منهج الرشاد لمن أراد السداد

منهج الرشاد لمن أراد السداد0%

منهج الرشاد لمن أراد السداد مؤلف:
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 86

منهج الرشاد لمن أراد السداد

مؤلف: الشيخ جعفر كاشف الغطاء تحقيق الدكتور جودت القزويني
تصنيف:

الصفحات: 86
المشاهدات: 28149
تحميل: 5480

توضيحات:

منهج الرشاد لمن أراد السداد
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 86 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 28149 / تحميل: 5480
الحجم الحجم الحجم
منهج الرشاد لمن أراد السداد

منهج الرشاد لمن أراد السداد

مؤلف:
العربية

وعلى كلّ حال لا يتأمل مسلم في أنّ العبادة الحقيقية من الصلاة والصيام وغيرهما لا تكون لغير الله، فأن كان التصديق عن الأولياء والذبح لهم والنذر لهم عبادة، فنحن عبيد آبائنا وأمهاتنا وأمواتنا الذين نتصدق عنهم، أو ننذر لهم، ونذبح لهم.

وإن كان طلب الدعاء منهم وندبتهم على الدعاء والشفاعة كفراً، فعلى الأسلام السلام، فانه ليس في الوجود أحد لا يلتمس الدعاء من إخوانه، أو يستغيث بهم في طلب نجاته، وإن دعاء المؤمن للمؤمن أسرع للأجابة لأنه دعاء بلسان لم يعص به.

فيا أخي، المقاصد متفاوتة، وإنّما الأعمال بالنيات ولكلّ امرىءٍ ما نوى(١) ، فربّ كلمة ظاهرها الأسلام، تصير بالنية كلمة كفر، وبالعكس.

وأما قولك: فأنّ الذي يفعل عندنا في مشهد عليرضي‌الله‌عنه من دعوة، واستغاثة، ورجاء، وخوف، وخشية. انه ليس بعبادة، فأنهم ما قصدوا بدعوتهم (علياً) وغيره إلاّ ليشفع لهم عند الله.

فأن قلت: أولئك يدعون الأصنام، ونحن لا ندعو إلاّ الصالحين.

قلنا: وكذلك المشركون منهم يدعون الصالحين ويعبدونهم مع الله، كعيسى ومريم والملائكة.

فأن قلتم: إنّ الدعوة لا تسمّى عبادة.

قلنا: بل هي عبادة وأي عبادة، ففي الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الدعاء هو العبادة. ويلي قوله تعالى:( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَکُمْ ) (٢) .

وأصل دين الأسلام هو إخلاص العبادة بجميع انواعها من الذبح والدعوة، والنذر، والتوكل، والخشية، والرغبة، والأنابة، ولا يقبل الله من الأعمال إلاّ ما اجتمع فيه شرطان:

الأول: ألاّ يعبد إلا الله وحده.

الثاني: ألا يعبد إلاّ بما شرع على لسان رسوله، كما قال الله تعالى:( فَمَنْ کَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَ لاَ يُشْرِکْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) (٣) .

____________________

(١) البخاري (بدء الوحي)، باب ١؛ وصحيح مسلم (كتاب الأمارة)، باب ١٥٥؛ والنسائي (كتاب الطهارة)، باب٥٩؛ وابن ماجه (كتاب الزهد)، باب ٢٦.

(٢) القرآن الكريم: ٤٠/٦٠ (سورة غافر).

(٣) القرآن الكريم: ١٨/١١٠ (سورة الكهف).

٨١

أقول: إن كان المدار على الصور دون الحقائق، فسجود الملائكة لآدم، وسجود يعقوب ليوسف، قاض بأنهما عبدا غير الله.

وإن قلت: بأن تعلق ارادة الشرع دفعت المنع. فقد أوردنا من الأخبار وكلام الصحابة ما يفيد عدم المنع، من أمثال الصور التي ذكرت.

ثم بالله عليك أنصف، ما الفرق بين قول الصديق لصاحبه في السجن( اذْکُرْنِي عِنْدَ رَبِّکَ ) (١) وبين قولنا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( اذْکُرْنِي عِنْدَ رَبِّکَ ) .

ثم كيف باستغاثة ولي موسى(٢) ولم يحكم عليه بالكفر؟! ثم كيف باستطعام موسى والخضر أهل القرية(٣) ؟ ثم كيف يقول أصحاب موسى( لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّکَ ) (٤) ثم ما معنى قول الأسباط ليعقوب( اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ) فقال:( سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَکُمْ رَبِّي ) (٥) ؟!

وعلى كل حال إن أريدت الحقائق في الأستغاثات والدعوات وغيرها، ففي ذلك خروج عن طريقة الأسلام، وإلاّ فلا بأس، وإلاّ للزم ألاّ يخرج من الكفر أحد من العالم، ولا يمكنك والله ولا يسعك إلاّ أن تقول إنّما يراد دعاء خاص، واستغاثة خاصة ونحو ذلك، فيرتفع المحذور.

وأما من قصد حقيقة العبادة مع غير الله، ليتقرب إلى الله زلفى، أو لغير ذلك، فهو خارج عن ربقة الأسلام.

وما ذكرتم من أنّا نفرّق بين الصالحين وغيرهم، فمعاذ الله أن نفرق بين من يعبد موسى أو محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو يناديهم ويدعوهم، أو يستغيث بهم أحياءً وأمواتاً، ويلجأ اليهم على أنّ لهم الأمر أو ليقربوه زلفى، وبين من يعبد فرعون، وهامان، وإبليس.

أين النفوس المقرونة بالأبدان التي تتغير من أدنى حوادث الزمان، ولا زالت مورداً للأمراض، ومحلاً للأغراض، لا تدفع شيئاً من حوادث الدهور، وليس لها في كل الأمور من أمر من رتبة المعبود. ومن لا يصلح لغيره الركوع والسجود، إنما هم عبيد زادت علينا

____________________

(١) القرآن الكريم: ١٢/٤٢ (سورة يوسف).

(٢) إشارة إلى الآية (١٥) من سورة القصص:( فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ )

(٣) إشارة إلى قوله تعالة في سورة الكهف، الآية ٧٧:( فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا )

(٤) القرآن الكريم: ٢/٦١ (سورة البقرة).

(٥) القرآن الكريم: ١٢/٩٧ (سورة يوسف).

٨٢

عبوديتهم، وخدام سبقت خدمتنا خدمتهم.

فأن أمرنا بتقبيل بنائهم، أو تعظيم أبنائهم، أو التماس دعائهم، فعلنا إمتثالاً لأمر ربنا، كما صنعنا ذلك في أحجار الكعبة وأركانها. وإن نهانا تركنا، إذ لا خوف إلاّ من الله، ولا رجاء إلاّ له.

وأما قولك: إنه قد ورد في الحديث عن الصادق الصدوق، قال : (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فأنّ كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلال ة)(١) .

وفي الحديث الثاني، قال: إفترقت اليهود والنصارى عن اثنين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة عن ثلاثة وسبعين فرقة، كلها في النار إلاّ واحدة. وسئل عن الواحدة، فقال: ما أنا عليه اليوم وأصحابي(٢) (انتهى).

أقول: اللهم إني رضيت بسنّة الخلفاء الراشدين حكماً، وما عليه أصحاب محمّد متمسكاً وملتزماً، فأحلّ ما أحلوه، وأفعل ما فعلوه. وهذه أقوالهم وسيرتهم في هذه الرسالة أوضحتها، فلا أزيغ عنها، ولا أبعد مسافةً منها، فتتبع ما رويت من أخبارهم، وما نقلت من آثارهم، رزقني الله وإياكم حلاوة الأنصاف، وجنّبنا مرارة الجدال والأعتساف.

وأما قولك : (فلا تغتر بالكثرة وهذا الثابت عن نبيك، والله يقول:( وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّکُورُ ) (٣) وقال:( إِنْ تُطِعْ أَکْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوکَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) (٤) . وفي الحديث: إنّ بعث الجنة من الألف واحد، فأنت اختر لنفسك، والمهدي من هاده الله ) ، إنتهى.

أقول: يا أخي، الوصية مشتركة بيني وبينك، فالذي عليّ ألاّ تأخذني حميّة الآباء والأجداد، وحب الطريقة المأنوسة بين العباد، بل أنظر بعين البصيرة وإخلاص السريرة.

وأما أنت فأني أخشى عليك من حب الانفراد، حتى لا تكون كبعض الآحاد، فأن الأصابع لم تزل ممدودة إلى من ركب جادة غير معهودة، وقد ورد في المثل: (خالف تعرف).

____________________

(١) سنن الترمذي: ٥/٢٦٧٦، وسنن أبي داود: ٤/٤٦٠٧، وسنن ابن ماجه: ١/٤٢.

(٢) كنز العمال: ١/١٠٦٠.

(٣) القرآن الكريم: ٣٤/١٣ (سورة سبأ).

(٤) القرآن الكريم: ٦/١١٦ (سورة الأنعام).

٨٣

ثم إني- والله- أخشى عليك من جهة أنك كنت خالي البال، بعيد عن هذه المحال فوردت عليك شبهات لم تستطع ردّها، وخيالات لم تبلغ حدّها، فكان الحال كما قال: (صادف قلباً خالياً فتمكّنا)(١) .

وأما اليوم، فليس لك عند الله عذر، فقد علمت بالأخبار، وسمعت بطريقة الخلفاء الأبرار، فأجدّ نظرك، واستعمل فكرك، واخلع عن نفسك ربقة التقليد، واطلب من ربك التأييد والتسديد.

ثم ما ذكرت إنّما يدل على أنّ الحقّ مع القليل من المكلفين لا من المسلمين، فأن أكثر أهل الأرض كفار من يهود، ونصارى، ومشركين، وجاحدين، وغيرهم، حتى أنّ نسبة اقليم المسلمين إلى سائر الأقاليم أقلّ قليل.

فنحن نقول بأنّ من أطاع أكثر الخلق ضال، لأنّ أكثر الناس من أهل الكفر والضلال، وان الشكور قليل، وان بعث أهل الجنة من الألف واحد، ولو استندت في هذا الى حديث الفرق، فوحدة الفرقة لا تنافي زيادة أفرادها على ألف فرقة.

والحق أنه لا ملازمة بين القلّة والكثرة، وبين الحق والباطل، فكم من قليل هدي إلى الصواب، وكثير حلّ عليه المؤاخذة والعقاب، وكم قد إنعكس الأمر في هذا الباب، والمدار على طلب العصمة والنجاة من رب الأرباب، ولا حول ولاقوة إلاّ بالله العليّ العظيم.

تمت علي يد أقل العباد عملاً، وأكثرهم زللاً محمد قاسم ابن شيخ محمد بن حمزة الدلبزي في سنة ألف ومائتين وعشرة.

____________________

(١) إشارة إلى قول القائل:

عرفت هواها قبل أن أعرف الهوى

فصادف قلباً خالياً فتمكّنا

٨٤

الفهرس

منهج الرشاد لمن أراد السداد رسالة الأمام الشيخ جعفر كاشف الغطاء الى الأمير عبدالعزيز بن سعود تأليف زعيم الأمامية في عصره الشيخ جعفر كاشف الغطاء المتوفى سنة ١٢٢٨هـ / ١٨١٣م حققه وقدّم له الدكتور جودت القزويني ٣

(منهج الرشاد) - النسخة الخطية ٨

الصفحة الأولى من مخطوطة (منهج الرشاد) ٩

الصفحة الأخيرة من مخطوطة (منهج الرشاد) ١٠

النسخة المطبوعة ١١

منهج الرشاد لمن أراد السداد ١٤

مقدمة المؤلف ١٦

الفصل الأول في أنّ الافعال والكلمات تختلف باختلاف المقاصد والنيّات ١٧

الفصل الثاني في بيان اختلاف ظواهر الآيات والروايات ٢٤

الفصل الثالث في بيان الميزان التي يرجع إليها إذا تشابهت الأمور ٢٧

المقصد الأول في تحقيق ضروب الكفر ٣٢

المقصد الثاني في تحقيق معنى العبادة ٣٧

المقصد الثالث في الذبح لغير الله ٤١

المقصد الرابع في النذر لغير الله ٤٤

المقصد الخامس في القسم بغير الله ٤٦

المقصد السادس في الأستغاثة ٤٩

المقصد السابع في التوسل ٥٣

المقصد الثامن في الشفاعة ٥٦

٨٥

الخاتمة الباب الأول في حياة الأموات بعد موتهم الفصل الأول في حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد موته ٥٩

الفصل الثاني في حياة سائر الشهداء والأنبياء ٦٢

الفصل الثالث في حياة سائر الموتى ٦٣

الباب الثاني في الزيارات الفصل الأول في زيارة قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ٦٨

الفصل الثاني في زيارة باقي القبور ٧٠

الباب الثالث في التبرك بالقبور ونحوها ٧١

الباب الرابع في بناء قبو الأنبياء والأولياء وتعميرها وتعلية بنائها وتشييد أركانها ٧٥

كشف الجواب عمّا تضمّنه ذلك الكتاب ٧٨

الفهرس ٨٥

٨٦