بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٤

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 597
مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 597
كتاب بهج الصباغة
في شرح نهج البلاغة
المجلد الرابع
الشيخ محمد تقي التّستري
هذا الكتاب
نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي
بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.
كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة
المجلد الرابع
الشيخ محمّد تقي التّستري (الشوشتري)
المجلد الرابع
الفصل الثامن في الإمامة الخاصة
١
١ من الكتاب ( ٢١ ) وَ مِنْهُ فَإِنَّهُ لاَ سَوَاءَ إِمَامُ اَلْهُدَى وَ إِمَامُ اَلرَّدَى وَ وَلِيُّ ؟ اَلنَّبِيِّ ص ؟
وَ عَدُوُّ ؟ اَلنَّبِيِّ ص ؟ وَ لَقَدْ قَالَ لِي ؟ رَسُولُ اَللَّهِ ص ؟ إِنِّي لاَ أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي مُؤْمِناً وَ لاَ مُشْرِكاً أَمَّا اَلْمُؤْمِنُ فَيَمْنَعُهُ اَللَّهُ بِإِيمَانِهِ وَ أَمَّا اَلْمُشْرِكُ فَيَقْمَعُهُ اَللَّهُ بِشِرْكِهِ وَ لَكِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ كُلَّ مُنَافِقِ اَلْجَنَانِ عَالِمِ اَللِّسَانِ يَقُولُ مَا تَعْرِفُونَ وَ يَفْعَلُ مَا تُنْكِرُونَ قول المصنّف : و منه : انّما قال : « و منه » لأنّ قبله « فإن استطعتم يا أهل مصر أن تصدّق أقوالكم أفعالكم ، و أن يتوافق سرّكم و علانيتكم ، و لا يخالف ألسنتكم قلوبكم ، فافعلوا . عصمنا اللّه و إيّاكم ، و سلك بنا و بكم المحجّة الوسطى ، و إيّاكم و دعوة الكذّاب ابن هند ، و تأمّلوا و اعلموا » .
قوله عليه السّلام : « فإنّه لا سواء ، إمام الهدى و إمام الردى » : أي : الهلكة . قال ( ابن أبي الحديد ) يعنى عليه السّلام بإمام الهدى ، نفسه ، و بإمام الردى ، معاوية كما قال تعالى
ــــــــــــــــــ
( ١ ) قال الشارح ، و يأتي في العناوين ٣٢ ، ٣٣ ، ٣٤ من الفصل التاسع كلامه عليه السلام في المهدي عليه السلام .
و جعلناهم أئمّة يدعون إلى النار ١ .
قلت : إنّه عليه السلام و إن قال ذلك ، و كان في قباله معاوية في ذلك الوقت إلاّ أنّه عليه السلام أراد بإمام الردى غيره مطلقا ، معاوية و الثلاثة المتقدّمة عليه ، ففي رواية الثقفي لعهده عليه السلام إلى محمّد بن أبي بكر الّذي هذا الكلام جزء منه و قد نقله ( ابن أبي الحديد ) نفسه عند قوله عليه السلام : « و قد أردت تولية مصر هاشم بن عتبة » :
« و اعلموا عباد اللّه إنّكم ان اتقيتم ربّكم ، و حفظتم نبيّكم في أهل بيته ، فقد عبدتموه بأفضل ما عبد ، و ذكرتموه بأفضل ما ذكر ، و شكرتموه بأفضل ما شكر ، و أخذتم بأفضل الصبر ، و جاهدتم بأفضل الجهاد ، و إن كان غيركم أطول صلاة منكم ، و أكثر صياما ، إذ كنتم أتقى للّه ، و أنصح لأولياء اللّه من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أخشع » ٢ .
و هل كان معاوية إلاّ تابعا لهم ، و سالكا سبيلهم ، و في كتاب معاوية إلى محمّد ابن أبي بكر و كان ازرى على معاوية قيامه في قباله عليه السلام « فإن يك ما نحن فيه صوابا فأبوك أوّله ، و إن يك جورا فأبوك أسّه ، و نحن شركاؤه و بهديه أخذنا ، و بفعله اقتدينا ، فعب أباك ما بدا لك أو دع » .
و فيه أيضا « ذكرت حق ابن أبي طالب و قديم سوابقه و قرابته من نبي اللّه ، و نصرته له و مواساته إيّاه في كل خوف و هول ، إلى أن قال : و قد كنّا و أبوك معنا في حياة من نبيّنا ، نرى حق ابن أبي طالب لازما لنا ، و فضله مبرزا علينا . فلمّا اختار اللّه لنبيّه ما عنده ، كان أبوك و فاروقه أوّل من ابتزّه و خالفه ، على ذلك اتّفقا و اتّسقا ، ثم دعواه إلى أنفسهم فأبطأ عنهما و تلكأ
ــــــــــــــــــ
( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٤٥٠ ، و الآية ٤١ من سورة القصص .
( ٢ ) رواه الثقفي في الغارات ١ : ٢٣٦ و نقله عنه ابن أبي الحديد في شرحه ٢ : ٢٦ شرح الخطبة ٦٦ .
عليهما فهمّا ، به الهموم ، و أرادا به العظيم ، فبايع و سلّم لهما لا يشركانه و لا يطلعانه على سرّهما حتّى قبضا » رواه المسعودي و نصر بن مزاحم و أشار إليه الطبري لكنّه كفّ عن نقله عنادا و قال : لا تحتمله العامة ١ .
كما أنّ ما قاله من أنه عليه السلام أراد بامام الهدى نفسه ، صحيح ، لكن لم يرد نفسه بالخصوص بل مع عترته ، و كان عليه السلام ميزانا في تمييز المؤمنين من المنافقين من عهد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم ، و قد قال تعالى لنبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيه و في عترته :
إنّما أنت منذر و لكلّ قوم هاد ٢ .
« و وليّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم » قال تعالى : إنّما وليّكم اللّه و رسوله و الّذين آمنوا الّذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون ٣ .
قال سبط ابن الجوزي في ( تذكرته ) : ذكر الثعلبي في ( تفسيره ) عن السدّي ، و عتبة بن أبي حكيم ، و غالب بن عبد اللّه قالوا : انزلت آية إنّما وليكم اللّه في عليّ عليه السلام مرّ به سائل و هو في المسجد راكع فأعطاه خاتمه ٤ .
و روى الثعلبي أيضا مسندا عن أبي ذر قال : صلّيت يوما صلاة الظهر في المسجد و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حاضر فقام سائل فسأل . فلم يعطه أحد شيئا إلى أن قال فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : اللهم و أنا محمّد صفيّك و نبيّك فاشرح لي صدري ،
و يسّر لي أمري ، و اجعل لي وزيرا من أهلي عليّا اشدد به أزري أو قال ظهري ،
قال أبو ذر : فو اللّه ما استتم الكلام حتّى نزل جبرئيل عليه السلام من عند اللّه تعالى فقال : يا محمّد اقرأ إنّما وليّكم اللّه و رسوله و الذين آمنوا الّذين يقيمون
ــــــــــــــــــ
( ١ ) رواه المسعودي في مروج الذهب ٣ : ١٢ و ابن مزاحم في وقعة صفين : ١١٩ و البلاذري في انساب الاشراف ٢ : ٣٩٦ و اشار اليه الطبري في تاريخه ٣ : ٥٥٧ سنة ٣٦ .
( ٢ ) الرعد : ٧ .
( ٣ ) المائدة : ٥٥ .
( ٤ ) تذكرة الخواص : ١٥ .
الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون ١ .
و قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في المتواتر : « من كنت مولاه فعلي مولاه » قال سبط ابن الجوزي في ( تذكرته ) : روى أحمد بن حنبل في ( مسنده ) و في ( فضائله ) ،
و الترمذي في ( سننه ) عن زاذان قال : سمعت عليّا عليه السلام يقول في الرحبة و هو ينشد الناس : انشد اللّه رجلا سمع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول في يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فقام ثلاثة عشر رجلا من الصحابة فشهدوا أنّهم سمعوا النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول ذلك ٢ .
و روى في فضائله عن رياح بن حارث قال : جاء رهط إلى على عليه السلام فقالوا : السلام عليك يا مولانا و كان بالرحبة فقال : كيف أكون مولاكم و أنتم قوم عرب ؟ قالوا : سمعنا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول يوم غدير خم : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » قال رياح : فقلت : من هؤلاء ؟ فقيل : نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري صاحب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم ٣ .
و عن عبد الملك بن عطية العوفي قال : أتيت زيد بن أرقم فقلت له : إنّ ختنا لي حدّثني عنك بحديث في شأن علي عليه السلام يوم الغدير و أنا أحبّ أن أسمعه منك فقال : إنّكم معشر أهل العراق فيكم ما فيكم ، فقلت : ليس عليك منّي بأس فقال : نعم . كنّا بالجحفة ، فخرج النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم علينا ظهرا و هو آخذ بعضد علي عليه السلام فقال : أيّها الناس ألستم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟
فقالوا : بلى ، فقال : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » قالها أربع مرات ٤ .
و عن البراء بن عازب قال : كنّا مع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فنزلنا بغدير خم ، فنودي
ــــــــــــــــــ
( ١ ) تذكرة الخواص : ١٥ . و الآية ٥٥ من سورة المائدة .
( ٢ ) تذكرة الخواص : ٢٨ .
( ٣ ) تذكرة الخواص : ٢٩ .
( ٤ ) تذكرة الخواص : ٢٩ .
فينا الصلاة جامعة ، و كسح للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بين شجرتين ، فصلّى الظهر و أخذ بيد علي عليه السلام و قال : « اللهم من كنت مولاه فهذا مولاه » قال : فلقيه عمر بعد ذلك فقال : هنيئا لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت و أمسيت مولاي و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة ١ .
و في ( تاريخ أعثم الكوفي ) و هو من رجالهم أيضا أنّ ابن الزبير لمّا كان يحثّ خالته على الخروج ، و أنكر أن يكون النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال : إنّ عليّا وليّ الناس قالت له امّ سلمة : إن لم تكن سمعت ذلك فهذه خالتك عائشة سلها هل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال لعلي عليه السلام أنت خليفتي في حياتي ، و بعد مماتي ؟ فقالت عائشة : نعم . سمعت ذلك ٢ .
و في ( استيعاب ابن عبد البر ) : روى بريدة و أبو هريرة ، و جابر ، و البراء بن عازب ، و زيد بن أرقم كل واحد منهم عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال يوم غدير خم : « من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهمّ و ال من والاه و عاد من عاداه » ٣ .
و في ( اسد الغابة ) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : شهدت عليّا في الرحبة يناشد الناس : انشد اللّه من سمع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول يوم غدير خم : « من كنت مولاه فعلي مولاه » لما قام ، قال عبد الرحمن : فقام اثنا عشر بدريّا كأنّي أنظر إلى أحدهم عليه سراويل فقالوا : نشهد أنّا سمعنا النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول يوم غدير خم : « الست أولى بالمؤمنين من أنفسهم و أزواجي أمهاتهم ؟ قلنا : بلى فقال : « من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهمّ و ال من والاه و عاد من عاداه » ٤ .
« و عدوّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم » قال ابن أبي الحديد : جعل أمير المؤمنين عليه السلام
ــــــــــــــــــ
( ١ ) تذكرة الخواص : ٢٩ .
( ٢ ) الفتوح لابن أعثم ٢ : ٢٨٢ و النقل بتلخيص .
( ٣ ) الاستيعاب ٣ : ٣٦ .
( ٤ ) اسد الغابة ٤ : ٢٨ .
معاوية عدوّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لكونه عدوّه عليه السلام و قد قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم له : « وليّك وليّي ،
و وليّي وليّ اللّه ، و عدوّك عدوّي ، و عدوّي عدوّ اللّه » و لأن دلائل النفاق كانت ظاهرة عليه من فلتات لسانه ، و من أفعاله ، و قد قال أصحابنا في هذا المعنى أشياء كثيرة فلتطلب من كتبهم خصوصا من كتب شيخنا أبي عبد اللّه و كتب أبي جعفر الاسكافي و أبي القاسم البلخي ١ .
قلت : و ان صحّ ما قاله من كون معاوية عدوا للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بما ذكره من القياس إلاّ أنه كان عدوّا له صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالأساس أيضا . روى المسعودي في ( مروجه ) : أنّ المغيرة بن شعبة قال لمعاوية : بلغت أملك ، فلو أظهرت عدلا .
فقال له : إنّ أخا هاشم يصرّح به في كل يوم خمس مرات « أشهد ان محمّدا رسول اللّه » فأيّ أمل يبقى مع هذا لا امّ لك لا و اللّه إلاّ دفنا دفنا ٢ .
و في ( الطبري ) عن كتاب المأمون الذي أمر بإنشائه في لعن معاوية « و منه الحديث المرفوع المشهور أنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال : إن معاوية في تابوت من نار في أسفل درك منها ينادي يا حنان يا منان ( فيقال له ) آلآن و قد عصيت قبل و كنت من المفسدين » ٣ ؟
و في ( صفين نصر بن مزاحم ) مسندا عن رجل شامي صحابي قال :
سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول : « شرّ خلق اللّه خمسة : ابليس ، و ابن آدم الّذي قتل أخاه ، و فرعون ذو الأوتاد ، و رجل من بني اسرائيل ردّهم عن دينهم ، و رجل من هذه الامّة يبايع على كفره عند باب لدّ » قال الرجل : إنّي لمّا رأيت معاوية بايع عند باب لدّ ذكرت قول النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فلحقت بعلي عليه السلام فكنت معه ٤ .
ــــــــــــــــــ
( ١ ) قاله ابن أبي الحديد في شرحه ٣ : ٤٥٠ و النقل بالمعنى .
( ٢ ) رواه المسعودي في مروج الذهب ٣ : ٤٥٤ و النقل بتصرف .
( ٣ ) رواه الطبري في تاريخه ٨ : ١٨٦ سنة ٢٨٤ .
( ٤ ) رواه ابن مزاحم في وقعة صفين : ٢١٧ .
« و لقد قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : إنّي لا أخاف على أمّتي مؤمنا و لا مشركا ، أمّا المؤمن فيمنعه اللّه بإيمانه ، و أمّا المشرك فيقمعه اللّه ( أي يقهره و يذلّه ) بشركه ،
و لكنّي أخاف عليكم كلّ منافق الجنان ، عالم اللّسان ، يقول ما تعرفون ، و يفعل ما تنكرون » لقد صدق صلوات اللّه عليه فكل فتنة كانت في الإسلام كانت من المسلمين الّذين وصفهم عليه السلام ، جعل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أبا بكر كصاحبه في جيش اسامة لئلاّ يوجب الفتنة بعده ، فتخلّف عنه مع تأكيداته حتّى لعن المتخلّف عن الجيش ، حتّى ينال الإمرة ، و لمّا نال مرامه أراد التلبيس على الناس بأنه لا بدّ أن يجري أمر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في الجيش .
فروى كاتب الواقدي في ( طبقاته ) عن ابن عمر ، أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعث سرية فيهم أبو بكر و عمر ، و استعمل عليهم اسامة . فكان الناس طعنوا فيه .
فبلغ ذلك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فصعد المنبر . فحمد اللّه و أثنى عليه ، و قال : إنّ الناس قد طعنوا في إمارة اسامة و قد كانوا طعنوا في إمارة أبيه من قبله ، و إنّهما لخليقان لها الخبر ١ .
و في ( الطبري ) : نادى منادي أبي بكر من بعد الغد من متوفّى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ليتمّ بعث اسامة ، ألا لا يبقينّ بالمدينة أحد من جند اسامة إلاّ خرج إلى عسكره بالجرف ٢ .و فيه أيضا قال أبو بكر : لو خطفتني الكلاب و الذئاب لم أردّ قضاء قضى به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ٣ .
و فيه أيضا ان عمر قال له : ان الأنصار أمروني أن ابلغك و إنّهم يطلبون
ــــــــــــــــــ
( ١ ) طبقات ابن سعد ٢ ، ق ٢ : ٤١ و ٤ ، ق ١ : ٤٦ .
( ٢ ) تاريخ الطبري ٢ : ٤٦٠ سنة ١١ .
( ٣ ) تاريخ الطبري ٢ : ٤٦٢ سنة ١١ .
إليك أن تولّي أمرهم رجلا أقدم سنّا من اسامة . فوثب أبو بكر و كان جالسا فأخذ بلحية عمر و قال له : ثكلتك امك و عدمتك يا ابن الخطاب استعمله النّبيّ ، و تأمرني أن أنزعه ١ .
و هذا عمر ، يقول النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : إيتوني بدواة و صحيفة أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا . فقال : دعوه إنّه ليهجر ٢ .
و في ( طبقات كاتب الواقدي ) عن ابن عباس قال : قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : هلمّ اكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده . فقال عمر : انّ رسول اللّه قد غلبه الوجع و عندكم القرآن حسبنا كتاب اللّه إلى أن قال .
فكان ابن عباس يقول : ان الرزية كل الرزية ما حال بين رسول اللّه و بين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم و لغطهم ٣ .
ثم يقول ذلك الرجل من ولهه بزعمهم بعد قبض النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : انّه ما مات و لكنّه غاب . ففي ( الطبري ) : لما توفي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قام عمر فقال : إنّ رجالا من المنافقين يزعمون أنّ رسول اللّه توفّي ، و إنّ رسول اللّه و اللّه ما مات ، و لكنّه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فغاب عن قومه أربعين ليلة . ثم رجع بعد أن قيل قد مات ، و اللّه ليرجعن رسول اللّه . فليقطّعنّ أيدي رجال و أرجلهم ، يزعمون أن رسول اللّه مات ٤ .
و انّما فعل ذلك ليصل إليه أبو بكر و كان غائبا حتى يدبّر أمر السقيفة ، و في كتاب ابن عباس الى الحسن عليه السلام بعد أبيه « و اعلم أنّ عليّا أباك عليه السلام إنّما رغب الناس عنه إلى معاوية أنه آسى بينهم في الفيء ، و سوّى بينهم في
ــــــــــــــــــ
( ١ ) تاريخ الطبري ٢ : ٤٦٢ سنة ١١ .
( ٢ ) أخرج هذا الحديث جماعة منهم البخاري في صحيحه ١ : ٣٢ و ٤ : ٧ و ٢٧١ و مسلم في صحيحه ٣ : ١٢٥٩ ح ٢٢ .
( ٣ ) طبقات ابن سعد ٢ ، ق ٢ : ٣٧ .
( ٤ ) تاريخ الطبري ٢ : ٤٤٢ سنة ١١ .
العطاء ، فثقل عليهم ، و اعلم أنّك تحارب من حارب اللّه و رسوله في ابتداء الإسلام حتّى ظهر امر اللّه فلمّا وحّد الرب و محق الشرك ، و عزّ الدين ، أظهروا الايمان و قرأوا القرآن مستهزئين بآياته ، و قاموا إلى الصلاة و هم كسالى ، و أدّوا الفرائض و هم لها كارهون فلمّا رأوا أنّه لا يعزّ في الدين إلاّ الأتقياء الأبرار ، توسّموا بسيما الصالحين ليظنّ المسلمون بهم خيرا ، فما زالوا بذلك حتّى شركوهم في أماناتهم ، و قالوا : حسابهم على اللّه فإن كانوا صادقين فإخواننا في الدين ، و إن كانوا كاذبين كانوا بما اقترفوا هم الأخسرين ، و قد منيت باولئك ، و بأبنائهم و بأشباههم ، و اللّه ما زادهم طول العمر إلاّ غيّا ، و لا زادهم ذلك لأهل الدين إلاّ مقتا » ١ .
٢
من الخطبة ( ٣٣ ) أَمَا وَ اَللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَفِي سَاقَتِهَا حَتَّى وَلَّتْ بِحَذَافِيرِهَا مَا عَجَزْتُ وَ لاَ جَبُنْتُ وَ إِنَّ مَسِيرِي هَذَا لِمِثْلِهَا فَلَأَنْقُبَنَّ اَلْبَاطِلَ حَتَّى يَخْرُجَ اَلْحَقُّ مِنْ جَنْبِهِ مَا لِي وَ ؟ لِقُرَيْشٍ ؟ وَ اَللَّهِ لَقَدْ قَاتَلْتُهُمْ كَافِرِينَ وَ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ مَفْتُونِينَ وَ إِنِّي لَصَاحِبُهُمْ بِالْأَمْسِ كَمَا أَنَا صَاحِبُهُمُ اَلْيَوْمَ من الخطبة ( ١٠٢ ) وَ اَيْمُ اَللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ مِنْ سَاقَتِهَا حَتَّى تَوَلَّتْ بِحَذَافِيرِهَا وَ اِسْتَوْثَقَتْ قِيَادَهَا مَا ضَعُفْتُ وَ لاَ جَبُنْتُ وَ لاَ خُنْتُ وَ لاَ وَهَنْتُ وَ اَيْمُ اَللَّهِ لَأَبْقُرَنَّ اَلْبَاطِلَ حَتَّى أُخْرِجَ اَلْحَقَّ مِنْ خَاصِرَتِهِ أقول : قاله عليه السلام في ذى قار لمّا أراد الجمل كما صرّح به في الأوّل .
« و أيم اللّه » في الثاني بمعنى « أما و اللّه » في الاول .
ــــــــــــــــــ
( ١ ) رواه المدائني ، و عنه شرح ابن أبي الحديد ٤ : ٨ و غيره .
قال الجوهري : أيمن اللّه اسم وضع للقسم قال : و ربما حذفوا منه النون فقالوا : أيم اللّه و أيم اللّه أيضا بكسر الهمزة ١ .
« إن كنت » في الأوّل بمعنى « لقد كنت » في الثاني لأنّ « ان » فيه مخففة من الثقيلة .
« لفي ساقتها » و في الثاني « من ساقتها » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) ٢ و ( الخطّيّة ) لا « في ساقتها » كما في ( المصرية ) ، و ساقة جمع سائق كقادة في قائد من ساقة الجيش ، و في ( الأساس ) : رأيته يكرّ في سوق الحرب :
أي في حومة القتال و وسطه ٣ .
« حتّى » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : « حتّى تولت » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطيّة ) ٤ و كما في الثاني : أي : انقضت .
« بحذافيرها » : أي بأسرها و تمامها و جميع نواحيها .
قوله عليه السلام في الثاني « و استوثقت قيادها » هكذا في المصرية ، و الصواب « و استوسقت في قيادها » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطبة ) ٥ و في ( المصباح ) قال الخليل : القود أن يكون الرجل أمام الدابة آخذا بقيادها إلى أن قال و المقود بكسر الميم : الحبل يقاد به و الجمع مقاود ، و القياد مثل المقود الخ ٦ و استوسقت : أي اجتمعت و انتظمت .
قوله عليه السلام فيهما « ما ضعفت » هكذا في ( المصرية ) و في ( ابن أبي الحديد )
ــــــــــــــــــ
( ١ ) صحاح اللغة ٦ : ٢٢٢١ مادة ( يمن ) ، و النقل بتقطيع .
( ٢ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ١٩٩ لكن لفظ شرح ابن ميثم ٣ : ٢١ مثل المصرية أيضا .
( ٣ ) أساس البلاغة : ٢٢٥ مادة ( سوق ) .
( ٤ ) لفظ شرح ابن أبي الحديد ١ : ١٧٦ و شرح ابن ميثم ٢ : ٧٢ « ولت » أيضا .
( ٥ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ١٩٩ و شرح ابن ميثم ٣ : ٢١ .
( ٦ ) المصباح المنير ٢ : ٢٠٣ مادة ( قود ) .
و لكن في ( ابن ميثم و الخطية ) ١ : « ما عجزت » ، و كيف كان فالمراد أنه عليه السلام لم يعجز و لم يضعف في سياقة غزوات الإسلام و سلطته كما عجز و ضعف باقيهم .
و في ( الإرشاد ) روى أصحاب الآثار عن الحسن بن صالح عن الأعمش عن أبي اسحاق عن ابن أبي عبد اللّه الجدلي قال : سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول : لمّا عالجت باب خيبر جعلته مجنّا لي . فقاتلتهم به . فلمّا أخزاهم اللّه وضعت الباب على حصنهم طريقا ، ثم رميت به في خندقهم . فقال له رجل : لقد حملت منه ثقلا . فقال : ما كان إلاّ مثل جنّتى الّتي في يدي في غير ذلك المقام ،
و فيه يقول الشاعر :
إنّ امرأ حمل الرتاج بخيبر
يوم اليهود بقدرة لمؤيّد
حمل الرتاج رتاج باب قموصها
و المسلمون و أهل خيبر حشّد
فرمى به و لقد تكلف ردّه
سبعون كلهم له يتشدّد
ردّوه بعد تكلّف و مشقّة
و مقال بعضهم لبعض ارددوا ٢
« و لا جبنت » : أي : كما جبنوا ، ففي خيبر أخذ الراية أوّلا ، الأوّل ثمّ الثاني و رجعا منهزمين يجبّنان أصحابهما و يجبّنهما أصحابهما .
و في ( الإرشاد ) : روى أبو محمّد الحسن بن جمهور قال : قرأت على أبي عثمان المازني الشاعر :
بعث النبي براية منصورة
عمر بن حنتمة الدلام الأدلما
فمضى بها حتى إذا برزوا له
دون القماص ثنى و هاب و أحجما
ــــــــــــــــــ
( ١ ) لفظ شرح ابن أبي الحديد ٢ : ١٧٦ و ١٩٩ ، و أيضا شرح ابن ميثم ٢ : ٧٢ ، و ٣ : ٢١ « ضعفت » نعم في بعض نسخ شرح ابن ميثم في الاول « عجزت » .
( ٢ ) الإرشاد : ٦٧ .
فأتى النبي براية مردودة
الا تخوف عارها فتذمما
فبكى النبي له و انّبه بها
و دعا امرأ حسن البصيرة مقدما
فغدا بها في فيلق و دعا له
ألاّ يصد بها و ألاّ يهزما
فزوى اليهود الى القموص و قد كسا
كبش الكتبية ذا غرار مخذما
و ثنى بناس بعدهم فقراهم
طلس الذئاب و كل نسر قشعما ١
« و لا خنت و لا وهنت » كما خان و وهن غيري ، و في ( السير ) : لما انصرف النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من احد إلى المدينة استقبلته فاطمة عليها السلام و معها إناء فيه ماء فغسل به وجهه و لحقه علي عليه السلام و قد خضب الدم يده إلى كتفه و معه ذو الفقار ،
فناوله فاطمة عليها السلام و قال لها : خذي هذا السيف . فقد صدقني اليوم و أنشأ يقول .
أفاطم هاك السيف غير ذميم فلست برعديد و لا بمليم لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد و طاعة رب بالعباد عليم اميطي دماء القوم عنه فإنّه سقى آل عبد الدار كأس حميم و قال لها النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : « خذيه يا فاطمة فقد أدّى بعلك ما عليه ، و قد قتل اللّه بسيفه صناديد قريش » ٢ ، فإذا كان النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لمّا بعث اللّه تعالى كما قال قبل هذا الكلام ساق الناس حتّى بوّأهم محلّتهم ، و بلّغهم منجاتهم فاستقامت قناتهم ، و اطمأنت صفاتهم ، و كان أمير المؤمنين عليه السلام كما قال هنا معينا له من أوّله إلى آخره ، و المتصدّي لغزواته عليه السلام بلا ضعف و لا جبن و لا خيانة و لا وهن ، كغيره ممّن ادّعى الأمر في قباله كما ستعرف ، فلا بدّ بحكم العقل أن يكون هو خليفته و قائما مقامه ، و من أنكر فقد كابر البداهة ، و من خالف فقد خالف مقتضى العقول .
ــــــــــــــــــ
( ١ ) الارشاد : ٦٨ .
( ٢ ) رواه المفيد في الارشاد : ٤٨ .
و قد صرّحت بذلك سيّدة النساء صلوات اللّه عليها و على أبيها فقالت في خطبتها يوم أبي بكر كما في ( بلاغات أحمد بن أبي طاهر البغدادي ) من رجالهم « فأنقذكم اللّه برسوله بعد اللتيا و الّتي ، و بعد ما مني بهم الرجال ،
و ذؤبان العرب و مردة أهل الكتاب كلّما حشوا نارا للحرب أطفاها ، و نجم قرن للضلال ، و فغرت فاغرة من المشركين قذف بأخيه في لهواتها ، فلا ينكفئ حتّى يطأ صماخها بأخمصه ، و يخمد لهبها بحده ، مكدودا في ذات اللّه ، قريبا من رسول اللّه ، سيّدا في أولياء اللّه ، و أنتم في بلهنية و ادعون آمنون حتّى إذا اختار اللّه لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم دار أنبيائه ، ظهرت خلة النفاق ، و سمل جلباب الدّين ،
و نطق كاظم الغاوين » إلى آخرها ١ .
و روى المصنّف في ( خصائصه ) باسناد مرفوع الى الأعمش عن ابن عطية قال : لمّا خرج عمر الى الشام و كان العباس معه يسايره و كان من يستقبله ينزل . فيبدأ بالعباس ، فيسلّم عليه ، يقدّر الناس أنّه الخليفة ، لجماله و بهائه و هيبته فقال عمر : لعلك تقدّر أنّك أحق بهذا الأمر منّي . فقال له العبّاس :
أحق به منّي و منك من خلّفناه بالمدينة . فقال عمر : من ذلك ، قال : من ضربنا بسيفه حتّى قادنا بالاسلام ، يعني عليّا عليه السلام ٢ .
و روى أبو بكر بن الأنباري في ( أماليه ) و نقله ابن أبي الحديد في موضع آخر أنّ عليا عليه السلام جلس إلى عمر في المسجد ، و عنده ناس . فلمّا قام عرّض واحد بذكره ، و نسبه إلى التيه و العجب . فقال عمر : حق لمثله أن يتيه ،
و اللّه لو لا سيفه لما قام عمود الإسلام ، و هو بعد أقضى الامّة ، و ذو سابقتها و ذو شرفها . فقال له ذلك القائل : فما منعكم عنه . قال : كرهناه على حداثة السن
ــــــــــــــــــ
( ١ ) بلاغات النساء : ٢٤ .
( ٢ ) خصائص الائمة : ٤٨ .
و حبّه بني عبد المطلب ١ .
قلت : لقد أجابه ابن عباس عن حداثة سنّه بأنّ اللّه تعالى ما استحدث سنّه حيث انزل جبرئيل ليأخذ سورة براءة من صاحبه أبي بكر ، و أمّا حبّه بني عبد المطلب ، فهل كان الاّ حبّ أهل بيت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و من قال تعالى فيهم قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى ٢ ؟ كره الرجل منه عليه السلام حبّه لبني عبد المطلب أقارب النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أحبّائه . فلم يدع الأمر يصل إليه ، و لم يكره من عثمان تهالكه و تفدية نفسه لبني امية أعداء النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أعداء الإسلام فدبّر الأمر له ، و الحكم اللّه تعالى .
و روى محمّد بن بابويه في ( خصاله ) عن محمّد بن الحنفية ، أنّ رأس اليهود أتى إلى أمير المؤمنين عليه السلام عند منصرفه من وقعة النهروان ، و هو جالس في مسجد الكوفة فقال له : إنّي اريد أن أسألك عن أشياء لا يعلمها إلاّ نبيّ أو وصي نبيّ . قال : سل عمّا بدا لك يا أخا اليهود . قال : إنّا نجد في الكتب أنّ اللّه عزّ و جلّ إذا بعث نبيّا أوحى إليه أن يتّخذ من أهل بيته من يقوم بأمر امّته من بعده ، و أن يعهد إليهم فيه عهدا يحتذى به و يعمل به في امته من بعده ، و أنّ اللّه عزّ و جلّ يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء ، و يمتحنهم بعد وفاتهم إلى أن قال فقال له علي عليه السلام : إنّ اللّه تعالى يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن ليبتلي طاعتهم . فإذا رضي طاعتهم و محنتهم أمر الأنبياء أن يتّخذوهم أولياء في حياتهم ، و أوصياء بعد وفاتهم إلى أن قال قال الرجل : صدقت . فأخبرني كم امتحنك اللّه في حياة محمّد ، و كم
ــــــــــــــــــ
( ١ ) رواه عنه ابن أبي الحديد في شرحه ٣ : ١١٥ شرح الخطبة ٢٢٦ .
( ٢ ) الشورى : ٢٣ .
امتحنك بعد وفاته ، و إلى ما يصير آخر أمرك ؟ فأخذ علي عليه السلام بيده و قال :
انهض انبّئك . فقام إليه جماعة من أصحابه . فقالوا : أنبئنا بذلك معه . فقال : انّي أخاف ألاّ تحتمله قلوبكم . قالوا : و لم ؟ قال : لامور بدت من كثير منكم . فقام إليه الأشتر فقال له : أنبئنا بذلك فو اللّه إنّا لنعلم أنّه ما على ظهر الأرض وصي نبي سواك ، و إنّا لنعلم أنّ اللّه تعالى لا يبعث بعد نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نبيّا ، و أنّ طاعتك موصولة بطاعة نبيّنا . قال : فجلس علي عليه السلام و أقبل على اليهودي و قال له : إنّ اللّه عزّ و جلّ امتحنني في حياة نبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في سبعة مواطن فوجدني فيهن من غير تزكية لنفسي ، بنعمة اللّه مطيعا . قال : فيم و فيم .
قال : أما أوّلهن : فانّ اللّه عزّ و جلّ أوحى إلى نبيّنا و أنا أحدث أهل بيته سنّا أخدمه في بيته ، و أسعى في قضاء حوائجه بين يديه في أمره ، فدعا صغير بني عبد المطّلب و كبيرهم إلى شهادة ألا إله إلاّ اللّه ، و أنّه رسوله فامتنعوا من ذلك ، و أنكروا عليه و هجروه ، و نابذوه ، و اعتزلوه ، و اجتنبوه ، و سائر الناس مقصين له ، و مخالفين عليه ، قد استعظموا ما أورده عليهم ممّا لم تحتمله قلوبهم ، و تدركه عقولهم . فأجبته وحدي مسرعا إلى ما دعا إليه مطيعا موقنا لم يخالجني شك في ذلك ، فمكثنا بذلك ثلاث حجج ، و ما على وجه الأرض خلق يصلي أو يشهد له بما أتاه غيري و غير ابنة خويلد رحمها اللّه و قد فعل .
ثم أقبل على أصحابه فقال : أليس كذلك ؟ قالوا : بلى يا أمير المؤمنين .
فقال : و أمّا الثانية : فإنّ قريشا لم تزل تجيل الآراء ، و تعمل الحيل في قتل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتّى كان آخر ما اجتمعت في ذلك يوم الدار ، ( دار الندوة ) و ابليس اللعين حاضر في صورة أعور ثقيف ، فلم تزل تضرب أمرها ظهرا لبطن حتّى اجتمعت آراؤها على أن ينتدب من كلّ فخذ من قريش رجل ثمّ يأخذ كلّ رجل منهم سيفه ثمّ يأتي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو نائم على فراشه .
فيضربونه بأسيافهم ضربة رجل واحد فيقتلوه ، و اذا قتلوه منعت قريش رجالها ، و لم تسلمها فيمضى دمه هدرا . فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأنبأه بذلك ، و أخبره بالليلة الّتي يجتمعون فيها و الساعة الّتي يأتون فراشه ، و أمره بالخروج في الوقت الّذي خرج فيه إلى الغار . فاخبرني النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالخبر و أمرني أن اضطجع في مضجعه و أقيه بنفسي . فأسرعت إلى ذلك مطيعا له مسرورا بأن أقتل دونه ، فمضى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لوجهه و اضطجعت في مضجعه ، و أقبلت رجالات قريش موقنة في أنفسها أن تقتل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، فلما استوى بي و بهم البيت الّذي أنا فيه ناهضتهم بسيفي ،
فدفعتهم عن نفسي بما قد علمه اللّه .
ثم أقبل عليه السلام على أصحابه فقال : أليس كذلك ؟ قالوا : بلى .
فقال عليه السلام : و أمّا الثالثة يا أخا اليهود ، فإنّ ابني ربيعة و الوليد بن عتبة ،
و كانوا فرسان قريش دعوا إلى البراز يوم بدر فلم يبرز لهم خلق من قريش .
فأنهضني مع صاحبيّ رضي اللّه عنهما و قد فعل ، و أنا أحدث أصحابي سنّا و أقلهم للحرب تجربة فقتل اللّه عزّ و جلّ بيدي وليدا و شيبة سوى من قتلت من حجاحجة قريش في ذلك اليوم ، و سوى من أسرت ، و كان منّي أكثر ممّا كان من أصحابي ، و استشهد ابن عمي في ذلك رحمة اللّه عليه .
ثم التفت إلى أصحابه فقال : أليس كذلك ؟ قالوا : بلى .
فقال : و أمّا الرابعة ، فإنّ أهل مكة أقبلوا إلينا على بكرة أبيهم قد استجابوا من يليهم من قبائل العرب طالبين بثار مشركي قريش في يوم بدر .
فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأنبأه بذلك . فذهب النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عسكر بأصحابه في سدّ احد ، و أقبل المشركون إلينا فحملوا علينا حملة رجل واحد ،
و استشهد من المسلمين من استشهد ، و كان من بقي ، من المنهزمة ، و بقيت مع
النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، و مضى المهاجرون و الأنصار إلى المدينة كلّ يقول : قتل النّبيّ و قتل أصحابه . ثم ضرب اللّه عزّ و جلّ وجوه المشركين ، و قد جرحت بين يدي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نيّفا و سبعين جرحة ، منها هذه و هذه ، ثم ألقى عليه السلام رداءه و أمرّ يده على جراحاته ، و كان منّي في ذلك ما على اللّه عزّ و جلّ ثوابه ، ثم التفت الى أصحابه ، فقال : اليس كذلك ؟ قالوا : بلى .
فقال : و اما الخامسة يا أخا اليهود ، فان قريشا و العرب تجمعت و عقدت عقدا و ميثاقا لا ترجع من وجهها حتّى تقتل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و تقتلنا معاشر بني عبد المطلب معه ، ثم أقبلت بحدّها و حديدها حتّى أناخت علينا بالمدينة واثقة بأنفسها في ما توجّهت له ، فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأنبأه بذلك فخندق على نفسه و من معه من المهاجرين و الأنصار ، فقدمت قريش فأقامت على الخندق ، محاصرة لنا ، ترى في أنفسها القوّة و فينا الضعف ترعد و تبرق ،
و النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يدعوها إلى اللّه تعالى و يناشدها بالقرابة و الرحم فتأبى ، و لا يزيدها ذلك إلاّ عتوّا ، و فارسها و فارس العرب يومئذ عمرو بن عبد ود يهدر كالبعير المغتلم ، يدعو إلى البراز ، و يرتجز ، و يخطر برمحه مرة ، و بسيفه مرة ،
لا يقدم عليه مقدم و لا يطمع فيه طامع ، و لا حميّة تهيجه ، و لا بصيرة تشجّعه ،
فأنهضني إليه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عمّمني بيده و أعطاني سيفه هذا و ضرب بيده إلى ذي الفقار و عمّمني فخرجت إليه ، و نساء أهل المدينة توالي إشفاقا علي من ابن عبد ود فقتله اللّه عزّ و جلّ بيدي ، و العرب لا تعدّ لها فارسا غيره ،
و ضربني هذه الضربة و أومأ بيده إلى هامته فهزم اللّه قريشا و العرب بذلك و بما كان مني فيهم من النكاية . ثم التفت عليه السلام إلى أصحابه فقال : أليس كذلك ؟
قالوا : بلى .
فقال : و أمّا السادسة يا أخا اليهود ، فإنّا وردنا مع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مدينة
احمد بن ادريس عن محمد بن أحمد بن يحيى عن علي بن السندي عن الطفاوي به(١) .
٧٦ - الحسين بن يزيد بن محمد بن عبدالملك النوفلي(٢)
نوفل النخع مولاهم(٣) ،
____________________
(١) فيه كلام بأحمد بن محمد بن يحيى وإبن شاذان من مشايخ النجاشي وعلي بن السندي.وفي الفهرست ٥٣ / ١٨٥: الحسن بن راشد، له كتاب أخبرنا به أحمد بن أبي جيد عن أبن الوليد عن الصفار عن علي بن السندي عن الحسن بن راشد.قلت: الطريق صحيح بناءا على وثاقة إبن أبي جيد من مشايخ النجاشي، وعلي بن السندي، فلم يثبت وثاقته إلا بأمور لا تخلو عن النظر ولعله يأتي بعض الكلام فيه في علي بن اسماعيل الميثمي.
(٢) وفي رجال إبن داود: الحسين بن يزد بن عبدالملك النوفلي وسيأتي ما يؤيده.
(٣) ولعله كان نخعيا بالولاء لبني الذين نزلوا الكوفة ووفدوا على رسول اللهصلىاللهعليهوآله وهم آخر الوفود في مأتي رجل سنة أحد عشرة وهم من القحطانية وبنو نوفل من القحطانية مساكنهم بغوطة دمشق وبنو نوفل بطن من بني عبد مناف من قريش من العدنانية فقد سكن عقب نوفل بن الحارث منهم المدينة والبصرة وبغداد. لاحظ لسان العرب، ونهاية الارب ومعجم قبائل العرب والجمهرة وغير ذلك من كتب أنساب العرب فلعلك تجد أكثر مما وقفنا عليه من ذلك.ثم إن كان النوفلي هذا من ولد نوفل بن الحارث فقد كان صحابيا ولد له على عهد رسول اللهصلىاللهعليهوآله ابنه عبدالله وأسر ببدر وأفدى نفسه برماحه التي بجده وأسلم، وكان أسن من أسلم من بني هاشم واخى رسول اللهصلىاللهعليهوآله بينه وبين العباس، وشهد معهصلىاللهعليهوآله فتح مكة، وحنين، والطائف، ذكروه في كتب طبقات الصحابة وغيرها كما في طبقات ابن سعد ج ٤ / ٤٤ وأسد الغابة ج ٥ / ٤٦. ويأتي في الحسين بن بسطام عن الشريف أبي الحسين صالح بن الحسين النوفلي عن أبيه عنه. وكان المغيرة بن نوفل من أصحاب عليعليهالسلام ذكره الشيخ في أصحابه وبقي بعده وكان مع الحسين بن عليعليهماالسلام فأصابه مرض في الطريق، فعزم عليه الحسينعليهالسلام أن يرجع فرجع فلما بلغه قتله رثاه. ذكره مع رثائه المرزباني في معجم الشعراء ج ٢ / ٢٧٢. وكان عبدالملك بن المغيرة بن نوفل أبومحمد النوفلي المدني من رواة الحديث ذكره في تهذيب التهذيب ج ٦ / ٤٢٥ وذكر أنه: روى عن عليعليهالسلام وجماعة، وروى عنه إبناه نوفل، ويزيد وجماعة وعن ابن معين والنسائي وابن حبان توثيقه. وكان يزيد بن عبدالملك النوفلي من رواة الحديث ضعفه العامة بروايات له في فضل عليعليهالسلام منها حديث رد الشمس وعدوه من المناكير.مات سنة خمس وستين ومائة ذكره في تهذيب التهذيب ج ٦ (ص ٦٢٥). (*)
(*)
أبوعبدالله(١) ، كان شاعرا أديبا وسكن الري ومات بها.وقال قوم من القميين: انه غلا في آخر عمره والله أعلم، وما رأينا له رواية تدل على هذا(٢) .
____________________
(١) وكني ايضا بأبي محمد كما في التهذيب ج ٣ / ٢٥٣.وفي لسان الميزان ج ٢ / ٣١٧: الحسين بن يزيد روى عن جعفر الصادقعليهالسلام وله حديث في الدار قطني. وعد البرقي (ص ٥٤) والشيخ (ص ٣٧٣) الحسين بن يزيد النوفلي النخعي من أصحاب الرضاعليهالسلام .
(٢) قال المحقق (ره) في نكت النهاية في باب المضاربة / ٢٩ في جواب إشكال: هذه رواية النوفلي عن السكوني وهما عاميان لايعمل بما ينفردان به. قلت: تفرد المحقق (ره) في تضعيفه بذلك في هذا الموضع وإلا فقد طعن فيما اذا طعن في رواية السكوني بكون السكوني عاميا ولم يتعرض للنوفلي أصلا، ولذا عد عدم الطعن في النوفلي فيما رواه عن السكوني مع إختصاصه به دليلا على أنه غير مطعون بوجه وإلا وجهه الاصحاب إلى النوفلي أيضا. بل توثيق المحقق (ره) للسكوني في باب النفاس معتذرا عن وجه العمل بروايته، مع ان في طريق هذه الرواية: النوفلي، يدل على كونه أيضا ثقة.توثيقه: لم اقف على التوثيق أو مدح للحسين بن يزيد النوفلي إلا ما ذكره الفخر في الايضاح ج ١ ص ٤٠٣ حيث عد رواية ابراهيم بن هاشم عن النوفلي عن السكوني في ثمن الميتة من الموثق، فيدل على توثيقه لهؤلاء جميعا، وما في المعتبر في النفاس ص ٦٧ من لاعتماد على رواية السكوني مصرحا: بانه عامي لكنه ثقة. حيث دل دفع توقهم ضعفها بذلك مع أن في طريقها النوفلي على أنه ثقة، إذ لو كان النوفلي غير ثقة كانت الرواية ضعيفة وان كان السكوني ثقة. وربما يؤيد وثاقة النوفلي بتصحيح طريق هو فيه، وبرواية الاجلة عنه مثل العباس بن معروف، والحسن بن علي الكوفي، وعلي بن ابراهيم بن هاشم عن ابيه عنه كثيرا، ومحمد ابن أحمد بن يحيى بل رواية الثاني عنه في تفسيره ربما تشير إلى وثاقته على ما تقدم الكلام فيمن روى عنه في التفسير كما ان عدم إستثناء رواية الثالث عنه تعد إمارة عليها على كلام في ذلك ذكرناه في محله. وقد روى إبن قولويه عن النوفلي في كامل الزيارات ص ٩٨. (*)
له كتاب التقية، أخبرنا إبن شاذان عن احمد بن محمد بن يحيى قال حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري قال حدثنا إبراهيم بن هاشم عن الحسين بن يزيد النوفلي به، وله كتاب السنة(١) .
____________________
(١) فيه كلام تارة بابن شاذان من مشايخه، وأخرى بأحمد بن محمد بن يحيى فلم يوثق صريحا وإنما استفيد من أمور لا تخلو عن النظر كما تقدم ويأتي ايضا. وفي الفهرست (ص ٥٩): الحسين بن يزيد النوفلي له كتاب اخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن ابن بطة عن احمد بن أبي عبدالله.قلت: طريقه ضعيف بابي المفضل وبابن بطة كما يأتي في ترجمتهما نعم للشيخ طريق صحيحة إليه في الموارد المتفرقة من كتابيه. (*)
٧٧ - الحسين بن أبي سعيد هاشم ابن حيان المكاري أبوعبدالله(١)
كان (هو - خ ن)،
____________________
(١) وفي رجال إبن داود (ص ٤٤٣): وفي نسخة: الحسن. وفي الخلاصة (ص ٢١٤) الحسن بن أبي سعيد. وقد ذكره غير واحد من المتأخرين في الحسن والحسن معا وجعل لكل مميزا، ووثق كلا منهما.وذكر في المتن العنوان: الحسين ولكن قال: الحسن ثقة في حديثه. والنسخ الموجودة عندنا، وعند صاحب المجمع، وغيره هكذا إلا أن اشتباه الناسخ عن خط النجاشي مع عدم تميزه هو الاظهر.والمذكور في مواضع من رجال الكشي: إبن أبي سعيد المكاري، لكن الموجود في عيون أخبار الرضاعليهالسلام ج ٢ / ٢١٣ في حديث دخول جماعة من الواقفة على الرضاعليهالسلام واحتجاجه (ع) معهم: الحسن بن أبى سعيد المكاري، وفي أصول الكافي باب دعوات موجزة ج ٢ / ٥٨٤ وفي كتاب الزكاة من فروعه باب معرفة الجود والسخاءج ١ / ١٧٣: الحسين بن أبي سعيد المكاري وج ٢ / ١٣٨ عن بعض أصحابنا عن إبن أبي سعيد المكاري عن الرضاعليهالسلام وفي أصوله باب النص على أمير المؤمنينعليهالسلام ج ١ / ٢٩٦ عن علي عن أبي حمزة عن إبن أبي سعيد عن أبان بن تغلب وفي مواضع منه ومواضع من التهذيب: الحسين بن هاشم. ثم إنه ليس تكنية النجاشي له بأبى عبدالله إمارة كونه الحسين بدعوى ان المسمين بالحسن مكنون بأبي محمد والمسلمين بالحسين مكنون بأبي عبدالله بقرينة عدم ندرة ذلك، إذ هي غير تامة وناشئة عن قلة التأمل في كنيتهما فلا حظ وأذعن. (*)
وأبوه وجهين في الواقفة(١) . وكان الحسن ثقة في حديثه(٢) .
____________________
(١) يأتي ترجمته مستقلا وكذا ما يدل على وقفه
(٢) ان صح كونه من رؤساء الواقفة، وأيضا ما ورد فيه من الذموم فكيف يكون ثقة في حديثه إذ ليس حالهم كسائر الواقفة والفطحية وغيرهم ممن كان مخطئا في الاعتقاد، ثقة في حديثه. قال الشيخ في كتاب الغيبة في إبطال مذهبهم بعد ذكر الاخبار الواردة في سبب القول بالوقف من الطمع في الدنيا (ص ٤٦): فكيف يوثق بروايات هؤلاء القوم وهذه أقوالهم واقوال السلف الصالح فيهم. وفي (ص ٤٤) قال: واذا كان أصل هذا المذهب أمثال هؤلاء كيف يوثق برواياتهم أو يعول عليها. وقد عدرحمهالله (ص ٣٦) من هولاء: البطائني، وعثمان إبن عيسى، والقندي، وإبن المكاري وغيرهم. وقال في (ص ٤٢): فروى الثقات ان أول من أظهر هذا الاعتقاد: علي بن أبى حمزة البطائني، وزياد بن مروان القندي، وعثمان بن عيسى الرواسي طمعوا في الدنيا ومالوا إلى حطامها، واستمالوا قوا، فبذلوا لهم شيئا مما إختانوه من الاموال نحو حمزة بن بزيع، وإبن المكاري، وكرام الخثعمي وأمثالهم. قلت: ولم يؤيد وثاقته في الحديث برواية الاجلة عنه، إلا أن يقال ان المراد بابن المكاري في هذه الذموم هو أبوه: هاشم بن حيان ويأتي الكلام فيه انشاء الله. (*)
ذكره أبوعمرو الكشي في جملة الواقفة(١) وذكر فيه ذموما وليس هذا موضع ذكر ذلك(٢) .
____________________
(١) ذكره ص ٢٩٠ وقال: حدثني حمدويه قال حدثنا الحسن بن موسى قال كان إبن أبي المكاري واقفيا.
(٢) منها ما رواه ص ٢٩٠ عن حمدويه عن الحسن بن موسى قال رواه علي بن عمر الزيات عن إبن أبي سعيد المكاري قال دخل على الرضاعليهالسلام فقال له: فتحت بابك للناس وقعدت للناس تفتيهم ولم يكن أبوك يفعل هذا قال: ليس علي من هارون بأس، فقال له أطفئ الله نور قلبك وأدخل الفقر بيتك ويلك أما علمت الحديث. ورواه بعده بسند آخر عن بعض أصحابنا قال: دخل إبن المكاري على الرضاعليهالسلام وذكر نحوه. ورواه الكليني في النوادر من كتاب عتق الكافي ج ٢ / ١٣٨ والشيخ في التهذيب ج ٨ / ٢٣١. وفي دخوله على الرضاعليهالسلام واحتجاجه عليه روايات أوردناها في كتابنا في أخبار الرواة. ومنها قول أبي الحسن الرضاعليهالسلام له: ما اخالك تقبل منى ولست من غنمي. وذلك لما أراد أن يسأله عن مسألة كما في الحديث المتقدم وأيضا في التهذيب ج ٨ / ٣١٨.ومنها ما رواه الكشي (ص ٢٥٥) عن علي بن محمد عن محمد ابن أحمد عن أبي عبدالله الرازي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن محمد بن الفضل عن أبي الحسنعليهالسلام قال: قلت جعلت فداك اني خلفت ابن أبي حمزة، وإبن مهران، وإبن أبي سعيد ح المكاري أشد أهل الدنيا عداوة لك فقالعليهالسلام لي: ما ضرك من ضل إذا إهتديت إنهم كذبوا رسول اللهصلىاللهعليهوآله وكذبوا أمير المؤمنينعليهالسلام وكذبوا فلانا وفلانا وكذبوا جعفرا وموسى ولي بآبائيعليهمالسلام اسوة.
الحديث. ومنها نزول الفقر بابن أبي سعيد المكاري ونزول بلاء عظيم ما الله به عليم. ومات ولم عنده مبيت ليلة كما في خبر الكشي ص ٢٩٠ والكافي ج ٢ / ١٣٨، والتهذيب ج ٨ / ٢٣١. هذا ولكن ذكرنا في الشرح على الكشي قصور هذه الروايات الواردة في ذمه سندا، بل ودلالة على ضعفه في الحديث فانها واردة في ذمه مذهبا. وروى الراوندي في الخرائج في معجزات أبي جعفر الجوادعليهالسلام (ص ٢٠٨) عن إبن أورمه عن الحسين المكاري قال: دخلت على أبي جعفرعليهالسلام ببغداد وهو على ما كان من أمره فقلت في نفسى. هذا الرجل لا يرجع إلى موطنه أبدا وأنا أعرف مطعمه قال: فأطرق رأسهعليهالسلام ثم رفعه وقد اصفر لونه فقال: يا حسين خبز الشعير وملح جريش في حرم جدى رسول اللهصلىاللهعليهوآله أحب إلي مما تراني فيه. (*)
له كتاب نوادر كبير أخبرنا أحمد بن عبدالواحد قال حدثنا علي ابن حبشي عن حميد قال حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة به(١) .
٧٨ - الحسين بن بسطام
وقال أبوعبدالله عياش: هو الحسين بن بسطام بن سابور الزيات(٢) .
____________________
(١) فيه كلام بابن حبشي فلم يوثق إلا أنه من مشايخ التلعكبري وبابن عبدالواحد فهو من مشايخ النجاشى وتقدم لكلام في توثيقهم.
(٢) كما في لسان الميزان ج ٢ / ٢٧٥. وفيما يأتي في ترجمة أخيه. (*)
له، ولاخيه أبى عتاب(١) كتاب جمعاه في الطب كثير الفوائد والمنافع على طريق الطب في الاطعمة ومنافعها والرقي والعوذ. قال إبن عياش(٢) أخبرناه الشريف أبوالحسين صالح بن الحسين النوفلي(٣) قال حدثنا أبى قال حدثنا أبوعتاب، والحسين جميعا به.
____________________
(١) هو: عبدالله بن بسطام الاتي رجمته وذكر كتابهما في بابه. قال في الخلاصة (ص ٢٩) بسطام بن سابور الزيات أبوالحسين الواسطي مولى الخ. وروى في الوسائل والمستدرك عن كتابهما.
(٢) هو أحمد بن محمد بن عبيد الله بن الحسن بن عياش بن إبراهيم أبوعبدالله الجوهرى الاتي ترجمته وفيها قول الماتنرحمهالله : رأيت هذا الشيخ وكان صديقالي ولوالدي سمعت منه شيئا كثيرا ورأيت شيوخنا يضعفونه فلم أرو عنه شيئا وتجنبته الخ. قلت: ولذا ترى النجاشي لايروى عنه في هذا الكتاب بقوله: أخبرنا او حدثنا ونحو ذلك بل يقول عند حكاية أمر او ترجمة او رواية كتاب عنه: قال إبن عياش كما في ترجمة الحسن بن محمد، وبكر إبن أحمد، وعبيد بن كثير، ورومي بن زرارة وغيرهم، وهكذا فيما يحكيه عن بعض مشايخه الذي ورد فيه طعن وذلك إحتياطا منهرحمهالله في الحديث والرواية، أو عولا منه على ما وجده في كتاب هؤلاء المطعونين من مشايخه
٧٩ - الحسن بن علي بن زياد الوشابجلي
كوفي(١) قال أبوعمرو(٢) : ويكنى بأبي محمد(٣)
____________________
(١) كما في فضد الايضاح بهامش لسان الميزان ٢ / ٣٣٥ وفي الفهرست (ص ٥٤): الحسن بن علي بن زياد الوشا الكوفي. ولكن قال الشيخ عند ذكره في أصحاب الرضاعليهالسلام (ص ٣٧١): يكني أبا محمد، وكان يدعى انه عربي كوفي، له كتاب. قلت: هذا يشعر بنوع تأمل منهرحمهالله في كونه كوفيا. وفي عيون الاخبار ج ٢ / ٢٢٩ في حديث حضوره مع جماعة وإستئذانهم للدخول على أبي الحسن الرضاعليهالسلام مع ما جمعه من المسائل في كتاب ليختبره بها: فنادى أيكم الحسن بن علي بن بنت إلياس البغدادي؟ فقمت إليه فقلت أنا الحسن بن علي الحديث. وستأتي الاشارة إلى ما ورد فيه.وكان منزلة واهله بالكوفة كما يدل عليه ما في قرب الاسناد (ص ١٤١).
(٢) لم يذكر أبوعمرو الكشيرحمهالله له ترجمة مستقلة. ولم أحضر ذكره اياه إلا في يونس بن بيان(٢٣٢)، وفى أبي بكر الحضرمي(٢٦٢) وليس في المقامين إلا ذكر اسمه فقط بلا تكنية.ولا يبعد كون قول النجاشي: قال أبوعمرو. مصحف: قاله أبوعمرو. ثم إن في تعليقهرحمهالله كونه بجليا كوفيا على أبي عمرو الكشي إيماء بعدم الجزم به كما تقدم عن الشيخ إلا أنه لم اجد ذلك أيضا في رجال الكشي فلا حظ.
(٣) كما في أصحاب الرضاعليهالسلام من رجال الشيخ(٣٧١) وفي نضد الايضاح بهامش لسان الميزان ج ٢/ ٣٣٥ وفي رجال البرقي(٥١) وفي يب ج ٩ / ٢٣٥. (*)
الوشاء(١) وهو إبن بنت إلياس الصيرفي(٢) خزاز(٣) من أصحاب الرضاعليهالسلام (٤) ،
____________________
(١) قال الشيخ في أصحاب الرضاعليهالسلام (٣٧١): ويعرف بالوشا وفي أصحاب الهادي (ع)(٤١٢) الحسن بن علي الوشا. وفي الكشي في يونس بن ظبيان(٢٣٢): الحسن بن علي بن الوشا إبن بنت إلياس
(٢) وفى نضد الايضاح: وهو المدعو بابن بنت إلياس الصيرفى وفي الفهرست: ويقال له إبن بنت إلياس: وفي رجال الشيخ(٣٧١): وهو إبن بنت إلياس (الصيرفي - خ). ويأتي في ترجمة إلياس قوله: وهو جد الحسن بن علي بن بنت إلياس وفي مشيخة الصدوق: المعروف بابن بنت إلياس.وفى ترجمة رقيم بن إلياس: وهو خال الحسن إبن علي بن بنت الياس. (٣) وفى النسخة المطبوعة: الخزاز، خير، من الخ. وفي أصحاب الرضا (ع) من رجال البرقي والشيخ: الخزاز. وفي الفهرست الوشاء الكوفي، ويقال له: الخزاز، وفي لسان الميزان ج ٢ / ٢٣٥: الوشاء الكوفي الخزاز. وفي التهذيب ج ٤ / ١٤٩. الحسن بن علي بن زياد، وهو الوشاء الخزاز، وهو ابن بنت إلياس. وفي كثير من رواياته: الوشاء. ثم ان كون الحسن بن علي خزازا يبيع الخز، وثيابه، أو الثياب المغشوشة بالخز والابريسم، وايضا وشاءا: بايع الثياب الملونة والمنقشة لا محذور فيه فلا يكون قرينة على التعدد باختلاف الالقاب فلا حظ كما سيأتي.
(٤) طبقته - روى عن أبى عبداللهعليهالسلام كما في التهذيب ج ٢ = ٢٠٩ خبر / ٨٢٠ وروى بواسطة جماعة من أصحابه عنه (ع).مثل جده إلياس كما يأتي، ومحمد بن حمران، واحمد بن محمد، والحسين بن المختار القلانسي، وحماد بن عثمان، وجميل بن دراج وعبدالله بن سنان فقد روى عنه كثيرا، وبشر بن طرخان النخاس الكوفي، وداود بن سرحان وغيرهم. فقد أدركرحمهالله تسعمائة شيخ من أصحاب الصادقعليهالسلام وسمع منهم في جامع الكوفة. وذكره البرقي في أصحاب الكاظمعليهالسلام (٥١) قال: ابومحمد الحسن بن علي بن زياد ابن بنت إلياس. وروى عنه (ع) كما في قرب الاسناد ج ١ / ١٤١. ورأى جعفر بن علي بن السري بعد ما أصابه الخبل بدعاء أبي الحسن موسىعليهالسلام كما في التهذيب. ج ٩ ص ٢٣٥. وذكره الشيخ في اصحاب الرضاعليهالسلام (٣٧١) قال: الحسن بن علي الخزاز، ويعرف بالوشاء وهو إبن بنت إلياس يكنى أبا محمد، وكان يدعي انه عربي كوفي له كتاب. وقال البرقي في اصحاب الرضاعليهالسلام ومن نشأ في عصره(٥٥): الحسن بن علي الخزاز. قلت: ذكر البرقي اياه في أصحاب الكاظم تارة، وفى أصحاب الرضا ومن نشأ في عصره أخرى مع اختلاف يسير كما عرفت ربما يوهم التعدد وليس كذلك، فقد جمع غير واحد بين الوشاء وبين الخزاز وبين إنه بنت إلياس كما عرفت فلا وجه لاحتمال التعدد. وفى التهذيب ج ٤ / ١٤٩ خبر ٤١٧: أبوالعباس أحمد بن محمد إبن سعيد عن عقدة الحافظ الهمداني عن أبي جعفر محمد بن المفضل بن إبراهيم الاشعري قال: حدثنا الحسن بن علي بن زياد وهو الوشا الخزاز، وهو إبن بنت إلياس، وكان وقف ثمرجع فقطع، عن عبدالكريم بن عمر الخثعمي الخ.وأما ذكر البرقي إياه في أصحاب الرضا (ع) ومن نشأ في عصره فلا يكون دليلا في قبال ما عرفت ولا يكون كل من ذكره هناك ممن نشأ في عصره فلا حظ. وروى جماعة عن الحسن بن علي الوشا عن أبي الحسن الرضا (ع) منهم أحمد بن محمدبن عيسى فروى عنه عنه (ع) كثيرا جدا، ومعاوية ابن حكيم، ومحمد بن المفضل بن إبراهيم أبوجعفر الاشعري، وعبدالله ابن الصلت، وعلي بن محمد، وعبدالله بن إبراهيم الاحمر، ومعلى بن محمد، وأبوالخير صالح بن أبي حماد، والحسين بن سعيد، وعبدالله إبن محمد بن خالد، ويعقوب بن يزيد، وسهل بن زياد، وعبدالله بن موسى، ذكرناهم مع ذكر مواضع رواياتهم عنه عن الرضا (ع) في طبقات أصحابه (ع). ولم أقف على من ذكره في أصحاب أبي جعفر الجواد (ع)، ولا على روايته عنه (ع) فيما أحضره نعم ذكره الشيخ في أصحاب الهادي (ع)(٤١٢) قال: الحسن بن علي الوشا. ولم أحضر روايته عنهعليهالسلام ايضا. (*)
وكان من وجوه هذه الطائفة(١) .
____________________
(١) ويأتي أيضا قول الماتن: " وكان هذا الشيخ عينا من عيون هذه الطائفة ". ولعل الاصحاب إنما لم يصرحوا بتوثيقه إستغناءا فليس كل ثقة عينا ووجها من عيون هذه الطائفة ووجوهها إذ لم يكن وجها وعينا لدنياه أو لرئاسته، بل كان لعلمه وورعه وثقته وقد صرح بعض أصحابنا بأن المدح بمثل ذلك إنما يكون فيمن يستغنى عن توثيقه لشهرته ووضوح حاله.ويشير إلى ذلك إكثار الثقات الاجلة الرواية عنه مثل أحمد بن محمد بن عيسى، ويعقوب بن يزيد، وأيوب بن نوح، ومحمد بن عيسى وعبدالله بن الصلت، ومحمد بن يحيى الخزاز، وعلي بن الحسن بن فضال والحسين بن سعيد ونظرائهم وهو، من رواة كامل الزيارات، وتفسير علي بن إبراهيم، ويشير إلى مكانته عناية أبي الحسن الرضا (ع) له في بعث الرسول اليه إكتابه بما ينتهي إلى معرفته وهدايته كما سيأتي. واما مذهبه فهو وإن وقف أياما لشبهة إلا انه لما سافر إلى خراسان في تجارة في أيام مجيئ أبي الحسن الرضا (ع) اليه فقد نور الله قلبه كما صرح هوبذلك وذلك بابتداء الاحسان من الرضا (ع) إليه حيث بعث رسوله مع رقعة إليه عند قدومه إلى مرو، ونزوله في بعض منازلها يطلب منه حبرة من ثياب الوشى يصفها من موضع كذا وكذا ومن ضرب كذا، فتعجب الحسن بن علي الوشا ثم قال: ومن أخبر أبا الحسن (ع) بقدومي وأنا قدمت أنفا، وما عندي ثوب وشي. وفي رواية: فقلت: ما معي منها شئ. وفي رواية: فكتبت إليه (ع)، وقلت للرسول: ليس عندي ثوب بهذه الصفة، وما أعرف هذا الضرب من الثياب، فأعاد الرسول إلي وقال فاطلبه فأعدت إليه الرسول وقلت: ليس عندي من هذا الضرب شئ فأعاد إلي الرسول: أطلبه فانه عندك منه. وفي رواية: فقال: يقول لك: بلى هو في موضع كذا وكذا ورزمته كذا وكذا، فطلبته حيث قال: فوجدته في أسفل الرزمة. وفي الرواية: وكان معي ثوب وشي في بعض الرزم، ولم أشعر به ولم أعرف مكانه.وفي رواية: وقد كان أبضع مني رجل ثوبا منها، وأمرني ببيعه وكنت قد نسيته، فطلبت كل شئ كان معي، فوجدته في سفط (أي موضع الثياب) تحت الثياب كلها. فبعث به إليه (ع) وكتب إليه كتابا وذكر ان عنده مسائل يريد أن يسأله عنها، فخرج إليه جواب تلك المسائل التي أراد أن يسألها ولم يظهرها بعد، وعند ذلك هداه الله ثم أراد أن يفتش عن أمره (ع) ويختبره كي يثبت على ولايته ويقطع عليه بما جمعه من المسائل في كتاب. وروى الصدوق في العيون ج ٢ / ٢٢٨ في الصحيح عنه قال كنت كتبت معي مسائل كثيرة قبل أن أقطع على أبي الحسن (ع) وجمعتها في كتاب مما روى عن آبائهعليهمالسلام وغير ذلك، وأحببت أن أثبت في أمره واختبره، فحملت الكتاب في كمي، وصرت إلى منزله وأردت أن أخذ منه خلوة فأنا وله الكتاب، فجلست ناحية، وأنا متفكر في طلب الاذن عليه وبالباب جماعة جلوس يتحدثون، فبينا أنا ذلك في الفكرة في الاحتيال للدخول عليه - إذ أنا بغلام قد خرج من الدار في يده كتاب، فنادى: أيكم الحسن بن علي الوشا ابن بنت إلياس البغدادي، فقمت إليه، فقلت: أنا الحسن بن علي، فما حاجتك؟ فقال: هذا الكتاب أمرت بدفعه إليك، فهاك خذه، فأخذته، وتنحيت ناحية، فقرأته، فاذا والله فيه جواب مسألة مسألة، فعند ذلك قطعت عليه وتركت الوقف. قلت: وقد نور الله قلبه بالايمان ورزقه من ولاية أبي الحسن الرضا (ع) حتى دعا الواقفة إلى معرفته وولايته (ع). وقد أخرجنا ما ورد في كيفية معرفته وسببها وما وقع بعد ذلك في كتابنا في أخبار الرواة. وإن شئت فلا حظ أصول الكافي ج ١ / ٣٥٤ وعيون الاخبار ج ٢ / ٢٢٩ والخرائج في الدلالات على الائمة(٢٤٥) وكتاب الغيبة للطوسي(٥٢) في أخبار الواقفة وغير ذلك. (*)
روى عن جده إلياس(١) قال: لما حضرته الوفاة قال لنا: إشهدوا علي وليست ساعة الكذب هذه الساعة: لسمعت أبا عبدالله (ع) يقول: (والله لايموت عبد يحب الله والرسول ويتولى الائمةعليهمالسلام فتمسه النار) ثم أعاد الثانية والثالثة من غير أن أسأله. أخبرنا بذلك: علي بن أحمد عن ابن الوليد عن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الوشا. أخبرني ابن شاذان قال حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى عن سعد عن أحمد بن محمد بن عيسى قال: خرجت إلى الكوفة في طلب الحديث، فلقيت بها الحسن بن علي الوشا، فسئلته أن يخرج لي كتاب العلاء بن رزين القلا، وأبان بن عثمان الاحمر،(٢) فأخرجهما إلى فقلت له: أحب أن تجيزها لي فقال لي: يا رحمك الله وما عجلتك؟ إذهب فاكتبهما واسمع من بعد، فقلت: لا آمن الحدثان، فقال لو علمت ان هذا الحديث يكون لي هذا الطلب لا ستكثرت منه، فاني أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ كل يقول: حدثنى جعفر بن محمد
____________________
(١) يأتي ترجمته رقم(٢٧١). والطريق صحيح بناء على وثاقة علي بن أحمد من مشايخه.
(٢) هذا طريق آخر إلى كتابهما فلا حظ. (*)
عليهماالسلام (١) . وكان هذا الشيخ عينا من عيون هذه الطائفة وله كتب منها ثواب الحج والمناسك، والنوادر. اخبرنا إبن شاذان عن أحمد بن محمد بن يحيى عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد بن يحيى عن يعقوب بن يزيد عن الوشاء بكتبه. وله مسائل الرضاعليهالسلام (٢) . أخبرنا ابن شاذان عن علي بن حاتم عن أحمد بن إدريس عن محمد ابن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي الوشاء بكتابه مسائل الرضا (ع)(٣)
____________________
(١) ذكر جماعة منهم لمفيدرحمهالله في الارشاد عدد أصحاب أبي عبدالله (ع) ومن روى عنه فقال في ص٢٧١: فأن أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات على إختلافهم في الاراء والمقالات فكانوا أربعة آلاف رجل. قلت: هذا العدد الكثير ممن أدركهم الوشا من أصحابه قليل من كثير جدا ممن لم يدركهم من الكوفيين وغيرهم وقد ألف جماعة كثيرة من شيوخ أصحابنا كتبا في طبقات أصحابه ممن روى عنه الحديث وقد أنهاهم أعظم شيوخ أصحاب الحديث أبوالعباس أحمد بن سعيد بن عقدة الحافظ إلى أربعة آلاف وذكر في ترجمة كل حديثا. عنه عن أبي عبداللهعليهالسلام إلا أنه مما يتأسف عليه عدم وجود نسخة من هذا المؤلف الضخم ولم يبلغ ما جمعه شيخ الطائفة في طبقات أصحابه من الرجال إلى هذا العدد وإن ذكر في مقدمته إنه ذكر ما ذكره إبن عقدة وما لم يذكره قلت: نشكر الله تعالى على ما وفقناه لانهاء عددهم إلى اكثر من أربعة آلاف من أصحابه وممن روى عنه (ع) مع ذكر رواية مسندة عنه عنه (ع) لو ظفرنا بها وإشارة إلى من روى عنه عنهعليهالسلام في كتابنا الكبير في طبقات من روى الحديث عن النبي الاكرمصلىاللهعليهوآله وعن الائمة الاثنى عشر من خلفائه الطاهرينعليهمالسلام (٢) فيه اشكال باحمد بن محمد بن يحيى فلم يصرح بتوثيق وان استفيد من امور(٣) صحيح على كلام بابن شاذان من مشايخ النجاشي. وفى الفهرست(٥٤): له كتاب اخبرنا به عدة من أصحابنا = = عن أبي المفضل عن إبن بطة عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن ابن علي الوشا قلت: طريقه ضعيف بأبي المفضل، وبابن بطة كما يأتي في ترجمتهما وروى الشيخ عنه في التهذيب ج ٩ / ٢٤٦ ولم يذكر طريقه اليه في مشيخته ولعله عول على ما في الفهرست. وروى الصدوق في المشيخة رقم(٢١٤) عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى وابراهيم إبن هاشم جميعا عن الحسن بن علي الوشا المعروف بابن بنت الياس. قلت: طريقه صحيح رواته الثقات الاجلاء. ثم إن كتابه المسائل هو ما جمعه الوشا من المسائل مما روى عن الائمة الطاهرين وغيرهم ليسئلها عن الرضا (ع) ويختبره بها قبل ما يقطع عليه كما أشرنا اليه وقد روى الكتاب أيضا شيخنا الصدوق في عيون أخبار الرضا (ع) عن أبيه عن سعد بن عبدالله عن أبي الخير صالح بن أبي حماد عن الحسن بن علي الوشا. والطريق حسن على كلام بصالح إبن أبي حماد كما يأتي في ترجمته.
(*)
٨٠ - الحسن بن علي بن النعمان
مولى بني هاشم(١) أبوه علي بن النعمان الاعلم(٢) ،
____________________
(١) وهكذا ذكره الشيخ في الفهرست(٥٤) وذكره في أصحاب العسكري (ع) من رجاله(٤٣٠) وقال: كوفي. ويأتي في ترجمة أبيه: أن ابنه الحسن بن علي وابنه أحمد رويا الحديث. وقال الكشي في داود إبن النعمان(٣٦): وهو عم الحسن بن علي بن النعمان. ثم ان قوله: " مولى بني هاشم " يفسر ما يأتي في أبيه من قوله: " الا علم النخعي أبو الحسن مولاهم، كوفي ".
(٢) ذكرهرحمهالله انه أبوه ثانيا إما لنفي إحتمال تعدد علي إبن النعمان مولى بني هاشم وعلي بن النعمان الاعلم النخعي الكوفي فعلى هذا فالجملة مبتداء وخبروكل ما ذكر بعده فهو للحسن ويؤيده ان توثيق الاب في المقام مع أنه يأتي أيضا في ترجمة نفسه تكرار، بلا وجه، وإما للتنبيه على عدم وثاقة الابن. ويبعد الثاني قوله: له كتاب الخ. فانه عليه كان الاوجه ان يقول: ولكن له كتاب الخ. إستدراكا لمدحه بأبيه المشعر بعدم مدح ولا توثيق له بنفسه. (*)
ثقة، ثبت(١) له كتاب نوادر، صحيح الحديث كثير الفوائد اخبرني إبن نوح عن البزوفري قال حدثنا أحمد بن ادريس عن الصفار عنه بكتابه(٢)
____________________
(١) قد عرفت ان الظاهر كون التوثيق للحسن وكذا مدحه بكونه ثبتا وبكتابه وبحديثه وهذا هو الظاهر من العلامة في الخلاصة وابن داود وجماعة من المحققين فدعوى كونه للاب بل واحتماله ضعيف.وقد روى عنه أجلة الحديث مثل سعد بن عبدالله، والصفار، ومحمدبن أحمد بن يحيى مع انه لم يستثن روايته عنه كما في يب ج ٥ في فقه زيادات الحج وصا ج ٢ / ٣٣٤.
(٢) كالصحيح على اشكال بأحمد بن جعفر بن سفيان البزوفري فلم يوثق إلا أن التلعكبري روى عنه.وفي الفهرست: له كتاب نوادر الحديث كثير الفوائد اخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن إبن بطة عن أحمد بن أبي عبدالله والصفار جميعا عنه. قلت: طريقه ضعيف بأبي المفضل وبابن بطة.ثم ان الظاهر سقوط كلمة (صحيح) بعد نوادر بقرينة المتن لكن النسخ خالية عنها. وروى الصدوق في المشيخة (رقم ٣٢٧) عن أبيه ومحمد بن الحسن (رحمها الله) عن سعد بن عبدالله عن الحسن بن علي بن النعمان. قلت: طريقه صحيح رواته أجلاء الثقات. (*)
٨١ - الحسن بن علي بن بقاح(١)
كوفي ثقة مشهور(٢) صحيح الحديث(٣) ،
____________________
(١) وهو الحسن بن علي بن يوسف بن بقاح كما يأتي في الحسن بن علي بن يقطين روايته كتابه بواسطة صالح مولى علي بن يقطين، وروى كتاب معاذ بن ثابت الجوهري كما في الفهرست(١٦٨) وفيه: المعروف بابن بقاح. وهو ايضا الازدي، فروى في التهذيب ج ٧ / ٣٧٠ والاستبصار ج ٣ / ٢٣١ عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن الحسن ابن علي بن يوسف الازدي عن عاصم بن حميد، وذلك بقرينة روايته بهذا الاسناد عن معاذ بن ثابت كثيرا.
(٢) روى عنه الاجلة مثل علي بن الحسن بن فضال كثيرا، ومحمد ابن الحسين، وأبوجعفر احمد بن محمد بن عيسى، والحسن بن علي الكوفي، والحسن بن الحسين اللؤلؤي، وعلي بن الحسن الميثمي، والحسن ابن مئيل، اسحاق بن بنان، والحسن بن موسى الخشاب، ومحمد ابن بكر بن جناح.
(٣) الظاهر أن المدح بكونه صحيح الحديث بوجه مطلق إنما يصح إذا خلت أحاديثه من الغلو والتخليط، والمناكير، والشذوذ، والاضطراب، ولم يروها عن الضعاف، أو المجاهيل، او الغلاة او أصحاب المذاهب الباطلة، أومن لا يبالي بالحديث، وهذا لما يظهر من طعن الاصحاب في بعض الرواة بشئ من ذلك إلا أن يكون المدح لكتابه وان كتابه صحيح الحديث فانه حينئذ لاينافي كونه مطعونا في مذهبه ولذا ترى أن الماتن قال في الحسن بن عبيد الله العبدي كما يأتي: انه طعن عليه ورمى بالغلو.ومع هذا قال: له كتب صحيحة الحديث وتحقيق ذلك مع ذكر من ذكر بهذا المدح ذكرناه في محل آخر. (*)