهر فإن الإدراك هو الإحاطة والله تعالى لايحاط به! وإذا ورد النص بنفي الإحاطة فلما يلزم منه نفي الرؤية بغير إحاطة. انتهى. ولكن المنفي هنا هو إدراك البصر، وهو أعم من الرؤية الجزئية والإحاطة!

- وقال الجويني في لمع الأدلة ص ١٠١ - ١٠٥

مذهب أهل الحق أن الباري تعالى مرئي، ويجوز أن يراه الراؤون بالأبصار....

والدليل على جواز الرؤية عقلاً: أن الرب سبحانه وتعالى موجود، وكل موجود مرئي. وبيان ذلك: أنا نرى الجواهر والألوان، فإن رئي الجوهر لكونه جوهراً لزم ألا يرى الجوهر، وإن رئيا لوجودهما لزم أن يرى كل موجود، والباري سبحانه وتعالى: موجود فصح أن يرى.

فإن قالوا: إنما يرى ما يرى لحدوثه والرب تعالى أزلي قديم الذات فلا يرى، فالجواب من وجهين: أحدهما أن نقول كلامكم هذا نقض عليكم لجواز رؤية الطعوم والروائح والعلوم ونحوها فإنها حوادث، وعندكم يستحيل أن ترى.

٣١٣

ثم الجواب الحقيقي أن نقول: الحدوث ينبيء عن موجود مسبوق بعدم والعدم السابق لا يصحح الرؤية، فانحصر التصحيح في الوجود، فدل على أن كل موجود صح أن يرى.

ويستدل على جواز الرؤية وأنها ستكون في الجنان وعداً من الله صدقاً وقولاً منه حقاً بقوله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة. والنظر إذا عدي بإلى اقتضى رؤية البصر. وإن عارضونا بقوله تعالى: لا تدركه الأبصار. قلنا: فمن أصحابنا من قال الرب تعالى يرى ولا يدرك فإن الإدراك ينبيء عن الإحاطة ودرك الغاية، والرب مقدس عن الغاية والنهاية. فإن عارضونا بقوله تعالى في جواب موسىعليه‌السلام : لن تراني، فزعموا أن لن تقتضي النفي على التأييد.....

قلنا: هذه الآية من أوضح الأدلة على جواز الرؤية! فإنها لو كانت مستحيلة لكان معتقد جوازها ضالاً أو كافراً، وكيف يعتقد ما لا يجوز على الله تعالى من اصطفاه الله تعالى لرسالته واجتباه لنبوته وخصصه بتكريمه وشرفه بتكليمه وجعله أفضل أهل زمانه وأيده ببرهانه، ويجوز على الأنبياء الريب في أمر يتعلق بعلم الغيب، أما ما يتعلق بوصف الباري عز وعلا فلا يجوز الريب عليهم، فيجب حمل الآية على أن ما اعتقد موسىعليه‌السلام جوازه جائز، لكن ظن أن ما اعتقد جوازه ناجزاً فيرجع النفي في الجواب إلى السؤال. وما سأل موسىعليه‌السلام ربه رؤية في الدنيا لينصرف النفي إليها، والجواب نزل على قضية الخطاب. انتهى. وقد تقدم أن موسىعليه‌السلام لم يطلب رؤية ذات اللّه تعالى، بل طلب أن يريه شيئاً من آياته كأنه ينظر إليه.

- وروى السيوطي في الدر المنثور ج ٣ ص ٣٧

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن إسماعيل بن علية، في قوله: لا تدركه الأبصار، قال: هذا في الدنيا!

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عكرمة عن ابن عباس قال: إن النبى صلى الله عليه وسلم رأى ربه، فقال له رجل عند ذلك أليس قال الله:لا تدركه

٣١٤

الأبصار ! فقال له عكرمة: ألست ترى السماء؟ قال: بلى، قال فكلها ترى! (يقصد بما أن الله تعالى كبير فإنا نرى جزءً منه فقط!)

وأخرج الترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه واللالكائي في السنة عن ابن عباس قال: رأى محمد ربه، قال عكرمة فقلت له: أليس الله يقول لا تدركه الأبصار! وهو يدرك الأبصار قال: لا أم لك، ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء، وفي لفظ: إنما ذلك إذا تجلى بكيفيته لم يقم له بصر. انتهى. وهو يقصد أن ذات اللّه تعالى ترى ولكن نوره لاتدركه الأبصار!!

ثم أكد السيوطي رأي عكرمة فنقل في ج ٣ ص ٣٧ قول ابن جريح في تفسير الآية أن الأبصار لا تدرك الله تعالى كله لكبر حجمه! قال:

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريح في قوله: لا تدركه الأبصار، قال: قالت امرأة استشفع لي يا رسول الله على ربك. قال: هل تدرين على من تستشفعين، إنه ملأ كرسيه السموات والأرض ثم جلس عليه فما يفضل منه من كل أربع أصابع، ثم قال: إن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد فذلك قوله: لا تدركه الأبصار، ينقطع به بصره قبل أن يبلغ أرجاء السماء. زعموا أن أول من يعلم بقيام الساعة الجن تذهب فإذا أرجاؤها قد سقطت لا تجد منفذاً تذهب في المشرق والمغرب واليمن والشام. انتهى.

وأعجب منه روايتهم التي تفسر الأبصار التي لا تدركه بأنها أبصار العقول، ومع ذلك تدركه أبصار العيون!! قال: وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ واللالكائي من طريق عبد الرحمن بن مهدي قال سمعت أبا الحصين يحيى بن الحصين قارئ أهل مكة يقول: لا تدركه الأبصار قال أبصار العقول. انتهى.

وقد تقدم في أول الباب عن (إمام الأئمة) ابن خزيمة حملته الشديدة على عائشة وتفسيره للآية بأن جميع الأبصار لا تدركه ولكن البصر الواحد يدركه! قال في كتاب التوحيد ص ٢٢٦

لأن قوله: لا تدركه الأبصار، قد يحتمل معنيين على مذهب من يثبت رؤية النبي

٣١٥

صلى الله عليه وسلم خالقه عز وجل، قد يحتمل بأن يكون معنى قوله:لا تدركه الأبصار ، على ما قال ترجمان القرآن لمولاه عكرمة ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء. والمعنى الثاني أي لا تدركه الأبصار أبصار الناس لأن الأعم والأظهر من لغة العرب أن الأبصار إنما تقع على أبصار جماعة، لا أحسب غريباً يجيء من طريق اللغة أن يقال لبصر امريء واحد أبصار وإنما يقال لبصر امريء واحد بصر، لا ولا سمعنا غريباً يقال لعين امريء واحد بصران فكيف أبصار، ولو قلنا: إن الأبصار ترى ربنا في الدنيا لكنا قد قلنا الباطل والبهتان، فأما من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه دون سائر الخلق فلم يقل إن الأبصار قد رأت ربها في الدنيا فكيف يكون - يا ذوي الحجا - من ينفي أن النبي صلى الله عليه وسلم محمداً قد رأى ربه دون سائر الخلق مثبتاً أن الأبصار قد رأت ربها، فتفهموا يا ذوي الحجا هذه النكتة تعلموا أن ابن عباسرضي‌الله‌عنهما وأباذر وأنس بن مالك ومن وافقهم لم يعظموا الفرية على الله، لا ولا خالفوا حرفاً من كتاب الله في هذه المسألة! انتهى.

وقد علق على ذلك محقق كتابه وهو الشيخ محمد الهراس من علماء الأزهر، فقال:

عجباً لإمام الأئمة كيف خانه علمه فتوهم أن المنفي هو إدراك الأبصار له إذا اجتمعت فإذا انفرد واحد منها أمكن أن يراه! فهل إذا قال قائل لا آكل الرمان، يكون معنى هذا أنه لا يأكل الحبات منه ولكن يأكل الحبة! يرحم الله ابن خزيمة فلقد كبا ولكل جواد كبوة.

- وقد كان الطبري من أعقلهم في تفسير الآية حيث اعترف بأنه لا مجال للهروب منها ولابد من الإعتراف بأنها تنفي إمكان الرؤية مطلقاً، وأن الأخبار المروية في رؤيته تعالى تنافيها، ولكن لابد لنا من قبول الأخبار وطرح الآية!

قال في تفسيره ج ٧ ص ٢٠٠ - ٢٠٣:

قالوا فإن قال لنا قائل: وما أنكرتم أن يكون معنى قوله:لا تدركه الأبصار ، لا تراه الأبصار؟ قلنا له: أنكرنا ذلك لأن الله جل ثناؤه أخبر في كتابه أن وجوهاً في القيامة

٣١٦

إليه ناظرة، وأن رسول الله (ص) أخبر أمته أنهم سيرون ربهم يوم القيامة كما يرى القمر ليلة البدر....

وقال آخرون.. لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، إلا أنه جائز أن يكون معنى الآية لا تدركه أبصار الظالمين في الدنيا والآخرة، وتدركه أبصار المؤمنين وأولياء الله. قالوا وجائز أن يكون معناها لا تدركه الأبصار بالنهاية والإحاطة وأما الرؤية فبلى. وقال آخرون: الآية على العموم ولن يدرك الله بصر أحد في الدنيا والآخرة، ولكن الله يحدث لأوليائه يوم القيامة حاسة سادسة سوى حواسهم الخمس فيرونه بها.... والصواب من القول في ذلك: عذرنا ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله (ص) أنه قال إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر. انتهى.

ولم يبين الطبري ولا غيره كيف صار هذا هو الصواب، وهل كلما عارض صريح القرآن خبر أخذنا به وخصصنا به القرآن وقلنا: عذرنا الأخبار المناقضة للقرآن!

- قال القسطلاني في إرشاد الساري ج ١٠ ص ٣٦٤

قوله تعالى في سورة الأنعام:لا تدركه الأبصار ، وأجاب المثبتون بأن معنى الآية لا تحيط به الأبصار أو لا تدركه الأبصار، وإنما يدركه المبصرون! أو لا تدركه في الدنيا لضعف تركيبها في الدنيا، فإذا كان في الآخرة خلق الله تعالى فيهم قوة يقدرون بها على الرؤية. انتهى.

ولكنهم بهذه المواصفات الجديدة للعين ونظام الرؤية، خرجوا عن موضوع البحث، بل هربوا منه، وفي نفس الوقت ردوا أحاديثهم في الرؤية التي ظاهرها رؤيته تعالى في الدنيا والآخرة بالعين المتعارفة المجردة، في أحسن صورة، وكما يرى القمر ليلة البدر على حد زعمهم!

- وقال الشوكاني في فتح القدير ج ٢ ص ١٨٥

في قوله:لا تدركه الأبصار .... التقدير لا تدركه كل الأبصار بل بعضها، وهي أبصار المؤمنين!....

٣١٧

- وقال التلمساني في نفح الطيب ج ٧ ص ٢٩٦

سئل النصيبي عن الرؤية بمجلس عضد الدولة فأنكرها محتجاً بأن كل شيء يرى بالعين فهو في مقابلتها، فقال له القاضي ابن الطيب: لا يرى بالعين، قال له الملك: فبماذا يرى؟ قال: بالإدراك الذي يحدثه الله في العين.. وهذا الأجهر عينه قائمة ولا يرى بها شيئاً! انتهى.

- وقال في نفح الطيب ج ٨ ص ٣٤

حكاية أبي بكر بن الطيب مع رؤساء بعض المعتزلة، وذلك أنه اجتمع معه في مجلس الخليفة، فناظره في مسألة رؤية الباري فقال رئيسهم: ما الدليل أيها القاضي على جواز رؤية الله تعالى؟ قال: قوله تعالى:لا تدركه الأبصار ! فنظر بعض المعتزلة إلى بعض وقالوا: جنَّ القاضي، وذلك أن هذه الآية هي معظم ما احتجوا على مذهبهم، وهو ساكت، ثم قال لهم: أتقولون إن من لسان العرب قولك: الحائط لا يبصر قالوا: لا.. قال: فلا يصح إذن نفي الصفة عما من شأنه صحة إثباتها له؟ قالوا نعم، قال: فكذلك قوله تعالى(لا تدركه الأبصار) لولا جواز إدراك الأبصار له لم يصح نفيه عنه. انتهى. ولابدّ أنهم أجابوه إن الذي يصحح النفي هو توهم جواز الرؤية لا جوازها وإمكانها!

وهكذا يحرِّم إخواننا التأويل، ولكنهم إذا وصلوا إلى آيات نفي الرؤية وأحاديثها هجموا عليها بمعاول التأويل والمغالطات بلا رحمة ولا ضابطة، حتى يجعلوا من النفي إثباتاً، وقد يجعلون من الكفر إيماناً!

* *

تفسير آية: ما كذب الفؤاد ما رأى

قال الله تعالى:وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالأُفُقِ

٣١٨

الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى . النجم ١ - ١٨

قال أهل البيت: رأى ربه بفؤاده ورأى آياته بعينيه

تقدم في الفصول السابقة عدد من الأحاديث عن النبي وآلهصلى‌الله‌عليه‌وآله في تفسير هذه الآية، ونضيف إليها هنا مايلي:

- روى الصدوق في كتاب التوحيد ص ١٠٨:

أبيرحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لما أسري بي إلى السماء بلغ بي جبرئيل مكاناً لم يطأه جبرئيل قط، فكشف لي فأراني الله عز وجل من نور عظمته ما أحب.

- و في ص ١١٦:

حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرضي‌الله‌عنه قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن مرازم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ربه عز وجل يعني بقلبه، وتصديق ذلك: ما حدثنا به محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام هل رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ربه عز وجل؟ فقال: نعم بقلبه رآه، أما سمعت الله عز وجل يقول: ما كذب الفؤاد ما رأى، أي لم يره بالبصر، لكن رآه بالفؤاد.

- وقد عقد الصدوق في التوحيد باباً بعنوان (ما جاء في الرؤية) ص ١٠٧ ، نورد بعض روايته قال:

٣١٩

حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائهعليهم‌السلام قال: مر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على رجل وهو رافع بصره إلى السماء يدعو، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : غض بصرك فإنك لن تراه.

وقال: ومر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على رجل رافع يديه إلى السماء وهو يدعو، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أقصر من يديك فإنك لن تناله.

حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن علي بن أبي القاسم، عن يعقوب بن إسحاق قال: كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام أسأله كيف يعبد العبد ربه وهو لا يراه؟ فوقععليه‌السلام يا أبا يوسف جل سيدي ومولاي والمنعم عليّ وعلى آبائي أن يرى.

قال: وسألته هل رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ربه؟ فوقععليه‌السلام إن الله تبارك وتعالى أرى رسوله بقلبه من نور عظمته ما أحب.

حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريسرحمه‌الله ، عن أبيه، عن محمد بن عبدالجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن حميد، قال: ذاكرت أبا عبد اللهعليه‌السلام فيما يروون من الرؤية، فقال: الشمس جزء من سبعين جزءاً من نور الكرسي، والكرسي جزء من سبعين جزءاً من نور العرش، والعرش جزء من سبعين جزءاً من نور الحجاب، والحجاب جزء من سبعين جزءاً من نور الستر، فإن كانوا صادقين فليملؤوا أعينهم من الشمس ليس دونها سحاب.

- وفي علل الشرائع ج ١ ص ١٣١

حدثنا محمد بن أحمد بن السناني وعلي بن أحمد بن محمد الدقاق والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب وعلي بن عبد الله الوراقرضي‌الله‌عنهم ، قالوا حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي الأسدي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن ثابت بن دينار، قال سألت زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام عن الله جل

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

٢٥ - باب استحباب اختيار زيارة أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) على زيارة الحسين ( عليه‌السلام ) وعلى الحج والعمرة ندبا ً

[ ١٩٤٣١ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن داود، عن محمّد بن همام، عن محمّد بن محمّد بن رباح، عن علي بن محمّد بن رباح، عن أحمد بن حمّاد، عن زهير القرشي، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن أبي السخيف القرني(١) ، عن عمرّ بن عبدالله بن طلحة النهدي، عن أبيه، قال: دخلت على أبي عبدالله (عليه‌السلام ) فقال: يا عبدالله بن طلحة، ما تزور(٢) قبر أبي الحسين(٣) ؟ قلت: بلى، إنا لنأتيه، قال: تأتونه في كلّ جمعة؟ قلت: لا، قال: فتأتونه في كلّ شهر؟ فقلت: لا، فقال: ما أجفاكم! إنّ زيارته تعدل حجّة وعمرة، وزيارة - أبي عليّ (عليه‌السلام ) - تعدل حجتين وعمرتين.

[ ١٩٤٣٢ ] ٢ - عبد الكريم بن أحمد بن طاوس في كتاب ( فرحة الغري ) بالإِسناد الآتي(٤) عن محمّد بن أحمد بن داود، عن محمّد بن بكرأنّ النقاش، عن الحسين بن محمّد المالكي، عن أحمد بن هلال، عن أبي شعيب الخراساني قال: قلت لأَبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) : أيّما أفضل زيارة

____________________

الباب ٢٥

فيه حديثان

١ - التهذيب ٦: ٢١ / ٤٧.

(١) في نسخة: أبي السخين القرني ( هامش المخطوط )، وفي المصدر: أبي السخين الارجني

(٢) في المصدر: أما تزور.

(٣) في المصدر زيادة: (عليه‌السلام )

٢ - فرحة الغري: ١٠٤.

(٤) يأتي في الحديث ٣ من الباب ٢٧ من هذه الأبواب.

٣٨١

قبر أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) أو زيارة الحسين( عليه‌السلام ) ؟ قال: أنّ الحسين قتل مكروباً فحقيق على الله عزّ وجلّ إلّا يأتيه مكروب إلّا فرج الله كربه، وفضل زيارة قبر أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) على زيارة الحسين كفضل أمير المؤمنين على الحسين( عليهما‌السلام ) ثمّ قال لي: أين تسكن؟ قلت: الكوفة، فقال: أنّ مسجد الكوفة بيت نوح لو دخله رجل مائة مرة لكتب الله له مائة مغفرة، أما أنّ فيه(١) دعوة نوح( عليه‌السلام ) حيث قال: رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً، قلت: من عنى بوالدي؟ قال: آدم وحوّاء.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

٢٦ - باب استحباب عمّارة مشهد أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) ومشاهد الأئمة ( عليهم‌السلام ) وتعاهدها وكثرة زيارتها

[ ١٩٤٣٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن داود، عن محمّد بن علي بن الفضل، عن الحسين بن محمّد بن الفرزدق، عن علي بن موسى بن الأَحول، عن محمّد بن أبي السري، عن عبدالله بن محمّد البلوي، عن عمّارة بن زيد، عن أبي عامرّ واعظ أهل الحجاز قال: أتيت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) فقلت له(٣) : ما لمن زار قبره - يعني أمير المؤمنين

____________________

(١) في المصدر: لأن فيه.

(٢) تقدم في الحديثين ٢ و ٣ من الباب ٢٣ وفي الباب ٢٤ من هذه الأبواب.

الباب ٢٦

فيه حديثان

١ - التهذيب ٦: ٢٢ / ٥٠.

(٣) في المصدر: أتيت أبا عبدالله جعفر بن محمّد (عليهما‌السلام ) فقلت له: يابن رسول الله.

٣٨٢

( عليه‌السلام ) - وعمرّ تربته؟ فقال: يا أبا عمّار حدّثني أبي، عن أبيه، عن جده الحسين بن علي، عن علي( عليهم‌السلام ) أنّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال له: والله لتقتلن بأرض العراق وتدفن بها، قلت: يا رسول الله، ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها؟ قال لي: يا أبا الحسن، إنّ الله جعل(١) قبرك وقبور ولدك بقاعاً من بقاع الجنّة وعرصة من عرصاتها، وإنّ الله جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوة من عباده(٢) تحن إليكم، وتحتمل المذلّة والاذى فيكم، فيعمرون قبوركم، ويكثرون زيارتها تقرّباً منهم إلى الله، ومودة منهم لرسوله، أُولئك - يا علي - المخصوصون بشفاعتي، والواردون حوضي، وهم زواري غداً في الجنّة.

يا عليّ، من عمرّ قبوركم وتعاهدها فكأنمّا أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس، ومن زار قبوركم عدل ذلك له ثواب سبعين حجّة بعد حجّة الاسلام، وخرج من ذنوبه حتّى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمه، فأبشر وبشر أوليائك ومحبيك من النعيم وقرة العين بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ولكن حثالة من الناس يعيرون زوار قبوركم بزيارتكم كما تعير الزانية بزناها، أولئك شرار أُمّتي لا أنالهم الله شفاعتي(٣) ولا يردون حوضي.

[ ١٩٤٣٤ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن الفضل، عن الحسن بن محمّد بن أبي السري، عن عبدالله بن محمّد البلوي، عن عمّارة بن

____________________

(١) في نسخة: إن الله قد جعل ( هامش المخطوط ).

(٢) في المصدر: وصفوته من عباده.

(٣) في المصدر: لا نالتهم شفاعتي.

٢ - التهذيب ٦: ١٠٧ / ١٨٩.

٣٨٣

سويد(١) ، عن أبي عامرّ(٢) ، عن الصادق، عن أبيه، عن جده( عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لعلي( عليه‌السلام ) (٣) : أنّ الله جعل قبرك وقبر ولدك بقاعاً من بقاع الجنّة ثمّ ذكر بقية الحديث، إلّا أنّه قال: فمن عمرّ قبورهم ثمّ قال: ومن زار قبورهم(٤) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٥) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٦) .

٢٧ - باب استحباب زيارة آدم ونوح وابراهيم مع أمير المؤمنين ( عليه‌السلام )

[ ١٩٤٣٥ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أبي القاسم جعفر بن محمّد، عن محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن محمّد بن الحسين ابن أبي الخطاب، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمرّ قال: دخلت على أبي عبدالله (عليه‌السلام ) فقلت له: إنّي أشتاق إلى الغري، فقال: ما شوقك إليه؟ فقلت له: إنّي أُحب أن أزور أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) فقال: هل تعرف فضل زيارته؟ قلت: لا يا ابن رسول الله، إلّا أن تعرّفني ذلك، فقال: إذا زرت أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) فاعلم أنك زائر عظام آدم، وبدن نوح، وجسم علي بن أبي طالب (عليهم‌السلام ) ، فقلت يا ابن

____________________

(١) في نسخة: عمّارة بن شريد ( هامش المخطوط )، وفي المصدر: عمّارة بن زيد.

(٢) في المصدر: أبي عامرّ واعظ أهل الحجاز.

(٣) في المصدر زيادة: يا أبا الحسن.

(٤) في المصدر: فمن عمرّ قبوركم ومن زار قبوركم.

(٥) تقدم ما يدل على بعض المقصود في الأبواب ٢ و ٢٣ و ٢٤ و ٢٥ من هذه الأبواب.

(٦) يأتي ما يدل على بعض المقصود في الأبواب ٢٧ و ٢٩ و ٣٠ من هذه الأبواب.

الباب ٢٧

فيه ٧ أحاديث

١ - التهذيب ٦: ٢٢ / ٥١.

٣٨٤

رسول الله) (١) إن آدم هبط بسرانديب(٢) في مطلع الشمس، وزعموا أنّ عظامه في بيت الله الحرام، فكيف صارت عظامه في الكوفة؟ فقال: أنّ الله أوحى إلى نوح( عليه‌السلام ) وهو في السفينة أنّ يطوف بالبيت أُسبوعاً، فطاف بالبيت كما أوحى الله إليه، ثمّ نزل في الماء إلى ركبتيه، فاستخرج تابوتاً فيه عظام آدم فحمله في جوف السفينة حتّى طاف ما شاء الله أنّ يطوف، ثمّ ورد إلى باب الكوفة في وسط مسجدها، ففيها قال الله للارض:( ابلَعِي مَاءَكِ ) (٣) فبلعت ماءها من مسجد الكوفة كما بدأ الماء منه، وتفرق الجمع الذين كانوا مع نوح(٤) في السفينة، فأخذ نوح( عليه‌السلام ) التابوت فدفنه في الغري، وهو قطعة من الجبل الذي كلّم الله عليه موسى تكليماً، وقدس عليه عيسى تقديساً، واتّخذ عليه إبراهيم خليلاً، واتخذ محمّداً( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) حبيبا، وجعله للنبيين مسكناً، والله ما سكن فيه بعد أبويه الطيبّين آدم ونوح أكرم من أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) فاذا زرت جانب النجف فزر عظام آدم وبدن نوح وجسم علي بن أبي طالب( عليهم‌السلام ) فإنّك زائر الآباء الأَولين، ومحمّداً خاتم النبيين، وعليّاً سيّد الوصيّين، وإن زائره تفتح له أبواب السماء عند دعوته، فلا تكن عن الخير نوّاماً

ورواه جعفر بن محمّد بن قولويه في( المزار) (٥) .

ورواه ابن طاووس في( مصباح الزائر) عن المفضل بن عمرّ مثله (٦) .

____________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) سرنديب: جزيرة في بحر الهند. معجم البلدان ٣ / ٢١٥.

(٣) هود ١١: ٤٤.

(٤) في المصدر: الذي كان مع نوح.

(٥) كامل الزيارات: ٣٨.

(٦) مصباح الزائر: ٤١.

٣٨٥

[ ١٩٤٣٦ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن داود، عن محمّد بن تمام(١) ، عن محمّد بن محمّد، عن علي بن محمّد، عن أحمد بن ميثمّ الطلحي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير قال: قلت لأَبي عبدالله (عليه‌السلام ) : أين دفن امير المؤمنين (عليه‌السلام ) ؟ قال: دفن في قبر أبيه نوح، قلت: وأين قبر نوح؟ الناس يقولون: إنّه في المسجد، قال: لا، ذاك في ظهر الكوفة.

[ ١٩٤٣٧ ] ٣ - عبد الكريم بن أحمد بن طاوس في ( فرحة الغري ) عن أبيه، عن محمّد بن نما، عن محمّد بن إدريس، عن عربي بن مسافر، عن إلياس بن هشام، عن أبي علي الطوسي، عن أبيه، عن المفيد، عن محمّد ابن أحمد بن داود، عن محمّد بن الحسن، عن سعد، عن أحمد بن محمّد ابن خالد، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر (عليه‌السلام ) عن قبر أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) فأنّ الناس قد اختلفوا فيه؟ فقال: إنّ أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) دفن مع أبيه نوح في قبره(٢) الحديث.

[ ١٩٤٣٨ ] ٤ - وبالإِسناد عن سعد، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن علي بن أبي حمزة، عن عبد الرحيم القصير قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن قبر

____________________

٢ - التهذيب ٦: ٣٤ / ٦٨.

(١) في المصدر: محمّد بن همام.

٣ - فرحة الغري: ٤٨.

(٢) فيه دفن ميتين في قبر بل أكثر إلّا أنه يحتمل الاختصاص بهم (عليهم‌السلام ) .« منه قده ».

٤ - فرحة الغري: ٤٩.

٣٨٦

أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ؟ فقال: أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) مدفون في قبر نوح، قال: قلت: وما قبر نوح(١) ؟ قال: قبر نوح النبي( عليه‌السلام ) ... الحديث.

[ ١٩٤٣٩ ] ٥ - وبالإِسناد عن ابن داود، عن أحمد بن ميثم، عن محمّد بن محمّد بن هشام (١)، عن محمّد بن سليمان، عن داود بن النعمان(٢) ، عن عبد الرحيم القصير قال: سألت ابا جعفر (عليه‌السلام ) عن قبر أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) فأنّ الناس قد اختلفوا فيه فقال: إنّ أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) دفن مع أبيه نوح (عليه‌السلام )

[ ١٩٤٤٠ ] ٦ - وعن ابن داود، عن سلامة، عن محمّد بن جعفر، عن محمّد بن أحمد، عن أبي عبدالله الرازي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن صفوان، عن أبي أسامة، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: الكوفة روضة من رياض الجنّة، فيها قبر نوح وإبراهيم(٣) ، وقبور ثلاثمائة نبي وسبعين نبيّاً وستمائة وصي، وقبر سيد الأَوصياء أمير المؤمنين (عليه‌السلام )

[ ١٩٤٤١ ] ٧ - وعنه، عن محمّد بن تمام، عن محمّد بن رباح، عن عمّه

____________________

(١) في المصدر: ومن نوح؟

٥ - فرحة الغري: ٥٠.

(٢) في المصدر: محمّد بن هشام.

(٣) في المصدر: محمّد بن سليمان بن داود بن النعمان.

٦ - فرحة الغري: ٦٩.

(٤) في المصدر زيادة: (عليهما‌السلام )

٧ - فرحة الغري: ٧٠.

٣٨٧

علي بن محمّد،( عن علي بن الصباح، عن الحسن بن محمّد) (١) ، عن القاسم بن الضحاك بن المختار، عن حماد بن عيسى، عن رجل، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قبر علي هو في الغري ما بين صدر نوح ومفرق رأسه ممّا يلي القبلة.

٢٨ - باب تأكّد استحباب زيارة أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) يوم الغدير وكثرة الصدقة فيه

[ ١٩٤٤٢ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن داود، عن أبيه(١) ، عن أحمد بن محمّد بن عامر، عن أبيه، عن علي بن الحسن بن علي بن فضّال، عن محمّد بن عبدالله بن زرارة، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: كنّا عند الرضا (عليه‌السلام ) والمجلس غاص بأهله، فتذاكروا يوم الغدير فأنكره بعض الناس، فقال الرضا (عليه‌السلام ) : حدثني أبي عن أبيه(٢) قال: إنّ يوم الغدير في السماء أشهر منه في الأَرض، إن لله في الفردوس الأَعلى قصراً، لبنة من فضة ولبنة من ذهب - ثمّ ذكر وصف ذلك القصر وما يجتمع فيه يوم الغدير من الملائكة وما ينالون من كرامة ذلك اليوم - ثمّ قال: يا ابن أبي نصر، أينما كنت فاحضر يوم الغدير عند أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) فإنّ الله يغفر لكل مؤمن ومؤمنة ومسلّم ومسلمة ذنوب ستّين سنة، ويعتق من النار ضعف ما أعتق في شهر رمضان وفي ليلة القدر وليلة الفطر، والدرهم فيه بألف درهم لإِخوانك العارفين، فأفضل على إخوانك في

____________________

(١) ليس في المصدر. الباب ٢٨

الباب ٢٨

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٦: ٢٤ / ٥٢.

(٢) « عن أبيه » ليس في المصدر.

(٣) في المصدر زيادة: (عليه‌السلام )

٣٨٨

هذا اليوم وسرّ فيه كلّ مؤمن ومؤمنة، ثمّ قال: يا أهل الكوفة لقد أُعطيتم خيراً كثيراً، وإنكم لممن امتحن الله قلبه للايمان مستقلون مقهورون ممتحنون يصب البلاء عليكم صبّاً، ثمّ يكشفه كاشف الكرب العظيم، والله لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة في كلّ يوم عشر مرّات، ولولا أنّي أكره التطويل لذكرت من فضل هذا اليوم وما أعطى الله(١) من عرفه ما لا يحصى بعدد.

قال عليّ بن الحسن بن فضّال: قال لي محمّد بن عبدالله: لقد ترددت إلى أحمد بن محمّد، أنا وأبوك والحسن بن جهم أكثر من خمسين مرة وسمعناه منه.

ورواه في( المصباح) عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر (٢) .

ورواه ابن طاوس في( مصباح الزائر) نقلاً من كتاب محمّد بن أحمد بن داود بإسناده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر إلّا أنّه اختصر الحديث (٣) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على فضل يوم الغدير في الصلاة(٤) ، والصوم(٥).

____________________

(١) في المصدر: وما أعطى الله فيه.

(٢) مصباح المتهجد: ٦٨٠.

(٣) مصباح الزائر: ٥٤.

(٤) تقدم في الباب ٣ من أبواب بقية الصلوات المندوبة.

(٥) تقدم في الباب ١٤ وفي الحديثين ٣ و ٦ من الباب ١٩ من أبواب الصوم المندوب.

٣٨٩

٢٩ - باب استحباب الغسل لزيارة أمير المؤمنين وغيره من الاأئمة ( عليهم‌السلام ) ثمّ يمشي إليه حافيا متطيّباً لابسا ً أنظف ثيابه، على سكينة ووقار، ذاكراً لله، يقصر خطاه ويكبر ثلاثين مرة أو مائة

[ ١٩٤٤٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن داود، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن أحمد بن الحسين، عن(١) عبد الملك الاودي، عن ذبيأنّ بن حكيم، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: إذا أردت زيارة قبر أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) فتوضّأ واغتسل وامش على هيئتك، وقل، ثمّ ذكر زيارة طويلة.

[ ١٩٤٤٤ ] ٢ - وعنه، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن رجل، عن الزبير بن عقبة، عن فضّال بن موسى النهدي، عن العلاء بن سيابة، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) في قوله عزّ وجلّ:( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) (٢) قال: الغسل عند لقاء كلّ إمام.

[ ١٩٤٤٥ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن موسى بن عبدالله النخعي أنّه قال لعلي بن محمّد بن علي بن موسى(٣) (عليهم‌السلام ) : علمني يا ابن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ )

____________________

الباب ٢٩

فيه ٧ أحاديث

١ - التهذيب ٦: ٢٥ / ٥٣.

(١) كذا في الأصل المخطوط: لكن في المصدر: بن ( بدل ): عن.

٢ - التهذيب ٦: ١١٠ / ١٩٧.

(٢) الأعراف ٧: ٣١.

٣ - الفقيه ٢: ٣٧٠ / ١٦٢٥.

(٣) أضاف في المصدر: بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

٣٩٠

قولاً أقوله بليغاً كاملاً إذا زرت واحداً منكم، فقال: إذا صرت إلى الباب فقف واشهد الشهادتين وأنت على غسل، فاذا دخلت ورأيت القبر فقف وقل: الله أكبر الله أكبر ثلاثين مرة، ثمّ امش قليلاً وعليك السكينة والوقار، وقارب بين خطاك، ثمّ قف وكبّر الله ثلاثين مرة، ثمّ ادن من القبر وكبّر الله أربعين مرة تمام مائة مرة(١) ثمّ قل: « السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة وذكر الزيارة بطولها ».

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه، عن علي بن أحمد بن موسى والحسين بن إبراهيم بن أحمد الكاتب جميعاً، عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي(٢) .

ورواه الصدوق في ( عيون الأَخبار ) عن علي بن محمّد بن عمران الدقاق(٣) وعلي بن عبدالله الوراق، ومحمّد بن أحمد بن علي السنإنّي والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب كلّهم، عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفي مثله(٤) .

[ ١٩٤٤٦ ] ٤ - عبد الكريم بن أحمد بن طاوس في كتاب ( فرحة الغري ) قال: ذكر الفقيه صفي الدين ابن معد أنّ في مزار الفقيه محمّد بن علي بن الفضل - قال: وكان محمّد هذا ثقة عيناً صحيح الاعتقاد مشكور التصنيف -: أنّه وجد بخط عمّه ( الحسين بن الفضل بن تمام )(٥) ، عن الحسين بن محمّد بن

____________________

(١) في المصدر: تمام مائة تكبيرة.

(٢) التهذيب ٦: ٩٥ / ١٧٧.

(٣) في العيون: علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق.

(٤) عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٧٢ / ١.

٤ - فرحة الغري: ٩١.

(٥) ليس في المصدر.

٣٩١

مصعب الدراع(١) ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن صفوان بن يحيى(٢) ، عن صفوان الجمال، عن الصادق( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: قلت له: كيف نزور أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ؟ فقال: يا صفوان إذا أردت ذلك فاغتسل والبس ثوبيك طاهرين غسيلين أو جديدين(٣) ونل شيئاً من الطيب، فإن لم تنل أجزأك، فإذا خرجت من منزلك فقل: وذكر الزيارة بطولها.

[ ١٩٤٤٧ ] ٥ - قال وذكر صاحب كتاب الأَنوار زيارة يرويها يوسف الكناسي(٤) ومعاوية بن عمّار جميعاً، عن الصادق (عليه‌السلام ) قال: إذا أردت الزيارة لقبر أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) فاغتسل من منزلك وقل حين تعبره(٥) وذكر الزيارة.

[ ١٩٤٤٨ ] ٦ - قال: وذكر محمّد بن المشهدي في ( مزاره ) أنّ الصادق (عليه‌السلام ) علّم محمّد بن مسلّم هذه الزيارة قال: إذا أتيت مشهد أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) فاغتسل غسل الزيارة والبس أنظف ثيابك، وشمّ شيئاً من الطيب وامش وعليك السكينة والوقار، فإذا وصلت إلى باب السلام فاستقبل القبلة وكبّر الله ثلاثين مرّة، وقل: وذكر الزيارة.

[ ١٩٤٤٩ ] ٧ - قال: وروى ابن المشهدي، عن الحسن بن محمّد، عن

____________________

(١) في المصدر: الحسين بن محمّد بن مصعب الزراع.

(٢) في المصدر: صفوان بن علي البزاز.

(٣) في المصدر: والبس ثوبين طاهرين غسيلين جديدين.

٥ - فرحة الغري: ٩٣.

(٤) في المصدر: يوسف الكتاتيبي.

(٥) في المصدر: فاغتسل حيث تيسر لك وقل حين تقف بقبره: اللهم اجعل سعيي مشكوراً.

٦ - فرحة الغري: ٩٣.

٧ - فرحة الغري: ٩٤.

٣٩٢

بعضهم، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد(١) ، عن الحسن بن عيسى، عن هشام بن سالم، عن صفوان الجمال قال: لـمّا وافيت مع جعفر ابن محمّد الصادق( عليه‌السلام ) الكوفة نريد أبا جعفر المنصور، قال لي: يا صفوان، أنخ الراحلة فهذا قبر جدي أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ، فأنختها، ثمّ نزل فاغتسل وغير ثوبه وتحفى، وقال لي: افعل كما أفعل(٢) ، ثمّ أخذ نحو الذكوات ثمّ قال لي: قصر خطاك وألق ذقنك إلى الارض، يكتب لك(٣) بكلّ خطوة مائة ألف حسنّة، وتمحا عنك مائة ألف سيئة، وترفع لك مائة ألف درجة، وتقضى لك مائة ألف حاجة، ويكتب لك ثواب كل صديق وشهيد مات أو قتل، ثمّ مشى ومشيت معه(٤) وعلينا السكينة والوقار نسبح ونقدس ونهلّل إلى أنّ بلغنا الذكوات - وذكر الزيارة إلى أنّ قال -: وأعطإنّي دراهم، وأصلحت القبر.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على الغسل هنا(٥) ، وفي الاغسال المسنونة(٦) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٧) .

____________________

(١) في المصدر: أحمد بن عيسى.

(٢) في المصدر: افعل مثل ما أفعله.

(٣) في المصدر: فأنّه يكتب لك.

(٤) في المصدر: ومشينا معه.

(٥) تقدّم ما يدلّ على: استحباب الغسل لزيارة قبر النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في الحديث ١ من الباب ٦ وفي الحديث ١ من الباب ١٥ من هذه الأبواب.

(٦) تقدم في الباب ٢٩ من أبواب الاغسال المسنونة.

(٧) يأتي في الحديث ٥ من الباب ٥٨ وفي الأبواب ٥٩ و ٦١ و ٦٢ وفي الحديث ٨ من الباب ٦٩ وفي الحديث ١ من الباب ٧١ وفي الحديث ١ من الباب ٧٧ وفي الأبواب ٨٨ و ٩٥ و ٩٦ من هذه الأبواب.

٣٩٣

٣٠ - باب استحباب زيارة أمير المؤمنين والأئمة ( عليهم‌السلام ) بالزيارات المأثورة

[ ١٩٤٥٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن أورمة، عمّن حدّثه، عن الصادق أبي الحسن الثالث (عليه‌السلام ) قال: تقول: « السلام عليك يا وليّ الله، أنت أوّل مظلوم وأوّل من غصب حقّه، صبرت واحتسبت حتّى أتاك اليقين، وأشهد(١) أنك لقيت الله وأنت شهيد، عذب الله قاتلك بأنواع العذاب، وجدد عليه العذاب، جئتك عارفاً بحقّك، مستبصراً بشأنك، معادياً لاعدائك ومن ظلمك، ألقى بذلك(٢) ربي أنّ شاء الله، يا ولي الله، أنّ لي ذنوبا كثيرة فاشفع لي عند ربك(٣) فأنّ لك عند الله مقاماً محموداً (٤)، وأنّ لك عند الله جاها وشفاعة، وقد قال الله تعالى:( وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ) (٥) .

وعن محمّد بن جعفر الرزاز(٦) ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد الله(٧) ، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن الثالث (عليه‌السلام ) مثله(٨) .

____________________

الباب ٣٠

فيه حديثان

١ - الكافي ٤: ٥٦٩ / ١.

(١) في المصدر: فأشهد.

(٢) في المصدر: ألقي على ذلك.

(٣) في التهذيب: فاشفع لي إلى ربك ( هامش المخطوط ) وكذلك المصدر.

(٤) في المصدر زيادة: معلوماً.

(٥) الانبياء ٢١: ٢٨.

(٦) في نسخة: محمّد بن جعفر الرازي ( هامش المخطوط ).

(٧) في الكافي: محمّد بن عيسى بن عبيد.

(٨) الكافي ٤: ٥٦٩ / ذيل الحديث ١.

٣٩٤

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب بالإِسنادين، إلّا أنّه قال: تقول عند قبر أمير المؤمنين (عليه‌السلام )(١) .

[ ١٩٤٥١ ] ٢ - محمّد بن الحسن في ( المصباح ) عن جابر الجعفي، قال: قال أبوجعفر (عليه‌السلام ) مضى أبي - علي بن الحسين - إلى قبر أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) فوقف عليه ثمّ بكى وقال: « السلام عليك يا أمين الله في أرضه وحجته في عباده(٢) ، السلام عليك يا أمير المؤمنين، أشهد أنك جاهدت في الله حق جهاده، وعملت بكتابه، واتبعت سنّة نبيه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، حتّى دعاك الله إلى جواره، وقبضك إليه باختياره، وألزم أعداءك الحجّة مع مالك من الحجج البالغة على جميع خلقه، اللّهم فاجعل نفسي مطمئنة بقدرك، راضية بقضائك، مولعة بذكرك ودعائك، محبّة لصفوة أوليائك، محبوبة في أرضك وسمائك، صابرة على نزول بلائك(٣) ، مشتاقة إلى فرحة لقائك، متزودة التقوى ليوم جزائك، مستنّة بسنّة أوليائك(٤) ، مفارقة لاخلاق أعدائك، مشغولة عن الدنيا بحمدك وثنائك » ثمّ وضع خده على قبره وقال(٥) : « اللّهمّ أنّ قلوب المخبتين إليك والهة، وسبل الراغبين إليك شارعة، وأعلام القاصدين إليك واضحة، وافئدة العارفين منك فازعة، وأصوات الداعين إليك صاعدة، وأبواب الإِجابة لهم مفتحة، ودعوة من ناجاك مستجابة، وتوبة من أناب إليك مُقبولة، وعبرة من بكى من خوفك مرحومة، والإِغاثة لمن استغاث بك موجودة، والإِعانة لمن استعان بك مبذولة، وعداتك لعبادك منجزة، وزلل من استقالك مُقالة، وأعمال العاملين لديك محفوظة،

____________________

(١) التهذيب ٦: ٢٨ / ٥٤، ٥٥.

٢ - مصباح المتهجد: ٦٨١.

(٢) في المصدر: وحجته على عباده.

(٣) في نسخة: عن نزول بلائك ( هامش المخطوط ).

(٤) في المصدر: بسنن أوليائك.

(٥) في كامل الزيارات: ثمّ قبل القبر وقال ( هامش المخطوط ).

٣٩٥

وأرزاقك إلى الخلائق من لدنك نازلة، وعوائد المزيد إليهم واصلة، وذنوب المستغفرين مغفورة، وحوائج خلقك عندك مقضية، وجوائز السائلين عندك موفرة، وعوائد المزيد متواترة، وموائد المستطعمين معدّة، ومناهل الظماء مترعة، اللّهم فاستجب دعائي، واقبل ثنائي، واجمع بيني وبين أوليائي، بحق محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين، إنك ولي نعمائي، ومنتهى مناي، وغاية رجائي في منقلبي ومثواي ».

قال الباقر( عليه‌السلام ) : ما قاله أحد من شيعتنا عند قبر أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) أو عند قبر أحد من الائمة( عليهم‌السلام ) إلّا وقع في درج من نور وطبع عليه بطابع محمّد( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) حتّى يسلّم إلى القائم( عليه‌السلام ) فيلقى صاحبه بالبشرى والتحيّة والكرامة أنّ شاء الله تعالى.

ورواه السيد عبد الكريم بن أحمد بن طاوس في( فرحة الغري) عن نصير الدين محمّد بن محمّد بن الحسن الطوسي الوزير، عن أبيه، عن السيد فضل الله الحسني، عن ذي الفقار بن معبد، عن الشيخ الطوسي (١) ، عن المفيد عن محمّد بن أحمد بن داود، عن محمّد بن علي بن الفضل الكوفي، عن محمّد بن روح، عن أبي القاسم النقاش، عن الحسين بن سيف ابن عميرة، عن أبيه سيف، عن جابر نحوه، إلّا أنّه قال: صابرة عند نزول بلائك(٢) ، شاكرة لفواضل نعمائك، ذاكرة لسابغ آلائك مشتاقة إلى فرحة لقائك(٣) .

____________________

(١) في فرحة الغري: ذي الفقار بن معبد الطوسي.

(٢) في المصدر: صابرة على نزول بلائك.

(٣) فرحة الغري: ٤٠.

٣٩٦

ورواه أيضاً عن علي بن بلال المهلّبي(١) ، عن أحمد بن علي بن مهدي الرقي، عن أبيه، عن علي بن موسى الرضا عن آبائه( عليهم‌السلام ) مثله(٢) .

قال: وذكر ابن أبي قرة( في مزاره) عن محمّد بن عبدالله، عن إسحاق ابن محمّد بن مروان، عن أبيه، عن الحسين بن سيف (٣) وذكر نحوه(٤) .

ورواه ابن قولويه في( المزار) عن أبي علي أحمد بن علي بن مهدي، عن علي بن مهدي بن صدقة الرقّي (٥) ، عن علي بن موسى الرضا، عن آبائه( عليهم‌السلام ) (٦) .

أقول: والزيارات المأثورة كثيرة جدّاً لم أوردها خوف الإِطالة، وكذلك ما روي في وداع أمير المؤمنين والأَئمّة (عليهم‌السلام )

٣١ - باب استحباب زيارة هود وصالح عند قبر أمير المؤمنين ( عليه‌السلام )

[ ١٩٤٥٢ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن داود، عن محمّد بن بكار النقاش، عن الحسين بن محمّد الفزاري، عن الحسن بن

____________________

(١) في فرحة الغري: وأخبرنا علي بن بلال المهلبي إلى آخره، والظاهر أنّ الراوي عن المهلبي هو: محمّد بن أحمد بن داود، لا ابن طاوس، وأنه نقله بصورته من كتاب ابن داود، فتدبر. « منه قده ».

(٢) فرحة الغري: ٤٣.

(٣) في المصدر: علي بن سيف بن عميرة.

(٤) فرحة الغري: ٤٣.

(٥) في كامل الزيارات: أبي علي بن صدقة الرقي.

(٦) كامل الزيارات: ٣٩.

الباب ٣١

فيه حديثان

١ - التهذيب ٦: ٣٣ / ٦٦.

٣٩٧

علي النخاس، عن جعفر بن محمّد الرماني، عن يحيى الحماني، عن محمّد ابن عبيد الطيالسي، عن مختار التمار، عن أبي مطر قال: لما ضرب ابن ملجم الفاسق لعنه الله أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال له الحسن( عليه‌السلام ) أقتله؟ قال: لا، ولكن احبسه فإذا مت فاقتلوه، وإذا مت فادفنوني في هذا الظهر في قبر أخويّ هود وصالح(١) .

ورواه عبد الكريم بن طاوس في ( فرحة الغري ) بالإِسناد السابق(٢) عن محمّد بن أحمد بن داود مثله(٣) .

[ ١٩٤٥٣ ] ٢ - وعنه، عن محمّد بن بكران، عن علي بن يعقوب، عن علي ابن الحسن، عن أخيه، عن أحمد بن محمّد بن عمرّ الجرجاني، عن الحسن ابن علي بن أبي طالب، عن جده أبي طالب قال: سألت الحسن بن علي (عليهما‌السلام ) أين دفنتم أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) قال: على شفير الجرف ومررنا به ليلاً على مسجد الأَشعث.

وقال: ادفنوني في قبر أخي هود(٤) .

٣٢ - باب استحباب زيارة رأس الحسين ( عليه‌السلام ) عند قبر أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) واستحباب صلاة ركعتين لزيارة كل منهما

[ ١٩٤٥٤ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن داود، عن

____________________

(١) في المصدر زيادة: (عليهما‌السلام )

(٢) سبق في الحديث ٢ من الباب ٣٠ من هذه الأبواب.

(٣) فرحة الغري: ٣٨.

٢ - التهذيب ٦: ٣٤ / ٦٧.

(٤) في المصدر زيادة: (عليه‌السلام )

الباب ٣٢

فيه ٩ أحاديث

١ - التهذيب ٦: ٣٤ / ٧١.

٣٩٨

محمّد بن تمام(١) ، عن محمّد بن محمّد بن رباح، عن عمه علي بن محمّد، عن عبيد الله بن أحمد بن خالد، عن الحسن بن علي الخراز، عن خاله يعقوب بن إلياس، عن مبارك الخباز قال: قال لي أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : أسرجوا البغل والحمار، في وقت ما قدم وهو في الحيرة، قال: فركب وركبت حتّى دخل الجرف، ثمّ نزل فصلّى ركعتين، ثمّ تقدّم قليلاً آخر فصلّى ركعتين، ثمّ تقدّم قليلاً آخر فنزل فصلّى ركعتين، ثمّ ركب ورجع، فقلت له: جعلت فداك وما الاولتين والثانيتين والثالثتين؟ قال: الركعتين الاولتين موضع قبر أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ، والركعتين الثانيتين موضع رأس الحسين( عليه‌السلام ) ، والركعتين الثالثتين موضع منبر القائم( عليه‌السلام ) .

[ ١٩٤٥٥ ] ٢ - وعنه، عن محمّد بن علي، عن عمه، عن أحمد بن أحمد ابن حامد بن زهير(٢) ، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن إسحاق الارحبي(٣) ، عن عمرّ بن عبدالله بن طلحة النهدي، عن أبيه، قال: دخلت على أبي عبدالله (عليه‌السلام ) - فذكر حديثاً حدثناه - قال: مضينا معه - يعني أبا عبدالله (عليه‌السلام ) - حتّى انتهينا إلى الغريّ، قال: فأتى موضعاً فصلّى ثمّ قال لاسماعيل: قم فصلّ عند رأس أبيك الحسين (عليه‌السلام ) ، قلت: أليس قد ذُهب برأسه إلى الشام؟ قال: بلى ولكن فلان مولانا سرقه فجاء به فدفنه ههنا.

____________________

(١) في المصدر: محمّد بن همام.

٢ - التهذيب ٦: ٣٥ / ٧٢.

(٢) في المصدر: أحمد بن حماد بن زهير القرشي. وفي فرحة الغري: أحمد بن حماد بن زهيرة القرشي.

(٣) في نسخة: إسحاق الأرجي ( هامش المخطوط ) وفي المصدر: أبي السخيف الارجني.

٣٩٩

ورواه عبد الكريم بن طاوس في( فرحة الغري) بالإِسناد السابق (١) ، وروي فيه أيضاً جملة من الأَحاديث السابقة والآتية(٢) .

[ ١٩٤٥٦ ] ٣ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن زكريا، عن يزيد بن عمرّ بن طلحة(٣) ، قال: قال لي أبو عبدالله (عليه‌السلام ) وهو بالحيرة أما تريد ما وعدتك؟ قلت: بلى - يعني الذهاب إلى قبر أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) - قال: فركب وركب إسماعيل وركبت معهما حتّى إذا جاز الثوية(٤) وكان بين الحيرة والنجف عند ذكوات بيض نزل ونزل إسماعيل، ونزلت معهما فصلّى وصلّى إسماعيل وصلّيت فقال لاسماعيل: قم فسلّم على جدك الحسين (عليه‌السلام ) ، فقلت: جعلت فداك أليس الحسين (عليه‌السلام ) بكربلاء؟ فقال: نعم، ولكن لـمّا حمل رأسه إلى الشام سرقه مولى لنا فدفنه بجنب أمير المؤمنين (عليه‌السلام )

[ ١٩٤٥٧ ] ٤ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن عقبة، ( عن الحسن الخرّاز، عن الوشّا أبي الفرج )(٥) ، عن أبان بن تغلب قال: كنت مع أبي عبدالله (عليه‌السلام ) فمرّ بظهر الكوفة فنزل فصلّى ركعتين ثمّ تقدّم قليلاً فصلّى ركعتين ثمّ سار قليلاً فنزل فصلّى ركعتين، ثمّ

____________________

(١) سبق في الحديث ٢ من الباب ٣٠ من هذه الأبواب.

(٢) فرحة الغري: ٦٥.

٣ - الكافي ٤: ٥٧١ / ١، كامل الزيارات: ٣٤.

(٣) في نسخة: بريد بن عمرّ بن طلحة ( هامش المخطوط ).

(٤) الثوية: موضع قرب الكوفة ذكر أنّه كان سجناً للنعمان بن المنذر. ( معجم البلدان ٢: ٨٧ ).

٤ - الكافي ٤: ٥٧١ / ٢.

(٥) في كامل الزيارات: الحسن الخزاز الوشاء، عن أبي الفرج.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434