اجازات الحديث

اجازات الحديث18%

اجازات الحديث مؤلف:
تصنيف: كتب متنوعة
الصفحات: 314

اجازات الحديث
  • البداية
  • السابق
  • 314 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 114975 / تحميل: 6558
الحجم الحجم الحجم
اجازات الحديث

اجازات الحديث

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

ومن هذه الظلمات : حبّ المصلحة الشخصيّة ، وحبّ الذات وهو النفس ، و... التي تعتبر ظلمات فرديّة وخُلُقيّة.

وتوجد ظلمات اجتماعيّة ، مثل : الظلم والتفرقة وغيرهما.

إنّ لفظة ( الظلم ) مأخوذة من مادة ( الظلمة ) وتبيّن نوعاً من الظلمة المعنوية والاجتماعيّة ، وإنّ القرآن وسائر الكتب السماوية تتعهّد بالنضال من أجل رفع الظلمات ، يقول القرآن مخاطباً موسى بن عمرانعليه‌السلام :( ... أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ... ) ( سورة إبراهيم : آية : ٥ )

هذه الظلمة هي ظلمة ظلم فرعون والفراعنة ، والنور هو نور الحرِّيّة والعدالة ، وإنّ النقطة التي لاحظها المفسّرون هي أنّ القرآن يذكر الظلمات دائماً بصيغة الجمع ، ومع الألف واللام ؛ لكي تفيد الاستغراق وتشمل جميع أنواع الظلمات ، في الوقت الذي يذكر النور بصيغة الإفراد ويعني : إنّ الصراط المستقيم طريق واحد لا غير.

٤١

إلاّ أنّ طرق الضلال والانحراف متعدّدة ، نقرأ في آية الكرسي مثلاً :

( ... اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )

وبهذا الترتيب يُبيّن القرآن هدفه وهو : تحطيم قيود الجهل والضلال والظلم ، والفساد الخلقي والاجتماعي ، وفي كلمة واحدة : القضاء على الظلمات ، والهداية نحو العدل والخير والنور.

التعرّف على لغة القرآن

الموضوع الآخر هو التعرّف على لغة القرآن وتلاوته.

يتصوّر البعض أنّ الغرض من تلاوة القرآن ينحصر في قراءة القرآن لأجل الثواب ، دون أنْ يدرك شيئاً من معانيه.وهؤلاء يقرؤون القرآن باستمرار ، ولكن إذا سُئلوا مرّة واحدة : إنّكم هل تعرفون معنى ما تقرؤون ؟ يعجزون عن الإجابة.

إنّ قراءة القرآن من هذه الناحية - وهي أنّها مقدّمة لإدراك معاني القرآن - ضروريّة وحسنة ، ولكن ليس فقط لأجل اكتساب الثواب.

٤٢

وهناك أيضا خصائص لإدراك معاني القرآن لا بدّ من ملاحظتها.إنّ ما يلزم حصوله للقارئ - وهو يريد الاستفادة من كثير من الكتب - هو مجموعة الأفكار الجديدة التي ليس لها وجود قبل ذلك في الذهن.وإنّ الذي يعمل ويتحرّك هنا هو العقل وقوّة التفكير لدى القارئ ليس غير.

وبالنسبة للقرآن ، فلا ريب بضرورة مطالعته بهدف دراسته وتعلّمه ، يُصرّح القرآن في هذا المجال بقوله :

( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ ) ( سورة ص : آية : ٢٩).

إحدى مسؤوليّات القرآن هي التعليم والتذكير ، ومن هذه الجهة يخاطِب القرآن عَقْلَ الإنسان ويتحدّث معه بالاستدلال والمنطق ، غير أنّ للقرآن لغة أخرى ، والمخاطب فيها ليس العقل ، بل المخاطب هو القلب ، وهذه اللغة الثانية تُسمّى :( الإحساس ) .

وإنّ الذي يريد أنْ يتعرّف على القرآن ويأنس به ،

٤٣

عليه أنْ يتعرّف على هاتَين اللغتَين ويستفيد منهما معاً ، وأنّ تفكيك هاتَين اللغتَين يؤدِّي إلى بروز الخطأ والاشتباه ، ويسبّب الضرر والخسران.

إنّ ما نُسمّيه بالقلب : هو عبارة عن شعور عظيم وعميق جدّاً في باطن الإنسان ، ويسمّونه أحياناً( إحساس الوجود ) ، أي إحساس رابطة الإنسان مع الوجود المطلق.

فالذي يعرف لغة القلب ويخاطب الإنسان بها ، يُحرّك الإنسان من أعماق وجوده ، وعندئذٍ لا يبقى الفكر الإنساني تحت التأثير فحسب ، بل ويتأثّر كلّ وجوده.

وربّما استطعنا أنْ نضرب الموسيقى مثلاً كنموذج عن لغة الإحساس ، فإنّ الأقسام المختلفة للموسيقى تشترك في جهة واحدة ، وهي علامتها مع الإحساسات الإنسانيّة.تُهيِّج الموسيقى روح الإنسان وتغرقها في عالم خاص من الإحساس ، وبالطبع ، فإنّ ضروب الهيجانات والأحاسيس تختلف مع اختلاف أنواع الموسيقى ، فربّما ارتبط أحد أنواع الموسيقى مع الشعور بالفتوّة والشجاعة ، فيتحدّث بهذه اللغة مع الإنسان.

٤٤

لقد رأيتم الأناشيد والمعزوفات العسكريّة ، تُنْشَد وتُعْزَف في ميادين القتال ، ونرى أحياناً مدى تأثير هذه الأناشيد وقوّتها ، بحيث تجعل الجندي الذي لا يخرج من خندقه خوفَ الأعداء تجعله يتقدّم إلى الأمام بكلّ اندفاع ، ويحارب الأعداء رغم الهجوم الثقيل للعدو.

وهناك نوع آخر من الموسيقى يرتبط مع الشهوة و ( الشعور الجنسي ) ، فيعرّض الإنسان إلى الخمول والانقياد نحو الشهوات ، ويدعوه ليستسلم للفساد.

وقد لوحظ أنّ تأثير الموسيقى كبير في هذا المجال ، وربّما لم يستطع أيّ شيء آخر أنْ يؤثر إلى هذا الحد في القضاء على جدران العفّة والأخلاق ، وبالنسبة إلى سائر الغرائز و الأحاسيس أيضاً، عندما يُقال شيء بلسان هذه الأحاسيس - بواسطة لغة الموسيقى أو بأيّ وسيلة أخرى - فإنّه يمكن أنْ يُوضع تحت المراقبة والنَظَارة.

إنّ الشعور الديني والفطرة الإلهيّة من أسمى الغرائز والأحاسيس لدى كلّ إنسان ، وإنّ علاقة القرآن مع هذا

٤٥

الإحساس الشريف علاقة أسمى وأعلى ( ١ ) ( لقد بُحث كثيراً حول هذا الشعور الديني في شرق العالم وغربه.وننقل هنا باختصار أقوال بعض العلماء المعروفين في العالم ، والحديث الأوّل لاينشتاين أنّه يتحدّث عن الدين في إحدى مقالاته ويقول : بأنّه يعتقد بأنّ العقيدة والمذهب بصورة عامّة ثلاثة أنواع :

-مذهب الأخلاق : وهو الدين الذي يبتني على المصالح الخُلُقيّة.

-ثمّ يذكر مذهباً آخر ويسمّيه مذهب الوجود : وهذا التعبير هو ما نطلق عليه ( القلب ).

ويعتقد اينشتاين :

أنّ هذا المذهب - في الحقيقة - يريد أنْ يقول بأنّه تحصل - في فترةٍ ما - حالةٌ معنويّة وروحيّة للإنسان حيث يخرج فجأة - في تلك الحالة - من هذه النفس المحدودة والمحاطة بالآمال والأُمنيات الحقيرة ، والمفصولة عن الآخرين ، وهكذا عن عالم الوجود الطبيعي الذي أصبح حصاراً له ، ويتحرّر من هذا السجن ، وعند ذلك يجلس ليراقب كلّ الوجود فيجد الوجود كحقيقة واحدة ، ويرى بوضوح تلك العظمة والشموخ والجلالة لما وراء هذا الموجودات ، ويتذكّر حقارة نفسه ، وعندئذٍ يريد أنْ يرتبط بكلّ الوجود.

إنّ تعبير اينشتاين هذا يذكّرنا بقصّة همّام عندما سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن صفات المؤمن ، فأجابه الإمام جواباً موجزاً جامعاً ،

٤٦

حيث قال :( يا همّام اتّقِ الله وأحسن ، إنّ الله مع الذين اتّقوا والذين هم محسنون ) ، ولكنّ همّام لم يقتنع بهذا الجواب ، ويطلب توضيحاً أكثر عن كيفية المعاشرة وطريقة العبادة في الصباح والمساء ، و... ، عندئذٍ يبدأ الإمام عليعليه‌السلام بذكر صفات المؤمن ويرسم حوالي ١٣٠ خطّاً من خطوط المتّقين ، ويقول ضمن ذلك :

( لولا الآجال التي كتب الله تعالى لهم ، لم تستقرّ أرواحهم في أبدانهم طرفة عين ).

هذه هي نفس الحالة التي يشير إليها اينشتاين ، ويقول : إنّ الإنسان المتديّن يرى نفسه مسجوناً فيما يشبه السجن ، وكأنّه يريد أنْ يطير من قفص البدن ويحصل على كلّ الوجود مرّة واحدة.وقد جاءت هذه الحقيقة في كلمات أمير المؤمنينعليه‌السلام بصورة أوضح وأكمل ، فمِن وجهة نظر الإمامعليه‌السلام نرى المؤمن كأنّه جمع كلّ الوجود في بدنه المادّي ، وعلى هذا الأساس يخرّ من قالبه مرّة واحدة ليحرّر روحه.وقد ذكروا في قصّة همّام هذه النقطة وهي أنّه عندما أتمّ الإمام كلامه ، شهق همّام شهقة وخرج من قالبه (المادّي).

وبمناسبة الشعور المعنوي للبشر ، هناك حديث لطيف إلى ( إقبال ) يقول فيه :

لا يوجد في هذا القول لغز ولا سر ، وهو إنّ الدعاء بمثابة وسيلة إشراقيّة نفسيّة ، عمل حيوي عادي ، بواسطته تُكتشف الجزيرة الصغيرة لشخصيّة مكانها في قطعة أكبر من العالم.

٤٧

القرآن بنفسه يوصينا أنْ نقرأه بصوت حسن لطيف.

وبهذا النداء السماوي يتحدّث القرآن مع الفطرة الإلهيّة للإنسان ويسخّرها ، ( كان الأئمّة - ع - يقرؤون القرآن بتلك اللهفة التي ما أنْ يسمعهم المارّة حتّى يضطرّون إلى الوقوف ، والاستماع والتأثير والبكاء ).

القرآن عندما يصف نفسه يتحدّث

٤٨

بلسانين :

فتارةً : يعرّف نفسه بأنّه كتاب التفكّر والمنطق والاستدلال.

وتارةً : أخرى بأنّه كتاب الإحساس والعشق.وبعبارة أخرى فالقرآن ليس - إذاً - للعقل والفكر فحسب ، بل هو غذاء للروح أيضاً.

يؤكّد القرآن كثيراً على الموسيقى الخاصّة به ، الموسيقى التي لها تأثير أكثر من كلّ موسيقى أخرى ، في إثارة الأحاسيس العميقة والمتعالية للإنسان.

يأمر القرآن المؤمنين بأنْ يقضوا بعض أوقات الليل بتلاوة القرآن ، وأنْ يُرَتّلوا القرآن في صلواتهم عندما يتوجّهون إلى الله ، وفي خطابٍ للرسول يقول :

( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ) ( سورة المزمل : آية : ١ - ٣ ).

* الترتيل :

الترتيل : قراءة القرآن بحيث تخرج الكلمات من الفم بسهولة واستقامة ( مفردات الراغب ) يعني : قراءة القرآن ، بحيث لا تكون سرعة خروج الكلمات كبيرة ، فلا تُفهم الكلمات ، ولا

٤٩

تكون متقطّعة فتنفصم علاقاتها ، يقول : قراءة القرآن بتأنٍّ في الوقت الذي تلاحظ محتوى الآيات بدقّة.

وفي الآية الأخيرة لتلك السورة يدعونا أنْ لا ننسى العبادة في حال من الأحوال اليوميّة ، وحتّى في الأوقات التي نحتاج لنوم أكثر ، مثل أوقات الجهاد أو الأعمال التجاريّة اليوميّة : قال تعالى :

( ... عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً... ) (سورة المزمل : آية : ٢٠ ).

الشيء الوحيد الذي كان سبباً للنشاط واكتساب القوّة الروحيّة والحصول على الخلوص وصفاء الباطن بين المسلمين ، هو موسيقى القرآن.

فالنداء السماوي للقرآن أوجد في مدّة قصيرة من المتوحّشين ( الجاهلين ) ، في شبه الجزيرة العربيّة شعباً مؤمناً مستقيماً ، استطاعوا أنْ يحاربوا أكبر القوى الموجودة في ذلك العصر ويقضوا عليها.

٥٠

فالمسلمون لم يتّخذوا القرآن كتاب درس وتعليم فحسب ، بل كانوا ينظرون إليه بمثابة غذاء للروح ومنبع لاكتساب القوّة وازدياد الإيمان.فكانوا يقرؤون القرآن بكل إخلاص في الليل ( يشير الإمام السجادعليه‌السلام إلى هذه النقطة بقوله في دعاء ختم القرآن : ( واجعل القرآن لنا في ظلم الليالي مؤنساً ) ، ويناجون ربّهم تضرّعاً وخفية ، وفي الصباح يهاجمون الأعداء كالأسود البواسل ، والقرآن ينتظر مثل ذلك منهم ، يقول مخاطباً النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

( فَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ) ( سورة الفرقان : آية : ٥٢ ).

قف في وجوههم وجاهدهم بسلاح القرآن واطمئن بالنصر.وقصّة حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توضّح صدْق هذه الحقيقة ، إنّه يقوم وحيداً ودون أي ناصر ، في حين يحمل القرآن في يده ، ولكنّ هذا القرآن يصبح كلّ شيء له ، يجهّز له الجيوش ، ويَعدّ له الأسلحة والتجهيزات الحربيّة ، وأخيرا فإنّه يدعو العدوّ إلى الاستسلام والخضوع أمامه.

٥١

يدعو الأعداء ليستسلموا أمام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبهذا يصادق على الوعد الإلهي ( وفي زماننا أيضاً ، تحقّق هذا الوعد الإلهي الحقّ مرّة أخرى ، وجاء رجل من سلالة رسول الله - الإمام الخميني - مستنداً إلى القرآن والأيمان كجدِّه العظيم ، وهزم جيش الكفر والباطل أكبر هزيمة )

عندما يعتبر القرآنُ لغتَه لغة القلب ، فإنّ غرضاً من هذا القلب هو الذي ينسجم مع آيات الله ويتصفا ويثور.تختلف أيضاً عن لغة الأنغام والأناشيد العسكريّة ، التي تُعزف في الجيش لتحيِّي فيهم الحماسة البطوليّة.إنّها تلك اللغة التي تصنع من البدويّين العرب مجاهدين قيل في حقِّهم :

( حملوا بصائرهم على أسيافهم ) أولئك الذين وضعوا أفكارهم النَيِّرة ومعارفهم ومعنويّاتهم على سيوفهم ، ويستخدمون سيوفهم في طريق هذه الأفكار والعقائد.

إنّهم لم يهتمّوا بمصالحهم الشخصيّة وأمورهم الفرديّة.وبالرغم من أنّهم لم يكونوا معصومين ، بل

٥٢

ويخطئون أيضاً ، إلاّ أنّهم المصاديق الحقيقيّة للقائمين في الليل ، والصائمين في النهار ( قائم الليل وصائم النهار ) ، كانوا في علاقة مستمرّة مع أعماق الوجود ، تقضي لياليهم في العبادة وأيّامهم في الجهاد ( يصف أمير المؤمنين - ع - المتّقين في خطبة تُعرف باسم المتّقين ( خطبة ١٩٣ من نهج البلاغة ) ، وبعد أنْ يذكر أقوالهم ومعاملاتهم ، يشرح أحوالهم في الليل ويقول :

( أَمّا الليل فصافّون أقدامهم تَالِين لأجزاء القرآن ، يرتّلونها ترتيلاً ، يُحزِنون به أنفسهم ، ويستشرون به دواء دائهم ، فإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طعماً ، وتطلّعتْ نفوسهم إليها شوقاً ، وظنّوا أنّها نُصْب أعينهم ، وإذا مرّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنّوا أنّ زفير جهنّم وشهيقها في أصول آذانهم... ).

يؤكّد القرآن كثيراً على هذه النقطة التي تعتبر من خصائصه ، وهي أنّه كتاب القلب والروح ، كتاب يُثير النفوس ويسيل الدموع ويهزّ القلوب ، ويعتبر القرآنُ هذه الميزة صادقة حتّى بالنسبة لأهل الكتاب.

يصف مجموعة منهم بأنّهم إذا تُلي عليهم القرآن تحصل لهم حالة خضوع وخشوع ، ويقولون أنّهم آمنوا بما في الكتاب ، وأنّه حقٌّ كلّه ، يقولون ذلك وتزداد حالتهم خشوعاً باستمرار.

٥٣

ويؤكّد في آية أخرى أنّ المسيحيّين من أهل الكتاب ، أقرب إلى المسلمين من اليهود والمشركين، كما في تعالى :

( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى... ) ( سورة المائدة : آية : ٨٢ ).

ثمّ يصِف القرآن جماعة من المسيحيّين الذين آمنوا بعد أنْ سمعوا القرآن بقوله :

( وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) ( سورة المائدة : آية : ٨٣ ).

وفي مكان آخر ، وعندما يتحدّث عن المؤمنين ، يقول في وصْفهم :

( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ... ) ( س--ورة الزمر : آية : ٢٣).

في هذه الآيات وفي آيات أخرى كثيرة :

( ... إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً ) ( سورة مريم : آية : ٥٨ ) ، والآيات الأولى من سورة الصف ، يوضّح

٥٤

القرآن أنّه ليس كتاباً علميّاً وتحليليّاً محضاً ، بل إنّه في الوقت الذي يستخدم الاستدلال المنطقي ، يتحدّث مع إحساس الإنسان وذوقه ولطائف روحه ويؤثّر عليه.

المخاطبون في القرآن

من النقاط الأخرى التي لا بدّ أنْ تُسْتَنْبَط من القرآن ، في البحث حول المعرفة التحليليّة للقرآن ، هي تعيين المخاطَبين في القرآن.

وردتْ كثيراً في القرآن تعابير مثل :( ... هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ) ،( هُدىً وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) و( لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً... ) ، هنا يمكن طرح هذا الإشكال ، وهو أنّ الهداية لا تلزم للمتّقين ؛ لأنّهم أنفسهم متّقون.

ومن جانب آخر نرى القرآن هكذا يُعرّف نفسه :

( إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ) ( سورة ص : آية : ٨٧ ) ، ( وهذه الآية من الآيات العجيبة في القرآن ، عندما نزلت الآية كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مكّة ، وكان يتحدّث مع أهالي إحدى القرى ، كان عجيباً للناس أنْ يروا رجلاً وحيداً يقول بكلّ طمأنته إنّكم سوف تسمعون نبأ هذه الآية فيها بعد ، سوف تسمعون قريباً ماذا يصنع هذا الكتاب مع العالَم خلال فترة قصيرة ).

وفي آية أخرى يخاطب الله رسولَه قائلاً :

٥٥

( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) ( سورة الأنبياء : آية : ١٠٧).

وسوف نذكر شرحاً مفصّلاً عن هذا الموضوع في مبحث : التأريخ في القرآن.إلاّ أنّه لا بدّ من القول هنا بإيجاز :

في الآيات التي يخاطب القرآن جميع أبناء العالم ، يريد - في الواقع - أنْ يقول : بأنّ القرآن لا يختصّ بقوم وجماعة خاصّة ، كل مَن يتوجّه نحو القرآن يحصل على النجاة.

وأمّا في الآيات التي يتحدّث فيها عن أنّه كتاب هداية للمؤمنين والمتّقين ، يريد أنْ يوضّح هذه النقطة ، وهي أنّه مَن الذي يسير نحو القرآن في النهاية ؟ ومَن هم الذين يبتعدون عنه ؟

لا يذكر القرآن عن شعب خاص وقبيلة معيّنة ، على أساس أنّهم هم المعتقدون به والتابعون له، ولا يقول إنّ القرآن يُعتبر كتاب شعب خاص.

٥٦

القرآن - خلافاً لسائر المبادئ - لم يهتم بمصالح طبقة خاصّة ، ولم يقل - مثلاً - : إنّه جاء لتأمين مصالح طبقة ما ، ولم يقل - أيضاً - : إنّ هدفه الوحيد هو مساندة العمّال أو الدفاع عن حقوق الفلاّحين.

يؤكّد القرآن عندما يتحدّث عن نفسه : أنّه كتاب لبسْط العدالة ، يقول عن الأنبياء :

( ... وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ... ) ( سورة الحديد : آية : ٢٥).

يريد القرآن القسط والعدل لكلّ المجتمع البشري ، وليس لقوم أو طبقة أو قبيلة خاصّة.ولكي يجذب الناس إلى نفسه لم يشر إلى العصبيّات القومية مثل النازيّة.

وخلافاً لمبادئ أخرى كالماركسية مثلاً ، لا يستند على مصالحهم ومنافعهم الشخصيّة ، ليثيرهم عن هذا الطريق ؛ لأنّه في هذه الحالة لا يستهدف العدل والحق لاتّباعه ، بل يستهدف وصوله إلى منافعهم وطلباتهم الشخصيّة.

٥٧

وكما أنّ القرآن يعتقد بأصالة الوجدان العقلي للإنسان ، فإنّه يعتقد له أيضاً أصالة وجدانيّة وفطريّة ، وعلى أساس فطرة طلب الحقّ والعدل يدعوهم إلى الحركة والثورة ؛ ولهذا فإنّ رسالته لا تنحصر بطبقة العمّال أو الفلاحين أو المحرومين أو المستضعفين.

يخاطِب القرآن الظالمين والمظلومين بأنْ يتّبعوا الحق ، يبلّغ موسىعليه‌السلام رسالتَه إلى بني إسرائيل ، وإلى فرعون أيضاً ، ويدعوهم جميعاً إلى الإيمان بالله والسير في رسالته.

ودعوته لرؤساء قريش ، في الوقت تكون إثارة الأفراد ضدّ أنفسهم ، ورجوعهم عن مسيرة الضلال ، وهي أنّ رجوع وإنابة المترَفين والمتنعِّمين أصعب بكثير من رجوع المحرومين والمظلومين.

الفريق الثاني يتحرّكون في مسير العدالة باقتضاء طباعهم.وأمّا الفريق الأوّل فعليه أنْ يمتنع عن مصالحه

٥٨

الشخصيّة والاجتماعيّة ، ويدوس برجليه على ميوله وأهوائه.

يقول القرآن : بأنّ أتباعه هم الذين طَهُرَتْ نفوسُهم وزَكَتْ أرواحُهم ، وهؤلاء اتبعوا القرآن على أساس مطالبة الحق والعدل ، التي هي في فطرة كلّ إنسان ، ولم يتّبعوا ما تقتضيه مصالحهم وميولهم المادِّيَّة والزخارف الدنيويّة.

٥٩

الفصل الثالث

* فطرة القرآن عن العقل.

* دلائل حجِّيَّة العقل.

* الدعوة إلى التعقّل من قِبل القرآن.

* الاستفادة من نظام العلّة والمعلول.

* فلسفة الأحكام.

* النضال مع انحرافات العقل.

* مواطن الخطأ من وِجهة نظر القرآن.

* نظرة القرآن عن القلب.

* تعريف القلب.

* خصائص القلب.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

وحسن مآب.

وكتب بيمناه الجانية أحقر العباد محمد باقر بن محمد تقي عفي عنهما، حامدا مصليا مسلما.

(آخر كتاب العشرة من نفس النسخة)

٢٢١

[٨٧] بسم الله الرحمن الرحيم أنهاه الاخ في الله المبتغي لمرضاته سبحانه مولانا محمد صالح [..] أيده الله تعالى سماعا وتصحيحا في مجالس آخرها آخر [..] لسنة ١٠٩٦.

وكتب مؤلفه الحقير حامدا مصليا.

(آخر كتاب الصلاة من " بحار الانوار " في مكتبة السيد الوزيرى بيزد - رقم)

٢٢٢

(٦٣) ميرزا محمد طاهر النائينى

محمد طاهر النائيني قرأ على العلامة المجلسي بعض مجلدات كتاب " بحار الانوار " فكتب له انهاء‌ا في آخر المجلد الخامس منه في ٢٠ ذي القعدة سنة ١٠٩٥.

(الكواكب المنتثرة - مخطوط، زندگينامه علامه مجلسى ٢ / ٤٧

٢٢٣

[٨٨] بسم الله الرحمن الرحيم أنهاه المولى الاولى الفاضل الصالح التقي المتوقد الذكي ميرزا محمد طاهر النائيني وفقه الله للعروج على أقصى مدارج المعالي، سماعا وتصحيحا وتدقيقا وضبطا في مجالس عديدة آخرها العشرون من شهر ذي القعدة الحرام من شهور سنة خمس وتسعين بعد الالف الهجرية.

فأجزت له زيد تأييده روايته عني مراعيا لشرائطها.

وكتب بيمناه الجانية مؤلفه الحقير العاثر محمد باقر عفى الله عن جرائمه، حامدا مصليا مسلما.

(آخر المجلد الخامس من كتاب " بحار الانوار " عند سماحة السيد مصطفى الخوانسارى بقم)

٢٢٤

(٦٤) مولانا محمد طاهر الاصبهانى

محمد طاهر بن الحاج مقصود علي الاصبهاني عالم رباني موصوف بالورع والتقوى والوثاقة والعدل، وهو فقيه محدث جامع للعلوم الدينية.

قرأ على العلامة المجلسي كثيرا من العلوم العقلية والنقلية، وقد رباه - كما يقول - على العلم منذ الصغر.

ومما قرأ عليه في الفقه كتاب " الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية "، فكتب له فيه اجازة غير تامة.

وقرأ عليه من كتب الحديث كتاب " بحار الانوار " فأجازه في آخر المجلد السادس منه في سادس عشر شعبان سنة ١١٠٢، وكتاب " الكافي " فأجازه في آخر الاصول منه في عاشر جمادى الاولى سنة ١٠٨٧.

أجاز جماعة من العلماء الاعلام، منهم السيد ابوالقاسم جعفر الموسوي الخوانساري أجازه في آخر " الصحيفة السجادية " في ثامن عشر شهر محرم سنة ١١٢٩، والامير محمد حسين بن عبدالباقي الخواتون آبادي، والشيخ محمد

٢٢٥

بن محمد زمان الكاشاني، والميرزا ابراهيم القاضي وغيرهم.

له " الادعية والزيارات ".

(الفيض القدسى ص ٨٨، الكواكب المنتثرة مخطوط، زندگينام علامه مجلسى ٢ / ٤٨)

٢٢٦

[٨٩] بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد حمدالله على سوابق الانعام والصلاة على رسوله محمد سيد الانام وآله البررة الكرام.

فيقول الفقير إلى عفو ربه الغافر محمد بن محمد تقي المدعو بباقر أوتيا كتابهما يمينا وحوسبا حسابا يسيرا: انه لما كان المولى الفاضل الصالح الفالح التقي المتوقد الذكي الالمعي ولدي العقلائي وخليلي الروحاني مولانا محمد طاهر بن الحاج مقصود علي الاصبهاني ممن وفقه الله لطلب المعالي ووصل كد الايام بسهر الليالي، وكان ممن ربيته بالعلم صغيرا وراقبته على الاحوال كبيرا، فطيرته مطاري وأودعته نتايج أفكاري، وقرأ علي وسمع مني الكثير من العلوم العقلية والنقلية والاخبار المأثورة عن الائمة الهادية المهدية صلوات الله عليهم أجمعين.

ثم استجازني تأسيا بسنة سلفنا الصالحين رضوان الله عليهم أجمعين، فاستخرت الله وأجزت له دام تأييده كل ما صحت لي روايته واجازته مما صنف في الاسلام من مؤلفات الخاص والعام في فنون العلوم العقلية والنقلية من التفسير والحديث والدعاء والكلام و الاصول والفقه والتجويد والمنطق واللعة والصرف والنحو

٢٢٧

والمعاني والبيان وغيرها، بحق روايتي عن مشايخي الكرام وأسلافي الفخام عليهم رحمة الملك العلام..

(آخر الاصول من كتاب " الكافى " كان عند شيخ الاسلام الزنجانى كما كتبه إلى السيد عبدالحجة البلاغى بخطه المصور في كتاب " گلزار حجة بلاغى " ويؤسفنا أن الزنجانى لم ينسخ الاجازة بتمامها، والظاهر أن نسخة الكافى هذه انتقلت إلى مكتبة مدرسة السيد البروجردى بالنجف الاشرف)

٢٢٨

(٦٥) ملا محمد على الاصبهانى

محمد علي الاصبهاني قرأ على العلامة المجلسي كتاب " الكافي " فكتب له انهاء‌ا في آخر كتاب العشرة منه في أواسط جمادى الثانية سنة ١٠٧٠.

٢٢٩

[٩٠] بسم الله الرحمن الرحيم أنهاه الاخ في الله المحبوب لوجه الله ملا محمد علي الاصفهاني، سماعا وتحقيقا وضبطا في مجالس آخرها أواسط شهر جمادى الثانية لسنة سبعين والف.

وأجزت له دام تأييده أن يروي عني ما سمعه مني.

نمقه المذنب محمد باقر بن محمد تقي عفي عنهما بالنبي وآله، حامدا مصليا مسلما.

(آخر كتاب العشرة من " الكافى " في مكتبة آية الله المرعشى بقم - رقم ٢٦٠٧)

٢٣٠

(٦٦) مولانا محمد على المشهدى

محمد علي بن محمد شفيع المشهدي، ابومحمد قرأ على العلامة المجلسي كثيرا من كتب الحديث والاخبار، و مما قرأه عليه كتاب " تهذيب الاحكام " فكتب له اجازة في ربيع الثاني سنة ١٠٩٠، وفي آخر كتاب الصيد والذباحة منه انهاء‌ا في شهر محرم سنة ١٠٩٨، وفي آخر كتاب التجارة في رابع عشر جمادى الاولى سنة ١٠٩٦، وفي آخر العتق انهاء‌ا من دون تاريخ.

وقرأ على الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي جملة من كتب الحديث، منها كتاب " تهذيب الاحكام " فكتب له اجازة في غرة شهر شعبان سنة ١٠٩٢.

له " الجامع الاردبيلية في رد الصوفية " و " مفتاح النجاة لاهل الدين و الامانات ".

(الكواكب المنتثرة - مخطوط، زندگينامه علامه مجلسى ٢ / ٦٤)

٢٣١

[٩١] بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله، وسلام على عباده الذين اصطفى.

أماد بعد: فقد قرأ علي وسمع مني الاخ في الله المبتغي لمرضاته تعالى مولانا محمد علي المشهدي وفقه الله تعالى للارتقاء على أعلى مدارج الكمال علما وعملا، كثيرا من كتب الاخبار المأثورة عن الائمة الاطهار صلوات الله عليهم، قراء‌ة ضبط وتصحيح وسماع تحقيق وتنقيح، وكتب اكثر ما علقته على كتب الاخبار على حواشي كتبه، لاسيما هذا الكتاب.

فأجزت له دام تأييده أن يرويها عني بأسانيدي المتصلة إلى مؤلفيها رضوان الله عليهم، مراعيا لشرائط الرواية طالبا لاقصى مدارج الدراية، داعيا لي ولمشايخي في مآن الاجابة.

وكتب بيمناه الداثرة الخاسرة أحوج العباد إلى عفو ربه الغافر ابن محمد تقي محمد باقر عفى الله عن جرائمهما في شهر ربيع الثاني من شهور سنة تسعين بعد الالف الهجرية.

٢٣٢

والحمدلله أولا وآخرا وصلى الله على سيد المرسلين محمد وعترته الاقدسين.

(في نسخة من كتاب " تهذيب الاحكام " في المكتبة الرضوية بالمشهد - رقم ١٩٧٣)

٢٣٣

(٦٧) مولانا محمد فاضل المشهدى

محمد فاضل بن محمد مهدي المشهدي عالم فاضل فقيه محدث صالح شاعر، أثنى عليه مترجموه ثناء‌ا جميلا، وكانت له عناية كبيرة بكتب الحديث قراء‌ة ودرسا.

قرأ على المولى محمد تقي المجلسي كما يظهر من كلام المحدث النوري.

وقرأ على العلامة المجلسي شطرا من كتاب " الكافي " و " تهذيب الاحكام " و " بحار الانوار " وغيرها من كتب الاخبار المأثورة عن الائمة الاطهار، فكتب له اجازة مبسوطة في مشهد الرضاعليه‌السلام بتارخ آخر شعبان سنة ١٠٨٥.

٢٣٤

وقرأ أيضا على الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي عدة من كتب الحديث ككتاب " من لايحضره الفقيه " و " الاستبصار " و " أصول الكافي " واكثر " تهذيب الاحكام "، فأجازه في أواسط شعبان سنة ١٠٨٥.

له " شرح أرجوزة خلاصة الابحاث في مسائل الميراث " للحر العاملي و " حاشية مختلف الشيعة " و " الرضاع ".

(امل الامل ٢ / ٢٩٢، الفيض القدسى ص ٩٣، نجوم السماء ص ٢١٣، الكواكب المنتثرة - مخطوط، زندگينامه علامه مجلسى ٢ / ٦٥)

٢٣٥

[٩٢] بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله الذي قيد الروايات بسلاسل الاسانيد وعرى الاجازات لكيلا تضل ولاتنسى، وخص أشرف بريته محمدا والطاهرين من عترته من خزائن علمه وحكمته بالحظ الاوفى والقدح المعلى، ليعرج بهم إلى الغاية القصوى من أراد سلوك سبل الهدى، فصلى الله عليه وعليهم صلاة لاتعد ولاتحصى.

أما بعد: فيقول أفقر عباد الله وأحوجهم إلى العفو والغفران محمد بن محمد تقي المدعو بباقر رزقهما الله الوصول إلى درجات الجنان ونجاهما من دركات النيران: لما كان أشرف العلوم وأوثقها وأنضر المعارف وأروقها ما يصير سببا لفلاح طالبه ونجاته مما يرديه، وليس ذلك الا معرفة الرب سبحانه وما يسخطه وما يرضيه وما خلق لاجله، ومن يدله على تلك الامور ويهديه من انبياء الله وحججه وأصفيائه صلوات الله عليهم أجمعين، والمتكفل لجميع ذلك على وجه لاشك فيه ولاارتياب، هو علم القرآن والاحاديث المأثورة عن الذين جعلهم الله تعالى لمدينة العلم الابواب، ولا يتأتى ذلك الا بالنقل والرواية ثم التفكر والتدبر والدراية.

وكانت الروايات مما يتطرق في أسانيدها شوائب الضعف والجهالة، فلذا سد

٢٣٦

سلفنا الصالحون رضوان الله عليهم طرقها بالاجازات، وتصحيح الاسانيد والتمييز بين المراسيل والمسانيد، ليتضح عند طالب الحق صحيحها من سقيمها وعليلها من سليمها.

ثم اني لما فزت بفضل الله تعالى ورحمته بتقبيل عتبة مولاي ومولى المؤمنين وسيدي وسيد المسلمين وبضعة سيد المرسلين، وقرة عين أشرف الوصيين، وخازن علم الاولين والاخرين، ومختلف ملائكة السماوات والارضين، ثامن الائمة الطاهرين علي بن موسى الرضا المرتضى صلوت الله عليه وعلى آبائه الاطهرين وذريته الانجبين، كان من بركات تلك البقعة المباركة تشرفي بصحبة المولى الاولى الفاضل والباذل البارع الكامل التقي الذكي، جامع فنون الفضائل والكمالات، حائز قصبات السبق في مضامير السعادات، الذي اختار من الاخلاق أحمدها ومن الشؤن أسعدها ومن السبل أقصدها ومن الاطوار أرشدها، نجل المشايخ العظام وسليل الافاضل الكرام، أعني الحبر العالم العامل الشيخ محمد فاضل زادالله في فضله واكرامه وأسبغ عليه من جلائل انعامه، فوجدته قد قضى وطره من العلوم العقلية وأمعن نظره فيها واستوفى حظه منها، ثم أعرض عنها صفحا وطوى عنها كشحا، وأقبل بشراشره نحو علوم أئمة الدين سلام الله عليهم أجمعين وتصفح أخبارهم والتدبر في آثارهم، غير مبال بلومة اللائمين ولا خائف من عذل العاذلين، فقصر عليها همته وبيض فيها لمته.

فكان من كرم أخلاقه وطيب أعراقه أنه دام نبله بعد أن عقدت لافادته المجالس وغصت لافاضته المحافل، أتاني لحسن ظنه بي وان لم أكن لذلك أهلا، للحق واليقين طالبا وفي علوم مواليهعليهم‌السلام راغبا، فقرأ علي شطرا وافيا من كتابي " الكافي " و " التهذيب "، من مؤلفات الشيخين الجليلين الثقتين الفاضلين الكاملين، ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني، وشيخ الطائفة المحقة محمد بن الحسن

٢٣٧

الطوسي قدس الله روحهما وكتاب " بحار الانوار " من مؤلفاتي وغيرها من كتب الاخبار المأثورة عن الائمة الابرار صلوات الله عليهم، على غاية التصحيح والتنقيح والتحقيق، وفاوضني في كثير من المسائل الشرعية في مجالس عديدة بنظره الدقيق وفكره الانيق، فلم يكن في كل ذلك افادته لي قاصرة عن استفادته عني بل كان أربى.

فأمرنى زيد فضله أن أجيز له رواية ما جازت لي روايته واجازته، وان كان قد أدرك أكثر مشايخي واستفاد من بركات أنفاسهم، لاسيما والدي العلامة قدس الله روحه، فانه كان من برعة تلاميذه وفحولهم ومن قروم أصحابه وأصولهم، فاستخرت الله تعالى..(بحار الانوار ١١٠ / ١٥١)

[٩٣] بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله خيرة الورى وأعلام الهدى.

فيقول الخاطئ القاصر عن نيل المفاخر محمد بن محمد تقي المدعو بباقر، اوتيا كتابهما يمينا وحوسبا حسابا يسيرا: اني لما وردت مشهشد مولاي ومولى الورى وسيدي وامامي ثامن أئمة الهدى، عليه وعلى آبائه الاقدسين وأبنائه الانجبين من الصلوت أشرفها ومن التحيات أكملها، وفزت بتقبيل عتبته العليا وسدته السميا ضوى الي أكثر من في ذلك المشهد المكرم من أهل الفضل مع علو أقدارهم، وطار الي أفراخ العلم من أعشاهم وأوكارهم، وذلك لحسن ظنهم بي وان لم أكن لذلك أهلا، ولكن المرء قد يجزى بما سعى

٢٣٨

ويفوز بما نوى.

فأخذتهم تحت جناحي وزققتهم بالعلم صباحي ورواحي، وكان ممن أقبل منهم نحوي بقدمي الاخلاص واليقين، طالبا لعلوم أئمة الدين صلوات الله عليهم أجمعين، المولى الفاضل الكامل الصالح التقي الذكي الالمعي(١) وفقه الله تعالى للعروج إلى أعلى مدارج الكمال في العلم والعمل، وصانه في جميع أموره عن الخطأ والزلل، فأخذ من هذا القاصر لفرط ذكائه في قليل من الايام ما لا يدركه الطالب الحثيث في كثير من الاعوام.

ولما كان من سنن أسلافنا الصالحين رضوان الله عليهم تشييد الروايات بالاجازات لخروجها عن شوائب الارسال ولحوقها بالمسندات، استجازني دام تأييده مقتفيا لاثارهم ومقتبسا من أنوارهم، فاستخرت الله تعالى وأجزت له أن يروي عني كل ما صحت لي روايته واجازته مما صنف في الاسلام من مؤلفات الخاص والعام، في فنون العلوم من التفسير والحديث والدعاء والكلام والاصول والفقه والتجويد والمنطق والصرف والنحو واللغة والمعاني والبيان، بحق روايتي واجازتي عن مشايخي الكرام وأسلافي الفخامرضي‌الله‌عنهم .

ولماكان طرقي إلى مؤلفيها جمة لاتحصى، أثبت له هنا ما عندي أوثق وأقوى، وان أراد الاحاطة بجلها فعليه بكتاب " بحار الانوار " فاني قد أوردت أكثرها في المجلد الخامس والعشرين منه، فمن ذلك ما أخبرني به عدة من الافاضل الكرام وجماعة من العلماء الاعلام ممن قرأت عليهم أو سمعت منهم أو استجزت منهم: منهم والدي العلامة وشيخه الافضل والاكمل مولانا حسن علي التستري وسيد

____________________

(١) راجع نسخة الاصل، فقيها ذكرالمجاز له، مضروبا عليه، مضروبا عليه يلوح منها أنه الشيخ محمد فاضل المشهدى.

٢٣٩

الحكماء المتألهين ميرزا رفيع الدين محمد بن الامير حيدر الحسني الحسيني الطباطبا النائيني والسيد البارع الفاضل الزكي الامير محمد قاسم بن الامير محمد الطباطبائي القهبائي والفاضل الصالح مولانا محمد شريف بن شمس الدين محمد الرويدشتي أفاض الله على تربتهم الزكية شآبيب الرحمة والغفران، بحق روايتهم واجازتهم عن شيخ الاسلام والمسلمين بهاء الملة والحق والدين محمد العاملي قدس الله روحه، عن والده الفقيه النبيه عزالدين الحسين بن عبدالصمد الحارثي نور الله ضريحه، عن الشيخ الاعظم الاعلم السعيد الشهيد زين الملة والدين علي بن أحمد الشامي أعلى الله درجته كما شرف خاتمته، عن شيخه الاجل نورالدين علي بن عبدالعالي الميسى، عن الشيخ شمس الدين محمد بن المؤذن الجزيني، عن الشيخ ضياء الدين علي، عن والده السعيد الشهيد شمس الدين محمد بن مكي أعلى الله درجته كما شرف خاتمته، عن الشيخ المدقق فخر الدين أبي طالب محمد ابن الشيخ العلامة جمال الملة والحق والدين الحسن بن يوسف بن المطهر، عن والدهرضي‌الله‌عنهما ، عن شيخه المحقق السعيدنجم الملة والدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد قدس الله نفسه وطهر رمسه، عن السيد الجليل شمس الدين فخار بن معد الموسوي، عن الشيخ ابي الفضل شاذان بن جبرئيل القمي، عن الشيخ الفقيه العماد أبي جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري، عن الشيخ أبي على الحسن ابن الشيخ السعيد الجليل أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، عن والدهرضي‌الله‌عنهم ، عن الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان نور الله مرقده، عن الشيخ أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه طاب ثراه، عن الشيخ الامام الجليل أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني قدس الله روحه.

وبالاسناد عن الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان قدس الله نفسه الزكية،

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314