بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٣

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 446
مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 446
كتاب بهج الصباغة
في شرح نهج البلاغة
المجلد الثالث
الشيخ محمد تقي التّستري
هذا الكتاب
نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي
بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.
كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة
المجلد الثالث
الشيخ محمّد تقي التّستري (الشوشتري)
المجلد الثالث
تتمة الفصل السابع
٥
من الخطبة ( ٤ ) و من خطبة له عليه السّلام بِنَا اِهْتَدَيْتُمْ فِي اَلظَّلْمَاءِ وَ تَسَنَّمْتُمُ اَلْعَلْيَاءَ وَ بِنَا اِنْفَجَرْتُمْ عَنِ السِّرَارِ .
وُقِرَ سَمْعٌ لَمْ يَفْقَهِ اَلْوَاعِيَةَ وَ كَيْفَ يُرَاعِي اَلنَّبْأَةَ مَنْ أَصَمَّتْهُ اَلصَّيْحَةُ رُبِطَ جَنَانٌ لَمْ يُفَارِقْهُ اَلْخَفَقَانُ مَا زِلْتُ أَنْتَظِرُ بِكُمْ عَوَاقِبَ اَلْغَدْرِ وَ أَتَوَسَّمُكُمْ بِحِلْيَةِ اَلْمُغْتَرِّينَ سَتَرَنِي عَنْكُمْ جِلْبَابُ اَلدِّينِ وَ بَصَّرَنِيكُمْ صِدْقُ اَلنِّيَّةِ أَقَمْتُ لَكُمْ عَلَى سَنَنِ اَلْحَقِّ فِي جَوَادِّ اَلْمَضَلَّةِ حَيْثُ تَلْتَقُونَ وَ لاَ دَلِيلَ وَ تَحْتَفِرُونَ وَ لاَ تُمِيهُونَ اَلْيَوْمَ أُنْطِقُ لَكُمُ اَلْعَجْمَاءَ ذَاتَ اَلْبَيَانِ .
عَزَبَ رَأْيُ اِمْرِئٍ تَخَلَّفَ عَنِّي مَا شَكَكْتُ فِي اَلْحَقِّ مُذْ رَأَيْتُهُ لَمْ يُوجِسْ ؟ مُوسَى ؟ ع خِيفَةً عَلَى نَفْسِهِ أَشْفَقَ مِنْ غَلَبَةِ اَلْجُهَّالِ وَ دُوَلِ اَلضَّلاَلِ .
اَلْيَوْمَ تَوَاقَفْنَا عَلَى سَبِيلِ اَلْحَقِّ وَ اَلْبَاطِلِ مَنْ وَثِقَ بِمَاءٍ لَمْ يَظْمَأْ
الحكمة ( ١٨٤ ) و قال عليه السّلام :
مَا شَكَكْتُ فِي اَلْحَقِّ مُذْ أُرِيتُهُ أقول : نقل الخوئي ما في ( الإرشاد ) : « و من كلامه عليه السّلام حين قتل طلحة و انقضّ أهل البصرة : بنا تسنّمتم الشّرف ، و بنا انفجرتم عن السّرار ، و بنا اهتديتم في الظلماء . و قر سمع لم يفقه الواعية . كيف يراعي النّبأة من أصمّته الصّيحة . ربط جنان لم يفارقه الخفقان . ما زلت أتوقّع بكم عواقب الغدر ،
و أتوسّمكم بحلية المغترّين . سترني عنكم جلباب الدّين ، و بصّرنيكم صدق النيّة . أقمت لكم الحقّ حيث تعرفون و لا دليل ، و تحتفرون و لا تمتهون . اليوم انطق لكم العجماء ذات البيان . عزب فهم امرىء تخلّف عنّي . ما شككت في الحقّ منذ اريته . كان بنو يعقوب على المحجّة العظمى حتّى عقّوا أباهم ، و باعوا أخاهم ، و بعد الإقرار كانت توبتهم ، و باستغفار أبيهم و أخيهم غفر لهم » ١ .
و نقل أيضا ما في ( البحار ) من نقل سند الخطبة عن الرّاوندي ، عن جماعة عن جعفر الدّوريستي ، عن أبيه محمّد بن العبّاس ، عن محمّد بن عليّ بن موسى ، عن محمّد بن عليّ الإسترابادي ، عن عليّ بن محمّد بن سيار ، عن أبيه ، عن الحسن العسكري عليه السّلام ، عن آبائه عليهم السّلام ، عن أمير المؤمنين عليه السّلام ٢ .
قلت : ما في ( البحار ) محمّد بن عليّ الاسترابادي محرّف محمّد بن القاسم الاسترابادي ، فهو الذي يروي عنه الصّدوق ٣ .
« بنا اهتديتم في الظلماء » لأنّهم أنوار اللَّه ، قال الباقر عليه السّلام : بليّة الناس علينا
ــــــــــــــــ
( ١ ) رواه المفيد في الإرشاد : ١٣٥ عنه الخوئي في شرحه ١ : ٣١٤ .
( ٢ ) رواه الراوندي في شرحه ١ : ١٤٢ عنه المجلسي في الفتن من البحار : ٤١٣ و عنه الخوئي في شرحه ١ : ٣١٤ .
( ٣ ) لفظ شرح الراوندي « محمد بن علي » أيضا و هو من مشائخ الصدوق أيضا كما ذكره أصحاب الرجال ، و روى عنه الصدوق في أماليه : ١٤٧ ح ١ المجلس ٣٣ بقوله : « حدّثنا محمّد بن علي الاسترابادي » .
عظيمة ، إن دعوناهم لم يستجيبوا لنا ، و إن تركناهم يهتدوا بغيرنا ١ .
و روى الطبري في ( ذيله ) في عنوان ( من روى عنه صلّى اللَّه عليه و آله من همدان ) مسندا عن زياد بن مطرف قال : سمعت النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يقول : من أحبّ أن يحيى حياتي ، و يموت ميتتي ، و يدخل الجنّة التي و عدني ربّي قضبانا من قضبانها غرسها في جنّة الخلد فليتولّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و ذريّته من بعده ، فإنّهم لن يخرجوهم من باب هدى ، و لن يدخلوهم في باب ضلالة ٢ .
و قد أقرّت العامّة بأنّه لو لا أمير المؤمنين عليه السّلام لما علم الناس قتال أهل القبلة ، و في ( نوادر حجّ الفقيه ) عن أبي حنيفة قال : لو لا جعفر بن محمّد ما علم النّاس مناسك حجّهم ٣ .
و في ( زيادات حجّ التهذيب ) : لقي مسلم مولى أبي عبد اللَّه عليه السّلام صدقة الأحدب و قد قدم من مكّة ، فقال له مسلم : الحمد للَّه الذي يسّر سبيلك ، و هدى دليلك ، و أقدمك بحال عافية ، و قد قضى الحجّ ، و أعان على السّعة ، فقبل اللَّه منك ،
و أخلف عليك نفقتك ، و جعلها حجّة مبرورة ، و لذنوبك طهورا . فبلغ ذلك أبا عبد اللَّه عليه السّلام فقال له : كيف قلت لصدقة ؟ فأعاد عليه ، فقال له : من علّمك هذا ؟ قال :
جعلت فداك ، مولاي أبو الحسن عليه السّلام . فقال له : نعم ما تعلّمت ، إذا لقيت أخا من إخوانك فقل له هكذا ، فإنّ المهدي بنا هدي ، و إذا لقيت هؤلاء فقل لهم ما يقولون ٤ .
هذا ، و سمّي اسامة أبو شداد الصّحابي ( الهادي ) لأنّه كان يوقد النّار ليلا لمن يسلك الطريق .
ــــــــــــــــ
( ١ ) الارشاد للمفيد : ٢٦٦ ، و المناقب لابن شهر آشوب ٤ : ٢٠٦ .
( ٢ ) ذيل المذيل للطبري ، منتخبه : ٨٣ ، و المناقب للخوارزمي : ٣٤ .
( ٣ ) الفقيه للصدوق ٢ : ٣٠٧ ح ٣ .
( ٤ ) التهذيب للطوسي ٥ : ٤٤٤ ح ١٩٣ .
« و تسنّمتم العلياء » قال الخوئي : أي : بتلك الهداية و شرافة الإسلام ركبتم سنام العلياء و الرّفعة ١ .
قلت : بل المعنى : بنا ركبتم سنام العلياء .
« و بنا انفجرتم عن السّرار » قال المجلسي و تبعه الخوئي : لعل معنى ( انفجرتم ) أنّه انفجرتم انفجار العين من الأرض أو الصبح من الليل ٢ .
و قال ابن أبي الحديد : أي : دخلتم في الفجر ، و السّرار الليلة و الليلتان يستتر فيهما القمر في آخر الشهر فلا يظهر . و روي : أفجرتم ، و هو أفصح و أصحّ ، لأنّ انفعل لا يكون إلاّ مطاوع فعل ٣ .
قلت : في الأوّل أنّه لم يقل أحد : إنّ السّرار يأتي بمعنى الأرض أو مطلق الليل . و في الثاني : إنّ الدخول في الفجر لا يختصّ بليلة استتار القمر . و لا يبعد أن يكون المراد : أنّ بسببنا صرتم من أفاضل الناس ، قال الجوهري : و سرّ الوادي أفضل موضع فيه ، و كذلك سرارة الوادي ، و الجمع سرار . قال :
فإن أفخر بمجد بني سليم
أكن منها التّخومة و السّرار ٤
« وقر » في ( الصحاح ) : و قرت أذنه بالكسر ، أي : صمّت ، و وقرت اذنه على ما لم يسمّ فاعله ٥ .
و عليه فيحتمل ( وقر ) وجهين معلوما بكسر العين ، و مجهولا .
« سمع لم يفقه الواعية » أي : الصوت المرتفع ، و معلوم أنّ سمعا لم يفهمه موقور ، و عنه عليه السّلام في حديث الأربعمائة : من شهدنا في حربنا أو سمع واعيتنا
ــــــــــــــــ
( ١ و ٢ ) شرح الخوئي ١ : ٣١٦ .
( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١ : ٧٠ .
( ٤ ) صحاح اللغة للجوهري ٢ : ٦٨١ مادة ( سرّ ) و النقل بتقطيع .
( ٥ ) صحاح اللغة للجوهري ٢ : ٨٤٨ مادة ( وقر ) .
فلم ينصرنا أكبّه اللَّه على منخريه في النّار ١ .
و ممّا قلنا اتّضح أنّ جملة « وقر سمع لم يفقه الواعية » خبر ، و المراد من أنّ من لم يسمع صراخ النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله بذكر مقاماتنا أهل البيت كقوله صلّى اللَّه عليه و آله : إنّي تارك فيكم الثّقلين : كتاب اللَّه و عترتي ، و أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ٢ . و كقوله صلّى اللَّه عليه و آله : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ، و من تخلّف عنها غرق ٣ . إلى غير ذلك ممّا يتعذّر استقصاؤه أصمّ موقور ، كالذين قال تعالى فيهم : . . . لهم قلوب لا يفقهون بها و لهم أعين لا يبصرون بها و لهم آذان لا يسمعون بها . . . ٤ ، و كالّذين قال عزّ و جلّ فيهم : ختم اللَّه على قلوبهم و على سمعهم و على أبصارهم غشاوة . . . ٥ .
و أمّا قول ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخوئي و المجلسي ٦ : إنّه دعاء .
فهو كما ترى ، لأنّه لا محل للدعاء هنا ، فإنّه يكون من قبيل الدعاء على الأصم بالصم .
هذا ، و في ( الصحاح ) : الواعية : الصارخة ٧ . و قال ( القاموس ) : الواعية :
الصراخ و الصوت لا الصارخة ، و وهم الجوهري ٨ .
ــــــــــــــــ
( ١ ) رواه ضمن حديث الاربعمائة الصدوق في الخصال : ٦٢٥ ، و ابن شعبة في تحف العقول : ١١٥ و غيرهما .
( ٢ ) هذا حديث الثقلين مرّ تخريجه في شرح فقرة « اليهم يفيء الغالي » في العنوان ٤ من هذا الفصل .
( ٣ ) هذا حديث السفينة أخرجه جمع كثير ، منهم : الحاكم في المستدرك ٢ : ٣٤٢ ، و أبو يعلى بطريقين في مسنده عنه المطالب العالية ٤ : ٧٥ ح ٤٠٠٣ ، ٤٠٠٤ ، و البزار بطريقين في مسنده عنه إحياء الميت : ٢٥ ، ٢٦ ح ٢٤ ، ٢٥ ، و صاحب صحيفة الرضا عليه السّلام فيها : ٥٧ ح ٧٦ ، و القاضي الصعدي في الدرر : ٥١ .
( ٤ ) الاعراف : ١٧٩ .
( ٥ ) البقرة : ٧ .
( ٦ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ١ : ٧٠ ، و شرح ابن ميثم ١ : ٢٧١ ، و شرح الخوئي ١ : ٣١٧ ، و فتن البحار : ٤١٣ .
( ٧ ) صحاح اللغة للجوهري ٦ : ٢٥٢٦ مادة ( وعى ) .
( ٨ ) القاموس المحيط ٤ : ٤٠٠ مادة ( وعى ) .
قلت : بل الوهم منه ، فإنّه توهّم أنّ مراد الجوهري بالصّارخة امرأة تصرخ ، مع أنّ مراده نفس الصّراخ ، و ليته تذكّر ما قاله نفسه في مادّة ( صرخ ) من أن الصارخة الإغاثة ، مصدر على فاعلة و صوت الاستغاثة .
ثمّ إنّ ابن أبي الحديد و ابن ميثم قالا تبعا ( للصحاح ) : و الواعية :
الصارخة ١ . و قال الخوئي : الواعية : الصراخ و الصوت كما في ( القاموس ) ، لا الصارخة كما ذكر ابن أبي الحديد و ابن ميثم تبعا للجوهري ٢ . و على ما قلنا قوله ساقط .
« و كيف يراعي النّبأة من أصمّته الصيحة » قال ابن أبي الحديد : النّبأة :
الصوت الخفي . أي : كيف يراعي العبر الضعيفة من لم ينتفع بالعبر الجليلة ،
شبّه ذلك بمن أصمّته الصيحة القويّة فإنّه محال أن يراعي بعد ذلك الصوت الضعيف ٣ .
قلت : لا معنى لكلامه ، فإنّ الأصمّ لا يراعي الصوت الضعيف ، و لو لم يكن صممه من صيحة قويّة . و الصواب : أنّ قوله عليه السّلام : « أصمّته الصّيحة » كناية عن عدم ترتيبه الأثر على الصوت القوي كالأصمّ عنه ، و حينئذ فمن لم يراع الصيحة كيف يراعي النّبأة ؟ و مراده عليه السّلام أنّ الامّة الذين لم يراعوا محكمات القرآن في أهل البيت عليهم السّلام ، كقوله تعالى : إنّما وليّكم اللَّه و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون ٤ ، و قوله تعالى : . . . فقل
ــــــــــــــــ
( ١ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ١ : ٧٠ ، و شرح ابن ميثم ١ : ٢٧٠ .
( ٢ ) شرح الخوئي ١ : ٣١٥ .
( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١ : ٧٠ ، و النقل بالمعنى .
( ٤ ) المائدة : ٥٥ .
تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم . . . ١ ،
و قوله تعالى : . . . إنّما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت و يطهّركم تطهيرا ٢ ، و لم يراعوا تأكيدات النّبي صلّى اللَّه عليه و آله فيهم ، كقوله صلّى اللَّه عليه و آله في أمير المؤمنين عليه السّلام : من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللّهمّ وال من والاه ، و عاد من عاداه ، و انصر من نصره ، و اخذل من خذله ٣ ، و قوله صلّى اللَّه عليه و آله في الصّدّيقة عليها السّلام :
إنّها سيّدة نساء العالمين ٤ ، و إنّها بضعة منه يؤذيه ما يؤذيها ، و رضاها رضاه ، و سخطها سخطه ٥ ، و قوله صلّى اللَّه عليه و آله في الحسن و الحسين عليهما السّلام : إنّهما سيّدا شباب أهل الجنّة ٦ ، مع اعترافهم في الظاهر بحجّيتهما . كيف يراعون كلامه عليه السّلام في أهل البيت عليهم السّلام مع عدم إقرارهم به عليه السّلام .
و قال ابن ميثم : كنّى بالصّمم عن بلوغ تكرار كلام اللَّه على أسماعهم إلى حدّ أنّها محلّه ، و ملّت سماعه بحيث لا تسمع بعده ما هو في معناه خصوصا ما هو أضعف ٧ . و هو كما ترى .
« ربط » قال الجوهري : رابط الجأش : أي : شديد القلب ، كأنّه يربط نفسه
ــــــــــــــــ
( ١ ) آل عمران : ٦١ .
( ٢ ) الأحزاب : ٣٣ .
( ٣ ) هذه احدى روايات حديث الغدير الذي مرّ تخريجه في شرح فقره « و لهم خصائص » في العنوان ٤ من هذا الفصل .
( ٤ ) أخرجه البخاري في صحيحه ٤ : ٩٦ ، و مسلم بطريقين في صحيحه ٤ : ١٩٠٤ ، ١٩٠٥ ح ٩٨ ، ٩٩ و غيرهما عن عائشة ، و في الباب عن فاطمة عليها السّلام و أبي سعيد و حذيفة .
( ٥ ) المشهور في ذلك حديث سفيان بن عيينة عن المسور بن مخرمة : « فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني » .
أخرجه البخاري في صحيحه ٢ : ٣٠٢ ، ٣٠٨ ، و مسلم في صحيحه ٤ : ١٩٠٣ ح ٩٤ و غيرهما ، و روي بطرق و ألفاظ اخرى .
( ٦ ) أخرجه الترمذي بطريقين في سننه ٥ : ٦٥٦ ح ٣٧٦٨ ، و أحمد بثلاث طرق في مسنده ٣ : ٣ ، ٦٢ ، ٦٤ ، ٨٢ ، و البلاذري في أنساب الأشراف ٣ : ٦٤ ح ٨٠ و غيرهم .
( ٧ ) شرح ابن ميثم ١ : ٢٧٢ .
عن الفرار ١ .
« جنان » بالفتح ، أي : قلب .
« لم يفارقه الخفقان » أي : الاضطراب . و النسخ ٢ متّفقة على كون الجملة هكذا : « ربط جنان لم يفارقه الخفقان » فأمّا هو دعاء ، أي : يربط اللَّه قلبا لم يفارقه الاضطراب ، و المراد قلبه ، و قلب شيعته في أيّام الثلاثة و بعدهم ، لابتلائه بالجمل و صفّين و النّهروان ، و أمّا ( ربط ) محرّف ( يربط ) و يكون خبرا و عطفا على ( يراعي ) و المراد قلوب غير شيعته من أصحابه ، أي : كيف يربط قلب بولايته و إمامته بعد النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله . و الحال لم يفارقه الاضطراب من أيّامهم إلى يومه .
« ما زلت أنتظر بكم عواقب الغدر » في ( السّير ) لمّا بايعه الزّبير ، قال عليه السّلام له :
إنّي لخائف أن تغدر بي فتنكث بيعتي . قال : لا تخافنّ ، فإنّ ذلك لا يكون منّي أبدا . فقال عليه السّلام : فلي اللَّه عليك بذلك راع و كفيل . قال : نعم ، اللَّه لك عليّ بذلك راع و كفيل ٣ .
« و أتوسّمكم » أي : أتفرّس فيكم .
« بحلية المغترّين » فلمّا رفع أهل الشام المصاحف ، و قالوا : القرآن بيننا و بينكم . لم يتميّزوا إنّه لا مورد لفعلهم و قولهم ، و إنّهم لو كانوا حقيقة مصدّقين بالقرآن كان الواجب عليهم أن يتابعوه و يطاوعوه ، لأنّه عليه السّلام كان بمنزلة نفس النّبي صلّى اللَّه عليه و آله بعد سوابقه تلك في الإسلام ، و كلام اللَّه تعالى ، و كلام رسوله صلّى اللَّه عليه و آله فيه عليه السّلام في جميع أيّامه ، و معاوية عدوّ النّبي و عدوّ الإسلام ، و من
ــــــــــــــــ
( ١ ) صحاح اللغة للجوهري ٣ : ١١٢٧ مادة ( ربط ) .
( ٢ ) كذا في نهج البلاغة ١ : ٣٨ ، و شرح ابن أبي الحديد ١ : ٧٠ ، و شرح ابن ميثم ١ : ٢٧٠ .
( ٣ ) رواه ابن أبي الحديد في شرحه ١ : ٧٧ ، شرح الخطبة ٨ ، و النقل بالمعنى .
الشجرة الملعونة ، و من الذين أسرّوا الكفر و أظهروا الإسلام يوم فتح مكّة ،
فاغترّوا و قالوا له عليه السّلام : لو لم تترك القتال لنقتلك كما قتلنا عثمان ، أو نعطيك بيد معاوية .
« سترني عنكم جلباب الدّين ، و بصّرنيكم صدق النّيّة » أي : أنّ تظاهركم بالدّين ، و وضعكم جلبابه على وجوهكم سترني عنكم أو ستركم عنّي كما نقل عن نسخة ، و المعنى واحد حتّى لا أرى أنّكم غير معتقدين لشيء ، و لكن بصّرني بكم بأنّ تظاهركم بالدّين مجرّد صورة و محض ظاهر صدق نيّتي ،
و صحّة فراستي .
« أقمت لكم سنن الحقّ » أي : طريقه .
« في جوادّ » بالتشديد جمع جادّة .
« المضلّة » بالفتح ، أي : الضلالة . فأرشدهم عليه السّلام إلى ما هو وظيفتهم من اللَّه تعالى ، و في خبر علقمة ، و أبي أيوب قالا : لمّا نزل قوله تعالى : الم . أ حسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا و هم لا يفتنون ١ قال النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله لعمّار : إنّه سيكون بعدي هنات حتّى يختلف السّيف في ما بينهم ، و حتّى يقتل بعضهم بعضا ، و حتّى يتبرّأ بعضهم من بعض ، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني عليّ بن أبي طالب ، فإن سلك النّاس كلّهم و اديا فاسلك وادي عليّ و خلّ عن النّاس . يا عمّار إنّ عليّا لا يردّك عن هدى ، و لا يردّك إلى ردى . يا عمّار طاعة عليّ طاعتي ، و طاعتي طاعة اللَّه ٢ .
و هو عليه السّلام و إن أقامهم على سنن الحقّ من ساعة وفاة النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله حتّى في كيفيّة غسله ، و الصلاة عليه ، و موضع دفنه ، و وضع تاريخه ، و في كشف
ــــــــــــــــ
( ١ ) العنكبوت : ١ ٢ .
( ٢ ) المناقب لابن شهر آشوب ٣ : ٢٠٣ .
المعضلات في زمن الثلاثة و ردعهم عن خطأهم ، إلاّ أنّ الظاهر أنّ مراده عليه السّلام هنا كيفيّة القتال مع أهل القبلة ، فلم يتّفق ذلك في زمان النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله حتّى يعرفوا منه شيئا ، فلم يقاتل صلّى اللَّه عليه و آله إلاّ على التّنزيل ، و قتالاته عليه السّلام كانت على التّأويل ،
حسبما أخبره بذلك ١ .
« حيث تلتقون و لا دليل » لولاه عليه السّلام .
« و تحتفرون و لا تميهون » أي : لا تصلون إلى ماء ، و الجملتان كناية عن أنّهم كانوا يتفاوضون في الأحكام و المعضلات و لم يكونوا يحصلوا شيئا ،
كمن في مفازة و لا دليل له ، و كمن يحفر لاستنباط ماء و لا يصل إلى ماء حتّى كان عليه السّلام يرشدهم و يهديهم . و إن أحببت عرفان ذلك فارجع إلى كتابنا في قضاياه عليه السّلام فإنّه تكفل مقدارا من ذلك .
« اليوم انطق لكم العجماء ذات البيان » قال ابن أبي الحديد : الجملة إشارة إلى الرموز التي تتضمنّها هذه الخطبة ، يقول : هي خفيّة غامضة ، و هي مع غموضها جليّة لاولي الألباب ، فكأنّها تنطق كما ينطق ذوو الألسنة ٢ .
و قال ابن ميثم : كنّى بالعجماء ذات البيان على الحال التي يشاهدونها من العبر الواضحة ، و المثلات التي حلّت بقوم فسقوا أمر ربّهم ، و عمّا هو واضح من كمال فضله عليه السّلام بالنّسبة إليهم ، و ما ينبغي لهم أن يعتبروا من حال الدّين ، و مقتضى أوامر اللَّه التي يحثّهم على اتّباعها ، فإنّ كلّ هذه الأحوال امور لا نطق لها مقالي . فشبهها لذلك بالعجماء من الحيوان ، و استعار لها لفظها ،
ــــــــــــــــ
( ١ ) انظر الى حديث النّبي صلّى اللَّه عليه و آله : « إنّ منكم رجلا يقاتل الناس على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله » . أخرجه النسائي في الخصائص : ١٣١ ، و أحمد بطريقين في مسنده : ٣٣ ، ٨٢ ، و أبو يعلى و ابن أبي شيبة في مسنديهما ، و ابن حبان في صحيحه ، و الحاكم في المستدرك ، و سعيد بن منصور في سننه ، و الضياء في المختارة ، و البيهقي في الشعب ، و أبو نعيم في الحلية عنهم منتخب كنز العمال ٥ : ٣٣ ، ٣٧ ، و ابن أخي تبوك في مسنده ، منتخبه : ٤٣٨ ح ٢٣ و غيرهم .
( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١ : ٧١ .
و وصفها بكونها ذات البيان ، لأنّ لسانها الحال مخبر بمثل مقاله عليه السّلام ، ناطق بوجوب اتّباعه ١ .
قلت : و يمكن أن يكون قوله عليه السّلام هذا مساوقا لقوله الآخر : « لو ثنيت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة و الإنجيل و الزّبور و الفرقان بكتبهم ، حتّى ينطق كلّ كتاب بأنّ عليّا حكم فيّ بما حكم اللَّه فيّ » ٢ . و ورد أنّ القرآن كتاب اللَّه الصّامت و هو عليه السّلام كتاب اللَّه النّاطق ٣ . و يمكن أن يكون إشارة إلى قوله تعالى :
و إذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابّة من الأرض تكلّمهم أنّ النّاس كانوا بآياتنا لا يوقنون ٤ .
هذا ، و قيل في الألغاز :
أبى علماء الناس أن يخبرونني
بناطقة خرساء مسواكها الحجر
قيل : المراد الطاحونة .
« عزب رأي امرىء تخلّف عنّي » يمكن أن يكون مراده عليه السّلام المتخلّفين عن بيعته و غزواته ، كسعد بن أبي وقاص ، و مع ذلك قال لمعاوية : سمعت النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يقول : « عليّ مع الحقّ و الحقّ مع عليّ يدور حيثما دار » و هو حديث متواتر فقال له معاوية : أنت الآن ألوم ما كنت عندي ، و اللَّه لو سمعت أنا هذا من النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ما زلت خادما لعليّ حتّى أموت ٥ .
ــــــــــــــــ
( ١ ) شرح ابن ميثم ١ : ٢٧٤ .
( ٢ ) هذا حديث مشهور بفرق بين ألفاظه ، أخرجه الخوارزمي في مناقبه : ٤٧ و غيره ، مرّ تخريجه في شرح فقرة « من الكلام النّبوي » من خطبة الرضي .
( ٣ ) روى هذا المضمون في موارد ، منها في وقعة صفّين حينما رفعوا المصاحف على رؤوس الرماح .
( ٤ ) النمل : ٨٢ .
( ٥ ) أخرجه ابن عساكر في تاريخه عنه ذيل ترجمة علي عليه السّلام ٣ : ١٥٦ ، و البزار في مسنده عنه مجمع الزوائد ٧ : ٢٣٦ ، و ابن مردويه في مناقبه ، عنه إحقاق الحق ٥ : ٦٣١ بفرق بين الألفاظ ، و في الباب عن علي عليه السّلام و امّ سلمة .
و أقول : إنّ معاوية و إن قال لسعد : إنّه لم يسمع ذلك من النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ، إلاّ أنّه علم أنّ النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله قال ذلك ، و لم يكن معتقدا بالنّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ، إلاّ أنّه قال ذلك لسعد جدلا ، حيث إنّه أقرّ بسماعه و اعتزله عليه السّلام .
و يمكن أن يكون مراده عليه السّلام المتخلّفين عن القول بإمامته بعد النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ، و قد قال صلّى اللَّه عليه و آله في المستفيض : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ، و من تخلّف عنها غرق ١ .
« ما شككت في الحقّ مذ أريته » هذا الكلام تعريض بالمتقدّمين عليه ، فإنّهم نقلوا عن أبي بكر أنّه تمنّى في حال احتضاره سؤال النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله : هل كان له حق في الخلافة أم لا ٢ ؟ و نقلوا عن عمر أنّه لمّا اشير عليه بنصب ابنه بعده قال : إن كان له فيها حقّ فحسب آل الخطاب بشخصه ، و إن لم يكن له حقّ فلم يتحمّل مظلمة ابنه ٣ زائدة على مظلمته . كما أنّه أقرّ أنّه شكّ في حقّية الإسلام ،
و حقّية النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يوم الحديبيّة ٤ ، و أمّا هو صلوات اللَّه عليه فكان على بيّنة من ربّه من أوّله إلى آخره ، بقعوده أيّام الثلاثة ، و قيامه بعدهم ، و قتال النّاكثة ،
و القاسطة ، و المارقة كالنّبي صلّى اللَّه عليه و آله في مكّة و في المدينة ، في قعوده أوّلا و قيامه أخيرا .
ــــــــــــــــ
( ١ ) هذا حديث السفينة مر تخريجه في أوائل هذا العنوان .
( ٢ ) رواه الجوهري في السفينة : ٣٩ ، و الطبري في تاريخه ٢ : ٦١٩ سنة ١٣ ، و المسعودي في مروج الذهب ٢ : ٣٠١ ، و أبو عبيدة في الأموال ، و العقيلي في الضعفاء ، و الطرابلسي في الفضائل ، و الطبراني في معجمه الكبير ، و ابن عساكر في تاريخه ، و الضياء في المختارة عنهم منتخب كنز العمال ٢ : ١٧١ ، و ابن قتيبة في الإمامة و السياسة ١ : ١٨ ضمن كلام طويل عنه « فوددت أني سألته هذا الأمر فكنّا لا ننازعه أهله » .
( ٣ ) رواه الطبري في تاريخه ٣ : ٢٩٢ سنة ٢٣ ، و ابن النجار في تاريخه عنه منتخب كنز العمال ٢ : ١٨٩ ، و ابن قتيبة في الإمامة و السياسة ١ : ٢٤ ، و النقل بالمعنى .
( ٤ ) صحيح البخاري ٢ : ٢٠٥ ، و صحيح مسلم ٣ : ١٤١١ ح ٩٤ ، و سيرة ابن هشام ٣ : ٢٠٣ ، و المغازي للواقدي ١ : ٦٠٦ ، ٦٠٨ ، و تاريخ الطبري ٢ : ٢٨٠ سنة ٦ .
و روى المدائني : أنّ عمرو بن العاص لقي الحسن عليه السّلام في الطواف ، فقال له : يا حسن زعمت أنّ الدين لا يقوم إلاّ بك و بأبيك ، فقد رأيت اللَّه أقامه بمعاوية فجعله راسيا بعد ميله ، و بيّنا بعد خفائه ، أفرضي اللَّه بقتل عثمان ، أو من الحق أن تطوف بالبيت كما يدور الجمل بالطّحن عليك ثياب كغرقى البيض ، و أنت قاتل عثمان ؟ و اللَّه ، إنّه لألمّ للشّعث ، و أسهل للوعث أن يوردك معاوية حياض أبيك . فقال الحسن عليه السّلام : إنّ لأهل النّار لعلامات يعرفون بها : إلحادا لأولياء اللَّه ،
و موالاة لأعداء اللَّه ، و اللَّه إنّك لتعلم أنّ عليّا عليه السّلام لم يرتب في الدّين ، و لم يشكّ في اللَّه ساعة ، و لا طرفة عين قطّ . و أيم اللَّه لتنتهينّ يابن ام عمرو أو لأنفذنّ حضنيك بنوافذ أشدّ من القعضبيّة ، فإيّاك و التّهجّم عليّ ، فإنّي من قد عرفت :
لست بضعيف الغمزة ، و لا هشّ المشاشة ، و لا مريء المأكلة ، و إنّي من قريش كواسطة القلادة يعرف حسبي ، و لا ادعى لغير أبي ، و أنت من تعلم و يعلم النّاس تحاكمت فيك رجال قريش فغلب عليك جزّارها ، ألأمهم حسبا ،
و أعظمهم لؤما . فإيّاك عنّي فإنّك رجس ، و نحن أهل بيت الطهارة اذهب عنّا الرّجس و طهّرنا تطهيرا . فأفحم عمرو و انصرف كئيبا ١ .
« لم يوجس » في ( الصحاح ) : الوجس أيضا : فزعة القلب ، و أوجس في نفسه خيفة : أي أضمر ٢ .
« موسى عليه السّلام خيفة على نفسه أشفق » أي : خاف .
« من غلبة الجهّال و دول الضلال » يعني كما لم يخف موسى على نفسه على الضلال من سحر السّحرة ، بل من اشتباه الأمر على العوامّ و الجهّال ، كذلك هو عليه السّلام لم يبال بتقدّم الثلاثة عليه في القيام بالأمر ، فإنّ الإمام كالنّبيّ ليس
ــــــــــــــــ
( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٤ : ١٠ شرح الكتاب ٣١ عن المدائني .
( ٢ ) صحاح اللغة للجوهري ٢ : ٩٨٤ مادة ( وجس ) .
شرط منصبه السلطنة و القيام بالأمر ، و لكنّه خاف من اشتباه الأمر على العوامّ و الجهّال ، فإنّهم لا يفرّقون في ذلك بين الحقّ و الباطل ، و يتوهّمون أنّ كلّ من قام إمام ، و أنّ الاعتقاد بالثّلاثة جزء الدّيانة ، و أنّ غير المعتقد بهم خارج من الملّة ، كما عليه إخواننا من أهل السّنّة ، مع أنّ فاروقهم لمّا دعا النّاس إلى قيام صدّيقهم جعله مجرّد سلطنة ، و أهون من إمامة صلاة جماعة ، فقال له :
رضيك النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله لديننا ، في ما ادّعاه من أنّ تقدّمه في الصّلاة كان بأمر النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ، قال : فكيف لا نرضاك لدنيانا ؟ و لو كان إخواننا فرّقوا بين الأمرين لارتفع النّزاع من البين ، و لأدّى قيام الأوّلين إلى وصول الأمر إلى بني اميّة الشجرة الملعونة في القرآن .
و نظير مرمى كلامه عليه السّلام من أنّ أسفه من تقدّم اولئك إنّما كان لضلالة جمع غير ذوي بصيرة ، ما عن ( تاريخ الثقفي ) : أنّ رجلا جاء إلى ابيّ بن كعب ،
فقال : يا أبا المنذر ألا تخبرني عن عثمان ما قولك فيه ؟ فأمسك عنه . فقال الرجل : جزاكم اللَّه شرّا يا أصحاب محمّد شهدتم الوحي و عاينتموه ، ثمّ نسألكم التّفقّه في الدّين فلا تعلّمونا . فقال ابيّ : عند ذلك هلك أصحاب العقدة و ربّ الكعبة ، أما و اللَّه ما عليهم آسى و لكن آسى على من أهلكوا ، أما و اللَّه لئن أبقاني اللَّه إلى يوم الجمعة ، لأقومنّ مقاما أتكلّم فيه بما أعلم ، قتلت أو استحييت . فمات رحمه اللَّه يوم الخميس ١ .
و روى أبو نعيم في ( حليته ) مسندا عن قيس بن عباد قال : قدمت المدينة للقاء أصحاب محمّد صلّى اللَّه عليه و آله ، فلم يكن فيهم أحد أحبّ إليّ لقاء من أبيّ بن كعب ،
فقمت في الصّفّ الأوّل فخرج ، فلمّا صلّى حدّث ، فما رأيت الرّجال متحت أعناقها إلى شيء توجها إليه ، فسمعته يقول : هلك أهل العقدة و ربّ الكعبة
ــــــــــــــــ
( ١ ) نقله عنه الحلبي في تقريب المعارف عن فتن البحار : ٣١٦ .
قالها ثلاثا هلكوا و أهلكوا أما أنّي لا آسى عليهم و لكنّي آسي على من يهلكون من المسلمين ١ .
و مراد ابيّ بأهل العقدة من رواه محمّد بن يعقوب عن أبي جعفر عليه السّلام قال : كنت دخلت مع أبي الكعبة فصلّى على الرّخامة الحمراء بين العمودين ،
فقال في هذا الموضع : تعاقد القوم إن مات رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله أو قتل ، أن لا يردّوا هذا الأمر في أحد من أهل بيته . قلت : و من كان ؟ قال : كان الأوّل و الثاني ، و أبو عبيدة بن الجرّاح و سالم بن الحبيبة ٢ .
« اليوم توافقنا على سبيل الحقّ و الباطل » قال عمّار : لو ضربونا بأسيافهم حتّى يبلغونا سعفات هجر لعرفت أنّا على الحقّ ، و هم على الباطل ٣ .
و تواتر عن النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله أنّه عليه السّلام على الحقّ ، و الحقّ يدور معه ، و مخالفه على باطل ٤ .
« من وثق بماء لم يظمأ » هو مثل ، و المراد منه : أنّه كما أنّ من كان مطمئنّا بأنّ عنده ماء موجودا لم يبال بظمئه الآني ، كذلك من علم أنّه على دين الحقّ لم يبال بما يصيبه في دنياه ، فإنّه يقطع برفع ذلك عنه سريعا .
و من أمثال العرب : إن ترد الماء بماء أكيس ٥ .
و ممّا روي عنه عليه السّلام من الحكم المثلية : من سبق إلى الظلّ ضحى ، و من
ــــــــــــــــ
( ١ ) حلية الأولياء لأبي نعيم ١ : ٢٥٢ .
( ٢ ) الكافي للكليني ٤ : ٥٤٥ ح ٢٨ .
( ٣ ) وقعة صفّين لابن مزاحم : ٣٢٢ .
( ٤ ) أخرج هذا المعنى الترمذي في سننه ٥ : ٦٣٣ ح ٣٧١٤ و ترجمة علي عليه السّلام لابن عساكر ٣ : ١٥١ و ١٥٢ ح ١١٦٩ و ١١٧٠ ، في ذيل حديث عن علي عليه السّلام و في الباب عن ام سلمة و سعد.
( ٥ ) مجمع الأمثال للميداني ١ : ٣٢ ، و المستقصى للزمخشري ١ : ٣٧٠ .
سبق إلى الماء ظمىء ١ .
قوله عليه السّلام في رواية ( الإرشاد ) : « كان بنو يعقوب على المحجّة العظمى ،
حتّى عقّوا أباهم و باعوا أخاهم ، و بعد الإقرار كانت توبتهم ، و باستغفار أبيهم و أخيهم غفر لهم » ٢ المراد بهذا الكلام أنّ طلحة و الزّبير كانا في سلك المسلمين ما لم يكونا نكثا ، و بعد نكثهما خرجا من سلكهم ، و الزّبير و إن رجع من العسكر ، و طلحة قتل في العسكر إلاّ أنّهما لم يتوبا بعودهما إلى طاعته ،
و الانخراط في سلكه ، كما فعل الحرّ الرّياحي لمّا خرج على الحسين عليه السّلام ، و لم يستغفر عليه السّلام لهما ، لأنّهما لم يكونا قابلين لذلك ، كما قال تعالى لنبيّه صلّى اللَّه عليه و آله :
إن تستغفر لهم سبعين مرّة فلن يغفر اللَّه لهم . . . ٣ . فبقيا في ما دخلا فيه من الخروج عن سلك الإسلام .
٦
من الخطبة ( ٩٥ ) اُنْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ فَالْزَمُوا سَمْتَهُمْ وَ اِتَّبِعُوا أَثَرَهُمْ فَلَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ هُدًى وَ لَنْ يُعِيدُوكُمْ فِي رَدًى فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبُدُوا وَ إِنْ نَهَضُوا فَانْهَضُوا وَ لاَ تَسْبِقُوهُمْ فَتَضِلُّوا وَ لاَ تَتَأَخَّرُوا عَنْهُمْ فَتَهْلِكُوا أقول : قال ابن أبي الحديد في شرح خطبته عليه السّلام : « أمّا بعد أيّها النّاس فأنا فقأت عين الفتنة » : هذه الخطبة ذكرها جماعة من أصحاب السيرة و هي متداولة منقولة مستفيضة خطب بها عليّ عليه السّلام بعد انقضاء أمر النهروان ،
و فيها ألفاظ لم يوردها الرضي إلى أن قال و منها : « فانظروا أهل بيت نبيّكم ،
ــــــــــــــــ
( ١ ) لم أجده في حديث أمير المؤمنين عليه السّلام .
( ٢ ) الإرشاد : ١٣٥ .
( ٣ ) التوبة : ٨٠ .
فإن لبدوا فالبدوا ، و إن استنصروكم فانصروهم . فليفرجّنّ اللَّه الفتنة برجل منّا أهل البيت ، بأبي ابن خيرة الإماء ، لا يعطيهم إلاّ السيف هرجا مرجا موضوعا على عاتقه ثمانية أشهر ، حتّى تقول قريش : لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا .
يغريه اللَّه ببني اميّة حتّى يجعلهم حطاما و رفاتا ملعونين أينما ثقفوا اخذوا و قتّلوا تقتيلا ١ الآية ٢ و غفل عنه هنا .
و روى ( البحار ) عن ( غارات الثقفي ) بسندين عن زر بن حبيش قال :
خطب عليّ عليه السّلام بالنّهروان إلى أن قال : فقام رجل فقال : يا أمير المؤمنين ما نصنع في ذلك الزّمان ؟ قال عليه السّلام : انظروا أهل بيت نبيّكم ، فإن لبدوا فالبدوا ، و إن استصرخوكم فانصروهم تؤجروا ، و لا تسبقوهم فتصرعكم البليّة فقام رج . ل آخر ، فقال : ثمّ ماذا يكون بعد هذا يا أمير المؤمنين ؟ قال عليه السّلام : ثمّ إنّ اللَّه تعالى يفرّج الفتن برجل منّا أهل البيت ، كتفريج الأديم ٣ .
و في ( كتاب سليم بن قيس ) بعد ذكر فتنة بني اميّة قال رجل : فما أصنع في ذلك الزّمان يا أمير المؤمنين ؟ قال : انظروا أهل بيت نبيّكم ، فإن لبدوا و إن استنصروكم فانصروهم تنصروا و تعذروا ، فإنّهم لن يخرجوكم من هدى و لن يدعوكم إلى ردى ، و لا تسبقوهم بالتقدّم ، فيصرعكم البلاء و تشمت بكم الأعداء . قال : فما يكون بعد ذلك يا أمير المؤمنين ؟ قال : يفرّج اللَّه برجل من بيتي ، كانفراج الأديم من بيته ٤ .
و قال النّعماني في ( غيبته ) : قال أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبته المشهورة التي رواها الموافق و المخالف ، في جملة ما قال : و لقد علم
ــــــــــــــــ
( ١ ) الاحزاب : ٦١ .
( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ١٧٨ شرح الخطبة ٩١ .
( ٣ ) الغارات للثقفي ١ : ٢ ، و نقله عنه المجلسي في الفتن من البحار : ٥٥٨ .
( ٤ ) كتاب سليم بن قيس : ١٥٨ ضمن حديث .
الناس برسول الله (ص) فهو أخوه، وصهره ووصيّه، وكان منه بمنزلة هارون من موسى، وقد قال في حقّه يوم (غدير خم ): (مَن كنت مولاه فهذا علي مولاه)، ولنستمع إلى مقطوعة أخرى من شعره في مدح الإمام أمير المؤمنينعليهالسلام يقول:
نطق القرآن بفضل آل محمّدٍ |
وولاية لعلّيه لم تجحدِ |
|
لولاية المختار من خير الورى |
بعد النبي الصادق المتودّدِ |
|
إذ جاءه المسكين حال صلاته |
فامتد طوعاً بالذراع وباليدِ |
|
فتناول المسكين منه خاتماً |
هبة الكريم الأجود بن الأجودِ |
|
فاختصه الرحمان في تنزيله |
مَن حاز مثل فخاره فليعددِ |
|
إنّ الإله وليّكم ورسوله |
والمؤمنين فمَن يشأ فليجحدِ |
|
يكن الإله خصيمه فيها غداً |
والله ليس بمخلف في الموعدِ(1) |
وواضح هذا الشعر كل الوضوح فقد حكى فضيلة من فضائل الإمام أمير المؤمنينعليهالسلام ، وهي أنّ مسكيناً قصد جامع الرسول في يثرب فطلب من المسلمين أن يسعفوه، فلم يعطه أحد منهم شيئاً، وكان الإمام أمير المؤمنينعليهالسلام يصلّي فأومأ إليه، وأعطاه خاتمه، وهو كل ما يملكه، وحينما فرغ الإمام من صلاته نزل الوحي على الرسول (ص) وهو يقلّد الإمام وساماً من أغلى الأوسمة التي قلّدته بها السماء، فقد نزل الوحي بهذه الآية الكريمة:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (2) ودلالة هذه الآية واضحة فقد حصرت الولاية العامة في الله تعالى والرسول الأعظم، والإمام أمير المؤمنين الذي أدّى الزكاة وهو في حال ركوعه.
وهذه الآية من أوثق الأدلة على إمامة الإمام أمير المؤمنين، وأنّه أحق وأولى بخلافة المسلمين من غيره، فقد قرن تعالى ولايته بولاية الله وولاية رسوله...
ولنستمع إلى أبيات أخرى قالها في الإمامعليهالسلام :
سقياً لبيعة أحمد ووصيه |
أعني الإمام وليّنا المحسودا |
|
أعني الذي نصر النبي محمّداً |
قبل البرية ناشئاً ووليدا |
|
أعني الذي كشف الكروب ولم يكن |
في الحرب عند لقائها رعديدا |
____________________
(1) ديوان دعبل (ص 101).
(2) سورة المائدة: آية 55.
أعني الموحِّد قبل كل موحِّدٍ |
لا عابداً وثناً ولا جلمودا |
|
وهو المقيم على فراش محمّدٍ |
حتى وقاه مكايداً ومكيدا |
|
وهو المقدّم عند حومات الندا |
ما ليس ينكر طارفاً وتليدا(1) |
وعرض دعبل في هذه الأبيات إلى نصرة الإمامعليهالسلام للرسولصلىاللهعليهوآله ، فهو المنافح الأول عن كلمة التوحيد، وبجهوده وجهاده قام دين الإسلام، وقد كشف الكروب عن النبي (ص) في أحلك الظروف وأقساها، ففي واقعة بدر وأحد والخندق وغيرها كان الإمام البطل الأوحد الذي أطاح برؤوس المشركين، وسحق جيوشهم، ورفع راية التوحيد.
وعرض دعبل إلى مبيت الإمامعليهالسلام على فراش النبي (ص) ووقايته له بمهجته، وقد قام بأروع عملية فدائية في الإسلام، فما أعظم أياديه على هذا الدين، هذا بعض ما قاله دعبل في مدح الإمام أمير المؤمنينعليهالسلام .
رثاؤه للإمام الحسين:
وروع المسلمون بكارثة كربلاء التي انتهكت فيها حرمة الرسول (ص) في أبنائه وذرّيّته، فقد أبادت جيوش الأمويين بوحشية قاسية عترة النبي (ص) واقترفت فيهم أفظع الجرائم، وقد اهتزّ لهول هذه الفاجعة الضمير الإنساني، وقد اندفع دعبل الذي هو علوي الفكر إلى رثاء الإمام الحسينعليهالسلام فرثاه بذوب روحه في مجموعة من روائع نظمه كان من بينها هذه اللوحات:
أأسبلت دمع العين بالعبرات |
وبتّ تقاسي شدّة الزفراتِ |
|
وتبكي على آثار آل محمّدٍ |
فقد ضاق منك الصدر بالحسراتِ |
|
ألا فابكهم حقّاً وأجر عليهم |
عيوناً لريب الدهر منسكباتِ |
|
ولا تنس في يوم الطفوف مصابهم |
بداهية من أعظم النكباتِ |
|
سقى الله أجداثاً على طفّ كربلا |
مرابع أمطارٍ من المزناتِ |
|
وصلّي على روح الحسين وجسمه |
طريحاً على النهرين بالفلواتِ |
|
قتيلاً بلا جرمٍ ينادي لنصره |
- فريداً وحيداً - أين أين حماتي |
|
أأنسى - وهذا النهر يطفح - ظامئاً |
قتيلاً ومظلوماً بغير تراتِ |
____________________
(1) ديوان دعبل (ص 102).
فقل لابن سعدٍ - أبعد الله سعده - |
ستلقى عذاب النار واللعناتِ |
|
سأقنت طول الدهر ما هبّت الصبا |
وأقنت بالآصال والغدواتِ |
|
على معشرٍ ضلّوا جميعاً وضيّعوا |
مقال رسول الله بالشبهاتِ |
|
لقد رفعوا رأس الحسين على القنا |
وساقوا نساءً حسرّاً ولهاتِ |
|
توفّوا عطاشا نازحين وغادروا |
مدارس وحى الله مندرساتِ |
|
يعزّ على المختار أن يمكث ابنه |
طريحاً بلا دفنٍ لدى الهبواتِ |
|
ويرفع رأس الرمح رأس حبيبه |
ويسري به للشام في الحرباتِ |
|
وينكثه بالعود مَن لاكت أمُّهُ |
لحمزة كبداً لم يسغ بلهاةِ |
|
مصائب أجرت عين كلّ موحِّدٍ |
دماء رماها القلب بالعبراتِ(1) |
ومثّلت هذه الأبيات لوعة الخزاعي وأساه على ما حلّ بابن الرسول وريحانته من فوادح الخطب، والمصائب المذهلة التي تذوب من هولها الجبال، فقد قتله البغاة استجابةً لرغبات أسيادهم الأمويين، وتركوا جثمانه الشريف ملقىً على صعيد كربلا لم يواروه، واحتزوا رأسه الشريف، وجعلوا يطوفون به في الأقطار والأمصار تشفّياً منه، وإظهاراً لفرحتهم الكبرى بقتله
ولنستمع إلى مقطوعة أخرى من رثائه للإمام الحسينعليهالسلام يقول:
رأس ابن بنتِ محمّدٍ ووصيّه |
يا للرجال على قناةٍ يرفعُ |
|
والمسلمون بمنظرٍ وبمسمعٍ |
لا جازع من ذا ولا متخشّعُ |
|
أيقظت أجفاناً وكنت لها كرى |
وأنمت عيناً لم تكن بك تهجعُ |
|
كحلت بمنظرك العيون عمايةً |
وأصمّ نعيك كل أذنٍ تسمعُ |
|
ما روضة إلاّ تمنّت أنّها |
لك مضجعٌ ولخط قبرك موضعُ(2) |
لقد نعى دعبل ذهاب الحميّة الإسلامية، فقد استسلم المسلمون للذل والهوان، ومدّوا أعناقهم بخنوع لحكومة يزيد التي استهانت بقيمهم ومقدّراتهم، فرفعت رأس ابن بنت نبيّهم على أطراف الأسنّة والرماح يطاف به في الأقطار والأمصار؛ وذلك بمنظر ومسمع من جميع الأوساط، ولم يبد أحد نقمته وسخطه على يزيد، وفيما أحسب أنّ ذلك كان ناجماً من العنف والإرهاب اللذين سادا على الأمّة،
____________________
(1) ديوان دعبل (ص 107). (2) ديوان دعبل (ص 99 - 100).
فكانت السلطة تأخذ بالظنة والتهمة، وتأخذ البرئ بالسقيم، والمقبل بالمدبر، ومن الطبيعي أنّ ذلك أوجب انتشار أوبئة الخوف عند المسلمين...
هذه بعض مراثي دعبل لسيّد الشهداءعليهالسلام .
لقد نقم دعبل على ملوك عصره العبّاسيين، وهجاهم بأقذع ألوان الهجاء، ولم يكن بذلك مدفوعاً وراء العواطف والأهواء التي لا تمتّ إلى الحق بصلة، فقد جانب أولئك الملوك الحق، وسخّروا اقتصاد الأمة إلى شهواتهم فانفقوا ملايين الأموال على المغنّين والعابثين وجلبوا لقصورهم ما حرّم الله من الخمر، وأنواع اللهو في حين أنّ الأُمّة كانت تعاني الفقر والحرمان، وقد خيّم عليها البؤس ولنستمع إلى بعض هجائه.
ولـمّا توفّي الإمام الرضاعليهالسلام سارع المأمون فدفنه إلى جانب أبيه، وسئُل عن ذلك، فقال: ليغفر الله لهارون بجواره للإمام الرضا، ولـمّا سمع دعبل ذلك هزأ وقال:
قبران في طوس خير الناس كلّهم |
وقبر شرّهم هذا من العبرِ |
|
ما ينفع الرجس من قرب الزكي ولا |
على الزكي بقرب الرجس من ضررِ |
|
هيهات كل امرئٍ رهن بما كسبت |
له يداه فخذ ما شئت أو فذرِ |
وأيّ هجاء لهارون أقذع وأمر من هذا الهجاء، فقد عبّر عنه تارة بشر الناس، وأخرى بالرجس، وأنّ قربه من مثوى الإمام لا ينتفع به، فكل امرئ يعامل بما كسبت يداه، ولا عبرة بغير ذلك.
هجاؤه لإبراهيم:
ولـمّا بايع المأمون الإمام الرضاعليهالسلام بولاية العهد غضب العباسيون وانتفخت أوداجهم، فعمدوا إلى إبراهيم بن المهدي شيخ المغنّين فبايعوه، وانبرى دعبل إلى هجائه فقال:
نعر ابن شكلة بالعراق وأهله |
فهفا إليه كل أطلس مائقِ |
|
إن كان إبراهيم مضطلعاً بها |
فلتصلحن من بعده لمخارق |
|
ولتصلحن من بعد ذاك لزلزل |
ولتصلحن من بعده للمارقِ |
أنّى يكون وليس ذاك بكائنٍ |
يرث الخلافة فاسقٌ عن فاسقِ(1) |
وأقذع هجاء وأمرّه هذا الهجاء، فإنّ الخلافة لو صلحت لإبراهيم لصلحت لغيره من المغنّين، كمخارق وزلزل ومارق، وبذلك تكون الدولة دولة المغنّين، وأنّ من المستحيل أن تتحوّل الخلافة إلى هذا المستوى السحيق، وأن يرث الخلافة فاسق عن فاسق، ومن الطريف أنّ الجند اجتمعوا حول بلاطه يطالبونه برواتبهم ولم يكن عنده شيء من المال فانبرى أحد الظرفاء فخاطب الجند فقال لهم: سوف يخرج إبراهيم ويغنّي لهذا الجانب بصوت، ويغنّي للجانب الآخر بصوت، وهذا هو أرزاقكم وسمع دعبل بذلك فقال:
يا معشر الأجناد لا تقنطوا |
خذوا عطاياكم ولا تسخطوا |
|
فَسَوفَ يُعطيكُم حُنَينِيَّةً |
يَلتَذُّها الأَمرَدُ وَالأَشمَطُ(2) |
|
والمعبديات لقوادكم |
لا تدخل الكيس ولا تربطُ |
|
وهكذا يرزق أجناده |
خليفةٌ مصحفه البربطُ |
أرأيتم هذه السخرية؟ وهذا الاستهزاء بشيخ المغنّين الذي يرزق أجناده بالغناء الذي لا يدخل الكيس ولا يربط!؟.
أمّا هجاء دعبل للمعتصم فكان مرّاً وقاسياً، وكان المعتصم طاغياً، ظالماً لا عهد له بالرأفة والرحمة، وقد صدق دعبل في هجائه له بهذه المقطوعة:
بكى لشتات الدين مكتئبٌ صبُّ |
وفاض بفرط الدمع من عينه غربُ |
|
وقام إمام لم يكن ذا هدايةٍ |
فليس له دين وليس له لبُّ |
|
وما كانت الأنباء تأتي بمثله |
يملّك يوماً أو تدين له العربُ |
|
ولكن كما قالوا الذين تتابعوا |
من السلف الماضين إذ عظم الخطبُ |
|
ملوك بني العبّاس في الكتب سبعة |
ولم تأتنا عن ثامنٍ لهم الكتبُ |
|
كذلك أهل الكهف في الكهف سبعة |
كرام إذا عدوا وثامنهم كلبُ |
|
وإنّي لأعلي كلبهم عنك رفعةً |
لأنّك ذو ذنبٍ وليس له ذنبُ |
____________________
(1) ديوان دعبل (ص 174).
(2) الأمرد: الذي لا لحية له، والأشمط الذي له لحية.
كأنّك إذ ملكّتنا لشقائنا |
عجوزٌ عليها التاج والعقد والإتبُ |
|
لقد ضاع ملك الناس إذ ساس ملكهم |
وصيف وأشتات وقد عظم الكربُ(1) |
ومثلت هذه الأبيات محنة المسلمين وشقاءهم بخلافة المعتصم الذي لم يتمتع بأي صفة كريمة تؤهّله لمركز الخلافة الإسلامية التي هي ظل الله في الأرض، وقد ظل دعبل في عهده مختفياً يطارده الرعب والفزع، فقد أوعز المعتصم إلى شرطته باعتقاله ولكنّهم لم يظفروا به، ولـمّا هلك المعتصم هجاه بهذه الأبيات:
قد قلت: إذ غيبوه وانصرفوا |
في شرّ قبرٍ لشرِّ مدفونِ |
|
اذهب إلى النار والعذاب فما |
خلتك إلاّ من الشياطينِ |
|
وما زلت حتى عقدت بيعة من |
أضر بالمسلمين والدينِ(2) |
ولـمّا تولّى الواثق عمد دعبل إلى طومار فكتب فيه الأبيات التالية، ودفعها إلى الحاجب، وقال له: قل له هذه أبيات امتدحك بها دعبل، وهذه الأبيات:
الحمد لله لا صبر ولا جلد |
ولا عزاء إذا أهل الهوى رقدوا |
|
خليفة مات لم يحزن له أحدٌ |
وآخرٌ قام لم يفرح به أحدُ |
|
فمرّ هذا، ومرّ الشؤم يتبعه |
وقام هذا فقام الويل والنكدُ |
ولـمّا فضّها الواثق وقرأها تميّز غيظاً وغضباً وطلب دعبل بكل ما يقدر عليه من الطلب فلم يظفر به حتى هلك الواثق(3) .
هذه صور من هجائه، وهي تمثّل اندفاعه نحو الحق، ونصرته للمظلومين والمضطهدين في عصره.
لقد كان دعبل من زعماء المعارضة للحكم العباسي في عصره، ومن الجناية على الفكر أن يوصم الرجل بأنّه خبيث اللسان لم يسلم أحد من الخلفاء من لسانه(4) فإنّ هذا القول رخيص، وبعيد عن الواقع، لقد هام دعبل في حب أهل البيت الذين اضطهدتهم الحكومات العبّاسية، وجهدت في ظلمهم وظلم شيعتهم فاندفع دعبل
____________________
(1) ديوان دعبل (ص 129 - 130). (2) ديوان دعبل (ص 209).
(3) ديوان دعبل (ص 149). (4) الأغاني 18 / 29.
بوحي من عقيدته إلى نصرتهم والذب عنهم والتشهير بخصومهم وليس في ذلك أي نقص عليه، وإنّما هو فخر وشرف له.
وظل دعبل معظم حياته مجاهداً ومناضلاً قد سخر من ملوك عصره الذين استباحوا حرمات الله، فهجاهم بأمرّ وأقذع ألوان الهجاء، وقد طاردته السلطة، ورامت تصفيته جسدياً ولكنّه اختفى، وراح يجوب في الأقطار يلاحقه الفزع والخوف، وهو القائل في تائيّته الخالدة:
لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها |
وإنّي لأرجو الأمن بعد وفاتي |
وقد أعلن بشجاعة فائقة استعداده للموت فقال: (لي خمسون سنة أحمل خشبتي - أي خشبة الإعدام - على كتفي أدور على مَن يصلبني عليها فما أجد مَن يفعل ذلك).
وكانت نهاية دعبل على يد ذئب من ذئاب عصره وهو مالك بن طوق التغلبي فقد طلبه فهرب إلى البصرة، وكان والياً عليها إسحاق بن العباس العباسي وقد بلغه هجاء دعبل له، فأمر بإلقاء القبض عليه، فجيء به إليه مخفوراً فدعا بالنطع والسيف ليضرب عنقه، فأنكر دعبل القصيدة التي قيلت في ذمّه وأنّ عدداً له قالها ونسبها له ليغري بدمه، وجعل دعبل يتضرّع إليه فأعفاه من القتل إلاّ أنّه دعا بالعصي والمقارع، وانهال عليه ضرباً بوحشيّة قاسية، ثمّ خلّى سبيله فهرب إلى (الأهواز)(1) .
وسارع مالك بن طوق فبعث رجلاً حصيفاً مقداماً وأعطاه سمّاً، وأمره باغتيال دعبل، وأعطاه عوض هذه الجريمة عشرة آلاف درهم، وانبرى الرجل مسرعاً إلى (الأهواز) فجدّ في طلب دعبل فعثر عليه في قرية من نواحي (السوس) فاغتاله بعد صلاة العتمة، فضربه على ظهر قدمه بعكاز له زج مسموم فتسمم بدنه، ومات في غده، ودفن بتلك القرية، وقيل: بل حمل إلى (السوس) فدفُن فيها(2) وانتهت بذلك حياة هذا المجاهد الذي قارع الباطل بشجاعة، وقد رثاه صديقه الشاعر الكبير أبو تمّام الطائي بهذه الأبيات:
____________________
(1) الأغاني 18 / 60.
(2) الأغاني 18 / 60.
قد زاد في كلفي وأوقد لوعتي |
مثوى حبيب يوم مات ودعبل |
|
أخوي لا تزل السماء نحيلة |
تغشاكما بسماء مزن مسبل |
|
جدث على الأهواز يبعد دونه |
مسرى النعي ورمة بالموصل(1) |
رحم الله دعبلاً فقد كان علماً من أعلام الإسلام، وقد استشهد في سبيل المبادئ الكريمة والمثل العليا التي تبنّاها في جميع أدوار حياته.
(ر)
128 - رحيم عبدوس:
الخنجي، روى عن الإمام أب] الحسن الرضاعليهالسلام ، وروى عنه علي بن الحكم(2) .
129 - ريان بن شبيب:
خال المعتصم العباسي، ثقة سكن (قم)، وروى عنه أهلها، وجمع مسائل الصباح ابن نصر الهندي للإمام الرضاعليهالسلام (3) ، وقد روى عنه الإمام الرضاعليهالسلام وروى عنه إبراهيم بن هاشم(4) .
130 - الريان بن الصلت:
الأشعري، القمّي، أبو علي، روى عن الإمام الرضاعليهالسلام ، ثقة، صدوق، له كتاب جمع فيه كلام الإمام الرضاعليهالسلام في الفرق بين الآل والأمّة(5) ، وروى معمر بن خلاد قال: قال لي الريان بن الصلت، وكان الفضل بن سهل بعثه إلى بعض كور خراسان: أحب أن تستأذن لي على أبي الحسنعليهالسلام فأسلّم عليه وأودّعه وأحب أن يكسوني من ثيابه، وأن يهب لي من الدراهم التي ضُربت باسمه، قال: فدخلت عليه، فقال لي مبتدئاً: يا معمر بن ريان، أيحب أن يدخل علينا فأكسوه من ثيابي وأعطيه من دراهمي؟ قال: قلت سبحان الله!! والله ما سألني إلاّ أن أسألك ذلك له، فقال: يا معمر إنّ المؤمن موفّق
____________________
(1) وفيات الأعيان 1 / 180.
(2) معجم رجال الحديث 7 / 183.
(3) النجاشي.
(4) فروع الكافي الجزء السابع كتاب الوصية.
(5) النجاشي.
قل له: فليجئ قال: فأذنت له فدخل عليه فسلّم فدعا له بثوب من ثيابه، فلمّا خرج قلت: أي شيء أعطاك؟ وإذا في يده ثلاثون درهماً(1) .
(ز)
131 - زكريا بن آدم:
ابن عبد الله بن سعد الأشعري، القمّي، ثقة جليل، عظيم القدر، كان له وجه عند الإمام الرضاعليهالسلام ، له كتاب(2) ، وروى الكشي أنّه سمع من بعض أصحابنا عن أبي طالب عبد الله بن الصلت القمّي، قال: دخلت على أبي جعفر الثانيعليهالسلام في آخر عمره فسمعته يقول: جزى الله صفوان بن يحيى، ومحمد بن سنان، وزكريا ابن آدم عنّي خيراً، فقد وفوا لي.
وروى محمد بن حمزة عن زكريا بن آدم قال: قلت للرضاعليهالسلام : إنّي أريد الخروج عن أهل بيتي فقد كثر السفهاء فيهم فقال: لا تفعل، فإنّ أهل بيتك يدفع عنهم - أي البلاء - بك، كما يدفع عن أهل بغداد بأبي الحسن الكاظمعليهالسلام (3) .
وممّا يدل على جلالة قدره وسمو مكانته ما رواه علي بن المسيب قال: قلت للرضاعليهالسلام : شقّتي بعيدة، ولست أصل إليك في كل وقت فعمّن آخذ معالم ديني؟ فقالعليهالسلام : من زكريا بن آدم القمّي المأمون على الدين والدنيا، قال علي بن المسيب: فلمّا انصرفت قدمت على زكريا بن آدم فسألته عمّا احتجت إليه.
وروى محمد بن إسحاق والحسن بن محمد قالا: خرجنا بعد وفاة زكريا بن آدم بثلاثة أشهر نحو الحج، فتلقّانا كتابهعليهالسلام في بعض الطريق فإذا فيه ذكرت ما جرى من قضاء الله به في الرجل المتوفّى رحمه الله يوم ولد، ويوم قبض، ويوم يبعث حيّاً، فقد عاش أيام حياته عارفاً بالحق، قائلاً به: صابراً محتسباً للحق، قائماً بما يحبه الله ورسوله ومضى رحمه الله غير ناكث، ولا مبدّل فجزاه الله أجر نبيّه وأعطاه خير أمنيته، وذكرت الرجل الموصى إليه، ولم تعرف فيه رأينا، وعندنا من المعرفة به أكثر ممّا
____________________
(1) الكشي.
(2) النجاشي.
(3) الكشي.
وصفت - يعني الحسن بن محمد بن عمران -(1) وقد كشفت هذه الرواية عن سمو مكانته عند الإمامعليهالسلام .
132 - زكريا أبو يحيى:
كوكب الدم، عدّه الشيخ في باب الكنى من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (2) وقال أبو يحيى الموصلي: كان زكريا أبو يحيى شيخاً من الأخيار(3) وضعفه ابن الغضايري.
133 - زكريا بن إدريس:
ابن عبد الله بن سعد الأشعري، القمّي أبو جرير، روى عن الإمام أبي عبد اللهعليهالسلام ، وأبي الحسن والرضاعليهمالسلام ، له كتاب(4) ، وروى زكريا قال: دخلت على الرضاعليهالسلام من أول الليل في حدثان موت أبي جرير فسألني عنه، وترحّم عليه، ولم يزل يحدثني وأحدّثه حتى طلع الفجر، فقامعليهالسلام فصلّى الفجر(5) .
134 - زكريا بن عبد الصمد:
القمّي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام ، وأضاف أنّه ثقة، يكنّى أبا جرير من أصحاب أبي الحسن موسىعليهالسلام (6) .
135 - زكريا بن محمد:
أبو عبد الله المؤمن، روى عن الإمام أبي عبد الله والإمام أبي الحسنعليهماالسلام ، ولقي الإمام الرضاعليهالسلام في المسجد الحرام، وحكى عنه ما يدل على الوقف، وكان مختلط الأمر في حديثه له كتاب منتحل الحديث(7) .
____________________
(1) الكشي.
(2) رجال الطوسي.
(3) معجم رجال الحديث 7 / 272.
(4) النجاشي.
(5) الكشي.
(6) رجال الطوسي.
(7) النجاشي.
136 - زكريا بن يحيى:
روى عن الإمام أبي الحسن الرضاعليهالسلام ، وروى عنه بكر بن صالح(1) .
(س)
137 - سعد بن حماد:
عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام وأضاف: إنّه مجهول(2) .
138 - سعد بن سعد:
ابن الأحوص بن سعد بن مالك الأشعري القمّي، ثقة، روى عن الإمام الرضا والإمام أبي جعفرعليهماالسلام كتابه المبوب، وروى محمد بن خالد عنه مسائله للإمام الرضاعليهالسلام (3)، وروى عبد الله بن الصلت القمّي قال: دخلت على الإمام أبي جعفر الثاني في آخر عمره... قال: (جزى الله صفوان بن يحيى ومحمد بن سنان، وزكريا بن آدم، وسعد بن سعد فقد وفوا لي!)(4).
139 - سعد خادم أبي دلف:
قال الشيخ: له مسائل عن الإمام الرضاعليهالسلام أخبرنا بها عدّة من أصحابنا عن أبي الفضل عن ابن بطة عن أحمد بن عبد الله(5).
140 - سعيد بن جناح:
الأزدي، مولاهم بغدادي، روى عن الإمام الرضاعليهالسلام هو وأخوه أبو عامر، كانا ثقتين له كتاب صفة الجنة والنار، وكتاب قبض روح المؤمن والكافر(6) .
141 - سعيد بن سعيد:
القمّي، ثقة، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (7) .
____________________
(1) معجم رجال الحديث.
(2) رجال الطوسي.
(3) النجاشي.
(4) الكشي.
(5) فهرست الطوسي.
(6) النجاشي.
(7) رجال الطوسي.
142 - سليمان بن جعفر:
الطالبي الجعفري، روى عن الإمام الرضاعليهالسلام ، وروى أبوه عن الإمام أبي عبد الله وأبي الحسنعليهماالسلام ، وكانا ثقتين، له كتاب (فضل الدعاء)(1) .
143 - سليمان بن الجعفري:
روى عن الإمام أبي الحسن الرضاعليهالسلام ، وروى عنه أبو أيوب المدني(2) .
144 - سليمان بن حفص:
روى عن الإمام أبى الحسن الرضاعليهالسلام ، وروى عنه محمد بن إسماعيل(3) .
145 - سليمان بن حفص:
المروزي روى عن الإمام أبي الحسن الرضاعليهالسلام (4) .
146 - سليمان بن داود:
الخفّاف: عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (5) .
147 - سليمان بن رشيد:
عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (6) ، روى عن أبيه وروى عنه محمد بن عيسى (7) .
148 - السندي بن الربيع:
الكوفي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (8) .
____________________
(1) النجاشي.
(2) معجم رجال الحديث 8 / 242.
(3) معجم رجال الحديث 8 / 244.
(4) معجم رجال الحديث 8 / 262.
(5) رجال الطوسي.
(6) رجال الطوسي.
(7) معجم رجال الحديث.
(8) رجال الطوسي.
149 - سوادة القطان:
روى عن الإمام أبى الحسن الرضاعليهالسلام ، وروى عنه الحسن بن علي ابن فضال(1) .
150 - سهل بن الأشعري:
روى عن الإمام أبى الحسن الرضاعليهالسلام ، وروى عنه ابنه محمد(2) .
151 - سهل بن اليسع:
ابن عبد الله بن سعد الأشعري، القمّي، ثقة، روى عن الإمام موسى والإمام الرضاعليهماالسلام (3) .
(ش)
152 - شعيب بن حماد:
عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (4) ، وعدّه البرقي من أصحاب الكاظمعليهالسلام (5).
(ص)
135 - صالح بن عبد الله:
الخثعمي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (6)، وكذلك عدّه البرقي.
154 - صالح بن علي:
ابن عطية، البغدادي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (7) ، وعدّه البرقي من أصحاب الإمام الكاظم عليهالسلام .
____________________
(1) معجم رجال الحديث.
(2) معجم رجال الحديث 8 / 333.
(3) معجم رجال الحديث.
(4) رجال الطوسي.
(5) رجال البرقي.
(6) رجال الطوسي.
(7) رجال الطوسي.
155 - صالح الخباز:
الكوفي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (1) .
156 - صباح بن نصر:
الهندي: له مسائل الإمام الرضاعليهالسلام (2) .
157 - صدقة الخراساني:
عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (3) .
158 - صفوان بن يحيى:
أبو محمد البجلي، بياع السابري، كوفي، ثقة، روى أبوه عن الإمام أبي عبد الله الصادقعليهالسلام ، وروى هو عن الإمام الرضاعليهالسلام ،
وكانت له عنده منزلة شريفة ذكره الكشي في رجال الإمام أبي الحسن موسىعليهالسلام .
وقد توكّل للإمام الرضا والإمام أبي جعفر الجوادعليهماالسلام ، وسلم مذهبه من الوقف، وكان على جانب عظيم من الزهد والعبادة، وقد بذل له جماعة من الواقفة أموالاً كثيرة، فلم يستجب لهم، وكان صديقاً حميماً لعبد الله بن جندب، وعلي بن النعمان، وروى أنّهم تعاقدوا في بيت الله الحرام، أنّه مَن مات منهم صلّى مَن بقي صلاته، وصام عنه صيامه، وزكّى عنه زكاته، فماتا وبقي صفوان، فكان يصلّي في كل يوم مائة وخمسين ركعة، ويصوم في السنة ثلاثة أشهر، ويزكّي زكاته ثلاث دفعات وكل ما يتبرّع به عن نفسه ممّا عدا ما ذكرناه تبرّع عنهما مثله.
ومن شدّة تحرجه وتقواه أنّ إنساناً كلفه حمل دينارين إلى أهله في الكوفة، فقال له: إنّ جمالي مكراة، وأنا استأذن الأجراء، وكان على جانب كبير من الورع والعبادة على ما لم يكن عليه أحد من طبقته.
وقد صنّف ثلاثين كتاباً لم يعرف منها إلاّ ما يلي:
1 - كتاب الوضوء.
2 - كتاب الصلاة.
____________________
(1) رجال الطوسي.
(2) معجم رجال الحديث.
(3) رجال الطوسي.
3 - كتاب الصوم.
4 - كتاب الحج.
5 - كتاب الزكاة.
6 - كتاب النكاح.
7 - كتاب الطلاق.
8 - كتاب الفرائض.
9 - كتاب الوصايا.
10 - كتاب الشراء والبيع.
11 - كتاب العتق والتدبير.
12 - كتاب البشارات.
13 - كتاب النوادر.
وقد ذكرت عنه أحاديث مشرقة في التقوى، كما نقلت عن أئمة الهدى أحاديث في مدحه والثناء عليه... انتقل إلى رحمة الله تعالى سنة (210 ه)(1) .
(ط)
159 - طاهر بن حاتم:
ابن ما هوية القزويني، أخو فارس بن حاتم، كان صحيحاً ثم خلط، له كتاب ذكره الحسن بن الحسين(2) قال الشيخ: كان مستقيماً ثم تغيّر، وأظهر القول بالغلو، له روايات(3) .
(ع)
160 - عباد بن محمد:
عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (4) .
161 - العبّاس بن جعفر:
ابن محمد، ابن الأشعث، روى الصدوق بسنده إلى الحسن بن علي الوشاء،
____________________
(1) معجم رجال الحديث 9 / 128 - 133.
(2) النجاشي.
(3) رجال الطوسي.
(4) رجال الطوسي.
قال: سألني العباس بن جعفر، أن أسأل الإمام الرضاعليهالسلام أن يحرق كتبه إذا قرأها مخافة أن تقع في يده غيره، فابتدأنيعليهالسلام قبل أن أسأله... اعلم صاحبك أنّي إذا قرئت كتبه إليّ حرقتها(1) .
162 - العباس بن محمد:
الورّاق، يونسي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (2) .
163 - العباس بن معروف:
أبو الفضل مولى جعفر بن عبد الله الأشعري، قمّي، ثقة، له كتاب الآداب، وله نوادر(3).
164 - العباس بن موسى:
النخّاس، كوفي، ثقة، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (4) .
165 - العباس بن هشام:
عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (5) ، وقال النجاشي: إنّه من قبيلة بني أسد، وأنّه ثقة جليل في أصحابنا، كثير الرواية، كسر اسمه فقيل عبيس، له كتب منها كتاب الحج، وكتاب الصلاة، وكتاب المثالب سماه كتاب خالات فلان وفلان، وكتاب جامع الحلال والحرام، وكتاب الغيبة، وكتاب نوادر، والرواة كثيرة عنه في هذه الكتب. توفّي رحمه الله سنة (220 ه)(6) .
166 - العباس مولى الإمام الرضا:
روى عن الإمام الرضاعليهالسلام ، وروى عنه محمد بن علي(7) .
____________________
(1) عيون أخبار الرضا.
(2) رجال الطوسي.
(3) النجاشي.
(4) رجال الطوسي.
(5) رجال الطوسي.
(6) رجال النجاشي.
(7) معجم رجال الحديث.
167 - عباس النجاشي:
كوفي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (1) .
168 - عبد الجبار بن المبارك:
النهاوندي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام ، كما عدّه من أصحاب الإمام الجوادعليهالسلام (2) .
169 - عبد الحميد بن سعيد:
عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام ، كما عدّه من أصحاب الإمام الكاظمعليهالسلام (3) .
170 - عبد الرحمن بن أبي نجران:
مولى كوفي، روى عن الإمام الرضاعليهالسلام ، وروى أبوه نجران عن الإمام أبي عبد اللهعليهالسلام ، وكان عبد الرحمن ثقة، ثقة، معتمداً على ما يرويه، له كتب كثيرة، قال أبو العباس: لم أر منها إلاّ كتابه في البيع والشراء(4) .
171 - عبد السلام بن صالح:
الهروي، روى عن الإمام الرضاعليهالسلام ، ثقة صحيح الحديث له كتاب (وفاة الرضاعليهالسلام )(5) ، روى الصدوق عن محمد بن عبد الله ابن طاهر، قال: كنت واقفاً على رأس أبي، وعنده أبو الصلت الهروي، وإسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل، فقال أبي: ليحدثني كل رجل منكم بحديث، فقال أبو الصلت الهروي: حدثني علي بن موسى الرضاعليهالسلام - وكان والله رضي كما سمي - عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالبعليهمالسلام قال: رسول الله (ص): الإيمان قول وعمل، فلمّا خرجنا قال أحمد بن محمد بن حنبل: ما هذا الإسناد؟ فقال له أبي: هذا سعوط المجانين إذا سعط
____________________
(1) رجال الطوسي.
(2) رجال الطوسي.
(3) رجال الطوسي.
(4) النجاشي.
(5) النجاشي.
به المجنون أفاق(1) .
172 - عبد العزيز بن مسلم:
عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (2) وهو الذي روى عنه رواية مبسوطة في بيان مقام الإمامعليهالسلام ، وأنّ منزلة الإمامة منزلة الأنبياء، وأنّها خلافة الله وخلافة الرسولصلىاللهعليهوآله ومقام الإمام أمير المؤمنينعليهالسلام وميراث الحسن والحسينعليهماالسلام ، وفيها الاستدلال بالآيات على انحصار الإمامة في المعصومينعليهمالسلام (3) .
173 - عبد العزيز بن المهتدي:
الأشعري، القمّي، ثقة، روى عن الإمام الرضاعليهالسلام ، له كتاب(4) قال في حقّه الفضل بن شاذان: ما رأيت قمّيّاً يشبهه في زمانه، وقال أيضاً في حقّه:
كان خيّر، قمّي، فيمَن رأيته، وكان وكيل الرضاعليهالسلام (5) ، كما كان للإمام الجوادعليهالسلام ، وقد دفع إليه أموالاً من الحقوق فتسلّمها وكتب إليه بعد البسملة (وقد عرفت الوجوه التي صارت إليك منها غفر الله لك ولهم الذنوب ورحمنا وإيّاكم)(6) .
174 - عبد الله بن أبان:
عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (7) ، روى عنه الإمام الرضا، وروى عنه علي بن إسماعيل الدغشني(8) .
175 - عبد الله بن إبراهيم:
الأنصاري، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (9) .
____________________
(1) معجم رجال الحديث 10 / 20.
(2) رجال الطوسي.
(3) معجم رجال الحديث 10 / 38.
(4) معجم رجال الحديث.
(5) النجاشي.
(6) الغيبة للطوسي.
(7) رجال الطوسي.
(8) معجم رجال الحديث 10 / 81.
(9) رجال الطوسي.
176 - عبد الله بن أيوب:
الجزيني، أبو محمد، كان منقطعاً إلى الإمام الرضاعليهالسلام ، وكان فاضلاً شاعراً أديباً، وقد رثا الإمام الرضاعليهالسلام ، وقال يخاطب ولده الإمام الجواد:
يا بن الوصي وصيّ أكرم مرسلٍ |
أعني النبيَّ الصادق المصدوقا |
|
لا يسبقني في شفاعتكم غداً |
أحدٌ فلست بحبّكم مسبوقا |
|
يا بن الثمانية الأئمّة غربوا |
وأبا الثلاثة شرّقوا تشريقا |
|
إنّ المشارق والمغارب أنتم |
جاء الكتاب بذلكم تصديقا(1) |
177 - عبد الله بن جندب:
هو العالم العابد الزاهد، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الصادق تارة، ومن أصحاب الإمام الكاظمعليهالسلام أخرى، وثالثة من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام ، وهو أحد وكلاء الإمام الكاظم والإمام الرضاعليهماالسلام ، وقد قال للإمام الكاظمعليهالسلام ألستَ عنّي راضياً، قالعليهالسلام : أي والله، ورسول الله عنك راض.
وروى يونس بن عبد الرحمن قال: رأيت عبد الله بن جندب وقد أفاض من عرفات، وكان عبد الله أحد المجتهدين، قال يونس: فقلت له: قد رأى الله اجتهادك منذ اليوم، فقال عبد الله: والله الذي لا إله إلاّ هو لقد وقفت موقفي هذا، وأفضت ما سمعني الله دعوت لنفسي بحرف واحد؛ لأنّي سمعت أبا الحسنعليهالسلام يقول: الداعي لأخيه المؤمن بظهر الغيب ينادى من أعنان السماء لك بكل واحدة مائة ألف، فكرهت أن أدع مائة ألف مضمونة لواحدة لا أدري أُجاب إليها أم لا؟
وروى الحسن بن علي بن يقطين، وكان سيئ الرأي في يونس، قال: قيل لأبي الحسنعليهالسلام وأنا أسمع أنّ يونس مولى آل يقطين يزعم أنّ مولاكم والمتمسّك بطاعتكم عبد الله بن جندب يعبد الله على سبعين حرفاً. ويقول إنّه شاك، فقالعليهالسلام : هو والله أولى بأن يعبد الله على حرف، ما له ولعبد الله بن جندب إنّ عبد الله بن جندب لمن المخبتين(2) .
____________________
(1) معجم رجال الحديث، وحياة الإمام محمد الجواد (ع).
(2) الكشي.
178 - عبد الله بن الحارث:
وهو ممّن روى النص من الإمام الكاظمعليهالسلام على إمامة ولده الإمام الرضاعليهالسلام (1) .
179 - عبد الله بن الصلت:
أبو طالب القمّي، مولى بني تيم، ثقة مسكون إلى روايته، روى عن الإمام الرضاعليهالسلام ، يعرف له كتاب التفسير(2) ، وعدّه البرقي من أصحاب الإمام الرضا ومن أصحاب الإمام الجوادعليهماالسلام (3) .
وقد كتب إلى الإمام الجوادعليهالسلام أن يأذن له أن يندب أباه، فكتبعليهالسلام له أن اندبني، واندب أبي(4) وكتب إلى الإمام الجواد
عليهالسلام بأبيات شعر، وذكر فيها أباه الإمام الرضا، وسأله أن يأذن له ليقول فيه الشعر فقطع الشعر وحبسه، وكتب في صدر ما بقي من القرطاس قد أحسنت فجزاك الله خيراً(5) .
180 - عبد الله بن طاووس:
عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام ، وأضاف أنّه عاش مائة سنة(6) .
181 - عبد الله بن علي:
ابن الحسين بن زيد بن علي بن الحسينعليهالسلام ، روى عن الإمام الرضاعليهالسلام له نسخة رواها(7) .
182 - عبد الله بن المبارك:
النهاوندي، من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام (8) .
____________________
(1) معجم رجال الحديث نقلاً عن الإرشاد للشيخ المفيد.
(2) النجاشي.
(3) رجال البرقي.
(4) الكشي.
(5) الكشي.
(6) رجال الطوسي.
(7) النجاشي.
(8) معجم رجال الحديث 10 / 35.