بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 607

  • البداية
  • السابق
  • 607 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32952 / تحميل: 10689
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١

مؤلف:
العربية
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الأوّل الشيخ محمّد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

كتاب بهج الصباغة

في شرح نهج البلاغة

المجلد الأوّل

الشيخ محمد تقي التّستري


١
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الأوّل الشيخ محمّد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.

٢

كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

المجلد الأوّل

الشيخ محمّد تقي التّستري (الشوشتري)

٣

المجلد الأوّل

فهرس المطالب ٥

كلمة في حياة المؤلّف ٩

دليل القارئ ١٣

مقدّمة مؤسّسة نهج البلاغة ١٥

مقدّمة المؤلف ١٧

ذكر ما في شرح ابن أبي الحديد من المعايب ٢٣

ردّ المؤلّف على ابن ميثم و السيّد الخوئي ٢٤

وجه تسمية الكتاب ببهج الصّباغة ٤٢

شرح خطبة الرّضيّ ٤٣

ما قال معاوية ردّا لمحفن في فصاحة عليّ عليه السّلام ٥٩

رؤية إبراهيم المهديّ عليّا في المنام و ما جرى بينهما ٦٠

اعترافات الفصحاء بأنّ عليّا عليه السّلام أفصح النّاس ٦٤

حديث من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ٧٣

نقل كلام شارح المعتزليّ في فضائله عليه السّلام ٧٥

نسب الرّضيّ ٩٦

ما قال ابن أبي الحديد في ردّ من نسب النّهج إلى الرّضيّ ٩٩

الإشارة إلى الموارد التي ذكرها المؤرّخون في شجاعته عليه السّلام و قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله له :

لا فتى إلاّ عليّ ١٠٩

الإشارة إلى طرف من زهده عليه السّلام ١١١

في أنّه جمعت الاضداد في صفاته عليه السّلام ١١٣

الإشارة إلى كرائم كلامه عليه السّلام ١٢٠

ما نقل عنه عليه السّلام في معنى البلاغة ١٣١

٤

خطبة عمر بالجابية و إيراد القسّ عليه ١٣٥

ما قاله عليه السّلام في جواب من سأله أنّ الحرب أكان بقضاء من اللّه و قدره ؟ ١٣٧

الفضل الأوّل في التّوحيد ١٤٣

العنوان ١ من الخطبة ١ : « الحمد للّه الّذي لا يبلغ مدحته القائلون . . . » ١٤٤

من الخطبة ٩٤ : « الحمد للّه الأوّل فلا شي‏ء قبله . . . » ١٤٤

من الخطبة ٩٢ : « فتبارك اللّه الّذي لا يبلغه بعد الهمم . . . » ١٤٥

العنوان ٢ من الخطبة ١ : « أوّل الدّين معرفته . . . » ١٥٦

العنوان ٣ من الخطبة ١ : « كائن لا عن حدث . . . » ١٦١

العنوان ٤ من الخطبة ٤٩ : « الحمد للّه الّذي بطن خفيّات الأمور . . . » ١٦٦

العنوان ٥ من الخطبة ٦٣ : « الحمد للّه الّذي لم يسبق له حال حالا . . . » ١٧٥

العنوان ٦ من الخطبة ٨٣ : « و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له . . . » ١٨٥ العنوان ٧ من الخطبة ٨٨ : « الحمد للّه المعروف من غير رؤية . . . » ١٨٨

العنوان ٨ من الخطبة ٨٩ : « الحمد للّه الّذي لا يفره المنع و الجمود . . . » ١٩٧

العنوان ٩ من الخطبة ٨٩ : « و لو وهب ما تنفّست عنه معادن الجبال . . . » ٢٠٧

العنوان ١٠ من الخطبة ٨٩ : « و انظر أيّها السّائل ، فما دلّك القرآن عليه . . . » ٢١٠

العنوان ١١ من الخطبة ٨٩ : « هو القادر الّذي إذا ارتمت الأوهام . . . » ٢١٥

العنوان ١٢ من الخطبة ٨٩ : « الّذي ابتدع الخلق على غير مثال . . . » ٢٢٢

العنوان ١٣ من الخطبة ٨٩ : « فاشهد أنّ من شبّهك بتباين أعضاء خلقك . . . » ٢٢٥

العنوان ١٤ من الخطبة ٨٩ : « قدّر ما خلق فألطف تقديره . . . » ٢٣٣

العنوان ١٥ من الخطبة ١٠٦ : « الحمد للّه المتجلّي لخلقه بخلقه . . . » ٢٤١

العنوان ١٦ من الخطبة ١٠٧ : « كلّ شي‏ء خاضع له . . . » ٢٤٥

العنوان ١٧ من الخطبة ١٣١ : « و انقادت له الدّنيا و الآخرة بازمّتها . . . » ٢٥٤

العنوان ١٨ من الخطبة ١٥٠ : « الحمد للّه الدّالّ على وجوده بخلقه . . . » ٢٥٨

العنوان ١٩ من الخطبة ١٦١ : « الحمد للّه خالق العباد . . . » ٢٦٥

العنوان ٢٠ من الخطبة ١٧٦ : « لا يشغله شأن . . . » ٢٧٥

العنوان ٢١ من الخطبة ١٧٠ : « الحمد للّه الّذي لا توارى عنه سماء سماء . . . » ٢٧٨

٥

العنوان ٢٢ من الخطبة ١٩٦ : « يعلم عجيج الوحوش في الفلوات . . . » ٢٧٩

العنوان ٢٣ من الخطبة ١٧٧ : « . . . أفأعبد ما لا أرى . . . » ٢٨٣

العنوان ٢٤ من الخطبة ١٨٣ : « الحمد للّه الّذي لا تدركه الشّواهد . . . » ٢٩١

العنوان ٢٥ من الخطبة ١٨٤ : « ما وحّده من كيّفه . . . » ٢٩٨

العنوان ٢٦ من الخطبة ١٩٣ : « الحمد للّه الّذي أظهر من آثار سلطانه . . . » ٣٣٦

العنوان ٢٧ من الخطبة ١٥٣ : « الحمد للّه الّذي انحسرت الأوصاف . . . » ٣٣٨

العنوان ٢٨ من الخطبة ١٨٩ : « الحمد للّه الفاشي حمده . . . » ٣٤٢

العنوان ٢٩ من الخطبة ١٨٠ : « الحمد للّه الّذي إليه مصائر الخلق . . . » ٣٤٦

العنوان ٣٠ من الخطبة ١١٠ : « هل تحسّ به إذا دخل منزلا . . . » ٣٦٨

العنوان ٣١ من الخطبة ١٦٥ : « أيّها المخلوق السّويّ . . . » ٣٦٩

العنوان ٣٢ من الخطبة ١٥٨ : « أمره قضاء و حكمة . . . » ٣٧٤

العنوان ٣٣ من الكتاب ٣١ : « و اعلم يا بنيّ أنّه لو كان لربّك شريك . . . » ٣٧٩

العنوان ٣٤ من الحكمة ٢٥٠ : « عرفت اللّه سبحانه بفسخ العزائم و حلّ العقود . . . » ٣٨٣

العنوان ٣٥ الحكمة ٣٥١ : « عند تناهي الشّدّة تكون الفرجة . . . » ٣٨٦

العنوان ٣٦ من الخطبة ٨١ : « الحمد للّه الّذي علا بحوله . . . » ٣٨٨

العنوان ٣٧ الحكمة ١٣ : « من ضيّعه الأقرب أتيح له الأبعد . . . » ٣٩٣

العنوان ٣٨ الحكمة ٨٤ : « بقيّة السّيف أبقى عددا و أكثر ولدا . . . » ٣٩٣

العنوان ٣٩ الحكمة ١٣٩ : « تنزل المعونة على قدر المؤونة . . . » ٣٩٦

العنوان ٤٠ الحكمة ١٤٤ : « ينزل الصّبر على قدر المصيبة . . . » ٣٩٨

العنوان ٤١ الحكمة ١٥ : « تذلّ الامور للمقادير حتّى يكون الحتف في التدبير . . . » ٤٠٠

الحكمة ٤٥٩ : « يغلب المقدار على التّقدير حتّى تكون الآفة في التّدبير . . . » ٤٠٠

العنوان ٤٢ الحكمة ٧ : « أعجبوا لهذا الإنسان ينظر بشحم . . . » ٤٠٤

العنوان ٤٣ الحكمة ٣٠٢ : « ما المبتلى الّذي قد اشتدّ به البلاء بأحوج إلى الدّعاء . . . » ٤٠٩

العنوان ٤٤ من الخطبة ١٩٧ : « إنّ اللّه سبحانه و تعالى لا يخفى عليه ما العباد . . . » ٤١٠

العنوان ٤٥ الحكمة ٢٧٣ : « اعلموا علما يقينا أنّ اللّه لم يجعل للعبد . . . » ٤١٢

العنوان ٤٦ الحكمة ٨٤ : « قد علم السّرائر ، و خبر الضّمائر . . . » ٤١٦

العنوان ٤٧ من الخطبة ٩٩ : « الأوّل قبل كلّ أوّل . . . » ٤١٨

٦

العنوان ٤٨ من الخطبة ١٨١ : « فعظّموا منه سبحانه ما عظّم من نفسه . . . » ٤٢٠

العنوان ٤٩ من الخطبة ١٩٣ : « و اعلموا عباد اللّه أنّه لم يخلقكم عبثا . . . » ٤٢٦

العنوان ٥٠ من الخطبة ٨٩ : « و قدّر الأرزاق فكثّرها و قلّلها . . . » ٤٣٣

العنوان ٥١ من الخطبة ٨٩ : « عالم السّرّ من ضمائر المضمرين . . . » ٤٣٥

العنوان ٥٢ الحكمة ٤٧٠ : « . . . التّوحيد أن لا تتوهّمه . . . » ٤٤٧

العنوان ٥٣ من الخطبة ٢١٢ : « و اشهد أنّه عدل عدل و حكم فصل » ٤٤٨

الفصل الثاني في خلق السّماء و الأرض و الشّمس و القمر و النّجوم و العرش

و الكرسي ٤٥٩

العنوان ١ من الخطبة ١ : « ثمّ أنشأ سبحانه فتق الأجواء . . . » ٤٦١

العنوان ٢ من الخطبة ٨٩ : « و نظم بلا تعليق رهوات فرجها . . . » ٤٧٢

العنوان ٣ من الخطبة ٨٩ : « كبس الأرض على مور أمواج مستفحلة . . . » ٤٨٩

العنوان ٤ من الخطبة ٢٠٩ : « و كان من اقتدار جبروته . . . » ٥٠٨

العنوان ٥ من الخطبة ١٦٩ : « اللّهمّ ربّ السّقف المرفوع . . . » ٥١٩

العنوان ٦ من الخطبة ١٥٨ : « فمن فرّغ قلبه ، و اعمل فكره . . . » ٥٢٥

الفصل الثّالث في خلق الملائكة ٥٢٩

العنوان ١ من الخطبة ١ : « تمّ فتق ما بين السّماوات العلى . . . » ٥٣١

العنوان ٢ من الخطبة ٨٩ : « ثمّ خلق سبحانه لإسكان سماواته . . . » ٥٤٥

العنوان ٣ من الخطبة ١٠٧ : « من ملائكة أسكنتهم سماواتك . . . » ٥٦٩

العنوان الرّابع في خلق آدم عليه السّلام ٥٧٣

العنوان ١ من الخطبة ١ : « ثمّ جمع سبحانه من حزن الأرض و سهلها . . . » ٥٧٥

العنوان ٢ من الخطبة ٨٩ : « فلمّا مهّد أرضه ، و أنفذ أمره . . . » ٥٩٤

الفهرس الكامل لموضوعات الكتاب ( لأربعة عشر مجلّدا ) ٥٩٩ المجلد الأول

٧

بسم اللّه الرحمن الرحيم

كلمة في حياة المؤلف

في بلدة تستر فقيه عالم و محقق بارع ، منقطع عن علائق الدنيا و زخارفها متوجها إلى اللّه تعالى . لقد أمضى حياته الشريفة في سبيل إرشاد الناس ، و بثّ المعارف الإسلامية إنّه والدي المعظّم الحاج الشّيخ محمّد تقي الشيخ التّستري ( الشوشتري ) . ولد في النجف الأشرف سنة ( ١٣٢٠ ه ق ) و عاش في تلك البلدة المباركة حتى السنة السابعة من عمره ، فلمّا أتم والده العلامة آية اللّه الحاج الشّيخ محمد كاظم التستري دراساته العلمية الاسلامية عند أساطين العلم و نال درجة الاجتهاد ، عاد الى تستر و التحق بعد قليل والدي بأبيه المحترم مع والدته و خاله في تستر و اشتغل بتعلّم القراءة و الكتابة و القرآن الكريم ، ثمّ واصل دراسته بكلّ جدّ ، فأقبل يدرس العلوم الإسلامية عند أساتذة تلك البلدة ، مثل السيّد حسين النوري و السيّد محمد علي الإمام و السيّد علي أصغر الحكيم ، ثمّ أتمّ دراساته العالية في العلوم الاسلامية عند كبار العلماء مثل السيّد محمّد تقي شيخ الاسلام ، و السيّد مهدي آل طيّب و والده المعظم ، فنال درجة الاجتهاد .

و في سنة ( ١٣١٤ ه ش ) غادر مولده تستر مع عائلته مناهضا رفع

٨

٩

حجاب النساء ، الّذي فرضه رضاشاه البهلوي على ايران ، و أقام في بلدة كربلاء المباركة و واصل دراساته العلمية الإسلامية في العتبات العاليات ، و هناك التحق بالعالم النحرير الجليل المرحوم الحاج الشيخ آقا بزرگ الطهراني و نال منه إجازة نقل الحديث .

و بعد ما عزل رضاشاه عن منصبه عاد الى تستر سنة ( ١٣٢١ ه ش ) و أقام في تلك البلدة و اشتغل بالتدريس و التحقيق و الإرشاد و التأليف . لقد جاء بترجمة لحياته و نشاطاته العلمية العلاّمة النّحرير الشيخ آقا بزرگ الطهراني في كتابه طبقات أعلام الشيعة ١ و هذا نصه :

هو الشيخ محمد تقي بن كاظم بن الشيخ محمد علي بن الشيخ جعفر التستري الشهير ، عالم بارع ولد في النجف ( ١٣٢٠ ه ش ) و نشأ بها على حب العلم و الفضيلة اللّذين ورثهما عن آبائه و عن جدّه الأعلى الشيخ جعفر الغني عن الوصف ، فاشتغل على الأعلام الأفاضل مجدّا مجتهدا حتّى برع و صنّف ،

فله :

١ تحقيق المسائل ( شرح على الروضة البهية ) ٢ .

٢ رسالة سهو النبي صلى اللّه عليه و آله ٣ .

٣ الرّسالة المبصرة في أحوال أبي بصير ٤ .

٤ شرح تنقيح المقال ٥ .

٥ قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام ٦ .

ــــــــــــــــ

( ١ ) طبقات أعلام الشيعة ١ : ٦٥ .

( ٢ ) هذا الكتاب شرح للمعة الدّمشقية في مجلّدات كثيرة ، خرج إلى الآن منها ستّ مجلّدات .

( ٣ ) طبعت هذه الرّسالة في ملحق قاموس الرّجال : الجزء ( ١١ ) .

( ٤ ) طبعت هذه الرّسالة في ملحق قاموس الرّجال : الجزء ( ١١ ) .

( ٥ ) طبع هذا الكتاب باسم قاموس الرجال في أربعة عشر مجلّدا .

( ٦ ) طبع هذا الكتاب مرّات عديدة في النجف و بيروت و قم ، و ترجمته باللغة الفارسية و سمّيته ( قضاوت هاى على عليه السّلام ) و طبعت هذه الترجمة أيضا عدّة مرّات .

١٠

٦ الأربعينيات الثلاث ١ .

٧ جوامع أحوال الأئمة عليهم السّلام . و انتهى . و تلوا يذكر بعض ما لم يقف عليها العلاّمة الطهراني ٢ .

٨ بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة ، و هو هذا الكتاب الذي بين يديك ٣ .

٩ الأوائل ٤ .

١٠ البدائع ٥ .

١١ آيات بيّنات في حقيقة بعض المنامات ٦ .

١٢ الأخبار الدّخيلة ٧ .

و في الختام أهدي أطيب تحياتي إلى مؤسسة نهج البلاغة التي عنيت بتجديد طبع هذا الكتاب ، ( بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة ) و أرجو من اللّه تعالى التوفيق لهذه المؤسسة في سبيل نشر المعارف الإسلامية ، و السلام عليكم و رحمته و بركاته محمد علي شيخ ابن المؤلف ١٠ ٩ ١٣٦٧ ه . ش

ــــــــــــــــ

( ١ ) طبع هذا الكتاب باسم الأربعين حديثا .

( ٢ ) طبعت هذه الرسالة في ملحق قاموس الرجال : الجزء ( ١١ ) .

( ٣ ) طبع في أربعة عشر مجلدا .

( ٤ ) طبع في مطبعة جامعة طهران في مجلد واحد .

( ٥ ) عنيت بطبعه و نشره مكتبة الصدوق .

( ٦ ) عنيت بطبعه و نشره مكتبة الصدوق .

( ٧ ) خرج من الكتاب الى الآن أربع مجلّدات ، عنيت بنشرها مكتبة الصدوق .

١١

دليل القارئ

١ ضمّ « بهج الصّباغة في شرح نهج البلاغة » ( ٦٠ ) فصلا وزّعت على ١٤ مجلّدا حازت تلك الفصول على أسماء خاصّة بها ، و أدرجت وفقا لهيكل ارتاه المؤلّف نفسه .

٢ اشتمل كلّ فصل على عدد من نصوص النّهج المراد شرحها ، كتبت بالغامق ،

و انتظمت استنادا إلى ترابطها الموضوعي بعناوين منحت أرقاما بارزة أعلاها تمثّل تسلسلها في الفصل ، إضافة إلى رقم خاص بين قوسين يشير إلى موقعها في النّهج .

٣ قد تحتوي بعض العناوين على أكثر من نصّ يراد توضيحه فتشترك نصوص العنوان برقم واحد أعلاها ، و يميّز كلّ نصّ برقمه الخاص في نهج البلاغة .

٤ يبتدأ الشّرح باقتطاع كلمات أو فقرات متتالية حسب أولويّتها في النصّ غالبا و تحصر بين قوسين و تميّز بالغامق في أوّل مورد أتت به لشرحها .

٥ غالبا ما يكون الشّرح لغويّا أوّل الأمر ، ثمّ ينطلق منه إلى وقائع تأريخيّة و قصص أدبيّة معزّزة بأنواع الشّواهد شعرا و نثرا .

٦ لم تحصر النصوص المنقولة من غير نهج البلاغة بين قوسين لكثرتها ، و اكتفي لتمييز أوّلها بذكر اسم الكتاب المأخوذة منه و يقع أوّل السّطر في أحيان كثيرة بين قوسين ، و نهايتها بهامش يشير إلى استخراجها و يبدأ النصّ الآخر برأس سطر جديد .

٧ عندما يتمّ شرح كلّ نص من العنوان ينتقل إلى عنوان آخر يليه وفقا لرقم تسلسله في الفصل ، فتشرح نصوصه و ينتقل إلى عنوان بعده ، و هكذا تشرح الفصول متتابعة .

٨ إنّ العبارات التي تقع بين خطّين ، هي عبارات اعتراضيّة توضيحيّة .

٩ أضيف في نهاية كلّ مجلّد فهرست للخطب و الكتب و الحكم الواردة في ذلك المجلّد .

١٠ و ختاما نرجو من القراء الأعزاء أرسال ما لديهم من ملاحظات أو اقتراحات بناءة حول الكتاب . كما نعتذر عن السهو و الخطأ إن وجد .

نتمنى للجميع التسديد و الصواب ، و من اللّه الأجر و الثواب و السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته الناشر

١٢

١٣

مقدّمة مؤسسة نهج البلاغة

على مدار ألف سنة مرّت من عمر هذا السّفر القيّم « نهج البلاغة » دوّن عليه أكثر من ( ٣٠٠ ) شرح و ترجمة بأساليب و محتويات علمية و أذواق متباينة ، اختلفت درجة تقبّل القرّاء لها باختلاف تطلّعاتهم و رؤاهم .

و بالرغم من تلك الشروح الكثيرة فقد بقيت امكان متهلهلة فيها ، تشير إلى خلوّها من شرح موضوعي ، إلى أن تصدّي المرحوم العلاّمة آية اللّه الحاج الشيخ محمد تقي التستري لإحكام نسج جديد ، فشرع بكتابة شرح موضوعي نفيس باللّغة العربية في ( ١٤ ) مجلدا ل ( ٦٠ ) موضوعا ،

فجزاه اللّه خير الجزاء ، و شكر مساعيه العلمية الجليلة ، و تغمّده برحمته ، و أسكنه فسيح جنّاته .

إنّ أهميّة الشرح الموضوعي من منظار علمي أمر لا يقبل المناقشة ، لأنّ كل علم إذا لم تبحث قضاياه بهذه المنهجية فسوف تبقى النظرة الواقعية له أو لمؤلف الكتاب عائمة في أمواج من الغموض ، تلك المنهجية التي اتخذها الفقهاء الأفذاذ في رصد و جمع الموارد ذات العلاقة و دراستها ، لابداء آرائهم الدقيقة في المسائل الفقهية الكثيرة .

و تأسيسا على ذلك ينبغي لمن يتطلّع إلى آفاق نظر الإمام عليه السّلام أن يسلك اسلوب الشرح الموضوعي، و يحتوي كل الموارد دراسة و تحليلا ، فليس من الصحيح أن نقتطع كلمة أو كتابا من بين عشرات الكلمات و الكتب ، و نشيّد عليها وجهة نظر المؤلف ، لأنّه لا يمكن بيان كلّ الموارد في جملة واحدة ، بل إنّ تحرّي و تجميع الجزئيات المتقارنة و المتباينة بعين شمولية فاحصة ، و بمطالعة تحليلية دقيقة ، و تعرّف لغة و ثقافة المقال و الكتاب ، تزيح ستارا كثيفا عن الحقيقة ، و تمنح دفقة اطمئنان لعرض مدروس لآراء مؤلفه .

و قد صادقت مؤسسة نهج البلاغة ضمن خططها على مشروع لتفسير نهج البلاغة موضوعيا ، و تقرّر أن تبدأ مجاميع علمية مهامّها في هذا المجال .

فشرعت نخبة من المحققين أعمالها بدقّة و تنسيق متبادل ، لرصد الموضوعات عن طريق نظام

١٤
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الأوّل الشيخ محمّد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

البطاقات التي بلغت ما يقارب ( ٥٠٠٠ ) بطاقة ، استلّ منها ( ٣٠٠ ) عنوان رئيسي و فرعي ، و بعد دراسات و بحوث متعدّدة ، و تصحيح و إكمال موارد النقص ، صدر « نهج البلاغة » المنقّح بإشراف و طبع و نشر مؤسسة نهج البلاغة .

و جدير بالذكر أنّ من المصادر المستفادة في ذلك المشروع هي المجموعة النادرة ل « بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة » ، و إن كانت موضوعاتها منحصرة ب ( ٦٠ ) موضوعا ، إلاّ أنّها تصب في إطار هدفنا العام .

لكنّ لغة تدوين هذا الكتاب هي العربية ، و مقتضيات أهداف المؤسسة ترتبط أوّلا بالذات بالرفد الثّقافي للناطقين باللغة الفارسية ، الأمر الذي دعا إلى ترجمته .

و هنا نرى من الضرورة أن نعرب عن شكرنا لجميع الأخوة الذين ساهموا في إعداد و تنظيم و تهيئة هذه المجموعة النادرة ، و عن تقديرنا لمساعيهم المخلصة ، و تحمّلهم للمصاعب العلمية و الفنيّة باذلين وقتا غاليا لاخراج هذا السفر على أكمل صورة ، إنّ تلك الجهود لوحة رائعة تعبّر عن علاقتهم الوثيقة بسيّد الأولياء ، و حبّهم الكبير لمولى الموحّدين عليه السّلام .

نسأل اللّه أن يتقبّل من الجميع هذا العمل بأحسن القبول ، و أن يكون أمير المؤمنين و إمام العارفين شفيعهم ( يوم لا ينفع مال و لا بنون . إلاّ من أتى اللّه بقلب سليم ) .

و اللّه ولي التوفيق سيد جمال الدين دين پرور رئيس مؤسسة نهج البلاغة

١٥

مقدّمة المؤلّف

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين ، و الصلاة على محمّد و آله الطاهرين .

و بعد فإنّ علماء الإسلام الخاصّ منهم و العامّ ، و إن صنّفوا من الصّدر الأول في كلّ فنّ إلاّ أنّه لم يؤلّف أحد مثل كتاب الشريف الرضيّ هذا ، فإنّ أهمّية كلّ كتاب بمقدار فائدته ، و قيمته بقدر عائدته ، و لم يبلغ بكتابه هذا بعد كتاب اللّه تعالى كتاب ، فإنّه تاليه في الفصاحة و البلاغة ، و في الاشتمال على كلّ نصح و حكمة ، و لقد أجاد من قال فيه :

كتاب كأنّ اللّه رصّع لفظه

بجوهر آيات الكتاب المنزّل

حوى حكما كالدرّ ينطق صادقا

فلا فرق إلاّ أنّه غير منزل

١ و يأتي في العنوان ( ٢٣ ) من الفصل الأوّل خبر أنّ ذعلبا لمّا أجابه أمير المؤمنين عليه السّلام سؤاله « هل رأيت ربّك ؟ » خرّ مغشيا عليه ، ثمّ قال : تاللّه ما سمعت بمثل هذا الجواب ٢ و يأتي في خطبة المتّقين أنّ همّاما لمّا سمع

ــــــــــــــــ

( ١ ) نقل البيتين الخوئي في ديباجة شرحه ١ : ٨٠ .

( ٢ ) بهج الصباغة : الفصل ( ١ ) العنوان ( ٢٣ ) .

١٦

كلامه عليه السّلام في وصف أهل التّقوى صعق صعقة كانت نفسه فيها ١ .

و يأتي في العنوان ( ١١ ) من الفصل الثلاثين أنّ قوله عليه السّلام : « إنّ الحقّ لا يعرف بالرّجال » و قوله عليه السّلام : « انظر الى ما قال ، و لا تنظر الى من قال » بلا قيمة ٢ .

و قال الجاحظ : أجمعوا على أنّهم لم يجدوا كلمة أقلّ حرفا ، و لا أكثر ريعا ، و لا أعمّ نفعا ، و لا أحثّ على تبيين ، و لا أهجى لمن ترك التفهّم و قصّر في الافهام من قول علي عليه السّلام : « قيمة كل امرئ ما يحسنه » ٣ .

و قال الخليل : أحثّ كلمة على طلب علم قول عليّ بن أبي طالب عليه السّلام : « قدر كلّ امرئ ما يحسن » ٤ .

و قال الرضيّ في ( خصائصه ) : قوله عليه السّلام : « كلمة حقّ يراد بها باطل » في ردّ قول الخوارج : « لا حكم إلاّ للّه » أبلغ عبارة من أمر الخوارج لما جمعوا من حسن الاعتراء و الشّعار ، و فتح الإبطان و الإضمار ٥ .

و قال أيضا فيه في قوله عليه السّلام : « لم يذهب مالك ما وعظك » : سبحان اللّه ما أقصر هذه الكلمة من كلمة ، و أطول شأو بدرها في مضمار الحكمة ٦ و قال في ( نهج البلاغة ) في قوله عليه السّلام : « فلئن أمر الباطل لقديما فعل » : إنّ في هذا الكلام الأدنى من مواقع الإحسان ما لا تبلغه مواقع الاستحسان ، و إنّ

ــــــــــــــــ

( ١ ) بهج الصباغة : الفصل ( ٤٠ ) العنوان ( ١٣ ) .

( ٢ ) بهج الصباغة : الفصل ( ٣٠ ) العنوان ( ١١ ) .

( ٣ ) صرح الشارح في العنوان ( ١٦ ) من الفصل الثامن عشر أنّه نقله من كتاب البيان و التّبيين للجاحظ ، و أورد الجاحظ الحديث في ٢ : ٨٠ بلا كلام حوله .

( ٤ ) نقله أبو علي الطوسي في أماليه ٢ : ١٠٨ ، المجلس ١٧ باسناد عن خليل .

( ٥ ) خصائص الأئمة للشريف الرضي : ٨٨ .

( ٦ ) المصدر نفسه .

١٧

حظّ العجب منه أكثر من حظّ العجب به ، و فيه مع الحال الّتي وصفنا زوائد من الفصاحة لا يقوم بها لسان ، و لا يطّلع فجّها إنسان ، و لا يعرف ما أقول إلاّ من ضرب في هذه الصناعة بحقّ ، و جرى فيها على عرق ، و ما يعقلها إلاّ العالمون ١ .

و قال في قوله عليه السّلام : « فإنّ الغاية أمامكم . . . » : إنّ هذا الكلام لو وزن بعد كلام اللّه سبحانه ، و بعد كلام رسوله صلّى اللّه عليه و آله بكلّ كلام لمال به راجحا ، و برّز عليه سابقا . فأمّا قوله عليه السّلام : « تخفّفوا تلحقوا » فما سمع كلام أقلّ منه مسموعا و لا أكثر محصولا ، و ما أبعد غورها من كلمة و أنقع نطفتها من حكمة ٢ .

و قال في الخطبة ( ٢٨ ) : لو كان كلام يأخذ بالأعناق إلى الزّهد في الدنيا و يضطرّ الى عمل الآخرة لكان هذا الكلام ، و كفى به قاطعا لعلائق الآمال ،

و قادحا زناد الاتّعاظ ، و الازدجار ٣ .

و قال في الخطبة ( ٨٠ ) : إذا تأمّل المتأمّل قوله عليه السّلام : « من أبصر بها بصرّته » وجد تحته من المعنى العجيب و الغرض البعيد ما لا تبلغ غايته ، و لا يدرك غوره ، و لا سيّما إذا قرن إليه قوله عليه السّلام : « و من أبصر اليها أعمته » فإنّه يجد الفرق بين أبصر بها و أبصر إليها واضحا نيّرا و عجيبا باهرا ٤ .

و قال في قوله عليه السّلام : « لا تكن ممّن يرجو الآخرة بغير عمل . . . » : لو لم يكن في هذا الكتاب إلاّ هذا الكلام لكفى به موعظة ناجعة و حكمة بالغة ، و بصيرة

ــــــــــــــــ

( ١ ) نهج البلاغة ١ : ٤٨ ، الخطبة ( ١٦ ) .

( ٢ ) نهج البلاغة ١ : ٥٨ ، الخطبة ( ٢١ ) .

قال الشريف في خصائص الأئمة : ٨٧ بعد نقل قوله عليه السّلام : « تخفّفوا تلحقوا » : ما أقلّ هذه الكلمة و أكثر نفعها و أعظم قدرها و أبعد غورها و أسطع نورها .

( ٣ ) نهج البلاغة ١ : ٧٢ .

( ٤ ) نهج البلاغة ١ : ١٣١ .

١٨

لمبصر ، و عبرة لناظر مفكّر ١ .

إلى غير ذلك من كلماتهم في كلامه عليه السّلام ، ممّا لو استقصيت لصارت كتابا ، فللّه درّه في جمعه هذا الكتاب ، فكم اهتدي به من يوم تأليفه إلى يومنا هذا ، و كم يهتدى به إلى الأبد ، مع أنّه أتقن به لغة العرب ، و أمتن به قواعد الأدب ، فشكر اللّه سعيه و أعطاه خير جزاء .

لكنّه عفا اللّه عنه لمّا كان متهالكا على نقل كلّ كلام فصيح منسوب إليه عليه السّلام ، لم يتفطّن أنّ الخصم قد يحتال و يزوّر على لسانه عليه السّلام بتزويق كلامه ، كما ترى ذلك في الخطبة ( ٩٠ و ١٦٦ و ٢٦٦ ) و في نقله الخطبة ( ٦ ) لمّا أشير عليه بأن لا يتّبع طلحة و الزبير ، و قد تكلمنا عنها في موضعها ٢ .

كما أنّه عفا اللّه عنه لمّا كان نظره في اختياره من كلامه عليه السّلام على الكلمة الفصيحة ، فقد يقتصر من نقل كلامه عليه السّلام على مثل الاقتصار على قوله تعالى : ( لا تقربوا الصلاة ) بدون ( و أنتم سكارى ) ٣ كما تراه في الحكمة ( ٤٦٧ ) ، و قد بحثناها في موضعها ٤ .

كما أنّه عفا اللّه عنه لكون مراجعته الى كتب العامّة و رواياتهم فقط ،

غالبا قد ينقل ما تكذّبه روايات الخاصّة كما تراه في الخطبة ( ٥٧ ) ، و قد

ــــــــــــــــ

( ١ ) نهج البلاغة ٤ : ٣٨ ، الحكمة ( ١٥٠ ) .

( ٢ ) نهج البلاغة ١ : ١٨١ ، الخطبة ( ٩٠ ) شرحها في بهج الصباغة الفصل ( ٣٠ ) العنوان ( ٨ ) . و ٢ : ٨٠ ، الخطبة ( ١٦٦ ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( ٢٩ ) العنوان ( ٢٤ ) و ٢ : ٢٢٢ ، الخطبة ( ٢٢٦ ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( ٢٩ ) العنوان ( ٢٦ ) و ١ : ٤١ ، الخطبة ( ٦ ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( ٣١ ) العنوان ( ٣ ) .

( ٣ ) الآية بتمامها : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى حتّى تعلموا ما تقولون و لا جنبا إلاّ عابري سبيل حتى تغتسلوا و إن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحدكم من الغائط أو لا مستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيّبا فامسحوا بوجوهكم و أيديكم إن اللّه كان عفوّا غفورا ) . النساء : ٤٣ .

( ٤ ) نهج البلاغة ٤ : ١٠٧ ، الحكمة ( ٤٦٧ ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( ٢٩ ) العنوان ( ٢٧ ) .

١٩

شرحناه في محلّه ١ .

كما أنّه عفا اللّه عنه قد ينسب إليه عليه السّلام ما لغيره ، كما تراه في الحكمة ( ٢٨٩ ) فاتفقت الروايات على أنّه لابنه الحسن عليه السّلام ٢ . و ما تراه في الحكمة ( ٢٢٧ ) فاتفقت الروايات على أنّه عليه السّلام نقله عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ، و قد أوضحناهما في محلّهما ٣ .

كما أنّه قد ينسب إليه عليه السّلام ما روي عنه عليه السّلام في المنام ، كما تراه في الحكمة ( ٤٠٦ ) و قد بحثنا ذلك في محلّه ٤ .

كما أنّه قد ينسب الشي‏ء إلى غير محلّه ، فقال في الكتاب ( ٦٢ ) : و من كتاب له عليه السّلام إلى أهل مصر مع مالك الأشتر . مع أنّه روى الثقفي في ( غاراته ) ، و ابن قتيبة في ( خلفائه ) ، و الكليني في ( رسائله ) ، و ابن جرير الطبريّ في ( مستر شده ) أنّه كانت خطبة له عليه السّلام في التحريض على الجهاد لمّا فتحت مصر و قتل محمّد بن أبي بكر ٥ .

كما أنّه قد يحرّف لعدم تدبّره أو لسقم نسخة مستنده ، فنقل في الكتاب ( ٥٧ ) : « خرجت من حيي هذا » فإنه محرّف : « خرجت مخرجي هذا » . كما شرحناه في محلّه ٦ .

و نقل في الحكمة ( ٣٧١ ) : « و الشرّ جامع لمساوي العيوب » فإنّه محرّف

ــــــــــــــــ

( ١ ) نهج البلاغة ١ : ١٠٥ ، الخطبة ( ٥٧ ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( ٩ ) العنوان ( ١٥ ) .

( ٢ ) نهج البلاغة ٤ : ٦٩ ، الحكمة ( ٢٨٩ ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( ٤٠ ) العنوان ( ١٥ ) .

( ٣ ) نهج البلاغة ٤ : ٥٠ ، الحكمة ( ٢٢٧ ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( ٤٠ ) العنوان ( ٥ ) .

( ٤ ) نهج البلاغة ٤ : ٩٥ ، الخطبة ( ٤٠٦ ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( ٦ ) . العنوان ( ٢٥ ) .

( ٥ ) نهج البلاغة ٣ : ١١٨ ، الكتاب ( ٦٢ ) شرحه في بهج الصباغة : الفصل ( ٨ ) العنوان ( ١٥ ) ، و الغارات للثقفي ١ : ٣٠٢ ،

و تاريخ الخلفاء و هو كتاب الإمامة و السياسة لا بن قتيبة ١ : ١٥٤ ، و كشف المحجّة لابن طاووس : ١٧٣ نقلا عن رسائل الكليني ، و المسترشد للطبري : ٩٥ .

( ٦ ) نهج البلاغة ٣ : ١١٤ ، شرحه في بهج الصباغة : الفصل ( ٣ ) العنوان ( ٧ ) .

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

السّماء قد تفتّحت , وإذا أنا بنور ساطع من السّماء إلى الأرض , وإذا أنا بوصائف من وصائف الجنّة , وإذا أنا بروضة خضراء وفي تلك الرّوضة قصر , وإذا أنا بخمس مشايخ يدخلون إلى ذلك القصر وعندهم وصيف , فقلت : يا وصيف , أخبرني لمن هذا القصر ؟ فقال : هذا لأبيك الحُسين أعطاه الله ثواباً لصبره. فقلت : ومَن هؤلاء المشايخ ؟ فقال : أمّا الأوّل فآدم أبو البشر ، وأمّا الثّاني فنوح نبي الله ، وأمّا الثّالث فإبراهيم خليل الرّحمن ، وأمّا الرّابع فموسى الكليم. فقلت : ومَن الخامس الذي أراه قابضاً على لحيته باكياً حزيناً من بينهم ؟ فقال لي : يا سكينة أما تعرفينه ؟ فقلت : لا. فقال : هذا جدّك رسول الله. فقلت له : إلى أين يريدون ؟ فقال : إلى أبيك الحُسين ، فقلت : والله , لألحقنّ جدّي واخبرنّه بما جرى علينا. فسبقني ولم ألحقه , فبينما أنا متفكّرة , وإذا بجدّي عليّ بن أبي طالب وبيده سيفه وهو واقف , فناديته : يا جدّاه قُتل والله ابنك من بعدك ! فبكى وضمّني إلى صدره وقال : (( يا بنية , صبراً وبالله المستعان )). ثمّ إنّه مضى ولم أعلم إلى أين ، فبقيت متعجّبة كيف لم أعلم به , فبينما أنا كذلك , إذا بباب قد فُتح من السّماء ، وإذا بالملائكة يصعدون وينزلون على رأس أبي. قال : فلمّا سمع يزيد ذلك , لطم على وجهه وبكى وقال : ما لي ولقتل الحُسين.

وفي نقل آخر : أنّ سكينة قالت : ثمّ أقبلت على رجل ؛ دري اللون قمري الوجه حزين القلب ، فقلت للوصيف : مَن هذا ؟ فقال : جدّك رسول الله. فدنوت منه وقلت له : يا جدّاه ! قُتلت والله رجالنا وسفكت والله دماؤنا ، وهتكت والله حريمنا ، وحملنا على الأقتاب بغير وطاء ، نساق إلى يزيد. فأخذني إليه وضمّني إلى صدره ، ثمّ أقبل على آدم ونوح وإبراهيم وموسى , ثمّ قال لهم : (( ماترون إلى ما صنعت اُمّتي بولدي من بعدي ؟ )). ثمّ قال الوصيف : يا سكينة , اخفضي صوتك فقد أبكيت رسول الله. ثمّ أخذ الوصيف بيدي وادخلني المصر , وإذا بخمس نسوة قد عظم الله خلقتهن وزاد في نورهن , وبينهنّ امرأة عظيمة الخلقة ناشرة شعرها وعليها ثياب سود وبيدها قميص مضمّخ بالدّم , وإذا قامت يقمن معها وإذا جلست يجلسن معها ، فقلت للوصيف : مَن هؤلاء النّسوان اللواتي قد عظم الله خلقتهن ؟ فقال : يا سكينة , هذه حواء اُمّ البشر ، وهذه مريم ابنة عمران ، وهذه خديجة بنت

٢٦١

خويلد ، وهذه هاجر ، وهذه سارة ، وهذه التي بيدها القميص المضمّخ بالدّم وإذا قامت يقمن معها وإذا جلست يجلسن معها , هي جدّتك فاطمة الزّهراء. فدنوت منها وقلت لها : يا جدتاه ! قُتل والله أبي وأوتمت على صغر سني. فضمّتني إلى صدرها وبكت بكاءاً شديداً وبكين النّسوة كلّهن وقلن لها : يا فاطمة , يحكم الله بينك وبين يزيد يوم فصل القضاء. ثمّ إنّ يزيد تركها ولم يعبأ بقولها :( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) (١) .

قتلتم أبي ظلماً فويل لأمكم

ستجزون ناراً حرها تتوقد

سفتكم دماء حرم الله سفكها

وحرمها القرآن ثمّ محم

ألا فابشروا بالنّار إنكم غداً

لفي سقر حقاً يقيناً تخلدوا

وإني لأبكي في حياتي على أبي

على خير من بعد النّبي سيولد

بدمع غزير مستهل مكفكف

على الخد منّي ذائب ليس يجمد

قال : ثمّ إنّ يزيد لعنه الله أمر الخطيب أن يصعد المنبر يسبّ عليّاً والحسن والحُسين , قال : فصعد ففعل ذلك ، فقال له زين العابدين : (( سألتك بالله إلّا ما أذنت لي بالصّعود على المنبر , وأتكلّم بكلام لله فيه رضى وللاُمّة فيه صلاح )). فاستحى منه فأذن له ، ثمّ إنّ زين العابدين جعل بعذوبة منطقه وفصاحة لسانه ودلائل النّبوة بعد أن حمد الله وأثنى عليه , ثمّ قال : (( معاشر النّاس , مَن عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فإنّي أعرّفه بنفسي , أنا عليّ بن الحُسين بن عليّ بن أبي طالب، أنا ابن من حجّ ولبّى , أنا ابن من طاف وسعى , أنا ابن زمزم والصّفا ، أنا ابن مكّة ومنى ، أنا ابن البشير النّذير ، أنا ابن الدّاعي إلى الله بإذنه ، أنا ابن من دنى فتدلّى ، أن ابن مُحمّد الـمُصطفى ، أنا ابن عليّ الـمُرتضى ، أنا ابن فاطمة الزّهراء ، أنا ابن خديجة الكبرى ، أنا ابن صريع كربلاء ، أنا ابن محزوز الرّأس من القفا ، أن ابن العطشان حتّى قضى ، أنا ابن الذي افترض الله ولايته : فقال :( قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ) (١) . ألا أنّ الاقتراف مودّتنا أهل البيت.

أيّها النّاس , فضّلنا الله بخمس خصال , فينا الشّجاعة والسّماحة والهُدى والحكم بين النّاس بالحقّ والحمية في قلوب المؤمنين )). قال : فقام المؤذّن فقطع خطبته , فلمّا قال : الله أكبر الله أكبر. قال

____________________

(١) سورة الشّعراء / ٢٢٧.

(١) سورة الشّورى / ٢٣.

٢٦٢

الإمام زين العابدين : (( كبّرت كبيراً وعظمت عظيماً وقُلت حقّاً جليلاً )). فقال المؤذّن : أشهد أن لا إله إلا الله. فقال الإمام : (( وأنا أشهد أن لا إله إلا الله )). فقال المؤذّن : أشهد أنّ مُحمّداً رسول الله. فبكى زين العابدين وقال : (( يا يزيد , مُحمّد جدّي أم جدّك ؟ )). فقال : بل جدّك. قال : لِم قتلت ولده ؟ فلم يرد جواباً ، حتّى نُقل أنّه قال : ما لي بالصّلاة حاجة. فخرج ولم يصل.

قال : ثمّ إنّ المنهال لقي عليّ بن الحُسين (عليه‌السلام ) ، فقال : كيف أصبحت يا بن رسول الله ؟ فقال : (( كيف أصبح من قُتل بالأمس أبوه وأهله وهو يتوقّع الموت بعدهم )). ثمّ قال : (( أصبحت العرب تفتخر على العجم ؛ لأنّ مُحمّداً منهم , ونحن أهل البيت أصبحنا مظلومين مقتولين مشردين )). قال : فعلت الأصوات بالبكاء والنّحيب حتّى أنّ يزيد لعنه الله خشي الفتنة.

ونُقل عن هند زوجة يزيد , قالت : كنت أخذت مضجعي , فرأيت باباً من السّماء قد فتحت والملائكة ينزلون كتائب كتائب إلى رأس الحُسين , وهم يقولون : السّلام عليك يا أبا عبد الله , السّلام عليك يا بن رسول الله. فبينما أنا كذلك , إذ نظرت إلى سحابة قد نزلت من السّماء وفيها رجال كثيرون , وفيهم رجل دري اللون قمري الوجه , فأقبل يسعى حتّى انكبّ على ثنايا الحُسين يقبّلهما وهو يقول : (( يا ولدي قتلوك , أتراهم ما عرفوك ومن شرب الماء منعوك , يا ولدي , أنا جدّك رسول الله , وهذا أبوك عليّ الـمُرتضى , وهذا أخوك الحسن , وهذا عمّك جعفر وهذا عقيل , وهذان الحمزة والعبّاس )). ثمّ جعل يعدّد أهل بيته واحداً بعد واحد. قالت هند : فانتبهت من نومي فزعة مرعوبة , وإذا بنور قد انتشر على رأس الحُسين , فجعلت أطلب يزيد وهو قد دخل إلى بيت مظلم وقد دار وجهه إلى الحائط , وهو يقول : ما لي وللحسين. وقد وقعت عليه الهمومات , فقصصت عليه المنام وهو منكس الرّأس.

قال : فلمّا أصبح , استدعى بحرم رسول الله , فقال لهم : أيما أحبّ إليكنّ , المقام عندي أو الرّجوع إلى المدينة ولكم الجائزة السّنية ؟ قالوا : نحبّ أوّلاً أن ننوح على الحُسين. قال : افعلوا ما بدا لكم. ثمّ اُخليت لهن الحجر والبيوت في دمشق , ولم تبق هاشمية ولا قرشية إلّا ولبست السّواد على الحُسين , وندبوه على ما نُقل سبعة أيّام ، فلمّا كان اليوم الثّامن , دعاهم يزيد وعرض عليهم المقام , فأبوا وأرادوا الرّجوع إلى المدينة

٢٦٣

فأحضر لهم المحامل وزيّنها , وأمر بالأنطاع من الإبريسم وصبّ عليها الأموال , وقال : يا اُمّ كثلوم , خذوا هذا المال عوض ما أصابكم. فقالت اُمّ كلثوم : يا يزيد , ما أقلّ حياءك وأصلف وجهك , أتقتل أخي وأهل بيتي وتعطيني عوضهم مالاً ؟! والله لا كان ذلك أبداً.

فيا ذلة الإسلام من بعد عزه

ويا لك رزء في الأنام خطير

فيا عبرتي سحي ويا حرقتي إزددي

ويا نفس ذوبي فالمصاب كبير

فأي حياة بعد ذا الرزء ترتجي

وأي فؤاد يعتريه سرور

نُقل : اللعين يزيد أوعد عليّ بن الحُسين بثلاث حاجات يقضيها له ، فلمّا أحضره , قال له : اذكر لي حاجاتك اللاتي وعدتك بهن. فقال له : (( الأولى : أن تريني وجه سيّدي ومولاي الحُسين , فأتزوّد منه وأودّعه. والثّانية : أن ترد علينا ما أخذت منّا. والثّالثة : إن كنت قد عزمت على قتلي , فوجّه مع هؤلاء النّسوة من يردّهن إلى حرم جدّهن )).

فقال : أمّا وجه أبيك لن تراه أبداً ، وأمّا قتلك فقد عفونا عنك ، وأمّا النّسوة فلا يسير بهن إلى المدينة غيرك ، وأمّا ما اُخذ منكم فأنا أعوّضكم عنه. فقال (عليه‌السلام ) : (( أمّا مالك فهو موفور عليك ، وإنّما طلبت ما اُخذ منّا ؛ لأنّ فيها مغزل فاطمة بنت مُحمّد ومقنعتها وقلادتها وقميصها )). فأمر اللعين برد ذلك وأمر برد الأسارى إلى أوطانهم.

قال : فسار القائد وكان يتقدمهم تارة ويتأخّر عنهم تارة , فقلن النّساء له : بحقّ الله عليك إلّا ما عرجت بنا على طريق كربلاء. ففعل ذلك حين وصل إلى قرب النّاحية , وكان قدومهم إلى ذلك المصرع يوم العشرين من صفر , فوجدوا هناك جابر بن عبد الله الأنصاري وجماعة من نساء بني هاشم , فتلاقوا في وقت واحد , فأخذوا بالنّوح والبكاء وإقامة المآتم إلى ثلاثة أيّام , فلمّا انقضت , توجّهوا إلى نحو المدينة.

قال بشر بن حذلم : لـمّا صرنا قريباً من المدينة , نزل عليّ بن الحُسين وحطّ رحله وضرب فسطاطه وأنزل نساءه , وقال لي : (( يا بشر , ادخل المدينة وانع أهلها بأبي عبد الله وأخبرهم بقدومنا )). قال بشر : فركبت ودخلت المدينة ورفعت صوتي بالبكاء والنّحيب , فقلت : يا أهل المدينة , هذا عليّ بن الحُسين قد قدم إليكم مع عمّاته وأخواته , وقد نزل قريباً منكم , وأنا رسوله إليكم أعرّفكم بمكانه. قال : فما بقيت في المدينة مخدّرة ولا محجّبة , إلّا

٢٦٤

وبرزن من خدورهن خمشة وجوههن لاطمات يدعون بالويل والثّبور وعظائم الأمور. قال : فلم أر باكياً أكثر من ذلك اليوم(١) . قال : ثمّ إنّ أهل المدينة تبادروا مسرعين إلى نحو زين العابدين وأنا معهم , فوجدت النّاس قد ملأوا الطّرق والأمكنة , فنزلت عن فرسي وبقيت أتخطى رقاب النّاس حتّى قربت من باب الخيمة وكان زين العابدين (عليه‌السلام ) داخلاً , فخرج وبيده منديل يمسح به دموعه - وكان عمره يومئذ على ما نُقل أحد عشر سنة - فجلس على كرسي له وهو لا يتمالك على نفسه من شدّة البكاء , والنّاس يعزونه وهم مع ذلك يبكون وينحبون , فأومى إليهم أن اسكتوا , فقام وقال : (( الحمد لله ربّ العالمين , مالك يوم الدّين , بارئ الخلائق أجمعين , الذي بعد فارتفع في السّماوات العلى , وقرب فشهد النّجوى , نحمده على عظائم الاُمور ومجامع الدّهور , وألم الفجائع ومضاضة اللواذع , وجليل الرّزء وعظيم المصائب.

أيّها النّاس , إنّ الله له الحمد وله الشّكر قد ابتلانا بمصائب جليله ، ومصيبتنا ثلمة عظيمة في الإسلام ورزء جليل في الأنام ، قُتل أبي الحُسين وعترته وأنصاره وشيعته ، وسبيت نساؤه وذرّيّته ، وطيف برأسه في البلدان من فوق عالي السّنان فهذه الرّزيّة تعلو على كلّ رزية ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

أيّها النّاس , مَن منكم يسر قلبه بعد قتل أبي وهو ابن بنت رسول الله ؟ أم أيّة عين تحبس وتضن بانهمالها فلقد بكت السّبع الشّداد لقتله ، والسّبع الطّباق لفقده ، وبكت البحار بأمواجها , والسّماوات بأركانها وسكّانها ، والأرضون بأرجائها , والأشجار بأغصانها , والطّيور بأوكارها , والحيتان في لجج البحار , والوحوش في البراري والقفار ، والملائكة المقرّبون , والسّماوات والأرضون.

أيّها النّاس , أيّ قلب لا ينصدع لقتله ولا يحزن لأجله ؟

أيّها النّاس , أصبحنا مشردين لائذين شاسعين عن الأمصار , كأننا من أولاد الكفّار من غير جرم اجترمناه أو مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها ، ولا فاحشة فعلناها. فوالله , لو أنّ النّبي أوصى إليهم في قتالنا , لما زادوا على ما فعلوه بنا. فإنّا لله وإنّا إليه راجعون )). ثمّ قام يمشي إلى دار الرّسول ليدخلها. وأمّا اُمّ كلثوم , فحين توجّهت إلى المدينة , جعلت تبكي وتقول :

مدينة جدنا لا تقبلينا

فبالحسرات والأحزان جينا

____________________

(١) هكذا ورد في هذا الكتاب , ولكن الوارد في اللهوف في قتلى الطّفوف /١١٥ , وغيره : قال : فما بقيت في المدينة مخدّرة ولا محجّبة إلا برزن من خدورهن , مكشوفة شعورهن , مخمشة وجوههن , ضاربات خدودهن , يدعون بالويل والثّبور , فلم أر باكياً أكثر من ذلك اليوم , ولا يوما أمر على المسلمين منه...(معهد الإمامين الحسنين).

٢٦٥

ألا فاخبر رسول الله عنا

بأنا قد فجعنا في أخينا

وإن رجالنا في الطف صرعى

بلا رؤوس وقد ذبحوا البنينا

وأخبر جدنا أنا أسرنا

وبعد الأسر يا جد سبينا

ورهطل يا رسول الله أضحوا

عاريا بالطفوف مسلبينا

وقد ذبحوا لحسين ولم يراعوا

جنابك يا رسول الله فينا

فلو نظرت عيونك لأسارى

على أقتاب الجمال محملينا

رسول الله بعد الصون صارت

عيون الناس ناظرة إلينا

وكنت تحوطنا حتّى تولت

عيونك ثارت الأعدا علينا

أفاطم لو نظر إلى السبايا

بناتك في البلاد مشتتينا

أفاطم لو نظرت إلى الحيارى

ولو أبصرت زين العابدينا

أفاطم لو رأيتنا سهارى

ومن سهر الليالي قد عمينا

أفاطم ما لقيت من عداكي

ولا قيراط مما لقينا

فلو دامت حياتك لم تزالي

إلى يوم القيامة تندبينا

وعرج بالبقيع وقف وناد

أأين حبيب رب العالمينا

وقل يا عم يا الحسن المزكى

عيال أخيك اضحوا ضائعينا

أيا عماه إن أخاك أضحى

بعيداً عنك بالرمضاء رهينا

بلا رأس تنوح عليه جهراً

طيور والوحوش الموحشينا

ولو عاينت يا مولاي ساقوا

حريماً لا يجدن لهم معينا

على متن النياق بلا وطاء

وشاهدت العيال مشكفينا

مدينة جدنا لا تقبلينا

فبالحسرات والأحزان جينا

خرجنا منك بالأهلين جمعاً

رجعنا لا رجال ولا بنينا

وكنا في الخروج بجمع شمل

رجعنا حاسرين مسلبينا

ونحن في أمان الله جهراً

رجعنا بالقطيعة خائفينا

ومولانا الحُسين لنا أنيس

رجعنا والحُسين به رهينا

فنحن الضائعات بلا كفيل

ونحن النائحات على أخينا

ونحن السائرات على المطايا

نشال على جمال المبغضينا

٢٦٦

ونحن بنات (يس) و(طه)

ونحن الباكيات على أبينا

ونحن الطاهرات بلا خفاء

ونحن المخلصون المصطفونا

ونحن الصابرات على البلايا

ونحن الصادقون الناصحونا

ألا يا جدنا قتلوا حسيناً

ولم يرعوا جناب الله فينا

لقد هتكوا النساء وحملوها

على الأقتاب قهراً أجمعينا

وزينب أخرجوها من خباها

وفاطم والهةً تبدي الأنينا

سكينة تشتكي من حر وجد

تنادي الغوث رب العالمينا

وزين العابدين بقيد ذل

وراموا قتله أهل الخؤنا

فبعدهم على الدُنيا تراب

فكأس الموت فيها قد سقينا

وهذي قصتي مع شرح حالي

ألا يا سامعون أبكوا علينا

قال الرّاوي : أمّا زينب , فأخذت بعضادتي باب المسجد ونادت : يا جدّاه إنّي ناعية إليك أخي الحُسين ! وهي مع ذلك لا تجفّ لها عبرة ولا تفتر من البكاء والنّحيب , وكلّما نظرت إلى عليّ بن الحُسين , تجدد حزنها وزاد وجدها.

وأمّا عليّ بن الحُسين (عليهما‌السلام ) ، فلمّا دخل إلى دار الرّسول , وجدها مقفرة الطّلول خالية من سكّانها حاكية أحزانها , وقد غشيها القدر النّازل ، وساورها الخطب الهائل , وأطلّت عليها عذبات المنايا , واظلّتها جحافل الرّزايا ، فهي موحشة العرصات لفقد الأئمة الهداة ، لهوام لي معاهدها صياح ، وللرياح في محو آثارها إلحاح ، ولسان حالها يندب ندب الفاقد ويذري دمعاً من عين ساهرة ، وقد جالت عواصف الشّمال والدّبور في تلك المعالم والقصور ، وقالت بلسان حالها : يا قوم , ساعدوني على الحزن على اُناس كنت آنس بهم في الخلوات ، واسمع تهجدهم في الصّلوات , فيا ليتني حيث لم أحطّ بالمساواة عند النّزال , وحرمت معالجة تلك الأهوال , كنت لأجسادهم الشّريفة محلاً لجثثهم موطناً ومجناً ، فكيف لا أندب الأطلال والدّوارس ، واوقض الأعين النّواعس ؟ وقد كان سكّانها سماري في ليلي ونهاري وهم شموسي وأقماري , وافتخر على أمثالي بجوارهم , واتمتع مواطىء أقدامهم وآثارهم ، فكيف يقلّ جزعي وحزني عليهم ؟

٢٦٧

وكيف لا تنهدّ أركاني تشوّقاً إليهم ؟! ولله درّ مَن قال :

وقفت على دار النّبي مُحمّد

فلقيتها قد أقفرت عرصاتها

وامت خلاء من تلاوة قارئ

وعطل منها صومها وصلاتها

وكانت ملاذاً للأنام وجنة

من الخطب يغني المعتفين صلاتها

فأقفرت من السادات من آل هاشم

ولم يجتمع بعد الحُسين شتاتها

فعيني لقتل السبط عبرى ولوعتي

على فقدهم ما تنقضي زفراتها

فيا كبدي كم تصبرين على الأذى

أما آن أن تقني إذاً حسراتها

أيّها المفتون بهذا المصاب ملاذ الحماة من سفرة الكتاب , بلزوم الأحزان على أئمة الأنام ورؤساء الإيمان ، فقد روي عن الباقر (عليه‌السلام ) , أنّ زين العابدين (عليه‌السلام ) كان مع علمه وصبره , شديد الجزع والشّكوى لهذه المصيبة والبلوى ، وأنّه بكى على أبيه أربعين سنة بدمع مسفوح وقلب مقروح , يقطع نهاره بصيامه وليله بقيامه ، فإذا حضر الطّعام لإفطاره , ذكر قتلاه ونادى : (( وا أباه ! )). ثمّ يقول : (( قُتل ابن رسول الله جائعاً , قُتل ابن رسول الله عطشاناً ، وأنا آكل طيباً وأشرب بارداً )). ثمّ يبكي كثيراً حتّى يبلّ ثيابه بدموعه ، ولله درّ من قال :

بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا

شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا

نكاد حين تناجيكم ضمائرنا

يقضي علينا الأسى لولا تآسينا

حالت لبعدكم أيامنا فغدت

سوداً وكانت بكم بيضاً ليالينا

إن الزمان الذي قد كان يضحكنا

أنساً بقربكم قد عاد يبكينا

نُقل : أنّه قيل لعلي بن الحُسين (عليه‌السلام ) : إلى متى هذا البكاء يا مولاي ؟ فيقول : (( يا قوم , إنّ يعقوب النّبي فقد سبطاً من أولاده الاثني عشر , فبكى عليه حتّى ابيضّت عيناه من الحزن , وابنه حيّ في دار الدُنيا ويعلم أنّه لم يمت ، وأنا قد نظرت بعيني إلى أبي وسبعة عشر من أهل بيتي قتلوا في ساعة واحدة ، فترون حزنهم يذهب من قلبي ، وذكرهم يخلو من لساني ، وشخصهم يغيب عن عيني ، لا والله , لا أنساهم حتّى أموت )).

فيا إخواني , على مثل هؤلاء الأبرار يحقّ أن يبكي الباكون ، وإيّاهم يندب النّادبون ، ولمثلهم تذرف الدّموع من العيون ، أو لا

٢٦٨

تكونون كبعض مادحيهم حيث عرتهم الأحزان , فنظم وقال فيهم :

القصيدة لابن حماد (رحمه‌الله )

نُقل : أنّ بعض الرّجال في يوم عاشوراء أتاه ليهنئه بالعيد على ما هو معروف بينهم , فقال :

هن بالعيد إن أردت سوائي

أي عيد لمستباح العزاء

إن في مأتمي عن العيد شغلاً

فاله عني وخلني بشجائي

فإذا الناس عيدوا بسرور

كان عيدي بزفرة وبكائي

وإذا جددوا الأبزة جددت

ثياباً من لوعتي وضنائي

وإذا أدمنوا الشراب فشربي

من دموعي ممزوجة بدمائي

وإذا استشعروا الغناء فنوحي

وعويلي على الحُسين غنائي

وقليل لو مت هماً ووجداً

لمصاب الغريب في كربلاء

أيهنا بعيده من مواليه

أياديهم يد الأعداء

آه يا كربلاء كم فيك من كرب

لنفس شجية وبلاء

أألذ الحياة بعد قتيل الطف

ظلماً إذاً لقل حيائي

كيف ألتذ شرب الماء وقد

جرع كأس الردى بكرب الظماء

كيف لا أسلب العزاء إذا ما

أنا مثلته سليب الرداء

كيف لا تسكب الدّموع جفوني

بعد تضريج شبيه بالدماء

تطأ الخيل جسمه في ثرى الطف

وجسمي يلتذ لين الوطاء

بأبي زينب وقد سبيت بالذل

من خدرها كسبي الإماء

فإذا عاينتيه ملقى على الترب

معرّى مجدلاً بالعراء

أقبلت نحوه فيمنعها الشمر

فتدعو في خفية وخفاء

أيها الشمر خلني اتزود

نظرة منه فهي أقصى منائي

ما لجدي عليك حق فلم

تضربني جاهراً بسوء مراء

ثم تدعو الحُسين يا شقيق روحي

وابن أمي خلفتني لشقائي

يا أخي يومك المشؤوم برى جسمي

وعظمي وأوهى قوائي

٢٦٩

يا أخي كنت أرتجيك لموتي

وحياتي فالآن خاب رجائي

يا أخي لو فداك من الموت شخص

كنت أفديك بي وقل فدائي

يا أخي لا حييت بعدك بل لا

عشت إلّا بمقلة عمياء

آه وا حسرتاه لفاطمة الصغرى

وقد أبرزت بذل السباء

كفها فوق رأسها من جوى الثكلٍ

فلهفي لها على الأحشاء

فإذا عاينت أباها صريعاً

فاحصاً باليدين في الرمضاء

لم تطق نهضة إليه من الضعف

تناديه في خفي النداء

يا أبا من ترى ليتمي وضعفي

بعدكم يا أبا ومن لضنائي

فإذا لم يطق جواباً هلما إلّا

بغمر الجفون بالإيماء

أقبلت نحو عمتيها وقالت

ما أرى والدي مع الأحياء

عمتا ما له جفاني وما كان

له قط عادة بالجفاء

يا بني أحمد السلام عليكم

ما أدارت كواكب الجوزاء

أنتم صفوة الإله من الخلق

ومن بعد خاتم الأنبياء

يا نجوم الهدى بنوركم يهدى

الورى في حنادس الظلماء

أنا مولاكم ابن حماد أعدتكم

في غد ليوم الجزاء

قد تمّ الجزء الثّاني من كتاب الـمُنتخب

وبه تمّ الكتاب

٢٧٠

الفهرس

المجلس الأوّل في الليلة السّادسة من عشر الـمُحرّم وفيه أبواب ثلاثة الباب الأوّل ٣

الباب الثّاني ١٢

الباب الثّالث ٢٠

المجلس الثّاني في اليوم السّادس من عشر الـمُحرّم وفيه أبواب ثلاثة الباب الأوّل ٢٦

الباب الثّاني ٣٣

حديث الكساء ٣٥

الباب الثّالث ٤٢

المجلس الثّالث من الجزء الثّاني في الليلة السّابعة من عشر الـمُحرّم وفيه أبواب ثلاثة الباب الأوّل ٤٨

الباب الثّاني ٥٥

الباب الثّالث ٦٣

المجلس الرّابع من الجزء الثّاني في السّابع من عشر الـمُحرّم وفيه أبواب ثلاثة الباب الأوّل ٧٢

الباب الثّاني ٧٩

الباب الثّالث ٨٧

المجلس الخامس من الجزء الثّاني في الليلة الثّامنة من عشر الـمُحرّم وفيه أبواب ثلاثة الباب الأوّل ٩٤

الباب الثّاني ١٠٢

الباب الثّالث ١١٠

المجلس السّادس من الجزء الثّاني في اليوم الثّامن من عشر الـمُحرّم وفيه أبواب ثلاثة الباب الأوّل ١٢١

الباب الثّاني ١٣٠

الباب الثّالث ١٣٦

المجلس السّابع من الجزء الثّاني في الليلة التّاسعة من عشر الـمُحرّم وفيه أبواب ثلاثة الباب الأوّل ١٤٤

الباب الثّاني ١٥٢

٢٧١

الباب الثّالث ١٦٠

المجلس الثّامن من الجزء الثّاني ، في التّاسع من عشر الـمُحرّم وفيه أبواب ثلاثة الباب الأوّل ١٦٧

الباب الثّاني ١٧٤

الباب الثّالث ١٨٠

المجلس التّاسع من الجزء الثّاني في الليلة العاشرة من الـمُحرّم وفي ابتداء مصرع الحُسين ( عليه‌السلام ) وفيه أبواب ثلاثة الباب الأوّل ١٨٦

الباب الثّاني ٢٠٣

الباب الثّالث ٢١٨

المجلس العاشر من الجزء الثّاني ، في العاشر من شهر المـُحرّم وفيه أبواب ثلاثة الباب الأوّل ٢٢٧

الباب الثّاني ٢٤٢

الباب الثّالث ٢٥٨

الفهرس ٢٧١

٢٧٢

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607