بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة13%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 446

  • البداية
  • السابق
  • 446 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 45729 / تحميل: 5493
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

إلاّ سواء ، و ما تضرّ عليّا عليه السّلام لو سببته على رؤوس الأشهاد ؟ و أمّا و عيدك إيّاي بالقتل ، فهلا قتلت اللحياني إذ وجدته على فراشك ؟ أما تستحي من قول نصر بن حجاج فيك :

يا للرجال و حادث الأزمان

و لسبّة تخزي أبا سفيان

نبّئت عتبة خانه في عرسه

جنس لئيم الأصل من لحيان

و بعد هذا ما ارتاع لذكره لفحشه ، فكيف يخاف أحد سيفك و لم تقتل فاضحك ؟ و كيف ألومك على بغض عليّ عليه السّلام و قد قتل خالك الوليد مبارزة يوم بدر ، و شرك حمزة في قتل جدّك عتبة ، و أوجدك من أخيك حنظلة في مقام واحد ؟

و أمّا أنت يا مغيرة فلم تكن بخليق إن تقع في هذا و شبهه ، و إنّما مثلك مثل البعوض إذ قالت للنخلة : استمسكي فإنّي طائرة عنك . فقالت النخلة : فهل علمت بك واقعة عليّ ، فأعلم بك طائرة عنّي ؟ و اللَّه ما نشعر بعد اوتك إيّانا ، و لا اغتممنا إذ علمنا بها ، و لا يشقّ علينا كلامك ، و أنّ حدّ اللَّه في الزّنا لثابت عليك ،

و لقد درأ عمر عنك حقّا اللَّه سائله عنه ، و لقد سألت النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله : هل ينظر الرّجل إلى المرأة يريد أن يتزوّجها ؟ فقال : لا بأس بذلك يا مغيرة ما لم ينو الزّنا ، لعلمه بأنّك زان .

و أمّا فخركم علينا بالإمارة فإنّه تعالى يقول : و إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليها القول فدمّرناها تدميرا ١ .

ثمّ قام الحسن عليه السّلام فنفض ثوبه و انصرف ، فتعلّق المغيرة بثوبه ، و قال لمعاوية : قد شهدت قوله فيّ و قذفه إيّاي بالزنا ، و أنا مطالب له بحدّ القذف . فقال معاوية : خلّ عنه لا جزاك اللَّه خيرا فتركه . فقال معاوية : قد أنبأتكم أنّه ممّن لا

ــــــــــــــــ

( ١ ) الإسراء : ١٦ .

١٠١

يطاق عارضته ، و نهيتكم أن تسبّوه ، فعصيتموني ، و اللَّه ما قام حتّى أظلم عليّ البيت ، قوموا عنّي ، فلقد فضحكم اللَّه و أخزاكم بترككم الحزم ، و عدو لكم عن رأي الناصح المشفق ١ .

و رواه سبط ابن الجوزي في ( تذكرته ) ، و فيه : أنّ الحسن عليه السّلام قال لمعاوية : « و قد علمت الفراش الّذي ولدت عليه » . و قال السّبط في تفسير كلامه عليه السّلام : قال هاشم الكلبي في ( مثالبه ) : إنّ معاوية كان يقال إنّه من أربعة :

عمارة بن الوليد ، و مسافر بن أبي عمرو ، و العبّاس ، و أبي سفيان ٢ .

و روى السّبط أيضا عن هشام الكلبي : أنّ مروان لمّا كان واليا على المدينة بعث رسولا إلى الحسن عليه السّلام و قال : قل له يقول لك مروان : أبوك الّذي فرّق الجماعة ، و قتل أمير المؤمنين عثمان ، و أباد العلماء و الزّهاد يعني الخوارج و أنت تفخر بغيرك فإذا قيل لك من أبوك ؟ تقول خالي الفرس . فجاء الرسول إلى الحسن ، فقال له : يا أبا محمّد إنّي أتيتك برسالة ممّن يخاف سطوته و يحذر سيفه ، فإن كرهت لم أبلّغك إيّاها و وقيتك بنفسي ؟ فقال الحسن عليه السّلام : لا بل تؤدّيها و نستعين عليه باللَّه ، فأدّاها ، فقال له عليه السّلام : تقول لمروان : إن كنت صادقا فاللَّه يجزيك بصدقك ، و إن كنت كاذبا فاللَّه أشدّ نقمة .

فخرج الرّسول من عنده فلقيه الحسين عليه السّلام فقال : من أين أقبلت ؟ فقال : من عند أخيك الحسن . فقال : و ما كنت تصنع ؟ قال : أتيت برسالة من عند مروان . فقال :

و ما هي ؟ فامتنع الرّسول من ادائها . فقال : لتخبرني أو لأقتلنّك . فسمع الحسن عليه السّلام فخرج ، و قال لأخيه : خلّ عن الرّجل . فقال : لا و اللَّه حتّى أسمعها .

فأعادها الرسول عليه . فقال عليه السّلام : قل له يقول لك الحسين بن علي بن فاطمة :

ــــــــــــــــ

( ١ ) نقله عن الزبير بن بكار في المفاخرات ابن أبي الحديد في شرحه ٢ : ١٠١ ، شرح الخطبة ٨٢ .

( ٢ ) تذكرة الخواص : ٢٠٢ ، و النقل بالمعنى .

١٠٢

يابن الزرقاء الدّاعية إلى نفسها بسوق ذي المجاز صاحبة الرّاية بسوق عكّاظ و يابن طريد رسول اللَّه و لعينه اعرف من أنت و من امّك و من أبوك . قال : فجاء الرّسول إلى مروان فأعاد عليه ما قالا ، فقال له : ارجع إلى الحسن ، و قل له :

أشهد أنّك ابن رسول اللَّه . و قل للحسين : أشهد أنّك ابن عليّ بن أبي طالب . فقال ( الحسين ) عليه السّلام للرّسول : قل له : كلاهما لي و رغما .

قال : قال الأصمعي : أمّا قول الحسين عليه السّلام : « يابن الدّاعية إلى نفسها » فذكر ابن إسحاق أنّ امّ مروان اسمها اميّة ، و كانت من البغايا في الجاهليّة ،

و كان لها راية مثل راية البيطار تعرف بها ، و كانت تسمّى امّ حنبل الزّرقاء ،

و كان مروان لا يعرف له أب ، و إنّما نسب إلى الحكم كما نسب عمرو إلى العاص . و أمّا قوله : « يابن طريد رسول اللَّه » فيشير إلى الحكم بن أبي العاص ،

أسلم الحكم يوم الفتح و سكن المدينة ، و كان ينقل أخبار النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله إلى الكفار من الأعراب و غيرهم ، و يتجسّس عليه . قال الشّعبي : و ما أسلم إلاّ لهذا ، و لم يحسن إسلامه ، و رآه النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يوما و هو يمشي و يتخالج في مشيته يحاكي النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله فقال له : كن كذلك . فمازال يمشي كأنّه يقع على وجهه ،

و نفاه النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله إلى الطائف و لعنه إلى أن قال فلمّا مات عمر ، و ولّي عثمان ردّه في اليوم الّذي ولّي فيه ، و قرّبه و أدناه ، و دفع له مالا عظيما و رفع منزلته ،

فقام المسلمون على عثمان و أنكروا عليه ، و هو أوّل ما أنكروا عليه ، و قالوا له :

رددت عدوّ اللَّه و رسوله ، و خالفت اللَّه و رسوله . فقال : إنّ النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و عدني بردّه . فامتنع جماعة من الصّحابة عن الصلاة خلف عثمان لذلك ،

ثمّ توفّي الحكم في خلافته ، فصلّى عليه ( عثمان ) و مشى خلفه ، فشقّ ذلك على المسلمين ، و قالوا : ما كفاك ما فعلت حتّى تصلّي على منافق ملعون لعنه النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و نفاه . فخلعوه و قتلوه . قال : و أعطى ابنه مروان خمس غنائم إفريقيّة خمسمائة ألف دينار . ثم قال : و بهذا السّبب قالت ( عائشة ) :

١٠٣

اقتلوا نعثلا قتله اللَّه فقد كفر ١ .

و روى الزّبير بن بكار : أنّ عمرو بن العاص لقي الحسن عليه السّلام في الطّواف ، فقال له : يا حسن زعمت أنّ الدين لا يقوم إلاّ بك و بأبيك ، فقد رأيت اللَّه أقامه بمعاوية ، فجعله راسيا بعد ميله ، و بيّنا بعد خفائه ، أفرضي اللَّه بقتل عثمان ؟ أو من الحقّ أن تطوّف بالبيت كما يدور الجمل بالطّحن ، عليك ثياب كغرقى البيض ، و أنت قاتل عثمان ؟ و اللَّه إنّه لألمّ للشّعث و أسهل للوعث أن يوردك معاوية حياض أبيك . فقال الحسن عليه السّلام : إنّ لأهل النّار لعلامات يعرفون بها : إلحادا لأولياء اللَّه ، و موالاة لأعداء اللَّه ، و اللَّه إنّك لتعلم أنّ عليّا لم يرتب في الدين ، و لم يشكّ في اللَّه ساعة ، و لا طرفة عين قطّ ، و ايم اللَّه لتنتهين يابن امّ عمرو أو لأنفذن حضنيك بنو افذ أشدّ من القعضبية ، فإيّاك و التهجّم عليّ ، فإنّي من قد عرفت ، لست بضعيف الغمزة ، و لا هشّ المشاشة ، و لا مري‏ء المأكلة ، و إنّي من قريش كواسطة القلادة ، يعرف حسبي ، و لا ادعى لغير أبي ،

و أنت من تعلم و يعلم النّاس ، تحاكمت فيك رجال قريش ، فغلب عليك جزّارها ،

ألأمهم حسبا ، و أعظمهم لؤما ، فإيّاك عنّي فإنّك رجس ، و نحن أهل بيت الطهارة أذهب اللَّه عنّا الرّجس و طهّرنا تطهيرا . قال : فأفحم عمرو و انصرف كئيبا ٢ .

و روى أبو الفرج و المدائني ، و اللّفظ للأوّل : أنّ الحسن عليه السّلام كتب إلى معاوية إلى أن قال : فلمّا توفّي النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله تنازعت سلطانه العرب ، فقالت قريش : نحن قبيلته و اسرته و أولياؤه ، و لا يحلّ لكم أن تنازعونا سلطان محمّد في النّاس و حقّه ، فرأت العرب أنّ القول كما قالت قريش ، و أنّ الحجّة لهم في

ــــــــــــــــ

( ١ ) تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي : ٢٠٧ .

( ٢ ) لم أظفر على من نقله عن الزبير بن بكار بل رواه المدائني كما نقل ابن أبي الحديد في شرحه ٤ : ١٠ ، و نقله الشارح نفسه عن المدائني في العنوان ٥ من هذا الفصل .

١٠٤

ذلك على من نازعهم أمر محمّد صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فأنعمت لهم العرب ، و سلّمت ذلك ، ثمّ حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاجّت به العرب ، فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها ، إنّهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانتصاف و الاحتجاج ، فلمّا صرنا أهل بيت محمّد و أولياؤه إلى محاجّتهم و طلب النّصف منهم باعدونا ،

و استولوا بالاجتماع على ظلمنا و مراغمتنا ، و العنت منهم لنا ، فالموعد اللَّه و هو الولي النّصير ، و قد تعجبنا لتوثّب المتوثّبين علينا في حقّنا و سلطان نبيّنا صلّى اللَّه عليه و آله و إن كانوا ذوي فضيلة و سابقة في الإسلام ، فأمسكنا عن منازعتهم ، مخافة على الدّين أن يجد المنافقون و الأحزاب بذلك مغمزا يثلمونه به ، أو يكون لهم بذلك سبب لما أرادوا به من فساده ، فاليوم فليعجب المتعجّب من توثّبك يا معاوية على أمر لست من أهله ، لا بفضل في الدين معروف ، و لا أثر في الإسلام محمود ، و أنت ابن حزب من الأحزاب ، و ابن أعدى قريش للنّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ،

و لكنّ اللَّه خيبك ، و سترد فتعلم لمن عقبى الدّار ، تاللَّه لتلقينّ عن قليل ربّك ، ثمّ ليجزينّك بما قدّمت يداك ، و ما اللَّه بظلاّم للعبيد .

إنّ عليّا رضوان اللَّه عليه لمّا مضى لسبيله رحمة اللَّه عليه يوم قبض و يوم منّ اللَّه عليه بالإسلام ، و يوم يبعث حيّا ولاّني المسلمون الأمر بعده ،

فأسأل اللَّه أن لا يزيدنا في الدّنيا الزّائلة شيئا ، ينقصنا به في الآخرة ممّا عنده من كرامته ، و إنّما حملني على الكتاب إليك الإعذار في ما بيني و بين اللَّه سبحانه و تعالى في أمرك ، و لك في ذلك إن فعلت الحظّ الجسيم ، و للمسلمين فيه صلاح ، فدع التمادي في الباطل ، و ادخل في ما دخل فيه النّاس من بيعتي ،

فإنّك تعلم أنّي أحقّ بهذا الأمر منك عند اللَّه و عند كلّ أوّاب حفيظ ، و من له قلب منيب ، و اتّق اللَّه ودع البغي ، و احقن دماء المسلمين ، فو اللَّه مالك من خير في أن تلقى اللَّه من دمائهم بأكثر ممّا أنت لاقيه به إلى أن قال في جواب معاوية لكتابه عليه السّلام : و ذكرت وفاة النّبيّ و تنازع المسلمين من بعده ، فرأيتك صرّحت

١٠٥

بتهمة أبي بكر الصّديق و عمر الفاروق ، و أبي عبيدة الأمين ، و حواري رسول اللَّه ، و صلحاء المهاجرين و الأنصار ، فكرهت ذلك لك ، فإنّك امرؤ عندنا و عند النّاس غير ظنين ، و لا المسي‏ء و لا اللئيم ، و أنا احبّ لك القول السّديد و الذكر الجميل ، إنّ هذه الامّة لمّا اختلفت بعد نبيّها لم تجهل فضلكم ، و لا سابقتكم و لا قرابتكم من النّبيّ ، و لا مكانتكم في الإسلام و أهله ، فرأت الامّة أن تخرج من هذا الأمر لقريش لمكانها من نبيّها ، و رأى صلحاء النّاس من قريش و الأنصار و غيرهم ، من سائر النّاس و عامّتهم أن يولّوا هذا الأمر من قريش : أقدمها إسلاما و أعلمها باللَّه ، و أحبّها له ، و أقواها على أمر اللَّه ، فاختاروا أبا بكر ، و كان ذلك رأي ذوي الحجى و الدّين و الفضيلة و النّاظرين للامّة ، فأوقع ذلك في صدوركم لهم التّهمة ، و لم يكونوا متّهمين ، و لا في ما أتوا بالمخطئين ، و لو رأى المسلمون فيكم من يغني غناءه ، أو يقوم مقامه أو يذبّ عن حريم الإسلام ذبّه ما عدلوا بالأمر إلى غيره إلى أن قال و الحال في ما بيني و بينك اليوم مثل الحال الّتي كنتم عليها أنتم و أبو بكر بعد وفاة النّبيّ ، فلو علمت أنّك أضبط منّي للرّعيّة ، و أحوط على هذه الامّة و أحسن سياسة ، و أقوى على جمع الأموال ، و أكيد للعدّو ، لأجبتك إلى ما دعوتني إليه ، و رأيتك لذلك أهلا . . . ١ .

و من هذا الكتاب و الجواب تعرف حقيقة الأمر في الباب ، و يكفيان في إتمام الحجّة لاولي الألباب .

و عن ( كامل المبرد ) : أنّ شاميّا رأى الحسن عليه السّلام فجعل يلعنه ،

و الحسن عليه السّلام لا يردّ ، فلمّا فرغ أقبل الحسن عليه السّلام إليه فسلّم عليه و ضحك ، فقال :

أيّها الشّيخ أظنّك غريبا ، و لعلّك شبّهت فلو استعتبتنا أعتبناك ، و لو سألتنا أعطيناك ، و لو استرشدتنا أرشدناك ، و لو استحملتنا حملناك ، و إن كنت جائعا

ــــــــــــــــ

( ١ ) رواه أبو الفرج في المقاتل : ٣٥ ٣٧ ، و المدائني عنه شرح ابن أبي الحديد ٤ : ٩ ، شرح الكتاب ٣١ .

١٠٦

أشبعناك ، و إن كنت عريانا كسوناك ، و إن كنت محتاجا أغنيناك ، و إن كنت طريدا آويناك ، و إن كان لك حاجة قضيناها لك ، فلو حرّكت رحلك إلينا و كنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك ، لأنّ لنا موضعا رحبا ، و جاها عريضا ، و مالا كبيرا . فلمّا سمع الرّجل كلامه عليه السّلام بكى ثمّ قال : أشهد أنّك خليفة اللَّه في أرضه ، اللَّه أعلم حيث يجعل رسالته ١ ، و كنت أنت و أبوك أبغض خلق اللَّه إليّ ، و الآن أنت أحبّ خلق اللَّه إليّ ٢ .

« املكوا عنّي هذا الغلام لا يهدّني » روى المدائني عن زيد بن أرقم قال :

خرج الحسن عليه السّلام و هو صغير ، و عليه برد ، و النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يخطب ، فعثر فسقط ،

فقطع النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله الخطبة و نزل مسرعا إليه و قد حمله النّاس ، فتسلمه و أخذه على كتفه و قال : إنّ الولد لفتنة ، لقد نزلت إليه و ما أدري ، ثمّ صعد فأتمّ الخطبة ٣ .

و روى أبو نعيم في ( حليته ) عن أبي بكرة قال : كان النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يصلّي بنا ، فيجي‏ء الحسن عليه السّلام و هو ساجد صبي صغير ، حتّى يصير على ظهره ،

فيرفعه رفعا رفيقا ، فلمّا صلّى صلاته قالوا : يا رسول اللَّه إنّك لتصنع بهذا الصّبي شيئا لا تصنعه بأحد . فقال : إنّ هذا ريحانتي . . . ٤ .

و عن البراء قال : رأيت النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله واضعا الحسن عليه السّلام على عاتقه ، فقال :

من أحبّني فليحبّه ٥ .

و عن أبي هريرة قال : أتى الحسن عليه السّلام يوما يشتدّ حتّى قعد في حجر النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ، فجعل يقول بيديه هكذا في لحية النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ، و النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يفتح فمه ،

ــــــــــــــــ

( ١ ) الأنعام : ١٢٤ .

( ٢ ) رواه عن كامل المبرد بهذا اللفظ ابن شهر آشوب في مناقبه ٤ : ١٩ ، و رواية المبرد في الكامل ٤ : ١٠٥ بلفظ أخصر .

( ٣ ) نقله عن المدائني ابن أبي الحديد في شرحه ٤ : ١٠ ، شرح الكتاب ٣١ .

( ٤ و ٥ ) حلية الأولياء لأبي نعيم ٢ : ٣٥ .

١٠٧

ثم يدخل فمه في فمه و يقول : اللّهمّ إنّي احبّه فأحبّه و أحبّ من يحبّه . يقولها ثلاث مرّات ١ .

و قال المسعودي : لمّا دفن الحسن عليه السّلام وقف محمّد بن الحنفية أخوه على قبره فقال : لئن عزّت حياتك ، لقد هدّت وفاتك ، و لنعم الرّوح روح تضمّنه كفنك ، و لنعم الكفن كفن تضمّن بدنك ، و كيف لا تكون هكذا و أنت عقبة الهدى ،

و خلف أهل التّقوى و خامس أصحاب الكساء ، غذتك بالتّقوى أكفّ الحقّ ،

و أرضعتك ثدي الإيمان ، و ربيّت في حجر الإسلام ، فطبت حيّا و ميّتا ٢ .

و نقل أبو الفرج عن عمر بن بشير قال : قلت لأبي إسحاق : متى ذلّ النّاس ؟ قال : حين مات الحسن عليه السّلام ، و ادّعي زياد ، و قتل حجر بن عدي ٣ .

« فإنّني أنفس » أي أضنّ و أبخل .

« بهذين يعني الحسن و الحسين عليهما السّلام » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب :

( الحسنين عليهما السّلام ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّيّة ) ٤ .

« على الموت » روى الخطيب في ( نصر بن عليّ الجهضمي ) عن نصر عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عن آبائه : أنّ النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله أخذ بيد الحسن و الحسين ، فقال : من أحبّني ، و أحبّ هذين و أباهما و امّهما كان معي في درجتي يوم القيامة .

و قال : لمّا حدّث نصر بهذا الحديث أمر المتوكّل بضربه ألف سوط ، و كلّمه جعفر بن عبد الواحد ، و جعل يقول له : هذا الرّجل من أهل

ــــــــــــــــ

( ١ ) حلية الأولياء لأبي نعيم ٢ : ٣٥ .

( ٢ ) مروج الذهب للمسعودي ٢ : ٤٢٨ .

( ٣ ) المقاتل لأبي الفرج : ٥٠ .

( ٤ ) لفظ شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٩ ، و شرح ابن ميثم ٤ : ١٤ مثل المصرية أيضا .

١٠٨
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الثالث الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

السنّة و لم يزل به حتّى تركه ١ .

و في ( تذكرة سبط ابن الجوزي ) عن ( صحيح البخاري ) : كان النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يعوّذ الحسن و الحسين فيقول : اعيذكما بكلمات اللَّه التّامة من كلّ شيطان و هامة ، و من كلّ عين لامة . و يقول : إنّ أباكما إبراهيم عليه السّلام كان يعوّذ بها إسماعيل و إسحاق ٢ .

و عن ( فضائل أحمد بن حنبل ) : عن واثلة بن أسقع قال : أتيت فاطمة عليها السّلام أسألها عن عليّ عليه السّلام ، فقالت : توجّه إلى النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله . فجلست انتظره و إذا بالنّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله قد أقبل و معه عليّ و الحسن و الحسين عليهم السّلام ، قد أخذ بيد كلّ واحد منهما حتّى دخل الحجرة ، فأجلس الحسن عليه السّلام على فخذه اليمنى ،

و الحسين عليه السّلام على فخذه اليسرى ، و أجلس عليّا و فاطمة عليهما السّلام بين يديه ، ثمّ لفّ عليهم كساه أو ثوبه ، ثمّ قرأ : إنّما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت و يطهّركم تطهيرا ثم قال : اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي حقّا ٣ .

و عن ( تفسير الثعلبي ) في قوله تعالى : مرج البحرين يلتقيان . بينهما برزخ لا يبغيان . فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان . يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان ٤ . البحرين : عليّ و فاطمة عليهما السّلام و البرزخ : محمّد صلّى اللَّه عليه و آله و اللّؤلؤ و المرجان : الحسن و الحسين عليهما السّلام ٥ .

و في ( أمالي محمّد بن محمّد بن النّعمان ) : عن الجعابي مسندا عن جابر الأنصاري قال : خرج علينا النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله آخذا بيد الحسن و الحسين عليهما السّلام ، فقال :

ــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ١٣ : ٢٨٧ .

( ٢ ) رواه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص : ١٩٤ ، و أخرجه البخاري في صحيحه ٢ : ٢٣٩ و غيره .

( ٣ ) تذكرة الخواص : ٢٢٣ ، ٢٣٤ ، و نقل الأخير بتصرف ، و الآية ٣٣ من سورة الأحزاب .

( ٤ ) الرحمن : ١٩ ٢٢ .

( ٥ ) تذكرة الخواص : ٢٣٣ ، ٢٣٤ ، و نقل الأخير بتصرف .

١٠٩

إنّ ابني هذين ربيتهما صغيرين ، و دعوت لهما كبيرين ، و سألت اللَّه تعالى لهما ثلاثا ، فأعطاني اثنتين و منعني واحدة : سألت اللَّه لهما أن يجعلهما طاهرين مطهّرين زكيّين ، فأجابني إلى ذلك ، و سألت اللَّه أن يقيهما و ذرّيتهما و شيعتهما النّار فأعطاني ذلك ، و سألت اللَّه أن يجمع الامّة على محبتهما فقال : يا محمّد إنّي قضيت قضاء ، و قدرت قدرا ، و إنّ طائفة من امّتك ستفي لك بذمّتك في اليهود و النّصارى و المجوس ، و سيخفرون ذمّتك في ولدك ، و إنّي أوجبت على نفسي لمن فعل ذلك ألاّ احلّه محلّ كرامتي ، و لا أسكنه جنّتي ، و لا أنظر إليه بعين رحمتي ، إلى يوم القيامة ١ .

و روى ابن ديزيل في ( صفّينه ) مسندا عن زيد بن أرقم قال : كنّا مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و هو في الحجرة يوحى إليه ، و نحن ننتظره حتّى اشتدّ الحرّ ،

فجاء عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ، و معه فاطمة و حسن و حسين عليهم السّلام ، فقعدوا في ظلّ حائط ينتظرونه ، فلمّا خرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله رآهم فأتاهم ، و وقفنا نحن مكاننا ، ثمّ جاء إلينا و هو يظلّهم بثوبه ممسكا بطرف من الثّوب و عليّ ممسك بطرفه الآخر ، و هو يقول : اللّهمّ إنّي احبّهم فأحبّهم ، اللّهمّ إنّي سلم لمن سالمهم و حرب لمن حاربهم . فقال ذلك ثلاث مرّات ٢ .

و روى الخطيب في ( طي بن اسماعيل ) : أنّ رجلا جاء إلى الحسن و الحسين فسألهما فقالا : إنّ المسألة لا تصلح إلاّ لثلاثة : لحاجة مجحفة ، أو لحمالة مثقلة ، أو دين فادح ، فأعطياه . ثمّ أتى ابن عمر فأعطاه و لم يسأله . فقال له الرجل : أتيت ابني عمّك فسألاني و أنت لم تسألني . فقال ابن عمر : أنبأنا النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله أنّهما كانا يغرّان العلم غرّا ٣ .

ــــــــــــــــ

( ١ ) أمالي المفيد : ٧٨ ح ٣ المجلس ٩ .

( ٢ ) نقله عن ابن ديزل في صفين ابن أبي الحديد في شرحه ١ : ٢٨٩ ، شرح الخطبة ٤٨ .

( ٣ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٩ : ٣٦٦ .

١١٠

و في ( المعجم ) : بينما ابن السّكّيت مع المتوكّل يوما جاء المعتزّ و المؤيّد ،

فقال له المتوكّل : أيّهما أحبّ إليك : ابناي هذان أم الحسن و الحسين عليهما السّلام ، فذكر ابن السّكّيت الحسن و الحسين عليهما السّلام بما هما أهله ، و سكت عن ابنيه ، و قيل : قال له : إنّ قنبرا خادم عليّ عليه السّلام أحبّ إليّ من ابنيك . فأمر المتوكّل الأتراك فسلّوا لسانه و داسوا بطنه ، و حمل إلى بيته ، فعاش يوما و بعض آخر ، و مات في سنة ( ٢٤٣ ) ١ .

و روى ( أمالي ابن الشيخ ) عن الحسين بن زيد قال : سألت أبا عبد اللَّه عليه السّلام عن سنّ جدّنا عليّ بن الحسين عليهما السّلام فقال : أخبرني أبي عن أبيه قال :

كنت أمشي خلف عمّي الحسن و أبي الحسين عليهما السّلام في بعض طرقات المدينة ،

في العام الّذي قبض فيه عمّي ، و أنا يومئذ غلام لم اراهق أو كدت ، فلقيهما جابر بن عبد اللَّه ، و أنس بن مالك في جماعة من قريش و الأنصار ، فما تمالك جابر حتّى أكبّ على أيديهما و أرجلهما يقبّلها . فقال رجل من قريش كان نسيبا لمروان لجابر : أتصنع هذا و أنت في سنّك هذا ، و موضعك من صحبة النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ؟ و كان جابر شهد بدرا فقال له : إليك عنّي ، فلو علمت يا أخا قريش من فضلهما ما أعلم لقبّلت ما تحت أقدامهما من التراب . ثمّ أقبل جابر على أنس فقال له : أخبرني النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله فيهما بأمر ما ظننت أنّه يكون في بشر .

قال له أنس : و بماذا أخبرك ؟ قال عليّ بن الحسين عليه السّلام : فانطلق الحسن و الحسين عليهما السّلام ، و بقيت أنا أسمع محاورة القوم ، فأنشأ جابر يحدّث ، قال :

بينما النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ذات يوم في المسجد ، و قد حفّ بمن حوله إذ قال لي : ادع لي حسنا و حسينا . و كان شديد الكلف بهما ، فانطلقت فدعوتهما ، و أقبلت أحمل هذا مرّة ، و هذا اخرى ، حتّى جئت بهما إليه ، فقال لي و أنا أعرف السّرور في

ــــــــــــــــ

( ١ ) معجم الأدباء للحموي ٢٠ : ٥٠ بفرق يسير .

١١١

وجهه لما رأى من تكريمي لهما أتحبّهما ؟ قلت : و ما يمنعني من ذلك ، و أنا أعرف مكانهما منك ؟ قال : أفلا اخبرك عن فضلهما ؟ قلت : بلى بأبي أنت و امّي .

قال : إنّ اللَّه تعالى لمّا أحبّ أن يخلقني خلقني نطفة بيضاء طيّبة ، فأودعها صلب أبي آدم عليه السّلام ، فلم يزل ينقلها من صلب طاهر إلى رحم طاهر إلى عبد المطّلب ،

ثمّ افترقت تلك النطفة شطرين إلى عبد اللَّه و أبي طالب ، فولدني أبي ، فختم اللَّه بي النبوّة ، و ولد عليّ فختم اللَّه به الوصيّة ، ثمّ اجتمعت النّطفتان منّي و من عليّ فولدنا الجهر و الجهير الحسنان ، فختم بهما أسباط النّبوّة ، و جعل ذريّتي منهما ، و من ذريّة هذا و أشار إلى الحسين عليه السّلام رجل يخرج في آخر الزّمان ،

يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما و جورا ، فهما طاهران مطهّران ، و هما سيّدا شباب أهل الجنّة ، طوبى لمن أحبّهما و أباهما و امهما ، و ويل لمن حاربهم و أبغضهم ١ .

قلت : و من هو ان الدّنيا أن يقتل مثلهما يزيد السكّير القمّير ، أمّا الحسين عليه السّلام فمعلوم ، و أمّا الحسن عليه السّلام ففي ( مقاتل أبي الفرج ) : أنّ معاوية لمّا أراد البيعة لابنه يزيد لم يكن شي‏ء أثقل عليه من أمر الحسن عليه السّلام و سعد بن أبي وقاص ، فدسّ إليهما سمّا فماتا منه ٢ .

قلت : و وجه ثقل سعد عليه أنّه لو كان بايع لابنه في حياته كان سعد يقول له : أنا من ستّة شورى عمر ، و أنا أحقّ من ابنك بالبيعة لي . و أمّا الحسن عليه السّلام فمع أنّه كانت خلافة جدّه حقّه كان معاوية عاهده عليه السّلام على أن يردّ الأمر بعده إليه .

و في ( مقاتل أبي الفرج ) أيضا : أنّ معاوية أرسل إلى ابنة الأشعث زوجة

ــــــــــــــــ

( ١ ) أمالي أبي علي الطوسي ٢ : ١١٣ المجلس ١٨ .

( ٢ ) المقاتل لأبي الفرج : ٤٧ .

١١٢

الحسن عليه السّلام : أنّي مزوّجك بيزيد ابني ، على أن تسمّي الحسن بن علي . و بعث إليها بمائة ألف درهم ، فقبلت و سمّت الحسن عليه السّلام ، فسوّغها المال و لم يزوّجها منه ، فخلّف عليها رجل من آل طلحة فأولدها ، فكان إذا وقع بينهم و بين بطون قريش كلام عيّروهم ، و قالوا : يا بني مسمّة الأزواج ١ .

و في ( خلفاء ابن قتيبة ) : لمّا كتب عامل المدينة إلى معاوية بموت الحسن عليه السّلام أظهر فرحا و سرورا حتّى سجد ، و سجد من كان معه ، فبلغ ذلك عبد اللَّه بن عباس و كان بالشّام يومئذ فدخل على معاوية ، فلمّا جلس قال معاوية : يابن عباس هلك الحسن بن علي . فقال ابن عبّاس : نعم هلك ، . . . إنّا للَّه و إنّا إليه راجعون ٢ ترجيعا مكرّرا ، و قد بلغني الّذي أظهرت من الفرح و السّرور بوفاته ، أما و اللَّه ما سدّ جسده حفرتك ، و لا زاد نقصان أجله في عمرك ، و لقد مات و هو خير منك ، و لئن اصبنا به لقد اصبنا بمن كان خيرا منه :

جدّه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله ، فجبر اللَّه مصيبته ، و خلّف علينا من بعده أحسن الخلافة .

ثمّ شهق ابن عبّاس و بكى ، و بكى من حضر في المجلس ، و بكى معاوية . قال الرّاوي : فما رأيت يوما أكثر باكيا من ذلك اليوم . فقال معاوية : بلغني أنّه ترك بنين صغارا . فقال ابن عبّاس : كلّنا كان صغيرا فكبر . قال معاوية : كم أتى له من العمر ؟ فقال ابن عبّاس : أمر الحسن عليه السّلام أعظم من أن يجهل أحد مولده .

فسكت معاوية يسيرا ، ثم قال : يابن عباس أصبحت سيّد قومك من بعده . فقال ابن عبّاس : أما ما أبقى اللَّه أبا عبد اللَّه الحسين فلا ٣ .

و روى الطبري عن عائشة بنت سعد ، قالت : حدّ نساء بني هاشم على

ــــــــــــــــ

( ١ ) المقاتل لأبي الفرج : ٤٨ .

( ٢ ) البقرة : ١٥٦ .

( ٣ ) الإمامة و السياسة لابن قتيبة ١ : ١٧٥ .

١١٣

الحسن بن علي عليه السّلام سنة . و عن ام بكر بنت المسور : أقام نساء بني هاشم النّوح عليه عليه السّلام شهرا . و روي عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : مكث النّاس يبكون على الحسن بن علي عليه السّلام سبعا ما تقوم الأسواق . و روي عن ثعلبة بن أبي مالك .

قال : دفنّاه عليه السّلام بالبقيع ، و لقد رأيت البقيع و لو طرحت فيها إبرة ما وقع إلاّ على رأس إنسان ١ .

و روى أبو الفرج عن الحسن عليه السّلام قال : لقد سقيت السمّ مرارا ، ما سقيته مثل هذه المرّة ، و لقد لفظت قطعة من كبدي ، فجعلت اقلّبها بعود معي إلى أن قال و قد كان أوصى أن يدفن مع النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله فمنع مروان بن الحكم من ذلك ،

و ركبت بنو امية في السّلاح ، و جعل مروان يقول : « يا ربّ هيجاء هي خير من دعة » أ يدفن عثمان في أقصى البقيع ، و يدفن الحسن في بيت النّبيّ ؟ و اللَّه لا يكون ذلك أبدا و أنا أحمل السيف إلى أن قال قال يحيى بن الحسن : و سمعت عليّ بن طاهر بن زيد يقول : لمّا أرادوا دفنه ركبت عايشة بغلا ، و استنفرت بني امية : مروان بن الحكم و من كان هناك منهم و من حشمهم ، و هو قول القائل :

فيوما على بغل و يوما على جمل ٢

و في ( تذكرة سبط ابن الجوزي ) قال الواقدي : إنّ مروان لمّا منع من دفن الحسن عليه السّلام مع جدّه قال أبو هريرة : لو مات ابن لموسى أما كان يدفن مع أبيه ٣ ؟

و روى نصر بن مزاحم في ( صفّينه ) عن زيد بن بدر قال : بعث عبيد اللَّه بن عمر إلى الحسن عليه السّلام فقال : إنّ لي إليك حاجة فالقني . فلقيه ، فقال له عبيد اللَّه :

ــــــــــــــــ

( ١ ) منتخب ذيل المذيل للطبري : ١٩ ، و النقل بتقديم و تأخير .

( ٢ ) المقاتل لأبي الفرج : ٤٨ ، ٤٩ .

( ٣ ) تذكرة الخواص لابن الجوزي : ٢١٣ .

١١٤

إنّ أباك قد وتر قريشا أوّلا و آخرا ، و قد شنؤوه ، فهل لك أن تخلفه ، و نوليّك هذا الأمر ؟ قال : كلاّ و اللَّه لا يكون ذلك . ثم قال له الحسن عليه السّلام : لكأنّي أنظر إليك مقتولا في يومك أو غدك ، أما إنّ الشيطان قد زيّن لك و خدعك حتّى أخرجك مخلّقا بالخلوق ، ترى نساء أهل الشّام موقفك ، و سيصرعك اللَّه و يبطحك لوجهك قتيلا . قال : فو اللَّه ما كان إلاّ كيومه أو كالغد و كان القتال ، فخرج عبيد اللَّه في كتيبة رقطاء و هي الخضرية ، كانوا أربعة آلاف عليهم ثياب خضر و نظر الحسن عليه السّلام فإذا هو برجل متوسد رجل قتيل ، قد ركز رمحه في عينه ، و ربط فرسه برجله . فقال الحسن لمن معه : انظروا من هذا ، فاذا هو برجل من همدان ،

و إذا القتيل عبيد اللَّه ، قد قتله و بات عليه حتّى أصبح ١ .

و روى ( ذيل الطبري ) عن أبي المهزّم قال : كنّا مع أبي هريرة في جنازة ،

فلمّا رجعنا أعيى الحسين عليه السّلام صعد ، فجعل أبو هريرة ينفض التّراب عن قدميه بثوبه ، فقال له الحسين عليه السّلام : أنت يا أبا هريرة تفعل هذا ؟ قال : دعني منك ، فلو يعلم النّاس منك ما أعلم لحملوك على عواتقهم ٢ .

و روى ( الاستيعاب ) عن أبي هريرة قال : أبصرت عيناي هاتان و سمعت اذناي النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و هو آخذ بكفّيّ الحسين عليه السّلام ، و قدماه على قدم النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و هو يقول : ترقّ عين بقة فرقى الغلام ، حتّى وضع قدميه على صدر النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ، ثمّ قال له النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله : افتح فاك . ثمّ قبّله ، ثمّ قال : اللّهمّ أحبّه فإنّي احبّه ٣ .

و عن ابن عبّاس قال : رأيت النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله في ما يرى النّائم نصف النّهار ،

ــــــــــــــــ

( ١ ) وقعة صفين لابن مزاحم : ٢٩٧ .

( ٢ ) منتخب ذيل المذيل للطبري : ٢٥ .

( ٣ ) الاستيعاب لابن عبد البر ١ : ٣٨٠ ، ٣٨٢ .

١١٥

و هو قائم أشعث أغبر بيده قارورة فيها دم ، فقلت : بأبي أنت و امّي يا رسول اللَّه ما هذا ؟ قال : هذا دم الحسين عليه السّلام لم أزل ألتقطه منذ اليوم . فوجد قد قتل في ذلك اليوم ١ .

و روى ( اسد الغابة ) بأسانيد عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه قال : كنت في مسجد النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ، في حلقة فيها أبو سعيد الخدري و عبد اللَّه بن عمرو بن العاص فمرّ بنا حسين بن علي عليه السّلام فسلّم ، فردّ القوم السّلام ، فسكت عبد اللَّه حتّى فرغوا فرفع صوته و قال : و عليك السّلام و رحمة اللَّه و بركاته . ثمّ أقبل على القوم فقال : ألا اخبركم بأحبّ أهل الأرض إلى أهل السّماء ؟ قالوا : بلى . قال :

هو هذا الماشي ، ما كلّمني كلمة منذ ليالي صفّين ، و لأن يرضى عنّي أحبّ إليّ من أن يكون لي حمر النّعم . فقال أبو سعيد : ألا تعتذر إليه . قال : بلى . إلى أن قال فقال له الحسين عليه السّلام : أعلمت يا عبد اللَّه أنّي أحبّ أهل الأرض إلى أهل السّماء ؟ قال : أي و ربّ الكعبة . قال : فما حملك على أن تقاتلني و أبي يوم صفّين ؟ فو اللَّه لأبي كان خيرا منّي . قال : أجل و لكن عمرا أي : أباه شكاني إلى النّبيّ الخبر ٢ في عذره الباطل .

و روى مصعب الزّبيري في ( نسب قريشه ) : أنّ ابن عمر قال في رجل من أهل العراق سأله عن دم البعوض في ثوبه : انظروا هذا يسألني عن دم البعوض ، و قد قتلوا ابن رسول اللَّه ، و قد سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله يقول : الحسن و الحسين هما ريحانتي من الدّنيا . قال مصعب : و حجّ الحسين عليه السّلام خمسا و عشرين حجّة ماشيا ٣ .

ــــــــــــــــ

( ١ ) الاستيعاب لابن عبد البر ١ : ٣٨٠ ، ٣٨٢ .

( ٢ ) اسد الغابة لابن الأثير ٣ : ٢٣٤ .

( ٣ ) نسب قريش للزبيري : ٢٥ .

١١٦

أهل العراق سأله عن دم البعوض في ثوبه : انظروا هذا يسألني عن دم البعوض ، و قد قتلوا ابن رسول اللَّه ، و قد سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله يقول : الحسن و الحسين هما ريحانتي من الدّنيا . قال مصعب : و حجّ الحسين عليه السّلام خمسا و عشرين حجّة ماشيا ١ .

و روى ( تاريخ الطبري ) عن حميد بن مسلم قال : دخلت على ابن زياد فإذا رأس الحسين عليه السّلام موضوع بين يديه ، و إذا هو ينكت بقضيب بين ثنيتيه ساعة ، فلمّا رآه زيد بن أرقم لا ينجم عن نكته بالقضيب قال له : اعل بهذا القضيب عن هاتين الثنيتين ، فو اللَّه الّذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول اللَّه على هاتين الشّفتين يقبّلهما . ثم انفضخ الشّيخ يبكي . فقال له ابن زياد : أبكى اللَّه عينيك ، فو اللَّه لو لا أنّك شيخ قد خرفت و ذهب عقلك لضربت عنقك ٢ .

و رواه سبط ابن الجوزي و زاد : فقال زيد لابن زياد : لأحدّثنك حديثا أغلظ من هذا ، رأيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله أقعد حسنا على فخذه اليمنى ، و حسينا على فخذه اليسرى ، ثمّ وضع يده على يافوخيهما ثم قال : اللّهمّ إنّي أستودعك إيّاهما و صالح المؤمنين . فكيف كانت وديعة رسول اللَّه عندك يابن زياد ؟ ٣ .

و روى الطّبري أيضا عن القاسم بن بخيت قال : أذن يزيد للنّاس فدخلوا و الرّأس بين يديه ، و مع يزيد قضيب فهو ينكت به في ثغره ، ثمّ قال : إنّ هذا و إيّانا كما قال الحصين بن حمّام المرّي :

يفلّقن هاما من رجال أحبّة

إلينا و هم كانوا أعقّ و أظلما

فقال رجل من أصحاب النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يقال له : أبو برزة الأسلمي : أتنكت

ــــــــــــــــ

( ١ ) نسب قريش للزبيري : ٢٥ .

( ٢ ) تاريخ الطبري ٤ : ٤٣٩ السنة ٦١ .

( ٣ ) تذكرة الخواص لابن الجوزي : ٢٥٧ .

١١٧

بقضيبك في ثغر الحسين عليه السّلام ؟ أما لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذا لربما رأيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله يرشفه ١ .

و روى الطّبري عن حصين بن عبد الرّحمن قال : لمّا قتل الحسين عليه السّلام لبثوا شهرين أو ثلاثة ، كأنّما تلطخ الحوائط بالدّماء ساعة تطلع الشّمس حتّى ترتفع ٢ .

و روى في ( ذيل تاريخه ) عن شيخ من النّخع قال : قال الحجاج : من كان له بلاء فليقم . فقام قوم فذكروا ، و قام سنان بن أنس فقال : أنا قاتل الحسين .

فقال : بلاء حسن ، و رجع إلى منزله ، فاعتقل لسانه و ذهب عقله ، فكان يأكل و يحدث مكانه ٣ .

و روى ثعلب في أوّل الثاني من ( مجالسه ) عن أبي جناب الكلبي قال :

أتيت كربلا ، فقلت لرجل من أشراف العرب بها : بلغنا أنّكم تسمعون نوح الجنّ ؟ قال : ما تلقى حرّا و لا عبدا إلاّ أخبرك أنّه سمع ذلك . قلت : فأخبرني ما سمعت أنت ؟ قال : سمعتهم يقولون :

مسح الرّسول جبينه

فله بريق في الخدود

أبواه من عليا قريش

جدّه خير الجدود ٤

و عن السّدي قال : أتيت كربلا أبيع البرّ بها ، فعمل لنا شيخ من طي طعاما فتعشينا عنده ، فذكرنا قتل الحسين عليه السّلام ، فقلت : ما شرك في قتله أحد إلاّ مات بأسوأ ميتة . فقال : ما أكذبكم يا أهل العراق فأنا فيمن شرك في ذلك . فلم يبرح حتّى دنا من المصباح و هو يتّقد بنفط ، فذهب يخرج الفتيلة بإصبعه ، فأخذت

ــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٣٥٦ سنة ٦١ .

( ٢ ) تاريخ الطبري ٤ : ٢٩٦ سنة ٦٠ ، و أنساب البلاذري ٣ : ٢٠٩ ح ٥٣ و غيرهما .

( ٣ ) منتخب ذيل المذيل للطبري : ٢٥ .

( ٤ ) مجالس ثعلب ٢ : ٤٠٧ .

١١٨

النّار فيها ، فأخذ يطفئها بريقه ، فأخذت النار في لحيته ، فعدا فألقى نفسه في الماء ، فرأيته كأنّه حممة ١ .

و روى الطبري عن حميد بن مسلم قال : قال عبد اللَّه بن أبي حصين الأزدي للحسين عليه السّلام : ألا تنظر إلى الماء كأنّه كبد السّماء ، و اللَّه لا تذوق منه قطرة حتّى تموت عطشا . فقال الحسين عليه السّلام : اللّهمّ اقتله عطشا ، و لا تغفر له أبدا . قال حميد بن مسلم : و اللَّه لعدته بعد ذلك في مرضه ، فو اللَّه الّذي لا إله إلاّ هو لقد رأيته يشرب حتّى يبغر ثمّ يقي‏ء ، ثمّ يعود فيشرب حتّى يبغر ، فما يروى ،

فما زال ذلك دأبه حتّى لفظ غصّته . يعني نفسه ٢ .

و عن القاسم بن أصبغ بن نباتة ، قال : حدّثني من شهد الحسين عليه السّلام في عسكره : أنّ حسينا حين غلب على عسكره ركب المسناة يريد الفرات ، فقال رجل من بني أبان بن دارم : ويلكم حولوا بينه و بين الماء لا تتامّ إليه شيعته .

و ضرب فرسه ، و اتبعه النّاس حتّى حالوا بينه و بين الفرات ، فقال الحسين عليه السّلام : اللهمّ أظمه إلى أن قال فو اللَّه إن مكث الرّجل إلاّ يسيرا حتّى صبّ اللَّه عليه الظّمأ ، فجعل لا يروى . قال القاسم بن الأصبغ : لقد رأيتني في من يروّح عنه ، و الماء يبرّد له فيه السّكر ، و عساس فيها اللبن ، و قلال فيها الماء ،

و إنّه ليقول : ويلكم اسقوني قتلني الظمأ فيعطى القلّة أو العسّ كان مرويا أهل بيت فيشربه ، فإذا نزعه من فيه اضطجع الهنيهة ، ثمّ يقول : ويلكم اسقوني قتلني الظمأ . فو اللَّه ما لبث إلاّ يسيرا حتّى انقدّ بطنه ، انقداد بطن البعير ٣ .

و روى عن مسروق بن وائل قال : كنت في أوائل الخيل ممّن سار إلى الحسين عليه السّلام ، فقلت : أكون في أوائلها لعلّي اصيب رأس الحسين ،

ــــــــــــــــ

( ١ ) مجالس ثعلب ٢ : ٤٠٧ .

( ٢ ) تاريخ الطبري ٤ : ٣١٢ ، ٣٤٣ سنة ٦١ .

( ٣ ) تاريخ الطبري ٤ : ٣١٢ ، ٣٤٣ سنة ٦١ .

١١٩

فاصيب به منزلة عند عبيد اللَّه بن زياد ، فلمّا انتهينا إلى الحسين تقدّم رجل من القوم يقال له : ابن حوزة فقال : أفيكم حسين ؟ فسكت الحسين ،

فقالها ثانية ، فسكت حتّى إذا كانت الثّالثة قال : قولوا : نعم ، هذا حسين ،

فما حاجتك ؟ قال : يا حسين أبشر بالنّار . قال : كذبت ، بل أقدم على ربّ غفور ،

و شفيع مطاع ، فمن أنت ؟ قال : ابن حوزة . فرفع الحسين يديه حتّى رأينا بياض إبطيه من فوق الثّياب ، ثمّ قال : اللّهمّ حزه إلى النّار . فغضب ابن حوزة ،

فذهب ليقحم إليه الفرس و بينه و بينه نهر فعلقت قدمه بالرّكاب ، و جالت به الفرس فسقط عنها ، فانقطعت قدمه و ساقه و فخذه ، و بقي جانبه الآخر متعلّقا بالرّكاب . قال عبد الجار أخو مسروق فرجع مسروق و ترك الخيل من ورائه ، فسألته فقال : لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئا لا اقاتلهم أبدا ١ .

و عن عفيف بن زهير و كان قد شهد مقتل الحسين عليه السّلام قال : و خرج يزيد بن معقل فقال يا برير بن حضير : كيف ترى اللَّه صنع بك ؟ قال : صنع اللَّه و اللَّه بي خيرا ، و صنع اللَّه بك شرّا . قال : كذبت ، و قبل اليوم ما كنت كذّابا ، هل تذكر و أنا اماشيك في بني لو ذان و أنت تقول : إنّ عثمان بن عفان كان على نفسه مسرفا ، و إنّ معاوية بن أبي سفيان ضالّ مضلّ ، و إنّ إمام الهدى و الحقّ عليّ بن أبي طالب ؟ فقال له برير : أشهد أنّ هذا رأيي و قولي . فقال له يزيد : فإنّي أشهد أنّك من الضّالّين . فقال له برير : هل لك فلاباهلك ، و لندع اللَّه أن يلعن الكاذب ، و أن يقتل المبطل إلى أن قال ثمّ برز كلّ واحد منهما لصاحبه ،

فاختلفا ضربتين ، فضرب يزيد بريرا ضربة خفيفة لم تضرّه شيئا ، و ضربه برير ضربة قدّت المغفر و بلغت الدّماغ ، فخرّ كأنّما هوى من حالق ، و إنّ سيف

ــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٣٢٨ سنة ٦١ .

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

مؤلّفات أبي الصلاح تقيّ بن نجم الحلبي ( ت ٤٤٧ هـ )

(٥٠) كتاب : تقريب المعارف

الحديث :

ومن ذلك ما اتفقت الأُمّة عليه ، من قوله ( عليه السلام ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا »(١) .

أبو الصلاح تقي بن نجم الحلبي :

قال الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) : تقي بن نجم الحلبي ، ثقة ، له كتب ، قرأ علينا وعلى المرتضى(٢) .

وقال الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) : الشيخ التقي بن النجم الحلبي ، فقيه عين ثقة ، قرأ على الأجلّ المرتضى علم الهدى نضّر الله وجهه ، وعلى الشيخ الموفّق أبي جعفر ، وله تصانيف(٣) .

وقال العلاّمة الحلّي ( ت ٧٢٦ هـ ) : تقي بن نجم الحلبي ، أبو

____________

١ ـ تقريب المعارف : ١٨١ ، [ النصّ على إمامة الأئمّة ] ، وعنه في إثبات الهداة ١ : ٧٣٣ ح ٢٦٦ ، فصل (٤١).

٢ ـ رجال الطوسي : ٤١٧ [ ٦٠٣٤ ] ، من لم يرو عن الأئمّة ( عليهم السلام ).

٣ ـ فهرست منتجب الدين : ٣٠ [ ٦٠ ].

٤٢١

الصلاح ( رحمه الله ) ، ثقة عين له تصانيف حسنة ذكرناها في الكتاب الكبير(١) .

وقال الميرزا الأفندي ( ت حدود ١١٣٠ هـ ) : أقول : وفي بعض الإجازات أنّه خليفة المرتضى في علومه(٢) ، وقال بعض الأفاضل : إنّ له تصانيفاً كثيرة مشهورة ، مات بعد عودته من الحجّ بالرملة في محرّم سنة ست وأربعين وأربعمائة ، انتهى(٣) .

وقد نصّ ابن حجر ( ت ٨٥٢ هـ ) في لسان الميزان والسيّد الأمين ( ت ١٣٧١ هـ ) في أعيان الشيعة ، والطبّاخ في أعلام النبلاء ، والمدرّس ( ت ١٣٧٣ هـ ) في ريحانة الأدب على أنّ وفاته في سنة ٤٤٧(٤) .

كتاب تقريب المعارف :

قال الشيخ الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في أمل الآمل : الشيخ تقي الدين بن النجم الحلبي أبو الصلاح ، له كتب رأيت منها : كتاب تقريب المعارف حسن جيّد(٥) .

____________

١ ـ خلاصة الأقوال : ٨٤ [ ١٧٤ ].

وانظر : رجال ابن داود : ٥٨ [ ٢٧٠ ] ، معالم العلماء : ٢٩ [ ١٥٥ ] ، حاوي الأقوال ١ : ٢٢٧ [ ١١٣ ] ، نقد الرجال ١ : ٣٠٥ [ ٨١٦ ] ، مجمع الرجال ١ : ٢٨٧ ، أمل الآمل ٢ : ٤٦ [ ١٢٠ ] ، الوجيزة ( رجال المجلسي ) : ١٧١ [ ٣٠٨ ] ، جامع الرواة ١ : ١٣٢ ، رياض العلماء ١ : ٩٩ ، و ٥ : ٤٦٤ ، منتهى المقال ٢ : ١٨٥ [ ٤٩٤ ] ، روضات الجنّات ٢ : ١١١ [ ١٤٦ ] ، بهجة الآمال ٢ : ٤٤٩ ، تنقيح المقال ١ : ١٨٥ ، معجم رجال الحديث ٤ : ٢٨٣ [ ١٩٢٠ ] ، قاموس الرجال ٢ : ٤١٥ [ ١٢٢٢ ]. بلغة المحدّثين : ٣٣٨ ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) : ٣٩ ، لؤلؤة البحرين : ٣٣٣ ، الكنى والألقاب ١ : ٩٩ ، أعيان الشيعة ٣ : ٦٣٤ ، تكملة أمل الآمل : ١١٤.

٢ ـ البحار ١٠٨ : ١٥٨ ، إجازة الشهيد الثاني.

٣ ـ رياض العلماء ١ : ١٠٠.

٤ ـ تقريب المعارف : ٤٣ ، ترجمة المؤلّف ، تحقيق الشيخ فارس الحسّون.

٥ ـ أمل الآمل ٢ : ٤٧ [ ١٢٠ ].

٤٢٢

قال العلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار : وكتاب تقريب المعارف في الكلام للشيخ الأجلّ أبي الصلاح تقي الدين بن نجم الحلبي(١) ، وقال في موضع آخر : وكتاب تقريب المعارف كتاب جيّد في الكلام ، وفيه أخبار طريفة ، أوردنا بعضها في كتاب الفتن ، وشأن مؤلّفه أعظم من أن يفتقر إلى البيان(٢) .

وفي الذريعة : ينقل عنه المير محمّد أشرف في فضائل السادات(٣) .

وقال الشيخ فارس الحسّون ـ محقّق الكتاب ـ : ذكره أبو الصلاح في كتابه الكافي في خمسة موارد ، حيث أحال فيه على كتاب تقريب المعارف.

ونسبه إلى أبي الصلاح جلّ من وضع له ترجمة وذكر كتبه ، مثل : العلاّمة المجلسي في البحار ، والحرّ العاملي في أمل الآمل وإثبات الهداة ، والتستري في قاموس الرجال ، والطهراني في الذريعة والطبقات ، والتستري في كشف القناع والمقابس ، والسيّد الأمين في الأعيان ، والمحدّث النوري في خاتمة المستدرك ، والشيخ عبّاس القمّي في الكنى والألقاب وسفينة البحار والفوائد الرضويّة ، والكنتوري في كشف الحجب ، والتنكابني في قصص العلماء ، والمدرّس في ريحانة الأدب(٤) .

وقال أيضاً : قال العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ٣٧ / ٢٥٢ : قال أبو الصلاح الحلبي في كتاب تقريب المعارف ، وقد لخّصه من الشافي :

وفي الواقع إنّ التعبير بـ : لخّصه من الشافي ، فيه نوع من المسامحة ، ويتّضح هذا المطلب بأدنى مقارنة بين الكتابين الخ(٥) .

____________

١ ـ البحار ١ : ٢٠ ، مصادر الكتاب.

٢ ـ البحار ١ : ٣٨ ، توثيق المصادر.

٣ ـ الذريعة ٤ : ٤٦٦ [ ١٥٩٦ ].

٤ ـ تقريب المعارف : ٤٧ ، تحقيق الكتاب ، للشيخ فارس الحسّون.

٥ ـ تقريب المعارف : ٥٣ ، تحقيق الكتاب ، للشيخ فارس الحسّون.

٤٢٣
٤٢٤

(٥١) كتاب : الكافي في الفقه

الحديث :

في حديثه عن الإمامة والأدلّة عليها من السنّة النبويّة ، قال : ويدلّ على ذلك من جهة السنّة ما اتّفق عليه نقلةُ الشيعة ، وفي نقلهم الحجّة ، ورواه أصحاب الحديث من غيرهم ، أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال في غير موطن : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(١) .

كتاب الكافي في الفقه :

نسبه إليه الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في فهرسته ، قال : وله تصانيف منها الكافي ، أخبرنا به غير واحد من الثقات ، عن الشيخ المفيد عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري الخزاعي ، عنه(٢) .

ونسبه إليه أيضاً ابن شهرآشوب ( ت ٥٨٨ هـ ) في المعالم(٣) ، وابن إدريس ( ت ٥٩٨ هـ ) في السرائر(٤) .

____________

١ ـ الكافي في الفقه : ٩٦.

٢ ـ فهرست منتجب الدين : ٣٠ [ ٦٠ ].

٣ ـ معالم العلماء : ٢٩ [ ١٥٥ ].

٤ ـ السرائر ٢ : ٤٤٩ ، باب المزارعة ، وموارد أُخرى في السرائر.

٤٢٥

وجعله العلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) أحد مصادر كتابه البحار(١) .

وقال السيّد الخوانساري ( ت ١٣١٣ هـ ) : وقد رأيت كتابه الكافي في الفقه على ترتيب أبوابه ، وهو كتاب حسن معروف بين أصحابنا معوّل عليه عندهم(٢) .

وقال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) : الكافي في الفقه للشيخ الفقيه أبي الصلاح تقي الدين بن نجم الدين ، تلميذ الشريف المرتضى وخليفته في البلاد الحلبية ، موجود في مخزن كتب المولى محمّد على الخوانساري بالنجف ، ومخزن السيّد الحاج آغا سبط السيّد حجّة الإسلام الإصفهاني ، وخزانة المولى محمّد حسين القمشئي بالنجف الموقوفة في ١٢٨١ ، وفي الرضويّة ، وعند الشيخ مشكور ، وغيرها(٣) .

وأضاف الشيخ رضا أُستادي نسخ أُخَر في مقدّمته على الكتاب(٤) .

____________

١ ـ البحار ١ : ٢٠ ، مصادر الكتاب.

٢ ـ روضات الجنّات ٢ : ١١٣.

٣ ـ الذريعة ١٧ : ٢٤٧ [ ١٠٣ ].

٤ ـ الكافي في الفقه : ٢٥ ، ترجمة المؤلّف.

٤٢٦

مؤلفات أبي الفتح محمد بن علي الكراجكي

( ت ٤٤٩ هـ )

(٥٢) كتاب : كنز الفوائد

الحديث :

الأوّل : قال في رسالته في وجوب الإمامة ، وضمن استدلاله على وجوب الإمام : هذا ، مع ما نعلم من عدمهم أكثر النصوص في الأحكام ، والتجائهم بعدمها إلى الاجتهاد والقياس ، والأخذ في الدين بالظنّ والرأي ، فعلمنا أنّ الله سبحانه قد أزاح علل المكلّفين بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالأئمّة الراشدين الهداة المعصومين ، الذين أمر الله تعالى بالردّ إليهم والتعويل عليهم ، فقال عزّ من قائل :( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) ، وقال النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي »(١) .

الثاني : ضمن كلامه في الردّ على من قال : إنّ المراد بالإمام في حديث ( من مات ولم يعرف إمام زمانه ) هو الكتاب ، قال : وظاهر قول النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : « من مات وهو لا يعرف إمام زمانه » يدلّ على أنّ لكلّ زمان إماماً في الحقيقة ، يصحّ أن يتوجّه منه الأمر ، ويلزم له الاتّباع ، وهذا واضح لمن طلب الصواب.

____________

١ ـ كنز الفوائد ١ : ٣٢٤ ، ووجه آخر.

٤٢٧

ومن ذلك ما أجمع عليه أهل الإسلام من قول النبيّ عليه الصلاة والسلام : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فأخبر أنّه قد ترك في الناس من عترته من لا يفارق الكتاب وجوده وحكمه وأنّه لا يزال وجودهم مقروناً بوجوده ، وفي هذا دليل على أنّ الزمان لا يخلو من إمام(١) .

محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي :

قال الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في الفهرست : الشيخ العالم الثقة أبو الفتح محمّد بن علي الكراجكي ، فقيه الأصحاب ، قرأ على السيّد المرتضى علم الهدى والشيخ الموفّق أبي جعفر رحمهم الله وله تصانيف(٢) ، وعبّر عنه ابن شهرآشوب ( ت ٥٨٨ هـ ) في المعالم بالقاضي أبو الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي(٣) .

وقال الشيخ الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في أمل الآمل : الشيخ أبو الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكرجكي ، عالم فاضل متكلّم فقيه محدّث ثقة جليل القدر(٤) .

وقال العلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) : وأمّا الكراجكي ، فهو من أجلّة العلماء والفقهاء والمتكلّمين ، وأسند إليه جميع أرباب الإجازات ، ثمّ قال : ويظهر من الإجازات أنّه كان أُستاد ابن البرّاج(٥) .

____________

١ ـ كنز الفوائد ١ : ٣٢٩ ، وعنه في إثبات الهداة ١ : ٦٢٥ ح ٨١٤ ، فصل ( ٦٢ ) ، و ١ : ٧٠٤ ح ١٢٣ ، فصل (١٤) ، والبحار ٢٣ : ٩٥.

٢ ـ فهرست منتجب الدين : ١٥٤ [ ٣٥٥ ].

٣ ـ معالم العلماء : ١١٨ [ ٧٨٨ ].

٤ ـ أمل الآمل ٢ : ٢٨٧ [ ٨٥٧ ].

٥ ـ البحار ١ : ٣٥ ، توثيق المصادر.

٤٢٨

وقال العلاّمة النوري ( ت ١٣٢٠ هـ ) في خاتمة المستدرك : فهذا الشيخ الجليل أبو الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي ، الفقيه الجليل الذي يعبّر عنه الشهيد كثيراً ما في كتبه بالعلاّمة ، مع تعبيره عن العلاّمة الحلّي : بالفاضل.

ولم أر من المترجمين من استوفى مؤلّفاته ، فاللازم علينا ذكرها(١) ، ثمّ يذكرها بالتفصيل.

وأمّا وفاته فقد نصّت بعض المصادر على أنّها كانت في سنة ٤٩٩ هـ ، مثل : لسان الميزان وشذرات الذهب ومرآة الزمان(٢) .

كتاب كنز الفوائد :

نسبه إليه الشيخ الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في أمل الآمل(٣) ، وجعله العلاّمة المجلسي أحد مصادر كتاب البحار(٤) ، وقال : وكتابه كنز الفوائد من الكتب المشهورة التي أخذ عنه جلّ من أتى بعده(٥) .

وقال المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) ـ بعد ذكره كلام

منتجب الدين ـ : وأقول : أراه لم يذكر كنز الفوائد وهو أعرف كتبه(٦) .

وقال العلاّمة التستري ( ت ١٤١٥ هـ ) في قاموسه ـ بعد أن ذكر كلام

____________

١ ـ خاتمة المستدرك ٣ : ١٢٦ ، الفائدة الثالثة.

٢ ـ كنز الفوائد ١ : ١٢ ـ ١٣ ، مقدّمة التحقيق للشيخ عبد الله نعمة ، وانظر في ترجمته أيضاً : الكنى والألقاب ٣ : ١٠٨. طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) : ١٧٧ ، رياض العلماء ٥ : ١٣٩ ، تنقيح المقال ٣ : ١٥٩ ، قاموس الرجال ٩ : ٤٥٨ ، معجم رجال الحديث ١٧ : ٣٥٧ [ ١١٣٤٢ ] ، روضات الجنّات ٦ : ٢٠٩ [ ٥٧٩ ] ، جامع الرواة ٢ : ١٥٦ ، لؤلؤة البحرين : ٣٣٧ [ ١١٢ ] ، أعيان الشيعة ٩ : ٤٠٠.

٣ ـ أمل الآمل ٢ : ٢٨٧ [ ٨٥٧ ].

٤ ـ البحار ١ : ١٨ ، مصادر الكتاب.

٥ ـ البحار ١ : ٣٥ ، توثيق المصادر.

٦ ـ تنقيح المقال ٣ : ١٥٩.

٤٢٩

منتجب الدين ـ : ولم يذكر في كتبه كنزه(١) .

وقد جاء ذكره في فهرست كتبه الذي عمله بعض معاصريه والمنقول في خاتمة المستدرك(٢) .

ووصفه الخوانساري ( ت ١٣١٣ هـ ) في الروضات قائلا : وهو من أحسن مصنّفاته الباقية إلى هذا الزمان والحاوية لنفايس من العلوم والأفنان ، ولا سيّما الأصولين والفضائل والأخلاق ، وقد اشتمل على سبع رسائل منفردة برؤوسها ، الخ(٣) .

وقال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) في الذريعة : كنز الفوائد ، كبير في خمسة أجزاء في فنون مختلفة وتفاسير آيات كثيرة ، للشيخ أبي الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي المتوفّى ٤٤٩ ، عمله لابن عمّه ، وهو مشتمل على أخبار مرويّة ونكات مستحسنة وعدّة مختصرات عملها مستقلّة ، نسخة منه في ( الرضويّة ) كتابتها ٦٧٧ في آخر جزئه الأوّل ، إلى أن قال : وقد صنّف الفاضل الهندي لهذا الكتاب فهرساً رأيته بخطّه ، وقد طبع « كنز الفوائد » بإيران في ١٣٢٢(٤) .

____________

١ ـ قاموس الرجال ٩ : ٤٥٨ [ ٧٠٧٣ ].

٢ ـ خاتمة المستدرك ٣ : ١٣٢ ، وانظر : الذريعة ١٦ : ٣٧٩ [ ١٧٦٤ ].

٣ ـ روضات الجنّات ٦ : ٢١٠.

٤ ـ الذريعة ١٨ : ١٦١ [ ١١٩٥ ] ، وانظر : فهرست التراث ١ : ٥١٩.

٤٣٠

(٥٣) كتاب : التعجّب

الحديث :

في تعجّبه من عدّ أبناء العامّة من أفتى بفتوى سواء قام إليها أم رجع إلى غيرها فهو من فقهاء الأُمّة ، إلاّ الأئمّة من أهل بيت النبوة ( عليهم السلام ) فإنّهم ليسوا عندهم من الفقهاء ، قال : ومن العجب : إنّهم يسمعون قول الرسول ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فيهجرونهم ولا يرجعون في مسألة من الفقه إليهم(١) .

كتاب التعجّب :

قال الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) : وله تصانيف منها : كتاب « التعجّب » ، كتاب « النوادر » ، أخبرنا الوالد ، عن والده ، عنه رحمهم الله(٢) .

ونسبه إليه ابن شهر آشوب ( ت ٥٨٨ هـ ) في المعالم ، وقال : إنّه حسن(٣) .

____________

١ ـ التعجب : ١٥٠ ، الفصل السابع عشر.

٢ ـ فهرست منتجب الدين : ١٥٤ [ ٣٥٥ ].

٣ ـ معالم العلماء : ١١٨ [ ٧٨٨ ] ، وانظر : جامع الرواة ٢ : ١٥٦ ، رياض العلماء ٥ :

٤٣١

وجعله المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) أحد مصادر كتابه البحار(١) ، وقال : وسائر كتبه في غاية المتانة(٢) .

وقال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) : ( التعجّب من أغلاط العامّة في مسألة الإمامة ) تأليف العلاّمة الكراجكي ، طبع مع كنز الفوائد له ( سنة ١٣٢٢ ) ذكر فيه مناقضات أقوالهم ومنافرات أفعالهم(٣) .

وطبع بتحقيق فارس حسّون كريم على عدّة نسخ(٤) .

____________

١٣٩ ، روضات الجنّات ٦ : ٢٠٩ [ ٥٧٩ ] ، تنقيح المقال ٣ : ١٥٩ ، معجم رجال الحديث ١٧ : ٣٥٧ [ ١١٣٤٢ ] ، خاتمة المستدرك ٣ : ٢٢٦.

١ ـ البحار ١ : ١٨ ، مصادرالكتاب.

٢ ـ البحار ١ : ٣٥ ، توثيق المصادر.

٣ ـ الذريعة ٤ : ٢١٠ [ ١٠٤٤ ].

٤ ـ التعجّب : ٢١ ، حول الكتاب.

٤٣٢

(٥٤) كتاب : دلائل الإمامة الطبري الصغير

لأبي جعفر محمّد بن جرير بن رستم

الطبري الصغير ( القرن الخامس )

الحديث :

الأوّل : بعد أن أورد خطبة الزهراء عندما غصبوا فدك ، قال :

قال أبو جعفر(١) : نظرت في جميع الروايات فلم أجد فيها أتمّ شرح وأبلغ في الإلزام وأوكد بالحجّة من هذه الرواية ، ونظرت إلى رواية عبد الرحمن بن كثير فوجدته قد زاد في هذا الموضع : أنسيتم قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبدأ بالولاية : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى » ، وقوله : « إنّي تارك فيكم الثقلين »(٢) .

وذكر سنده في رواية عبد الرحمن في أوّل خطبة الزهراء ( عليها السلام ) ، هكذا : وأخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدَّثنا أبي ( رضي الله عنه ) ، قال : حدَّثنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني ، قال : حدَّثني محمّد بن المفضّل بن إبراهيم بن المفضّل بن قيس الأشعري ، قال : حدَّثنا علي بن حسّان ، عن عمّه عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ،

____________

١ ـ هذه اللفظة لا توجد في المخطوطتين من الكتاب وإنّما من المطبوع.

٢ ـ دلائل الإمامة : ١٢٤ ح ٣٦ ، حديث فدك.

٤٣٣

عن عمّته زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليهم السلام )(١) .

الثاني : روى أبو بكر أحمد بن محمّد الخشاب الكرخي ، قال : حدَّثنا زكريّا بن يحيى الكوفي ، قال : حدَّثنا ابن أبي زائدة ، عن أبيه ، قال : حدَّثنا محمّد بن الحسن ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : « لمّا قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما ترك إلاّ الثقلين : كتاب الله وعترته أهل بيته ، وكان قد »(٢) .

كتاب دلائل الإمامة ومؤلّفه :

النسخ الموجودة من هذا الكتاب ناقصة الأوّل ، وتبدأ هذه النسخ بستّة عشر حديثاً مسندة إلى الزهراء ( عليها السلام ) ، وأوّلها في النسخ الموجودة ، هكذا : أخبرنا القاضي أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي(٣) .

ولكن كانت هناك نسخة كاملة عند السيّد ابن طاووس ( ت ٦٦٤ هـ ) ، نقل عنها في كتبه روايات تدلّ على أنّ كتاب الدلائل كان يحتوي على دلائل النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) ودلائل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، إضافة إلى ما نقله ممّا هو موجود الآن في الكتاب(٤) .

وقد سمّى السيّد الكتاب بدلائل الإمامة ونسبه إلى محمّد بن جرير الطبري في عدّة مواضع من كتبه(٥) .

____________

١ ـ دلائل الإمامة : ١٠٩ ح ٣٦ ، حديث فدك.

٢ ـ دلائل الإمامة : ١٣١ ح ٤٢ ، خبر منامها قبل وفاتها ( عليها السلام ) ، وعنه في البحار ٤٣ : ٢٠٧ ح ٣٦.

٣ ـ دلائل الإمامة : ٤٤ ، منهج التحقيق ، والذريعة ٨ : ٢٤٦ [ ١٠١٨ ].

٤ ـ انظر : دلائل الإمامة ٤١ ، مقدّمة المحقّق ، ( هذا الكتاب ) ، والذريعة ٨ : ٢٤٤ [ ١٠١٨ ].

٥ ـ انظر : دلائل الإمامة : ٣٨ ، مقدّمة المحقّق ، ( عنوان الكتاب ).

٤٣٤

ومنه أخذ اسم الكتاب ونسبته إلى محمّد بن جرير الطبري الإمامي من جاء بعده كالمجلسي ( ت ١١١١ هـ ) والبحراني ( ت ١١٠٧ هـ ) ; لأنّ نسخهم كانت ناقصة أيضاً(١) .

ولكن بمراجعة أسانيد الكتاب يظهر منه أنّ المؤلّف كان معاصراً للنجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) والشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) أو قبلهما بقليل.

قال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) : وأمّا محمّد بن جرير صاحب كتاب ( الإمامة ) الذي عقدت له هذه الترجمة ، فيظهر من مشايخه وأسانيده أنّه كان من المعاصرين للطوسي والنجاشي ومتأخّراً عن صاحب ( المسترشد )(٢) ، وقد ألّف ( الإمامة ) بعد ٤١١ التي توفّي فيها ابن الغضائري ، كما حكاه عنه في ( مدينة المعاجز )(٣) في التاسع والستّين من معجزات صاحب الزمان ، بما لفظه : أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ، قال : نقلت هذا الخبر من أصل بخطّ شيخنا أبي عبد الله الحسين بن الغضائري ( رحمه الله ) ، قال : حدَّثني أبو الحسن علي بن عبد الله القاساني(٤) ، إلى آخر كلامه الصريح في أنّ ابن الغضائري من مشايخه ، وأنّه كتبه عن خطّه بعد وفاته ، وابن الغضائري من أجلّة مشايخ النجاشي والطوسي ، ويروي في الكتاب غالباً عن جماعة هم يروون عن أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري الذي توفّي ٣٨٥ هـ ، وهم : ولده أبو الحسين محمّد بن هارون ، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن الحسن ، وأبو طالب محمّد بن عيسى القطّان ، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي ، كما أنّ الطوسي يروي

____________

١ ـ راجع مقدّمة محقّق دلائل الإمامة : ٤٠ ، تحت عنوان ( هذا الكتاب ).

٢ ـ محمّد بن جرير الطبري الكبير.

٣ ـ للسيّد هاشم البحراني.

٤ ـ دلائل الإمامة : ٥٤٥ ح ١٢٨.

٤٣٥

عن جماعة عن التلعكبري ، منهم : ولده الحسين بن هارون بن موسى ، وكذلك النجاشي يروي عنه بواسطة ولده محمّد بن هارون ، وإن ذكر النجاشي أنّه أدرك التلعكبري وكان يحضر مجلسه مع ولده محمّد بن هارون ، لكن ما روى عنه لصغر سنّه يومئذ ; لأنّه ولد النجاشي ٣٧٢ ، فكان في وقت وفاة التلعكبري ابن ثلاثة عشر أو أقل ، ويروي أيضاً في كتاب ( الإمامة ) عن الصدوق المتوفّى ٣٨١ بواسطة تلاميذه ، منهم : أبو الحسن علي بن هبة الله بن عثمان بن الرائقة الموصلي ، صاحب كتاب ( المتمسّك بحبل آل الرسول ) المذكور في ( ص ١٣٢ ) ، كما أنّ الطوسي والنجاشي يرويان عن الصدوق بواسطة واحدة ، ويروي في الكتاب أيضاً عن أبي عبد الله الحسين بن إبراهيم بن عيسى المعروف بابن الخيّاط القمّي الذي هو من مشايخ الطوسي ، وله الرواية عن أحمد بن محمّد بن عيّاش صاحب ( مقتضب الأثر ) المتوفّى ٤٠١ ، ويروي أيضاً عن أخيه المتوفّى قبل تأليف ( الإمامة ) ; لأنّه دعا له برضي الله عنه ، وقال : إنّه قرأ أخوه في ٣٩٥ على ابن البغدادي المولود بسوراء من نواحي بابل(١) ، وهو أبو الحسن أحمد بن علي ، ويروي في الكتاب أيضاً عن أبي المفضّل الشيباني الذي أدركه النجاشي أيضاً(٢) ، ويروي فيه أيضاً عن القاضي أبي الفرج بن المعافي ، المروّج لمذهب ابن جرير العامّي ، انتهى(٣) .

ومن هذا يظهر أنّ مؤلّف كتاب ( دلائل الإمامة ) ليس هو محمّد بن جرير الطبري الإمامي الكبير صاحب ( المسترشد ) الذي ترجم له النجاشي

____________

١ ـ دلائل الإمامة : ٢١٠ ح ٢٤.

٢ ـ دلائل الإمامة : ٢٨٩ ح ٩٢.

٣ ـ طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) ، ٢ : ١٥٣ ، وانظر : الذريعة ٨ : ٢٤١ [ ١٠١٨ ] ، ومقدّمة التحقيق لكتاب دلائل الإمامة ، والأخبار الدخيلة : ٤٣.

٤٣٦

( ت ٤٥٠ هـ )(١) والطوسي ( ت ٤٦٠ هـ )(٢) ، والذي كان معاصراً للطبري العامّي صاحب التاريخ والتفسير في أوائل القرن الرابع(٣) ، بل إنّه يروي عن الكبير بواسطتين ، هما : أبو الحسين محمّد بن هارون ، عن أبيه هارون بن موسى ، عن محمّد بن جرير الطبري(٤) .

وبالانتباه إلى ما ذكرناه سابقاً من أنّ تسمية الكتاب واسم مؤلّفه جاءت فقط من جهة السيّد ابن طاووس ، ومن استبعاد اتّحاد اسم المؤلّف مع اسم مؤلّف ( المسترشد ) بالأب والجدّ واللقب ، وأنّ التمييز بينها فقط بالكبير والصغير ، يحقّ لنا أن نشكّك بهذه النسبة الواردة إلينا من السيّد ابن طاووس.

قال العلاّمة التستري ( ت ١٤١٥ هـ ) : وأمّا تحقيق الكتاب المعروف بدلائل الطبري ، فالذي يغلب على الظنّ أنّ الكتاب كان في تاريخ المعصومين ( عليهم السلام ) ; لأنّه في بيان أحوالهم من مولدهم ومدفنهم وأولادهم وباقي أحوالهم ومعجزاتهم واسمه غير معلوم ، وإنّما يصحّ أن يسمّى بالدلائل إذا كان في خصوص المعجزات ، فعبّر العيون عن باب معجزات الرضا ( عليه السلام ) بباب دلائل الرضا ( عليه السلام ).

والذي وصل إلينا وطبع نسخة ناقصة من أحوال الصديقة ( عليها السلام ) ، وقد كان بتمامه عند ابن طاووس ونقل عنه في نجومه معجزة من أمير

____________

١ ـ رجال النجاشي : ٣٧٦ [ ١٠٢٤ ].

٢ ـ فهرست الطوسي : ٤٤٦ [ ٧١٢ ].

٣ ـ طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) ٢ : ١٥٣ ، وانظر : طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) ١ : ٢٥٠ ، الذريعة ٨ : ٢٤١ [ ١٠١٨ ] ، و ٢١ : ٩ [ ٣٦٩٠ ] ، وما ذكرناه سابقاً في ترجمة صاحب المسترشد ، تنقيح المقال ٢ : ٩١ ، من أبواب الميم ، الأخبار الدخيلة ١ : ٤٣.

٤ ـ دلائل الإمامة : ٤٧٨ ح ٧١ ، دلائل الإمام صاحب الزمان ( عج ).

٤٣٧

المؤمنين ( عليه السلام ) ، كما في ص ١٠٢ ، ومؤلّفه من معاصري الشيخ والنجاشي

ثمّ قال : وأوّل من وهم ـ في ما أعلم ـ أنّ هذا الكتاب لمحمّد بن جرير بن رستم علي بن طاووس ، فنقل في آخر نجومه معجزات عن المعصومين ( عليهم السلام ) ، ونقل عن هذا الكتاب معجزات من الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليهما السلام ) إلى المهدي ( عليه السلام ) ، إلاّ الباقر ( عليه السلام ) ، وفي كلّ من العشرة ، يقول : يروى عن دلائل الإمامة للشيخ محمّد بن رستم الطبري.

ووجه توهّمه أنّه رأى في بعض مواضع الكتاب في أوّل السند ، قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ، وأوّلها في النسخة الموجودة في ذكر معجزات الحسن ( عليه السلام ) ، ثمّ بعده إلى خمسة عشر خبراً ، قال أبو جعفر : حدَّثنا فلان ، وفي معجزات الحسين ( عليه السلام ) ، تسعة أحاديث أيضاً بلفظ قال أبو جعفر : حدَّثنا فلان ، وفي معجزات السجّاد ( عليه السلام ) في عشرة أحاديث ( قال أبو جعفر : وحدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الباقر ( عليه السلام ) في سبعة أحاديث ( قال أبو جعفر : وحدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الصادق ( عليه السلام ) في عشرة أحاديث ( قال أبو جعفر : وحدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الكاظم ( عليه السلام ) في ثمانية أحاديث ( قال أبو جعفر : وحدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الرضا ( عليه السلام ) ( قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : حدَّثنا فلان ) ، ثمّ بعده إلى سبعة أحاديث ( قال أبو جعفر : حدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الجواد ( عليه السلام ) ( قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ) ، ثمّ بعده إلى عشرة أحاديث ( قال أبو جعفر : حدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الهادي ( عليه السلام ) ( قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : حدَّثنا فلان ) ، ثمّ إلى ثلاثة أحاديث ، وفي معجزات العسكري ( عليه السلام ) ( قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : حدَّثنا فلان ،

٤٣٨

عنه ( عليه السلام ) ) ، ثمّ بعده إلى أربعة أحاديث ( قال أبو جعفر ، عنه ( عليه السلام ) ) ، كما تقدّم ، فظنّ أنّ المراد به مصنّف الكتاب كما قد يعبّر القدماء في تصانيفهم عن أنفسهم ، إلاّ أنّ ذلك أعمّ ، فكما يحتمل ذلك ، يحتمل أن يكون كما قد يقال ( قال فلان في كتابه ) نقلا عن آخر ، فهو نظير قوله في الكتاب كثيراً ( روى فلان ) مثلا ، ممّن تقدّم عصره بكثير

ثمّ قال : وتبع ابن طاووس في الوهم من تأخّر عنه كالمجلسي ، فينقل ما في هذا الواصل إلينا ناسباً له إلى محمّد ( محمّد بن جرير بن رستم الطبري ) في دلائله ، إلاّ أنّه حيث رأى أنّ الشيخ والنجاشي لم يعدّا لابن رستم غير ( المسترشد ) ولم يكن ( المسترشد ) وصل إليه ، قال في أوّل بحاره بعد أن ذكر أنّ من مداركه ( دلائل الإمامة للطبري ) ذاك ، قال : ( ويسمّى بالمسترشد )(١) ، وتبعه السيّد البحراني ، فقال في مدينة معاجزه في ذكر مداركه ( وكتاب الإمامة لمحمّد بن جرير بن رستم الطبري ).

ثمّ قال : وكيف كان فالكتاب مشتمل على الغثّ والسمين ، فأكثر فيه من الرواية عن الشيباني ، وقال الشيخ والنجاشي : ضعّف الشيباني جماعة من أصحابنا ، وجلّ أصحابنا ، وقال ابن الغضائري : إنّه كذّاب وضّاع للحديث.

وعن البلوي عن عمارة بن زيد ، وقال الغضائريان : ( سئل البلوي عن عمارة الذي يروي عنه ، فقال : رجل نزل من السماء حدَّثني ثمّ عرج ) ، وزاد الثاني : ( قال الأصحاب : إنّ عمارة بن زيد اسم ما تحته أحد ، وكلّ ما يرويه كذب ، والكذب بيّن في وجه حديثه )(٢) .

____________

١ ـ البحار ١ : ٢٠ ، مصادر الكتاب.

٢ ـ الأخبار الدخيلة ١ : ٤٣ ، وانظر : قاموس الرجال ٩ : ١٥٦ [ ٦٥١٩ ].

٤٣٩

ولكن بعد مدّة وجدتُ في كتاب العدد القويّة لرضيّ الدين علي بن يوسف بن المطهّر الحلّي ( النصف الأوّل من القرن الثامن ) أخ العلاّمة الحلّي أنّه ينقل في الجزء الثاني منه عن كتاب دلائل الإمامة ، تاريخ ولادة الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، وهذا نصّ عبارته : في كتاب دلائل الإمامة : ولد أبو محمّد الحسن بن علي ( عليهما السلام ) يوم النصف من شهر رمضان ، سنة ثلاث من الهجرة(١) .

فالشيخ رضيّ الدين علي متأخّر عن ابن طاووس ، فلعلّه رأى النسخة الموجودة في مكتبة ابن طاووس ، ولكنّه كما قرأت في العبارة لم يذكر اسم مؤلّف الكتاب.

وبهذا يظهر ما في كلام العلاّمة التستري الذي نقلناه آنفاً بخصوص اسم الكتاب ، وإن بقى ما في اسم المؤلّف من كلام على قوّته ، فمن المحتمل جدّاً أنّه لم يذكر اسم المؤلّف على النسخة وإلاّ لذكره رضيّ الدين.

وهناك احتمال لم أتحقّق منه ، وهو أنّه قد يكون الشيخ رضيّ الدين علي بن يوسف قد نقل من كتب السيّد ابن طاووس ما نقله عن كتاب الدلائل وسمّاه بما سمّاه به ابن طاووس ، فلا يفيدنا شيء ما ذكره في العدد القويّة من اسم الكتاب ، والله العالم.

____________

١ ـ العدد القويّة : ٢٨ [ ١٠ ].

٤٤٠

441

442

443

444

445

446