حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه10%

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه مؤلف:
تصنيف: دراسات
الصفحات: 554

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه
  • البداية
  • السابق
  • 554 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 174440 / تحميل: 5856
الحجم الحجم الحجم
حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

قالت:فمَن قاتل الأقوام إذ نكثوا ؟

فقلت:تفسيره في وقعة الجملِ

قالت:فمَن حاربَ الأرجاس إذ قسطوا ؟

فقلت:صفِّين تُبدي صفحة العملِ

قالت:فمَن قارعَ الأنجاس إذ مَرقوا ؟

فقلت:معناه يوم النَّهروان جَلي

قالت:فمَن صاحب الحوض الشريف غداً؟

فقلت:مَن بيته في أشرف الحللِ

قالت:فمَن ذا لواء الحمد يحمله ؟

فقلت:مَن لم يكن في الرَّوع بالوجلِ

قالت:اُكلُّ الذي قد قلتَ في رجلٍ ؟

فقلت:كلُّ الذي قد قلتُ في رجلِ

قالت:فمَن هو هذا الفرد سِمهُ لنا ؟

فقلت:ذاك أمير المؤمنين علي

وله من قصيدة:

يا كفو بنت محمَّد لولاك ما

زُفَّت إلى بشر مدى الأحقابِ

يا أصل عترة أحمد لولاك لم

يك أحمد المبعوث ذا أعقابِ

كان النبيُّ مدينة العلم التي

حوت الكمال و كنتَ أفضل بابِ

رُدَّت عليك الشمس وهي فضيلةُ

بهرت فلم تُستر بلفِّ نقابِ

لم أحك إلّا ما روته نواصبٌ

عادتك فهي مباحة الأسلابِ

عوملت يا تلو النبيِّ وصنوه

بأوابد جاءت بكلّ عجابِ

قد لقَّبوك أبا ترابٍ بعد ما

باعوا شريعتهم بكفِّ تُرابِ

لم تعلموا أنَّ الوصيَّ هو الذي

آتي الزكاة وكان في المحرابِ

لم تعلموا أنَّ الوصيَّ هو الذي

حَكَم الغدير له على الأصحابِ

وله قوله:

وقالوا:عليُّ علا. قلت:لا

فإنَّ العُلا بعليٍّ عُلا

ولكن أقول كقول النبيِّ

وقد جمع الخلق كلّ الملا

: ألا إنَّ مَن كنت مولى له

يُوالي علياً و إلّا فلا

وله من قصيدة قوله:

وكم دعوةٍ للمصطفى فيه حُقِّقت

وآمال من عادى الوصيِّ خوائبُ

فمَن رَمَدٍ آذاه جَلّاه داعياً

لساعته والريح في الحرب عاصبُ

من سطوةٍ للحرِّ والبرد رفِّعت

بدعوته عنه وفيها عجائبُ

٤١

وفي أيِّ يوم لم يكن شمس يومه

إذا قيل هذا يوم تُقضى المآرب ؟

أفي خطبة الزَّهراء لمّا استخصَّه

كفاءاً لها والكلُّ من قبل طالبُ ؟

أفي الطير لمّا قد دعا فأجابه

وقد ردَّه عنه غبيُّ مواربُ ؟

أفي رفعه يوم التباهل قدره ؟

وذلك مجدٌ ما علمت مواظبُ

أفي يوم خمٍّ إذ أشاد بذكره ؟

وقد سمع الايصاء جاء وذاهبُ

أيعسوب دين الله صنو نبيَّه

ومن حبّه فرضٌ من الله واجبُ

مكانك من فوق الفراقد لائحٌ

ومجدك من أعلى السّماك مراقبُ

وسيفك في جيد الأعادي قلائدُ

قلائد لم يعكف عليهنَّ ثاقبُ

( ألشاعر )

ألصاحب كافي الكفاة أبو القاسم إسماعيل بن أبي الحسن عبّاد بن العبّاس بن عبّاد بن أحمد بن إدريس الطالقاني.

قد يرتج القول على صاحبه بالرغم من بلوغه الغاية القصوى من القدرة في تحليل شخصيّات كبيرة أتتهم الفضايل من شتى النواحي، واكتنفتهم المزايا الفاضلة من جهات متفرِّقة، ومن هاتيك النفسيّات الكبيرة التي أعيت البليغ حدودها نفسيَّة - الصاحب - فهي تستدعي الإفاضة في تحليلها من ناحية العلم طوراً، ومن ناحية الأدب تارةً، كما تسترسل القول من وجهة السياسة مرَّة، ومن وجهة العظمة اُخرى، إلى جودٍ هامرٍ، وفضلٍ وافرٍ، وشرفٍ صميم، ومذهبٍ قويم، وفضايل لا تحُصى ومهما هتف المعاجم بشيء من ذلك فإنَّه بعض الحقيقة، ولعلِّ في شهرته بهاتيك المآثر جمعاء غنىً عن الإطناب في وصفه، وإنَّك لا تجد شيئاً من كتب التراجم إلّا وفيه لمعُ من محامده، ومن أشهرها ( يتيمة الدهر ) للثعالبي وهو أبسط مَن كتب فيه من القدماء وقد استوعب فيه ٩١ صحيفة، وإنَّما ألفَّها له ولشعرائه، وأفرد غير واحد من رجال التأليف كتاباً في ترجمته منهم:

١ - مهذّب الدين محمَّد بن علي الحلّي المزبدي المعروف بأبي طالب الخيمي له كتاب [ الديوان المعمور في مدح الصاحب المذكور ].

٤٢

٢ - ألشيخ محمَّد علي بن الشيخ أبي طالب الزاهدي الجيلاني المولود ١١٠٣ و المتوفّى ١١٨١.

٣ - ألسيِّد أبو القاسم أحمد بن محمَّد الحسني الحسيني الإصبهاني، له كتاب [ رسالة الارشاد في أحوال الصاحب بن عباد ] ألفَّها سنة ١٢٥٩.

٤ - ألاُستاذ خليل مردم بك له كتاب في المترجَم طبع في مطبعة الترقّي ٢٥٢ صحيفة بدمشق وهو الجزء الرابع من أئَّمة الأدب الأربعة في أربعة أجزاء.

وبعد هذه الشهرة الطائلة فليس علينا إلّا سرد ترجمة بسيطة هي جُماع ما في هذه الكتب.

وُلد الصاحب في إحدى كور فارس باصطخر أو بطالقان في ١٦ ذي القعدة سنة ٣٢٦، وأخذ العلم والأدب عن والده وأبي الفضل إبن العميد. وأبي الحسين أحمد بن فارس اللغوي، وأبي الفضل العبّاس بن محمّد النحوي الملقَّب بعرام، وأبي سعيد السيرافي وأبي بكر بن مقسم، والقاضي أبي بكر أحمد بن كامل بن شجرة، و عبد الله بن جعفر بن فارس ويروي عن الأخيرين.

قال السمعاني:إنَّه سمع الأحاديث من الإصبهانيِّين والبغداديِّين والرازيِّين وحدَّث، وكان يحثُّ على طلب الحديث وكتابته، وروى عن إبن مردويه انَّه سمع الصاحب يقول:من لم يكتب الحديث لم يجد حلاوة الإسلام.

وكان يُملي الحديث على خلقٍ كثير فكان المستملي الواحد ينضاف إليه الستَّة كلُّ يبلّغ صاحبه، فكتب عنه الناس الكثير الطيِّب منهم:القاضي عبد الجبّار. والشيخ عبد القاهر الجرجاني. وأبو بكر بن المقري. والقاضي أبو الطيِّب الطبري. وأبو بكر بن عليِّ الذكواني. وأبو الفضل محمَّد بن محمَّد بن إبراهيم النسوي الشافعي.

ثمَّ شاع نبوغه في العلوم وتضلّعه في فنون الأدب، واعترف به الشاهد والغائب حتّى عدَّه شيخنا بهاء الملّة والدين في رسالة غسل الرجلين ومسحهما من علماء الشيعة في عداد ثقة الإسلام الكليني. والصَّدوق. والشيخ المفيد. والشيخ الطوسي والشيخ الشهيد ونظرائهم. ووصفه العلّامة المجلسي الأوَّل في حواشي نقد الرجال بكونه من أفقه فقهاء أصحإبنا المتقدِّمين والمتأخِّرين، وعدَّه في مقام آخر:من

٤٣

رؤساء المحدِّثين والمتكلّمين. وأطراه شيخنا الحرُّ العاملي في ( أمل الآمل ) بأنَّه محقِّقُ متكلّمٌ عظيم الشأن جليل القدر في العلم.

كما أنَّ الثعالبي في ( فقه اللغة ) جعله أحد أئمَّتها الذين اعتمد عليهم في كتابه أمثال الليث. والخليل. وسيبويه. وخلف الأحمر. وثعلب الأحمثي. وابن الكلبي. وإبن دريد. وعدَّه الأنباري ايضاً من علماء اللغة فأفرد له ترجمته في كتابه:طبقات الاُدباء النّحاة، وكذلك السيوطي في ( بغية الوعاة ) في طبقات اللغويِّين والنّحاة، ورآه العلّامة المجلسي في مقدِّمة البحار علُماً في اللغة والعروض والعربّيَّة من الإماميّة.

م - وقال إبن الجوزي في ( المنتظم ) ٧ ص ١٨٠:كان يخالط العلماء والأدباء ويقول لهم:نحن بالنهار سلطان وبالليل إخوان، وسمع الحديث وأملى، وروى أبو الحسن علي بن محمّد الطبري المعروف بكيا قال:سمعت أبا الفضل زيد بن صالح الحنفي يقول:لما عزم الصاحب إسماعيل بن عباد على الإملاء وكان حينئذ في الوزارة خرج يوماً متطلساً متحنّكاً بزيِّ أهل العلم فقال:قد علمتمِ قدمي في العلم فأقروا له بذلك.

فقال:وأنا متلبِّسٌ بهذا الأمر وجميع ما أنفقته من صغري إلى وقتي هذا من مال أبي وجدّي، ومع هذا فلا أخلو من تبعات، اُشهد الله و اُشهدكم أنِّي تائبٌ إلى الله من كلِّ ذنب أذنبته.

واتَّخذ لنفسه بيتاً وسمّاه بيت التوبة، ولبث اُسبوعاً على ذلك، ثمَّ أخذ خطوط الفقهاء بصحَّة توبته، ثمَّ خرج فقعد للإملاء وحضر الخلق الكثير وكان المستملي الواحد ينضاف إليه ستَّة كلٌّ يبلِّغ صاحبه، فكتب الناس حتّى القاضي عبد الجبّار، وكان الصاحب ينفذ كلَّ سنة إلى بغداد خمسة آلاف دينار تفرق في الفقهاء وأهل الأدب وكان لا تأخذه في الله لومة لائم ].

وإخباتاً إلى علمه وأدبه ألّف له غير واحد من الأعلام الأفذاذ تآليف قيِّمة منهم.

١ - شيخنا الصّدوق أبو جعفر القمي ألَّف له كتابه [ عيون أخبار الرِّضا ].

م ٢ - ألحسين بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي كتابه [ نفي التشبيه ] كذا في لسان الميزان ٢ ص ٣٠٦ نقلاً عن فهرست النجاشي، ويظهر من النجاشي ص ٥ انَّه غيره ولم يسمِّه.

٣ - ألشيخ الحسن بن محمَّد القمي ألّف له كتابه [ تاريخ قم ]

٤٤

٤ - أبو الحسن أحمد بن فارس الرازي اللغوي كتابه [ الصاحبيّ ].

٥ - ألقاضي علّي بن عبد العزيز الجرجاني كتابه [ ألتهذيب ].

م ٦ - أبو جعفر أحمد بن أبي سليمان داود الصّواف المالكي، ألَّف للصاحب كتابه [ الحجر ] ووجَّهه إليه فقال الصاحب:رُدّوا الحجر من حيث جاء. ثمَّ قبله ووصله عليه، ذكره إبن فرحون في ( الديباج المذهَّب ) ص ٣٦ ] وللصاحب آثارٌ خالدةُ في العلم والأدب منها:

١ - كتاب أسماء الله وصفاته.

٢ - كتاب نهج السبيل في الاُصول.

٣ - كتاب ألإمامة في تفضيل أمير المؤمنين.

٤ - كتاب ألوقف والأبتداء.

٥ - كتاب ألمحيط في اللغة في عشر مجلّدات(١)

٦ - كتاب ألزيديَّة.

٧ - كتاب ألمعارف في التاريخ.

٨ - كتاب ألوزراء.

٩ - كتاب ألقضاء والقدر.

١٠ - كتاب ألروزنامجه. ينقل عنه الثعالبي في ( يتيمة الدهر ).

١١ - كتاب أخبار أبي العيناء.

١٢ - كتاب تاريخ الملك واختلاف الدُّول.

١٣ - كتاب الزيديِّين.

١٤ - كتاب جوهرة الجمهرة لإبن درُيد.

١٥ - كتاب الإقناع في العروض.

١٦ - كتاب نقض العروض.

١٧ - كتاب ديوان رسائله في عشر مجلّدات.

١٨ - كتاب ألكافي في الرَّسائل وفنون الكتابة.

____________________

١ - كذا في معجم الأدباء، وفي كشف الظنون:في سبع مجلدات.

٤٥

١٩ - كتاب ألأعياد وفضايل النيروز.

٢٠ - كتاب ديوان شعره.

٢١ - كتاب ألشواهد.

٢٢ - كتاب ألتذكرة.

٢٣ - كتاب ألتعليل.

٢٤ - كتاب الأنوار.

٢٥ - كتاب ألفصول المهذِّبة للعقول.

٢٦ - كتاب رسالة الأبانة عن مذهب أهل العدل.

٢٧ - كتاب في الطبّ.

٢٨ - كتاب في الطبِّ أيضاً.

٢٩ - كتاب الكشف عن مساوي شعر المتنبّي طبعت بمصر في ٢٦ صحيفة قال الثعالبي في ( اليتيمة ):ولَمّا عمل الصاحب هذه الرِّسالة عمل القاضي أبو الحسن عليّ بن عبد العزيز الجرجاني كتابه ( الوساطة ) بين المتنبّي وخصومه في شعره، وقال فيه بعض اُدباء نيسابور:

أيا قاضياً قد دنت كتبه

وإن أصبحت داره شاحطه

كتاب ( الوساطة ) في حسنه

لعقد معاليك كالواسطه

٣٠ - رسالةٌ في فضل سيِّدنا عبد العظيم الحسني المدفون بالري.

٣١ - كتاب السفينة نسبها إليه الثعالبي في تتمَّة اليتيمة.

م ٣٢ - كتابٌ مفرد في ترجمة الشافعي محمَّد بن ادريس إمام الشافعيَّة كما في ( الكواكب الدريَّة ) ص ٢٦٣ ].

م - وشافهني الاستاذ حسين محفوظ الكاظمي بانَّه رأى من تآليف الصاحب ما يلي:

١ - الفصول الأدبيَّة والمراسلات العباديَّة، مرتَّبة على خمسة عشر باباً في كلِّ باب خمسة عشر فصلاً، والنسخة مؤرِّخةٌ بسنة ٦٢٨.

٢ - رسالة في الهداية والضَّلالة، مخطوطةٌ بالخطّ الكوفي، نسخت من نسخة المؤِّلف وعليها خّطه.

٤٦

٣ - الأمثال السائرة من شعر أبي الطيِّب المتنبيّ، وهي ٣٧٢ بيتاً، والنسخة بخّط الباخرزي مؤرّخة بسنة ٤٣٤ ].

والقارئ جِدُّ عليم بأنَّ مؤلِّف هذه الكتب المتنوِّعة أحد أفذاذ العلم الذين لم يعدهم أيُّ مقام منيع من الفنون، فهو فيلسوفٌ متكلّمٌ فقيهٌ محدِّثٌ مؤرِّخٌ لغويُّ نحويٌ أديبٌ كاتبٌ شاعرٌ، فما ظنّك بمثله من نابغة جمع الشوارد، وألَّف بين متفرِّقات العلوم، وهل تجده إلّا في الذروة والسنام من الفضل الظاهر، فحقِّ له هذا الصيت الطاير. والذكر السائر مع الفلك الدائر.

كانت للصاحب مكتبةٌ عامرةٌ وقد نوَّه بها لمّا أرسل إليه صاحب خراسان الملك نوح بن منصور الساماني في السير يستدعيه إلى حضرته، ويرغِّبه في خدمته وبذل البذول السنيَّة، فكان من جملة أعذاره قوله:ثمَّ كيف لي بحمل أموالي مع كثرةً أثقالي ؟ وعندي من كتب العلم خاصَّة ما يُحمل على أربعمائة حمل أو أكثر.

في ( معجم الاُدباء ) قال أبو الحسن البيهقي:وأنا أقول:بيت الكتب الذي بالري دليلٌ على ذلك بعد ما أحرقه السلطان محمود بن سبكتكين فإنِّي طالعت هذا البيت فوجدت فهرست تلك الكتب عشر مجلّدات، فإنَّ السلطان محمودَ لمّا ورد إلى الري قيل له:إنَّ هذه الكتب كتب الروافض وأهل البدع فاستخرج منها كلَّ ما كان في علم الكلام وأمر بحرقه.

يظهر من كلام البيهقي هذا أنَّ عمدة الكتب التي اُحرقت هي خزانة كتب الصاحب، وهكذا كانت تعبث يد الجور بآثار الشيعة وكتبهم ومآثرهم.

وكان خازن تلك المكتبة ومتولّيها أبو بكر محمَّد بن إبراهيم بن عليّ المقري المتوفّى ٣٨١(١) وأبو محمّد عبد الله الخازن بن الحسن الأصبهاني.

وزارته صِلاته مادحوه

قال أبو بكر الخوارزمي:ألصاحب نشأ من الوزارة في حجرها، ودبِّ ودرج من وكرها، ورضع أفاويق درّها، وورثها عن آبائه كما قال أبو سعيد الرستمي في حقِّه:

ورث الوزارة كابراً عن كابر

موصولة الأسناد بالأسنادِ

____________________

١ - توجد ترجمته في الوافي بالوفيات للصفدي ١ ص ٣٤١.

٤٧

يروي عن العبّاس عبّاد وزا

ـرته وإسماعيل عن عبّاد

وهو أوَّل من لُقِّب بالصاحب من الوزراء لأنَّه كان يصحب أبا الفضل بن العميد فقيل له:صاحب إبن العميد، ثمَّ اُطلق عليه هذا اللقب لمّا تولى الوزارة وبقي عَلَما عليه، وذكر الصّابي في كتاب التّاجي:انَّه إنَّما قيل له الصاحب لأنَّه صحب مؤيّد الدولة إبن بويه منذ الصبى وسمّاه الصاحب فأستمرِّ عليه هذا اللقب واشتهر به ثمَّ سُمّي به كلُّ من ولي الوزارة بعده.

إستكتبه مؤيِّد الدولة من ٣٤٧ تقريباً إلى سنة ٣٦٦ وسافر معه إلى بغداد سنة ٣٤٧ حتّى استوزره من سنة ٣٦٦، إلى وفاة مؤيّد الدولة سنة ٣٧٣ ثمَّ استوزره أخوه فخر الدولة، وسافر معه إلى الري عاصمة مملكته، ولم يؤل الصاحب جُهداً في خدمة أميره وتوسيع مملكته قال الحموي:فتح الصاحب خمسين قلعة سلّمها إلى فخر الدولة لم يجتمع عشرٌ منها لأبيه ولا لأخيه.

وله أيّام وزارته عطائه الجزل، وسيب يده المتدفِّق، وبرُّء المتواصل إلى العلماء والشعراء، قال الثعالبي:حدَّثني عون بن الحسين قال:كنت يوماً في خزانة الخلع للصاحب فرأيت في ثبت حسابات كاتبها - وكان صديقي - مبلغ عمائم الخزّ التي صارت تلك الشتوة للعلويِّين والفقهاء والشعراء خاصَّة غير الخدم والحاشية ثمانمائة وعشرين، وكان ينفذ الى بغداد في السنة خمسة آلاف دينار تفرَّق على الفقهاء والاُدباء، وكانت صِلاته وصدقاته وقرباته في شهر رمضان تبلغ مبلغ ما يطلق منها في جميع شهور السنة، فكان لا يدخل عليه في شهر رمضان أحدٌ كائناً من كان فيخرج من داره إلّا بعد الإفطار عنده، وكانت داره لا تخلو في كلِّ ليلة من لياليه من ألف نفس مفطرة فيها [ يتيمة الدهر ٣ ص ١٧٤ ].

كان عهده أخصب عهد للعلم والأدب بتقريبه رجالات الفضيلة وتشويقه إيّاهم وتنشيطهم لنشر بضائعهم الثمينة حتّى نفق سوقها، ورايج أمرها، وكثرت طلّابها، و نبغت روّادها، فكانت قلائد الدرر منها تُقابل بالبدر والصرر فمدحه على فضله المتوِّفر.

وجوده المديد الوافر خمسمائة شاعر، تجد مدايحهم مبثوثةً في الدواوين والمعاجم،

____________________

(١) توجد ترجمه في الوافى بالوفيات للصفدى ١ ص ٣٤٢.

_٣_

٤٨

قال الحموي، حدَّث إبن بابك قال:سمعت الصاحب يقول:مُدحت والعلم عند الله بمائة ألف قصيدة شعراً عربيَّة وفارسيَّة. وقد خلّدت تلك القصائد له على صفحة الدهر ذكراً لا يبلى، وعظمةً لا يخلقها مرُّ الجديدين ومن أولئك الشعراء:

١ - أبو القاسم الزعفراني عمر بن إبراهيم العراقي له قصائد في الصاحب منها نونيَّة مطلعها:

سواك يعدُّ الغنى واقتنى

ويأمره الحرص أن يخزنا

وأنت إبن عبّادٍ نِ المرتجى

تعدُّ نوالك نيل المنى

٢ - أبو القاسم عبد الصمد بن بابك يمدح الصاحب بقصيدة أوَّلها:

خلعت قلايدها عن الجوزاءِ

عذراء رقَّصها لعاب الماءِ

٣ - أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف الوزير من آل بويه له قصيدة منها:

أقول وقلبي في ذراك مخيَّمٌ

وجسمي جنيبٌ للصبا والجنائب

يُجاذب نحو الصاحب الشوق مقودي

وقد جاذبتني عنه أيدي الشواذبِ

٤ - ألوزير أبو العبّاس الضبّي المتوفّى ٣٩٨ [ أحد شعراء الغدير الآتي شعره وترجمته ] له قصايد في مدح المترجَم.

٥ - ألكاتب أبو القاسم علي بن القاسم القاشاني كتب إلى الصاحب بقصيدةٍ أوّلها:

إذا الغيوم أرجفنَّ باسقها

وحفِّ أرجاءها بوارقها

٦ - أبو الحسن محمَّد بن عبد الله السلامي العراقي المتوفّى سنة ٣٩٤ له في الصاحب قصيدة أوّلها:

رقى العذَّال أم خدع الرقيبِ

سقت ورد الخدود من القلوبِ

وله فيه اُرجوزةٌ منها:

فما تحلُّ الوزراء ما عقدْ

بجهدهم ما قاله وما اجتهدْ

شتّان ما بين الأسود والنقدْ

هل يستوي البحر الخضَّم والثمدْ

أمنيَّتي من كلِّ خير مُستعدْ

أن يسلم الصاحب لي طول الأبدْ

٧ - ألقاضي أبو الحسن عليّ بن العزيز الجرجاني المتوفّى سنة ٣٩٢ له من قصيدة في الصاحب قوله:

٤٩

أوَ ما أنثنيت عن الوداع بلوعة

ملأت حشاك صبابةً وغليلا؟!

ومدامع تجري فيحسب انَّ في

آما قهنَّ بنان إسماعيلا؟!

يا أيّها القرم الذي بعلوِّه

نال العلاء من الزَّمان السولا

قسمت يداك على الورى أرزاقها

فكنوك قاسم رزقها المسئولا

وله فيه قصايد كثيرة اُخرى.

٨ - أبو الحسن عليّ بن أحمد الجوهري الجرجاني [ أحد شعراء الغدير يأتي شعره وترجمته ] له قصايد كثيرة في الصاحب همزيَّة. رائيَّة. فائية. بائيَّة و غيرها.

٩ - أبو الفياض سعد بن أحمد الطبري، له في الصاحب قصايد منها ميميَّة أوَّلها:

ألدمع يُعرب ما لا يُعرب الكلمُ

والدمع عدلٌ وبعض القول متَّهمُ

١٠ - أبو هاشم محمَّد بن داود بن أحمد بن داود بن أبي تراب علي بن عيسى بن محمَّد البطحائي بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام . المعروف بالعلوي الطبري له شعرٌ كثير في الصاحب وللصاحب فيه كذلك.

١١ - أبو بكر محمَّد بن العبّاس الخوارزمي له قصايد في الصاحب ومن قصيدة يمدحه:

ومَن نصر التوحيد والعدل فعله

وأيقظ نوّام المعالي شمائله

و من ترك الأخيار ينشد أهله

أحل أيّها الربّع الذي خفَّ آهله

١٢ - أبو سعد نصر بن يعقوب له قصيدة في الصاحب مطلعها:

أبي لي أن اُبالي بالليالي

وأخشى صرفها فيمن يُبالي

١٣ - ألسيَّد أبو الحسين عليّ بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن القاسم بن محمَّد بن القاسم بن الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام صهر الصاحب له قصيدة تربو على الستِّين بيتاً يمدح بها الصاحب خالية من حرف الواو، ذكر الثعالبي في يتيمة الدهر منها ٢٠ بيتاً، ومؤلِّف ( الدرجات الرفيعة ) ١٤ بيتاً أوَّلها.

برقٌ ذكرت به الحبائبْ

لَمّا بدى فالدَّمع ساكبْ

١٤ - أبو عبد الله الحسين بن أحمد الشهير بإبن الحجّاج البغدادي المتوفّى ٣٩١ [ أحد شعراء الغدير يأتي شعره وترجمته ] له فائيَّة يمدح بها الصاحب أوِّلها:

٥٠

أيّها السائل عنّي

أنا في حالٍ طريفه

و اُخرى مطلعها:

ساق على حسن وجهها تَلفي

وسرّها ما رأته العين من دَنفي

وله نونيَّة في مدحه أوَّلها:

يا عذولي أما أنا

فسبيلي إلى العنا

وحديثي من حقِّه

في الزمان أن يُدوَّنا

١٥ - أبو الحسن عليّ بن هارون بن المنجِّم له قصيدةُ في الصاحب يصف بها داره بقوله:

و أبوابها أثوابها من نقوشها

فلا ظلم إلا حين تُرخى ستورها

١٦ - ألشيخ أبو الحسن بن أبي الحسن صاحب البريد ابن عمة الصاحب له قصيدةُ يصف بها داراً بناها المترجم بإصبهان وانتقل إليها:

دارٌ على العزِّ والتأييد مبناها

وللمكارم والعلياء مغناها

١٧ - أبو الطيِّب الكاتب له في وصف دار الصاحب بإصبهان قصيدةٌ مطلعها:

و دار ترى الدنيا عليها مدارها

تحوز السماء أرضها وديارها

١٨ - أبو محمَّد إبن المنجِّم له رائيِّةٌ يصف بها دار الصاحب مستهلّها:

هجرت ولم أنو الصدود ولا الهجرا

ولا أضمرت نفسي الصروف ولا الغدرا

١٩ - أبو عيسى إبن المنجِّم يمدح الصاحب بقصيدة يصف داره ويقول:

هي الدار قد عمَّ الأقاليم نورها

ولو قدرت بغداد كانت تزورها

٢٠ - أبو القاسم عبيد الله بن محمَّد بن المعلّى يصف دار الصاحب بقصيدة أوَّلها:

بي من هواها وإن أظهرت لي جلدا

وجدٌ يُذيب وشوقٌ يصدع الكبدا

٢١ - أبو العلاء الأسدي يمدحه بقصيدة ويصف داره مطلعها:

و أسعد بدارك انَّها الخلدُ

والعيش فيها ناعمٌ رغدُ

٢٢ - أبو الحسن الغويري له قصايد في الصاحب منها قصيدةٌ يصف بها داره بإصبهان أوَّلها:

دارٌ غدت للفضل داره

أفلاك أسعده مداره

٥١

٢٣ - أبو سعيد الرستمي محمَّد بن محمَّد بن الحسن الأصبهاني مدح الصاحب بقصائد منها بائيَّة مستهلّها:

عقَّني بالعقيق ذاك الحبيب

فالحشى حشوه الجوى والنحيب

وله من قصيدة لاميَّة يمدح بها الصاحب قوله:

أفي الحقِّ أن يُعطى ثلاثون شاعراً

ويحرم ما دون الرضى شاعرٌ مثلي؟!

كما اُلحقت واو بعمر وزيادةً

وضويق باسم الله في ألف الوصلِ

٢٤ - أبو محمَّد عبد الله بن أحمد الخازن الإصبهاني له قصايد يمدح بها الصاحب أجودها قصيدةٌ مطلعها:

هذا فؤادك نهبى بين أهواءِ

وذاك رأيك شورى بين آراءِ

٢٥ - أبو الحسن عليّ بن محمَّد البديهي وهو الذي قال فيه صاحبنا المترجَم:

تقول البيت في خمسين عاماً

فلمْ لقَّبت نفسك بالبديهي

له قصايد يمدح بها الصاحب منها لاميَّة أوَّلها:

قد أطعت الغرام فاعص العذولا

ما عسى عائب الهوى أن يقولا

٢٦ - أبو إبراهيم إسمعيل بن أحمد الشاشي العامريُّ، له قصايد صاحبيَّة منها بائيَّةٌ أوَّلها:

سرينا إلى العليا فقيل كواكبُ

وثرنا إلى الجلّي فقيل قواضبُ

٢٧ - أبو طاهر بن أبي الربيع عمرو بن ثابت له صاحبيّات منها جيميَّة أوَّلها:

أما لصحابي بالعذيب معرَّجُ

على دمنٍ أكنافها تتأرَّجُ

٢٨ - أبو الفرج الحسين بن محمَّد بن هند وله صاحبيّات منها قصيدةٌ أوَّلها:

لها من ضلوعي أن يشبّ وقودها

ومن عبراتي أن تفضَّ عقودها

٢٩ - ألعميري قاضي قزوين، أهدى إلى الصاحب كتباً وكتب معها:

ألعميريُّ عبد كافي الكفاة

وإن اعتدَّ في وجوه القضاةِ

خدم المجلس الرفيع بكتبٍ

مفعماتٍ من حسنها مترعاتِ

فوقَّع الصاحب بقوله:

قد قبلنا من الجميع كتاباً

ورددنا لوقتها الباقياتِ

٥٢

لست أستغنم الكثير فطبعي

قول خذ ليس مذهبي قول هاتِ

٣٠ - أبو الرَّجاء الأهوازي مدح الصاحب لمّا ورد الصاحب الأهواز ومن قصيدته:

إلى ابن عبّاد أبي القاسم

ألصاحب إسماعيل كافي الكفاةْ

وتشرب الجند هنيئاً بها

من بعد ماء الريّ ماء الفراتْ(١)

٣١ - أبو منصور أحمد بن محمَّد اللجيمي الدينوري له شعر يمدح به الصاحب.

٣٢ - أبو النجم أحمد الدامغاني المعروف ب‍ ( شصت كلّه ) المتوفّى سنة ٤٣٢ له قصيدةٌ بالفارسيَّة مدح بها الصاحب.

٣٣ - ألشريف الرضي [ أحد شعراء الغدير يأتي شعره وترجمته ] مدح الصاحب بداليَّة سنة ٣٧٥ ولم ينفذها إليه، واُخرى سنة ٣٨٥ قيل وفاة الصاحب بشهر وأنفذها إليه.

٣٤ - ألقاضي أبو بكر عبد الله بن محمّد بن جعفر الأسكي، له شعرٌ في الصاحب ومنه قوله:

كلُّ برٍّ ونوالٍ وصله

واصل منك إلى معتزله

يا بن عبّاد ستلقى ندماً

لفراق الجيرة المرتحله

٣٥ - أبو القاسم غانم بن محمَّد بن أبي العلا الأصبهاني، له صاحبيّات مدحاً ورثاءً قال الثعالبي في تتميم يتيمته:كان يُساير الصاحب يوماً فرسم له وصف فرس كان تحته فقال مرتجلاً:

طرفٌ تحاول شأوه ريح الصَّبا

سفهاً فتعجز أن تشقَّ غباره

بارى بشمس قميصه شمس الضحى

صبغاً ورضَّ حجاره بحجاره

٣٦ - أبو بكر محمّد بن أحمد اليوسفي الزوزني له صاحبيَّة أوَّلها:

أطلع الله للمعالي سعودا

وأعاد الزمان غضّاً جديدا

____________________

١ - أعجب ما رأيت من تعاليق معجم الادباء الطبعة الثانية تعليق هذا البيت في ج ٦ ص ٢٥٤ جعل الاستاذ الرفاعي الشطر الثاني في المتن ( من بعد ماء الري ماء الصراة ) وقال في التعليق:الصراة:نهر بالعراق.

٥٣

ومنها:

بعث الدهر جنده وبعثنا

نحوه دعوة الإ~له جنودا

يا عميد الزَّمان إنَّ الليالي

كدن يتركن كلَّ قلب عميدا

حادثات أردن إحداث هدم

لعلاه فأحدثت تشييدا

وله من اُخرى قوله:

سلامٌ عليها إنَّ عيني عِندما

أشارت بلحظ الطرف تخضبَ عندما

٣٧ - أبو بكر يوسف بن محمّد بن أحمد الجلودي الرازي له قصيدةٌ صاحبيَّةٌ منها قوله:

رياضٌ كأنَّ الصاحب القرم جادها

بأنوائه أو صاغها من طباعه

يجلّي غيابات الخطوب برأيه

كما صدع الصبح الدُّجى بشعائه

ومنها:

سحابٌ كيمناهُ وليلٌ كبأسه

وبرقٌ كماضية وخرقٌ كباعه

٣٨ - أبو طالب عبد السَّلام بن الحسين المأموني، قال فريد وجدي في ( دائرة المعارف ) ٦ ص ٢٠:مدح الصاحب بقصايد فأعجبه نظمه توفّي سنة ٣٨٣.

٣٩ - أبو منصور الجرجاني، كتب إلى الصاحب قوله:

قل للوزير المرتجى

كافي الكفاة الملتجى

إني رزُقت ولداً

كالصبح إذ تبلّجا

لا زال في ظلّك ظ

ـلّ المكرمات والحجى

فسمَّه وكنِّه

مشرَّفا متوَّجا

فوقَّع الصاحب تحتها بقوله:

هنّئته هنّئته

شمس الضحى بدر الدجا

فسمِّه محسِّناً

وكنِّه أبا الرجا

٤٠ - ألأوسي مدح الصاحب ببائيَّة أنشدها بين يديه فلمّا بلغ إلى قوله:

لمَّا ركبت إليك مُهري أنعلت

بدر السماء وسمّرت بكواكب

قال له الصاحب. لِمَ أنّثت المُهر ؟ ولِم شبَّهت النعل بالبدر ولا يشبهه ؟ ولو

٥٤

شبَّهته بالهلال لكان أحسن فإنَّه علي هيئته فقال:الأوسي:أمّا تأنيث المهر فلأنِّي عنيت المهرة ؟ وأمّا تشبيهي النعل ببدر السماء فلأنِّي أردت النعل المطبقة.

٤١ - إبراهيم بن عبد الرَّحمن المعرّي مدح الصاحب بقصيدة منها:

قد ظهر الحقُّ وبان الهُدى

لمن له عينان أو قلبُ

مثل ظهور الشمس في حجبها

إذ رفعت عن نورها الحجبُ

بالمَلك الأعظم مستبشرٌ

شرق بلاد الله والغربُ

٤٢ - محمَّد بن يعقوب أحد أئمَّة النحو كتب إلى الصاحب كما في ( دمية القصر ) ١ ص ٣٠١:

قل للوزير أدام الله نعمته

مُستخدماً لمجاري الدَّهر والقدرِ

أردت عبداً وقد أعطيته ولداً

فسمِّه بأسم مَن بالعرب مفتخرِ

وإن وصلت له تشريف كنيته

جمعت بالطَول بين الروض والمطرِ

لا زال ظلّك ممدوداً ومنتشراً

فإنَّه خير ممدودٍ ومنتشرِ

هنَّيته ابناً يشيع الاُنس في البشر

هنَّيت مَقدم هذا الصارم الذكرِ

٤٣ - محمَّد بن علي بن عمر أحد أعيان الري قرأ على الصاحب ومدحه برائيَّة.

والاُدباء يعبِّرون عن المترجَم وأبي إسحاق الصّابي بالصادين كما وقع في قول الشيخ أحمد البربير المتوفّى سنة ١٢٢٦ في كتابه ( الشرح الجلي ) ص ٢٨٣ يمدح كاتباً مليحاً.

لله كاتباً الذي أنا رقّه

وهو الذي لا زال قرَّة عيني

في ميم مبسمه ولام عذاره

ما بات ينسخ بهجة الصّادين

شعره في المذهب

وللصاحب مراجعات ومراسلات مع مادحيه تجدها في الكتب والمعاجم، وشعره كما سمعت كثيرٌ مدوَّنٌ ونحن نقتصر من نظمه الذهبيِّ بما عقد سمط جمانه في المذهب ذكر له الثعالبي في [ يتيمة الدهر ] ج ٣ ص ٢٤٧:

حبُّ عليّ بن أبي طالب

هو الذي يهدي إلى الجنَّةِ

إن كان تفضيلي له بدعةً

فلعنة الله على السنَّةِ

٥٥

وذكر له في الكتاب:

ناصبٌ قال لي:معاوية خا

لك خير الأعمام والأخوالِ

فهو خالٌ للمؤمنين جميعاً

قلت:خالٌ لكن من الخير خالي

وذكر له فقيه الحرمين الكنجي الشافعي المتوفّى سنة ٦٥٨ في ( كفاية الطالب ) ص ٨١، والخوارزمي في ( المناقب ) ص ٦٩:

يا أمير المؤمنين المرتضى

إنَّ قلبي عندكم قد وقفا

كلّما جدِّدت مدحي فيكمُ

قال ذو النصب:نسيت السلفا(١)

مَن كمولاي عليّ زاهد

طلّق الدنيا ثلاثاً ووفى؟!

مَن دُعي للطير أن يأكله ؟

ولنا في بعض هذا مكتفى

من وصيُّ المصطفى عندكُم ؟

ووصيّ المصطفى من يُصطفى

وذكر الفقيه الكنجي في الكتاب ص ١٩٢، وسبط إبن الجوزي في ( تذكرة خواصّ الاُمَّة ) ص ٨٨، والخوارزمي في ( المناقب ) ص ٦١:

حبُّ النبيِّ وأهل البيت معتمدي(٢)

إنَّ الخطوب أساءت رأيها فينا

أيا إبن عمّ رسول الله أفضل مَن

ساس الأنام وساد الهاشميِّينا

يا نُدرة الدين يا فرد الزمان أصخ

لمدح مولى يرى تفضيلكم دينا

هل مثل سيفك في الإسلام لو عرفوا ؟

وهذه الخصلة الغرّاء تكفينا

هل مثل علمك إذ زالوا وإذ وهنوا

وقد هديت كما أصبحت تهدينا ؟

هل مثل جمعك للقرآن نعرفه

لفظاً ومعنىً وتأويلاً وتبيينا ؟

هل مثل حالك عند الطير تحضره

بدعوةٍ نلتَها دون المصلّينا ؟

هل مثل بذلك للعاني الأسير وللـ

ـطفل الصغير وقد أعطيت مسكينا ؟

هل مثل صبرك إذ خانوا وإذ ختروا

حتّى جرى ما جرى في يوم صفِّينا ؟

هل مثل فتواك إذ قالوا مجاهرةً

: لولا عليٌّ هلكنا في فتاوينا ؟

يا ربّ سهِّل زياراتي مشاهدهم

فإنَّ روحي تهوى ذلك الطينا

____________________

١ - تسب السلفا. الخوارزمي

٢ - هذه الابيات المحكية عن الكتب الثلاث لم توجد في ( أعيان الشيعة ) سوى ثلاثة منها.

٥٦

يا ربّ صيِّر حياتي في محبَّتهم

ومحشري معهم آمين آمينا

وذكر إبن شهر آشوب من هذه القصيدة بعد البيت الثاني من أوَّلها:

أنت الإمام ومنظور الأنام فمن

يردّ ما قلته يقمع براهينا

هل مثل فعلك في ليل الفراش وقد

فديت بالروح ختّام النبيِّينا ؟

هل مثل فاطمة الزَّهراء سيِّدةٌ

زوَّجتها يا جمال الفاطميِّينا ؟

هل مثل برِّك في حال الركوع وما

برُّ كبرِّك برّاً للمزكَينا ؟

هل مثل فعلك عند النعل تخصفها

لو لم يكن جاحدوا التفضيل لاهينا ؟

هل مثل نجليك في مجدٍ وفي كرم

إذ كوّنا من سلال المجد تكوينا ؟

وله في مناقب الخطيب الخوارزمي ص ١٠٥، وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٢٤٣، وتذكرة خواصِّ الاُمَّة ص ٣١، ومناقب إبن شهر آشوب، وغيرها قصيدةٌ ولوقوع الإختلاف فيها نجمع بين رواياتها ونشير إلى ما روته رجال العامَّة ب‍ ( ع ):

بلغت نفسي مناها

بالموالي آل طه

برسول الله مَن

حاز المعالي وحواها

وببنت المصطفى مَن

أشبهت فضلاً أباها

ع مَن كمولاي عليٍّ

والوغى تحمي لظاها ؟

ع مَن يصيد الصَّيد فيها

بالظبى حتّى انتظاها ؟

يوم أمضاها عليهم

ثمَّ أمضاها عليهم فارتضاها

ع مَن له في كلِّ يومٍ

وقعاتٌ لا تُضاهي ؟

ع كم وكم حرب ضروس

سدِّ بالمرهف فاها ؟

ع اُذكروا أفعال بدرِ

لستُ أبغي ما سواها

ع اُذكروا غزوة اُحدٍ

إنَّه شمس ضُحاها

ع اذكروا حرب حنينٍ

إنَّه بدر دُجاها

ع اُذكروا الأحزاب قِدماً

إنَّه ليث شراها

ع اُذكروا مهجة عمرو

كيف أفناها شجاها ؟

ع اُذكروا أمر براءه

واخبروني مَن تلاها ؟

٥٧

ع اُذكروا مَن زوّج الـ

ـزهراء قد طاب ثراها(١)

ع اذكروا بكرة طيرٍ

فلقد طار ثناها ؟

ع اُذكروا لي قلل العلم

ومن حلِّ ذراها

ع حاله حالة ها

رون لموسى فافهماها

ع أعلى حبِّ عليٍّ

لامني القوم سفاها ؟!

ع أهملوا قرباه جهلاً

وتخطّوا مُقتضاها

ع أوَّل النَّاس صلاةً

جعل التقوى حُلاها

ع رُدَّت الشَّمس عليه

بعد ما غاب سناها

ع حجَّة الله على الخلق

شقى مَن قد قلاها

وبحبّي الحسن الـ

ـبالغ في العليا مداها

والحسين المرتضى

يوم المساعي إذ حواها

ليس فيهم غير نجم

قد تعالى وتناهى

عترةٌ أصبحت الدُّ

نيا جميعاً في حماها

ما تحدِّث عصب الـ

ـبغي بأنواع عماها

أردت الأكبر بالسـ

ـمِّ وما كان كفاها

وانبرت تبغي حسيناً

وعرته وعراها

منعته شربةً والطَّيـ

ر قد أروت صداها

فأفاتت نفسه

يا ليت روحي قد فداها

بنته تدعوا أباها

اُخته تبكي أخاها

لو رأى أحمدُ ما

كان دهاه ودهاها

لشكا الحال إلى الله

وقد كان شكاها(٢)

وله في مناقبي إبن شهر اشوب والخطيب الخوارزمي ص ٢٣٣ قصيدةٌ نجمع بينهما

____________________

١ - في لفظ أهل السنة:

اذكروا من زوّج

الزهراء كيما تتباهى

٢ - غير واحد من الأبيات لا يوجد في ( أعيان الشيعة ).

٥٨

لاختلافهما في عدد الأبيات ألا وهي:

ما لعليِّ العُلى أشباهُ

لا والّذي لا إ~له إلّا هو

مبناه مبنى النبيِّ تعرفه

وابناه عند التفاخر إبناهُ

إنَّ عليّاً علا إلى شرفٍ

لو رامه الوهم ذلَّ مرقاهُ(١)

أيا غداة الكساء لا تهني

عن شرح علياه إذ تكسّاهُ

يا ضحوة الطير تنبئي شرفاً

فاز به لا يُنال أقصاهُ

براءة استعملي بلاغك مَن

أقعد عنه ومَن توّلاهُ؟!

يا مرحب الكفر قد أذاقك مَن

مِن حدِّ ما قد كرهت ملقاهُ ؟!

يا عمرو مَن ذا الذي أنالك من

حارة الحتف حين تلقاهُ ؟!

لو طلب النجم ذات أخمصه

علاه والفرقدان نعلاهُ

أما عرفتم سموَّ منزله ؟!

أما عرفتم علوَّ مثواهُ ؟!

أما رأيتم محمَّداً حدباً

عليه قد حاطه ورّباهُ ؟!

واختصَّه يافعاً وآثره

واعتامه مخلصاً وآخاهُ

زوَّجه بضعة النبوَّة إذ

رآه خير امرئٍ وأتقاهُ

يا بأبي السيِّد الحسين وقد

جاهد في الدين يوم بلواهُ

يا بأبي أهله وقد قُتلوا

من حوله والعيون ترعاهُ

يا قبَّح الله اُمَّةً خذلت

سيَدها لا تريد مرضاهُ

يا لعن الله جيفةً نجساً

يقرع من بغضه ثناياهُ

وله داليَّة ذكرها الخوارزمي في ( المناقب ) ص ٢٢٣، وإبن شهر آشوب في مناقبه ونجمع بين الرِّوايتين وهي:

هو البدر في هيجاء بدر وغيرهُ

فرايصه من ذكره السيف ترعدُ

عليٌّ له في الطير ما طار ذكره

وقامت به أعداؤه وهي تشهدُ

عليٌّ له في هل أتى ما تلوتمُ

على الرَّغم من آنافكم فتفرّدوا

____________________

١ - هذا البيت وما بعده الى أربعة أبيات لا توجد في مناقب ابن شهر آشوب بل رواها الخوارزمي.

٥٩

وكم خبر في خيبر قد رويتمُ

ولكنَّكم مثل النعام تشرَّدوا

وفي اُحدٍ ولّى رجالٌ وسيفه

يسوِّد وجه الكفر وهو مسوِّدُ

ويوم حنينٍ حنَّ للغلِّ بعضكم

وصارمه عضب الغرار مهنَّدُ

تولىّ اُمور النّاس لم يستغلّهم

ألا ربما يرتاب مَن يتقلّدُ

ولم يك محتاجاً إلى علم غيره

إذا احتاج قومٌ في قضايا تبلّدوا

ولا سدَّ عن خير المساجد بابه

وأبوابهم إذ ذاك عنه تُسدَّدُ

وزوجته الزَّهراء خير كريمةٍ

لخير كريم فضلها ليس يُجحدُ(١)

وبالحسنين المجد مدّ رواقه

ولولاهما لم يبقِ للمجد مشهدُ

تفرّغت الأنوار للأرض منهما

فِللّه أنوارٌ بدت تتجدّدُ

هم الحجج الغرُّ التي قد توضَّحت

وهم سرج الله التي ليس تخمدُ

اُو إليكُم يا آل بيت محمَّدٍ

فكلّكمُ للعلم والدين فرقدُ

وأترك من ناواكمُ وهو هتكه

يُنادى عليه مولدٌ ليس يُحمدُ

وذكر له الحمّوئي صاحب ( فرايد السمطين ) في السمط الثاني في الباب الأوَّل:

منايح الله جاوزت أملي

فليس يدركها شكري ولا عملي

لكنَّ أفضلها عندي وأكملها

محبَّتي لأمير المؤمنين علي

وذكر العلّامة المجلسي في ( البحار ) ج ١٠ ص ٢٦٤ نقلاً عن بعض الكتب القديمة من قصيدةٍ طويلةٍ له:

أجروا دماء أخي النبيِّ محمَّد

فلتجر غزر دموعنا ولتهملِ

ولتصدر اللَّعنات غير مزالة

لعِداه من ماضٍ ومن مُستقبلِ

و تجرَّدوا لبنيه ثمَّ بناته

بعظايم فاسمع حديث المقتلِ

منعوا الحسين الماء وهو مجاهدٌ

في كربلاء فنُح كنوح المعولِ

منعوه أعذب منهلٍ وكذا غداً

يردون في النيران أوخم منهلِ

أيجزُّ رأس إبن النبيِّ وفي الورى

حيُّ أمام ركابه لم يُقتلِ ؟

وبنو السفاح تحكّموا في أهل حيّ

على الفلاح بفرصةٍ وتعجّلِ

____________________

١ - هذا البيت رواه الخوارزمي ولا يوجد فيما جمع له السيد في ( أعيان الشيعة )

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

الصدقة، وسلار، والسيد المرتضى لم يتعرضا لذلك بل أوجب القضاء على المفطر للمرض، ولم يفصلا والمتعمد الاول.

(وصفحة ٢٤٠) " مسألة: ولو صح فيما بين الرمضانين، ولم يقض حتى استهل الرمضان الثاني، فإن أخر القضاء توانيا وجب عليه قضاء الماضي والصدقة عن كل يوم، وإن كان عن غير توان بأن يقول اليوم أقضي وغدا فضاق الوقت ومرض، أو حصل له عذر، ومنعه عن القضاء حتى استهل الثاني وجب عليه قضاء الماضي، ولا صدقة، ذهب إليه الشيخان، وأبوالصلاح، وابنا بابويه، لم يفصلا هذا التفصيل، بل قالا متى صح فيما بينهما ولم يقض وجب القضاء والصدقة، وهو اختيار ابن أبي عقيل، ومنع ابن إدريس من وجوب الصدقة مع التواني، والاقرب الاول.

(وصفحة ٢٤١) " مسألة: قال ابن أبي عقيل: ومن كان عليه قضاء من شهر رمضان فلم يقضه، وهو يقدر عليه حتى دخل في شهر رمضان آخر، كان عليه أن يصوم الشهر الداخل، ويقضي من بعده الذي فاته، ويتصدق عن كل يوم بمد من طعام، ولو لم يمكنه القضاء لمرض حتى دخل شهر رمضان آخر، صام الشهر الداخل وقضى من بعده الفائت، ولا صدقة عليه، وهذا الكلام يشعر بتعميم الحكم في المريض ".

منتهى المطلب (مجلد ١ صفحة ٥٧٦) " فروع: الاول: فرق علماؤنا بين الافطار في قضاء رمضان أول النهار، وبعد الزوال، فأوجبوا الكفارة في الثاني دون الاول، والجمهور لم يفرقوا بينهما، بل قالوا بسقوط الكفارة في الثاني، لافطاره، (..) فإنه أوجبها فيهما معا، وابن أبي عقيل من علمائنا اختار مذهب الجمهور في سقوط الكفارة.

لنا: ما تقدم، ولانه قبل الزوال مخير بين الاتمام والافطار، فلا يتعين صومه، فيجري مجرى رمضان، ويؤيده مارواه الشيخ عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام، قال " صوم النافلة لك أن تفطر ما بينك وبين الليل متى ما شئت، وصوم قضاء الفريضة لك أن تفطر إلى زوال الشمس، فإذا زالت الشمس فليس لك أن تفطر".

٣٠١

الدروس (صفحة ٧٧) " لو استمر المرض إلى رمضان آخر فالفدية لا غير، وقال الحسن القضاء لا غير."

فرع هل يلحق غير المرض به كالمسافر، توقف فيه المحقق في المعتبر، وتظهر الفائدة في وجوب الفدية على القادر، وسقوط القضاء عن العاجر، وكلام الحسن والشيخ يؤذن بطرد الحكم في ذوي الاعذار.

(وصفحة ٧٩) " وقال الحسن: لايجوز صوم النذر والكفارة لمن عليه قضاء رمضان، ولو عين زمانا فاتفق مريضا فالاقرب قضاؤه، وكذا الحايض ولو حلف على صيام يوم وجب، كذا لو حلف على عدم الافطار في الندب، أو نذر، وفي تمحض هذا الصوم، نظر، أقربه ذلك فينوي الوجوب أما لو نذر إتمام الندب، فهو صوم وينعقد على الاقرب، بخلاف مالو نذر صوم بعض يوم ".

المهذب البارع (مجلد ٢ صفحة ٧٣) " قال طاب ثراه ": إذا كان الاكبر أنثى فلا قضاء، وقيل يتصدق من التركة عن كل يوم بمد.

أقول: البحث هنا في أربع مقامات:

(أ) هل يسقط الصوم بالموت؟ أو يجب قضاؤه؟

(ب) كيفية وجوبه على القول به؟

(ج) تعيين الولي القائم به.

(د) مع فقد الولي ما الحكم؟ الاول: المشهور القضاء وبه تظافرت الروايات عن الصادقين عليهما السلام.

وقال الحسن بن عقيل: بل يتصدق عن كل يوم بمد، بذلك تواترت الاخبار، وما روي من القضاء مطرح، لانه شاذ ".

مسالك الافهام (مجلد ٢ صفحة ٦٩) " في الصحيح عن هشام بن سالم قال: قلت: لابي عبدالله عليه السلام رجل وقع على أهله وهو يقضي شهر رمضان، قال " إن كان وقع عليها قبل الصلاة العصر فلا شئ " عليه، يصوم يوما بدل يوم، وإن فعل بعد العصر صام ذلك اليوم وأطعم عشرة مساكين، فإن لم يمكنه صام ثلاثة أيام كفارة لذلك " وهذه كالاولى إلا أنها مخالفة لها

٣٠٢

في الوقت، وهي أصح مافي الباب من الروايات، ولكن لم يعمل بمضمونها أحد، والشيخ رحمه الله حمل الخبر الدال على كفارة رمضان على من فعل ذلك استخفافا به، وتهاونا بما يجب عليه من فرض الله تعالى، فيجب عليه حينئذ من الكفارة مايجب على من أفطر يوما من رمضان، عقوبة له، وتغليظا عليه، فأما من أفطر معتقدا أن الافضل إتمام صومه، فليس عليه إلا ماتقدم إطعام عشرة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام وهذا الحمل يوجب قولا آخر للشيخ في المسألة، وله قول ثالث في النهاية إنها كفارة يمين، وهو قول سلار، وقال ابن أبي عقيل: ليس عليه شئ، ويدل على مذهبه رواية عمار الساباطي عن أبي عبدالله عليه السلام وفيها " فإن نوى الصوم ثم أفطر بعدما زالت الشمس قال قد أساء وليس عليه شي ء إلا قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه "، والشيخ حمل قوله عليه السلام " وليس عليه شئ " على أنه ليس عليه شئ من العقاب، لان من أفطر في هذا اليوم لا يستحق العقاب، وإن أفطر بعد الزوال وتلزمه الكفارة، وهذا اعتراف من الشيخ بعدم تحريم الافطار، فيبعد مجامعته حينئذ الكفارة، ولو حملها على الاستحباب، لاختلاف تقديرها في الروايات واختلاف تحديد وقت ثبوتها وقصورها من حيث السند عن إفادة الوجوب لكان جيدا ".

مدارك الاحكام (مجلد: ٦ صفحة ٧٩) " إحتج ابن أبي عقيل بأصالة البراء‌ة، وما رواه عمار الساباطي عن أبي عبدالله عليه السلام: عنا لرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان ويريد أن يقضيها متى يريد أن ينوي الصيام قال " هو بالخيار إلى أن تزول الشمس، فإذا كان نوى الصوم فليصم وإن كان نوى الافطار فليفطر " سئل: فان كان نوى الافطار يستقيم أن ينوي الصوم بعدما زالت الشمس؟ قال: " لا ".

(وصفحة ٢١٠) " قال ابن أبي عقيل: لايجوز صوم عن نذر أو كفارة لمن عليه قضاء من شهر رمضان حتى يقضيه. ولم نقف على مأخذه.

٣٠٣

(وصفحة ٢٢٣ ٢٢٤) " ما رواه ابن بابويه في الصحيح، عن أبان بن عثمان، عن أبي مريم الانصاري، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال " إذا صام الرجل شيئا من شهر رمضان ثم لم يزل مريضا حتى مات قليس عليه قضاء، وإن صح ثم مات وكان له مال تصدق عنه، مكان كل يوم بمد، فإن لم يكن له مال صام عنه وليه " وقد روى هذه الرواية كذلك الكليني رضي الله عنه بطريق فيه ضعف، ورواها الشيخ في التهذيب بطريق صحيح، إلا أن متنها مغاير لما في الكتابين، فإنه قال فيها " وإن صح ثم مرض حتى يموت وكان له مال تصدق عنه، فإن لم يكن له مال تصدق عنه وليه " وبمضمون هذه الرواية أفتى ابن أبي عقيل، وادعى فيه تواتر الاخبار.

(وصفحة ٢٣٠) " وقال ابن أبي عقيل: من أصبح صائما لقضاء كان عليه من رمضان وقد نوى الصوم من الليل فأراد أن يفطر في بعض النهار لم يكن له ذلك.

ومقتضى ذلك المنع من الافطار قبل الزوال وبعده إذا كان قد نوى ذلك من الليل، والمعتمد الاول ".

الحدائق الناضرة (مجلد: ١٣ صفحة ١٢٠) ونقل في المختلف عن ابن أبي عقيل القول بوجوب القضاء خاصة، ونقله في المدارك عن المرتضى أيضا، والظاهر أنه غفلة فإن المنقول عنه كما في المختلف وغيره إنما هو القول المشهور حتى أنه نقل عنه في المختلف أنه قال في الانتصار: مما انفردت به الامامية إيجابهم على من أجنب في ليالي شهر رمضان وتعمد البقاء إلى الصباح من غير اغتسال القضاء والكفارة، ومنهم من أوجب القضاء دون الكفارة، ومراده أن الامامية انفردت بإيجاب الامرين أو أحدهما، وهو اشارة إلى مذهب العامة من عدم إيجاب شئ بالكلية كما تقدم ذكره.

مال في المدارك إلى القول المذكور حيث قال بعد نقل روايات الكفارة: وهذه الروايات كلها ضعيفة السند فيشكل التعويل عليها في إثبات حكم مخالف للاصل ومن هنا يظهر رجحان ماذهب اليه ابن أبي عقيل والمرتضى رضي الله عنهما من أن الواجب بذلك القضاء دون الكفارة. أنتهى.

٣٠٤

(صفحة ١٢٣) أقول: والاقرب هو ماذكره في المنتهى وهو المشهور بين الاصحاب، لكن لا لما ذكره من التعليل فإنه ضعيف بل لما رواه الشيخ في الموثق عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال " إن طهرت بليل من حيضها ثم توانت أن تغتسل في رمضان حتى أصبحت عليها قضاء ذلك اليوم ".

نعم يبقى الكلام في أنه على تقدير فساد الصوم بذلك هل الواجب القضاء خاصة أو القضاء والكفارة؟ ظاهر الخبر المذكور وجوب القضاء خاصة وليس غيره في المسألة، وهو الذي نص عليه ابن أبي عقيل على ما نقله عنه في المختلف، ثم إستقرب في المختلف أن الحائض كالجنب إذا أخل بالغسل فإن أوجبنا القضاء والكفارة عليه أوجبناهما عليها وإلا فالقضاء.

(صفحة ٢٠٩) المنقول عن ابن أبي عقيل أنه قال: من جامع أو أكل أو شرب في قضاء شهر رمضان أو صوم كفارة أو نذر فقد أثم عليه القضاء ولا كفارة.

وظاهر هذا الاطلاق عدم وجوب الكفارة في قضاء شهر رمضان قبل الزوال وبعده وكذا في النذر مطلقا كان أو معينا.

(صفحة ٢١١) قد عرفت مما تقدم نقله عن ابن أبي عقيل أنه لا كفارة عنده إلا في شهر رمضان وهو ضعيف مردود بالاخبار المتكاثرة.وأما كونها كفارة يمين أو كفارة شهر رضان فسيأتي الكلام فيه محررا في كتاب النذر إن شاء الله تعالى.

" وعن عبدالاعلى بن أعين قال سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل وطأ امرأته وهو معتكف ليلا في شهر رمضان قال (عليه الكفارة) قال: قلت فإن وطأها نهارا؟ قال عليه كفارتان).

قيل: ولعل حجة ابن أبي عقيل مارواه حماد في الحسن عن أبي عبدالله عليه السلام قال (كان رسول اللهصلى الله عليه وآله إذا كان العشر الاواخر اعتكف في المسجد وضربت له قبة من شعر وشمر المئزر وطوى فراشه).

(وصفحة ٢١٣ ٢١٤) " إحتج ابن أبي عقيل على مانقل بما رواه الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبدالله عليه السلام (في الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان ويريد أن يقضيها

٣٠٥

متى يريد أن ينوي الصيام؟ قال: هو بالخيار إلى أن تزول الشمس فإذا زالت الشمس فإن كان نوى الصوم فليصم وإن كان نوى الافطار فليفطر.

سئل فإن كان نوى الافطار يستقيم أن ينوي الصوم بعدما زالت الشمس؟ قال لا).

" والاظهر عندي حمل الخبر المذكور على التقية لما صرح به العلامة قدس سره في المنتهى من اطباق الجمهور على سقوط الكفارة في ما عدا رمضان إلا قتادة.

قال قدس سره: فرق علماؤنا بين الافطار في قضاء رمضان أول النهار وبعد الزوال فأوجبوا الكفارة في الثاني دون الاول، والجمهور لم يفرقوا بينهما بل قالوا بسقوط الكفارة في البابين إلا قتادة فإنه أوجبها فيهما معا، وابن أبي عقيل من علمائنا اختار مذهب الجمهور في سقوط الكفارة. انتهى.

(وصفحة ٢١٦) " قال ابن أبي عقيل: ومن أصبح صائما لقضاء ما كان عليه من رمضان وقد نوى الصوم من الليل فأراد أن يفطر في بعض النهار لم يكن له ذلك. وهو ظاهر في مانقل عن أبي الصلاح أيضا.

(وصفحة ٢٣٠) " ونقل العلامة في المختلف عن ابن أبي عقيل قال: ذكر أبوالحسن زكريا بن يحيى صاحب كتاب شمس المذهب عنهم عليهم السلام إن الرجل إذا جامع في شهر رمضان عامدا فعليه القضاء والكفارة فإن عاود إلى المجامعة في يومه ذلك مرة أخرى فعليه في كل مرة كفارة ".

(وصفحة ٢٣٦) " ونقل عن ظاهر ابن أبي عقيل أنه أوجب على الزوج مع الاكراه كفارة واحدة كما في حال المطاوعة.

قال في المدارك: وهو غير بعيد خصوصا على ماذهب إليه الاكثر من عدم فساد صوم المرأة بذلك فينتفي المقتضي للتكفير ".

(وصفحة ٣٠١) " المسألة الخامسة لو استمر مرضه من أول رمضان إلى رمضان آخر فالمشهور بين الاصحاب رضوان الله عليهم سقوط قضاء الاول وإنه يكفر عن كل يوم منه بمد، وحكى الفاضلان في المعتبر والمنتهى عن أبي جعفر بن بابويه إيجاب القضاء دون الصدقة، وحكاه في المختلف أيضا عن ابن أبي عقيل وأبي الصلاح وابن

٣٠٦

إدريس، وقواه في المنتهى والتحرير، وحكى عن ابن الجنيد أنه احتاط بالجمع بين القضاء والصدقة وقال إنه مروي، حكاه عنه في الدروس.

والمعتمد هو القول الاول لما رواه ابن بابويه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يمرض فيدركه شهر رمضان ويخرج عنه وهو مريض فلا يصح حتى يدركه شهر رمضان آخر قال: يتصدق عن الاول ويصوم الثاني فإن كان صح في ما بينهما ولم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر صامهما جميعا وتصدق عن الاول. ".

(وصفحة ٣١١) " وأجاب عنه العلامة في المختلف بأن البرائة إنما يصار إليها مع عدم دليل الثبوت وشغل الذمة وقد بينا الادلة، وعدم ذكر أحد من أصحابنا غير الشيخين لهذه المسألة ليست حجة على العدم، مع أن الشيخين هما القيمان بالمذهب فكيف يدعى ذلك؟ وابنا بابويه قدس سرهما قد سبقا الشيخين بذكر وجوب الصدقة مطلقا ولم يفصلا إلى التواني وغيره وكذا ابن أبي عقيل وهو أسبق من الشيخين، وهؤلاء عمدة المذهب، وأجاب عن الحديث باستضعاف السند والحمل على التأخير مع العزم. انتهى.

(وصفحة ٣١٨ ٣٢٠) " ونقل عن ابن أبي عقيل أنه قال: لايجوز صوم عن نذر أو كفارة لمن عليه قضاء عن شهر رمضان حتى يقضيه. ولم نقف له على مستند."

الاول مانقل عن ابن أبي عقيل من أن الواجب هنا إنما هو الصدقة عنه عن كل يوم بمد من طعام.

قال قدس سره: وقد روي عنهم عليهم السلام في بعض الاحاديث " إن من مات وعليه قضاء من شهر رمضان صام عنه أقرب الناس إليه من أوليائه (كما يقضى عنه) وكذلك من مات وعليه صلاة قد فاتته وزكاة قد لزمته وحج قد وجب عليه قضاه عنه وليه، بذلك كله جاء نص الاخبار بالتوقيف عن آل الرسول عليهم السلام.. إلى أن قال: وقد روي إن من مات وعليه صوم من شهر رمضان تصدق عنه عن كل يوم بمد من طعام ".

وبهذا تواترت الاخبار عنهم عليهم السلام والقول الاول مطروح لانه شاذ. انتهى.

إحتج العلامة في المختلف لابن أبي عقيل بصحيحة أبي مريم الانصاري عن أبي عبدالله عليه السلام قال " إذا صام الرجل شيئا من شهر رمضان ثم لم يزل مريضا حتى

٣٠٧

مات فليس عليه شئ، وإن صح ثم مرض ثم مات وكان له مال تصدق عنه مكان كل يوم بمد.

وإن لم يكن له مال صام عنه وليه ".

(وصفحة ٣٢٢) " قال في المدارك بعد نقل الرواية المذكورة بطريق الشيخين المذكورين ثم رواية الشيخ في التهذيب: وبمضمون هذه الرواية أفتى ابن أبي عقيل وادعى فيه تواتر الاخبار، والمسألة قوية الاشكال لاختلاف متن الرواية وإن كان الظاهر ترجيح مافي الكافي ومن لايحضره الفقيه كما يعرفه من يقف عليه حقيقة هذه الكتب. انتهى ".

جواهر الكلام (مجلد: ١٦ صفحة ٢٣٩) " وموثق أبي بصير عن الصادق عليه السلام في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح قال: يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا، قال: وقال: إنه خليق أن لا أراه يدركه أبدا " لكن في المدارك أن هذه الروايات كلها ضعيفة السند، فيشكل التعويل عليها في إثبات حكم مخالف للاصل، ومن هنا يظهر رجحان ماذهب إليه ابن أبي عقيل والمرتضى من أن الواجب بذلك القضاء دون الكفارة.

(وصفحة ٢٦٤) " الثانية لاتجب الكفارة إلا في صوم شهر رمضان وقضائه بعد الزوال، والنذر المعين، وفي صوم الاعتكاف إذا وجب بلا خلاف فيما عدا الثاني من ابن أبي عقيل فلم يوجبها فيه وإن أثم بالافطار كما في المدارك.

(وصفحة ٢٦٦ و٢٦٧) ".. وللمعتبرة أيضا في صوم النذر، منها صحيح علي بن مهزيار قال كتبت بندار مولى إدريس ياسيدي نذرت أن أصوم كل يوم سبت فان أنا لم أصمه ما يلزمني من

٣٠٨

الكفارة؟ فكتب وقرأته لاتتركه إلا من علة، وليس عليك صوم في سفر ولا مرض إلا أن تكون نويت ذلك، فإن كنت أفطرت ذلك من غير علة فتصدق بعدد كل يوم على سبعة مساكين، نسأل الله التوفيق لما يحب ويرضى " وللمعتبرة أيضا في صوم الاعتكاف كموثق سماعة وخبر زرارة وعبدالاعلى بن أعين وان اختلفت في كيفيتها، إذ الكلام الآن في أصل وجوبها، ويأتي إن شاء الله في مظانها البحث عنها، فخلاف ابن أبي عقيل في ذلك مع أنا لم نجد له شاهدا في الاخيرتين مما لا يصغى إليه، سيما مع شهرة الاصحاب شهرة عظيمة، بل لابأس بدعوى الاجماع معها.

(ومجلد: ١٧ صفحة ٨) " ماعن ابن أبي عقيل من (أن الكافر إذا أسلم والصبي إذا بلغ وقد مضى بعض رمضان أو بعض يوم منه لم يلزمهما إلا صيام ما يستقبلانه ولو قضيا ما مضى ويومهما كان أحب إلي وأحوط) يجب حمله على ضرب من الندب لما عرفت من عدم وجوب عليه إلا اليوم الذي قد بلغ فيه قبل طلوع فجره ولم يصمه فإنه يجب عليه قضاؤه قطعا، لاطلاق الادلة حينئذ حتى لو كان بلوغه قبل في زمن لايسعه الطهارة من الجنابة مثلا ولو الترابية، ضرورة كونه حينئذ معذروا في ذلك كمن أفاق كذلك.

(وصفحة ١١) " وخبر الحلبي (سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل أسلم بعدما دخل من شهر رمضان ايام قال " ليقض ما فاته " محمول على الندب كما سمعته من ابن أبي عقيل أو على من أسلم وفاته ذلك لعارض من مرض ونحوه، أو من أسلم ولم يعلم وجوب الصوم وأفطر، ثم علم الوجوب أو غير ذلك لقصوره عن إفادة الوجوب من وجوه. ومن ذلك كله يعلم الحال فيه.

٣٠٩

(وصفحة ٢١) " ولا ترتيب أيضا بين القضاء وغيره من أقسام الصوم الواجب كفارة أو غيرها للاصل السالم عن المعارض، خلافا للمحكي عن ابن أبي عقيل من عدم جواز الصوم عن النذر أو الكفارة لمن عليه قضاء عن شهر رمضان حتى يقضيه، ولم نقف على مأخذه.

(وصفحة ٢٥) " إن استمر به المرض إلى رمضان آخر سقط قضاؤه على الاظهر الاشهر، بل المشهور وكفر عن كل يوم من السالف بمد من الطعام كما استفاضت بذلك النصوص أو تواترت، وقد رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام وأبوبصير عن أبي عبدالله عليه السلام أيضا والفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام وعلي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام وعبدالله بن جعفر عن أخيه عليه السلام أيضا، بل وأبوالصباح الكناني وعبدالله بن سنان على ما ستعرف، وفيها المكرر، فلا بأس بدعوى تواترها، والخروج بها عن ظاهر قوله تعالى (فمن كان منكم مريضا) إلى آخره، على أن التحقيق جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد فلا محيص عن العمل بها خصوصا بعد اشتهار الفتوى بها بين الطائفة، وعدم المعارضة المعتد به لها، خصوصا بالنسبة إلى الفدية كما اعترف به المصنف في المعتبر، فما عن ابني أبي عقيل وبابويه والشيخ في الخلاف وابني زهرة وإدريس وأبي الصلاح والفاضل في التحرير من تعين القضاء دون الكفارة واضح الضعف، لابتنائه بالنسبة إلى ثبوت القضاء على عدم حجية الخبر الواحد أو عدم تخصيص الكتاب به، وهما معا باطلان كما حرر في محله، مضافا إلى امكان دعوى التواتر هنا أو القطع ولو بالقرائن.

(وصفحة ٢٧) " وأما إن برئ بينهما وأخره عازما على القضاء مع التمكن منه فاتفق حصول العذر عنه الضيق قضاه ولا كفارة وإن كان تركه تهاونا بأن لم يكن عازما على الفعل ولا على الترك في تمام الزمان على فرض قصوره، أو كان عازما على العدم فيه سواء عرض له عذر بعد ذلك منعه من القضاء أو لا أو على العدم عند الضيق خاصة

٣١٠

بعد العزم على الفعل قبله، أو على العدم في السعة لكن عرض له بعد ذلك ما منعه عن القضاء، وبالجملة أدركه الرمضان الثاني أو عذر آخر مستمر إليه وهو غير عازم على القضاء قضاه وكفر عن كل يوم من السالف بمد من الطعام بلا خلاف أجده في الاخير بأقسامه السابقة إلا من الحلي في السرائر فاقتصر على القضاء طرحا للنصوص على أصله من عدم العمل بأخبار الآحاد، فيبقى حينئذ أصل البرائة سالما عن المعارض، ثم قال " والاجماع غير منعقد على وجوب الكفارة لان أكثر أصحابنا لا يذهبون إليها ولا يوردونها في كتبهم مثل الفقيه وسلار والسيد المرتضى وغيرهما ولا يذهب إلى الكفارة في هذه المسألة يعني مسألة التواني إلا شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في الجزء الثاني من مقنعته، ولم يذكرها في كتاب الصيام فيها ولا في غيرها من كتبه وشيخنا أبوجعفر ومن تابعهما وقلد كتبهما ويتعلق بأخبار الآحاد التي ليست عند أهل البيت عليهم السلام حجة على ما شرحناه وقد يؤيده أيضا مرسل سعد بن سعد عن أبي الحسن عليه السلام سألته عن رجل يكون مريضا في شهر رمضان ثم يصح بعد ذلك فيؤخر القضاء سنة أو أقل من ذلك أو أكثر ما عليه في ذلك؟ قال " أحب له تعجيل الصيام.

فإن كان أخره فليس عليه شئ " وهو كما ترى مبني على أصل فاسد، لكن بالغ في الانكار عليه في المعتبر فقال إنه ارتكب مالم يذهب إليه أحد من فقهاء الامامية فيما علمت، ثم ذكر رواة الفدية زرارة ومحمد بن مسلم وأبو الصباح الكناني وأبوبصير وعبدالله بن سنان، وقال: هؤلاء فضلاء السلف من الامامية، وليس لروايتهم معارض الا ما يحتمل رده إلى ما ذكرناه، فالراد لذلك متكلف لما لا ضرورة إليه، ونحو منه عن المنتهى، وفي المختلف ان البراء‌ة إنما يصار إليها مع عدم دليل الثبوت وشغل الذمة، وقد بينا الادلة، وعدم ذكر أحد من أصحابنا غير الشيخين لهذه المسألة ليس حجة على العدم مع أن الشيخين هما القيمان بالمذهب، وكيف يدعى ذلك؟ وإبنا بابويه رحمهما الله سبقا الشيخين بذكر وجوب الصدقة مطلقا، ولم يفصلا بين التواني وغيره، وكذا ابن أبي عقيل، وهو أسبق من الشيخين، وهؤلاء عمدة المذهب، والحديث الذي رواه سعد بن سعد مرسل ضعيف السند.

٣١١

(وصفحة ٣٥) (في قضاء الصوم عن الميت) " المسألة الثانية يجب على الولي أن يقضي مافات عن الميت من صيام واجب رمضان كان أو غيره فات بمرض أو غيره بلا خلاف أجده فيه في أصل الحكم سوى ما عن ابن أبي عقيل من أن المشروع الصدقة عنه عن كل يوم بمد دون القضاء، بل نسب القول به إلى الشذوذ، كما أنه نسب الصدقة إلى التواتر، وهو من الغرائب، ضرورة كون العكس مظنة التواتر أو القطع ولو بمعونة شهرته بين الامامية، بل كان من ضروريات مذهبهم وصول جميع ما يفعل عن الميت من صوم أو صلاة إليه.

(وصفحة ٥١ ٥٢) " المسألة الرابعة المشهور بين الاصحاب أن القاضي لشهر رمضان مع سعة الوقت لا يحرم عليه الافطار قبل الزوال لعذر وغيره قبل عن العلامة في المدنيات الاولى الاجماع عليه، للمعتبرة المستفيضة، منها صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السلام " صوم النافلة لك أن تفطر ما بينك وبين الليل متى شئت، وصوم قضاء الفريضة لك أن تفطر إلى زوال الشمس، فإذا زالت الشمس لك أن تفطر " ومنها صحيح جميل على مافي التهذيب عنه عليه السلام أيضا في الذي يقضي شهر رمضان انه بالخيار إلى زوال الشمس ومنها موثق اسحاق بن عمار عنه عليه السلام أيضا " الذي يقضي شهر رمضان هو بالخيار في الافطار مابينه وبين أن تزول الشمس ".

وفي التطوع مابينه وبين أن تغيب الشمس إلى غير ذلك من النصوص التي يقصر عن معارضتها صحيح ابن الحاج المحمول على الكراهة (سألت عن الرجل يقضي رمضان أله أن يفطر بعد ما يصبح قبل الزوال إذا بدا له؟ قال " إذا كان نوى من الليل وكان من قضاء رمضان فلا يفطر ويتم صومه " وموثق زرارة (سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل يقضي من شهر رمضان فأتى النساء قال " عليه من الكفارة مثل ما على الذي أصاب في شهر رمضان لان ذلك اليوم عند الله من أيام رمضان " المقيد بها مع إرادة التشبيه فيه بأصل الكفارة وإن أيدا بعموم (لا تبطلوا أعمالكم) المخصص بها أو المنزل على الصلاة أو على إرادة إبطالها بالكفر ونحوه كما هو مقتضى العموم

٣١٢

فيه، وباقتضاء البدلية ذلك كما أومأ إليه أبوجعفر عليه السلام وإلا لكان إتمامه مستحبا، فلا يجزي عن الواجب الذي هو كما ترى، ضرورة منع اقتضاء المعنوية منها ذلك بل المسلم اقتضاء إطلاق اللفظية المشاركة في الاحكام المتعارفة للمبدل، وأقصاها حينئذ الاطلاق الذي يقيده بعض ما عرفت فضلا عن جميعه، فما عن ابن أبي عقيل وأبي الصلاح وابن زهرة من الحرمة واضح الضعف.

" نعم يحرم عليه الافطار بعده إجماعا محكيا في الانتصار والخلاف والغنية، ونصوصا قد تقدم بعضها، بل يمكن تحصيل الاجماع عليه أو القطع به، لعدم المخالف فيه سوى ماعساه يظهر مما في التهذيب من حمل خبر عمار عن أبي عبدالله عليه السلام الذي رماه بعضهم بالشذوذ أنه سئل عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان ويريد أن يقضيها متى يريد أن ينوي الصيام، قال " هو بالخيار إلى أن تزول الشمس فإذا زالت الشمس فإن نوى الصوم فليصم، وإن كان نوى الافطار فليفطر سئل فإن كان نوى الافطار يستقيم أن ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس؟ قال: لا، سئل فإن نوى الصوم ثم أفطر بعد ما زالت الشمس قال " قد أساء وليس عليه شئ إلا قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه " على أنه ليس عليه شئ من العقاب وإن كان عليه القضاء والكفارة، بخلاف من أفطر في رمضان فعليه العقاب والقضاء والكفارة وربما يؤيده خبر أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام في المرأة تقضي شهر رمضان فيكرهها زوجها على الافطار قال " لا ينبغي له أن يكرهها بعد الزوال " للتعبير بلفظ (لا ينبغي) المشعر بالكراهة، وفيه ان حمله على التقية أو على إرادة عدم وجوب أكثر من يوم في قضائه أو غير ذلك أولى، ضرورة عدم صلاحيته لمعارضة مادل على الحرمة من الاجماع والنصوص السابقة وغيرها حتى مادل منها على الكفارة التي من المعلوم كون الاصل فيها أن تكون عن ذنب، فلا ينافي حينئذ ثبوتها في قتل الخطأ والصيد خطأ ونحوهما للدليل، كما أن الاصل فيها التكفير للذنب وإن جميع الكفارات من سنخ واحد بالنسبة إلى ذلك، وحينئذ فإن أراد الشيخ نفي العقاب عنه قبل التكفير فلا وجه حينئذ للكفارة، وإن أراد بعدها فلا فرق بينه وبين رمضان، وخبر أبي بصير وإن كان مشعرا بذلك لكن يجب حمله على إرادة الحرمة

٣١٣

هنا، لقوة المعارض، على أنه يمكن بناؤه على جواز الاكراه للزوج وإن كان فرضها الامتناع منه على حسب طاقتها عملا لكل منهما على حكمه، إذ الوجوب عليها لا يقتضي حرمة الوطئ عليه، بل لعل مثله يأتي في شهر رمضان حيث يكون الزوج مفطرا لعذر والزوجة صائمة، ولا يفسد صومها بذلك لكونها مكرهة. كالمؤجر في حلقه الماء، فتأمل جيدا، هذا.

ومع ذلك كله فخبر عمار مناف لما في المتن وغيره من أنه تجب معه أي الافطار بعد الزوال الكفارة بل في الانتصار والخلاف والغنية الاجماع عليه، بل لعله كذلك، إذ لم أجد فيه خلافا إلا من المحكي عن ابن أبي عقيل حيث أطلق نفيها ومال اليه في المسالك كما ستعرف.

(وصفحة ١٤٤) نعم يتصدقون عن كل يوم بمد من طعام وفاقا للصدوقين وبني أبي عقيل والجنيد والبراج وسعيد والشيخ والفاضل وغيرهم على ماحكي عن بعضهم، لصحيح ابن مسلم سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: (الشيخ الكبير والذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان ويتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمد من طعام، ولا قضاء عليهما، فإن لم يقدرا فلا شئ عليهما) ونحوه صحيحة الآخر عنه عليه السلام أيضا إلا أنه قال " ويتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمدين من طعام ".

رؤية الهلال مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ٢٣٦) " مسألة: قال ابن أبي عقيل: قد جاء‌ت الآثار عنهم عليهم السلام، أن صوموا رمضان للرؤية، وافطروا للرؤية، فإن غم عليكم فأكملوا العدة، من رجب تسعة وخمسين يوما، ثم الصيام من الغد، والشيخ رحمه الله لم يعتبر ذلك، بل تأول الرواية التي رواها محمد بن الحسن بن أبي خالد يرفعه عن أبي عبدالله عليه السلام قال

٣١٤

" إذا صح هلال رجب فعد تسعة وخمسين يوما وصم يوم الستين " والرواية التي رواها هارون بن خارجة في الصحيح قال قال أبوعبدالله عليه السلام " عد شعبان تسعة وعشرين يوما، وإن كانت متغيمة فأصبح صائما، وإن كانت مصحية وتبصرته ولم تر شيئا فأصبح مفطرا، على أنه يصوم يوم الستين أو الثلاثين من شعبان " ولو كان الامر على ماذهب إليه أصحاب العدد، لكان يوم الثلاثين من شهر رمضان، لان شعبان عندهم لايتم أبدا ولم يختلف الحال بين الصحو والغيم، فعلم أنه أراد الحث على صومه بنية أنه من شعبان.

" مسألة: قال ابن أبي عقيل: يجب أن يقال عند رؤية الهلال من رمضان ألحمد لله الذي خلقني وخلقك، وقدر منازكل وجعلك مواقيت للناس، أللهم أهله علينا إهلالا مباركا، أللهم أدخله علينا بالسلامة والاسلام، واليقين والايمان، والبر والتقوى، والتوفيق لما تحب وترضى، ولم يوجب أحد من أصحابنا ذلك، فإن كان مراده من الوجوب تأكد الاستحباب فمسلم، وإن أراد به المعنى الحقيقي فهو ممنوع ".

الدروس (صفحة ٧٦) " ولا عبرة بالعدد وهو نقيصة شعبان أبدا، وتمام رمضان ابدا خلافا للحسن.

" وأوجب الحسن أن يقال عند هلال رمضان، ألحمد لله الذي خلقني وخلقك، وقدر منازلك وجعلك مواقيت للناس، أللهم أهله علينا إهلالا مباركا، أللهم أدخله علينا بالسلامة والاسلام، واليقين والايمان، والبر والتقوى، والتوفيق لما تحب وترضى، ولعله أراد تاكيد الندب ".

الحدائق الناضرة (مجلد ١٣ صفحة ٤٣٢) " وعن ابن أبي عقيل أوجب قراء‌ة هذا الدعاء وقت رؤية هلال شهر رمضان وهو هذا: ألحمد لله الذي خلقني وخلقك وقدر منازلك وجعلك مواقيت للناس، أللهم أهله علينا إهلالا مباركا، أللهم أدخله علينا بالسلامة والاسلام واليقين والايمان والبر والتقوى والتوفيق لما تحب وترضى ".

٣١٥

الصوم بدل الهدي

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ٢٣٨) " مسألة: المشهور أن السبع في بدل الهدي لايجب فيها التتابع، وقال ابن أبي عقيل وسبعة متتابعات إذا رجع إلى أهله، وذهب أبوالصلاح إلى وجوب التتابع في السبعة ".

الدروس (صفحة ٧٩) " قال في الصوم في المختلف، المشهور أن فيه شهرين متتابعين، والسبعة في بدل الهدي خلافا للحسن ".

مدارك الاحكام (مجلد ٦ صفحة ٢٤٦) " وعن أبي الصلاح وابن أبي عقيل أنهما أوجبا المتابعة في صيام السبعة بدل الهدي، واستقرب وجوب المتابعة في قضاء النذر المعنى المشروط فيه المتابعة ".

الحدائق الناضرة (مجلد ١٣ صفحة ١٩٠) " قال: من فاته صيام ثلاثة أيام في الحج مالم يكن عمدا تاركا فإنه يصوم بمكة مالم يخرج منها فإن أبى جماله أن يقيم عليه فليصم في الطريق. إلى غير ذلك من الروايات الآتية إن شاء الله في محلها من كتاب الحج.

ونقل عن ابن أبي عقيل المنع من ذلك في السفر ".

" وأما الرابع فنقل عن ابن أبي عقيل وأبي الصلاح أنهما أوجبا المتابعة في صيام السبعة بدل الهدي، قال في المدارك بعد ذكر ذلك، والاصح عدم وجوب المتابعة في جميع ذلك عملا بالاطلاق.

٣١٦

(ومجلد ١٧ صفحة ١٥٤) " ونقل في المختلف في كتاب الصوم عن ابن أبي عقيل وأبي الصلاح وجوب التتابع في هذه السبعة، قال قدس سره " المشهور أن السبعة في بدل الهدي لايجب فيها التتابع "، وقال ابن أبي عقيل " وسبعة متتابعات إذا رجع إلى أهله، وذهب أبو الصلاح إلى وجوب التتابع في السبعة ".

جواهر الكلام (مجلد ١٧ صفحة ٧) " (و) الرابع صوم السبعة في بدل الهدي للاطلاق، وخبر إسحق بن عمار قلت لابي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: اني قدمت الكوفة ولم أصم السبعة الايام حتى فرغت في حاجة إلى بغداد قال: صمها ببغداد قلت: أفرقها قال: نعم) خلافا لابن أبي عقيل وابن زهرة وأبي الصلاح فأوجبوه فيها كالثلاثة لحسن علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام كما عن المختلف والمنتهى والصحيح كما عن حج المنتهى والتذكرة قال: " سألته عن صوم ثلاثة أيام في الحج والسبعة أيصومها متوالية أو يفرق بينها؟ قال: يصوم الثلاثة ولايفرق بينها والسبعة ولا يفرق بينها ولا يجمع السبعة والثلاثة جميعا " وخبر الحسين بن يزيد عن أبي عبدالله عليه السلام: " السبعة الايام والثلاثة الايام في الحج لاتفرق، إنما هي بمنزلة الثلاثة الايام في اليمين " إلا أنهما مع ما في سندهما حتى الاول منهما الذي فيه محمد بن أحمد العلوي ولم ينص على توثيقه في كتب الرجال على ماقيل، وندرة العامل بهما يمكن أن يكون المراد بهما تجويز المتابعة لا وجوبها الذي من المحتمل كون السؤال عنه والله أعلم ".

(ومجلد ١٩ صفحة ١٨٦) " عن أبي عبدالله عليه السلام " كل صوم يفرق إلا ثلاثة أيام في كفارة اليمين " خلافا لما عن ابن أبي عقيل وأبي الصلاح من وجوبها فيها كالثلاثة لخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام سألته عن صوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة، أفصومها متوالية أو نفرق بينها؟ قال " تصوم الثلاثة الايام لاتفرق بينها، والسبعة لاتفرق بينها ".

٣١٧

كتاب الاعتكاف

المعتبر (مجلد ٢ صفحة ٧٣١ ٧٣٢) " الشرط الخامس: المكان، وقد اختلف الاصحاب، فقال الشيخ وعلم الهدى: لايصح إلا في المساجد الاربعة: مسجد مكة، والمدينة، والجامع بالكوفة، وبالبصرة وأبدل أبوجعفر بن بابويه جامع البصرة بجامع المدائن.

واحتج علم الهدى والشيخ لذلك باجماع الفرقة وبأن الاعتكاف عبادة شرعية، يقف العمل فيها على موضع الوفاق، وقال المفيد وابن أبي عقيل وجماعة من الاصحاب: يصح في المساجد الاربعة وفي كل مسجد جامع، وبه قال الزهري.

وعن أبي حنيفة روايتان إحداهما: يجوز في كل مسجد، وبه قال الشافعي، والاخرى: يختص المساجد الاربعة، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال " كل مسجد له إمام ومؤذن يعتكف فيه " قال الشافعي والاولى بالمرأة الاعتكاف في مسجد بيتها، ويعني به الذي تفرده للصلاة، وعندنا الرجل والمرأة سواء ".

كشف الرموز (مجلد ١ صفحة ٣١٧) " عن عمر بن يزيد قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام، ماتقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟ فقال " لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة قد صلى فيه إمام عدل صلاة جماعة، ولابأس أن يعتكف في مسجد الكوفة، ومسجد المدينة، ومسجد مكة "، وفي رواية علي بن الحسن بن فضال عن ابن محبوب عن عمر بن يزيد: ومسجد البصرة.

وقال ابن أبي عقيل في المتمسك: يصح في المساجد كلها، وأفضلها المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله، ومسجد الكوفة، ومساجد الجماعات، في ساير الامصار متمسكا بقوله تعالى

٣١٨

" ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد " وحمل الروايات الواردة، بالتعيين، على الافضيلة والمتأخر على مذهب الشيخ، والمختار مذهب المفيد، وعليه شيخنا دام ظله ".

تذكرة الفقهاء (مجلد ١ صفحة ٢٨٤) " مسألة: ويشترط في الاعتكاف أن يكون في مكان خاص، وقد أجمع علماء الامصار على اشتراط المسجد في الجملة، لقوله تعالى " ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد " ولو صح الاعتكاف في غير المسجد لم يكن في التقييد فايدة، لان الجماع في الاعتكاف مطلقا حرام، ولان الاعتكاف لبث هو قربة فاختص بمكان، كالوقوف، ثم اختلف العلماء بعدذ لك في أنه هل يشترط مسجد معين أم لا؟ فالذي عليه أكثر علمائنا أنه يشترط أن يكون في مسجد جمع فيه نبي أو وصي نبي، وهي أربعة مساجد المسجد الحرام ومسجد النبي عليه السلام جمع فيهما رسول الله صلى الله عليه وآله، ومسجد الكوفة ومسجد البصرة ومسجد المداين، رواه الصدوق.

وقال ابن أبي عقيل منا: أنه يصح الاعتكاف في كل مسجد، قال وأفضل الاعتكاف في المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله، ومسجد الكوفة، وساير الامصار ومساجد الجماعات، وبه قال الشافعي ومالك ".

تحرير الاحكام مجلد ١ صفحة ٨٧) " المكان شرط في الاعتكاف، وهو مسجد جمع فيه نبي أو وصي نبي، وهي أربعة مساجد، المسجد الحرام، ومسجد النبي صلى الله عليه وآله، ومسجد الكوفة، ومسجد البصرة، وجوز ابن أبي عقيل الاعتكاف في كل مسجد ".

" لايجوز للمعتكف الخروج من الموضع الذي اعتكف فيه، إلا لضرورة، فلو خرج لغير عذر بطل اعتكافه وإن قصر الزمان، فإن كان قد مضى ثلاثة أيام صح اعتكافه الماضي، ويبطل من خروجه، إن كان تطوعا، أو واجبا غير متتابع، أو متتابعا من حيث الوقت، بأن ينذر الشهر الفلاني فإذا عاد جدد الاعتكاف من حين العود، ولو كان النذر متتابعا من حيث الشرط بطل الاول، واستأنف من حين عوده، وقضى مامضى من الايام، ويجوز أن يخرج للبول والغائط والغسل من الاحتلال، وأداء

٣١٩

الجمعة لو أقيمت في غيره، للضرورة عندنا أو مطلقا عند ابن أبي عقيل ".

منتهى المطلب (مجلد ٢ صفحة ٦٣٢) " وقال ابن أبي عقيل منا: إنه يصح الاعتكاف في كل مسجد، قال فأفضل الاعتكاف في المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله، ومسجد الكوفة، وساير الامصار مساجد الجماعات، وقال المفيد رحمه الله: لايكون الاعتكاف إلا في المسجد الاعظم، وقد روى أنه لايكون إلا في مسجد جمع فيه نبي، أو وصي نبي، فجاز لذلك الاعتكاف فيها أربعة مساجد، وعد ما ذكرناه أولا، وهذا مذهب علمائنا.

وأما الجمهور فقد اختلفوا فقال الشافعي يصح في كل مسجد، كما ذهب إليه ابن أبي عقيل من أصحابنا وبه قال مالك، وقال أحمد: لايجوز إلا في مسجد يجمع فيه، وبه قال أبوحنيفة، وهو قول المفيد رحمه الله. وعن حذيفة أنه لايصح الاعتكاف إلا في أحد المساجد الثلاثة المسجد الحرام، والمسجد الاقصى ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله.

لنا: إن الاعتكاف عبادة شرعية، فيقف على مورد النص، والذي وقع عليه الاتفاق ما ذكرناه، ويؤيده ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد قال قلت لابي عبدالله عليه السلام ماتقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟ فقال " لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة، قد صلى فيه إمام عدل صلاة جماعة ".

مدارك الاحكام (مجلد ٦ صفحة ٣٢٢) " قال العلامة في المختلف ولا أرى لهذا الخلاف فائدة، إلا أن تثبت زيادة مسجد صلى فيه بعض الائمة عليهم السلام جماعة لا جمعة.

وقال ولده في الشرح إن فائدة الخلاف تظهر في مسجد المدائن، فإن المروي أن الحسن عليه السلام صلى فيه جماعة لا جمعة.

ولم يعتبر المفيد رحمه الله ذلك كله، بل جوز الاعتكاف في كل مسجد أعظم.

والظاهر أن مراده به المسجد الجامع كما نقله عنه المصنف وغيره، وإلى هذا القول ذهب ابن أبي عقيل والمصنف وغيرهم من الاصحاب، وهو المعتمد ".

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554