الاصول من الكافي الجزء ١

الاصول من الكافي8%

الاصول من الكافي مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 722

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 722 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 294564 / تحميل: 10490
الحجم الحجم الحجم
الاصول من الكافي

الاصول من الكافي الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

وقال ابن سيرين : الجنس الواحد هو العلّة(١) .

وليس بصحيح ؛ لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أن يؤخذ البعير بالبعيرين لـمّا أنفذ بعض الجيوش وقد نفدت الإبل(٢) .

وهذا البحث ساقط عنّا ؛ لأنّا نعتبر النصّ لا القياس ، فمهما دلّ على شي‌ء عملنا به ، وقد سُئل الصادقعليه‌السلام عن البيضة بالبيضتين ، قال : « لا بأس به » والثوب بالثوبين ، قال : « لا بأس به » والفرس بالفرسين ، فقال : « لا بأس به » ثمّ قال : « كلّ شي‌ء يُكال أو يُوزن فلا يصلح مِثْلين بمِثْلٍ إذا كان من جنسٍ واحد ، فإذا كان لا يُكال ولا يُوزن ولا يوزن فليس به بأس اثنين بواحد »(٣) .

مسألة ٧٦ : قد بيّنّا أنّ كلّ مكيل أو موزون يجري فيه الربا مع الشرائط سواء اُكل أو لا.

أمّا الشافعي حيث علّل بالطعم اعتبره ، فكلّ موضع لا يثبت فيه الطعم لا يثبت فيه الربا إلّا النقدين.

ولا فرق عنده بين أن يُؤكل للتداوي ، كالهليلج والسقمونيا وغيرهما ، وبين ما يؤكل لسائر الأغراض.

وقسّم المطعومات إلى أربعة : ضرْب يؤكل قوتاً ، وآخر يؤكل تأدّماً ، وثالث يؤكل تفكّهاً ، ورابع يؤكل تداوياً. ويجري الربا في ذلك كلّه لا في مأكول الدوابّ ، كالقضب والحشيش والنوى(٤) .

وحُكي وجهٌ للشافعيّة : أنّ ما يهلك كثيره ويستعمل قليله في الأدوية‌

____________________

(١) المجموع ٩ : ٤٠٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٢. المغني والشرح الكبير ٤ : ١٣٨.

(٢) علل الحديث ١ : ٣٩٠ / ١١٦٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٧.

(٣) التهذيب ٧ : ١١٩ / ٥١٧ ، الاستبصار ٣ : ١٠١ / ٣٥١.

(٤) المجموع ٩ : ٣٩٧ و ٣٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٢ و ٧٣.

١٤١

- كالسقمونيا - لا يجري فيه الربا(١) .

وفي الزعفران عندهم وجهان :

أصحّهما : جريان الربا فيه ؛ لأنّ المقصود الأظهر منه الأكل تنعّماً أو تداوياً إلّا أنّه يمزج بغيره.

والثاني : لا يجري ؛ لأنّه يقصد منه الصبغ واللون(٢) ، وهو قول القاضي أبي حامد(٣) .

والطين الخراساني لا يُعدّ مأكولاً ، ويُسفَّه آكِلُه - وإنّما يأكله قومٌ لعارضٍ بهم - ولو كان مستطاباً ؛ لاشتراك الكلّ في استطابته ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعائشة : « لا تأكلي الطين فإنّه يُصفّر اللون »(٤) ويجري آكل ذلك مجرى من يأكل التراب والخزف ، فإنّ من الممكن من يأكل ذلك ، فلا ربا فيه.

وعند بعضهم أنّه ربويّ(٥) .

والأرمني دواء ، كالهليلج.

وفيه وجه آخر لهم : أنّه لا ربا فيه ، كسائر أنواع الطين(٦) ، وهو قول القاضي ابن كج(٧) .

وأمّا دهن البنفسج والورد واللبان ففيه لهم وجهان ، أحدهما : ثبوت الربا ؛ لأنّها متّخذة من السمسم اكتسبت رائحة من غيره ، وإنّما لا يؤكل في‌

____________________

(١) المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٢) المجموع ٩ : ٣٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٢ - ٧٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٤) كما في المغني ٤ : ١٣٩.

(٥و٦) المجموع ٩ : ٣٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

١٤٢

العادة ضنّاً بها(١) .

وفي دهن الكتّان وجهان عندهم ، أصحّهما : أنّه ليس بربويّ ؛ لأنّه لا يُعدّ للأكل(٢) .

وكذا دهن السمك ؛ لأنّه يُعدّ للاستصباح وتدهين السُّفُن لا للأكل(٣) .

وفي وجهٍ : أنّه مال ربا ؛ لأنّه جزء من السمك(٤) .

وفي حبّ الكتّان وجهان(٥) ، وكذا في ماء الورد(٦) .

ولا ربا عندهم في العُود والمصطكي(٧) .

وأمّا الماء ففي صحّة بيعه وثبوت الملك فيه وجهان ، فعلى الجديد فيه وجهان أيضاً :

أصحّهما : أنّه ربويّ ؛ لأنّه مطعوم ، لقوله تعالى :( وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي ) (٨) .

والثاني : لا ربا فيه ؛ لأنّه ليس مأكولاً(٩) .

____________________

(١) المجموع ٩ : ٣٩٨ - ٣٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، الوسيط ٣ : ٤٩ و ٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٢) المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، الوسيط ٣ : ٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٣ : ٧٣.

(٣ و٤ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، الوسيط ٣ : ٤٩.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، الوسيط ٣ : ٤٩.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥.

(٧) كما في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٨) البقرة : ٢٤٩.

(٩) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ ، حلية العلماء ٤ : ١٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ - ٧٤.

١٤٣

ولا ربا في الحيوان ؛ لأنّه لا يؤكل على هيئته ، وما يُباح أكله على هيئته كالسمك الصغير على وجهٍ يجري فيه الربا(١) .

والحقّ عندنا في ذلك كلّه ثبوت الربا في كلّ مكيل أو موزون ، سواء كان مأكولاً أو لا. والسمك يوزن ، فيجري فيه الربا مطلقاً.

مسألة ٧٧ : إذا بِيع مالٌ بمالٍ فأقسامه ثلاثة :

الأوّل : أن لا يكون شي‌ء منهما ربويّاً.

الثاني : أن يكون أحدهما ربويّاً دون الآخر.

الثالث : أن يكونا ربويّين.

فالأوّل لا يجب فيه رعاية التماثل قدراً ولا الحلول ولا التقابض في المجلس ، اتّحدا جنساً أو لا ، فيجوز بيع ثوبٍ بثوبين ، وعبد بعبدين ، ودابّة بدابّتين ، وبيع ثوبٍ بعبد وعبدين نقداً ونسيئةً ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر عبد الله بن عمرو بن العاص أن يشتري بعيراً ببعيرين إلى أجل(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله منصور بن حازم عن الشاة بالشاتين والبيضة بالبيضتين ، قال : « لا بأس به ما لم يكن فيه كيل ولا وزن »(٤) .

وسأل منصورُ بن حازم الصادقَعليه‌السلام عن البيضة بالبيضتين ، قال : « لا بأس به » والثوب بالثوبين ، قال : « لا بأس به » والفرس بالفرسين ، فقال :

____________________

(١) المجموع ٩ : ٣٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤.

(٢) المجموع ٩ : ٤٠٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ - ٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٥.

(٣) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٥٠ / ٣٣٥٧ ، سنن الدار قطني ٣ : ٦٩ / ٢٦١ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٧ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥٦ - ٥٧.

(٤) التهذيب ٧ : ١١٨ / ٥١٣ ، الاستبصار ٣ : ١٠٠ - ١٠١ / ٣٤٩.

١٤٤

« لا بأس به » ثمّ قال : « كلّ شي‌ء يُكال أو يُوزن فلا يصلح مِثْلين بمِثْلٍ إذا كان من جنسٍ واحد ، فإذا كان لا يُكال ولا يُوزن فليس به بأس اثنين بواحد »(١) .

وعن الباقرعليه‌السلام : « لا بأس بالثوب بالثوبين »(٢) .

وقال أبو حنيفة : لا يجوز إسلاف الشي‌ء في جنسه(٣) . فلا يجوز بيع فرس بفرسين سلفاً ولا نسيئةً ، بل يجب التقابض في المجلس عنده ، وهو إحدى الروايات عن أحمد ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة(٤) . ولأنّ الجنس أحد وصفَي علّة تحريم التفاضل ، فيحرم فيه النسأ، كالوصف الآخر(٥) .

وتُحمل الرواية على النساء في الطرفين ، أو على أنّ النهي للتنزيه نهي كراهة لا نهي تحريم. والربا عندنا يثبت لا لعلّة ، بل للنصّ على ثبوته في كلّ مكيل أو موزون ، وإباحة التفاضل فيما عداهما ، على أنّه منقوض بإسلاف الدراهم في الحديد.

وقال مالك : يجوز إسلاف أحد الشيئين في مثله متساوياً لا متفاضلاً.

ولا يجوز بيع حيوان بحيوانين من جنسه بصفة يقصد بهما أمراً واحداً إمّا الذبح أو غيره ؛ لأنّ الغرض إذا كان بهما سواء ، كان بيع الواحد باثنين نسيئةً ذريعةً إلى الربا(٦) .

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١١٩ / ٥١٧ ، الاستبصار ٣ : ١٠١ / ٣٥١.

(٢) التهذيب ٧ : ١١٩ / ٥١٨.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦.

(٤) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٥٠ / ٣٣٥٦ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٦٣ / ٢٢٧٠ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٣٨ / ١٢٣٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٨ - ٢٨٩ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٥٤ ، المعجم الكبير - للطبراني - ٧ : ٢٤٧ / ٦٨٤٧ ، و ٢٤٨ / ٦٨٥١ ، و ٢٧٣ / ٦٩٤٠.

(٥) المغني ٤ : ١٤٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٧٩ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٣٩.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٥.

١٤٥

ويبطل بقولهعليه‌السلام : « إذا اختلف الجنسان فبِيعوا كيف شئتم »(١) .

الثاني : أن يكون أحدهما ربويّاً دون الآخر ، كبيع ثوبٍ بدراهم أو دنانير ، أو بيع حيوان بحنطة أو شعير. وحكمه كالأوّل ، فيجوز بيع أحدهما بالآخر - وإن كان أزيد قيمةً منه - نقداً ونسيئةً؛ للإجماع على السلف والنسيئة مع تغاير الثمن - الذي هو أحد النقدين - والمثمن ، إلّا الصرف خاصّةً ، وسيأتي إن شاء الله تعالى.

الثالث كالأوّل عندنا ؛ للإجماع على إسلاف أحد النقدين في البُرّ أو الشعير أو غيرهما من الربويّات والمكيلات ، والنسيئة أيضاً ، وهو قول أبي حنيفة(٢) .

وقال الشافعي : إن اختلفت العلّة فيهما ، كالذهب بالقوت ، فلا تجب رعاية التماثل ولا الحلول ولا التقابض ، فيجوز إسلاف أحد النقدين في البُرّ ، أو بيع الشعير بالذهب نقداً أو نسيئةً.

وإن اتّفقت العلّة ، فإن اتّحد الجنس ، وجب فيه رعاية التماثل والحلول والتقابض في المجلس ، كما لو باع الذهب بالذهب والبُرّ بالبُرّ ، وثبت فيه أنواع الربا الثلاثة - وعندنا لا يجب الثالث إلّا في الصرف - وإن اختلف الجنس ، لم يجب التماثل ، بل الحلول والتقابض في المجلس ؛ لقولهعليه‌السلام : « ولكن بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب والبُرّ بالشعير والشعير بالبُرّ كيف شئتم يداً بيد »(٣) (٤) .

____________________

(١) الجامع لأحكام القرآن ١٠ : ٨٦ ، المغني ٤ : ١٤٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٧.

(٢) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦.

(٣) سنن البيهقي ٥ : ٢٧٦ ، شرح معاني الآثار ٤ : ٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧ - ٤٨.

١٤٦

والجواب : يحتمل أن يكون التقييد باليد على سبيل الأولويّة ، أو في الصرف.

فروع :

أ - يكره بيع الجنسين المختلفين متفاضلاً نسيئةً ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « ما كان من طعام مختلف أو متاع أو شي‌ء من الأشياء يتفاضل فلا بأس ببيعه مِثْلين بمِثْل يداً بيد ، فأمّا نظرةٌ فلا يصلح »(١) .

وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام « ما كان من طعام مختلف أو متاع أو شي‌ء من الأشياء يتفاضل فلا بأس ببيعه مِثْلين بمِثْل يداً بيد ، فأمّا نظرةٌ فإنّه لا يصلح »(٢) .

ب - المصوغ من أحد النقدين لا يجوز بيعه بجنسه‌ من التبر أو المضروب متفاضلاً بل بوزنه وإن كان المصوغ أكثر قيمةً. وكذا الصحيح والمكسّر لا يجوز التفاضل فيهما مع اتّحاد الجنس - وبه قال الشافعي(٣) - لما رواه عطاء بن يسار أنّ معاوية باع سقايةً من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها ، فقال أبو الدرداء : سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ينهى عن مثل هذا إلّا مِثْلاً بمثل ، فقال له معاوية : ما أرى بهذا بأساً ، قال أبو الدرداء : مَنْ يعذرني من هذا ، اُخبره عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ويُخبرني عن رأيه ، والله لا ساكنتك بأرضٍ أنت فيها ، ثمّ قدم أبو الدرداء على عمر فذكر له ذلك ، فكتب عمر إلى معاوية أن لا تبع ذلك إلّا وزناً بوزن مِثْلاً بمِثْلٍ(٤) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٩١ / ٦ ، التهذيب ٧ : ٩٣ / ٣٩٥.

(٢) التهذيب ٧ : ٩٣ - ٩٤ / ٣٩٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٣ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٤١.

(٤) سنن البيهقي ٥ : ٢٨٠ ، المغني ٤ : ١٤١ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٣.

١٤٧

وقال مالك : يجوز أن يبيعه بقيمته من جنسه(١) . وأنكر أصحابه ذلك ، ونفوه عنه(٢) .

واحتجّ مَنْ أجازه : بأنّ الصنعة لها قيمة ، ولهذا لو أتلفه وجبت قيمته وإن زادت.

والجواب : لا نسلّم أنّ الصنعة تدخل في البيع وإن قوّمت على الغاصب. سلّمنا لكن لا نسلّم أنّه يقوّم بجنسه بل بغير جنسه.

ج - الفلوس يثبت الربا فيها عندنا ؛ لأنّها موزونة ، وبه قال أبو حنيفة(٣) ، وهو وجه ضعيف للشافعيّة ؛ لحصول معنى الثمنيّة(٤) .

وفي الأظهر عندهم : انتفاء الربا ؛ لانتفاء الثمنيّة والطعم ، والوزن والكيل ليسا علّةً عندهم(٥) وقد تقدّم بطلان التعليل.

د - يكره بيع أفراد الجنس الواحد إذا لم يدخله الكيل والوزن متفاضلاً نسيئةً ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « البعير بالبعيرين والدابّة بالدابّتين يداً بيد ليس به بأس »(٦) وهو يدلّ بمفهومه على كراهيّة النسيئة فيه.

ه- لا يشترط التقابض في المجلس مع اتّحاد الجنس واختلافه إلّا في الصرف‌ - وبه قال بعض الشافعيّة(٧) - لأنّهما عينان من غير جنس الأثمان ، فجاز التفرّق فيهما قبل القبض ، كالحديد. نعم ، يشترط الحلول‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٣ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٤١.

(٢) المصادر في الهامش (١) ما عدا العزيز شرح الوجيز.

(٣) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤.

(٤ و ٥) المجموع ٩ : ٣٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤.

(٦) الكافي ٥ : ١٩٠ / ١ ، الفقيه ٣ : ١٧٧ / ٧٩٧ ، التهذيب ٧ : ١١٨ / ٥١١ ، الاستبصار ٣ : ١٠٠ / ٣٤٧.

(٧) روضة الطالبين ٣ : ٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٥.

١٤٨

مع الاتّفاق جنساً.

وقال بعض الشافعيّة : إذا كانا ربويّين ، وجب فيهما القبض قبل التفرّق ، كالذهب والفضّة(١) ؛ لقولهعليه‌السلام : « لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق ولا البُرّ بالبُرّ ولا الشعير بالشعير ولا التمر بالتمر ولا الملح بالملح إلّا سواء بسواء عيناً بعين يداً بيد »(٢) .

والجواب : أنّه لا يدلّ على المنع مع عدم التقابض إلّا من حيث المفهوم ، وهو ضعيف.

مسألة ٧٨ : لعلمائنا قولان في أنّ الحنطة والشعير هل هُما جنس واحد أو جنسان؟

والأقوى عندي : الأوّل - وبه قال مالك والليث والحكم وحمّاد(٣) - لأنّ معمر بن عبد الله بعث غلاماً له ومعه صاع من قمح ، فقال : اشتر شعيراً ، فجاءه بصاع وبعض صاع ، فقال له : ردّه ، فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الطعام بالطعام إلّا مِثْلاً بمِثْلٍ ، وطعامنا يومئذٍ الشعير(٤) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا يصلح الشعير بالحنطة إلّا واحداً بواحد »(٥) .

____________________

(١) روضة الطالبين ٣ : ٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦.

(٢) صحيح مسلم ٣ : ١٢١٠ ، ١٥٨٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٧٦ ، معرفة السنن والآثار ٨ : ٣٣ - ٣٤ ، ١١٠٢١.

(٣) بداية المجتهد ٢ : ١٣٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١١ ، المغني ٤ : ١٥١ - ١٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٩ - ١٥٠.

(٤) صحيح مسلم ٣ : ١٢١٤ / ١٥٩٢ ، سنن الدار قطني ٣ : ٢٤ / ٨٣ و ٨٤ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٣ ، المغني ٤ : ١٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٠.

(٥) الكافي ٥ : ١٨٩ / ١٢ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٨.

١٤٩

وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا يباع مختومان من شعير بمختوم من حنطة إلّا مِثْلاً بمِثْلٍ » وسُئل عن الرجل يشتري الحنطة فلا يجد إلّا شعيراً أيصلح له أن يأخذ اثنين بواحد؟ قال : « لا ، إنّما أصلهما واحد »(١) .

وعن الباقرعليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : لا تبع الحنطة بالشعير إلّا يداً بيد ، ولا تبع قفيزاً من حنطة بقفيزين من شعير »(٢) .

ولأنّ أحدهما يُغشّ بالآخر ، فهُما كنوعي جنسٍ واحد.

وقال بعض(٣) علمائنا : إنّهما جنسان يباع أحدهما بالآخر متفاضلاً يداً بيد ونسيئةً - وبه قال الشافعي(٤) - لقولهعليه‌السلام : « بيعوا الذهب بالورق ، والورق بالذهب ، والبُرّ بالشعير ، والشعير بالبُرّ كيف شئتم يداً بيد »(٥) .

ولأنّهما لا يشتركان في الاسم الخاصّ ، فكانا جنسين ، كالشعير والذرّة.

وأجابوا عن حديث معمر بأنّه أعمّ من هذا الحديث. والغشّ ينتقض بالفضّة ، فإنّه يُغشّ بها الذهب.

والجواب : أنّ الراوي فهم تناول الطعام لصورة النزاع. وبالجملة فالتعويل على أحاديث الأئمّةعليهم‌السلام . والاختصاص بالاسم لا يُخرج الماهيّات عن التماثل ، كالحنطة والدقيق.

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٨٧ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٩.

(٢) التهذيب ٧ : ٩٥ / ٤٠٨.

(٣) هو ابن إدريس في السرائر ٢ : ٢٥٤.

(٤) الاُمّ ٣ : ٣١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، بداية المجتهد ٢ : ١٣٥ ، المحلّى ٨ : ٤٩٢ ، المغني ٤ : ١٥١ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٩.

(٥) سنن البيهقي ٥ : ٢٧٦ ، معرفة السنن والآثار ٨ : ٣٣ - ٣٤ / ١١٠٢١.

١٥٠

مسألة ٧٩ : ثمرة النخل كلّها جنس واحد‌ ، كالبَرْنِيّ والمعقلي والآزاد والدقل وإن كان رديئاً في الغاية لا يجوز التفاضل فيه نقداً ولا نسيئةً ، فلا يباع مُدٌّ من البَرْنيّ بمُدَّيْن من الدقل وكذا البواقي لا نقداً ولا نسيئةً ، وكذا ثمرة الكرم كلّها جنس واحد ، كالأسود والأبيض والطيّان والرازقي ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا يباع مختومان من شعير بمختومٍ من حنطة إلّا مِثْلاً بمِثْلٍ ، والتمر مِثْل ذلك»(١) .

وكان عليّعليه‌السلام يكره أن يستبدل وسقين من تمر المدينة بوسق من تمر خيبر(٢) .

وفي حديثٍ آخر ذلك وزيادة : « ولم يكنعليه‌السلام يكره الحلال »(٣) .

وسُئل عن الطعام والتمر والزبيب ، فقال : « لا يصلح شي‌ء منه اثنان بواحد إلّا أن تصرفه نوعاً إلى نوع آخر ، فإذا صرفته فلا بأس به اثنان بواحد وأكثر »(٤) وإطلاق التمر يدلّ على اتّحاده حقيقةً.

وقال الباقرعليه‌السلام : « يكره وسق من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر ، لأنّ تمر المدينة أجودهما»(٥) .

تذنيب : الطلع كالثمرة في الاتّفاق وإن اختلفت اُصولهما‌ ، وطلع الفحل كطلع الإناث.

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٨٧ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٩.

(٢) الكافي ٥ : ١٨٨ / ٨ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٤٠٠ ، و ٩٧ / ٤١٣.

(٣) الكافي ٥ : ١٨٨ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٩٦ - ٩٧ / ٤١٢ ، وصدر الحديث فيهما هكذا :

كان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يكره أن يستبدل وسقا من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر.

(٤) الفقيه ٣ : ١٧٨ / ٨٠٤ ، التهذيب ٧ : ٩٥ / ٤٠٦.

(٥) الفقيه ٣ : ١٧٨ / ٨٠٥ ، التهذيب ٧ : ٩٥ - ٩٦ / ٤٠٨.

١٥١

مسألة ٨٠ : اللحوم أجناس مختلفة باختلاف اُصولها‌ ، فلحم الغنم ضأنه وما عزه جنس واحد ، ولحم البقر جاموسها وعرابها جنس واحد مغاير للأوّل ، ولحم الإبل عرابها وبخاتيّها جنس آخر مغاير للأوّلين ، وكذا باقي اللحوم ، عند علمائنا أجمع - وهو أصحّ قولي الشافعي ، وبه قال المزني وأبو حنيفة وأحمد في رواية(١) - لأنّها فروع اُصول مختلفة هي أجناس متعدّدة ، وكانت أجناساً كاُصولها ، كما في الأدقّة والخلول. ولأنّها متفاوتة في المنافع ومتخالفة في الأغراض والغايات ، فأشبهت المختلفات جنساً.

وللشافعي قول آخر : إنّها جنس واحد ، فلحم البقر والغنم والإبل والسموك والطيور والوحوش كلّها جنس واحد - وهو رواية عن أحمد أيضاً - لأنّها اشتركت في الاسم في حال حدوث الربا فيها الذي لا يقع بعده التمييز إلّا بالإضافة ، فكانت جنساً واحداً ، كأنواع الرطب والعنب ، وتخالف الثمار المختلفة بالحقيقة ، فإنّها وإن اشتركت في اسم الثمرة لكنّها امتازت بأساميها الخاصّة(٢) .

والجواب : المنع من الاشتراك في الاسم الخاصّ ، وليس إطلاق لفظ اللحم عليها إلّا كإطلاق الحيوان والجسم عليها.

وقال مالك : اللُّحْمان(٣) ثلاثة أصناف : الإنسي والوحشي صنف واحد ،

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٦١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، الوسيط ٣ : ٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٥٥.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٦١ - ١٦٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، الوسيط ٣ : ٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤.

(٣) اللحمان : جمع لحم. لسان العرب ١٢ : ٥٣٥ « لحم ».

١٥٢

والطير صنف ، ولحوم ذوات الماء صنف واحد - وهو رواية اُخرى عن أحمد إلّا أنّه جعل الوحشي صنفاً آخر - لأنّ لحم الطير لا تختلف المنفعة به ، ولا يختلف القصد في أكله(١) .

والجواب : يبطل بلحم الإبل ولحم الغنم ، فإنّها تختلف المنفعة بها والقصد إلى أكلها.

فروع :

أ - الوحشيّ من كلّ جنس مخالف لأهليّة ، فالبقر الأهلي مع البقر الوحشيّ جنسان مختلفان ، والغنم الأهليّة والغنم الوحشيّة - وهي الظباء - جنسان ، والحُمُر الوحشيّة والأهليّة جنسان أيضاً عندنا ، وبه قال الشافعي في أصحّ القولين وأحمد(٢) ، خلافاً لمالك(٣) ، وقد سبق.

ب - لحم السمك مخالف لباقي اللحوم ، عند علمائنا أجمع ، وهو أصحّ قولي الشافعي وأحمد في رواية(٤) .

وللشافعي قول : إنّ اللُّحْمان كلّها صنف واحد(٥) ، فعلى هذا القول في السمك عنده قولان:

أحدهما : أنّ لحومها ولحوم باقي الحيوانات البرّيّة جنس واحد ؛

____________________

(١) بداية المجتهد ٢ : ١٣٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٦٣ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤ - ١٥٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٣ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤.

(٣) اُنظر : المصادر في الهامش (١).

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، وانظر : المغني ٤ : ١٥٥ ، والشرح الكبير ٤ : ١٥٤.

(٥) اُنظر : المصادر في الهامش (٢) من ص ١٥١.

١٥٣

لشمول الاسم لها ، قال الله تعالى :( وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا ) (١) (٢) .

والجواب : أنّه كشمول الثمار للتمر والتفّاح.

والثاني : أنّ الحيتان مخالفة لباقي اللحوم ؛ لأنّ لها اسماً خاصّاً ، ولهذا لو حلف لا يأكل اللحم ، لم يحنث بلحوم الحيتان. ولأنّه لا يسمّى لحماً عند الإطلاق ، ولهذا لا يضاف اللحم إلى اسمه فيقال : لحم السمك ، كما يقال : لحم الإبل(٣) .

ج - لحم السمك هل هو جنس واحد أو أجناس؟ الأقوى : الأوّل ؛ لشمول اسم السمك للكلّ ، والاختلاف بالعوارض لا يوجب الاختلاف في الحقيقة.

ويحتمل أن يكون أجناساً متعدّدة ، فكلّ ما اختصّ باسمٍ وصفةٍ كان جنساً مخالفاً لما غايره ممّا اختصّ باسمٍ آخر وصفة اُخرى ، فالشبّوط والقطّان والبُنّي أجناس مختلفة ، وكذا ما عداها.

د - الأقوى في الحمام - وهو ما عبّ وهَدَر ، أو كان مطوّقاً على اختلاف التفسير - أنّه جنس واحد ، فلحم القماري والدباسي والفواخت جنس واحد ؛ لشمول اسم الحمام لها ، وتقاربها في المنافع.

ويحتمل تعدّدها بتعدّد ما يضاف إليه.

أمّا الحمام مع غيره من الطيور كالعصافير والدجج فأولى بالتغاير.

ه- الجراد جنس بانفراده مغاير لسائر اللحوم البرّيّة والبحريّة ، وهو ظاهر عند علمائنا حيث أوجبوا اختلاف اللحوم باختلاف اُصولها ، وهو‌

____________________

(١) فاطر : ١٢.

(٢ و ٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥.

١٥٤

أصحّ قولي الشافعي(١) . وفي قول آخر للشافعي : إنّه من جنس اللحوم ، فحينئذٍ هل هو من البرّيّة أو البحريّة؟ وجهان(٢) .

و - أعضاء الحيوان الواحد كلّها جنس واحد مع لحمه ، كالكرش والكبد والطحال والقلب والرئة ، والأحمر والأبيض واحد ، وكذا الشحوم كلّها بعضها مع بعض ومع اللحم جنس واحد ؛ لأنّ أصلها واحد ، وتدخل تحت اسمه.

وللشافعيّة في ذلك طريقان :

الأشهر عندهم أن يقال : إن جعلنا اللحوم أجناساً ، فهذه أولى ؛ لاختلاف أسمائها وصفاتها ، وإن قلنا : إنّها جنس واحد ، ففيها وجهان ؛ لأنّ مَنْ حلف أن لا يأكل اللحم لا يحنث بأكل هذه الأشياء على الصحيح.

والثاني عن القفّال أن يقال : إن جعلنا اللحوم جنساً واحداً ، فهذه مجانسة لها ، وإن جعلناها أجناساً ، فوجهان ؛ لاتّحاد الحيوان ، فأشبه لحم الظهر مع شحمه(٣) .

وكذا المخ جنس آخر عندهم. والجلد جنس آخر. وشحم الظهر مع شحم البطن جنسان. وسنام البعير معهما جنس آخر ، أمّا الرأس والأكارع فمن جنس اللحم(٤) .

والكلّ عندنا باطل ؛ فإنّ الحقّ تساوي هذه الأشياء. والتعلّق بالحنث أو بعدمه غير مفيد ؛ فإنّ اليمين يتبع الاسم وإن كانت الحقيقة واحدةً ، كما لو حلف أن لا يأكل خبزاً ، فأكل دقيقاً ، لم يحنث وإن كان واحداً.

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

١٥٥

تنبيه : كلّ ما حكمنا فيه باختلاف الجنس وتغايره ، فإنّه يجوز بيع بعضه ببعض‌ متفاضلاً نقداً ونسيئةً إلّا الصرف ، فلا يجوز النسيئة فيه ، وكلّ ما حكمنا فيه بالتماثل فإنّه لا يجوز التفاضل فيه.

مسألة ٨١ : المشهور المنع من بيع اللحم بحيوان من جنسه‌ - وبه قال الفقهاء السبعة(١) ومالك والشافعي وأحمد(٢) - لما رواه الجمهور عن سعيد بن المسيّب أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع اللحم بالحيوان(٣) . ومراسيل ابن المسيّب حجّة عندهم(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كره اللحم بالحيوان »(٥) .

ولأنّه نوعٌ في الربا بِيع بأصله الذي هو منه فلم يجز ، كما لو باع‌

____________________

(١) وهُمْ : سعيد بن المسيّب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمّد وعبيد الله بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود وخارجة بن زيد وسليمان بن يسار. وفي السابع ثلاثة أقوال ، فقيل : سالم بن عبد الله بن عمر. وقيل : أبو سلمة بن عبد الرحمن. وقيل أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.

اُنظر : تهذيب الأسماء واللغات ١ : ١٧٢ ، ١٤٠ ، وتهذيب الكمال في أسماء الرجال ٢٠ : ١٨.

(٢) المغني ٤ : ١٥٩ - ١٦٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩ ، التفريع ٢ : ١٢٩ ، مختصر المزني : ٧٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠ ، الوسيط ٣ : ٥٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨.

(٣) الموطّأ ٢ : ٦٥٥ ، ٦٤ ، المراسيل - لأبي داود - : ١٣٣ ، ١٥ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٣٥ ، سنن الدارقطني ٣ : ٧١ ، ٢٦٦.

(٤) اُنظر : مختصر المزني : ٧٨ ، والجرح والتعديل ٤ : ٦١ ، والكفاية - للخطيب البغدادي - : ٤٠٤ ، واللمع : ١٥٩ ، والحاوي الكبير ٥ : ١٥٨ ، والمجموع ( المقدّمة ) ١ : ٦٠ و ٦١ ، وتهذيب الأسماء واللغات ١ : ٢٢١.

(٥) الكافي ٥ : ١٩١ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٤٥ / ١٩٤ ، و ١٢٠ / ٥٢٥.

١٥٦

الشيرج(١) بالسمسم من غير اعتبارٍ.

والأقرب عندي : الجواز على كراهيّةٍ ؛ للأصل السالم عن معارضة ثبوت الربا ؛ لفقد شرطه ، وهو التقدير بالكيل أو الوزن ، المنفي في الحيوان الحيّ. وأمّا الكراهيّة : فللاختلاف.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف والمزني بالجواز ؛ لأنّه باع ما فيه الربا بما لا ربا فيه فجاز ، كما لو باع الحيوان بالدراهم(٢) .

وقال محمّد بن الحسن : يجوز على اعتبار اللحم في الحيوان ، فإن كان دون اللحم الذي في مقابلته ، جاز(٣) .

فروع :

أ - الممنوع إنّما هو بيع لحم الحيوان بجنسه ، أمّا بغير جنسه - كلحم الشاة بالإبل - فإنّه يجوز ؛ لجواز بيع لحم أحدهما بلحم الآخر فبالآخر حيّاً أولى.

أمّا الشافعيّة : ففي كون اللحوم كلّها جنساً واحداً أو أجناساً(٤) متعدّدة عندهم قولان ، فإن قالوا بالوحدة ، لم يجز بيع لحم الشاة بالإبل الحيّة ، ولا لحم البقر بالشاة الحيّة وكذا البواقي. وإن قالوا باختلاف ، فقولان :

____________________

(١) الشيرج : دهن السمسم. تاج العروس ٢ : ٦٤ « شرج ».

(٢) بدائع الصنائع ٥ : ١٨٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤١ / ١١١٨ ، المغني ٤ : ١٦٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩ ، مختصر المزني : ٧٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ١٨٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤١ / ١١١٨ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٧.

(٤) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « جنس واحد أو أجناس » بالرفع.

١٥٧

أحدهما : المنع ؛ لأنّ أبا بكر منع من بيع العناق بلحم الجزور(١) .

والجواب : أنّ فعل أبي بكر وقوله ليس حجّةً.

والثاني(٢) : الجواز - وبه قال مالك وأحمد - لأنّه يجوز بيعه بلحمه فجواز بيعه به أولى(٣) .

ب - يجوز بيع اللحم بالحيوان غير المأكول كالآدمي والسبع وغيرهما ، عندنا ؛ لجواز بيعه بجنسه فبغيره حيّاً أولى. ولأنّ سبب المنع بيع مال الربا بأصله المشتمل عليه ، وهو منفيّ هنا ، وبه قال مالك وأحمد ، لأنّ الحيوان لا ربا فيه جملة فجاز بيعه بما فيه الربا(٤) .

وللشافعي قولان ، هذا أحدهما ، والثاني : المنع - وهو اختيار القفّال - لعموم السنّة(٥) . وهو ممنوع.

ج - يجوز بيع اللحم بالسمكة الحيّة ، ولحم السمك بالحيوان الحيّ عندنا ؛ لما تقدّم.

وعند الشافعي قولان ، أحدهما : أنّ لحم السمك إن كان من جملة اللحم ، كان كما لو باع لحم غنم ببقر. وإن كان ليس من جملة اللُّحْمان ،

____________________

(١) رواه الشافعي في مختصر المزني : ٧٨ ، وأورده أبو إسحاق الشيرازي في المهذّب ١ : ٢٨٤ ، والماوردي في الحاوي الكبير ٥ : ١٥٨ ، والرافعي في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، وكذلك ابنا قدامة في المغني ٤ : ١٦٢ ، والشرح الكبير ٤ : ١٥٩.

(٢) في الطبعة الحجريّة و « ق ، ك» هكذا : وإن قالوا بالتعدّد والثاني. وجملة « وإن قالوا بالتعدّد » زائدة ؛ حيث ذكرها المصنّفقدس‌سره آنفاً بقوله : وإن قالوا بالاختلاف.

(٣) الوسيط ٣ : ٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٤ - ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠ ، التفريع ٢ : ١٢٩ ، المغني ٤ : ١٦٣ - ١٦٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩.

(٤) التفريع ٢ : ١٢٩ ، المغني ٤ : ١٦٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٥.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

١٥٨

فقولان ؛ لوقوع اسم اللحم والحيوان عليه. والثاني : الجواز(١) .

د - يجوز بيع الشحم والألية والطحال والقلب والكِلية والرئة بالحيوان عندنا‌ - وللشافعيّة وجهان(٢) - وكذا السنام بالإبل ؛ للنهي عن بيع اللحم بالحيوان ، ولم يرد في غيره.

وأصحّهما عندهم : المنع ؛ لأنّه في معنى اللحم.

وكذا الوجهان في بيع الجلد بالحيوان إن لم يكن مدبوغاً [ وإن كان مدبوغاً ](٣) فلا منع. وعلى الوجهين أيضاً بيع لحم السمك بالشاة(٤) .

ه- يجوز بيع دجاجة فيها بيضة بدجاجة خالية من البيض ، أو بدجاجة فيها بيضة ، أو ببيضة لا غير ؛ لوجود المقتضي ، وهو عموم( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٥) السالم عن معارضة الربا ؛ لانتفاء شرطه ، وهو الكيل أو الوزن هنا.

ومَنَع الشافعيّة من بيع دجاجة فيها بيضة بدجاجة قولاً واحداً ؛ لأنّ ذلك بمنزلة بيع اللبن بالحيوان اللبون(٦) . وسيأتي.

مسألة ٨٢ : الألبان تابعة لاُصولها تختلف باختلافها وتتّفق باتّفاقها‌ ، فلبن الغنم ضأنه ومعزه(٧) جنسٌ ، ولبن الإبل عرابها وبخاتيّها جنسٌ آخر مغاير للأوّل ، ولبن البقر عرابها وجاموسها جنس واحد مخالف للأوّلين.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ١٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٣) أضفناها من المصدر.

(٤) نفس المصدر في الهامش (٢).

(٥) البقرة : ٢٧٥.

(٦) الذي عثرنا عليه في المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، والتهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٥ هو منع بيع بيضة بدجاجة في جوفها بيض.

(٧) في « ق ، ك» : ماعزه.

١٥٩

ولبن الوحشي مخالف للإنسي ، فلبن البقر الوحشي(١) مخالف للبن البقر الإنسي. وكذا لبن الظبي ولبن الشاة جنسان ، عند علمائنا أجمع.

وقد نصّ الشافعي على أنّ الألبان أجناس(٢) ، ولم يذكر غير ذلك ، إلّا أنّ له في اللُّحْمان قولين : أحدهما : أنّها جنس واحد - قاله أصحابه - لا فرق بينها(٣) (٤) ، فجعلوا في الألبان قولين : أحدهما : أنّها جنس واحد ، وهو المشهور عن أحمد. والثاني - وهو الأصحّ عندهم - : أنّها أجناس ، وبه قال أبو حنيفة(٥) .

لنا : أنّها فروع تابعة لاُصول مختلفة بالحدّ والحقيقة ، فكانت فروعها تابعةً لها ، كالأدهان والخُلول - وهذا بخلاف اللُّحْمان ، فإنّ للشافعي قولاً بالتماثل فيها(٦) - لأنّ الاُصول التي حصل اللبن منها باقية بحالها وهي مختلفة ، فيدام حكمها على الفروع ، بخلاف اُصول اللحم.

احتجّ الآخرون بأنّ الألبان اشتركت في الاسم الخاصّ في أوّل حال‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : بقر الوحش.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٦٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٠ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٥٧.

(٣) في الطبعة الحجريّة و « ق ، ك» : بينهما. والصحيح ما أثبتناه.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، حلية العلماء ٤ : ١٦١ - ١٦٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، الوسيط ٣ : ١٥٥ - ١٥٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤ و ١٥٥.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٦٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، الوسيط ٣ : ٥٧ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٥٧ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٥.

(٦) راجع المصادر في الهامش (٤).

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

جَحَدَ ذلِكَ ، فَقَدْ رَدَّ عَلَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عِلْمَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَايَقُومُ(١) الْأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ(٢) وَالْمُحَدَّثُونَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ(٣) عَلَيْهِمْ حُجَّةٌ بِمَا يَأْتِيهِمْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ مَعَ الْحُجَّةِ الَّتِي يَأْتِيهِمْ بِهَا(٤) جَبْرَئِيلُعليه‌السلام ».

قُلْتُ(٥) : وَالْمُحَدَّثُونَ أَيْضاً يَأْتِيهِمْ جَبْرَئِيلُ أَوْ غَيْرُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِعليهم‌السلام ؟

قَالَ : « أَمَّا الْأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ - فَلَا شَكَّ(٦) ، وَلَابُدَّ لِمَنْ سِوَاهُمْ - مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ خُلِقَتْ فِيهِ الْأَرْضُ إِلى آخِرِ فَنَاءِ الدُّنْيَا - أَنْ يَكُونَ(٧) عَلى أَهْلِ الْأَرْضِ حُجَّةٌ(٨) ، يَنْزِلُ(٩) ذلِكَ(١٠) فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِلى مَنْ أَحَبَّ مِنْ عِبَادِهِ(١١) .

وَايْمُ اللهِ(١٢) ، لَقَدْ نَزَلَ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ(١٣) بِالْأَمْرِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ عَلى آدَمَ ؛ وَايْمُ اللهِ ، مَا مَاتَ آدَمُ إِلَّا وَلَهُ وَصِيٌّ ، وَكُلُّ مَنْ بَعْدَ آدَمَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَدْ(١٤) أَتَاهُ الْأَمْرُ فِيهَا ، وَوَضَعَ(١٥)

__________________

(١) في « ألف ، بر » : « لا تقوم ».

(٢) في « بف » : « الرسول ».

(٣) في « ألف ، ب ، ض ، و ، بح ، بر » والبحار : « أن يكون ». وفي « ف » : « أن يكونواعليهم‌السلام حجّة ».

(٤) في البحار : « مع ».

(٥) في البحار : « قال : قلت ». وفيمرآة العقول : « الظاهر أنّ قوله : قلت ، كلام الحسن بن العبّاس الراوي ، وضمير قال لأبي جعفرعليه‌السلام ».

(٦) في البحار : + « في ذلك ». وفيالوافي : « لم يتعرّضعليه‌السلام لجواب السائل ، بل أعرض عنه إلى غيره تنبيهاً له على ‌أنّ هذا السؤال غير مهمّ له ، وإنّما المهمّ له التصديق بنزول الأمر على الأوصياء ليكون حجّة لهم على الأوصياء ليكون حجّة لهم على أهل الأرض ، وأمّا النازل بالأمر هل هو جبرئيل أو غيره ، فليس بمهمّ له. أو أنّه لم ير المصلحة في إظهار ذلك له ؛ لكونه أجنبيّاً ، كما يشعر به قولهعليه‌السلام فيما بعد : ما أنتم بفاعلين ».

(٧) هكذا في « ألف ، ب ، ض ، ف ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » والبحار. وفي « ج » والمطبوع : « تكون ».

(٨) في مرآة العقول : « وقوله : أن يكون ، أي من أن يكون. و « حجّة » إمّا مرفوع فالعائد مقدّر وإمّا منصوب بكونه خبر « يكون » ، واسمه الضمير الراجع إلى الموصول ».

(٩) في « ألف ، ج ، بر ، بف » : « تنزل ».

(١٠) في البحار : + « الأمر ».

(١١) في البحار : + « وهو الحجّة ».

(١٢) « أيْمُ اللهِ » ، الأصل فيه : أيْمُنُ الله ، وهو اسم وضع للقسم. وللمزيد راجع ما ذكرنا في هامش ح ٦٤٥.

(١٣) في البحار : « الملائكة والروح ».

(١٤) في « بح » : « فقد ».

(١٥) فيالوافي : « وَوَضَع ، أي النبيّ الأمر ؛ أو على البناء للمفعول ؛ أو بالتنوين عوضاً عن المضاف إليه ، عطف =

٦٢١

لِوَصِيِّهِ مِنْ بَعْدِهِ.

وَايْمُ اللهِ ، إِنْ(١) كَانَ النَّبِيُّ لَيُؤْمَرُ فِيمَا يَأْتِيهِ مِنَ الْأَمْرِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِنْ آدَمَ إِلى مُحَمَّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله : أَنْ أَوْصِ إِلى فُلَانٍ ، وَلَقَدْ قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي كِتَابِهِ لِوُلَاةِ الْأَمْرِ مِنْ(٢) بَعْدِ مُحَمَّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله خَاصَّةً :( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) إِلى قَوْلِهِ :( فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) (٣) يَقُولُ : أَسْتَخْلِفُكُمْ لِعِلْمِي وَدِينِي وَعِبَادَتِي بَعْدَ نَبِيِّكُمْ كَمَا اسْتَخْلَفَ(٤) وُصَاةَ آدَمَ مِنْ بَعْدِهِ حَتّى يَبْعَثَ النَّبِيَّ الَّذِي يَلِيهِ( يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ) يَقُولُ : يَعْبُدُونَنِي بِإِيمَانٍ لَانَبِيَّ(٥) بَعْدَ مُحَمَّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله (٦) ، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذلِكَ( فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) .

فَقَدْ مَكَّنَ(٧) وُلَاةَ الْأَمْرِ بَعْدَ مُحَمَّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله بِالْعِلْمِ ، وَنَحْنُ هُمْ ؛ فَاسْأَلُونَا ، فَإِنْ صَدَقْنَاكُمْ فَأَقِرُّوا ، وَمَا أَنْتُمْ بِفَاعِلِينَ ؛ أَمَّا عِلْمُنَا فَظَاهِرٌ ؛ وَأَمَّا إِبَّانُ(٨) أَجَلِنَا - الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ الدِّينُ(٩) مِنَّا حَتّى لَايَكُونَ بَيْنَ النَّاسِ اخْتِلَافٌ - فَإِنَّ لَهُ أَجَلاً مِنْ مَمَرِّ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ‌

__________________

= على الأمر ».

(١) « إن » مخفّفة عن المثقّلة ، وضمير الشأن فيه مقدّر. وفي البحار : « إنّه كان ليؤمر النبيّ » بدل « إن كان النبيّ ليؤمر ».

(٢) في « ج ، ض » : - « من ».

(٣) النور (٢٤) : ٥٥.

(٤) فيمرآة العقول : « كما استخلف ، بصيغة الغائب المعلوم على الالتفات ؛ أو المجهول ؛ أو بصيغة المتكلّم. وفي‌تأويل الآيات : كما استخلفت ، وهو أظهر ». (٥) في البحار : « أن لا نبيّ ».

(٦) فيالوافي : « بإيمان لا نبيّ بعد محمّد ، يعني أنّ نفي الشرك عبارة عن أن لايعتقد النبوّة في الخليفة الظاهر الغالب أمره. « ومن قال غير ذلك » هذا تفسير لقوله تعالى :( وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) يعني ومن كفر بهذا الوعد بأن قال : إنّ مثل هذا الخليفة لايكون إلّانبيّاً ، ولا نبيّ بعد محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهذا الوعد غير صادق أو كفر بهذا الموعود ، بأن قال إذا ظهر أمره : هذا نبيّ ، أو قال : هذا ليس بخليفة ؛ لاعتقاده الملازمة بين الأمرين ، فقولهعليه‌السلام : « غير ذلك » إشارة إلى الأمرين. والسرّ في هذا التفسير أنّ العامة لايعتقدون مرتبة متوسّطة بين مرتبة النبوّة ومرتبة آحاد أهل الإيمان من الرعيّة في العلم اللدنّي بالأحكام ، ولهذا ينكرون إمامة أئمّتناعليهم‌السلام زعماً منهم أنّهم كسائر آحاد الناس ، فإذا سمعوا منهم من غرائب العلم أمراً زعموا أنّهمعليهم‌السلام يدّعون النبوّة لأنفسهم ».

(٧) في « ب ، بر ، بف » وحاشية « ف ، ج ، بح » : « وكّل ».

(٨) راجع ما تقدّم ذيل الحديث السابق.

(٩) في « ف » : « الدين فيه ».

٦٢٢

إِذَا أَتى ظَهَرَ(١) ، وَكَانَ الْأَمْرُ وَاحِداً.

وَايْمُ اللهِ ، لَقَدْ قُضِيَ الْأَمْرُ أَنْ لَايَكُونَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ اخْتِلَافٌ ، وَلِذلِكَ جَعَلَهُمْ(٢) شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ لِيَشْهَدَ مُحَمَّدٌصلى‌الله‌عليه‌وآله عَلَيْنَا ، وَلِنَشْهَدَ(٣) عَلى شِيعَتِنَا ، وَلِتَشْهَدَ شِيعَتُنَا عَلَى النَّاسِ ، أَبَى(٤) اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِهِ اخْتِلَافٌ ، أَوْ بَيْنَ(٥) أَهْلِ عِلْمِهِ تَنَاقُضٌ ».

ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام : « فَضْلُ(٦) إِيمَانِ الْمُؤْمِنِ بِجُمْلَةِ(٧) ( إِنّا أَنْزَلْناهُ ) وَبِتَفْسِيرِهَا(٨) عَلى مَنْ لَيْسَ مِثْلَهُ فِي الْإِيمَانِ بِهَا كَفَضْلِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْبَهَائِمِ ، وَإِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - لَيَدْفَعُ بِالْمُؤْمِنِينَ بِهَا عَنِ الْجَاحِدِينَ لَهَا فِي الدُّنْيَا - لِكَمَالِ عَذَابِ الْآخِرَةِ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَتُوبُ مِنْهُمْ - مَا يَدْفَعُ بِالْمُجَاهِدِينَ عَنِ الْقَاعِدِينَ ، وَلَا أَعْلَمُ أَنَّ(٩) فِي هذَا الزَّمَانِ جِهَاداً إِلَّا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَالْجِوَارَ(١٠) ».(١١)

__________________

(١) في البحار : + « الدين ».

(٢) في البحار : + « الله ».

(٣) في البحار : + « نحن ».

(٤) في « ف » : « وأبى ».

(٥) في « ف » : « وبين ».

(٦) في البحار : « ففضل ».

(٧) هكذا في « ب ، ض ، بر » وحاشية « ج ». وفي سائر النسخ والمطبوع : « بحمله ».

(٨) في « ب ، ف » : « وتفسيرها ».

(٩) في « ف » وشرح المازندراني والبحار : - « أنّ ». وفيمرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٩٥ : « ولـمّا ذكر الجهاد هنا وفي‌الآية المشار إليها سابقاً ، وكان مظنّة أن يفهم السائل وجوب الجهاد في زمانهعليه‌السلام مع عدم تحققّ شرائطه مع المخالفين ، أو مع من يخرج من الجاهلين ، أزالعليه‌السلام ذلك التوهّم بقوله « لا أعلم » ، أي هذه الأعمال قائمة مقام الجهاد لمن لم يتمكّن عنه ؛ أو قوله تعالى :( جاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ ) [ الحج (٢٢) : ٧٨ ] شاملة لهذه الاُمور أيضاً ».

(١٠) « الجِوار » : أن تعطي الرجلَ ذِمّةً فيكون بها جارك فتُجيره ، وبمعنى المجاورة يقال : جاوره مجاوَرَةً وجِواراً ، أي صار جاره. والمراد به هنا : المحافظة على الذمّة والأمان ، أو قضاء حقّ المجاورة وحسن المعاشرة مع الجار والصبر على أذاه. وقال العلّامة المجلسي : « وقيل : المراد بالجوار مجاورة العلماء وكسب التفقّه في الدين. ولا يخفى بُعده ». راجع :القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٢٥ ( جور ).

(١١)الوافي ، ج ٢ ، ص ٥٢ ، ح ٤٨٩ ؛البحار ، ج ٢٥ ، ص ٧٣ ، ح ٦٣.

٦٢٣

٦٥٢/ ٨. قَالَ(١) : وَقَالَ رَجُلٌ لِأَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام : يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، لَاتَغْضَبْ عَلَيَّ ، قَالَ : « لِمَا ذَا؟ » قَالَ : لِمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ ، قَالَ : « قُلْ ». قَالَ : وَلَاتَغْضَبُ؟ قَالَ : « وَلَا أَغْضَبُ ».

قَالَ : أَرَأَيْتَ قَوْلَكَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَتَنَزُّلِ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ فِيهَا إِلَى الْأَوْصِيَاءِ : يَأْتُونَهُمْ بِأَمْرٍ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله قَدْ عَلِمَهُ ، أَوْ يَأْتُونَهُمْ بِأَمْرٍ كَانَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله يَعْلَمُهُ ، وَقَدْ عَلِمْتُ(٢) أَنَّ رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله مَاتَ وَلَيْسَ مِنْ عِلْمِهِ شَيْ‌ءٌ إِلَّا وَعَلِيٌّعليه‌السلام لَهُ وَاعٍ(٣) ؟

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام : « مَا لِي وَلَكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ؟ وَمَنْ أَدْخَلَكَ عَلَيَّ؟ » قَالَ : أَدْخَلَنِي عَلَيْكَ(٤) الْقَضَاءُ لِطَلَبِ الدِّينِ.

قَالَ : « فَافْهَمْ مَا أَقُولُ لَكَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ لَمْ يَهْبِطْ حَتّى أَعْلَمَهُ اللهُ - جَلَّ ذِكْرُهُ - عِلْمَ(٥) مَا قَدْ كَانَ وَمَا سَيَكُونُ(٦) ، وَكَانَ كَثِيرٌ مِنْ عِلْمِهِ ذلِكَ جُمَلاً(٧) يَأْتِي تَفْسِيرُهَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَكَذلِكَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍعليه‌السلام قَدْ عَلِمَ جُمَلَ الْعِلْمِ ، وَيَأْتِي(٨) تَفْسِيرُهُ فِي لَيَالِي الْقَدْرِ كَمَا كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

قَالَ السَّائِلُ : أَوَمَا كَانَ فِي الْجُمَلِ تَفْسِيرٌ(٩) ؟

قَالَ : « بَلى ، وَلكِنَّهُ إِنَّمَا يَأْتِي بِالْأَمْرِ مِنَ اللهِ تَعَالى فِي لَيَالِي الْقَدْرِ إِلَى النَّبِيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله وَإِلَى الْأَوْصِيَاءِ : افْعَلْ كَذَا وَكَذَا ، لِأَمْرٍ قَدْ كَانُوا عَلِمُوهُ ، أُمِرُوا كَيْفَ يَعْمَلُونَ فِيهِ ».

__________________

(١) الظاهر رجوع الضمير المستتر في « قال » إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، فيكون السند معلّقاً على السندين المذكورين في أوّل الباب.

(٢) فيمرآة العقول : « وقد علمت ، بصيغة المتكلّم أو الخطاب ».

(٣) « الواعي » : الحافظ والفاهم. تقول : وعيتُ الحديث أعِيه وَعياً فأنَا واعٍ ، إذا حفظتَه وفهمته ، وفلان أوعى من فلان ، أي أحفظ وأفهم. راجع :النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٠٧ ( وعا ).

(٤) في البحار ، ج ٢٥ : - « عليك ».

(٥) في « بس ، بف » : - « علم ».

(٦) في « ف » : « قد سيكون ».

(٧) في « بح » : « مجملاً ».

(٨) في « ف » : « وما يأتي ».

(٩) في « ض » : « تفسيرها ».

٦٢٤

قُلْتُ فَسِّرْ لِي هذَا. قَالَ : « لَمْ يَمُتْ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله إِلَّا حَافِظاً لِجُمْلَةِ الْعِلْمِ وَتَفْسِيرِهِ ».

قُلْتُ : فَالَّذِي كَانَ يَأْتِيهِ فِي لَيَالِي الْقَدْرِ عِلْمُ مَا هُوَ؟

قَالَ : « الْأَمْرُ وَالْيُسْرُ فِيمَا كَانَ قَدْ عَلِمَ ».

قَالَ السَّائِلُ : فَمَا يَحْدُثُ لَهُمْ فِي لَيَالِي الْقَدْرِ عِلْمٌ سِوى مَا عَلِمُوا؟

قَالَ : « هذَا مِمَّا(١) أُمِرُوا بِكِتْمَانِهِ ، وَلَايَعْلَمُ تَفْسِيرَ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ إِلَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ».

قَالَ السَّائِلُ : فَهَلْ يَعْلَمُ الْأَوْصِيَاءُ مَا لَايَعْلَمُ(٢) الْأَنْبِيَاءُ؟

قَالَ : « لَا ، وَكَيْفَ يَعْلَمُ وَصِيٌّ غَيْرَ عِلْمِ مَا أُوصِيَ إِلَيْهِ؟! ».

قَالَ السَّائِلُ : فَهَلْ يَسَعُنَا أَنْ نَقُولَ : إِنَّ أَحَداً مِنَ الْوُصَاةِ(٣) يَعْلَمُ مَا لَايَعْلَمُ(٤) الْآخَرُ؟

قَالَ : « لَا ، لَمْ يَمُتْ نَبِيٌّ إِلَّا وَعِلْمُهُ فِي جَوْفِ وَصِيِّهِ ، وَإِنَّمَا تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِالْحُكْمِ الَّذِي يَحْكُمُ بِهِ بَيْنَ الْعِبَادِ ».

قَالَ السَّائِلُ : وَمَا كَانُوا عَلِمُوا ذلِكَ الْحُكْمَ؟

قَالَ : « بَلى ، قَدْ عَلِمُوهُ(٥) ، وَ(٦) لكِنَّهُمْ لَايَسْتَطِيعُونَ إِمْضَاءَ شَيْ‌ءٍ مِنْهُ حَتّى يُؤْمَرُوا فِي لَيَالِي الْقَدْرِ كَيْفَ يَصْنَعُونَ إِلَى السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ ».

قَالَ السَّائِلُ : يَا أَبَا جَعْفَرٍ ، لَا أَسْتَطِيعُ إِنْكَارَ هذَا(٧) ؟

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام : « مَنْ أَنْكَرَهُ فَلَيْسَ مِنَّا(٨) ».

قَالَ السَّائِلُ : يَا أَبَا جَعْفَرٍ ، أَرَأَيْتَ النَّبِيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله هَلْ كَانَ يَأْتِيهِ فِي لَيَالِي الْقَدْرِ شَيْ‌ءٌ لَمْ يَكُنْ عَلِمَهُ(٩) ؟

__________________

(١) في « ب » : « ما ».

(٢) في « ب » والبحار ، ج ٢٥ : « ما يعلم ».

(٣) في البحار ، ج ٢٥ : « الأوصياء ».

(٤) في « ب » : « لا يعلمه ».

(٥) في « ب » : « علموا ».

(٦) في الوافي : - « و ».

(٧) فيمرآة العقول : « لا أستطيع إنكار هذا ، استفهام ، أي هل إنكار ذلك غير مجوّز لي ».

(٨) في حاشية « ض » : + « في شي‌ء ».

(٩) في « ض » : « قد عَلِمه ».

٦٢٥

قَالَ : « لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَسْأَلَ(١) عَنْ هذَا ، أَمَّا عِلْمُ مَا كَانَ وَمَا سَيَكُونُ ، فَلَيْسَ يَمُوتُ نَبِيٌّ وَلَاوَصِيٌّ إِلَّا وَالْوَصِيُّ الَّذِي بَعْدَهُ يَعْلَمُهُ ، أَمَّا هذَا الْعِلْمُ الَّذِي تَسْأَلُ عَنْهُ ، فَإِنَّ اللهَ - عَزَّ وَعَلَا - أَبى أَنْ يُطْلِعَ الْأَوْصِيَاءَ عَلَيْهِ(٢) إِلَّا أَنْفُسَهُمْ(٣) ».

قَالَ السَّائِلُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، كَيْفَ أَعْرِفُ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ تَكُونُ فِي كُلِّ سَنَةٍ؟

قَالَ : « إِذَا أَتى شَهْرُ رَمَضَانَ ، فَاقْرَأْ سُورَةَ الدُّخَانِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِائَةَ مَرَّةٍ ، فَإِذَا أَتَتْ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ ، فَإِنَّكَ نَاظِرٌ إِلى تَصْدِيقِ الَّذِي سَأَلْتَ عَنْهُ ».(٤)

٦٥٣/ ٩. وَ(٥) قَالَ(٦) : قَالَ(٧) أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام : « لَمَا تَرَوْنَ(٨) مَنْ بَعَثَهُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لِلشَّقَاءِ(٩) عَلى أَهْلِ الضَّلَالَةِ مِنْ أَجْنَادِ الشَّيَاطِينِ وَأَزْوَاجِهِمْ أَكْثَرُ مِمَّا تَرَوْنَ(١٠) خَلِيفَةَ‌

__________________

(١) في البحار ، ج ٢٥ : « تسألني ».

(٢) في « ب » : + « علمهم ».

(٣) فيمرآة العقول : « إلّا أنفسهم ، بضمّ الفاء ، أي اطّلاع كلّ منهم صاحبه. وربّما يقرأ بفتح الفاء ، أفعل التفضيل من النفيس ، أي خواصّ شيعتهم. وقد مرّ أنّ الأوّل أيضاً يحتمل شموله لخواصّ الشيعة ، فلا حاجة إلى هذا التكلّف ».

(٤)الوافي ، ج ٢ ، ص ٥٤ ، ضمن ح ٤٨٩ ؛البحار ، ج ٢٥ ، ص ٨٠ ، ضمن ح ٦٨ ؛ وج ١٧ ، ص ١٣٥ ، ح ١٤ ، من قوله : « أرأيت قولك في ليلة القدر » إلى قوله : « قال الأمر واليسر فيما كان قد علم ».

(٥) في « ب » والوافي : - « و ».

(٦) في « ف » والوافي : + « و ». هذا ، والضمير المستتر راجع إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام . وهذا واضح لمن نظر إلى أحاديث الباب السابقة نظرةً سريعة. (٧) في البحار ، ج ٢٥ : - « قال ».

(٨) في حاشية « ألف ، بر » : « لما تزور ». وفي حاشية « ج ، بح » والبحار ، ج ٢٥ وج ٦٣ ، ص ٢٧٦ : « لما يزور ». وقوله : « لما ترون » ، اللام المفتوحة لتأكيد الحكم ، أو موطّئة للقسم. و « ما » موصولة مبتدأ ، خبره « أكثر ممّا ترون خليفة الله » ، أي لخليفة الله ، أو مع خليفة الله من الملائكة ، أو أكثر ممّا ترون من بعثه الله تعالى إلى خليفة الله من الملائكة. و « من بَعَثَه » مفعول يرون. راجع :شرح المازندراني ، ج ٦ ، ص ١٩ ؛الوافي ، ج ٢ ، ص ٥٩ ؛مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ١٠١. (٩) في الوافي : « بالشقاء ».

(١٠) في « ج » وحاشية « بح » : « يزور ». وفي حاشية « ألف ، بر » : « تزور ». وفي البحار ، ج ٢٥ ، وج ٦٣ ، ص ٢٧٦ : « أرواحهم أكثر ممّا أن يزور » بدل « أزواجهم أكثر ممّا ترون ». وفيمرآة العقول : « في بعض النسخ بل أكثرها : ترون ، بالتاء ، فقوله : من بعثه الله ، أي ممّن بعثه الله ، أو بدل « ما ». أو « ما » مصدريّة ، وقوله : خليفة الله ، أي لخليفة =

٦٢٦

اللهِ الَّذِي بَعَثَهُ(١) لِلْعَدْلِ وَالصَّوَابِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ».

قِيلَ : يَا أَبَا جَعْفَرٍ ، وَكَيْفَ يَكُونُ شَيْ‌ءٌ أَكْثَرَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ؟

قَالَ : « كَمَا شَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ».

قَالَ السَّائِلُ : يَا أَبَا جَعْفَرٍ ، إِنِّي لَوْ حَدَّثْتُ بَعْضَ الشِّيعَةِ بِهذَا الْحَدِيثِ ، لَأَنْكَرُوهُ(٢) .

قَالَ : « كَيْفَ يُنْكِرُونَهُ؟ » قَالَ : يَقُولُونَ(٣) : إِنَّ الْمَلَائِكَةَ أَكْثَرُ مِنَ الشَّيَاطِينِ.

قَالَ : « صَدَقْتَ ، افْهَمْ عَنِّي مَا أَقُولُ أَنَّهُ(٤) لَيْسَ مِنْ يَوْمٍ وَلَا(٥) لَيْلَةٍ إِلَّا وَجَمِيعُ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ تَزُورُ(٦) أَئِمَّةَ الضَّلَالَةِ(٧) ، وَيَزُورُ إِمَامَ(٨) الْهُدى عَدَدُهُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، حَتّى إِذَا أَتَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فَيَهْبِطُ(٩) فِيهَا مِنَ(١٠) الْمَلَائِكَةِ إِلى وَلِيِّ(١١) الْأَمْرِ ، خَلَقَ اللهُ(١٢) - أَوْ قَالَ : قَيَّضَ اللهُ(١٣) - عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الشَّيَاطِينِ بِعَدَدِهِمْ ، ثُمَّ زَارُوا وَلِيَّ الضَّلَالَةِ ، فَأَتَوْهُ بِالْإِفْكَ(١٤)

__________________

= الله كما قيل. والأوّل أظهر. والذي هو الأصوب عندي أنّه كان : « لما يزور » في الموضعين فصحّف ، كما تدلّ عليه تتمّة الكلام ».

(١) في « ج » : + « الله ».

(٢) في « بر » : « أنكروه ».

(٣) في « بح » : « يقول ».

(٤) بدل عن العائد إلى الموصول وليس مقولاً.

(٥) في البحار ، ج ٦٣ ، ص ١٨٤ : - « لا ».

(٦) في الوافي : « يزور ».

(٧) في الوافي والبحار ، ج ٦٣ ، ص ١٨٤ : « الضلال ».

(٨) في البحار ، ج ٦٣ ، ص ١٨٤ : « أئمّة ».

(٩) في « بر » والبحار ، ج ٦٣ ، ص ١٨٤ : « فهبط ».

(١٠) « من » زائدة في الفاعل ، مثل( وَلَقَدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِىْ الْمُرْسَلِينَ ) الأنعام (٦) : ٣٤.

(١١) في البحار ، ج ٦٣ ، ص ١٨٤ : « اُولي ».

(١٢) فيشرح المازندراني : « من الملائكة خَلْق الله ». ثمّ قال : « لعلّ المراد بخلق الله بعض الملائكة كما هو الظاهر من هذه العبارة ». وفي الوافي : « خلق الله ، جواب إذا ».

(١٣) يقال : « قيَض الله » فلاناً لفلان ، أي جاءه به وأتاحه له ، وقيّض الله له قريناً ، أي هيّأه وسبّبه له من حيث لايحتسبه. راجع :لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٢٢٥ ( قيض ).

(١٤) « الإفك » : الكذب ، فالعطف للتفسير. قال الراغب فيالمفردات ، ص ٧٩ ( أفك ) : « الإفك : كلّ مصروف عن وجهه الذي يحقّ أن يكون عليه ، ومنه قيل للرياح العادلة عن المهابّ : مؤتفكات ». فيشرح المازندراني : « ولا يبعد أن يقال : إنّ الخبر الذي لا يطابق الواقع من حيث إنّه لا يطابق الواقع يسمّى كذباً ، ومن حيث إنّه يصرف المخاطب عن الحقّ إلى الباطل يسمّى إفكاً ، يقال : أَفَكَهُ ، إذا صرفه عن الشي‌ء ».

٦٢٧

وَالْكَذِبِ حَتّى لَعَلَّهُ يُصْبِحُ فَيَقُولُ : رَأَيْتُ كَذَا وَكَذَا ، فَلَوْ سَأَلَ(١) وَلِيَّ الْأَمْرِ عَنْ ذلِكَ ، لَقَالَ : رَأَيْتَ شَيْطَاناً أَخْبَرَكَ بِكَذَا(٢) وَكَذَا حَتّى يُفَسِّرَ لَهُ تَفْسِيراً(٣) ، وَيُعْلِمَهُ(٤) الضَّلَالَةَ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا.

وَايْمُ اللهِ(٥) ، إِنَّ مَنْ صَدَّقَ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ لَيَعْلَمُ(٦) أَنَّهَا لَنَا خَاصَّةً ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله لِعَلِيٍّعليه‌السلام حِينَ دَنَا مَوْتُهُ : هذَا وَلِيُّكُمْ مِنْ بَعْدِي ، فَإِنْ أَطَعْتُمُوهُ رَشَدْتُمْ(٧) ، وَلكِنْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِمَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(٨) مُنْكِرٌ ، وَمَنْ آمَنَ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ - مِمَّنْ عَلى غَيْرِ رَأْيِنَا - فَإِنَّهُ لَا يَسَعُهُ فِي الصِّدْقِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ : إِنَّهَا لَنَا ، وَمَنْ لَمْ يَقُلْ فَإِنَّهُ(٩) كَاذِبٌ ؛ إِنَّ(١٠) اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُنَزِّلَ الْأَمْرَ مَعَ الرُّوحِ وَالْمَلَائِكَةِ إِلى كَافِرٍ فَاسِقٍ.

فَإِنْ قَالَ : إِنَّهُ يُنَزِّلُ إِلَى الْخَلِيفَةِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهَا(١١) ، فَلَيْسَ قَوْلُهُمْ ذلِكَ بِشَيْ‌ءٍ.

وَإِنْ(١٢) قَالُوا(١٣) : إِنَّهُ لَيْسَ يُنَزِّلُ إِلى أَحَدٍ ، فَلَا يَكُونُ أَنْ يُنَزَّلَ شَيْ‌ءٌ إِلى غَيْرِ شَيْ‌ءٍ.

وَإِنْ قَالُوا - وَ(١٤) سَيَقُولُونَ(١٥) - : لَيْسَ هذَا بِشَيْ‌ءٍ ، فَقَدْ ضَلُّوا ضَلَالاً‌

__________________

(١) في « ف » : « سُئل ».

(٢) في البحار ، ج ٦٣ ، ص ٢٧٦ : « كذا ».

(٣) في « ض » : « تفسيراً له » بدل « له تفسيراً » وفي « ف » : « تفسيره ». وفي البحار ، ج ٢٥ ، وج ٦٣ ، ص ٢٧٦ : « تفسيرها ». (٤) في « ض ، بر ، بف » : « ويعلّمه ». وفي « ف » : « أو يعلمه ».

(٥) راجع ما تقدّم ذيل الحديث ٦٤٥ في معنى « أيم الله ».

(٦) في « ب » وحاشية « ض » : « علم ». وفي البحار ، ج ٢٥ : « لعلم ».

(٧) « رشدتم » ، أي اهتديتم ، من الرشد بمعنى الصلاح ، وهو خلاف الغيّ والضلال ، وهو إصابة الصواب ، وأيضاً الاستقامة على طريق الحقّ مع تصلّب فيه. راجع :المصباح المنير ، ص ٢٢٧ ؛القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤١٣ ( رشد ).

(٨) في شرح المازندراني : « بليلة القدر » بدل « بما في ليلة القدر ».

(٩) في حاشية « ض ، ف » : « فهو ».

(١٠) في « ف » : « لأنّ ».

(١١) في « بر » : « عليه ». وفيالوافي : « عليها ، أي على الضلالة ». وفي حاشية بدرالدين ، ص ١٧٥ : « الخليقة » بدل « الخليفة » وقال : « أي الخليقة الذي ذلك الفاسق والٍ عليها ».

(١٢) في « ض » : « فإن ».

(١٣) في « ب » : « قال ».

(١٤) في « ب ، ض ، ف ، و ، بر ، بس ، بف » والوافي وحاشية بدرالدين : - « و ».

(١٥) الظاهر أنّ في نسخة المجلسي : فسيقولون ، فإنّه قال ما خلاصته : « أنّه في بعض النسخ بالواو وهو =

٦٢٨

بَعِيداً ».(١)

٤٢ - بَابٌ فِي أَنَّ الْأَئِمَّةَعليهم‌السلام يَزْدَادُونَ فِي لَيْلَةِ (٢) الْجُمُعَةِ‌

٦٥٤/ ١. حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ الْقُمِّيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَيُّوبَ(٣) ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الصَّنْعَانِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قَالَ لِي : « يَا أَبَا يَحْيى ، إِنَّ لَنَا فِي لَيَالِي الْجُمُعَةِ لَشَأْناً مِنَ الشَّأْنِ(٤) ».

قَالَ : قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، وَمَا ذَاكَ الشَّأْنُ؟

قَالَ : « يُؤْذَنُ لِأَرْوَاحِ الْأَنْبِيَاءِ الْمَوْتىعليهم‌السلام ، وَأَرْوَاحِ الْأَوْصِيَاءِ الْمَوْتى ، وَرُوحِ الْوَصِيِّ الَّذِي بَيْنَ ظَهْرَانَيْكُمْ(٥)

__________________

= الصواب ، نظير قوله تعالى :( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا ) [ البقرة (٢) : ٢٤ ] وفي بعضها بدون الواو فالمعنى : فإن قالوا : لا ينزل إلى أحد فسيقولون بعد التنبيه أو الرجوع إلى أنفسهم : ليس هذا بشي‌ء ؛ أو يكون « سيقولون » مفعول قالوا ، ولا يخفى بُعدهما. والصواب النسخة الاولى والله يعلم ». واستصوبه السيّد بدرالدين في حاشيته وقال : « وكأنّ الواو سقط من قلم الناسخين ». راجع :مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ١٠٣ - ١٠٤ ؛حاشية بدرالدين ، ص ١٧٦.

(١)الوافي ، ج ٢ ، ص ٥٥ ، ذيل ح ٤٨٩ ؛البحار ، ج ٢٥ ، ص ٨٢ ، ذيل ح ٦٨ ؛ وج ٦٣ ، ص ١٨٤ ، من قوله : « ليس من يوم ولا ليلة إلّاوجميع الجنّ والشياطين تزور أئمّة الضلالة » ؛ وص ٢٧٦ ، ح ١٦٤ ، وفي الأخيرين إلى قوله : « ويعلّمه الضلالة التي هو عليها ». (٢) في حاشية « بح » : « يوم ».

(٣) ورد الخبر فيبصائر الدرجات ، ص ١٣١ ، ح ٤ ، بسندين عن عبدالله بن أبي أيّوب ، عن شريك بن مليح ، عن أبي يحيى الصنعاني ، والمذكور في بعض نسخ البصائر : « عبدالله بن أيّوب شريك بن مليح ».

(٤) « الشَأْنُ » و « الشانُ » : الخطب والأمر والحالُ. والجمع شُؤُونٌ. والتنكير للتفخيم. وقولهعليه‌السلام : من الشأن ، مبالغة فيه. راجع :النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٣٧ ( شأن ).

(٥) في « ألف ، و ، بس » وحاشية « ض ، ف ، بح ، بر ، بف » : « أظهركم ». و « بَيْنَ ظَهْرانَيْكُمْ » ، يعني أنّه أقام بينكم على ‌سبيل الاستظهار والاستناد إليكم ، وزيدت فيه ألفٌ ونونٌ مفتوحةٌ تأكيداً. ومعناه : أنّ ظَهراً منكم قُدّامَه وظهراً =

٦٢٩

يُعْرَجُ(١) بِهَا إِلَى السَّمَاءِ حَتّى تُوَافِيَ عَرْشَ رَبِّهَا(٢) ، فَتَطُوفَ بِهِ أُسْبُوعاً ، وَتُصَلِّيَ عِنْدَ كُلِّ قَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ تُرَدُّ إِلَى الْأَبْدَانِ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا ، فَتُصْبِحُ(٣) الْأَنْبِيَاءُ(٤) وَالْأَوْصِيَاءُ قَدْ مُلِئُوا(٥) سُرُوراً ، وَيُصْبِحُ الْوَصِيُّ الَّذِي بَيْنَ ظَهْرَانَيْكُمْ(٦) وَقَدْ(٧) زِيدَ فِي عِلْمِهِ مِثْلُ جَمِّ الْغَفِيرِ(٨) ».(٩)

٦٥٥/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي زَاهِرٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيِّ ، عَنْ يُوسُفَ الْأَبْزَارِيِّ(١٠) ، عَنِ الْمُفَضَّلِ ، قَالَ :

قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ذَاتَ يَوْمٍ(١١) - وَكَانَ لَايُكَنِّينِي(١٢) قَبْلَ ذلِكَ - : « يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ ».

__________________

= منكم وراءَه ، فهو مكنوف من جانبيه ، ثمّ كثر حتّى استُعمل في الإقامة بين القوم مطلقاً. راجع :النهاية ، ج ٣ ، ص ١٦٦ ( ظهر ).

(١) كذا في النسخ ، والأولى : « أن يعرج ».

(٢) « توافي عَرْش ربّها » أي تأتيها. يقال : وافى فلان فلاناً ، أي أتاه. راجع :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥٢٦ ( وفى ).

(٣) في الوافي : « فيصبح ».

(٤) في حاشية « ف » : + « والرسل ».

(٥) في البصائر ، ص ١٣١ : + « واُعطوا ».

(٦) في « ف » : « أظهركم ».

(٧) في « بح » : « فقد ».

(٨) « جَمَّ الغَفِير » أي الجمع الكثير ، يقال : جاء القوم جمّاً غَفِيراً ، والجمّاءَ الغَفِيرَ ، وجَمّاءَ غَفِيراً ، أي مجتمعين كثيرين ، ويقال : جاؤوا الجَمَّ الغَفِيرَ ، ثمّ يحذف الألف واللام وأُضيف من باب صلاة الاُولى ومسجد الجامع. وأصل الكلمة من الجُمُوم والجَمَّة ، وهو الاجتماع والكثرة ، والغَفِير من الغَفْر ، وهو التغطية والستر ، فجعلت الكلمتان في موضع الشمول والإحاطة. ولم تقل العرب : الجمّاء إلّاموصوفاً وهو منصوب على المصدر كطُرّاً وقاطبةً ؛ فإنّها أسماء وضعت موضع المصدر. راجع :النهاية ، ج ١ ، ص ٣٠٠ ( جمم ).

(٩)بصائر الدرجات ، ص ١٣١ ، ح ٤ ، وفيه : « عن الحسن بن علي بن معاوية ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن أبي أيّوب ، عن شريك بن مليح ؛ وحدّثني الخضر بن عيسى ، عن الكاهلي ، عن عبد الله بن أبي أيّوب ، عن شريك بن مليح ، عن أبي يحيى الصنعاني ».وفيه ، ص ١٣٠ ، ح ٢ ، بسند آخر ، مع زيادة واختلاف يسير. وراجع :بصائر الدرجات ، ص ١٣٢ ، ح ٧.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٥ ، ح ١١٤٤.

(١٠) في « ألف » : « الأبزازي ». وفي « بس ، بف » : « الابرازي » ، وهذان اللقبان غير مذكورين - حسب تتبّعنا - والمذكور هو « الأبزاري » ، راجع :الأنساب للسمعاني ، ج ١ ، ص ٧٤ ؛توضيح المشتبه ، ج ١ ، ص ١٢٨.

(١١) في البحار : « ليلة ».

(١٢) فيمرآة العقول : « وكان لا يُكَنّيني ، أي لا يدعونني بالكنية قبل هذا اليوم ، وفي هذا اليوم دعاني به ، وقال : =

٦٣٠

قَالَ(١) : قُلْتُ : لَبَّيْكَ ، قَالَ : « إِنَّ لَنَا فِي كُلِّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ سُرُوراً »(٢) . قُلْتُ : زَادَكَ اللهُ ، وَمَا ذَاكَ؟

قَالَ : « إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ ، وَافى(٣) رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله الْعَرْشَ ، وَوَافَى الْأَئِمَّةُعليهم‌السلام مَعَهُ ، وَوَافَيْنَا مَعَهُمْ ، فَلَا تُرَدُّ أَرْوَاحُنَا إِلى(٤) أَبْدَانِنَا إِلَّا بِعِلْمٍ مُسْتَفَادٍ ، وَلَوْ لَاذلِكَ لَأَنْفَدْنَا(٥) ».(٦)

٦٥٦/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِنْقَرِيِّ ، عَنْ يُونُسَ أَوِ الْمُفَضَّلِ(٧) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « مَا مِنْ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ إِلَّا وَلِأَوْلِيَاءِ اللهِ فِيهَا سُرُورٌ ».

قُلْتُ : كَيْفَ ذلِكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟

قَالَ : « إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ ، وَافى رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله الْعَرْشَ ، وَوَافَى الْأَئِمَّةُ(٨) ، وَوَافَيْتُ‌

__________________

= يا أبا عبد الله ، وهذا افتخار من المفضّل ؛ لأنّ التكنية عندهم من أفضل التعظيم ».

(١) في « ج » : - « قال ».

(٢) في « ب ، ض ، بر » : + « قال ».

(٣) « وافى » ، أي أتى ، يقال : وافى فلان فلاناً ، أي أتاه. راجع :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥٢٦ ( وفى ).

(٤) في « ف » : « على ».

(٥) في البصائر : « لنفد ما عندنا ». و « لأنْفَدْنا » ، أي صرنا ذوي نفاد العلم ، يقال : نَفِدَ الشي‌ءُ نَفاداً ، أي فَنِيَ ، وأنْفَدْتُه أنا. وأنَفَدَ القومُ ، أي ذهبت أموالهم ، أي فَنِيَ زادُهم. راجع :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٤٤ ( نفد ).

(٦)بصائر الدرجات ، ص ١٣٠ ، ح ١ ، عن أحمد بن موسى ، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٥ ، ح ١١٤٥ ؛البحار ، ج ١٧ ، ص ١٣٥ ، ح ١٥.

(٧) الخبر مذكور فيبصائر الدرجات ، ص ١٣١ ، ح ٥ ، عن سلمة بن الخطّاب بنفس السند ، عن يونس بن أبي الفضل ، والمذكور في بعض نسخه « يونس أبي الفضل ». والظاهر أنّ الصواب « يونس أو المفضّل ». كما في ما نحن فيه ، وأنّ المراد من يونس هو يونس بن ظبيان ، ومن المفضّل هو المفضّل بن عمر ؛ فإنّ كلا عنواني يونس بن أبي الفضل ويونس أبي الفضل غريبان غير مذكورين في موضع. وقد روى الحسين بن أحمد المنقري عن يونس بن ظبيان في بعض الأسناد. اُنظر على سبيل المثال :الكافي ، ح ٢١١٥ و ٤٤٤٩ و ١١٦٩٢ و ١٢٥٨٥ و ١٥٣٧٧. (٨) في البصائر : + « العرش ».

٦٣١

مَعَهُمْ ، فَمَا أَرْجِعُ إِلَّا بِعِلْمٍ مُسْتَفَادٍ ، وَلَوْ لَاذلِكَ لَنَفِدَ مَا عِنْدِي ».(١)

٤٣ - بَابُ لَوْ لَا أَنَّ الْأَئِمَّةَعليهم‌السلام يَزْدَادُونَ لَنَفِدَ مَا عِنْدَهُمْ‌

٦٥٧/ ١. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ(٢) عليه‌السلام يَقُولُ : « كَانَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ(٣) عليهما‌السلام يَقُولُ : لَوْ لَا أَنَّا نَزْدَادُ(٤) لَأَنْفَدْنَا(٥) ».(٦)

* مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ صَفْوَانَ ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام مِثْلَهُ.

٦٥٨/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ(٧) ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ ، عَنْ ذَرِيحٍ الْمُحَارِبِيِّ ، قَالَ :

قَالَ لِي(٨) أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « يَا ذَرِيحُ ، لَوْ لَا أَنَّا نَزْدَادُ(٩) لَأَنْفَدْنَا ».(١٠)

__________________

(١)بصائر الدرجات ، ص ١٣١ ، ح ٥ ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن عبد الله بن محمّد ، عن الحسين بن أحمد المنقري ، عن يونس بن أبي الفضل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٦ ، ح ١١٤٦.

(٢) في « بح » : « الرضا » بدل « أبا الحسن ».

(٣) في البصائر ، ح ٤ : « أبو جعفر ».

(٤) في « ض » : « لولا أن نزداد ». وفي « بح » وحاشية « ج » : « لولا أنّا نزاد ».

(٥) راجع ما تقدّم ذيل ح ٦٥٥.

(٦)بصائر الدرجات ، ص ٣٩٥ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ؛وفيه ، ص ٣٩٥ ، ح ٤ ، بسنده عن صفوان بن يحيى ، عن محمّد بن حكيم.وفيه ، ص ٣٩٦ ، ح ٦ ، بسند آخر.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٦ ، ح ١١٤٧.

(٧) ورد الخبر فيبصائر الدرجات ، ص ٣٩٥ ، ح ٢ ، عن أحمد بن محمّد ، عن عمرو ، عن الحسين بن سعيد. ولم‌يرد « عن عمرو » في بعض مخطوطاته ، وهو الظاهر ؛ فقد أكثر أحمد بن محمّد [ بن عيسى ] من الرواية عن الحسين بن سعيد ، ولم نجد رواية من يسمّى بعمرو عن الحسين بن سعيد.

(٨) في « ب ، بف » : - « لي ».

(٩) في « ض » وحاشية « ج » والبصائر ، ص ٣٩٥ ، ح ٢ : « نزاد ».

(١٠)بصائر الدرجات ، ص ٣٩٥ ، ح ٢ ، عن أحمد بن محمّد ، عن عمرو ، عن الحسين بن سعيد.وفيه ، =

٦٣٢

٦٥٩/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ ثَعْلَبَةَ ، عَنْ زُرَارَةَ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام يَقُولُ : « لَوْ لَا أَنَّا نَزْدَادُ(١) لَأَنْفَدْنَا(٢) ». قَالَ : قُلْتُ : تَزْدَادُونَ(٣) شَيْئاً لَا يَعْلَمُهُ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

قَالَ : « أَمَا إِنَّهُ إِذَا كَانَ ذلِكَ ، عُرِضَ عَلى رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثُمَّ عَلَى الْأَئِمَّةِ ، ثُمَّ انْتَهَى الْأَمْرُ إِلَيْنَا ».(٤)

٦٦٠/ ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « لَيْسَ يَخْرُجُ شَيْ‌ءٌ(٥) مِنْ عِنْدِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - حَتّى يَبْدَأَ بِرَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثُمَّ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام ، ثُمَّ بِوَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ ؛ لِكَيْلَا يَكُونَ آخِرُنَا أَعْلَمَ مِنْ أَوَّلِنَا ».(٦)

__________________

= ص ٣٩٥ ، ح ٥ و ٧ ، بسند آخر مع زيادة واختلاف.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٦ ، ح ١١٤٨.

(١) في « ض » وحاشية « ج » والبصائر ، ص ٣٩٢ ، ح ١ وص ٣٩٣ ، ح ٨ : « نزاد ».

(٢) في البصائر ص ٣٩٤ ، ح ٨ : « نفدنا ».

(٣) في البصائر ، ص ٣٩٢ ، ح ١ : « تزادون ». وفيه ، ص ٣٩٤ ، ح ٨ : « فتزادون ».

(٤)بصائر الدرجات ، ص ٣٩٢ ، ح ١ ، عن أحمد بن محمّد ؛الاختصاص ، ص ٣١٢ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛بصائر الدرجات ، ص ٣٩٤ ، ح ٨ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر.وفيه ، ص ٣٩٢ ، ح ٣ ؛ وص ٣٩٣ ، ح ٥ ؛ والاختصاص ، ص ٣١٢ - ٣١٣ ؛ والأمالي للطوسي ، ص ٤٠٩ ، المجلس ١٤ ، ح ٦٧ و ٦٨ ، بسند آخر ، مع اختلاف.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٦ ، ح ١١٤٩ ؛البحار ، ج ١٧ ، ص ١٣٦ ، ح ١٦.

(٥) في « ج » والبصائر ، ص ٣٩٢ ، ح ٢ والاختصاص ، ص ٢٦٧ و ٣١٣ : « شي‌ء يخرج ».

(٦)بصائر الدرجات ، ص ٣٩٢ ، ح ٢ ، عن محمّد بن عيسى ؛الاختصاص ، ص ٢٦٧ و ٣١٣ ، بسنده عن محمّد بن عيسى.بصائر الدرجات ، ص ٣٩٢ ، ح ٣ ، بسند آخر عن عليّ بن الحسينعليه‌السلام مع اختلاف.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٧ ، ح ١١٥٠.

٦٣٣

٤٤ - بَابُ أَنَّ الْأَئِمَّةَعليهم‌السلام يَعْلَمُونَ جَمِيعَ الْعُلُومِ الَّتِي

خَرَجَتْ (١) إِلَى الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ (٢)عليهم‌السلام

٦٦١/ ١. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ سَمَاعَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ لِلّهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - عِلْمَيْنِ : عِلْماً(٣) أَظْهَرَ عَلَيْهِ مَلَائِكَتَهُ(٤) وَأَنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ ، فَمَا أَظْهَرَ عَلَيْهِ مَلَائِكَتَهُ وَرُسُلَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ(٥) فَقَدْ عَلِمْنَاهُ(٦) ، وَعِلْماً(٧) اسْتَأْثَرَ بِهِ(٨) ؛ فَإِذَا بَدَا لِلّهِ فِي شَيْ‌ءٍ مِنْهُ ، أَعْلَمَنَا ذلِكَ ، وَعَرَضَ(٩) عَلَى الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِنَا ».(١٠)

* عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنِ الْعَمْرَكِيِّ بْنِ عَلِيٍّ جَمِيعاً ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍعليهما‌السلام ، مِثْلَهُ.(١١)

__________________

(١) في « بح » : « أخرجت ».

(٢) في « ف » : « إلى جميع الأنبياء والرسل والملائكة ».

(٣) في « ض ، بح ، بس » : « علم ».

(٤) « أظهر عليه ملائكتَه » ، أي أطلع عليه ملائكتَه. يقال : أظهرني الله على ما سُرق منّي ، أي أطلعني عليه. راجع :لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٥٢٧ ( ظهر ). (٥) في « بح » والبصائر ، ص ٣٩٤ ، ح ٩ : « وأنبياءه ورسله ».

(٦) في « ب ، ج » : « علّمناه ».

(٧) في « ض » : « علم ».

(٨) « استأثر به » ، أي استبدّ به ، وخصّ به نفسه. والاستئثار : الانفراد بالشي‌ء. راجع :النهاية ، ج ١ ، ص ٢٢ ؛القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٩٠ ( أثر ). (٩) في « ض ، ف ، بر » : « عُرض ».

(١٠)بصائر الدرجات ، ص ٣٩٤ ، ح ٦ ، بسنده عن عبد الله بن القاسم ؛وفيه ، ص ٣٩٤ ، ح ١٠ ؛ والاختصاص ، ص ٣١٣ ، بسندهما عن سماعة بن مهران.بصائر الدرجات ، ص ١١١ ، ح ٩ و ١٠ ، بسند آخر عن الأصبغ بن نباتة ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، مع اختلاف.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٨ ، ح ١١٥١.

(١١)بصائر الدرجات ، ص ٣٩٤ ، ح ٩ ، بسنده عن عليّ بن جعفرعليه‌السلام ، عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام .الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٨ ، ح ١١٥٢.

٦٣٤

٦٦٢/ ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ لِلّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عِلْمَيْنِ : عِلْماً عِنْدَهُ لَمْ يُطْلِعْ(١) عَلَيْهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ ، وَعِلْماً نَبَذَهُ إِلى مَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ(٢) ، فَمَا نَبَذَهُ إِلى مَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ(٣) ، فَقَدِ انْتَهى إِلَيْنَا ».(٤)

٦٦٣/ ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ ، عَنْ ضُرَيْسٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام يَقُولُ : « إِنَّ لِلّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عِلْمَيْنِ : عِلْمٌ مَبْذُولٌ ، وَعِلْمٌ مَكْفُوفٌ(٥) . فَأَمَّا الْمَبْذُولُ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَيْ‌ءٍ تَعْلَمُهُ(٦) الْمَلَائِكَةُ وَالرُّسُلُ إِلَّا(٧) نَحْنُ نَعْلَمُهُ. وَأَمَّا الْمَكْفُوفُ(٨) ، فَهُوَ الَّذِي عِنْدَ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي أُمِّ الْكِتَابِ إِذَا خَرَجَ نَفَذَ(٩) ».(١٠)

٦٦٤/ ٤. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ،

__________________

(١) في « ب » : « يطّلع ».

(٢) في « ب » : + « وأنبيائهعليهم‌السلام ».

(٣) في « بح » والبصائر ، ص ١١٠ ، ح ٤ : - « ورسله ».

(٤)بصائر الدرجات ، ص ١١٠ ، ح ٤ ، عن أحمد بن محمّد ، مع زيادة في أوّله. وفيالمحاسن ، ص ٢٤٣ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٢٣١ ؛ وبصائر الدرجات ، ص ١١١ ، ح ١٢ ؛ وتفسير العيّاشي ، ج ٢ ، ص ٢١٦ ، ح ٦٣ ؛ وص ٢١٧ ، ح ٦٧ ؛ والكافي ، كتاب التوحيد ، باب البداء ، ح ٣٧٥ ، بسند آخر عن أبي جعفرعليه‌السلام ، مع زيادة واختلاف. راجع :التوحيد ، ص ٤٤٤ ، ح ١ ؛ وعيون الأخبار ، ج ١ ، ص ١٨٢ ، ح ١ ؛ وكمال الدين ، ص ٢٦٢ ، ح ١.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٨ ، ح ١١٥٣.

(٥) في « ف » والوافي والبصائر ، ص ١١١ : « علماً مبذولاً وعلماً مكفوفاً ». وفي البصائر ، ص ١١٢ : « علم مكنون » بدل « علم مكفوف ». (٦) في الوافي والبصائر ، ص ١٠٩ : « يعلمه ».

(٧) في « ف » والبصائر ، ص ١٠٩ : + « و ».

(٨) في حاشية « ف » والبصائر ، ص ١١٢ : « المكنون ».

(٩) في الوافي : « نفد ».

(١٠)بصائر الدرجات ، ص ١٠٩ ، ح ٣ ، بسنده عن ضريس ؛وفيه ، ص ١١١ ، ح ١١ ؛ وص ١١٢ ، ح ١٨ ، بسندهما عن جعفر بن بشير.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٩ ، ح ١١٥٥.

٦٣٥

عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ ، عَنْ سُوَيْدٍ الْقَلاَّءِ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ(١) ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ لِلّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عِلْمَيْنِ : عِلْمٌ(٢) لَايَعْلَمُهُ إِلَّا هُوَ ، وَعِلْمٌ(٣) عَلَّمَهُ مَلَائِكَتَهُ وَرُسُلَهُ ، فَمَا عَلَّمَهُ مَلَائِكَتَهُ وَرُسُلَهُعليهم‌السلام فَنَحْنُ نَعْلَمُهُ ».(٤)

٤٥ - بَابٌ نَادِرٌ فِيهِ ذِكْرُ الْغَيْبِ‌

٦٦٥/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلاَّدٍ ، قَالَ :

سَأَلَ أَبَا الْحَسَنِعليه‌السلام رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ فَارِسَ ، فَقَالَ لَهُ : أَتَعْلَمُونَ الْغَيْبَ؟ فَقَالَ : « قَالَ أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام : يُبْسَطُ لَنَا الْعِلْمُ ، فَنَعْلَمُ(٥) ، وَيُقْبَضُ عَنَّا ، فَلَا نَعْلَمُ(٦) ، وَقَالَ : سِرُّ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - أَسَرَّهُ(٧) إِلى جَبْرَئِيلَعليه‌السلام ، وَأَسَرَّهُ جَبْرَئِيلُ إِلى مُحَمَّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وَأَسَرَّهُ مُحَمَّدٌ إِلى‌

__________________

(١) كذا في النسخ ، لكنّ الظاهر وقوع تحريف في العنوان ، وأنّ الصواب هو « أيّوب » ؛ فقد توسّط سويد [ القلاّء ] بين عليّ بن النعمان وبين أيّوب [ بن الحرّ ] في بعض الأسناد ، راجع :معجم رجال الحديث ، ج ٨ ، ص ٤٨ - ٤٨٩.

ثمّ إنّه لا ينتقض هذا الاستظهار بما ورد فيبصائر الدرجات ، ص ١٤٥ ، ح ١٧ من رواية عليّ بن النعمان ، عن سويد ، عن أبي أيّوب ؛ فإنّ الخبر ورد فيالكافي ، ح ١٣٤٦٠ : « عن أيّوب ».

وأمّا ما ورد فيالتهذيب ، ج ٣ ، ص ١٦٩ ، ح ٣٧٣ ، وص ٢٢٥ ، ح ٥٧٠ ؛ والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٤١ ، ح ٨٦١ ، من رواية عليّ بن النعمان ، عن سويد القلاّء ، عن أبي أيّوب ، فالخبر في المواضع الثلاثة واحد ، ومع ذلك لم يرد في بعض نسخالتهذيب ، ج ٣ ، ص ١٦٩ لفظة « أبي ».

ثمّ إنّ الظاهر أنّ هذا التحريف تسرّى منبصائر الدرجات ، ص ١١١ ، ح ١٠ ، نبّه على ذلك الاستاد السيّد محمّد جواد الشبيري - دام توفيقه - في تعليقته على السند.

(٢) في « ف » وحاشية « بح » : « علماً ».

(٣) في « ف » وحاشية « بح » : « علماً ».

(٤)بصائر الدرجات ، ص ١١١ ، ح ١٠ ، عن محمّد بن عبدالجبّار.وفيه ، ص ١١٠ ، ح ٥ و ٦ ؛ وص ١١٢ ، ح ١٥ ، بسند آخر عن أبي جعفرعليه‌السلام . وفيالكافي ، كتاب التوحيد ، باب البداء ، ح ٣٧٧ ؛ وبصائر الدرجات ، ص ١٠٩ ، ح ٢ ؛ وص ١١٠ ، ح ٧ و ٨ ؛ وص ١١١ ، ح ١٣ ؛ وص ١١٢ ، ح ١٤ و ١٦ و ١٧ ، بسند آخر عن أبى عبد اللهعليه‌السلام ، وفي كلّها مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٩ ، ح ١١٥٥.

(٥) في « ف » : « نعلمه ».

(٦) في « ف » : « فلا نعلمه ».

(٧) « أسرّه » ، أي أظهره وأعلنه. قال الجوهري : أسرَرْتُ الشي‌ءَ : كتمتُه ، وأعلنتُه أيضاً. فهو من الأضداد. =

٦٣٦

مَنْ شَاءَ اللهُ(١) ».(٢)

٦٦٦/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ ، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ ، قَالَ :

سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَعْيَنَ يَسْأَلُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) (٣) قَالَ(٤) أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام : « إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - ابْتَدَعَ(٥) الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا بِعِلْمِهِ عَلى غَيْرِ مِثَالٍ كَانَ قَبْلَهُ ، فَابْتَدَعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ(٦) ، وَلَمْ يَكُنْ(٧) قَبْلَهُنَّ سَمَاوَاتٌ وَلَا أَرَضُونَ ، أَمَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ تَعَالى :( وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ ) (٨) ؟ » ‌

فَقَالَ لَهُ حُمْرَانُ : أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ جَلَّ ذِكْرُهُ :( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً ) ؟

فَقَالَ(٩) أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام : «( إلّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ ) (١٠) وَكَانَ وَاللهِ مُحَمَّدٌ مِمَّنِ ارْتَضَاهُ(١١) .

__________________

= راجع :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٨٣ ( سرر ).

(١) في « ألف ، بس » : - « الله ».

(٢)بصائر الدرجات ، ص ٥١٣ ، ح ٣٢ ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن معمّر إلى قوله : « يقبض عنّا فلا نعلم ».وفيه ، ص ٣٧٨ ، ح ٦ ، بسنده عن معمّر بن خلاّد ، مع اختلاف في أوّله.وفيه أيضاً ، ص ٣٧٧ ، ح ٤ ؛ والغيبة للنعماني ، ص ٣٧ ، ح ١٠ ؛ والاختصاص ، ص ٢٥٤ ، بسند آخر عن أبي جعفرعليه‌السلام ، من قوله : « سرّ الله عزّ وجلّ أسرّه » مع اختلاف. وفيتحف العقول ، ص ٣٠٧ ؛ والخصال ، ج ٢ ، ص ٥٢٨ ، أبواب الثلاثين وما فوقه ، ح ٣ مرسلاً ، وفيه إلى قوله : « ويقبض عنّا فلا نعلم » مع اختلاف وزيادة في آخرهما.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٩٠ ، ح ١١٥٧. (٣) البقرة (٢) : ١١٧ ؛ الأنعام (٦) : ١٠١.

(٤) في « ب ، بر » وتفسير العيّاشي : « فقال ».

(٥) « ابتدع الأشياءَ » ، أي أحدثها. يقال : أبدع الله تعالى الخلق إبداعاً ، أي خلقهم لا على مثال ، وأبدعت الشي‌ءَ وابتدعته ، أي استخرجته وأحدثته. راجع :المصباح المنير ، ص ٣٨ ( بدع ).

(٦) في حاشية « بح » والبصائر ، ص ١١٣ ، ح ١ : « الأرض ».

(٧) في « ف » : « لم تكن ».

(٨) هود (١١) : ٧.

(٩) في « ب ، ج ، بح » وحاشية « بر » والبصائر ، ص ١١٣ ، ح ١ : + « له ».

(١٠) الجنّ (٧٢) : ٢٦ - ٢٧. وفي البصائر ، ص ١١٣ ، ح ١ : +( فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) .

(١١) « ارتضاه » ، أي اختاره. يقال : رضيت الشي‌ء ورضيت به رضاً : اخترته ، وارتضيته مثله. راجع :المصباح المنير ، ص ٢٢٩ ( رضى ).

٦٣٧

وَأَمَّا قَوْلُهُ :( عالِمُ الْغَيْبِ ) فَإِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - عَالِمٌ بِمَا غَابَ عَنْ خَلْقِهِ - فِيمَا يُقَدِّرُ مِنْ شَيْ‌ءٍ ، وَيَقْضِيهِ فِي عِلْمِهِ - قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ وَقَبْلَ أَنْ يُفْضِيَهُ(١) إِلَى الْمَلَائِكَةِ ؛ فَذلِكَ يَا حُمْرَانُ ، عِلْمٌ مَوْقُوفٌ عِنْدَهُ ، إِلَيْهِ فِيهِ الْمَشِيئَةُ ، فَيَقْضِيهِ إِذَا أَرَادَ ، وَيَبْدُو لَهُ فِيهِ(٢) ، فَلَا(٣) يُمْضِيهِ ؛ فَأَمَّا الْعِلْمُ الَّذِي يُقَدِّرُهُ اللهُ(٤) - عَزَّ وَجَلَّ - ويَقْضِيهِ(٥) وَيُمْضِيهِ ، فَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي انْتَهى إِلى رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ثُمَّ إِلَيْنَا ».(٦)

٦٦٧/ ٣. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ سَدِيرٍ ، قَالَ :

كُنْتُ أَنَا وَأَبُو بَصِيرٍ وَيَحْيَى الْبَزَّازُ وَدَاوُدُ بْنُ كَثِيرٍ فِي مَجْلِسِ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام إِذْ(٧) خَرَجَ إِلَيْنَا وَهُوَ مُغْضَبٌ ، فَلَمَّا أَخَذَ مَجْلِسَهُ ، قَالَ : « يَا عَجَباً(٨) لِأَقْوَامٍ يَزْعُمُونَ أَنَّا نَعْلَمُ الْغَيْبَ ، مَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ؛ لَقَدْ هَمَمْتُ بِضَرْبِ جَارِيَتِي فُلَانَةَ ، فَهَرَبَتْ مِنِّي ، فَمَا عَلِمْتُ فِي أَيِّ بُيُوتِ الدَّارِ هِيَ؟ ».

قَالَ سَدِيرٌ : فَلَمَّا أَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ وَصَارَ فِي مَنْزِلِهِ ، دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَصِيرٍ وَمُيَسِّرٌ ، وَقُلْنَا لَهُ : جُعِلْنَا(٩) فِدَاكَ ، سَمِعْنَاكَ وَأَنْتَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا فِي أَمْرِ جَارِيَتِكَ ،

__________________

(١) في البصائر ، ص ١١٣ ، ح ١ : « يقبضه ». و « يفضيه » ، أي يعلمه. يقال : أفضيت إليه بالسرّ ، أعلمته به. راجع :المصباح المنير ، ص ٤٧٦ ( فضا ).

(٢) في « ج » : - « فيه ».

(٣) في « ب » : « ولا ».

(٤) في « ف » : - « الله ».

(٥) هكذا في النسخ التي قوبلت. وفي المطبوع : « فيقضيه ».

(٦)بصائر الدرجات ، ص ١١٣ ، ح ١ ، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب.وفيه ، ص ١١٣ ، ح ٢ ، عن عبد الله بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، مع زيادة في آخره.تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٣٧٣ ، ح ٧٧ ، عن سدير ، عن حمران ، إلى قوله : « أما تسمع لقوله تعالى :( وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ ) .الوافي ، ج ١ ، ص ٥١٣ ، ح ٤١٥.

(٧) في « ف ، بر » : « إذا ».

(٨) في « ب » والبصائر ، ص ٢٣٠ : « يا عجباه ».

(٩) في « ف » والبصائر ، ص ٢٣٠ : + « الله ».

٦٣٨

وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّكَ تَعْلَمُ عِلْماً كَثِيراً ، وَلَانَنْسُبُكَ إِلى عِلْمِ الْغَيْبِ(١) .

قَالَ : فَقَالَ : « يَا سَدِيرُ ، أَلَمْ تَقْرَإِ الْقُرْآنَ؟ » قُلْتُ : بَلى.

قَالَ : « فَهَلْ وَجَدْتَ فِيمَا قَرَأْتَ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) (٢) ؟ » قَالَ : قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، قَدْ قَرَأْتُهُ.

قَالَ : « فَهَلْ عَرَفْتَ الرَّجُلَ؟ وَهَلْ عَلِمْتَ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ عِلْمِ الْكِتَابِ؟ » قَالَ : قُلْتُ : أَخْبِرْنِي بِهِ.

قَالَ : « قَدْرُ قَطْرَةٍ مِنَ الْمَاءِ(٣) فِي الْبَحْرِ الْأَخْضَرِ ، فَمَا يَكُونُ ذلِكَ مِنْ عِلْمِ الْكِتَابِ؟ » قَالَ : قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، مَا أَقَلَّ هذَا!

فَقَالَ : « يَا سَدِيرُ ، مَا أَكْثَرَ هذَا أَنْ يَنْسُبَهُ(٤) اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - إِلَى الْعِلْمِ الَّذِي أُخْبِرُكَ بِهِ. يَا سَدِيرُ ، فَهَلْ وَجَدْتَ فِيمَا قَرَأْتَ مِنْ كِتَابِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - أَيْضاً :( قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) (٥) ؟ ». قَالَ : قُلْتُ : قَدْ قَرَأْتُهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ.

قَالَ : « فَمَنْ(٦) عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ‌

__________________

(١) فيالوافي : « ولا ننسبك إلى علم الغيب ، إمّا إخبار ، أو استفهام إنكار ».

(٢) النمل (٢٧) : ٤٠.

(٣) في البصائر ، ص ٢١٣ : « من المطر الجود » بدل « من الماء ».

(٤) في البصائر ، ص ٢١٣ : « ما أكثره إن لم ينسبه إلى العلم » بدل « ما أكثر هذا أن ينسبه الله إلى العلم ». وقال في‌المرآة : « لعلّ هذه ردّ لما يفهم من كلام سدير من تحقير العلم الذي اُوتي آصفعليه‌السلام بأنّه وإن كان قليلاً بالنسبة إلى علم كلّ الكتاب ، فهو في نفسه عظيم ؛ لانتسابه إلى علم الذي أخبرك بعد ذلك برفعة شأنه. ويحتمل أن يكون هذا مبهماً يفسّره ما بعده ، ويكون الغرض بيان وفور علم من نسبه الله إلى مجموع علم الكتاب. ولعلّ الأوّل أظهر. وأظهر منهما ما فيالبصائر [ ص ٢١٣ ] حيث روى عن إبراهيم بن هاشم عن محمّد بن سليمان ، وفيه : ما أكثر هذا لمن لم ينسبه ». ثمّ قال : « والمعنى حينئذٍ بيّن ، وعلى التقادير يقرأ اخبرك على صيغة المتكلّم ، ويمكن أن يقرأ على ما في الكتاب بصيغة الغيبة ، أي أخبرك الله بأنّه أتى بعرش بلقيس في أقلّ من طرفة عين ». راجع :مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ١١٤.

(٥) الرعد (١٣) : ٤٣.

(٦) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي والبصائر ، ص ٢٣٠. وفي المطبوع : « أفمن ».

٦٣٩

كُلُّهُ(١) أَفْهَمُ ، أَمْ(٢) مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ بَعْضُهُ؟ » قُلْتُ : لَا ، بَلْ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ كُلُّهُ ، قَالَ(٣) : فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلى صَدْرِهِ ، وَقَالَ : « عِلْمُ الْكِتَابِ وَاللهِ كُلُّهُ(٤) عِنْدَنَا ، عِلْمُ الْكِتَابِ وَاللهِ كُلُّهُ(٥) عِنْدَنَا ».(٦)

٦٦٨/ ٤. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُصَدِّقِ بْنِ صَدَقَةَ ، عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنِ الْإِمَامِ : يَعْلَمُ الْغَيْبَ؟

فَقَالَ : « لَا ، وَلكِنْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْلَمَ الشَّيْ‌ءَ ، أَعْلَمَهُ اللهُ ذلِكَ ».(٧)

٤٦ - بَابُ أَنَّ الْأَئِمَّةَعليهم‌السلام إِذَا شَاؤُوا أَنْ يَعْلَمُوا‌ (٨) عُلِّمُوا (٩)

٦٦٩/ ١. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ بَدْرِ بْنِ الْوَلِيدِ ، عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ الشَّامِيِّ :

__________________

(١) يجوز فيه وفي نظائره الجرّ بدلاً عن الكتاب كما في « بر ».

(٢) في « بر » : « أو ».

(٣) في « ض » : - « قال ».

(٤) في « ب » : « كلّه والله ». وفي « بف » : - « كلّه ».

(٥) في « ب » : « كلّه والله ».

(٦)بصائر الدرجات ، ص ٢٣٠ ، ح ٥ ، عن عبّاد بن سليمان ؛وفيه ، ص ٢١٣ ، ح ٣ ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن سليمان بن سدير ، مع اختلاف يسير. وفيالكافي ، كتاب الحجّة ، باب أنّه لم يجمع القرآن كلّه إلّا الأئمّةعليهم‌السلام ، ح ٦١٤ ، بسند آخر ، من قوله : « فأومأ بيده إلى صدره » مع اختلاف يسير وزيادة في أوّله.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٩١ ، ح ١١٦٠.

(٧)بصائر الدرجات ، ص ٣١٥ ، ح ٤ ؛ والاختصاص ، ص ٢٨٥ ، عن أحمد بن الحسن. وفيبصائر الدرجات ، ص ٣١٥ ، ح ٥ ، بسنده عن عمر بن سعيد المدائني ، وفيه : « اذا أراد الإمام أن يعلم شيئاً علّمه الله ذلك ».وفيه ، ص ٣٢٥ ، ح ٢ ، بسند آخر عن أبي جعفرعليه‌السلام ، مع اختلاف.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٩٠ ، ح ١١٥٦.

(٨) في « ف » : + « شيئاً ».

(٩) هكذا في « بح ، بف ». ويقتضيه ما يأتي من الروايات ، وليس في النسخ ما ينافيه.

٦٤٠

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722