حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه10%

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه مؤلف:
تصنيف: دراسات
الصفحات: 554

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه
  • البداية
  • السابق
  • 554 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 174407 / تحميل: 5855
الحجم الحجم الحجم
حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

(وصفحة ٣٦٩) ".. صحيح علي بن يقطين على وجوب الاعادة بنسيان الاقامة متى ذكر في أثناء الصلاة، ولعله مستند ابن أبي عقيل في ما تقدم نقله عنه من وجوب الاعادة بترك الاقامة، إلا أن مورد الرواية النسيان وكلام ابن أبي عقيل مقيد بالتعمد فلا يمكن جعلها مستندا له.

(وصفحة ٣٧١ و٣٧٢) " وأما ماذكره ابن أبي عقيل من القطع مالم يركع والرجوع إلى الاذان خاصة في صلاة المغرب والصبح ".

واعلم أن هذه الروايات إنما تعطي استحباب الرجوع لاستدراك الاذان والاقامة أو الاقامة وحدها وليس فيها ما يدل على جواز القطع لاستدراك الاذان مع الاتيان بالاقامة، ولم أقف على مصرح به سوى المصنف في هذا الكتاب وابن أبي عقيل على ما نقل عنه.

(وصفحة ٣٨٠) " قال في الذكرى " ولو جمع الحاضر أو المسافر بين الصلاتين فالمشهور ان الاذان يسقط في الثانية، قاله ابن أبي عقيل والشيخ وجماعة سواء جمع بينهما في وقت الاولى أو الثانية لان الاذان إعلام بدخول الوقت وقد حصل بالاذان الاول، وليكن الاذان للاولى إن جمع بينهما في وقت الاولى وإن جمع بينهما في وقت الثانية أذن للثانية ثم أقام وصلى الاولى لمكان الترتيب ثم أقام للثانية" انتهى.

(وصفحة ٣٩٤ و٣٩٥) " قال ابن أبي عقيل " الاذان عند آل الرسول صلوات الله عليهم للصلوات الخمس بعد دخول وقتها إلا الصبح فإنه جائز أن يؤذن لها قبل دخول وقتها، بذلك تواترت الاخبار عنهم عليهم السلام.

أقول: ومما يدل على القول المشهور زيادة على ماذكره ابن أبي عقيل مارواه الشيخان في الكافي والتهذيب في الصحيح عن عمران بن علي قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الاذان قبل الفجر فقال إذا كان في جماعة فلا وإذا كان وحده فلا بأس.

(وصفحة ٣٩٧) " أقول: وإلى هذه الاخبار أشار ابن أبي عقيل بتواتر الاخبار وهي كما ترى واضحة الدلالة

١٨١

في المدعى إلا أن من شأن السيد وابن إدريس الاعتماد على الادلة العقلية بزعمهما وعدم مراجعة الادلة السمعية كما لايخفى على المتتبع لكلامهما العارف بقواعدهما: ولا سيما المرتضى رضي الله عنه كما تصفحت جملة من كتبه فإنه في مقام الاستدلال على الاحكام التي يذكرها إنما يورد أدلة عقلية ولا يلم بالاخبار بالكلية.

(وصفحة ٤١٨) " ومنها التثويب وقد وقع الخلاف هنا أيضا في حقيقته وحكمه والمشهور بين الاصحاب انه عبارة عن قول الصلاة خير من النوم صرح به الشيخ في المبسوط وابن أبي عقيل والسيد المرتضى وغيرهم رضوان الله عليهم قال في المنتهى التثويب في أذان الغداة وغيرها غير مشروع وهو قوله: الصلاة خير من النوم ذهب إليه أكثر علمائنا وهو قول الشافعي، وأطبق أكثر الجمهور على استحبابه في الغداة، لكن عن أبي حنيفة روايتان في كيفيته فرواية كما قلناه والاخرى إن التثويب عبارة عن قول المؤذن بين أذان الفجر وإقامته حي على الصلاة مرتين حي على الفلاح مرتين ثم قال في موضع آخر من المنتهى أيضا: يكره أن يقول بين الاذان والاقامة حي على الصلاة حي على الفلاح وبه قال الشافعي، وقال محمد بن الحسن كان التثويب الاول الصلاة خير من النوم مرتين بين الاذان والاقامة ثم أحدث الناس بالكوفة حي على الصلاة حي على الفلاح مرتين بينهما وهو حسن.

(وصفحة ٤٣٥ و٤٣٦ و٤٣٧) " قال ابن أبي عقيل من متقدمي علمائنا " أطبقت الشيعة على أن الصادق عليه السلام لعن قوما زعموا أن النبي صلى الله عليه وآله أخذ الاذان من عبدالله بن زيد فقال " ينزل الوحي على نبيكم فتزعمون أنه أخذ الاذان من عبدالله بن زيد ".

أقول: هذه الرواية قد نقلها في كتاب دعائم الاسلام عن الحسين عليه السلام قال " وروينا عن جعفر بن محمد عليهما السلام عن أبيه عن جده عن الحسين بن علي عليهما السلام أنه سئل عن قول الناس في الاذان، إن السبب كان فيه رؤيا رآها عبدالله بن زيد فأخبر النبي صلى الله عليه وآله فأمر بالاذان فقال عليه السلام " الوحي ينزل على نبيكم وتزعمون أنه أخذ الاذان من عبدالله بن " زيد والاذان وجه دينكم وغضب قال بل سمعت أبي علي بن أبي طالب عليه السلام يقول

١٨٢

أهبط الله ملكا حتى عرج برسول الله صلى الله عليه وآله..

وساق حديث المعراج بطوله وما وقع فيه من الاذان والاقامة والصلاة ".

وقال السيد الزاهد العابد المجاهد رضي الدين بن طاوس نور الله تعالى مرقده في كتاب الطرائف " ومن طريف ما سمعت ووقفت عليه ان أبا داود وابن ماجة ذكرا في كتاب السنن إن النبي صلى الله عليه وآله هم بالبوق وأمر بالناقوس فأرى عبدالله بن زيد في المنام رجلا عليه ثوبان أخضران فعلمه الاذان ".

أقول: وقد وقع في بعض الاخبار نسبة الرؤيا المذكورة إلى أبي بن كعب وهو مارواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن عمر بن أذينة عن أبي عبدالله عليه السلام قال " ما تروي هذه الناصبة؟ فقلت جعلت فداك في ماذا؟ فقال في أذانهم وركوعهم وسجودهم.

فقلت إنهم يقولون إن أبي بن كعب رآه في النوم فقال كذبوا فإن دين الله أعز من أن يرى في النوم.

قال فقال له سدير الصيرفي جعلت فداك فأحدث لنا من ذلك ذكرا فقال أبو عبدالله عليه السلام إن الله تعالى لما عرج بنبيه صلى الله عليه وآله إلى سماواته السبع ثم ساق عليه السلام الخبر وهو طويل جدا يشتمل على الاذان والصلاة وان ذلك كان في مبدأ التكليف. وما اشتمل عليه هذا الخبر من نسبة الرؤيا إلى ابي بن كعب خلاف ما اشتهر بين الخاصة والعامة من انه عبدالله بن زيد كما تقدم. والله العالم ".

١٨٣

أفعال الصلاة

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ٩١) " وقسم ابن أبي عقيل أفعال الصلاة إلى فرض، وهو ما إذا أخل به عمدا أو سهوا بطلت صلاته، وإلى سنة، وهو ما إذا أخل به عمدا بطلت صللاته لا سهوا، وإلى فضيلة، وهو ما لاتبطل الصلاة بالاخلال به مطلقا. وجعل الاول وهو الذي سميناه نحن ركنا الصلاة بعد دخول الوقت، واستقبال القبلة، وتكبيرة الاحرام، والركوع، والسجود ".

البيان (صفحة ٧٥) " القيام وهو ركن في الصلاة، ويبطلها الاخلال به عمدا أو سهوا، كسائر الاركان التي هي النية وتكبيرة الاحرام والركوع والسجود، لا القراء‌ة في الاصح ولا الاستقبال، خلافا لابن حمزة لانه أشبه بالشرط. وكذا دخول الوقت، ويظهر من ابن أبي عقيل ركنيته ".

المهذب البارع (مجلد ١ صفحة ٣٥٧) " قسم الحسن بن أبي عقيل أفعال الصلاة إلى فرض، وهو ما إذا أخل به عمدا وسهوا بطلت صلاته، وإلى سنة، وهو ماإذا أخل به عمدا بطلت، لا سهوا، وإلى فضيلة، وهو ما لا تبطل بتركه مطلقا، وجعل الاول، وهو الذي سميناه ركنا الصلاة بعد دخوله الوقت واستقبال القبلة وتكبيرة الاحرام والركوع والسجود.

ولعله نظر إلى كون الاستقبال شرطا، فكان الركن عنده خمسة، وأهمل القيام والنية، وهو ضعيف لاشتماله على خروج النية والقيام على الركنية، ولان الاستقبال شرط اختياري، وقد تصح صلاة من ترك الاستقبال وصلى إلى يمين القبلة أو يسارها ظانا وقد خرج الوقت، أو مستدبرا على قول السيد ".

١٨٤

الذكرى (صفحة ١٧٩) (في رفع اليدين في التكبير) " يستحب رفع اليدين به وبساير تكبير الصلاة وأوجبه المرتضى لان النبي صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام فعلوه وللامر به في قوله تعالى فصل لربك وانحر وروى ابن سنان عن الصادق عليه السلام في النحر رفع اليدين حذاء الوجه، قلنا: الفعل أعم من الواجب والندب وكذا الامر.

وحد الرفع محاذاة الاذنين والوجه، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله، والصادق عليه السلام.

وقال الشيخ: يحاذي بهما شحمتي الاذن.

وقال ابن أبي عقيل: يرفعهما حذو منكبيه أو حيال خديه ولا يجاوز بهما أذنيه.

" ويكره أن يتجاوز بهما رأسه وأذنيه اختيارا، لما رواه العامة من نهي النبي صلى الله عليه وآله ورواه ابن أبي عقيل فقال: قد جاء عن أمير المؤمنين عليه السلام " إن النبي صلى الله عليه وآله مر برجل يصلي وقد رفع يديه فوق رأسه! فقال: مالي أرى قوما يرفعون أيديهم فوق رؤوسهم كأنها آذان خيل شمس " وعن أبي بصير عن الصادق عليه السلام " إذا افتتحت الصلاة فكبرت فلا تتجاوز أذنيك، ولا ترفع يديك بالدعاء في المكتوبة تجاوز بهما رأسك " والاصح أن التكبير يبتدأ به في ابتداء الرفع وينتهي عند انتهاء الرفع، لا في حال القرار مرفوعتين، ولا حال إرسالهما، كما قاله بعض الاصحاب، لقول عمار رأيت أبا عبدالله عليه السلام يرفع يديه حيال وجهه حين استفتح ".

١٨٥

القراء‌ة والاذكار

المعتبر (مجلد ٢ صفحة ١٨٨) " وقد اختلف قول الاصحاب فيما يقوم مقام الحمد، فقال المفيد رحمه الله بما قلناه، ورواه زرارة قال قلت لابي جعفر عليه السلام: ما يجزي من القول في الركعتين الاخيرتين؟ قال " إن تقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله، أكبر، وتركع ".

وقال الشيخ: هو مخير بين القراء‌ة وعشر تسبيحات، وكذا قال ابن أبي عقيل، وعلم الهدى في المصباح قال: تقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ثلاث مرات، وتزيد في الثالثة: والله أكبر".

كشف الرموز (مجلد ١ صفحة ١٥٣) " قال ابن أبي عقيل في المتمسك: أقل مايجزي (يجب خ) في الصلاة عند آل رسول الله صلى الله عليه وآله من القراء‌ة فاتحة الكتاب.

وهو مروي عن علي بن رئاب، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال سمعته يقول " إن فاتحة الكتاب تجوز وحدها في الفريضة " وحملها الشيخ على حال الضرورة ".

(وصفحة ١٦٠) " اختلف قول الاصحاب في عدد التسبيحات، فذهب المفيد إلى أنها أربع، وهو في رواية الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، قال قلت لابي جعفر عليه السلام مايجزي من القول في الركعتين الاخيرتين؟ قال " أن تقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " واختاره الشيخ في التهذيب والاستبصار، والرواية حسنة.

وقال ابن عقيل، وابن بابويه بالتسع، وهو في رواية ابن محبوب ".

تذكرة الفقهاء (مجلد ١ صفحة ١١٦) " مسألة: واختلف في كيفية التسبيح فالاقوى الاكتفاء بقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر مرة واحدة، لحديث الباقر عليه السلام.

وللشيخ قولان أحدهما أن يكرر ذلك ثلاث مرات عدا التكبير، فإنه يقوله في آخر فيكون عشر مرات، وبه قال ابن أبي عقيل والمرتضى ".

١٨٦

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ٩١) " مسألة: المشهور أنه يجب على المختار قراء‌ة سورة بعد الحمد في الثنائية والاوليتين من الرباعية والثلاثية، وهو اختيار الشيخ في الخلاف والجمل والاستبصار.

وهو اختيار السيد المرتضى وابن أبي عقيل وأبي الصلاح وابن البراج وابن إدريس.

(وصفحة ٩٢) " قال الشيخ في النهاية والاقتصاد إنه ثلاث مرات: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فيكون اثنتي عشرة تسبيحة، وهو الظاهر من كلام ابن أبي عقيل، لانه قال: السنة في الاواخر التسبيح وهو أن يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر سبعا أو خمسا وأدناه ثلاث في كل ركعة ".

" قال ابن أبي عقيل: من نسي القراء‌ة في الركعتين الاولتين، وذكر في الاخيرتين، سبح فيهما ولم يقرأ فيهما شيئا، لان القراء‌ة في الركعتين الاولتين، والتسبيح في الاخيرتين.

" الظاهر من كلام ابني بابويه رحمهما الله أن التسبيح في الاخيرتين أفضل من القراء‌ة للامام والمأموم، وهو قول ابن أبي عقيل وابن إدريس ".

" وما رواه في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال قلت: الرجل يسهو عن القراء‌ة في الركعتين الاولتين، فيذكر في الركعتين الاخيرتين أنه لم يقرأ قال " أتم الركوع والسجود قلت: نعم، قال: إني أكره أن أجعل آخر صلاتي أولها " وهذا الحديث كما يدل على عدم وجوب القراء‌ة، فإنه دال على أولوية التسبيح أيضا، كما اختاره ابن أبي عقيل.

احتج الآخرون بما رواه الحسين بن حماد عن أبي عبدالله عليه السلام قال قلت له: أسهو عن القراء‌ة في الركعة الاولى، قال " إقرأ في الثانية، قلت: أسهو في الثانية، قال: إقرأ في الثالثة " قلت: أسهو في صلاتي كلها قال: " إذا حفظت الركوع والسجود تمت صلاتك ".

(وصفحة ٩٤) " مسألة: قال الشيخان: يستحب أن يقرأ في غداة الجمعة بالجمعة في الاولى مع الحمد، وبالاخلاص معها في الثانية، وقال ابن أبي عقيل: يقرأ في الثانية المنافقين أو الاخلاص.

وقال ابن بابويه: يقرأ المنافقين، وهو اختيار السيد المرتضى في

١٨٧

الانتصار، وجعله الشيخ في المبسوط رواية ".

" مسألة: قال ابن أبي عقيل: يقرأ في ثانية العشاء الآخرة ليلة الجمعة سورة المنافقين.

وقال الشيخان، والسيد المرتضى وابنا بابويه: يقرأ الاعلى، لما رواه الكناني عن الصادق عليه السلام " فإذا كان العشاء الآخرة، فاقرأ سورة الجمعة وسبح اسم ربك الاعلى ".

منتهى المطلب (مجلد ١ صفحة ٢٧٥) " وقال في المبسوط والجمل هو مخير بين القراء‌ة وعشر تسبيحات، صورتها: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ثلاث مرات، ويقول عقيب الثالثة والله أكبر، وبه قال ابن أبي عقيل والسيد المرتضى في المصباح وابن إدريس.

وقال في النهاية: اثنتي عشرة تسبيحة، يضيف قوله والله أكبر إلى الثلاث.

وقال أبوالصلاح يتخير بين الحمد وثلاث تسبيحات، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله.

وقال حريز بن عبدالله السجستاني في كتابه تسع تسبيحات، أسقط التكبير، وكرر التسبيح والتحميد والتهليل ثلاثا، وبه قال أبوجعفر بن بابويه. والاقرب الاول ".

الدروس (صفحة ٣٦) " يجزي في غير الاوليين سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاثا.

وقال الحسن: الاكل سبع أو خمس، والادنى ثلاث ".

(وصفحة ٣٧) ".. وإضافة السورة إلى الحمد في النافلة، ويجوز التبعيض فيها، ولو بعض في الركعة الاولى لم يجز الاكمال في الركعة الثانية عن الحمد، خلافا للحسن ".

البيان (صفحة ٨٤) " وقراء‌ة الجمعة والتوحيد في صبحها، وقال ابن بابويه الثانية بالمنافقين، وفي المغرب ليلة الجمعة بها وبالاعلى، وفي عشائها بها وبالاعلى.

وقال ابن أبي عقيل بها وبالمنافقين، وفي ظهرها وجمعتها بهما ".

١٨٨

الذكرى (صفحة ١٨٩) " ورابعها: في المفاضلة بين القراء‌ة والتسبيح، فقال ابن أبي عقيل: التسبيح أفضل، ولو نسي القراء‌ة في الاولتين، لرواية معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام في ناسي القراء‌ة في الاولتين فتذكر في الاخيرتين فقال " إني أكره أن أجعل آخر صلاتي أولها " وظاهر ابني بابويه أفضلية التسبيح للامام والمأموم، وهو مختار ابن إدريس. وفي الاستبصار والامام الافضل له القراء‌ة.

" حادي عشرها: المشهور أنه لا يستحب الزيادة على اثنتي عشرة، وقال ابن أبي عقيل: يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر سبعا أو خمسا، وأدناه ثلاث في كل ركعة، ولابأس باتباع هذا التسبيح العظيم الشأن في استحباب تكرار ذكر الله تعالى ".

(وصفحة ١٩١) " وقال ابن أبي عقيل: تواترت الاخبار عنهم عليهم السلام أن لاتقية في الجهر بالبسملة، وهاهنا أقوال أخر.

(وصفحة ١٩٣) " والثاني: وافق المرتضى والصدوق في قراء‌ة المنافقين في صبح الجمعة، ورواه الشيخ في المبسوط، وهو في خبر ربعي وحريز رفعاه إلى أبي جعفر عليه السلام قال " إذا كانت ليلة الجمعة يستحب أن يقرأ في العتمة سورة الجمعة، وإذا جاء‌ك المنافقون، وفي صلاة الصبح مثل ذلك " وخير ابن أبي عقيل بين المنافقين وبين الاخلاص.

" الرابع: يستحب قراء‌ة الجمعة والاعلى في عشاء ليلة الجمعة، لرواية أبي الصباح أيضا عنه عليه السلام، ورواه أبوبصير عنه عليه السلام.

وقال ابن أبي عقيل: يقرأ في الثانية المنافقين، ووافق في الاولى على الجمعة، لرواية حريز السالفة، والاول أشهر وأظهر في الفتوى.

(وصفحة ١٩٥) " تنبيه: قال ابن أبي عقيل: يجهر في صلاة السنن التي تكون في الجماعة وأطلق.

١٨٩

" الخامسة: قال ابن أبي عقيل: لايقرأ في الفريضة ببعض السورة، ولا بسورة فيها سجدة، مع قوله بأن السورة غير واجبة.

وقال أيضا: من قرأ في صلاة السنن في الركعة الاولى ببعض السورة، وقام في الركعة الاخرى ابتدأ من حيث بلغ، ولم يقرأ بالفاتحة.وهو غريب، والمشهور قراء‌ة الحمد.

وقد روى سعد بن سعد عن الرضا عليه السلام فيمن قرأ الحمد ونصف سورة، هل يجزيه في الثانية أن لايقرأ الحمد ويقرأ مابقي من السورة؟ فقال " يقرأ الحمد ويقرأ مابقي من السورة " والظاهر أنه في النافلة ".

المهذب البارع (مجلد ١ صفحة ٣٧٣) " (و) التخيير بين إثني عشر وعشرين، وثمان وعشرين، قاله الحسن بن أبي عقيل، وعبارته: من السنة في الاواخر التسبيح، وهو أن يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، سبعا أو خمسا، وأدناه ثلاثة في كل ركعة ".

مدارك الاحكام (مجلد ٣ صفحة ٣٢٤) " أما استحباب الرفع، فقال في المعتبر إنه لا خلاف فيه بين العلماء.ونقل عن المرتضى رضي الله عنه أنه أوجبه في تكبيرات الصلاة كلها، واحتج بإجماع الفرقة وهو أعلم بما ادعاه.واختلف الاصحاب في حده، فقال الشيخ رحمه الله يحاذي بيديه شحمتي أذنيه.

وقال ابن أبي عقيل يرفعهما حذو منكبيه أو حيال خديه لايجاوز بهما أذنيه.

وقال ابن بابويه: يرفعهما إلى النحر ولا يجاوز بهما الاذنين حيال الخد.

والكل متقارب، وقد ورد بذلك روايات كثيرة ".

(وصفحة ٣٤٤) " واختلف الاصحاب في أن الافضل للمصلي القراء‌ة أو التسبيح.

فقال الشيخ في الاستبصار " إن الافضل للامام القراء‌ة، وإنهما متساويان بالنسبة إلى المنفرد.

وقال في النهاية والمبسوط: هما سواء للمنفرد والامام ".

وأطلق ابنا بابويه، وابن أبي عقيل أفضلية التسبيح ".

١٩٠

(وصفحة ٣٤٧) " لاخلاف بين الاصحاب في جواز الاقتصار على الحمد في النوافل مطلقا، وفي الفرائض في حال الاضطرار، كالخوف، ومع ضيق الوقت بحيث إن قرأ السورة خرج الوقت، ومع عدم إمكان التعلم.

وإنما الخلاف في وجوب السورة مع السعة، والاختيار، وإمكان التعلم.

فقال الشيخ رحمه الله في كتابيه الحديث، والسيد المرتضى، وابن أبي عقيل، وابن إدريس بالوجوب.

وقال ابن الجنيد وسلار، والشيخ في النهاية، والمصنف في المعتبر بالاستحباب، ومال إليه في المنتهى، وهو متجه.

(وصفحة ٣٦٠) " قال ابن أبي عقيل: تواترت الاخبار عنهم عليهم السلام أن لاتقية في الجهر بالبسملة".

(وصفحة ٣٦٥) " وقال ابن أبي عقيل: يقرأ في ثانية العشاء الآخرة ليلة الجمعة سورة المنافقين، لما رواه حريز وربعي رفعاه إلى أبي جعفر عليه السلام، قال " إن كانت ليلة الجمعة يستحب أن يقرأ في العتمة سورة الجمعة وإذا جاء‌ك المنافقون، وفي صلاة الصبح مثل ذلك، وفي صلاة الجمعة مثل ذلك، وفي صلاة العصر مثل ذلك " وهو المقام مقام استحباب فلا مشاحة في اختلاف الروايات فيه ".

(وصفحة ٣٧٩) " أجمع الاصحاب على أنه يجزئ بدل الحمد في الثانية من المغرب والاخيرتين من الظهرين والعشاء التسبيح، وإنما اختلفوا في قدره: فقال الشيخ في النهاية والاقتصاد " إنه اثنتا عشرة تسبيحة صورتها: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاثا ".

وهو الظاهر من كلام ابن أبي عقيل فإنه قال " السنة في الاواخر التسبيح، وهو أن يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر سبعا أو خمسا وأدناه ثلاث في كل ركعة.

(وصفحة ٣٨٢) " السادس: ظاهر الاصحاب أنه لا يستحب الزيادة على الاثنتي عشرة، وقال ابن

١٩١

أبي عقيل " يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر سبعا، أو خمسا، وأدناه ثلاث في كل ركعة ".

قال في الذكرى " ولابأس باتباع هذا الشيخ العظيم الشأن في استحباب ذكر الله تعالى ".

جواهر الكلام (مجلد ٩ صفحة ٣٢٠) " (والمصلي في كل ثالثة ورابعة بالخيار) بين القراء‌ة والتسبيح (إن شاء قرأ الحمد، وإن شاء سبح) إجماعا محصلا ومنقولا صريحا وظاهرا مستفيضا بل متواترا ونصوصا كذلك صريحة، وظاهره ولو للجمع بين الامر بكل منهما بالتخيير، كما أنه يجب حمل الامر بالثاني منهما من غير تعرض للقراء‌ة في المحكي عن الصدوقى في الرسالة والمقنع والهداية عليه، أو على أفضل فرديه كما حكي عنهما ذلك في المسألة الآتية بل لعل المحكى عن الحسن بن أبي عقيل كذلك أيضا وإن كان في عبارته مايوهم التعيين حتى أنه ربما نسب إليه بل وإلى الصدوقين أيضا ذلك، لكنه في غير محله.

(وصفحة ٣٨٥) " بل في كنز العرفان وعن الخلاف الاجماع عليه صريحا، بل في الذكرى وغيرها أن في شعائر الشيعة الجهر بالبسملة لكونها بسملة، وزاد في المدارك حتى قال ابن أبي عقيل تواترت الاخبار أن لاتقية في الجهر بالبسملة وذلك كله مع الاعتضاد بالتتبع الشاهد لصدق هذا الاجماع حجة على ماتفرد به العجلي (الحلي خ) كما في الذكرى وغيرها من تخصيص الاستحباب بالاولتين للاحتياط الذي يمكن منعه في المقام، لما ستعرفه من القول بوجوب الجهر.

(وصفحة ٤٠٦) " عن عبدالله بن الحسن (رأيت أبي يصلي ليلة الجمعة بسورة الجمعة وقل هو الله أحد) وغير ذلك لا ريب في ضفعه، إلا أن يراد به كخبره أنه مستحب أيضا، ويرجح على غير الفرد المزبور، وأما بالنسبة إليه فلا ريب في رجحان اختياره عليه بما سمعته، وكذا ما يحكى عن ابن أبي عقيل من قراء‌ة المنافقين في ثانية العشاء الآخرة لمرفوع حريز وربعي إلى أبي جعفر عليه السلام (إن كان ليلة الجمعة يستحب أن تقرأ في العتمة سورة الجمعة وإذا جاء‌ك المنافقون) المعتضد بغيره أيضا".

١٩٢

(مجلد: ١٠ صفحة ٢٧) " بل هو الذي استظهره في المدارك من ابن أبي عقيل، بل عن المهذب البارع نسبته إليه قاطعا به، لكن المحكي من عبارته وإن كان فيها إن الادنى الثلاث في كل ركعة إلا أنه يحتمل إرادة الادنى في الفضل بقرينة قوله سابقا: " السنة في الاواخر التسبيح سبعا أو خمسا: نعم هو صريح المحكي عن نسخة لرسالة علي بن بابويه قديمة مصححة عليها خطوط علماء بقائها عليهم، ونسختين لكتاب المقنع في باب الجماعة، وبعض نسخ الفقيه مؤيدا ذلك كله بما ستسمعه عن الفقه الرضوي الذي من الغالب موافقة الصدوقين له حتى أنه بذلك ظن أنه من كتب أولهما، وصريح المحكي أيضا عن بعض نسخ المهذب مؤيدا بموافقته للنهاية غالبا.

(وصفحة ٣١ ٣٢ ٣٣ ٣٤) " لكن قد سمعت ما عن ابن أبي عقيل أن الاولى التكرير ثلاثا، وإلا فالافضل سبعا أو خمسا، وفي الذكرى لابأس باتباع هذا الشيخ العظيم الشأن في استحباب ذكر الله، وهو مبني على تناول دليل التسامح لمثل ذلك.. " (وقيل: يجزيه عشر) باثبات التكبير في التسبيحة الاخيرة وإسقاطها في الاولين، والقائل الشيخ في مبسوطه وعن جمله ومصباحه وعمل يوم وليلة، وأبو المكارم في غنيته، والصدوق في المحكي من هدايته، والمرتضى في المحكي من جمله ومصباحه، وعن سلار والكيدري (والكندري خ) أيضا وإن كان ربما حكي عنه التخيير بين ذلك والاثنى عشر، إلا أن مقتضاه عدم الاجتزاء بالاقل، فرجع إلى هذا القول، بل نسبه الفاضلان إلى ابني البراج وأبي عقيل، لكن ما وقفنا عليه مما حكي من عبارتيهما لا يساعد على ذلك، بل ظاهرهما القول السابق كما عرفت، بل ينبغي عدم احتمال ذلك فيهما، لان التكبير إن ثبت فيهما فالاثنى عشر، وإلا فالتسع، فلا وجه لنسبة ذلك إليهما، كما أنه لاينبغي نسبته إلى الحلي كما وقع من بعضهم على ما ستعرف.

" وقيل والقائل حريز والصدوقان وابن أبي عقيل وأبوالصلاح فيما حكي عنهم تسع باسقاط التكبير، لكن المصنف قال: (وفي رواية تسع) وهو بعد نسبته سابقة إلى

١٩٣

القيل قد يظهر منه أنه ليس قولا لاحد كالمحكي عن ابن إدريس من اقتصاره على نقل القول بالاربع والعشر والاثني عشر، ولعل الامر فيه كذلك..

وأما ابن أبي عقيل فقد تقدم أن الموجود في عبارته إثبات التكبير، وستسمع ما وصل إلينا عن أبي الصلاح، فلم يثبت حينئذ لاحد ممن نسب إليه ".

١٩٤

الركوع

المعتبر (مجلد ٢ صفحة ١٩٥) " مسألة: وتسبيحة واحدة كبر مجزية، صورتها سبحان ربي العظيم: أو سبحان الله ثلاثا، ومع الضرورة تجزي الواحدة الصغرى.

وقال أبوالصلاح: لايجزي أقل من ثلاث اختيارات، وبه قال ابن أبي عقيل ".

(وصفحة ٣٩٠) " فرع: قال علم الهدى رحمه الله: لو شك في الركوع وهو قائم أتى به، فإن ذكر أنه كان ركع أهوى ساجدا، ولو رفع رأسه أعاده.

وقال الشيخ رحمه الله: إذا كان في الاولتين أعاد على التقديرين، وإن كان في الاخيرتين كما قال علم الهدى رحمه الله.

وقال ابن أبي عقيل: يعيد وأطلق، وهو أشبه بالصواب، لانه زاد ركوعا، وليس رفع الرأس جزء‌ا من الركوع بل انفصال عنه ".

تذكرة الفقهاء (مجلد ١ صفحة ١٣٦) " فروع: لو شك في الركوع وهو قائم فأتى به، ثم ذكر أنه كان قد ركع قبل أن ينتصب أعاد، وبه قال ابن أبي عقيل منا، لان الركوع الانحناء وقد وجد، فيكون قد زاد ركنا، وصار كما لو ذكر بعد الانتصاب.

وقال الشيخ والمرتضى: يهوي للسجود ولايرفع رأسه، لان ركوعه مع هويه لازم، فلا يعد زيادة.

وهو ممنوع لان مسمى الركوع، وهو الانحناء قد حصل والرفع ليس جزء منه بل انفصال عنه، وقد قصده الراكع ".

تحرير الاحكام (مجلد ١ صفحة ٤٩) " لو شك في الركوع وهو قائم ركع، لانه في محله، فإن ذكر حالة الركوع أنه قد كان ركع أعاد الصلاة، قاله ابن أبي عقيل، وهو الوجه عندي.

وقال الشيخ والسيد رحمهما الله يرسل نفسه ولا يرفع رأسه ".

١٩٥

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ١٢٩) " وأما الحكم الثاني فشئ ذكره الشيخ والسيد المرتضى وتبعهما ابن إدريس وأبو الصلاح، والاقوى عندي البطلان، وهو الظاهر من كلام ابن أبي عقيل، فإنه قال: ومن شك في الركوع وهو قائم رجع، فإن استيقن بعد ركوعه أنه كان قد ركع أعاد الصلاة، وهو يتناول صورة النزاع.

"مسألة: لو سهى عن الركوع حتى سجد أعاد الصلاة، سواء كان في الاولتين أو الاخيرتين، وهو الظاهر من كلام ابن أبي عقيل، فإنه قال: ومن نسي الركوع حتى سجد بطلت صلاته، وعليه الاعادة، وأطلق القول في الاولتين والاخيرتين، ولم يفصل.

وقال المفيد: إن ترك الركوع ناسيا أو متعمدا أعاد على كل حال ".

منتهى المطلب (مجلد ١ صفحة ٤١٠) " مسألة: ولو شك في الركوع وهو قائم ركع، لانه في محله، فإنه ذكر وهو راكع أنه كان قد ركع، فقال ابن أبي عقيل منا، وقال (سقط) لو أرسل نفسه ولا يرفع رأسه، فإن رفع أعاد، لانه زاد ركوعا والاقرب الاول، لان الركوع هو الانحناء وليس رفع الرأس جزء‌ا من المسمى، فيصدق عليه أنه زاد ركوعا، وزيادة الركوع مبطلة ".

نهاية الاحكام (مجلد ١ صفحة ٥٣٩) " ولو شك وهو قائم في الركوع، وجب أن يركع.

فإن ذكر في حال ركوعه أنه كان قد ركع، أرسل نفسه ولا يرفع رأسه، قاله الشيخ والمرتضى، لان ركوعه مع هويه لازم، فلا يعد زيادة.

وقال ابن أبي عقيل: يعيد، لانه زاد ركنا.

والاقرب أنه إن استوفى واجب الركوع استأنف، وإلا أرسل نفسه ".

الذكرى (صفحة ٢٢٢) ".. وأما الحديث فظاهره الركعة بتمامها، سلمنا أنه أراد به الركوع ولكن في صورة تحقق زيادته، وهي هنا غير محققة. وقال الفاضلان يعيد الصلاة، وأطلق ابن أبي

١٩٦

عقيل أنه إذا استيقن بعد ركوعه الزيادة يعيد الصلاة.

ولقائل أن يقول: جميع ما عددتم من الصور يمتنع تسميتها أركانا، فنقول هي بصور الاركان، وقد وقع في بعضها النزاع، للتعليل بركنيتها أي أن القائل ببطلان الصلاة علل بالركنية ".

جواهر الكلام (مجلد: ١٠ صفحة ١٠٧) " فظهر حينئذ أن النصوص زادت على ماذكره المصنف، بل في بعضها كصحيحي ابني عمار ومسكان الامر برفع اليدين لرفع الرأس من الركوع، وحكاه في الذكرى عن ابن بابويه وصاحب الفاخر وقبه هو، كما أنه مال إليه غيره ممن تأخر عنه، وهو لا يخلو من قوة، لصحة الخبرين واعتضادهما بإطلاق الامر به في الصلاة وأنه زينة واستكانة وتبتل وابتهال وأنه العبودية، وخلو كثير من الفتاوى عنه كالنصوص سيما صحاح حماد وزرارة غير قادح في مثل هذا الحكم الاستحبابي ولقد أجاد الطباطبائي (رحمه الله) في قوله: وليس للرفع هنا تكبير ولا به رفع يد مشهور والرفع في نص الصحيح ذكر فندبه أولى وإن لم يشتهر.

فنفي المصنف له في معتبره كما عن ابن أبي عقيل، بل ظاهر الاول الاجماع عليه لايخلو من نظر كإجماعه، لخلو أكثر كتب الاصحاب كما قيل عن التعرض له نفيا وإثباتا، واحتمال تنزيل الخبرين على التقية كما في الحدائق تبعا للمجلسي رحمه الله لاشتهار الحكم عندهم لا داعي له، بل ظاهر الاصحاب في غير المقام أولوية الحمل على الاستحباب من ذلك.

(وصفحة ١١٥) " لكن ظاهر الشهيد العمل به، حيث قال: ويستحب أيضا في الذكر هنا بالله أقوم وأقعد ولم أجده لغيره ولا في غير الخبر المزبور، كما أني لم أجد ما حكي عن ابن أبي عقيل من أنه روي " اللهم لك الحمد مل‌ء السماوات ومل‌ء الارض ومل‌ء ما شئت من شئ يعد " فيما حضرني من كتب الاصول والفروع إلا ما في الحدائق عن كتاب الغارات، كتب أمير المؤمنين عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر إلى أن قال " وكان

١٩٧

أي رسول الله صلى الله عليه وآله إذا رفع صلبه قال: سمع الله لمن حمده أللهم لك الحمد مل‌ء سماواتك ومل‌ء أرضك ومل‌ء ماشئت من شئ " إلى آخره لكن لا بأس بذكره للتسامح ".

السجود

مختلف الشيعة (صفحة ٩٦) " مسألة: أوجب ابن أبي عقيل تكبير الركوع والسجود، وهو اختيار سلار، وأوجب سلار تكبير القيام والقعود والجلوس في التشهدين أيضا، والمشهور عند علمائنا الاستحباب، وهو الوجه ".

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ١٣١) " مسألة: الظاهر من كلام ابن أبي عقيل إعادة الصلاة بترك سجدة واحدة مطلقا، سواء ذلك في الركعتان الاولتان والاخيرتان، لانه قال: من سهى عن فرض فزاد فيه أو نقص منه أو قدم منه مؤخرا أو أخر منه مقدما، فصلاته باطلة وعليه الاعادة.

وقال في موضع آخر: الذي يفسد الصلاة ويوجب الاعادة، إلى أن قال والترك لشئ من فرايض أعمال الصلاة ساهيا.

مع أنه قسم أعمال الصلاة إلى فرض، وسنة، وفضيلة، وعد من الفرض الركوع والسجود، ثم قال: ومن ترك شيئا من ذلك أو قدم منه مؤخرا أو أخر منه مقدما ساهيا كان أو متعمدا إماما كان أو مأموما أو منفردا، بطلت صلاته.

" وقال ابن أبي عقيل: الذي يفسد الصلاة ويوجب الاعادة عند آل الرسول عليهم السلام، إلى أن قال: والزيادة في الفرض ركعة أئو سجدة.

وفي موضع آخر: فمن سهى عن فرض فزاد فيه أو نقص منه أو قدم مؤخرا أو أخر مقدما، فصلاته باطلة وعليه الاعادة. وقد عد السجود من فرايض الصلاة ".

١٩٨

منتهى المطلب (مجلد ١ صفحة ٢٨٢) " فروع، الاول: هل يجب التسبيح أو يجزي مطلق الذكر؟ الاقرب عندي الثاني، وهو اختيار الشيخ في النهاية والمبسوط والجمل وابن إدريس.

وأوجب الشيخ في الخلاف التسبيح، وهو قول ابن أبي عقيل وابن بابويه والمفيد والسيد المرتضى وأبي الصلاح.

لنا: مارواه الشيخ في الصحيح عن هشام بن الحكم عن أبي عبدالله عليه السلام، قال قلت له: يجزي أن أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود لا إله إلا الله والحمد لله والله أكبر؟ فقال " نعم كل هذا ذكر الله ".

(وصفحة ٢٨٤) " السابع، لايرفع يديه وقت قيامه من الركوع، ذكره ابن أبي عقيل لانه غير منقول".

الدروس (صفحة ٣٨) " أوجب سلار والحسن، تكبير الركوع والسجود ".

(وصفحة ٤٧) " ولو نسي سجدة قضاها بعد الصلاة وسجد للسهو، وإن كانت من الاولتين، وقال في التهذيب تبطل الصلاة فيهما. وظاهر الحسن البطلان وإن كان من الاخيرتين، لرواية المعلى بن خنيس. ولا يقضي السجدة المنسية في أثناء الصلاة ".

البيان (صفحة ٨٧) " قال ابن أبي عقيل: تبطل الصلاة بالسهو عن سجدة واحدة مطلقا، ووافقه الشيخ إن كانت من الركعتين الاولتين، ولم يبطل الصلاة بتركهما معا من الاخيرتين سهوا، إذا تداركهما ولو في ركعة أخرى، والاشهر الاول.

(وصفحة ١٤٨) " ظاهر ابن أبي عقيل إبطال الصلاة بنسيان سجدة مطلقا ".

الذكرى (صفحة ١٩٨) " وأوجب ابن أبي عقيل تكبير الركوع والسجود، وأوجب سلار ذلك، وتكبير

١٩٩

القيام، عملا بظاهر الاخبار، كما في رواية زرارة عن الباقر عليه السلام " إذا أردت أن تركع فقل وأنت منتصب، الله أكبر ".

ورواية الحلبي عن الصادق عليه السلام " إذا سجدت فكبر " ويعارض بخبر أبي بصير عنه عليه السلام " أدنى مايجزي في التكبير في الصلاة واحدة " مع استقرار الاجماع على خلاف قوليهما.

(وصفحة ١٩٩) " وبإسناده إلى محمد بن مسلم عنه عليه السلام " إذا قال الامام سمع الله لمن حمده، قال من خلفه ربنا لك الحمد، وإن كان وحده، إماما أو غيره، قال سمع الله لمن حمده، الحمد لله رب العالمين"..

قال ابن أبي عقيل: وروي أللهم لك الحمد ومل‌ء السموات ومل‌ء الارض ومل‌ء ماشئت من شئ يعد.

"وهذ ابن أبي عقيل في ظاهر كلامه، وابن إدريس، وصرح به أبوالصلاح وابن زهرة، إلى أنه يقول سمع الله لمن حمده في حال ارتفاعه، وباقي الاذكار بعد انتصابه، وهو مردود بالاخبار المصرحة بأن الجميع بعد انتصابه، وهو قول الاكثر...

والحديثان أوردهما في التهذيب ولم ينكر منهما شيئا، وهما يتضمنان رفع اليدين عند رفع الرأس من الركوع، ولم أقف على قائل باستحبابه إلا ابني بابويه وصاحب الفاخر، ونفاه ابن أبي عقيل والفاضل، وهو ظاهر ابن الجنيد، والاقرب استحبابه لصحة سند الحديثين، وأصالة الجواز وعموم أن الرفع زينة الصلاة واستكانة من المصلي، وحينئذ يبتدي بالرفع عند ابتداء رفع الرأس وينتهي بانتهائه، وعليه جماعة من العامة.

(وصفحة ٢٠٠) " الثاني: أن الاخلال بالسجدة الواحدة غير مبطل، إذا كان سهوا، وعليه معظم الاصحاب بل هو إجماع، وفي كلام ابن أبي عقيل إيماء إلى أن الاخلال بالواحدة مبطل وإن كان سهوا، لصدق الاخلال بالركن، إذ الماهية المركبة تفوت بفوات جزء منها، وتمسكا برواية المعلى بن خنيس عن أبي الحسن الماضي عليه السلام في رجل نسي السجدة من صلاته قال " إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها، وبنى على

٢٠٠

وبالجملة : لكون عمدة نفيهم متوجّهة إلى ذلك ؛ خصّصنا بعض أدلّتها بالذِّكر ، والباقي محول إلى ما سيجيء إن شاء الله .

قال تعالى : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) (١) .

وقال :( وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى ) (٢) .

وقال :( وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ ) (٣) .

وقال :( وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ) (٤) .

وقال :( وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) (٥) .

وقال :( أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ ) (٦) .

ـــــــــــــ

(١) سورة القيامة : الآيتان ٢٢ و ٢٣ .

(٢) سورة النجم : الآية ٤٢ .

(٣) سورة العنكبوت : الآية ٢١ .

(٤) سورة الخرف : الآية ١٤ .

(٥) سورة المائدة : الآية ١٨ .

(٦) سورة الشورى : الآية ٥٣ .

٢٠١

وقال :( وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (١) .

وقال :( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ ) (٢) .

وقال :( مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ ) (٣) .

أقول : وهذان اللفظان ، أعني (اللقاء) و(الرجوع) كثير الدور في الكتاب والسُّنّة .

وقال سبحانه :( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاء رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ ) (٤) .

وسياق الآية الأُولى ، وهو قوله :( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ ) إلى :(حَتَّى يَتَبَيَّنَ ) ، يعطي أنّ المراد بالشهيد هو المشهود دون الشاهد .

وكذلك قوله :( أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاء رَبِّهِمْ ) ، وهذا كالاعتراض ، وجوابه قوله سبحانه :( أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ ) .

وسياق هذه الآية الأخيرة ، وهو قوله : (أَلَا إِنَّهُ) ينافي ما يقولون : إنّ معنى اللقاء هو الموت ، أو القيامة مجازاً ؛ لبروز آياته وظهور حقّيّته سبحانه يومئذٍ ، فكأنّه تعالى مرئي مشاهد لا يراب فيه ؛ وذلك لأنّه سبحانه ردّ عليهم ريبهم في لقائه بإحاطته بكلِّ شيء ، وإحاطته في الدنيا ويوم الموت ويوم القيامة سواء ، فلا وجه لتعبيره عن الموت أو عن القيامة من جهة إحاطته باللقاء .

ـــــــــــــ

(١) سورة البقرة : الآية ٢٤٥ .

(٢) سورة السجدة : الآية ٢٣ .

(٣) سورة العنكبوت : الآية ٥ .

(٤) سورة فصّلت : الآيتان ٥٣ و ٥٤ .

٢٠٢

على أنّ الآية حينئذٍ لا ترتبط بالآية السابقة ، بل معنى الآية ـ والله العالم ـ كفى في حقّيّته وثبوته سبحانه أنّه مشهود على كلّ شيء ، لكن يريهم آياته في الآفاق وفي أنفسهم لارتيابهم في شهوده ولقائه ، ولا يجوز لهم وكيف يجوز لهم الارتياب والامتراء وهو بكلّ شيء محيط ، فهو الأوّل والآخر ، والظاهر والباطن عند كلّ شيء ،( فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ ) (١) ،( مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ ) (٢) ،( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ) (٣) .

والذي هذا شأنه ، لا يتأنّى الامتراء في شهوده ولقائه ، لكن يجوز الشكّ في أنّ آياته ستظهر ظهوراً لا ارتياب فيه من هذه الجهة ، فافهم .

وهذا الذي ذكرناه لا ينافي ما رواه في (التوحيد) عن عليّعليه‌السلام ، أنّ ما ورد في القرآن من كلمة اللقاء فُهم منه البعث ، الحديث [ توحيد الصدوق / ص ٢٦٧ ] فإنّ كلامنا في المفهوم المستعمل فيه ، كما هو ظاهر ، دون المصداق فمن المعلوم أنّ البعث من مصاديق اللقاء كما سيأتي جملة من الآيات والروايات في ذلك ، وكما هو ظاهر قوله سبحانه : ( وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا ) (٤) ، وقوله سبحانه :( وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ ) (٥) .

ومن الروايات ما في (المحاسن) ، مسنداً عن زُرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ ) (٦) ، قال :(كان ذلك معاينة الله ، فأنساهم المعاينة ، وأثبت الإقرار في صدورهم ولولا

ـــــــــــــ

(١) سورة البقرة : الآية ١١٥ .

(٢) سورة المجادلة : الآية ٧ .

(٣) سورة الحديد : الآية ٤ .

(٤) سورة الأنعام : الآية ١٣٠ .

(٥) سورة السجدة : الآية ١٠ .

(٦) سورة الأعراف : الآية ١٧٢ .

٢٠٣

ذلك ، ما عرف أحد خالقَه ولا رازقَه ، وهو قول الله : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) (١) ) (٢) .

ومنها : ما في (تفسير القمّي) مسنداً عن ابن مُسْكان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قوله تعالى :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ) (٣) إ لى قوله : (بَلَى) ، قلت : معانية كان هذا ؟ قال :(نعم ، فثبتت المعرفة ، ونسوا الموقف ، وسيذكرونه ولولا ذلك ، لم يدرِ أحد مَن خالقُه ورازقه ، فمنهم مَن أقرَّ بلسانه في الذرّ ولم يؤمن بقلبه فقال : ( فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ ) (٤) ) (٥) .

ومنها : ما في (تفسير العياشي) عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ ) إلى : (أَنفُسِهِمْ) ، قال :(أخرج الله من ظهر آدم ذرّيته إلى يوم القيامة ، فخرجوا كالذرّ ، فعرّفهم نفسه ، واراهم نفسه ، ولولا ذلك ما عرف أحد ربّه ، وذلك قوله : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) (٦) ) (٧) .

ومنها : ما في (التوحيد) مسنداً عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : قلت له : أخبرني عن الله عزّ وجلّ هل يراه المؤمنون يوم القيامة ؟ قال :(نعم ، وقد رأوه قبل يوم القيامة) ، فقلت : متى؟ قال :(حين قال لهم : ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى ) (٨) ) ، ثمّ سكت ساعة ، ثمّ قال :(وإنّ المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم

ـــــــــــــ

(١) سورة الزخرف : الآية ٨٧ .

(٢) المحاسن : ١ / ٤٣٨ ، كتاب مصابيح الظلم ، ٤٣ ـ باب بدء الخلق ، الحديث ١٠١٥ / ٤١٧ .

(٣) سورة الأعراف : الآية ١٧٢ .

(٤) سورة الأعراف : الآية ١٠١ .

(٥) تفسير القمّي : ١ / ٢٤٨ ، تفسير سورة الأعراف : الآية ٢٤٨ .

(٦) سورة لقمان : الآية ٢٥ .

(٧) تفسير العيّاشي : ٢ / ١٧٣ ، تفسير سورة الأعراف : الآية ١٠١ ، ت ١٦٥٤ / ١١٢ .

(٨) سورة الأعراف : الآية ١٧٢ .

٢٠٤

القيامة ، ألست تراه في وقتك هذا ؟ ) ، قال أبو بصير : فقلت له : جعلت فداك ، فأُحدِّث بهذا عنك ؟ فقال :(لا ، فإنّك إذا حدَّثت به فأنكره منكر ، جاهل بمعنى ما تقوله ، ثمّ قدّر أنّ ذلك تشبيه كَفَر (١) وليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين ، تعالى الله عمّا يصفه المشبّهون والملحدون) (٢) .

ومنها : ما في (التوحيد) عن هشام ـ في حديث الزنديق ـ حين سأل الصادقعليه‌السلام عن حديث نزوله إلى سماء الدنيا ، فأجاب :(بأنّه ليس كنزول جسم عن جسم إلى جسم) ، إلى أن قال :(ولكنّه ينزل إلى سماء الدنيا بغير معاناة ولا حركة ، فيكون هو كما في السماء السابعة على العرش ، كذلك في سماء الدنيا ، إنّما يكشف عن عظمته ، ويُري أولياءه نفسه حيث شاء ، ويكشف ما شاء من قدرته ، ومنظره بالقرب والبعد سواء) (٣) .

ومنها : ما في (التوحيد) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، في حديث :(وسأل موسى وجرى على لسانه من حمد الله عزّ وجلّ : ربِّ أرني أنظُرْ إليك فكانت مسألته تلك أمراً عظيماً ، وسأل أمراً جسيماً ، فعوقب ، فقال الله تبارك وتعالى : لن تراني في الدنيا حتّى تموت ، فتراني في الآخرة) (٤) ـ الحديث .

ومنها : ما في عدّة من أخبار الجنّة: (أنّ الله سبحانه يتجلّى فيها لوليّه ، ثمّ يقول له : ولك في كلّ جمعة زورة) (٥) .

ـــــــــــــ

(١) كَفَرَ : فعل ماض جواب إذا .

(٢) التوحيد : ١١٣ ، باب ما جاء في الرؤية ، الحديث ٢٠ .

(٣) انظر هامش التوحيد : ٢٤٢ ، باب الردّ على الثنويّة والزنادقة ، الحديث ١ ، طبع ونشر مؤسّسة النشر الإسلامي / جامعة المدرّسين بحار الأنوار : ٣ / ٣٣٠ ، كتاب التوحيد ، باب ١٤ ـ نفي الزمان والحركة والانتقال عنه تعالى ، الحديث ٣٥ .

(٤) التوحيد : ٢٥٦ ، باب الردّ على الثنويّة والزنادقة ، الحديث ٥ .

(٥) بحار الأنوار : ٨ / ٢١٥ ، باب ٢٣ ـ الجنّة ونعيمها ، الحديث ٢٠٥ .

٢٠٥

وفي (جوامع الجامع) ، الحديث :(سَتَرَون ربّكم كما ترون القمر ليلة البدر) (١) .

ومن الروايات ما ورد في خصوص رسول الله والأئمّةعليهم‌السلام ، ففي (التوحيد) مسنداً عن محمّد بن الفضيل ، قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام : هل رأى رسول الله ربّه عزّ وجلّ ؟ فقال :(نعم ، بقلبه رآه ، أمَا سمعت الله عزّ وجلّ يقول : ( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ) (٢) ، أي لم يره بالبصر ولكن رآه بالفؤاد) (٣) .

ومنها : ما في (التوحيد) عن الرضاعليه‌السلام في حديث :(كان ( يعني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )إذا نظر إلى ربّه بقلبه ، جعله في نور مثل نور الحجب ، حتّى يستبين له ما في الحجب) (٤) .

ومنها : ما في (كامل الزيارة) لابن قولويه ، مسنداً عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال :(بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منزل فاطمة عليها‌السلام والحسين في حجره ؛ إذ بكى وخرّ ساجداً ، ثمّ قال : يا فاطمة ، يا بنت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إنّ العليَّ الأعلى تراءى لي في بيتك هذان في ساعتي هذه ، في أحسن صورة وأهيَأ هيئة ، وقال لي : يا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أتحبُّ الحسين عليه‌السلام ؟ فقلت : نعم ، قرّة عيني ، وريحانتي ، وثمرة فؤادي ، وجلدة ما بين عينيّ ، فقال لي : يا محمّد ، ووضع يده على رأس الحسين بورك من مولود عليه بركاتي وصلواتي ورحمتي ورضواني) (٥) ـ الحديث .

ومنها : قول أمير المؤمنينعليه‌السلام مستفيضاً :(لم أعبد ربّاً لم أره) (٦) .

ـــــــــــــ

(١) تفسير جوامع الجوامع / الطبرسي : ١ / ٧٠٠ ، تفسير سورة الأعراف : ١٤٣ ـ ١٤٥ بحار الأنوار : ٩١ / ٢٥١ ، باب ٤٠ ـ أحراز مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، الحديث ١١ .

(٢) سورة النجم : الآية ١١ .

(٣) التوحيد : ١١٢ ، باب ما جاء في الرؤية ، الحديث ١٧ .

(٤) المصدر المتقدّم : ١١٠ ، الحديث ١٣ .

(٥) كامل الزيارات : ١٤١ ، باب لعنُ الله تبارك وتعالى ولعن الأنبياء قاتلَ الحسين بن عليّعليه‌السلام ، الحديث ١٦٦ / ١ .

(٦) الكافي : ١ / ١١٩ ، باب في إبطال الرؤية ، الحديث ٢٦٠ / ٦ .

٢٠٦

ومنها : قولهعليه‌السلام :(ما رأيت شيئاً إلاّ ورأيت الله قبله) (١) .

وبالجملة ، فالأخبار في هذا المعنى كثيرة جدّاً ، مستفيضة أو متواترة .

وليس المراد من الرؤية فيها هو قوّة العلم الحاصل بالدليل ؛ فإنّه علم فكري ، والأخبار الكثيرة الأُخرى تنفي كونه معرفة بالحقيقة ، فضلاً عن كونه رؤية وشهوداً ، فإذن المطلوب ثابت ، والحمد لله .

الفصل الرابع : في أنّ الطريق إلى هذا الكمال ـ بعد إمكانه ـ ما هو؟

نقول : حيث إنّ نسبة الحقائق إلى ما في هذه النشأة المادية والنفس البدنيّة نسبة الباطن إلى الظاهر ، وكلّ خصوصيّة وجوديّة متعلّقة بالظاهر ، متعلّقةٌ بباطنه بالحقيقة ، وبنفس الظاهر بعَرضه وتبعه ، فالإدراك الضروري الذي للنفس إلى نفسها متعلّقة بباطنها أوّلاً وبالحقيقة ، وبنفسها بعرضه وتبعه .

فالحقيقة التي في باطن النفس أقدم إدراكاً عند النفس من نفسها وأبده ، وما هي في باطن باطنها أقدم منها وأبده البديهيّات .

وحيث إنّ الوجود صرف عندها ، لا يتصوّر له ثانٍ ولا غير ، فلا يتصوّر بالنسبة إلى إدراكها دفع دافع ، ولا منع مانع ، وهذا برهان تامّ غير مدفوع البتّة .

ثمّ نقول : إنّ كلّ حقيقة موجودة ، فهي مقتضية لتمام نفسها في ذاتها وعوارضها وهذه مقدّمة ضروريّة في نفسها ، غير أنّها محتاجة إلى تصوّر تامّ : فإذا فرضنا حقيقة مثل (أ) مثلاً ، ذات عوارض مثل : (ب) (ج) (د) , فهذه الحقيقة في ذاتها تقتضي أن تكون (أ) , لا ناقصاً من (أ) والناقص من (أ) ليس هو (أ) , وقد فرضناها (أ) .

وأيضاً هي تقتضي عوارض مثل : (ب) (ج) (د) , وهي هي والناقص من (ب) (ج) (د) , ليس هو (ب) , ليس هو (ب) (ج) (د) , وقد فرضناها (ب) (ج) (د) لا غير ، وهو ظاهر .

وهذا الذي تقتضيه كلّ حقيقة في ذاتها وعوارضها ، هو الذي نسمّيه بالكمال والسعادة .

ـــــــــــــ

(١) شرح الأسماء الحسنى / الملاّ هادي السبزواري : ١ / ٤ نظرات في التصوّف والكرامات / محمّد جواد مغنية : ٧١ ، صدر المتألّهين ، ولكن ورد فيها : (ما رأيت شيئاً إلاّ رأيت الله معه) .

٢٠٧

ثمّ ِإنّ حقيقة كلّ كمال هي التي تتقيّد في ذاتها بقيد عدمي ، وهو النقص ، فإنّ كلّ كمال فهو في ذاته واجد لذاته ، فلا يفقد من ذاته شيئاً إلاّ من جهة قيد عدمي معه بالضرورة فحقيقة (أ) مثلاً واجدة لما فرض أنّه (أ) فانفصال وجود هذا الشخص من (أ) من ذلك الشخص من (أ) ، ليس إلاّ لوجود قيد عدمي عند كلّ واحد من الشخصين ؛ يوجب فقد حقيقة (أ) في كلّ منهما شيئاً من ذاتها لا من عوارضها ، وهو محال بالانقلاب أو الخلف ، بالنظر إلى ذات (أ) المفروض في ذاته ، بل الفاقد لخصوصيّة هذا الشخص هو ذلك الشخص من (أ) .

فلحقيقة (أ) مرتبتان : مرتبةٌ في ذاتها لا تفقد فيها شيئاً من ذاتها ، ومرتبةٌ عند هذا الشخص وعند ذلك الشخص ، فيها يصير شيء من كمالها مفقوداً .

وليس ذلك من التشكيك في شيء ؛ فإنّا إذا فرضنا هذا الشخص مرتبة منها ، فهو أيضاً (أ) وعاد المحال ، بل الشخص بحيث إذا فرض معه الحقيقة كان هذا الشخص ، وإذا قطع عنها النظر لم يكن شيئاً ؛ إذ لا يبقى معه إلاّ قيد عدمي ، فهو هو معها وليس هو دونها ، فليس في مورد الشخص إلاّ الحقيقة ، والشخص أمر عدمي وهمي اعتباري وهذا المعنى هو الذي نصطلح عليه بالظهور ، فافهم.

ويظهر من هنا أنّ حقيقة كلّ كمال هو المطلق المرسل الدائم منه ، وأنّ قرب كلّ كمال من حقيقته بمقدار ظهور حقيقته فيه ، أي اقترانها بالقيود والحدود فكلّ ما ازدادت القيود قلّ الظهور ، وبالعكس .

ويظهر من هنا أنّ الحقّ سبحانه هو الحقيقة الأخيرة لكلّ كمال ، حيث إنّ له صِرف كلّ كمال وجمال ، وأنّ قرب كلّ موجود منه على قدر قيوده العدميّة وحدوده .

٢٠٨

ويظهر من ذلك أنّ وصول كلِّ موجود إلى كماله الحقيقي مستلزم لفنائه ، حيث إنّه مستلزم لفناء قيوده وحدوده في ذاته ، أو في عوارضه فقط ، وبالعكس ، فناءُ كلِّ موجود مستلزم لبقاء حقيقته في مورده فقط ، قال تعالى :( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) (١) .

فالكمال الحقيقي لكلّ موجودٍ ممكنٍ هو الذي يفنى عنده ، فالكمال الحقيقي للإنسان أيضاً هو الذي يصير عند كماله الإنساني مطلقاً مرسلاً ، ويفنى عنده الإنسان لا كمال له غير ذلك البتّة .

وقد مرّ في البرهان السابق أنّ شهود الإنسان لذاته الذي هو عين ذاته ، شهود منه لجميع حقائقه ولحقيقته الأخيرة ، وحيث أنّه فان ٍعند ذلك ؛ فالإنسان شاهد في عين فنائه .

وإن شئت قلت : إنّ حقيقته هي الشاهدة لنفسها ، والإنسان فانٍ .

هذا ، فالكمال الحقيقي للإنسان وصولُه إلى كماله الحقيقي ذاتاً وعوارض ؛ أي وصوله إلى كماله الأخير ذاتاً ووصفاً وفعلاً ، أي فنائه ذاتاً ووصفاً وفعلاً في الحقّ سبحانه ؛ وهو التوحيد الذاتي والاسمي والفعلي ، وهو تمكّنه من شهود أن لا ذات ولا وصف ولا فعل إلاّ لله سبحانه ، على الوجه اللائق بقُدس حضرته جلّت عظمته ، من غير حلول واتّحاد ـ تعالى عن ذلك .

وهذا البرهان من مواهب الله سبحانه المختصّة بهذه الرسالة والحمد لله .

ثمّ إنّ المتحصّل من البرهان المذكور في أوّل الفصل أنّ شهود هذه الحقائق ومعرفتها منطوية في شهود النفس ومعرفتها ، فأقرب طُرق الإنسان إليها طريق معرفة النفس وقد تحصّل أيضاً سابقاً أنّ ذلك بالإعراض عن غير الله ، والتوجّه إلى الله سبحانه .

ـــــــــــــ

(١) سورة الرحمن : الآيتان ٢٦ ـ ٢٧ .

٢٠٩

تتمّة :

إذا تتبّعنا الكتاب والسُّنّة ، وتأمّلنا فيها تأملاً وافياً ، وجدنا أنّ المدار في الثواب والعقاب ، هو الإطاعة والانقياد ، والتمرّد والعناد فمن المسلّم المحصّل منهما أنّ المعاصي ـ حتّى الكبائر الموبقة ـ لا توجب عقاباً إذا صدرت ممّن لا يشعر بها أو ممَّن يجري مجراه ، وأنّ الطاعات لا توجب ثواباً إذا صدرت من غير تقرّب وانقياد ، إلاّ إذا كانت ممّا الانقياد ملازم لذاته كبعض الأخلاق الفاضلة الشريفة .

وكذلك صدور المعصية ممّن لا يشعر بكونها معصية ، إذا قصد الإطاعة ، لا يخلو من حسن ، وصدور الطاعة بقصد العناد واللعب لا يخلو من قبح وكذلك مراتب الطاعة والعصية تختلف حسب اختلاف الانقياد والتمرّد اللذين تشتمل عليهما ؛ فقد ورد :(أفضل الأعمال أحمزها) (١) . وورد متواتراً في متفرّقات أبواب الطاعات والمعاصي اختلاف مراتبها فضلاً وخسّة ، وثواباً وعقاباً والعقل السليم ـ أيضاً ـ حاكم بذلك وأكثر الآيات القرآنيّة تحيل الناس إلى ما يحكم به العقل والميزان ـ بناءً على حكم العقل ـ هو الانقياد للحقّ والعناد لا غير ، وهذان أمران مختلفان بحسب المراتب بالضرورة .

وحيث إنّ السعادة والشقاوة تدوران مدارهما ، فلهما عرض عريض بحسب المراتب الموجودة من الانقياد والتمرّد .

ومن هنا يظهر أنّ المختصّ من السعادة بالمنتحل بدين الحقّ ، إنّما هو كمالها وأمّا مطلق السعادة ، فغير مختصّ بالمنتحل بدين الحقّ ، بل ربّما وجد في غير المنتحل أيضاً ، إذا وجد فيه شيء من الانقياد ، أو فقد شيء من العناد بحسب المرتبة .

ـــــــــــــ

(١) بحار الأنوار : ٧٩ / ٢٢٨ ، كتاب الصلاة ، باب ١ ـ فضل الصلاة وعقاب تاركها ، الحديث ٥٥ مفتاح الفلاح : ٤٥ ، الباب الأوّل : فيما يعمل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، فصل ، وقد ورد : (أفضل العبادة أحمزها) ـ انظر شرح نهج البلاغة : ١٠ / ٥٠ ، حِكم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، الحكمة رقم ٢٤٦ .

٢١٠

وهذا هو الذي يحكم به العقل ويظهر من الشرع ، فإنّما الشرع يعيّن حدود ما حكم به العقل ، كما في الحديث المشهور عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال :(إنّما بعثت لأُتمّم مكارم الأخلاق) (١) .

وذلك كما ورد في كسرى وحاتم أنّهما غير معذّبين لوجود صفتي العدل والجود فيهما .

وفي (الخصال) عن الصادق ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّعليهم‌السلام ، قال :

(إنّ للجنّة ثمانية أبواب :

باب يدخل منه النبيُّون والصدّيقون .

وباب يدخل منه الشهداء والصالحون .

وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبّونا فلا أزال واقفاً على الصراط أدعو وأقول : ربّ سلِّم شيعتي ومُحبّيَّ وأنصاريَ ومَن تولاّني في دار الدنيا ، فإذا النداء من بُطنان العرش : قد أُجيبت دعوتك ، وشُفّعت في شيعتك ويشفع كلُّ رجل من شيعتي ومَن تولاّني ونصرني وحارب مَن حاربني ، بفعل أو قول ، في سبعن ألف من جيرانه وأقربائه .

وباب يدخل منه سائر المسلمين ، ممّن يشهد أن لا إله إلاّ الله ، ولم يكن في قلبه مثقال ذرّة من بغضنا أهل البيت) (٢) .

وفي (تفسير القمّي) مسنداً عن ضُريس الكناسي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : قلت له : جُعلت فداك ، ما حال الموحّدين المقرّين بنبوّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المذنبين الذين يموتون وليس لهم إمام ، ولا يعرفون ولايتكم ؟ فقال :

(أمّا هؤلاء ، فإنّهم في حُفرهم لا يخرجون منها فمَن كان له عمل صالح ، ولم يظهر منه عداوة ، فإنّه يُخدُّ له خدّاً إلى الجنّة التي خلقها الله بالمغرب ، فيدخل عليه الروحُ في حفرته إلى يوم القيامة ، حتّى يلقى الله ، فيحاسبه بحسناته وسيّئاته ، فإمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار ، فهؤلاء المُرجَون لأمر الله) .

ـــــــــــــ

(١) مستدرك الوسائل : ١١ / ١٨٧ ، باب استحباب التخلّق بمكارم الأخلاق ، الحديث ١٢٧٠١ / ١ .

(٢) الخصال : ٢ / ٤٠٧ ، باب الثمانية ـ للجنّة ثمانية أبواب ، الحديث ٦ .

٢١١

قال :(وكذلك يفعل بالمستضعفين والبُلّه والأطفال وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحُلم وأمّا النصّاب من أهل القبلة ، فإنّه يخدُّ لهم خدّاً إلى النار التي خلقها الله في المشرق ، فيدخل عليهم اللهب والشَّرَر والدخان وفورة الحميم إلى يوم القيامة ، ثمّ بعد ذلك مصيرهم إلى الجحيم) (١) .

وفي دعاء كميل المروي عن عليّعليه‌السلام :

(فباليقين أقطع لولا ما حكمت به من تعذيب جاحديك ، وقضيت به من إخلاد معانديك ، لجعلت النّار كلّها برداً وسلاماً ، وما كانت لأحد فيها مقرّاً ولا مقاماً ، لكنّك تقدَّست أسمائك ، أقسمت أن تملأها من الكافرين ، من الجنّة والنّاس أجمعين ، وأن تخلّد فيها المعاندين) (٢) ـ الدعاء .

وأكثر الآيات القرآنيّة إنّما توعد الذين قامت لهم البيّنة ، وتمّت عليهم الحجّة ، وتقيّد الكفر بالجحود والعناد ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) (٣) ، وقال تعالى : ( لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ) (٤) .

وبالجملة : فالميزان كلّ الميزان في السعادة والشقاوة ، والثواب والعقاب ،

ـــــــــــــ

(١) تفسير القمّي : ٢ / ٢٦٠ ، تفسير سورة غافر : الآية ٧٥ .

(٢) المصباح / الكفعمي : ٥٥٩ ، دعاء أمير المؤمنينعليه‌السلام في ليلة نصف من شعبان .

(٣) سورة المائدة : الآية ١٠ و ٨٦ .

(٤) سورة الأنفال : الآية ٤٢ .

٢١٢

هو سلامة القلب وصفاء النفس ، قال سبحانه :( يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (١) ، وقال سبحانه :( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ) (٢) .

وجميع الملل الإلهية تروم في تربية الناس هذا المرام وهذا مسلّم من سلائقها وما تندب إليها ، وهو الذي يراه الحكماء المتألّهون من السابقين .

وأمّا شريعة الإسلام ، فأمرها في ذلك أوضح ، غير أنّها ـ كما مرّ في أوار الفصل الثاني ـ تدعو إلى كلّ سعادة ممكنة إلاّ أنّ معرفة الربّ من طريق النفس حيث كانت أقرب طريقاً ، وأتمّ نتيجة ، فإتيانها لها أقوى وآكد ؛ ولذلك ترى الكتاب والسُّنّة يقصدان هذا المقصد ، ويدعوان إلى هذا المدّعى بأيّ لسان أمكن :

قال سبحانه :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) (٣) ، وهذه الآية كعكس النقيض ؛ لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحديث المشهور بين الفريقين :(مَن عرف نفسه عَرف ربّه) (٤) ، أو : (فقد عرف ربّه) (٥) .

قال سبحانه :( عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) (٦) .

ـــــــــــــ

(١) سورة الشعراء : الآيتان ٨٨ و ٨٩ .

(٢) سورة الطارق : الآية ٩ .

(٣) سورة الحشر : الآيتان ١٨ و ١٩ .

(٤) غرر الحكم : ٢٣٢ ، معرفة النفس وعلائمه ، الحديث ٤٦٣٧ .

(٥) بحار الأنوار : ٢ / ٣٢ ، باب ٩ ـ استعمال العلم والإخلاص في طلبه ، الحديث ٢٢ .

(٦) سورة المائدة : الآية ١٠٥ .

٢١٣

وقد روى الآمدي في كتاب (الغرر والدرر) من كلمات عليّعليه‌السلام القصار ، ما يبلغ نيفاً وعشرين حديثاً في معرفة النفس(١) ، منها : أنّهعليه‌السلام قال :(الكيّس مَن عرف نفسه وأخلص أعماله) .

وقالعليه‌السلام :(المعرفة بالنفس أنفع المعرفتين)

وقالعليه‌السلام :( العرَّاف مَن عرف نفسه فأعتقها ، ونزّهها عن كلّ ما يبعّدها ويوبقها) .

وقالعليه‌السلام :(أعظم الجهل جهل الإنسان أمر نفسه) .

وقالعليه‌السلام : (أكثر الناس معرفة لنفسه أخوفهم لربّه) .

وقالعليه‌السلام :(أفضل العقل معرفة الإنسان [المرء]نفسه ، فمَن عرف نفسه عقل ، ومَن جهلها ضلّ) .

وقالعليه‌السلام :(عجبت لمَن ينشد ضالّته ، وقد أضلّ نفسه فلا يطلبها ؟! ) .

وقالعليه‌السلام :(عجبت لمَن يجهل نفسه كيف يعرف ربّه ؟! ) .

وقالعليه‌السلام :(غاية المعرفة أن يعرف المرء نفسه) .

وقالعليه‌السلام :(كيف يعرف غيره مَن يجهل نفسه ؟! ) .

وقالعليه‌السلام :(كفى بالمرء معرفة أن يعرف نفسه) .

وقالعليه‌السلام :(كفى بالمرء جهلاً أن يجهل نفسه) .

وقالعليه‌السلام :(مَن عرف نفسه تجرّد) .

وقالعليه‌السلام :(مَن عرف نفسه جاهدها) .

وقالعليه‌السلام :(مَن جهل نفسه أهملها) .

وقالعليه‌السلام :(مَن عرف نفسه عرف ربّه) .

ـــــــــــــ

(١) غرر الحكم : ٢٣٢ ، معرفة النفس وعلائمه ـ جهل النفس ، الحديث ٤٦٢٩ وما بعده .

٢١٤

وقالعليه‌السلام :(مَن عرف نفسه جلّ أمره) .

وقالعليه‌السلام :(مَن جهل نفسه كان بغيره أجهل) .

وقالعليه‌السلام :(مَن عرف نفسه كان لغيره أعرف) .

وقالعليه‌السلام :(مَن عرف نفسه فقد انتهى إلى غاية كلّ معرفة وعلم) .

وقالعليه‌السلام :(مَن لم يعرف نفسه بَعُد عن سبيل النجاة ، وخبط في الضلال والجهالات) .

وقالعليه‌السلام :(معرفة النفس أنفع المعارف) .

وقالعليه‌السلام :(نال الفوز الأكبر مَن ظفر بمعرفة النفس) .

وقالعليه‌السلام : (لا تجهل نفسك ، فإنّ الجاهل معرفة نفسه جاهل بكلّ شيء) .

أقول : وهذه الأحاديث تدفع ـ كما ترى ـ تفسير مَن يُفسّر من العلماء (رحمه الله) قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(مَن عرف نفسه فقد عرف ربّه) (١) ـ الحديث ، بأنّ المراد : استحالة معرفة النفس لتعلُّيقها بمعرفة الربّ ، وهو مستحيل ويدفعه الروايات السابقة ، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (أعرفكم بنفسه أعرفكم بربّه) (٢) ـ الحديث النبوي .

مع أنّ معرفته سبحانه لو كانت مستحيلة ، فإنّما هي المعرفة الفكريّة من طريق الفكر ، لا من طريق الشهود ومع التسليم ، فإنّما المستحيل معرفته بمعنى الإحاطة التامّة .

وأمّا المعرفة بقدر الطاقة الإمكانيّة ، فغير مستحيلة .

هذا ، وبالجملة : فكون معرفة النفس أفضل الطرق وأقربها إلى الكمال ، ممّا لا ينبغي الريب فيه ، وإنّما الكلام في كيفيّة السير من هذا المسير .

ـــــــــــــ

(١) تقدّم ذكره في الصفحة ٢٣٧ ، الهامش رقم ٥ .

(٢) جامع الأخبار : ٤ ، الفصل الأوّل : في معرفة الله تعالى .

٢١٥

فقد زعم البعض أنّ كيفيّة السير من هذا الطريق غير مبيّنة شرعاً ، حتّى ذكر بعض المصنّفين أنّ هذا الطريق في الإسلام كطريق الرهبانيّة التي ابتدعتها النصارى من غير نزول حكم إلهي به ، فقبل الله سبحانه ذلك منهم ، فقال سبحانه : ( وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ) الآية(١) .

قال : فكذلك طريق معرفة النفس غير واردة في الشريعة ، إلاّ أنها طريقة إلى الكمال مرضيّة ، انتهى ملخّصاً .

ومن هنا ربّما يوجب عند بعض أهل هذا الطريق ، وجوه من الرياضات ومسالك مخصوصة ، لا تكاد توجد ـ أو لا توجد ـ في مطاوي الكتاب والسُّنّة ، ولم يشاهَد في سيرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة من أهل بيتهعليهم‌السلام .

وذلك كلّه بالبناء على ما مرّ ذكره ، وأنّ المراد هو العبور والوصول بأيّ نحو أمكن بعد حفظ الغاية وكذلك الطُّرق المأثور عن غير المسلمين من متألّهي الحكماء وأهل الرياضة ، كما هو ظاهر لمَن راجع كتبهم ، أو الطُّرق المأثورة عنهم .

لكنّ الحقّ الذي عليه أهل الحقّ ، وهو الظاهر من الكتاب والسُّنّة ، أنّ شريعة الإسلام لا تجوّز التوجّه إلى غير الله سبحانه للسالك إليه تعالى بوجه من الوجوه ، ولا الاعتصام بغيره سبحانه إلاّ بطريق أمرَ بلزومه وأخْذِه .

وإنّ شريعة الإسلام لم تهمل مثقال ذرّة من السعادة والشقاوة إلاّ بيّنتها ، ولا شيئاً من لوازم السير إلى الله سبحانه ، يسيراً أو خطيراً ، إلاّ أوضحتها ، فلكلّ نفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت ، قال سبحانه : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ ) (٢) ،

ـــــــــــــ

(١) سورة الحديد : الآية ٢٧ .

(٢) سورة النحل : الآية ٨٩ .

٢١٦

وقال سبحانه : ( وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ) (١) ، وقال سبحانه :( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ) (٢) ، وقال سبحانه :( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) (٣) إلى غير ذلك .

والأخبار في هذا المعنى من طريق أهل البيت مستفيضة ، بل متواترة .

وممّا يظهر أنّ حظّ كلّ امرئ من الكمال بمقدار متابعته للشرع ، وقد عرفت أنّ هذا الكمال أمر مشكّك ذو مراتب ونِعم ما قال بعض أهل الكمال : إنّ المَيل من متابعة الشرع إلى الرياضات الشاقّة ، فرار من الأشقّ إلى الأسهل ، فإنّ الشرع قتل مستمرّ للنفس ، دائمي ما دامت موجودة ، والرياضة الشاقّة قتل دفعي ، وهو أسهل إيثاراً .

وبالجملة : فالشرع لم يهمل بيان كيفيّة السير من طريق النفس .

بيان ذلك : أ نّ العبادة تتصّور على ثلاثة أقسام :

أحدها : العبادة طمعاً في الجنّة .

والثاني : العبادة خوفاً من النار .

والثالث : العبادة لوجه الله ، لا خوفاً ولا طمعاً .

وغير القسم الثالث ، حيث إنّ غايته الفوز بالراحة أو التخلّص من العذاب ، فغايته حصول مشتهى النفس فالتوجّه فيه إلى الله سبحانه إنّما هو لحصول مشتهى النفس ، ففيه جعل الحقّ سبحانه واسطة لحصول المشتهى .

والواسطة ، من حيث هي واسطة ، غير مقصودة إلاّ بالتبع والعَرض ، فهي بالحقيقة ليست إلاّ عبادة للشهوة .

ـــــــــــــ

(١) سورة الروم : الآية ٥٨ .

(٢) سورة آل عمران : الآية ٣١ .

(٣) سورة الأحزاب : الآية ٢١ .

٢١٧

بقي القسم الثالث ، وهو العبادة بالحقيقة ، وقد وقع التعبير عنه مختلفاً ، ففي (الكافي) مسنداً عن هارون ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال :(إنّ العبّاد ثلاثة : قوم عبدوا الله عزّ وجلّ خوفاً ، فتلك عبادة العبيد وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب ، فتلك عبادة الأُجراء وقوم عبدوا الله عزّ وجلّ حبّاً له ، فتلك عبادة الأحرار ، وهي أفضل العبادة) (١) .

وفي (نهج البلاغة) :(أنّ قوماً عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجّار ، وأنّ قوماً عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، وأنّ قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار) (٢) .

وفي (العلل) ، و(المجالس) ، و(الخصال) : مسنداً عن يونس ، عن الصادق جعفر بن محمدعليه‌السلام : (أنّ النّاس يعبدون الله عزّ وجلّ على ثلاثة أوجه : فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه ، فتلك عبادة الحرصاء ، وهو الطمع وآخرون يعبدونه خوفاً من النار ، فتلك عبادة العبيد ، وهي رهبة ولكنّي أعبده حبّاً له عزّ وجلّ ، فتلك عبادة الكرام ، وهو الأمن ؛ لقوله عزّ وجلّ : ( وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ) (٣) ، ولقوله عزّ وجلّ : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) (٤) . فمَن أحبّ الله عزّ وجلّ أحبّه اللهُ ، ومَن أحبّه الله كان من الآمنين وهذا مقام مكنون لا يمسُّه إلاّ المطهّرون) (٥) .

وعن (المناقب) :(كان ( يعني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )يبكي حتى يغشى عليه ، فقيل له :

ـــــــــــــ

(١) الكافي : ٢ / ١١١ ، باب العبادة ، الحدث ١٦٦٥ / ٥ .

(٢) نهج البلاغة : ٥١٠ ، حِكم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، الحكمة ٢٣٧ .

(٣) سورة النمل : الآية ٨٩ .

(٤) سورة آل عمران : الآية ٣١ .

(٥) العلل : ١ / ١٢ ، باب علّة خلق الخَلق واختلاف أحوالهم ، الباب ٨ أمالي الصدوق ـ المجلس العاشر : ٩١ ، الحديث ٦٥ / ٥ الخصال : ١ / ١٨٨ ، باب الثلاثة ـ الناس يعبدون الله عزّ وجلّ على ثلاثة أوجه ، الحديث ٢٥٩ ، ولكن ورد فيها : (فَرَقاً من النار) بدل (خوفاً من النار) .

٢١٨

أليس قد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر ؟ فقال : أفلا أكون عبداً شكوراً ؟! ) (١) ـ الحديث .

أقول : والشكر والحبّ مرجعهما واحد ، فإن الشكر هو الثناء على الجميل من حيث هو جميل ، فتكون العبادة توجّهاً وتذلّلاً له سبحانه ؛ لأنّه جميل بالذات ، فهو سبحانه المقصود لنفسه لا لغيره ، كما قال سبحانه : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) (٢) .

فغاية خلقهم ، أي وجودهم ، أي كمال وجودهم ، هو عبادته سبحانه ، أي التوجّه إليه وحده والتوجّه وسط غير مقصود بالذات ، فهو سبحانه غاية وجودهم ؛ ولذا فسّر العبادة هاهنا في الأخبار بالمعرفة .

وقال سبحانه : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ) (٣) .

وقال سبحانه :( هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٤) .

وكذلك الحبّ انجذاب النفس إلى الجميل من حيث هو جميل ، وعنده سبحانه الجمال المطلق .

وقال سبحانه : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي ) (٥) .

وقال سبحانه :( وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ ) (٦) ، وستأتي رواية الديلمي .

وفي دعاء كميل :(واجعل قلبي بحبّك متيّماً) .

وفي مناجاة عليعليه‌السلام :(إلهي أقمني في أهل ولايتك مقام [مَن]رجا الزيادة

ـــــــــــــ

(١) مناقب ابن شهر آشوب ٤ / ١٦١ ، باب إمامة أبي محمّد علي بن الحسينعليه‌السلام / زهده .

(٢) سورة الذاريات : الآية ٥٦ .

(٣) سورة الإسراء : الآية ٢٣ .

(٤) سورة غافر : الآية ٦٥ .

(٥) سورة آل عمران : الآية ٣١ .

(٦) سورة البقرة : الآية ١٦٥ .

٢١٩

من محبّتك) (١) .

وحديث الحبّ كثير الدور في الأدعية .

وإن تعجب فعجب قول مَن يقول : إنّ المحبّة لا تتعلّق به سبحانه حقيقة ، وما ورد من ذلك من خلال الشريعة مجاز يراد به امتثال الأمر والانتهاء من النهي !! وهذا دفع للضرورة ، ومكابرة مع البداهة .

ولعمري كم من الفرق بين مَن يقول : إنّ المحبّة لا تتعلّق بالله سبحانه ، ومَن يقول : إنّ المحبّة لا تتعلّق إلاّ بالله سبحانه .

ولنرجع إلى ما كنّا فيه ، ونقول : حيث إنّ العبادة ، وهي التوجّه إلى الله سبحانه ، لا تتحقّق من دون معرفة ما ، وإن كانت هي أيضاً مقدِّمة أو محصِّلة للمعرفة ، فإتيانها بحقيقتها المقدورة يحتاج إلى سير في المعرفة ، وإن كانتا كالمتلازمتين كما في خبر إسماعيل بن جابر ، عن الصادقعليه‌السلام :(العلم مقرون إلى العمل ، فمَن عَلِمَ عَمِلَ ، ومَن عَمِلَ عَلِمَ) (٢) ـ الحديث .

وبعبارة أُخرى : يلزم أن تقع العبادة عن معرفة حتى تنتج معرفة ، كما في النبوي ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(مَن عَمِلَ بما عَلِمَ أورثه الله علْمَ ما لم يعلم) (٣) الحديث وهو معنى قول

ـــــــــــــ

(١) بحار الأنوار : ٩١ / ٩٨ ، باب ٣٢ ـ أدعية المناجاة ، الحديث ١٣ .

(٢) بحار الأنوار : ٢ / ٤٠ ، باب ٩ ـ استعمال العلم والإخلاص في طلبه ، الحديث ٧١ الكافي : ١ / ٦٣ ، باب استعمال العلم ، الحديث ١٠٨ / ٢ ، وقد خلت بعض الأحاديث من : (ومن عمل علم) بحار الأنوار : ٢ / ٣٦ ، الباب المتقدّم ، الحديث ٤٣ .

(٣) كشف الخفاء / العجلوني : ٢ / ٢٨٧ ، الحديث ٣٤٦ و : ٣٤٧ ، الحديث ٢٥٤٢ ، ولكن ورد فيها : (علم ما لم يعمل) تفسير الصافي / الفيض الكاشاني : ٤ / ١٢٣ ، تفسير سورة العنكبوت : الآية ٦٩ ، وقد ورد : (كفي ما لم يعلم) ـ راجع : التوحيد : ٤٠٥ ، الحديث ١٧ ، باب التعريف والبيان والحجّة ، والوسائل : ٢٧ / ١٦٤ ، باب وجوب التوقّف والاحتياط في القضاء والفتوى ، الحديث ٣٣٤٩٨ / ٣٥ .

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554