الأمان من اخطار الأسفار والازمان

الأمان من اخطار الأسفار والازمان0%

الأمان من اخطار الأسفار والازمان مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 280

الأمان من اخطار الأسفار والازمان

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: ابو القاسم علی بن موسی بن جعفر بن محمد بن طاووس حلّی (سيد بن طاووس)
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: الصفحات: 280
المشاهدات: 97363
تحميل: 8122

توضيحات:

الأمان من اخطار الأسفار والازمان
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 280 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 97363 / تحميل: 8122
الحجم الحجم الحجم
الأمان من اخطار الأسفار والازمان

الأمان من اخطار الأسفار والازمان

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الفصل الثاني : فيما نذكره من الانشاء ، عند ركوب السفينة والسفر في الماء.

يقول : اللهم إنك قلت :( هو الّذي يسيّركم في البر والبحر ) (١) وحيث كنت ـ يا أرحم الراحمين ، وأكرم الأكرمين ـ المتولي لتسييرنا ، فكن اللهم المتولي لحسن تدبيرنا ، وكمال سرورنا ، ودفع محذورنا ، والرحمة لنا ، والعناية بنا في جميع أمورنا ، ومدنا في تسييرك في(٢) البحر ، في السر والجهر ، بالنصر وجبر الكسر وشد الأزر ، وصلاح الأمر ، والبر واليسر ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

أقول : ورأيت في (أخبار الأخيارعند ركوب البحار) أن الريح عصفت بهم حتى أشرفوا على الهلاك ، وعجزوا عن الاستدراك ، فقالوا لواحد منهم يثقون بدينه ويعرفون قوة يقينه : ادع لنا بالسلامة ، فقال : أنا لا اعارض الله تعالى في ملكه وفلكه. فقالوا : إن لم تتداركنا بأدعيتك وشفاعتك ، وإلا ذهبت أدياننا وأبداننا. فنظر إلى البحر وقال : اللهم قد أريتنا قدرتك فأرنا عفوك. فسكن البحر.

فقال له بعض أصحابه : كيف وصلتم إلى هذا الحال من تعجيل إجابة السؤال؟ قال : إنا تركنا لله ـ جل جلاله ـ ما نريد نحن ، لأجل ما يريد هوـ جل جلاله ـ فصار إذا عرضت إليه حاجة ـ جل جلاله ـ ترك ما يريد هو لأجل ما نريد نحن.

أقول : وحدثني أبوالفخر بن قرةرحمه‌الله وكان رجلا صالحاً ، أنه ركب في بعض مراكب البحار ، فأشرف أهل المركب على الأخطار لقوة الرياح ، وكان معهم رجل معروف بالصلاح ، فاستغاثوا به ، فكتب في رقعة لطيفة شيئا ورماه في الجحر ، فسكن الهواء وزال الابتلاء ، فاجتهدنا أن يعرفنا ما كتب فامتنع من ذلك ، وخرجنا من المركب ، وتبعته من بلد إلى بلد ليعرفني ما كتب ، فلما الححت عليه قال : والله ما كتبت غيرسورة( قل هو الله احد ) .

أقول أنا : ولا ريب أنه كتبها بالاخلاص فكانت سبب الخلاص ، ولو كتب اسم الله الأعظم الأرحم الاكرم ، لكفى في النجاة والظفر بالعز والجاه.

__________________

(١) يونس ١٠ : ٢٢.

(٢) في «ش» زيا دة : البرو.

١٢١

الفصل الثالث : في النجاة في السفينة بآيات من القران ، نذكرها ليقتدي بها أهل الإيمان.

ورأيت في المجلد السابع من (معجم البلدان) للحموي ، في ترجمة محمد بن السائب الكلبي ، ما هذا لفظه : وحدث هشام عن أبيه محمد بن السائب قال : كنت يوماً بالحيرة ، فوثب الي رجل فقال : أنت الكلبي؟ قلت : نعم ، قال : مفسر القرآن؟ قلت : نعم ، قال : فأخبرني عن قول الله عز وجل( واذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستورا ) (١) ما ذلك القران الذي كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا قرأه حجب عن عدوه من الجن والإنس؟

قال ، قلت : لا أدري ، قال : فتفسر القران وأنت لا تعلمه.

قلت : أخبرني ، قال : اية من الكهف ، وآية من الجاثية ، وآية في النحل. قلت : الآيات في هذه السور كثيرة ، فقال : قوله تعالى( افرايت من آتخّذ الهه هواه واضلّه آلله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله افلا تذكّرون ) (٢) وقوله عزوجل :( ومن اظلم ممن ذكر بآيات ربه فاعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم اكنة أن يفقهوه وفى آذانهم وقراً وان تدعهم الى الهدى فلن يهتدوا اذا أبدا ) (٣) وقوله تعالى :( أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وابصارهم وأولئك هم الغافلون ) (٤) .

ثم التفت فلم أره ، فكأنما ابتلعته الأرض ، فصرت إلى مجلس من مجالسي فتحدثت بهذا الحديث.

فلما كان بعد مدة صار إلي رجل ممن حضر مجلسي ، فقال لي : خرجت من الكوفة أريد بغداد وخرجت معي سفائن ست ، وكانت سفينتي السابعة ، فقرأت هذه

__________________

(١) الإسراء ١٧ : ٤٥.

(٢) الجاثية ٤٥ : ٢٣.

(٣) الكهف ٥٧ : ١٨.

(٤) النحل ١٦ : ١٠٨.

١٢٢

الآيات في سفينتي فنجوت وقطع الست.

قال وضرب ألدهرضربانه(١) ، وأتاني رجل بعد سنين كثيرة فسلم علي وقال : أنا عتيقك ومولاك ، قال ، قلت : كيف يكون ذلك وأنت رجل من العرب؟ قال : غزوت الديلم فاسرت فكنت فيهم عشر سنين ، فذكرت الآيات فقرأتها ، فخرجت أرسف في قيودي ، ومررت على الموكلة بنا من السجانين وغيرهم ، فما عرض لي أحد منهم حتى صرت إلى بلاد الإسلام ، فأنا عتيقك ومولاك(٢) .

الفصل الرابع : فيما نذكره مما يمكن أن يكون سبباً لما قدمناه ، من الصلاة على محمد واله ـ صلوات الله عليهم ـ عند ركوب السفينة للسلامة ، واللعن لأعدائهم من أهل الندامة.

رويت عن شيخي محمد بن النجار ، متقدم أهل الحديث بالمدرسة المستنصرية ، وكان محافظاً على مقتضى عقيدته ، فيما رواه لنا من الأخبار النبوية ، من كتابه الذي جعله تذييلا على (تاريخ الخطيب) فقال في ترجمة الحسن بن أحمد المحمدي ـ أبي محمد العلوي ـ ماهذا لفظه : حدث عن القاضي أبي محمد الحسن بن عبدالرحمن بن خلاد الرامهرمزي ، وأبي عبدالله الغالبي ، وبكر بن أحمد بن مخلد. روى عنه أبوعبدالله الحسين بن الحسن بن زيد الحسيني القصبي ، أنبأنا القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد بن بختيار الواسطي قال : كتب إلي أبو جعفر محمد بن الحسن بن محمد الهمداني قال : أخبرنا السيد أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن زيد الحسيني القصبي ـ بقراءتي عليه بجرجان ـ قال : حدثنا الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد العلوي المحمدي ـ ببغداد في شهر رمضان من سنة خمس وعشرين وأربعمائة ـ قال : حدثنا القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد ، وبكر بن أحمد بن مخلد ، وأبو عبدالله الغالبي قالوا : حدثنا محمد بن هارون المنصوري العباسي ، حدثنا أحمد بن شاكر ، حدثنا يحيى بن أكثم القاضي ، حدثنا المأمون ، عن عطية العوفي ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «لما أراد الله ـ عز وجل ـ أن يهلك قوم نوحعليه‌السلام أوحى الله

__________________

(١) ضرب الدهر ضربانه : مضى «القاموس المحيط ـ ضرب ـ ١ : ٩٥».

(٢) البحار ٧٦ : ٢٥٥.

١٢٣

إليه ، أن شق ألواح الساج ، فلما شقها لم يدر ما يصنع بها ، فهبط جبرئيلعليه‌السلام فأراه هيئة السفينة ، ومعه تابوت فيه مائة الف مسمار وتسعة وعشرون ألف مسمار ، فسمر بالمسامير كلها السفينة إلى أن بقيت خمسة مسامير ، فضرب بيده إلى مسمار منها فأشرق في يده وأضاء ، كما يضيء الكوكب الدري في افق السماء ، فتحير من ذلك نوح ، فأنطق الله ذلك المسمار بلسان طلق ذلق فقال : على اسم خير الأنبياء محمد بن عبدالله ، فهبط عليه جبرئيل فقال له : يا جبرئيل ما هذا المسمارالذي ما رأيت مثله؟ قال : هذا باسم خير الأولين والاخرين محمد بن عبدالله ، أسمره في أولها على جانب السفينة اليمين. ثم ضرب بيده على مسمار ثان ، فأشرق وأنار ، فقال نوح : وما هذا المسمار؟ قال : مسمار آخيه وابن عمه علي بن أبي طالب فأسمره على جانب السفينة اليسار في أولها.

ثم ضرب بيده إلى مسمار ثالث ، فزهر وأشرق وأنار ، فقال : (هذا مسمار)(١) فاطمة ، فأسمره إلى جانب مسمار أبيها.

ثم ضرب بيده إلى مسمار رابع ، فزهر وأنار فقال : (هذا مسمار)(٢) الحسن ، فأسمره إلى جانب مسمار أبيه.

ثم ضرب بيده إلى مسمار خامس ، فأشرق وأنار وبكى ، فقال : يا جبرئيل ما هذه النداوة؟ فقال : هذا مسمار الحسين بن علي سيد الشهداء ، فأسمره إلى جانب مسمار أخيه.

ثم قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( وحملناه على ذات الواح ودسر ) (٣) قال النييصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الألواح خشب السفينة ، ونحن الدسر ، لولانا ما سارت السفينة بأهلها»(٤) .

يقول أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس ، مصنّف

__________________

(١) في «ش» : ما هذا المسمار ، فقال جبرئيل : هذا مسمار باسم.

(٢) في «ش» : ما هذا المسمار ، قال : هذا باسم.

(٣) القمر ٥٤ : ١٣.

(٤) البحار ٢٦ : ٣٣٢ / ١٤.

١٢٤

هذا الكتاب : وإنّما ذكرت هذا الحديث ، لأنّه برواية محمد بن النجار ، الذي هو من أعيان أهل الحديث من الأربعة المذاهب وثقاتهم ، وممن لايتهم فيما يرويه من فضائل أهل البيتعليهم‌السلام وعلو مقاماتهم ، وما رأيته ولا رويته من طريق شيعتهم إلى الآن.

وإذا كان نجاة سفينة نوح بأهلها ، وهم أصل كل من بقى من ولد آدم ـ صلوات الله عليه ـ فلا عجب إذا صلى الإنسان عليهم عند ركوب كل سفينة ، شكرا لعلو مقاماتهم ، وما ظفرنا به من النجاة ببركاتهم ، وإن اختار كل من ركب في سفينة وخاف من أخطارها ومعاطبها ، أن يكتب على جوانبها ، في المواضع التي كانت أسماؤهم في سفينة نوح ـ سلام الله عليه ـ توسلاً وتوصلاً في الظفر بما انتهت في النجاة سفينة نوح إليه ، أو يكتبه في رقاع ويلصقها في جوانب سفينة ركوبه ، فلا يبعد من فضل الله ـ جل جلاله ـ أن يظفره بمطلوبه ، وإدراك محبوبه ، إن شاء الله تعالى.

الفصل الخامس : فيما نذكره من دعاء دعا به من سقط من مركب في البحار ، فنجاه الله تعالى من تلك الأخطار.

وجدت في كتاب (المستغيثين) بإسناده أن رجلاً كان في مركب فسقط في البحر ، فقال ثلاث مرات : يا حي لا إله إلا أنت. فسمع أهل المركب مناديا ينادي : لبيك لبيك ، نعم الرب ناديت. ثم اختطف من البحر.

فصل : وقد عرفت أن يونس بن متىعليه‌السلام لما قال في البحر( لا اله الاّ انت سبحانك اني كنت من الظّالمين ) (١) نجاه الله برحمته إنه أرحم الراحمين ، فقل كما قال فإنه ـ جل جلاله ـ قال( وكذلك ننجي المؤمنين ) (٣) .

الفصل السادس : فيما نذكره من دعاء ذكر في تاريخ ، أن المسلمين دعوا به ، فجازوا على بحر وظفروا بالمحاربين.

وهو : يا أرحم الراحمين ، يا كريم يا حليم ، يا أحد يا صمد ، يا حي يا محيي الموتى ، يا حي يا قيوم ، لا إله إلا أنت ، يا ربنا.

__________________

(١) الأنبياء ٢١ : ٨٧.

(٢) الأنبياء ٢١ : ٨٨.

١٢٥

الفصل السابع : فيما نذكره عن مولانا عليـ صلوات الله عليه ـ عند خوف الغرق ، فيسلم ممّا يخاف عليه.

يقرأ :( الله الذي نزّل الكتاب وهو يتولّى آلصّالحين ) (١) ( وما قدروا الله حقّ قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطوبات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ) (٢) (٣) .

أقول : وقد ذكر الله ـ جل جلاله ـ في حال الخائفين من الغرق في البحار ، وأن الإخلاص في الدعاء كان سبب نجاتهم من الماء والهواء ، فقال جل جلاله :( فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البر اذا هم يشركون ) (٤) فالمهم الإخلاص في الدعاء لمن يقول للشيء كن فيكون(٥) .

الفصل الثامن : فيما نذكره عند الضلال في الطرقات بمقتضى الروايات.

روينا عن أحمد بن محمد البرقي من (كتاب المحاسن) في باب دعاء الضال عن الطريق ، بإسناده عن [علي بن](٦) أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : «إذا ضللت في الطريق فناد : يا صالح ـ أو يا أبا صالح ـ أرشدونا إلى الطريق رحمكم الله».

قال عبيد بن الحسين الزرندي : فأصابنا ذلك ، فأمرنا بعض من معنا أن يتنحى وينادي ، قال : فتنحى ونادى ثم أتانا فأخبرنا أنه سمع صوتا دقيقاً يقول : الطريق يمنة

__________________

(١) الأعراف ٧ : ١٩٦.

(٢) الزمر ٣٩ : ٦٧.

(٣) الكافي ٢ : ٤٥٧ / ٢١.

(٤) العنكبوت ٢٩ : ٦٥.

(٥) في «ش» زيادة : ويكتب لكل هم ومحنة هذه الرقعة ، وترسل في الماء الجاري ، وإن كان في يوم الجمعة بعد ألصلاة فهو أبلغ وأنجح ، وهي هذه : بسم الله الرحمن الرحيم ، من العبد الضعيف الذليل ، إلى المولى القوي الجليل ، ربي مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ، واكشف عني ضر ما أنا فيه واكشف عني همي. وفرج غمي ، بحق محمد وآل محمد ، الطيبين الطاهرين.

(٦) أثبتناه من المصدر

١٢٦

ـ أو قال يسرة ـ فوجدناه كما قال(١) .

كذا وجدنا الحديث (يا صالح أويا أبا صالح) ويكون السهو من الراوي ، وكذا قوله (الطريق يمنة أو يسرة) ويكون الشك ممن رواه.

ومن الكتاب قال : حدثني أبي : أنهم حادوا عن الطريق بالبادية ، ففعلنا ذلك فأرشدونا وقال صاحبنا : سمعت صوتاً دقيقا يقول : الطريق إلى يمنة ، فأخبرني ولم يخبر الجماعة ، فقلت : خذوا يمنة ، فأخذنا يمنة فما سرنا إلا قليلا حتى عارضنا الطريق(٢) (٣) .

ومن ذلك بإسناده إلى أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : «من نفرت به دابة فقال هذه الكلمات : يا عباد الله(٤) الصالحين أمسكوا علي رحمكم الله ، يا نارفي ع ح ويا ه ا ه ح».

قال : ثم قال أبو جعفرعليه‌السلام : «إن البر موكل به ارع ح والبحر موكل به ه و م ح».

قال : قال عمر بن عبدالعزيزـ أحد رواة الحديث ـ فقلت : أنا فعلت ذلك في بغال ضلت فجمعها لي(٥) .

ومن ذلك بإسناده عن أبي عبيدة الحذاء قال : كنت مع أبي جعفرعليه‌السلام فضل بعيري ، فقال : «صل ركعتين ، وقل كما أقول : اللهم راد الضالة ، هادياً من الضلالة ، رد علي ضالتي ، فإنها من فضل الله وعطائه» ثم إن أبا جعفرعليه‌السلام أمر غلامه فشد على بعير من إبله محمله ثم قال : «يا أبا عبيدة ، تعال اركب» فركبت مع أبي جعفر فلما سرنا فإذا سواد على الطريق فقال : «يا أبا عبيدة هذا بعيرك» فإذا هو

__________________

(١) المحاسن : ٣٦٢ / ٩٨.

(٢) المحاسن : ٣٦٣.

(٣) في «ش» زيادة : وينبغي أن يقول هذه الكلمات المتحير في الطرقات والمبتلى ببلاء ولا قبل له به : يا فارس الحجاز أدركني أدركني ، يا أبا صالح المهدي أدركني أدركني ، يا أبا الحسن أدركني أدركني ، فيأمرعليه‌السلام بخلاصك من ذلك البلاء ، ويهديك الى سواء السبيل.

(٤) في «ش» زيادة : المخلصين.

(٥) المحاسن : ٣٦٣ / ٩٩.

١٢٧

بعيري(١) .

أقول : وروي عن الصادقعليه‌السلام : «إن البر موكل به صالح ، والبحر موكل به حمزة»(٢) .

وروى البرقي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «إذا أخطأتم الطريق فتيامنوا»(٣) .

أقول : وإن احتاج إلى القرعة أو الاست خارة في معرفة الطريق ، فإنه من التوفيق.

الفصل التاسع : فيما نذكره من تصديق صاحب الرسالة ، أن في الأرض من الجن من يدل على الطريق عند الضلالة.

روينا ذلك من (كتاب المحاسن) بإسناده عن عمر بن يزيد قال : ضللنا سنة من السنين ـ ونحن في طريق مكة ـ فأقمنا ثلاثة أيام نطلب الطريق فلم نجده ، فلما أن كان في اليوم الثالث وقد نفد ما كان معنا ، فتحنطنا وتكفنا بازرنا ـ ازر إحرامنا ـ فقام رجل منا فنادى : يا صالح يا أبا الحسن ، فأجابه مجيب من بعد ، فقلنا : من أنت يرحمك الله؟ فقال : أنا من النفر الذين قال الله تعالى في كتابه :( واذ صرفنا اليك نفراً من الجن يستمعون القرآن ) (٤) إلى آخر الآيات ، ولم يبق منهم غيري ، وأنا مرشد الضلال من الطريق ، قال : فلم نزل نتبع الصوت حتى خرجنا إلى الطريق(٥) .

أقول : ورأيت بخط جدي المسعود ورام بن أبي فراس ـ قدس الله جل جلاله روحه ونور ضريحه ـ في المعنى الذي ذكرناه ، ما هذا لفظ ما وجدناه : وروي عن محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام أن قوما خرجوا في سفر ، فتوسطوا مفازة في يوم قائظ ، فهجر(٦)

__________________

(١) المحاسن : ٣٦٣ / ١٠١.

(٢) الفقيه ٢ : ١٩٥ / ٨٨٦.

(٣) المحاسن : ٣٦٢ / ٩٧.

(٤) الأحقاف ٤٦ : ٢٩.

(٥) المحاسن : ٣٧٩ / ١٥٨.

(٦) الهجير والهاجرة : شدة الحر وسط النهار. «الصحاح هجر ٣ : ٨٥١».

١٢٨

عليهم النهار وقد نفد الماء والزاد ، فأشرفوا على الهلكة عطشاً ، فتلقوا(١) اصول الشجر ، فإذا رجل عليه (بياض الثياب وقف)(٢) عليهم فقال : سلام ، فقالوا : سلام ، قال : ما حالكم؟ قالوا : ما ترى ، قال : أبشروا بالسلامة ، فإني رجل من الجن ، أسلمت على يدأبي القاسم محمد ـ صلوات الله عليه وآله ـ فسمعته يقول : المؤمن أخو المؤمن ، عينه ودليله ، فما كنتم لتهلكوا بحضرتي اتلوني ، قال : فتلوناه(٣) فأوردنا على ماء وكلاً ، فأخذنا حاجتنا ومضينا.

أقول أنا : وهذا من معجزاتهعليه‌السلام وكراماته(٤) .

الفصل العاشر : فيما نذكره إذا خاف في طريقه من الأعداء واللصوص ، وهومن أدعية السر المنصوص.

يا آخذاً بنواصي خلقه ، والسافع(٥) بها إلى قدرته ، والمنفذ فيها حكمه ، وخالقها وجاعل قضائه لها غالبا ، إني مكيد لضعفي ، ولقوتك على من كادني ، تعرضت [ لك ](٦) فإن حلت بيني وبينهم فذلك ما أرجو ، وإن أسلمتني إليهم غيروا ما بي من نعمتك ، يا خير المنعمين لا تجعل أحدا مغيرا نعمك التي أنعمت بها علي سواك ، ولا تغيرها ، أنت ربي ، وقد ترى الذي نزل بيني ، فحل بيني وبين شرهم ، بحق ما به تستجيب الدعاء ، يا الله رب العالمين»(٧) .

__________________

(١) كذا في «د» ، وفوقها بخط أدق «فاقوا» ، والمعنى واحد ، فإن في اصول الشجر نداوة وظلاً يهون عليهم حر العطش شيئاً ما.

تلقى اصول الشجر : واجهها بوجهه.

أم اصول الشجر : قصدها. وقد وردت في «ش» و «ط» : فبلغوا.

(٢) في «ش» : ثياب بيض فوقف.

(٣) كذا في «ش» ، وفي «د» فتليناه.

(٤) البحار ٧٦ : ٢٥٧ / ٥١.

(٥) في «د» و «ش» و «ط» : السائق ، وما أثبتناه من البحار ، وسفع بناصبته : جره بها. «الصحاح ـ سفع ـ ٣ : ١٢٣٠».

(٦) أثبتناه من المصدر.

(٧) أدعية السر للراوندي : ٢٢ ، الجواهر السنية : ١٧٧ ، البحار ٧٦ : ٢٥٧ / ٥٢.

١٢٩

ويقول أيضا : «بسم الله وبالله ، ومن الله ، وإلى الله ، وفي سبيل الله ، اللهم إليك أسلمت نفسي ، وإليك وجهت وجهي ، (وإليك الجأت ظهري)(١) ، وإليك فوضت أمري ، فاحفظني بحفظ الايمان ، من بين يدي ، ومن خلفي ، وعن يميني ، وعن شمالي ، ومن فوقي ، ومن تحتي ، وادفع عني بحولك وقوتك ، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم».

فقد روي عن زين العابدينعليه‌السلام أنه قال : «ما ابالي إذا قلت هذه الكلمات لو اجتمع علي الجن والانس»(٢) .

ذكر آيات يحتجب الإنسان بها من أهل العداوات.

تومئ بيدك اليمنى إلى من تخاف شره ، وتقول :( وجعلنا من بين ايديهم سدّاً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) (٣) ( انّا جعلنا على قلوبهم أكنّة ان يفقهوه وفي اذانهم وقرا وان تدعهم الى الهدى فلن يهتدوا اذاً ابداً ) (٤) ( اولئك الذين طبع آلله على قلوبهم وسمعهم وابصارهم وأولئك هم الغافلون ) (٥) ( افرايت من آتخذ الهه هواه واضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله افلا تذكرون ) (٦) ( واذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً * وجعلنا على قلوبهم اكنة ان يفقهوه وفي اذانهم وقراً واذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على ادبارهم نفورا ) (٧) (٨) .

__________________

(١) ليس في «د» و «ش».

(٢) الكافي ٢ : ٤٠٦ / ١٠ و ٤١٠ / ٢٣.

(٣) يس ٣٦ : ٩.

(٤) الكهف ١٨ : ٥٧.

(٥) النحل ١٦ : ١٠٨.

(٦) الجاثية ٤٥ : ٢٣.

(٧) الاسراء ١٧ : ٤٥ ـ ٤٦.

(٨) البحار ٧٦ : ٢٥٨.

١٣٠

الفصل الحادي عشر : فيما نذكره مما يكون أماناً من (اللص إذا ظفر)(١) به ، ويتخلص من عطبه.

رأيت في (كتاب المستغيثين) بإسناده إلى رجل من الأنصار ـ وهو أبو مغلق ـ لقيه لص فأراد أخذه ، فسأله أن يصلي أربع ركعات ، فتركه فصلاها وسجد وقال في سجوده : يا ودود ياذا العرش المجيد ، يا فعالاً لما يريد ، اسألك بعزتك التي لا ترام ، وملكك الذي لا يضام ، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك ، أن تكفيني شر هذا اللص ، يا مغيث أغثني. وكرر هذا الدعاء ثلاث مرات ، فإذا بفارس قد أقبل بيده حربة ، فقتل اللص وقال له : أنا ملك من السماء الرابعة ، وإن من صنع كما صنعت أستجيب له مكروباً كان أو غير مكروب.

ومن الكتاب المذكور بإسناده عن زيد بن حارثة ، أنه ظفر به لص وأراد قتله ، فقال له : دعني اصلي ركعتين فخلاه ، فلما فرغ منهما قال : يا أرحم الراحمين ، فسمع اللص قائلا يقول له : لا تقتله ، فعاد فقال : يا أرحم الراحمين ، فسمع اللص قائلاً يقول له : لا تقتله ، فقال مرة ثالثة : يا أرحم الراحمين ، فاذا بفارس في يده حربة في رأسها شعلة من نار فقتل بها اللص ، ثم قال للمأخوذ : لما قلت : يا أرحم الراحمين ، كنت في السماء السابعة ، فلما قلت ثانية كنت في السماء الدنيا ، فلما قلت مرة ثالثة : يا أرحم الراحمين ، أتيتك(٢) .

الفصل الثاني عشر : فيما نذكره من دعاء قاله مولانا عليعليه‌السلام عند كيد الأعداء ، فظفر بدفع ذلك الابتلاء.

رأيت في الجزء الرابع من كتاب (دفع الهموم والأحزان) تأليف أحمد بن داود النعماني ، قال ابن عباس : قلت لأمير المؤمنينعليه‌السلام ليلة صفين : أما ترى الأعداء قد أحدقوا بنا؟ فقال : «وقد راعك هذا؟» قلت : نعم ، فقال : «اللهم إني أعوذ بك أن اضام في سلطانك ، اللهم إني أعوذ بك أن أضل في هداك ، اللهم إني أعوذ بك

__________________

(١) في «ش» : اللصوص إذا ظفروا.

(٢) البحار ٧٦ : ٢٥٨.

١٣١

أن افتقر في غناك ، اللهم إني أعوذ بك أن اضيع في سلامتك ، اللهم إني أعوذ بك أن اغلب(١) والأمر لك».

أقول أنا : فكفاه الله ـ جل جلاله ـ أمرهم(٢) .

الفصل الثالث عشر : فيما نذكره من أن المؤمن إذا كان مخلصاً ، أخاف الله منه كل شيء.

روينا ذلك بإسنادنا إلى البرقي من كتابه «كتاب المحاسن» عن صفوان الجمال قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «إن المؤمن يخشع له كل شيء ، ويهابه كل شيء ، ثم قال : إذا كان مخلصا لله ، أخاف الله منه كل شيء ، حتى هوام الأرض وسباعها ، وطير السماء ، وحيتان البحر».

فمن ذلك ما رويناه من (كتاب الرجال) للكشي ، وقد ذكرناه في كتاب (الكرامات) ولم يحضرنا لفظه ، فنذكرالآن معناه : ان بعض خواص مولانا عليعليه‌السلام من شيعته ، كان قد سجد فتطوق أفعى على حلقه ، فلم يتغيرعن حال سجوده ومراقبة معبوده ، حتى انفصل الأفعى من رقبته بغير حيلة منه ، بل بفضل الله جل جلاله ورحمته.

ومن ذلك ما رأيناه مرويا عن علي الزاهد بن الحسن بن الحسن بن الحسن السبطعليهم‌السلام ، انه كان قائما في الصلاة فانحدر أفعى من رأس جبل ، فصعد على ثيابه ودخل من زيقه(٣) وخرج من تحت ثيابه ، فلم يتغير عن حال صلاته ومراقبته لمالك حياته(٤) .

ومن ذلك ما رأيناه في (كتاب السفراء) وقد نقلناه بلفظه في (كتاب الكرامات) ونذكر ها هنا بعض معناه ، أن علياً بن عاصم الزاهد كان يزور الحسينعليه‌السلام قبل عمارة مشهده بالناس ، فدخل سبع إليه فلم يهرب منه ، ورأى كف

__________________

(١) في «ش» ، زيادة : في ملكك.

(٢) البحار ٧٦ : ٢٥٩.

(٣) زيق القميص : ما أحاط بالعنق منه. «القاموس المحيط ـ زيق ـ ٣ : ٢٤٣».

(٤) مقاتل الطالبيين : ١٩١ باختلاف في الفاظه.

١٣٢

السبع منتفخة بقصبة قد دخلت فيها ، فأخرج القصبة منه وعصر كف السبع وشده ببعض عمامته ، ولم يقف من الزوار لذلك سواه.

ومن ذلك ما عرفناه نحن ، وهوأن بعض الجوار والعيال جاؤني ليلة وهم منزعجون ـ وكنت إذ ذاك مجاورا بعيالي لمولانا عليعليه‌السلام ـ فقالوا : قد رأينا مسلخ الحمام تطوى الحصر الذي فيه وتنشر ، وما نبصر من يفعل ذلك. فحضرت عند باب المسلخ وقلت : سلام عليكم ، قد بلغني عنكم ما قد فعلتم ، ونحن جيران مولانا عليعليه‌السلام وأولاده وضيفانه وما أسأنا مجاورتكم ، فلا تكدروا علينا مجاورته ، ومتى فعلتم شيئا من ذلك شكوناكم إليه. فلم نعرف منهم تعرضا لمسلخ الحمام بعد ذلك أبداً. ومن ذلك أن ابنتي الحافظة الكاتبة (شرف الأشراف) كمل الله تعالى لها تحف الألطاف ، عرفتني أنها تسمع سلاما عليها ممن لا تراه ، فوقفت في الموضع فقلت : سلام عليكم أيها الروحانيون ، فقد عرفتني ابنتي (شرف الأشراف) بالتعرض لها بالسلام ، وهذا الإنعام مكدرعلينا ، ونحن نخاف منه ، أن ينفر بعض العيال منه ، ونسأل أن لا تتعرضوا لنا بشيء من المكدرات ، وتكونوا معنا على جميل العادات. فلم يتعرض لها أحد بعد ذلك بكلام.

ومن ذلك أنني كنت اصلي المغرب بداري ـ بالحلة ـ فجاءت حية فدخلت تحت خرقة كانت عند موضع سجودي ، فتممت الصلاة ولم تتعرض لي بسوء وقتلتها بعد فراغي من الصلاة ، وهذا أمر معلوم يعرفه من رآه أو رواه.

الفصل الرابع عشر : فيما نذكره إذا خاف من المطر في سفره ، وكيف يسلم من ضرره ، وإذا عطش كيف يغاث ويأمن من خطره.

وروينا بإسنادنا إلى عبدالله بن جعفر الحميري ، في كتاب (دلائل الرضا)عليه‌السلام بإسناد الحميري إلى سليمان الجعفري ، إلى أبي الحسن الرضا صلوات الله عليه قال : كنت معه وهو يريد بعض أمواله ، فأمر غلاماً له يحمل له قباء ، فعجبت من ذلك وقلت : ما يصنع به! فلما صرنا في بعض الطريق ، نزلنا إلى الصلاة وأقبلت السماء ، فألقوا القباء علي وعليه ، وخرساجداً فسجدت معه ، ثم رفعت رأسي وبقي ساجداً ، فسمعته يقول : «يا رسول الله ، يارسول الله» فكف المطر.

١٣٣

قلت أنا : وكنت مرة قد توجهت من بغداد إلى الحلة على طريق المدائن ، فلما حصلنا في موضع بعيد من القرايا جاءت الغيوم والرعود ، واستوى الغمام للمطر ، وعجزنا عن احتماله ، فألهمني الله ـ جل جلاله ـ أنني أقول : يا من يمسك السماوات والأرض أن تزولا ، أمسك عنا مطره وخطره وكدره وضرره ، بقدرتك القاهرة ، وقوتك الباهرة. وكررت ذلك وأمثاله كثيراً ، وهو متماسك بالله ـ جل جلاله ـ حتى وصلنا إلى قرية فيها مسجد فدخلته ، وجاء الغيث شيئاً عظيماً في اللحظة التي دخلت فيها المسجد وسلمنا منه ، وكان ذلك قبل أن أقف على هذا الحديث(١) .

أقول : وتوجهت مرة في الشتاء بعيالي من مشهد الحسين ـ صلوات الله عليه ـ إلى بغداد في السفن ، فتغيمت الدنيا وأرعدت وبدأ المطر ، فألهمت أنني قلت ما معناه : اللهم إن هذا المطر تنزله لمصلحة العباد ، وما يحتاجون إليه من عمارة البلاد ، فهو كالعبد في خدمتنا ومصلحتنا ، ونحن الآن قد سافرنا بأمرك ، راجين لإحسانك وبرك ، فلا تسلط علينا ما هو كالعبد لنا أن يضربنا ، وأجرنا على عوائد العناية الإلهية ، والرعاية الربانية ، وأجر المطر على عوائد العبودية ، واصرفه عنا إلى المواضع النافعة لعبادك وعمارة بلادك ، برحمتك يا أرحم الراحمين. فسكن في الحال(٢) .

أقول : وهذا من تصديق الآيات المعظمات ، في إجابة الدعوات ، ولمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جملة المعجزات ، ولذريته من جملة العنايات ، فإنه ـ جل جلاله ـ استجاب من المحسنين ومن المسيئين.

الفصل الخامس عشر : فيما نذكره إذا تعذر على المسافر الماء.

وجدت في حديث ، حذفت إسناده لأن المراد العمل بمقتضاه : أن الحاج تعذر عليهم وجود الماء ، حتى أشرفوا على الموت والفناء ، فغشي على أحدهم فسقط إلى الارض مغشيا عليه ، فرأى في حال غشيته مولانا علياً ـ صلوات الله عليه ـ يقول : «ما أغفلك عن كلمة النجاة!» فقال له : وما كلمة النجاة؟ فقالعليه‌السلام : «تقول :(٣) أدم ملكك

__________________

(١) البحار ٧٦ : ٢٥٩ / ٥٣.

(٢) البحار ٧٦ : ٢٦٠ / ٥٣.

(٣) في «ش» : اللهم.

١٣٤

على ملكك بلطفك الخفي ، وأنا علي بن أبي طالب» فجلس من غشيته ودعا بها ، فأنشأ الله ـ جل جلاله ـ غماماً في غير زمانه(١) ، ورمى غيثا عاش به الحاج على عوائد عفوه وجوده وإحسانه(٢) .

الفصل السادس عشر : فيما نذكره إذا خاف شيطاناً أو ساحراً.

روينا من كتاب (منية الداعي وغنية الواعي) تأليف علي بن محمد بن عبد الصمد التميمي باسناده قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا علي ، من خاف شيطاناً أو ساحراً فليقرأ»( انّ ربكم الله الذي خلق السّماوات والآرض في ستّة ايّام ثمّ استوى على العرش يغشي الليل النّهار يطلبه حثيثاً والشّمس والقمر والنّجوم مسخّرات بامره الا له الخلق والآمر تبارك الله رب العالمين ) (٣) » وكان في الأصل بعض الاية ، وقال : يقرأ الآية ، فأتممناها ليحتاج إليها من لا يحفظها(٤) .

الفصل السابع عشر : فيما نذكره لدفع ضرر السباع.

قد قدمنا طرفا مما يحتاج إليه من خاف في سفره من السباع ، ونذكر حديثاً آخر من كتاب (غنية الداعي) زيادة في الإنتفاع ، بإسناده إلى مولانا جعفر بن محمد ، عن آبائهعليهم‌السلام قال : «قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : من تخوف سبعاً على نفسه أو على غنمه فليقل : اللهم رب دانيال ، ورب الجب ، ورب كل أسد مستأسد ، احفظني واحفظ علي غنمي».

الفصل الثامن عشر : في حديث اخر للسلامة من السباع.

رويناه من (كتاب المحاسن) بإسناده عن ابن أبي فاخته ، عن أبيه قال : بعثني جعدة بن هبيرة إلى سوراء ، فذكرت ذلك لعليعليه‌السلام فقال : «سأعلمك ما إذا قلته لم يضرك الأسد ، قل : أعوذ برب دانيال والجب من شر الأسد ـ ثلاث مرات ـ» قال : فخرجت فإذا هو باسط ذراعية عند الجسر ، فقلتها فلم يتعرض لي ، ومرت بقرات

__________________

(١) في «ش» : وقته.

(٢) البحار ٧٦ : ٢٦٠ / ٥٣.

(٣) الأعراف ٧ : ٥٤.

(٤) البحار ٩٥ : ١٣٢ / ١١.

١٣٥

فتعرض لهن وضرب منهن بقرة(١) .

الفصل التاسع عشر : في دفع خطرالأسد ، ويمكن أن يدفع به ضرر كل أحد.

وجدته في كتاب (الدلائل للنعماني) بإسناده عن الصادقعليه‌السلام لدفع الأسد إذا عرض للأنسان : «يقرأ آية الكرسي ويقول : عزمت عليك بعزيمة الله ـ جل جلاله ـ وعزيمة محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعزيمة سليمان بن داودعليهما‌السلام وعزيمة علي بن أبي طالبعليه‌السلام والأئمة من بعده ، إلا تنحيت عن طريقنا ولا تؤذينا. فإنه لا يؤذيك» قال : فجرب ذلك فصح ، والحديث مختصر(٢) .

الفصل العشرون : فيما نذكره إذا خاف من السرق.

من كتاب (منية الداعي) بإسناده قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا علي ، أمان لأمتي من السرق( قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن أياماً تدعو فله الاسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً * وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له لشريك في الملك ولم يكن له ولي من الدل وكبره تكبيرا ) (٣) . وكان في الحديث : إلى آخر السورة ، فأتممناها لمن يحتاج إليها(٤) .

الفصل الحادي والعشرون : فيما نذكره لاستصعاب الدابة.

من كتاب (منية الداعي) بإسناده قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا علي ، من استصعبت عليه دابته فليقرأ في اذنها الأيسر( وله اسلم من في السّماوات والارض طوعاً وكرهاً واليه يرجعون ) (٥) ».

الفصل الثاني والعشرون : فيما نذكره إذا حصلت الملعونة في عين دابته ، يقرؤها ويمر يده على عينها ووجهها ، أو يكتبها ويمر الكتابة عليها بإخلاص نيته.

بسم الله الرحمن الرحيم ، بسم الله الشافي ، بسم الله الكافي ، بسم الله المعافي ، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ،

__________________

(١) المحاسن : ٣٦٨ / ١١٩.

(٢) البحار٩٥ : ١٤٢ / ٥.

(٣) الإسراء ١٧ : ١١٠ـ١١١.

(٤) البحار ٧٦ : ٢٦٠ / ٥٣ و ٩٥ : ١٢٤ / ٥.

(٥) ال عمران ٣ : ٨٣.

١٣٦

وننزل من القران ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ، واردد العين الحابس ، والحجر اليابس ، وماء فارس ، وشهاب ثاقب ، من العين إلى العين ، واردد العين إلى العين فقال جبرئيل وميكائيلعليهما‌السلام : إلى أين تذهب يا عين السوء؟ قالت : أذهب إلى الثور في نيره ، والجمل في قطاره ، والدابة في رباطها ، فقالا لهاعليهما‌السلام : عزمنا عليك بتسعة وتسعين اسماً أن تلقي الثور في نيره ، والجمل في قطاره ، والدابة في رباطها ، كذلك يطفئ الله الوجع من العين ، بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، بسم الله ، سلام سلام من الله الذي لا إله إلا هو ، السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر ، سبحان الله عما يشركون(١) .

الفصل الثالث والعشرون : فيما نذكره من الدعاء الفاضل ، إذا أشرف على بلد أو قرية أو بعض المنازل.

روينا من عدة طرق ، ونذكر لفظ ما نقلناه في كتاب (مصباح الزائر وجناح المسافر) فليقل : اللهم رب السماوات السبع وما أظلت ، ورب الأرضين السبع وما أقلت ، ورب الشياطين وما أضلت ، ورب الرياح وما ذرت ، ورب البحار وما جرت ، اني أسألك خير هذه القرية وخير ما فيها ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها ، اللهم يسر لي ما كان فيها من يسر ، وأعني على قضاء حاجتي ، يا قاضي الحاجات ، ويا مجيب الدعوات ، أدخلني مدخل صدق ، وأخرجني مخرج صدق ، واجعل لي من لدنك سلطانا نصيراً(٢) .

وإن شئت فقل ما نقوله من الإنشاء بعد هذا الدعاء : اللهم ارزقني خير هذا المكان وخير أهله ، وخير من دخل إليه أو يدخل إليه ، وخير من قرب منه أو أقام به أو خرج عنه ، واكفني شره وشرأهله وشرمن دخل إليه أو يدخل إليه ، وشر من قرب منه أو أقام به أو خرج عنه ، اللهم وألهمهم حفظ حرمتك ، والعمل بشريعتك ، في ترك الأذى لأنفسهم بظلمهم لنا والغيبة لنا والتعرض بنا ، واختم على جوارحهم أن تقع منها مخالفة لإرادتك أو معارضة لحكمك(٣) ، بشيء يغير علينا عوائد (رحمتك وفوائد

__________________

(١) البحار٩٥ : ٤٢ / ٢.

(٢) مصباح الزائر : ١١ ، البحار ٧٦ : ٢٦٠ / ٥٤ عن الأمان.

(٣) في «ش» : لكلمتك.

١٣٧

نعمتك)(١) وادفع عنا نحوس هذا المكان وضره وبؤسه وأكداره وأخطاره ، وكمل(٢) لنا سعوده وخلوده ومساره ومباره ، وأدخلنا إليه مدخل صدق ، وأقمنا به مقام صدق ، وأخرجنا منه مخرج صدق ، واجعل لنا من لدنك سلطانا نصيرا ، وكن لنا على الدهر ظهيراً ، ومن كل سوء مجيراً ، وهب لنا في الدنيا إنعاماً كثيراً ، وفي الاخرة نعيماً وملكاً كبيراً ، وابدأ في هذا الدعاء وهذا الرجاء ، بمن يرضيك البدأة به من أهل الاصطفاء والاجتباء ، واجعلهم من الوسائل لنا إليك ، في كل ما عرضناه أو نعرضه عليك ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

الفصل الرابع والعشرون : فيما نذكره من اختيار مواضع النزول ، وما يفتح علينا من المعقول والمنقول.

إعلم أن اختيار موضع النزول ينبغي أن يكون في موضع قريب من الماء للطهارات ، والشرب والضرورات ، وفيه ما يحتاج إليه الأصحاب والدواب من المهمات ، وأن يكون في وسط القوم الذين صحبتهم لخفارتك وحفظ حرمتك ، وتجعل الليل إن كان الوقت ليلاً مقسماً بينهم يحفظ كل منهم بقدر حصته من ليلته ، وليس ذلك مخالفاً للتوكل على الله ـ جل جلاله ـ وعلى حفظه وحراسته.

فصل : فقد روينا أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان له من صحابته من يحفظه في سفره من أهل عداوته ، إلى أن نزل قوله جل جلاله( وآلله يعصمك من النّاس ) (٣) فترك الاحتراس بالناس.

فمن الرواية في تحفظهعليه‌السلام في سفره ما نذكر معناه ، لأن الغرض من ذلك الاقتداء به صلوات الله عليه واله والتعريف بأفعاله.

رأينا وروينا من بعض تواريخ أسفاره ـ عليه أفضل الصلوات ـ أنه كان قد قصد قوماً من أهل الكتاب قبل دخولهم في الذمة ، فظفر منهم بامرأة قريبة العرس

__________________

(١) في «ش» : نعمتك وفوائد رحمتك.

(٢) في «ش» : وأكمل.

(٣) المائدة ٥ : ٦٧.

١٣٨

بزوجها ، وعاد من سفره فبات في طريقه ، وأشار إلى عمار بن ياسر وعباد بن بشر أن يحرساه ، فاقتسما الليلة فكان لعباد بن بشر النصف الأول ، ولعمار بن ياسر النصف الثاني ، فنام عمار بن ياسر وقام عباد بن بشر يصلي ، وقد تبعهم اليهودي يطلب امرأته ، ويغتنم إهمالاً من التحفظ فيفتك بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنظراليهودي إلى عباد بن بشريصلي في موضع العبور ، فلم يعلم في ظلام الليل هل هو شجرة أو أكمة أو دابة أو أنسان ، فرماه بسهم فأثبته فيه ، فلم يقطع عباد بن بشرالصلاة ، فرماه بآخر فأثبته فيه ، فلم يقطع الصلاة ، فرماه باخر فخفف الصلاة وأيقظ عمار بن ياسر ، فرأى السهام في جسده فعاتبه وقال : هلا أيقظتني في أول سهم!؟ فقال : كنت قد بدأت بسورة الكهف فكرهت أن أقطعها ، ولولا خوفي أن يأتي العدو على نفسي ويصل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأكون قد ضيعت ثغراً من ثغور المسلمين ، ما خففت من صلاتي ولو أتى على نفسي ، فدفعا العدو عما أراده.

أقول : وذكر أبونعيم الحافظ في الجزء الثاني من كتاب (حلية الأولياء) بإسناده في حديث أبي ريحانة ، أنه كان مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غزوة : فأوينا ذات ليلة إلى شرف(١) ، فأصابنا فيه برد شديد ، حتى رأيت الرجال يحفر أحدهم الحفيرة فيدخل فيها ويكفأ عليه بحجفته(٢) ، فلما رأى ذلك منهم ، قال : «من يحرسنا في هذه الليلة؟ فأدعوله بدعاء يصيب به فضله» فقام رجل فقال : أنا يا رسول الله ، فقال : «من أنت؟» فقال : فلان بن فلان الأنصاري ، فقال : «ادنه» فدنا منه ، فأخذ ببعض ثيابه ، ثم استفتح بدعاء له ، قال أبو ريحانة : فلما سمعت ما يدعو به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للأنصاري فقمت فقلت : أنا رجل ، فسألني كما سأله وقال : «ادنه» كما قال له ، ودعا بدعاء دون ما دعا به للأنصاري ، ثم قال : «حرمت النارعلى عين سهرت في سبيل الله ، وحرمت النار على عين دمعت من خشية الله» وقال الثالثة أنسيتها.

قال أبو شريح بعد ذلك : «وحرمت النارعلى عين غضت عن محارم الله»(٣) .

__________________

(١) الشرف : المكان العالي.«الصحاح ـ شرف ـ ٤ : ١٣٧٩».

(٢) الحجفة : الترس إذا كان من جلود. «الصحاح ـ حجف ـ ٤ : ١٣٤١».

(٣) حلية الأولياء ٢ : ٢٨.

١٣٩

الفصل الخامس والعشرون : فيما نذكره من أن اختيارالمنازل ، منها ما يعرفت صوابه بالنظرالظاهر ، ومنها ما يعرفه الله ـ جل جلاله ـ لمن يشاء بنوره الباهر

أقول : اما اختيار المنازل بالنظر الظاهر ، فأن يكون كما ذكرناه في أرض ومكان فيه ما يحتاج الإنسان إليه له ولأصحابه ولدوابه ، ويأمن فيه من ضرر يتوجه عليه. وأما تعريف الله ـ جل جلاله ـ لمن يشاء بنوره الباهر ، كما رويناه من كتاب محمد بن جرير بن رستم الطبري من كتاب «دلائل الإمامة» عند ذكر كرامات علي بن الحسين صلوات الله عليه بإسناده إلى جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام قال : «خرج أبو محمد علي بن الحسينعليه‌السلام إلى مكة في جماعة من مواليه وناس من سواهم ، فلما بلغ عسفان ضرب مواليه فسطاطه في موضع منها ، فلما دنا علي بن الحسينعليهما‌السلام من ذلك الموضع قال لمواليه : كيف ضربتم في هذا الموضع ، وهذا موضع قوم من الجن هم لنا أولياء ولنا شيعة ، وذلك يضرّ بهم ويضيق عليهم.

فقلنا : ماعلمنا ذلك ، (وعملوا على)(١) قلع الفساطيط ، وإذا هاتف يسمع صوته ولا يرى شخصه ، وهو يقول : يا ابن رسول الله ، لاتحول فسطاطك من موضعه ، فإنا نحتمل لك ذلك ، وهذا اللطف قد أهديناه إليك ، ونحب أن تنال(٢) منه لنسر(٣) بذلك. فإذا في جانب الفسطاط طبق عظيم ، وأطباق معه فيها عنب ورمان وموز وفاكهة كثيرة ، فدعا أبو محمدعليه‌السلام من كان معه فأكل وأكلوا معه من تلك الفاكهة»(٤) .

* * *

__________________

(١) في «ش» : وعمدوا إلى.

(٢) فى «ش» : تنناول.

(٣) فى «ش» : لتسرنا.

(٤) دلائل الأمامة : ٩٣ ، والبحار ٤٦ : ٤٥ / ٤٥ و ٦٣ : ٩٠ / ٤٤.

١٤٠