التقية في الفكر الاسلامي

التقية في الفكر الاسلامي33%

التقية في الفكر الاسلامي مؤلف:
المحقق: مركز الرسالة
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 169

التقية في الفكر الاسلامي
  • البداية
  • السابق
  • 169 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 33844 / تحميل: 9176
الحجم الحجم الحجم
التقية في الفكر الاسلامي

التقية في الفكر الاسلامي

مؤلف:
العربية

التقية في الفكر الاسلامي





ال دكتور السيد ثامر العميدي

١

بسم الله الرحمن الرحيم

٢

٣
٤

كلمة المركز :

الحمد للّه الواحد الأحد الذي تطمئن القلوب بذكره ، والصلاة والسلام على أبي القاسم محمد أشرف أنبياء اللّه ورسله ، وعلى آله المنتجبين أولي الألباب والنهى ، وعدل الكتاب المطهرين بمحكمه وكفى.

أما بعد فإنّ نشر مفاهيم الإسلام ، ومحاولة تصحيح النظر إلى بعضها عبر وسائل التثقيف الإسلامي الصحيح بالدعوة إلى اتباع القرآن الكريم ، والسُنّة المطهّرة ، يتطلب معرفة تلك المفاهيم وموقف الدين الإسلامي منها ، ووضعها في مكانها الصحيح بعد تشخيص موقعها من الفكر الديني ، وعمق تاريخها فيه ، وعلاقتها بديمومة ذلك الفكر وصلاحيتها للامتداد في كلِّ آن وزمان ، وقابليتها على استيعاب ما يفرزه تطور الحياة من مشاكل ومستجدات لوضع الحلول الشافية لها.

وإذا ما ثبت أنها من الدين ، فلا شكّ سيكون التعرض لها بحاجة إلى إجادة الدفاع عن كرامة الدين الحنيف والذب عن حماه من خلال التعريف المتين بمفاهيمه الراقية التي جاءت لخدمة الإنسان وبناء مجتمع حر كريم ، مع رصد سائر القنوات التي تصب فيها دسائس المغرضين وشبهات المغفلين لقلع جذورها بالحجج الدامغة ؛ لكي لا تكون وسيلة لضلالة من لم يعِ وجه الحق فيها.

ولعلَّ من بين تلك المفاهيم التي نطق بها القرآن الكريم والسُنّة المطهّرة هو مفهوم التقيّة الذي لم ينحصر في الواقع بدين الإسلام؛ بل عرفته الأديان السماوية كلّها ، وطبّقته سائر المجتمعات البشرية منذ أقدم العصور وإلى يوم الناس هذا ، لانسجامه التام مع مقتضى العقول وفطرة الإنسان في الحفاظ على كيانه ، بل مع فطرة الحيوان أيضاً كما هو المشاهد في سعي جميع الحيوانات نحو البقاء وهروبها من أسباب الفناء.

فالتقيّة إذن لم تكن قاعدة فقهية ، أو مبدأً إسلامياً صرفاً فحسب ، وإنّما هي كذلك قاعدة عقلية جبلت عليها العقول السليمة ، فحكمت بضرورة تجنب الضرر شخصياً كان أو نوعياً ، ومن هنا أصبح موقف الإسلام من التقيّة موقف المؤيد والمساند لا المؤصّل والمشرّع ، وما جاء في القرآن الكريم والسُنّة الثابتة بشأن التقيّة

٥

إنما هو إمضاء لها لأنها من شرع ما قبلنا كما يفهم من تقية إبراهيم ويوسفعليهما‌السلام ، ومن تقية أصحاب الكهف ومؤمن آل فرعون.

وبما أن تاريخ التقيّة ضارب بجذوره في أعماق الأديان قبل الإسلام ، كما حكاه لنا القرآن الكريم في أكثر من آية ، سيكون الصاقها بمذهب معين كما يحبّ إشاعته البعض من الجهل بحقيقة ذلك المفهوم والتخبّط الأعمى في تحديد تاريخه.

ومن هنا أصبح الدفاع عن التقيّة ليس دفاعاً عن مذهب ، ولا دفاعاً عن تشريع إسلامي ، وانما هو دفاع عن موقف الإسلام قرآناً وسُنّة في تبنيه وإمضائه وتأييده لهذا المفهوم ، بل هو في الواقع دفاع عن الفطرة والعقل السليم.

والكتاب الماثل بين يديك عزيزي القارئ ، حاول استجلاء أبعاد التقيّة كلّها بدراسة علمية مقارنة استطاع من خلالها أن يضع التقيّة في مكانها الصحيح بين معارف الإسلام ، ويشخّص موقعها من الفكر الديني بدقة ، مستهدياً بالقرآن الكريم أولاً ، وبالسُنّة المطهّرة ثانياً ، مبيناً تاريخها وأدلتها وأقسامها وشروطها وفوائدها والفرق بينها وبين النفاق مع الكثير من صورها القولية والفعلية عند مذاهب المسلمين وقادتهم من الصحابة والتابعين ، وغير ذلك من الاُمور التي لا غنى عنها في هذا المجال.

وإذ يسرّ مركز الرسالة أن يقدم لقرائه الأعزاء هذا الكتاب المتّسم بمراعاة المنهج العلمي الدقيق باعتماد الدليل المعتبر وتحليل النصوص ونقدها بمنطق العقل والعلم ، يأمل أن يسد في إصداره هذا جميع الثغرات المفتعلة بشأن التقيّة ، وأن يغلق منافذ التشكيك حولها بعد أن تمهّدت سائر السبل الناصعة في طياته لفهم التقيّة فهماً إسلامياً أصيلاً بعيداً عن التأويلات والمغالطات.

سائلين المولى عزَّ وجلَّ أن يسدّد خطانا لخدمة دينه الحنيف ، ويمنحنا القوة على مواصلة العطاء الفكري النافع ، إنه سميع مجيب.

وآخر دعوانا أن الحمد للّه ربِّ العالمين

مركز الرسالة

٦

المقدِّمة

نحمدك اللَّهم في الضراء والسراء ، ونلوذ بك في الشدة والرخاء ، ونصلي ونسلم على نبيك ورسولك العظيم محمد أشرف الرسل والأنبياء ، وعلى آله المنتجبين الأوصياء ، وأصحابهم المخلصين الأوفياء ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الجزاء ، وبعد.

إنّ التدبر في ما انطوت عليه مفاهيم الشريعة الإسلامية ، يعطي انطباعاً كافياً لعناية الإسلام الفائقة بكل ما يرفع من قدر الإنسان ، ويصون ماء محياه من الوقوف على أبواب المذلة والهوان التي لا تستسيغها النفوس المتطلعة إلى الكمال ، ولا يقبلها كل ذي مجد أثيل.

ويكفي أن الشريعة الغرّاء اسقطت في حالات الإكراه والاضطرار بعض الواجبات وأباحت بعض المحرمات لهذا المخلوق العجيب الذي مُيز عن سائر المخلوقات ، وجُعل أجل وأسمى من أن يعيش بلا غاية ولا هدف هملاً كالسوائم والهوائم التي ليس من شأنها أن تطمح في الوصول إلى مراقي العز والكرامة والشرف.

ومن بين تلك المفاهيم التي أحببنا الحديث عنها ، هو مفهوم التقيّة الذي طالما فهمه الجهلاء من خصوم الحق وأتباعه ، وسيلة للتخلص من تبعة التقصير في الدين ، أو المسائل التي تخدم المجتمع وتنفع الاُمّة ، فنقول :

٧

ليست التقيّة شبيهة بالقدر الذي كان يراه معاوية ويرجع إليه والحثالة من أنصاره وأتباعه على طول التاريخ ، كلّما أرادوا التملص من جناية ارتكبوها أو ذنب اقترفوه ، ليكون في ذلك الرجوع عذراً مقبولاً يسعهم في ارتكاب ما شاءوا من الموبقات تحت ذريعة القدر!

كما أنها ليست دعوة إلى نشر ما يوجب ضعف العزيمة والوهن ، ولادعوة لزرع اليأس والقنوط في نفوس المؤمنين لكي تتعطل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وهل رأيت مفهوماً اسلامياً ثابتاً كالتقيّة يدعو إلى ذلك؟ كيف والدين الحنيف لم تبرح مفاهيمه محلّقة وحدها في سماء الخلود ، خافقة عليها ألوية النصر والنجاح ، وتخترق بصوتها كل الآفاق حيث يحمله الهواء الطلق؟

فالتقيّة ليست نداءً لترك تعاليم الدين طمعاً في عيش زائل وحقير ، ولا جبناً ولا هلعاً وخوفاً إذا ما اتصل الأمر بحماية الدين أو ارتبط بمصلحة المجتمع الإسلامي ومنفعة الاُمّة وحفظ كيانها ، بل ستكون حينئذ تقية على الدين بوقايته وحفظه بالمضي قدماً على طريق الجهاد وبذل كل غال ونفيس ، واقتحام الأخطار ولو كان حتف المتقي فيها.

وأما التقيّة في حفظ النفوس والأعراض والأموال في غير تلك الحال ، فإنّما تكون بالسبل المتاحة شرعاً ، ولا ضير في ذلك فهي تقية تصب في خدمة الدين من طريق آخر ، وليست كما يتصورها الجهلاء خروجاً عن المسؤولية ، وهل رأيت ديناً قام بلا نفوس ، وأُهيب جانبه بالمذلة والفقر؟

إنّ الإسلام العظيم لم يشرّع شيئاً عبثاً ، ولن يضره ما يلقيه المشنّعون على مفاهيمه الراقية من الشُبه شيئاً ، حتى وإن توثقوا من تمكين جملة من

٨

العقائد الفاسدة في نفوس البعض من المسلمين الذين أصبحوا على درجة كافية لتقبل الجهل والتمرن عليه ، فصاروا غثاءً كغثاء السيل لايملكون حيلة ولا يهتدون سبيلا.

ولأجل هذا أصبح تبصير المشتبه وهدايته لما في الكتب التي يعتقد بصحتها ، وتنبيه المنتبه لما في بعض المسائل التي قد يغفل عنها ، وجعلها سلاحاً بيده لتحمل مسؤولية الدفاع عن مفاهيم الإسلام وتعاليمه ومعارفه قرآناً وسُنّة محفزاً قوياً على دراسة التقيّة واستجلاء أبعادها في أربعة فصول :

تناولنا فيالفصل الأول ، علاقة التقيّة بالإكراه ، ثم أركان الإكراه ، وأنواعه ، ودور القواعد الفقهية في بيان حكم ما يكره عليه ، ثم الفرق والاتفاق بين الضرورة والإكراه.

وكان هذا الفصل مهماً جداً باعتباره الركيزة التي تقف عليها أغلب مباحث الفصول اللاحقة.

وتعرضنا فيالفصل الثاني إلى أدلة التقيّة وأصولها التشريعية من القرآن والسُنّة والعقل ودليل الاجماع ، معتمدين بذلك على أصح ما ثبت نقله عند الفريقين.

وخصصناالفصل الثالث لأقسام التقيّة وبيان أهميتها وفوائدها ، والفرق بينها وبين النفاق.

أماالفصل الرابع والأخير فكان عن صور التقيّة في كتب العامّة ، وقد شرعنا أولاً ببيان الصور القولية ، ثم الفعلية ، وأخيراً الفتاوى التي تختص بمسائل التقيّة في فقه العامّة.

آملين من المولى أن يجعل بضاعتنا هذه خالصة لوجهه الكريم ،

٩

صادقة في خدمة دينه العظيم ، نافعة يوم نفد عليه بلا مال ولا بنون ، إنّه سميع مجيب.

١٠

الفصل الأول

التقيّة والإكراه

تعريف التقيّة :

التقيّة في اللغة : الحيطة والحذر من الضرر والتوقي منه ، والتقيّة والتقاة بمعنى واحد ، قال تعالى : «إلاّ أن تتقوا منهم تقاة »(١) أي : تقية ، بالاتفاق(٢) .

قال ابن منظور : وفي الحديث : «قلت : وهل للسيف من تقية؟ قال : نعم ، تقية على اقذاء ، وهدنة على دخن» ومعناه : إنّهم يتقون بعضهم بعضاً ، ويظهرون الصلح والاتفاق وباطنهم بخلاف ذلك(٣) .

وفي الاصطلاح :

فقد عرفها جمع من علماء المسلمين بألفاظ متقاربة وذات معنى واحد.

فهي عند الشيخ المفيد (ت / ٤١٣ هـ) عبارة عن : (كتمان الحق ، وستر

__________________

(١) سورة آل عمران : ٣ / ٢٨.

(٢) تاج العروس ١٠ : ٣٩٦ وسيأتي اتفاق المفسرين على تفسير (التقاة) بالتقيّة.

(٣) لسان العرب ١٥ : ٤٠١ ، واُنظر : المصباح المنير / الفيومي ٢ : ٦٦٩ ، وأساس البلاغة / الزمخشري : ٦٨٦ مادة (وَقِيَ).

١١

الاعتقاد فيه ، ومكاتمة المخالفين وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرراً في الدين والدنيا)(١) .

وعرفها الشيخ الأنصاري (ت / ١٢٨٢ هـ) ب (الحفظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحق)(٢) .

وقال السرخسي الحنفي (ت / ٤٩٠ هـ) : (والتقيّة : أن يقي نفسه من العقوبة ، وإن كان يضمر خلافه)(٣) ، وبهذا النحو عرّفها آخرون(٤) .

صلة التقيّة بالإكراه :

يتضح من تعريف الشيخ الأنصاري للتقية أن إكراه الإنسان على الإتيان بشيء مخالف للحق يكون سبباً مباشراً من أسباب حصول التقيّة ، ويؤيّده ما جاء في قصة عمار بن ياسر وجماعته الذين اتقوا من المشركين فأجروا كلمة الكفر على ألسنتهم كرهاً ، حتى أنزل اللّه تعالى فيهم قرآناً : «إلاّ من أُكرِه وقلبه مطمئن بالإيمان »(٥) وسيأتي تفصيل ذلك في مشروعية التقيّة.

ولكن يبدو واضحاً من خلال مراجعة موارد التقيّة في فقه المذاهب

__________________

(١) تصحيح الاعتقاد / الشيخ المفيد : ٦٦.

(٢) التقيّة / الشيخ الأنصاري : ٣٧. واُنظر القواعد الفقهية / البجنوردي ٥ : ٤٤. والقواعد الفقهية / ناصر مكارم الشيرازي ٣ : ١٣.

(٣) المبسوط / السرخسي الحنفي ٢٤ : ٤٥.

(٤) راجع تعريف التقيّة عند ابن حجر العسقلاني في فتح الباري بشرح صحيح البخاري١٢ : ١٣٦. وعزالدين عبدالعزيز بن عبدالسلام السلمي في قواعد الأحكام في مصالح الأنام١ : ١٠٧. والآلوسي في روح المعاني٣ : ١٢١. والمراغي في تفسيره ٣ : ١٣٧. ومحمد رشيدرضا في تفسير المنار ٣ : ٢٨٠ وغيرهم.

(٥) سورة النحل : ١٦ / ١٠٦.

١٢

الإسلامية ، وتدبّر أدلتها من القرآن والسُنّة وسيرة الصحابة وتطبيقات التابعين وغيرهم من المسلمين أنه لا حصر للتقية على كتمان الحق وإظهار خلافه خوفاً على النفس من اللائمة والعقوبة بالإكراه ، لدخول ما إذا كان هذا الكتمان لمصالح أُخر فردية أو اجتماعية في مصاديق التقيّة وإن لم يكن ثمّة إكراه أصلاً ، ويؤيّده أن الإكراه لم يؤخذ قيداً في تعريف التقيّة اصطلاحاً ـ كما مرَّ ـ عند بعضهم.

الوجه في تقديم بحث الإكراه على التقيّة :

إنّ نفي الملازمة بين الإكراه والتقيّة من وجه كما يُفهم من الكلام المتقدم مراعاة لأقسام التقيّة لا يعني نفيها من كلِّ وجه كما لا يعني عدم الحاجة إلى دراسة الإكراه في بحث التقيّة ؛ لأنّه من أهم وأقوى أسبابها على الإطلاق ، زيادة على ما في بحث الإكراه من الاُمور الباعثة على تقديمه بحيث لا يمكن معها اغفاله بحال ، وسوف نشير إلى بعضها وهي : ١ ـ إنّ جميع التفصيلات الفقهية الواردة في فقه المذاهب العاميّة الأربعة بشأن التقيّة إنّما هي مبحوثة عندهم في كتب الإكراه غالباً ، ولم نجد في جميع مصادرهم الفقهية التي رجعنا إليها كتاباً أو باباً بعنوان التقيّة ، ومن هنا قد يشتبه الأمر على بعضهم بان فقهاء العامّة لم يتناولوا التقيّة وأحكامها ، وربما يزعم وهو ليس ببعيد بأن جميع ما سنذكره من صور التقيّة في الفقه العامي كما في الفصل الأخير من هذا البحث لا علاقة له بالتقيّة ؛ لأنّه من الإكراه!! ورفع مثل هذا الاشتباه لا يكون إلاّ ببيان العلاقة بين الإثنين وأنها علاقة السبب بالمسبب والعلة بالمعلول.

٢ ـ إنّ فهم أحكام التقيّة وبعض أقسامها متوقف على فهم الإكراه

١٣

ومعرفة أركانه ومقوماته وأقسامه وحالاته وصوره بحيث لو لم تبحث هذه الاُمور قبل التقيّة لاضطررنا إلى ذكرها ثانية مع توزيعها على أغلب مباحث التقيّة الآتية ، ولا يخفى ما في ذلك من تشتيت لاطراف البحث وتضييع لفائدته ، زيادة على ما يسببه ذلك من ارباك في المنهج العلمي الذي حرصنا على أن يكون دقيقاً وسليماً.

٣ ـ اشتراك التقيّة بمعناها العام بأكثر مقومات الإكراه وأركانه بمعناها الإكراهي الخاص بجميعها مع فارق التسمية ، ومنه يعلم أن الملاك بين الإثنين واحد ، ولا شكّ ان هذا لا يتضح مع اهمال بحث الإكراه ، إلى غير ذلك من الأمور الاُخر التي طوينا عنها صفحاً.

إذن ، فلنقف هنيهة عند الإكراه ، لنتعرف على معناه لغة واصطلاحاً ، مع بعض خصوصياته المهمة وأقسامه وحالاته ؛ لكي تتضح بذلك العلاقة بينه وبين التقيّة مع وحدة الملاك بينهما.

تعريف الإكراه :

أصل الاكراه لغةً : مأخوذ من الفعل (كَرَهَ) ، والاسم : (الكَرهُ) ويراد به كل ما أكرهك غيرك عليه ، بمعنى : أقهرك عليه ، وأما (الكُرْه) فهو المشقة ، يُقال : قمت على كُرْهٍ ، أي : على مشقة.

والفرق بين (الكَرْهِ) ، و (الكُرْهِ) أن الأول هو فعل المضطر ، بينما الثاني هو فعل المختار(١) .

وأمّا في الاصطلاح : فقد عرّفه التفتازاني بأنه : (حمل الغير على أن

__________________

(١) لسان العرب / ابن منظور ١٢ : ٨٠ كَرَهَ.

١٤

يفعل ما لا يرضاه ، ولا يختار مباشرته لو خُلِّي ونفسه)(١) .

كما عرّفه عبدالعزيز البخاري الحنفي بقوله ، هو : (حمل الغير على أمرٍ يمتنع عنه بتخويف يقدر الحامل على إيقاعه ، ويصير الغير خائفاً به)(٢) .

وعند السرخسي الحنفي ، هو : (اسم لفعل يفعله المرء بغيره ، فينتفي به رضاه ، أو يفسد به اختياره)(٣) .

ولعلّ أوجز تعريف للإكراه هو ما نجده عند الشيخ الأنصاريرحمه‌الله ، إذ عرّف الإكراه بأنّه (حمل الغير على ما يكرهه)(٤) .

ومن كل ما تقدم يعلم اتفاق الفريقين على كون الإكراه حالة من حالات الإجبار على النطق بشيء أو فعل شيء من غير رضا المكره ولا باختياره. ومع هذا فقد لا يتحقق الإكراه في الواقع وإن توفرت بعض مقوماته ، وهذا ما يستدعي التعرف على ما يتقوم به الإكراه من أركان ، وهو ما سنتناوله تحت عنوان :

أركان الاكراه :

لا خلاف بوجود أربعة أركان أساسية يتقوم بها الإكراه ، فإن توفرت واجتمعت كلّها تحقق الإكراه ، واما لو تخلف ركن منها ، فلا إكراه ، وهي : الأول ـ المُكْرِه : وهو من يصدر منه التهديد والوعيد ، ويشترط فيه أن يكون

__________________

(١) التلويح على التوضيح / سعد الدين التفتازاني ٢ : ١٩٦ طبعة مصر / ١٣٢٢ هـ.

(٢) كشف الأسرار عن اصول البزدوي / عبدالعزيز البخاري ٤ : ١٥٠٣ طبعة دار الخلافة.

(٣) المبسوط / السرخسي ٢٤ : ٣٨ من كتاب الإكراه.

(٤) المكاسب / الشيخ الأنصاري ٣ : ٣١١ في الحديث عن شرط الاختيار من شروط المتعاقدين ، تحقيق مجمع الفكر الإسلامي ، لجنة تحقيق التراث ، ط١ ، قم / ١٤١٨ هـ.

١٥

قادراً على تنفيذ تهديده ووعيده بحق من يكرهه ، وإلاّ فمع عجزه عن ذلك يسقط الإكراه. ولا يشترط في المكرِه أن يكون سلطاناً أو حاكماً جائراً ، بل يكفي أن يكون قادراً متمكناً على تنفيذ وعيده وتهديده ، كما لا يشترط أن يكون المُكْرِه كافراً ، لأنّ العقل يحكم بلزوم حفظ النفس من الهلكة ، سواء كانت على أيدي بعض المسلمين أو الكفار ، وأنه لا فرق ـ بحكم العقل ـ في ضرورة تجنب الضرر شخصياً كان أو نوعياً ، من أي جهة كان.

الثاني ـ المُكْرَه : وهو من يقع عليه التهديد والوعيد ، ويشترط هنا أن يكون المُكْرَه متأكداً أو ضاناً بحصول الضرر على نفسه أو ماله أو عرضه أو على اخوانه أو دينه(١) فيما لو لم يأتمر بأمر المُكْرِه.

كما يشترط به أيضاً أن يكون عاجزاً عن دفع ما يتهدد به ، بطريق الهرب أو الاستغاثة ، أو المقاومة ونحو ذلك وأما لو لم يكن عالماً ولاظاناً بذلك أو كان قادراً على دفع ما هدد به فلا شك بأن ما يأتي به من قول أو فعل مخالف للحق بذريعة الإكراه عليه يكون محرماً ويعاقب عليه ، لعدم تحقق الإكراه بتخلف هذا الركن من أركانه.

الثالث ـ المُكْرَه به : وهو نوع الضرر المتوعّد به المُكرَه ، سواء كان ذلك الضرر متعلقاً بنفسه أو ماله أو عرضه أو اخوانه المؤمنين ، أو دينه.

وسواء كان ذلك الضرر مادياً كالضرب المبرح أو قطع الأطراف مثلاً ، أو معنوياً كالإهانة والتشهير ونحوهما.

هذا ، وأما لو لم يتصل الضرر بنفس المُكرَه ولا بماله ولا بعرضه ،

__________________

(١) لثبوت التقيّة عند الخوف الشخصي كما لو خاف المكرَه على نفسه أو عرضه أو ماله ، وكذلك عند الخوف النوعي كالخوف على الدين أو الوطن أو العشيرة ونحو ذلك.

١٦

ولا بأخوانه ، ولا بدينه ، ولا بمن تربطه معهم حتى صلة الإسلام ، كما لو أُكْرِهَ على أمر ، فإن لم يفعل قتلوا مشركاً ، فهنا لا اكراه ، لعدم تحقق الركن الثالث.

الرابع ـ المُكْرَه عليه : وهو نوع ما يراد تنفيذه من المُكرَه ، سواء كان كلاماً أو فعلاً. ويشترط فيه أن لا يكون الضرر الناتج عنه أكبر من الضرر المتوعد به المُكْرَه ، وكذلك أن يكون مما يحرم تعاطيه على المكرَه.

ومثاله : ان يُكره الإنسان على ارتكاب جريمة الزنا ، وإلاّ أخذت بعض أمواله ، أو ان يشهد زوراً على بريء ، وإلاّ فُصِل من وظيفته ، ففي مثل هاتين الصورتين ونظائرهما لا يجوز الإقدام على التنفيذ ، لاختلال الركن الرابع من أركان الإكراه.

كما يشترط أيضاً في هذا الركن أن يكون الإتيان به منجياً من الضرر بمعنى أن يحصل من اتيان المكرَه عليه الخلاص من الشر المتوعد به ، وأما لو علم المُكرَه بانه لا نجاة له مما هدد به حتى مع الإتيان بما أُمر فلا اكراه هنا ، ومثاله : أن يقول المُكرِه للُمكرَه : أعطني دارك وإلاّ أخذتها منك بالقوة.

أو أُقتل نفسك وإلاّ قتلتك ونحوه.

أنواع الإكراه :

الإكراه في جميع صوره على نوعين ، وهما :

النوع الأول : الإكراه على الكلام المخالف للحق.

وهذا النوع لا يجب به شيء عندهم ، فكل ما أكرِه عليه المسلم فله ذلك وله أمثلة كثيرة جداً ، أشدها : التلفظ بكلمة الكفر ، وهنا يجب الالتفات إلى نقطة في غاية الأهمية في مسألة الإكراه على اللفظ المخالف للحق ،

١٧

ونعني بها صلة الألفاظ بأفعال القلوب التي لا سبيل للمكرِه إلى علمها في قلب المكره ، وعليه فلا يصح التجاء المكره إلى شيء منها قط ، كما لو أُكرِه على كلمة الكفر ، أو على الاعتقاد بعقيدة فاسدة ، أو إنكار كل ما ثبت أنه من الدين إنكاراً قلبياً لا لفظياً.

فمثل هذه الاُمور ونظائرها يجب الاحتراز فيها جداً ، بحيث لا يتعدى النطق باللفظ إليها ، لانها ممالا يصح فيه الإكراه ، فغاية الأمر : إن المكرَه يريد التخلص من الشر بإتيان اللفظ المخالف للحق ، لا أن يُؤمِن بما يتلفظ به حقيقة.

وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا المعنى صراحة في قوله تعالى : «لا يتَّخِذِ المُؤمنُونَ الكافِرينَ أولِيَاءَ مِنْ دون المُؤمِنينَ وَمَنْ يَفْعَل ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ في شيءٍ وَيُحَذِّرُكُمْ اللهُ نَفْسَهُ وإلى اللهِ المَصِيرُ »(١) .

ومما يلحظ هنا هو أن التحذير الشديد الوارد في الآية المباركة قد جاء مباشرة بعد تشريع التقيّة في الآية نفسها ، ثم أكده تعالى بقوله الكريم : «قُلْ إن تُخْفُوا ما في صُدُورِكُمْ أو تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ ما في السَّمواتِ وما في الأرضِ واللهُ على كُلِّ شيءٍ قديرٌ »(٢) .

وكل هذا التحذير قد جاء في سياق واحد بعد تشريع التقيّة ، لئلا يتحول إنكار المؤمن للحق بفعل الإكراه إلى إنكار قلبي كما يريده من أكرَهه؛ لأنّ الواجب أنْ يبقى القلب مطمئناً بالإيمان.

وفي هذا الصدد قال الفخر الرازي في تفسيره : (إنّه تعالى لما نهى

__________________

(١) سورة آل عمران : ٣ / ٢٨.

(٢) سورة آل عمران : ٣ / ٢٩.

١٨

المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء ظاهراً وباطناً واستثنى عنه التقيّة في الظاهر ، اتبع ذلك بالوعيد على أن يصير الباطن موافقاً للظاهر في وقت التقيّة ؛ وذلك لأنَّ من أقدمَ عند التقيّة على إظهار الموالاة ، فقد يصير إقدامه على ذلك الفعل بحسب الظاهر سبباً لحصول تلك الموالاة في الباطن ، فلا جرم بيّن تعالى أنّه عالم بالبواطن كعلمه بالظواهر ، فيعلم العبد إنّه لابدّ أن يجازيه على ما عزم عليه في قلبه)(١) .

هذا ، ومن الجدير بالإشارة إنّ الإكراه اللفظي قد لا يكون هكذا في جميع صوره ، فلو أُكره المرء المسلم على الطلاق مثلاً ، وكانت نيته موافقة للفظه فلا يكون بهذا خارجاً عن ربقة الإسلام ، بخلاف مالو أُكرِه بالقتل على سب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسبّه بكلِّ رضاً وارتياح ، فهو بهذا سيكون كافراً بلا خلاف.

النوع الثاني : الإكراه على الفعل المحظور

لا شكّ أنّ الشريعة لم تبح جميع الأفعال المحظورة بلا قيد أو شرط ، لأنَّ الأفعال المحرمة في نظر الشريعة الغراء على نحوين :

أحدهما ، تسوغ معه التقيّة حال الإكراه عليه ، وأمثلته كثيرة كالتقيّة في السرقة ، أو اتلاف مال الغير ، أو الإفطار في شهر رمضان ، أو تأخير الصلاة ، أو الامتناع عنها إذا اقتضى الإكراه ذلك أو شرب الخمر على خلاف فيه ، ونحوها من الاُمور التي يجوز ارتكابها عند الإكراه عليها.

والآخر ، لا تسوغ معه التقيّة مطلقاً وفي جميع الأحوال مهما بلغت درجة الإكراه عليه ، كالاقدام مثلاً على قتل مسلم بريء بحجة الإكراه ، فهنا

__________________

(١) التفسير الكبير / الفخر الرازي ٨ : ١٥.

١٩

لو أقدم المكره على القتل فلولي الدم القصاص بلا خلاف بين سائر فقهاء الشيعة ، وأحاديثهم المروية عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعترتهعليهم‌السلام صريحة بهذا كل الصراحة ، وأيدهم على هذا أكثر فقهاء المذاهب سوى الاحناف كما سيأتي بيانه في مكان آخر في هذا البحث.

ومما يجب التنبيه عليه هنا ، هو أن التقيّة ليست واجبة شرعاً في جميع حالات الإكراه ، فهي قد تكون واجبة ، أو محرمة ، أو مباحة ، أو مندوبة ، أو مكروهة بحسب الأحكام التكليفية الخمسة ، ولكن ليس لاحكامها ضابط معين بحيث لا يمكن تجاوزه في جميع حالات الإكراه ومن أي مُكرَه ، كما أشرنا إلى ذلك فيما تقدم.

نعم يستثنى من ذلك ما نصّ عليه الدليل المعتبر ، وأمّا ما لا نصّ فيه من صور الإكراه فيترك تقدير الإقدام على التقيّة فيه لمن يحمل عليها قسراً ، مع مراعاة اجتناب أصعب الضررين ، وسيأتي المزيد من التوضيح في بيان حكم ما يُكْرَه عليه ، مع صلة بعض القواعد الفقهية بهذا البيان.

حكم ما يُكْرَه عليه :

إنّ من الثوابت التي لا يشك بها أحد هو أن الدين الإسلامي دين اليسر ورفع الحرج ، إذ أباحت الشريعة الإسلامية للمضطر والمكره ارتكاب المحظور شرعاً ، كل ذلك من أجل أن يعيش الإنسان حياة حرّة كريمة بعيدة عن كل ما يتلفها أو ينتقص من كرامتها وقدرها ، حتى ولو أدّى ذلك إلى ارتكاب المحرمات ، أو المساس بحقوق الآخرين التي صانتها الشريعة الإسلامية نفسها وبأروع ما يكون.

ومن هنا انطلق فقهاء المذاهب الإسلامية ليقعّدوا بعض القواعد

٢٠

الجنابة وكان لوط وآله يتنظفون من الغائط ويتطهرون من الجنابة، وكان لوط ابن خالة إبراهيم وإبراهيم ابن خالة لوط وكانت امرأة إبراهيم سارة أخت لوط، وكان إبراهيم ولوط نبيين مرسلين منذرين، وكان لوط رجلا سخيا كريما يقري الضيف(١) إذا نزل به ويحذره قومه، قال: فلما راى قوم لوط ذلك قالوا: انا ننهاك عن العالمين لا تقرى ضيفا ينزل بك، فانك ان فعلت فضحنا ضيفك وأخزيناك فيه، وكان لوط إذا نزل به الضيف كتم أمره مخافة أن يفضحه قومه، وذلك ان لوطا كان فيهم لا عشيرة له. قال: وان لوطا وإبراهيم لا يتوقعان نزول العذاب على قوم لوط، وكانت لإبراهيم ولوط منزلة من الله شريفة، وان الله تبارك وتعالى كان إذا هم بعذاب قوم لوط أدركته فيهم مودة إبراهيم وخلته ومحبة لوط فيراقبهم فيه فيؤخر عذابهم، قال أبو جعفر: فلما اشتد أسف الله على قوم لوط وقدر عذابهم وقضاه أحب أن يعوض إبراهيم من عذاب قوم لوط بغلام عليم فيسلى به مصابه بهلاك قوم لوط، فبعث الله رسلا إلى إبراهيم يبشرونه بإسماعيل، فدخلوا عليه ليلا ففزع منهم وخاف أن يكونوا سراقا، قال: فلما ان رأته الرسل فزعا وجلا قالوا: سلاما قال سلام( قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ قالَ ) أبو جعفرعليه‌السلام : والغلام العليم هو إسمعيل من هاجر فقال إبراهيم للرسل:( أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ ) فقال إبراهيم للرسل: فما خطبكم بعد البشارة؟( قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ ) انهم كانوا قوما فاسقين لننذرهم عذاب رب العالمين، قال أبو جعفرعليه‌السلام : فقال إبراهيم للرسل:( إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ ) ( فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ ) يقول: من عذاب الله لننذر قومك العذاب( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ ) يا لوط إذا مضى من يومك هذا سبعة أيام ولياليها( بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ ) قال أبو جعفرعليه‌السلام فقضوا إلى لوط ذلك الأمر

__________________

(١) قرى الضيف: أضافه وأجاره وأكرمه.

٢١

( أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ ) قال أبو جعفرعليه‌السلام : فلما كان يوم الثامن مع طلوع الفجر قدم الله رسلا إلى إبراهيم يبشرونه بإسحاق ويعزونه بهلاك قوم لوط «الحديث» وقد كتبناه بتمامه في هود.

٧٥ ـ في كتاب الخصال عن الصباح مولى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كنت مع أبي عبد الله فلما مررنا بأحد قال: ترى الثقب الذي فيه؟ قلت: نعم، قال اما انا فلست أراه. وعلامة الكبر ثلث: كلال البصر(١) وانحناء الظهر ورقة القدم.

٧٦ ـ في تفسير العيّاشي عن صفوان الجمال قال: صليت خلف أبي عبد اللهعليه‌السلام فأطرق ثم قال: أللهمّ لا تقنطني من رحمتك، ثم جهر فقال:( وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ) .

٧٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى معاذ بن جبل حديث طويل عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول فيه: قال الله يا ابن آدم بإحساني إليك قويت على طاعتي وبسوء ظنك بي قنطت من رحمتي.

٧٨ ـ في بصائر الدرجات حدثني السندي بن الربيع عن الحسن بن عليّ بن فضال عن علي بن رئاب عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ليس مخلوق إلّا وبين عينيه مكتوب: مؤمن أو كافر، وذلك محجوب عنكم وليس محجوبا عن الائمة من آل محمد صلوات الله عليهم، ثم ليس يدخل عليهم أحد إلّا عرفوه مؤمن أو كافر، ثم تلا هذه الآية: إنّ في ذلك لآيات للمتوسمين.

٧٩ ـ أحمد بن الحسن بن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن البرة عن علي بن حسان عن عبد الكريم بن كثير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ويحك يا أبا سليمان! إنّه ليس من عبد يولد إلّا كتب بين عينيه مؤمن أو كافر، قال اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) نعرف عدونا من ولينا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٠ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن ابن ابى عمير قال: أخبرنى أسباط بياع الزطي قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فسئله

__________________

(١) كل بصره: أعيا ونبأ ولم يحقق المنظور.

٢٢

رجل عن قول اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) قال: نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم.

٨١ ـ محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن يحيى بن إبراهيم، قال حدثني أسباط بن سالم قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فدخل عليه رجل من أهل هيت(١) فقال له: أصلحك الله ما تقول في قول اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال: نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم.

٨٢ ـ محمد بن إسمعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال: هم الامة، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور اللهعزوجل في قول الله(٢) عزوجل ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) .

٨٣ ـ محمد بن يحيى عن الحسن بن عليّ الكوفي عن عبيس بن هشام عن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) فقال: هم الائمة( وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) قال: لا يخرج منا أبدا.

٨٤ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن أسلم عن إبراهيم بن أيوب عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في قوله:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المتوسم وأنا من بعده، والائمة من ذريتي المتوسمون وفي نسخة اخرى: أحمد بن مهران عن محمد بن عليّ عن محمد بن أسلم عن إبراهيم بن أيوب باسناده مثله.

٨٥ ـ أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى عن الحسن بن عليّ الكوفي عن عبيس بن هشام عن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن الامام فوض الله إليه كما فوض إلى سليمان بن داود؟ فقال: نعم وذلك ان رجلا سأله عن مسألة فأجابه فيها، وسأله

__________________

(١) هيت: بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار ذات نخل كثير وخيرات واسعة واسم قرية في نواحي دمشق أيضا.

(٢) متعلق بقوله: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢٣

آخر عن تلك المسألة فأجابه بغير جواب الاول، ثم سأله آخر فأجابه بغير جواب الأولين ثم قال:( هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ ) أعط بغير حساب» وهكذا هي في قراءة علىعليه‌السلام ، قال: فقلت: أصلحك الله فحين أجابهم بهذا الجواب يعرفهم الامام؟ قال: سبحان الله أما تسمع الله يقول:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) وهم الائمة( وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) لا تخرج منها أبدا، ثم قال لي: نعم ان الامام إذا أبصر إلى الرجل عرفه وعرف لونه، وان سمع كلامه من خلف حائط عرفه وعرف ما هو، ان الله يقول:( وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ ) وهم العلماء، فليس يسمع شيئا من الأمر ينطق به إلّا عرفه ناج أو هالك، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم.

٨٦ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) بعد أن ذكر الصادقعليه‌السلام وروى عنه حديثا وقالعليه‌السلام : إذا قام قائم آل محمدعليه‌السلام حكم بين الناس بحكم داود لا يحتاج إلى بينة، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه. ويخبر كل قوم بما استنبطوه، ويعرف وليه من عدوه بالتوسم قال اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) .

٨٧ ـ في مجمع البيان وقد صح عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله، قال: إنّ لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم، ثم قرء هذه الآية.

٨٨ ـ وروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم، والسبيل طريق الجنة، ذكره عليّ بن إبراهيم في تفسيره(١) .

٨٩ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام في وجه دلائل الائمة والرد على الغلاة والمفوضة لعنهم الله، حدّثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضى الله عنه قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا أحمد بن عليّ الأنصاري عن الحسن بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون يوما وعنده علي بن موسى الرضاعليه‌السلام وقد اجتمع الفقهاء

__________________

(١) «الذي في تفسير عليّ بن إبراهيم الرواية الاخيرة»، وانما لم نأخذها منه لأنها فيه بلفظ «قال» كما هي عادته، فأخذناها من مجمع البيان للتصريح باسمه فيهعليه‌السلام . «منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

٢٤

وأهل الكلام من الفرق المختلفة فسأله بعضهم فقال له: يا بن رسول الله بأي شيء تصح الامامة لمدعيها؟ قال: بالنص والدليل، قال له: فدلالة الامام فيما هي؟ قال: في العلم واستجابة الدعوة قال فما وجه أخباركم مما يكون؟ قال ذلك بعهد معهود إلينا من رسول الله، قال: فما وجه أخباركم مما في قلوب الناس؟ قال له: أما بلغك قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله على قدر ايمانه ومبلغ استبصاره وعلمه، وقد جمع الله للائمة منا ما فرقه في جميع المؤمنين، وقالعزوجل في كتابه العزيز:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) فأول المتوسمين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم أمير المؤمنينعليه‌السلام من بعده، ثم الحسن والحسين والائمة من ولد الحسين إلى يوم القيمة، قال: فنظر إليه المأمون فقال له: يا أبا الحسن زدنا مما جعل الله لكم أهل البيت، فقال الرضاعليه‌السلام : إنّ الله تعالى قد أيدنا بروح منه مقدسة مطهرة، ليست بملك، لم تكن مع أحد ممن مضى إلّا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي مع الائمة منا تسددهم وتوفقهم، وهو عمود من نور بيننا وبين الله تعالى.

٩٠ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إذا قام القائمعليه‌السلام لم يقم بين يديه أحد من خلق الرحمان إلّا عرفه صالح هو أم طالح، ألا وفيه آية للمتوسمين وهو سبيل المقيم.

٩١ ـ في كتاب معاني الأخبار الهلالي أمير المدينة يقول: سألت جعفر بن محمد فقلت له: يا بن رسول الله في نفسي مسألة أريد أن أسئلك عنها، قال: إنْ شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألنى، وان شئت فاسئل، قال: فقلت له: يا بن رسول الله وبأي شيء تعرف ما في نفسي قبل سؤالى عنه؟ قال: بالتوسم والتفرس، أما سمعت قول اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) وقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله.

٩٢ ـ في تفسير العيّاشي عن عبد الرحمن بن سالم الأشل رفعه في قوله:( لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال: هم آل محمد الأوصياءعليهم‌السلام .

٢٥

٩٣ ـ عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام [ان] في الامام آية للمتوسمين، وهو السبيل المقيم، ينظر بنور الله وينطق عن الله، لا يعزب عنه شيء مما أراد.

٩٤ ـ عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : بينما أمير المؤمنينعليه‌السلام جالس بمسجد الكوفة قد احتبى بسيفه والقى برنسه وراء ظهره(١) إذ أتته امرأة مستعدية على زوجها، فقضى للزوج على المرأة، فغضبت فقالت: لا والله ما هو كما قضيت، لا والله ما تقضى ولا تعدل بالرعية، ولا قضيتك عند الله بالمرضية، قال: فنظر إليها أمير المؤمنينعليه‌السلام فتأملها ثم قال لها: كذبت يا جرية يا بذية أيا سلسع أيا سلفع(٢) أيا التي تحيض من حيث لا تحيض النساء، قال: فولت هاربة وهي تولول وتقول: يا ويلي ويلي ويلي ثلثا، قال فلحقها عمرو بن حريث(٣) فقال لها: يا امة الله أسئلك، فقالت: ما للرجال والنساء في الطرقات؟ فقال: انك استقبلت أمير المؤمنين عليّا بكلام سررتينى به ثمّ قرعك أمير المؤمنين بكلمة فوليت مولولة؟ فقالت: إنّ ابن أبى طالب والله استقبلني فأخبرنى بما هو كتمته من بعلى منذ ولى عصمتي، لا والله ما رأيت طمثا من حيث يرينه النساء، قال: فرجع عمرو بن حريث إلى أمير المؤمنين فقال: له يا أمير المؤمنين ما نعرفك بالكهانة فقال له: وما ذلك يا ابن حريث؟ فقال له يا أمير المؤمنين ان هذه المرأة ذكرت انك أخبرتها بما هو فيها وانها لم تر طمثا قط من حيث تراه النساء، فقال له: ويلك يا بن حريث ان الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأبدان بألفى عام، وركب الأرواح في الأبدان، فكتب بين أعينها

__________________

(١) احتبى احتباء: جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها ليستند إذ لم يكن للعرب في البوادي جدران تستند إليها في مجالسها، والبرنس، قلنسوة طويلة كانت تلبس في صدر ـ الإسلام. كل ثوب رأسه ملتزق به.

(٢) البذية: الفحاشة. والسلفع: السليط. وامرأة سلفع يستوي فيه المذكر والمؤنث. يقال: سليطة جريئة. ولم أجد للسلسع معنى في كتب اللغة.

(٣) عمرو بن حريث القرشي المخزومي من أعداء أمير المؤمنينعليه‌السلام وأولياء بني أميّة ويظهر من هذا الحديث خبثه وزندقته وعداوتهعليه‌السلام ، وقد ورد في ذمه روايات كثيرة فراجع تنقيح المقال وغيره.

٢٦

كافر ومؤمن، وما هي مبتلاة به إلى يوم القيمة، ثم أنزل بذلك قرآنا على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المتوسم ثم انا من بعده، ثم الأوصياء من ذريتي من بعدي، إنّي لما رأيتها تأملتها فأخبرتها بما هو فيها ولم أكذب.

٩٥ ـ في عيون الاخبار عن الرضاعليه‌السلام حديث طويل وفيه قالعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) قال: العفو من غير عتاب.

٩٦ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيهعليهما‌السلام قال قال علي بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) قال: العفو من غير عتاب.

٩٧ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن علي بن محبوب عن العباس عن محمد بن أبى عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن السبع( الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) هي الفاتحة؟ قال: نعم، قلت: بسم الله الرحمن الرحيم من السبع المثاني؟ قال: نعم هي أفضلهن.

٩٨ ـ في تفسير العيّاشي ابن عبد الرحمن عمن رفعه قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: هي سورة الحمد، وهو سبع آيات: منها( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) وانما سميت المثاني لأنها تثنى في الركعتين.

٩٩ ـ عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال: إذا كانت لك حاجة فاقرأ المثاني وسورة اخرى وصل ركعتين وادع الله. قلت: أصلحك الله وما المثاني؟ فقال: فاتحة الكتاب:( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) .

١٠٠ ـ عن سورة بن كليب عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: نحن المثاني التي أعطى نبينا.

١٠١ ـ عن يونس بن عبد الرحمن عمن رفعه قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله:( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: إنّ ظاهرها الحمد، وباطنها

٢٧

ولد الولد، والسابع منها القائمعليه‌السلام (١) .

١٠٢ ـ قال حسان: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله:( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: ليس هكذا تنزيلها، إنّما هي:( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ) [نحن هم] والقرآن العظيم» ولد الولد.

١٠٣ ـ عن القاسم بن عروة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله:( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: سبعة أئمة والقائم.

١٠٤ ـ عن السدي عمن سمع عليّاعليه‌السلام يقول:( سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ) فاتحة الكتاب.

١٠٥ ـ عن سماعة قال: قال أبو الحسنعليه‌السلام :( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: لم يعط الأنبياء إلّا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم السبعة الائمة الذين يدور عليهم الفلك، «والقرآن العظيم» محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٠٦ ـ عن محمد بن مسلم عن أحدهماعليه‌السلام قال: سٌّألته عن قوله:( آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: فاتحة الكتاب يثنى فيها القول.

١٠٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: قال عليٌّعليه‌السلام لبعض أحبار اليهود في أثناء كلام طويل يذكر فيه مناقب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : وزاد الله عز ذكره محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله السبع الطوال، وفاتحة الكتاب، وهي السبع( الْمَثانِي، وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) .

__________________

(١) قال المحدث الكاشاني (ره): ولعلهم إنّما عدوا سبعا باعتبار اسمائهم فانها سبعة، وعلى هذا فيجوز أن يجعل المثاني من الثناء، وأن يجعل من التثنية باعتبار تثنيتهم مع القرآن، وأن يجعل كناية عن عددهم الاربعة عشر بأن يجعل نفسه واحدا منهم بالتغاير الاعتباري بين المعطى والمعطى له «انتهى».

وقال بعض: إنّ المراد بالسبع المثاني النبي والائمة وفاطمة عليهم‌السلام فهم أربعة عشر سبعة وسبعة، لقوله: المثاني، فكل واحد من السبعة مثنى وللعلامة المجلسي (ره) وكذا المحدث الحر العاملي قدس‌سرهما أيضا بيان في هذا الحديث وما يتلوه في التعبير فراجع البحار ج ٧: ١١٤ وإثبات الهداة ج ٧: ١٠٢.

٢٨

١٠٨ ـ في عيون الاخبار عن الرضاعليه‌السلام حديث طويل وفي آخره: وقيل لأمير المؤمنينعليه‌السلام : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) هي من فاتحة الكتاب؟ فقال: نعم، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقرأها ويعدها آية منها، ويقول: فاتحة الكتاب هي السبع المثاني.

١٠٩ ـ وباسناده إلى الحسن بن عليّ عن أبيه علي بن محمد عن أبيه محمد بن عليّ عن أبيه الرضا عن آبائه عن عليٍّعليه‌السلام أنّه قال: إنّ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) آية من فاتحة الكتاب، وهي سبع آيات تمامها( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّ الله تعالى قال لي: يا محمّد( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) فأفرد الامتنان على بفاتحة الكتاب وجعلها بإزاء القرآن العظيم.

١١٠ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى أبى سلام عن بعض أصحابنا عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: نحن المثاني التي أعطاها الله نبينا،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونحن وجه الله، نتقلب في الأرض بين أظهر كم عرفنا من عرفنا، ومن جهلنا فامامه اليقين(١) .

وفى أصول الكافي مثله.

١١١ ـ في مجمع البيان السبع المثاني هي فاتحة الكتاب وهو قول عليٍّعليه‌السلام وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام .

١١٢ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن سعد الإسكاف قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أعطيت السور الطوال مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل(٢) وأعطيت المثاني مكان الزبور.

١١٣ ـ أبو على الأشعري عن الحسن بن علي بن عبد الله وحميد بن زياد عن الخشاب جميعا

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في تفسير العيّاشي وتفسير عليّ بن إبراهيم والمنقول عنهما في البحار وغيره «فامامه السعير» وهو الظاهر ويحتمل التصحيف أيضا، ولم أظفر على الحديث في مظانه في أصول الكافي.

(٢) قد مر في المجلد الاول صفحة ٢٥٨ لهذا الحديث بيان عن الطبرسي (ره) في الذيل فراجع.

٢٩

عمرو بن جميع عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن أوتى القرآن فظن ان أحدا من الناس أوتى أفضل مما أوتى، فقد عظم ما حقر الله، وحقر ما عظم الله.

١١٤ ـ عليّ بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أعطاه الله القرآن فرأى ان رجلا اعطى أفضل مما أعطى فقد صغر عظيما، وعظم صغيرا، والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

١١٥ ـ في تفسير العيّاشي عن حماد عن بعض أصحابه عن أحدهماعليهما‌السلام قول الله:( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ ) قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في نزل به ضيقة، [فاستسلف من يهودي](١) فقال اليهودي: والله ما لمحمد ثاغية ولا راغية(٢) فعلى ما أسلفه؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي لامين الله في سمائه وأرضه ولو ائتمنتني على شيء لأديته إليك، قال: فبعث بدرقة(٣) فرهنها عنده، وأنزلت عليه:( وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) .

١١٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لما نزلت هذه الآية( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، ومن رمى ببصره إلى ما في يدي غيره كثر همه ولم يشف غيظه، ومن لم يعلم ان لله عليه نعمة إلّا في مطعم أو ملبس فقد قصر علمه ودنا عذابه، ومن أصبح على الدنيا حزينا أصبح على الله ساخطا، ومن شكى مصيبة نزلت به فانما يشكو ربه، ومن دخل النار من هذه الامة ممن قرأ القرآن فهو ممن يتخذ آيات الله هزوا، ومن أتى ذا ميسرة فتخشع له طلب ما في يديه ذهب ثلثا دينه.

__________________

(١) استسلف: اقترض.

(٢) الثاغية: الشاة، والراغية: الناقة.

(٣) الدرقة ـ محركة ـ: الترس من الجلود. ليس فيه خشب ولا عقب.

٣٠

١١٧ ـ في مجمع البيان وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا ينظر إلى ما يستحسن من الدنيا.

١١٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قال عليّ بن إبراهيم في قوله:( الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قال: قسموا القرآن ولم يؤلفوه على ما أنزله الله، فقال:( لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ ) .

١١٩ ـ في تفسير العيّاشي عن محمد بن مسلم عن أحدهما قال: قال في الذين أبرزوا القرآن عضين، قال: هم قريش.

١٢٠ ـ في أصول الكافي محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن الحسن بن عباس بن الحريش عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : سئل رجل أبى فقال: يا ابن رسول الله سآتيك بمسئلة صعبة، أخبرنى عن هذا العلم ما له لا يظهر كما كان يظهر مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: فضحك أبىعليه‌السلام وقال: أبى الله أن يطلع على علمه إلّا ممتحنا للايمان، كما قضى على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يصبر على أذى قومه ولا يجاهدهم إلّا بامره، فكم من اكتتام قد اكتتم به، حتّى قيل له:( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) وايم الله إنّه لو صدع قبل ذلك لكان آمنا، ولكنه إنّما نظر في الطاعة وخاف الخلاف، فلذلك كف فوددت أن عينك تكون مع مهدي هذه الامة، والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والأرض، تعذب أرواح الكفرة من الأموات، وتلحق بهم أرواح أشباههم من الأحياء، ثم اخرج سيفا ثم قال: ها ان هذا منها قال: فقال أبى: أي والذي اصطفى محمدا على البشر، قال: فرد الرجل اعتجاره(١) وقال: انا إلياس، ما سألتك عن أمرك وبى منه جهالة، غير أنّي أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لأصحابك، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن عليّ الحلبي

__________________

(١) الاعتجار: لف العمامة على رأسه. والرد هنا في مقابل الفتح المذكور في صدر الحديث في قوله: «ففتح الرجل عجيرته واستوى جالسا وتهلل وجهه اه» وان شئت الوقوف على تمام الحديث راجع الأصول: باب شأن( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) الحديث الاول.

٣١

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: اكتتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مختفيا خائفا خمس سنين، ليس يظهر أمره وعلىعليه‌السلام معه وخديجة، ثم أمره اللهعزوجل أن يصدع بما أمر، فظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأظهر أمره.

١٢٢ ـ وفي خبر آخر أنّهعليه‌السلام كان مختفيا بمكة ثلث سنين.

١٢٣ ـ وباسناده إلى عبد الله بن عليّ الحلبي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: مكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة بعد ما جاء الوحي عن الله تبارك وتعالى ثلثة عشر سنة، منها ثلث سنين مختفيا خائفا لا يظهر، حتّى أمره اللهعزوجل ان يصدع بما أمر، فأظهر حينئذ الدعوة.

١٢٤ ـ في تفسير العيّاشي عن محمد بن عليّ الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: اكتتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة سنين ليس يظهر وعلى معه وخديجة، ثم أمره الله أن يصدع بما يؤمر وظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فجعل يعرض نفسه على قبائل العرب، فاذا أتاهم قالوا: كذاب امض عنا.

١٢٥ ـ عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها ) قال: نسختها:( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) .

١٢٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) فانها نزلت بمكة بعد أن نبئ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بثلث سنين، وذلك ان النبوة نزلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الاثنين وأسلم على يوم الثلثاء ثم أسلمت خديجة بنت خويلد زوجة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم دخل أبو طالب إلى النبي وهو يصلى وعلى بجنبه، وكان مع أبي طالب جعفر فقال له أبو طالب: صل جناح ابن عمك، فوقف جعفر على يسار رسول الله فبدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من بينهما، فكان يصلى رسول الله وعلىعليه‌السلام وجعفر وزيد بن حارثة وخديجة، فلما أتى لذلك ثلث سنين، أنزل الله عليه:( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) وكان المستهزؤن برسول الله خمسة الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، و

٣٢

الحارث بن طلاطلة الخزاعي، فمر الوليد بن المغيرة وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا عليه لما كان بلغه من أذائه واستهزائه، فقال: أللهمّ أعم بصره، واثكله بولده، فعمي بصره وقتل ولده ببدر(١) فمر الوليد بن المغيرة برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه جبرئيلعليه‌السلام ، فقال جبرئيل: يا محمّد هذا الوليد بن المغيرة وهو من المستهزئين بك. قال: نعم، وقد كان مر برجل من خزاعة وهو يريش نبالا له، فوطئ على بعضها فأصاب أسفل عقبه قطعة من ذلك، فدميت فلما مر بجبرئيلعليه‌السلام أشار إلى ذلك، فرجع الوليد إلى منزله ونام على سريره، وكانت ابنته نائمة أسفل منه فانفجر الموضع الذي أشار إليه جبرئيلعليه‌السلام أسفل عقبه فسال منه الدم حتّى صار إلى فراش ابنته، فانتبهت ابنته فقالت: يا جارية أتحل وكاء القربة(٢) ؟ قال الوليد: ما هذا وكاء القربة ولكنه دم أبيك، فاجمعى لي ولدي وولد أخى فانى ميت فجمعتهم فقال لعبد الله بن أبي ربيعة: إنّ عمارة بن الوليد بأرض الحبشة بدار مضيعة، فخذ كتابا من محمد إلى النجاشي ان يرده، ثم قال لابنه هاشم وهو أصغر ولده: يا بنى أوصيك بخمس خصال فاحفظها: أوصيك بقتل أبي دهم الدوسي فانه غلبني على امرأتى وهي بنته، ولو تركها وبعلها كانت تلد لي ابنا مثلك، ودمي في خزاعة وما تعمدوا قتلى، وأخاف ان تفتنوا بعدي، ودمي في بنى خزيمة بن عامر ودياتي(٣) في ثقيف فخذه ولا سقف نجران على مائتا دينار فاقضها، ثم فاضت نفسه، ومر ربيعة بن الأسود برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأشار جبرئيل إلى بصره فعمي ومات، ومر به الأسود بن عبد يغوث، فأشار جبرئيل إلى بطنه فلم يزل يستسقى حتّى شق بطنه، ومر العاص بن وائل فأشار جبرئيل إلى رجله فدخل يداه(٤) في أخمص قدميه وخرجت من ظاهره

__________________

(١) وفي المصدر بعد قوله «ببدر» هكذا: «وكذلك دعا على الأسود بن عبد يغوث والحارث بن طلاطلة الخزاعي، فمر الوليد اه».

(٢) الوكاء ـ ككتاب ـ: رباط القربة.

(٣) وفي السيرة لابن هشام «ربائى». وفي المصدر «دياني».

(٤) كذا في النسخ والظاهر أنّه مصحف وفي المصدر والمنقول عنه في البحار وغيره «فدخل عود في أخمص قدمه اه».

٣٣

ومات، ومر ابن الطلاطلة فأشار جبرئيل إلى وجهه فخرج إلى جبال تهامة فأصابته السمائم(١) واستسقى حتّى انشق بطنه، وهو قول الله:( إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقام على الحجر فقال: يا معشر قريش، يا معاشر العرب ادعو كم إلى شهادة ان لا إله إلّا الله، وانى رسول الله، وأمر كم بخلع الأنداد والأصنام فأجيبوني تملكون بها العرب، وتدين لكم العجم، وتكونون ملوكا في الجنة، فاستهزؤا منه وقالوا: جن محمد بن عبد الله، ولم يجسروا عليه لموضع أبي طالب، فاجتمعت قريش إلى أبي طالب فقالوا: يا أبا طالب ان ابن أخيك قد سفه أحلامنا وسب آلهتنا، وأفسد شباننا، وفرق جماعتنا، فان كان يحمله على ذلك الغرم جمعنا له مالا فيكون أكثر قريش مالا، ونزوجه أي امرأة شاء من قريش، فقال له أبو طالب: ما هذا يا ابن أخى؟ فقال: يا عم هذا دين الله الذي ارتضاه لأنبيائه ورسله، بعثني الله رسولا إلى الناس، فقال: يا بن أخى ان قومك قد أتونى يسألوني ان أسئلك أن تكف عنهم، فقال: يا عم إنّي لا أستطيع انْ أخالف أمر ربّي، فكفّ عنه أبو طالب، ثمّ اجتمعوا إلى أبي طالب فقالوا: أنت سيد من ساداتنا فادفع إلينا محمدا لنقتله وتملك علينا، فقال أبو طالب قصيدته الطويلة، ويقول فيها: ولما رأيت القول لاود بينهم(٢) وقد قطعوا كل العرى والوسائل كذبتم وبيت الله يبزى محمد ولما نطاعن دونه ونناضل(٣) وننصره حتّى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائل(٤)

__________________

(١) السمائم جمع السموم: الريح الحارة.

(٢) قوله: «بينهم» في المصدر «عندهم». والعرى جمع العروة: كلما يوثق به ويعول عليه.

(٣) قوله «يبزى» أي يقهر ويغلب، قال في البحار أراد «لا يبزى» فحذف لا من جواب القسم وهي مرادة أي لا يقهر ولم نقاتل وندافع «انتهى» والصحيح كما في الغدير ج ٧: ٣٣٨ «نبزى» أي نقهر، وناضل عنه: حامي وجادل ودافع وتكلم عنه بعذره.

(٤) صرعة: طرحه على الأرض شديدا. وذهل عنه: نسيه. والحلائل جمع الحليلة: الزوجة.

٣٤

قال: فلما اجتمعت [قريش] على قتل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكتبوا الصحيفة القاطعة، جمع أبو طالب بنى هاشم وحلف لهم بالبيت والركن والمقام والمشاعر في الكعبة، لئن شاكت محمدا شوكة لاتين عليكم يا بنى هاشم فأدخله الشعب، وكان يحرسه بالليل والنهار قائما بالسيف على رأسه أربع سنين، فلما خرجوا من الشعب حضرت أبا طالب الوفاة، فدخل عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يجود بنفسه، فقال: يا عم ربيت صغيرا وكفلت يتيما، فجزاك الله عنى خيرا أعطني كلمة اشفع لك بها عند ربي، فروى أنّه لم يخرج من الدنيا حتّى أعطى رسول الله الرضا، وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو قمت المقام المحمود لشفعت لابي وأمي وعمى وأخ كان لي مواخيا في الجاهلية(١) .

١٢٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) روى موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فان هذا موسى بن عمران قد أرسله الله إلى فرعون وأراه الآية الكبرى؟ قال له علىعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أرسله الله إلى فراعنة شتى مثل أبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة وشيبة وأبي البختري والنضر بن الحرث، وأبي بن خلف، ومنبه ونبيه إبني الحجاج، والى المستهزئين: الوليد بن المغيرة المخزومي، والعاص بن وائل السهمي، والأسود بن عبد يغوث الزهري، والأسود بن المطلب، والحارث بن الطلاطلة فأراهم الآيات في الآفاق وفي أنفسهم حتّى تبين لهم أنّه الحق، قال اليهودي: لقد انتقم الله لموسى من فرعون؟ قال له عليعليه‌السلام : لقد كان كذلك ولقد انتقم الله جل اسمه لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله من الفراعنة، فاما المستهزؤن فقد قال اللهعزوجل :( إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) فقتل

__________________

(١) غير خفي على المحقق الخبير والمطالع البصير لأخبار أهل بيت العصمة صلوات الله عليه ان أبا طالب كان مؤمنا ينقى قومه ويستر دينه، وعليه الشيعة الامامية، ويعرف ذلك من سيرته وكلماته وأشعاره أيضا، وقد أفرد العلامة الأستاذ الأميني دام ظله في كتابه الغدير لذلك بابا يذكر فيه اشعاره وأحواله، ويدفع الشبهات الواهية المنقولة عن بعض العامة في ايمانه وإسلامه رضى الله عنه فراجع ج ٧ ـ: ٣٣٠ ـ ٤٠٩. فما في هذا الخبر اما هو مأخوذ عن العامة وأورده القمى (ره) على عقيدتهم، أو كان منهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ظاهر حال ابى طالب والله العالم.

٣٥

الله خمستهم كل واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد، فاما الوليد بن المغيرة فمر بنبل لرجل من خزاعة قد راشه ووضعه في الطريق، فأصابه شظية منه(١) فانقطع أكحله حتّى أدماه فمات، وهو يقول قتلني رب محمد، واما العاص بن وائل السهمي فانه خرج في حاجة له إلى موضع فتدهده(٢) تحته حجر فسقط فتقطع قطعة قطعة فمات وهو يقول: قتلني رب محمد، واما الأسود بن عبد يغوث فانه خرج يستقبل ابنة زمعة فاستظل بشجرة فأتاه جبرئيلعليه‌السلام فأخذ رأسه فنطح به الشجرة فقال لغلامه: إمنع عنّى هذا فقال: ما أرى أحدا يصنع بك شيئا إلّا نفسك فقتله، وهو يقول: قتلني ربّ محمّد، وأمّا الأسود بن الحارث فان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا عليه أن يعمى بصره وان يثكله ولده، فلمّا كان في ذلك اليوم خرج حتّى صار إلى موضع، فأتاه جبرئيلعليه‌السلام بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي، وبقي حتّى أثكله اللهعزوجل ولده، وأمّا الحارث بن الطلاطلة فانه خرج من بيته في السموم فتحول حبشيا فرجع إلى أهله فقال: أنا الحارث فغضبوا عليه فقتلوه وهو يقول: قتلني ربّ محمّد، وروى ان الأسود بن الحارث أكل حوتا مالحا فأصابه عليه العطش فلم يزل يشرب الماء حتّى انشق بطنه فمات، وهو يقول: قتلني ربّ محمّد كل ذلك في ساعة واحدة، وذلك انهم كانوا بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا له: يا محمّد ننتظر بك إلى الظهر فان رجعت عن قولك وإلّا قتلناك، فدخل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله منزله فأغلق عليه بابه مغتما لقولهم، فأتاه جبرئيلعليه‌السلام عن الله من ساعته فقال: يا محمّد السّلام يقرء عليك السّلام وهو يقول:( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) يعنى أظهر أمرك لأهل مكّة وادعهم إلى الايمان قال: يا جبرئيل كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدونى؟ قال له:( إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) قال: يا جبرئيل كانوا الساعة بين يدي! قال: قد كفيتهم فاظهر أمره عند ذلك، واما بقيتهم من الفراعنة فقتلوا يوم بدر بالسيف، وهزم الله الجمع وولّوا الأدبار، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٧ ـ في كتاب الخصال عن أبان الأحمر رفعه قال: المستهزؤن بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) الشظية: كل فلقة من شيء كفلقة العود أو القضبة.

(٢) تدهده الحجر: تدحرج.

٣٦

خمسة الوليد بن المغيرة المخزومي، والعاص بن وائل السهمي والأسود بن عبد يغوث الزهري والأسود بن المطلب، والحارث بن عطية الثقفي.

١٢٨ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسمعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه حاكيا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذكر من فضل وصيه ذكرا، فوقع النفاق في قلوبهم فعلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك وما يقولون، فقال الله جل ذكره: يا محمّد و( لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ ) ( فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ ) لكنهم يجحدون بغير حجة لهم وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتألفهم ويستعين ببعضهم على بعض، ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيه حتّى نزلت هذه السورة، فاحتج عليهم حين أعلم بموته ونعيت إليه نفسه.

١٢٩ ـ عليّ بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد الاصبهانى عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا حفص ان من صبر صبر قليلا، وان من جزع جزع قليلا، ثم قال: عليك بالصبر في جميع أمورك، فان اللهعزوجل بعث محمدا فأمره بالصبر والرفق فصبرصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى نالوه بالعظايم ورموه بها فضاق صدره فأنزل اللهعزوجل :( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٠ ـ في مجمع البيان: و( كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ) أي المصلين عن الضحاك وابن عباس قال: وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا حزنه أمر فرغ إلى الصلوة(١) .

__________________

(١) فرغ إلى الشيء: قصد.

٣٧

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي جعفرعليه‌السلام قال: من قرأ سورة النحل في كل شهر كفى المغرم في الدنيا، وسبعين نوعا من أنواع البلاء أهونه الجنون والجذام والبرص، وكان مسكنه في جنة عدن وهي وسط الجنان.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرءها لم يحاسبه الله تعالى بالنعم التي أنعمها عليه في دار الدنيا، وان مات في يوم تلاها أو ليلته أعطى من الأجر كالذي مات وأحسن الوصية.

٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أول من يبايع القائمعليه‌السلام جبرئيل، ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه ثم يضع رجلا على بيت الله الحرام ورجلا على بيت المقدس، ثم ينادى بصوت ذلق(١) تسمعه الخلايق:( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) .

٤ ـ عن ابن مهزيار عن القائمعليه‌السلام حديث طويل وفيه أنّهعليه‌السلام تلى:( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ) فقلت: يا سيدي يا ابن رسول الله فما الأمر؟ قال: نحن أمر اللهعزوجل وجنوده.

٥ ـ في تفسير العيّاشي عن هشام بن سالم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سئلته عن قول الله:( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) قال: إذا أخبر الله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بشيء إلى وقت فهو قوله:( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) حتّى يأتى ذلك الوقت، وقال: إنّ الله إذا أخبر ان شيئا كائن فكأنه قد كان. وفيه بعد أن نقل أبان بن تغلب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام كما نقلنا عنه سابقا، وفي

__________________

(١) الذلق: الفصيح.

٣٨

رواية أخرى عن أبان عن أبي جعفرعليه‌السلام نحوه.

٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) قال: نزلت لما سألت قريش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان ينزل عليهم(١) فأنزل الله تبارك وتعالى( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) .

٧ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن علي بن أسباط عن الحسين بن أبي العلا عن سعد الإسكاف قال: أتى رجل أمير المؤمنينعليه‌السلام يسئله عن الروح أليس هو جبرئيل؟ فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : جبرئيل من الملائكة والروح غير جبرئيل، فكرر ذلك على الرجل، فقال له: لقد قلت عظيما من القول، ما أحد يزعم ان الروح غير جبرئيل، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : انك ضال تروى عن أهل الضلال يقول اللهعزوجل لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ ) والروح غير الملائكةعليهم‌السلام .

٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إله إلّا أَنَا فَاتَّقُونِ ) يقول: بالكتاب.

وقال عليّ بن إبراهيم في قوله:( خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ) قال: خلقه من قطرة من ماء منتن(٢) فيكون خصيما متكلما بليغا، وقال أبو الجارود في قوله: و( الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ ) والدفء: حواشي الإبل، ويقال بل هي الادفاء(٣) من البيوت والثياب.

٩ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن عليٍّعليه‌السلام قال: سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أي المال خير؟ قال: زرع زرعه صاحبه وأدى( حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ ) ، قيل: وأى مال بعد الزرع خير؟ قال: رجل في غنمه قد تبع بها مواقع القطر، يقيم الصلوة ويؤتى الزكاة، قيل: فأى المال بعد الغنم خير؟ قال: البقر تغدو بخير وتروح بخير

__________________

(١) وفي المصدر «أن ينزل عليهم العذاب».

(٢) وفي المصدر «من قطرة من ماء مهين».

(٣) ادفأه من الحائط وغيره كنه أي ستره.

٣٩

قيل: فأى المال بعد البقر خير؟ قال: الراسيات(١) في الوحل المطعمات في المحل(٢) نعم المال النخل، من باعه فانما ثمنه بمنزلة رماد على شاهقة( اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ ) ، إلّا أن يخلف مكانها، قيل: يا رسول الله فأى المال بعد النخل خير؟ فسكت فقال له رجل: فأين الإبل؟ قال: فيه الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار، تغدو مدبرة وتروح مدبرة لا يأتى خيرها إلّا من جانبها الأشأم.

١٠ ـ عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الغنم إذا أقبلت أقبلت، وإذا أدبرت أقبلت، والبقر إذا أقبلت أقبلت، وإذا أدبرت أدبرت، والإبل أعناق الشياطين إذا أقبلت أدبرت، وإذا أدبرت أدبرت، ولا يجيء خيرها إلّا من الجانب الأشأم، قيل: يا رسول الله فمن يتخذها بعد ذا؟ قال: فأين الأشقياء الفجرة؟.

١١ ـ عن الحارث قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بالغنم والحرث فإنهما يروحان بخير ويغدوان بخير، قال: فقيل له: يا رسول الله فأين الإبل؟

قال: تلك أعناق الشياطين ويأتى خيرها من الجانب الأشأم، قيل: يا رسول الله ان سمع الناس بذلك تركوها فقال: إذا لا يعدمها الأشقياء الفجرة.

١٢ ـ عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أفضل ما يتخذه الرجل في منزله لعياله الشاة، فمن كان في منزلة شاة قدست عليه الملائكة مرتين في كل يوم، وكذلك في الثلاث يقول: بورك فيكم.

١٣ ـ عن الحسن بن مصعب قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ لله تعالى في كل يوم وليلة ملكا ينادى مهلا مهلا عباد الله عن المعاصي فلو لا بهائم رتع وصبية رضع وشيوخ ركع لصب عليكم العذاب صبا ترضون به رضا.

١٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله: و( لَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ) قال: حين ترجع من المرعى، قوله: و( تَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ ) قال: إلى مكة والمدينة وجميع البلدان.

١٥ ـ في الكافي أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى

__________________

(١) أي الثابتات في أماكنها لا تزول لعظمها.

(٢) المحل: الشدة والجدب وانقطاع المطر ويبس الأرض من الكلاء.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169