الاصول من الكافي الجزء ١

الاصول من الكافي8%

الاصول من الكافي مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 722

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 722 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 295432 / تحميل: 10527
الحجم الحجم الحجم
الاصول من الكافي

الاصول من الكافي الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

بخلاف صورة النزاع.

مسألة ٤٦٦ : يستحب أن يقرأ في الاُولى بعد الحمد : التوحيد ، وفي الثانية : الجحد‌ - وروي العكس(١) - رواه العامّة عن النبي(٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والخاصّة عن الصادق(٣) عليه‌السلام .

وأن يدعو عقيب الركعتين بالمنقول.

ولو نسي الركعتين حتى مات ، قضى عنه وليّه واجباً إن كان الطواف واجباً ، وإلّا ندباً ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « مَنْ نسي أن يصلّي ركعتي طواف الفريضة حتى يخرج من مكة فعليه أن يقضي ، أو يقضي عنه وليّه ، أو رجل من المسلمين »(٤) .

ولو نسيهما حتى شرع في السعي ، قطع السعي ، وعاد إلى المقام ، فصلّى الركعتين ، ثم عاد فتمّم السعي ؛ لما رواه محمد بن مسلم - في الصحيح - عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال : سألته عن رجل يطوف بالبيت ثم ينسى أن يصلّي الركعتين حتى يسعى بين الصفا والمروة خمسة أشواط أو أقلّ من ذلك ، قال : « ينصرف حتى يصلّي الركعتين ثم يأتي مكانه الذي كان فيه فيتمّ سعيه»(٥) .

ويستحب أن يدعو عقيب الركعتين بالمنقول.

مسألة ٤٦٧ : يستحب للحاج والمعتمر إذا دخل المسجد للطواف‌ أن‌

____________________

(١) سنن الترمذي ٣ : ٢٢١ / ٨٦٩ ، سنن النسائي ٥ : ٢٣٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٩١.

(٢) سنن الترمذي ٣ : ٢٢١ / ٨٧٠ ، سنن البيهقي ٥ : ٩١.

(٣) الكافي ٤ : ٤٢٣ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٣٦ / ٤٥٠ ، و ٢٨٦ / ٩٧٣.

(٤) التهذيب ٥ : ١٤٣ / ٤٧٣.

(٥) التهذيب ٥ : ١٤٣ / ٤٧٤.

١٠١

لا يتشاغل بشي‌ء حتى يطوف ؛ لقوله تعالى :( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ ) (١) .

ولأنّ الطواف تحيّة المسجد ، فاستحبّ التبادر إليه.

وروى جابر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دخل مكة ارتفاع الضحى ، فأناخ راحلته عند باب بني شيبة ، ودخل إلى المسجد ، واستلم الحجر وطاف(٢) .

ولو دخل المسجد والإمام مشتغل بالفريضة ، صلّى معه المكتوبة ، ولا يشتغل بالطواف ، فإذا فرغ من الصلاة ، طاف حينئذٍ ، تحصيلاً لفضيلة الجماعة ، وتقديماً للفائت وقته ، وهو الجماعة ، دون ما لا يفوت ، وهو الطواف ، وكذا لو قربت إقامة الصلاة.

مسألة ٤٦٨ : ولا يستحب رفع اليدين عند مشاهدة البيت.

قال الشيخ : إنّه لا يعرفه أصحابنا(٣) .

وأنكر مالك استحبابه(٤) .

وقال الشافعي : لا أكرهه ولا أستحبّه(٥) .

وقال أحمد : إنّه مستحب. وهو مروي عن ابن عباس وابن عمر والثوري وابن المبارك(٦) .

لما رواه العامّة عن المهاجر المكّي ، قال : سُئل جابر بن عبد الله : عن الرجل يرى البيت أيرفع يديه؟ قال : ما كنت أظنّ أنّ أحداً يفعل هذا‌

____________________

(١) البقرة : ١٤٨ ، المائدة : ٤٨.

(٢) المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٥٤ - ٤٥٥ ، سنن البيهقي ٥ : ٧٤.

(٣) الخلاف ٢ : ٣٢٠ ، المسألة ١٢٣.

(٤) حلية العلماء ٣ : ٣٢٥ ، المجموع ٨ : ٩ ، المغني ٣ : ٣٨٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٨٩.

(٥) المجموع ٨ : ٨.

(٦) المغني ٣ : ٣٨٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٨٩ ، المجموع ٨ : ٩.

١٠٢

إلّا اليهود ، حججنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلم يكن يفعله(١) .

احتجّ : بما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( لا ترفع الأيدي إلّا في سبع مواطن : افتتاح الصلاة واستقبال البيت ، وعلى الصفا والمروة ، وعلى الموقفين والجمرتين )(٢) .

وهو محمول على الرفع عند الدعاء.

مسألة ٤٦٩ : يستحب أن يقف عند الحجر الأسود ويدعو ويكبّر عند محاذاة الحجر‌ ويرفع يديه ويحمد الله ويثني عليه ؛ لما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، استقبل الحجر واستلمه وكبَّر(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا دنوت من الحجر الأسود فارفع يديك واحمد الله وأثن عليه »(٤) الحديث.

ويستحب له أن يستلم الحجر ويُقبّله إجماعاً ؛ لما رواه العامّة : أنّ عمر بن الخطّاب انكبّ على الحجر وقال : أما إنّي أعلم أنّك حجر لا تضرّ ولا تنفع ، ولو لا أنّي رأيت رسول الله يُقبّلك لما قبّلتك(٥) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : استلموا الركن ، فإنّه يمين الله في خلقه يصافح بها خلقه مصافحة العبد أو الدخيل ، ويشهد لمن استلمه بالموافاة »(٦) .

إذا عرفت هذا ، فإن لم يتمكّن من الاستلام ، استلمه بيده وقبّل يده ،

____________________

(١) سنن أبي داود ٢ : ١٧٥ / ١٨٧٠ ، وسنن النسائي ٥ : ٢١٢ ، وفيه : فلم نكن نفعله.

(٢) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٣٨٨ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٨٩.

(٣) المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٥٤ ، وليس فيه تكبير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٤) الكافي ٤ : ٤٠٢ - ٤٠٣ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٠١ / ٣٢٩.

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٩٢٥ / ٢٥٠ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٨١ / ٢٩٤٣ ، سنن البيهقي ٥ : ٧٤.

(٦) التهذيب ٥ : ١٠٢ / ٣٣١ ، وبتفاوت يسير في الكافي ٤ : ٤٠٦ / ٩.

١٠٣

فإن لم يتمكّن من ذلك ، أشار إليه بيده - وبه قال الشافعي(١) - لقول الصادقعليه‌السلام : « فإن وجدته خالياً وإلّا فسلّم من بعيد »(٢) .

وسُئل الرضاعليه‌السلام : عن الحجر الأسود أيقاتل عليه الناس إذا كثروا؟ قال : « إذا كان كذلك فأوم بيدك »(٣) .

وليس الاستلام واجباً ؛ لأصالة البراءة.

ولأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - عن رجل حجّ فلم يستلم الحجر ولم يدخل الكعبة ، قال : « هو من السنّة ، فإن لم يقدر فالله أولى بالعذر »(٤) .

ومقطوع اليد يستلم الحجر بموضع القطع ، ولو قُطعت من المرفق ، استلم بشماله ؛ لقول عليعليه‌السلام وقد سُئل عن الأقطع كيف يستلم؟ : « يستلم الحجر من حيث القطع ، فإن كانت مقطوعةً من المرفق استلم الحجر بشماله »(٥) .

مسألة ٤٧٠ : ويستحب أن يستلم الركن اليماني‌ ويُقبّله ، فإن لم يتمكّن ، استلمه بيده وقبّل يده - وبه قال أحمد(٦) - لما رواه العامّة عن ابن عباس ، قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا استلم الركن ، قبَّله ، ووضع خدّه الأيمن عليه(٧) .

وقال ابن عمر : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان لا يستلم إلّا الحجر والركن‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٣١٨ - ٣١٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٩ ، المجموع ٨ : ٣٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٩.

(٢) الكافي ٤ : ٤٠٥ / ٣ ، التهذيب ٥ : ١٠٣ / ٣٣٣.

(٣) التهذيب ٥ : ١٠٣ / ٣٣٦.

(٤) الكافي ٤ : ٤٠٥ / ٤ ، التهذيب ٥ : ١٠٣ / ٣٣٤.

(٥) الكافي ٤ : ٤١٠ / ١٨ ، التهذيب ٥ : ١٠٦ - ١٠٧ / ٣٤٥.

(٦) المغني ٣ : ٣٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٠.

(٧) المغني ٣ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٥ ، وبتفاوت يسير في المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٥٦ ، وسنن البيهقي ٥ : ٧٦.

١٠٤

اليماني(١) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الشيخ عن غياث بن إبراهيم [ عن جعفر ](٢) عن أبيه [عليهما‌السلام ](٣) قال : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يستلم الركن إلّا الركن الأسود واليماني ، ويُقبّلهما ، ويضع خدّه عليهما »(٤) .

وقال الشافعي : يستحب أن يستلمه بيده ويُقبّل يده ولا يُقبّله(٥) .

وقال أبو حنيفة : لا يستلمه(٦) .

وقال مالك : يستلمه ولا يُقبّل يده ، وإنّما يضعها على فيه(٧) .

قال ابن عبد البرّ : أجمع أهل العلم على استلام الركنين ، وإنّما اختلفوا في التقبيل ، فشرّكه قوم بينهما وخصّ قوم الحجر به(٨) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه يستحب استلام الأركان كلّها ، وآكدها ركن الحجر واليماني ، ذهب إليه علماؤنا - وبه قال ابن عباس وجابر وابن الزبير(٩) - لما رواه العامّة أنّه لمـّا قدم معاوية مكة وابن عباس بها ، فاستلم‌

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٩٢٤ / ٢٤٤ ، سنن النسائي ٥ : ٢٣١ ، سنن البيهقي ٥ : ٧٦ ، المغني ٣ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٥.

(٢ و ٣ ) أضفناها من المصدر.

(٤) التهذيب ٥ : ١٠٥ - ١٠٦ / ٣٤١ ، الاستبصار ٢ : ٢١٦ - ٢١٧ / ٧٧٤.

(٥) الاُم ٢ : ١٧٠ ، المجموع ٨ : ٣٥ و ٥٨ ، فتح العزيز ٧ : ٣١٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٠ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٤٩.

(٦) فتح العزيز ٧ : ٣١٩ ، المجموع ٨ : ٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٠ ، المغني ٣ : ٣٩٩ - ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٤ - ٣٩٥.

(٧) المدوّنة الكبرى ١ : ٣٦٣ - ٣٦٤ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٨٧ - ٢٨٨ ، فتح العزيز ٧ : ٣٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٠ ، المجموع ٨ : ٥٨.

(٨) المغني ٣ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٥.

(٩) المغني ٣ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٥ ، المجموع ٨ : ٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٠ - ٣٣١.

١٠٥

ابن عباس الأركان كلّها ، فقال معاوية : ما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يستلم إلّا الركنين اليمانيّين ، فقال ابن عباس : ليس من البيت شي‌ء مهجور(١) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه إبراهيم بن أبي محمود ، قال : قلت للرضاعليه‌السلام : أستلم اليماني والشامي والغربي؟ قال : « نعم »(٢) .

ولأنّهما ركنان ، فاستحبّ استلامهما ، كاليمانيّين.

وأنكر الفقهاء الأربعة ذلك(٣) ؛ لقول ابن عمر : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يستلم الركن اليماني والأسود في كلّ طوفة ، ولا يستلم الركنين اللذين يليان الحجر(٤) .

قال ابن عمر : ما أراه لم يستلم الركنين اللذين يليان الحجر إلّا لأنّ البيت لم يتمّ على قواعد إبراهيمعليه‌السلام (٥) .

والجواب : رواية الإثبات مقدَّمة.

ويحتمل : أنّه كان يقف عند اليمانيّين أكثر.

تنبيه : في الاستلام لغتان : الهمز وعدمه.

____________________

(١) مسند أحمد ٤ : ٩٤ - ٩٥ بتفاوت ، وفي ذيله ما يشعر باختلاف الناس في هذه الرواية ، فمنهم من قال بأنّ المجيب هو معاوية. وانظر : صحيح البخاري ٢ : ١٨٦ ، وسنن الترمذي ٣ : ٢١٣ / ٨٥٨ ، وسنن البيهقي ٥ : ٧٧ ، ومسند أحمد ١ : ٢١٧.

(٢) التهذيب ٥ : ١٠٦ / ٣٤٣ ، الاستبصار ٢ : ٢١٦ / ٧٤٣.

(٣) المدوّنة الكبرى ١ : ٣٦٣ ، المجموع ٨ : ٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٤٨ ، المغني ٣ : ٣٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٥.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٣١٩ ، وبتفاوت في صحيح البخاري ٢ : ١٨٦ ، وصحيح مسلم ٢ : ٩٢٤ - ٢٤٤ ، ومسند أحمد ٢ : ١٨.

(٥) المغني ٣ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٥ ، وبتفاوت في صحيح مسلم ٢ : ٩٦٩ / ٣٩٩ ، وصحيح البخاري ٢ : ١٧٩ ، وسنن البيهقي ٥ : ٧٧.

١٠٦

فعلى الثاني قال السيّد المرتضى : إنّه افتعال من السِّلام ، وهي الحجارة(١) .

فإذا مسّ الحجر بيده ومسحه بها ، قيل : استلم ، أي مسّ السِّلام بيده.

وقيل : إنّه مأخوذ من السَّلام(٢) ، أي أنّه يُحيّي نفسه عن الحجر ؛ إذ ليس الحجر ممّن يحيّيه ، وهذا كما يقال : اختدم : إذا لم يكن له خادم سوى نفسه.

وحكى ثعلب : الهمز ، وفسّره بأنّه اتّخذه جُنّةً وسلاحاً من اللأمة(٣) ، وهي الدرع(٤) . وهو حسن.

مسألة ٤٧١ : يستحب الاستلام في كلّ شوط‌ ، لأنّ النبيعليه‌السلام كان يستلم الركن اليماني والأسود في كلّ طوفة(٥) .

ويستحب الدعاء في الطواف بالمنقول ، والوقوف عند اليماني والدعاء عنده.

ويستحب له أن يلتزم المستجار في الشوط السابع ، ويبسط يديه على حائطه ، ويلصق به بطنه وخدّه ، ويدعو بالمأثور ، ويعترف بذنوبه.

قال الصادقعليه‌السلام : « ثم أقرّ لربّك بما عملت من الذنوب فإنّه ليس عبد مؤمن يقرّ لربّه بذنوبه في هذا المكان إلّا غفر له »(٦) .

ولو نسي الالتزام حتى جاز موضعه في مؤخّر الكعبة مقابل الباب‌

____________________

(١) رسائل الشريف المرتضى ٣ : ٢٧٥.

(٢) تهذيب اللغة ١٢ : ٤٥١.

(٣) اللامة : الهول. لسان العرب ١٢ : ٥٥٧ « لوم ».

(٤) كما في رسائل الشريف المرتضى ٣ : ٢٧٥.

(٥) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ١٠٥ ، الهامش (٤).

(٦) الكافي ٤ : ٤١١ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٠٧ - ١٠٨ / ٣٤٩.

١٠٧

دون الركن اليماني بقليل ، فلا إعادة عليه.

ولو ترك الاستلام ، لم يكن عليه شي‌ء ، وبه قال عامّة الفقهاء ؛ لأنّه مستحب ، فلا يتعقّب بتركه جناية.

وحكي عن الحسن البصري والثوري وعبد الملك بن الماجشون أنّ عليه دماً(١) ؛ لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( مَنْ ترك نسكاً فعليه دم )(٢) .

وليس حجّةً ؛ لأنّه مخصوص بالواجب.

قال الشيخ في المبسوط : قد روي أنّه يستحب الاضطباع ، وهو أن يدخل إزاره تحت منكبه الأيمن ويجعله على منكبه الأيسر(٣) .

وهو مأخوذ من الضَّبْع ، وهو عضد الإنسان ، وأصله التاء قلبوها طاءً ؛ لأنّ التاء متى وقعت بعد صاد أو ضاد أو طاء ساكنة قلبت طاء.

إذا ثبت هذا ، فأكثر العلماء على استحبابه(٤) ، لقول ابن عباس : لمـّا دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على قريش ، فاجتمعت نحو الحجر ، اضطبع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) .

قال الشافعي : ويبقى مضطبعاً حتى يتمّ السعي بين الصفا والمروة ويتركه عند الصلاة للطواف(٦) .

____________________

(١) اُنظر : المجموع ٨ : ٥٩ ، وفي حلية العلماء ٣ : ٣٣١ ، والمغني ٣ : ٣٩٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٩٨ حكاية القول بذلك عنهم في ترك الرمل لا ترك الاستلام ، فلاحظ.

(٢) أورده الرافعي في فتح العزيز ٧ : ٣٦٤ ، والشيرازي في المهذّب ١ : ٢٣٣ ، والماوردي في الحاوي الكبير ٤ : ١٧٤ وابنا قدامه في المغني ٣ : ٣٩٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٩٨.

(٣) المبسوط ١ : ٣٥٦.

(٤) المغني ٣ : ٣٩١ - ٣٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩١.

(٥) مسند أحمد ١ : ٣٠٥.

(٦) فتح العزيز ٧ : ٣٣٨ - ٣٣٩ ، المجموع ٨ : ٢٠.

١٠٨

وقال أحمد : لا يضطبع في السعي(١) .

وقال مالك : إنّه ليس بمستحب. قال : ولم أسمع أحداً من أهل العلم ببلدنا يذكر أنّ الاضطباع سنّة(٢) .

مسألة ٤٧٢ : يستحب له أن يقصد في مشيه بأن يمشي مستوياً بين السَّرَع والإبطاء ، قاله الشيخ –رحمه‌الله - في بعض كتبه(٣) .

وقال في المبسوط : يستحب أن يرمل ثلاثاً ، ويمشي أربعاً في طواف القدوم خاصّة ؛ اقتداءً برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

واتّفقت العامّة على استحباب الرمل في الأشواط الثلاثة الأُوَل ، والمشي في الأربعة في طواف القدوم ؛ لما رواه الصادقعليه‌السلام عن جابر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رمل ثلاثاً ومشى أربعاً(٥) .

والسبب فيه قول ابن عباس : قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مكة ، فقال المشركون : إنّه يقدم عليكم قوم تنهكهم(٦) الحمّى ولقوا منها شرّاً ، فأمرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يرملوا الأشواط الثلاثة ، وأن يمشوا بين الركنين ، فلمـّا رأوهم قالوا : ما نراهم إلّا كالغزلان(٧) .

ولو ترك الرمل ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ لأنّه مستحب ، وهو قول عامّة‌

____________________

(١) المغني والشرح الكبير ٣ : ٣٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٢.

(٢) المغني ٣ : ٣٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣١ ، المجموع ٨ : ٢١.

(٣) النهاية : ٢٣٧.

(٤) المبسوط ١ : ٣٥٦.

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٧ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٣ / ١٩٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٢١٢ / ٨٥٧ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٨٣ / ٢٩٥١ و ١٠٢٣ / ٣٠٧٤.

(٦) نهكته الحُمّى : جهدته وأضْنَتْه ونقصت لحمه. لسان العرب ١٠ : ٤٩٩ « نهك ».

(٧) اُنظر : سنن أبي داود ٢ : ١٧٨ / ١٨٨٦ و ١٧٩ / ١٨٨٩.

١٠٩

الفقهاء(١) .

وقال الحسن البصري : إنّ عليه دماً. وهو محكي عن الثوري وعبد الملك بن الماجشون(٢) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( مَنْ ترك نسكاً فعليه دم )(٣) .

وجوابه : المراد من النسك الواجبُ.

ويعارضه ما رواه العامّة عن ابن عباس أنّه قال : ليس على من ترك الرمل شي‌ء(٤) .

ومن طريق الخاصّة : رواية سعيد الأعرج ، أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام عن المسرع والمبطئ في الطواف ، فقال : « كُلٌّ واسع ما لم يؤذ أحداً »(٥) .

ولو تركه في الثلاثة الأُول ، لم يقض في الأربع الباقية ؛ لأنّها هيئة في الأُول ، فإذا فات موضعها ، سقطت ، ولزم سقوط هيئة البواقي.

وإذا قلنا باستحباب الرمل في الثلاثة الأُول ، استحبّ من الحِجْر إليه - وهو قول أكثر العلماء(٦) - لما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رمل من الحِجْر إلى الحِجْر(٧) .

وقال طاوُس وعطاء والحسن وسعيد بن جبير : يمشي ما بين الركنين ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أصحابه بأن يرملوا الأشواط الثلاثة ويمشوا ما‌

____________________

(١ و ٢ ) المغني ٣ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٨ ، المجموع ٨ : ٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣١.

(٣) أورده الرافعي في فتح العزيز ٧ : ٣٦٤ ، والشيرازي في المهذّب ١ : ٢٣٣ ، والماوردي في الحاوي الكبير ٤ : ١٧٤ وابنا قدامة في المغني ٣ : ٣٩٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٩٨.

(٤) المغني ٣ : ٣٩٦ - ٣٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٨.

(٥) الفقيه ٢ : ٢٥٥ / ١٢٣٨.

(٦) المغني ٣ : ٣٩٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٦ - ٣٩٧ ، المجموع ٨ : ٩٨.

(٧) صحيح مسلم ٢ : ٩٢١ / ٢٣٣ - ٢٣٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٢١٢ / ٨٥٧ ، سنن أبي داود ٢ : ١٧٩ / ١٨٩١.

١١٠

بين الركنين ليرى المشركون جَلَدَهُمْ(١) لمـّا وَهَنَتْهم(٢) الحُمّى حتى قال المشركون : هؤلاء أجلد منّا(٣) .

ولو ترك الرمل في أوّل شوط ، رمل في الاثنين ، وإن تركه في الاثنين ، رمل في الثالث خاصّةً.

ولو تركه في طواف القدوم ، لم يستحب قضاؤه في طواف الحجّ ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما رمل في طواف القدوم(٤) ، خلافاً لبعض العامّة(٥) .

وقال بعض العامّة : ليس على أهل مكّة رمل - وقاله ابن عباس وابن عمر - لأنّه شُرّع في الأصل لإظهار الجلد والقوّة لأهل البلد(٦) .

ولا يستحب للنساء الرمل ولا الاضطباع.

ويرمل الحامل للمريض والصبي ، والراكب يحثّ دابّته.

وللشافعي قول آخر في أنّ الحامل للمريض لا يرمل به(٧) .

مسألة ٤٧٣ : يستحب التداني من البيت في الطواف ؛ لأنّه المقصود ، فالدنوّ منه أولى ولو كان بالقرب زحام لا يمكنه أن يرمل فيه ، فإن كان يعلم أنّه إن وقف وجد فرجةً ، وقف ، فإذا وجد فرجةً ، رمل ، وإن كان يعلم أنّه لا يجد فرجةً لكثرة الزحام وعلم أنّه إن خرج إلى حاشية الناس‌

____________________

(١) الجَلَد : القوّة والصبر. النهاية - لابن الأثير - ١ : ٢٨٤ « جلد ».

(٢) أي : أضعفتهم. النهاية - لابن الأثير - ٥ : ٢٣٤ « وهن ».

(٣) المغني ٣ : ٣٩٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٧ ، المجموع ٨ : ٥٨.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٧ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٣ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٣ / ١٩٠٥ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٦.

(٥) المغني ٣ : ٣٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٣.

(٦) المغني ٣ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٢.

(٧) المجموع ٨ : ٤٤.

١١١

يمكن الرمل ، خرج ورمل ، وكان أفضل من التداني ، وإن لم يتمكّن من الخروج ، طاف من غير رمل ، ولو تباعد حتى طاف بالسقاية وزمزم ، لم يجزئ - خلافاً للشافعي(١) - لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كذا فَعل ، وقال : ( خُذوا عنّي مناسككم )(٢) .

مسألة ٤٧٤ : يستحب أن يطوف ماشياً مع القدرة ، ولو ركب معها ، أجزأه ، ولا يلزمه دم - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ جابراً قال : طاف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجّة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس وليشرفَ عليهم ليسألوه ، فإنّ الناس غشوه(٤) .

وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد : إن طاف راكباً لعذر ، فلا شي‌ء عليه ، وإن كان لغير عذر ، فعليه دم ؛ لأنّها عبادة واجبة تتعلّق بالبيت ، فلا يجوز فعلها لغير عذر راكباً ، كالصلاة(٥) .

والفرق : أنّ الصلاة لا تصحّ راكباً وهنا تصحّ.

مسألة ٤٧٥ : يستحب طواف ثلاثمائة وستّين طوافاً‌ ، فإن لم يتمكّن فثلاثمائة وستّين شوطاً ، ويلحق الزيادة بالطواف الأخير بأن يطوف اُسبوعاً ، ثم يصلّي ركعتين ، وهكذا.

ويجوز القرآن في النوافل على ما يأتي ، فيؤخّر الصلاة فيها إلى حين‌

____________________

(١) الاُم ٢ : ١٧٧ ، فتح العزيز ٧ : ٣٠١ ، المجموع ٨ : ٣٩.

(٢) سنن البيهقي ٥ : ١٢٥.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٣١٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٨ ، المجموع ٨ : ٢٧ ، المغني ٣ : ٤٢٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٤.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٩٢٧ / ٢٥٥ ، سنن البيهقي ٥ : ١٠٠.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٤٤ - ٤٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٣٠ ، المغني ٣ : ٤٢٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٨ ، المجموع ٨ : ٢٧.

١١٢

الفراغ.

وإن لم يستطع ، طاف ما يمكن منه.

قال الصادقعليه‌السلام : « يستحب أن تطوف ثلاثمائة وستّين اُسبوعاً عدد أيّام السنة ، فإن لم تستطع فثلاثمائة وستّين شوطاً ، فإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف »(١) .

البحث الثالث : في الأحكام.

مسألة ٤٧٦ : قد بيّنّا وجوب الطهارة من الحدث والخبث في الثوب والبدن ، ووجوب الستر ، فلو طاف جنباً أو محدثاً أو عارياً ، أو طافت المرأة حائضاً أو نفساء ، أو طاف وعلى ثوبه أو بدنه نجاسة عالماً أو ناسياً في طواف الفريضة ، لم يعتد بذلك الطواف ، وكذا لو كان يطأ في مطافه النجاسات المتعدّية إلى بدنه أو ثوبه.

ولو أحدث في خلال الطواف ، فإن كان بعد طواف أربعة أشواط ، تطهّر وأتمّ طوافه ، وإن كان قبل ذلك ، تطهّر واستأنف الطواف من أوّله ؛ لقول أحدهماعليهما‌السلام : في الرجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه ، قال : « يخرج ويتوضّأ ، فإن كان جاز النصف بنى على طوافه ، وإن كان أقلّ من النصف أعاد الطواف »(٢) .

ولم يفصّل العامّة ذلك ، بل قالوا : إن تعمّد الحدث ، فللشافعي قولان : أحدهما : أنّه يستأنف ، كالصلاة. وأصحّهما : البناء. ويحتمل فيه ما لا يحتمل في الصلاة ، كالفعل الكثير والكلام.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٢٩ / ١٤ ، الفقيه ٢ : ٢٥٥ / ١٢٣٦ ، التهذيب ٥ : ١٣٥ / ٤٤٥.

(٢) الكافي ٤ : ٤١٤ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١١٨ / ٣٨٤.

١١٣

وإن سبقه الحدث ، فإن قلنا : يبني في العمد ، فهنا أولى ، وإن قلنا : يستأنف ، فقولان : أصحّهما : البناء.

هذا إذا لم يَطُل الفصل ، وإن طال ، بنى(١) .

ولو كان الطواف نفلاً ، لم يجب عليه الاستئناف ولا إتمامه بطهارة.

ولو ذكر أنّه طاف محدثاً ، فإن كان طواف فريضة ، استأنف الطواف والصلاة إن كان قد صلّى بحدثه.

ولو كان الطواف نفلاً وصلّى ، أعاد الصلاة خاصّةً بعد الطهارة ؛ لرواية حريز - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام : في رجل طاف تطوّعاً وصلّى ركعتين وهو على غير وضوء ، فقال : « يُعيد الركعتين ولا يعيد الطواف »(٢) .

ولو شكّ في الطهارة ، فإن كان في أثناء الطواف ، تطهّر واستأنف ؛ لأنّه شكّ في العبادة قبل فراغها ، فيعيد ، كالصلاة ، ولو شكّ بعد الفراغ ، لم يستأنف.

مسألة ٤٧٧ : لو طاف ستّة أشواط ناسياً وانصرف ثم ذكر ، فليضف إليها شوطاً آخر ، ولا شي‌ء عليه ، وإن لم يذكر حتى يرجع إلى أهله ، أَمَر مَنْ يطوف عنه.

وقال أبو حنيفة : يجبره بدم(٣) .

لنا : أصالة البراءة من الدم ، وبقاء عهدة التكليف في الشوط المنسي إلى أن يأتي به.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٢٨٧ ، المجموع ٨ : ٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٣.

(٢) التهذيب ٥ : ١١٨ / ٣٨٥.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٤٦ ، المغني ٣ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥١١ ، المجموع ٨ : ٢٢.

١١٤

ولرواية الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت : رجل طاف بالبيت فاختصر شوطاً واحداً في الحِجْر ، قال : « يعيد ذلك الشوط »(١) .

وسأل سليمانُ بن خالد الصادقَعليه‌السلام : عمّن فاته شوط واحد حتى أتى أهله ، قال : « يأمر مَنْ يطوف عنه »(٢) .

ولو ذكر أنّه طاف أقلّ من سبعة أشواط وهو في السعي ، قطع السعي ، وتمّم الطواف ، ثم رجع فتمّم السعي ؛ لأنّ السعي تابع ، فلا يُفعل قبل تحقّق متبوعه ، وإنّما يتحقّق بأجزائه.

ولأنّ إسحاق بن عمّار سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل طاف بالبيت ثم خرج إلى الصفا فطاف بين الصفا والمروة ، فبينا هو يطوف إذ ذكر أنّه قد نقص من طوافه بالبيت ، قال : « يرجع إلى البيت فيُتمّ طوافه ثم يرجع إلى الصفا والمروة فيُتمّ ما بقي »(٣) .

مسألة ٤٧٨ : لو قطع طوافه بدخول البيت أو بالسعي في حاجة له أو لغيره في الفريضة ، فإن كان قد جاز النصف ، بنى ، وإن لم يكن جازه ، أعاد.

وإن كان طواف نافلة ، بنى عليه مطلقاً ؛ لأنّه مع تجاوز النصف يكون قد فَعَل الأكثر ، فيبني عليه ، كالجميع.

ولرواية الحلبي - في الصحيح - قال : سألتُ الصادقَعليه‌السلام : عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أشواط ثم وجد من البيت خلوةً فدخله ، كيف يصنع؟ قال : « يعيد طوافه ، وخالف السنّة »(٤) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٠٩ / ٣٥٣.

(٢) الكافي ٤ : ٤١٨ / ٩ ، الفقيه ٢ : ٢٤٨ - ٢٤٩ / ١١٩٤ ، التهذيب ٥ : ١٠٩ / ٣٥٤.

(٣) الكافي ٤ : ٤١٨ / ٨ ، الفقيه ٢ : ٢٤٨ / ١١٩٠ ، التهذيب ٥ : ١٠٩ - ١١٠ / ٣٥٥.

(٤) التهذيب ٥ : ١١٨ / ٣٨٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٣ / ٧٦٨.

١١٥

وعن أبي الفرج قال : طفت مع الصادقعليه‌السلام خمسة أشواط ثم قلت : إنّي اُريد أن أعود مريضاً ، فقال : « احفظ مكانك ثم اذهب فعُدْه ثم ارجع فأتمّ طوافك »(١) .

ولأنّ الصادقعليه‌السلام أمر أبان بن تغلب ، فقال : « اقطع طوافك وانطلق معه في حاجته » فقلت : وإن كان فريضةً؟ قال : « نعم وإن كان فريضةً »(٢) .

وفي حديث آخر : جواز القعود والاستراحة ثم يبني(٣) .

ولو دخل عليه وقت فريضة ، قطع الطواف ، وصلّى الفريضة ، ثم عاد فتمّم طوافه من حيث قطع ، وهو قول العامّة ، إلّا مالكاً ؛ فإنّه قال : يمضي في طوافه إلّا أن يخاف فوات الفريضة(٤) .

وهو باطل ؛ لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( إذا اُقيمت الصلاة فلا صلاة إلّا المكتوبة)(٥) والطواف صلاة.

ولأنّ وقت الحاضرة أضيق من وقت الطواف ، فكانت أولى.

ولأنّ عبد الله بن سنان سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل كان في طواف النساء واُقيمت الصلاة ، قال : « يصلّي - يعني الفريضة - فإذا فرغ بنى من حيث قطع »(٦) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١١٩ / ٣٩٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٣ - ٢٢٤ / ٧٧٢.

(٢) التهذيب ٥ : ١٢٠ / ٣٩٢.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٤٧ / ١١٨٥ ، التهذيب ٥ : ١٢٠ - ١٢١ / ٣٩٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٤ - ٢٢٥ / ٧٧٤.

(٤) المغني ٣ : ٤١٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١٣.

(٥) صحيح مسلم ١ : ٤٩٣ / ٧١٠ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٢ / ١٢٦٦ ، سنن الترمذي ٢ : ٢٨٢ / ٤٢١ ، سنن النسائي ٢ : ١١٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٦٤ / ١١٥١ ، سنن البيهقي ٢ : ٤٨٢ ، مسند أحمد ٢ : ٤٥٥.

(٦) التهذيب ٥ : ١٢١ / ٣٩٦.

١١٦

إذا عرفت هذا ، فإنّه يبني بعد فراغه من الفريضة ، ويُتمّ طوافه ، وهو قول العلماء إلّا الحسن البصري ؛ فإنّه قال : يستأنف(١) .

والأصل خلافه.

وكذا البحث في صلاة الجنازة ، فإنّها تُقدّم.

وهل يبني من حيث قطع أو من الحجر؟ دلالة ظاهر الحديث على الأوّل.

ولو خاف فوات الوتر ، قطع الطواف وأوتر ثم بنى على ما مضى من طوافه ؛ لأنّها نافلة متعلّقة بوقت ، فتكون أولى من فعل ما لا يفوت وقته.

ولقول الكاظمعليه‌السلام - في الصحيح - : « ابدأ بالوتر واقطع الطواف »(٢) .

مسألة ٤٧٩ : لو حاضت المرأة وقد طافت أربعة أشواط ، قطعت الطواف وسعت ، فإذا فرغت من المناسك ، أتمّت الطواف بعد طُهْرها ، ولو كان دون أربعة ، أبطلت الطواف وانتظرت عرفة ، فإن طهرت وتمكّنت من باقي أفعال العمرة والخروج إلى الموقف ، فَعَلت ، وإلّا صارت حجّتها مفردةً ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام سُئل عن امرأة طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت ، قال : « تُتمّ طوافها ، وليس عليها غيره ، ومتعتها تامّة ، ولها أن تطوف بين الصفا والمروة ، لأنّها زادت على النصف وقد قضت متعتها ، ولتستأنف بعدُ الحجَّ ، وإن هي لم تطف إلّا ثلاثة أشواط فلتستأنف الحجَّ ، فإن أقام بها جمّالها بعد الحجّ لتخرج إلى الجعرانة أو إلى التنعيم فلتعتمر »(٣) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٤١٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١٣.

(٢) الكافي ٤ : ٤١٥ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٤٧ / ١١٨٦ ، التهذيب ٥ : ١٢٢ / ٣٩٧.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٤١ - ٢٤٢ / ١١٥٥ ، وفي التهذيب ٥ : ٣٩٣ / ١٣٧١ ، والاستبصار ٢ : ٣١٣ / ١١١٢ إلى قولهعليه‌السلام : « ولتستأنف بعدُ الحجَّ ».

١١٧

مسألة ٤٨٠ : الطواف ركن مَنْ تركه عامداً بطل حجّه ، ولو تركه ناسياً ، قضاه ولو بعد المناسك ، فإن تعذّر العود ، استناب فيه.

روى علي بن جعفر - في الصحيح - عن أخيه الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده وواقع النساء كيف يصنع؟ قال : « يبعث بهدي إن كان تركه في حجّ بعثه في حجّ ، وإن تركه في عمرة بعثه في عمرة ، ووكّل مَنْ يطوف عنه ما ترك من طوافه »(١) .

قال الشيخ : هذا محمول على طواف النساء ؛ لأنّ مَنْ ترك طواف النساء ناسياً جاز له أن يستنيب غيره مقامه في طوافه ، ولا يجوز له ذلك في طواف الحجّ ، بل يجب عليه إعادة الحجّ وبدنة(٢) ؛ لما رواه علي بن جعفر - في الصحيح - أنّه سأل الكاظمَعليه‌السلام : عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف الفريضة ، قال : « إن كان على وجه جهالة في الحجّ أعاد وعليه بدنة »(٣) .

واستدلّ الشيخ على الجميع برواية معاوية بن عمّار ، قال : قلت للصادقعليه‌السلام : رجل نسي طواف النساء حتى دخل أهله ، قال : « لا تحلّ له النساء حتى يزور البيت ». وقال : « يأمر أن يقضى عنه إن لم يحج ، فإن توفّي قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليّه »(٤) .

مسألة ٤٨١ : لو شكّ في عدد الطواف ، فإن كان بعد فراغه ، لم يلتفت ، وإن كان في أثنائه ، فإن كان شكّه في الزيادة ، قطع ولا شي‌ء‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٢٨ / ٤٢١ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ / ٧٨٨.

(٢) التهذيب ٥ : ١٢٨ ذيل الحديث ٤٢١ ، والاستبصار ٢ : ٢٢٨ ذيل الحديث ٧٨٨.

(٣) التهذيب ٥ : ١٢٧ - ١٢٨ / ٤٢٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ / ٧٨٧ وفيه عن علي بن يقطين.

(٤) التهذيب ٥ : ١٢٨ / ٤٢٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ / ٧٨٩.

١١٨

عليه ، وإن كان في النقصان ، مثل : أن يشكّ بين الستّة والسبعة أو الخمسة والستّة ، فان كان طواف الفريضة ، أعاده من أوّله ؛ لأنّ الزيادة والنقصان محظوران.

ولرواية معاوية بن عمّار - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام : في رجل لم يدر ستّة طاف أم سبعة ، قال : « يستقبل »(١) .

وسأل حنّان بن سدير الصادقَعليه‌السلام : في رجل طاف فأوهم قال : طفت أربعة وقال : طفت ثلاثة ، فقال الصادقعليه‌السلام : « أيّ الطوافين : طواف نافلة أو طواف فريضة؟ » ثم قال : « إن كان طواف فريضة فليلق ما في يديه وليستأنف ، وإن كان طواف نافلة واستيقن الثلاث وهو في شكّ من الرابع أنّه طاف فليبن على الثالث فإنّه يجوز له »(٢) .

ويجوز البناء على الأكثر في النافلة ، لما رواه رفاعة عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال في رجل لا يدري ثلاثة طاف أو أربعة ، قال : « طواف نافلة أو فريضة؟ » قال : أجبني فيهما ، قال : « إن كان طواف نافلة فابن على ما شئت ، وإن كان طواف فريضة فأعد الطواف »(٣) .

ويجوز التعويل على غيره في عدد الطواف ، كالصلاة ؛ لأنّ سعيد الأعرج سأل الصادقعليه‌السلام : عن الطواف أيكتفي الرجل بإحصاء صاحبه؟ قال : « نعم »(٤) .

مسألة ٤٨٢ : لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط في طواف الفريضة ، فلو طاف ثمانية ، أعاد ، ولو كان سهواً ، استحبّ له أن يُتمّم أربعة عشر‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤١٧ / ٣ ، التهذيب ٥ : ١١٠ / ٣٥٧.

(٢) الكافي ٤ : ٤١٧ - ٤١٨ - ٧ ، التهذيب ٥ : ١١١ - ٣٦٠.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٤٩ / ١١٩٦.

(٤) الكافي ٤ : ٤٢٧ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٥٥ / ١٢٣٤ ، التهذيب ٥ : ١٣٤ / ٤٤٠.

١١٩

شوطا ؛ لأنّها فريضة ذات عدد فتبطلها الزيادة مع العمد كالصلاة.

ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سأله أبو بصير : عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط المفروض ، قال : « يعيد حتى يستتمّه »(١) .

وفي الصحيح عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « مَنْ طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتمّ أربعة عشر شوطا ثم ليصلّ ركعتين »(٢) .

وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال : سألته عن رجل طاف طواف الفريضة ثمانية ، قال : « يضيف اليها ستّة »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإذا كمّل أربعة عشر شوطاً ، صلّى ركعتي طواف الفريضة وسعى ثم عاد إلى المقام وصلّى ركعتي النفل.

ولو ذكر في الشوط الثامن قبل أن يبلغ الركن أنّه قد طاف سبعاً ، فليقطع الطواف ، ولا شي‌ء عليه ؛ لأنّه أتى بالواجب ، وإن لم يذكر حتى يجوزه ، تمّم أربعة عشر شوطاً ، لأنّ أبا كهمس سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل نسي فطاف ثمانية أشواط ، قال : « إن كان ذكر قبل أن يأتي الركن فليقطعه وقد أجزأ عنه ، وإن لم يذكر حتى يبلغه فليتمّ أربعة عشر شوطا وليصلّ أربع ركعات »(٤) .

مسألة ٤٨٣ : لا يجوز القرآن في طواف الفريضة عند أكثر علمائنا(٥)

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١١١ / ٣٦١ ، الاستبصار ٢ : ٢١٧ / ٧٤٦.

(٢) التهذيب ٥ : ١١٢ / ٣٦٤ ، الاستبصار ٢ : ٢١٨ / ٧٥٠.

(٣) التهذيب ٥ : ١١١ - ١١٢ / ٣٦٢ ، الاستبصار ٢ : ٢١٨ / ٧٤٨.

(٤) التهذيب ٥ : ١١٣ / ٣٦٧ ، الاستبصار ٢ : ٢١٩ / ٧٥٣ وفيه وفي نسخة « ن » : أبا كهمش.

(٥) منهم : الشيخ الطوسي في النهاية : ٢٣٨ ، والمبسوط ١ : ٣٥٧ ، والقاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٢٣٢ ، والفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ٣٧٣.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

١٢ - بَابُ صِفَاتِ الذَّاتِ

٢٩٣/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الطَّيَالِسِيِّ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « لَمْ يَزَلِ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - رَبَّنَا ، وَالْعِلْمُ ذَاتُهُ وَلَا مَعْلُومَ ، وَالسَّمْعُ ذَاتُهُ وَلَا مَسْمُوعَ ، وَالْبَصَرُ ذَاتُهُ وَلَا مُبْصَرَ ، وَالْقُدْرَةُ ذَاتُهُ وَلَا مَقْدُورَ ، فَلَمَّا أَحْدَثَ الْأَشْيَاءَ وَكَانَ(١) الْمَعْلُومُ(٢) ، وَقَعَ الْعِلْمُ مِنْهُ عَلَى الْمَعْلُومِ ، وَالسَّمْعُ عَلَى الْمَسْمُوعِ ، وَالْبَصَرُ عَلَى الْمُبْصَرِ ، وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْمَقْدُورِ ».

قَالَ : قُلْتُ : فَلَمْ يَزَلِ(٣) اللهُ مُتَحَرِّكاً؟

قَالَ : فَقَالَ : « تَعَالَى اللهُ(٤) ؛ إِنَّ الْحَرَكَةَ صِفَةٌ مُحْدَثَةٌ بِالْفِعْلِ(٥) ».(٦)

قَالَ : قُلْتُ : فَلَمْ يَزَلِ اللهُ مُتَكَلِّماً؟

قَالَ : فَقَالَ : « إِنَّ الْكَلَامَ صِفَةٌ مُحْدَثَةٌ لَيْسَتْ بِأَزَلِيَّةٍ ، كَانَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَلَا مُتَكَلِّمَ ».(٧)

٢٩٤/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « كَانَ اللهُ وَلَا شَيْ‌ءَ غَيْرُهُ ، وَلَمْ يَزَلْ عَالِماً بِمَا‌

__________________

(١) فيشرح المازندراني : « الظاهر أنّ « كان » تامّة بمعنى وُجد ».

(٢) في البحار : - « وكان المعلوم ».

(٣) في « ب » : « لم يزل ».

(٤) هكذا في النسخ والشروح. وفي المطبوع والبحار : + « عن ذلك ».

(٥) في « بر » : « للفعل ».

(٦) في التوحيد : - « قال : قلت - إلى قوله - محدثة بالفعل ».

(٧)التوحيد ، ص ١٣٩ ، ح ١ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٤٥ ، ح ٣٦١ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦١ ، ح ٩٦.

٢٦١

يَكُونُ(١) ؛ فَعِلْمُهُ بِهِ قَبْلَ كَوْنِهِ كَعِلْمِهِ بِهِ بَعْدَ كَوْنِهِ(٢) »(٣) .

٢٩٥/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنِ الْكَاهِلِيِّ ، قَالَ :

كَتَبْتُ إِلى أَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام : فِي دُعَاءٍ : الْحَمْدُ لِلّهِ مُنْتَهى عِلْمِهِ؟

فَكَتَبَ إِلَيَّ : « لَا تَقُولَنَّ مُنْتَهى عِلْمِهِ ؛ فَلَيْسَ لِعِلْمِهِ مُنْتَهىً(٤) ، وَلكِنْ قُلْ : مُنْتَهى رِضَاهُ »(٥) .

٢٩٦/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ :

أَنَّهُ كَتَبَ إِلى أَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام يَسْأَلُهُ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : أَكَانَ يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ قَبْلَ أَنْ خَلَقَ(٦) الْأَشْيَاءَ وَكَوَّنَهَا(٧) ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذلِكَ حَتّى خَلَقَهَا وَأَرَادَ خَلْقَهَا وَتَكْوِينَهَا ، فَعَلِمَ مَا خَلَقَ عِنْدَ مَا خَلَقَ ، وَمَا كَوَّنَ عِنْدَ مَا كَوَّنَ؟

فَوَقَّعَ بِخَطِّهِعليه‌السلام : « لَمْ يَزَلِ اللهُ عَالِماً بِالْأَشْيَاءِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْأَشْيَاءَ كَعِلْمِهِ بِالْأَشْيَاءِ بَعْدَ مَا خَلَقَ الْأَشْيَاءَ »(٨) .

__________________

(١) في التوحيد : « بما كوّن ». وفي البحار : - « بما يكون ».

(٢) في التوحيد : « بعد ما كوّنه ».

(٣)التوحيد ، ص ١٤٥ ، ح ١٢ ، بسنده عن محمّد بن يحيى العطّار.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٤٩ ، ح ٣٦٢ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦١ ، ح ٩٧. (٤) وفي‌التوحيد : - « فليس لعلمه منتهى ».

(٥)التوحيد ، ص ١٣٤ ، ح ٢ ، بسنده عن محمّد بن يحيى العطّار وأحمد بن إدريس جميعاً ، عن محمّد بن أحمد ، عن عليّ بن إسماعيل ، عن صفوان ، عن الكاهلي.وفيه ، ص ١٣٤ ، ح ١ ، بسند آخر عن أبي عبداللهعليه‌السلام مع اختلاف.تحف العقول ، ص ٤٠٨ ، مرسلاً عن عبدالله بن يحيى.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٣ ، ح ٣٦٧ ؛الوسائل ، ج ٧ ، ص ١٣٧ ، ذيل ح ٨٩٣٧. (٦) في حاشية « ف » : « قبل خلْق ».

(٧) في حاشية « ف » : « كون ».

(٨)التوحيد ، ص ١٤٥ ، ح ١٣ ، بسنده عن سعد بن عبدالله ، عن أيّوب بن نوح.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٠ ، ح ٣٦٣ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦٢ ، ح ٩٨.

٢٦٢

٢٩٧/ ٥. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ ، قَالَ :

كَتَبْتُ إِلَى الرَّجُلِعليه‌السلام أَسْأَلُهُ(١) أَنَّ مَوَالِيَكَ(٢) اخْتَلَفُوا فِي الْعِلْمِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَمْ يَزَلِ اللهُ(٣) عَالِماً قَبْلَ فِعْلِ الْأَشْيَاءِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَانَقُولُ : لَمْ يَزَلِ اللهُ(٤) عَالِماً ؛ لِأَنَّ مَعْنى « يَعْلَمُ » « يَفْعَلُ »(٥) ، فَإِنْ أَثْبَتْنَا الْعِلْمَ(٦) ، فَقَدْ أَثْبَتْنَا فِي الْأَزَلِ مَعَهُ(٧) شَيْئاً ، فَإِنْ رَأَيْتَ(٨) - جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ - أَنْ تُعَلِّمَنِي مِنْ ذلِكَ مَا أَقِفُ عَلَيْهِ وَلَا أَجُوزُهُ.

فَكَتَبَ بِخَطِّهِعليه‌السلام : « لَمْ يَزَلِ اللهُ عَالِماً تَبَارَكَ وَتَعَالى ذِكْرُهُ »(٩) .

٢٩٨/ ٦. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ سُكَّرَةَ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُعَلِّمَنِي هَلْ كَانَ اللهُ - جَلَّ وَجْهُهُ - يَعْلَمُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ أَنَّهُ وَحْدَهُ؟ فَقَدِ اخْتَلَفَ مَوَالِيكَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : قَدْ كَانَ يَعْلَمُ(١٠) ‌__________________

(١) في « بر » : - « أسأله ».

(٢) فيشرح صدر المتألّهين ص ٢٧٦ : « الموالي : جمع المولى. والمولى على وجوه : المعتِق ، والمعتَق ، وابن العمّ ، والناصر ، والجار ، والمتصرّف في أمر واحد. والمراد هنا الناصر ، فمعنى مواليك ، أي أنصارك وشيعتك ». وانظرالصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥٢٩ ؛النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٢٧ ( ولي ).

(٣) في « ج ، بر » : - « الله ».

(٤) في البحار : - « الله ».

(٥) قوله : « لأنّ معنى يعلم يفعل » ، قائله توهّم أنّ العالم من الصفات الفعليّة ، وتحقّق الصفات الفعليّة يقتضي أن ‌يكون معه تعالى شي‌ء. فمعنى يفعل أي يفعل العلم ويوجده ، باعتبار أنّ العلم إدراك والإدراك فعل ، أو أنّ العلم يستلزم الفعل ؛ بناءً على أنّ العلم يقتضي المعلوم ، فتحقّق العلم في الأزل يقتضي تحقّق المعلوم ، فيكون معه تعالى شي‌ء. والإمامعليه‌السلام أبطل هذا القول بأنّ العلم في مقام الذات من صفات الذات. اُنظر :التعليقة للداماد ، ص ٢٤١ ؛شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٣٥ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ١١.

(٦) في « بس » : « الفعل ».

(٧) في « ج ، بح » : « معه في الأزل ». وفي « ف » : « العلم معه في الأزل ».

(٨) فيشرح المازندراني : « جواب الشرط محذوف ، أي فعلت ، أو تطوّلت ، أو نحو ذلك ».

(٩)الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٠ ، ح ٣٦٤ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦٢ ، ح ٩٩.

(١٠) في التوحيد : + « تبارك وتعالى أنّه وحده ».

٢٦٣

قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئاً مِنْ خَلْقِهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّمَا مَعْنى « يَعْلَمُ » « يَفْعَلُ » ، فَهُوَ الْيَوْمَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَاغَيْرُهُ قَبْلَ فِعْلِ الْأَشْيَاءِ ، فَقَالُوا(١) : إِنْ أَثْبَتْنَا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَالِماً بِأَنَّهُ لَاغَيْرُهُ ، فَقَدْ أَثْبَتْنَا مَعَهُ غَيْرَهُ فِي أَزَلِيَّتِهِ ، فَإِنْ رَأَيْتَ يَا سَيِّدِي ، أَنْ تُعَلِّمَنِي مَا لَا أَعْدُوهُ إِلى غَيْرِهِ.

فَكَتَبَعليه‌السلام : « مَا زَالَ اللهُ عَالِماً تَبَارَكَ وَتَعَالى ذِكْرُهُ(٢) ».(٣)

١٣ - بَابٌ آخَرُ وَهُوَ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ‌

٢٩٩/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ حَرِيزٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام أَنَّهُ قَالَ فِي(٤) صِفَةِ الْقَدِيمِ : « إِنَّهُ وَاحِدٌ(٥) ، صَمَدٌ ، أَحَدِيُّ الْمَعْنى(٦) ، لَيْسَ(٧) بِمَعَانِي(٨) كَثِيرَةٍ مُخْتَلِفَةٍ ».

قَالَ : قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، يَزْعُمُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ(٩) أَنَّهُ يَسْمَعُ بِغَيْرِ الَّذِي يُبْصِرُ ، وَيُبْصِرُ بِغَيْرِ الَّذِي يَسْمَعُ؟

قَالَ : فَقَالَ : « كَذَبُوا ، وَأَلْحَدُوا(١٠) ، وَشَبَّهُوا ، تَعَالَى اللهُ عَنْ ذلِكَ(١١) ؛ إِنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ،

__________________

(١) في « بر » والتوحيد : « وقالوا ».

(٢) في « بر ، بف » : + « وثناؤه ».

(٣)التوحيد ، ص ١٤٥ ، ح ١١ ، بسنده عن محمّد بن يحيى العطّار.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥١ ، ح ٣٦٥ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦٣ ، ح ١٠٠. (٤) في التوحيد : « من ».

(٥) في التوحيد : + « أحد ».

(٦) فيشرح المازندراني : « أحديّ المعني : قد يراد به أنّه لايشاركه شي‌ء في وجوده ووجوبه وربوبيّته وغيرها من الصفات الذاتيّة والفعليّة ، وقد يراد ليس له صفات زائدة على ذاتة. فعلى الأوّل قولهعليه‌السلام : « ليس بمعانٍ كثيرة مختلفة » تأسيس ، وعلى الثاني تفسير وتأكيد ».

(٧) في التوحيد : « وليس ».

(٨) في « ب » : « بمعان ».

(٩) في « ف » : - « قوم من أهل العراق ».

(١٠) أصل الإلحاد : الميل والعدول عن الشي‌ء. يقال : ألحد في دين الله تعالى ، أي حاد عنه وعدل. اُنظر :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٣٤ ؛النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٣٩ ( لحد ).

(١١) في « ج ، بر » : - « عن ذلك ». وفي « ف » : + « علوّاً كبيراً ».

٢٦٤

يَسْمَعُ بِمَا يُبْصِرُ ، وَيُبْصِرُ بِمَا يَسْمَعُ ».

قَالَ : قُلْتُ : يَزْعُمُونَ أَنَّهُ بَصِيرٌ(١) عَلى مَا يَعْقِلُونَهُ(٢) ؟

قَالَ : فَقَالَ : « تَعَالَى اللهُ ، إِنَّمَا يُعْقَلُ(٣) مَا كَانَ بِصِفَةِ(٤) الْمَخْلُوقِ وَ(٥) لَيْسَ اللهُ كَذلِكَ ».(٦)

٣٠٠/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ ، قَالَ :

فِي حَدِيثِ الزِّنْدِيقِ - الَّذِي سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام - أَنَّهُ قَالَ لَهُ : أَتَقُولُ : إِنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ؟(٧)

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « هُوَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ، سَمِيعٌ(٨) بِغَيْرِ جَارِحَةٍ ، وَبَصِيرٌ بِغَيْرِ آلَةٍ ، بَلْ يَسْمَعُ بِنَفْسِهِ ، وَيُبْصِرُ بِنَفْسِهِ ، وَلَيْسَ قَوْلِي : إِنَّهُ سَمِيعٌ بِنَفْسِهِ(٩) أَنَّهُ شَيْ‌ءٌ وَالنَّفْسُ شَيْ‌ءٌ آخَرُ ، وَلكِنِّي(١٠) أَرَدْتُ عِبَارَةً عَنْ نَفْسِي ؛ إِذْ(١١) كُنْتُ مَسْؤُولاً ، وَإِفْهَاماً لَكَ(١٢) ؛ إِذْ كُنْتَ‌

__________________

(١) في « ف » : « يبصر ».

(٢) في حاشية « بح » : « ينحلونه ». وفي حاشية « ض » : « يفعلونه ». قال صدر المتألّهين : « كأنّه سهو من الناسخ ». والمازندراني يراه صحيحاً ؛ حيث ذكر له معنى صحيحاً ، وهو : « يعني يزعمون أنّه بصير على مايفعلونه ويوجدونه من الإدراك البصري الذي يقوم بهم. فمعنى أنّه تعالى بصير : أنّه يوجد الإدراك الذي يقوم به ، فيكون البصير من الصفات الفعليّة ، كما قيل مثل ذلك في العلم. وتقرير الجواب واضح ». اُنظر :شرح صدر المتألّهين ، ص ٢٧٧ ؛شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٤٢.

(٣) في شرح صدر المتألّهين : « يَعْقِل » أي قرأه معلوماً. وفي حاشية « ض ، بر » : « يُفْعَل ».

(٤) في « بح ، بر » : « يصفه ».

(٥) في « ب ، ج ، ض ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي : - « و ».

(٦) التوحيد ، ص ١٤٤ ، ح ٩ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم القمّي.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥١ ، ح ٣٦٦.

(٧) في « بح » : + « قال ».

(٨) في « ب » : - « سميع ».

(٩) في الكافي ، ح ٢٢٧ : + « أنّه سميع يسمع بنفسه ، وبصير يبصر بنفسه » ؛ وفي التوحيد ، ص ٢٤٣ : « إنّه يسمع‌ بنفسه ويبصر بنفسه » كلاهما بدل « إنّه سميع بنفسه ».

(١٠) في الكافي ، ح ٢٢٧ والتوحيد ، ص ٢٤٣ : « ولكن ».

(١١) في « ف » : « إذا ».

(١٢) في شرح صدر المتألّهين : « إفهامُك ».

٢٦٥

سَائِلاً ، فَأَقُولُ : يَسْمَعُ بِكُلِّهِ لَا أَنَّ(١) كُلَّهُ لَهُ بَعْضٌ(٢) ؛ لِأَنَّ(٣) الْكُلَّ لَنَا لَهُ(٤) بَعْضٌ ، ولكِنْ(٥) أَرَدْتُ إِفْهَامَكَ ، وَالتَّعْبِيرَ عَنْ نَفْسِي(٦) ، وَلَيْسَ مَرْجِعِي(٧) فِي ذلِكَ كُلِّهِ إِلَّا إِلى(٨) أَنَّهُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، الْعَالِمُ الْخَبِيرُ ، بِلَا اخْتِلَافِ الذَّاتِ ، وَلَا اخْتِلَافِ مَعْنىً(٩) ».(١٠)

١٤ - بَابُ الْإِرَادَةِ أَنَّهَا‌(١١) مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ ، وَسَائِرِ صِفَاتِ‌الْفِعْلِ (١٢)

٣٠١/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْأَشْعَرِيِّ ، عَنِ‌

__________________

(١) في « ج » : « لأنّ » بدل « لا أنّ ».

(٢) في الكافي ، ح ٢٢٧ : « فأقول : إنّه سميع بكلّه ، لا أنّ الكلّ منه له بعضٌ » بدل « فأقول : يسمع بكلّه ، لا أنّ كلّه له بعض ».

(٣) رجوع التعليل إلى كلّ واحدٍ من النفي والمنفيّ ممكن. اختار المازندراني الأوّل واحتمل الثاني. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٤٢.

(٤) في « ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني : - « له ». وفي حاشية « بح » : « أي بعض له ». وفي حاشية « بل » : « أي ذو بعض ، بحذف المضاف ». وفي الكافي ، ح ٢٢٧ والتوحيد : « لا أنّ الكلّ منه له بعض » بدل « لا أنّ كلّه له بعض ؛ لأنّ الكلّ لنا له بعض ».

(٥) في « بح ، بر » والكافي ، ح ٢٢٧ والتوحيد : « ولكنّي ».

(٦) في شرح صدر المتألّهين : « عمّا في نفسي ».

(٧) في « ف » : « مرجع قولي ».

(٨) هكذا في « ف ، بس » وحاشية « بح » والكافي ، ح ٢٢٧ والتوحيد ، ص ٢٤٣. وفي المطبوع وسائر النسخ : - « إلى ». (٩) في « ض ، بر » والكافي ، ح ٢٢٧ والتوحيد : « المعنى ».

(١٠) الحديث طويل ، قطّعه الكلينيرحمه‌الله ، وأورد قطعة منه هنا ، وصدره في كتاب التوحيد ، باب حدوث العالم وإثبات المحدث ، ح ٢٢٠ ، وذكر تتمّة الحديث في ثلاث مواضع اُخرى منالكافي ( : كتاب التوحيد ، باب إطلاق القول بأنّه شي‌ء ، ح ٢٢٧ ؛ وباب الإرادة أنّها من صفات الفعل ، ح ٣٠٦ ؛ وكتاب الحجّة ، باب الاضطرار إلى الحجّة ، ح ٤٣٤ ) كما أشار إليه العلّامة الفيض فيالوافي ، ج ١ ، ص ٣٣٠. وأورد الصدوقرحمه‌الله تمام الرواية فيالتوحيد ، ص ٢٤٣ ، ح ١ ، بسنده عن إبراهيم بن هاشم القمّي. وذكر هذه القطعة أيضاً فيالتوحيد ، ص ١٤٤ ، ح ١٠ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم القمّي.الوافي ، ج ١ ، ص ٣٢٧ ، ح ٢٥٦.

(١١) في « بس » : « فإنّها ».

(١٢) فيشرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٤٤ : « الظاهر أنّ « باب الإرادة » مبتدأ و « أنّها » خبره. ويحتمل أن يكون « باب الإرادة » خبر مبتدء محذوف ، و « أنّها » بدل الإرادة ، و « سائر صفات الفعل » عطف على الإرادة. وهورحمه‌الله يذكر في هذا الباب ضابطة للفرق بين صفات الفعل وصفات الذات ».

٢٦٦

الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَهْوَازِيِّ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ(١) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ(٢) : لَمْ يَزَلِ اللهُ مُرِيداً؟ قَالَ(٣) : « إِنَّ الْمُرِيدَ لَايَكُونُ إِلَّا لِمُرَادٍ(٤) مَعَهُ(٥) ، لَمْ يَزَلِ اللهُ(٦) عَالِماً قَادِراً ، ثُمَّ أَرَادَ »(٧) .

٣٠٢/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ(٨) ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ أَعْيَنَ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : عِلْمُ اللهِ وَمَشِيئَتُهُ هُمَا مُخْتَلِفَانِ أَوْ مُتَّفِقَانِ؟

فَقَالَ : « الْعِلْمُ لَيْسَ هُوَ الْمَشِيئَةَ ؛ أَلَاتَرى(٩) أَنَّكَ تَقُولُ : سَأَفْعَلُ(١٠) كَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ ،

__________________

(١) في « ف » وحاشية « بح » : + « عن أبي بصير » ، لكنّ الظاهر عدم توسّط أبي بصير بين عاصم بن حُمَيد وبين أبي عبداللهعليه‌السلام في السند ؛ فقد روى الشيخ الصدوق الخبر فيالتوحيد ، ص ١٤٦ ، ح ١٥ ، بسنده عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حُمَيد ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام . هذا ، ولعلّ الوجه في زيادة « عن أبي بصير » تعدّد رواية النضر بن سويد عن عاصم بن حُمَيد عن أبي بصير ، راجع :معجم رجال الحديث ، ج ٩ ، ص ٤٧٣ - ٤٧٥.

(٢) في التوحيد : + « له ».

(٣) في « ف » والتوحيد : « فقال ».

(٤) في « بر » وحاشية ميرزا رفيعا والوافي : « المراد ». أي لايكون المريد بحال إلّاحال كون المراد معه ، ولايكون مفارقاً عن المراد. (٥) في « ف ، بح » والتوحيد : + « بل ».

(٦) في « ب ، ض ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي والتوحيد : - « الله ».

(٧)التوحيد ، ص ١٤٦ ، ح ١٥ ، بسنده عن حسين بن سعيد.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٥ ، ح ٣٦٨ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦٣ ، ح ١٠١.

(٨) الحسن بن الجهم هو الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين. روى عن أبي الحسن موسى والرضاعليهما‌السلام ، وكان من خاصّة الرضاعليه‌السلام . وروى في بعض الأسناد عن [ عبدالله ] بن بكير. راجع :رجال النجاشي ، ص ٥٠ ، الرقم ١٠٩ ؛رسالة أبي غالب الزراري ، ص ١١٥ ؛معجم رجال الحديث ، ج ٤ ، ص ٥٠٦ - ٥٠٧.

وأمّا روايته عن بكير بن أعين ، فلم نجده إلّافي هذا الخبر الذي رواه الصدوق أيضاً فيالتوحيد ، ص ١٤٦ ، ح ١٦. وبكير مات في حياة أبي عبداللهعليه‌السلام كما فيرجال الكشّي ، ص ١٦١ ، الرقم ٢٧٠ ؛ ورجال الطوسي ، ص ١٧٠ ، الرقم ١٩٩٢ ، ورسالة أبي غالب الزراري ، ص ١٨٨. فالظاهر وقوع خلل في السند من سقط أو إرسال.

(٩) في الوافي : « ألا تدري ».

(١٠) في« بح ، بف » وحاشية « ب ، بس »:« سأعلم ».

٢٦٧

وَلَا تَقُولُ : سَأَفْعَلُ كَذَا إِنْ عَلِمَ اللهُ ، فَقَوْلُكَ : « إِنْ شَاءَ اللهُ » دَلِيلٌ عَلى أَنَّهُ لَمْ يَشَأْ ؛ فَإِذَا(١) شَاءَ ، كَانَ الَّذِي شَاءَ كَمَا شَاءَ ، وَعِلْمُ اللهِ السَّابِقُ(٢) لِلْمَشِيئَةِ(٣) ».(٤)

٣٠٣/ ٣. أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام : أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِرَادَةِ مِنَ اللهِ وَمِنَ الْخَلْقِ(٥) ؟

قَالَ : فَقَالَ : « الْإِرَادَةُ مِنَ الْخَلْقِ(٦) : الضَّمِيرُ وَمَا(٧) يَبْدُو لَهُمْ(٨) بَعْدَ ذلِكَ مِنَ الْفِعْلِ ، وَأَمَّا مِنَ اللهِ تَعَالى ، فَإِرَادَتُهُ إِحْدَاثُهُ لَاغَيْرُ ذلِكَ(٩) ؛ لِأَنَّهُ(١٠) لَايُرَوِّي(١١) ، وَلَا يَهُمُّ(١٢) ، وَلَا يَتَفَكَّرُ ، وَهذِهِ الصِّفَاتُ مَنْفِيَّةٌ عَنْهُ ، وَهِيَ(١٣) صِفَاتُ الْخَلْقِ ؛ فَإِرَادَةُ اللهِ الْفِعْلُ(١٤) لَاغَيْرُ ذلِكَ ؛ يَقُولُ‌

__________________

(١) في شرح المازندراني : « الفاء للتعليل وبيان لدلالة إن شاء الله ».

(٢) « السابق » خبرٌ. وفي « ض ، جو » وحاشية « بح » وشرح المازندراني : « سابق ».

(٣) اللام في « للمشيئة » بمعنى « على » كقوله تعالى :( يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ ) . [ الإسراء (١٧) : ١٠٧ و ١٠٩ ]. وفي « ج ، ف ، بس ، بف » وحاشية « ض » والتعليقة للداماد وحاشية ميرزا رفيعا وشرح المازندراني والوافي ومرآة العقول : « المشيئة » وهي مجرورة بإضافة « السابق » إليها. وفي حاشية « بر » : « في نسخة : على المشيئة ». قال المازندراني في شرحه : « ومعنى الجميع واحد ، وهو أنّ علم الله تعالى سابق على مشيئته وإرادته التي هي الإيجاد ».

(٤)التوحيد ، ص ١٤٦ ، ح ١٦ ، بسنده عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفي.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٦ ، ح ٣٧٠.

(٥) في التوحيد : « المخلوق ».

(٦) في التوحيد والعيون : « المخلوق ».

(٧) « ما » مبتدأ و « من الفعل » خبره ، والجملة معطوفة على الجملة السابقة ، أو « ما » معطوف على « الضمير » و « من الفعل » بيان لـ « ما » عند المجلسي ، وصلة لـ « يبدو » عند المازندراني ؛ لأنّ الفعل هو المراد دون الإرادة ، إلّا أن يراد بالفعل مقدّمات الإرادة. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٤٩ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ١٧.

(٨) في التوحيد والعيون : « له ».

(٩) في شرح صدر المتألّهين : - « ذلك ».

(١٠) في حاشية « بر » : « فإنّه ».

(١١) في شرح المازندراني : « لايروّي ، أي لايفعل باستعمال الرويّة. يقال : روّيت في الأمر تروية ، أي نظرت فيه ولم أتعجّل. والاسم : الرَوِيّة ». وانظر :لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٣٥٠ ( روي ).

(١٢) « لايهمّ » أي لايقصد ولا يريد ولا يعزم عليه. والاسم : الهِمَّة. اُنظر :الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٦١ ؛لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٦٢٠ ( همم ). (١٣) في التوحيد والعيون : + « من ».

(١٤) في شرح صدر المتألّهين : « فإرادته الفعل ». وفي التوحيد والعيون : « فإرادة الله هي الفعل ».

٢٦٨

لَهُ : « كُنْ » فَيَكُونُ بِلَا لَفْظٍ ، وَلَا نُطْقٍ بِلِسَانٍ ، وَلَا هِمَّةٍ ، وَلَا تَفَكُّرٍ ؛ وَلَا كَيْفَ لِذلِكَ(١) ، كَمَا أَنَّهُ لَا(٢) كَيْفَ لَهُ(٣) ».(٤)

٣٠٤/ ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « خَلَقَ اللهُ الْمَشِيئَةَ بِنَفْسِهَا ، ثُمَّ خَلَقَ الْأَشْيَاءَ بِالْمَشِيئَةِ »(٥) .

٣٠٥/ ٥. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْمَشْرِقِيِّ(٦) حَمْزَةَ بْنِ الْمُرْتَفِعِ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، قَالَ :

__________________

(١) أي للإحداث. وفي العيون : « كذلك ».

(٢) في التوحيد والعيون : « بلا ».

(٣) أي لله‌تعالى. وفي التوحيد والعيون : - « له ».

(٤)الأمالي للطوسي ، ص ٢١١ ، المجلس ٨ ، ح ١٥ بسنده عن الكليني ، وتمام الرواية فيه : « أخبرني عن الإرادة من الله عَزَّ وَجَلَّ ومن الخلق ، فقال : الإرادة من الله إحداثه الفعل لا غير ذلك ؛ لأنّه لا يهمّ ولا يتفكّر ». وفيالتوحيد ، ص ١٤٧ ، ح ١٧ ؛ وعيون الأخبار ، ج ١ ، ص ١١٩ ، ح ١١ ، بسنده فيهما عن أحمد بن إدريس.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٥ ، ح ٣٦٩.

(٥)التوحيد ، ص ١٤٧ ، ح ١٩ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم القمّي.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٧ ، ح ٣٧١.

(٦) في « ج » والتعليقة للداماد وشرح المازندراني والوافي : « المشرفي ». وفي « و » : + « عن ». وذكر الأردبيلي أيضاً فيجامع الرواة ، ج ٢ ، ص ٤٥٢ ، ثبوت « عن » نقلاً من بعض نسخالكافي . والخبر رواه الصدوق فيالتوحيد ، ص ١٦٨ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن محمّد بن عيسى اليقطيني ، عن المشرقي ، عن حمزة بن الربيع. وفيمعاني الأخبار ، ص ١٨ ، ح ١ ، بنفس السند ، إلّا أنّ فيه : « المشرقي حمزة بن الربيع ».

هذا ، ومن المحتمَل وقوع تحريف في السند ، وأن يكون الصواب ثبوت « عن » بعد « المشرقي » ، وأنّ المشرقي هو هشام بن إبراهيم المشرقي الذي روى عنه محمّد بن عيسى العبيدي - وهو ابن عبيد بن يقطين - فيرجال الكشي ، ص ٤٩٨ ، الرقم ٩٥٦.

أمّا حمزة بن الربيع أو المرتفع ، فلم نعثر على ما يدلّنا على تعيين الصواب منهما ، وما ورد فيالتعليقة للداماد ، ص ٢٤٩ - من أنّ حمزة بن المرتفع من تحريف الناسخين ، والصحيح هو حمزة بن الربيع - لايمكن المساعدة عليه بعد ثبوت « المرتفع » كعنوان ؛ فقد ورد فيالتاريخ الكبير للبخاري ، ج ١ ، ص ٢٢٠ ، الرقم ٦٩٢ ، محمّد بن المرتفع العبدري ، وورد في وقعة صفّين لنصر بن مزاحم ، ص ٣١٥ ، وص ٥٥٦ ، المرتفع بن الوضاح الزبيدي. غاية الأمر أنّ المرتفع عنوان غريب ، وهذا الأمر يوجب تحريفه بعنوان قريب يشابهه في الكتابة ، وهو الربيع ، فيكون الأمر خلاف ما أفاده في التعليقة.

٢٦٩

كُنْتُ فِي مَجْلِسِ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ ، فَقَالَ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، قَوْلُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى :( وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ) (١) مَا ذلِكَ الْغَضَبُ؟

فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام : « هُوَ الْعِقَابُ يَا عَمْرُو ؛ إِنَّهُ(٢) مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ قَدْ زَالَ مِنْ شَيْ‌ءٍ إِلى شَيْ‌ءٍ ، فَقَدْ وَصَفَهُ صِفَةَ مَخْلُوقٍ ، وَ(٣) إِنَّ(٤) اللهَ تَعَالى لَايَسْتَفِزُّهُ(٥) شَيْ‌ءٌ ؛ فَيُغَيِّرَهُ(٦) »(٧) .

٣٠٦/ ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ :

فِي حَدِيثِ الزِّنْدِيقِ - الَّذِي سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام - فَكَانَ مِنْ سُؤَالِهِ : أَنْ(٨) قَالَ لَهُ : فَلَهُ رِضاً وَسَخَطٌ؟ فَقَالَ(٩) أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « نَعَمْ ، وَلكِنْ لَيْسَ ذلِكَ عَلى مَا يُوجَدُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ؛ وَذلِكَ أَنَّ الرِّضَا حَالٌ تَدْخُلُ(١٠) عَلَيْهِ ، فَتَنْقُلُهُ(١١) مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ ؛ لِأَنَّ الْمَخْلُوقَ أَجْوَفُ(١٢) ، مُعْتَمِلٌ(١٣) ، مُرَكَّبٌ ، لِلْأَشْيَاءِ فِيهِ مَدْخَلٌ ، وَخَالِقُنَا لَامَدْخَلَ لِلْأَشْيَاءِ‌

__________________

(١) طه (٢٠) : ٨١. و « هوى » أي هبط ، أو مات وهلك. اُنظر : لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٣٧٠ ( هوا ).

(٢) في « بر » : - « إنّه ».

(٣) في شرح المازندراني : « إنّ الله تعالى ، عطف على قوله : إنّه من زعم ». في الوافي والتوحيد : - « و ».

(٤) في المعاني : « فإنّ ».

(٥) في « ف » : « لايستغرّه ». وفي حاشية « ف » : « لايستقرّه ». وقوله : « لايستفزّه » أي لايستخفّه ولا يُزعجه ، من استفزّه الخوف ، أي استخفّه وأزعجه. قال المجلسي في مرآة العقول : « وقيل : أي لايجده خالياً عمّا يكون قابلاً له فيغيّره للحصول له تغييرَ الصفة لموصوفها ». وانظر :مفردات ألفاظ القرآن ، ص ٦٣٥ ؛القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧١٦ ( فزّ ).

(٦) في التوحيد : « ولا يغيّره ». وفي المعاني : « لايتنفّره شي‌ء ولا يعزّه شي‌ء » بدل « لايستفزّه شي‌ء فيغيّره ».

(٧)التوحيد ، ص ١٦٨ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن محمّد بن عيسى اليقطيني ، عن المشرقي ، عن حمزة بن الربيع ، عمّن ذكره ؛معاني الأخبار ، ص ١٨ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن محمّد بن عيسى اليقطيني ، عن المشرقي حمزة بن الربيع ، عمّن ذكره.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٩ ، ح ٣٧٣. (٨) في « بر » : - « أن ».

(٩) في « ب ، بح » : + « له ».

(١٠) في « ب ، بف » وشرح صدر المتألّهين : « يدخل ».

(١١) في شرح صدر المتألّهين : « فينقله ». وفي التوحيد والمعاني : « أنّ الرضا والغضب دخّال يدخل عليه فينقله » بدل « أنّ الرضا حال تدخل عليه فتنقله ». (١٢) في التوحيد والمعاني : - « لأنّ المخلوق أجوف ».

(١٣) « معتمِل » ، إمّا بكسر الميم من اعتمل ، أي اضطرب في العمل. والمراد أنّ في صنعه اضطراباً ، أو أنّ له في =

٢٧٠

فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ(١) وَاحِدٌ : وَاحِدِيُّ(٢) الذَّاتِ ، وَاحِدِيُّ الْمَعْنى ؛ فَرِضَاهُ ثَوَابُهُ ، وَسَخَطُهُ عِقَابُهُ ، مِنْ(٣) غَيْرِ شَيْ‌ءٍ يَتَدَاخَلُهُ ؛ فَيُهَيِّجُهُ(٤) وَيَنْقُلُهُ مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ ؛ لِأَنَّ(٥) ذلِكَ مِنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقِينَ الْعَاجِزِينَ الْمُحْتَاجِينَ».(٦)

٣٠٧/ ٧. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « الْمَشِيئَةُ مُحْدَثَةٌ ».(٧)

__________________

= عمله وإدراكاته اضطراباً ؛ أو من اعتمل ، بمعنى عمل بنفسه وأعمل رأيه وآلته. والمراد هنا أنّه يعمل بإعمال صفاته وآلاته. وإمّا بفتح الميم ، بمعنى من عمل فيه غيره. والمراد أنّه مصنوع ركّب فيه الأجزاء والقوى. اُنظر شروح الكافي والصحاح ، ج ٥ ، ص ١٧٧٥ ؛القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣٦٨ ( عمل ).

(١) في التوحيد والمعاني : - « لأنّه ».

(٢) في « ف » : « وأحديّ ». وهكذا قرأها المازندراني ؛ حيث قال : « والعطف دلّ على المغايرة. ويحتمل التفسير أيضاً ، ويؤيّده ترك العطف في كتابالتوحيد للصدوقرحمه‌الله ؛ حيث قال فيه : واحد أحديّ الذات ». وما فيالتوحيد هو الأصوب والأقوم عند السيّد الداماد.شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٥٩ ؛ وانظر :التعليقة للداماد ، ص ٢٥١.

(٣) في « بس ، بف » : « عن ».

(٤) « فيهيّجه » : الهَيْج والتهييج : الإثارة والبعث. هو إمّا مرفوع عطفاً على « يتداخله » وإمّا منصوب جواباً للنفي. والنسخ أيضاً من حيث هيئة الكلمة وإعرابها مختلفة ؛ حيث إنّها في بعضها مخفّفة ، وفي بعضها مشدّدة ، وفي بعضها مرفوعة ، وفي بعضها منصوبة. (٥) في التوحيد والمعاني : « فإنّ ».

(٦) الحديث طويل ، قطّعه الكلينيقدس‌سره ، وأورد قطعة منه هنا ، وصدره في كتاب التوحيد ، باب حدوث العالم وإثبات المحدث ، ح ٢٢٠ ، وذكر باقي الحديث في موضعين آخرين منالكافي ( : كتاب التوحيد ، باب إطلاق القول بأنّه شي‌ء ، ح ٢٢٧ ؛ وكتاب الحجّة ، باب الاضطرار إلى الحجّة ، ح ٤٣٢ ) وكرّر قطعة منه في كتاب التوحيد ، باب آخر وهو من الباب الأوّل ، ح ٣٠٠. كما أشار إليه العلّامة الفيض فيالوافي ، ج ١ ، ص ٣٣٠. وذكر الصدوقرحمه‌الله تمام الرواية فيالتوحيد ، ص ٢٤٣ ، ح ١ ؛ وهذه القطعة منه. فيالتوحيد ، ص ١٦٩ ، ح ٣ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٢٠ ، ح ٣ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٠ ، ح ٣٧٤.

(٧)المحاسن ، ص ٢٤٥ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٢٤١. وفيالتوحيد ، ص ١٤٧ ، ح ١٨ ؛ وص ٣٣٦ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن خالد.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٩ ، ح ٣٧٢ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٧١ ، ح ١١٩.

٢٧١

جُمْلَةُ الْقَوْلِ(١) فِي صِفَاتِ الذَّاتِ وَصِفَاتِ الْفِعْلِ‌

إِنَّ كُلَّ شَيْئَيْنِ وَصَفْتَ اللهَ بِهِمَا ، وَكَانَا جَمِيعاً فِي الْوُجُودِ ، فَذلِكَ(٢) صِفَةُ فِعْلٍ ؛ وَتَفْسِيرُ هذِهِ الْجُمْلَةِ(٣) : أَنَّكَ تُثْبِتُ فِي الْوُجُودِ مَا يُرِيدُ وَمَا لَايُرِيدُ(٤) ، وَمَا يَرْضَاهُ وَمَا يَسْخَطُهُ(٥) ، وَمَا يُحِبُّ وَمَا يُبْغِضُ(٦) ، فَلَوْ كَانَتِ(٧) الْإِرَادَةُ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ مِثْلِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ ، كَانَ مَا لَا يُرِيدُ نَاقِضاً لِتِلْكَ الصِّفَةِ ، وَلَوْ كَانَ مَا يُحِبُّ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ ، كَانَ مَا يُبْغِضُ نَاقِضاً لِتِلْكَ الصِّفَةِ(٨) ؛ أَلَاتَرى أَنَّا لَانَجِدُ فِي الْوُجُودِ مَا لَايَعْلَمُ وَمَا لَايَقْدِرُ(٩) عَلَيْهِ ، وَكَذلِكَ صِفَاتُ ذَاتِهِ(١٠) الْأَزَلِيِّ لَسْنَا نَصِفُهُ(١١) بِقُدْرَةٍ وَعَجْزٍ ، وَعِلْمٍ وَجَهْلٍ(١٢) ، وَسَفَهٍ وَحِكْمَةٍ وَخَطَاً ، وَعِزٍّ(١٣) وَذِلَّةٍ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : يُحِبُّ مَنْ أَطَاعَهُ ، وَيُبْغِضُ مَنْ عَصَاهُ ، وَيُوَالِي مَنْ أَطَاعَهُ ، وَيُعَادِي مَنْ عَصَاهُ ، وَإِنَّهُ(١٤) يَرْضى وَيَسْخَطُ ؛ وَيُقَالُ فِي الدُّعَاءِ : اللهُمَّ ارْضَ عَنِّي ، وَلَا تَسْخَطْ عَلَيَّ ، وَتَوَلَّنِي وَلَا تُعَادِنِي.

__________________

(١) في « ف ، بح » وشرح صدر المتألّهين : « قال أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني : جملة القول » وحكاه السيّد بدر الدين عن بعض النسخ في حاشيته على الكافي. والظاهر أنّ قوله : « جملة القول » وما بعدها من كلام المصنّف ؛ لأنّ الحديث مذكور في التوحيد وليست فيه هذه الجملة وما بعدها. وعند بعض الأفاضل من تتمّة الحديث ؛ لاقتضاء السياق ذلك وعدم الصارف عنه. اُنظر :التعليقة للداماد ، ص ٢٥٢ ؛شرح صدر المتألّهين ، ص ٢٨٠ ؛شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٦٢ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٢.

(٢) قوله : « فذلك » خبر « إنّ » والفاء باعتبار اشتمال اسمها على معنى الشرط.

(٣) في « بس » : - « الجملة ».

(٤) في « ف ، بس ، بف » : « ما تريد وما لاتريد ».

(٥) « يسخطه » بفتح الياء بقرينة « يرضاه ». وفي « بر » : « مايرضيه وما يسخطه ». وفي « بس ، بف » : « ترضاه » و « تسخطه ». (٦) في « بس ، بف » : « وما تحبّ وما تبغض ».

(٧) في « بف » : « كان ».

(٨) في حاشية « ف » : + « ولو كان مايرضى من صفات الذات كان ما يسخط ناقضاً لتلك الصفة ».

(٩) في شرح صدر المتألّهين : « ما لا نعلم وما نقدر ».

(١٠) في « ب » : « لذاته ».

(١١) في « ف » : « نتّصفه ».

(١٢) في « ف ، بح » : « وحلم ».

(١٣) في « ب ، ج ، ض ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين : - « وعلم - إلى - وعزٍّ ». وفي شرح المازندراني : « وعزّة ».

(١٤) في « ف » وحاشية « بس ، بف » : « وأن ».

٢٧٢

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : يَقْدِرُ أَنْ يَعْلَمَ وَلَا يَقْدِرُ(١) أَنْ لَايَعْلَمَ ، وَيَقْدِرُ أَنْ يَمْلِكَ ولَا يَقْدِرُ أَنْ لَا يَمْلِكَ ، وَيَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ عَزِيزاً حَكِيماً وَلَا يَقْدِرُ(٢) أَنْ لَايَكُونَ(٣) عَزِيزاً حَكِيماً ، وَيَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ جَوَاداً وَلَا يَقْدِرُ(٤) أَنْ لَايَكُونَ جَوَاداً ، وَيَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ غَفُوراً وَلَا يَقْدِرُ(٥) أَنْ لَا يَكُونَ غَفُوراً.

ولَا يَجُوزُ أَيْضاً أَنْ يُقَالَ : أَرَادَ أَنْ يَكُونَ رَبّاً وَقَدِيماً وَعَزِيزاً وَحَكِيماً(٦) وَمَالِكاً وَعَالِماً وَقَادِراً ؛ لِأَنَّ هذِهِ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ ، وَالْإِرَادَةُ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ ؛ أَلَاتَرى أَنَّهُ يُقَالُ(٧) : أَرَادَ هذَا وَلَمْ يُرِدْ هذَا ، وَصِفَاتُ الذَّاتِ تَنْفِي عَنْهُ بِكُلِّ صِفَةٍ مِنْهَا ضِدَّهَا ؛ يُقَالُ : حَيٌّ وَعَالِمٌ(٨) وَسَمِيعٌ وَبَصِيرٌ وَعَزِيزٌ وَحَكِيمٌ ، غَنِيٌّ ، مَلِكٌ ، حَلِيمٌ ، عَدْلٌ ، كَرِيمٌ ؛ فَالْعِلْمُ ضِدُّهُ الْجَهْلُ ، وَالْقُدْرَةُ ضِدُّهَا الْعَجْزُ ، وَالْحَيَاةُ ضِدُّهَا(٩) الْمَوْتُ ، وَالْعِزَّةُ ضِدُّهَا الذِّلَّةُ ، وَالْحِكْمَةُ(١٠) ضِدُّهَا الْخَطَأُ ، وَضِدُّ الْحِلْمِ الْعَجَلَةُ(١١) وَالْجَهْلُ ، وَضِدُّ الْعَدْلِ الْجَوْرُ وَالْظُّلْمُ.

١٥ - بَابُ حُدُوثِ الْأَسْمَاءِ‌

٣٠٨/ ١. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ‌

__________________

(١) قوله : « ولا يقدر » عطف على « يقدر » و « لا » لتأكيد النفي. وقال المجلسي في مرآة العقول : « ويمكن أن يكون‌ من مقول القول الذي لايجوز ويحتمل أن يكون الواو للحال ».

(٢) في « بح ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين : « ويقدر ».

(٣) فيشرح صدر المتألّهين ، ص ٢٨١ : « اعلم أنّ النسخ هاهنا مختلفة ، ففي بعضها يوجد في بعض الفقرات الثانية بدل « يقدر أن لايكون » : « لايقدر أن يكون » ، وفي بعضها : « لايقدر أن لايكون » ، والظاهر أنّ المراد واحد ».

(٤) في « بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين وحاشية ميرزا رفيعا : « ويقدر ».

(٥) في « بح ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين : « ويقدر ».

(٦) في « بح » : - « وحكيماً ».

(٧) في شرح صدر المتألّهين : + « إنّه تعالى ».

(٨) في حاشية « ف ، بح » : « عليم ».

(٩) في« بف»:« ضدّه ».وفي « ج » : «والحياة وضدّها».

(١٠) .في « ج »:« الحكم »وفي« ف » : « الحكمة و ».

(١١) في « ف » : « والحلم ضدّه العجلة ».

٢٧٣

الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - خَلَقَ اسْماً(١) بِالْحُرُوفِ غَيْرَ مُتَصَوَّتٍ(٢) ، وَبِاللَّفْظِ غَيْرَ مُنْطَقٍ(٣) ، وَبِالشَّخْصِ غَيْرَ مُجَسَّدٍ(٤) ، وَبِالتَّشْبِيهِ غَيْرَ مَوْصُوفٍ ، وَبِاللَّوْنِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ ، مَنْفِيٌّ عَنْهُ الْأَقْطَارُ ، مُبَعَّدٌ(٥) عَنْهُ الْحُدُودُ ، مَحْجُوبٌ(٦) عَنْهُ(٧) حِسُّ كُلِّ مُتَوَهِّمٍ ، مُسْتَتِرٌ غَيْرُ مَسْتُورٍ(٨) .

فَجَعَلَهُ كَلِمَةً تَامَّةً عَلى أَرْبَعَةِ أَجْزَاءٍ مَعاً ، لَيْسَ مِنْهَا وَاحِدٌ قَبْلَ الْآخَرِ ، فَأَظْهَرَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَسْمَاءٍ ؛ لِفَاقَةِ الْخَلْقِ إِلَيْهَا ، وَحَجَبَ مِنْهَا وَاحِداً(٩) ، وَهُوَ الِاسْمُ الْمَكْنُونُ‌

__________________

(١) في « ج ، بف ، بس » وحاشية « ض » : « أسماء ». وفي « ض ، ف ، بر » وحاشية بدرالدين : « الأسماء ». وفي حاشية ميرزا رفيعا ، ص ٣٧٦ : « في أكثر النسخ « أسماء » بلفظ الجمع ، وفي بعضها « اسماً » بالإِفراد. والجمع بين النسختين أنّه اسم واحد على أربعة أجزاء ، كلّ جزء منه اسم ، فيصحّ التعبير عنه بالاسم وبالأسماء ». ونحوه فيمرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٤.

(٢) كذا في أكثر النسخ والمطبوع ، ولكن لم يُرَ في كتب اللغة ممّا في أيدينا مجي‌ء التفعّل من الصوت. وفي‌حاشية « بح » : « مصوّت ». وفي « بس ، بف » وحاشية بدرالدين : « منصوب ». وفي التوحيد : « وهو عزّ وجلّ بالحروف غير منعوت » بدل « غير متصوّت ». وقولهعليه‌السلام : « غير متصوّت » وما بعده من المعطوفات عليه إمّا حال عن فاعل « خلق » والجارّ متعلّق بمتصوّت ، إمّا على البناء للفاعل ، أي خلق الله سبحانه اسماً والحال أنّه لم يتصوّت بالحروف. أو على البناء للمفعول ، أي هو تعالى ليس من قبيل الأصوات والحروف حتّى يصلح كون الاسم عينه تعالى. اُنظر :شرح صدر المتألّهين ، ص ٢٨٢ - ٢٨٦ ؛حاشية ميرزا رفيعا ، ص ٣٧٧ ؛شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٧٠ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٥.

(٣) « غير مُنْطَقٍ » بفتح الطاء ، أي غير ناطق ، أو أنّه غير منطوق باللفظ كالحروف ليكون من جنسها. أو « غير منطِق » بكسر الطاء ، أي غير متلفِّظٍ ، يعني لم يجعل الحروف ناطقة بالإسناد المجازي. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٧١ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٥.

(٤) في شرح المازندراني : « المجسّد مَن اُكملتْ خلقته البدنيّة وتمّت تشخّصاته الجسميّة ».

(٥) في « ض ، بر ، بس » : « مُبْعَد » أي اسم المفعول من الإفعال. وفي شرح صدر المتألّهين : « ومبعّد ».

(٦) في شرح صدر المتألّهين : « ومحجوب ».

(٧) في حاشية « ض » : « عن ».

(٨) في حاشية « ج » والوافي : « مُستَّر ». قال فيالوافي : « من التستير على البناء للمفعول ؛ إشارة إلى أنّ خفاءه وعدمَ نيله إنّما هو لضعف البصائر والأبصار ، لا أنّه جعل عليه ستر أخفاه ».

(٩) في « ج ، ض ، بح ، بر ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي والتوحيد : « واحداً منها » بدل « منها واحداً ». =

٢٧٤

الْمَخْزُونُ(١) .

فَهذِهِ(٢) الْأَسْمَاءُ(٣) الَّتِي ظَهَرَتْ(٤) ، فَالظَّاهِرُ هُوَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى ، وَسَخَّرَ سُبْحَانَهُ لِكُلِّ اسْمٍ مِنْ هذِهِ الْأَسْمَاءِ(٥) أَرْبَعَةَ أَرْكَانٍ ، فَذلِكَ اثْنَا عَشَرَ رُكْناً ، ثُمَّ خَلَقَ لِكُلِّ رُكْنٍ مِنْهَا ثَلَاثِينَ اسْماً فِعْلاً(٦) مَنْسُوباً إِلَيْهَا ، فَهُوَ الرَّحْمنُ ، الرَّحِيمُ ، الْمَلِكُ ، الْقُدُّوسُ ، الْخَالِقُ ، الْبَارِئُ ، الْمُصَوِّرُ( الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ) (٧) الْعَلِيمُ ، الْخَبِيرُ ، السَّمِيعُ ، الْبَصِيرُ ، الْحَكِيمُ ، الْعَزِيزُ ، الْجَبَّارُ ، الْمُتَكَبِّرُ ، الْعَلِيُّ ، الْعَظِيمُ ، الْمُقْتَدِرُ ، الْقَادِرُ ، السَّلَامُ ، الْمُؤْمِنُ ، الْمُهَيْمِنُ(٨) ، الْبَارِئُ(٩) ، الْمُنْشِئُ ، الْبَدِيعُ ، الرَّفِيعُ ، الْجَلِيلُ ، الْكَرِيمُ ، الرَّازِقُ ، الْمُحْيِي ، الْمُمِيتُ ، الْبَاعِثُ(١٠) ، الْوَارِثُ.

فَهذِهِ الْأَسْمَاءُ وَمَا كَانَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنى - حَتّى تَتِمَّ(١١) ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ اسْماً - فَهِيَ(١٢) نِسْبَةٌ لِهذِهِ الْأَسْمَاءِ الثَّلَاثَةِ ، وَهذِهِ الْأَسْمَاءُ الثَّلَاثَةُ أَرْكَانٌ ، وَحَجَبَ(١٣)

__________________

= وفي « بس » : « واحد منها ».

(١) في « ب » : « المخزون المكنون ».

(٢) قال الفيض فيالوافي : « كذا وجدت فيما رأيناه من نسخالكافي ، والصواب : « بهذه الأسماء » بالباء ، كما رواه‌الصدوق - طاب ثراه - في كتاب توحيده ، ويدلّ عليه آخر الحديث ؛ حيث قال : وحجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة ». واستظهره المجلسي أيضاً.

(٣) في « ف ، بح » والتوحيد : + « الثلاثة ».

(٤) في التوحيد : « أظهرت ».

(٥) في « بر » والتوحيد : - « الأسماء ».

(٦) فيشرح المازندراني : « اسماً فعلاً ، أي اسماً دإلّا على فعل من أفعاله تعالى حتّى حصل ثلاثمائة وستّون‌اسماً ». (٧) البقرة (٢) : ٢٥٥.

(٨) فيشرح المازندراني : « المهيمن : هو الرقيب الحافظ لكلّ شي‌ء ، أو الشاهد على خلقه بما يكون منهم من قولٍ‌ و فعل. وأصله : مُأءْمن - بهمزتين - من أءْمن ، قلبت الثانية ياءً ؛ كراهة اجتماعهما ، فصار مأيمناً ، ثمّ صيّرت الاولى هاءً ، كما قالوا : أهراق الدماء وأراقه ». وانظر :الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٧١ ( أمن ).

(٩) فيشرح المازندراني : « الظاهر أنّه مكرّر من الناسخ ».

(١٠) في شرح صدر المتألّهين : - « الباعث ».

(١١) .في«ب ، بف» والتعليقة للداماد والوافي:«حتّى يتمّ ».

(١٢) في « بس » : « وهي ».

(١٣) يجوز هنا كون الفعل مجهولاً أيضاً.

٢٧٥

الِاسْمَ(١) الْوَاحِدَ الْمَكْنُونَ الْمَخْزُونَ بِهذِهِ(٢) الْأَسْمَاءِ الثَّلَاثَةِ ، وَذلِكَ قَوْلُهُ تَعَالى :( قُلِ اُدْعُواْ اَللهَ أَوِ اُدْعُواْ اَلرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنَى ) (٣) (٤) .

٣٠٩/ ٢. أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ(٥) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ(٦) وَمُوسَى بْنِ عُمَرَ(٧) وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُثْمَانَ(٨) ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَاعليه‌السلام : هَلْ كَانَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَارِفاً بِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ؟ قَالَ : « نَعَمْ ».

قُلْتُ : يَرَاهَا وَيَسْمَعُهَا(٩) ؟ قَالَ : « مَا كَانَ مُحْتَاجاً إِلى ذلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْأَلُهَا ، وَلَا يَطْلُبُ مِنْهَا ، هُوَ نَفْسُهُ ، وَنَفْسُهُ هُوَ ، قُدْرَتُهُ(١٠) نَافِذَةٌ ، فَلَيْسَ يَحْتَاجُ إلى(١١) أَنْ يُسَمِّيَ نَفْسَهُ ،

__________________

(١) في التوحيد : « للاسم ».

(٢) فيشرح المازندراني : « الظاهر أنّ الجارّ متعلّق بحجب ، والباء للسببيّة ».

(٣) الإسراء (١٧) : ١١٠.

(٤)التوحيد ، ص ١٩٠ ، ح ٣ ، بسنده عن الكليني.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٣ ، ح ٣٧٥.

(٥) كذا في جميع النسخ والمطبوع. وروى أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبيدالله بن سهل ، عن الحسين بن‌عليّ بن أبي عثمان كتابه. راجع :رجال النجاشي ، ص ٦١ ، الرقم ١٤١. فالظاهر وقوع التصحيف في العنوان وأنّ الصواب هو « الحسين بن عبيدالله» ، كما أنّ الصواب في « الحسن بن عليّ بن عثمان » هو « الحسن بن عليّ بن أبي عثمان ». يؤيّد ذلك ورود العنوانين على الصواب فيالتوحيد ، ص ١٩١ ، ح ٤ ، والعيون ، ج ١ ، ص ١٢٩ ، ح ٢٤.

(٦) في التوحيد والعيون : « عبيدالله ».

(٧) في التوحيد والبحار : « موسى بن عمرو ». وهو سهو ظاهراً. وموسى بن عمر هذا هو موسى بن عمر يزيد الصيقل ؛ فقد روى موسى بن عمر بن يزيد ، عن [ محمّد ] بن سنان فيالتهذيب ؛ ج ٢ ، ص ٣٥٥ ، ح ١٤٦٨ ؛ وج ٧ ، ص ٢٥٤ ، ح ١٠٩٦.

(٨) في التوحيد والعيون والمعاني : « الحسن بن عليّ بن أبي عثمان ».

(٩) « يَسْمَعُها » أي يذكر اسم نفسه ويسمعه. أو « يُسْمِعُها » أي يرى نفسه ويسمعها كلاماً يصدر منه ؛ لقياس السائل‌إيّاه تعالى بالمخلوق في المعرفة بالأسماء والدعوة بها. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٨٤ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٣٠.

(١٠) في « ف » : « وقدرته ».

(١١) هكذا في « ب ، ض ، بح ، بر » والعيون. وفي سائر النسخ والمطبوع : - « إلى ».

٢٧٦

وَ(١) لكِنَّهُ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ أَسْمَاءً لِغَيْرِهِ يَدْعُوهُ بِهَا ؛ لِأَنَّهُ(٢) إِذَا لَمْ يُدْعَ بِاسْمِهِ ، لَمْ يُعْرَفْ ، فَأَوَّلُ مَا اخْتَارَ(٣) لِنَفْسِهِ : الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا ، فَمَعْنَاهُ : اللهُ ، وَاسْمُهُ : الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، هُوَ(٤) أَوَّلُ أَسْمَائِهِ(٥) عَلَا عَلى كُلِّ شَيْ‌ءٍ ».(٦)

٣١٠/ ٣. وَبِهذَا الْإِسْنَادِ(٧) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُهُ(٨) عَنِ الِاسْمِ : مَا هُوَ؟ قَالَ : « صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ ».(٩)

٣١١/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ(١٠) خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ(١١) ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلى :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « اسْمُ اللهِ غَيْرُهُ(١٢) ، وَكُلُّ شَيْ‌ءٍ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ « شَيْ‌ءٍ » فَهُوَ‌

__________________

(١) في البحار : - « و ».

(٢) « لأنّه » تعليل لاختيار الأسماء ، والضمير له سبحانه ، والفعلان مجهولان. وأمّا جعلها تعليلاً لـ « يدعوه بها » وإرجاع الضمير إلى الغير وبناء الفعلين للفاعل فبعيد جدّاً ؛ للزوم تفكيك الضمير في « باسمه » وحذف مفعول الفعلين مع الغناء عنه بما ذكر ، والمآل واحد. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٨٦.

(٣) في العيون : « اختاره ».

(٤) في « ف » والمعاني : « وهو ».

(٥) في التوحيد والعيون والمعاني : + « لأنّه ».

(٦)التوحيد ، ص ١٩١ ، ح ٤ ؛عيون الأخبار ، ج ١ ، ص ١٢٩ ، ح ٢٤ ؛معاني الأخبار ، ص ٢ ، ح ٢ ، وفي كلّها عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٥ ، ح ٣٧٦ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦٣ ، ح ١٠٢ ، إلى قوله : « يدعوه بها ».

(٧) إشارة إلى السند المتقدّم إلى ابن سنان ؛ فإنّ ابن سنان الراوي عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام هو محمّد بن سنان الزاهري. راجع :رجال النجاشي ، ص ٣٢٨ ، الرقم ٨٨٨ ؛رجال البرقي ، ص ٥٤ ؛رجال الطوسي ، ص ٣٦٤ ، الرقم ٥٣٩٤.

(٨) في العيون : « سألته ، يعني الرضاعليه‌السلام ». وفي المعاني : « سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام ».

(٩)التوحيد ، ص ١٩٢ ، ح ٥ ؛عيون الأخبار ، ج ١ ، ص ١٢٩ ، ح ٢٥ ؛معاني الأخبار ، ص ٢ ، ح ١ ، وفي كلّها عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٦ ، ح ٣٧٧.

(١٠) في « ألف » وحاشية « ف » : « عن ».

(١١) في « ألف » وحاشية « بح ، بس » : « زيد ».

(١٢) في « ج ، بس » : « اسم غير الله ». وفي « بف » وشرح المازندراني والوافي والتوحيد : « اسم الله غير الله ». قال‌المازندراني : « في بعض النسخ : « غيره » يعني اسم الله غير المسمّى به ، وهو الذات المقدّسة ».

٢٧٧

مَخْلُوقٌ مَا خَلَا اللهَ ، فَأَمَّا مَا عَبَّرَتْهُ(١) الْأَلْسُنُ(٢) أَوْ عَمِلَتِ(٣) الْأَيْدِي(٤) ، فَهُوَ مَخْلُوقٌ ، وَاللهُ غَايَةُ مَنْ غَايَاهُ(٥) ، وَالْمُغَيَّا(٦) غَيْرُ الْغَايَةِ ، وَالْغَايَةُ مَوْصُوفَةٌ ، وَكُلُّ مَوْصُوفٍ مَصْنُوعٌ ، وَصَانِعُ الْأَشْيَاءِ غَيْرُ مَوْصُوفٍ بِحَدٍّ مُسَمّىً(٧) ، لَمْ يَتَكَوَّنْ(٨) ؛ فَيُعْرَفَ(٩) كَيْنُونِيَّتُهُ(١٠) بِصُنْعِ غَيْرِهِ ، وَلَمْ يَتَنَاهَ(١١) إِلى غَايَةٍ إِلَّا كَانَتْ غَيْرَهُ ، لَايَزِلُّ(١٢) مَنْ فَهِمَ هذَا‌

__________________

(١) في التوحيد : « عبرت ». وعَبَرتْهُ ، أو عبّرته بمعنى فسّرتْه. أو عَبَرتُه من العبور بمعنى المرور. اُنظر :التعليقة للداماد ، ص ٢٥٩ ؛الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٨ ؛شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٨٩ ؛الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٣٣ - ٧٣٤ ( عبر ). (٢) في التوحيد : + « عنه ».

(٣) في التعليقة للداماد وشرح صدر المتألّهين والمازندراني : « عملته ». وفي التوحيد ، ص ١٩٢ : « ماعملته ».

(٤) في التوحيد ، ص ١٤٢ : + « فيه ».

(٥) هكذا في « ب ، ض ، بر ، بس ، بف » والتعليقة للداماد ، وشرح المازندراني ومرآة العقول والتوحيد. وفي‌سائر النسخ والمطبوع : « غايةٌ مِن غاياته ». واختاره السيّد بدر الدين في حاشيته ، ص ٩٣ وقال : « ويريد به أنّ لفظة الجلالة غاية ونهاية ممّا تنتهي إليه العقول في معرفته عزّ وجلّ ». وقال فيالمرآة ، ج ٢ ، ص ٣٢ : « صحّفت غاياه بغاياته. وكذا في بعض النسخ أيضاً ، أي علامة من علاماته » ثمّ قال : « الخامس : ما صحّفه بعض الأفاضل ؛ حيث قرأ : عانة من عاناه ، أي الاسم ملابس مَن لابسه ». والمراد بـ « بعض الأفاضل » هو ميرزا رفيعا في حاشيته على الكافي ، ص ٣٨٣. وفي « ج » وحاشية « بر » : « غايات ». وفي « ف » : « الغايات ». وفي حاشية « بر » : « غايته ».

(٦) في « ب ، ض ، ف » وحاشية « ج » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني : « المعنيّ ». وأورد فيالمرآة ثلاثة احتمالات : بالغين المعجمة ، اسم الفاعل والمفعول من التفعيل. والمعنى المصطلح. وقال : « في بعض النسخ : والمعنيّ ، بالعين المهملة والنون ، أي المقصود ». وقرأ ميرزا رفيعا في حاشيته : « والمعنيّ غير العانة ، والعانة موصوفة » وقال : « أي المقصود بالاسم المتوسّل به إليه غير العانة ، أي غير ما تتصوّره وتعقله. والعانة موصوفة ، أي كلّ ما تتصوّره أو تعقله فتلابسه أو تسخره أو تهتهمّ به أو هو ذيل مخلوق مأسور موصوفٌ بصفات الممكن وتوابع الإمكان ».

(٧) « مسمّى » إمّا مضاف إليه أوصفة لحدّ ، كما فيالتعليقة للداماد. وفيمرآة العقول : « قيل : هو خبر بعد خبر ، أوخبر مبتدأ محذوف ».

(٨) في التعليقة للداماد : « لم يكن ». وفيشرح المازندراني : « لم يتكوّن ، خبر بعد خبر لصانع الأشياء ولم يتناه خبر ثالث».

(٩) في « ج ، ف ، بح ، بر ، بف » والوافي والتوحيد : « فتعرف ».

(١٠) في مرآة العقول والتوحيد : « كينونته ».

(١١) في « بر ، بف » : « ولايتناهى ».

(١٢) في « ض ، بر » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني والوافي والتوحيد : « لايذلّ ».

٢٧٨

الْحُكْمَ(١) أَبَداً ، وَهُوَ التَّوْحِيدُ الْخَالِصُ ، فَارْعَوْهُ(٢) ، وَصَدِّقُوهُ ، وَتَفَهَّمُوهُ بِإِذْنِ اللهِ.

مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْرِفُ اللهَ بِحِجَابٍ أَوْ بِصُورَةٍ أَوْ بِمِثَالٍ ، فَهُوَ مُشْرِكٌ ؛ لِأَنَّ حِجَابَهُ وَمِثَالَهُ وَصُورَتَهُ(٣) غَيْرُهُ ، وَإِنَّمَا هُوَ وَاحِدٌ ، مُتَوَحِّدٌ(٤) ، فَكَيْفَ(٥) يُوَحِّدُهُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عَرَفَهُ بِغَيْرِهِ؟! وَإِنَّمَا عَرَفَ اللهَ مَنْ عَرَفَهُ بِاللهِ ، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِهِ ، فَلَيْسَ يَعْرِفُهُ ، إِنَّمَا(٦) يَعْرِفُ غَيْرَهُ ، لَيْسَ(٧) بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ شَيْ‌ءٌ ، وَاللهُ خَالِقُ(٨) الْأَشْيَاءِ لَامِنْ شَيْ‌ءٍ كَانَ ، وَاللهُ يُسَمّى بِأَسْمَائِهِ وَهُوَ غَيْرُ أَسْمَائِهِ ، وَالْأَسْمَاءُ(٩) غَيْرُهُ ».(١٠)

١٦ - بَابُ مَعَانِي الْأَسْمَاءِ وَاشْتِقَاقِهَا‌

٣١٢/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيى ، عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ تَفْسِيرِ(١١) ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) فَقَالَ(١٢) : « الْبَاءُ‌

__________________

(١) « هذا الحكم » ، أي الحكمة من العلم ، أو القضاء ؛ فإنّه جاء بالمعنيين. اُنظر :الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٠١ ( حكم ).

(٢) في « ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بف » وشرح صدر المتألّهين : « فادعوه ». وفي « بس » : « فأوعوه ». واحتمل فيشرح المازندراني : « فأرعوه » من الإرعاء بمعنى الإصغاء. وفي التوحيد ، ص ١٤٢ : « فاعتقدوه ». وقوله : « فارعوه » من الرعاية بمعنى الحفظ أو الوفاء ، أو فارعوه من الإرعاء بمعنى الإصغاء ، تقول : أرعيته سمعي ، أي أصغيت إليه. اُنظر :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٥٩ ( رعى ) ؛التعليقة للداماد ، ص ٢٦١.

(٣) في « ف » : « وصورته ومثاله ». وفي التوحيد : « الحجاب والمثال والصورة ».

(٤) في « ب ، ج ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي والتوحيد : « موحَّد ».

(٥) في«ج ،ض ،ف ،بح ،بس ،بف » : « وكيف ».

(٦) في « بف » : « وإنّما ».

(٧) في « ف » : « وليس ».

(٨) في « ب » وحاشية « بف » والوافي : « خلق ».

(٩) في شرح صدر المتألّهين : « وأسماؤه ».

(١٠)التوحيد ، ص ١٩٢ ، ح ٦ ، بسنده عن محمّد بن أبي عبدالله ؛وفيه ، ص ١٤٢ ، ح ٧ ، بسنده عن خالد بن يزيد ، مع زيادة في آخره.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٦ ، ح ٣٧٨.

(١١) في المحاسن والتوحيد ، ح ٢ والمعاني ، ح ١ : - « تفسير ».

(١٢) هكذا في « بح » والمحاسن والتوحيد ، ح ٢ والمعاني ، ح ١ وتفسير العيّاشي وتفسير القمّي. وفي سائر =

٢٧٩

بَهَاءُ(١) اللهِ ، وَالسِّينُ سَنَاءُ(٢) اللهِ ، وَالْمِيمُ مَجْدُ(٣) اللهِ - وَرَوى(٤) بَعْضُهُمْ : الْمِيمُ(٥) مُلْكُ اللهِ - وَاللهُ إِلهُ كُلِّ شَيْ‌ءٍ ، الرَّحْمنُ(٦) بِجَمِيعِ(٧) خَلْقِهِ ، وَالرَّحِيمُ بِالْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً »(٨) .

٣١٣/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ :

أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ أَسْمَاءِ اللهِ وَاشْتِقَاقِهَا : اللهُ مِمَّا هُوَ مُشْتَقٌّ؟ فَقَالَ(٩) : « يَا هِشَامُ ، اللهُ مُشْتَقٌّ مِنْ إِلهٍ(١٠) ، وَالْإِلهُ(١١) يَقْتَضِي مَأْلُوهاً ، وَالِاسْمُ غَيْرُ الْمُسَمّى ، فَمَنْ عَبَدَ الِاسْمَ دُونَ الْمَعْنى ، فَقَدْ كَفَرَ وَلَمْ يَعْبُدْ شَيْئاً ؛ وَمَنْ عَبَدَ الِاسْمَ وَالْمَعْنى ، فَقَدْ‌

__________________

= النسخ والمطبوع : « قال ».

(١) فيشرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٢ : « البهاء ، في اللغة الحسن. ولعلّ المراد به حسن معاملته مع عباده بالإيجاد والتقدير والألطاف والتدبير وإعطاء كلّ مايليق به ». وانظر :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٨٨ ( بهو ).

(٢) فيشرح المازندراني : « السناء - بالمدّ - : الرفعة والمراد بسناء الله : رفعته وشرفه بالذات على جميع الممكنات ». وانظر :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٨٨٣ ( سنا ).

(٣) « المجد » : السعة في الكرم والجلال. وأصله من قولهم : مَجَدَتِ الإبلُ ، إذا حصلت في مرعى كثير واسع.المفردات للراغب ، ص ٧٦٠ ( مجد ). (٤) في المحاسن : « وقال ».

(٥) في المحاسن والتوحيد ، ح ٢ والمعاني ، ح ٢ : - « الميم ».

(٦) في « ب » والتعليقة للداماد والمحاسن والمعاني ، ح ١ وتفسير القمّي : « والرحمن ».

(٧) في « ض » وحاشية « بح » : « لجميع ».

(٨)المحاسن ، ص ٢٣٨ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٢١٣. وفيالتوحيد ، ص ٢٣٠ ، ح ٢ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ؛معاني الأخبار ، ص ٣ ، ح ١ ، بسنده عن القاسم بن يحيى. وفيتفسير القمّي ، ج ١ ، ص ٢٨ ؛ والتوحيد ، ص ٢٣٠ ، ح ٣ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٣ ، ح ٢ ، بسند آخر مع اختلاف يسير ، وفيهما مع زيادة.تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٢٢ ، ح ١٨ ، عن عبدالله بن سنان ، إلى قوله : « مجد الله » ؛وفيه ، ح ١٩ ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام من قوله : « الميم ملك الله » مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٩ ، ح ٣٧٩.

(٩) وفي الكافي ، ح ٢٣٦ والوافي : « قال : فقال لي ».

(١٠) الظاهر أنّ « إله » فعال بمعنى المفعول. ومعنى « الإله يقتضي مألوهاً » أنّ إطلاق هذا الاسم يقتضي أن يكون في‌الوجود ذات معبود يطلق عليه هذا الاسم. أو فعل ماض. أو مصدر ، وعليه يكون معنى الجملة : أنّ العبادة تقتضي أن يكون في الوجود ذات معبود ، لايكفي فيها مجرّد الاسم من دون أن يكون له المسمّى. اُنظر :الوافي ، ج ١ ، ص ٣٤٧.

(١١) هكذا في « بف » والكافي ، ح ٢٣٦ والوافي. وفي سائر النسخ والمطبوع : « وإله ».

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722