مسائل علي بن جعفر ومستدركاتها

مسائل علي بن جعفر ومستدركاتها22%

مسائل علي بن جعفر ومستدركاتها مؤلف:
تصنيف: علم الفقه
الصفحات: 354

  • البداية
  • السابق
  • 354 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 68069 / تحميل: 6653
الحجم الحجم الحجم
مسائل علي بن جعفر ومستدركاتها

مسائل علي بن جعفر ومستدركاتها

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

الصوم

[٦٢٩] علي بن جعفر، عن أخيه موسىعليه‌السلام قال: سألته، عن الصائم يذوق الشراب والطعام، يجد طعمه في حلقه.

قال: « لا يفعل ».

قلت: فإن فعل فما عليه؟

قال: « لا شيء عليه، ولا يعود »(١) .

[٦٣٠] محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته، عن الرجل والمرأة هل يصلح لهما أن يستدخلا الدواء وهما صائمان؟.

قال: « لا بأس »(٢) .

[٦٣١] وسألته، عن رجل مرض في شهر رمضان، فلم يزل مريضاً، حتى أدركه شهر رمضان آخر، فيبرأ فيه، كيف يصنع؟

قال: « يصوم الذي برئ فيه، ويتصدق عن الأول، كل يوم مداً من طعام »(٣) .

[٦٣٢] محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن

__________________

(١) التهذيب ٤: ٣٢٥ / ١٠٠٤، قرب الاسناد: ١٠٣.

(٢) الكافي ٤: ١١٠ / ٥، التهذيب ٤: ٣٢٥ / ١٠٠٥، قرب الاسناد: ١٠٢.

(٣) قرب الاسناد: ١٠٣.

٢٦١

أخيه أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: سألته، عن الرجل يدركه شهر رمضان في السفر، فيقيم الأيام في المكان، عليه صوم؟

قال: « لا، حتى يجمع على مقام عشرة أيام. وإذا أجمع على مقام عشرة أيام صام وأتم الصلاة »(١) .

[٦٣٣] قال: وسألته، عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان وهو مسافر، يقضي إذا أقام في المكان؟.

قال: « لا، حتى يجمع على مقام عشرة أيام »(٢) .

__________________

(١) الكافي ٤: ١٣٣ / ٢ - باب ٥٣ -.

(٢) الكافي ٤: ١٣٣ / ذيل الحديث ٢.

٢٦٢

الحج

[٦٣٤] عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم البجلي - ومحمد بن يحيى - عن العمركي بن علي جميعاً، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسىعليه‌السلام قال:

« إن الله عزوجل فرض الحج على أهل الجدة في كل عام، وذلك قوله عزوجل: « ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين »(١) .

قال، قلت: فمن لم يحج منا فقد كفر؟!.

قال: « لا، ولكن من قال: ليس هذا هكذا فقد كفر »(٢) .

[٦٣٥] موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال:

« المملوك إذا حج ثم اعتق فإن عليه إعادة الحج »(٣) .

[٦٣٦] وسألته، عن المملوك الموسر أذن له مولاه في الحج، هل عليه أن يذبح، وهل له أجر؟

__________________

(١) آل عمران ٣: ٩٧.

(٢) الكافي ٤: ٢٦٥ / ٥، التهذيب ٥: ١٦ / ٤٨، الاستبصار ٢: ١٤٩ / ٤٨٨ مرسلاً.

(٣) التهذيب ٥: ٤ / ٧، الاستبصار ٢: ١٤٧ / ٤٧٩.

٢٦٣

قال: « نعم فإن عتق أعاد الحج »(١) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١٠٤.

٢٦٤

أقسام الحج

[٦٣٧] وعنه، عن علي بن جعفر، قال: قلت لأخي موسى بن جعفرعليه‌السلام : لأهل مكة أن يتمتعوا بالعمرة إلى الحج؟.

قال: « لا يصلح أن يتمتعوا، لقول الله عزوجل « ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام(١) »(٢) .

[٦٣٨] ورأيت أخي يطوف السبوعين، والثلاثة يقرنها، غير أنه يقف في المستجار فيدعو في كل سبوع، ويأتي الحجر فيستلمه، ثم يطوف(٣) .

[٦٣٩] وقال: رأيت أخي مرة طاف ومعه رجل من بني العباس، فقرن ثلاث أسابيع، لم يقف فيها، فلما فرغ من الثالث - وفارقه العباسي - وقف بين الباب والحجر قليلا، ثم تقدم فوقف قليلا حتى فعل ذلك ثلاث مرات(٤) .

[٦٤٠] أبيرحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن المحرم إذا اضطر إلى اكل صيد وميتة، وقلت: إن الله تعالى حرم الصيد وأحل الميتة.

قال: « ياكل ويفديه، فإنما يأكل من ماله »(٥) .

__________________

(١) البقرة ٢: ١٩٦.

(٢) التهذيب ٥: ٣٢ / ٩٧، الاستبصار ٢: ١٥٧، وفي قرب الاسناد: ١٠٧ باختلاف عنهما لا يخل.

(٣) قرب الاسناد: ١٠٦.

(٤) قرب الاسناد: ١٠٧.

(٥) علل الشرايع ٤٤٥ / ١ - باب ١٩٥-.

٢٦٥

[٦٤١] وسألته، عن عمرة رجب ماهي؟.

قال: « إذا أحرمت في رجب، وإن كان في يوم واحد منه فقد أدركت عمرة رجب، وإن قدمت في شعبان فإنها عمرة رجب أن تحرم في رجب »(١) .

[٦٤٢] وسألته، عن رجل اعتمر في رجب، فرجع إلى أهله هل يصلح له - إن هو حج - أن يتمتع بالعمرة؟

قال: « لا يعدل بذلك »(٢) .

[٦٤٣] وسألته، عن رجل قدم مكة متمتعاً، فأحل فيه، أله أن يرجع؟

قال: « لا يرجع حتى يحرم بالحج، ولا يتجاوز الطائف وشبهها مخافة ان لا يدرك الحج، فان احب ان يرجع الى مكة رجع، وان خاف ان يفوته الحج، مضى على وجهه إلى عرفات »(٣) .

[٦٤٤] وسألته، عن رجل ترك الإحرام حتى انتهى الى الحرم كيف يصنع؟

قال: « يرجع إلى ميقات أهل بلده الذي يحرمون منه، فيحرم »(٤) .

[٦٤٥] محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: سألته، عن المحرم يصارع، هل يصلح له؟

قال: « لا يصلح له؛ مخافة أن يصيبه جراح، أو يقع بعض شعره »(٥) .

[٦٤٦] عبدالله بن الحسن العلوي، عن جده علي بن جعفر، عن أخيه

__________________

(١) قرب الاسناد: ١٠٦.

(٢) قرب الاسناد: ١٠٦.

(٣) قرب الاسناد: ١٠٧. وانظر الحديث رقم ( ٥٠).

(٤) قرب الاسناد: ١٠٦.

(٥) الكافي ٤: ٣٦٧ / ١٠.

٢٦٦

موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال: سألته، عن رجل أحرم بالحج والعمرة جميعاً، متى يحل ويقطع التلبية؟

قال: « يقطع التلبية يوم عرفة إذا زالت الشمس، ويحل إذا ضحى »(١) .

[٦٤٧] وسألته، عن رجل قدم متمتعاً ثم أحل قبل ذلك، أله الخروج؟

قال: « لا يخرج حتى يحرم بالحج، ولا يجاوز الطائف وشبهها »(٢) .

[٦٤٨] محمد بن أحمد، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال: سألته، عن إحرام أهل الكوفة، وأهل خراسان وما يليهم؛ وأهل الشام ومصر، من أين هو؟

قال: « أما أهل الكوفة وخراسان وما يليهم فمن العقيق، وأهل المدينة من ذي الحليفة والجحفة، وأهل الشام ومصر من الجحفة، وأهل اليمن من يلملم، وأهل السند من البصرة ». - يعني من ميقات أهل البصرة -(٣) (٤) .

[٦٤٩] وسألته، عن التلبية لم جعلت؟

قال: « لأن إبراهيمعليه‌السلام حين قال الله تبارك وتعالى:( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً ) (٥) نادى فأسمع، فأقبل الناس من كل وجه يلبون، فلذلك جعلت التلبية »(٦) .

[٦٥٠] وسألته، عن الاحرام عند الشجرة، هل يحل من أحرم عندها أن

__________________

(١) قرب الاسناد: ١٠٣.

(٢) قرب الاسناد: ١٠٦، وتقدم في الحديث رقم ٣ ص ١٢ بنحو اخر.

(٣) في قرب الاسناد جواب الامام لفظه: احرام أهل العراق من العقيق ومن ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل اليمن من قرب المنازل، وأهل السند من البصرة أو مع أهل البصرة.

(٤) التهذيب ٥: ٥٥ / ١٦٩، قرب الاسناد: ١٠٤.

(٥) الحج ٢٢: ٢٧.

(٦) قرب الاسناد: ١٠٥.

٢٦٧

لا يلبي حتى يعلو البيداء عند أول ميل؟

قال: « نعم، فأما عند الشجرة فلا يجوز التلبية »(١) .

[٦٥١] وسألته، عن تجريد الصبيان في الاحرام، من أين هو؟

قال: « كان أبي يجردهم من فخ(٢) »(٣) .

[٦٥٢] علي بن جعفر، عن أخيهعليه‌السلام ، قال: سألته، عن رجل - كان متمتعاً - خرج إلى عرفات، وجهل أن يحرم يوم التروية بالحج حتى رجع إلى بلده، ما حاله؟

قال: « إذا قضى المناسك كلها فقد تم حجه »(٤) .

[٦٥٣] وسألته، عن رجل نسي الإحرام بالحج فذكر وهو بعرفات، ماحاله؟

قال: « يقول: اللهم على كتابك، وسنة نبيك. فقد تم إحرامه »(٥) .

[٦٥٤] وسألته، عن رجل ترك الاحرام حتى انتهى الى الحرم، فأحرم قبل أن يدخله؟

قال: « إن كان فعل ذلك جاهلاً فليبين مكانه، وليقض، فإن ذلك يجزيه إن شاء الله، وان رجع إلى الميقات الذي يحرم منه أهل بلده فهو أفضل »(٦) .

[٦٥٥] موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، قال: سألت أخي موسى بن جعفرعليه‌السلام عن رجل دخل قبل التروية بيوم، فأراد الاحرام بالحج

__________________

(١) قرب الاسناد: ١٠٧.

(٢) فخ: واد بمكة (معجم البلدان ٤: ٢٣٧).

(٣) قرب الاسناد: ١٠٥، وفي التهذيب ٥: ٤٠٩ / ١٤٢٢ جعله مؤيداً للحديث رقم ١٤٢١ حيث قال: وعنه عن علي بن جعفر، عن أخيه موسىعليه‌السلام مثل ذلك.

(٤) التهذيب ٥: ٤٧٦ / ٦٧٨، والحديث الاتي ذيله.

(٥) التهذيب ٥: ٤٧٦ / ٦٧٨، والحديث المتقدم صدره.

(٦) قرب الاسناد: ١٠٦.

٢٦٨

فأخطأ، فقال للعمرة.

قال: « ليس عليه شيء، فليعد الاحرام بالحج »(١) .

[٦٥٦] وسألته، عن الصبيان هل عليهم إحرام، وهل يتقون ما يتقي الرجال؟

قال: « يحرمون، ويُنهَوْنَ عن الشيء يصنعونه مما لا يصلح للمحرم أن يصنعه، وليس عليهم فيه شيء»(٢) .

[٦٥٧] وسألته، عن الرجل هل يصلح له أن يطوف الطوافين والثلاثة ولا يفرق بينهما بالصلاة، ثم يصلي لها جميعاً؟

قال: « لا بأس، غير أنه يسلم في كل ركعتين »(٣) .

[٦٥٨] وسألته، عن استلام الحجر لِمَ يُستلَم؟

قال: « لأن الله تبارك وتعالى علواً كبيراً أخذ مواثيق العباد، ثم دعى الحجر من الجنة فأمره فالتقم الميثاق، فالواقفون يشهدون ببيعتهم »(٤) .

[٦٥٩] وسألته، عن السعي بين الصفا والمروة.

فقال: « جعل بسعي إبراهيمعليه‌السلام »(٥) .

[٦٦٠] وقال: « من أراد الحج فلا يأخذ من شعره إذا مضت عشرة من شوال »(٦) .

[٦٦١] وسألته، عن التروية لم سميت تروية؟

__________________

(١) التهذيب ٥: ١٦٩ / ٥٦٢، قرب الاسناد: ١٠٤.

(٢) قرب الاسناد: ١٠٥.

(٣) قرب الاسناد: ١٠٥.

(٤) قرب الاسناد: ١٠٥.

(٥) قرب الاسناد: ١٠٥، وعن نسخة في هامش المصدر: لسعي.

(٦) قرب الاسناد: ١٠٤.

٢٦٩

قال: « إنه لم يكن بعرفات ماء، وانما كان يحمل الماء من مكة، وكان ينادي بعضهم بعضا يوم التروية، حتى يحمل الناس مايرويهم، فسميت التروية لذلك »(١) .

[٦٦٢] وقال أخي موسىعليه‌السلام : « إني كنت مع أبي بمنى، فأتى جمرة العقبة فرأى الناس عندها وقوفاً، فقال لغلام له - يقال له سعيد -: ناد في الناس: إن جعفر بن محمدعليهما‌السلام يقول: ليس هذا موضع وقوف، فارموا، وامضوا فنادى سعيد »(٢) .

[٦٦٣] وروى موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، عن رجل بات بمكة في ليالي منى حتى أصبح.

قال: « إن كان أتاها نهارا فبات فيها حتى أصبح فعليه دم يهريقه »(٣) .

[٦٦٤] أبيرحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن العمركي الخراساني، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن رمي الجمار، لم جعل؟

قال: « لأن إبليس اللعين كان يتراءى لابراهيمعليه‌السلام في موضع الجمار، فرجمه إبراهيم، فجرت السنة بذلك »(٤) .

[٦٦٥] وسألته، عن جمرة العقبة أول يوم يقف من رماها؟.

قال: « لا يقف أول يوم، ولكن ليرم ولينصرف »(٥) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١٠٥.

(٢) قرب الاسناد: ١٠٦.

(٣) التهذيب ٥: ٢٥٧ / ٨٧٣، الاستبصار ٢: ٢٩٢ / ١٠٤٠، وفي قرب الاسناد: ١٠٦ زيادة لفظها: « وإن كان خرج من منى بعد نصف الليل وأصبح بمكة فليس عليه شيء ».

(٤) علل الشرايع: ٤٣٧ / ١ - باب ١٧٧ -، قرب الاسناد: ١٠٥.

(٥) قرب الاسناد: ١٠٧.

٢٧٠

[٦٦٦] موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، عن أخيه، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يرمي الجمار ماشياً »(١) .

[٦٦٧] وسألته، عن البدنة كيف ينحرها، قائمة أو باركة؟

قال: « يعقلها، إن شاء قائمة، وإن شاء باركة »(٢) .

[٦٦٨] وسألته، عن الجياد(٣) لم سمي جيادا؟

قال: « لأن الخيل كانت وحشاً، فاحتاج إليها إسماعيلعليه‌السلام ، فدعا الله تبارك وتعالى أن يسخرها له، فأمره فصعد على أبي قبيس، ثم نادى: ألا هلا ألا هلم، فأقبلت حتى وقفت بجياد، فنزل إليها فأخذها فلذلك سميت جياداً »(٤) .

[٦٦٩] موسى بن القاسم، عن علي بن جعفرعليه‌السلام ، قال: سألت أخي موسىعليه‌السلام عن حمام الحرم يصاد في الحل؟

فقال: « لا يصاد حمام الحرم حيث كان، إذا علم أنه من حمام الحرم »(٥) .

[٦٧٠] موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، قال: سألت أخي موسىعليه‌السلام عن رجل أخرج حمامة من حمام الحرم إلى الكوفة أو غيرها.

قال: « عليه أن يردها، فإن ماتت فعليه ثمنها يتصدق به »(٦) .

[٦٧١] وسألته، عما يؤكل من اللحم في الحرم؟

قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يحرم الإبل والبقر والغنم

__________________

(١) التهذيب ٥: ٢٦٧ / ٩١٢، الاستبصار ٢: ٢٩٨ / ١٠٦٦.

(٢) قرب الاسناد: ١٠٤.

(٣) جياد ويقال: أجياد: هو موضع بمكة يلي الصفا (معجم البلدان ١: ١٠٥).

(٤) قرب الاسناد: ١٠٥.

(٥) التهذيب ٥: ٣٤٨ / ١٢٠٩.

(٦) التهذيب ٥: ٣٤٩ / ١٢١١.

٢٧١

والدجاج »(١) .

[٦٧٢] وعنه(٢) ، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، عن قوم اشتروا ظبيا فأكلوا منه جميعا وهم حرم، ما عليهم؟

قال: « على كل من أكل منهم فداء، صيد كل إنسان منهم على حدته، فداء صيد كاملاً »(٣) .

[٦٧٣] وعنه(٤) ، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسىعليه‌السلام ، قال: سألته، عن رجل رمى صيدا وهو محرم فكسر يده أو رجله، فمضى الصيد على وجهه، فلم يدر الرجل ما صنع الصيد؟

قال: « عليه الفداء كاملاً إذا(٥) لم يدر ما صنع الصيد »(٦) .

[٦٧٤] علي بن جعفر، عن أخيه موسىعليه‌السلام ، قال: سألته، عن رجل رمى صيدا(٧) فكسر يده أو رجله، وتركه فرعى الصيد.

قال: « عليه ربع(٨) الفداء »(٩) .

[٦٧٥] موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، قال: سألت أخي موسىعليه‌السلام عن الرفث والفسوق والجدال، ما هو؟ وما على من فعله؟

فقال: « الرفث: جماع النساء.

__________________

(١) قرب الاسناد: ١٠٦.

(٢) أي: موسى بن القاسم.

(٣) التهذيب ٥: ٣٥١ / ١٢٢١، قرب الاسناد: ١٠٧، باختلاف لا يضر بوحدتها.

(٤) أي: موسى بن القاسم.

(٥) في قرب الاسناد زيادة لفظها: « اذا مضى الصيد ولم... ».

(٦) التهذيب ٥: ٣٥٩ / ١٢٤٦، قرب الاسناد: ١٠٧.

(٧) في قرب الاسناد: وهو محرم.

(٨) في قرب الاسناد: دفع.

(٩) التهذيب ٥: ٣٥٩ / ١٢٤٧، الاستبصار ٢: ٢٠٥ / ٦٩٨، قرب الاسناد: ١٠٧.

٢٧٢

والفسوق: الكذب والمفاخرة.

والجدال: قول الرجل: لا والله، وبلى والله.

فمن رفث فعليه بدنة ينحرها، وإن لم يجد فشاة. وكفارة الفسوق(١) يتصدق به إذا فعله وهو محرم »(٢) .

[٦٧٦] وسألته، عن المحرم هل يصلح له أن يحتجم؟

قال: « نعم، ولكن لا يحلق مكان المحاجم، ولا يجزه »(٣) .

[٦٧٧] وسألته، عن المحرم يكون به البثرة تؤذيه، هل يصلح له أن يقطع رأسها؟

قال: « لا بأس »(٤) .

[٦٧٨] وقال: « المحرم لا يصلح أن يعقد إزاره على رقبته، ولكنه يثبته على عنقه ولا يعقده »(٥) .

[٦٧٩] وقال: « لكل شيء جرحت من حجك فعليك فيه دم تهريقه حيث شئت »(٦) .

[٦٨٠] وسألته، عن المحرم هل يصلح له أن يطرح الثوب على وجهه من الذباب وينام؟

قال: « لا بأس »(٧) .

[٦٨١] موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، قال: سألت أخي عليه

__________________

(١) في قرب الاسناد: « وكفارة الجدال والفسوق شيء... ».

(٢) التهذيب ٥: ٢٩٧ / ١٠٠٥، قرب الاسناد: ١٠٣.

(٣) قرب الاسناد: ١٠٦.

(٤) قرب الاسناد: ١٠٦.

(٥) قرب الاسناد: ١٠٦.

(٦) قرب الاسناد: ١٠٤.

(٧) قرب الاسناد: ١٠٥.

٢٧٣

السلام: اظلل وأنا محرم؟

فقال: « نعم، وعليك الكفارة ».

قال(١) : فرأيت علياً إذا قدم مكة ينحر بدنة لكفارة الظل(٢) .

[٦٨٢] وسألته، عن الرجل هل يصلح له أن يغسل رأسه يوم النحر بخطمي قبل أن يحلقه؟

قال: « كان أبي ينهى ولده عن ذلك »(٣) .

[٦٨٣] محمد بن يحيى، عن بنان بن محمد، عن موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: سألته، عن رجل جعل(٤) جاريته هديا للكعبة كيف يصنع؟

قال: « إن أبي أتاه رجل قد جعل جاريته هدياً للكعبة، فقال له: قوّم الجارية، أو بعها، ثم مر مناديا يقوم على الحجر فينادي: ألا من قصرت به نفقته، أو قطع به طريقه، أو نفد به طعامه، فليأت فلان بن فلان. ومره أن يعطي أولاً فأولا، حتى ينفد ثمن الجارية »(٥) .

[٦٨٤] وسألته، عن مكة لم سميت بكة.

قال: « لأن الناس يبك بعضهم بعضا بالأيدي، ولا يكون إلا في المسجد حول الكعبة »(٦) .

[٦٨٥] وسألته، عن دخول الكعبة أواجب هو على كل من حج؟

__________________

(١) أي: موسى بن القاسم.

(٢) التهذيب ٥: ٣٣٤ / ١١٥٠.

(٣) قرب الاسناد: ١٠٥.

(٤) في رقم ١٧١٩ من التهذيب: ثمن.

(٥) الكافي ٤: ٢٤٢ / ٢، التهذيب ٥: ٤٤٠ / ١٥٢٩ و ٤٨٣ / ١٧١٩ و ٩: ٢١٤ / ٨٤٣، علل الشرايع: ٤٠٩ / ٢ - باب ١٤٧ - قرب الاسناد: ١٠٨.

(٦) قرب الاسناد: ١٠٤، عنه العياشي في تفسيره ١: ١٨٧ / ٩٨.

٢٧٤

قال: « هو واجب أول حجة، ثم إن شاء فعل، وإن شاء ترك »(١) .

[٦٨٦] عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن علي بن جعفر، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام ، قال: سألته عن الرجل يأكل من مال ولده؟

قال: « لا، إلا أن يضطر إليه فياكل منه بالمعروف(٢) ، ولا يصلح للولد أن يأخذ من مال والده شيئاً إلا أن يأذن والده »(٣) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١٠٤.

(٢) في قرب الاسناد زيادة هي: « ويستقرض منه حتى يعطيه اذا أيسر ».

(٣) الكافي ٥: ١٣٥ / ٢، التهذيب ٦: ٣٤٤ / ٩٦٣، الاستبصار ٣: ٤٣ / ١٥٩، قرب الاسناد: ١١٩.

٢٧٥

النكاح وتوابعه

[٦٨٧] وسألته، عن رجل له امرأتان، هل يجوز له أن يفضل إحداهما على الاخرى؟

قال: « له أربع، فليجعل لواحدة ليلة، وللاخرى ثلاث ليال »(١) .

[٦٨٨] محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن إسماعيل بن همام، عن علي بن جعفر، قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الرجل يقبل قبل المرأة.

قال: « لا بأس »(٢) .

[٦٨٩] وسألته، عن رجل تزوج امرأة متعة، كم مرة يرددها ويعيد التزويج؟

قال: « ما أحب »(٣) .

[٦٩٠] وسألته، عن عنين دلس نفسه لامرأته، ماحاله؟

قال: « عليه المهر، ويفرق بينهما إذا علم أنه لا يأتي النساء »(٤) .

[٦٩١] وسألته، عن امرأة دلست نفسها لرجل وهي رتقاء.

__________________

(١) قرب الاسناد: ١٠٨.

(٢) الكافي ٥: ٤٩٧ / ٤، التهذيب ٧: ٤١٣ / ١٦٥٠، قرب الاسناد: ١٠٢.

(٣) قرب الاسناد: ١٠٩.

(٤) قرب الاسناد: ١٠٨.

٢٧٦

قال: « يفرق بينهما، ولا مهر لها »(١) .

[٦٩٢] وسألته، عن الرجل يحتاج إلى جارية ابنه فيطؤها، إذا كان الابن لم يطأها هل يصلح ذلك؟

قال: « نعم، هي له حلال، إلا أن يكون الأب موسراً فيقوم الجارية على نفسه قيمة ثم يرد القيمة على ابنه »(٢) .

[٦٩٣] وسألته، عن رجل قال لآخر: هذه الجارية لك حياتك، أيحل له فرجها؟

قال: « يحل له فرجها، ما لم يدفعها إلى الذي تصدق بها عليه، فإذا تصدق بها حرمت عليه »(٣) .

[٦٩٤] قال: وكنت مع أخي في طريق بعض أمواله وما معنا غير غلام له، فقال: تنح يا غلام فاني اريد أن أتحدث.

فقال لي: ما تقول في رجل تزوج امرأة في هذه المواضع وفي غيرها بلا بينة ولا شهود فقلت: يكره ذلك؟

فقال لي: « بلى فانكحها في هذا الموضع وفي غيره بلا شهود ولا بينة »(٤) .

[٦٩٥] وسألته، عن الرجل هل يصلح له أن يتزوج المرأة متعة بغير بينة.

قال: « إذا كانا مسلمين مأمونين فلا بأس »(٥) .

[٦٩٦] وقال: وسألته عن رجل تحته امرأة متعة أراد أن يقيم عليها ويمهرها متى يفعل بها ذلك؟ قبل أن ينقضي الأجل أو من بعده؟.

__________________

(١) قرب الاسناد: ١٠٩.

(٢) قرب الاسناد: ١١٩.

(٣) قرب الاسناد: ١٠٩.

(٤) قرب الاسناد: ١١٠.

(٥) قرب الاسناد: ١٠٩.

٢٧٧

قال: « إن هو زادها قبل أن ينقضي الأجل لم يرد بينة، لو إن كانت الزيادة بعد إنقضاء الأجل فلابد من بينة »(١) .

[٦٩٧] محمد بن أحمد بن يحيى، عن بنان بن محمد، عن موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال: سألته عن رجل زنى بامرأة هل تحل لابنه أن يتزوجها؟

قال: « لا »(٢) .

[٦٩٨] وسألته، عن رجل زنى بامرأتين أله أن يتزوج بواحدة منهما؟

قال: « نعم، لا يحرم حلالاً حرام »(٣) .

[٦٩٩] محمد بن علي بن محبوب، عن بنان بن محمد، عن موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه، عن ابائه، عن عليعليهم‌السلام « إنه أتاه رجل بعبده فقال: إن عبدي تزوج بغير إذني.

فقال عليعليه‌السلام لسيده: فرق بينهما.

فقال السيد لعبده: ياعدو الله طلق فقال عليعليه‌السلام : كيف قلت له؟ قال: قلت له: طلق فقال عليعليه‌السلام للعبد: اما الان فإن شئت فطلق وإن شئت فامسك، فقال السيد: يا أمير المؤمنين أمر كان بيدي فجعلته بيد غيري؟ قال: ذلك لأنك حيث قلت له: طلق، أقررت له بالنكاح »(٤) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١٠.

(٢) التهذيب ٧: ٢٨٢ / ١١٩٥، الاستبصار ٣: ١٦٣ / ٥٩٤، قرب الاسناد: ١٠٨.

(٣) قرب الاسناد: ١٠٨.

(٤) التهذيب ٧: ٣٥٢ / ١٤٣٣.

٢٧٨

احكام الأولاد

[٧٠٠] محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن مولود ( لم )(١) يحلق رأسه (بعد)(٢) يوم السابع؟

فقال: « إذا مضى ( عليه )(٣) سبعة أيام فليس عليه حلق »(٤) .

__________________

(١) من دونها في الكافي.

(٢) ليست في الفقيه.

(٣) من دونها في الكافي والفقيه.

(٤) التهذيب ٧: ٤٤٦ / ١٧٨٦، الفقيه ٣: ٣١٦ / ١٥٣٣، الكافي ٦: ٣٨ / ١.

٢٧٩

الطلاق وتوابعه

[٧٠١] محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: سألته عن رجل لا عن إمرأته، فحلف أربع شهادات بالله ثم نكل في الخامسة.

قال: « إن نكل في الخامسة فهي إمرأته، وجلد. وإن نكلت المرأة عن ذلك - إذا كانت اليمين عليها - فعليها مثل ذلك »(١) .

[٧٠٢] ( قال: وسألته عن الملاعنة قائماً يلاعن أو قاعداً )؟(٢) .

قال: « الملاعنة وما أشبهها من قيام »(٣) .

[٧٠٣] وسألته، عن الرجل قال لامرأته: إني أحببت أن تبيني. فلم تقل شيئأ حتى افترقا، ما عليه؟

قال: « ليس عليه شيء، وهي امرأته »(٤) .

[٧٠٤] وسألته، عن الرجل قذف امرأته، ثم طلقها، فطلبت بعد الطلاق قذفه إياها.

__________________

(١) الى هنا رواه الشيخ في التهذيب ٨: ١٩١ / ٦٦٥، باختلاف يسير، وبسند آخر هو: محمد بن علي بن محبوب، عن بنان بن محمد، عن موسى بن القاسم.

(٢) ما بين القوسين ساقط من قرب الاسناد.

(٣) الكافي ٦: ١٦٥ / ١٢، وتقدم ذيله في الاصل برقم ( ١٣٢ ) قرب الاسناد: ١١١.

(٤) الكافي ٦: ١٦٥ / ذيل الحديث ١٢.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

كما جاء التعبير عن الجنّة( أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) أو ما شابه ذلك ، وهي إشارة لخلق الجنّة وأنّها مهيأة للمتقين وقد ورد هذا التعبير في موضعين من آيات القرآن «الآية ١٢٣ من سورة آل عمران والآية ٢١ من سورة الحديد».

كما ورد التعبير عن النّار بـ( أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ ) في موضعين من القرآن أيضا «البقرة الآية ٢٤ وآل عمران الآية ١٣١».

فهل ستفنى الجنّة والنار في انتهاء العالم؟!

ثمّ بعد هذا كلّه فنحن نعتقد بالحياة البرزخية للإنسان ، ونستفيد ذلك من آيات القرآن في شأن الأرواح ، فهل ستفنى تلك أيضا؟!

والجواب على جميع الأسئلة يتّضح بما يلي :

إنّ كثيرا ما يتفق أن يكون المراد من الهلاك والعدم هو تخلخل النظام ودماره ، لا تلاشيه وفنائه فلو أن عمارة مثلا تهدمت بسبب الزلزلة فهنا يصدق عليها الفناء والهلاك ، في حين أنّ مواد العمارة لا تزال موجودة ، غير أن نظامها قد أختل وانعدم فحسب!.

ونعرف أن في نهاية هذا العالم ستنطفئ الشمس ، ويظلم القمر ، وتندك الجبال ، وتموت الموجودات الحيّة ، فهذا معنى هلاكها! هذا من جهة!.

ومن جهة أخرى فإنّ الفناء متعلق بهذه الدنيا ، وما في هذه الدنيا أمّا الجنّة والنّار فسواء كانتا داخل هذا العالم أو خارجه ، فليستا جزءا من هذه الدنيا ليشملهما حكم الفناء والعدم لنظامهما ، فهما متعلقتان بالآخرة لا بالدنيا!

ومن جهة ثالثة ، فإنّا ذكرنا آنفا أنّ الهلاك ـ أو الفناء ـ بالنسبة للموجودات الممكنة غير منحصر بانتهاء هذا العالم فهي هالكة وفانية الآن أيضا ، لأنّها لا تملك شيئا في داخل ذاتها ، وكل ما عندها فمن غيرها ، فهي متغيرة ودائمة الحركة ، ومعنى ذلك الفناء التدريجي والمركب من الوجود والعدم!

ومع بيان ما تقدم يتّضح الجواب على الأسئلة السابقة تماما!

٣٢١

٢ ـ التّفسير المنحرف لجملة( وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ! )

يستدل جماعة من الوهّابيين أحيانا على أن مسألة «التوسل والشفاعة» لا تنسجم مع حقيقة التوحيد ، بالآية الآنفة وآيات أخرى مشابهة لها.

إذ يقول أولئك : إنّ القرآن نهى عن عبادة غير الله بصريح العبارة ، كما نهى أن ندعو أسماء سوى الله ، إذ قال :( فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً ) .(١)

والحال أنّ المقصود من هذه الآيات ليس هو أن لا ندعو أشخاصا آخرين ، بل المقصود كما هو مستفاد من الآية( مَعَ اللهِ ) أي أن من يعتقد أن ما كان لله يمكن طلبه من غير الله ويراه مستقلا في إنجازه ، فإنه مشرك.

ولكننا إذا اعتقدنا بأن جميع القدرات هي خاصة بالله ، ولا نعتقد بأن أحدا معه يكون مبدأ الأثر ونعتقد بأن لله أولياء يشفعون بإذنه وأمره ، فنتوسل بهم إلى الله ليشفعوا لنا عند الله ، فهذا هو التوحيد بعينه ، وهذا هو ما أشارت إليه آيات القرآن مرارا.

ترى هل كان قول إخوة يوسف لأبيهم :( يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ) شركا؟! (سورة يوسف الآية ٩٧).

وهل ـ حين يقول القرآن :( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً ) ،(٢) يكون قول القرآن هذا دعوة نحو الشرك؟!!

إنّ حقيقة الشفاعة والتوسل ـ أيضا ـ ليس شيئا سوى ما أشرنا إليه آنفا(٣) ! ربّنا ألهم قلوبنا نور التوحيد والمعرفة ، لئلا نرى سواك ، ولا نطلب سواك ، ولا نرجو سواك!

__________________

(١) سورة الجن ، الآية ١٨.

(٢) سورة النساء ، الآية ٦٤.

(٣) لمزيد التوضيح يراجع تفسير الآية ٣٥ المائدة ، وتفسير ذيل الآية (٤٨) من سورة البقرة!

٣٢٢

اللهم وثّق ارتباطنا بذاتك المقدسة يوما بعد يوم أرواحنا تحظى بقبس من بقاء وخلود ذاتك الخالدة!

اللهم أبعد حبّ الدنيا والاستعلاء والفساد في الأرض عن أرواحنا ، واجعلنا في صفوف المتقين ،( وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) .

آمين ربّ العالمين

انتهاء سورة القصص

* * *

٣٢٣
٣٢٤

سورة

العنكبوت

مكيّة

وعدد آياتها تسع وستون آية

٣٢٥
٣٢٦

«سورة العنكبوت»

محتوى سورة العنكبوت!

المشهور بين جمع من المحققين أنّ جميع آيات هذه السورة نازلة بمكّة ، فيكون محتواها منسجما مع محتوى السور المكية.

إذ ورد فيها الكلام على المبدأ والمعاد ، وقيام الأنبياء السابقين العظام ، ووقوفهم بوجه المشركين وعبدة الأصنام والجبابرة والظالمين ، وانتصارهم وانهزام هذه الجماعة الظالمة! وكذلك تتحدث هذه السورة عن الدعوة الى الحق والامتحان الالهي للبشر ، وذرائع الكفار في مجالات مختلفة.

غير أنّ جماعة من المفسّرين يرون بأن إحدى عشرة آية منها نازلة بالمدينة ، وهي الآيات الأولى من السورة ، ولعلّ ذلك ـ كما سنرى ـ ناتج عن سبب نزول بعض الآيات التي تتحدث عن الجهاد ، والإشارة إلى موضوع المنافقين ، وهذا ما يناسب السور المدنية!.

ولكن سنرى بعدئذ أنّ هذه الأمور لا تنافي كون السورة مكيّة.

وعلى كل حال ، فتسمية السورة هذه بـ «العنكبوت» مأخوذة من الآية (٤١) من هذه السورة ، التي تشبّه عبدة الأوثان من دون الله بالعنكبوت ، التي تبني بيتها من نسيجها ، وهو أوهن البيوت!!.

وبصورة إجمالية ، يمكن أن يقال : إن أبحاث هذه السورة تتلخص في أربعة أقسام :

١ ـ فالقسم الأوّل من السورة يتحدث عن مسألة «الامتحان» ، وموضوع

٣٢٧

«المنافقين» ، وهذان الأمران متلازمان لا يقبلان الانفكاك!! لأنّ معرفة المنافقين غير ممكنة إلّا في طوفان الامتحانات.

٢ ـ والقسم الثّاني من هذه السورة ـ في الحقيقة ـ هو لتسلية قلب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والمؤمنين القلّة الأوائل ، عن طريق بيان جوانب من حياة الأنبياء العظام السابقين ، أمثال نوح وإبراهيم ولوط وشعيبعليهم‌السلام وعواقبهم!. إذ واجهوا أعداء ألدّاء أمثال نمرود وطواغيت المال البخلاء.

وقد بيّن هذا القسم من السورة كيفية المواجهة ، وعدّتها ، وعاقبتها للمؤمنين لتطمئن قلوبهم ، ولتكون هذه الآيات إنذارا للمشركين وعبدة الأوثان ، الذين لهم قلوب كالحجارة أو أشدّ قسوة ، والظالمين الذين عاصروا النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣ ـ والقسم الثّالث من هذه السورة ، وهو ما ورد في نهاية السورة بوجه خاص ، يتحدث عن التوحيد ودلائل الله في عالم خلقه ، والمواجهة مع المشركين ، ويدعوا الفطرة والوجدان إلى الاحتكام والقضاء الحق!.

٤ ـ أمّا القسم الرّابع من هذه السورة ، ففيه مباحث متنوعة عن عجز الأصنام المصنوعة التي تعبد من دون الله ، وعبادها الذين مثلهم كمثل العنكبوت ، وبيان عظمة القرآن ، ودلائل حقانية نبيّ الإسلام ، ولجاجة المخالفين ، كما تتعرض لسلسلة من المسائل التربوية أمثال : الصلاة ، والعمل الصالح ، والإحسان إلى الوالدين ، وأسلوب مناقشة المخالفين ، وما إلى ذلك.

فضيلة هذه السورة!

ورد في تفسير مجمع البيان عن الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله في فضيلة هذه السورة ما يلي : «من قرأ سورة العنكبوت كان له عشر حسنات بعدد كل المؤمنين والمنافقين».

ولتلاوة سورتي العنكبوت والروم في شهر رمضان في الليلة الثّالثة

٣٢٨

والعشرين منه فضيلة قصوى ، حتى أنّنا نقرأ في هذا الصدد حديثا للإمام الصادقعليه‌السلام يقول : «من قرأ سورة العنكبوت والروم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين فهو والله من أهل الجنّة ، لا استثنى فيه أبدا ولا أخاف أن يكتب الله علي في يميني إثما ، وإن لهاتين السورتين من الله مكانا».(١)

ولا شك أن محتوى هاتين السورتين الغزير ، والدروس العملية المهمّة منها في التوحيد ، وما إلى ذلك ، كلّه كاف لأن يسوق أيّ إنسان ذي لب وفكر وعمل إلى الجنّة والخلود فيها.

بل لو استلهمنا من بداية سورة العنكبوت وآياتها الأولى العظة فلعلنا نكون مشمولين في قسم الإمام الصادقعليه‌السلام تلك الآية التي تعرض الامتحان لعامّة الناس دون استثناء ليفتضح المبطلون والكاذبون فكيف يمكن أن يصدّق الإنسان بهذا الامتحان العظيم وهو لم يهيء نفسه له!؟. ولم يكن من أهل التقوى والورع!

* * *

__________________

(١) «ثواب الأعمال» «طبقا لتفسير نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ١٤٧» من الجدير بالذكر أنّنا نكتب هذا القسم من هذا التّفسير في بداية ليلة ٢٣ من شهر رمضان لسنة ١٤٠٣ هجرية

٣٢٩

الآيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ (٣) )

سبب النّزول

طبقا لما نقل بعض المفسّرين ، أنّ الآيات الإحدى عشرة الأولى من بداية سورة العنكبوت نزلت في المدينة في شأن المسلمين الذين كانوا في مكّة وغير راغبين بالهجرة إلى المدينة وكانوا قد تلقوا رسائل من إخوة لهم في المدينة جاء فيها : «إن الله لا يقبل إقراركم بالإيمان حتى تهاجروا إلى المدينة» فصمموا على الهجرة وخرجوا من مكّة ، فتبعهم جماعة من المشركين والتحموا بالقتال فقتل منهم جماعة وجرح آخرون «وربّما سلّم بعضهم نفسه ورجعوا إلى مكّة».

وقال بعض : إنّ الآية الثّانية من هذه السورة في شأن «عمار بن ياسر» وجماعة من المسلمين الأوائل ، الذين آمنوا برسالة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولاقوا صنوف التعذيب من الأعداء.

كما قال بعضهم : إنّ الآية الثامنة نزلت في إسلام «سعد بن أبي وقاص»!

غير أنّ التدقيق في الآيات يكشف عن أنّه لا دليل على ارتباط الآيات مع

٣٣٠

هجرة أولئك ، سوى أنّ الآيات تبيّن الضغوط على المؤمنين في ذلك الوقت من قبل أعدائهم وأحيانا من الآباء المشركين والأمهات المشركات ضدّ أبنائهم المؤمنين.

فهذه الآيات تشجّع المسلمين على الثبات والرجولة والاستقامة أمام أمواج الضغوط من قبل الأعداء وإذا ورد الحديث فيها على الجهاد فالمراد منه ـ أيضا ـ الجهاد في هذا المجال ، لا الجهاد المسلّح الذي تقوم به الجماعة ، فذلك شرّع في المدينة.

وإذا ورد الحديث عن المنافقين في هذه الآيات ، فلعلّه إشارة إلى المسلمين الضعاف في إيمانهم ، الذي كان يتفق وجودهم بين المسلمين في مكّة أحيانا فتارة هم مع المسلمين وتارة مع المشركين ، وكانوا يميلون مع الكفة الراجحة منهما.

وعلى كل حال ، فارتباط الآيات بعضها ببعض وانسجامها توجب أن تكون هذه السورة «جميعها» مكية ، وما ذكرناه من الرّوايات المتقدمة المتناقضة في ما بينها ، لا يمكن أن تقطع هذا الارتباط!

* * *

التّفسير

الامتحان الإلهي سنة خالدة :

نواجه في بداية هذه السورة الحروف المقطعة [ألف ـ لام ـ ميم] أيضا وقد بيّنا تفسيرها عدة مرات من وجوه مختلفة(١) .

وبعد هذه الحروف المقطعة يشير القرآن إلى واحدة من أهم مسائل الحياة البشرية ، وهي مسألة الشدائد والضغوط والامتحان الإلهي.

__________________

(١) يراجع بداية تفسير سورة البقرة وبداية سورة آل عمران وبداية تفسير سورة الأعراف من التّفسير الأمثل.

٣٣١

فيقول أوّلا :( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) .(١) ثمّ يذكر القرآن هذه الحقيقة ـ بعد الآية المتقدمة مباشرة ، وهي أن الامتحان سنة الهية دائمية ، فالامتحان لا يختص بكم ـ أيّها المسلمين ـ بل هو سنة جارية في جميع الأمم المتقدمة ، إذ يقول :( وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) .

وهكذا ألقينا بهم أيضا في أفران الامتحانية الشديدة الصعبة ووقعوا أيضا ـ تحت تأثير ضغوط الأعداء القساة والجهلة المعاندين فساحة الامتحان كانت مفتوحة دائما ، واشترك فيها جماعة كثيرون.

وينبغي أن يكون الأمر كذلك ، لأنّه في مقام الادعاء يمكن لكل أحد أن يذكر عن نفسه أنّه أشرف مجاهد وأفضل مؤمن وأكثر الناس تضحية فلا بدّ من معرفة قيمة هذه الادعاءات بالامتحان ، وينبغي أن تعرف النيات والسرائر إلى أي مدى تنسجم مع هذه الادعاءات.؟!

أجل( فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ ) .

من البديهي أنّ الله يعرف جميع هذه الأمور جيدا ـ قبل أن يخلق الإنسان ـ إلّا أنّ المراد من العلم هنا هو التحقق العيني للمسائل ووجودها الخارجي ، وبتعبير آخر : ظهور الآثار والشواهد العملية ومعناه أنّه ينبغي أن يرى علم الله في هذه المجموعة عمليا في الخارج ، وأن يكون لها تحقق عيني ، وأن يكشف كلّ عمّا في نفسه وداخله هذا هو العلم حين يطلق على مثل هذه المسائل وينسب إلى الله!.

والدليل على هذه المسألة واضح ـ أيضا ـ لإنّ النيّات والصفات الباطنية إذا لم تحقق في عمل الإنسان وتكون عينيّة ، فلا مفهوم للثواب والجزاء والعقاب!.

وبعبارة أخرى : فإنّ هذا العالم مثله كمثل «المدرسة» أو «المزرعة»

__________________

(١) «يفتنون» مشتق من «الفتنة» وهي في الأصل وضع الذهب في النّار لمعرفة مقدار خلوصه ، ثمّ أطلق هذا التعبير على كل امتحان ظاهري ومعنوي «لمزيد الإيضاح يراجع تفسير الآية (١٩٣) من سورة البقرة».

٣٣٢

(والتشبيهات هذه واردة في متون الأحاديث الإسلامية) والمنهج هو أن تتفتح الاستعدادات وتربّى القابليات وتكون فعلية بعد ما كانت بالقوّة.

وينبغي أن تنمو البذور في هذه المدرسة وأن تطلع البراعم من تحت الأرض فتحاط بالرعاية والعناية لتكون شجيرات صغيرة ، ثمّ تكون أشجارا ذوات أصول قوية وأغصان ومثمرّة على تعاقب الزمن وهذه الأمور لا تكون إلّا بالامتحان والاختبار.

ومن هنا نعرف أن الامتحانات الإلهية ليست لمعرفة الأفراد ، بل هي من أجل تربية الاستعدادات ورعايتها ، لتتفتح وتكون بصورة أحسن.

فعلى هذا لو أردنا نحن أن نمتحن شيئا ، فهو لأجل كشف المجهول ، لكنّ امتحان الله ليس لكشف المجهول ، لأنّه أحاط بكل شيء علما بل هو لتربية الاستعدادات وإيصال مرتبة «القوة» إلى «الفعل»(١) .

* * *

بحث

الامتحانات في وجوه مختلفة :

وبالرّغم من أن بيان عمومية الامتحان لجميع الأمم والأقوام كان له أثر كبير فعّال بالنسبة لمؤمني مكّة ، الذين كانوا يمثلون الأقلية في ذلك العصر ، وكان التفاتهم إلى هذه الحقيقة سببا في وقوفهم بوجه الأعداء بصبر واستقامة إلّا أن ذلك لم يكن منحصرا في مؤمني مكّة ، بل إن كل جماعة وطائفة لها نصيب من هذه السنة الإلهية فهم شركاء فيها ، إلّا أن الامتحانات الإلهية لهم تأتي بصور مختلفة.

__________________

(١) لمزيد الإيضاح في مسألة الامتحان الإلهي وجوانبها المختلفة ، يراجع التّفسير الأمثل ذيل الآية (١٥٧) من سورة البقرة حيث بيّناه بتفصيل!

٣٣٣

فالجماعة الذين يعيشون في محيط ملوث بالمفاسد والوساوس تحيط بهم من كل جانب ، فإن امتحانهم الكبير في مثل هذا الجو والظروف ، هو أن لا يتأثروا بلون المحيط وأن يحفظوا أصالتهم ونقاءهم.

والجماعة الذين يعيشون تحت ضغط الحرمان والفقر ، يرون بأنّهم لو صمموا على ترك رأس مالهم الأصيل «الإيمان» فإنّهم سرعان ما يتخلصوا من الفقر والحرمان لكن ثمن ذلك هو فقدانهم للإيمان والتقوى والكرامة والحرية والشرف ، فهنا يكمن امتحانهم

وجماعة آخرون على عكس أولئك غرقى في اللذائذ والنعم ، والإمكانات المادية متوفرة لديهم من جميع الوجوه ترى هل يؤدون في مثل هذه الظروف الشكر على النعم أم سيبقون غرقى في اللذائذ والغفلة وحب الذات والأنانية غرقى الشهوات والاغتراب عن المجتمع وعن أنفسهم!

وجماعة منهم كالمتغربين في عصرنا ، يرون بعض الدول بعيدة عن الله والفضيلة والأخلاق حقّا ، ولكنّها تتمتع بالتمدن المادي المذهل والرفاه الاجتماعي. هنا تجذب هؤلاء المتغرّبين قوّة خفية إلى سلوك هذا النوع من الحياة أو سحق جميع القيم والأصول والأعراف التي يعتقدون بها ، ويبيعون أنفسهم أذلاء عملاء لتلك الدول ، ليوفروا لهم ولمجتمعهم مثل هذه الحياة وهذا نوع آخر من الامتحان.

المصائب ، والآلام والهموم ، والحروب والنزاعات ، والقحط والغلاء ، وما تثيره الحكومات الأنانية لتجذبهم إليها وتستعبدهم به وأخيرا الأمواج النفسية القوية والشهوات ، كلّ منها وسيلة للامتحان في طريق عباد الله ، والسائرين في الميادين التي تتميز فيها شخصية الأفراد وتقواهم وإيمانهم وطهارتهم وأمانتهم وحريتهم إلخ.

ولكن لا طريق للانتصار في هذه الامتحانات الصعبة لاجتيازها إلّا الجدّ

٣٣٤

السعي المستمر ، والاعتماد على لطف الله سبحانه.

ومن الطريف أنّنا نقرأ حديثا عن أحد المعصومين في أصول الكافي في تفسير الآية( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) يقول فيه : «يفتنون كما يفتن الذهب ، ثمّ قال يخلصون كما يخلص الذهب»(١) .

وعلى كل حال ، فإن طالبي العافية الذين يظنون أنّ إظهار الإيمان كاف بهذا المقدار ليكونوا في صفوف المؤمنين وفي أعلى عليين في الجنّة مع النّبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، فهم في خطأ كبير.

وعلى حدّ تعبير أمير المؤمنينعليه‌السلام في نهج البلاغة : «والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة ، ولتساطن سوط القدر حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم»(٢) .

قالعليه‌السلام : هذا الكلام والناس جديد وعهد ببيعته ، وينتظرون ما سيفعل ببيت المال ، أيقسمه حسب الجاه والمقامات بحسب المعايير السابقة ، فيبعّض في المال ، فيعطى الكثير لبعضهم بحسب المقام ، والقليل للبعض الآخر! أم سيسير معهم بالعدل المحمّدي؟

* * *

__________________

(١) أصول الكافي ، طبقا لما نقل في تفسير نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ١٤٨.

(٢) نهج البلاغة ، خطبة ١٦.

٣٣٥

الآيات

( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٤) مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٥) وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (٦) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٧) )

التّفسير

لا مهرب من سلطان الله :

كان الكلام في الآيات السابقة عن امتحان المؤمنين الشامل ، والآية الأولى من الآيات أعلاه تهديد شديد للكفار والمذنبين ، لئلا يتصوروا أنّهم حين يضيّقون على المؤمنين ويضغطون عليهم ولا يعاقبهم الله فورا ، فإنّ الله غافل عنهم أو عاجز عن عذابهم ، تقول الآية هذه :( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ ) .

فلا ينبغي أن يغرّهم إمهال الله إيّاهم فهو امتحان لهم ، كما أنّه فرصة للتوبة

٣٣٦

والعودة إلى ساحة الله تعالى.

وما ذهب إليه بعض المفسّرين من أنّ هذه الآية هي إشارة إلى المؤمنين المذنبين ، فلا يناسب هذا التّفسير سياق الآيات بأي وجه ، بل جميع القرائن تدل على أنّ المقصود بالآية هم المشركون والكفار.

ثمّ يتحدث القرآن مرّة أخرى عن سير المؤمنين ومناهجهم ، ويقدم النصح لهم ، فيقول:( مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ ) فعليه أن يعمل ما في وسعه على امتثال الأوامر الإلهية والأحكام الشرعية ، لأنّ الوقت المعيّن سيأتي حتما( فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ ) (١) .

أجل ، إنّ وعد الله هذا لا يقبل التخلّف ، هو طريق لا بدّ من اجتيازه ، ثمّ إنّ الله سبحانه يسمع أحاديثكم ، وهو مطلع على أعمالكم ونيّاتكم لأنّه( هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) .

وفي معنى قوله تعالى :( لِقاءَ اللهِ ) وما المقصود منه؟ فسّره بعض المفسّرين بملاقاة الملائكة ، كما فسّره البعض بملاقاة الحساب والجزاء وبعض بملاقاة الحكم وأمر الحق وآخرون بأنّه كناية عن يوم القيامة في حين أنّه لا دليل على أن تفسّر هذه الآية بهذه المعاني المجازية.

وينبغي القول أن «لقاء الله» في يوم القيامة ليس لقاء حسيّا بل نوعا من الشهود الباطني ، لأنّ الستائر الضخمة لعالم المادة تنكشف عن عين روح الإنسان ، وتبدو في حالة الشهود للإنسان!

وكما يقول العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان : إنّ المقصود من لقاء الله ، هو أنّ العباد يكونون في موقف لا يكون بينهم وبين الله حجاب ، لأنّ طبيعة يوم القيامة هي ظهور الحقائق كما يقول القرآن :( وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ )

__________________

(١) هذه الجملة ـ في الحقيقة ـ فيها حذف ، والتقدير «من كان يرجو لقاء الله فيبادر بالطاعة قبل أن يلحقه الأجل» أو «من كان يرجو لقاء الله ويقول آمنت بالله فليقله مستقيما صابرا عليه فإنّ أجل الله لآت».

٣٣٧

سورة النور الآية ٢٥(١) .

أمّا الآية التي تليها ، فهي ـ في الحقيقة ـ تعليل لما سبق بيانه في الآية الآنفة ، إذ تقول : إن على المؤمنين الذين يرغبون في لقاء الله السعي بما أوتوا من قدرة وقابلية من أجل ذلك فإن نتيجة كل ذلك السعي والجهاد وتحمل الشدائد ترجع ثمارها للعامل نفسه :( وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ ) .

إن خطة الامتحان الالهي هي الجهاد ، جهاد النفس وهواها ، وجهاد الأعداء الألداء ، لحفظ الإيمان والتقوى والطهارة ، ونفع ذلك يعود للإنسان وإلّا فإنّ الله وجود غير متناه من جميع الوجوه ، وغير مفتقر لأي شيء حتى يتم بواسطة طاعة الناس أو عبادتهم جبرانه ، ولا ينقصه شيء حتى يكمله الآخرون ، فكل ما عندهم فمنه ، وليس لهم شيء من أنفسهم!.

ويتّضح هنا من هذا البيان أن الجهاد لا يعني بالضرورة جهاد العدوّ المسلّح ، بل يحمل معناه اللغوي الذي يشمل كل أنواع السعي والجد لحفظ الإيمان والتقوى ، وتحمل أنواع الشدائد ، والمواجهات «الموضعية» للأعداء الألدّاء والحاقدين.

والخلاصة أنّ جميع منافع هذا الجهاد ترجع للشخص المجاهد نفسه ، وهو الذي يفوز بخير الدنيا والآخرة في جهاده ، وحتى إذا كان المجتمع يستفيد من بركات هذا الجهاد ، فهو في مرحلة أخرى بعده.

فعلى هذا ، متى ما وفّق أي إنسان إلى الجهاد فنال نصيب منه ، فعليه أن يشكر الله على هذه النعمة!.

وآخر آية ـ محل البحث ـ توضيح لما تقدم ذكره في الآية السابقة بشكل مبهم تحت عنوان الجهاد ، فهنا يكشف القرآن حقيقة الجهاد فيقول :( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ) .

__________________

(١) بحثنا المراد من لقاء الله في الجزء الأوّل ذيل الآية (٤٦) من سورة البقرة فليراجع هناك أيضا.

٣٣٨

إذن أوّل فائدة كبيرة لهذا الجهاد الكبير وهو الإيمان والعمل الصالح هي تكفير الذنوب وسترها على الإنسان ، كما أن الثواب سيكون من نصيبهم ، كما يقول القرآن في نهاية هذه الآية أيضا :( وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ ) .

كلمة «نكفّر» مشتقة من مادة «تكفير» ومعناها في الأصل التغطية والستر ، والمقصود بتغطية الذنوب هنا عفو الله وصفحه!

والتعبير بـ( أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ ) مع أن الله يجزي على الأعمال الصالحة ـ حسنة كانت أم أحسن لعله إشارة إلى أنّنا نجازي جميع أعمالهم الصالحة والحسنة بأحسن الجزاء ، أي إذا كانت بعض أعمالهم أحسن وبعضها حسنا ، فنحاسب الجميع بالأحسن ، وهذا هو معنى تفضل الله سبحانه.

وفي آيات أخرى من القرآن ، كالآية (٣٨) من سورة النور وردت الإشارة إلى ذلك أيضا( لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ) .

* * *

٣٣٩

الآيتان

( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (٩) )

سبب النّزول

وردت روايات مختلفة في شأن نزول الآية الآنفة الذكر ، ومضمون الجميع واحد وهي أنّ بعض الرجال الذين كانوا في مكّة وأسلموا(١) ، حين سمعت أمهاتهم بذلك صممن على أن لا يتناولن طعاما ولا يشربن ماء حتى يرجع أبناؤهن عن الإسلام ، وبالرغم من أن أية واحدة من هؤلاء الأمهات لم تف بقولها ، ورجعت عن إضرابها عن الطعام ، إلّا أنّ الآية المتقدمة نزلت لتوضح للجميع أسلوب المعاملة بين الأبناء والآباء والأمهات ، في مجال الكفر والإيمان.

__________________

(١) ورد في بعض الروايات اسم (سعد بن أبي وقاص) وفي بعضها اسم (عياش بن أبي ربيعة المخزومي).

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354