أعلام الدين في صفات المؤمنين

أعلام الدين في صفات المؤمنين3%

أعلام الدين في صفات المؤمنين مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: كتب متنوعة
ISBN: 4-5503-75-2
الصفحات: 531

أعلام الدين في صفات المؤمنين
  • البداية
  • السابق
  • 531 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 133159 / تحميل: 10999
الحجم الحجم الحجم
أعلام الدين في صفات المؤمنين

أعلام الدين في صفات المؤمنين

مؤلف:
ISBN: ٤-٥٥٠٣-٧٥-٢
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

وقال : « ما استغنى أحد بالله ، إلا أفتقر الناس إليه ».

وقال : « خير مفاتيح الاُمور الصدق ، وخير خواتيمها الوفاء ».

وقال : « كُل عين ساهرة يوم القيامة ، ثلاث عيون : عين سهرت في سبيل الله ، وعين غضت عن محارم الله ، وعين فاضت من خشية الله ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « الكريم يبتهج بفضله ، واللئيم يفخر بملكه ».

وقالعليه‌السلام : « إياك والغيبة ، فإنها إدام كلاب النار ».

وقالعليه‌السلام : « من اتّكل على حسن اختيار الله عز وجل له ، لم يتمنّ أنه في حال غير الحال التي اختارها الله له ».

قيل : تشاجر هو وبعض الناس في مسألة من الفقه ، فقالعليه‌السلام : « يا هذا ، إنك لو صرت إلى منازلنا لأريناك آثار جبرئيلعليه‌السلام في رحالنا ، أفيكون أحد أعلم بالسنة منّا!؟ ».

وكانعليه‌السلام إذا صلى تبرز إلى مكان خشن ، يتخفى ويصلي فيه ، وكان كثير البكاء.

قال : فخرج يوماً في حر شديد إلى الجبان(١) ليصلي فيه ، فتبعه مولى له ، وهو ساجد على الحجارة ـ وهي خشنة حارة ـ وهو يبكي ، فجلس مولاه حتى فرغ ، فرفع رأسه وكأنه قد غمس رأسه ووجهه في الماء من كثرة الدموع ، فقال له مولاه : يا مولايَ ، أما آن لحزنك أن ينقضي؟ فقال : « ويحك ، إن يعقوب نبي ابن نبي كان له اثنا عشر ولداً ، فغيب عنه واحد منهم ، فبكى حتى ذهب بصره ، واحدودب ظهره ، وشاب رأسه من الغم ، وكان ابنه حياً يرجو لقاءه ، وأنا رأيت أبي وأخي وأعمامي وبني عمي ـ ثمانية عشر ـ مقتلين صرعى تسفي عليهم الريح ، فكيف ينقضي حزني وترقأ عبرتي!؟ »(٢) .

__________________

١ ـ في البحار : الجبال.

٢ ـ البحار ٧٨ : ١٦٠ / ٢١ عن أعلام الدين من قولهعليه‌السلام : « لا يهلك مؤمن بين ثلاث خصال ».

٣٠١

من كلام محمد بن علي الباقر عليه السلام

قال : « كن لما لا ترجو ، أرجى منك لما ترجوا ، فإنّ موسىعليه‌السلام خرج ليقتبس ناراً فرجع نبياً مرسلاً ».

وقال لبعض شيعته : « إنا لا نغني عنكم من الله شيئاً إلا بالورع ، وإنّ ولايتنا لا تدرك إلا بالعمل ، وإن أشدّ الناس يوم القيامة حسرة من وصف عدلاً وأتى جوراً ».

وقالعليه‌السلام : « إذا علم الله تعالى حسن نية من أحد ، اكتنفه بالعصمة ».

وقالعليه‌السلام : « صانع المنافق بلسانك ، وأخلص ودك للمؤمنين ، وإن جالسك يهوديّ فأحسن مجالسته ».

وقالعليه‌السلام : « الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ، وتركك حديثاً لم تروه ، خير من روايتك حديثاً لم تحصه ، إن على كل حق نوراً ، وما خالف كتاب الله فدعوه ، إن أسرع الخير ثواباً البر ، وإن أسرع الشر عقوبة البغي ، وكفى بالمرء عيباً أن ينظر إلى ما يعمى عنه من نفسه ، ويعيّر الناس بما لا يتقيه عن نفسه ، أويتكلم بكلام لا يعنيه ».

قال : « من عمل بما يعلم ، علمه الله ما لا يعلم ».

واجتمع عنده جماعة من بني هاشم وغيرهم ، فقال لهم : « اتقوا الله ـ شيعة آل محمد ـ وكونوا الفرقة(١) الوسطى ، يرجع اليكم الغالي ، ويلحق بكم التالي ».

قالوا له : وما الغالي؟.

قال : « الذي يقول فينا ، ما لا نقوله في أنفسنا ».

قالوا : وما التالي؟

قال : « الذي يطلب الخير فتزيدونه(٢) خيراً ، إنه والله ما بيننا وبين الله من قرابة ، ولايتنا عليه حجة ، ولا يتقرب إلى الله إلا بالطاعة ، فمن كان منكم مطيعاً لله يعمل بطاعته ، نفعته ولايتنا ـ أهل البيت ـ ومن كان منكم عاصياً لله يعمل بمعاصيه

__________________

١ ـ في البحار : النمرقة.

٢ ـ في البحار : فيزيد به.

٣٠٢

لم تنفعه ولايتنا ، ويحكم لا تغترّوا ، ويحكم لا تغترّوا ، ويحكم لا تغترّوا ».

وقال لبعض شيعته ، وقد أراد سفراً فقال له : أوصني.

فقال : « لا تسيرنّ شبراً وأنت حاف ، ولا تنزلنّ عن دابتك ليلاً إلا ورجلاك في خف ، ولا تبولنّ في نفق ، ولا تذوقن بقلة ولا تشمها حتى تعلم ماهي ، ولا تشرب من سقاء حتى تعرف ما فيه ، ولا تسيرنّ إلا مع من تعرف ، واحذر من [ لا ](١) تعرف ».

وقيل له : من أعظم الناس قدراً؟ فقال : « من لا يبالي في يد من كانت الدنيا ».

وقالعليه‌السلام : « تعلموا العلم ، فإن تعلمه حسنة ، وطلبه عبادة ، ومذاكرته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه صدقة ، وبذله لأهله قربة ، والعلم ثمار الجنة ، واُنس في الوحشة ، وصاحب في الغربة ، ورفيق في الخلوة ، ودليل على السرّاء ، وعون على الضرّاء ، ودين عند الأخلاّء ، وسلاح عند الأعداء ، يرفع الله به قوماً فيجعلهم في الخير سادة ، وللناس أئمة ، يقتدى بفعالهم ، وتقتص آثارهم ، ويصلّي عليهم كل رطب ويابس ، وحيتان البحر وهوامّه ، وسباع البر وأنعامه »(٢) .

* * *

__________________

١ ـ ما بين المعقوفين أثبتناه من البحار.

٢ ـ البحار ٧٨ : ١٨٨ / ٣٩ عن أعلام الدين من قولهعليه‌السلام : « كن لمن لا ترجوا ».

٣٠٣

ومن كلام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام

« المؤمن يداري ولا يماري ».

وقالعليه‌السلام : « من اعتدل يوماه فهو مغبون ، ومن كان في غده شراً من يومه فهو مفتون ، ومن لم يتفقد النقصان في نفسه دام نقصه ، ومن دام نقصه فالموت خير له ، ومن أذنب من غير عمد كان للعفو أهلا ».

وقالعليه‌السلام : « اطلبوا التعلم ولو بخوض اللجج وشق المهج ».

وقالعليه‌السلام : لجاهل سخي ، خير من ناسك بخيل ».

وسئلعليه‌السلام عن التواضع ، فقال : « هو أن ترضى من المجلس بدون شرفك ، وأن تسلم على من لقيت ، وأن تترك المراء وإن كنت محقاً ».

وقالعليه‌السلام : « إذا رق(١) العرض استصعب جمعه ».

وقال صلى الله عليه : « المؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه من حق ، وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل ، والذي إذا قدر لم يأخذ أكثر من ممّا له(٣) »

وقالعليه‌السلام : « كتاب الله عز وجل [ على ](٣) أربعة أشياء على العبارة ، والإشارة ، واللطائف ، والحقائق ، فالعبارة للعوام ، والإشارة للخواص ، واللطائف للأولياء ، والحقائق للأنبياءعليهم‌السلام ».

وقالعليه‌السلام : « من سأل فوق قدره استحق الحرمان ».

وقالعليه‌السلام : « من أكرمك فاكرمه ، ومن استخفك فاكرم نفسك عنه ».

وقالعليه‌السلام : « من أخلاق الجاهل الإجابة قبل أن يسمع ، والمعارضة قبل أن يفهم ، والحكم بما لا يعلم ».

وقالعليه‌السلام : « سرك من دمك ، فلا تجريه في غير أوداجك ».

وقالعليه‌السلام : « صدرك أوسع لسرك ».

وقالعليه‌السلام : « أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة ، وأنقص الناس

__________________

١ ـ في البحار : دق.

٢ ـ في الأصل والبحار : ماله ، وما أثبتناه من كشف الغمة ٢ : ٢٠٨.

٣ ـ أثبتناه من البحار.

٣٠٤

عقلاً من ظلم من دونه ولم يصفح عمّن اعتذر إليه ، والقادر على الشيء سلطان ».

وقالعليه‌السلام : « المستبد برأيه موقوف على مداحض الزلل ».

وقالعليه‌السلام : « لا تشر على المستبد برأيه ».

وقالعليه‌السلام : « إن القلب يحيا ويموت ، فإذا حيي فأدبه بالتطوع ، وإذا مات فاقصره على الفرائض ».

وقالعليه‌السلام : « لا تحدث من تخاف أن يكذّبك ، ولا تسأل من تخاف أن يمنعك ، ولا تثق في من تخاف أن يغدر بك ، ومن لم يؤاخ إلاّ من لا عيب فيه قلّ صديقه ، ومن لم يرض من صديقه إلاّ بإيثاره له على نفسه دام سخطه ، ومن عاتب على كل ذنب كثر تعتبه »(١) .

وقالعليه‌السلام : « من عذب لسانه زكا عقله ، ومن حسنت نيته زيد في رزقه ، ومن حسن برّه بأهله زيد في عمره ».

وقالعليه‌السلام : « إن الزهاد في الدنيا نور الجلال عليهم ، وأثر الخدمة بين أعينهم ، وكيف لا يكونون كذلك؟ وإن الرجل لينقطع إلى بعض ملوك الدنيا ، فيرى عليه أثره ، فكيف بمن ينقطع إلى الله تعالى ، لا يرى اثره عليه!؟ »

وقالعليه‌السلام : « صلة الرحم تهوّن الحساب يوم القيامة ، قال الله تعالى :( والذين يصلون ما أمر الله به أن يُوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ) (٢) »(٣) .

* * *

__________________

١ ـ في البحار : تبعته.

٢ ـ الرعد ١٣ : ٢١.

٣ ـ البحار ٧٨ : ٢٧٧ / ١١٣ عن أعلام الدين وكتاب الأربعين في قضاء حقوق المؤمنين ، من قولهعليه‌السلام : « المؤمن يداري ولا يماري ».

٣٠٥

من كلام مولانا موسى بن جعفر عليه السلام

قالعليه‌السلام : « أولى العلم بك ما لا يصلح لك العمل إلاّ به(١) ، وأوجب العمل عليك ما أنت مسؤول عن العمل به ، وألزم العلم لك ما دلّك على صلاح قلبك ، وأظهر لك فساده ، وأحمد العلم عاقبة ما زاد في عملك العاجل ، فلا تشتغلنَّ بعلم ما لا يضرّك جهله ، ولا تغفلنَّ عن علم ما يزيد في جهلك تركه ».

وقالعليه‌السلام : « لو ظهرت الآجال ، افتضحت الآمال ».

وقالعليه‌السلام : « من لم يكن له من نفسه واعظ ، تمكّن منه عدوه » يعني السلطان.

وقالعليه‌السلام : « من أتى إلى أخيه مكروهاً فبنفسه بدأ ».

وقالعليه‌السلام : « من لم يجد للإساءة مضضاً لم يكن عنده للإحسان موقع ».

وقال عبد المؤمن الأنصاري : دخلت على الإمام أبي الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام ، وعنده محمد بن عبد الله الجعفري ، فتبسمت إليه ، فقال : « أتحبه؟ » فقلت : نعم ، وما أحببته إلاّ لكم. فقالعليه‌السلام : « هو أخوك ، والمؤمن أخو المؤمن لأمه ولأبيه وإن لم يلده أبوه ، ملعون من اتّهم أخاه ، ملعون من غش أخاه ، ملعون من لم ينصح أخاه ، ملعون من اغتاب أخاه ».

وقالعليه‌السلام : « ما تساب اثنان إلا انحطّ الأعلى إلى مرتبة الأسفل ».

وقدم على الرشيد رجل من الأنصار يقال له : (نفيع) وكان عريفاً ، فحضر يوماً بباب الرشيد ، وتبعه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، وحضر موسى بن جعفرعليه‌السلام على حمار له ، فتلقّاه الحاجب بالإكرام والإجلال ، وأعظمه من كان هناك ، وعجّل له الإذن ، فقال نفيع لعبد العزيز : من هذا الشيخ؟ فقال له : أفما تعرفه؟ هذا شيخ آل أبي طالب ، هذا موسى بن جعفرعليه‌السلام . فقال نفيع : ما رأيت اعجب من هؤلاء القوم! يفعلون هذا برجل لو يقدر على زوالهم عن السرير لفعل ، أما إن خرج لأسوأنه ، فقال له عبد العزيز : لا تفعل ، فإنّ هؤلاء أهل بيت قلّ ما تعرض لهم

__________________

١ ـ في الأصل : لأنه ، وما أثبتناه من البحار.

٣٠٦

أحد بخطاب ، إلاّ وسموه في الجواب سمة يبقى عارها عليه مدى(١) الدهر.

وخرج موسىعليه‌السلام ، فقام إليه نفيع فأخذ بلجام حماره ، ثم قال له : من أنت؟ قال : « يا هذا ، إن كنت تريد النسب ، فأنا ابن محمد حبيب الله بن إسماعيل ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله ، وإن كنت تريد البلد فهو الذي فرض الله عزّ وجلّ عليك وعلى المسلمين ـ إن كنت منهم ـ الحج إليه ، وإن كنت تريد المفاخرة فو الله ما رضي [ مشركي ](٢) قومي مسلمي قومك أكفاء لهم ، حتى قالوا : يا محمد أخرج لنا أكفاءنا من قريش. خلّ عن الحمار » فخلّى عنه ويده ترعد ، وانصرف بخزي ، فقال له عبد العزيز : ألم أقل لك؟

وقيل : حج الرشيد فلقيه موسى على بغلة له ، فقال له الرشيد : مثلك في حسبك ونسبك وتقدّمك يلقاني على بغلة ، فقال : « تطأطأت عن خيلاء الخيل ، وارتفعت عن ذلة الحمير »(٣) .

* * *

__________________

١ ـ في البحار : أبد.

٢ ـ أثبتناه من البحار.

٣ ـ البحار ٧٨ : ٣٣٣ / ٩ عن أعلام الدين ، من قولهعليه‌السلام : « أولى العلم بك ».

٣٠٧

من كلام الرضا عليه السلام

« من رضي من(١) الله تعالى بالقليل من الرزق ،رضي‌الله‌عنه بالقليل من ألعمل ».

وقالعليه‌السلام : « من شبّه الله بخلقه فهو مشرك ، ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كافر ».

وقالعليه‌السلام : « لا يسلك طريق القناعة إلا رجلان : إما متعبد يريد أجر الآخرة ، أوكريم يتنزه عن لئام الناس ».

وقالعليه‌السلام : « الإسترسال بالاُنس يذهب المهابة ».

وقال : « من صدق الناس كرهوه ».

وقالعليه‌السلام للحسن بن سهل ، وقد عزاه بموت ولده : « التهنئة بآجل الثواب ، أولى من التعزية على عاجل المصيبة ».

وقالعليه‌السلام : « إن للقلوب إقبالاً وإدباراً ونشاطاً وفتوراً ، فإذا أقبلت بصرت وفهمت ، وإذا أدبرت كلّت وملّت ، فخذوها عند إقبالها ونشاطها ، واتركوهاعند إدبارها وفتورها ».

وقالعليه‌السلام للحسن بن سهل ، وقد سأله عن صفة الزاهد ، فقالعليه‌السلام : « متبلّغ بدون قوته ، مستعد ليوم موته ، متبرّم بحياته ».

وقالعليه‌السلام في تفسير قوله تعالى :( فاصفح الصفح الجميل ) (٢) فقال : « عفو من غير عقوبة ، ولا تعنيف ، ولا عتب ».

واُتي المأمون برجل يريد أن يقتله ، والرضاعليه‌السلام جالس ، فقال : ما تقول يا أبا الحسن؟ فقالعليه‌السلام : « إن الله تعالى لا يزيدك بحسن العفو إلا عزاً » فعفا عنه.

وسئلعليه‌السلام عن المشيئة والإرادة ، قال : « المشيئة : الإهتمام بالشيء ، والإرادة : إتمام ذلك الشيء ».

__________________

١ ـ في البحار : عن.

٢ ـ الحجر١٥ : ٨٥.

٣٠٨

وقالعليه‌السلام : « الأجل آفة الأمل ، والعرف ذخيرة الأبد ، والبر غنيمة الحازم ، والتفريط مصيبة ذوي القدرة ، والبخل يمزّق العرض ، والحب داعي المكاره ، وأجلُّ الخلائق وأكرمها اصطناع المعروف ، وإعانة(١) الملهوف ، وتحقيق أمل الآمل ، وتصديق مخيلة(٢) الراجي ، والإستكثار من الأصدقاء في الحياة ، يكثر الباكين بعد الوفاة »(٣) .

* * *

__________________

١ ـ في البحار : وإغاثة.

٢ ـ المخيلة : الظن « القاموس المحيط ـ خيل ـ ٣ : ٣٧٢ ».

٣ ـ البحار ٧٨ : ١٢ / ٣٥٦ عن أعلام الدين ، من قولهعليه‌السلام : « من رضي من الله تعالى ».

٣٠٩

من كلام أبي جعفر محمد بن علي الجواد عليهما السلام

قالعليه‌السلام : « كيف يضيع مَن الله كافله؟ وكيف ينجو مَن الله طالبه؟ ومن انقطع إلى غير الله وكله الله إليه ، ومن عمل على غير علم أفسد أكثر ممّا يصلح ».

وقالعليه‌السلام : « من أطاع هواه أعطى عدوّه مناه ».

وقالعليه‌السلام : « من هجر المداراة قارنه المكروه ، ومن لم يعرف الموارد أعيته المصادر ، ومن انقاد إلى الطمأنينة قبل الخبرة فقد عرض نفسه للهلكة وللعاقبة المتعبة ».

وقالعليه‌السلام : « قد عاداك من ستر عنك الرشد اتّباعاً لما تهواه ».

وقالعليه‌السلام : « راكب الشهوات لا تقال عثرته ».

وقالعليه‌السلام : « الثقة بالله تعالى ثمن لكل غال ، وسلم إلى كل عال ».

وقالعليه‌السلام : « إياك ومصاحبة الشرير ، فإنه : كالسيف : يحسن منظره ، ويقبح أثره ».

وقالعليه‌السلام : « الحوائج تطلب بالرجاء ، وهي تنزل بالقضاء ، والعافية أحسن عطاء ».

وقالعليه‌السلام : « إذا نزل القضاء ضاق الفضاء ».

وقالعليه‌السلام : « لا تعاد أحداً حتى تعرف الذي بينه وبين الله تعالى ، فإن كان محسناً لا يسلّمه اليك ، وإن كان مسيئاً فإن علمك به يكفيكه فلا تعاده ».

وقالعليه‌السلام : « لا تكن ولياً لله تعالى في العلانية عدواً له في السر ».

وقالعليه‌السلام : « التحفظ على قدر الخوف ».

وقالعليه‌السلام : « عز المؤمن في غناه عن الناس ».

وقالعليه‌السلام : « نعمة لا تشكر كسيّئة لا تغفر ».

وقالعليه‌السلام : « لا يضرّك سخط من رضاه الجور ».

وقالعليه‌السلام : « من لم يرض من أخيه بحسن النية ، لم يرض منه

٣١٠

بالعطية ».

وقال :عليه‌السلام : « الأيام تهتك لك الأمر عن الأسرار الكامنة ».

وقالعليه‌السلام : « تعزّ عن الشيء إذا ضيعته ، لقلة صحبته إذا أعطيته »(١) .

* * *

__________________

١ ـ البحار ٧٨ : ٣٦٤ / ٥ عن أعلام الدين ، من قولهعليه‌السلام « كيف يضيع من الله كافله ».

٣١١

من كلام الإمام أبي الحسن علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام

« من رضي عن نفسه ، كثر الساخطون عليه ».

وقالعليه‌السلام : « المقادير تريك مالم يخطر ببالك ».

وقالعليه‌السلام : « من أقبل مع أمر ، ولّى مع انقضائه ».

وقالعليه‌السلام : « راكب الحرون(١) أسير نفسه ، والجاهل أسير لسانه ».

وقالعليه‌السلام : « الناس في الدنيا بالأموال ، وفي الآخرة بالأعمال ».

وقالعليه‌السلام : « المراء يفسد الصداقة القديمة ، ويحلل العقدة الوثيقة ، وأقل ما فيه أن تكون فيه المغالبة ، والمغالبة اُسّ أسباب القطيعة ».

وقالعليه‌السلام : « العتاب مفتاح المقال ، والعتاب خير من الحقد ».

وقالعليه‌السلام : « المصيبة للصابر واحدة ، وللجازع اثنتان ».

وقال يحيى بن عبدالحميد : سمعت أبا الحسنعليه‌السلام ، يقول لرجل ذم إليه ولداً له فقال : « العقوق ثكل من لم يثكل ».

وقالعليه‌السلام : « الهزل فكاهة السفهاء ، وصناعة الجهّال ».

وقالعليه‌السلام في بعض مواعظه : « السهر ألذ للمنام ، والجوع يزيد في طيب الطعام » يريد به الحث على قيام الليل وصيام النهار.

وقالعليه‌السلام : « اذكر مصرعك بين يدي أهلك ، ولا طبيب يمنعك ، ولاحبيب ينفعك ».

وقالعليه‌السلام : « اذكر حسرات التفريط تأخذ بقديم الحزم ».

وقالعليه‌السلام : « الغضب على من لا تملك عجز ، وعلى من تملك لؤم ».

وقالعليه‌السلام : « الحكمة لا تنجع في الطباع الفاسدة ».

وقالعليه‌السلام : « خير من الخير فاعله ، وأجمل من الجميل قائله ، وأرجح من العلم حامله ، وشرمن السوء جالبه ، وأهول من الهول راكبه ».

وقالعليه‌السلام : « إياك والحسد ، فإنه يبين فيك ، ولا يعمل في عدوك ».

__________________

١ ـ حرن الحيوان : إذا وقف ولم يطع سائقه ولا قائده في المشي ، اُنظر « الصحاح ـ حرن ـ ٥ : ٢٠٩٧ ».

٣١٢

وقالعليه‌السلام : « إذا كان زمانٌ ، العدل فيه أغلب من الجور ، فحرام أن تظن بأحد سوءاً حتى يعلم ذلك منه ، وإذا كان زمانٌ الجور أغلب فيه من العدل ، فليس لأحد أن يظن بأحد خيراً مالم يعلم ذلك منه ».

وقال للمتوكل جواب كلام دار بينهما : « لا تطلب الصفاء ممن كدرت عليه ، ولا الوفاء ممن غدرت به ، ولا النصح ممن صرفت سوء ظنك إليه ، فإنما قلب غيرك [ لك ](١) كقلبك له ».

وقال له وقد سأله عن العباس(٢) : ما تقول بنو أبيك فيه؟ فقال : « ما يقولون في رجل فرض الله طاعته على الخلق ، وفرض طاعة العباس عليه ».

وقال : « القوا النعم بحسن مجاورتها ، والتمسوا الزيادة فيها بالشكر عليها ، واعلموا أنّ النفس أقبل شي لما أعطيت ، وأمنع شيء لما مُنعت »(٣) .

* * *

__________________

١ ـ أثبتناه من البحار ٧٨ : ٣٨٠.

٢ ـ يعني العباس بن عبد المطلب

٣ ـ البحار ٧٨ : ٣٦٩ / ٤ عن أعلام الدين ، من قولهعليه‌السلام : « من رضى عن نفسه ».

٣١٣

من كلام أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام

قال : « من مدح غير المستحق ، فقد قام مقام المتهم ».

وقال : « لا يعرف النعمة إلا الشاكر ، ولا يشكر النعمة إلا العارف ».

وقالعليه‌السلام : « ادفع المسألة ما وجدت التحمل يمكنك ، فإن لكل يوم رزقاً جديداً ، واعلم أنّ الإلحاح في المطالب ، يسلب البهاء ، ويورث التعب والعناء ، فاصبر حتى يفتح الله لك باباً يسهل الدخول فيه ، فما أقرب الصنيع من الملهوف ، والأمن من الهارب المخوف ، فربما كانت الغير نوع من أدب الله ، والحظوظ مراتب ، فلا تعجل على ثمرة لم تدرك ، فإنما تنالها في أوانها.

واعلم أن المدبّر لك أعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه ، فثق بخيرته في جميع أمورك يصلح حالك ، فلا تعجل بحوائجك قبل وقتها ، فيضيق قلبك وصدرك ويغشاك القنوط.

واعلم أن للسخاء(١) مقداراً ، فإن زاد عليه فهو سرف ، وأن للحزم مقداراً ، فإنزاد عليه فهو تهوّر ، واحذر كل ذكي ساكن الطرف ، ولو عقل أهل الدنيا خربت ».

وقال : « خير إخوانك من نسي ذنبك ، وذكر إحسانك إليه ».

وقال : « أضعف الأعداء كيداً من أظهر عداوته ».

وقال : « حسن الصورة جمال ظاهر ، وحسن العقل جمال باطن ».

وقال : « أولى الناس بالمحبة منهم من أملوه ».

وقالعليه‌السلام : « من أنس بالله استوحش من الناس ، وعلامة الأنس بالله الوحشة من الناس ».

وقالعليه‌السلام : « جعلت الخبائث في بيت ، والكذب مفاتيحها ».

وقال : « إذا نشطت القلوب فأودعوها ، وإذا نفرت فودعوها ».

وقال : « أللحاق بمن ترجو خير من المقام مع من لا تأمن شره ».

وقال : « الجهل خصم ، والحلم حكم ، ولم يعرف راحة القلب(٢) من لم يجرّعه

__________________

١ ـ في الأصل : للحيا ، وما أثبتناه من البحار.

٢ ـ في البحار : القلوب.

٣١٤

الحلم غصص الصبر والغيظ ».

وقال : « من ركب ظهر الباطل نزل به دار الندامة ».

وقال : « المقادير الغالبة لا تدفع بالمغالبة ، والأرزاق المكتوبة لا تنال بالشره ، ولا تدفع بالإمساك عنها ».

وقال : « نائل الكريم يحبّبك إليه ويقرّبك منه ، ونائل اللئيم يباعدك منه ويبغضك إليه ».

وقال : « من كان الورع سجيّته ، والكرم طبيعته ، والحلم خلّته ، كثر صديقه والثناء عليه ، وانتصر من أعدائه بحسن الثناء عليه »(١) .

وقال جابر بن يزيد الجعفي : دخلت على أبي جعفر الباقرعليه‌السلام فقلت : أوصني يا ابن رسول ألله.

فقال : « ليعن قويكم ضعيفكم ، وليعطف غنيكم على فقيركم ، وليساعد ذو الجاه منكم بجاهه من لاجاه له ، ولينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه ، واكتموا أسراركم ، ولا تحملوا الناس على رقابنا ، وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا منه ، فإن وجدتموه موافقَ القرآن فهو من قولنا ، ومالم يكن موافقاً للقرآن ، فقفوا عنده وردوه إلينا ، حتى نشرحه لكم كما شرح لنا ».

روى عبد الله بن سنان ، عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوحى الله إلى نبي من انبيائه : ابن آدم ، اذكرني عند غضبك أذكرك عند غضبي ، فلا أمحقك فيمن أمحق ، وإذا ظلمت بمظلمة فارض بانتصاري لك ، فإن أنتصاري لك خير من انتصارك لنفسك.

واعلم أن الخلق الحسن يذيب السيئة كما تذيب الشمس الجليد ، وأن الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل ».

وفي التوراة مكتوب : من يظلم يخرب بيته ، وفي الإنجيل : ظالمون لا فالحون ، ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى :( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ) (٢) .

وقيل : إذا ظلمت من دونك عاقبك من فوقك.

__________________

١ ـ البحار ٧٨ : ٣٧٨ / ٤ عن أعلام الدين ، من قولهعليه‌السلام : « من مدح غير المستحق ».

٢ ـ النمل٢٧ : ٥٢.

٣١٥

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من ولي من أمور أمتي شيئاً فحسنت سيرته ، رزقه الله الهيبة في قلوبهم ، ومن بسط كفه إليهم بالمعروف ، رزقه الله المحبة منهم ، ومن كفّ عن أموالهم وفّر الله ماله ، ومن أخذ للظلوم من الظالم كان معي في الجنة مصاحباً ، ومن كثر عفوه مُدّ في عمره ، ومن عمّ عدله نصر على عدوه ، ومن خرج من ذل المعصية إلى عز الطاعة ، آنسه الله بغير أنيس ، وأعزه بغير عشيرة ، وأعانه بغير مال ».

وقالعليه‌السلام وآله : « إن الله يمهل الظالم حتى يقول : قد أهملني ، ثم يأخذه أخذة رابية ، إن الله حمد نفسه عند هلاك الظالمين فقال :( فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله ربّ العالمين ) (١) ».

* * *

__________________

١ ـ الأنعام ٦ : ٤٥.

٣١٦

ومن كلام الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام

جاء في الحديث أن الحسن البصري كتب إلى الحسنعليه‌السلام : أما بعد ، فإنكم ـ معاشر بني هاشم ـ الفلك الجارية في اللجج الغامرة ، مصابيح الدجى ، وأعلام الهدى ، والعروة الوثقى ، والأئمة القادة ، الذين من تبعهم نجا ، ومن تخلف عنهمهوى ، والسفينة التي بركوبها ينجو المؤمنون ، ويعتصم بها المستمسكون.

أما بعد : فقد كثر ـ يا ابن رسول الله ـ عندنا الكلام في القضاء والقدر ، واختلافنا في الاستطاعة ، فتعلمنا ما ترى عليه رأيك ورأي آبائك ، فإنكم ذرية بعضها من بعض ، من علم الله علمتم ، وهو الشاهد عليكم ، وأنتم الشهداء على الناس ، والسلام.

فأجابه الحسنعليه‌السلام : « أما بعد ، فقد انتهى إليَّ كتابك عند حيرتك وحيرة من زعمت من اُمتنا ، وكيف ترجعون إلينا وأنتم بالقول دون الفعل! واعلم أنه لولا ما انتهى إليّ من حيرتك وحيرة الاُمة قبلك ، لأمسكت عن الجواب ، ولكني الناصح ابن الناصح الأمين.

واعلم أن الذي أنا عليه ، أنه من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر ، ومن حمل المعاصي على الله عز وجل فقد فجر ، إن الله سبحانه لا يطاع بإكراه ولا يعصى بغلبة ، ولا أهمل العباد من الملكة ، ولكنه عز وجل المالك لما ملكهم ، والقادر على ما عليه أقدرهم ، فإن ائتمروا بالمعصية فشاء سبحانه أن يمن عليهم فيحول بينهم وبينها فعل ، فإنلم يفعل فليس هو الذي حملهم عليها إجباراً ولا ألزمهم بها إكراهاً ، بل الحجة له عليهم أن عَرَّفهم ، وجعل لهم السبل إلى فعل ما دعاهم إليه وترك ما نهاهم عنه ، ولله الحجة البالغة على جميع خلقه ».

وروي أن عبد الملك بن مروان كتب إلى الحجاج : تكتب إلى علماء أهل البصرة ، يكتبون إليك بما عندهم في القضاء والقدر ، فجاءته منهم أربعة أجوبة : الجواب الأول من الحسن البصري : ليس عندي في ذلك شيء أبلغ من قول عليعليه‌السلام : « أيأمر بالعدل ويخالفه! وينهى عن المنكر ويؤالفه! أفلا افْترى عليه من هو بهذا وأصفه!؟ »

الجواب الثاني من واصل بن عطاء : لا أجد في ذلك كلاماً خيراً ممّا قاله علي بن أبي طالب : « أدلّك على الطريق ، ولزم عليك المضيق! إن هذا بالحكمة لايليق ».

٣١٧

الجواب الثالث من عمرو بن عبيد قال : ليس عندي شيء في ذلك أتم حكمة من قول علي بن أبي طالب : « إذا كان الوزر في الأصل محتوماً ، كان الوازر في القصاص مظلوماً ».

الجواب ألرابع من عامر الشعبي قال : ليس عندي شيء في ذلك أصوب منقول عليعليه‌السلام : « ما استغفرته عليه فهو منك ، وما حمدته عليه فهو منه ، وما بكم من نعمة فمن الله ، وما بكم من خيانة فبما كسبت أيديكم ، وما الله بظلام للعبيد ».

ويقول العبد الفقير إلى رحمة ربه ورضوانه ، الحسن بن أبي الحسن ـ مملي ماذكرناه ـ أعانه الله على طاعته ، وتغمده برأفته ورحمته : إن الله تعالى قال :( ادخلوا في السلم كافة ) (١) فهذا أمر منه بالدخول في باب الطاعة ، فكيف يجوز في العدل والحكمة ، أن يأمرهم بدخولها وقد أغلقها عنهم؟ وما هذا إلا كمن أمر العميان أن ينظروا إلى ألهلال ، والزّمن(٢) أن يعدو ، والأصم أن يسمع خفي القول ، والله تعالى يقول انه لا يظلم العباد شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون(٣) . وقال سبحانه :( وما ربك بظلام للعبيد ) (٤)

وروي أن طاووس اليماني دخل على جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام ، وكان يعلمأنه يقول بالقدر ، فقال له : « يا طاووس ، من أقبلُ للعذر من الله ممن اعتذر وهو صادق في اعتذاره؟ »

فقال : لا أحد أقبل للعذر منه.

فقال له : « من أصدق ممن قال : لا أقدر وهو لا يقدر؟ »

فقال طاووس : لا أحد أصدق منه.

فقال له الصادق : « يا طاووس ، فما بال من هو أقبل للعذر ، لا يقبل عذر منقال : لا أقدر ، وهو لا يقدر؟ »

فقام طاووس وهو يقول : ليس بيني وبين الحق عداوة ، والله أعلم حيث يجعل

__________________

١ ـ البقرة ٢ : ٢٠٨.

٢ ـ الزمن : المريض الدائم المرض ، الذي لا يرجى شفاؤه « لسان العرب ـ زمن ـ ١٣ : ١٩٩ ».

٣ ـ أقتباس من آية ٤٤ من سورة يونس : ١٠.

٤ ـ فصلت ٤١ : ٤٦.

٣١٨

رسالاته ، فقد قبلت نصيحتك(١) .

وقال الصادقعليه‌السلام لهشام بن الحكم : « ألا أعطيك جملة في العدل والتوحيد؟

قال : بلى ، جعلت فداك.

قال : « من العدل أن لا تتّهمه ، ومن التوحيد أن لا تتوهمه »(٢)

وروي عن أبي حنيفة أنه قال : أتيت الصادقعليه‌السلام لأسأله عن مسائل فقيل لي : إنه نائم ، فجلست أنتظر انتباهه ، فرأيت غلاماً ـ خماسياً أوسداسياً ـ جميل المنظر ، ذا هيبة وحسن سمت ، فسألت عنه ، فقالوا : هذا موسى بن جعفر ، فسلّمت عليه وقلت له : يا ابن رسول الله ، ما تقول في أفعال العباد ، ممن هي؟

فجلس ثم تربّع وجعل كمه الأيمن على الأيسر وقال : « يا نعمان ، قد سألت فاسمع ، وإذا سمعت فعه ، وإذا وعيت فاعمل : إن أفعال العباد لا تعدو من ثلاث خصال :

إمّا من الله على انفراده ، أو من الله والعبد شركة ، أو من العبد بانفراده ، فإن كانت من الله على انفراده ، فما باله ـ سبحانه ـ يعذب عبده على ما لم يفعله ، مع عدله ورحمته وحكمته! وإن كانت من الله والعبد شركة ، فما بال الشريك القوي يعذّب شريكه على ما قد شركه فيه وأعانه عليه؟ » ثم قال : « استحال الوجهان ، يا نعمان » فقال(٣) : نعم

فقال له(٤) : « فلم يبق إلا أن يكون من العبد على انفراده ، ثم أنشأ يقول :

لم تخل أفعالنا اللاتي نُذم بها

إحدى ثلاث خصال حين نبديها

إما تفرّد بارينا بصنعتها

فيسقط اللوم عنا حين نأتيها

أو كان يشركنا فيها فيلحقه

ما كان يلحقنا من لائم فيها

أولم يكن لإلهي في جنايتها

ذنب فما الذنب إلا ذنب جانيها »(٥)

__________________

١ ـ أخرجه المجلسي في البحاره : ٥٨ / ١٠٥ عن أعلام الدين.

٢ ـ أخرجه ألمجلسي في البحار٥ : ٥٨ / ١٠٦ عن أعلام الدين.

٣ ـ كذا في الأصل والبحار ، ولعل المناسب للسياق : فقلت.

٤ ـ كذا في الأصل والبحار ، ولعل المناسب للسياق : فقال.

٥ ـ أخرجه المجلسي في بحار الأنوار ٤٨ : ١٧٥ / ١٨ عن أعلام الدين.

٣١٩

وروي أن ابا الهذيل(١) حضر عند أمير من أمراء البصرة ـ وكان قدرياً ـ وقد أوتي بطرار(٢) أسود أعور ، فقال له : كم يجب على هذا الطرار من سوط على طرارته؟قال له : ستون سوطاً.

فقال الأمير : إنما يقول الفقهاء عشرون سوطاً.

فقال : نعم ، عشرون سوطاً على طرارته ، وعشرون سوطاً على عوره ، وعشرون على سواده.

فقال الأمير : كيف تضربه على سواده وعوره؟ وقد خلقهما الله فيه ، وليسا من جنايته!

فقال له أبو الهذيل : وكذلك طرارته ، مخلوقة فيه على مذهبك ، إذا ضربته عليها وهي من خلق الله فيه ، فكذلك تضربه على سواده وعوره.

فقال الأمير : ما بيني وبين الحق عداوة. ثم رجع عن القول بالجبر على القبيح ودان بالعدل.

وروي أن شخصاً من أهل الإيمان والعلم وشى به رجل قدري إلى أمير من أمراء البصرة أيضا ـ وكان قدرياً ـ فقال له : إن هذا لا يرى ما يراه أهل العلى من أن أفعال العباد من الحسن والقبح من الله ، فأحضره الأمير وقال : إن هذا يقول فيك انك لا ترى أن العبد مجبور على فعل الحسن والقبيح.

فقال له المؤمن : أيها الأمير ، قد جعلتك بيني وبينه حكماً ، ثم التفت إلى القدري فقال له : ما تقول في كلمة العدل والإخلاص والتوحيد ، من قالها في الموحد؟ فقال : الله فقال : أصادق هو أم لا؟

فقال : بل صادق.

فقال له : فما تقول في كلمهّ الكفر والإلحاد ، من قالها في الملحد؟

قال : الله على مذهبه.

__________________

١ ـ هو محمد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول العبدي ، أبو الهذيل العبدي ، أبو الهذيل العلاف مولى عبد القيس شيخ ألمعتزلة ، وكان شيخ البصريين في الإعتزال. ومن أكبر علمائهم ، وهو صاحب مقالات في مذهبهم ومجالس ومناظرات ، ولد سنة ١٣١ وقيل : ١٣٤ وقيل : ١٣٥ هـ ، وتوفي سنة ٢٣٥ هـ ، اُنظر « تاريخ بغداد ٣ : ٣٦٦ ، وفيات ألأعيان ٤ : ٢٦٥ ، ٥ : ٤١٣ ».

٢ ـ الطرار : السارق الذي يخالس الناس « الصحاح ـ طرر ـ ٢ : ٧٢٥ ».

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531