الاصول من الكافي الجزء ١

الاصول من الكافي2%

الاصول من الكافي مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 722

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 722 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 294546 / تحميل: 10486
الحجم الحجم الحجم
الاصول من الكافي

الاصول من الكافي الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

(١)

كتاب العقل والجهل

٢١

٢٢

[١]

كِتَابُ الْعَقْلِ وَالْجَهْلِ‌

١‌/ ١. أَخْبَرَنَا(١) أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ : مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « لَمَّا خَلَقَ اللهُ الْعَقْلَ(٢) اسْتَنْطَقَهُ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : أَقْبِلْ ، فَأَقْبَلَ ،

__________________

(١) الظاهر أنّ قائل « أخبرنا » أحد رواة الكافي من النعماني والصفواني وغيرهما ، ويحتمل أن يكون القائل هوالمصنّفرحمه‌الله كما هو دأب القدماء.مرآة العقول ، ج ١ ، ص ٢٥.

(٢) فيمرآة العقول ، ج ١ ، ص ٢٥ : « إنّ العقل هو تعقّل الأشياء وفهمها في أصل اللغة ، واصطلح إطلاقة على امور : الأوّل : هو قوّة إدراك الخير والشرّ والتميّز بينهما ، والتمكّن من معرفة أسباب الاُمور ذوات الأسباب ، وما يؤدّي إليها وما يمنع منها. والعقل بهذا المعنى مناط التكليف والثواب والعقاب.

الثاني : ملكة وحالة في النفس تدعو إلى اختيار الخيرات والمنافع ، واجتناب الشرور والمضارّ ، وبها تقوى النفس على زجر الدواعي الشهوانيّة والغضبيّة .

الثالث : القوّة التي يستعملها الناس في نظام امور معاشهم ؛ فإن وافقت قانون الشرع واستعملت فيها ، استحسنه الشارع وتسمىّ بعقل المعاش ، وهو ممدوح في الأخبار ، ومغايرته لما قد مرّ بنوع من الاعتبار ؛ وإذا استعملت في الاُمور الباطلة والحيل الفاسدة تسمّى بالنكراء والشيطنة في لسان الشرع .

الرابع : مراتب استعداد النفس لتحصيل النظريّات وقربها وبعدها من ذلك ، وأثبتوا لها مراتب أربعاً سمّوها بالعقل الهيولاني والعقل بالملكة والعقل بالفعل والعقل المستفاد. وقد تطلق هذه الأسامي على النفس في تلك المراتب .

الخامس : النفس الناطقة الإنسانيّة التي بها يتميّز عن سائر البهائم.

٢٣

ثُمَّ قَالَ لَهُ : أَدْبِرْ ، فَأَدْبَرَ ، ثُمَّ قَالَ : وَعِزَّتِي وَجَلَالِي مَا خَلَقْتُ خَلْقَاً هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ ، وَلَا أَكْمَلْتُكَ إِلَّا فِي مَنْ أُحِبُّ(١) ، أَمَا إِنِّي إِيَّاكَ آمُرُ وَإِيَّاكَ أَنْهى ، وَإِيَّاكَ أُثِيبُ وَإِيَّاكَ أُعَاقِبُ(٢) ».(٣)

٢‌/ ٢. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ(٤) ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ :

عَنْ عَلِيٍّعليه‌السلام ، قَالَ : « هَبَطَ جَبْرَئِيلُعليه‌السلام عَلى آدَمَعليه‌السلام ، فَقَالَ : يَا آدَمُ ، إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أُخَيِّرَكَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ ، فَاخْتَرْهَا وَدَعِ اثْنَتَيْنِ ، فَقَالَ لَهُ آدَمُعليه‌السلام : يَا جَبْرَئِيلُ ،

__________________

=السادس : ما ذهب إليه الفلاسفة من جوهر مجرّد قديم لا تعلّق له بالمادّة ذاتاً ولا فعلاً ».

وها هنا مباحث شريفة جدّاً ، فللاطّلاع عليها وللمزيد راجع : شرح صدر المتألّهين ، ص ١٦ - ١٨ ؛شرح المازندراني ، ج ١ ، ص ٦٨ - ٧٧ ؛الوافي ، ج ١ ، ص ٥٢ - ٥٦ ؛حاشية ميرزا رفيعا ، ص ٤١ - ٤٤.

(١) في « ف » : « أَحَبّ إليَّ ».

(٢) هكذا في « و ، بس » والكافي ، ح ٢٦ والمحاسن والأمالي. وفي سائر النسخ والمطبوع : « إيّاك أُعاقب وإيّاك أُثيب ».

(٣)المحاسن ، ص ١٩٢ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٦ ، عن الحسن بن محبوب.الأمالي للصدوق ، ص ٤١٨ ، المجلس ٦٥ ، ح ٥ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن عيسى. وفيالمحاسن ، ص ١٩٢ ، ح ٥ [ عن أبي جعفر وأبي عبداللهعليهما‌السلام ] ؛ والكافي ، كتاب العقل والجهل ، ح ٢٦ ، بسندهما عن العلاء بن رزين. وفيه ، كتاب العقل والجهل ، ضمن ح ١٤ [ إلى قوله : « ثمّ قال له : أدبر فأدبر » ] ؛ والمحاسن ، ص ١٩٢ ، ح ٤ و ٧ ؛ وص ١٩٦ ، ضمن ح ٢٢ ؛ وعلل الشرائع ، ص ١١٣ ، ضمن ح ١٠ ، بسند آخر عن أبي عبداللهعليه‌السلام . وفيه ، ص ١٩٢ ، ح ٨ ، بسند آخر عن أبي عبداللهعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع زيادة في آخره.الفقيه ، ج ٤ ، ص ٣٦٨ ، ضمن الحديث الطويل ٥٧٦٢ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .الكافي ، كتاب العقل والجهل ، ذيل ح ٣٢ ، بسند آخر عن الرضاعليه‌السلام .المحاسن ، ص ١٩٤ ، ذيل ح ١٣ ، مرفوعاً من دون الإسناد إلى المعصومعليه‌السلام .الاختصاص ، ص ٢٤٤ ، مرسلاً عن الصادقعليه‌السلام ؛تحف العقول ، ص ١٥ ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ وفي كلّ المصادر – إل ّ ا المحاسن ، ح ٦ والأمالي - مع اختلاف يسير. راجع :الخصال ، ص ٤٢٧ ، باب العشرة ، ح ٤ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٣١٢ ، ح ١ ؛ والأمالي للطوسي ، ص ٥٤١ ، المجلس ١٩ ، ح ٣الوافي ، ج ١ ، ص ٥١ ، ح ١ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٤ ، ح ٢٠٢٨٦.

(٤) في « ألف ، و ، بس » : « ظريف ». وهو سهو ؛ فإنّ سعداً هذا هو سعد بن طريف الإسكاف الحنظلي. اُنظر :رجال النجاشي ، ص ١٧٨ ، الرقم ٤٦٨ ؛رجال الطوسي ، ص ١١٥ ، الرقم ١١٤٧ ؛تهذيب الكمال ، ج ١٠ ، ص ٢٧١ ، الرقم ٢٢١٢ وما بهامشه من المصادر.

٢٤

وَمَا الثَّلَاثُ؟ فَقَالَ : الْعَقْلُ ، وَالْحَيَاءُ ، وَالدِّينُ ، فَقَالَ آدَمُعليه‌السلام : إِنِّي(١) قَدِ(٢) اخْتَرْتُ الْعَقْلَ ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُعليه‌السلام لِلْحَيَاءِ وَالدِّينِ : انْصَرِفَا وَدَعَاهُ ، فَقَالَا : يَا جَبْرَئِيلُ ، إِنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَكُونَ مَعَ الْعَقْلِ حَيْثُ كَانَ ، قَالَ : فَشَأْنَكُمَا(٣) ، وَعَرَجَ »(٤) .

٣‌/ ٣. أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا :

رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : مَا الْعَقْلُ؟ قَالَ : «(٥) مَا عُبِدَ بِهِ الرَّحْمنُ ، وَاكْتُسِبَ بِهِ الْجِنَانُ ». قَالَ : قُلْتُ : فَالَّذِي(٦) كَانَ فِي مُعَاوِيَةَ؟ فَقَالَ : « تِلْكَ النَّكْرَاءُ(٧) ، تِلْكَ الشَّيْطَنَةُ ، وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْعَقْلِ وَلَيْسَتْ بِالْعَقْلِ »(٨) .

__________________

(١) في « ألف ، ب ، ض ، بح ، بس » وحاشية « ج ، بف » والمحاسن والفقيه والخصال : « فإنّي ».

(٢) في « ج ، بس ، بف » : - « قد ».

(٣) « الشأن » بالهمزة : الأمر والحال والقصد ، أي فشأنكما معكما ، أي أنّ الأمر إليكما في ذلك ، أو الزما شأنكما. قال العلّامة المجلسي : « ثمّ إنّه يحتمل أن يكون ذلك استعارة تمثيليّة ، كما مرّ ؛ أو أنّ الله تعالى خلق صورة مناسبة لكلّ واحد منها ، وبعثها مع جبرئيلعليه‌السلام ». راجع :شرح المازندراني ، ج ١ ، ص ٨٠ ؛الوافي ، ج ١ ، ص ٨١ ؛مرآة العقول ، ج ١ ، ص ٣٢.

(٤)المحاسن ص ١٩١ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٢ ، عن عمرو بن عثمان. وفيالأمالي للصدوق ، ص ٦٧٢ ، المجلس ٩٦ ، ح ٣ ؛ والخصال ، ص ١٠٢ ، باب الثلاثة ، ح ٥٩ ، بسندهما عن عمرو بن عثمان ؛الفقيه ، ج ٤ ، ص ٤١٦ ، ح ٥٩٠٦ بإسناده عن مفضّل بن صالح ، وفي الكلّ مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١ ، ص ٨٠ ، ح ٧ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٠٤ ، ح ٢٠٢٨٧. (٥) في « ألف » : + « العقل ».

(٦) في « ج ، جه » وحاشية « ب ، بج ، بع » : « فما الذي ». وفي « بر ، بو » وحاشية « ض ، بع » : « ما الذي ».

(٧) في « ج » : « النكر ». وفيالوافي : « تلك النكراء : هي الفطنة المجاوزة عن حدّ الاعتدال إلى الإفراط الباعثة لصاحبها على المكر والحيل والاستبداد بالرأي وطلب الفضول في الدنيا ، ويسمّى بالجربزة والدهاء ». وفيحاشية ميرزا رفيعا ، ص ٤٦ ، ومرآة العقول ، ج ١ ، ص ٣٣ : « قولهعليه‌السلام تلك النكراء ؛ يعني الدهاء والفطنة ، وهي جودة الرأي وحسن الفهم ، وإذا استُعملت في مشتهيات جنود الجهل يقال لها : الشيطنة. ونبّهعليه‌السلام عليه بقوله : « تلك الشيطنة » بعد قوله : « تلك النكراء ». وراجع :القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٧٥ ( نكر ).

(٨)المحاسن ، ص ١٩٥ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ١٥ ؛ ومعانيالأخبار ، ص ٢٣٩ ، ح ١ ، بسندهما عن محمّد بن عبد الجبّار ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١ ، ص ٧٩ ، ح ٥ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٠٥ ، ح ٢٠٢٨٨ ؛البحار ، ج ٣٣ ، ص ١٧٠ ، ح ٤٤٧. ولم يرد فيه : « وليست بالعقل ».

٢٥

٤‌/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ ، قَالَ :

سَمِعْتُ الرِّضَاعليه‌السلام يَقُولُ : « صَدِيقُ كُلِّ امْرِىً عَقْلُهُ ، وَعَدُوُّهُ جَهْلُهُ »(١) .

٥‌/ ٥. وَعَنْهُ ، عَنْ أحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ‌ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ(٢) عليه‌السلام : إِنَّ عِنْدَنَا قَوْماً لَهُمْ مَحَبَّةٌ وَلَيْسَتْ لَهُمْ تِلْكَ الْعَزِيمَةُ(٣) ، يَقُولُونَ بِهذَا الْقَوْلِ ، فَقَالَعليه‌السلام : « لَيْسَ أُولئِكَ مِمَّنْ عَاتَبَ اللهُ تَعَالى ، إِنَّمَا قَالَ اللهُ :( فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِى الْأَبْصَارِ ) (٤) ».(٥)

٦‌/ ٦. أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ(٦) ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الرَّازِيِّ ، عَنْ‌

__________________

(١)المحاسن ، ص ١٩٤ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ١٢ ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن الحسن بن الجهم ، عن الرضاعليه‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .علل الشرائع ، ص ١٠١ ، ح ٢ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛عيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ٢٤ ، ح ١ ، بسنده عن الحسن بن الجهم. وفيه ، ج ١ ، ص ٢٥٨ ، ح ١٥ ، بسند آخر.تحف العقول ، ص ٤٤٣الوافي ، ج ١ ، ص ٨١ ، ح ٨ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٠٥ ، ح ٢٠٢٨٩.

(٢) « الظاهر أنّه أبوالحسن الرضاعليه‌السلام ، ويحتمل أبا الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ؛ لأنّ الحسن بن الجهم يروي‌عنهما ».شرح المازندراني ، ج ١ ، ص ٨٤ اُنظر ص ٦٣-٦٤

(٣) فيشرح صدر المتألّهين ، ص ٢١ : « إنّ قوماً لهم محبّة » أي للأئمة صلوات الله عليهم « وليست له تلك العزيمة » المعهودة بين الشيعة والموالي ، والرسوخ في المحبة بحيث يسهل معها بذل المهج والأولاد والأموال في طريق مودّة ا ُ ولي القربى وموالاتهم ، يقولون بهذا القول اعترافاً باللسان تقليداً وتعصباً ، لا بحسب البصيرة والبرهان اُولئك ليسوا ممّن كلّفهم الله بهذا العرفان ، أو عاتبهم بالقصور عن دركه ، ولا من الذين عوقبوا في القيامة بعدم بلوغهم إلى نيل رتبة الموالات وحقيقة المحبّة لهمعليهم‌السلام ؛ فإنّ المحبّة والموالات لهم فرع على المعرفة بحالهم وشأنهم ، ومعرفة أولياء الله أمر غامض لطيف ؛ لأنّها من جنس معرفة الله ، لابدّ فيها من فطرة صافية ، وذهن لطيف ، وطيب في الولادة ، وطهارة في النفس ، وبصيرة ثاقبة ، وعقل كامل ».

(٤) الحشر (٥٩) : ٢.

(٥)الوافي ، ج ١ ، ص ٨١ ، ح ٩.

(٦) في « و » : « أحمد بن حسّان » وهو سهو ؛ لأنّ محمّد بن حسّان هو أبو عبد الله الرازي ، روى أحمد بن إدريس‌كتبه ؛ كما فيرجال النجاشي ، ص ٣٣٨ ، الرقم ٩٠٣ ، والفهرست للطوسي ، ص ٤١٤ ، الرقم ٦٢٩. وروى عنه بعنوان أبي عليّ الأشعري في عدّة من الأسناد. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ٢١ ، ص ٤٢٥ - ٤٢٦.=

٢٦

سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « مَنْ كَانَ عَاقِلاً ، كَانَ لَهُ دِينٌ ، وَمَنْ كَانَ لَهُ دِينٌ ، دَخَلَ الْجَنَّةَ »(١) .

٧‌/ ٧. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّمَا يُدَاقُّ(٢) اللهُ الْعِبَادَ فِي الْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلى قَدْرِ مَا آتَاهُمْ مِنَ الْعُقُولِ فِي الدُّنْيَا »(٣) .

٨‌/ ٨. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : فُلَانٌ مِنْ عِبَادَتِهِ وَدِينِهِ وَفَضْلِهِ كَذَا وَكَذَا(٤) ، فَقَالَعليه‌السلام : « كَيْفَ‌

__________________

=هذا ، والخبر رواه الصدوق فيثواب الأعمال ، ص ٢٩ ، ح ٢ ، بسنده عن أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان. ويبدو في بادى الرأي وقوع اختلال في أحد السندين ، من زيادة في سندثواب الأعمال ، أو سقط في سندالكافي ، لكن هذا الاختلاف تابع لاختلاف مصادر الكليني والصدوق ؛ والظاهر أنّ الكليني أخذ الخبر من كتاب محمّد بن حسّان وأضاف إليه طريقه ، لكنّ الصدوق أخذ الخبر من كتابنوادر الحكمة لمحمّد بن أحمد بن يحيى ، وأضاف طريقه إلى هذا الكتاب.

وهذا أمر واضح لمن تتبّع أسناد كتب الشيخ الصدوق وقارنها مع أسنادالكافي .

(١)ثواب الأعمال ، ص ٢٩ ، ح ٢ ، بسنده عن أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّانالوافي ، ج ١ ، ص ٨٢ ، ح ١٠ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٠٦ ، ح ٢٠٢٩٠.

(٢) في « ج » وحاشية « بر » : « يدافي ». وفي حاشية « ج » : « يدافّ » و « يذاقّ ». وقد اختار السيّد الداماد « يداف » ووَصَف لفظة « يداقّ » بالسقم والتحريف ، كما فيالتعليقة للداماد ، ص ٢٣ - ٢٤. واختار الفيض الكاشاني « يداقّ » ووسم « يدافّ » بالتصحيف ، كما فيالوافي .

(٣)المحاسن ، ص ١٩٥ ، كتاب مصابيح الظُلَم ، ح ١٦. وفيمعاني الأخبار ، ص ١ ، ح ٢ بسند آخر مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١ ، ص ٨٢ ، ح ١١ ؛الوسائل ، ج ١ ، ص ٤٠ ، ح ٦٤ ؛البحار ، ج ٧ ، ص ٢٦٧ ، ح ٣٢.

(٤) هكذا في « بح » وحاشية « ب » والأمالي. وفي « الف ، ف » وحاشية « ج » والبحار : « كذا ». وفي سائر النسخ‌والمطبوع والوافي : - « كذا وكذا ».

٢٧

عَقْلُهُ؟ » قُلْتُ(١) : لَا أَدْرِي ، فَقَالَعليه‌السلام : « إِنَّ الثَّوَابَ عَلى قَدْرِ الْعَقْلِ ؛ إِنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ ، خَضْرَاءَ ، نَضِرَةٍ(٢) ، كَثِيرَةِ الشَّجَرِ ، ظَاهِرَةِ(٣) الْمَاءِ ، وَإِنَّ مَلَكَاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَرَّ بِهِ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ ، أَرِنِي ثَوَابَ عَبْدِكَ هذَا ، فَأَرَاهُ اللهُ تَعَالى ذلِكَ ، فَاسْتَقَلَّهُ(٤) الْمَلَكُ ، فَأَوْحَى اللهُ تَعَالى إِلَيْهِ أَنِ اصْحَبْهُ ، فَأَتَاهُ الْمَلَكُ فِي صُورَةِ(٥) إِنْسِيٍّ ، فَقَالَ لَهُ : مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ(٦) : أَنَا رَجُلٌ عَابِدٌ بَلَغَنِي مَكَانُكَ وعِبَادَتُكَ فِي هذَا الْمَكَانِ ، فَأَتَيْتُكَ(٧) لِأَعْبُدَ اللهَ مَعَكَ ، فَكَانَ مَعَهُ يَوْمَهُ ذلِكَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ، قَالَ لَهُ الْمَلَكُ : إِنَّ مَكَانَكَ لَنَزِهٌ وَمَا يَصْلُحُ إِلَّا لِلْعِبَادَةِ ، فَقَالَ لَهُ الْعَابِدُ : إِنَّ لِمَكَانِنَا هذَا عَيْباً ، فَقَالَ لَهُ : وَمَا هُوَ؟ قَالَ : لَيْسَ لِرَبِّنَا بَهِيمَةٌ(٨) ، فَلَوْ كَانَ لَهُ حِمَارٌ رَعَيْنَاهُ(٩) فِي هذَا المـَوْضِعِ ؛ فَإِنَّ هذَا الْحَشِيشَ يَضِيعُ ، فَقَالَ لَهُ(١٠) الْمَلَكُ : وَمَا لِرَبِّكَ حِمَارٌ؟ فَقَالَ : لَوْ كَانَ لَهُ حِمَارٌ مَا كَانَ يَضِيعُ مِثْلُ هذَا الْحَشِيشِ ، فَأَوْحَى اللهُ تَعَالى إِلَى الْمَلَكِ : إِنَّمَا أُثِيبُهُ(١١) عَلى قَدْرِ عَقْلِهِ »(١٢) .

__________________

(١) في « و » والأمالي : « فقلت ».

(٢) « النَّضْرَة » : الحُسْن والرونق.الصحاح ، ج ٢ ، ص ٨٣٠ ( نضر ).

(٣) في « ج ، بر » والأمالي والبحار : « طاهرة ». واختاره المجلسي. وأمّا الفيض الكاشاني فقد احتمل أن تكون‌الكلمة مصحَّفة ورَجَّح « ظاهرة » بالظاء المعجمة. وأمّا الصدر الشيرازي فقد جَزَم بالتصحيف وقال : « بالظاء المعجمة ، والإهمالُ تصحيف لا وجه له ».مرآة العقول ، ج ١ ، ص ٣٤ ؛الوافي ، ج ١ ، ص ٨٣ ؛شرح صدر المتألّهين ، ص ٢٢.

(٤) أي رآه وعدّه قليلاً بالقياس إلى عبادته وكثرة عمله وسعيه.

(٥) في « بف » : « بصورة ».

(٦) في « ب ، ض ، بح ، بس » وحاشية « ف » : « فقال ». وفي « بح ، بس » : + « له ».

(٧) في الأمالي : « بهذا المكان ، فجئت » بدل « في هذا المكان ، فأتيتك ».

(٨) في الأمالي : « قال له الملك : إنّ مكانك لنزهة. قال : ليت لربّنا بهيمة » بدل « قال له الملك - إلى - لربّنا بهيمة ».

(٩) في « ب ، بح ، بس » والأمالي : « لرعيناه ».

(١٠) هكذا في النسخ والأمالي. وفى المطبوع : + « [ ذلك ] ».

(١١) في « ألف ، ج ، بس » وحاشية « ب ، ض ، بح » : « أَثَبْتُهُ ».

(١٢)الأمالي للصدوق ، ص ٤١٨ ، المجلس ٦٥ ، ح ٦ ، بسنده عن الكليني.الوافي ، ج ١ ، ص ٨٢ ، ح ١٢ ؛البحار ، ج ١٤ ، ص ٥٠٦ ، ح ٣١.

٢٨

٩‌/ ٩. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : إِذَا بَلَغَكُمْ عَنْ رَجُلٍ حُسْنُ حَالٍ ، فَانْظُرُوا فِي حُسْنِ عَقْلِهِ ؛ فَإِنَّمَا يُجَازى بِعَقْلِهِ(١) »(٢) .

١٠‌/ ١٠. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ ، قَالَ :

ذَكَرْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام رَجُلاً مُبْتَلىً بِالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ(٣) ، وَقُلْتُ : هُوَ رَجُلٌ عَاقِلٌ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « وَأَيُّ عَقْلٍ لَهُ وَهُوَ يُطِيعُ الشَّيْطَانَ؟! » فَقُلْتُ لَهُ : وَكَيْفَ يُطِيعُ الشَّيْطَانَ؟ فَقَالَعليه‌السلام : « سَلْهُ : هذَا الَّذِي يَأْتِيهِ مِنْ أَيِّ شَيْ‌ءٍ هُوَ؟ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَكَ : مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ »(٤) .

١١‌/ ١١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَفَعَهُ ، قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مَا قَسَمَ اللهُ لِلْعِبَادِ شَيْئاً أَفْضَلَ مِنَ الْعَقْلِ ؛ فَنَوْمُ الْعَاقِلِ أَفْضَلُ مِنْ سَهَرِ الْجَاهِلِ(٥) ، وَإِقَامَةُ الْعَاقِلِ أَفْضَلُ

__________________

(١) « فإنّما يجازى بعقله » أي على أعماله بقدر عقله ، وللعقل مراتب متفاوتة تفاوتاً فاحشاً ، وهو أصل العبادة وأساسها ، والنتائج والثمرات تابعة للُاصول والمبادي ، ومراتب الفضل في الأجر والجزاء على حسب درجات العقول في الشرف والبهاء ، فكلّ من كان عقله أكمل كان ثوابه أجزل. راجع : شرحصدر المتألّهين ، ص ٢٢ ؛شرح المازندراني ، ج ١ ، ص ٩٥ ؛الوافي ، ج ١ ، ص ٨٤ ؛مرآة العقول ، ج ١ ، ص ٣٦.

(٢)المحاسن ، ص ١٩٤ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ١٤ ، عن الحسين بن يزيد النوفلي وجهم بن حكيم المدائني ، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني ، عن أبي عبد الله ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوافي ، ج ١ ، ص ٢٨٣ ، ح ١٣ ؛الوسائل ، ج ١ ، ص ٤٠ ، ح ٦٦.

(٣) هي حالة نفسيّة يُبتلى بها البعضُ ، فيوسوس في نيّة الصلاة والوضوء أو في فعلهما ، فيقوم بأداء أعمال غيرمُكلَّف بها شرعاً. راجع :مرآة العقول ، ج ٨ ، ص ٣٦ ؛الشافي للمظفّر ، ج ١ ، ص ٧٣.

(٤)الوافي ، ج ١ ، ص ٨٤ ، ح ١٤ ؛الوسائل ، ج ١ ، ص ٦٣ ، ح ١٣٧.

(٥) في المحاسن : + « وإفطار العاقل أفضل من صوم الجاهل ».

٢٩

مِنْ شُخُوصِ(١) الْجَاهِلِ ، وَلَا بَعَثَ الله نَبِيّاً وَلاَ رَسُولاً(٢) حَتّى يَسْتَكْمِلَ الْعَقْلَ ، وَيَكُونَ عَقْلُهُ أَفْضَلَ مِنْ عُقُولِ جَمِيعِ(٣) أُمَّتِهِ ، وَمَا يُضْمِرُ النَّبِيُّ فِي نَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنِ اجْتِهَادِ(٤) الْمُجْتَهِدِينَ ، وَمَا أَدَّى الْعَبْدُ(٥) فَرَائِضَ اللهِ حَتّى عَقَلَ عَنْهُ(٦) ، وَلا بَلَغَ جَمِيعُ الْعَابِدِينَ فِي فَضْلِ عِبَادَتِهِمْ مَا بَلَغَ الْعَاقِلُ ، وَالْعُقَلاءُ(٧) هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ الَّذِينَ قَالَ اللهُ تَعَالى :( إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبَابِ (٨) ) .(٩)

١٢‌/ ١٢. أَبُو عَبْدِ اللهِ(١٠) الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا(١١) رَفَعَهُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ ، قَالَ :

قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍعليه‌السلام : « يَا هِشَامُ ، إِنَّ اللهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - بَشَّرَ أهْلَ الْعَقْلِ وَالْفَهْمِ فِي كِتَابِهِ ، فَقَالَ(١٢) :( فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبَابِ ) (١٣) .

يَا هِشَامُ ، إِنَّ اللهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - أَكْمَلَ لِلنَّاسِ الْحُجَجَ بِالْعُقُولِ ، وَنَصَرَ النَّبِيِّينَ‌

__________________

(١) « الشخوص » هو السيْرُ من بلدٍ إلى آخر والخروج من موضع إلى غيره ، والمراد هاهنا خروجه من بلده إلى ‌بلد آخر في سبيل الله تعالى وطلباً لمرضاته ، كالجهاد والحجّ وتحصيل العلم. اُنظر :لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٤٦ ؛المصباح المنير ، ص ٣٠٦ ( شخص ) ؛التعليقة للداماد ، ص ٢٨ ، وسائر الشروح.

(٢) في المحاسن : « رسولاً ولا نبيّاً ».

(٣) هكذا في « ح ، ش ، ض ، و ، بح ، بد ، بر ، بس ، بع ، بل ، بو ، جل ، جم » والمحاسن. وفي سائر النسخ والمطبوع : « من جميع عقول ». (٤) في المحاسن : + « جميع ».

(٥) في المحاسن : « وما أدّى العاقل ».

(٦) في المحاسن : « منه ».

(٧) في المحاسن : « إنّ العقلاء ».

(٨) هكذا في القرآن : الرعد (١٣) : ١٩ ؛ الزمر (٣٩) : ٩ والمحاسن. وفي النسخ والمطبوع : « وما يتذكّر إلّا أولوا الألباب ». وفي سورة البقرة (٢) : ٢٦٩ ؛ وآل عمران (٣) : ٧ :( وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُوا الْأَلْبَابِ ) .

(٩)المحاسن ، ج ١ ، ص ١٩٣ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ١١.تحف العقول ، ص ٣٩٧الوافي ، ج ١ ، ص ٨٥ ، ح ١٥.

(١٠) في « و » وحاشية « ج ، ض » : « أبو علي ».

(١١) في « ب » : - « عن بعض أصحابنا ».

(١٢) في « ف » : + « تعالى ». وقد تكرّرت هذه الإضافة في نسخة « ف » فقط في مواضع كثيرة من حديث هشام بعدلفظ « قال » و « الله ». (١٣) الزمر (٣٩) : ١٧ - ١٨.

٣٠

بالْبَيَانِ(١) ، وَدَلَّهُمْ عَلى رُبُوبِيَّتِهِ بِالْأَدِلَّةِ ، فَقَالَ :( وَإِلهُكُمْ إِلَهٌ واحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) (٢) .

يَا هِشَامُ ، قَدْ جَعَلَ اللهُ ذلِكَ دَلِيلاً عَلى مَعْرِفَتِهِ بِأَنَّ لَهُمْ مُدَبِّراً ، فَقَالَ :( وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) (٣) وَقَالَ :( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخَاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلَاً مُسَمّىً وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) (٤) وَقَالَ : ( إنَّ فِى اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ(٥) لآيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )(٦) وَقَالَ :( يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) (٧) وَقَالَ :( وَجَنّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْاُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) (٨) وَقَالَ :( وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) (٩) وَقَالَ :( قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ مِنْ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ

__________________

(١) في « ب » : « بالتبيان ».

(٢) البقرة (٢) : ١٦٣ - ١٦٤.

(٣) النحل (١٦) : ١٢.

(٤) غافر (٤٠) : ٦٧.

(٥) هكذا في « بف ، ض » وشرح صدر المتألّهين. وفي سائر النسخ والمطبوع : + « والسحاب المسخّر بين‌ السماء والأرض ». وفيمرآة العقول ، ج ١ ، ص ٤٢ : « والظاهر أنّ التغيير من النسّاخ أو الرواة ، أو نقل بالمعنى ».

(٦) إشارة إلى الآية ٥ من سورة الجاثية (٤٥ ) :( وَاخْتِلَافِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ءَايَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) . والظاهر أنّها نقل بالمعنى ، كما قال به العلاّمة المجلسي.

(٧) الحديد (٥٧) : ١٧.

(٨) الرعد (١٣) : ٤.

(٩) الروم (٣٠) : ٢٤.

٣١

اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) (١) وَقَالَ :( هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْاياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) (٢) .

يَا هِشَامُ ، ثُمَّ وَعَظَ أَهْلَ الْعَقْلِ ، وَرَغَّبَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ، فَقَالَ :( وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) (٣) .

يَا هِشَامُ ، ثُمَّ خَوَّفَ الَّذِينَ لَايَعْقِلُونَ عِقَابَهُ ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ :( ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) (٤) وَقَالَ :( إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيُّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) (٥) .

يَا هِشَامُ ، إِنَّ الْعَقْلَ مَعَ الْعِلْمِ ، فَقَالَ :( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ) (٦) .

يَا هِشَامُ ، ثُمَّ ذَمَّ الَّذِينَ لَايَعْقِلُونَ ، فَقَالَ :( وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آباؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ ) (٧) وَقَالَ :( وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِى يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ ) (٨) وَقَالَ :( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ (٩) إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ ) (١٠) وَقَالَ :( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ) (١١) وَقَالَ :( لَا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ) (١٢) وَقَالَ :( وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلَا

__________________

(١) الأنعام (٦) : ١٥١.

(٢) الروم (٣٠) : ٢٨.

(٣) الأنعام (٦) : ٣٢.

(٤) الصافّات (٣٧) : ١٣٦ - ١٣٨.

(٥) العنكبوت (٢٩) : ٣٤ - ٣٥.

(٦) العنكبوت (٢٩) : ٤٣.

(٧) البقرة (٢) : ١٧٠.

(٨) البقرة (٢) : ١٧١.

(٩) هكذا في القرآن وشرح صدر المتألّهين. وفي جميع النسخ المتوفّرة لدينا والمطبوع : « من يستمع » وهو خطأمن النسّاخ.

(١٠) يونس (١٠) : ٤٢.

(١١) الفرقان (٢٥) : ٤٤.

(١٢) الحشر (٥٩) : ١٤.

٣٢

تَعْقِلُونَ ) (١)

يَا هِشَامُ ، ثُمَّ ذَمَّ اللهُ الْكَثْرَةَ ، فَقَالَ :( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) (٢) وَقَالَ :( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٣) ) (٤) وَقَالَ :( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ) (٥) .

يَا هِشَامُ ، ثُمَّ مَدَحَ الْقِلَّةَ ، فَقَالَ :( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) (٦) وَقَالَ :( وَقَلِيلٌ ما هُمْ ) (٧) وَقَالَ :( وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ ) (٨) وَقَالَ :( وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلّا قَلِيلٌ ) (٩) وَقَالَ :( وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) (١٠) وَقَالَ :( وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ) (١١) وَقَالَ : ( وَأكْثَرُهُمْ لا يَشْعُرُونَ )(١٢) .

يَا هِشَامُ ، ثُمَّ ذَكَرَ أُولِي الْأَلْبَابِ بِأَحْسَنِ الذِّكْرِ ، وَحَلاَّهُمْ بِأَحْسَنِ الْحِلْيَةِ ، فَقَالَ :( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إلّا أُولُوا الْأَلْبابِ ) (١٣)

__________________

(١) البقرة (٢) : ٤٤.

(٢) الأنعام (٦) : ١١٦.

(٣) هكذا في المطبوع. وفي جميع النسخ التي بأيدينا : « لا يعقلون » ، وهو مخالف لما في القرآن ، ولعلّه خطأ من‌النسّاخ أو تصحيف من الرواة. قال المجلسي : « ويحتمل أن يكونعليه‌السلام نَقَلَ بالمعنى إشارةً إلى ما مرّ من استلزام العقل للعلم ».مرآة العقول ، ج ١ ، ص ٥٠. (٤) لقمان (٣١) : ٢٥.

(٥) العنكبوت (٢٩) : ٦٣.

(٦) سبأ (٣٤) : ١٣.

(٧) ص (٣٨) : ٢٤.

(٨) غافر (٤٠) : ٢٨.

(٩) هود (١١) : ٤٠.

(١٠) الأنعام (٦) : ٣٧ ؛ الأعراف (٧) : ١٣١ ؛ يونس (١٠) : ٥٥ ؛ القصص (٢٨) : ١٣ و ٥٧ ؛ الزمر (٣٩) : ٤٩ ؛ الدخان (٤٤) : ٣٩ ؛ الطور (٥٢) : ٤٧. (١١) المائدة (٥) : ١٠٣.

(١٢) لا توجد آية في القرآن الكريم بهذا اللفظ ؛ لذلك احتمل العل ّ امة المجلسي أن يكون الإمامعليه‌السلام قد نقل معنى الآية ، أو تصحيف من الرواة. نعم ، وردت بعض الآيات في سورة يونس (١٠) : ٦٠ والنمل (٢٧) : ٧٣ تقول :( وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ ) فيكون احتمال التصحيف وارداً. وتجدر الإشارة إلى أنّ الآيات الأخيرة أوردها الحرّانيّ فيتحف العقول ، ص ٣٨٥ مع آيات ذمّ الكثرة.

(١٣) البقرة (٢) : ٢٦٩.

٣٣

وَقَالَ :( وَالرّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلبَابِ ) (١) وَقَالَ :( إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ) (٢) وَقَالَ :( أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبَابِ ) (٣) وَقَالَ :( أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبَابِ ) (٤) وَقَالَ :( كِتَابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (٥) وَقَالَ :( وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ هُدىً وَذِكْرى لِأُولِى الْأَلْبَابِ ) (٦) وَقَالَ :( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) (٧) .

يَا هِشَامُ ، إِنَّ اللهَ تَعَالى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ) (٨) يَعْنِي عَقْلٌ ، وَقَالَ :( وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ ) (٩) قَالَ : الْفَهْمَ وَالْعَقْلَ.

يَا هِشَامُ ، إِنَّ لُقْمَانَ قَالَ لِابْنِهِ : تَوَاضَعْ لِلْحَقِّ تَكُنْ أَعْقَلَ النَّاسِ ، وَإِنَّ الْكَيْسَ(١٠) لَدَى(١١) الْحَقِّ يَسِيرٌ(١٢) ، يَا بُنَيَّ إِنَّ الدُّنْيَا بَحْرٌ عَمِيقٌ قَدْ غَرِقَ فِيهَا(١٣)

__________________

(١) آل عمران (٣) : ٧.

(٢) آل عمران (٣) : ١٩٠.

(٣) الرعد (١٣) : ١٩.

(٤) الزمر (٣٩) : ٩.

(٥) ص (٣٨) : ٢٩.

(٦) غافر (٤٠) : ٥٣ - ٥٤.

(٧) الذاريات (٥١) : ٥٥.

(٨) ق (٥٠) : ٣٧.

(٩) لقمان (٣١) : ١٢.

(١٠) « الكيْس » يقرأ بوجهين : بفتح الكاف وسكون الياء ، بمعنى العقل والفطانة ، وهو مختار السيّد الداماد وصدرالمتألّهين ؛ وبفتح الكاف وكسر الياء المشدّدة بمعنى ذي الكيس ، وهو مختار الفيض والمازندراني. و « اليسير » : القليل ، أو الهيّن ومقابل العسير.

والمعنى على الوجه الأوّل : أنّ فطانة الإنسان وعقله سهلٌ هيّنٌ عند الحق لا قَدْر له ؛ أو إدراكه عنده قليل. وعلى الثاني : العاقل الذي يعمل بمقتضى عقله عند ظهور الحقّ قليل ، أو منقاد له غير صعب ولا عسير. واحتمل العلّامة المجلسي كون « يسير » على كلا الوجهين فعلاً. راجع :النهاية ، ج ٤ ، ص ٢١٧ - ٢١٨ ( كيس ) ؛ وج ٥ ، ص ٢٩٥ ( يسر ) وشروح الكافي.

(١١) في « بح » : « لذي ».

(١٢) في حاشية « ض ، بح » : « أسير ».

(١٣) في « ج ، ض ، ف ، بح ، بس » وحاشية « ب ، بر » وشرح صدر المتألّهين والوافي : « فيه ».

٣٤

عَالَـمٌ(١) كَثِيرٌ ، فَلْتَكُنْ(٢) سَفِينَتُكَ فِيهَا تَقْوَى اللهِ ، وَحَشْوُهَا(٣) الْإِيمَانَ ، وَشِرَاعُهَا(٤) التَّوَكُّلَ ، وَقَيِّمُهَا الْعَقْلَ ، وَدَلِيلُهَا الْعِلْمَ ، وَسُكَّانُهَا(٥) الصَّبْرَ.

يَا هِشَامُ ، إِنَّ لِكُلِّ شَيْ‌ءٍ دَلِيلاً ، وَدَلِيلُ الْعَقْلِ التَّفَكُّرُ ، وَدَلِيلُ التَّفَكُّرِ الصَّمْتُ ؛ وَلِكُلِّ شَيْ‌ءٍ مَطِيَّةً(٦) ، وَمَطِيَّةُ الْعَقْلِ التَّوَاضُعُ ؛ وَكَفى بِكَ جَهْلاً أَنْ تَرْكَبَ مَا نُهِيتَ عَنْهُ.

يَا هِشَامُ ، مَا بَعَثَ اللهُ أَنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ إِلى عِبَادِهِ إِلَّا لِيَعْقِلُوا(٧) عَنِ اللهِ ، فَأَحْسَنُهُمُ اسْتِجَابَةً أَحْسَنُهُمْ مَعْرِفَةً ، وَأَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ اللهِ أَحْسَنُهُمْ(٨) عَقْلاً ، وَأَكْمَلُهُمْ عَقْلاً أَرْفَعُهُمْ دَرَجَةً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

يَا هِشَامُ ، إِنَّ لِلّهِ عَلَى النَّاسِ حُجَّتَيْنِ : حُجَّةً ظَاهِرَةً ، وَحُجَّةً بَاطِنَةً ، فَأَمَّا الظَّاهِرَةُ فَالرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ وَالْأَئِمَّةُ ، وَأَمَّا الْبَاطِنَةُ فَالْعُقُولُ.

__________________

(١) في « بح » بكسر اللام. وفي « جم » بفتحها. قال المجلسي فيمرآة العقول : « يمكن أن تُقرأ بفتح اللام وكسرها ».

(٢) في « بف » : « فليكن ».

(٣) « الحَشْوُ » : ما ملأتَ به - كالقطن - الفراشَ وغيرَه ، وفيلسان العرب : « حشا الوسادة والفراشَ وغيرَهما يحشوها حشواً : ملأها ، واسم ذلك الشي‌ء الحَشْوُ ». والمراد هاهنا ما تملأ السفينة منها من المتاع وأنواع ما يتّجر به. راجع :لسان العرب ج ١٤ ، ص ١٨٠ ( حشا ) ؛شرح المازندراني ، ج ١ ، ص ١٨١ ؛مرآة العقول ، ج ١ ، ص ٥٥.

(٤) شِراع السفينة : ما يرفع فوقها من ثوب لتدخل فيه الريح ، فتُجريها.النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٦١ ( شرع ).

(٥) سُكّان السفينة هو ذَنَبُ السفينة ؛ لأنّها به تقوم وتُسكَّن وتعدّل وتمنع من الحركة والاضطراب. راجع :المغرب ، ص ٢٣٠ ؛لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ٢١١ ( سكن ).

(٦) « المـَطِيَّة » : الناقة التي يُركَب مَطاها ، أي ظهرها - كما اختاره الصدر الشيرازي - ، أو الدابّة التي تمطو في سيرها أي تجدّ وتسرع ، كما اختاره أيضاً المازندراني. راجع : شرح صدر المتألّهين ، ص ٥٦ ؛ شرح المازندراني ، ج ١ ، ص ١٨٥ ؛ النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٤٠ ؛ لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٢٨٥ ( مطا ).

(٧) فاعل « ليعقلوا » إمّا الأنبياء ، والمعنى : ليؤدّوا عن الله ما لزمهم ؛ كما اختاره الصدر الشيرازي. أو العباد ، والمعنى : ليكتسبوا العلوم الدينيّة وليعرفوا ما لا يعلمون عن الله بتعليم الرسل ومتابعتهم ؛ كما اختاره الفيض الكاشاني والمجلسي ، أو يحتمل الوجهين ، كما اختاره المازندراني. راجع :شرح صدر المتألّهين ، ص ٥٦ ؛شرح المازندراني ، ج ١ ، ص ١٨٧ ؛الوافي ، ج ١ ، ص ٩٨ ؛مرآة العقول ، ج ١ ، ص ٥٩.

(٨) في « و » : « وأحسنهم ».

٣٥

يَا هِشَامُ ، إِنَّ الْعَاقِلَ ، الَّذِي لَايَشْغَلُ الْحَلالُ شُكْرَهُ ، وَلَا يَغْلِبُ الْحَرَامُ صَبْرَهُ.

يَا هِشَامُ ، مَنْ سَلَّطَ ثَلَاثاً عَلَى ثَلَاثٍ ، فَكَأنَّمَا أَعَانَ عَلَى هَدْمِ عَقْلِهِ : مَنْ أَظْلَمَ نُورَ تَفَكُّرِهِ بِطُولِ أَمَلِهِ ، وَمَحَا طَرَائِفَ حِكْمَتِهِ بِفُضُولِ كَلَامِهِ(١) ، وَأَطْفَأَ نُورَ عِبْرَتِهِ بِشَهَوَاتِ نَفْسِهِ ، فَكَأَنَّمَا أَعَانَ هَوَاهُ عَلى هَدْمِ عَقْلِهِ ، وَمَنْ هَدَمَ عَقْلَهُ ، أَفْسَدَ عَلَيْهِ دِينَهُ وَدُنْيَاهُ.

يَا هِشَامُ ، كَيْفَ يَزْكُو(٢) عِنْدَ اللهِ عَمَلُكَ ، وَأَنْتَ قَدْ شَغَلْتَ قَلْبَكَ عَنْ أَمْرِ(٣) رَبِّكَ ، وَأَطَعْتَ هَوَاكَ عَلى غَلَبَةِ عَقْلِكَ؟!

يَا هِشَامُ ، الصَّبْرُ عَلَى الْوَحْدَةِ عَلَامَةُ قُوَّةِ الْعَقْلِ ، فَمَنْ عَقَلَ عَنِ اللهِ(٤) ، اعْتَزَلَ أَهْلَ الدُّنْيَا وَالرَّاغِبِينَ فِيهَا ، وَرَغِبَ فِيمَا عِنْدَ اللهِ ، وَكَانَ(٥) اللهُ أُنْسَهُ(٦) فِي الْوَحْشَةِ ، وَصَاحِبَهُ فِي الْوَحْدَةِ ، وَغِنَاهُ(٧) فِي الْعَيْلَةِ(٨) ،

__________________

(١) فيمرآة العقول : « والسبب في ذلك أنّ بطول الأمل يقبل إلى الدنيا ولذّاتها ، فيشغل عن التفكّر ، أو يجعل‌مقتضى طول الأمل ماحياً بمقتضى فكره الصائب. والطريف : الأمر الجديد المستغرب الذي فيه نفاسة. ومحو الطرائف بالفضول إمّا لأنّه إذا اشتغل بالفضول شغل عن الحكمة في زمان التكلّم بالفضول ، أو لأنّه لمـّا سمعوا الناس منه الفضول لم يعبأوا بحكمته ، أو لأنّه إذا اشتغل به محى الله عن قلبه الحكمة ». وراجع :ترتيب كتاب العين ، ج ٢ ، ص ١٠٧٥ ؛الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٣٩٤ ( طرف ).

(٢) قال المجلسي : « الزكاة تكون بمعنى النموّ والطهارة ، وهنا يحتملهما ». وعليه بقيّة الشروح. راجع :النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٠٧ ؛لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٣٥٨ ( زكا ).

(٣) في حاشية « بح » : « ذكر ».

(٤) قولهعليه‌السلام : « عقل عن الله » فقد مضى معناه قريباً ، ولكنّ المجلسي قال هنا - مضافاً إلى ما ذكر - : « قولهعليه‌السلام : « عقل‌عن الله » أي حصل له معرفة ذاته وصفاته وأحكامه وشرايعه ، أو أعطاه العقل ، أو علم الأمور بعلم ينتهى إلى الله بأن أخذه عن أنبيائه وحججهعليهم‌السلام إمّا بلا واسطة ، أو بواسطة ، أو بلغ عقله إلى درجة يفيض الله علومه عليه بغير تعليم بشر ».مرآة العقول ج ١ ، ص ٥٨. (٥) في « بف » : « فكان ».

(٦) في « ألف » : « آنسه ».

(٧) في « جل » : « غناءه ». وهو بكسر الغين والقصر بمعنى اليسار ، وفتحها والمدّ بمعنى النفع ، أو الكفاية ؛ كذا قال‌المازندراني وتساعده اللغة. راجع :شرح المازندراني ، ج ١ ، ص ٢٠١ ؛المغرب ، ص ٣٤٧ ؛لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ١٣٦ ( غنا).

(٨) « العَيْلة » : الحاجة والفافة ، يقال : عالَ الرجل يَعيلُ عيلةً : إذا احتاج وافتقر. راجع :الصحاح ، ج ٥ ، =

٣٦

وَمُعِزَّهُ مِنْ(١) غَيْرِ عَشِيرَةٍ.

يَا هِشَامُ ، نُصِبُ(٢) الْحَقُّ لِطَاعَةِ اللهِ ، وَلَا نَجَاةَ إِلَّا بِالطَّاعَةِ ، وَالطَّاعَةُ بِالْعِلْمِ ، وَالْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ ، وَالتَّعَلُّمُ بِالْعَقْلِ يُعْتَقَدُ(٣) ، وَلَا عِلْمَ إِلَّا مِنْ عَالِمٍ رَبَّانِيٍّ ، وَمَعْرِفَةُ الْعِلْمِ(٤) بِالْعَقْلِ.

يَا هِشَامُ ، قَلِيلُ الْعَمَلِ مِنَ الْعَالِمِ مَقْبُولٌ مُضَاعَفٌ ، وَكَثِيرُ الْعَمَلِ مِنْ أَهْلِ الْهَوى وَالْجَهْلِ مَرْدُودٌ.

يَا هِشَامُ ، إِنَّ الْعَاقِلَ رَضِيَ بِالدُّونِ مِنَ الدُّنْيَا مَعَ الْحِكْمَةِ ، وَلَمْ يَرْضَ بِالدُّونِ مِنَ الْحِكْمَةِ مَعَ الدُّنْيَا ؛ فَلِذلِكَ رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ.

يَا هِشَامُ ، إِنَّ الْعُقَلَاءَ تَرَكُوا فُضُولَ الدُّنْيَا ، فَكَيْفَ الذُّنُوبَ ، وَتَرْكُ الدُّنْيَا مِنَ الْفَضْلِ ، وَتَرْكُ الذُّنُوبِ مِنَ الْفَرْضِ.

يَا هِشَامُ ، إِنَّ الْعَاقِلَ نَظَرَ إِلَى الدُّنْيَا وَإِلى أَهْلِهَا ، فَعَلِمَ أَنَّهَا لَاتُنَالُ إِلَّا بِالْمَشَقَّةِ ، وَنَظَرَ إِلَى الْآخِرَةِ ، فَعَلِمَ أَنَّهَا لَاتُنَالُ إِلَّا بِالْمَشَقَّةِ ، فَطَلَبَ بِالْمَشَقَّةِ أَبْقَاهُمَا.

__________________

=ص ١٧٧٩ ؛ لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٤٨٨ ( عيل )

(١) في « ج » : « عن ».

(٢) « نصب » إمّا مبنيّ للمجهول ، أو المعلوم بحذف الفاعل أو المفعول ، أو مصدر مضاف. وفيمرآة العقول : « والنصب إمّا مصدر أو فعل مجهول ، وقراءته على المعلوم بحذف الفاعل أو المفعول - كما توُهِّم - بعيد ، أي إنّما نصب الله الحق والدين بإرسال الرسل وإنزال الكتب ليطاع في أوامره ونواهيه ».

(٣) قال المازندراني : « يعتقد : من اعتقاد الشي‌ء إذا اشتدّ وصلب ، أو من عقدت الحبل فانعقد ، والزيادة للمبالغة » وزاد المجلسي : « أو من الاعتقاد بمعنى التصديق والإذعان » كما ذكره وحده الفيض. وقال السيّد بدر الدين في حاشيته على الكافي ، ص ٣٩ : « في بعض النسخ « يعتقل » من الاعتقال ، وهو الحبس. والمعنى أنّ التعلّم - أي المتعلَّم وهو المعلوم - إنّما يعتقل ، أي يحبس ويحفظ ، أو يعتقد ويستيقن بالعقل ». راجع :شرح المازندراني ، ج ١ ، ص ٢٠٣ ؛الوافي ، ج ١ ، ص ١٠٠ ؛مرآة العقول ، ج ١ ، ص ٥٨ ؛الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥١٠ ؛لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٢٩٨ ( عقد ).

وفي « ب ، و ، ألف ، بح ، بس » وحاشية « ض ، ج ، ف » : « يعتقل ». من اعْتُقِلَ الرجل ، أي حُبِسَ ومُنِعَ. راجع :الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٧٧٢ ؛لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٤٥٨ ( عقل ).

(٤) وفي حاشية « بح » : « العالم ».

٣٧

يَا هِشَامُ ، إِنَّ الْعُقَلَاءَ زَهِدُوا فِي الدُّنْيَا وَرَغِبُوا فِي الْآخِرَةِ ؛ لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا طَالِبَةٌ(١) مَطْلُوبَةٌ ، وَ(٢) الْآخِرَةَ طَالِبَةٌ وَمَطْلُوبَةٌ ، فَمَنْ طَلَبَ الْآخِرَةَ ، طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهَا رِزْقَهُ ، وَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا ، طَلَبَتْهُ الْآخِرَةُ ، فَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ فَيُفْسِدُ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ.

يَا هِشَامُ ، مَنْ أَرَادَ الْغِنى(٣) بِلَا مَالٍ ، وَرَاحَةَ الْقَلْبِ مِنَ الْحَسَدِ ، وَالسَّلامَةَ فِي الدِّينِ ، فَلْيَتَضَرَّعْ إِلَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي مَسْأَلَتِهِ بِأَنْ يُكَمِّلَ عَقْلَهُ ؛ فَمَنْ عَقَلَ ، قَنِعَ بِمَا يَكْفِيهِ ، وَمَنْ قَنِعَ بِمَا يَكْفِيهِ ، اسْتَغْنَى ، وَمَنْ لَمْ يَقْنَعْ بِمَا يَكْفِيهِ ، لَمْ يُدْرِكِ الْغِنى أَبَداً.

يَا هِشَامُ ، إِنَّ اللهَ حَكى عَنْ قَوْمٍ صَالِحِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا : «( رَبَّنا لَا تُزِغْ (٤) قُلُوبَنَا بَعْدَ

__________________

(١) في « ب ، بس ، بف » : « طالبة ومطلوبة » مع الواو. وقال الميرزا رفيعا في حاشيته على الكافي ، ص ٥٤ : « لا يبعدأن يقال : الإتيان بالعاطف في الآخرة بقوله : « الآخرة طالبة ومطلوبة » وتركُه في قوله : « الدنيا طالبة مطلوبة » للتنبيه على أنّ الدنيا طالبة موصوفة بالمطلوبية ، فيكون الطالبية - لكونها موصوفةً - بمنزلة الذات ، فدلّ على أنّ الدنيا من حقّها في ذاتها أن تكون طالبة ، ويكون المطلوبة - لكونها صفةً لاحقة بالطالبة - من الطورائ التي ليس من حقّ الدنيا في ذاتها أن تكون موصوفة بها ؛ فلو أتى بالعاطف لفاتت تلك الدلالة. وأمّا الآخرة فلمّا كان الأمران - أي الطالبيّة والمطلوبية - كلاهما ممّا تستحقّها وتتّصف بها في ذاتها ، فأتى بالعاطف. وإن حمل قوله : « الدنيا طالبة مطلوبة » على تعدّد الخبر ، ففي ترك العاطف دلالة على عدم ارتباط طالبيّتها بمطلوبيّتها ، وأمّا في الآخرة فالأمران فيها مرتبطان لايفارقها أحدهما الآخر ، ولذا أتى بالواء والدالّة على التقارن في أصل الثبوت لها ». وقال فيالوافي ، ج ١ ، ص ١٠١ : « طالبية الدنيا عبارة عن إيصالها الرزق المقدّر إلى من هو فيها ليكونوا فيها إلى الأجل المقرّر ، ومطلوبيّتها عبارة عن سعي أبنائها لها ليكونوا على أحسن أحوالها. وطالبية الآخرة عبارة عن بلوغ الأجل وحلول الموت لمن هو في الدنيا ليكونوا فيها ، ومطلوبيّتها عبارة عن سعي أبنائها لها يكونوا على أحسن أحوالها. ولا يخفي أنّ الدنيا طالبة بالمعني المذكور ؛ لأن الرزق فيها مقدّر مضمون يصل إلى الإنسان لا محالة ، طلبه أولا :( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا ) [ هود (١١) : ٦ ]. وأنّ الآخرة طالبة أيضاً ؛ لأنّ الأجل مقدّر كالرزق ، مكتوب :( قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً ) [ الأحزاب (٣٣) : ١٦ ] ». (٢) في « ب ، بس ، بف » والوافي : + « أنّ ».

(٣) في « ف » : « الدنيا ».

(٤) الزَيْغ : هو الميل عن الاستقامة والعدول عن الحقّ. راجع :الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٣٢٠ ؛المفردات للراغب ، ص ٣٨٧ ( زيغ ).

٣٨

إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهّابُ ) (١) حِينَ عَلِمُوا أَنَّ الْقُلُوبَ تَزِيغُ وَتَعُودُ إِلى عَمَاهَا وَرَدَاهَا(٢) ؛ إِنَّهُ لَمْ يَخَفِ اللهَ مَنْ لَمْ يَعْقِلْ عَنِ اللهِ ، وَمَنْ لَمْ يَعْقِلْ عَنِ اللهِ ، لَمْ يَعْقِدْ(٣) قَلْبَهُ عَلى مَعْرِفَةٍ ثَابِتَةٍ يُبْصِرُهَا وَيَجِدُ حَقِيقَتَهَا فِي قَلْبِهِ ، وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ كَذلِكَ إِلَّا مَنْ كَانَ قَوْلُهُ لِفِعْلِهِ مُصَدِّقاً ، وَسِرُّهُ لِعَلَانِيَتِهِ مُوَافِقاً ؛ لِأَنَّ اللهَ - تَبَارَكَ اسْمُهُ - لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْبَاطِنِ الْخَفِيِّ مِنَ الْعَقْلِ(٤) إِلَّا بِظَاهِرٍ مِنْهُ وَنَاطِقٍ عَنْهُ.

يَا هِشَامُ ، كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام يَقُولُ : مَا عُبِدَ اللهُ بِشَيْ‌ءٍ أَفْضَلَ مِنَ الْعَقْلِ ، وَمَا تَمَّ عَقْلُ امرئٍ حَتّى يَكُونَ فِيهِ خِصَالٌ شَتّى : الْكُفْرُ وَالشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونَانِ ، وَالرُّشْدُ وَالْخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولَانِ ، وَفَضْلُ مَالِهِ مَبْذُولٌ ، وَفَضْلُ قَوْلِهِ مَكْفُوفٌ ، وَنَصِيبُهُ مِنَ الدُّنْيَا الْقُوتُ ، لَا يَشْبَعُ مِنَ الْعِلْمِ دَهْرَهُ ، الذُّلُّ أَحَبُّ إِلَيْهِ مَعَ اللهِ مِنَ الْعِزِّ(٥) مَعَ غَيْرِهِ ، وَالتَّوَاضُعُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الشَّرَفِ ، يَسْتَكْثِرُ قَلِيلَ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِهِ ، وَيَسْتَقِلُّ كَثِيرَ الْمَعْرُوفِ مِنْ نَفْسِهِ ، وَيَرَى النَّاسَ كُلَّهُمْ خَيْراً مِنْهُ ، وَأَنَّهُ شَرُّهُمْ(٦) فِي نَفْسِهِ ، وَهُوَ تَمَامُ الْأَمْرِ.(٧)

يَا هِشَامُ ، إِنَّ الْعَاقِلَ لَايَكْذِبُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ هَوَاهُ.

__________________

(١) آل عمران (٣) : ٨.

(٢) الردى : الهلاك والضلال. راجع :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٥٥ ( ردى ).

(٣) في « ألف » وحاشية « ب » : « لم يعقل ».

(٤) في حاشية « بح » : « العقلاء ».

(٥) في حاشية « ج » : « العزّة ».

(٦) في « بر » : « أشرّهم ».

(٧) أي جميع امور الدين تتمّ بذلك ، او كأنّه جميع اُمور الدين مبالغة. كما فيمرآة العقول . وقال في الوافي : « وهو تمام الأمر ، أي رؤية الناس خيراً ونفسه شرّاً تمام الأمر ؛ لأنّها موجبة للاستكانة والتضرّع التامّ إلى الله والخروج إليه بالفناء عن هذا الوجود المجازي الذي كلّه ذنب وشرّ ويحتمل أن يكون الضمير راجعاً إلى الكون الذي في قوله « حتى يكون » فكان المعنى أنّ ملاك الأمر وتمامه في أن يكون الإنسان كاملاً تامّ العقل ، هو كونه متّصفاً بجميع هذه الخصال المذكورة ».

٣٩

يَا هِشَامُ ، لَادِينَ لِمَنْ لا مُرُوءَةَ(١) لَهُ ، وَلَا مُرُوءَةَ لِمَنْ لَاعَقْلَ لَهُ(٢) ، وَإِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ قَدْراً الَّذِي لَايَرَى الدُّنْيَا لِنَفْسِهِ خَطَراً(٣) ، أَمَا إِنَّ(٤) أَبْدَانَكُمْ لَيْسَ لَهَا ثَمَنٌ إِلَّا الْجَنَّةُ ، فَلَا تَبِيعُوهَا(٥) بِغَيْرِهَا.

يَا هِشَامُ ، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام كَانَ يَقُولُ : إِنَّ مِنْ عَلَامَةِ الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ(٦) فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ : يُجِيبُ إِذَا سُئِلَ ، وَيَنْطِقُ إِذَا عَجَزَ الْقَوْمُ عَنِ(٧) الْكَلَامِ ، وَيُشِيرُ بِالرَّأْيِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ صَلَاحُ أَهْلِهِ ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنْ هذِهِ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ شَيْ‌ءٌ ؛ فَهُوَ أَحْمَقُ ؛ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام قَالَ(٨) : لَايَجْلِسُ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ(٩) إِلَّا رَجُلٌ فِيهِ هذِهِ الْخِصَالُ الثَّلَاثُ ، أَوْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْ‌ءٌ مِنْهُنَّ فَجَلَسَ ، فَهُوَ أَحْمَقُ.

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّعليهما‌السلام : إِذَا طَلَبْتُمُ الْحَوَائِجَ ، فَاطْلُبُوهَا مِنْ(١٠) أَهْلِهَا ، قِيلَ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، وَمَنْ أَهْلُهَا؟ قَالَ : الَّذِينَ قَصَّ(١١) اللهُ فِي كِتَابِهِ وَذَكَرَهُمْ ، فَقَالَ :( إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (١٢) قَالَ : هُمْ أُولُو الْعُقُولِ.

__________________

(١) المروءة والمروّة : الإنسانية وكمال الرجولية. وقال العلّامة المجلسي : « وهي الصفة الجامعة لمكارم الأخلاق‌ومحاسن الآداب ». راجع :مرآة العقول ، ج ١ ، ص ٦٣ ؛الصحاح ، ج ١ ، ص ٧٢ ؛المغرب ، ص ٤٢٦ ( مرأ ).

(٢) وذلك لأنّ من لا عقل له لا يكون عارفاً بما يليق به ويحسن ، وما لا يليق به ولا يحسن ؛ فقد يترك اللائق ويجي‌ء بما لا يليق ، ومن يكون كذلك لا يكون ذا دين.حاشية ميرزا رفيعا ، ص ٥٧.

(٣) « الخطر » بمعنى الحظّ والنصيب ، والقدر والمنزلة ، والسَبَق الذي يتراهن عليه ، والكلّ محتمل.مرآة العقول ، ج ١ ، ص ٦٣ ،الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٤٨ ( خطر ).

(٤) في « ألف » وشرح صدر المتألّهين : - « إنّ ».

(٥) في « ج » : « فلا يطيعوها ». وفي « ف » : « فلا يتّبعوها ».

(٦) في « ض » : « أن تكون ».

(٧) في حاشية « ج » : « من ».

(٨) في « ف ، بح ، بس » : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام » بدل « إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قال ».

(٩) في حاشية « ج » : « المجالس ».

(١٠) في « بح » : + « قِبَل ».

(١١) في « ألف ، ف » وحاشية « ج ، بح » : « نصّ ».

(١٢) الزمر (٣٩) : ٩.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722