الشيعة في الاسلام

الشيعة في الاسلام27%

الشيعة في الاسلام مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 206

الشيعة في الاسلام
  • البداية
  • السابق
  • 206 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 100529 / تحميل: 7824
الحجم الحجم الحجم
الشيعة في الاسلام

الشيعة في الاسلام

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الشيعة في الإسلام

١

٢

الشيعة في الإسلام

السيّد محمّد حسين الطباطبائي

٣

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

٥

٦

مقدّمةُ المُترجِم

تعريفٌ بالكتاب:

قد يتساءل البعض: مَن هم الشيعة؟ وما هو التشيّع؟ متى وجِدَ؟ وكيف نَشأ؟ وإلى غير ذلك من الأسئلة؟

فقال البعض: إنّهم فرقة استحدثت وتشعّبت من الإسلام، وقال آخرون: إنّهم غُلاة ليسوا بمسلمين، وذهب جماعة إلى أنّهم فرقة ضالّة مضلّة، لا يربطهم بالإسلام رابط، وما إلى ذلك من الأقوال …

كتابُ (الشيعةُ في الإسلام) تحقيقٌ جاد في تعريف الشيعة من جميع جوانبهم، لمَن لم يتعرّف على الفكر الشيعي، فهو يُجيب على جميع تلك التساؤلات، ويردّ على الشُبهات التي طالما تمسّك بها الأعداء، فجعلوها ذريعة للحطّ من شأن الشيعة ومقامهم.

لقد عالجَ المؤلِّف هذا الهدف دون تعرّض لأهل السُنّة، في حين يقف مدافعاً عن أصالة الشيعة، ويُبيّن عِلل نشوئهم، وقد حاول المؤلِّف أن يَعرض التشيّع، وهو جانب من الإسلام الأصيل، بعيداً عن التفرقة والانشقاق في صفوف المسلمين.

جاء الكتاب مُبسّطاً وبلُغةٍ يفهمها الجميع، لا يستغني عنه

٧

الشيعة ذاتهم وخاصّةً الشباب.

لقد قسّم المؤلِّف (قدِّس سرّه) بحثهُ القيّم هذا إلى ثلاثة فصول، استعرضَ خلالها تاريخ الشيعة ومعتقداتهم وعلومهم.

فَبحثَ في الفصل الأوّل: كيفيّة نشوء الشيعة وانقساماتها، وموجزاً عن تاريخ الشيعة الاثني عشريّة.

واستعرض في الفصل الثاني: الفكر الشيعي، والطُرق التي ينتهجها في الاحتجاج، من ظواهر دينيّة أو بحوث عقليّة. وتناولَ في الفصل الثالث: أصول الدين وفروعه من وِجهة نظر الشيعة، في الله سبحانه وصفاته، وفي معرفة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والوحي، في المعاد، وفي الإمامة، والفرقُ بين النبي والإمام، وموجَز عن تاريخ الأئمّة الاثني عشر، ومبحث في ظهور المهدي (عليهم السلام).

تعريفٌ بالكاتب:

ولِدَ المؤلِّف العلاّمة السيّد محمّد حسين الطباطبائي في بيت علم وفضل، في بيتٍ له تاريخ طويل في خدمة شريعة الإسلام ومنهج الرسول وأهل بيته، إذ إنّ أربعة عشر من أجداد المؤلِّف كانوا من العلماء البارزين في مدينة تبريز الإيرانيّة.

ولِدَ سنة ١٣٢١ للهجرة، فتابعَ دراسته الأوّليّة هناك، ثُمّ رَحل إلى النجف الأشرف سنة ١٣٤٤هجري، ومكثَ هناك، مدّة لا تقل عن عشر سنوات، اكتسبَ خلالها مختلف العلوم الإسلاميّة، فدرسَ الفقه والأصول، والفلسفة والرياضيات والأخلاق، ثُمّ رجعَ إلى موطنه سنة ١٣٥٤ هجري.

لم يكتفِ بدراسة الفقه والأصول بشكلها المبسّط، وإنّما تعمّق في دراسة هذين العِلمَين، وتناولَ دراسة علم النحو والصرف أيضا‍ً، ودراسة الأدب العربي، وتطرّق إلى دراسة علم الرياضيات القديم كـ(أصول) لأقليدس ،

٨

و (المَجَسْطي) لبطليموس ، والفلسفة وعلم الكلام والعرفان والتفسير أيضاً.

ذاعت شهرتهُ في إيران، بعد أن هاجرَ من مسقط رأسه إلى مدينة قُم، إثرَ الحوادث السياسيّة للحرب العالميّة الثانية، فأقامَ فيها سنة ١٣٦٥هجري، وشرعَ بتدريس التفسير، والحكمة، والمعارف الإسلاميّة، ولم يتوانَ في البحث مع المُخالفين، فأرشدَ العديد منهم إلى طريق الحقّ والصواب.

كان لمحاضراته في الحوزة العلميّة أثرٌ بليغ في طلاّبها، بل شَملت المثقّفين أيضاً، فكانت لقاءاته مع الأستاذ (هنري كربن) مستمرّة في كلّ خريف، يحضرها جَمعٌ من الفضلاء والعلماء، تُطرح فيها المسائل الدينيّة والفلسفيّة، فكانت لها نتائجها المثمرة.

ومن الجدير بالذكر، أنّ تلك اللقاءات والمباحثات لم يكن لها نظير في العالَم الإسلامي، منذ القرون الوسطى حين كان التلاقح الفكري بين الإسلام والمسيحيّة.

أحيا العلاّمة الطباطبائي العلوم العقليّة وتفسير القرآن، فاهتمّ بتدريس الحكمة، فشرعَ بتدريس كتاب (الشفاء) و (الأسفار) .

كان يمتاز بدَماثة الخلق، فكان عاملاً رئيسيّاً في شدّ الطلاّب إلى محاضراته القيّمة، إذ كان يحضرها المئات، فنالَ الكثير منهم درجة الاجتهاد في الحكمة، وأصبحوا أساتذة قادرين على تدريسها.

كان العلاّمة يحرص على الأخلاق وتزكية النفس فضلاً عن اهتمامه بالحكمة والعرفان، ويمكن القول بأنّه أسّس مدرسة جديدة في التربية وعلم الأخلاق، فقدّم للمجتمع نماذج تتّصف بأخلاق إسلاميّة عالية، وكان يؤكّد كثيراً على ضرورة تلازم

٩

التعاليم الإسلاميّة مع التربية المدرسيّة، ويَعتبرها من المسائل الأساسيّة في المعارف الإسلاميّة، إلاّ أنّه من المؤسف لم يُراعَ هذا الأمر في المدارس الحديثة ببلاد المسلمين.

مؤلّفاتهُ:

١) تفسير الميزان في (٢٠) جزءاً باللغة العربيّة، وتُرجِم إلى الفارسيّة والانجليزيّة.

٢) مبادئ الفلسفة وطريقة المثاليّة، مع شرح وهوامش للعلاّمة الفيلسوف الشهيد مرتضى المطهّري.

٣) شرحُ الأسفار لصدر الدين الشيرازي، في ستّة مجلّدات.

٤) حوار مع الأستاذ (هنري كربن) في مجلّدين.

٥) رسالة في الحكومة الإسلاميّة، طُبعت بالعربيّة والفارسيّة والألمانيّة.

٦) حاشيةُ الكفاية.

٧) رسالةٌ في القوّة والفعل.

٨) رسالةٌ في إثبات الذات.

٩) رسالةٌ في الصفات.

١٠) رسالةٌ في الأفعال.

١١) رسالةٌ في الوسائط.

١٢) الإنسان قبل الدنيا.

١٣) الإنسان في الدنيا.

١٤) الإنسان بعد الدنيا.

١٥) رسالةٌ في النبوّة.

١٦) رسالةٌ في الولاية.

١٧) رسالةٌ في المشتقّات.

١٠

١٨) رسالةٌ في البرهان.

١٩) رسالةٌ في المغالطة.

٢٠) رسالةٌ في التحليل.

٢١) رسالةٌ في التركيب.

٢٢) رسالةٌ في الاعتبارات.

٢٣) رسالةٌ في النبوّة والمنامات.

٢٤) منظومةٌ في رسم خط النستعليق.

٢٥) عليٌ والفلسفة الإلهيّة.

٢٦) القرآنُ في الإسلام.

٢٧) الشيعةُ في الإسلام (الكتاب الحاضر).

هذا، فضلاً عن المقالات المتعدّدة التي كانت تُنشر في المجلاّت العلميّة آنذاك.

لعلّ من أهمّ آثار العلاّمة ومؤلّفاته هو كتابه (الميزان في تفسير القرآن) ويُعتبر من التفاسير القيّمة لهذا العصر، فقد خَدم هذا التفسير المجتمع الإسلامي، كما خَدمت التفاسير القيّمة القديمة المسلمين، بتناسبها وتلازمها مع العلوم والفلسفة حينئذٍ، لفهم معاني القرآن في العصور السالفة.

لقد اتّخذ العلاّمة نهجاً خاصّاً في تفسيره هذا، إذ يبتني على نصّ الحديث، وهو تفسير القرآن بالقرآن.

لقد قضى العلاّمة عمراً في خدمة الدين الحنيف، والمجتمع الإسلامي، فكان - ولا يزال - مناراً لروّاد الفضيلة والعلم، فقد أنارَ الطريق للعديد ممّن قرأوا مصنّفاته، وحضروا مجلسه، فمَنحهم روحاً علميّة خالصة واتّجاهاً فكريّاً سليماً، حفظهُ الله تعالى وأيّده، ومَنحهُ الصحّة والعافية.

١١

مقدّمةُ المؤلِّف

الكتابُ الذي بين أيدينا (الشيعةُ في الإسلام) يُعرب عن حقيقة مذهب التشيّع وماهيّته، وهو أحدُ المذهَبين الرئيسيّين الإسلاميَيَن (الشيعي والسنّي).

يستعرض الكتاب كيفيّة نشوء المذهب الشيعي، وأسلوب التفكير الديني لدى الشيعة، والمعارف الإسلاميّة من وِجهة نظرهم.

الدينُ: لاشكّ في أنّ أيّ إنسان يميل في حياته إلى أبناء جنسه، ولا تخلو أعماله التي يقوم بها في بيئته من صلة بعضها بالبعض الآخر: كالأكل، والشرب، والسكون، والحركة، والنوم، واليقظة … في الوقت الذي تنفصل كلّ من هذه الأفعال والحركات عن الأخرى، تكون مرتبطة بعضها بالبعض ارتباطاً وثيقاً.

على هذا الأساس، فإنّ الإعمال التي يقوم بها الإنسان في حياته، تتحقّق في حدود نظامٍ لا يتعدّاه، وتنبع من نظرة معيّنة، ألا وهي أنّ الإنسان يريد أن يحيى حياة سعيدة، يظفر بآماله وأُمنياته، وبعبارةٍ أخرى: يطمح الإنسان قدر استطاعته إلى تحقيق متطلّباته بصورة أكمل، وما ذلك إلاّ للحفاظ على وجوده وبقائه.

وانطلاقاً من هذه النظرة، باتَ الإنسان يُنظّم أعماله وفقَ قوانين وأحكام، وَضعها بميله، أو اقتبسها من آخرين، وبالتالي نجده يتّخذ أسلوباً خاصّاً في حياته، فهو يكدّ ويسعى من أجل إعداد متطلّبات حياته؛ لأنّه يعتبرها من الأُسس والمقوِّمات لها.

فهو يبادر إلى تناول الماء والطعام، ليسدّ بها عطشه وجوعه؛ لأنّ الأكل والشرب حاجتان ضروريّتان لاستمرار الحياة.

إنّ هذه القوانين التي تحكم حياة الإنسان تبتني على اعتقاد أساسي، والإنسان يعتمد عليها في بناء علاقاته، وهو تصوّره عن الحياة والكون، والذي هو جزء منه،

١٢

وتأمّلاته عن حقيقتها، ويتّضح هذا الموضوع بالتأمّل في الآراء المختلفة التي يرتأيها الناس في حقيقة العالَم.

فالذين يحصرون الوجود في هذا العالَم المادّي المحسوس، ويعدّون الإنسان كائناً ماديّاً محضاً (يحيى بتدفّق الحياة في جسمه، ويفنى بالموت)، فإنّ نظرتهم هذه إلى الحياة نظرة ماديّة بحتة، فهم يسعون إلى تحقيق متطلّباتهم الماديّة، ويبذلون في هذا السبيل قصارى جهودهم لتذليل الظروف والعوامل الطبيعيّة لأغراضهم ومصالحهم الخاصّة.

وأمّا الذين يعتقدون بأنّ عالَم الطبيعة من صُنع خالق أعلى شأناً من الطبيعة، مثل: عَبَدة الأوثان، فإنّهم يذهبون إلى أنّ العالَم مخلوق، وخاصّة الإنسان، وقد أسبغَ الخالق نِعمهُ عليه، كي ينعم بخيراتها، فهم يُنسّقون برامج حياتهم وفقاً لرضا الخالق، مبتعدين عن سخطه وغضبه، فإذا ما استطاعوا جلبَ رضاه، فنِعمهُ موفورة، مُغدَقة عليهم، وإذا زالت النِعم، فدليل سَخَطه عليهم.

وهناك مَن يعتقد بالله سبحانه وحده، وينظر إلى حياة الإنسان خالدة، وهو مسؤول عن أعماله خيرها وشرّها، ويقرّ بيوم الجزاء (القيامة) كالمجوس، واليهود، والنصارى، والمسلمين، فهم يسلكون طريقاً في حياتهم، مُراعين فيه هذا الأصل الاعتقادي، كي يحصلوا على سعاة الدارَين: الدنيا، والآخرة.

إنّ مجموع هذه المعتقدات والأسس (الاعتقاد بحقيقة الإنسان والكون) - وما يلازمها من أحكام، وأنظمة متناسقة، والتي تدخل في نطاق عَملهم في الحياة - تسمّى بـ (المَذهب) مثل: مذهبُ التسنّن والتشيّع في الإسلام، أو مذهب المَلكاني والنسطوري في المسيحيّة.

وبناءً على ما تقدّم: يستحيل على الإنسان - وإن كان مُنكراً لوجود الله تعالى - أن يكون في غِنى عن الدين (دستور الحياة الذي بُني على أصل اعتقادي)، فالدين إذاً طريقة الحياة التي لا تنفكّ عنها.

والقرآن الكريم يشير إلى أنّ الإنسان لابدّ أن ينتهج الدين طريقاً له ومَسلكاً، وهذا الطريق قد جَعلهُ الله تعالى لكافّة البشر، وبانتهاجه يصل إلى الله جلّ وعَلا.

ولكنّ الأمر يختلف بالنسبة إلى الأفراد، فأمّا الذين سَلكوا الدين الحقّ وهو الإسلام، فقد سَلكوا طريق الصواب، وأمّا الذين مالوا عن هذا الطريق، فقد ضلّوا ضلالاً مبيناً (١) .

____________________

(١) ( أَنّ لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً ) الآية ٤٤، سورة الأعراف.

١٣

الإسلام: الإسلام لغةً، هو الانقياد لأمر الآمر ونهيه بلا اعتراض، وقد أطلقَ القرآن الكريم كلمة الإسلام على هذه الدعوة، وإطاره العام هو تسليم الإنسان أمام ربّ العالمين (١) ، وألاّ يُعبد إلاّ الله الواحد الأحد، وألاّ يُتّبع إلاّ أوامره.

والقرآن الكريم يخبرنا أنّ إبراهيم الخليل (عليه السلام)، هو أوّل مَن سمّى هذا الدين بالإسلام، ومُتّبعيه بالمسلمين (٢).

الشيعة: يُراد بها الاتباع، وتُطلق على الذين يرونَ أنّ الخلافة بعد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) منحصرة في أهل بيته، والمراد منها في المعارف الإسلاميّة: التابعون لأهل البيت (عليهم السلام) (٣).

____________________

(١) ( وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً ) الآية ١٢٥، سورة النساء.

( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) الآية ٦٤، سورة آل عمران.

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً ) الآية ٢٠٨، سورة البقرة.

(٢) ( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ ) الآية ١٢٨، سورة البقرة.

( مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ ) الآية ٧٨، سورة الحج.

(٣) تُطلق كلمة الشيعة على طائفة من الزيديّة، التي تقرّ بخلافة الخليفتين الأوّل والثاني، قَبل الإمام علي (عليه السلام)، وتتّبع فقه أبي حنيفة في الفروع، والسبب في هذه التسمية: هو أنّهم كانوا يرونَ الخلافة لعلي وأولاده، قِبال خلافة بني أُميّة وبني العبّاس.

١٤

الفصلُ الأوّل:

كيفيّة نشوء الشيعة وتطوّرهم..

١٥

ألف: كيفيّة النشوء

١) بداية نشوء الشيعة وكيفيّته.

٢) سببُ انفصال الأقليّة الشيعيّة عن أكثريّة السُنّة، وظهور الاختلافات.

٣) موضوعا الخلافة والمرجعيّة العلميّة.

٤) الطريقة السياسيّة للخلافة الانتخابيّة، ومغايرتها للفكر الشيعي.

٥) انتهاء الخلافة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وسيرته.

٦) ما حَصَلت عليه الشيعة طوال خلافة الإمام علي (عليه السلام) في خمس سنوات.

٧) انتقال الخلافة إلى معاوية وتحوّلها إلى ملوكيّة موروثة.

٨) الأيّام العصيبة التي مرّت بها الشيعة.

٩) استقرار ملوكيّة بني أُميّة.

١٠) الشيعة في القرن الثاني للهجرة.

١١) الشيعة في القرن الثالث للهجرة.

١٢) الشيعة في القرن الرابع للهجرة.

١٣) الشيعة في القرن الخامس وحتّى القرن التاسع الهجري.

١٤) الشيعة في القرن العاشر والحادي عشر للهجرة.

١٥) الشيعة في القرن الثاني عشر وحتّى القرن الرابع عشر للهجرة.

١٦

١. بدايةُ نشوء الشيعة

يجب أن نعلم أنّ بداية نشوء الشيعة، والتي سُمّيت لأوّل مرّة بشيعة علي (أوّل إمام من أئمّة أهل البيت عليهم السلام) وعُرفت بهذا الاسم، كان في زمن النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فظهور الدعوة الإسلاميّة وتقدّمها وانتشارها خلال ثلاث وعشرين سنة من البعثة النبويّة، أدّت إلى ظهور مثل هذه الطائفة بين صحابة النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (١) .

ألف) وفي الأيّام الأولى من بعثته (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أمرَ بنصٍ من القرآن الكريم، أن يدعو عشيرته الأقربين (٢) ، وصرّح في جَمعهم أنّ أوّل مَن يُبايعني على هذا الأمر سيكون خليفتي ووصيّي من بعدي، فكان علي (عليه السلام) أوّل مَن تقدّم، وقَبِل الإسلام، والنبي قَبَل إيمانه، وتعهّد بكلّ ما وعدهُ به (٣) ، ويستحيل عادةً على قائد

____________________

(١) أوّل اسم ظهرَ في زمن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اسمُ الشيعة، واشتهرَ كلّ من: سلمان، وأبي ذر، والمقداد، وعمّار بهذا اللقب، حاضِر العالَم الإسلامي ١: ١٨٨.

(٢) سورة الشعراء: الآية ٢١٥.

(٣) جاء في الحديث عن علي (عليه السلام): (وقلتُ: ولأنّي لأَحدَثهم سنّاً أنا يا نبيّ الله، أكونُ وزيرك عليه، فأخذَ برَقبتي، ثُمّ قال: إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا، قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمركَ أن تسمع لابنك وتُطيع)، تاريخ اليعقوبي ج٢: ٦٣، تاريخ أبي الفداء ج١: ١١٦، البداية والنهاية ج٣: ٣٩، غايةُ المرام: ٣٢٠.

١٧

نهضة، وفي أيّامها الأولى أن يُعيّن أحد أصحابه وزيراً وخليفة له على الآخرين، ولا يُعرّفهُ للخُلّص من أصحابه وأعوانه، أو أن يكتفي بهذا الامتياز ليعرِفهُ وليعرّفه، ولا يُطلعه على مهمّته طوال حياته ودعوته، أو أن يجعلهُ بعيداً عن مسؤوليّات الوزارة والخلافة، ويغضّ النظر عن مقام الخلافة، وما يجب أن يُبدي لها من احترام وتقدير، ولا يفرِّق بينه وبين الآخرين.

ب) إنّ النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وفقاً للروايات المستفيضة والمتواترة عن طريق أهل السُنّة والشيعة، والتي يُصرّح فيها أنّ عليّاً (عليه السلام) مصون من الخطأ والمعصية في أقواله وأفعاله (١)، وكلّ ما يقوم به فهو مُطابق للدعوة وللرسالة، وهو أعلم الناس بالعلوم الإسلاميّة وشريعة السماء (٢) .

ج) قامَ الإمام علي (عليه السلام) بخدَمات جمّة للرسالة وتضحيات مُدهشة (٣) ، كمنامه في فراش النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليلة الهجرة، فلو لم يكن الإمام علي (عليه السلام) مشاركاً في إحدى الغزوات: (بدر، وأُحد، والخَندق، وخيبر)، لمَا حقّق الإسلام ولا

____________________

(١) عن أُم سلمة قالت: لقد سمعتُ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: (عليّ مع الحقّ والقرآن، والحقّ والقرآن مع علي، ولن يفترقا حتّى يرِدا عَليّ الحوض)، ونُقل هذا الحديث عن ١٥ طريقاً من العامّة، و١١ طريقاً من الخاصّة، ورواته: أُم سلمة، وابن عبّاس، وأبو بكر، وعائشة، وعلي، وأبو سعيد الخدري، وأبو ليلى، وأبو أيّوب الأنصاري، غايةُ المرام: ٥٣٩ - ٥٤٠، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (رَحمَ الله عليّاً دارَ الحقّ معهُ حيث دار)، البداية والنهاية ج٧: ٣٦٠.

(٢) عن علقمة قال: كنتُ عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فسُئل عن علي؟ فقال: (قُسِّمت الحكمة عشرة أجزاء، أُعطيَ عليّ تسعة والناس جزءاً واحداً).

(٣) عندما قرّر كفّار مكّة قتلَ محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وحاصروا بيته، صمّمَ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يهاجر إلى المَدينة، فقال لعلي: (هل أنت مُستعد أن تبيت في فراشي حتّى يظنّوا بأنّني نائم، فأكُن في مأمنٍ منهم)، وافقَ علي (عليه السلام) على الاقتراح بكلّ سرور.

١٨

المسلمون انتصاراً في إحداها، وكان القتل والفشل حليفهم (١) .

د) موضوع غدير خُم، والذي أعلنَ فيه النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الولاية العامّة لعلي (عليه السلام)، فجعلهُ على المسلمين ما كان له عليهم (٢).

من الطبيعي أنّ هذه الخصائص والفضائل التي انفردَ بها الإمام علي (عليه السلام) - والتي هي مورد اتفاق الجميع (٣) ، والعلاقة الخاصّة (٤) التي كان يُبديها النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) - جَعلت له مؤيّدين محبّين مُخلِصين من صحابة النبي وأنصاره، كما أثارت لدى البعض الآخر الحقد والحسد.

وفضلاً عن هذا كلّه، فإنّ كلمة (شيعة علي) و (شيعة أهل البيت) ، قد جاءت في كثير من أقوال النبيّ (صلّى الله عليه وآله) (٥).

٢. سببُ انفصال الأقلّيّة الشيعيّة عن أكثريّة السُنّة، وظهور الاختلافات

كان شيعة علي (عليه السلام) وأصحابه، يعتقدون اعتقاداً راسخاً أنّ الخلافة ستكون لعلي (عليه السلام) بعد وفاة النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؛ وذلك لِمَا كان يتّسم به (عليه السلام) من مقام

____________________

(١) راجع: كُتب التاريخ والحديث.

(٢) حديث الغدير: من الأحاديث المتّفق عليه سُنّة وشيعة، وقد نَقل هذا الحديث أكثر من مائة صحابي بأسانيد وعبارات مختلفة، وهي مدوّنة في كُتب العامّة والخاصّة، لمزيدٍ من التفصيل يُراجع كتاب غاية المرام: ص ٧٩، وكتاب العَبَقات، مجلّد الغدير، وكذا كتاب الغدير.

(٣) تاريخ اليعقوبي: طبع النجف الأشرف، المجلّد الثاني صفحة ١٣٧ - ١٤٠، تاريخ أبي الفداء: المجلّد الأوّل ص ١٥٦، صحيح البخاري ج٤: ١٠٧، مُروج الذهب ج٢: ٤٣٧، ابن أبي الحديد ج١: ١٢٧ و ١٦١.

(٤) صحيح مسلم ج٥: ١٧٦، صحيح البخاري ج٤: ٢٠٧، مُروج الذهب ج٢: ٤٣٧، تاريخ أبي الفداء ج١: ١٢٧ و ١٨١.

(٥) عن جابر بن عبد الله قال: كنّا عند النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فأقبلَ عليّ بن أبي طالب، فقال النبي: (قد أتاكم أخي، ثُمّ التفتَ إلى الكعبة فضرَبها بيده، ثُمّ قال: والذي نفسي بيده، إنّ هذا وشيعته لهُم الفائزون يوم القيامة).

عن ابن عبّاس قال: لمّا نَزلت هذه الآية ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) قال النبي: (هُم أنتَ وشيعتك تأتي أنتَ وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيّين)، وقد وردَ هذان الحديثان، وأحاديث أخرى في كتاب الدرّ المنثور ج١: ٣٧٩، وغايةُ المرام: صفحة ٣٢٦.

١٩

ومنزلة لدى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والصحابة والمسلمين، وظواهر الأمور والحوادث تؤيّد ذلك، عدا ما حدثَ في أيّام مرضه (١) (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

ولكنّ ما حَدثَ هو غير ما كان يتوقّعونه، ففي الوقت الذي التحقَ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالرفيق الأعلى، ولم يُغسّل جسدهُ الطاهر، ولم يُدفن بعد، وحينما كان أهل البيت وعدد من الصحابة مُنصرفين في العزاء، وإجراء المقدّمات اللازمة، إذ وصَلهم نبأ انصراف جماعة قليلة لتعيين الخليفة بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهذه القلّة التي غَلبت الكثرة، قد بادرت بهذا الأمر عُجالة، دون أن يستشيروا أهل البيت،

____________________

(١) لمّا مرضَ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مرضَ الموت، دعا أُسامة بن زيد بن حارثة، فقال: (سِر إلى مقتل أبيك فأوطئهم الخيل، فقد ولّيتُك على هذا الجيش، وإن أظفركَ الله بالعدو، فاقلُل اللبث، وبثّ العيون، وقدِّم الطلائع، فلم يبقَ أحد من وجوه المهاجرين والأنصار إلاّ كان في ذلك الجيش، منهم أبو بكر وعمر، فتكلّم قوم وقالوا: يستعمل هذا الغلام على جلّة المهاجرين والأنصار، فغضبَ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لمّا سمعَ ذلك وخرجَ عاصباً رأسه، فصعدَ المنبر وعليه قطيفة، فقال: أيّها الناس ما مقالة بَلَغتني عن بعضكم في تأمير أُسامة، لئِن طَعنتم في تأميري أُسامة، فقد طعَنتم في تأميري أباه من قَبله، وأيمَ الله إن كان لخليقاً بالأمارة، وابنه من بعده لخليق بها، وإنّهما لمَن أحبّ الناس إليّ، فاستوصوا خيراً …) شرحُ ابن أبي الحديد ج١: ١٥٩.

قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لمّا حَضرتهُ الوفاة: (ائتوني باللوح والدواة، أو بالكتف والدواة، أكتُب لكم كتاباً لا تضلّون بعده) فقالوا: (إنّ رسول الله ليهجُر).

تاريخ الطبري ج٢: ٤٣٦، صحيح البخاري: ج٣، صحيح مسلم: ج٥.

البداية والنهاية ج٥: ٢٢٧، ابن أبي الحديد ج١: ١٣٣.

وقد تكرّرت مثل هذه الحادثة في مرض موت الخليفة الأوّل، وقد أوصى بخلافة عمر، وأُغميَ عليه في أثناء وصيّته، فلم يعترض عمر على الأمر، ولم يَنسب إليه الهَذَيان، في حين أنّه أُغميَ عليه في أثناء الوصيّة، عِلماً بأنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) معصوم، ولم يفقد وعيه حتّى آخر لحظة من لحظات حياته، روضة الصفا ج٢: ٢٦٠.

٢٠

احمد بن ادريس عن محمد بن أحمد بن يحيى عن علي بن السندي عن الطفاوي به(١) .

٧٦ - الحسين بن يزيد بن محمد بن عبدالملك النوفلي(٢)

نوفل النخع مولاهم(٣) ،

____________________

(١) فيه كلام بأحمد بن محمد بن يحيى وإبن شاذان من مشايخ النجاشي وعلي بن السندي.وفي الفهرست ٥٣ / ١٨٥: الحسن بن راشد، له كتاب أخبرنا به أحمد بن أبي جيد عن أبن الوليد عن الصفار عن علي بن السندي عن الحسن بن راشد.قلت: الطريق صحيح بناء‌ا على وثاقة إبن أبي جيد من مشايخ النجاشي، وعلي بن السندي، فلم يثبت وثاقته إلا بأمور لا تخلو عن النظر ولعله يأتي بعض الكلام فيه في علي بن اسماعيل الميثمي.

(٢) وفي رجال إبن داود: الحسين بن يزد بن عبدالملك النوفلي وسيأتي ما يؤيده.

(٣) ولعله كان نخعيا بالولاء لبني الذين نزلوا الكوفة ووفدوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهم آخر الوفود في مأتي رجل سنة أحد عشرة وهم من القحطانية وبنو نوفل من القحطانية مساكنهم بغوطة دمشق وبنو نوفل بطن من بني عبد مناف من قريش من العدنانية فقد سكن عقب نوفل بن الحارث منهم المدينة والبصرة وبغداد. لاحظ لسان العرب، ونهاية الارب ومعجم قبائل العرب والجمهرة وغير ذلك من كتب أنساب العرب فلعلك تجد أكثر مما وقفنا عليه من ذلك.ثم إن كان النوفلي هذا من ولد نوفل بن الحارث فقد كان صحابيا ولد له على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ابنه عبدالله وأسر ببدر وأفدى نفسه برماحه التي بجده وأسلم، وكان أسن من أسلم من بني هاشم واخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بينه وبين العباس، وشهد معهصلى‌الله‌عليه‌وآله فتح مكة، وحنين، والطائف، ذكروه في كتب طبقات الصحابة وغيرها كما في طبقات ابن سعد ج ٤ / ٤٤ وأسد الغابة ج ٥ / ٤٦. ويأتي في الحسين بن بسطام عن الشريف أبي الحسين صالح بن الحسين النوفلي عن أبيه عنه. وكان المغيرة بن نوفل من أصحاب عليعليه‌السلام ذكره الشيخ في أصحابه وبقي بعده وكان مع الحسين بن عليعليهما‌السلام فأصابه مرض في الطريق، فعزم عليه الحسينعليه‌السلام أن يرجع فرجع فلما بلغه قتله رثاه. ذكره مع رثائه المرزباني في معجم الشعراء ج ٢ / ٢٧٢. وكان عبدالملك بن المغيرة بن نوفل أبومحمد النوفلي المدني من رواة الحديث ذكره في تهذيب التهذيب ج ٦ / ٤٢٥ وذكر أنه: روى عن عليعليه‌السلام وجماعة، وروى عنه إبناه نوفل، ويزيد وجماعة وعن ابن معين والنسائي وابن حبان توثيقه. وكان يزيد بن عبدالملك النوفلي من رواة الحديث ضعفه العامة بروايات له في فضل عليعليه‌السلام منها حديث رد الشمس وعدوه من المناكير.مات سنة خمس وستين ومائة ذكره في تهذيب التهذيب ج ٦ (ص ٦٢٥). (*)

(*)

٢١

٢٢

أبوعبدالله(١) ، كان شاعرا أديبا وسكن الري ومات بها.وقال قوم من القميين: انه غلا في آخر عمره والله أعلم، وما رأينا له رواية تدل على هذا(٢) .

____________________

(١) وكني ايضا بأبي محمد كما في التهذيب ج ٣ / ٢٥٣.وفي لسان الميزان ج ٢ / ٣١٧: الحسين بن يزيد روى عن جعفر الصادقعليه‌السلام وله حديث في الدار قطني. وعد البرقي (ص ٥٤) والشيخ (ص ٣٧٣) الحسين بن يزيد النوفلي النخعي من أصحاب الرضاعليه‌السلام .

(٢) قال المحقق (ره) في نكت النهاية في باب المضاربة / ٢٩ في جواب إشكال: هذه رواية النوفلي عن السكوني وهما عاميان لايعمل بما ينفردان به. قلت: تفرد المحقق (ره) في تضعيفه بذلك في هذا الموضع وإلا فقد طعن فيما اذا طعن في رواية السكوني بكون السكوني عاميا ولم يتعرض للنوفلي أصلا، ولذا عد عدم الطعن في النوفلي فيما رواه عن السكوني مع إختصاصه به دليلا على أنه غير مطعون بوجه وإلا وجهه الاصحاب إلى النوفلي أيضا. بل توثيق المحقق (ره) للسكوني في باب النفاس معتذرا عن وجه العمل بروايته، مع ان في طريق هذه الرواية: النوفلي، يدل على كونه أيضا ثقة.توثيقه: لم اقف على التوثيق أو مدح للحسين بن يزيد النوفلي إلا ما ذكره الفخر في الايضاح ج ١ ص ٤٠٣ حيث عد رواية ابراهيم بن هاشم عن النوفلي عن السكوني في ثمن الميتة من الموثق، فيدل على توثيقه لهؤلاء جميعا، وما في المعتبر في النفاس ص ٦٧ من لاعتماد على رواية السكوني مصرحا: بانه عامي لكنه ثقة. حيث دل دفع توقهم ضعفها بذلك مع أن في طريقها النوفلي على أنه ثقة، إذ لو كان النوفلي غير ثقة كانت الرواية ضعيفة وان كان السكوني ثقة. وربما يؤيد وثاقة النوفلي بتصحيح طريق هو فيه، وبرواية الاجلة عنه مثل العباس بن معروف، والحسن بن علي الكوفي، وعلي بن ابراهيم بن هاشم عن ابيه عنه كثيرا، ومحمد ابن أحمد بن يحيى بل رواية الثاني عنه في تفسيره ربما تشير إلى وثاقته على ما تقدم الكلام فيمن روى عنه في التفسير كما ان عدم إستثناء رواية الثالث عنه تعد إمارة عليها على كلام في ذلك ذكرناه في محله. وقد روى إبن قولويه عن النوفلي في كامل الزيارات ص ٩٨. (*)

٢٣

له كتاب التقية، أخبرنا إبن شاذان عن احمد بن محمد بن يحيى قال حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري قال حدثنا إبراهيم بن هاشم عن الحسين بن يزيد النوفلي به، وله كتاب السنة(١) .

____________________

(١) فيه كلام تارة بابن شاذان من مشايخه، وأخرى بأحمد بن محمد بن يحيى فلم يوثق صريحا وإنما استفيد من أمور لا تخلو عن النظر كما تقدم ويأتي ايضا. وفي الفهرست (ص ٥٩): الحسين بن يزيد النوفلي له كتاب اخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن ابن بطة عن احمد بن أبي عبدالله.قلت: طريقه ضعيف بابي المفضل وبابن بطة كما يأتي في ترجمتهما نعم للشيخ طريق صحيحة إليه في الموارد المتفرقة من كتابيه. (*)

٢٤

٧٧ - الحسين بن أبي سعيد هاشم ابن حيان المكاري أبوعبدالله(١)

كان (هو - خ ن)،

____________________

(١) وفي رجال إبن داود (ص ٤٤٣): وفي نسخة: الحسن. وفي الخلاصة (ص ٢١٤) الحسن بن أبي سعيد. وقد ذكره غير واحد من المتأخرين في الحسن والحسن معا وجعل لكل مميزا، ووثق كلا منهما.وذكر في المتن العنوان: الحسين ولكن قال: الحسن ثقة في حديثه. والنسخ الموجودة عندنا، وعند صاحب المجمع، وغيره هكذا إلا أن اشتباه الناسخ عن خط النجاشي مع عدم تميزه هو الاظهر.والمذكور في مواضع من رجال الكشي: إبن أبي سعيد المكاري، لكن الموجود في عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ٢ / ٢١٣ في حديث دخول جماعة من الواقفة على الرضاعليه‌السلام واحتجاجه (ع) معهم: الحسن بن أبى سعيد المكاري، وفي أصول الكافي باب دعوات موجزة ج ٢ / ٥٨٤ وفي كتاب الزكاة من فروعه باب معرفة الجود والسخاء‌ج ١ / ١٧٣: الحسين بن أبي سعيد المكاري وج ٢ / ١٣٨ عن بعض أصحابنا عن إبن أبي سعيد المكاري عن الرضاعليه‌السلام وفي أصوله باب النص على أمير المؤمنينعليه‌السلام ج ١ / ٢٩٦ عن علي عن أبي حمزة عن إبن أبي سعيد عن أبان بن تغلب وفي مواضع منه ومواضع من التهذيب: الحسين بن هاشم. ثم إنه ليس تكنية النجاشي له بأبى عبدالله إمارة كونه الحسين بدعوى ان المسمين بالحسن مكنون بأبي محمد والمسلمين بالحسين مكنون بأبي عبدالله بقرينة عدم ندرة ذلك، إذ هي غير تامة وناشئة عن قلة التأمل في كنيتهما فلا حظ وأذعن. (*)

٢٥

وأبوه وجهين في الواقفة(١) . وكان الحسن ثقة في حديثه(٢) .

____________________

(١) يأتي ترجمته مستقلا وكذا ما يدل على وقفه

(٢) ان صح كونه من رؤساء الواقفة، وأيضا ما ورد فيه من الذموم فكيف يكون ثقة في حديثه إذ ليس حالهم كسائر الواقفة والفطحية وغيرهم ممن كان مخطئا في الاعتقاد، ثقة في حديثه. قال الشيخ في كتاب الغيبة في إبطال مذهبهم بعد ذكر الاخبار الواردة في سبب القول بالوقف من الطمع في الدنيا (ص ٤٦): فكيف يوثق بروايات هؤلاء القوم وهذه أقوالهم واقوال السلف الصالح فيهم. وفي (ص ٤٤) قال: واذا كان أصل هذا المذهب أمثال هؤلاء كيف يوثق برواياتهم أو يعول عليها. وقد عدرحمه‌الله (ص ٣٦) من هولاء: البطائني، وعثمان إبن عيسى، والقندي، وإبن المكاري وغيرهم. وقال في (ص ٤٢): فروى الثقات ان أول من أظهر هذا الاعتقاد: علي بن أبى حمزة البطائني، وزياد بن مروان القندي، وعثمان بن عيسى الرواسي طمعوا في الدنيا ومالوا إلى حطامها، واستمالوا قوا، فبذلوا لهم شيئا مما إختانوه من الاموال نحو حمزة بن بزيع، وإبن المكاري، وكرام الخثعمي وأمثالهم. قلت: ولم يؤيد وثاقته في الحديث برواية الاجلة عنه، إلا أن يقال ان المراد بابن المكاري في هذه الذموم هو أبوه: هاشم بن حيان ويأتي الكلام فيه انشاء الله. (*)

٢٦

ذكره أبوعمرو الكشي في جملة الواقفة(١) وذكر فيه ذموما وليس هذا موضع ذكر ذلك(٢) .

____________________

(١) ذكره ص ٢٩٠ وقال: حدثني حمدويه قال حدثنا الحسن بن موسى قال كان إبن أبي المكاري واقفيا.

(٢) منها ما رواه ص ٢٩٠ عن حمدويه عن الحسن بن موسى قال رواه علي بن عمر الزيات عن إبن أبي سعيد المكاري قال دخل على الرضاعليه‌السلام فقال له: فتحت بابك للناس وقعدت للناس تفتيهم ولم يكن أبوك يفعل هذا قال: ليس علي من هارون بأس، فقال له أطفئ الله نور قلبك وأدخل الفقر بيتك ويلك أما علمت الحديث. ورواه بعده بسند آخر عن بعض أصحابنا قال: دخل إبن المكاري على الرضاعليه‌السلام وذكر نحوه. ورواه الكليني في النوادر من كتاب عتق الكافي ج ٢ / ١٣٨ والشيخ في التهذيب ج ٨ / ٢٣١. وفي دخوله على الرضاعليه‌السلام واحتجاجه عليه روايات أوردناها في كتابنا في أخبار الرواة. ومنها قول أبي الحسن الرضاعليه‌السلام له: ما اخالك تقبل منى ولست من غنمي. وذلك لما أراد أن يسأله عن مسألة كما في الحديث المتقدم وأيضا في التهذيب ج ٨ / ٣١٨.ومنها ما رواه الكشي (ص ٢٥٥) عن علي بن محمد عن محمد ابن أحمد عن أبي عبدالله الرازي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن محمد بن الفضل عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: قلت جعلت فداك اني خلفت ابن أبي حمزة، وإبن مهران، وإبن أبي سعيد ح المكاري أشد أهل الدنيا عداوة لك فقالعليه‌السلام لي: ما ضرك من ضل إذا إهتديت إنهم كذبوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكذبوا أمير المؤمنينعليه‌السلام وكذبوا فلانا وفلانا وكذبوا جعفرا وموسى ولي بآبائيعليهم‌السلام اسوة.

الحديث. ومنها نزول الفقر بابن أبي سعيد المكاري ونزول بلاء عظيم ما الله به عليم. ومات ولم عنده مبيت ليلة كما في خبر الكشي ص ٢٩٠ والكافي ج ٢ / ١٣٨، والتهذيب ج ٨ / ٢٣١. هذا ولكن ذكرنا في الشرح على الكشي قصور هذه الروايات الواردة في ذمه سندا، بل ودلالة على ضعفه في الحديث فانها واردة في ذمه مذهبا. وروى الراوندي في الخرائج في معجزات أبي جعفر الجوادعليه‌السلام (ص ٢٠٨) عن إبن أورمه عن الحسين المكاري قال: دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام ببغداد وهو على ما كان من أمره فقلت في نفسى. هذا الرجل لا يرجع إلى موطنه أبدا وأنا أعرف مطعمه قال: فأطرق رأسهعليه‌السلام ثم رفعه وقد اصفر لونه فقال: يا حسين خبز الشعير وملح جريش في حرم جدى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحب إلي مما تراني فيه. (*)

٢٧

له كتاب نوادر كبير أخبرنا أحمد بن عبدالواحد قال حدثنا علي ابن حبشي عن حميد قال حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة به(١) .

٧٨ - الحسين بن بسطام

وقال أبوعبدالله عياش: هو الحسين بن بسطام بن سابور الزيات(٢) .

____________________

(١) فيه كلام بابن حبشي فلم يوثق إلا أنه من مشايخ التلعكبري وبابن عبدالواحد فهو من مشايخ النجاشى وتقدم لكلام في توثيقهم.

(٢) كما في لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٥. وفيما يأتي في ترجمة أخيه. (*)

٢٨

له، ولاخيه أبى عتاب(١) كتاب جمعاه في الطب كثير الفوائد والمنافع على طريق الطب في الاطعمة ومنافعها والرقي والعوذ. قال إبن عياش(٢) أخبرناه الشريف أبوالحسين صالح بن الحسين النوفلي(٣) قال حدثنا أبى قال حدثنا أبوعتاب، والحسين جميعا به.

____________________

(١) هو: عبدالله بن بسطام الاتي رجمته وذكر كتابهما في بابه. قال في الخلاصة (ص ٢٩) بسطام بن سابور الزيات أبوالحسين الواسطي مولى الخ. وروى في الوسائل والمستدرك عن كتابهما.

(٢) هو أحمد بن محمد بن عبيد الله بن الحسن بن عياش بن إبراهيم أبوعبدالله الجوهرى الاتي ترجمته وفيها قول الماتنرحمه‌الله : رأيت هذا الشيخ وكان صديقالي ولوالدي سمعت منه شيئا كثيرا ورأيت شيوخنا يضعفونه فلم أرو عنه شيئا وتجنبته الخ. قلت: ولذا ترى النجاشي لايروى عنه في هذا الكتاب بقوله: أخبرنا او حدثنا ونحو ذلك بل يقول عند حكاية أمر او ترجمة او رواية كتاب عنه: قال إبن عياش كما في ترجمة الحسن بن محمد، وبكر إبن أحمد، وعبيد بن كثير، ورومي بن زرارة وغيرهم، وهكذا فيما يحكيه عن بعض مشايخه الذي ورد فيه طعن وذلك إحتياطا منهرحمه‌الله في الحديث والرواية، أو عولا منه على ما وجده في كتاب هؤلاء المطعونين من مشايخه

٢٩

٧٩ - الحسن بن علي بن زياد الوشابجلي

كوفي(١) قال أبوعمرو(٢) : ويكنى بأبي محمد(٣)

____________________

(١) كما في فضد الايضاح بهامش لسان الميزان ٢ / ٣٣٥ وفي الفهرست (ص ٥٤): الحسن بن علي بن زياد الوشا الكوفي. ولكن قال الشيخ عند ذكره في أصحاب الرضاعليه‌السلام (ص ٣٧١): يكني أبا محمد، وكان يدعى انه عربي كوفي، له كتاب. قلت: هذا يشعر بنوع تأمل منهرحمه‌الله في كونه كوفيا. وفي عيون الاخبار ج ٢ / ٢٢٩ في حديث حضوره مع جماعة وإستئذانهم للدخول على أبي الحسن الرضاعليه‌السلام مع ما جمعه من المسائل في كتاب ليختبره بها: فنادى أيكم الحسن بن علي بن بنت إلياس البغدادي؟ فقمت إليه فقلت أنا الحسن بن علي الحديث. وستأتي الاشارة إلى ما ورد فيه.وكان منزلة واهله بالكوفة كما يدل عليه ما في قرب الاسناد (ص ١٤١).

(٢) لم يذكر أبوعمرو الكشيرحمه‌الله له ترجمة مستقلة. ولم أحضر ذكره اياه إلا في يونس بن بيان(٢٣٢)، وفى أبي بكر الحضرمي(٢٦٢) وليس في المقامين إلا ذكر اسمه فقط بلا تكنية.ولا يبعد كون قول النجاشي: قال أبوعمرو. مصحف: قاله أبوعمرو. ثم إن في تعليقهرحمه‌الله كونه بجليا كوفيا على أبي عمرو الكشي إيماء بعدم الجزم به كما تقدم عن الشيخ إلا أنه لم اجد ذلك أيضا في رجال الكشي فلا حظ.

(٣) كما في أصحاب الرضاعليه‌السلام من رجال الشيخ(٣٧١) وفي نضد الايضاح بهامش لسان الميزان ج ٢/ ٣٣٥ وفي رجال البرقي(٥١) وفي يب ج ٩ / ٢٣٥. (*)

٣٠

الوشاء(١) وهو إبن بنت إلياس الصيرفي(٢) خزاز(٣) من أصحاب الرضاعليه‌السلام (٤) ،

____________________

(١) قال الشيخ في أصحاب الرضاعليه‌السلام (٣٧١): ويعرف بالوشا وفي أصحاب الهادي (ع)(٤١٢) الحسن بن علي الوشا. وفي الكشي في يونس بن ظبيان(٢٣٢): الحسن بن علي بن الوشا إبن بنت إلياس

(٢) وفى نضد الايضاح: وهو المدعو بابن بنت إلياس الصيرفى وفي الفهرست: ويقال له إبن بنت إلياس: وفي رجال الشيخ(٣٧١): وهو إبن بنت إلياس (الصيرفي - خ). ويأتي في ترجمة إلياس قوله: وهو جد الحسن بن علي بن بنت إلياس وفي مشيخة الصدوق: المعروف بابن بنت إلياس.وفى ترجمة رقيم بن إلياس: وهو خال الحسن إبن علي بن بنت الياس. (٣) وفى النسخة المطبوعة: الخزاز، خير، من الخ. وفي أصحاب الرضا (ع) من رجال البرقي والشيخ: الخزاز. وفي الفهرست الوشاء الكوفي، ويقال له: الخزاز، وفي لسان الميزان ج ٢ / ٢٣٥: الوشاء الكوفي الخزاز. وفي التهذيب ج ٤ / ١٤٩. الحسن بن علي بن زياد، وهو الوشاء الخزاز، وهو ابن بنت إلياس. وفي كثير من رواياته: الوشاء. ثم ان كون الحسن بن علي خزازا يبيع الخز، وثيابه، أو الثياب المغشوشة بالخز والابريسم، وايضا وشاء‌ا: بايع الثياب الملونة والمنقشة لا محذور فيه فلا يكون قرينة على التعدد باختلاف الالقاب فلا حظ كما سيأتي.

(٤) طبقته - روى عن أبى عبداللهعليه‌السلام كما في التهذيب ج ٢ = ٢٠٩ خبر / ٨٢٠ وروى بواسطة جماعة من أصحابه عنه (ع).مثل جده إلياس كما يأتي، ومحمد بن حمران، واحمد بن محمد، والحسين بن المختار القلانسي، وحماد بن عثمان، وجميل بن دراج وعبدالله بن سنان فقد روى عنه كثيرا، وبشر بن طرخان النخاس الكوفي، وداود بن سرحان وغيرهم. فقد أدركرحمه‌الله تسعمائة شيخ من أصحاب الصادقعليه‌السلام وسمع منهم في جامع الكوفة. وذكره البرقي في أصحاب الكاظمعليه‌السلام (٥١) قال: ابومحمد الحسن بن علي بن زياد ابن بنت إلياس. وروى عنه (ع) كما في قرب الاسناد ج ١ / ١٤١. ورأى جعفر بن علي بن السري بعد ما أصابه الخبل بدعاء أبي الحسن موسىعليه‌السلام كما في التهذيب. ج ٩ ص ٢٣٥. وذكره الشيخ في اصحاب الرضاعليه‌السلام (٣٧١) قال: الحسن بن علي الخزاز، ويعرف بالوشاء وهو إبن بنت إلياس يكنى أبا محمد، وكان يدعي انه عربي كوفي له كتاب. وقال البرقي في اصحاب الرضاعليه‌السلام ومن نشأ في عصره(٥٥): الحسن بن علي الخزاز. قلت: ذكر البرقي اياه في أصحاب الكاظم تارة، وفى أصحاب الرضا ومن نشأ في عصره أخرى مع اختلاف يسير كما عرفت ربما يوهم التعدد وليس كذلك، فقد جمع غير واحد بين الوشاء وبين الخزاز وبين إنه بنت إلياس كما عرفت فلا وجه لاحتمال التعدد. وفى التهذيب ج ٤ / ١٤٩ خبر ٤١٧: أبوالعباس أحمد بن محمد إبن سعيد عن عقدة الحافظ الهمداني عن أبي جعفر محمد بن المفضل بن إبراهيم الاشعري قال: حدثنا الحسن بن علي بن زياد وهو الوشا الخزاز، وهو إبن بنت إلياس، وكان وقف ثمرجع فقطع، عن عبدالكريم بن عمر الخثعمي الخ.وأما ذكر البرقي إياه في أصحاب الرضا (ع) ومن نشأ في عصره فلا يكون دليلا في قبال ما عرفت ولا يكون كل من ذكره هناك ممن نشأ في عصره فلا حظ. وروى جماعة عن الحسن بن علي الوشا عن أبي الحسن الرضا (ع) منهم أحمد بن محمدبن عيسى فروى عنه عنه (ع) كثيرا جدا، ومعاوية ابن حكيم، ومحمد بن المفضل بن إبراهيم أبوجعفر الاشعري، وعبدالله ابن الصلت، وعلي بن محمد، وعبدالله بن إبراهيم الاحمر، ومعلى بن محمد، وأبوالخير صالح بن أبي حماد، والحسين بن سعيد، وعبدالله إبن محمد بن خالد، ويعقوب بن يزيد، وسهل بن زياد، وعبدالله بن موسى، ذكرناهم مع ذكر مواضع رواياتهم عنه عن الرضا (ع) في طبقات أصحابه (ع). ولم أقف على من ذكره في أصحاب أبي جعفر الجواد (ع)، ولا على روايته عنه (ع) فيما أحضره نعم ذكره الشيخ في أصحاب الهادي (ع)(٤١٢) قال: الحسن بن علي الوشا. ولم أحضر روايته عنهعليه‌السلام ايضا. (*)

٣١

٣٢

وكان من وجوه هذه الطائفة(١) .

____________________

(١) ويأتي أيضا قول الماتن: " وكان هذا الشيخ عينا من عيون هذه الطائفة ". ولعل الاصحاب إنما لم يصرحوا بتوثيقه إستغناء‌ا فليس كل ثقة عينا ووجها من عيون هذه الطائفة ووجوهها إذ لم يكن وجها وعينا لدنياه أو لرئاسته، بل كان لعلمه وورعه وثقته وقد صرح بعض أصحابنا بأن المدح بمثل ذلك إنما يكون فيمن يستغنى عن توثيقه لشهرته ووضوح حاله.ويشير إلى ذلك إكثار الثقات الاجلة الرواية عنه مثل أحمد بن محمد بن عيسى، ويعقوب بن يزيد، وأيوب بن نوح، ومحمد بن عيسى وعبدالله بن الصلت، ومحمد بن يحيى الخزاز، وعلي بن الحسن بن فضال والحسين بن سعيد ونظرائهم وهو، من رواة كامل الزيارات، وتفسير علي بن إبراهيم، ويشير إلى مكانته عناية أبي الحسن الرضا (ع) له في بعث الرسول اليه إكتابه بما ينتهي إلى معرفته وهدايته كما سيأتي. واما مذهبه فهو وإن وقف أياما لشبهة إلا انه لما سافر إلى خراسان في تجارة في أيام مجيئ أبي الحسن الرضا (ع) اليه فقد نور الله قلبه كما صرح هوبذلك وذلك بابتداء الاحسان من الرضا (ع) إليه حيث بعث رسوله مع رقعة إليه عند قدومه إلى مرو، ونزوله في بعض منازلها يطلب منه حبرة من ثياب الوشى يصفها من موضع كذا وكذا ومن ضرب كذا، فتعجب الحسن بن علي الوشا ثم قال: ومن أخبر أبا الحسن (ع) بقدومي وأنا قدمت أنفا، وما عندي ثوب وشي. وفي رواية: فقلت: ما معي منها شئ. وفي رواية: فكتبت إليه (ع)، وقلت للرسول: ليس عندي ثوب بهذه الصفة، وما أعرف هذا الضرب من الثياب، فأعاد الرسول إلي وقال فاطلبه فأعدت إليه الرسول وقلت: ليس عندي من هذا الضرب شئ فأعاد إلي الرسول: أطلبه فانه عندك منه. وفي رواية: فقال: يقول لك: بلى هو في موضع كذا وكذا ورزمته كذا وكذا، فطلبته حيث قال: فوجدته في أسفل الرزمة. وفي الرواية: وكان معي ثوب وشي في بعض الرزم، ولم أشعر به ولم أعرف مكانه.وفي رواية: وقد كان أبضع مني رجل ثوبا منها، وأمرني ببيعه وكنت قد نسيته، فطلبت كل شئ كان معي، فوجدته في سفط (أي موضع الثياب) تحت الثياب كلها. فبعث به إليه (ع) وكتب إليه كتابا وذكر ان عنده مسائل يريد أن يسأله عنها، فخرج إليه جواب تلك المسائل التي أراد أن يسألها ولم يظهرها بعد، وعند ذلك هداه الله ثم أراد أن يفتش عن أمره (ع) ويختبره كي يثبت على ولايته ويقطع عليه بما جمعه من المسائل في كتاب. وروى الصدوق في العيون ج ٢ / ٢٢٨ في الصحيح عنه قال كنت كتبت معي مسائل كثيرة قبل أن أقطع على أبي الحسن (ع) وجمعتها في كتاب مما روى عن آبائهعليهم‌السلام وغير ذلك، وأحببت أن أثبت في أمره واختبره، فحملت الكتاب في كمي، وصرت إلى منزله وأردت أن أخذ منه خلوة فأنا وله الكتاب، فجلست ناحية، وأنا متفكر في طلب الاذن عليه وبالباب جماعة جلوس يتحدثون، فبينا أنا ذلك في الفكرة في الاحتيال للدخول عليه - إذ أنا بغلام قد خرج من الدار في يده كتاب، فنادى: أيكم الحسن بن علي الوشا ابن بنت إلياس البغدادي، فقمت إليه، فقلت: أنا الحسن بن علي، فما حاجتك؟ فقال: هذا الكتاب أمرت بدفعه إليك، فهاك خذه، فأخذته، وتنحيت ناحية، فقرأته، فاذا والله فيه جواب مسألة مسألة، فعند ذلك قطعت عليه وتركت الوقف. قلت: وقد نور الله قلبه بالايمان ورزقه من ولاية أبي الحسن الرضا (ع) حتى دعا الواقفة إلى معرفته وولايته (ع). وقد أخرجنا ما ورد في كيفية معرفته وسببها وما وقع بعد ذلك في كتابنا في أخبار الرواة. وإن شئت فلا حظ أصول الكافي ج ١ / ٣٥٤ وعيون الاخبار ج ٢ / ٢٢٩ والخرائج في الدلالات على الائمة(٢٤٥) وكتاب الغيبة للطوسي(٥٢) في أخبار الواقفة وغير ذلك. (*)

٣٣

٣٤

٣٥

روى عن جده إلياس(١) قال: لما حضرته الوفاة قال لنا: إشهدوا علي وليست ساعة الكذب هذه الساعة: لسمعت أبا عبدالله (ع) يقول: (والله لايموت عبد يحب الله والرسول ويتولى الائمةعليهم‌السلام فتمسه النار) ثم أعاد الثانية والثالثة من غير أن أسأله. أخبرنا بذلك: علي بن أحمد عن ابن الوليد عن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الوشا. أخبرني ابن شاذان قال حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى عن سعد عن أحمد بن محمد بن عيسى قال: خرجت إلى الكوفة في طلب الحديث، فلقيت بها الحسن بن علي الوشا، فسئلته أن يخرج لي كتاب العلاء بن رزين القلا، وأبان بن عثمان الاحمر،(٢) فأخرجهما إلى فقلت له: أحب أن تجيزها لي فقال لي: يا رحمك الله وما عجلتك؟ إذهب فاكتبهما واسمع من بعد، فقلت: لا آمن الحدثان، فقال لو علمت ان هذا الحديث يكون لي هذا الطلب لا ستكثرت منه، فاني أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ كل يقول: حدثنى جعفر بن محمد

____________________

(١) يأتي ترجمته رقم(٢٧١). والطريق صحيح بناء على وثاقة علي بن أحمد من مشايخه.

(٢) هذا طريق آخر إلى كتابهما فلا حظ. (*)

٣٦

عليهما‌السلام (١) . وكان هذا الشيخ عينا من عيون هذه الطائفة وله كتب منها ثواب الحج والمناسك، والنوادر. اخبرنا إبن شاذان عن أحمد بن محمد بن يحيى عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد بن يحيى عن يعقوب بن يزيد عن الوشاء بكتبه. وله مسائل الرضاعليه‌السلام (٢) . أخبرنا ابن شاذان عن علي بن حاتم عن أحمد بن إدريس عن محمد ابن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي الوشاء بكتابه مسائل الرضا (ع)(٣)

____________________

(١) ذكر جماعة منهم لمفيدرحمه‌الله في الارشاد عدد أصحاب أبي عبدالله (ع) ومن روى عنه فقال في ص٢٧١: فأن أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات على إختلافهم في الاراء والمقالات فكانوا أربعة آلاف رجل. قلت: هذا العدد الكثير ممن أدركهم الوشا من أصحابه قليل من كثير جدا ممن لم يدركهم من الكوفيين وغيرهم وقد ألف جماعة كثيرة من شيوخ أصحابنا كتبا في طبقات أصحابه ممن روى عنه الحديث وقد أنهاهم أعظم شيوخ أصحاب الحديث أبوالعباس أحمد بن سعيد بن عقدة الحافظ إلى أربعة آلاف وذكر في ترجمة كل حديثا. عنه عن أبي عبداللهعليه‌السلام إلا أنه مما يتأسف عليه عدم وجود نسخة من هذا المؤلف الضخم ولم يبلغ ما جمعه شيخ الطائفة في طبقات أصحابه من الرجال إلى هذا العدد وإن ذكر في مقدمته إنه ذكر ما ذكره إبن عقدة وما لم يذكره قلت: نشكر الله تعالى على ما وفقناه لانهاء عددهم إلى اكثر من أربعة آلاف من أصحابه وممن روى عنه (ع) مع ذكر رواية مسندة عنه عنه (ع) لو ظفرنا بها وإشارة إلى من روى عنه عنهعليه‌السلام في كتابنا الكبير في طبقات من روى الحديث عن النبي الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله وعن الائمة الاثنى عشر من خلفائه الطاهرينعليهم‌السلام (٢) فيه اشكال باحمد بن محمد بن يحيى فلم يصرح بتوثيق وان استفيد من امور(٣) صحيح على كلام بابن شاذان من مشايخ النجاشي. وفى الفهرست(٥٤): له كتاب اخبرنا به عدة من أصحابنا = = عن أبي المفضل عن إبن بطة عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن ابن علي الوشا قلت: طريقه ضعيف بأبي المفضل، وبابن بطة كما يأتي في ترجمتهما وروى الشيخ عنه في التهذيب ج ٩ / ٢٤٦ ولم يذكر طريقه اليه في مشيخته ولعله عول على ما في الفهرست. وروى الصدوق في المشيخة رقم(٢١٤) عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى وابراهيم إبن هاشم جميعا عن الحسن بن علي الوشا المعروف بابن بنت الياس. قلت: طريقه صحيح رواته الثقات الاجلاء. ثم إن كتابه المسائل هو ما جمعه الوشا من المسائل مما روى عن الائمة الطاهرين وغيرهم ليسئلها عن الرضا (ع) ويختبره بها قبل ما يقطع عليه كما أشرنا اليه وقد روى الكتاب أيضا شيخنا الصدوق في عيون أخبار الرضا (ع) عن أبيه عن سعد بن عبدالله عن أبي الخير صالح بن أبي حماد عن الحسن بن علي الوشا. والطريق حسن على كلام بصالح إبن أبي حماد كما يأتي في ترجمته.

(*)

٣٧

٨٠ - الحسن بن علي بن النعمان

مولى بني هاشم(١) أبوه علي بن النعمان الاعلم(٢) ،

____________________

(١) وهكذا ذكره الشيخ في الفهرست(٥٤) وذكره في أصحاب العسكري (ع) من رجاله(٤٣٠) وقال: كوفي. ويأتي في ترجمة أبيه: أن ابنه الحسن بن علي وابنه أحمد رويا الحديث. وقال الكشي في داود إبن النعمان(٣٦): وهو عم الحسن بن علي بن النعمان. ثم ان قوله: " مولى بني هاشم " يفسر ما يأتي في أبيه من قوله: " الا علم النخعي أبو الحسن مولاهم، كوفي ".

(٢) ذكرهرحمه‌الله انه أبوه ثانيا إما لنفي إحتمال تعدد علي إبن النعمان مولى بني هاشم وعلي بن النعمان الاعلم النخعي الكوفي فعلى هذا فالجملة مبتداء وخبروكل ما ذكر بعده فهو للحسن ويؤيده ان توثيق الاب في المقام مع أنه يأتي أيضا في ترجمة نفسه تكرار، بلا وجه، وإما للتنبيه على عدم وثاقة الابن. ويبعد الثاني قوله: له كتاب الخ. فانه عليه كان الاوجه ان يقول: ولكن له كتاب الخ. إستدراكا لمدحه بأبيه المشعر بعدم مدح ولا توثيق له بنفسه. (*)

٣٨

ثقة، ثبت(١) له كتاب نوادر، صحيح الحديث كثير الفوائد اخبرني إبن نوح عن البزوفري قال حدثنا أحمد بن ادريس عن الصفار عنه بكتابه(٢)

____________________

(١) قد عرفت ان الظاهر كون التوثيق للحسن وكذا مدحه بكونه ثبتا وبكتابه وبحديثه وهذا هو الظاهر من العلامة في الخلاصة وابن داود وجماعة من المحققين فدعوى كونه للاب بل واحتماله ضعيف.وقد روى عنه أجلة الحديث مثل سعد بن عبدالله، والصفار، ومحمدبن أحمد بن يحيى مع انه لم يستثن روايته عنه كما في يب ج ٥ في فقه زيادات الحج وصا ج ٢ / ٣٣٤.

(٢) كالصحيح على اشكال بأحمد بن جعفر بن سفيان البزوفري فلم يوثق إلا أن التلعكبري روى عنه.وفي الفهرست: له كتاب نوادر الحديث كثير الفوائد اخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن إبن بطة عن أحمد بن أبي عبدالله والصفار جميعا عنه. قلت: طريقه ضعيف بأبي المفضل وبابن بطة.ثم ان الظاهر سقوط كلمة (صحيح) بعد نوادر بقرينة المتن لكن النسخ خالية عنها. وروى الصدوق في المشيخة (رقم ٣٢٧) عن أبيه ومحمد بن الحسن (رحمها الله) عن سعد بن عبدالله عن الحسن بن علي بن النعمان. قلت: طريقه صحيح رواته أجلاء الثقات. (*)

٣٩

٨١ - الحسن بن علي بن بقاح(١)

كوفي ثقة مشهور(٢) صحيح الحديث(٣) ،

____________________

(١) وهو الحسن بن علي بن يوسف بن بقاح كما يأتي في الحسن بن علي بن يقطين روايته كتابه بواسطة صالح مولى علي بن يقطين، وروى كتاب معاذ بن ثابت الجوهري كما في الفهرست(١٦٨) وفيه: المعروف بابن بقاح. وهو ايضا الازدي، فروى في التهذيب ج ٧ / ٣٧٠ والاستبصار ج ٣ / ٢٣١ عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن الحسن ابن علي بن يوسف الازدي عن عاصم بن حميد، وذلك بقرينة روايته بهذا الاسناد عن معاذ بن ثابت كثيرا.

(٢) روى عنه الاجلة مثل علي بن الحسن بن فضال كثيرا، ومحمد ابن الحسين، وأبوجعفر احمد بن محمد بن عيسى، والحسن بن علي الكوفي، والحسن بن الحسين اللؤلؤي، وعلي بن الحسن الميثمي، والحسن ابن مئيل، اسحاق بن بنان، والحسن بن موسى الخشاب، ومحمد ابن بكر بن جناح.

(٣) الظاهر أن المدح بكونه صحيح الحديث بوجه مطلق إنما يصح إذا خلت أحاديثه من الغلو والتخليط، والمناكير، والشذوذ، والاضطراب، ولم يروها عن الضعاف، أو المجاهيل، او الغلاة او أصحاب المذاهب الباطلة، أومن لا يبالي بالحديث، وهذا لما يظهر من طعن الاصحاب في بعض الرواة بشئ من ذلك إلا أن يكون المدح لكتابه وان كتابه صحيح الحديث فانه حينئذ لاينافي كونه مطعونا في مذهبه ولذا ترى أن الماتن قال في الحسن بن عبيد الله العبدي كما يأتي: انه طعن عليه ورمى بالغلو.ومع هذا قال: له كتب صحيحة الحديث وتحقيق ذلك مع ذكر من ذكر بهذا المدح ذكرناه في محل آخر. (*)

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206