وما أنْ رأى القادة هاشماً، وهو يتوارى في أحد الصناديق حتّى امتلأتْ، وأُحْكِمَ إقفالها، وتبرّع اثنان مِن شُجعان المسلمين أنْ يكونا حَرَسَاً عليها، وإذا ما تمّتْ هذه العملية، والشمس قد مالتْ للمغيب تظاهر المسلمون بمغادرة المكان، وأبو عبيدة جِدّ قلق، وأشعر قائد الأعداء بأنّ المسلمين رحلوا عَنِ الحصن فأرسلوا عيوناً إلى معسكرهم، فرأوا صناديق وحارِسَين.
وتقدّم ضابِطٌ من الأعداء: مُسْتَفْسِرَاً من الحرّاس، ما هذه الصناديق؟
وأجاب الحارسان: عِتادٌ وذخيرة، أُمِرْنَا بحفظها، وستعود ثُلّةٌ من الجيش الليلة لِنَقْلها، ريثما يتمّ بهم المقام.
وبهت العدو: وما في هذه الصناديق؟
وقال الحارسان: لا علم لنا فيها، وليس مِنْ حقّنا أنْ نسأل.
وضحك العدو: ما أغباكما؟ وأحمق قائدكما؟! يترك هذه الذخيرة بحراستكما، وأنتم على مرأى منّا ومَسمع، أمَا يخشى عليكما من سيوفنا؟؟..
وصاح الضابط: يا جنود أسِّرُوا هذين المسلمين، واحمِلوا هذه الصناديق معهما إلى (نقيطاس) قائدهم الأعلى.. وكان ما أراد، ونقل الحارسان والصناديق إلى الحصن، حيث مَقَر القائد عند باب الحصن، ووُضِعَتْ هذه الغنيمة بين يديه.
وامتدّ الليل والقائد يسأل من الحارِسَين المسلِمَيْن عن أمور المسلمين وعدتهم واتّجاههم، وهما مرةً يُصدِّقانه وأخرى، يراوِغَانه مُتَقَصِّدَيْنِ إطالة المقام معه.. حتّى إذا اعتقدا أنّه لم يبقَ مع القائد إلاّ ثُلّة من