بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٣

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 446
مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 446
إلاّ سواء ، و ما تضرّ عليّا عليه السّلام لو سببته على رؤوس الأشهاد ؟ و أمّا و عيدك إيّاي بالقتل ، فهلا قتلت اللحياني إذ وجدته على فراشك ؟ أما تستحي من قول نصر بن حجاج فيك :
يا للرجال و حادث الأزمان
و لسبّة تخزي أبا سفيان
نبّئت عتبة خانه في عرسه
جنس لئيم الأصل من لحيان
و بعد هذا ما ارتاع لذكره لفحشه ، فكيف يخاف أحد سيفك و لم تقتل فاضحك ؟ و كيف ألومك على بغض عليّ عليه السّلام و قد قتل خالك الوليد مبارزة يوم بدر ، و شرك حمزة في قتل جدّك عتبة ، و أوجدك من أخيك حنظلة في مقام واحد ؟
و أمّا أنت يا مغيرة فلم تكن بخليق إن تقع في هذا و شبهه ، و إنّما مثلك مثل البعوض إذ قالت للنخلة : استمسكي فإنّي طائرة عنك . فقالت النخلة : فهل علمت بك واقعة عليّ ، فأعلم بك طائرة عنّي ؟ و اللَّه ما نشعر بعد اوتك إيّانا ، و لا اغتممنا إذ علمنا بها ، و لا يشقّ علينا كلامك ، و أنّ حدّ اللَّه في الزّنا لثابت عليك ،
و لقد درأ عمر عنك حقّا اللَّه سائله عنه ، و لقد سألت النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله : هل ينظر الرّجل إلى المرأة يريد أن يتزوّجها ؟ فقال : لا بأس بذلك يا مغيرة ما لم ينو الزّنا ، لعلمه بأنّك زان .
و أمّا فخركم علينا بالإمارة فإنّه تعالى يقول : و إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليها القول فدمّرناها تدميرا ١ .
ثمّ قام الحسن عليه السّلام فنفض ثوبه و انصرف ، فتعلّق المغيرة بثوبه ، و قال لمعاوية : قد شهدت قوله فيّ و قذفه إيّاي بالزنا ، و أنا مطالب له بحدّ القذف . فقال معاوية : خلّ عنه لا جزاك اللَّه خيرا فتركه . فقال معاوية : قد أنبأتكم أنّه ممّن لا
ــــــــــــــــ
( ١ ) الإسراء : ١٦ .
يطاق عارضته ، و نهيتكم أن تسبّوه ، فعصيتموني ، و اللَّه ما قام حتّى أظلم عليّ البيت ، قوموا عنّي ، فلقد فضحكم اللَّه و أخزاكم بترككم الحزم ، و عدو لكم عن رأي الناصح المشفق ١ .
و رواه سبط ابن الجوزي في ( تذكرته ) ، و فيه : أنّ الحسن عليه السّلام قال لمعاوية : « و قد علمت الفراش الّذي ولدت عليه » . و قال السّبط في تفسير كلامه عليه السّلام : قال هاشم الكلبي في ( مثالبه ) : إنّ معاوية كان يقال إنّه من أربعة :
عمارة بن الوليد ، و مسافر بن أبي عمرو ، و العبّاس ، و أبي سفيان ٢ .
و روى السّبط أيضا عن هشام الكلبي : أنّ مروان لمّا كان واليا على المدينة بعث رسولا إلى الحسن عليه السّلام و قال : قل له يقول لك مروان : أبوك الّذي فرّق الجماعة ، و قتل أمير المؤمنين عثمان ، و أباد العلماء و الزّهاد يعني الخوارج و أنت تفخر بغيرك فإذا قيل لك من أبوك ؟ تقول خالي الفرس . فجاء الرسول إلى الحسن ، فقال له : يا أبا محمّد إنّي أتيتك برسالة ممّن يخاف سطوته و يحذر سيفه ، فإن كرهت لم أبلّغك إيّاها و وقيتك بنفسي ؟ فقال الحسن عليه السّلام : لا بل تؤدّيها و نستعين عليه باللَّه ، فأدّاها ، فقال له عليه السّلام : تقول لمروان : إن كنت صادقا فاللَّه يجزيك بصدقك ، و إن كنت كاذبا فاللَّه أشدّ نقمة .
فخرج الرّسول من عنده فلقيه الحسين عليه السّلام فقال : من أين أقبلت ؟ فقال : من عند أخيك الحسن . فقال : و ما كنت تصنع ؟ قال : أتيت برسالة من عند مروان . فقال :
و ما هي ؟ فامتنع الرّسول من ادائها . فقال : لتخبرني أو لأقتلنّك . فسمع الحسن عليه السّلام فخرج ، و قال لأخيه : خلّ عن الرّجل . فقال : لا و اللَّه حتّى أسمعها .
فأعادها الرسول عليه . فقال عليه السّلام : قل له يقول لك الحسين بن علي بن فاطمة :
ــــــــــــــــ
( ١ ) نقله عن الزبير بن بكار في المفاخرات ابن أبي الحديد في شرحه ٢ : ١٠١ ، شرح الخطبة ٨٢ .
( ٢ ) تذكرة الخواص : ٢٠٢ ، و النقل بالمعنى .
يابن الزرقاء الدّاعية إلى نفسها بسوق ذي المجاز صاحبة الرّاية بسوق عكّاظ و يابن طريد رسول اللَّه و لعينه اعرف من أنت و من امّك و من أبوك . قال : فجاء الرّسول إلى مروان فأعاد عليه ما قالا ، فقال له : ارجع إلى الحسن ، و قل له :
أشهد أنّك ابن رسول اللَّه . و قل للحسين : أشهد أنّك ابن عليّ بن أبي طالب . فقال ( الحسين ) عليه السّلام للرّسول : قل له : كلاهما لي و رغما .
قال : قال الأصمعي : أمّا قول الحسين عليه السّلام : « يابن الدّاعية إلى نفسها » فذكر ابن إسحاق أنّ امّ مروان اسمها اميّة ، و كانت من البغايا في الجاهليّة ،
و كان لها راية مثل راية البيطار تعرف بها ، و كانت تسمّى امّ حنبل الزّرقاء ،
و كان مروان لا يعرف له أب ، و إنّما نسب إلى الحكم كما نسب عمرو إلى العاص . و أمّا قوله : « يابن طريد رسول اللَّه » فيشير إلى الحكم بن أبي العاص ،
أسلم الحكم يوم الفتح و سكن المدينة ، و كان ينقل أخبار النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله إلى الكفار من الأعراب و غيرهم ، و يتجسّس عليه . قال الشّعبي : و ما أسلم إلاّ لهذا ، و لم يحسن إسلامه ، و رآه النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يوما و هو يمشي و يتخالج في مشيته يحاكي النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله فقال له : كن كذلك . فمازال يمشي كأنّه يقع على وجهه ،
و نفاه النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله إلى الطائف و لعنه إلى أن قال فلمّا مات عمر ، و ولّي عثمان ردّه في اليوم الّذي ولّي فيه ، و قرّبه و أدناه ، و دفع له مالا عظيما و رفع منزلته ،
فقام المسلمون على عثمان و أنكروا عليه ، و هو أوّل ما أنكروا عليه ، و قالوا له :
رددت عدوّ اللَّه و رسوله ، و خالفت اللَّه و رسوله . فقال : إنّ النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و عدني بردّه . فامتنع جماعة من الصّحابة عن الصلاة خلف عثمان لذلك ،
ثمّ توفّي الحكم في خلافته ، فصلّى عليه ( عثمان ) و مشى خلفه ، فشقّ ذلك على المسلمين ، و قالوا : ما كفاك ما فعلت حتّى تصلّي على منافق ملعون لعنه النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و نفاه . فخلعوه و قتلوه . قال : و أعطى ابنه مروان خمس غنائم إفريقيّة خمسمائة ألف دينار . ثم قال : و بهذا السّبب قالت ( عائشة ) :
اقتلوا نعثلا قتله اللَّه فقد كفر ١ .
و روى الزّبير بن بكار : أنّ عمرو بن العاص لقي الحسن عليه السّلام في الطّواف ، فقال له : يا حسن زعمت أنّ الدين لا يقوم إلاّ بك و بأبيك ، فقد رأيت اللَّه أقامه بمعاوية ، فجعله راسيا بعد ميله ، و بيّنا بعد خفائه ، أفرضي اللَّه بقتل عثمان ؟ أو من الحقّ أن تطوّف بالبيت كما يدور الجمل بالطّحن ، عليك ثياب كغرقى البيض ، و أنت قاتل عثمان ؟ و اللَّه إنّه لألمّ للشّعث و أسهل للوعث أن يوردك معاوية حياض أبيك . فقال الحسن عليه السّلام : إنّ لأهل النّار لعلامات يعرفون بها : إلحادا لأولياء اللَّه ، و موالاة لأعداء اللَّه ، و اللَّه إنّك لتعلم أنّ عليّا لم يرتب في الدين ، و لم يشكّ في اللَّه ساعة ، و لا طرفة عين قطّ ، و ايم اللَّه لتنتهين يابن امّ عمرو أو لأنفذن حضنيك بنو افذ أشدّ من القعضبية ، فإيّاك و التهجّم عليّ ، فإنّي من قد عرفت ، لست بضعيف الغمزة ، و لا هشّ المشاشة ، و لا مريء المأكلة ، و إنّي من قريش كواسطة القلادة ، يعرف حسبي ، و لا ادعى لغير أبي ،
و أنت من تعلم و يعلم النّاس ، تحاكمت فيك رجال قريش ، فغلب عليك جزّارها ،
ألأمهم حسبا ، و أعظمهم لؤما ، فإيّاك عنّي فإنّك رجس ، و نحن أهل بيت الطهارة أذهب اللَّه عنّا الرّجس و طهّرنا تطهيرا . قال : فأفحم عمرو و انصرف كئيبا ٢ .
و روى أبو الفرج و المدائني ، و اللّفظ للأوّل : أنّ الحسن عليه السّلام كتب إلى معاوية إلى أن قال : فلمّا توفّي النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله تنازعت سلطانه العرب ، فقالت قريش : نحن قبيلته و اسرته و أولياؤه ، و لا يحلّ لكم أن تنازعونا سلطان محمّد في النّاس و حقّه ، فرأت العرب أنّ القول كما قالت قريش ، و أنّ الحجّة لهم في
ــــــــــــــــ
( ١ ) تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي : ٢٠٧ .
( ٢ ) لم أظفر على من نقله عن الزبير بن بكار بل رواه المدائني كما نقل ابن أبي الحديد في شرحه ٤ : ١٠ ، و نقله الشارح نفسه عن المدائني في العنوان ٥ من هذا الفصل .
ذلك على من نازعهم أمر محمّد صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فأنعمت لهم العرب ، و سلّمت ذلك ، ثمّ حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاجّت به العرب ، فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها ، إنّهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانتصاف و الاحتجاج ، فلمّا صرنا أهل بيت محمّد و أولياؤه إلى محاجّتهم و طلب النّصف منهم باعدونا ،
و استولوا بالاجتماع على ظلمنا و مراغمتنا ، و العنت منهم لنا ، فالموعد اللَّه و هو الولي النّصير ، و قد تعجبنا لتوثّب المتوثّبين علينا في حقّنا و سلطان نبيّنا صلّى اللَّه عليه و آله و إن كانوا ذوي فضيلة و سابقة في الإسلام ، فأمسكنا عن منازعتهم ، مخافة على الدّين أن يجد المنافقون و الأحزاب بذلك مغمزا يثلمونه به ، أو يكون لهم بذلك سبب لما أرادوا به من فساده ، فاليوم فليعجب المتعجّب من توثّبك يا معاوية على أمر لست من أهله ، لا بفضل في الدين معروف ، و لا أثر في الإسلام محمود ، و أنت ابن حزب من الأحزاب ، و ابن أعدى قريش للنّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ،
و لكنّ اللَّه خيبك ، و سترد فتعلم لمن عقبى الدّار ، تاللَّه لتلقينّ عن قليل ربّك ، ثمّ ليجزينّك بما قدّمت يداك ، و ما اللَّه بظلاّم للعبيد .
إنّ عليّا رضوان اللَّه عليه لمّا مضى لسبيله رحمة اللَّه عليه يوم قبض و يوم منّ اللَّه عليه بالإسلام ، و يوم يبعث حيّا ولاّني المسلمون الأمر بعده ،
فأسأل اللَّه أن لا يزيدنا في الدّنيا الزّائلة شيئا ، ينقصنا به في الآخرة ممّا عنده من كرامته ، و إنّما حملني على الكتاب إليك الإعذار في ما بيني و بين اللَّه سبحانه و تعالى في أمرك ، و لك في ذلك إن فعلت الحظّ الجسيم ، و للمسلمين فيه صلاح ، فدع التمادي في الباطل ، و ادخل في ما دخل فيه النّاس من بيعتي ،
فإنّك تعلم أنّي أحقّ بهذا الأمر منك عند اللَّه و عند كلّ أوّاب حفيظ ، و من له قلب منيب ، و اتّق اللَّه ودع البغي ، و احقن دماء المسلمين ، فو اللَّه مالك من خير في أن تلقى اللَّه من دمائهم بأكثر ممّا أنت لاقيه به إلى أن قال في جواب معاوية لكتابه عليه السّلام : و ذكرت وفاة النّبيّ و تنازع المسلمين من بعده ، فرأيتك صرّحت
بتهمة أبي بكر الصّديق و عمر الفاروق ، و أبي عبيدة الأمين ، و حواري رسول اللَّه ، و صلحاء المهاجرين و الأنصار ، فكرهت ذلك لك ، فإنّك امرؤ عندنا و عند النّاس غير ظنين ، و لا المسيء و لا اللئيم ، و أنا احبّ لك القول السّديد و الذكر الجميل ، إنّ هذه الامّة لمّا اختلفت بعد نبيّها لم تجهل فضلكم ، و لا سابقتكم و لا قرابتكم من النّبيّ ، و لا مكانتكم في الإسلام و أهله ، فرأت الامّة أن تخرج من هذا الأمر لقريش لمكانها من نبيّها ، و رأى صلحاء النّاس من قريش و الأنصار و غيرهم ، من سائر النّاس و عامّتهم أن يولّوا هذا الأمر من قريش : أقدمها إسلاما و أعلمها باللَّه ، و أحبّها له ، و أقواها على أمر اللَّه ، فاختاروا أبا بكر ، و كان ذلك رأي ذوي الحجى و الدّين و الفضيلة و النّاظرين للامّة ، فأوقع ذلك في صدوركم لهم التّهمة ، و لم يكونوا متّهمين ، و لا في ما أتوا بالمخطئين ، و لو رأى المسلمون فيكم من يغني غناءه ، أو يقوم مقامه أو يذبّ عن حريم الإسلام ذبّه ما عدلوا بالأمر إلى غيره إلى أن قال و الحال في ما بيني و بينك اليوم مثل الحال الّتي كنتم عليها أنتم و أبو بكر بعد وفاة النّبيّ ، فلو علمت أنّك أضبط منّي للرّعيّة ، و أحوط على هذه الامّة و أحسن سياسة ، و أقوى على جمع الأموال ، و أكيد للعدّو ، لأجبتك إلى ما دعوتني إليه ، و رأيتك لذلك أهلا . . . ١ .
و من هذا الكتاب و الجواب تعرف حقيقة الأمر في الباب ، و يكفيان في إتمام الحجّة لاولي الألباب .
و عن ( كامل المبرد ) : أنّ شاميّا رأى الحسن عليه السّلام فجعل يلعنه ،
و الحسن عليه السّلام لا يردّ ، فلمّا فرغ أقبل الحسن عليه السّلام إليه فسلّم عليه و ضحك ، فقال :
أيّها الشّيخ أظنّك غريبا ، و لعلّك شبّهت فلو استعتبتنا أعتبناك ، و لو سألتنا أعطيناك ، و لو استرشدتنا أرشدناك ، و لو استحملتنا حملناك ، و إن كنت جائعا
ــــــــــــــــ
( ١ ) رواه أبو الفرج في المقاتل : ٣٥ ٣٧ ، و المدائني عنه شرح ابن أبي الحديد ٤ : ٩ ، شرح الكتاب ٣١ .
أشبعناك ، و إن كنت عريانا كسوناك ، و إن كنت محتاجا أغنيناك ، و إن كنت طريدا آويناك ، و إن كان لك حاجة قضيناها لك ، فلو حرّكت رحلك إلينا و كنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك ، لأنّ لنا موضعا رحبا ، و جاها عريضا ، و مالا كبيرا . فلمّا سمع الرّجل كلامه عليه السّلام بكى ثمّ قال : أشهد أنّك خليفة اللَّه في أرضه ، اللَّه أعلم حيث يجعل رسالته ١ ، و كنت أنت و أبوك أبغض خلق اللَّه إليّ ، و الآن أنت أحبّ خلق اللَّه إليّ ٢ .
« املكوا عنّي هذا الغلام لا يهدّني » روى المدائني عن زيد بن أرقم قال :
خرج الحسن عليه السّلام و هو صغير ، و عليه برد ، و النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يخطب ، فعثر فسقط ،
فقطع النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله الخطبة و نزل مسرعا إليه و قد حمله النّاس ، فتسلمه و أخذه على كتفه و قال : إنّ الولد لفتنة ، لقد نزلت إليه و ما أدري ، ثمّ صعد فأتمّ الخطبة ٣ .
و روى أبو نعيم في ( حليته ) عن أبي بكرة قال : كان النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يصلّي بنا ، فيجيء الحسن عليه السّلام و هو ساجد صبي صغير ، حتّى يصير على ظهره ،
فيرفعه رفعا رفيقا ، فلمّا صلّى صلاته قالوا : يا رسول اللَّه إنّك لتصنع بهذا الصّبي شيئا لا تصنعه بأحد . فقال : إنّ هذا ريحانتي . . . ٤ .
و عن البراء قال : رأيت النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله واضعا الحسن عليه السّلام على عاتقه ، فقال :
من أحبّني فليحبّه ٥ .
و عن أبي هريرة قال : أتى الحسن عليه السّلام يوما يشتدّ حتّى قعد في حجر النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ، فجعل يقول بيديه هكذا في لحية النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ، و النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يفتح فمه ،
ــــــــــــــــ
( ١ ) الأنعام : ١٢٤ .
( ٢ ) رواه عن كامل المبرد بهذا اللفظ ابن شهر آشوب في مناقبه ٤ : ١٩ ، و رواية المبرد في الكامل ٤ : ١٠٥ بلفظ أخصر .
( ٣ ) نقله عن المدائني ابن أبي الحديد في شرحه ٤ : ١٠ ، شرح الكتاب ٣١ .
( ٤ و ٥ ) حلية الأولياء لأبي نعيم ٢ : ٣٥ .
ثم يدخل فمه في فمه و يقول : اللّهمّ إنّي احبّه فأحبّه و أحبّ من يحبّه . يقولها ثلاث مرّات ١ .
و قال المسعودي : لمّا دفن الحسن عليه السّلام وقف محمّد بن الحنفية أخوه على قبره فقال : لئن عزّت حياتك ، لقد هدّت وفاتك ، و لنعم الرّوح روح تضمّنه كفنك ، و لنعم الكفن كفن تضمّن بدنك ، و كيف لا تكون هكذا و أنت عقبة الهدى ،
و خلف أهل التّقوى و خامس أصحاب الكساء ، غذتك بالتّقوى أكفّ الحقّ ،
و أرضعتك ثدي الإيمان ، و ربيّت في حجر الإسلام ، فطبت حيّا و ميّتا ٢ .
و نقل أبو الفرج عن عمر بن بشير قال : قلت لأبي إسحاق : متى ذلّ النّاس ؟ قال : حين مات الحسن عليه السّلام ، و ادّعي زياد ، و قتل حجر بن عدي ٣ .
« فإنّني أنفس » أي أضنّ و أبخل .
« بهذين يعني الحسن و الحسين عليهما السّلام » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب :
( الحسنين عليهما السّلام ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّيّة ) ٤ .
« على الموت » روى الخطيب في ( نصر بن عليّ الجهضمي ) عن نصر عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عن آبائه : أنّ النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله أخذ بيد الحسن و الحسين ، فقال : من أحبّني ، و أحبّ هذين و أباهما و امّهما كان معي في درجتي يوم القيامة .
و قال : لمّا حدّث نصر بهذا الحديث أمر المتوكّل بضربه ألف سوط ، و كلّمه جعفر بن عبد الواحد ، و جعل يقول له : هذا الرّجل من أهل
ــــــــــــــــ
( ١ ) حلية الأولياء لأبي نعيم ٢ : ٣٥ .
( ٢ ) مروج الذهب للمسعودي ٢ : ٤٢٨ .
( ٣ ) المقاتل لأبي الفرج : ٥٠ .
( ٤ ) لفظ شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٩ ، و شرح ابن ميثم ٤ : ١٤ مثل المصرية أيضا .
السنّة و لم يزل به حتّى تركه ١ .
و في ( تذكرة سبط ابن الجوزي ) عن ( صحيح البخاري ) : كان النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يعوّذ الحسن و الحسين فيقول : اعيذكما بكلمات اللَّه التّامة من كلّ شيطان و هامة ، و من كلّ عين لامة . و يقول : إنّ أباكما إبراهيم عليه السّلام كان يعوّذ بها إسماعيل و إسحاق ٢ .
و عن ( فضائل أحمد بن حنبل ) : عن واثلة بن أسقع قال : أتيت فاطمة عليها السّلام أسألها عن عليّ عليه السّلام ، فقالت : توجّه إلى النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله . فجلست انتظره و إذا بالنّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله قد أقبل و معه عليّ و الحسن و الحسين عليهم السّلام ، قد أخذ بيد كلّ واحد منهما حتّى دخل الحجرة ، فأجلس الحسن عليه السّلام على فخذه اليمنى ،
و الحسين عليه السّلام على فخذه اليسرى ، و أجلس عليّا و فاطمة عليهما السّلام بين يديه ، ثمّ لفّ عليهم كساه أو ثوبه ، ثمّ قرأ : إنّما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت و يطهّركم تطهيرا ثم قال : اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي حقّا ٣ .
و عن ( تفسير الثعلبي ) في قوله تعالى : مرج البحرين يلتقيان . بينهما برزخ لا يبغيان . فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان . يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان ٤ . البحرين : عليّ و فاطمة عليهما السّلام و البرزخ : محمّد صلّى اللَّه عليه و آله و اللّؤلؤ و المرجان : الحسن و الحسين عليهما السّلام ٥ .
و في ( أمالي محمّد بن محمّد بن النّعمان ) : عن الجعابي مسندا عن جابر الأنصاري قال : خرج علينا النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله آخذا بيد الحسن و الحسين عليهما السّلام ، فقال :
ــــــــــــــــ
( ١ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ١٣ : ٢٨٧ .
( ٢ ) رواه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص : ١٩٤ ، و أخرجه البخاري في صحيحه ٢ : ٢٣٩ و غيره .
( ٣ ) تذكرة الخواص : ٢٢٣ ، ٢٣٤ ، و نقل الأخير بتصرف ، و الآية ٣٣ من سورة الأحزاب .
( ٤ ) الرحمن : ١٩ ٢٢ .
( ٥ ) تذكرة الخواص : ٢٣٣ ، ٢٣٤ ، و نقل الأخير بتصرف .
إنّ ابني هذين ربيتهما صغيرين ، و دعوت لهما كبيرين ، و سألت اللَّه تعالى لهما ثلاثا ، فأعطاني اثنتين و منعني واحدة : سألت اللَّه لهما أن يجعلهما طاهرين مطهّرين زكيّين ، فأجابني إلى ذلك ، و سألت اللَّه أن يقيهما و ذرّيتهما و شيعتهما النّار فأعطاني ذلك ، و سألت اللَّه أن يجمع الامّة على محبتهما فقال : يا محمّد إنّي قضيت قضاء ، و قدرت قدرا ، و إنّ طائفة من امّتك ستفي لك بذمّتك في اليهود و النّصارى و المجوس ، و سيخفرون ذمّتك في ولدك ، و إنّي أوجبت على نفسي لمن فعل ذلك ألاّ احلّه محلّ كرامتي ، و لا أسكنه جنّتي ، و لا أنظر إليه بعين رحمتي ، إلى يوم القيامة ١ .
و روى ابن ديزيل في ( صفّينه ) مسندا عن زيد بن أرقم قال : كنّا مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و هو في الحجرة يوحى إليه ، و نحن ننتظره حتّى اشتدّ الحرّ ،
فجاء عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ، و معه فاطمة و حسن و حسين عليهم السّلام ، فقعدوا في ظلّ حائط ينتظرونه ، فلمّا خرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله رآهم فأتاهم ، و وقفنا نحن مكاننا ، ثمّ جاء إلينا و هو يظلّهم بثوبه ممسكا بطرف من الثّوب و عليّ ممسك بطرفه الآخر ، و هو يقول : اللّهمّ إنّي احبّهم فأحبّهم ، اللّهمّ إنّي سلم لمن سالمهم و حرب لمن حاربهم . فقال ذلك ثلاث مرّات ٢ .
و روى الخطيب في ( طي بن اسماعيل ) : أنّ رجلا جاء إلى الحسن و الحسين فسألهما فقالا : إنّ المسألة لا تصلح إلاّ لثلاثة : لحاجة مجحفة ، أو لحمالة مثقلة ، أو دين فادح ، فأعطياه . ثمّ أتى ابن عمر فأعطاه و لم يسأله . فقال له الرجل : أتيت ابني عمّك فسألاني و أنت لم تسألني . فقال ابن عمر : أنبأنا النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله أنّهما كانا يغرّان العلم غرّا ٣ .
ــــــــــــــــ
( ١ ) أمالي المفيد : ٧٨ ح ٣ المجلس ٩ .
( ٢ ) نقله عن ابن ديزل في صفين ابن أبي الحديد في شرحه ١ : ٢٨٩ ، شرح الخطبة ٤٨ .
( ٣ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٩ : ٣٦٦ .
و في ( المعجم ) : بينما ابن السّكّيت مع المتوكّل يوما جاء المعتزّ و المؤيّد ،
فقال له المتوكّل : أيّهما أحبّ إليك : ابناي هذان أم الحسن و الحسين عليهما السّلام ، فذكر ابن السّكّيت الحسن و الحسين عليهما السّلام بما هما أهله ، و سكت عن ابنيه ، و قيل : قال له : إنّ قنبرا خادم عليّ عليه السّلام أحبّ إليّ من ابنيك . فأمر المتوكّل الأتراك فسلّوا لسانه و داسوا بطنه ، و حمل إلى بيته ، فعاش يوما و بعض آخر ، و مات في سنة ( ٢٤٣ ) ١ .
و روى ( أمالي ابن الشيخ ) عن الحسين بن زيد قال : سألت أبا عبد اللَّه عليه السّلام عن سنّ جدّنا عليّ بن الحسين عليهما السّلام فقال : أخبرني أبي عن أبيه قال :
كنت أمشي خلف عمّي الحسن و أبي الحسين عليهما السّلام في بعض طرقات المدينة ،
في العام الّذي قبض فيه عمّي ، و أنا يومئذ غلام لم اراهق أو كدت ، فلقيهما جابر بن عبد اللَّه ، و أنس بن مالك في جماعة من قريش و الأنصار ، فما تمالك جابر حتّى أكبّ على أيديهما و أرجلهما يقبّلها . فقال رجل من قريش كان نسيبا لمروان لجابر : أتصنع هذا و أنت في سنّك هذا ، و موضعك من صحبة النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ؟ و كان جابر شهد بدرا فقال له : إليك عنّي ، فلو علمت يا أخا قريش من فضلهما ما أعلم لقبّلت ما تحت أقدامهما من التراب . ثمّ أقبل جابر على أنس فقال له : أخبرني النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله فيهما بأمر ما ظننت أنّه يكون في بشر .
قال له أنس : و بماذا أخبرك ؟ قال عليّ بن الحسين عليه السّلام : فانطلق الحسن و الحسين عليهما السّلام ، و بقيت أنا أسمع محاورة القوم ، فأنشأ جابر يحدّث ، قال :
بينما النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ذات يوم في المسجد ، و قد حفّ بمن حوله إذ قال لي : ادع لي حسنا و حسينا . و كان شديد الكلف بهما ، فانطلقت فدعوتهما ، و أقبلت أحمل هذا مرّة ، و هذا اخرى ، حتّى جئت بهما إليه ، فقال لي و أنا أعرف السّرور في
ــــــــــــــــ
( ١ ) معجم الأدباء للحموي ٢٠ : ٥٠ بفرق يسير .
وجهه لما رأى من تكريمي لهما أتحبّهما ؟ قلت : و ما يمنعني من ذلك ، و أنا أعرف مكانهما منك ؟ قال : أفلا اخبرك عن فضلهما ؟ قلت : بلى بأبي أنت و امّي .
قال : إنّ اللَّه تعالى لمّا أحبّ أن يخلقني خلقني نطفة بيضاء طيّبة ، فأودعها صلب أبي آدم عليه السّلام ، فلم يزل ينقلها من صلب طاهر إلى رحم طاهر إلى عبد المطّلب ،
ثمّ افترقت تلك النطفة شطرين إلى عبد اللَّه و أبي طالب ، فولدني أبي ، فختم اللَّه بي النبوّة ، و ولد عليّ فختم اللَّه به الوصيّة ، ثمّ اجتمعت النّطفتان منّي و من عليّ فولدنا الجهر و الجهير الحسنان ، فختم بهما أسباط النّبوّة ، و جعل ذريّتي منهما ، و من ذريّة هذا و أشار إلى الحسين عليه السّلام رجل يخرج في آخر الزّمان ،
يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما و جورا ، فهما طاهران مطهّران ، و هما سيّدا شباب أهل الجنّة ، طوبى لمن أحبّهما و أباهما و امهما ، و ويل لمن حاربهم و أبغضهم ١ .
قلت : و من هو ان الدّنيا أن يقتل مثلهما يزيد السكّير القمّير ، أمّا الحسين عليه السّلام فمعلوم ، و أمّا الحسن عليه السّلام ففي ( مقاتل أبي الفرج ) : أنّ معاوية لمّا أراد البيعة لابنه يزيد لم يكن شيء أثقل عليه من أمر الحسن عليه السّلام و سعد بن أبي وقاص ، فدسّ إليهما سمّا فماتا منه ٢ .
قلت : و وجه ثقل سعد عليه أنّه لو كان بايع لابنه في حياته كان سعد يقول له : أنا من ستّة شورى عمر ، و أنا أحقّ من ابنك بالبيعة لي . و أمّا الحسن عليه السّلام فمع أنّه كانت خلافة جدّه حقّه كان معاوية عاهده عليه السّلام على أن يردّ الأمر بعده إليه .
و في ( مقاتل أبي الفرج ) أيضا : أنّ معاوية أرسل إلى ابنة الأشعث زوجة
ــــــــــــــــ
( ١ ) أمالي أبي علي الطوسي ٢ : ١١٣ المجلس ١٨ .
( ٢ ) المقاتل لأبي الفرج : ٤٧ .
الحسن عليه السّلام : أنّي مزوّجك بيزيد ابني ، على أن تسمّي الحسن بن علي . و بعث إليها بمائة ألف درهم ، فقبلت و سمّت الحسن عليه السّلام ، فسوّغها المال و لم يزوّجها منه ، فخلّف عليها رجل من آل طلحة فأولدها ، فكان إذا وقع بينهم و بين بطون قريش كلام عيّروهم ، و قالوا : يا بني مسمّة الأزواج ١ .
و في ( خلفاء ابن قتيبة ) : لمّا كتب عامل المدينة إلى معاوية بموت الحسن عليه السّلام أظهر فرحا و سرورا حتّى سجد ، و سجد من كان معه ، فبلغ ذلك عبد اللَّه بن عباس و كان بالشّام يومئذ فدخل على معاوية ، فلمّا جلس قال معاوية : يابن عباس هلك الحسن بن علي . فقال ابن عبّاس : نعم هلك ، . . . إنّا للَّه و إنّا إليه راجعون ٢ ترجيعا مكرّرا ، و قد بلغني الّذي أظهرت من الفرح و السّرور بوفاته ، أما و اللَّه ما سدّ جسده حفرتك ، و لا زاد نقصان أجله في عمرك ، و لقد مات و هو خير منك ، و لئن اصبنا به لقد اصبنا بمن كان خيرا منه :
جدّه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله ، فجبر اللَّه مصيبته ، و خلّف علينا من بعده أحسن الخلافة .
ثمّ شهق ابن عبّاس و بكى ، و بكى من حضر في المجلس ، و بكى معاوية . قال الرّاوي : فما رأيت يوما أكثر باكيا من ذلك اليوم . فقال معاوية : بلغني أنّه ترك بنين صغارا . فقال ابن عبّاس : كلّنا كان صغيرا فكبر . قال معاوية : كم أتى له من العمر ؟ فقال ابن عبّاس : أمر الحسن عليه السّلام أعظم من أن يجهل أحد مولده .
فسكت معاوية يسيرا ، ثم قال : يابن عباس أصبحت سيّد قومك من بعده . فقال ابن عبّاس : أما ما أبقى اللَّه أبا عبد اللَّه الحسين فلا ٣ .
و روى الطبري عن عائشة بنت سعد ، قالت : حدّ نساء بني هاشم على
ــــــــــــــــ
( ١ ) المقاتل لأبي الفرج : ٤٨ .
( ٢ ) البقرة : ١٥٦ .
( ٣ ) الإمامة و السياسة لابن قتيبة ١ : ١٧٥ .
الحسن بن علي عليه السّلام سنة . و عن ام بكر بنت المسور : أقام نساء بني هاشم النّوح عليه عليه السّلام شهرا . و روي عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : مكث النّاس يبكون على الحسن بن علي عليه السّلام سبعا ما تقوم الأسواق . و روي عن ثعلبة بن أبي مالك .
قال : دفنّاه عليه السّلام بالبقيع ، و لقد رأيت البقيع و لو طرحت فيها إبرة ما وقع إلاّ على رأس إنسان ١ .
و روى أبو الفرج عن الحسن عليه السّلام قال : لقد سقيت السمّ مرارا ، ما سقيته مثل هذه المرّة ، و لقد لفظت قطعة من كبدي ، فجعلت اقلّبها بعود معي إلى أن قال و قد كان أوصى أن يدفن مع النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله فمنع مروان بن الحكم من ذلك ،
و ركبت بنو امية في السّلاح ، و جعل مروان يقول : « يا ربّ هيجاء هي خير من دعة » أ يدفن عثمان في أقصى البقيع ، و يدفن الحسن في بيت النّبيّ ؟ و اللَّه لا يكون ذلك أبدا و أنا أحمل السيف إلى أن قال قال يحيى بن الحسن : و سمعت عليّ بن طاهر بن زيد يقول : لمّا أرادوا دفنه ركبت عايشة بغلا ، و استنفرت بني امية : مروان بن الحكم و من كان هناك منهم و من حشمهم ، و هو قول القائل :
فيوما على بغل و يوما على جمل ٢
و في ( تذكرة سبط ابن الجوزي ) قال الواقدي : إنّ مروان لمّا منع من دفن الحسن عليه السّلام مع جدّه قال أبو هريرة : لو مات ابن لموسى أما كان يدفن مع أبيه ٣ ؟
و روى نصر بن مزاحم في ( صفّينه ) عن زيد بن بدر قال : بعث عبيد اللَّه بن عمر إلى الحسن عليه السّلام فقال : إنّ لي إليك حاجة فالقني . فلقيه ، فقال له عبيد اللَّه :
ــــــــــــــــ
( ١ ) منتخب ذيل المذيل للطبري : ١٩ ، و النقل بتقديم و تأخير .
( ٢ ) المقاتل لأبي الفرج : ٤٨ ، ٤٩ .
( ٣ ) تذكرة الخواص لابن الجوزي : ٢١٣ .
إنّ أباك قد وتر قريشا أوّلا و آخرا ، و قد شنؤوه ، فهل لك أن تخلفه ، و نوليّك هذا الأمر ؟ قال : كلاّ و اللَّه لا يكون ذلك . ثم قال له الحسن عليه السّلام : لكأنّي أنظر إليك مقتولا في يومك أو غدك ، أما إنّ الشيطان قد زيّن لك و خدعك حتّى أخرجك مخلّقا بالخلوق ، ترى نساء أهل الشّام موقفك ، و سيصرعك اللَّه و يبطحك لوجهك قتيلا . قال : فو اللَّه ما كان إلاّ كيومه أو كالغد و كان القتال ، فخرج عبيد اللَّه في كتيبة رقطاء و هي الخضرية ، كانوا أربعة آلاف عليهم ثياب خضر و نظر الحسن عليه السّلام فإذا هو برجل متوسد رجل قتيل ، قد ركز رمحه في عينه ، و ربط فرسه برجله . فقال الحسن لمن معه : انظروا من هذا ، فاذا هو برجل من همدان ،
و إذا القتيل عبيد اللَّه ، قد قتله و بات عليه حتّى أصبح ١ .
و روى ( ذيل الطبري ) عن أبي المهزّم قال : كنّا مع أبي هريرة في جنازة ،
فلمّا رجعنا أعيى الحسين عليه السّلام صعد ، فجعل أبو هريرة ينفض التّراب عن قدميه بثوبه ، فقال له الحسين عليه السّلام : أنت يا أبا هريرة تفعل هذا ؟ قال : دعني منك ، فلو يعلم النّاس منك ما أعلم لحملوك على عواتقهم ٢ .
و روى ( الاستيعاب ) عن أبي هريرة قال : أبصرت عيناي هاتان و سمعت اذناي النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و هو آخذ بكفّيّ الحسين عليه السّلام ، و قدماه على قدم النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و هو يقول : ترقّ عين بقة فرقى الغلام ، حتّى وضع قدميه على صدر النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ، ثمّ قال له النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله : افتح فاك . ثمّ قبّله ، ثمّ قال : اللّهمّ أحبّه فإنّي احبّه ٣ .
و عن ابن عبّاس قال : رأيت النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله في ما يرى النّائم نصف النّهار ،
ــــــــــــــــ
( ١ ) وقعة صفين لابن مزاحم : ٢٩٧ .
( ٢ ) منتخب ذيل المذيل للطبري : ٢٥ .
( ٣ ) الاستيعاب لابن عبد البر ١ : ٣٨٠ ، ٣٨٢ .
و هو قائم أشعث أغبر بيده قارورة فيها دم ، فقلت : بأبي أنت و امّي يا رسول اللَّه ما هذا ؟ قال : هذا دم الحسين عليه السّلام لم أزل ألتقطه منذ اليوم . فوجد قد قتل في ذلك اليوم ١ .
و روى ( اسد الغابة ) بأسانيد عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه قال : كنت في مسجد النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ، في حلقة فيها أبو سعيد الخدري و عبد اللَّه بن عمرو بن العاص فمرّ بنا حسين بن علي عليه السّلام فسلّم ، فردّ القوم السّلام ، فسكت عبد اللَّه حتّى فرغوا فرفع صوته و قال : و عليك السّلام و رحمة اللَّه و بركاته . ثمّ أقبل على القوم فقال : ألا اخبركم بأحبّ أهل الأرض إلى أهل السّماء ؟ قالوا : بلى . قال :
هو هذا الماشي ، ما كلّمني كلمة منذ ليالي صفّين ، و لأن يرضى عنّي أحبّ إليّ من أن يكون لي حمر النّعم . فقال أبو سعيد : ألا تعتذر إليه . قال : بلى . إلى أن قال فقال له الحسين عليه السّلام : أعلمت يا عبد اللَّه أنّي أحبّ أهل الأرض إلى أهل السّماء ؟ قال : أي و ربّ الكعبة . قال : فما حملك على أن تقاتلني و أبي يوم صفّين ؟ فو اللَّه لأبي كان خيرا منّي . قال : أجل و لكن عمرا أي : أباه شكاني إلى النّبيّ الخبر ٢ في عذره الباطل .
و روى مصعب الزّبيري في ( نسب قريشه ) : أنّ ابن عمر قال في رجل من أهل العراق سأله عن دم البعوض في ثوبه : انظروا هذا يسألني عن دم البعوض ، و قد قتلوا ابن رسول اللَّه ، و قد سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله يقول : الحسن و الحسين هما ريحانتي من الدّنيا . قال مصعب : و حجّ الحسين عليه السّلام خمسا و عشرين حجّة ماشيا ٣ .
ــــــــــــــــ
( ١ ) الاستيعاب لابن عبد البر ١ : ٣٨٠ ، ٣٨٢ .
( ٢ ) اسد الغابة لابن الأثير ٣ : ٢٣٤ .
( ٣ ) نسب قريش للزبيري : ٢٥ .
أهل العراق سأله عن دم البعوض في ثوبه : انظروا هذا يسألني عن دم البعوض ، و قد قتلوا ابن رسول اللَّه ، و قد سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله يقول : الحسن و الحسين هما ريحانتي من الدّنيا . قال مصعب : و حجّ الحسين عليه السّلام خمسا و عشرين حجّة ماشيا ١ .
و روى ( تاريخ الطبري ) عن حميد بن مسلم قال : دخلت على ابن زياد فإذا رأس الحسين عليه السّلام موضوع بين يديه ، و إذا هو ينكت بقضيب بين ثنيتيه ساعة ، فلمّا رآه زيد بن أرقم لا ينجم عن نكته بالقضيب قال له : اعل بهذا القضيب عن هاتين الثنيتين ، فو اللَّه الّذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول اللَّه على هاتين الشّفتين يقبّلهما . ثم انفضخ الشّيخ يبكي . فقال له ابن زياد : أبكى اللَّه عينيك ، فو اللَّه لو لا أنّك شيخ قد خرفت و ذهب عقلك لضربت عنقك ٢ .
و رواه سبط ابن الجوزي و زاد : فقال زيد لابن زياد : لأحدّثنك حديثا أغلظ من هذا ، رأيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله أقعد حسنا على فخذه اليمنى ، و حسينا على فخذه اليسرى ، ثمّ وضع يده على يافوخيهما ثم قال : اللّهمّ إنّي أستودعك إيّاهما و صالح المؤمنين . فكيف كانت وديعة رسول اللَّه عندك يابن زياد ؟ ٣ .
و روى الطّبري أيضا عن القاسم بن بخيت قال : أذن يزيد للنّاس فدخلوا و الرّأس بين يديه ، و مع يزيد قضيب فهو ينكت به في ثغره ، ثمّ قال : إنّ هذا و إيّانا كما قال الحصين بن حمّام المرّي :
يفلّقن هاما من رجال أحبّة
إلينا و هم كانوا أعقّ و أظلما
فقال رجل من أصحاب النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يقال له : أبو برزة الأسلمي : أتنكت
ــــــــــــــــ
( ١ ) نسب قريش للزبيري : ٢٥ .
( ٢ ) تاريخ الطبري ٤ : ٤٣٩ السنة ٦١ .
( ٣ ) تذكرة الخواص لابن الجوزي : ٢٥٧ .
بقضيبك في ثغر الحسين عليه السّلام ؟ أما لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذا لربما رأيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله يرشفه ١ .
و روى الطّبري عن حصين بن عبد الرّحمن قال : لمّا قتل الحسين عليه السّلام لبثوا شهرين أو ثلاثة ، كأنّما تلطخ الحوائط بالدّماء ساعة تطلع الشّمس حتّى ترتفع ٢ .
و روى في ( ذيل تاريخه ) عن شيخ من النّخع قال : قال الحجاج : من كان له بلاء فليقم . فقام قوم فذكروا ، و قام سنان بن أنس فقال : أنا قاتل الحسين .
فقال : بلاء حسن ، و رجع إلى منزله ، فاعتقل لسانه و ذهب عقله ، فكان يأكل و يحدث مكانه ٣ .
و روى ثعلب في أوّل الثاني من ( مجالسه ) عن أبي جناب الكلبي قال :
أتيت كربلا ، فقلت لرجل من أشراف العرب بها : بلغنا أنّكم تسمعون نوح الجنّ ؟ قال : ما تلقى حرّا و لا عبدا إلاّ أخبرك أنّه سمع ذلك . قلت : فأخبرني ما سمعت أنت ؟ قال : سمعتهم يقولون :
مسح الرّسول جبينه
فله بريق في الخدود
أبواه من عليا قريش
جدّه خير الجدود ٤
و عن السّدي قال : أتيت كربلا أبيع البرّ بها ، فعمل لنا شيخ من طي طعاما فتعشينا عنده ، فذكرنا قتل الحسين عليه السّلام ، فقلت : ما شرك في قتله أحد إلاّ مات بأسوأ ميتة . فقال : ما أكذبكم يا أهل العراق فأنا فيمن شرك في ذلك . فلم يبرح حتّى دنا من المصباح و هو يتّقد بنفط ، فذهب يخرج الفتيلة بإصبعه ، فأخذت
ــــــــــــــــ
( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٣٥٦ سنة ٦١ .
( ٢ ) تاريخ الطبري ٤ : ٢٩٦ سنة ٦٠ ، و أنساب البلاذري ٣ : ٢٠٩ ح ٥٣ و غيرهما .
( ٣ ) منتخب ذيل المذيل للطبري : ٢٥ .
( ٤ ) مجالس ثعلب ٢ : ٤٠٧ .
النّار فيها ، فأخذ يطفئها بريقه ، فأخذت النار في لحيته ، فعدا فألقى نفسه في الماء ، فرأيته كأنّه حممة ١ .
و روى الطبري عن حميد بن مسلم قال : قال عبد اللَّه بن أبي حصين الأزدي للحسين عليه السّلام : ألا تنظر إلى الماء كأنّه كبد السّماء ، و اللَّه لا تذوق منه قطرة حتّى تموت عطشا . فقال الحسين عليه السّلام : اللّهمّ اقتله عطشا ، و لا تغفر له أبدا . قال حميد بن مسلم : و اللَّه لعدته بعد ذلك في مرضه ، فو اللَّه الّذي لا إله إلاّ هو لقد رأيته يشرب حتّى يبغر ثمّ يقيء ، ثمّ يعود فيشرب حتّى يبغر ، فما يروى ،
فما زال ذلك دأبه حتّى لفظ غصّته . يعني نفسه ٢ .
و عن القاسم بن أصبغ بن نباتة ، قال : حدّثني من شهد الحسين عليه السّلام في عسكره : أنّ حسينا حين غلب على عسكره ركب المسناة يريد الفرات ، فقال رجل من بني أبان بن دارم : ويلكم حولوا بينه و بين الماء لا تتامّ إليه شيعته .
و ضرب فرسه ، و اتبعه النّاس حتّى حالوا بينه و بين الفرات ، فقال الحسين عليه السّلام : اللهمّ أظمه إلى أن قال فو اللَّه إن مكث الرّجل إلاّ يسيرا حتّى صبّ اللَّه عليه الظّمأ ، فجعل لا يروى . قال القاسم بن الأصبغ : لقد رأيتني في من يروّح عنه ، و الماء يبرّد له فيه السّكر ، و عساس فيها اللبن ، و قلال فيها الماء ،
و إنّه ليقول : ويلكم اسقوني قتلني الظمأ فيعطى القلّة أو العسّ كان مرويا أهل بيت فيشربه ، فإذا نزعه من فيه اضطجع الهنيهة ، ثمّ يقول : ويلكم اسقوني قتلني الظمأ . فو اللَّه ما لبث إلاّ يسيرا حتّى انقدّ بطنه ، انقداد بطن البعير ٣ .
و روى عن مسروق بن وائل قال : كنت في أوائل الخيل ممّن سار إلى الحسين عليه السّلام ، فقلت : أكون في أوائلها لعلّي اصيب رأس الحسين ،
ــــــــــــــــ
( ١ ) مجالس ثعلب ٢ : ٤٠٧ .
( ٢ ) تاريخ الطبري ٤ : ٣١٢ ، ٣٤٣ سنة ٦١ .
( ٣ ) تاريخ الطبري ٤ : ٣١٢ ، ٣٤٣ سنة ٦١ .
فاصيب به منزلة عند عبيد اللَّه بن زياد ، فلمّا انتهينا إلى الحسين تقدّم رجل من القوم يقال له : ابن حوزة فقال : أفيكم حسين ؟ فسكت الحسين ،
فقالها ثانية ، فسكت حتّى إذا كانت الثّالثة قال : قولوا : نعم ، هذا حسين ،
فما حاجتك ؟ قال : يا حسين أبشر بالنّار . قال : كذبت ، بل أقدم على ربّ غفور ،
و شفيع مطاع ، فمن أنت ؟ قال : ابن حوزة . فرفع الحسين يديه حتّى رأينا بياض إبطيه من فوق الثّياب ، ثمّ قال : اللّهمّ حزه إلى النّار . فغضب ابن حوزة ،
فذهب ليقحم إليه الفرس و بينه و بينه نهر فعلقت قدمه بالرّكاب ، و جالت به الفرس فسقط عنها ، فانقطعت قدمه و ساقه و فخذه ، و بقي جانبه الآخر متعلّقا بالرّكاب . قال عبد الجار أخو مسروق فرجع مسروق و ترك الخيل من ورائه ، فسألته فقال : لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئا لا اقاتلهم أبدا ١ .
و عن عفيف بن زهير و كان قد شهد مقتل الحسين عليه السّلام قال : و خرج يزيد بن معقل فقال يا برير بن حضير : كيف ترى اللَّه صنع بك ؟ قال : صنع اللَّه و اللَّه بي خيرا ، و صنع اللَّه بك شرّا . قال : كذبت ، و قبل اليوم ما كنت كذّابا ، هل تذكر و أنا اماشيك في بني لو ذان و أنت تقول : إنّ عثمان بن عفان كان على نفسه مسرفا ، و إنّ معاوية بن أبي سفيان ضالّ مضلّ ، و إنّ إمام الهدى و الحقّ عليّ بن أبي طالب ؟ فقال له برير : أشهد أنّ هذا رأيي و قولي . فقال له يزيد : فإنّي أشهد أنّك من الضّالّين . فقال له برير : هل لك فلاباهلك ، و لندع اللَّه أن يلعن الكاذب ، و أن يقتل المبطل إلى أن قال ثمّ برز كلّ واحد منهما لصاحبه ،
فاختلفا ضربتين ، فضرب يزيد بريرا ضربة خفيفة لم تضرّه شيئا ، و ضربه برير ضربة قدّت المغفر و بلغت الدّماغ ، فخرّ كأنّما هوى من حالق ، و إنّ سيف
ــــــــــــــــ
( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٣٢٨ سنة ٦١ .
مؤلّفات أبي الصلاح تقيّ بن نجم الحلبي ( ت ٤٤٧ هـ )
(٥٠) كتاب : تقريب المعارف
ومن ذلك ما اتفقت الأُمّة عليه ، من قوله ( عليه السلام ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا »(١) .
قال الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) : تقي بن نجم الحلبي ، ثقة ، له كتب ، قرأ علينا وعلى المرتضى(٢) .
وقال الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) : الشيخ التقي بن النجم الحلبي ، فقيه عين ثقة ، قرأ على الأجلّ المرتضى علم الهدى نضّر الله وجهه ، وعلى الشيخ الموفّق أبي جعفر ، وله تصانيف(٣) .
وقال العلاّمة الحلّي ( ت ٧٢٦ هـ ) : تقي بن نجم الحلبي ، أبو
____________
١ ـ تقريب المعارف : ١٨١ ، [ النصّ على إمامة الأئمّة ] ، وعنه في إثبات الهداة ١ : ٧٣٣ ح ٢٦٦ ، فصل (٤١).
٢ ـ رجال الطوسي : ٤١٧ [ ٦٠٣٤ ] ، من لم يرو عن الأئمّة ( عليهم السلام ).
٣ ـ فهرست منتجب الدين : ٣٠ [ ٦٠ ].
الصلاح ( رحمه الله ) ، ثقة عين له تصانيف حسنة ذكرناها في الكتاب الكبير(١) .
وقال الميرزا الأفندي ( ت حدود ١١٣٠ هـ ) : أقول : وفي بعض الإجازات أنّه خليفة المرتضى في علومه(٢) ، وقال بعض الأفاضل : إنّ له تصانيفاً كثيرة مشهورة ، مات بعد عودته من الحجّ بالرملة في محرّم سنة ست وأربعين وأربعمائة ، انتهى(٣) .
وقد نصّ ابن حجر ( ت ٨٥٢ هـ ) في لسان الميزان والسيّد الأمين ( ت ١٣٧١ هـ ) في أعيان الشيعة ، والطبّاخ في أعلام النبلاء ، والمدرّس ( ت ١٣٧٣ هـ ) في ريحانة الأدب على أنّ وفاته في سنة ٤٤٧(٤) .
قال الشيخ الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في أمل الآمل : الشيخ تقي الدين بن النجم الحلبي أبو الصلاح ، له كتب رأيت منها : كتاب تقريب المعارف حسن جيّد(٥) .
____________
١ ـ خلاصة الأقوال : ٨٤ [ ١٧٤ ].
وانظر : رجال ابن داود : ٥٨ [ ٢٧٠ ] ، معالم العلماء : ٢٩ [ ١٥٥ ] ، حاوي الأقوال ١ : ٢٢٧ [ ١١٣ ] ، نقد الرجال ١ : ٣٠٥ [ ٨١٦ ] ، مجمع الرجال ١ : ٢٨٧ ، أمل الآمل ٢ : ٤٦ [ ١٢٠ ] ، الوجيزة ( رجال المجلسي ) : ١٧١ [ ٣٠٨ ] ، جامع الرواة ١ : ١٣٢ ، رياض العلماء ١ : ٩٩ ، و ٥ : ٤٦٤ ، منتهى المقال ٢ : ١٨٥ [ ٤٩٤ ] ، روضات الجنّات ٢ : ١١١ [ ١٤٦ ] ، بهجة الآمال ٢ : ٤٤٩ ، تنقيح المقال ١ : ١٨٥ ، معجم رجال الحديث ٤ : ٢٨٣ [ ١٩٢٠ ] ، قاموس الرجال ٢ : ٤١٥ [ ١٢٢٢ ]. بلغة المحدّثين : ٣٣٨ ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) : ٣٩ ، لؤلؤة البحرين : ٣٣٣ ، الكنى والألقاب ١ : ٩٩ ، أعيان الشيعة ٣ : ٦٣٤ ، تكملة أمل الآمل : ١١٤.
٢ ـ البحار ١٠٨ : ١٥٨ ، إجازة الشهيد الثاني.
٣ ـ رياض العلماء ١ : ١٠٠.
٤ ـ تقريب المعارف : ٤٣ ، ترجمة المؤلّف ، تحقيق الشيخ فارس الحسّون.
٥ ـ أمل الآمل ٢ : ٤٧ [ ١٢٠ ].
قال العلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار : وكتاب تقريب المعارف في الكلام للشيخ الأجلّ أبي الصلاح تقي الدين بن نجم الحلبي(١) ، وقال في موضع آخر : وكتاب تقريب المعارف كتاب جيّد في الكلام ، وفيه أخبار طريفة ، أوردنا بعضها في كتاب الفتن ، وشأن مؤلّفه أعظم من أن يفتقر إلى البيان(٢) .
وفي الذريعة : ينقل عنه المير محمّد أشرف في فضائل السادات(٣) .
وقال الشيخ فارس الحسّون ـ محقّق الكتاب ـ : ذكره أبو الصلاح في كتابه الكافي في خمسة موارد ، حيث أحال فيه على كتاب تقريب المعارف.
ونسبه إلى أبي الصلاح جلّ من وضع له ترجمة وذكر كتبه ، مثل : العلاّمة المجلسي في البحار ، والحرّ العاملي في أمل الآمل وإثبات الهداة ، والتستري في قاموس الرجال ، والطهراني في الذريعة والطبقات ، والتستري في كشف القناع والمقابس ، والسيّد الأمين في الأعيان ، والمحدّث النوري في خاتمة المستدرك ، والشيخ عبّاس القمّي في الكنى والألقاب وسفينة البحار والفوائد الرضويّة ، والكنتوري في كشف الحجب ، والتنكابني في قصص العلماء ، والمدرّس في ريحانة الأدب(٤) .
وقال أيضاً : قال العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ٣٧ / ٢٥٢ : قال أبو الصلاح الحلبي في كتاب تقريب المعارف ، وقد لخّصه من الشافي :
وفي الواقع إنّ التعبير بـ : لخّصه من الشافي ، فيه نوع من المسامحة ، ويتّضح هذا المطلب بأدنى مقارنة بين الكتابين الخ(٥) .
____________
١ ـ البحار ١ : ٢٠ ، مصادر الكتاب.
٢ ـ البحار ١ : ٣٨ ، توثيق المصادر.
٣ ـ الذريعة ٤ : ٤٦٦ [ ١٥٩٦ ].
٤ ـ تقريب المعارف : ٤٧ ، تحقيق الكتاب ، للشيخ فارس الحسّون.
٥ ـ تقريب المعارف : ٥٣ ، تحقيق الكتاب ، للشيخ فارس الحسّون.
(٥١) كتاب : الكافي في الفقه
في حديثه عن الإمامة والأدلّة عليها من السنّة النبويّة ، قال : ويدلّ على ذلك من جهة السنّة ما اتّفق عليه نقلةُ الشيعة ، وفي نقلهم الحجّة ، ورواه أصحاب الحديث من غيرهم ، أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال في غير موطن : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(١) .
نسبه إليه الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في فهرسته ، قال : وله تصانيف منها الكافي ، أخبرنا به غير واحد من الثقات ، عن الشيخ المفيد عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري الخزاعي ، عنه(٢) .
ونسبه إليه أيضاً ابن شهرآشوب ( ت ٥٨٨ هـ ) في المعالم(٣) ، وابن إدريس ( ت ٥٩٨ هـ ) في السرائر(٤) .
____________
١ ـ الكافي في الفقه : ٩٦.
٢ ـ فهرست منتجب الدين : ٣٠ [ ٦٠ ].
٣ ـ معالم العلماء : ٢٩ [ ١٥٥ ].
٤ ـ السرائر ٢ : ٤٤٩ ، باب المزارعة ، وموارد أُخرى في السرائر.
وجعله العلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) أحد مصادر كتابه البحار(١) .
وقال السيّد الخوانساري ( ت ١٣١٣ هـ ) : وقد رأيت كتابه الكافي في الفقه على ترتيب أبوابه ، وهو كتاب حسن معروف بين أصحابنا معوّل عليه عندهم(٢) .
وقال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) : الكافي في الفقه للشيخ الفقيه أبي الصلاح تقي الدين بن نجم الدين ، تلميذ الشريف المرتضى وخليفته في البلاد الحلبية ، موجود في مخزن كتب المولى محمّد على الخوانساري بالنجف ، ومخزن السيّد الحاج آغا سبط السيّد حجّة الإسلام الإصفهاني ، وخزانة المولى محمّد حسين القمشئي بالنجف الموقوفة في ١٢٨١ ، وفي الرضويّة ، وعند الشيخ مشكور ، وغيرها(٣) .
وأضاف الشيخ رضا أُستادي نسخ أُخَر في مقدّمته على الكتاب(٤) .
____________
١ ـ البحار ١ : ٢٠ ، مصادر الكتاب.
٢ ـ روضات الجنّات ٢ : ١١٣.
٣ ـ الذريعة ١٧ : ٢٤٧ [ ١٠٣ ].
٤ ـ الكافي في الفقه : ٢٥ ، ترجمة المؤلّف.
مؤلفات أبي الفتح محمد بن علي الكراجكي
( ت ٤٤٩ هـ )
(٥٢) كتاب : كنز الفوائد
الأوّل : قال في رسالته في وجوب الإمامة ، وضمن استدلاله على وجوب الإمام : هذا ، مع ما نعلم من عدمهم أكثر النصوص في الأحكام ، والتجائهم بعدمها إلى الاجتهاد والقياس ، والأخذ في الدين بالظنّ والرأي ، فعلمنا أنّ الله سبحانه قد أزاح علل المكلّفين بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالأئمّة الراشدين الهداة المعصومين ، الذين أمر الله تعالى بالردّ إليهم والتعويل عليهم ، فقال عزّ من قائل :( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) ، وقال النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي »(١) .
الثاني : ضمن كلامه في الردّ على من قال : إنّ المراد بالإمام في حديث ( من مات ولم يعرف إمام زمانه ) هو الكتاب ، قال : وظاهر قول النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : « من مات وهو لا يعرف إمام زمانه » يدلّ على أنّ لكلّ زمان إماماً في الحقيقة ، يصحّ أن يتوجّه منه الأمر ، ويلزم له الاتّباع ، وهذا واضح لمن طلب الصواب.
____________
١ ـ كنز الفوائد ١ : ٣٢٤ ، ووجه آخر.
ومن ذلك ما أجمع عليه أهل الإسلام من قول النبيّ عليه الصلاة والسلام : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فأخبر أنّه قد ترك في الناس من عترته من لا يفارق الكتاب وجوده وحكمه وأنّه لا يزال وجودهم مقروناً بوجوده ، وفي هذا دليل على أنّ الزمان لا يخلو من إمام(١) .
قال الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) في الفهرست : الشيخ العالم الثقة أبو الفتح محمّد بن علي الكراجكي ، فقيه الأصحاب ، قرأ على السيّد المرتضى علم الهدى والشيخ الموفّق أبي جعفر رحمهم الله وله تصانيف(٢) ، وعبّر عنه ابن شهرآشوب ( ت ٥٨٨ هـ ) في المعالم بالقاضي أبو الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي(٣) .
وقال الشيخ الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في أمل الآمل : الشيخ أبو الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكرجكي ، عالم فاضل متكلّم فقيه محدّث ثقة جليل القدر(٤) .
وقال العلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) : وأمّا الكراجكي ، فهو من أجلّة العلماء والفقهاء والمتكلّمين ، وأسند إليه جميع أرباب الإجازات ، ثمّ قال : ويظهر من الإجازات أنّه كان أُستاد ابن البرّاج(٥) .
____________
١ ـ كنز الفوائد ١ : ٣٢٩ ، وعنه في إثبات الهداة ١ : ٦٢٥ ح ٨١٤ ، فصل ( ٦٢ ) ، و ١ : ٧٠٤ ح ١٢٣ ، فصل (١٤) ، والبحار ٢٣ : ٩٥.
٢ ـ فهرست منتجب الدين : ١٥٤ [ ٣٥٥ ].
٣ ـ معالم العلماء : ١١٨ [ ٧٨٨ ].
٤ ـ أمل الآمل ٢ : ٢٨٧ [ ٨٥٧ ].
٥ ـ البحار ١ : ٣٥ ، توثيق المصادر.
وقال العلاّمة النوري ( ت ١٣٢٠ هـ ) في خاتمة المستدرك : فهذا الشيخ الجليل أبو الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي ، الفقيه الجليل الذي يعبّر عنه الشهيد كثيراً ما في كتبه بالعلاّمة ، مع تعبيره عن العلاّمة الحلّي : بالفاضل.
ولم أر من المترجمين من استوفى مؤلّفاته ، فاللازم علينا ذكرها(١) ، ثمّ يذكرها بالتفصيل.
وأمّا وفاته فقد نصّت بعض المصادر على أنّها كانت في سنة ٤٩٩ هـ ، مثل : لسان الميزان وشذرات الذهب ومرآة الزمان(٢) .
نسبه إليه الشيخ الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في أمل الآمل(٣) ، وجعله العلاّمة المجلسي أحد مصادر كتاب البحار(٤) ، وقال : وكتابه كنز الفوائد من الكتب المشهورة التي أخذ عنه جلّ من أتى بعده(٥) .
وقال المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) ـ بعد ذكره كلام
منتجب الدين ـ : وأقول : أراه لم يذكر كنز الفوائد وهو أعرف كتبه(٦) .
وقال العلاّمة التستري ( ت ١٤١٥ هـ ) في قاموسه ـ بعد أن ذكر كلام
____________
١ ـ خاتمة المستدرك ٣ : ١٢٦ ، الفائدة الثالثة.
٢ ـ كنز الفوائد ١ : ١٢ ـ ١٣ ، مقدّمة التحقيق للشيخ عبد الله نعمة ، وانظر في ترجمته أيضاً : الكنى والألقاب ٣ : ١٠٨. طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) : ١٧٧ ، رياض العلماء ٥ : ١٣٩ ، تنقيح المقال ٣ : ١٥٩ ، قاموس الرجال ٩ : ٤٥٨ ، معجم رجال الحديث ١٧ : ٣٥٧ [ ١١٣٤٢ ] ، روضات الجنّات ٦ : ٢٠٩ [ ٥٧٩ ] ، جامع الرواة ٢ : ١٥٦ ، لؤلؤة البحرين : ٣٣٧ [ ١١٢ ] ، أعيان الشيعة ٩ : ٤٠٠.
٣ ـ أمل الآمل ٢ : ٢٨٧ [ ٨٥٧ ].
٤ ـ البحار ١ : ١٨ ، مصادر الكتاب.
٥ ـ البحار ١ : ٣٥ ، توثيق المصادر.
٦ ـ تنقيح المقال ٣ : ١٥٩.
منتجب الدين ـ : ولم يذكر في كتبه كنزه(١) .
وقد جاء ذكره في فهرست كتبه الذي عمله بعض معاصريه والمنقول في خاتمة المستدرك(٢) .
ووصفه الخوانساري ( ت ١٣١٣ هـ ) في الروضات قائلا : وهو من أحسن مصنّفاته الباقية إلى هذا الزمان والحاوية لنفايس من العلوم والأفنان ، ولا سيّما الأصولين والفضائل والأخلاق ، وقد اشتمل على سبع رسائل منفردة برؤوسها ، الخ(٣) .
وقال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) في الذريعة : كنز الفوائد ، كبير في خمسة أجزاء في فنون مختلفة وتفاسير آيات كثيرة ، للشيخ أبي الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي المتوفّى ٤٤٩ ، عمله لابن عمّه ، وهو مشتمل على أخبار مرويّة ونكات مستحسنة وعدّة مختصرات عملها مستقلّة ، نسخة منه في ( الرضويّة ) كتابتها ٦٧٧ في آخر جزئه الأوّل ، إلى أن قال : وقد صنّف الفاضل الهندي لهذا الكتاب فهرساً رأيته بخطّه ، وقد طبع « كنز الفوائد » بإيران في ١٣٢٢(٤) .
____________
١ ـ قاموس الرجال ٩ : ٤٥٨ [ ٧٠٧٣ ].
٢ ـ خاتمة المستدرك ٣ : ١٣٢ ، وانظر : الذريعة ١٦ : ٣٧٩ [ ١٧٦٤ ].
٣ ـ روضات الجنّات ٦ : ٢١٠.
٤ ـ الذريعة ١٨ : ١٦١ [ ١١٩٥ ] ، وانظر : فهرست التراث ١ : ٥١٩.
(٥٣) كتاب : التعجّب
في تعجّبه من عدّ أبناء العامّة من أفتى بفتوى سواء قام إليها أم رجع إلى غيرها فهو من فقهاء الأُمّة ، إلاّ الأئمّة من أهل بيت النبوة ( عليهم السلام ) فإنّهم ليسوا عندهم من الفقهاء ، قال : ومن العجب : إنّهم يسمعون قول الرسول ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فيهجرونهم ولا يرجعون في مسألة من الفقه إليهم(١) .
قال الشيخ منتجب الدين ( القرن السادس ) : وله تصانيف منها : كتاب « التعجّب » ، كتاب « النوادر » ، أخبرنا الوالد ، عن والده ، عنه رحمهم الله(٢) .
ونسبه إليه ابن شهر آشوب ( ت ٥٨٨ هـ ) في المعالم ، وقال : إنّه حسن(٣) .
____________
١ ـ التعجب : ١٥٠ ، الفصل السابع عشر.
٢ ـ فهرست منتجب الدين : ١٥٤ [ ٣٥٥ ].
٣ ـ معالم العلماء : ١١٨ [ ٧٨٨ ] ، وانظر : جامع الرواة ٢ : ١٥٦ ، رياض العلماء ٥ :
وجعله المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) أحد مصادر كتابه البحار(١) ، وقال : وسائر كتبه في غاية المتانة(٢) .
وقال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) : ( التعجّب من أغلاط العامّة في مسألة الإمامة ) تأليف العلاّمة الكراجكي ، طبع مع كنز الفوائد له ( سنة ١٣٢٢ ) ذكر فيه مناقضات أقوالهم ومنافرات أفعالهم(٣) .
وطبع بتحقيق فارس حسّون كريم على عدّة نسخ(٤) .
____________
١٣٩ ، روضات الجنّات ٦ : ٢٠٩ [ ٥٧٩ ] ، تنقيح المقال ٣ : ١٥٩ ، معجم رجال الحديث ١٧ : ٣٥٧ [ ١١٣٤٢ ] ، خاتمة المستدرك ٣ : ٢٢٦.
١ ـ البحار ١ : ١٨ ، مصادرالكتاب.
٢ ـ البحار ١ : ٣٥ ، توثيق المصادر.
٣ ـ الذريعة ٤ : ٢١٠ [ ١٠٤٤ ].
٤ ـ التعجّب : ٢١ ، حول الكتاب.
(٥٤) كتاب : دلائل الإمامة الطبري الصغير
لأبي جعفر محمّد بن جرير بن رستم
الطبري الصغير ( القرن الخامس )
الأوّل : بعد أن أورد خطبة الزهراء عندما غصبوا فدك ، قال :
قال أبو جعفر(١) : نظرت في جميع الروايات فلم أجد فيها أتمّ شرح وأبلغ في الإلزام وأوكد بالحجّة من هذه الرواية ، ونظرت إلى رواية عبد الرحمن بن كثير فوجدته قد زاد في هذا الموضع : أنسيتم قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبدأ بالولاية : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى » ، وقوله : « إنّي تارك فيكم الثقلين »(٢) .
وذكر سنده في رواية عبد الرحمن في أوّل خطبة الزهراء ( عليها السلام ) ، هكذا : وأخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدَّثنا أبي ( رضي الله عنه ) ، قال : حدَّثنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني ، قال : حدَّثني محمّد بن المفضّل بن إبراهيم بن المفضّل بن قيس الأشعري ، قال : حدَّثنا علي بن حسّان ، عن عمّه عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ،
____________
١ ـ هذه اللفظة لا توجد في المخطوطتين من الكتاب وإنّما من المطبوع.
٢ ـ دلائل الإمامة : ١٢٤ ح ٣٦ ، حديث فدك.
عن عمّته زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليهم السلام )(١) .
الثاني : روى أبو بكر أحمد بن محمّد الخشاب الكرخي ، قال : حدَّثنا زكريّا بن يحيى الكوفي ، قال : حدَّثنا ابن أبي زائدة ، عن أبيه ، قال : حدَّثنا محمّد بن الحسن ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : « لمّا قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما ترك إلاّ الثقلين : كتاب الله وعترته أهل بيته ، وكان قد »(٢) .
النسخ الموجودة من هذا الكتاب ناقصة الأوّل ، وتبدأ هذه النسخ بستّة عشر حديثاً مسندة إلى الزهراء ( عليها السلام ) ، وأوّلها في النسخ الموجودة ، هكذا : أخبرنا القاضي أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي(٣) .
ولكن كانت هناك نسخة كاملة عند السيّد ابن طاووس ( ت ٦٦٤ هـ ) ، نقل عنها في كتبه روايات تدلّ على أنّ كتاب الدلائل كان يحتوي على دلائل النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) ودلائل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، إضافة إلى ما نقله ممّا هو موجود الآن في الكتاب(٤) .
وقد سمّى السيّد الكتاب بدلائل الإمامة ونسبه إلى محمّد بن جرير الطبري في عدّة مواضع من كتبه(٥) .
____________
١ ـ دلائل الإمامة : ١٠٩ ح ٣٦ ، حديث فدك.
٢ ـ دلائل الإمامة : ١٣١ ح ٤٢ ، خبر منامها قبل وفاتها ( عليها السلام ) ، وعنه في البحار ٤٣ : ٢٠٧ ح ٣٦.
٣ ـ دلائل الإمامة : ٤٤ ، منهج التحقيق ، والذريعة ٨ : ٢٤٦ [ ١٠١٨ ].
٤ ـ انظر : دلائل الإمامة ٤١ ، مقدّمة المحقّق ، ( هذا الكتاب ) ، والذريعة ٨ : ٢٤٤ [ ١٠١٨ ].
٥ ـ انظر : دلائل الإمامة : ٣٨ ، مقدّمة المحقّق ، ( عنوان الكتاب ).
ومنه أخذ اسم الكتاب ونسبته إلى محمّد بن جرير الطبري الإمامي من جاء بعده كالمجلسي ( ت ١١١١ هـ ) والبحراني ( ت ١١٠٧ هـ ) ; لأنّ نسخهم كانت ناقصة أيضاً(١) .
ولكن بمراجعة أسانيد الكتاب يظهر منه أنّ المؤلّف كان معاصراً للنجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) والشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) أو قبلهما بقليل.
قال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) : وأمّا محمّد بن جرير صاحب كتاب ( الإمامة ) الذي عقدت له هذه الترجمة ، فيظهر من مشايخه وأسانيده أنّه كان من المعاصرين للطوسي والنجاشي ومتأخّراً عن صاحب ( المسترشد )(٢) ، وقد ألّف ( الإمامة ) بعد ٤١١ التي توفّي فيها ابن الغضائري ، كما حكاه عنه في ( مدينة المعاجز )(٣) في التاسع والستّين من معجزات صاحب الزمان ، بما لفظه : أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ، قال : نقلت هذا الخبر من أصل بخطّ شيخنا أبي عبد الله الحسين بن الغضائري ( رحمه الله ) ، قال : حدَّثني أبو الحسن علي بن عبد الله القاساني(٤) ، إلى آخر كلامه الصريح في أنّ ابن الغضائري من مشايخه ، وأنّه كتبه عن خطّه بعد وفاته ، وابن الغضائري من أجلّة مشايخ النجاشي والطوسي ، ويروي في الكتاب غالباً عن جماعة هم يروون عن أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري الذي توفّي ٣٨٥ هـ ، وهم : ولده أبو الحسين محمّد بن هارون ، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن الحسن ، وأبو طالب محمّد بن عيسى القطّان ، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي ، كما أنّ الطوسي يروي
____________
١ ـ راجع مقدّمة محقّق دلائل الإمامة : ٤٠ ، تحت عنوان ( هذا الكتاب ).
٢ ـ محمّد بن جرير الطبري الكبير.
٣ ـ للسيّد هاشم البحراني.
٤ ـ دلائل الإمامة : ٥٤٥ ح ١٢٨.
عن جماعة عن التلعكبري ، منهم : ولده الحسين بن هارون بن موسى ، وكذلك النجاشي يروي عنه بواسطة ولده محمّد بن هارون ، وإن ذكر النجاشي أنّه أدرك التلعكبري وكان يحضر مجلسه مع ولده محمّد بن هارون ، لكن ما روى عنه لصغر سنّه يومئذ ; لأنّه ولد النجاشي ٣٧٢ ، فكان في وقت وفاة التلعكبري ابن ثلاثة عشر أو أقل ، ويروي أيضاً في كتاب ( الإمامة ) عن الصدوق المتوفّى ٣٨١ بواسطة تلاميذه ، منهم : أبو الحسن علي بن هبة الله بن عثمان بن الرائقة الموصلي ، صاحب كتاب ( المتمسّك بحبل آل الرسول ) المذكور في ( ص ١٣٢ ) ، كما أنّ الطوسي والنجاشي يرويان عن الصدوق بواسطة واحدة ، ويروي في الكتاب أيضاً عن أبي عبد الله الحسين بن إبراهيم بن عيسى المعروف بابن الخيّاط القمّي الذي هو من مشايخ الطوسي ، وله الرواية عن أحمد بن محمّد بن عيّاش صاحب ( مقتضب الأثر ) المتوفّى ٤٠١ ، ويروي أيضاً عن أخيه المتوفّى قبل تأليف ( الإمامة ) ; لأنّه دعا له برضي الله عنه ، وقال : إنّه قرأ أخوه في ٣٩٥ على ابن البغدادي المولود بسوراء من نواحي بابل(١) ، وهو أبو الحسن أحمد بن علي ، ويروي في الكتاب أيضاً عن أبي المفضّل الشيباني الذي أدركه النجاشي أيضاً(٢) ، ويروي فيه أيضاً عن القاضي أبي الفرج بن المعافي ، المروّج لمذهب ابن جرير العامّي ، انتهى(٣) .
ومن هذا يظهر أنّ مؤلّف كتاب ( دلائل الإمامة ) ليس هو محمّد بن جرير الطبري الإمامي الكبير صاحب ( المسترشد ) الذي ترجم له النجاشي
____________
١ ـ دلائل الإمامة : ٢١٠ ح ٢٤.
٢ ـ دلائل الإمامة : ٢٨٩ ح ٩٢.
٣ ـ طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) ، ٢ : ١٥٣ ، وانظر : الذريعة ٨ : ٢٤١ [ ١٠١٨ ] ، ومقدّمة التحقيق لكتاب دلائل الإمامة ، والأخبار الدخيلة : ٤٣.
( ت ٤٥٠ هـ )(١) والطوسي ( ت ٤٦٠ هـ )(٢) ، والذي كان معاصراً للطبري العامّي صاحب التاريخ والتفسير في أوائل القرن الرابع(٣) ، بل إنّه يروي عن الكبير بواسطتين ، هما : أبو الحسين محمّد بن هارون ، عن أبيه هارون بن موسى ، عن محمّد بن جرير الطبري(٤) .
وبالانتباه إلى ما ذكرناه سابقاً من أنّ تسمية الكتاب واسم مؤلّفه جاءت فقط من جهة السيّد ابن طاووس ، ومن استبعاد اتّحاد اسم المؤلّف مع اسم مؤلّف ( المسترشد ) بالأب والجدّ واللقب ، وأنّ التمييز بينها فقط بالكبير والصغير ، يحقّ لنا أن نشكّك بهذه النسبة الواردة إلينا من السيّد ابن طاووس.
قال العلاّمة التستري ( ت ١٤١٥ هـ ) : وأمّا تحقيق الكتاب المعروف بدلائل الطبري ، فالذي يغلب على الظنّ أنّ الكتاب كان في تاريخ المعصومين ( عليهم السلام ) ; لأنّه في بيان أحوالهم من مولدهم ومدفنهم وأولادهم وباقي أحوالهم ومعجزاتهم واسمه غير معلوم ، وإنّما يصحّ أن يسمّى بالدلائل إذا كان في خصوص المعجزات ، فعبّر العيون عن باب معجزات الرضا ( عليه السلام ) بباب دلائل الرضا ( عليه السلام ).
والذي وصل إلينا وطبع نسخة ناقصة من أحوال الصديقة ( عليها السلام ) ، وقد كان بتمامه عند ابن طاووس ونقل عنه في نجومه معجزة من أمير
____________
١ ـ رجال النجاشي : ٣٧٦ [ ١٠٢٤ ].
٢ ـ فهرست الطوسي : ٤٤٦ [ ٧١٢ ].
٣ ـ طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ) ٢ : ١٥٣ ، وانظر : طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) ١ : ٢٥٠ ، الذريعة ٨ : ٢٤١ [ ١٠١٨ ] ، و ٢١ : ٩ [ ٣٦٩٠ ] ، وما ذكرناه سابقاً في ترجمة صاحب المسترشد ، تنقيح المقال ٢ : ٩١ ، من أبواب الميم ، الأخبار الدخيلة ١ : ٤٣.
٤ ـ دلائل الإمامة : ٤٧٨ ح ٧١ ، دلائل الإمام صاحب الزمان ( عج ).
المؤمنين ( عليه السلام ) ، كما في ص ١٠٢ ، ومؤلّفه من معاصري الشيخ والنجاشي
ثمّ قال : وأوّل من وهم ـ في ما أعلم ـ أنّ هذا الكتاب لمحمّد بن جرير بن رستم علي بن طاووس ، فنقل في آخر نجومه معجزات عن المعصومين ( عليهم السلام ) ، ونقل عن هذا الكتاب معجزات من الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليهما السلام ) إلى المهدي ( عليه السلام ) ، إلاّ الباقر ( عليه السلام ) ، وفي كلّ من العشرة ، يقول : يروى عن دلائل الإمامة للشيخ محمّد بن رستم الطبري.
ووجه توهّمه أنّه رأى في بعض مواضع الكتاب في أوّل السند ، قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ، وأوّلها في النسخة الموجودة في ذكر معجزات الحسن ( عليه السلام ) ، ثمّ بعده إلى خمسة عشر خبراً ، قال أبو جعفر : حدَّثنا فلان ، وفي معجزات الحسين ( عليه السلام ) ، تسعة أحاديث أيضاً بلفظ قال أبو جعفر : حدَّثنا فلان ، وفي معجزات السجّاد ( عليه السلام ) في عشرة أحاديث ( قال أبو جعفر : وحدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الباقر ( عليه السلام ) في سبعة أحاديث ( قال أبو جعفر : وحدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الصادق ( عليه السلام ) في عشرة أحاديث ( قال أبو جعفر : وحدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الكاظم ( عليه السلام ) في ثمانية أحاديث ( قال أبو جعفر : وحدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الرضا ( عليه السلام ) ( قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : حدَّثنا فلان ) ، ثمّ بعده إلى سبعة أحاديث ( قال أبو جعفر : حدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الجواد ( عليه السلام ) ( قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ) ، ثمّ بعده إلى عشرة أحاديث ( قال أبو جعفر : حدَّثنا فلان ) ، وفي معجزات الهادي ( عليه السلام ) ( قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : حدَّثنا فلان ) ، ثمّ إلى ثلاثة أحاديث ، وفي معجزات العسكري ( عليه السلام ) ( قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري : حدَّثنا فلان ،
عنه ( عليه السلام ) ) ، ثمّ بعده إلى أربعة أحاديث ( قال أبو جعفر ، عنه ( عليه السلام ) ) ، كما تقدّم ، فظنّ أنّ المراد به مصنّف الكتاب كما قد يعبّر القدماء في تصانيفهم عن أنفسهم ، إلاّ أنّ ذلك أعمّ ، فكما يحتمل ذلك ، يحتمل أن يكون كما قد يقال ( قال فلان في كتابه ) نقلا عن آخر ، فهو نظير قوله في الكتاب كثيراً ( روى فلان ) مثلا ، ممّن تقدّم عصره بكثير
ثمّ قال : وتبع ابن طاووس في الوهم من تأخّر عنه كالمجلسي ، فينقل ما في هذا الواصل إلينا ناسباً له إلى محمّد ( محمّد بن جرير بن رستم الطبري ) في دلائله ، إلاّ أنّه حيث رأى أنّ الشيخ والنجاشي لم يعدّا لابن رستم غير ( المسترشد ) ولم يكن ( المسترشد ) وصل إليه ، قال في أوّل بحاره بعد أن ذكر أنّ من مداركه ( دلائل الإمامة للطبري ) ذاك ، قال : ( ويسمّى بالمسترشد )(١) ، وتبعه السيّد البحراني ، فقال في مدينة معاجزه في ذكر مداركه ( وكتاب الإمامة لمحمّد بن جرير بن رستم الطبري ).
ثمّ قال : وكيف كان فالكتاب مشتمل على الغثّ والسمين ، فأكثر فيه من الرواية عن الشيباني ، وقال الشيخ والنجاشي : ضعّف الشيباني جماعة من أصحابنا ، وجلّ أصحابنا ، وقال ابن الغضائري : إنّه كذّاب وضّاع للحديث.
وعن البلوي عن عمارة بن زيد ، وقال الغضائريان : ( سئل البلوي عن عمارة الذي يروي عنه ، فقال : رجل نزل من السماء حدَّثني ثمّ عرج ) ، وزاد الثاني : ( قال الأصحاب : إنّ عمارة بن زيد اسم ما تحته أحد ، وكلّ ما يرويه كذب ، والكذب بيّن في وجه حديثه )(٢) .
____________
١ ـ البحار ١ : ٢٠ ، مصادر الكتاب.
٢ ـ الأخبار الدخيلة ١ : ٤٣ ، وانظر : قاموس الرجال ٩ : ١٥٦ [ ٦٥١٩ ].
ولكن بعد مدّة وجدتُ في كتاب العدد القويّة لرضيّ الدين علي بن يوسف بن المطهّر الحلّي ( النصف الأوّل من القرن الثامن ) أخ العلاّمة الحلّي أنّه ينقل في الجزء الثاني منه عن كتاب دلائل الإمامة ، تاريخ ولادة الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، وهذا نصّ عبارته : في كتاب دلائل الإمامة : ولد أبو محمّد الحسن بن علي ( عليهما السلام ) يوم النصف من شهر رمضان ، سنة ثلاث من الهجرة(١) .
فالشيخ رضيّ الدين علي متأخّر عن ابن طاووس ، فلعلّه رأى النسخة الموجودة في مكتبة ابن طاووس ، ولكنّه كما قرأت في العبارة لم يذكر اسم مؤلّف الكتاب.
وبهذا يظهر ما في كلام العلاّمة التستري الذي نقلناه آنفاً بخصوص اسم الكتاب ، وإن بقى ما في اسم المؤلّف من كلام على قوّته ، فمن المحتمل جدّاً أنّه لم يذكر اسم المؤلّف على النسخة وإلاّ لذكره رضيّ الدين.
وهناك احتمال لم أتحقّق منه ، وهو أنّه قد يكون الشيخ رضيّ الدين علي بن يوسف قد نقل من كتب السيّد ابن طاووس ما نقله عن كتاب الدلائل وسمّاه بما سمّاه به ابن طاووس ، فلا يفيدنا شيء ما ذكره في العدد القويّة من اسم الكتاب ، والله العالم.
____________
١ ـ العدد القويّة : ٢٨ [ ١٠ ].