حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه14%

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه مؤلف:
تصنيف: دراسات
الصفحات: 554

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه
  • البداية
  • السابق
  • 554 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 174391 / تحميل: 5853
الحجم الحجم الحجم
حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

الحدائق الناضرة (مجلد ٢٥ صفحة ٢١٧) " فذهب جمع منهم ابن الجنيد وابن أبي عقيل والسيد المرتضى، ونقل عن ظاهر الصدوق إلى وقوع الطلاق به إذا اختارت نفسها بعد تخييره لها على الفور مع اجتماع الشرائط من الاستبراء وسماع الشاهدين، والمشهور وهو مذهب الشيخ، وبه صرح الشيخ علي بن بابويه في الرسالة وجملة المتأخرين عدم وقوع الطلاق به.

قال ابن الجنيد على مانقله في المختلف: إذا أراد الرجل أن يخير امرأته اعتزلها شهرا وكان على طهر من غير جماع في مثل الحالة التي لو أراد أن يطلقها فيه طلقها، ثم خيرها فقال لها: قد خيرتك أو جعلت أمرك إليك، ويجب أن يكون ذلك بشهادة، فإن اختارت نفسها من غير أن تشاغل بحديث من قول أو فعل كان يمكنها أن لاتفعل صح اختيارها، وإن اختارت بعد فعلها ذلك لم يكن اختيارها ماضيا، وإن اختارت في جواب قوله لها ذلك وكان مدخولا بها وكان تخييره إياها عن غير عوض أخذه منها كان كالتطليقة الواحدة التي هو أحق برجعتها في عدتها، وإن كانت غير مدخول بها فهي تطليقة بائنة، وإن كان تخييره عن عوض فهي بائن وهي أملك بنفسها، وإن جعل الاختيار إلى وقت معينة واختارت قبله جاز اختيارها، وإن اختارت بعده لم يجز.

وقال ابن أبي عقيل: والخيار عند آل الرسول عليهم السلام أن يخير الرجل امرأته ويجعل أمرها إليها في أن تختار نفسها أو تختاره بشهادة شاهدين في قبل عدتها، فإن اختارت المرأة نفسها في المجلس فهي تطليقة واحدة وهو أملك برجعتها ما دامت لم تنقض عدتها، وإن اختارت فليس بطلاق، ولو تفارقا ثم اختارت المرأة نفسها لم يقع شئ، ولو قال لها: قد جعلت أمرك بيدك فاختاري نفسك في مجلسك، فسكتت أو تحولت عن مجلسها بطل اختيارها بترك ذلك، وإن سمى الرجل في الاختيار وقتا معلوما ثم رجع عنه قبل بلوغ الوقت كان ذلك له، وليس يجوز للزوج أن يخيرها أكثر من واحدة بعد واحدة، وخيار بعد خيار بطهر وشاهدين، فإن خيرها أكثر من واحدة أو خيرها أن تخير نفسها في غير عدتها كان ذلك ساقطا غير جائز، وإن خير الرجل أباها أو أخاها أو أحدا من أوليائها كان اختيارها.

٤٨١

(وصفحة ٢٢٦) " ظاهر عبارة ابن أبي عقيل المتقدمة أنه يكون رجعيا، وعليه تدل من أخبار التخيير المتقدمة صحيحة محمد بن مسلم المروية في الفقيه، لقوله فيها " وهو أحق برجعتها " ونحوها صحيحة الفضيل بن يسار لحكمه فيها بالموارثة التي هي فرع بقاء الزوجية، ورواية زرارة لقوله فيها " وهو أحق برجعتها قبل أن تنقضي عدتها ".

وقيل إنها تكون بائنة، وعليه تدل من الاخبار المذكورة رواية الصيقل، لقوله فيها " فإن اختارت نفسها فقد بانت منه، وهو خاطب من الخطاب " ورواية زرارة الاخرى لقوله فيها " إذا اختارت نفسها فهي تطليقة بائنة، وهو خاطب من الخطاب.

(وصفحة ٢٢٨) " الثاني: عبارة ابن أبي عقيل المتقدمة اشتراط وقوع الخيار في المجلس قبل التفرق لقوله وإن اختارت نفسها في المجلس فهي تطليقة واحدة " وعليه تدل رواية زرارة لقوله فيها " إنما الخيار لها ماداما في المجلس فإذا افترقا فلا خيار لها ".

وصحيحة محمد بن مسلم وهي الاولى لقوله فيها " فهي بالخيار مالم يفترقا ".

جواهر الكلام (مجلد ٢٩ صفحة ٢٣) " (الثالث) أنه إن نوى بالتخيير الطلاق كان طلاقا وإلا فلا، وهو مذهب الشافعي.

(الرابع) انه لايقع بذلك طلاق وإن كان ذلك من خواصه صلى الله عليه وآله، ولو اخترن أنفسهن لما خيرهن لبن منه، فأما غيره فلا يجوز له ذلك، وهو المروي عن الصادق عليه السلام حيث قال " وما للناس والخيار، وإن هذا شئ خص الله تعالى به رسوله صلى الله عليه وآله ".

وقال ابن الجنيد وابن أبي ع قيل منا بوقوعه طلاقا مع نيته واختيارها نفسها على الفور، فلو تأخر اختيارها لحظة لم يكن شيئا، والاكثر منا على خلاف قولهما، لقول الصادق عليه السلام " أن تقول لها: أنت طالق ".

٤٨٢

في العدة

كشف الرموز (مجلد ٢ صفحة ١٦٠) " في العدة كشف الرموز (مجلد ٢ صفحة ١٦٠) " عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام، يقول " عدة المتعة خمسة وأربعون يوما ".

ولعله محمول على من تعتد بالشهور.

وقال ابن أبي عقيل: عدتها حيضة، وهو في رواية ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي عبدالله عليه السلام، أنه قال " إن كانت تحيض فحيضة، وإن كانت لاتحيض فشهر ونصف".

قلت: تحمل هذه على حيضة بين طهرين، توفيقا بين الروايات، وجمعا بين الاقوال.

والاظهر بين الاصحاب أن عدتها طهران، وهو الاشبه.

(وصفحة ٢٠٢) " أقول: المتوفي عنها زوجها لا نفقة لها على مال الميت، لان علقة الزوجية، انقطعت بالموت.

ولو كانت حاملا هل ينفق عليها من نصيب الحمل؟ فيه قولان، وتمسك كل واحد منهما برواية.

قال المفيد في المقنعة (التمهيد خ) وابن أبي عقيل: لانفقة لها، تمسكا بأن الحمل لا مال له، فكيف ينفق عليها من نصيبه.

(وصفحة ٢٢٥) " وروى زرارة، عن أبي عبدالله عليه السلام، في الصبية التي لاتحيض مثلها، والتي قد تيأس (يئست خ) من المحيض؟ قال " ليس عليهما عدة، وإن دخل بهما ".

وعليهما عمل الشيخين، وابن بابويه، وابن أبي عقيل، وسلار ".

مختلف الشيعة (مجلد ٢ صفحة ٥٦٢) " في النهاية: وإذا مات عنها زوجها قبل انقضاء أجلها كانت عدتها مثل عدة المعقود عليها عقد الدوام، أربعة أشهر وعشرة أيام، وتبعه ابن البراج، وأبو

٤٨٣

الصلاح، وابن إدريس، وهو أيضا قول الصدوق في المقنع.

وقال المفيد وسلار: وعدتها شهران وخمسة أيام، وهو أيضا قول ابن أبي عقيل، والسيد المرتضى لما أجاب عن حجة الجمهور على أن المتمتع بها ليست زوجة، بأنها لو كانت زوجة لوجب أن تعتد عدة الوفاة بأربعة أشهر وعشرة أيام، لقوله تعالى " والذين يتوفون منكم " قال: فأما ما ذكروه من الاعتداد، فهم (فمنهم خ) يخصون الآية في عدة المتوفى عنها زوجها، لان الامة عندهم زوجة وعدتها شهران وخمسة أيام، وإذا جاز تخصيص ذلك بالدليل خصصنا المتمتع بها لمثله.

" وقال المفيد: عدة المتمتع بها من الفراق قرآن، وهما طهران، وقال ابن إدريس عدتها طهران، للمستقيمة الحيض، وخمسة وأربعون يوما إذا كانت لا تحيض، ومثلها تحيض وقال الصدوق في المقنع: وإذا انقضى أيامها وهو حي فعدتها حيضة ونصف، وقال ابن أبي عقيل إن كانت ممن تحيض فحيضة مستقيمة، وإن كانت ممن لاتحيض فخمسة وأربعون يوما.

(وصفحة ٦١٨) " ما اخترناه قول ابن أبي عقيل، فإنه قال: والاقراء عند آل الرسول عليهم السلام الطهر لا الحيض، ومعنى القرء أن للدم مقرا في الرحم فيجتمع، فإذا بلغ آخر القرء (وصفحة ٦١٣) " التحقيق أن نقول: إن جعلنا النفقة للحمل فالحق ما قاله الشيخ، وإن جعلناها للحامل فالحق ماقاله المفيد.

وقال ابن أبي عقيل لانفقة للمتوفى عنها زوجها، سواء كانت حبلى أو غير حبلى، وهو الذي صدر به الشيخ الباب في كتاب الاستبصار وادعاه، واستدل عليه، وكذا في التهذيب.

مسألة: قال الشيخ في النهاية: المتوفى عنها زوجها إذا كانت أمة لا حداد عليها، وقال في المبسوط عليها الحداد.

وابن البراج اختار الاول في كتابيه معا، وهو أيضا ذهب ابن الجنيد من متقدمي علمائنا، وشيخنا المفيد، وابن أبي عقيل، من المتقدمين وأبوالصلاح، وسلار، لم يفصلوا، بل أوجبوا الحداد على المعتدة للوفاة.

٤٨٤

(وصفحة ٦١١) " مسألة: قال المفيد: وإن كانت الزوجة أمة اعتدت من زوجها إذا مات عنها بشهرين وخمسة أيام، على النصف من عدة الحرة، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، مدخولا بها أو لا.

وتبعه تلميذه سلار، وأبوالصلاح، وهو قول ابن أبي عقيل من متقدمي علمائنا.

دفعته، فإذا مضت لها ثلاثة أطهار، فأول ما ترى الدم في الحيضة الثالثة حلت للازواج، وهو آخر الاقراء.

" مسألة: قال ابن أبي عقيل: ذوات العدد عند آل الرسول عليهم السلام ضربان، ضرب مختلعات، وضرب مطلقات، فأما المخلعات فلهن أجلان، فمن كان منهن من ذوات الاحمال لم تحل نكاحهن حتى يضعن حملهن، فإذا وضعن حملهن حل نكاحهن، وإن كن من غير ذوات الاحمال فأجلهن أربعة أشهر وعشرا، فإذا مضت أربعة أشهر وعشرا حل نكاحهن، والامة إذا توفي عنها زوجها فعدتها شهران وخمس ليال، وفي الطلاق إن كانت تحيض فطهران وحيضة مستقيمة، فإذا رأت الدم في الحيضة الثانية حلت للازواج، وإن كانت ممن لاتحيض أو ممن قد ايست من الحيض، أو من المشكلة عليها أيام حيضها من أيام طهرها فعدتها خمسة وأربعون ليلة، ونصف عدة الحرة، وفي الحمل في الوجهين جميعا، أعني في الوفاة والطلاق، فعدتها أن تضع حملها، فإذا وضعت حملها حل نكاحها.

وهذا الكلام يشعر بأن عدة الوفاة في الحرة والامة الحاملتين بوضع الحمل، من غير اعتبار الاشهر، والمشهور أن عدتهما أبعد الاجلين ".

مسالك الافهام (مجلد ٢ صفحة ٣٩) " قوله وعدة الامة، اختلف الاصحاب في مقدار عدة الامة إذا كانت مزوجة فمات زوجها، مع اتفاقهم على أنها على نصف عدة الحرة في الطلاق، فذهب الاكثر منهم إلى أن في الوفاة على النصف من عدة الحرة أيضا، فهي شهران وخمسة أيام، وهو الذي قطع به المصنف، من غير أن ينقل خلافا. لما رواه محمد بن مسلم في

٤٨٥

الصحيح عن الصادق عليه السلام قال " الامة إذا توفي عنها زوجها، فعدتها شهران وخمسة أيام " وفي الصحيح عن محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام إلى أن قال (قلت) " فإن مات عنها زوجها؟ (قال) فأجلها نصف أجل الحرة، شهران وخمسة أيام " وغير ذلك من الاخبار الكثيرة.

ولان الرقية مناط التنصيف في مطلق العقوبة، وخصوصية الاعتداد كما في الطلاق، فناسب أن يكون في الوفاة كذلك.

وقال الصدوق، وابن إدريس: عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، لعموم قوله تعالى " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن " الآية.

وخصوص صحيحة زرارة عن الباقر عليه السلام قال " إن الامة والحرة كلتاهما إذا مات عنهما زوجهما في العدة سواء، إلا أن الحرة تحد والامة لا تحد " وصحيحة زرارة عنه عليه السلام إلى أن قال " يا زرارة كل النكاح إذا مات الزوج فعلى المرأة حرة كانت أو أمة على أي وجه كان النكاح منه متعة أو تزويجا أو ملك يمين فالعدة أربعة أشهر وعشرا ".

وأجيب عن الآية بأنها عامة، وتلك الاخبار خاصة، والقرآن يجوز تخصيصه بالسنة.

وعن الاخبار بأنها قد تعارضت، فيجب الجمع بينهما بحمل الاخبار الاولى على غير أم الولد إذا كان قد زوجها المولى بغيره فمات زوجها، والاخبار الدالة على التسوية بينها وبين الحرة على أم الولد من موت زوجها.

ويؤيده ماذكر من التفصيل، صحيحة سليمان بن خالد قال سئلت أبا عبدالله عليه السلام " عن الامة إذا طلقت ما عدتها؟ قل حيضتان أو شهران، قلت فإن توفي عنها زوجها؟ فقال إن عليا عليه السلام قال في أمهات الاولاد لا يتزوجن حتى يعتددن أربعة أشهر وعشرا، وهن إماء " وصحيحة وهب بن عبد ربه عن أبي عبدالله عليه السلام قال " سئلته عن رجل كانت له أم ولد فزوجها من رجل فأولدها غلاما، ثم إن الرجل مات فرجعت إلى سيدها أله أن يطأها؟ قال تعتد من الزوج أربعة أشهر وعشرا، ثم يطأها بالملك بغير نكاح "، وهذا الجواب يرجع إلى اختيار قول ثالث بالتفصيل، وهو الذي اختاره الشيخ واتباعه، والمصنف، وباقي المتأخرين.

وأما أكثر المتقدمين كالمفيد، وسلار، وأبن أبي عقيل، وابن الجنيد، فاختاروا الاول مطلقا ".

٤٨٦

الحدائق الناضرة (مجلد ٢٥ صفحة ٥٠٩) " إختلف الاصحاب لاختلاف الاخبار في عدة الامة المتوفى عنها زوجها بأن زوجها المولى رجلا فمات عنها، مع اتفاقهم على أنها في الطلاق على نصف عدة الحرة.

فقيل بأنها على النصف من عدة الحرة شهران وخمسة أشهر، وهو قول الشيخ المفيد وتلميذه سلار وأبي الصلاح وابن أبي عقيل من المتقدمين، وقد صرحوا بأنه لا فرق في كونها صغيرة أو كبيرة مدخولا بها أم لا، وظاهرهم أيضا أنها أعم من أن تكون أم ولد أم لا.

وقيل بأنها عدة الحرة أربعة أشهر وعشرة أيام، وهو قول الصدوق في المقنع وابن إدريس.

قال في المقنع عدة الامة إذا توفي عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام، وروي أن عدتها شهران وخمسة أيام ".

الجواهر (مجلد ٣٢ صفحة ٣١٦) " لو كانت ام ولد لمولاها كانت عدتها أربعة أشهر) بل في المسالك نسبته إلى الشيخ وأتباعه والمصنف وباقي المتأخرين، وفي الرياض هو الاشهر، بل لعل عليه عامة من تأخر، بل في كشف اللثام عن الخلاف وظاهر المبسوط الاجماع عليه، خلافا للمحكي عن المفيد وسلار وابن أبي عقيل وابن الجنيد، فشهران وخمسة أيام مطلقا.

وحينئذ تكون المسألة ثلاثية الاقوال، وقد عرفت ما يستدل به لكل منهما، وان أقواها التفصيل، لرجحان النصوص السابقة بالشهرة العظيمة، وقبول تلك النصوص عدا الاخيرة منها للتنزيل على ام الولد، وأما الاخير منها فهو مع اتحاده مضطرب المتن، لما سمعت من رواية الكليني له بترك قوله فيها " فمات ولدها منه " ومن المعلوم أنه أضبط من غيره ".

٤٨٧

كتاب الخلع والمباراة

كشف الرموز (مجلد ٢ صفحة ٢٣٤ ٢٣٥) " كتاب الخلع والمباراة قال دام ظله: وهل يقع بمجرده؟ قال علم الهدى: نعم، وقال الشيخ: لاحتى يتبع بالطلاق.

قلت: ذهب علم الهدى إلى أن الخلع، لايحتاج إلى الطلاق، لانه جار مجرى الطلاق، في اعتبار العدد (العدةخ).

وقال الشيخ: الصحيح من المذهب أنه يحتاج إلى التلفظ بالطلاق، وهو مذهب جماعة من المتقدمين، واستدل بروايات منها مارواه إبراهيم بن بكير، عن موسى بن بكير، عن أبي الحسن الاول عليه السلام، قال: قال علي عليه السلام " المختلعة يتبعها الطلاق، ما دامت في عدة ".

والمتقدمين استدلوا بأن من شرائط الخلع أن يقول: إن رجعت فيما بذلته (بذلت خ) فأنا أملك ببضعك".

وهو شرط لايقع الفرقة بالشرط، وفيه ضعف.

وبما ذكره المرتضى روايات منها مارواه ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال " المختلعة التي تقول لزوجها: إخلعني وأنا أعطيك ما أخذت منك؟ قال (فقال خ): لايحل له أن يأخذ منها شيئا حتى تقول: والله لاأبر لك قسما، ولا أطيع لك أمرا، ولاذنن في بيتك بغير إذنك، فإذا فعلت (قالت ئل) ذلك من غير أن يعلمها حل له ما أخذ منها، وكانت تطليقة بغير طلاق يتبعها ".

ومثله في رواية عن أبي بصير وفي طريقها سهل بن زياد.

وفي أخرى عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام.

والشيخ حملها على التقية، والعمل على اختيار الشيخ إما احتياطا وإما تقيلدا له، وإذا تقرر هذا، فهل على مذهب المرتضى، الخلع طلاق أو فسخ؟ قال المرتضى، وابن أبي عقيل في المتمسك، بالاول وبه يشهد مضمون ما ذكرنا من الروايات ".

٤٨٨

تحرير الاحكام (مجلد ٢ صفحة ٥٧) " مباحث " أ " الخلع بذل المرأة لزوجها مالا فدية لنفسها لكراهية، واختلف علماؤنا في وقوع الخلع مجردة من غير التلفظ بالطلاق، فالذي أفتى به الشيخ عدم الوقوع، وذكر أنه مذهب المتقدمين منا كعلي بن بابويه، وعلي بن رباط، وغيرهم، قال: وباقي المتقدمين لا أعرف لهم (في) ذلك فتيا أكثر من الروايات التي لايدل على عملهم بها.

أوجب الشيخ اتباعه بالطلاق بأن يقول خلعتك على كذا، فأنت طالق أو يقول فلانة مختلعة على كذا فهي طالق، ونص السيد المرتضى، وابن الجنيد على وقوعه بمجرده، وهو الظاهر من كلام ابن أبي عقيل، وسلار، وعليه روايات صحيحة وعليها أعمل.

(وصفحة ٦٠) " ويقع الطلاق بائنا إلا أن ترجع المرأة في العدة و (في) البذل فيرجع ما دامت في العدة مالم يتزوج برابعة، أو بأختها، وبعد انقضاء العدة لا رجوع لاحدهما، ولا يجوز هنا أن يأخذ الزوج أكثر مما أعطاها، وهل (يحل) له المثل؟ المشهور نعم، ويلوح من كلام ابن أبي عقيل، المنع، ففارقت الخلع في المنع من أخذ الزايد، وفي وجوب الاتباع بلفظ الطلاق وفي اشتراكهما، في الكراهية ".

مختلف الشيعة (مجلد ٢ صفحة ٥٩٤) " مسألة: واختلف علماؤنا في الخلع، هل يقع بمجرده أم يشترط اتباعه بالطلاق؟ قال ابن الجنيد: بالاول، قال: وليس عليه أن يقول لها قد طلقتك إذا قال لها قد خلعتك أو أجبتك إلى مخالعتك، وهو الظاهر من كلام ابن أبي عقيل، وشيخنا المفيد، والصدوق، وسلار، وابن حمزة، ونص السيد المرتضى على وقوعه مجردا عن الطلاق.

٤٨٩

(وصفحة ٥٩٥) " مسألة: قال الشيخ علي بن بابويه في رسالته في المباراة: وله أن يأخذ منها دون الصداق (التي) الذي أعطاها، وليس له أن يأخذ الكل.

وقال ابنه في المقنع: ولا ينبغي له أن يأخذ منها أكثر من مهرها، بل يأخذ منها دون مهرها، وهو الظاهر من كلام الشيخ في النهاية وابن أبي عقيل.

وبه قال ابن حمزة، وسوغ المفيد، وسلار، أخذ المهر كملا، وهو اختيار ابن إدريس ".

مسالك الافهام (مجلد ٢ صفحة ٥٩) " الثاني ان العوض في الخلع يصح زيادة عما وصل إليها من المهر وفي المباراة يشترط كونه بقدره فما دون وهذه الخاصية مترتبة على الاولى لان الكراهية من الجانبين يناسبه عدم الزيادة في العوض كما أن اختصاص الكراهة بها يناسبه جواز الزيادة ويظهر من جماعة من الاصحاب كالصدوقين وابن أبي عقيل المنع من أخذ المثل في المباراة بل يقتصر على أقل منه وهي في موقوفة زرارة قال " المباراة يؤخذ منها دون الصداق والمختلعة يؤخذ منها ماشئت وإنما صارات المباراة يؤخذ دون المهر والمختلعة يؤخذ منها ماشاء لان المختلعة تعتدي في الكلام وتتكلم بما لايحل لها " والرواية قاصرة عن إفادة الحكم بالقطع ومعارضة بصحيحة أبي بصير ".

الحدائق الناضرة (مجلد: ٢٥ صفحة ٥٦٠) " ونقله في المختلف عن ظاهر الشيخ المفيد والصدوق وابن أبي عقيل وسلار وابن حمزة، واعتمده السيد السند في شرح النافع وقبله جده، والظاهر أنه المشهور، وإلى الاول ذهب الشيخ في كتابي الاخبار، وتبعه ابن البراج في المهذب وابن إدريس، وهو الظاهر من كلام أبي الصلاح، واختاره الشهيد في اللمعة. وظاهر المحقق في كتابيه التوفق في المسألة.

(صفحة ٦٢٦) " الثالث: اختلف الاصحاب فيما يؤخذ من فدية المبارة بعد الاتفاق على أنه لايجوز له الزيادة على ما اعطاها، فالمشهور أنه يجوز له المهر فما دونه. وذهب جمع من

٤٩٠

الاصحاب إلى أنه لايؤخذ إلا دون مادفع إليهما، ونقله في المختلف عن الشيخ علي بن بابويه في الرسالة، قال: قال الشيخ علي بن بابويه في رسالته في المباراة: وله أن يأخذ منها دون الصداق الذي اعطاها، وليس له أن يأخذ الكل.

وممن صرح بجواز أخذ المهر كملا الشيخ المفيد وابن إدريس، وهو المشهور بين المتأخرين.

وقال الصدوق في المقنع: لاينبغي له أن يأخذ منها أكثرها من مهرها بل يأخذ منها دون مهرها.

وهو الظاهر من كلام الشيخ في النهاية وابن أبي عقيل وابن حمزة، وهذا القول إنما تعرض فيه للاكثر والاقل خاصة، وأما جميع ما أعطاه من غير زيادة ولا نقصان فهو مجمل فيه.

والذي يدل على القول المشهور الخبر الثالث، وهو صحيح صريح في ذلك، وما ذكره السيد السند في شرح النافع من أنه ضعيف لاشتراك أبي بصير مردود بأن الراوي عن أبي بصير هنا عبدالله بن مسكان وهو من قرائن ليث المرادي الثقة الجليل.

ويدل على ماذهب اليه الشيخ علي بن بابويه الخبر الثاني عشر وهو الصحيح أو كالصحيح، لان حسنه إنما هو بإبراهيم بن هاشم، وما قدح به في الخبر المذكور في المسالك من أنه مقطوع مردود بأنه وإن كان كذلك في التهذيب ومنه نقل، إلا أنه في الكافي كما نقلناه متصل لاقطع فيه.

ومن هنا يظهر لك أن ما رجحه في المسالك من العمل بصحيحة أبي بصير بناء على رد هذه الرواية بالقطع ليس في محله.

٤٩١

كتاب اللعان والايلاء والظهار

كشف الرموز (مجلد ٢ صفحة ١٥٦) قال دام ظله: لايقع بالمتعة طلاق إجماعا ولا لعان، على الاظهر.

الخلاف في اللعان، ومذهب الشيخ، وأبي الصلاح، والمتأخر، وأتباعهم، أنه لايقع.

وقال المرتضى والمفيد في المسائل العزية: يقع. وبالاول وردت روايات كثيرة، وعليه العمل.

وهل يقع الظهار؟ قال المرتضى والمفيد وابن أبي عقيل وأبو الصلاح: نعم، وقال ابن بابويه: لايقع إلا على موضع الطلاق، وعليه المتأخر.

(وصفحة ٢٤١) " فالاشبه الاظهر أن الظهار لايقع إلا بقوله: (أنت علي كظهر أمي) اقتصارا على المتيقن، وحفظا من التهجم على التفريق وهو اختيار علم الهدى في الانتصار، وأبي الصلاح، وابن أبي عقيل والمتأخر. وأما لو شبهها بإحدى المحرمات غير الام، فالذي عليه فتوى الشيخين، وسلار، وابن أبي عقيل، وأبي الصلاح، انها تحرم. وبه عدة روايات منها رواية علي بن رئاب، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الظهار قال (فقال خ): هو من كل ذي محرم من أم أو أخت أو عمة أو خالة (الحديث).

(وصفحة ٢٤٤) عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبدالله عليه السلام، في رجل مملك، ظاهر من إمرأته، فقال لي " لايكون ظهارا ولا إيلاء‌ا حتى يدخل بها " وغير ذلك، مما ذكره في التهذيب.

واستدل في الخلاف بعد الاجماع بأن الاصل جواز الوطئ، من غير شرط، فلا يترك إلا بدليل.

فأما المرتضى والمفيد وسلار، ذهبوا إلى وقوعه بالزوجة، دخل بها أو لم يدخل، فكأنه نظر إلى عموم الآية، وهو اختيار المتأخر، ويظهر ذلك من كلام ابن أبي عقيل.

٤٩٢

قال دام ظله: وفي وقوعه بالمتمتع بها قولان، أشبههما الوقوع. قد ذكرنا هذا البحث في باب المتعة.

وقوله: (وكذا الموطوء‌ة بالملك) تقديره، وكذا فيها قولان، ذهب الشيخ إلى وقوعه.

والمستند مارواه صفوان، عن إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام، عن الرجل يظاهر من جاريته فقال " الحرة والامة في هذا (ذا خ) ومثله في أخرى، عن فضالة، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبدالله عليه السلام وما رواه العلاء بن رزين في سند صحيح عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام، قال: سئل عن الظهار عن الحرة والامة؟ فقال: (قال ئل) نعم وعليه فتواه في النهاية والخلاف، مستدلا بالاجماع، وبقوله تعالى: والذين يظاهرون من نسائهم واختيار ابن أبي عقيل في المتمسك.

وذهب المفيد والمرتضى في بعض مسائله، وسلار وأبوالصلاح والمتأخر إلى أنه لايقع، وبه رواية، عن علي بن فضال، عن أبي بكير، عن حمزة بن حمران، قال: قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام، عن رجل جعل جاريته عليه كظهر امه فقال: يأتيها، وليس عليه شئ.

(وصفحة ٢٥١) " قال دام ظله: وفي وقوعه بالمتمتع بها قولان، المروي أنه لايقع.

وروى هذه، العلاء بن رزين، عن عبدالله بن أبي يعفور، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال " لا إيلاء على الرجل من المرأة التي يتمتع بها ".

وعليها فتوى الشيخ والمرتضى، وابن أبي عقيل، والمتأخر.

(وصفحة ٢٧٥) " قال دام ظله: وفي سقوط الحد هنا روايتان، أشهرهما السقوط.

قوله: (هنا) إشارة إلى الاعتراف بالولد بعد اللعان.

وأما أنه يسقط الحد أم لا؟ فمذهب المفيد وابن أبي عقيل: لا، وبه تشهد رواية الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن عليه السلام، قال: سألته عن رجل لا عن امرأته، وانتفى من ولدها، ثم أكذب نفسه، هل يرد عليه ولده؟ فقال " إذا أكذب نفسه جلد الحد، ورد عليه ابنه، ولا يرجع إليه امرأته ".

وقال الشيخ في الاستبصار:

٤٩٣

المراد إذا أكذب قبل اللعان. وهو عدول عن الظاهر. وقال في النهاية: الاظهر السقوط ".

تحرير الاحكام (مجلد ٢ صفحة ٦١) " لا فرق بين أن يكون الزوجة حرة أو أمة، وهل يقع من الرجل على مملوكته؟ نص الشيخ على ذلك، وهو مذهب ابن أبي عقيل.

ومنع منه ابن إدريس، ونقله عن المرتضى، والمفيد، والحق عندي الاول، للعموم وعليه دلت رواية محمد بن مسلم الصحيحة عن أحدهما عليهما السلام ورواية إسحق بن عمار الصحيحة عن أبي إبراهيم عليه السلام ورواية حمزة بن حمران عن الصادق عليه السلام متأوله مع ضعف سندها، وفي وقوعه بالمتمتع بها خلاف، أقربه الوقوع، وهو اختيار ابن أبي عقيل..

" يقع الظهار مع التشبيه بالام إجماعا، ولو علقه بظهر غيرها من المحرمات المؤبدة، كما لو قال كظهر أختي، أو بنتي، أو عمتي، أو خالتي، أو غيرها من المحرمات نسبا، أو رضاعا، فالذي نص الشيخ وابن الجنيد وابن أبي عقيل وجماعة وقوعه، وقال ابن إدريس لايقع، والاقرب عندي الاول.

وعليه دلت رواية زرارة الصحيحة عن الباقر عليه السلام ولو شبهها بغير أمه من المحرمات بما عدا لفظة الظهر لم يقع، وكذا لو شبهها بمحرمة بالمصاهرة تحريم جمع، أو تأييد، كأم الزوجة وأختها وبنت أختها، وزوجة الاب والابن ولو قال: كظهر أبي أو أخي أو عمي لم يقع إجماعا لانه ليس بمحل الاستحلال وكذا لو قالت هي أنت علي كظهر أبي أو أمي ".

مختلف الشيعة (مجلد ٢ صفحة ٥٩٧) " وقال السيد المرتضى: ومما انفردت به الامامية القول بأن الظهار لايقع إلا بلفظ الظهر، ولا يقوم مقامها تعليقه بجزء من أجزاء الام، أو عضو أي عضو كان، وبه قال ابن إدريس، وابن زهرة، وهو الظاهر من كلام المفيد، وابن أبي عقيل، وأبي الصلاح، وسلار، لانهم فسروا الظهار بقول الرجل لزوجته أنت علي كظهر أمي أو أحد المحرمات.

٤٩٤

(وصفحة ٥٩٨) " مسألة: لو شبهها بظهر غير الام من المحرمات، فقال أنت علي كظهر أختي، أو ابنتي، أو عمتي، أو خالتي، أو بعض المحرمات عليه، قال الشيخ في النهاية: يكون مظاهرا، وقال في الخلاف: اختلفت روايات أصحابنا في ذلك، فالظاهر الاشهر الاكثر، أنه يكون مظاهرا، وبه قال الشافعي في الجديد.

وقد رووا أنه لا يكون مظاهرا، إلا إذا شبهها بأمه، وهو اختيار ابن إدريس، وابن الجنيد، وابن أبي عقيل، والصدوق، والمفيد، قالوا كما قال الشيخ في النهاية.

وهو أيضا قول أبي الصلاح، وسلار، وابن البراج، وابن حمزة، وابن زهرة.

" مسألة: اطلق الشيخ في النهاية، وشيخنا المفيد المحرمات، فقالا إذا قال أنت علي كظهر أمي، أو أختي، أو عمتي، أو خالتي، وذكر واحدة من المحرمات كان مظاهرا.

وكذا أطلق الصدوق في المقنع، وابن أبي عقيل، وابن الجنيد، وابن البراج في الكامل وسلار، وأبوالصلاح، وابن حمزة، وابن زهرة، وقال ابن إدريس لايقع إلا بالتشبيه في الظهر بالام خاصة دون باقي المحرمات.

(وصفحة ٥٩٩) " مسألة: قال الصدوق وابن الجنيد: ولا يقع الظهار إلا على موقع الطلاق، وهذا يدل على أنه لايصح الظهار من المتمتع بها، واختاره ابن إدريس.

وقال ابن أبي عقيل: ولو أن رجلا تزوج متعة فظاهر منها لم يقربها حتى يكفر كفارة، كما يكفر إذا ظاهر من أمته وامرأته في نكاح الاعلان.

".. مسألة: اختلف الشيخان في صحة ظهار الموطوء‌ة بملك اليمين، فقال الشيخ في النهاية والخلاف: أنه يقع سواء كانت أمة مملوكة، أو مدبرة، أو أم ولد، ونقله في الخلاف عن علي عليه السلام، وفي المبسوط روى أصحابنا أن الظهار يقع بالامة، والمدبرة، وأم الولد.

وقال المفيد: بعدم وقوعه، والاول اختيار شيخنا ابن أبي عقيل، وابن حمزة.

والثاني قول أبي الصلاح، وسلار، وابن البراج في كتابيه معا، وهو الظاهر من كلام الصدوق وابن الجنيد.

٤٩٥

".. قال ابن أبي عقيل: وقد زعم قوم من العامة أن الظهار لايقع على الامة، وقد جعل الله تعالى أمة الرجل من نسائه، فقال في آية التحريم " وأمهات نسائكم " فأم أمته كأم امرأته، لانها من أمهات النساء، كما حرم أم الحرة والامة المنكوحة وقال تعالى " والذين يظاهرون من نسائهم " فلم كان إحداهم أولى بإيجاب حكم الظهار فيها من الاخرى، (ليس) إلا التحكم في دين الله عزوجل والخروج عن حكم كتابه.

قال وقد أغفل قوم منهم في ذلك.

فزعموا أن الظهار كان طلاق العرب في الجاهلية، والطلاق يقع على المرأة الحرة دون الامة، فكذلك يقع الظهار على الحرة دون الامة، وأجاب بأن الذين أوجبوا حكم الظهار في الامة كما أوجبوا في الحرة هم سادات العرب، وفصحاؤهم، وأعلم الناس بطلاق الجاهلية والاسلام، وشرايع الدين ولفظ القران عامة وخاصة، وحظره وإباحته، ومحكمه ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه، وندبه وفرضه، إلا أن يزعموا أن عليا وأولاده عليهم السلام من العجم.

ولو قلتم ذلك لم يكن بأكثر من بعضكم لهم، وتكفيركم لشيعتهم، وقد طلق الاعشى، وكانوا يوقعون الظهار على الامة والحرة، وكان أحدهم (أحد منهم) إذا ظاهر من أمته اعتزل فراشها، وحرمها على نفسه، كما إذا ظاهر من إمرأته حرمها على نفسه، وكانت الامة والحرة سواء.

وفي تحريم النبي صلى الله عليه وآله مارية على نفسه، دليل أنهم كانوا يوقعون الظهار على الامة.

احتجوا بأن المعهود انصراف لفظ النساء إلى الزوجة، ولاصالة الاباحة، ولانه لفظ يتعلق به تحريم الزوجة، فلا تحرم به الامة كالطلاق، وما رواه حمزة بن حمران قال سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل جعل جاريته عليه كظهر أمه قال " يأتيها، وليس عليه شئ " والجواب: المنع من حمل المطلق على الزوجة، ومنع الرجوع إلى أصالة الاباحة بعد ما ذكرناه من الدليل، ولا يلزم من تحريم الزوجة به عدم تحريم الامة كالايلاء، والرواية ضعيفة السند فإن في طريقها الحسن بن علي بن فضال، وابن بكير وهما ضعيفان، وحمزة بن حمران لا أعرف حاله.

٤٩٦

(وصفحة ٦٠٠) " وقال ابن أبي عقيل: والظهار عند آل الرسول عليهم السلام أن يقول الرجل لامرأته أو لامته هي علي كظهر أمه، أو كظهر خالته، أو كظهر ذات محرم، ثم يريد أن يعود بعد هذا القول إلى مجامعتها، فعليه الكفارة المغلظة قبل المجامعة، وهو يدل على ذلك أيضا.

" قال ابن أبي عقيل: فإن طلق المظاهر إمرأته، واخرج جاريته من ملكه فليس عليه كفارة الظهار، إلا أن يراجع امرأته ويرد مملوكته يوما إلى ملكه بشراء أو غير ذلك، فإنه إذا كان لم يقربها حتى يكفر كفارة الظهار، وفي كلامه هنا إشكال، لان الشراء تجديد عقد، فأشبه تجديد عقد النكاح في الحرة.

وقال سلار وأبوالصلاح: إذا طلق المظاهر قبل التكفير فتزوجت المرأة، ثم طلقها الثاني أو مات عنها، وتزوج بها الاول لم يحل لهوطيها حتى يكفر.

(وصفحة ٦٠١) " وقال ابن أبي عقيل: ولو أن رجلا تكلم بلفظ الظهار مرتين، أو ثلاثا، أو أكثر من ذلك في وقت واحد، أو في أوقات مختلفة كان عليه لكل مرة كفارة، وهو موافق لمذهب الشيخ، إلا أنه أكثر تفصيلا منه، وتنصيصا ".

(وصفحة ٦٠٤) " قال ابن أبي عقيل: والايلاء عند آل الرسول عليهم السلام، أن يقول الرجل لامرأته والله لاغيظنك ولاسؤنك ثم يسكت عنها، ويعتزل فراشها.

وقال الصدوق: الايلاء أن يقول الرجل لامرأته والله لاغيظنك ولاسؤنك ولا أجامعك إلى كذا وكذا.

" الروايات تدل على قول الصدوق، وابن أبي عقيل.

روى حماد في الحسن عن الصادق عليه السلام " الايلاء أن يقول والله لا أجامعك كذا وكذا، أو يقول والله لاغيظنك ثم يغاضبها " وعن أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال " إذا آلى الرجل من إمرأته وهو أن يقول والله لا جامعتك كذا وكذا، أو يقول والله لاغيظنك ثم يغاضبها " وفي الحسن عن بريد بن معاوية عن الصادق عليه السلام قال سمعته " يقول: في الايلاء إذا آلى الرجل ألا يقرب امرأته، ولا يمسها ولا يجتمع رأسه ورأسها

٤٩٧

(شئ) فهو في سعة مالم يمض الاربعة أشهر " الحديث.

وفي الصحيح عن أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن الايلاء ماهو؟ فقال " هو أن يقول الرجل لامرأته والله لا أجامعك كذا وكذا، أو يقول والله لاغيظنك ".

(وصفحة ٦٠٥) " وقال ابن أبي عقيل: والحد الذي يجب المرأة أن تسكت أربعة أشهر، فإذا مضت فالامر إلى المرأة إن شاء‌ت سكتت وأقامت على غضبه، مابدا لها حتى يرضى، وإن شاء‌ت رافعته، فإذا هي رافعته واقف الحاكم الزوج فإما أن يفئ ويرجع إلى حاله الاولى من الرضا، وإن شاء أن يعزم على الطلاق منذ يوم، يخير الحاكم بين الايفاء والطلاق، وهذا الكلام يشعر بأن ابتداء مدة التربص من حين الايلاء ".

(وصفحة ٦٠٧) " مسألة: اختلف علماؤنا في المرأة حال تلفظ الرجل بالشهادات واللعن، هل تكون قايمة أو قاعدة؟ قال الشيخ في المبسوط الثاني وهو الظاهر من كلام الصدوق وأبيه رحمهم الله وقال في النهاية: صفة اللعان أن يجلس الامام أو من نصبه الامام مستدبر القبلة، ويوقف الرجل بين يديه، والمرأة عن يمينه قايمين، ولا يقعدان، ويقول له: قل أشهد بالله إلى آخره.

وهذا يشعر بأنها تكون قايمة حال التعانه، وكذا قال ابن أبي عقيل ونحوه قال المفيد وأبوالصلاح وسلار وابن البراج وابن حمزة وابن زهرة، وقال ابن إدريس الاظهر هو اختيار شيخنا في مبسوطه، وهو أن تكون المرأة قاعدة عند لعان زوجها.

(وصفحة ٧٤٤) " تذنيب: هذا المكذب نفسه بعد انقضاء اللعان هل يجب عليه الحد؟ قال الشيخ في النهاية: لا حد عليه، وقد روي أن عليه الحد قال: والاظهر ما ذكرناه أولا لانه لا حد عليه بعد مضي اللعان وقال ابن أبي عقيل يجب عليه الحد والوجه ما قاله الشيخ لان اللعان يسقط الحد، فلا يعود بغير سبب ".

مسالك الافهام (مجلد ٢ صفحة ٨٦) " قوله قال في ظاهر المشهور بين الاصحاب أن مدة التربص تحتسب من حين

٤٩٨

المرافعة، لا من حين الايلاء، ذهب إلى ذلك الشيخان، والاتباع، وابن إدريس، والعلامة في غير المختلف، والشهيد، وغيرهم وقال ابن أبي عقيل، وابن الجنيد: إنها من حين الايلاء ".

الحدائق الناضرة (مجلد: ٢٥ صفحة ٦٣٧) " وأما باقي الاصحاب ممن نسب إليه هذا القول كالشيخ في النهاية والشيخ المفيد والصدوق فإنما هو من حيث الاطلاق، ونحوهم غيرهم كابن أبي عقيل وابن البراج في الكامل وسلار وأبي الصلاح وابن زهرة، ويمكن أن يستدل على هذا القول زيادة على ماذكره في المبسوط من حديث " يحرم من الرضاع مايحرم من النسب " بإطلاق مرسلة يونس المذكورة، وكذا اطلاق قوله عليه السلام في صحيحة زرارة " هو من كل ذي محرم " ولا ينافيه تخصيص العد بالام والاخت ومن معهما، لان الظاهر أن ذلك إنما خرج مخرج التمثيل لا الحصر، ولا للزوم الحصر في هذه الافراد المذكورة في الرواية، والنص والاجماع على خلافه.

(وصفحة ٦٦٥ ٦٦٦) " الرابع: المشهور بين الاصحاب رحمة الله عليهم وقوع الظهار بالمستمتع بها كالزوجة الدائمة، وهذا مذهب السيد المرتضى وابن أبي عقيل وأبي الصلاح وابن زهرة.

وظاهر الصدوق وابن الجنيد العدم حيث قالا: ولا يقع الظهار إلا موقع الطلاق، واختاره ابن إدريس.

" وقال في المبسوط: وروى أصحابنا أن الظهار يقع بالامة والمدبرة وأم الولد وهو اختيار ابن أبي عقيل وابن حمزة.

وقيل: إنه لايقع بها، وهو قول الشيخ المفيد وأبي الصلاح وسلار وابن البراج في كتابيه وابن إدريس وغيرهم والاول أظهر، والظاهر أنه المشهور بين المتأخرين.

(وصفحة ٦٦٨) " عن حمزة بن حمران " قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل جعل جاريته عليه كظهر أمه، قال: " يأتيها وليس عليه شئ ".

ورده في المسالك ومثله سبطه في شرح النافع بضعف السند فلا يعارض ماتقدم من الاخبار التي فيها الصحيح

٤٩٩

وغيره.

وأجاب عنه الشيخ بالحمل على ماإذا أخل بشرائط الظهار، قال في الاستبصار: لان حمزة بن حمران روى هذه الرواية في كتاب البزوفري أنه يقول ذلك لجاريته ويريد إرضاء زوجته، وهذا يدل على أنه لم يقصد به الظهار الحقيقي وإذا لم يقصد ذلك لم يقع ظهاره صحيحا، ولا يحصل على وجه تتعلق به الكفارة، انتهى.

وأشار بالرواية المذكورة إلى ما قدمناه من رواية حمزة المذكورة في آخر التنبيه السادس من المطلب الاول، وهو وإن كان لايخلو من بعد لاحتمال كون هذه الرواية غير تلك إلا أنه في مقام الجمع بين الاخبار غير بعيد.

ويحتمل حمل الرواية المذكورة على التقية، فإن القول بمضمونها مذهب جمع من العامة كما ذكره ابن أبي عقيل رحمه الله في عبارته وبحثه في ذلك معهم.

ونقل في المسالك الاستدلال لهذا القول أيضا بقوله عليه السلام في مرسلة ابن فضال " لا يكون ظهار إلا على مثل موضع الطلاق " والطلاق لايقع بملك اليمين.

(وصفحة ٦٧٣) " قال الشيخ في كتابي المبسوط والخلاف: لاتجب الكفارة إلا إذا ظاهر ثم أراد الوطئ إن كان الظهار مطلقا، وبعد حصول الشرط وإرادة الوطئ إن كان مشروطا.

وبذلك صرح ابن أبي عقيل والسيد المرتضى بعد أن ذكر أنه ليس لاصحابنا نص صريح في تفسيره، وخالف في ذلك ابن الجنيد فجعل العود عبارة عن إمساكها في النكاح بقدر ما يمكنه مفارقتها فيه.

قال على مانقله عنه في المختلف: والمظاهر إذا أقام على إمساك زوجته بعد الظهار بالعقد الاول زمانا، فإن قل فقد عاد إلى أن قال: ولم يجز له أن يطأ حتى يكفر.

جواهر الكلام (مجلد ٣٠ صفحة ١٨٩) وفي الظهار تردد من صدق الزوجية، فتندرج في إطلاق الادلة وعمومها، ومن كون أحكامه على خلاف الاصل فيقتصر فيه على موضع اليقين، ولان من لوازمه الالزام بالفيئة أو الطلاق وليس هنا إذ لا حق لها في الوطئ، مع أنه لا يقع بها طلاق وقيام هبة المدة مقامه لا دليل عليه أظهره عند المصنف أنه يقع بها وفاقا للمحكي عن الاكثر، ومنهم ابن إدريس في بعض فتاواه، وخلافا له أيضا وابن أبي عقيل

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

١٣ ـ القول في المفاضلة بين الأنبياء والملائكةعليهم‌السلام :

واتفقت الإمامية على أنّ أنبياء الله عزّ وجلّ ورسله من البشر أفضل من الملائكة ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

وأمّا المشتركات بين الشيعة والمعتزلة ، فمنها :

١ ـ القول في التوحيد :

إنّ الله عزّ وجلّ واحد في الإلهية والأزلية لا يشبهه شيء ، ولا يجوز أن يماثله شيء ، وأنّه فرد في المعبودية لا ثاني له فيها على الوجوه كُلّها والأسباب ، واتفقت المعتزلة البغداديون والبصريون معنا في هذا القول.

٢ ـ القول في الصفات :

إنّ الله عزّ وجلّ حيّ لنفسه لا بحياة ، وأنّه قادر لنفسه وعالم لنفسه ، وإنّ كلام الله تعالى محدث ، وإنّ القرآن كلام الله ووحيه ، وأنّه محدث كما وصفه الله تعالى ، وامنع من إطلاق القول عليه بأنّه مخلوق ، وإنّ الله تعالى مريد من جهة السمع والاتباع والتسليم ، وإنّ إرادة الله تعالى لأفعاله هي نفس أفعاله ، وإرادته لأفعال خلقه أمره بالأفعال ، وإنّه لا يجوز تسمية الباري تعالى إلاّ بما سمّى به نفسه في كتابه ، أو على لسان نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو سمّاه به حججهعليهم‌السلام من خلفاء نبيّه ، واتفقت المعتزلة البغداديون معنا في هذا القول.

٣ ـ القول في وصف الباري تعالى بأنّه سميع بصير وراء ومدرك :

إنّ استحقاق القديم سبحانه لهذه الصفات كُلّها من جهة السمع دون القياس ودلائل العقول ، وإنّ المعنى في جميعها العلم خاصّة ، دون ما زاد عليه في المعنى ، إذ ما زاد عليه في معقولنا ومعنى لغتنا هو الحسّ ، وذلك ممّا يستحيل على القديم ، واتفقت المعتزلة البغداديون معنا في هذا القول.

٤ ـ القول في وصف الباري تعالى بالقدرة على العدل وخلافه ، وما علم كونه وما علم أنّه لا يكون :

٥٤١

إنّ الله عزّ وجلّ قادر على خلاف العدل ، كما أنّه قادر على العدل ، إلاّ أنّه لا يفعل جوراً ولا ظلماً ولا قبيحاً ، وإنّه سبحانه قادر على ما علم أنّه لا يكون ، ممّا لا يستحيل كاجتماع الأضداد ونحو ذلك من المحال ، واتفقت المعتزلة البغداديون والبصريون معنا في هذا القول.

٥ ـ القول في نفي الرؤية على الله تعالى بالأبصار :

إنّه لا يصحّ رؤية الباري سبحانه بالأبصار ، واتفقت المعتزلة البغداديون والبصريون معنا في هذا القول.

٦ ـ القول في العدل والخلق :

إنّ الله عزّ وجلّ عدل كريم ، خلق الخلق لعبادته ، وأمرهم بطاعته ، ونهاهم عن معصيته ، وعمّهم بهدايته ، بدأهم بالنعم ، وتفضّل عليهم بالإحسان ، لم يكلّف أحداً إلاّ دون الطاقة ، ولم يأمره إلاّ بما جعل له عليه الاستطاعة ، واتفقت المعتزلة البغداديون والبصريون معنا في هذا القول.

٧ ـ القول في كراهة إطلاق لفظ « خالق» على أحد من العباد :

إنّ الخلق يفعلون ويحدثون ويخترعون ، ويصنعون ويكتسبون ، ولا أطلق القول عليهم بأنّهم يخلقون ، ولا أقول أنّهم خالقون ، ولا أتعدى ذكر ذلك فيما ذكر الله تعالى ، ولا أتجاوز به مواضعه من القرآن ، واتفقت المعتزلة البغداديون معنا في هذا القول.

٨ ـ القول في اللطف والأصلح :

إنّ الله تعالى لا يفعل بعباده ماداموا مكلّفين ، إلاّ أصلح الأشياء لهم في دينهم ودنياهم ، وإنّه لا يدّخرهم صلاحاً ولا نفعاً ، وإنّ من أغناه فقد فعل به الأصلح في التدبير ، وكذلك من أفقره ومن أصحه ومن أمرضه فالقول فيه كذلك ، واتفقت المعتزلة البغداديون والبصريون معنا في هذا القول(١) .

____________

١ ـ المصدر السابق : ٥٩.

٥٤٢

( مصطفى البحراني ـ عمان ـ ٢٥ سنة ـ طالب ثانوية )

الفرق بين الأُصولية والإخبارية والشيخية :

س : هل يوجد اختلاف في العقائد بين الفرق الشيعية الاثني عشرية الإمامية الجعفرية « الأُصولية ، الإخبارية ، الشيخية »؟ وإذا كان هناك اختلاف فما هو؟ وبماذا يستدلّ كُلّ في معتقده إذا كان هناك اختلاف؟

ج : يوجد هناك فروق بين الطرق والمسالك التي ذكرتموها ـ بعد اتفاقهم على أُسّس المذهب من الإمامية وغيرها ـ فالأُصولية تعتقد بحجّية الاجتهاد في الرأي داخل نطاق الروايات ، والإخبارية تخالفهم وتسدّ باب الاجتهاد لكي تعمل بروايات الكتب الأربعة ، إذ تراها صحيحة السند بأكملها ، ومن هنا يظهر الفرق بين الفقهين الأُصولي والإخباري ، ففي الشبهة الحكمية التحريمية يتشدّد الإخباري ، ويحكم بالاحتياط ، بينما يرى الأُصولي أنّها مجرى قاعدة البراءة.

وأمّا الشيخية ـ أتباع الشيخ أحمد الأحسائي ـ يرون أنّ أُصول الدين تبتني على أربع أُسّس : التوحيد والنبوّة والإمامة والركن الرابع.

وهذا اعتقادهم بالركن الرابع هو الفارق الرئيسي بينهم وبين غيرهم من الطوائف الأُخرى ، فهم يعتقدون بأنّ الإنسان الكامل في كُلّ عصر في زمان الغيبة هو الوسيط بين الحجّةعليه‌السلام والشيعة ، ومن جهة أُخرى يرون أنّ الغيبة هي بمعنى غياب الإمامعليه‌السلام من عالمنا اليوم وانتقاله إلى عالم المثال ، وعليه فلا مناص من حجّية رأي الركن الرابع بتمام الكلمة ، فطاعته طاعة الإمامعليه‌السلام .

وأيضاً لهم كلام في المعاد الجسماني ، فيعتقدون بعدم إعادة هذا الجسم الدنيوي في النشأة الآخرة ، هذا مجمل الاختلاف بين هذه الطوائف ، ولكُلّ منهم دلائل ـ بين الصحيح والسقيم ـ لا مجال للبحث والأخذ والردّ فيها بهذه العجالة ، فليراجع في مظانّها.

٥٤٣

( علي نزار ـ الكويت ـ ٢٣ سنة ـ طالب كُلّية الدراسات التجارية )

الفرق بين المعتزلة والأشاعرة :

س : أُريد أن أعرف من هم المعتزلة والأشاعرة؟

ج : تنقسم السنّة ـ في مقابل الشيعة ـ من جهة الفقه والأحكام إلى مذاهب أربعة ، وهي الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية.

وتنقسم السنّة من جهة العقائد والكلام إلى معتزلة وأشاعرة.

فالمعتزلة : فرقة من فرق السنّة ، ظهرت في أوائل القرن الثاني ، وسلكت منهجاً عقلياً في بحث العقائد الإسلامية ، ومؤسّسها واصل بن عطاء الغزال ، المتوفّى ١٣١ هـ.

وقيل : سمّيت بالمعتزلة لأنّ واصل من تلامذة التابعي الحسن البصري اعتزل عن أُستاذه.

ثمّ أنّ المعتزلة قد افترقوا إلى ما يقارب اثنتين وعشرين فرقة ، منها : الواصلية ، النظامية ، الهشامية ، الصالحية ، الجبائية ، الحمارية.

وكُلّ فرق المعتزلة تجمع على أُمور يسمّونها الأُصول الخمسة ، وهي : التوحيد ، العدل ، الوعد والوعيد ، المنزلة بين المنزلتين ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وأمّا الأشاعرة : فهي فرقة من فرق السنّة ، ظهرت في أواخر القرن الثالث ـ أو في بدايات القرن الرابع ـ وسلكت منهجاً نقلياً وعقلياً في بحث العقائد الإسلامية ، ومؤسّسها أبو الحسن الأشعري ، المتوفّى ٣٢٤ هـ.

وكان الأشعري شافعي المذهب ، وكان تلميذاً متحمّساً للجبائي الفقيه المعتزلي ، ثمّ انفصل عن أُستاذه ، وسلك طريقه الخاصّ.

٥٤٤

وكانت الحنفية تؤثر رأي الماتردي الذي عاصر الأشعري ، وكان يخالفه في بعض مسائل الفروع ، واستمسك الحنابلة بآراء السلف ، وظلّوا خصوماً لمذهب الأشعري(١) .

( حسين قرقور ـ البحرين ـ ٣٠ سنة ـ مهندس معماري )

معنى المرجئة :

س : أرجو منكم التكرّم بشرح موجز عن معنى المرجئة ، وشكراً.

ج : المرجئة لغة : من أرجيت الشيء وأرجأته إذا أنت أخَّرته ، ومنه قول الله تعالى :( تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ ) (٢) ، وإنّما سُمّوا بذلك لأنّهم زعموا أنَّ الإيمان قول ، وأرجئوا العمل : أي قدّموا الإيمان على العمل.

أو : هم يعتقدون بأنّه لا يضرّ مع الإيمان معصية ، كما أنّه لا ينفع مع الكفر طاعة.

سُمّوا مرجئة لاعتقادهم أنّ الله أرجأ تعذيبهم على المعاصي : أي أخَّره عنهم.

فاصطلاح الإرجاء : إمّا أن يكون مأخوذاً من التأخير ، وإمّا أن يكون مأخوذاً من الرجاء ، أي الأمل.

( جعفر سلمان عبد الله ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

الديانة الأحمدية وعقائدها :

س : ما هي الديانة الأحمدية؟

ج : الأحمدية : فرقة تنسب إلى الميرزا غلام أحمد القادياني ، يرجع نسبه إلى تيمور الكوركاني ، كانوا يسيطرون على ولاية كش من بلاد ما وراء النهر ،

____________

١ ـ دائرة المعارف الإسلامية ٢ / ٢١٩.

٢ ـ الأحزاب : ٥١.

٥٤٥

ثمّ هاجروا إلى خراسان ثمّ إلى الهند ، وسكنت منطقة نهر بياس ، وقام عميد الأُسرة بتشييد قرية سمّاها اسلامبول بالقرب من النهر.

ولد غلام أحمد في سنة ١٢٥٥ هـ ـ ١٨٣٩ م ، ودرس العلوم الإسلامية ، وبعد أن أكمل الدراسة الدينية دخل في خدمة الحكومة الإنجليزية ، وعمل في خدمتها إلى سنة ١٨٦٥ م ، ثمّ اعتزل الخدمة وأختار العزلة في مسقط رأسه قاديان ، وفي سنة ١٨٨٠ م أصدر كتابه الديني « البراهين الأحمدية » ، وهو في الأربعينيات من عمره.

وعندما ناهز الخمسين بشّر بنفسه ، وزعم أنّه يوحى إليه ، كما أدّعى أنّه مأذون بقبول البيعة ، وفي سنة ١٩٠٤ م أطلق على نفسه المسيح والمهدي الموعود ، وكان يقول : إنّ المسيح لم يصلب ، وإنّما فرّ من أعدائه ، وسافر إلى الهند ، وأقام في كشمير ، وأنبرى لتعليم الإنجيل ، وعمّر مائة وعشرين سنة ثمّ مات ، ودفن في سري تكر ، ومرقده معروف « يوذاسف ».

توفّي غلام أحمد سنة ١٣٢٦ هـ ـ ١٩٠٨ م ، فانتخب أتباعه شخصاً يدعى مولوي نور الدين ، وبعد فترة انتخبوا نجله الميرزا بشير الدين محمود بصفته خليفة المسيح الثاني ، حكم هذا أربعين سنة ، وأضفى على المذهب أُمور أُخرى جديدة.

أمّا عقائدهم : فهم يفترقون عن المسلمين بثلاثة أُمور :

الأوّل : طبيعة المسيح ؛ فإنّ الأحمدية يؤمنون بأنّ المسيح لم يصلب ، ولكنّه مات في الظاهر فقط ، ودفن في قبر خرج منه بعد ذلك ، وهاجر إلى الهند ، وبالتحديد إلى كشمير ليعلّم الإنجيل ، ويقال : إنّه توفّي هناك بالغاً من العمر مائة وعشرين عاماً ، ودفن في سري تكر.

الثاني : المهدي ؛ حيث يعتقدون أنّ المهدي يتجسّد فيه المسيح والنبيّ في وقت واحد ، والاعتراف به من الإيمان.

٥٤٦

الثالث : الجهاد ؛ فإنّ الأحمدية يؤمنون بأنّ الوظيفة الأُولى هي الدعوى إلى الإسلام والجهاد ، يجب أن لا يقوم على امتشاق الحسام ، بل يجب أن يقوم على وسائل سليمة.

يقول غلام أحمد : لا يجب أن يكون الجهاد في عصرنا بالحرب والسيف ، بل يجب أن يكون جهاداً يقوم به أتباع ذلك المذهب لنشر عقائدهم وتوسيعها بسلام وهدوء.

( عباس الشيخي ـ العراق ـ ٢٨ سنة ـ ماجستير فيزياء ـ شيعي شيخي كرماني )

بحث موضوعي عن الشيخية :

س : من أين لكم هذه الافتراءت على الشيخية الكرمانية ، وما هو دليلكم الشرعي والعقلي على بطلان عقيدتهم ، وشكراً مسبقاً على الإجابة.

ج : سنذكر لكم بحثاً مفصّلاً حول الشيخية وعقائدهم , والذي حاولنا أن نلتزم فيه بالموضوعية الكاملة , ليكون مرجعاً إلى كُلّ من يريد معرفة حقيقة الأمر , فنقول :

الشيخية : فرقة من الشيعة الإمامية ظهرت في أواخر النصف الأوّل من القرن الثالث عشر الهجري ـ التاسع عشر الميلادي ـ وسمّيت بذلك نسبة إلى زعيمها الأوّل شيخ أحمد الأحسائي ، المتوفّى ١٢٤١ هـ ـ ١٨٢٥ م ، وتسمّى بالكشفية أيضاً لما يصرّح به زعيمها من الكشف والإلهام ، أو لأنّ الله سبحانه قد كشف غطاء الجهل وعدم البصيرة في الدين عن بصائرهم ، كمّا تسمّى بالركنية أيضاً لقولها بالركن الرابع ، والشيعي الكامل ، واعتباره من أُصول الدين ، كما سيأتي ، وهذه الأفكار التي أدّت إلى حوادث نزعها بينها وبين الشيعة الأُصولية ، الذين أنكروا هذه المسائل.

وهذه المسائل التي طرحها الشيخ أحمد الأحسائي أدّت إلى البعض بتبنّيها ، وبالأخصّ تلميذه المقرّب السيّد كاظم الرشتي ، إذ بعد وفاة الشيخ أحمد عهد

٥٤٧

إليه بالخلافة لأُستاذه ، أو بالركنية والمرجعية لأُمور الدين ، واستمر أمر هذه الفرقة متبنّياً لأراء الأحسائي ، وتلميذه السيّد الرشتي إلى أن حصل الافتراق بينهما بعد حسن جوهر ، وهكذا برزت إلى الوجود مدرستان ، مدرسة تبريز والمسمّاة بشيخية تبريز ، ومشيخة كرمان ، ووقع نازع بينهما.

وزعيم الشيخية التبريزية الآن عبد الله عبد الرسول الإحقاقي وموطنه الكويت ، وزعيم الشيخية الكرمانية الآن عبد الرضا خان الإبراهيمي ، وموطنه كرمان ، ولهم مركز واسع في العراق في البصرة ، وأكثرهم في منطقة التنّومة ، والمدينة ، وينوب عن الزعيم الخان السيّد علي الموسوي.

وقد بثّت هذه الطائفة بعض الآراء والأفكار التي أدّت إلى حدوث النزاع بينهم وبين الطرف الآخر ، وقد ذكروا عدّة فروق بينهم وبين الشيعة الأُصولية ، تزيد على ثلاثين فرقاً ، إلاّ أنّها في الحقيقة مسائل جزئية لا يمكن جعلها من الخصائص المكوّنة للفرقة الشيخية ، وأهمّ المسائل التي طُرحت ، وهي محلّ الخلاف بين الطرفين هي أربع : المعاد الجسماني ، والغلوّ والتفويض ، والمعراج ، والركن الرابع ، فإنّ هذه المسائل هي أهمّ نقاط الخلاف بين الشيخية وغيرهم.

وقد أدّت الأفكار التي طرحتها الشيخية إلى حصول نزاع شديد بينهم وبين خصومهم ، واتخاذ بعض المواقف من قبل ما تبنّونه من آراء وأفكار ، وعموماً فإنّ من يرجع إلى أفكار التي طرحها الجانبان الكرمانية والتبريزية يجدها تحتوي على أُمور غريبة ، لا تمتّ إلى الدين بصلة ؛ حيث جعلوا الفروع من الأُصول ، بل وأضافوا إلى الأُصول أشياء لم يقم عليها دليل قرآني أو روائي ، كمسألة الركن الرابع ، والتي جعلوها من أُصول الدين ، ومن لم يؤمن بها أو لم يعرفها ، فهو لم يعرف التوحيد ولا النبوّة ولا الإمامة.

وسندرس هذه النقاط الأربعة تباعاً ، ونطرح ما يؤمن به الشيخية فيها ، ثمّ التعقيب عليها بما أمكن.

٥٤٨

النقطة الأُولى : المعاد الجسماني : يعتقد الشيعة الإمامية كما يعتقد سائر المسلمين أنّ الله عزّ وجلّ يعيد الخلائق ويحييهم بعد موتهم يوم القيامة للحساب والجزاء ، وأنّ المعاد هو الشخص بعينه وجسده وروحه لو رآه الرائي لقال : هذا فلان ، فهم ممّن يقول بإتيان المعادين الجسماني والروحاني.

لكن الشيخية قالوا : إنّ الجسم جسمان ، والجسد جسدان : جسد عنصري دنيوي ، وهو مخلوق من عناصر هذه الدنيا التي تحت فلك القمر ، وهذه تفنى ويلحق كُلّ شيء إلى أصله ويعود إليه ، فيعود ماؤه إلى الماء ، وهواؤه إلى الهواء ، وناره إلى النار ، وترابه إلى التراب ، ولا يرجع ولا يعود ; لأنّه كالثوب يلقى من الشخص.

والثاني : جسد أصلي من عناصر « هورقليا» ، وهو كامن في هذا المحسوس ، وهو مركّب من الروح فيقوم للحساب ، وهو الجسد الذي يتألّم ويتنعّم ، وهو الباقي وبه يدخل الجنّة والنار.

وهكذا تلميذه كاظم الرشتي كما ذكر ذلك في كتابه « دليل المتحرين : ٧٩» ، والشيخ حسن جوهر في كتابه « المخازن : ١٢٣ ».

فالشيخ الأحسائي وتلامذته من بعده ومن اتبعهم يؤمنون بأنّ هذا الجسد لا يرجع في الآخرة ، وإنّما هناك مادّة « هورقليا» هي التي تعاد يوم القيامة ، وهي التي تنعم بعد الموت ، فقال يتأكّل حتّى لا يبقى منه إلاّ الطينة ، فقد فسّرها الأحسائي ‎ بـ « الهورقليا» إلى المادّة الأصلية الباقية التي لا تُفنى.

وهذا الكلام خلاف ما عليه الشيعة الإمامية الأُصولية ، وكذلك فلاسفتهم ومتكلّميهم ، فهم يؤمنون بما نطقت به الشريعة الحقّة ، من أنّ المعاد للروح والجسد معاً ; لأنّ ذلك ما أخبر به الصادق الأمين ، وكُلّ أخباره حقّ لا ريب فيها.

وعليه ، فيكون منكر ذلك منكر لأمر متّفق عليه بين الشيعة ، ومسلّم عندهم ، لكن على أيّ حال لا يمكن القول بأنّ الشيخ أحمد الأحسائي ينكر المعاد الجسماني ، وإنّما هو وقع في خطأ في فهم المعاد الجسماني ، وبعد ورود

٥٤٩

الإشكالات على مسألة المعاد الجسماني ، وإضافة إلى روايات الطينة وغيرها اخترع الشيخ أحمد للإنسان جسماً آخر سمّاه « هورقليا » ، وبيّن أنّه هو الجسم الحقيقي دون غيره ، وأنّه هو الذي يتألّم ويمرض وغير ذلك ، وأمّا هذا الجسم العنصري فلا قيمة له لا في ألم أو حسّ أو غير ذلك.

النقطة الثانية : المعراج النبوي : اتفق المسلمون عموماً على أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عرج إلى السماء ، وأُسري به من مكّة إلى المسجد الأقصى ، ومن هناك كان عروجه إلى السماء.

وقد اختلفوا في كيفية عروجهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ربّه ، فهل كان بجسده وروحه معاً ، أم كان بروحه دون جسده؟ ذهب عموم المسلمين إلاّ ما شذّ منهم إلى أنّ عروجه كان بروحه وجسده معاً ، وأنّ ذلك من المعجزات الإلهية التي تثبت نبوّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وشذّ بعض إلى الذهاب بعروج روحه دون جسده فقط.

والشيعة الإمامية تؤمن بأنّ المعراج كان بالروح والجسد لقوله تعالى :( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى ) (١) ، فقد أطلق المعراج على الظاهر من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو هيكله المادّي والروحي ، وأيضاً لكون المعراج معجزة من المعاجز ، فلذلك كان بروحه وجسده معاً ، هذا ما تعتقده الشيعة الإمامية الاثني عشرية.

وأمّا الشيخية فهم لا يعتقدون بالعروج الجسماني للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وينكرون كون النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عرج بروحه وجسده المادّي الذي كان متلبّساً به ، وإنّما عرج بروحه وبمادّة.

قال الشيخ أحمد الأحسائي : « إنّ الصورة البشرية عند إرادة صعوده يجوز فيها احتمالان ، في الواقع هما سواء ، وفي الظاهر الأوّل أبعد من المعقول والآخر أقرب!!

____________

١ ـ الإسراء : ١.

٥٥٠

فالأوّل : إنّ الصاعد كُلّما صعد ألقى منه عند كُلّ رتبة ما منها فيها ، مثلاً : إذا أراد تجاوز الهواء ألقى ما فيه من الهواء فيها ، وإذا أراد تجاوز كرة النار ألقى ما فيه منها فيها ، فإذا رجع أخذ ما له من كرة النار ، وإذا وصل الهواء أخذ ما له الهواء.

لا يقال على هذا : إنّ هذا قول بعروج الروح خاصّة ، من لأنّه إذا ألقى ما فيه عند كُلّ رتبة لم يصل منه إلاّ الروح؟

لأنا نقول : إنّا لو قلنا بذلك ، فالمراد بها إعراض ذلك ؛ ذوات تلك لو ألقاها بطلت بنيّته بالكُلّية ، فيجب أن لا يكون ذلك موتاً ; لأنّ القائلين بعروج الروح يقولون : إنّ بنيّته باقية لا تتفكّك ، وإنّما مرادنا أنّ الجسم بالنسبة إلى عالم الفساد يتلطّف إذا صعد إلى عالم الكون ، وإلاّ فهو على ما هو عليه من التجسّد والتخطيط.

والثاني : إنّ الصورة البشرية التي هي المقدار والتخطيط تابعة للجسم في لطافته وكثافته ، وإنّ الأجساد اللطيفة النورانية تكون بحكم الأرواح لا تزاحم فيها ولا تضايق ، ولهذا يبلغ المعصوم من مشرق الدنيا إلى مغربها في أقل من طرفة عين »(١) .

وهو هنا أن حاول التقسيم واللف والدوران ، لكن رأيه واضح في أنّ العروج لم يكن بهذا الجسد الكثيف ; لأنّ صعود العناصر تقضي الخرق والالتئام.

ولذلك ردّ عليه الشيخ محمّد رضا الهمداني بقوله : « وقالت الشيخية بما هو لفظ الشيخ في رسالته المسمّاة بالقطيفية قال : أنّه لمّا أراد العروج ألقى في كُلّ كرة ما منها ، فألقى ترابه في التراب ، وماءه في الماء ، وهواءه في الهواء ، وناره في النار ، وكُلّ قبضة في تلك السماء ، ثمّ لما رجع أخذ من كُلّ كرة ما ألقى

____________

١ ـ الرسالة القطيفية ضمن كتاب جوامع الكلم ١ / ١٨١.

٥٥١

فيها »(١) ، وقد خالف بذلك ما عليه الشيعة الإمامية ، من أن عروجه كان بهذا الجسم الكثيف ، وهو من معجزات النبوّة.

وأمّا مسألة الخرق والالتئام ، وأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عند عروجه ألقى كُلّ ما فيه من هواء وماء وحرارة وتراب في فلكها السماوي المخصوص به ، فهو كلا غير صحيح.

وذلك : أوّلاً : إنّ نظرية الأفلاك ، وإنّ هناك أفلاك نارية ، وأفلاك مائية ، وأفلاك ترابية وغير ذلك غير صحيحة ، خصوصاً بعد ملاحظة أنّ الأفلاك تكتسب حرارتها من غيرها ، فهي غير نارية بالذات ، وإنّما النارية عارضة لها ، وكذلك المائية والهوائية.

ثانياً : إنّ نزع ذلك في حقيقته هو نزع للجسد ; لأنّه يؤمن أنّ الجسد مكوّن من هذه العناصر الأربع ، فإذا نزعها انتفت عنه وانتهت ».

النقطة الثالثة : الغلوّ : الدين الإسلامي دين سماوي ، مبنيّ على أُصول شرعية وعقلائية ، جاء موافقاً للفطرة وللذوق العقلائي ، وجاء هادياً الناس إلى أنّ يعتقدون بأُلوهية الله سبحانه وتعالى ، ولا يشركون به شيئاً ، فهو الموجد للكون وخالقه ، ومجري حركاته وسكناته ، وهو رازق من فيه ، ومحي كُلّ حيّ ، ومميت كُلّ ميّت ، وهو الذي يشفي ، وهو الذي يمرض ، وبمشيئته يحصل كُلّ شيء ، قال تعالى :( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ ) (٢) .

وبيّن أنّه القاهر فوق عباده فقال :( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ) (٣) ، وبيّن أنّ كُلّ من في الأرض عبيده ، وكُلّ آتيه طوعاً أو كرهاً :( إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ) (٤) ، وصوّر للإنسان أنّه هو الخالق له

____________

١ ـ هدية النملة إلى مرجع الملّة : ٢٣.

٢ ـ الزخرف : ٨٤.

٣ ـ الأنعام : ١٨.

٤ ـ مريم : ٩٣.

٥٥٢

ولكُلّ شيء فقال :( وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) (١) .

وقال مبيّناً خلق الإنسان وكيفية إنشائه :( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ ) (٢) .

وقد ذمّ الله سبحانه وتعالى غلوّ المسيحيين في عيسى فقال :( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللهِ إِلاَّ الحقّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكُلّمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ) (٣) .

وبيّن الله سبحانه وتعالى أنّه المتفرّد بالعلم بالغيب فقال :( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ) (٤) ، وقال :( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ ) (٥) .

وبيّن الله سبحانه وتعالى اختصاصه بالرزق والإحياء والإماتة والإمراض والاشفاء ، وغيرها ممّا هي من شؤون ربوبية الله سبحانه وتعالى ، والتي أكّدها أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام بشكل واضح وصريح.

فقد ورد في الاحتجاج ردّاً على المفترين الغلاة ، قال فيه الإمام المهديعليه‌السلام : « يا محمّد بن علي تعالى الله عزّ وجلّ عمّا يصفون ، سبحانه وبحمده ، ليس نحن شركاؤه في علمه ولا في قدرته ، بل لا يعلم الغيب غيره ، كما قال في محكم كتابه تباركت أسماؤه :( قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ ) (٦) ، وأنا وجميع آبائي من الأوّلين : آدم ونوح وإبراهيم وموسى وغيرهم

____________

١ ـ الصافات : ٩٦.

٢ ـ السجدة : ٧ ـ ٩.

٣ ـ النساء : ١٧١.

٤ ـ الأنعام : ٥٩.

٥ ـ الجنّ ٢٦ ـ ٢٧.

٦ ـ النمل : ٦٥.

٥٥٣

من النبيين ، ومن الآخرين محمّد رسول الله وعلي بن أبي طالب وغيرهم ، ممّن مضى من الأئمّةعليهم‌السلام إلى مبلغ أيّامي ومنتهى عصري عبيد الله عزّ وجلّ ، يقول الله عزّ وجلّ :( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ له مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ) (١) .

يا محمّد بن علي آذانا جهلاء الشيعة وحمقاؤهم ، ومن دينه جناح البعوضة أرجح منه ، فأشهد الله الذي لا إله إلاّ هو وكفى به شهيداً ، ورسوله محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وملائكته وأنبياؤه وأوّلياؤهعليهم‌السلام ، وأشهدك وأشهد كُلّ من سمع كتابي هذا أنّي بريء إلى الله وإلى رسوله ممّن يقول : إنّا نعلم الغيب ، ونشاركه في ملكه ، أو يحلّنا محلاً سوى المحلّ الذي رضيه الله لنا وخلقنا له ، أو يتعدّى بنا عمّا قد فسّرته لك وبيّنته في صدر كتابي.

وأشهدكم ؛ أنّ كُلّ من نبرأ منه ، فإنّ الله يبرأ منه وملائكته ورسله وأوّلياؤه ، وجعلت هذا التوقيع الذي في هذا الكتاب أمانة في عنقك »(٢) .

فعقيدة الإسلام والمتمثّلة بأهل البيتعليه‌السلام واضحة المعالم محدودة الأُصول والأطراف ، وهي موافقة لكتاب الله سبحانه وتعالى ، في نفي المشاركة له في الرزق والإحياء والإماتة والغيب وغيره ذلك ، وبهذا وغيره ينفى كُلّ شيء دخيل عليها أو شيء يوهم غير ذلك من نسبة أُمور لا واقع لها إلى أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

إلاّ أنّ الشيخ أحمد الأحسائي نجده غير ذلك تماماً ، ففي كلماته تجد ما ينفي قول الأئمّة فيهم أنفسهم ، فهو ينسب إليهم الإحياء والإماتة والرزق ، وصفات مختصّة بالله سبحانه وتعالى ، قال في شرح الزيارة الجامعة : « ألا إلى الله تصير الأُمور : أنّها تصير إلى علي ، وبيان ذلك أنّ الأُمور حادثة مخلوقة ،

____________

١ ـ طه : ١٢٢ ـ ١٢٤.

٢ ـ الاحتجاج ٢ / ٢٨٨.

٥٥٤