الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة

الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة0%

الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة مؤلف:
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 208

الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة

مؤلف: العلامة الشيخ محمّد بن الحسين العاملي
تصنيف:

الصفحات: 208
المشاهدات: 125340
تحميل: 7423

توضيحات:

الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 208 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 125340 / تحميل: 7423
الحجم الحجم الحجم
الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة

الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة

مؤلف:
العربية

فهذا إن دلَّ على شيء فإنَّه يدل على أنَّه لا أقلَّ كتب شروح بعض الأدعية ولكن لم تصل إلينا ، وإلّا فما معنى نقله لما قدمه هناك.

نرجو العلي القدير أن يوفقنا للعثورعلى بقية هذا الشرح القيّم انه سميع مجيب.

وأمَّا الشرح فهو غني عن التعريف لما سوف تلمسه فيه مما أبدع فيه المؤلف من تطعيمه بشتى البحوث الفلسفية والطبيعية ، والكلامية ، وبحوث الهيئةوالنجوم ، وغيرها.

ولا غرابة فالمؤلف هو من عكف على آرائه الرياضية والنجومية علماء الشرق والغرب ، ولا زالوا ولم يتمكنوا من الوصول إلى حل قسم من مسائله.

ونظرا لأهمّيّة الكتاب فقد اعتمده جمع ممّن تأخر عنه ، منهم صاحب الرياض في شرحه للدعاء الثالث والأربعين من رياضه المتقدم.

ومنهم شيخ الإسلام العلّامة المجلسي كأحد مصادر كتابه « بحار الأنوار » وأورد أغلبه فيه ، اُنظر بحار الأنوار ٥٨ / ١٧٨ ـ ١٩٩ و ٢٩١ ـ ٢٩٣.

* * *

٢١

ترْجَمة المؤَلّف

اسمه ونسبه

هو : الفقيه المحقق ، والحكيم المتألّه ، والعارف البارع ، والمؤلف المبدع ، والبحاثة المكثر المُجيد ، والأديب الشاعر ، والضلّيع في الفنون بأَسرها ، نابغة الامة الاسلامية في عصره :

الشيخ أبو الفضائل محمد بن الحسين بن عبد الصمد بن محمّد بن علي بن الحسن بن محمد بن صالح بن إسماعيل الحارثي الهَمْداني العاملي الجبعي.

نعم ، هوحارثي هَمْداني ، إذن هو من بيت المجد والشرف والولاء للعترة الطاهرة ، منذ عهد جدّه الأعلى الحارث بن عبد الله الأعور الهَمْداني(١) ، الذي بشّره أميرالمؤمنينعليه‌السلام  عند وفاته بنتيجة عقيدته الصحيحة به ، وولائه المخلص له.

وصحة هذا النسب الطاهر مما تسالم عليه جميع من ترجم له ، أو لوالده ،

________________________

(١) الحارث بن عبدالله الاعور ، عدّ في الأولياء من أصحاب أميرالمومنينعليه‌السلام  ، روى القرطبي في تفسيره الجامع ، باب ذكرجمل من فضائل القران ج ١ : ٥ ما لفظه وكفاه : الحارث : رماه الشعبيّ بالكذب ، وليس بشيء ولم يبن من الحارث كذب ، وإنّما نقم عليه إفراطه في حبّ علي وتفضيله له على غيره ، ومن هاهنا والله أعلم كذّبه الشعبي.

وهذا ديدنهم في كلّ من أحب علياً وآل علي.

ترجم له في تنقيح المقال ١ : ٢٤٥ ت ٢١٠٨ / رجال البرقي : ٤ / اختيار معرفة الرجال ١٨ ت ١٤٢١٤٣ وسير أعلام النبلاء ٤ : ١٥٢ / ت ٥٤ / تهذيب الكمال ٥ : ٥ : ٢٤٤ ت١٠٢٥. وغيرها كثير.

٢٢

وكما صرّح به جمع من أعلام الاُمة وأساطين الطائفة ممن عاصرها ، ومن تأخر عنهما في إجازاتهم(١) ، وقد عد منهم صاحب الغديرقدس‌سره عشرين علماً(٢) .

وأشاد به نظماً جمع ، منهم الشيخ جعفر الخطّي البحراني(٣) في قصيدة منها :

فيابن الاُولى أثنى الوصيّ عليهم

بماليس تثني وجهه يد إنكار(٤)

يلتقي نسبه الشريف مع نسب علم من أعلام القرن الجامع بين ، العلم والأدب ، والناشر لألوية الحديث ، الشيخ تقي الدين إبراهيم بن الشيخ علي الكفعمي ، مؤلف المصباح ، والبلد الأمين ، وشرح الصحيفة ، ومحاسبة النفس ، الى غيرها.

وذلك أن الشيخ البهائي حفيد أخ الشيخ الكفعمي واليك مخططاً يوضح هذا :

________________________

(١) انظر البحارقسم الإجازات ج ١٠٥ : ١٤٦ و ١٠٧ : ١٤ و ٣٢ و ٣٨ وغيرها.

(٢) الغدير ١١ : ٢١٩ ، ضمن ترجمة والد الشيخ البهائي.

(٣) أبو الحر جعفر بن محمد بن علي بن ناصر بن عبد الامام الخطّي البحراني ينتهي نسبه الى عدنان عالم غلب عليه الادب والشعر فكان من الادباء الكاملين والشعراء المفلقين له إجازة من الشيخ البهائي وله ديوان شعر وغيره مات سنه ١٢٠٨ هـ ، له ترجمة في امل الآمل ٢ / ٥٤ ت ١٣٩ ، سلافة العصر٥٢٤ ، انوار البدرين : ٢٨٨ ت ٤ رياض العلماء ١ / ١١١ ، الروضة النضرة : ١١٣ ، نجوم السماء ١ / ٧٩.

(٤) اُنظر : الغدير ١١ : ٢٢١ / لؤلؤة البحرين : ١٦ ت ٥.

٢٣

٢٤

إذن فالشيخ البهائي محمد بن الحسين بن عبد الصمد بن محمد أخ الشيخ إبراهيم الكفعمي.

هذا نسبه يصفه هوبنفسه قائلا : « إنّ آباءنا وأَجدادنا في جبل عامل كانوا دائماً مشتغلين بالعلم والعبادة والزهد ، وهم أصحاب كرامات ومقامات ».

في هذه البيئة ، ومن هذا البيت العلمي ورث المجد والسؤدد ، ومن هكذا محيط خرج الى الدنيا ، وليس بمنكرما للمحيط من أثر.

ولادته

تاريخها ومكانها

تاريخها :

اختلف المؤرخون فيها :

فمن ذاهب الى أنّها كانت عند المغرب يوم الخميس لثلاث عشر بقين من المحرم سنة ٩٥٣ ، واليه مال الشيخ البحراني وجمع(١) .

ومن ذاهب الى أنها كانت عند غروب شمس يوم الأربعاء لثلاث بقين من ذي الحجة(٢) .

ومن ذاهب ـ كالافندي وجمع ـ الى أنّها كانت « عند غروب الشمس يوم الاربعاء ١٧ ذي الحجة سنة ٩٥٣ »(٣) وذلك استناداً الى نص وجده بخط الشيخ البهائي على نسخة من إرشاد العلّامة الحلي حكاه عن خط والده حيث سجل فيه مواليد ووفيات جمع من الاُسرة.

وهناك من مال الى أَنها كانت سنة ٩٥١ ولم أجد من أيّده على ذلك ولعلها تصحيف ٩٥٣(٤) .

________________________

(١) لؤلؤة البحرين : ٢٢.

(٢) سلافة العصر : ٢٩٠ / خلاصة الأثر ٣ : ٤٤٠ / الحدائق النديّة : ٣ ، ٤٥.

(٣) رياض العلماء ٢ : ١١٠.

(٤) رياض العلماء٥ : ٩٧.

٢٥

ولهذا فقد ضبطها الشيخ القمي في هديته وكناه بقوله : ظنج.

وبناءً على نقل الشيخ المجلسي الاول فيكون مولده اما سنة ٩٤٨ أو ٩٤٩(١) .

وأما محلّها :

فالذي يستفاد من بعض سوانحه(٢) ، وبعض النصوص أَنّها كانت فيموطنه الأَصلّي بعلبك من جبل عامل.

وهو الحق في المقام.

وما ذهب اليه الطالوي في سانحاته من أنّها في قزوين(٣) .

والصنعائي من أنّها في أصفهان(٤) .

وأحمد رفعت(٥) ، وسامي باشا(٦) ، وقدري طوقان(٧) من أنها في آمل المازندرانية أو الخراسانية الى غير ذلك.

فهو مما لا شاهد له ولا دليل عليه ، اللهم إلّا التشابه اللفظي بين آمل وعامل.

* * *

________________________

(١) انظر روضة المتّقين ١٤ : ٤٣٥.

(٢) انظر الكشكول ١ : ٢١٣.

(٣) سانحات دمى العصر ٢ : ١٢٨.

(٤) نسمة السحر ٢ : ٢٥٥.

(٥) لغات تاريخية ٦ : ٢٠٠.

(٦) قاموس الاعلام ٢ : ١٤١١.

(٧) تراث العرب العلمي : ٤٧٤.

٢٦

أساتذته ومشايخه

« إنّ رحلات شيخنا البهائيّ لاقتناء العلوم ردحا من عمره ، وأسفاره البعيدة الى حواضر العالم الاسلامي حينذاك دون ضالّته المنشودة ، وتجوله دهراً في المدن والأمصار وراء اُمنيته الوحيدة ، واجتماعه في تلكم الحواضر مع أساطين الدين ، وعباقرة المذهب ، وأعلام الاُمّة ، وأساتذة كل علم وفنّ ، ونوابع الفواضل والفضائل.

تستدعي كثرة مشايخه في الأخذ والقراءة والرواية غير أنّ المذكور منهم في غضون المعاجم »(١) قلة لاتناسب ما سنعرف عن سياحته وتنقلاته وهم :

١ ـ والده المقدّس الشيخ حسين بن عبد الصمد بن محمّد ، صاحب النفس الطاهرة الزكية ، والهمّة الباهرة العليّة ، كان عالماً ماهراً ، محققاً متبحراً ، جامعاً أديباً منشأ شاعراً ، عظيم الشأن ، جليل القدر ، ثقةً ، من فضلاء تلامذة الشهيد الثانيقدس‌سره .

توفيقدس‌سره سنة ٩٨٤ ثامن ربيع الأول ، في المصلّى من قرى هجر من بلاد البحرين ، عن عمربلغ ٦٦ سنه ، حيث كانت ولادته سنة ٩١٨ في غرة محرم الحرا م(٢) .

وقد قرأ عليه ابنه ـ الشيخ البهائي ـ العلوم العربية والحديث والتفسير ، وروى عنه قراءةً وسماعاً واجازة لجميع ما للإجازة فيه مدخل من سائر العلوم العقلية والنقلية ، بحق روايته عن شيخنا الإمام قدوة المحققين الشهيد الثاني

________________________

(١) الغدير ١١ : ٢٥٠.

(٢) ترجم له جمع منهم : البحراني في لؤلؤته : ٣٣ رقم ٦ / وألأميني في الغدير ١١ : ٢١٨ / والبغدادي في هديته ٢ : ٢٧٣ / والأفندي في رياضه ٢ : ١٠٨ / والحرّفي أمله ١ : ٧٤ رقم ٦٧ / والخوانساري فيروضاته ٢ : ٣٣٨ رقم ٢١٧ / والمامقاني في تنقيحه ١ : ٣٣٢ رقم ٢٩٤٨ / والقمي في سفينته ١ : ٢٧٢ ، وكناه ٢ : ١٠٢ ، وفوائده الرضوية : ١٣٨ / والشيخ النوري في خاتمة مستدركه ٣ : ٤٢١ / والسيد الأمين في أعيانه ٦ : ٥٦.

٢٧

طاب ثراه(١) .

٢ ـ الفقيه المحقق ، والمحدّث المتكلم ، الشيخ عبد العالي بن الشيخ علي بن عبد العالي العاملي الكركي ، نجل صاحب جامع المقاصد ، المولود سنة ٩٢٦ ، والمتوفى ٩٩٣ باصفهان ، ونقل منها بعد ثلاثين سنة ودفن في المشهد الرضوي على من حلّ فيه آلاف التحية والثناء(٢) .

٣ ـ محمّد بن محمّد بن محمّد بن أبي اللطف بن علي بن منصور المقدسي الشافعي الأشعري العلوي ، المولود سنة ٩٤٠ ، برع وهوشاب حتى فُضّل وقدم على من هو أسنّ منه حتى على أخويه ، وصار مفتياً للقدس الشريف على المذهب الشافعي ، مات سنة ٩٩٣(٣) .

وقد أَجاز الشيخ البهائي بإجازة مؤرخة سنة ٩٩٢ في شهرجمادى الأُولى منه(٤) .

ومن لطيف الأسانيد والطرق طريق الشيخ البهائي لرواية صحيح البخاري عن مؤلفه ، وهم ثلاثة عشر شيخاً جميعهم من المسمين بمحمّد ، إليك السند ـ مع حذف الألقاب والاقتصار على الإسم فقط ـ مع تتمته للشيخ البحراني :

.. الشيخ محمّد بن يوسف بن كنبار ، عن الشيخ محمّد بن ماجد البحراني ، عن الشيخ محمّد باقر المجلسي صاحب البحار ، عن أبيه الشيخ محمّد تقي المجلسي ، عن الشيخ محمّد بن الحسين البهائي ، عن محمّد بن محمّد بن محمّد أبي اللطف المقدسي ، عن أبيه محمّد بن محمّد ، عن شيخه محمّد بن ابي الشريف المقدسي ، عن محمّد بن أبي بكر ، عن محمّد المراغي ، عن محمّد بن إسماعيل القرشيدي ، عن السيّد محمّد بن سيف الدين قليج بن كيكذي العلائي ، عن محمّد ابن مسلم بن محمّد بن مالك الحنبلي ، عن أبي محمّد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد

________________________

(١) أعيان الشيعة ٩ : ٢٤٣.

(٢) له ترجمة في الأمل ١ : ١١٠ رقم ١٠٠ / ونقد الرجال : ١٨٨ رقم ١ / عالم آرا ١ : ١٥٤ / وأعيان الشيعه ٨ : ١٧ / ورياض العلماء ٣ : ١٣١ / وتكملة الأمل : ٢٦٥ رقم ٢٣٢ / واحياء الداثر : ١٢٢.

(٣) له ترجمة في شذرات الذهب ٨ : ٤٣١ / والكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة ١ : ٧.

(٤) بحار الأنوار ١٠٦ : ٩٧ رقم ٦٩.

٢٨

المقدسي ، عن محمّد بن عبد الواحد البزاز ، عن محمد بن أحمد حمدان ، عن محمّد ابن اليتيم ، عن محمّد بن يوسف الفريري ، عن محمّد بن إسماعيل البخاري بكتابهالمذكور ، وجميع مصنفاته.

٤ ـ الشيخ الفاضل الكامل المنطقي المولى عبدالله بن الحسين اليزدي الشهابادي المتوفى سنة ٩٨١(١) في اصفهان ، كان علّامة زمانه ، جليل القدر ، عالي المنزلة ، له مؤلفات منها : الحاشية على تهذيب المنطق للتفتازاني ، وحاشية على الأستبصار.

تلّمذ عليه جمع منهم صاحب المعالم ، والمدارك ، وشيخنا المؤلّف ، حيث أخذ عنه الحكمة والكلام وبعض المنقول.

٥ ـ المولى علي المذهب المدرس ، تلمّذ عليه في الرياضيات(٢) .

٦ ـ القاضي المولى أفضل القايني(٣) .

٧ ـ الشيخ أحمد الكجائي الكَهدمي الكَيلاني النُهْمَني(٤) ، المعروف بپير أحمد ، قرأ عليه في قزوين(٥) الرياضيات والحكمة ‎.

٨ ـ النطاسي المحنّك عماد الدين محمد بن مسعود الشيرازي ، قرأ عليه

________________________

(١) ترجم له كل من القمي في فوائده : ٢٤٩ : وسفينته ٢ : ١٣٢ / والحرّ في أمله ٢ : ١٦٠ ت ٤٦٥ / والأفندي في رياضه ٣ : ١٩١ / وروملوفي أحسن التواريخ : ١٢ : ٤٥٨ / والمدني في سلافته ٤٩٠ / وشيخ الذريعة في إحياء الداثر : ١٣٥ / والذريعة ٦ : ٥٣ ت ٢٦٨ / وكحّالة في معجم المؤلفين ٦ : ٤٩ / والمحبي في خلاصته ٣ : ٤٠ / والخوانساري في روضاته ٤ : ٢٢٨ رقم ٣٨٦ / والبغدادي في هديته ٤٧٣١.

هذا ويذهب البعض إلى أنّ وفاته كانت سنة ١٠١٥ منهم المحبي والبغدادي وانظر ماضي النجف وحاضره ٣ : ٣٨٣ حيث ترجم له ولمجموعة من ذريته.

(٢) عالم آرا ١ : ١٥٦.

(٣) عالم آرا ١ : ١٥٦ / إحياء الداثر : ٢٣.

(٤) قال شيخ الذريعة : إن كجاء قد تسمى ( نه مَنِيهَ ) لأن بها قراناً كبيراً مشهوراً بـ( نه من ) ، حيث كان وزنه تسعه أمنان ، بخط كوفي جلّي ، على جلد ظبي ، يقال أنّه بخط أميرالمؤمنينعليه‌السلام . انظر الروضة النضرة : ٣٤

(٥) له ترجمة في الروضة النضرة : ٣٤ / انظر الذريعة ١ : ٥١٩ ت ٢٥٣٣ ، ٥ : ١٣٩ ت ٥٧٨.

٢٩

الطب(١) .

٩ ـ الشيخ عمر العرضي ، أفاد منه في حلب(١) .

١٠ ـ الشيخ محمد بن محمد بن أبي الحسن علي بن محمد البكري ، اجتمع معه في مصر ، وحضر دروسه في الأزهر. المتوفى سنة ٩٩٣ هـ(٢) ، له : شرح مختصرأبي شجاع ، وديوان شعر(٣) .

١١ ـ محمد باقر بن زين العابدين اليزدي المتوفى حدود ١٠٥٦ ، كان من أعاظم الرياضيين ، له : عيون الحساب ، مطالع الأنوارفي الهيئة ، وغيرها(٤) .

ومما لاشك فيه أنّ هذا العدد المذكور من أساتذته وشيوخه لايلائم تلك السياحة التي أخذت من عمره أكثر من الثلث ، بل ومشابهته لفنون عدّة حتى الف في أغلبها الكتب.

ولكن ما الحيلة وهذا هو المحفوظ والذي عثرنا عليه منهم.

________________________

(١) ترجم له كلا من صاحب عالم آرا ١ : ١٦٨ وكذلك في ضمن ترجمة البهائي ١ : ١٥٦ / وإحياء الداثر : ٢٤٠ / والذريعة ٢ : ٢٦٢ ت ١٠٧١ ، ١١ : ١٣٣ ت ٨٣٠ ، ١٦٨ت ١٠٥٤ ، ١٨ : ١٩١ ت ١٣٥٩ و ٢١ : ٢٥٨ ت ٤٩٢٥.

(٢) عمربن عبدالوهاب بن ابراهيم العرضي الحلبي ألشافعي ، مفتي حلب ومحدّثها ، له : شرح الشفا للقاضي. واسمه فتح الغفار ، ذيل تاريخ ابن الحنبلي ، الدّر الثمين وغيرها.

مات سنة ١٠٢٤ هـ ١٦١٥ م.

خلاصة الأثر ٣ : ٢١٥ / ريحانة الألبا ١ : ٢٧٩ رقم ٤١ / كشف الظنون : ١٠٥٤ / هدية العارفين ١ : ٧٩٦ / معجم المؤلفين ٧ : ٢٩٦ وغيرها.

(٣) ترجم له الحنبلي في شذراته ٨ : ٤٣١ / والعبدروسي في نوره السافر ٢ : ٣٦٩ / والخفاجي في ريحانته٢ : ٢٢٠ ت ١٤٩ وانظر هامشه / والمحبي في خلاصته ١ : ١٤٥ / والمدني في سلافته : ٤٠٠.

(٤) من لطيف شعره :

قد بلينا بأمير

ظلم الناس وسبح

فهو كالجزار فيهم

يذكر الله ويذبح

 (٥) الروضة النضرة : ٧٥ / الذريعة ١٥ : ٣٨٧ ت ٢٣٧٦

٣٠

تلامذته

إنّ التأريخ حفظ لنا أسماء جمّ غفير ممن أخذ عن الشيخ المصنف علوم الدين ، والفلسفة والأدب من العلماء الأفذاذ ، ومن استجاز عنه للرواية.

وقد تجمع لدينا منهم عدد كبير ، أرجأنا تعدادهم الى موعد قريب. إن شاء الله(١) .

رحلاته

كانت رحلته الاُولى مع والده من مسقط رأسه إلى إيران ، وفيها تعلم الفارسية واتقنها حتى كأنّه ابن بجدتها ، درس وتعلم في حاضرتي العلم قزوين واصفهان على أبيه وغيره ممن مرّ من أساتذته ، وارتقى الى أوج الكمال ، وفي هذه الأثناء اقترن بزوجة صالحة فاضلة هي كريمة الشيخ العالم العامل شيخ الإسلام في الديار الإيرانية في حينه الشيخ زين الدين علي منشار العاملي(٢) .

ولمّا كانت وحيدة أبيها ، اذ لم يعقب غيرها ، فقد آلت اليها ـ واليه لا محالة ـ تركة أبيها ، ومنها مكتبته العامرة.

حيث كانت للشيخ المنشار مكتبة عظيمة كبيرة تربو على أربعة آلاف كتاب ، جلب أغلبها من الديار الهندية ، إذ كان قاطناً فيها فترة من الزمن(٣) .

فكانا ينتفعان منها وينهلان منها نميراً صافياً.

وعلى أية حال فقد حاز لدى سلطان وقته ـ الشاه عباس الكبير ـ أعلى المراتب وهي مشيخة الاسلام ، وله ألف الجامع العباسي في الفقه.

________________________

(١) في مقدمة كتاب شرح قصيدته « سرى البرق » للشيخ جعفر النقدي إن شاء الله تعالى.

(٢) الشيخ زين الدين علي منشار العاملي ، شيخ الاسلام ، فاضل جليل من المعاصرين للشاه طهماسب الصفوي ، ومن تلامذة الشيخ علي الكركي.

ترجم له في رياض العلماء ٢٦٦ / ٤ ، عالم ارا ١٥٤ / ١.

(٣) الفوائد الرضوية : ٥١٠.

٣١

ولكن الذي يظهر جلّياً لمن يسبر أحوال الشيخقدس‌سره يرى وبوضوح أنه لم يكن يرى لتلك المناصب الدنيوية قيمة ، بل كان يجعلها وراء ظهره ، وهذا واضح لحبه للوحدة والعزلة وللسير على طريقة أهل السلوك والعرفان والسياحة مختاراً للفقر الذي كان به يفخر فخر الكائناتصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومرجحاً له على تمام المناصب والرتب.

هذا وبعد أن ولي في حاضرة العلم وعاصمة الحكومة مشيخة الاسلام ؛بعد والد زوجته الشيخ علي المنشار حيث كان فيها شيخ الاسلام أيام الشاه طهماسب الصفوي ؛ « رغب في الفقر والسياحة ، واستهب من مهاب التوفيق رياحه ، فترك تلك المناصب ، ومال لما هو لحاله مناسب »(١) .

وقد بدأ سياحته بحج بيت الله الحرام ، ومن ثم زيارة المدينة المنورة على من حلّ فيها الآف الثناء ، ومن ثم شهرعصا الترحال وساح في أرض الله الواسعة ردحاً من عمره(٢) ، كان خلالها متخفياً مستتراً كما يظهر من الحوادث والمجريات ، مع أنّ شهرته كانت مطبقة في الآفاق.

فقد زار خلالها كلاً من الأعتاب المقدسة في العراق ، والإمام الرضاعليه‌السلام  في خراسان ، ومن ثمّ قصد هرات وعاد منها الى مشهد الامام الرضا ، ومنها آذربايجان وزار خلالها مصر ، والقدس الشريف ، ودمشق الشام ، وحلب ، وغيرها من البلاد.

توقف في كلّ بلد مدة ، صاحب جمعاً كثيراً من أهل الكمال والمعرفةوالفضل مما لم يكن ميسورا لكلّ أحد ، وكان خلالها مورد احترام الآخرين ، واستفاد وأفاد كثيراً.

هذا ، وقد وقعت له مباحثات علمية ومذهبية كثيرة مع علماء المذاهب الاخرى أذعن فيها الجميع له.

________________________

(١) السلافة : ٢٩٠.

(٢) يذهب السيد المدني الى أنها طالت مدة ثلاثين سنة ، وقد استبعدها العلامة المحقق الحجّة السيد الخرسان ، انظر مقدمة الكشكول : ٦٥.

٣٢

ومن المؤسف حقاً عدم تدوين الشيخ البهائي لاخبار سياحته التي استمرت هذه المدة الطويلة ، مع فضله وكثرة علومه واطلاعه ، اذ مما لاشك فيه وقوع امور لطيفه وقضايا عجيبة تظهر من ثناء بعض من تعرض لسياحته ، فلودونت لكانت من أنفس الكتب.

إليك شطراً منها :

.. كان يجتمع مدة إقامته بمصر بالاستاذ محمد بن أبي الحسن البكري(١) وكان يبالغ في تعظيمه.

فقال له الشيخ البهائي مرة : يا مولانا أنا درويش فقير فكيف تعظمني هذا التعظيم؟!

قال : شممت منك رائحة الفضل.

فامتدح استاذه بقصيدته التي مطلعها :

يا مصر سقياً لك من جنة

قطوفها يانعة دانية

ويصف الرضي المقدسي(٢) الشيخ ـ عند لقائه له في القدس الشريف ـ ومحاولته القراءة عليه قائلاً :

« ورد علينا من مصر رجل من مهابته محترم ، فنزل في بيت المقدس بفناء الحرم ، عليه سيماء الصلاح ، وقد اتسم بلباس السياح ، وقد تجنب الناس ، وأنس بالوحشة دون الايناس ، وكان يألف من الحرم فناء المسجد الاقصى ، ولم يسند أحد مدة الإقامة إليه نقصاً ، فاُلقي في روعي أنّه من كبار العلماء الأعاظم ، فما زلت لخاطره أتقرب ، ولما لا يرضيه أتجنب ، فاذا هو ممن يرحل اليه للأخذ منه ، وتشدّ له الرحال للرواية عنه ، يسمى بهاء الدين محمد الهمداني الحارثي ، فسألته عند ذلك القراءة عليه »(٣) .

________________________

(١) تقدمت ترجمته ومصادرها في صحيفة : ١٢.

(٢) يوسف بن أبي اللطف رضي الدين المقدسي الحنفي ، فاضل أديب ، له تعليقة على تفسير ارشاد العقل السليم ، شرح قصيدة البردة ، توفي سنة ١٠٠٦.

ترجم له في : معجم المؤلفين ٣٢٦ / ١٣ ، هدية العارفين ٥٦٥ / ٢ ، خلاصة الاثر ٤ / ٢٧٢.

(٣) خلاصة الأثر ٣ : ٤٤١ / السانحات ٢ : ١٢٦.

٣٣

وهذه نادرة تدلّنا على مدى ما للمظاهر من تأثير في النفوس ، وهي حادثة جرت للشيخ في دمشق الشام مع الشيخ البوريني الصفوري(١) يحكيها لناالمحبي(٢) وخلاصتها :

أنّ الشيخ البهائي لما ورد دمشق نزل عند بعض التجار الكبار في محله الخراب ، واجتمع مع صاحب الروضات في مزارات تبريز الحافظ حسين الكربلائي القزويني التبريزي(٣) .

ثم إنّ الشيخ طلب من مضيفه الاجتماع بالشيخ البوريني ، فأعد التاجر دعوة تأنق فيها ، ودعا غالب أهل الفضل من محلته ومنهم البوريني.

دخل البوريني المجلس ، والبهائي بهيئة السياح متصدراً له ، والجمع محدق به بأدب.

عجب البوريني من ذلك ، لعدم معرفته وسماعه بقدوم الشيخ ، فلم يعبأبه ، ونحاه عن مجلسه ، وجلس فيه غير ملتفت إليه ، شارعاً في بث معارفه الى أن حانت صلاة العشاء.

________________________

(١) بدر الدين ، الحسن بن محمد بن محمد البوريني الشافعي ، ولد في قرية صفورية ، وهاجر الى دمشق ، ومنها الى بيت المقدس ، اشتغل بالدرس والوعظ في مدارس ومساجد الشام ، كان عالماً محققاً ، فصيح العبارة ، طليق اللّسان ، له : تراجم الأعيان ، ديوان شعر ، ومن بديع شعره :

يقولون : في الصبح الدعاء مؤثر

فقلت : نعم ، لو كان ليلي له صبح

 ومنه

أيا قمراً بتّ في ليل هجره

اُراقب أسراب الكواكب حيرانا

خبأتك في عيني لتخفى الورى

لذلك قالوا : إنّ في العين إنسانا

 ويروى الشطر الثاني :

وما كنت أدري أنّ للعين إنسانا

مات سنة ١٠٢٤ هـ.

خلاصة الأثر ٢ : ٥١ / ريحانة الألباء ١ : ٤٢.

(٢) محمد أمين بن فضل الله المحبي الاموي الدمشقي ، مؤرخ أديب شاعر ، مشارك ، له : نفحة الريحانة ، خلاصة الأثر ، ديوان شعر ، وغيرها توفي سنة ١١١١ هـ ١٦٩٩ م.

سلك الدرر ٤ : ٨٦ / معجم المؤلفين ٩ : ٧٨ / هدية العارفين ٢ : ٣٠٧

(٣) انظر الذريعة ١١ : ٢٧٩ رقم ١٧١١ و ٢٨٠ رقم ١٧١٤.

٣٤

ثم جلسوا ، فابتدر الشيخ البهائي في نقل بعض القضايا والأبحاث ، وهكذا الى أن أورد بحثاً في التفسير عويصاً ، فتكلم عليه بعبارة سهلة فهمها الجميع ، ثم دقّق العبارة حتى لم يفهم ما يقوله إلّا البوريني ، ثم أغمض في العبارة فلم يفهم حتى البوريني.

هذا والجمع صموت جمود ، لا يدرون ما يقولون ، غير أنّهم يسمعون تراكيب واعتراضات وأجوبة تأخذ بالألباب.

عندها نهض البوريني واقفاً على قدميه فقال : إن كان ولابد فأنت البهائيّ الحارثيّ ، إذ لا أحد اليوم بهذه المثابة إلّا هو.

فاعتنقا ، وأخذا في إيراد أنفس ما يحفظان.

وسأله الشيخ البهائي كتمان أمره ، وافترقا ، ولم يقم بعدها ، بل رحل الى حلب(١) .

ويذكر العرضي(٢) في ترجمته قال : قدم ( حلب ) مستخفياً في زمن السلطان مراد بن سليم(٣) ، مغيراً صورته بصورة رجل درويش ، فحضردرس الوالد الشيخ عمر(٤) ، وهولايظهر أنّه طالب عالم ، حتى فرغ من الدرس.

فسأل الوالد عن أدلة تفضيل الصدّيق على المرتضى ، فذكر أحاديث منها حديث « ما طلعت الشمس » وغيرها.

فردّ عليه ، ثم ذكرأشياء كثيرة تقتضي التفضيل للمرتضى ، فشتمه الوالد!!! وقال له : رافضي شيعي ، وسبّه وسكت!!

________________________

(١) خلاصة الأثر ٣ : ٤٤٣ ، وانظر : سانحات دمى القصر ٢ : ١٢٧.

(٢) أبوالوفاء بن عمر بن عبد الوهاب الشافعي العرضي ، عالم فاضل ، مشارك ، مفتي الشافعية بحلب ، له : معادن الذهب في الأعيان المشرفة بهم حلب ، طريق الهدى ، شرح الألفية ، حاشية على أنوار التنزيل ، وغيرها.

توفي سنة : ١٠٧١ هـ ـ ١٦٦١ م.

كشف الظنون ١ : ١٤٨ / هدية العارفين ٢ : ٢٨٨ / ريحانة الألبا ١ : ٢٦٩ رقم ٣٩ خلاصة الأثر١ : ١٤٨ / معجم المؤلفين ١٣ : ١٦٥ وغيرها.

(٣) هو السلطان مراد بن السلطان سليم بن السلطان سليمان القانوني المتوفى ٤ ج ١ سنة ١٠٠٣.

(٤) تقدمت ترجمته صحيفة : ٤.

٣٥

ثم إنّ الشيخ البهائي أمر بعض التجار أن يصنع وليمة يجمع فيها بين الشيخ عمر وبينه.

امتثل التاجر ذلك ، ودعاهما وأخبر الشيخ الوالد أنّ هذا هو الملّا بهاء الدين عالم بلاد العجم.

وعندما استقر المقام بهما.

قال الشيخ البهائي للوالد : شتمتمونا.

فقال : ما علمت أنّك الملا بهاء الدين!!! ولكن إيراد مثل هذا الكلام بحضور العوامّ لا يليق!

بعد هذه الفترة الطويلة عاد الى محطته الاُولى أصفهان ، فتوجهت اليه أنظار الأعاظم ، منتهلة من نميره الصافي العذب ، مستفيدة من أنوار أفكاره البكر ، حتى اختصه الشاه عباس الصوفي حضراً وسفراً حتى صحبه معه في سفره الى التربة المقدسة ، حيث مرقد الإمام الثامن سيراً على الأقدام وفاءاً لنذر كانه نذره.

وقد اشتهرت عنه حكايات في سياحته كثيرة ، منها ممكنة ، ومنهامستبعدت أو ملحقة بالخرافات.

* * *

٣٦

آيات المدح وجمل الثناء

اعترف عامة من ترجم للمصنفقدس‌سره بل وجميع من تأخّرعنه ، بعظم شخصيته العلمية العملاقة في افق العلم ، وسماء المعرفة ، تقدم اليك نبذاً يسيرة :

قال شيخ الحفاظ والمحدثين العلّامة الأميني :

.. بهاء الملّة والدين ، واستاذ الأساتذة والمجتهدين ، وفي شهرته الطائلة وصيته الطائر في التضلّع من العلوم ، ومكانته الراسية من الفضل والدين ، غنى عن تسطير ألفاظ الثناء عليه ، وسرد جمل الإطراء له.

فقد عرفه من عرفه ، ذلك الفقيه المحقق ، والحكيم المتأله ، والعارف البارع ، والمؤلّف المبدع ، والبحاثة المكثر المجيد ، والأديب الشاعر ، والضلّيع من الفنون بأسرها ، فهو أحد نوابع الامة الإسلامية ، والأوحدي من عباقرتها الأماثل(١) .

ويصفه المحبّي بقوله :

.. بطل العلم والدين الفذ ، صاحب التصانيف والتحقيقات ، وهوأحق من كلّ حقيق بذكر أخباره ، ونشر مزاياه ، وإتحاف العالم بفضائله وبدائعه.

وكان اُمة مستقلة في الأخذ بأطراف العلوم ، والتضلع بدقائق الفنون ، وما أظن الزمان سمح بمثله ، ولا جاد بندّه ، وبالجملة فلم تتشنف الأسماع بأعجب من أخباره(٢) . وقال شيخ الأمل في ترجمته :

حاله في الفقه والعلم والفضل والتحقيق والتدقيق وجلالة القدر وعظم الشأن وحسن التصنيف ورشاقة العبارة وجمع المحاسن أظهر من أن يذكر ، وفضائله أكثر من أن تحصر ، وكان ماهراً متبحراً جامعاً كاملاً شاعراً أديباً منشئاً

________________________

(١) الغدير ١١ : ٢٤٩.

(٢) خلاصة الأثر ٣ : ٤٤٠.

٣٧

ثقةً ، عديم النظير في زمانه في الفقه والحديث والمعاني والبيان والرياضي وغيرها(١) .

ويطريه السيد التفرشي بقوله :

جليل القدر ، عظيم المنزلة ، رفيع الشأن ، كثير الحفظ ، ما رأيت بكثرة علومه ووفور فضله وعلوّ رتبته في كل فنون الاسلام كمن له فن واحد ، له كتب نفيسة جيدة(٢) .

وأمّا الأردبيلي فيطريه قائلاً :

جليل القدر ، عظيم المنزلة ، رفيع الشأن ، كثير الحفظ ، ما رأيت بكثرة علومه ووفورفضله ، وعلوّمرتبته أحداً في كلّ فنون الإسلام كمن كان له فن واحد ، له كتب نفيسة جيده منها(٣) .

ويصفه المجلسي الأول قائلاً :

الشيخ الاعظم ، والوالد المعظم ، الامام العلّامة ، ملك الفضلاء والاُدباء والمحدثين ، بهاء الملة والحق والدين(٤) .

وفي مورد آخر يقول :

شيخنا واستاذنا ومن استفدنا منه ، بل كان الوالد المعظم ، كان شيخ الطائفة في زمانه ، جليل القدر ، عظيم الشأن ، كثير الحفظ ، ما رأيت بكثرة علومه ، ووفورة فضله ، وعلو مرتبته أحداً …(٥) .

ووصفه السيد المدني في سلافته قائلاً :

« علم الائمة الأعلام ، وسيد علماء الاسلام ، وبحر العلم المتلاطمة بالفضائل أمواجه ، وفحل الفضل الناتجة لديه أفراده وأزواجه ، وطود المعارفالراسخ ، وقضاؤها الذي لاتحدّ له فراسخ ، وجوادها الذي لايؤمل له لحاق ،

________________________

(١) أمل الآمل ١٥٥ : ١.

(٢) نقد الرجال : ٣٠٣ رقم ٢٦٠.

(٣) جامع الرواة ٢ : ١٠٠.

(٤) روضة المتقين ١ : ٢٢.

(٥) روضة المتقين ١٤ : ٤٣٤.

٣٨

وبدرها الذي لا يعتريه محاق ، الرُحَلَة الذي ضربت اليها أكباد الإبل ، والقبلة التي فطركل قلب على حبها وجبل.

فهو علّامة البشر ، ومجدّد دين الأئمة على رأس القرن الحادي عشر ، اليه انتهت رياسة المذهب والملّة ، وبه قامت قواطع البراهين والأدلة ، جمع فنون العلم وانعقد عليه الإجماع ، وتفرد بصنوف الفضل فبهر النواظر والأسماع ، فما من فنّ إلاوله فيه القدح المعلّى والمورد العذب المحلّى ، إن قال لم يدع قولاً لقائل ، أو طال لم يأت غيره بطائل ، وما مثله ومن تقدّمه من الأفاضل والأعيان إلّا كالملة المحمدية المتأخّرة عن الملل والاديان ، جاءت اخر ففاقت مفاخراً وكل وصف قلته في غيره فإنه في تجربة الخواطر »(١) .

ويطريه صاحب نسمة السحر قائلاً :

« رجل الدهر ، وجامع الفخر ، ورب الشوارد ، وقيد الأوابد ، فهو وارث علم الرئيس ابن سينا في تلك الفنون والحال لاهل الطريقة حقيقة نورطور سيناء فيه يهتدون ، لم يلحق في طريق ، ولم يرفع في فريق ، فهوحيناً وزير السيف والعلم ، وإذ به وزير الدفتر والنون والقلم »(٢) .

ويطريه شيخ الخزانة الشيرازي بقوله :

« بهاء الحق وضياؤه ، وعزّالدين وعلاؤه ، واُفق المجد وسماؤه ، ونجم الشرف وسناؤه ، وشمس الكمال وبدره ، وروض الجمال وزهره ، وبحر الفيض وساحله ، وبر اِلبر ومراحله ، وواحد الدهر ووحيده وعماد العصر وعميده ، وعلم العلم وعلامته ، وراية الفضل وعلامته ، ومنشأ الفصاحة ومولدها ، ومصدر البلاغة وموردها ، وجامع الفضائل ومجمعها ، ومنبع الفواضل ومرجعها ، ومشرق الافادة ومشرعها ، وسلطان العلماء وتاج قمتهم ، وبرهان الفقهاء وتتمة أئمتهم ، وخاتم المجتهدين وزبدتهم ، وقدوة المحدثين وعمدتهم ، وصدر المدرسين واُسوتهم ، وكعبة الطالبين وقبلتهم ، مشهورجميع الآفاق ، وشيخ الشيوخ على الاطلاق ، كهف

________________________

(١) سلافة العصر : ٢٨٩.

(٢) نسمة السحر : ٣٠٣ مخطوط

٣٩

الإسلام والمسلمين ، مروج أحكام الدين ، العالم العامل الكامل الأوحد بهاء الملّة والحق والدين »(١) .

ويطريه الخفاجي قائلاً :

« زين بمآثره العلوم النقلية والعقلية ، وملك بنقد ذهنه جواهرها السنية ، لاسيما الرياضيات وهو في ميدان الفصاحة فارس وأيَّ فارس ، وإن غصنه أينع وربا بربوة فارس فإنّ شجرته نبتت عروقها بنواحي الشام الزاهية المغارس ، والعرق نزّاع وإنْ أثّر الجوار في الطباع »(٢) .

وهذا الحنفي في شرحه على رائية المصنف والمسماة « وسيلة الفوزوالامان » يقول في حقه :

« صاحب التصانيف والتحقيقات ، وهوم أَحقّ من كل حقيق بذكرأَخباره ونشر مزاياه ، وإتحاف العالم بفضائله وبدائعه ، وكان اُمّة مستقلة في الأَخذ بأطراف العلوم والتضلّع من دقائق الفنون ، وما أَظن أَنّ الزمان سمح بمثله ولا جاد بنده ، وبالجملة فلم تتشنّف الأسماع بأَعجب من أَخباره »(٣) .

وقد ذكره الشهاب في كتابيه وبالغ في الثناء عليه(٤) وقد أطال أَبوالمعالي الطالوي في الثناء عليه وكذلك البديعي(٥) .

هذا غيض من فيض مما قيل أَويمكن أن يقال في حقّ شيخنا المصنف ، علم الأعلام ومن عُرِفت مكانته السامية في دنيا الفضل والفضيلة والدين ، حتى قيل في حقه : « لايدرك بحر وصفه الاغراق ، ولا تلحقه حركات الأَفكار ،

________________________

(١) خزانة الخيال : ٤٢١.

(٢) إشارة للحديث الشريف « العرق دساس » وانظر ريحانة الألبا ١ : ٢٠٧.

(٣) فتح المنان شرح قصيدة الفوز والأمان : ٣٦٧ من الطبعة الاولى ، حيث إن الطبعة الملحقة بالكشكول والتي بتحقيق طاهرأحمد الزاوي ـ طالتها يد الخيانة العلمية فحرفتهما ، وأسقطت منها مواردة إحداها ترجمة الشيخ المصنف.

(٤) أي في ريحانة الألباء ١ : ٢٠٧ رقم ٧٢ ونفحة الريحانة ٢ : ٢٨٢ رقم ٩٤.

(٥) سانحات دمي القصر ٢ : ١٢٦. والبديعي ، هو يوسف بن عبدالله الدمشقي الحلبي ، ولعل ذلك فيحدائق الأدب ـ انظر معجم المؤلفين ١٣ : ٢٨٠.

٤٠