بلون الغار...بلون الغدير

بلون الغار...بلون الغدير40%

بلون الغار...بلون الغدير مؤلف:
تصنيف: دواوين
الصفحات: 184

  • البداية
  • السابق
  • 184 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 28535 / تحميل: 6364
الحجم الحجم الحجم
بلون الغار...بلون الغدير

بلون الغار...بلون الغدير

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

وعدّه الجزائري ( ت ١٠٢١ هـ ) في الحاوي من الضعفاء(١) ، وكذا عدّه من الضعفاء المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في الوجيزة(٢) .

قال المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) في تنقيح المقال : وعلى كلّ حال فهو مجهول الحال(٣) .

وممّا تقدّم يعرف حال سند هذا الكتاب عند الإمامية فأمّا أبو خالد فقد اختلف فيه ، وإبراهيم بن الزبرقان ، فهو مجهول ، وسليمان بن إبراهيم وعلي ابن محمّد النخعي لم نجد لهم ذكراً أصلاً في كتب الرجال ، وأمّا عبد العزيز ابن إسحاق فقد نُصّ على تضعيفه ، نعم ، اتفق على مدح نصر بن مزاحم المنقري فقط.

____________

١ ـ حاوي الأقوال ٤ : ١٢٧ [ ١٨٥٠ ].

٢ ـ الوجيزة ( رجال المجلسي ) : ٢٣٨ [ ١٠١٧ ].

٣ ـ تنقيح المقال ٢ : ١٥٤.

٢١
٢٢

(٢) تثبيت الوصيّة

الحديث :

قال : وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا ـ ولن تذلّوا ـ كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(١) .

كتاب تثبيت الوصيّة :

جاء سند الكتاب في أوّل المخطوطة هكذا :

أخبرنا الشريف أبو علي محمّد بن المهدي بن محمد بن حمزة العلوي الحسني قراءة عليه ، قال : أخبرنا الشيخ أبو الحسن محمّد بن محمّد بن غبرة الحارثي الكوفي ، قال : أخبرنا الشريف أبو طاهر الحسن بن علي بن معيّة العلوي الحسني ، قال : أخبرنا السيد الشريف العلاّمة أبو عبد الله محمّد بن علي بن الحسن بن علي بن الحسين بن عبد الرحمن العلوي الحسني إجازة ، قال : أخبرنا أبو الحسن بن النجّار ، ومحمّد الأسدي ، وعبد الله بن مجالد البجلي ، قراءة عليهم ، قالوا : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد الحافظ إجازة ، قال : أخبرنا جعفر بن عبد الله المحمّدي ، قال : حدّثنا الحسن بن الحسين ، قال حدّثنا خالد بن مختار الثمالي ، قال : قال الإمام الشهيد أبو الحسين زيد بن علي ( عليه السلام )(٢) .

____________

١ ـ تثبيت الوصيّة : ٤١ ـ ٤٢.

٢ ـ تثبيت الوصيّة : ٣١.

٢٣

الكلام عن إثبات نسبة هذه الرسالة لزيد بن علي ( عليه السلام ) يأتي فيه نفس الإشكال المتقدّم على المسند وهو عدم وجود علم رجال عند الزيدية يمكن من خلاله إثبات مثل هذه الأُمور ، ويضاف إليه هنا أنّه حتّى مع التنزّل عن الإشكال المتقدّم فإنّه لا يمكن إثبات نسبة هذه الرسالة لزيد بن علي ( عليه السلام ) أي : حتّى لو اعتبرنا مثل كتاب مطلع البدور أو الطبقات فإنّه يبقى بعض رجال السند مهملين أو مجهولين ، وإليك رجال السند واحداً واحداً :

الأوّل : خالد بن مختار الثمالي

قال إبراهيم بن المؤيّد ( ت ١١٥٢ هـ ) في الطبقات : خالد بن مختار ـ بعجمة ـ الثمالي ـ بمثلّثة ـ عن أبي حمزة الثمالي ، وروى كتاب السير لمحمد ابن عبد الله النفس الزكية ، عن ربيع بن حبيب ، ورواها عنه حسن بن حسين العرني ، وروى عنه أيضاً حسن بن صالح ، قال المنصور بالله : قال حسن بن حسين العرني : خالد بن مختار خرج مع إبراهيم بن عبد الله بن الحسن ، وذهب بصره ، وهو الحاكي كتاب محمد بن عبد الله المشهور بعد دعوته العامّة إلى خواصّ أصحابه(١) .

وواضح أنّه لم يذكره بتوثيق أو اعتبار لحديثه.

الثاني : الحسن بن الحسين العرني

قال إبراهيم بن المؤيّد في الطبقات : الحسن بن الحسين العرني ، بضمّ المهملة الأولى ، وفتح الثانية ، ثمّ نون ، الكوفي الأنصاري ، عن شريك وزيد ابن الحسن الأنماطي وجرير ويحيى بن المساور وإبراهيم بن الزيروني ، قال السيد أبو العباس والسيد أبو طالب : هو أحد العلماء الذين بايعوا يحيى ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن.

____________

١ ـ طبقات الزيديّة ، الطبقة الثانية : ٢٧٧ ، مخطوط مصوّر.

٢٤

ثمّ نقل رأي العامّة ، فيه وأنّه غير معتبر(١) .

وكما ترى لم يذكر له أي توثيق أو مدح يجعل روايته معتبرة.

الثالث : جعفر بن عبد الله المحمّدي

قال إبراهيم بن المؤيّد ( ت ١١٥٢ هـ ) في الطبقات : جعفر بن عبد الله المحمّدي ، عن إسماعيل بن صبيح [ ](٢) ومحمّد بن جبلة وعمر بن علي ، وعنه شيخ الزيديّة عيسى بن محمد العلوي ، وأحمد بن محمد بن سلام ، وحسين بن محمد [ ](٣) وعلي بن إبراهيم البجلي ، وهو جعفر المعروف بالثالث بن عبد الله رأس المذري بن جعفر الثاني بن عبد الله بن جعفر بن محمّد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب أبو علي المحمّدي العلوي ، ذكره في كتاب الأنساب وقال : له عقب من زيد وعلي وموسى ، جعفر بن عبسة عن عبادة بن زياد ، وعنه علي بن محمّد التستري(٤) .

وكما ترى فإنّ هذا الكلام خالي عن التوثيق وصحّة الاعتماد عليه.

الرابع : أحمد بن محمد بن سعيد

أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ ، وهو ابن عقدة المعروف ، وهو ثقة ، بل قد اتّفق على وثاقته ، فلا نتطرق إلى إثبات وثاقته أصلاً.

الخامس : وفي هذه الطبقة ثلاث رجال ، وهم :

أ ـ أبو الحسن بن النجّار :

وهذا غير مذكور في كتب الزيديّة الرجالية أصلاً.

____________

١ ـ طبقات الزيديّة ، الطبقة الثانية : ١٨٨ ، مخطوط مصوّر.

٢ ـ كلمات غير واضحة في المخطوطة.

٣ ـ كلمة غير واضحة في المخطوطة.

٤ ـ طبقات الزيديّة ، الطبقة الثانية : ١٨٨ ، مخطوط مصوّر.

٢٥

ب ـ محمّد الأسدي :

وهو غير معروف ، ولا مذكور في كتب الزيديّة ، نعم احتمل محمّد يحيى سالم عزّان ـ محقّق كتاب تثبيت الوصيّة ـ أنّه محمد بن جعفر بن محمد بن عون الأسدي الكوفي(١) .

ولكن هذا الاحتمال لا شاهد عليه أوّلاً ، وهذا الاسم غير مذكور في كتب الزيديّة ثانياً. نعم ، هذا العنوان الثاني مذكور في كتب الإماميّة.

جـ ـ عبد الله بن مجالد البجلي :

غير مذكور في مصادر الزيديّة.

السادس : محمّد بن علي بن الحسن بن علي بن الحسين العلوي

قال إبراهيم بن المؤيّد ( ت ١١٥٢ هـ ) في الطبقات ، محمّد بن علي بن الحسن بن علي بن الحسين بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب العلوي الحسني ، أبو عبد الله الكوفي ، الفقيه العالم مسند أهل الكوفة(٢) .

أقول : وهو يعتبر من أئمّة الزيديّة ، وذكروه كثيراً ، وترجموه قديماً وحديثاً ، فإنّ الزيديّة وإن لم يكن عندهم علم رجال أو كتب رجالية قديمة إلاّ أنّهم ألّفوا كتباً في تراجم وسير الأئمّة منذ القرون الأولى.

السابع : الحسن بن علي بن معيّة أبو طاهر

غير مذكور.

الثامن : محمّد بن محمّد بن غبرة الحارثي الكوفي أبو الحسن

____________

١ ـ تثبيت الوصيّة : ٢٤ ، مقدّمة المحقّق.

٢ ـ طبقات الزيديّة ، الطبقة الثانية : ٢٩٢ ، مخطوط مصوّر.

٢٦

قال إبراهيم بن المؤيّد في الطبقات : محمّد بن محمد بن محمّد بن الحسن بن علوي بن محمّد بن زيد بن غبرة الهاشمي الكوفي الحارثي ، المعدّل أبو الحسن ، ويعرف قديماً بابن المعلم(١) . إلى آخر كلامه الذي يظهر منه اعتباره والاعتماد عليه.

التاسع : محمّد بن المهدي بن معد بن حمزة العلوي الحسيني

قال إبراهيم بن المؤيّد ( ت ١١٥٢ هـ ) في الطبقات : محمّد بن المهدي بن معيّة بن حمزة العلوي الحسيني ، السيد الشريف أبو علي ، يروي رسالة زيد ابن علي في إثبات الوصيّة عن محمّد بن محمّد بن غبرة الحارثي ، والجامع الكافي عن علي بن حبشي الدهّان ، وأخذ عنه أبو القاسم علي بن محمّد المعروف بابن أبي الفتح شيخ السمانة ، انتهى(٢) .

ونقل السيد عبد الله بن الحسن في الجواهر المضيّة نفس كلام الطبقات(٣) .

وكما هو واضح فإنّ الكلام المتقدّم خالي من أيّ توثيق أو إثبات اعتبار.

ومن خلال ما تقدّم يعرف أنّه لا يمكن إثبات نسبة هذه الرسالة لزيد ( عليه السلام ) حتى لو تنزّلنا وصححنا الاستناد لمثل كتاب « مطلع البدور » وكتاب « الطبقات » ولكن مع ذلك فإنّ هذه الرسالة معتبرة عند الزيديّة ومحل اعتماد عندهم.

سند هذه الرسالة وفق موازين الإماميّة :

تقدّم في الكلام عن المسند ذكر رأي الإماميّة فيه ; لما ذكرنا من اعتقاد

____________

١ ـ طبقات الزيديّة ، الطبقة الثالثة ٢ : ١٠٦٥.

٢ ـ طبقات الزيديّة ، الطبقة الثالثة ٢ : ١٠٨٢

٣ ـ الجواهر المضيّة : ٩٥ ، مخطوط مصوّر.

٢٧

الإماميّة بزيد بن علي ( عليه السلام ) وهو يناسب طرح وجهة نظرهم هنا أيضاً ، فسنحقق سند هذه الرسالة وفقاً لمباني الإماميّة الرجالية ; لنعرف رأيهم في سند هذه الرسالة.

وإليك مناقشة السند :

الأوّل : خالد بن مختار الثمالي

لم نجد له ذكراً في كتب الإماميّة ، نعم ذكر الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) في الأمالي حديثاً رواه الحسن بن الحسين العرني عن خالد بن مختار(١) .

الثاني : الحسن بن الحسين العرني

قال النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) في رجاله : الحسن بن الحسين العرني النجّار مدني ، له كتاب عن الرجال(٢) .

وذكره ابن داود ( ت ٧٠٧ هـ ) في القسم الأوّل من رجاله(٣) .

وعدّه عبد النبي الجزائري ( ت ١٠٢١ هـ ) في الحاوي من الضعفاء(٤) .

قال المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) في تنقيح المقال ـ بعد نقل كلام النجاشي ـ : وظاهره أنّه من الإماميّة ، ويمكن عدّه من الحسان اعتماداً(٥) على عدّ ابن داود إيّاه في القسم الأوّل ، ولكن الحاوي عدّه على أصله في الضعفاء(٦) .

الثالث : جعفر بن عبد الله المحمّدي

____________

١ ـ أمالي الطوسي : ٦٢٤.

٢ ـ رجال النجاشي : ٥١ [ ١١١ ].

٣ ـ رجال ابن داود : ٧٢ [ ٤٠٦ ] القسم الأوّل.

٤ ـ حاوي الأقوال ٣ : ٣٦٩ [ ٢٠٠٧ ].

٥ ـ ولا يعتمد على هذا ; لأنّ ابن داود قال في بداية الجزء الثاني ص ٢٢٥ : لمّا أنهيت الجزء الأوّل من كتاب الرجال المختص بالموثقين والمهملين وجب أن أتبعه

٦ ـ تنقيح المقال ١ : ٢٧٤.

٢٨

قال النجاشي : كان وجهاً في أصحابنا وفقيهاً ، وأوثق الناس في حديثه(١) .

قال المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) في تنقيح المقال ـ بعد أن نقل توثيقه ، ونسبه ـ : وبعد ظهور هذه الأمور يظهر لك سقوط أمرين صدرا من بعض المصنّفين غفلة عن كتب الأنساب ، أحدهما : ما عن ابن الوحيد من إنكار كون جعفر الذي في العنوان محمّديّاً ، وأنّ المحمّدي هو المذري ، فإنّه تخيّل بارد ، فإنّ كلاً من الذين في نسب جعفر هذا محمّدي نسبه إلى جدّهم محمّد بن الحنفيّة ، مضافاً إلى نصّ أهل الأنساب بإطلاق المحمّدي على جعفر هذا(٢) .

الرابع : أحمد بن محمّد بن سعيد المعروف بابن عقدة

قال الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) : جليل القدر عظيم المنزلة(٣) .

وقال عنه النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) هذا رجل جليل في أصحاب الحديث ، ثمّ قال : ذكره أصحابنا لاختلاطه بهم ، ومداخلته إيّاهم ، وعظم محلّه ، وثقته وأمانته(٤) . وقد نصّا على زيديّته وجاروديّته.

الخامس : قد روى عن ابن عقدة في هذه الطبقة ثلاثة رواة وهم :

محمّد بن جعفر بن محمّد بن هارون المعروف بابن النجّار :

ليس له ذكر في كتب الإماميّة.

عبد الله بن مجالد البجلي :

____________

١ ـ رجال النجاشي : ١٢٠ [ ٣٠٦ ] ، وانظر : رجال بن داود : ٦٣ [ ٣١١ ]، خلاصة الأقوال : ٩٠ [ ١٩٥ ] الوجيزة : ١٧٦ ، [ ٣٦٠ ] معجم رجال الحديث ٥ : ٤٥ ، وغيرها من كتب الرجال.

٢ ـ تنقيح المقال ١ : ٢١٨.

٣ ـ رجال الطوسي : ٤٠٩ [ ٥٩٤٩ ].

٤ ـ رجال النجاشي : ٩٤ [ ٢٣٣ ] ، وانظر الوجيزة : ١٥٣ [ ١٢٣] ، تنقيح المقال ١ : ٨٥ ، المعجم ٢ : ٢٧٤.

٢٩

ليس له ذكر في كتب الإماميّة.

محمّد الأسدي :

لعلّه محمّد بن جعفر بن محمّد بن عون الأسدي ، كما احتمله محمّد بن يحيى سالم عزّان(١) ، وحسن محمّد تقي الحكيم(٢) .

ومحمّد بن جعفر بن محمّد بن عون الأسدي ، قد وثّقه النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) وصحّح حديثه(٣) .

وقال عنه الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) : كان أحد الأبواب(٤) .

ولكن يبقى هذا مجرّد احتمال ، فلا يمكن الاعتماد على رجال هذه الطبقة.

السادس : محمّد بن علي بن الحسن بن علي بن الحسين بن عبد الرحمن العلو ي الحسني

قال المحدّث النوري ( ت ١٣٢٠ هـ ) في خاتمة المستدرك : كتاب التعازي تأليف الشريف الزاهد أبي عبد الله محمّد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي الحسني.

ثمّ ذكر بعض من نقل عنه.

ثمّ قال : وفي كتاب حديقة الشيعة ما ملخّص ترجمته في كتاب الأربعين ، الذي صنّفه بعض أكابر المصنّفين وأعاظم المجتهدين : روى العالم العامل المتقي الفاضل محمّد بن علي العلوي الحسني بسند ينتهي إلى أحمد بن

____________

١ ـ تثبيت الوصيّة : ٢٤ ، تحقيق محمّد يحيى سالم عزّان.

٢ ـ الوصيّة والإمامة ( تثبيت الوصيّة ) : ١١٥ ، تحقيق حسن محمّد تقي الحكيم.

٣ ـ رجال النجاشي : ٣٧٣ [ ١٠٢٠ ].

٤ ـ رجال الطوسي : ٤٣٩ [ ٦٢٧٨ ].

٣٠

محمّد الأنباري ، وساق الخبر بطوله.

ويظهر من جميع ذلك : أنّه من العلماء الأعلام والأتقياء الكرام والمؤلّفين العظام ، وإن لم أجد له ترجمة في الكتب المعدّة لذلك.

ثمّ ذكر المحدّث النوري نقل عبد الكريم بن طاووس عنه في فرحة الغري ، وعلّق عليه قائلاً : ومنه يظهر اعتماده عليه ، واعتناؤه بما رواه ، ووثوقه بخبره ، وكفاه مادحاً ومعتمداً.

ثمّ ذكر نقل علي بن طاووس عنه في الإقبال ، وقال : ويستظهر من كلامه ما استظهرنا من كلام ابن أخيه(١) .

أقول : وتعدّه الزيديّة أحد علمائها وعظمائها ، وتعدّ كتابه الجامع الكافي أحد أهم مصادر الفقه الزيديّ ، وله مؤلّفات عدّة منها : فضل زيارة الحسين ( عليه السلام ) وكتاب فضل الكوفة ، وكتاب التعازي ، وكتاب الأذان بحي على خير العمل ، وغيرها(٢) .

السابع : الحسن بن علي بن معيّة

ليس له ذكر في كتب الإماميّة.

نعم ، قال ابن عنبة ( ت ٨٢٨ هـ ) في عمدة الطالب : وأمّا أبو طاهر الحسن ابن علي بن معيّة فكان له عقب كثير بالكوفة(٣) .

الثامن : أبو الحسن محمّد بن محمّد بن غبرة الحارثي الكوفي

____________

١ ـ خاتمة المستدرك ١ : ٣٧١ ـ ٣٧٦.

٢ ـ انظر : الفلك الدوار : ٥٩ ، التحف شرح الزلف : ١٨٨ ، مؤلّفات الزيديّة ١ : ١٢١ ، أعلام المؤلّفين الزيديّة : ٩٤٥ ، المقصد الحسن والمسلك الواضح السنن : ٤٥ ، طبقات الزيديّة ، مخطوط.

٣ ـ عمدة الطالب : ١٤٧.

٣١

ليس له ذكر في كتب الإماميّة.

التاسع : أبو علي محمّد بن المهدي بن معد بن حمزة العلوي الحسني

ليس له ذكر في كتب الإماميّة.

وبعد هذا ، فقد ظهر سقم وضعف هذا السند ، فإنّ فيه سبعة ليس لهم ذكر أصلاً ، وواحد مهمل إلاّ على احتمال احتمله المامقاني في الحسن بن الحسين العرني ، وقلنا : إنّه مردود ، وواحد اعتمد عليه النوري في خاتمة المستدرك ، واستظهر اعتماد بعض الأصحاب عليه ، وهو محمّد بن علي بن الحسن العلوي.

نعم ، اتّفق على توثيق بن عقدة وجعفر بن عبد الله المحمّدي.

هذا بالإضافة إلى أن للكتاب نسختين : نسخة تاريخها ١٠٧٧ هـ ، فهي متأخّرة كثيراً ، والنسخة الأخرى مجهولة التأريخ.

٣٢

حديث الثقلين عند الزيديّة

القرن الثالث الهجري

٣٣
٣٤

مؤلّفات القاسم الرسّي ( ت ٢٤٦ هـ )

(٣) مسائل عن القاسم الرسّي سألها ابنه محمّد

الحديث :

الأوّل : قال محمّد بن القاسم : سألت أبي القاسم بن إبراهيم ( عليه السلام ) عن قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به كتاب الله وعترتي أهل بيتي » ، من العترة؟ فقال : العترة هم الولد(١) .

الثاني : قال : وسألته عن حديث الثقلين(٢) ، وهو حديث صحيح مذكور كثيراً في أيدي الرواة مشهور ، ومن تمسّك ـ كما قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ـ بهما فلن يضلّ أبداً ; لما جعل الله فيهما ومعهما من النور والهدى ، وكتاب الله تبارك وتعالى ـ كما قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ـ فهو أحدهما وفيه الشفاء والبرهان والنور ، وأهل بيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كلّهم مجمعون فهم عدل أبداً ، أيمن الله لا يجوز ، فمن تمسّك بالمتّقين منهم لم يضلّ ، ولم يجز عن الحق ولم يمل ، وكيف يضلّ متّبع من يعدل في أصحابه على عدله وهو فيه كمثله(٣) .

____________

١ ـ مسائل عن القاسم الرسّي : ٢٦٩ ، ضمن مجموع مخطوط مصوّر.

٢ ـ الظاهر يوجد سقط في العبارة ، وأنّ هذا جواب القاسم الرسّي من قوله : وهو حديث صحيح.

٣ ـ مسائل عن القاسم الرسّي : ٢٧٣ ، ضمن مجموع مخطوط مصوّر.

٣٥

القاسم بن إبراهيم الرسّي :

قال علي بن بلال ( القرن الرابع ) في تكملة المصابيح : حدّثنا أبو العبّاس الحسني بإسناده ، عن عبد العزيز بن الوليد ، قال : سائلت الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي ( عليهم السلام ) عن أبي محمّد القاسم بن إبراهيم ( عليه السلام ) فقال : سيّدنا وكبيرنا ، والمنصور من أهلنا ، وما في زماننا هذا أعلم منه.

ثمّ قال : لو سائلت أهل الأرض ، مَن علماء أهل البيت؟ لقالوا فيه مثل قولي.

قيل له : فأحمد بن عيسى؟ فقال : أحمد بن عيسى من أفضلنا ، والقاسم إمام(١) .

قال الهاروني ( ت ٤٢٤ هـ ) في الإفادة : هو أبو محمّد القاسم بن إبراهيم ابن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، كان نجم آل الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، المبرز في أصناف العلوم ، وبثّها ونشرها وإذاعتها ، تصنيفاً وإجابة عن المسائل الواردة عليه ، والمتقدّم في الزهد والخشونة ولزوم العبادة ، ثمّ قال : وله من الأصحاب الذين أخذوا العلم عنه الفضلاء النجباء كاولاده : محمّد والحسن والحسين وسليمان ، وكمحمّد بن منصور المرادي ، والحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي عمّ يحيى بن عمر الخارج بالكوفة ، ويحيى بن الحسين بن جعفر بن عبيد الله العقيقي صاحب كتاب الأنساب ، وله إليه مسائل ، ومنهم عبد الله بن يحيى القومسي العلوي الذي أكثر الناصر للحق الحسن بن علي ( رضي الله عنه ) الرواية عنه ، ومنهم محمّد بن موسى الحواري العابد ، قد روى عنه فقهاً كثيراً ، وعلي بن جهش يار ، وأبو عبد الله

____________

١ ـ المصابيح من أخبار المصطفى والمرتضى والأئمّة : ٣٥٢ ، في التتمّة.

٣٦

أحمد بن محمّد بن الحسن بن سلام الكوفي صاحب فقه كثير ورواية غزيرة.

ثمّ قال : استشهد أخوه محمّد بن إبراهيم وهو بمصر ، فلمّا عرف ذلك دعا إلى نفسه ، وبثّ الدعاة ، وهو على حال الاستتار ، فأجابه عالم من الناس من بلدان مختلفة ، وجاءته بيعة أهل مكّة والمدينة والكوفة وأهل الريّ وقزوين وطبرستان والديلم ، وكاتبه أهل العدل من البصرة والأهواز ، وحثّوه على الظهور ، وإظهار الدعوة ، فأقام بمصر نحو عشر سنين. ثمّ قال : ولم يزل على هذه الطريقة مثابراً على الدعوة صابراً على التغرب والتردد في النواحي والبلدان ، متحملاً للشدة ، مجتهداً في إظهار دين الله ، إلى أن قال : وكان ( عليه السلام ) انتقل إلى الرسّ في آخر آيّامه ، وهي أرض اشتراها وراء جبل أسود بالقرب من ذي الحليفة ، وبنى هناك لنفسه وولده ، وتوفّي بها ، وقد حصل له ثواب المجاهدين من الأئمّة السابقين سنة ستّ وأربعين ومائتين ، وله سبع وسبعون سنة ، ودفن فيها ، ومشهده معروف ، يزوره من يريد زيارته ، فيخرج من المدينة إليه(١) .

قال عبد الله بن حمزة ( ت ٦١٤ هـ ) في الشافي : ويلقّب بترجمان الدين ، ويقال له : القاسم العالم ، ثمّ قال : وله بيعات كثيرة في أوقات مختلفة ، أوّلها سنة تسع وتسعين ومائة ، والبيعة الجامعة لفضلاء أهل البيت ( عليهم السلام ) كانت سنة عشرين ومائتين في منزل محمّد بن منصور المرادي(٢) ، إلى أن قال : مات في شوّال سنة ست وأربعين ومائتين ، وله سبع وسبعون سنة(٣) (٤) .

____________

١ ـ الإفادة في تاريخ أئمّة الزيديّة : ١١٤.

٢ ـ انظر تفصيل هذه البيعة في كتاب المصابيح : ٣٤٣.

٣ ـ قال المؤيّدي في التحف : ٨١ ، أنّ عمره ٧٣ سنة.

٤ ـ الشافي ١ : ٢٦٢.

٣٧

قال حميد المحلّي ( ت ٦٥٢ هـ ) في الحدائق الورديّة ـ بعد أن ذكر اسمه ونسبه ـ : كان من أقمار العترة الرضيّة ، ويواقيتها المشرقيّة المضيّة ، انتهت إليه الرياسة في عصره ، ثمّ قال : وله ( عليه السلام ) العلم العجيب ، والتصانيف الرايقة في علم الكلام وغيره من الفنون(١) .

قال الحسن بن بدر الدين ( ت ٦٧٠ هـ ) في أنوار اليقين ـ بعد أن ذكر اسمه ونسبه ـ : وكان ( عليه السلام ) الغاية القصوى في العلم والفضل ، وكان يقال له : نجم آل الرسول ( صلى الله عليه وآله ).

ثم ذكر عدّة روايات عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) في فضله ومنزلته(٢) .

قال الديلمي ( ت ٧١١ هـ ) في قواعد عقائد آل محمّد ( صلى الله عليه وآله ) : وورد في فضله أحاديث كثيرة ، وتصانيفه تشهد له بالعلم والفضل(٣) .

قال ابن النديم ( ت ٣٨٥ هـ ) في الفهرست : العلوي الرسّي ، وهو القاسم ابن إبراهيم ، صاحب صعدة من الزيديّة ، وإليه تنسب الزيديّة القاسميّة(٤) .

وعدّه محمّد بن عبد الله ( ت ١٠٤٤ هـ ) في التحفة العنبريّة في المجدّدين من أبناء خير البريّة من مجدّدي رأس المائة الثانية مع أخيه محمّد(٥) .

قال إبراهيم بن المؤيّد ( ت ١١٥٢ هـ ) في الطبقات : ولد سنة سبعين ومائة ، وأخذ العلم عن أبيه ، وروى عن أبي بكر بن أبي أوس ، وأخيه إسماعيل بن أوس ، وأبي سهل سعد بن سعد ، والإمام إبراهيم بن عبد الله بن

____________

١ ـ الحدائق الورديّة ٢ : ١ ـ ٢٤.

٢ ـ أنوار اليقين : ٣١٣.

٣ ـ قواعد عقائد آل محمّد ( صلى الله عليه وآله ) : ٣٧٩.

٤ ـ فهرست ابن النديم : ٢٤٤.

٥ ـ التحفة العنبرية : ٤٨.

٣٨

الحسن بن الحسن ، وموسى بن جعفر ، وغيرهم ، ثمّ قال : وكانت وفاته سنة اثنتين وأربعين ومائة ، وعمره اثنتين وسبعين سنة ، وقيل سنة ست وسبعين ، قلت : وذكر مناقبه وفضايله مشهورة مدوّنة ، خرّج له حفيده الهادي للحق والناصر وأئمّتنا الخمسة ( عليهم السلام )(١) .

مسائل عن القاسم الرسّي سألها ابنه محمّد :

نسبها إليه عبد السلام الوجيه في أعلام المؤلّفين الزيديّة تحت عنوان ( كتاب المسائل المنثورة ) قال : إجابات على أسئلة ابنه محمّد ـ خ ـ المتحف البريطاني والأمبروزيانا ، والمسائل توجد مخطوطة ضمن مجموع في التفسير بمكتبة السيد محمّد حسن العجري ، وله صور كثيرة(٢) .

ونسبها إليه أيضاً في كتابه مصادر التراث في المكتبات الخاصّة في اليمن ، ولكن تحت عنوان مسائل عن القاسم بن إبراهيم في التفسير(٣) . ضمن

____________

١ ـ طبقات الزيديّة ٢ : ٢٠٨ ، الطبقة الثانية.

وانظر في ترجمته أيضاً : كاشفة الغمّة عن حسن سيرة إمام الأئمّة : ٢٩ ، ٢٣٧ ، مآثر الأبرار ١ : ٤٩ ، الجواهر والدرر : ٢٢٨ ، ضمن مقدّمة البحر الزخّار ، التحفة العنبريّة : ٨٠ ، اللآلي المضيّة ١ : ٥٤٦ ، مطمح الآمال : ٢١٣ ، المقصد الحسن والمسلك الواضح السنن : ٤٥ ، أعلام المؤلّفين الزيديّة : ٧٥٨ ، التحف شرح الزلف : ٨١ ، رجال النجاشي : ٣١٤ ] ٨٥٩ [ ، رجال ابن داود : ١٥٣ ، القسم الأوّل وفيه : البرسي ، إيضاح الاشتباه : ٢٥٥ ، عمدة الطالب : ١٥٦ ، نقد الرجال ٤ : ٣٦ ، جامع الرواة ٢ : ١٥ ، مجمع الرجال ٥ : ٤٤ ، قاموس الرجال ٨ : ٤٦٣ ، معجم رجال الحديث ١٥ : ١١ ، طرائف المقال ١ : ٥٦٠ ، الذريعة ٢ : ٥١٦ ، ٣ : ٣٤٥ ، أعيان الشيعة ٨ : ٤٣٥ ، تنقيح المقال ٣ : ١٨ ، مقاتل الطالبيين : ٤٥٠ ، الأعلام ٥ : ١٧١ ، معجم المؤلّفين ٨ : ٩١ ، تاريخ بروكلمان : ٣٥٠ ، القسم الثاني ، الحياة السياسية والفكرية للزيديّة في المشرق الإسلامي : ١٧٤ ، الزيديّة لأحمد صبحي : ١٢١ ، الزيديّة للسبحاني : ٣٩٣.

٢ ـ أعلام المؤلّفين الزيديّة : ٧٦٢.

٣ ـ مصادر التراث في المكتبات الخاصّة في اليمن ١ : ٣٠٦.

٣٩

نفس المجموع المتقدّم.

وعن مصوّرة نفس هذا المجموع نقلنا الحديث المتقدّم.

أقول : إنّ هذه المسائل هي ( ٢١٢ ) مسألة ، نصفها فقط في التفسير ، ولكن نصفها الآخر موضوع السؤال فيها : إمّا عن الفرائض ، وإمّا عن السنن ، من قبيل : سألته عمّن نام ساجداً في صلاة نافلة ، وسألته عمّن يترك الأعمال يوم الجمعة ، وسألته هل تصلّى النافلة أربعاً ، وسألته عن رجل مات وعليه صلوات كثيرة ، وأمثال هذه الأسئلة(١) .

وهذه المسائل قد سألها جميعها ابنه محمّد ، فلعلّ هذه المسائل هي نفسها كتاب الفرائض والسنن الذي نسبه إليه أكثر من ترجم له ، أمثال : الهاروني في الإفادة(٢) ، وعبد الله بن حمزة في الشافي(٣) ، وحميد المحلّي في الحدائق الورديّة(٤) ، وغيرهم(٥) ، فإنهم جميعاً عبّروا عن كتاب الفرائض والسنن بأنّه مسائل سألها ابنه محمّد.

ولعلّ سبب الخلط بين هذه المسائل ومسائل التفسير ـ علماً أنّ بعض المسائل التفسيريّة هي فرائض أو سنن من قبيل السؤال عن آيات الأحكام الواردة في هذه المسائل ـ أنّ السبب هو غفلة النساخ عند ترتيبهم المجموع الذي فيه هذه المسائل ، لتشابه المسائل.

والأمر بحاجة إلى تتبّع وتحقيق أكثر.

____________

١ ـ انظر المسائل نفسها : ٢٦٠ ، ضمن مجموع مخطوط مصوّر.

٢ ـ الإفادة في تاريخ أئمّة الزيديّة : ١١٥.

٣ ـ الشافي ١ : ٢٦٢.

٤ ـ الحدائق الورديّة ٢ : ٤.

٥ ـ انظر ما قدّمنا ذكره من المصادر في هامش ترجمة المؤلّف.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

أعيته حمّى الهوى، والشوق أجهدهُ

وكعبة النحر أدمت قلبه وَلَعا

صلّى وراء مقام العشق منتظرًا

وعد الظهور، وعهداً مبرماً قُطعا

ولاذ بالركن تغلي في جوانحه

مشاعرٌ تصهر الأحشاء والضِّلَعا

من الصفا واشتعالُ الوجد يحرقه

لمروة الوصل لبّى ربّه، وسعىٰ

وتابع الشوط، والمشعوقُ قبلته

فكلما سار زاد الشوط واتسعا

وخلفه الشعب جرح نازف خضلٌ

وموطن مُزقت أشلاؤه طمعا

وبين جنبيه آمال يهدهدها

وفي حناياه كون أكبرٌ جُمعا

: ضميره، وارتعاشُ الدفق في دمه

ونفسُه، وفؤادٌ واجف ضرعا

ناجى الإله بطرف خاشع دَمَعا

واستقبل البيت من فوق الصفا ودعا

يا زمزم الغيث كم أربيتِ هامدةً

فأينعت مكةٌ سهلاً ومرتَفَعا

ويا منى القصد، لم يقصدك ذو تَرَبٍ

إلّا رددتيه ميسوراً ومقتنعا

١٢١

ويا نبياً أبى الطاغوتَ معتقَداً

وأنكر الجبتَ أن تُدعىٰ وتُتّبعا

قد جئت أشكو لك الحكام قاطبةً

وأشجب السوء والفحشاء والقذعا

من عهد فرعونَ والارهابُ يحكمنا

والشعب إن ثار مغبون وإن خَضعا

كم أغرق النيل طاغوتاً، وكم حصدت

أيدي المنايا، وكم من منخر جُدعا

لكنما « مصرُ » ما انفكّت مكبّلةً

تعالج القيد مشدودًا، ومُتسِعا

تظن كل مليك رادها « عُمَرًا »

حتى إذا سادها ألفته « مَنقرعا » !!

وكلهم فلتةٌ لم توق شِرَّتَها

وكلهم أعجفٌ في خيرها رتعا

قد يوصد الباب والطلّاب تقرعه

ويُفتح الباب رحباً، وهو ما قُرعا

مشيئة الخلق بعض من مشيئته

وربّ ضُرٍّ كرهنا أمرَه نفعا !

ويا أخا مصرَ يا شبلاً بساحتها

تقحم الهول والأخطار والفزعا

١٢٢

وطاول النجم مزهواً بقامته

ومسّ وجه الدجى فابيضّ والتمعا

وطارد الشمس في العلياء مقتنصا

فصادها هازئاً بالصيد ما قنعا

وزاحم الشهْب يقصيها بمنكِبه

وأرهف السمع للأنباء فاستمعا

وأسدف الستر، فانجابت سرائره

كم من حجاب بلطف الله قد رُفعا

حتّام تخفي لأهل السّوْء سوأتهم

وتستر الجهل والتضليل والبدعا ؟!

وترتضي الصمت عفواً عن خبائثهم

لا يُصلح العفو من أوعى ومن جَمعا

يا ويحهم من طَغام ساء مخبرهم

حتى وإن قدسوا الآحاد والجُمَعا

راموا بها وحدة الأديان من هدموا

مساجد الذكر والأديارَ والبِيَعا !

ويحكمون كأن الله حكّمهم

وهم براء من المولى وما شَرعا

قل إنّ مصر العلا مذ طاوعت نفرًا

بها استخفوا، جفاها العزّ وامتنعا

من كل وَكس ومأبون وذي عُقَدٍ

من ثديي الذل ميراث الخنا رضعا

١٢٣

ويرفعون شعار السلم معذرةً

لأمة فرقوا أبناءها شِيَعا

قل إنّ « فرعونَ » باق في معابدها

وإنّ « هامانَ » في أهرامها قبعا

رمزان حيّان للطاغوت ما فتئا

يستعبدان بني الانسان ما وسعا

هذا على الكبر مجبول بطينته

وذا على الزيف والتدليس قد طُبعا

وذكّر الشعبَ أنْ سادت حضارتُه

وقوّم الفرد حتى بات مجتَمعا !

وانثر على النيل برديّاً به كُتبت

أجلى النقوش التي تنبيك ما وقعا

هنا الغزاة وهذا القبر يجمعهم

وفي السماء شهيد خرَّ فارتفعا !

واسأل « أبا الهوْل » محمولاً على حِقبٍ

من الزمان الذي ما نام أو هجعا

من ألهم الشعب إذْ نحتت أناملُه

تمثاله الفذّ من صخر وقد ركعا ؟!

لم يركع المجد للفرعون، بل ركعت

أمجاد فرعونَ للشعب الذي اخترعا

كم أبدع الشعبُ وابتكرت قريحتُه

فلم يكن أجره إلّا بأن قُمعا

١٢٤

يبني « سنمّارُ » قصراً لا تضارعه

قصور « عادٍ » فلا يُجزى بما صَنعا !

يا حامدين لأرض النيل فاتحها

وضاربين على خيل له قُرَعا

وناسبين له فضلاً ومنقبةً

وشاربين على نخب له جُرَعا

ناسين « عمْروا »، وسوطُ الجور في يده

يعاقب القوم أن بزّوا ابنه لُكعا

إن الولاة إذا لم يُنصفوا كُبتوا

لا يحرز السبقَ أعمى يشتكي ظَلَعا

يا للعتلّ !! يظن الدين مأدبةً

يصيب منها القِرى والرِيَّ والشبعا

وللزنيم !! وقد أقعى على شبَقٍ

يستنزف اللذة الخرقاء والمتعا

وللجبان !! وقد أنجته عورتُهُ

لما أتاه « الفتى » بالسيف ملتمعا

وللدهاء !! وقد آتى « معاويةً »

حبلاً متينا شديد الأزر فانقطعا !

كم من خبيث تفوت الغرَّ حيلتُه

وربَّ جان ثماراً وهو ما زرعا !

١٢٥

ذاك « ابن هندٍ » وهذا « فرخ نابغةٍ »

وكل طير على شكل له وقعا !

واهاً لشعب شقى دهرًا فأطربه

غرابُ بيْنٍ بآي الله قد سجعا !

حطت به فوق وادي النيل مفتتحا

سقيفة سوقت قرآننا سلعا !

ما قيمة الفتح بالسيف الذي ذبحوا

به « حسينا » وآل البيت والشيعا ؟!

نبئت أن « عليّاً » يمتطي فرساً

وعنده الذكْر والصمصام قد جُمعا

وحوله فتية في قلبهم ورعٌ

تذاكروا « النهج » فازدادوا به ورعا

وشايعوا الآل، آل البيت، واتخذوا

منازل الوحي مصطافاً ومرتبعا

وناشدوا الشمس خلف الغيم قائمةً

أن تخرق الغيم والأستار والقَزَعا

محجوبةً عنهمُ، مذخورةً لهُمُ

خلف السحاب الذي إن أوذن انقشعا

يا رُبّ باد إلى الأبصار لم تَرَهُ

ورُبّ خافٍ بظهر الغيب قد سطعا !

١٢٦

متى تجليتَ يا مهديَّ أمتنا

و« طورُ سينينَ » من وجدٍ به خشعا

أو إن ظهرت على « حوريبَ » فانصدعت

أركانه الشمُّ خوفاً منك أو طمعا

أو إن بلغت ضفافاً زغردت فرحا

و« عينُ شمسٍ » تحيّي البدر أَن طلعا

تجدْ على النيل أكباداً مُحرَّقةً

من لاهب الشوق، والأنجاب، والتبعا

ومنبراً مورق الأعواد شيده

قوم رأوا فيك صوت العدل مرتفعا

موطئون لامر الله، قد زحفوا

عرمرماً ثائر النقعاء مُدَّرِعا

فخض غمار الوغى، فالخيل شاخصةٌ

قد سدّت الأفْق والوديان والتّلعا

وارفع لواء الهدى من بعد ما سقطت

رايات مُلك عضوض بادَ وانتُزعا

يا مَظهر الحق فوق الأرض عاينه

أهل الكشوف ( وما راءٍ كمن سَمعا ) !

اظهر على ظهرها، واسلك مناكبها

واجعل من القفر روضاً زاهراً مَرِعا

لو ضاقت الأرض - والأفلاك قد خُلقت

لكم، ولولاكم الخلاق ما بَدَعا -

١٢٧

فاهبط بمصرَ التي فيها الذي سألوا

واسأل تجدْ أرضها الخضراء منتجعا

وانزل على الرحب تَسعدْ فيك أفئدةٌ

قد ملّت الحزن والآلام والوجعا

فإن تروّت قلوب الشعب وامتلأت

فانزل على العين، علّ العينَ أن تسعا !

يا عين قَرّي إذا ما الشمس قد ظهرت

واستشعريعا، فباب الغيب قد شُرعا

ليسا سواءًا صباح يزدهي أَلَقاً

وحالكُ الليل إن أعطى وإن مَنَعا !!

١٢/٨/١٩٩٧

١٢٨

أيهذا المرصع باللازوَردي !!

حملقي في المدى وانظري يا مدينهْ

عَلَّ عرسَ السماء يزف إلينا

من الغيب نجماً يصلي

وينثر فوق الحجاز غدًا ياسمينَهْ

واحفري بين عينيك بحرًا

بلا ضفتينِ ..

وكوني الشواطىءَ ..

كوني الموانيءَ

كوني جزيرة دفءٍ

وحضناً وثيرًا ..

لترسوَ فيه السفينهْ ..

أقلع الصبح منذ الصباحِ

وأبحرت الشمس فجرًا إليكِ

وبات الحبيب يصوغ أماني الوصالِ

ويطلي بلون النهار جفونَهْ ..

قد ضممناه بين الحنايا

رجاءً فريدًا ..

١٢٩

وعشنا نهدهده في القلوبِ

ونمسح بالأقحوان جبينَهْ

قد عشقناه قبل الوصولِ

وبتنا على عتبات « الرضا »

نرقب القادمين إلى الأرضِ

فوجاً ففوجاً

وهم يحملون خزائن أمّ الكتابِ

وذخرَ الكنوزِ الدفينَهْ

إنه الله أبدع وجهاً جميلاً

وسماه باسم النبيّ الكريمِ

وصلّى عليهِ

وكحّل بالمعجزاتِ عيونَهْ

فان لم يكنه « الجوادُ » ..

فمن ذا يحق له في الورىٰ

أن يكونَهْ !!

« مكةٌ » أرهفت سمعها

للنشيد المذهّبِ

.. والموج والوحي والمستحيلْ

أيهذا الصبيّ المتوج بالعلم والحُكمِ

يحمل في راحتيه النجومَ

ويخطو كما الحلم بين النخيلْ

١٣٠

أيهذا الموشح بالمخمل اليثربيِّ

يزقزق كالعندليب على الغصنِ

في دوحة المصطفى

أيهذا الصبيّ الجميلْ !!

يا ابن « سبع » سما

فوق عرش الملوكِ

وخبّأ في مقلتيه الإمامةَ

ثم تولى ليدفن بين ضلوع الثريّا

أباه القتيلْ ..

من سيمتار قمحاً وماءًا

ويقصد باب « قريش »

ويمنح تلك المراعي صباها

ويرسم فوق خدود الخيامِ

اشتعال الشروقِ، وزهو المرايا

ووهج الحقولْ ؟!

قد تناءى عن « البيت » وجه القبيلةِ

في رحلة الموتِ

ثم استراحت قوافلنا عند « طوس »

وسوّت على العشب مهدًا طريًّا

لتسجد بين يديه الفصولْ

ما الذي يحدث الآن لو أن « جبريلَ » يأتي

ويمثل بشراً سوياً نراهُ

١٣١

وينفخ من روحه في قرانا

صدًى عبقريّاً

فتنهض بعد الثبات الطويلْ !

مزقتنا حراب البوادي

وشقّت بطونَ الحواملِ

حتى استحمت بدمنا الحرامِ

رمالُ السهولْ ..

أيّهذا الوليد هلالاً

يحلق في جنبات المساءِ

ويلمع فوق رموش الأصيلْ

كانت الخيل جمحت

على شاطىء الصمتِ

ثم ولدتَ ..

فعاد الحجيج إلى كعبة الوجدِ

من كل فج عميق

وعادت لنا قبلتانا

وعادت إلينا الخيولْ

أيهذا « الجواد » المجنحُ

في عرصات الكرامِ

غمرت الوجود بفيض نداكَ

فلم تُبق في الكون شيئاً بخيلْ !

كانت الارض تطوي مدار السرابِ

١٣٢

فلما أتيتَ ..

رأت فيك عيناً تفور حليباً،

وكوثر عسلٍ، ودلتا، ونيلْ !

يا ابن « ماريّةٍ » حسبُ « مصرَ » افتخارًا

بأن شايعتك حفيدًا

وحسب « الكنانة » أن صاهرت

جدك « المصطفى » ..

يا حفيد الرسولْ !!

هودج العشق يسري

على رفرف من حريرْ ..

يخرق الستر في عالم الممكناتِ

ويُبصر وجه الملائكِ

في لجة النورِ ..

ثم يلامس عرش الإلهِ

ويرتاد مملكة السائحين

فيلقى النبيَّ ويلقى « عليًّا »

ويسبح في سلسبيل « حراءٍ »

ويشرب من سُبُحات « الغديرْ » ..

سدرة القدس تزهرُ من

غيث كفيك خصباً ..

وتورق جودًا ..

١٣٣

يظلل هذا الصعيد الفقيرْ

يا « جواد الأئمة » ميلادك

اجتاز كل المسافات حتى التجلّي ..

فشفّ ورقَّ

ورش على كعبة الوالهين

الندى والعطورْ

« يثربٌ » لملمت حزنها

واستفاقت على بهجة العيدِ

لمّا ولجت « قُباءًا » ..

وصليتَ فيه صلاة المسافرِ

نحو غدٍ تشرق الشمس فيهِ

وتخضر صحراء « نجدٍ » ..

وتشدوا كروم « القطيفِ » ..

وينشقّ بين جبال الجزيرةِ

ينبوع حُبٍّ ..

وتجري البحورْ

أمّة تعلِكُ العوسج المرّ عشرين دهرًا

تناست ملامحها في الظلامِ

وأقفر تاريخها من رؤاهُ

فكن أنت فيه الحروف المضيئةَ

كن فيه حلماً نبيلاً

وكن أنت فيه السطورْ ..

١٣٤

يا امتداد السّنا بين « طوس » و « بغدادَ »

عبر « المدينةِ » ..

شابت نواصي الليالي

فهلّا ترجلت يا سيدَ الفجرِ

حتى نصلي صلاة الصبا

ركعتين اثنتين !

فينهزم الشيب والعجز والليلُ

ثم نرفرف حول الشموعِ ..

ونصبح في محضر العاشقينَ

فراشاً يطيرْ !

أيهذا الوليد المكلل بالغار

يخطر فوق الروابي

ويُهدي البساتين مجدًا

وينفح فصل الربيع رُواءًا

ويفرش عالمنا بالزهورْ ..

أيهذا المرصع باللازورديِّ

واللوز والدرِّ ..

يرفل في بردةٍ من تراث الجِنانِ

ويمتد فيما وراء المكانِ

وخلف الدهورْ

أيهذا المضمّخ بالمسكِ

يطلع من شرفات النبوة بين الرياحينِ

١٣٥

يحضن بين ذراعيه بشرى

وقاروة من عبيرْ

السماء أمامك مفتوحةٌ

فاعْلُ بالأمة المستباحةِ

صوب المجراتِ ..

وابزغ على الارض قسطاً وعدلاً

وهَدْياً ونورْ

أنت تاسع قدم تدبُّ

على مذبح العشقِ

نحو الخلاصِ ..

وما من وليد بِبيْت الرسالةِ

إلّا تجلت بميلادهِ

جَلوةٌ من معاني الظهورْ !!

١/١١/١٩٩٧

١٣٦

خراسان في ضوء القمر

على باب « طوسَ » توقفت القافلهْ

تحمل الفجر والمجد والغيثَ

للتربة القاحلهْ ..

ثم دقت خيامَ النبوةِ

فوق السهولِ

وربطت خيول الإمامةِ

في حلقات الأصيلِ

وأذّن صوت لها في المدينةِ

حتى غدت آهلهْ ..

شوقها كان أن تشرب الأرضُ عسلاً

وتنبت فرحاً وأملاً

وشوق « الخليفةِ » كانَ

بأن يسقيَ « البدرَ » سُمًّا

فيغربَ خلف التلالِ

ويخفتَ في الغربة القاتلهْ !

لم يكن ليل « طوسَ » لينجابَ

إلّا بهذا القمرْ ..

١٣٧

لم تكن كل تلك الرياض لتخضرَّ إلّا

بمقدم ركب الربيعِ

وعرس المطرْ ..

لم تكن كل تلك السراديب تُضحي

وجوداً منيرًا

وكوناً كبيرًا

بغير الوصالِ

وغير وصول الصباح على

صهوة الشمس بعد السفرْ ..

ألا أيها الفارس المنتمي

للبزوغ الجليلِ

أتيت تصارع فزع الغروبِ

وترفض أن يستبيح الظلامُ النهارَ

فتعشَى عيونُ الطيورِ

وتعمى قلوبُ البشرْ ..

فيا ليتني كنت سيفاً

لقطّعت تلك الأيادي

فلم تزرع السمَّ بين الورودِ

ولم تمنع الماء عن

مهرجان الشجرْ ..

ويا ليتني كنت نهر الخلودِ

لأعطيت كل بقائي

١٣٨

لعمر « الرضا » ..

واستعدت الزمان الذي فات حتى

أضيفَ إليه قروناً أُخَرْ !

ويا ليتني كنت عند اجتماع السقيفةِ

عاصفةً أو لهيباً

لأهلكت من بايعته الرجالُ

وأفنيت شبه الرجالِ

وأحرقت « إبليسَ » لمّا

تمثّل شخصاً سويًّا

يسمّى « عُمَرْ » !!

زها فوق « يثربَ » ضوء النجومِ

وأثمر فصلُ الكواكبْ ..

وجئت وليدًا تفتَّحَ فوق الرمالِ

وأَمَّ صلاة الربيعِ

وأينع مئذنةً في الروابي

وسورةَ فرح تلتها المواكبْ ..

ولما رضعتَ حليب الرسالةِ

شبّت على راحتيك التواريخُ

واشتد عود النهارِ

وشعت جباه الليالي

وفجرتَ في الصخر نبع العجائبْ ..

١٣٩

ألا أيها البحر يزخر بالمعجزاتِ

ويُبحر في موجه المستحيلُ

وترسوا على شاطئيه المراكبْ ..

أيا كعبةً قد أتاها الحجيجُ

مُلبّين من كل فج عميقٍ

وطاف بها العاشقون فعادوا

بغُنم المنىٰ والرغائبْ ..

سألتك حرفاً من العلم أو بعضَ حرفٍ

لعل الستائر تنزاح شيئاً

فشيئاً

وأُبصرَ وجهاً وراء المجرات غائبْ ..

وأشرقْ على الشعر وزناً

ومعنًى

فقد جف حبر القوافي

ونفدت بحور الكلامِ

وحين قرأت كتاب الفضائلِ

أدركتُ أنك فوق الخصالِ

وفوق الكمالِ

وفوق المناقبْ !!

« خراسانُ » عقد بجيد الوجودِ

تكلّل تبرًا

ودُرًّا

     

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184