الفروع من الكافي الجزء ٦

 الفروع من الكافي8%

 الفروع من الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 675

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 675 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 180877 / تحميل: 9417
الحجم الحجم الحجم
 الفروع من الكافي

الفروع من الكافي الجزء ٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

فَمَتى هذَا؟ وَكَيْفَ هذَا وَقَدْ(١) يَكُونُ الظِّلُّ فِي بَعْضِ(٢) الْأَوْقَاتِ نِصْفَ قَدَمٍ؟

قَالَ : « إِنَّمَا قَالَ : ظِلُّ الْقَامَةِ(٣) ، وَلَمْ يَقُلْ : قَامَةُ الظِّلِّ ، وَذلِكَ أَنَّ ظِلَّ الْقَامَةِ يَخْتَلِفُ(٤) ، مَرَّةً يَكْثُرُ ، وَمَرَّةً يَقِلُّ ، وَالْقَامَةُ قَامَةٌ(٥) أَبَداً لَاتَخْتَلِفُ(٦) ، ثُمَّ قَالَ : ذِرَاعٌ وَذِرَاعَانِ ، وَقَدَمٌ وَقَدَمَانِ ، فَصَارَ ذِرَاعٌ وَذِرَاعَانِ تَفْسِيرَ الْقَامَةِ(٧) وَالْقَامَتَيْنِ فِي الزَّمَانِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ ظِلُّ الْقَامَةِ(٨) ذِرَاعاً ، وَظِلُّ الْقَامَتَيْنِ ذِرَاعَيْنِ(٩) ، فَيَكُونُ(١٠) ظِلُّ الْقَامَةِ وَالْقَامَتَيْنِ ، وَالذِّرَاعِ وَالذِّرَاعَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ فِي كُلِّ زَمَانٍ ، مَعْرُوفَيْنِ ، مُفَسَّراً أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ ، مُسَدَّداً بِهِ(١١) ، فَإِذَا كَانَ الزَّمَانُ يَكُونُ فِيهِ ظِلُّ الْقَامَةِ ذِرَاعاً ، كَانَ(١٢) الْوَقْتُ ذِرَاعاً مِنْ ظِلِّ الْقَامَةِ(١٣) ، وَكَانَتِ الْقَامَةُ ذِرَاعاً مِنَ الظِّلِّ ، فَإِذَا(١٤) كَانَ ظِلُّ الْقَامَةِ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ، كَانَ الْوَقْتُ مَحْصُوراً بِالذِّرَاعِ وَالذِّرَاعَيْنِ ؛ فَهذَا تَفْسِيرُ الْقَامَةِ وَالْقَامَتَيْنِ ،(١٥) ».(١٦)

____________________

(١). في «ى،بس» : «وكيف». وفي «بث» : - «قد».

(٢). في « بح » : + « هذه ».

(٣). في « ى ، بث ، بس » : « الظلّ قامة ». وفي « بح ، بخ » : « الظلّ ظلّ قامة ».

(٤). في « بث » : « مختلف ».

(٥). في « ى » : - « قامه ».

(٦). هكذا في « بث ، بس » والوافي والوسائل والبحاروالتهذيب . وفي أكثر النسخ والمطبوع : « لايختلف ».

(٧). فيالوسائل : « للقامة ».

(٨). في « ى ، بث ، بخ ، بس » : « الظلّ قامه ».

(٩). في حاشية « بس » : « ظلّ قامة ذراعاً ، وظلّ قامتين ذراعين » بدل « ظلّ القامة - إلى - ذراعين ».

(١٠). في البحار : « ويكون ».

(١١). في البحار : + « أبداً ».

(١٢). في « ى » : « وكان ».

(١٣). في « بخ » : « قامة ».

(١٤). في « ى ، بث ، بس »والوسائل والبحاروالتهذيب : « إذا ».

(١٥). لـمّا كان هذا الحديث من غوامض الأحاديث ومعاضلها ، فلا غرو في ذكر كلام صاحبالوافي وصاحبالمرآة في المقام ؛ ليتضّح المرام ، فنقول :

قال فيالوافي : « لابدّ في هذا المقام من تمهيد مقدّمة ينكشف بها نقاب الارتياب من هذا الحديث ومن =

٤١

____________________

= سائر الأحاديث التي نتلوها عليك في هذا الباب وما بعده من الأبواب ان شاء الله ، فنقول وبالله التوفيق : إنّ الشمس إذا طلعت كان ظلّها طويلاً ، ثمّ لايزال ينقص حتّى تزول ، فاذا زالت زاد ، ثمّ قد تقرّر أنّ قامة كلّ إنسان سبعة أقدام بأقدامه ، وثلاث أذرع ونصف بذراعه ، والذراع قدمان ، فلذلك يعبّر عن السبع بالقدم ، وعن طول الشاخص الذي يقاص به الوقت بالقامة وإن كان في غير الإنسان.

وقد جرت العادة بأن تكون قامة الشاخص الذي يجعل مقياساً لمعرفة الوقت ذراعاً ، كما يأتي الإشارة إليه في حديث تعريف الزوال ، وكان رحل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي كان يقيس به الوقت أيضاً ذراعاً ؛ فلأجل ذلك كثيراً ما يعبّر عن القامة بالذراع ، وعن الذراع بالقامة ، وربّما يعبّر عن الظلّ الباقي عند الزوال من الشاخص بالقامة أيضاً ، وكأنّه كان اصطلاحاً معهوداً ، وبناء هذا الحديث على إرادة هذا المعنى ، كما ستطّلع عليه.

ثمّ إنّ كلًّا من هذه الألفاظ قد يستعمل لتعريف أوّل وقتي فضيلة الفريضتين ، كما في هذا الحديث ، وقد يستعمل لتعريف آخر وقتي فضيلتهما ، كما يأتي في الأخبار الاخر ، فكلّما يستعمل لتعريف الأوّل فالمراد به مقدار سبعي الشاخص ، وكلّما يستعمل لتعريف الآخر فالمراد به مقدار تمام الشاخص ، ففي الأوّل يراد بالقامة الذراع ، وفي الثاني بالعكس ، وربّما يستعمل لتعريف الآخر لفظة « ظلّ مثلك » و « ظلّ مثليك » ويراد بالمثل القامة. والظلّ قد يطلق على ما يبقى عند الزوال خاصّة ، وقد يطلق على ما يزيد بعد ذلك فحسب ، الذي يقال له : الفي‌ء ، من فاء يفي : إذا رجع ؛ لأنّه كان أوّلاً موجوداً ، ثمّ عُدِمَ ، ثمّ رجع ، وقد يطلق على مجموع الأمرين.

ثمّ أنّ اشتراك هذه الألفاظ بين هذه المعاني صار سبباً لاشتباه الأمر في هذا المقام حتّى أنّ كثيراً من أصحابنا عدّوا هذا الحديث مشكلاً لاينحلّ ، وطائفة منهم عدّوه متهافتاً ذا خلل.

وأنت بعد اطّلاعك على ما أسلفناه لا أحسبك تستريب في معناه إلّا أنّه لـمّا صار على الفحول خافياً ، فلا بأس أن نشرحه شرحاً شافياً نقابل به ألفاظه وعباراته ، ونكشف به عن رموزه وإشاراته ، فنقول - والهداية من الله - تفسير الحديث على وجهه - والله اعلم - أن يقال : إنَّ مراد السائل أنّه ما معنى ما جاء في الحديث من تحديد أوّل وقت فريضة الظهر وأوّل وقت فريضة العصر تارة بصيرورة الظلّ قامة وقامتين ، واُخرى بصيرورته ذراعاً وذراعين ، واُخرى قدماً وقدمين.

وجاء من هذا القبيل من التحديد مرّة ومن هذا اُخرى ، فمتى هذا الوقت الذي يعبّر عنه بألفاظ متباينة المعاني؟ وكيف يصحّ التعبير عن شي‌ء واحد بمعاني متعدّدة مع أنّ الظلّ الباقي عند الزوال قد لايزيد على نصف القدم؟ فلابدّ من مضي مدّة مديدة حتّى يصير مثل قامة الشخص ، فكيف يصحّ تحديد أوّل الوقت =

٤٢

____________________

= بمضيّ مثل هذه المدّة الطويلة من الزوال؟

فأجابعليه‌السلام بأنّ المراد بالقامة التي يحدّ بها أوّل الوقت التي هي بازاء الذراع ، ليس قامة الشخص الذي هي شي‌ء ثابت غير مختلف ، بل المراد به مقدار ظلّها الذي يبقى على الأرض عند الزوال ، الذي يعبّر عنه بظلّ القامة ، وهو يختلف بحسب الأزمنة والبلاد ، مرّة يكثر ، ومرّة يقلّ. وإنّما يطلق عليه القامة في زمان يكون مقداره ذراعاً ، فاذا زاد الفي‌ء ؛ أعني الذي يزيد من الظلّ بعد الزوال بمقدار ذراع حتّى صار مساوياً للظلّ ، فهو أوّل الوقت للظهر ، وإذا زاد ذراعين ، فهو أوّل الوقت للعصر.

وأمّا قولهعليه‌السلام : « فاذا كان ظلّ القامة أقل أو أكثر ، كان الوقت محصوراً بالذراع والذراعين » فمعناه أنّ الوقت إنّما يضبط حينئذٍ بالذراع والذراعين خاصّة دون القامة والقامتين. وأمّا التحديد بالقدم فأكثر ما جاء في الحديث ، فإنّما جاء بالقدمين والأربعة أقدام ، وهو مساوٍ للتحديد بالذراع والذراعين ، وما جاء نادراً بالقدم والقدمين ، فإنّما اُريد بذلك تخفيف النافلة وتعجيل الفريضة طلباً لفضل أوّل الوقت فالأوّل.

ولعلّ الإمامعليه‌السلام إنّما لم يتعرّض للقدم عند تفصيل الجواب وتبيينه لما استشعر من السائل عدم اهتمامه بذلك ، وأنّه إنّما كان أكثر اهتمامه بتفسير القامة وطلب العلّة في تأخير أوّل الوقت إلى ذلك المقدار.

وفيالتهذيب فسّر القامة في هذا الخبر بما يبقي عند الزوال من الظلّ ، سواء كان ذراعاً أو أقلّ أو أكثر ، وجعل التحديد بصيرورة الفي‌ء الزائد ، مثل الضلّ الباقي كائناً ما كان.

واعترض عليه بعض مشايخنا - طاب ثراهم - بأنّه يقتضي اختلافاً فاحشاً في الوقت ، بل يقتضي التكليف بعبادة يقصر عنها الوقت ، كما إذا كان الباقي شيئاً يسيراً جدّاً ، بل يستلزم الخلوّ عن التوقيت في اليوم الذي تسامت الشمس فيه رأس الشخص ؛ لانعدام الظلّ الأوّل حينئذ ، ويعني بالعبادة النافلة ؛ لأنّ هذا التأخير عن الزوال إنّما هو للإتيان بها ، كما ستقف عليه.

أقول : أمّا الاختلاف الفاحش فغير لازم ، وذلك لأنّ كلّ بلد أو زمان يكون الظلّ الباقي فيه شيئاً يسيراً ، فإنّما يزيد الفي‌ء فيه في زمان طويل ؛ لبطئه حينئذٍ في التزايد ، وكلّ بلد أو زمان يكون الظلّ الباقي فيه كثيراً ، فإنّما يزيد الفي‌ء فيه في زمان يسير ؛ لسرعته في التزايد حينئذ ، فلا يتفاوت الأمر في ذلك ، وأمّا انعدام الظلّ ، فهو أمر نادر لايكون إلّا في قليل من البلاد ، وفي يوم تكون الشمس فيه مسامتة لرؤوس أهله لاغير ، ولاعبرة بالنادر ، نعم يرد على تفسير صاحبالتهذيب أمران : أحدهما أنّه غير موافق لقولهعليه‌السلام : « فإذا كان ظلّ القامة أقلّ أو أكثر كان الوقت محصوراً بالذراع والذراعين ؛ لأنّه على تفسير يكون دائماً محصوراً بمقدار ظلّ القامة كائناً ما كان ، والثاني أنّه غير موافق للتحديد الوارد في سائر الأخبار المعتبرة المستفيضة ، =

٤٣

____________________

= كما يأتي ذكرها ، بل يخالفه مخالفة شديدة ، كما يظهر عند الاطلاع عليها والتأمّل فيها.

وعلى المعنى الذي فهمناه من الحديث لايرد عليه شي‌ء من هذه المؤاخذات إلّا أنّه يصير جزئيّاً مختصّاً بزمان خاص ومخالف مخصوص ، ولابأس بذلك.

إن قيل : اختلاف وقتي النافلة في الطول والقصر بحسب الأزمنة والبلاد ، وتفاوت حدّ أوّل وقتي الفريضتين التابع لذلك لازم على أيّ التقادير ، لما ذكرت من سرعة تزايد الفي‌ء تارة وبطئه اُخرى ، فكيف ذلك؟

قلنا : نعم ذلك كذلك ، ولابأس بذلك ؛ لأنّه تابع لطول اليوم وقصره كسائر الأوقات في الأيّام والليالي ». والمراد من بعض المشايخ هو الشيخ البهائيقدس‌سره على ما قال ابن المصنّف في الهامش.

وفيمرآة العقول : « قولهعليه‌السلام : وقد يكون الظلّ ، لعلّ السائل ظنّ أنّ الظلّ المعبّر في المثل والذراع ، هو مجموع المتخلّف والزايد ، فقال : قد يكون الظلّ المتخلّف والزايد ، فقال : قد يكون الظلّ المتخلّف نصف قدم ، فيلزم أن يؤخّر الظهر إلى أن يزيد الفي‌ء ستّة أقدام ونصفاً ، وهذا كثير ، أو أنّه ظن أنّ المماثلة إنّما تكون بين الفي‌ء الزائد والظلّ المتخلّف ، فاستبعد الاختلاف الذي يحصل من ذلك بحسب الفصول ؛ فإنّ الظلّ المتخلّف قد يكون نصف قدم في العراق ، وقد يكون خمسة أقدام ، والأوّل أظهر ، وحاصل جوابهعليه‌السلام أنّ المعتبر في ذلك هو الذراع والذراعان من الفي‌ء الزائد ، وهو لايتخلف في الأزمان والأحوال ، ثمّ بيّنعليه‌السلام سبب صدور أخبار القامة والقامتين ومنشأ توهّم المخالفين وخطائهم في ذلك ، فبيّن أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان جدار مسجده قامة ، وفي وقت كان ظلّ ذلك الجدار المتخلّف عند الزوال ذراعاً ، قال : إذا كان الفي‌ء مثل ظلّ القامة فصلّوا الظهر ، وإذا كان مثليه فصلّوا العصر ، أو قال : مثل القامة ، وكان غرضه ظلّ القامة ؛ لقيام القرينة بذلك ، فلم يفهم المخالفون ذلك وعملوا بالقامة والقامتين ، وإذا قلنا : القامة والقامتين تقيّة ، فمرادنا أيضاً ذلك ، فقولهعليه‌السلام : متّفقين في كلّ زمان ؛ يعني به أنّا لمّا فسرنا ظلّ القامة بالظلّ الحاصل في الزمان المخصوص الذي صدر الحكم من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان في ذلك الوقت ذراعاً ، فلا يتخلف الحكم في الفصول ، وكان اللفظان مفادهما واحداً مفسّراً أحدهما - أي ظلّ القامة - بالاخرى بالذراع.

هذا ما خطر بالبال في حلّ هذا الخبر الذي هو في غاية الإعضال ، وإذا حققت ذلك فلا تصغ إلى ما ذكره الشيخ فيالتهذيب ، حيث قال : إنّ الشخص القائم الذي بعبر به الزوال ، يختلف ظلّه بحسب اختلاف الأوقات ، فتارة ينتهي الظلّ منه في القصور حتّى لايبقي بينه وبين أصل العمود المنصور أكثر من قدم ، وتارة ينتهى إلى حدّ يكون بينه وبين شخص ذراع ، وتارة يكون مقدار مقدار الخشب المنصوب ، فإذا =

٤٤

٤٨٤٠/ ٨. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنْ مِسْمَعِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، قَالَ :

إِذَا صَلَّيْتَ الظُّهْرَ فَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ ، إِلَّا أَنَّ بَيْنَ يَدَيْهَا سُبْحَةً(١) ، فَذلِكَ إِلَيْكَ ، إِنْ شِئْتَ طَوَّلْتَ ، وَإِنْ شِئْتَ قَصَّرْتَ.(٢)

٦ - بَابُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ (٣)

٤٨٤١/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَشْيَمَ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا :

____________________

= رجع الظلّ إلى الزيادة وزاد مثل ما كان قد انتهى إليه من الحدّ ، فقد دخل الوقت سواء كان قدماً أو ذراعاً أو مثل الجسم المنصوب ، فالاعتبار بالظلّ في جميع الأوقات لا بالجسم المنصوب ، والذي يدلّ على هذا المعنى ما رواه محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، الحديث.

وقال فيالحبل المتين : وممّا تقرر من اختلاف الظلّ عند الزوال طولاً وقصراً يظهر أنّ ما ذهب إليه الشيخ فيالتهذيب من أنّ المماثلة إنّما هي بين الفي‌ء الزايد والظلّ الأوّل الباقي حين الزوال ، لابينه وبين الشخص ، ليس على ما ينبغي ؛ فإنّه يقتضي اختلافاً فاحشاً في الوقت ، بل يقتضي التكليف بعبادة يقصر عنها الوقت ، كما إذا كان الباقي شيئاً يسيراً جدّاً ، بل يستلزم الخلوّ من التوقيت في اليوم الذي تسامت الشمس فيه رأس الشخص ؛ لانعدام الظلّ الأوّل حينئذً. وأمّا الرواية التي استدلّ بهارحمه‌الله على ذلك ، وهي رواية صالح به سعيد ، عن يونس ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، فضعيفة السند ومنافية المتن وقاصرة الدلالة ، فلا تعويل عليها أصلاً ». راجع :الحبل المتين ، ص ٤٥٩ - ٤٥٦.

(١٦)التهذيب ، ج ٢ ، ص ٢٤ ، ح ٦٧ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ٧ ، ص ٢١٥ ، ح ٥٧٨٦ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ١٥٠ ، ح ٤٧٧٤ ؛البحار ، ج ٨٣ ، ص ٣٤.

(١). السُّبحة : النافلة ؛ كما مرّ.

(٢).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٢٤٩ ، ح ٩٩٠ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٥٤ ، ح ٩١٣ ، بسند آخر عن أبي الحسنعليه‌السلام ، مع اختلافالوافي ، ج ٧ ، ص ٢٢٣ ، ح ٥٧٩٤ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ١٣٢ ، ح ٤٧١٨.

(٣). فيمرآة العقول : - « الآخرة ».

٤٥

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « وَقْتُ الْمَغْرِبِ إِذَا ذَهَبَتِ الْحُمْرَةُ مِنَ الْمَشْرِقِ ، وَتَدْرِي كَيْفَ ذَاكَ(١) «(٢) عَلَى الْمَغْرِبِ هكَذَا - وَرَفَعَ يَمِينَهُ فَوْقَ يَسَارِهِ - فَإِذَا غَابَتْ(٣) هَاهُنَا ، ذَهَبَتِ الْحُمْرَةُ مِنْ هَاهُنَا ».(٤)

____________________

(١). في « ى ، بث ، بح ، بس » وحاشية « بخ »والوسائل والبحاروالاستبصار :.

(٢). في « بث » : « فيطلّ ». وفي « بخ » : « يظلّ ». وفي حاشية « بخ » : « مظلّ ».

وفيالوافي : « الإطلال ، بالمهملة ؛ الإشراف ، ومعنى إشراف المشرق على المغرب مقابلته إيّاه مع ارتفاع له عليه ؛ فإنّ المشرق ما ارتفع من الاُفق ، والمغرب ما انحطّ عنه.

ونقول في توضيح المقام : لاشكّ أنّ معنى غيبوبة الشمس وغروبها ، استتارها وذهابها ، إلّا أنّ هاهنا موضع اشتباه على الفقهاء وأهل الحديث ، وذلك لإنّ الغروب المعتبر للصلاة والإفطار هل يكفي فيه استتارة عين الشمس عن البصر وذهاب قرصها عن النظر للمتوجّه إلى الافق الغربي بلا حائل ، أم لابدّ فيه مع ذلك من ذهاب آثارها ؛ أعني ذهاب شعاعها الواقع على التلال والجبال الشرقيتين ، بل ذهاب الحمرة التي تبدو من ضوئها في السماء نحو الافق الشرقي وميلها عن وسط السماء ، بل ذهاب الصفرة والبياض اللذين يبقيان بعد ذلك؟ فإنّ هذه كلّها من آثار الشمس وتوابع قرصها ، فلا يتحقّق ذهاب الشمس وغروبها حقيقة إلّا بذهابها.

فنقول وبالله التوفيق : أمّا ذهاب الشعاع الواقع على التلال والجبال المرئيين فلابدّ منه في تحقّق الغروب ؛ إذ مع وجوده لاغروب للعين في ذينك الموضعين اللذين حكمهما وحكم المكان الذي نحن فيه واحد ؛ إذ هما بمرأى منّا ، وأمّا الصفرة والبياض فلا عبرة بهما وبذهابهما ، وذلك لأنّهما ليسا من آثار الشمس بلا واسطة ، بل هما من آثار الآثار.

بقي الكلام في الحمرة الشرقية السماوية ، والأخبار في اعتبار ذهابها مختلفة ، فمنها ما يدلّ على اعتباره وجعله علامة لغروب القرص في الآفاق ، كهذه الأخبار ، ومنها ما يدلّ على أنّ ذهاب القرص عن النظر كاف في تحقّق الغروب ، كالأخبار التي مضت ، والمستفاد من مجموعها والجمع بينها أنّ اعتباره في وقتي صلاة المغرب والإفطار أحوط وأفضل ، وإن كفى إستتار القرص في تحقّق الوقت ، كما يظهر لمن تأمّل فيها ووفّق للتوفيق بينها وبين الأخبار التي نتلوها عليك في الباب الآتي إن شاء الله ».

(٣). فيالاستبصار : + « من ».

(٤).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٢٩ ، ح ٨٣ ، معلّقاً عن الكليني.الاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٦٥ ، ح ٩٥٩ ، معلّقاً عن أحمد =

٤٦

٤٨٤٢/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ وَالْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « إِذَا غَابَتِ الْحُمْرَةُ مِنْ هذَا الْجَانِبِ - يَعْنِي مِنَ(١) الْمَشْرِقِ - فَقَدْ غَابَتِ(٢) الشَّمْسُ مِنْ شَرْقِ(٣) الْأَرْضِ وَغَرْبِهَا(٤) ».(٥)

٤٨٤٣/ ٣. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ أَبِي وَلاَّدٍ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « إِنَّ اللهَ خَلَقَ حِجَاباً مِنْ ظُلْمَةٍ مِمَّا يَلِي(٦) ، وَ وَكَّلَ‌

____________________

= بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن أحمد بن أشيم.علل الشرائع ، ص ٣٤٩ ، ح ١ ، بسنده عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن أحمد ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن أحمد ، عن بعض أصحابنا ، رَفَعَه إلى أبي عبداللهعليه‌السلام الوافي ، ج ٧ ، ص ٢٦٦ ، ح ٥٨٨٠ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ١٧٣ ، ح ٤٨٢٩ ؛البحار ، ج ٥٩ ، ص ٣٣٦ ، ح ٢.

(١). في الكافي ، ح ٦٣٧٦والتهذيب ، ح ٨٥ : « ناحية » بدل « من ». وفيالتهذيب ، ح ٨٤والاستبصار ، ح ٩٥٧ : + « ناحية ».

(٢). فيالتهذيب ، ح ٨٥ : « غربت ».

(٣). في الكافي ، ح ٦٣٧٦والتهذيب ، ح ٨٥ : « في شرق ».

(٤). في حاشية « بخ » : « شرقها وغربها ». وفيالتهذيب ، ح ٨٤والاستبصار : « ومن غربها ». وفيالتهذيب ، ح ٨٥ : - « وغربها ».

(٥).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٢٩ ، ح ٨٤ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٦٥ ، ح ٩٥٦ ، معلّقاً عن الكليني. وفيالكافي ، كتاب الصيام ، باب وقت الإفطار ، ح ٦٣٧٦ ،والتهذيب ، ج ٢ ، ص ٢٩ ، ح ٨٥ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٦٥ ، ح ٩٥٧ ، بسند آخر عن القاسم بن عروة.التهذيب ، ج ٢ ، ص ٢٥٧ ، ح ١٠٢١ ، بسند آخر عن القاسم بن عروة ، عن بريد ، عن أحدهماعليهما‌السلام الوافي ، ج ٧ ، ص ٢٦٥ ، ح ٥٨٧٩ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ١٧٢ ، ح ٤٨٢٧.

(٦). فيالوافي : « لعلّ المراد بالحجاب الظلماني - والعلم عند الله وعند قائله - ظلّ الأرض المخروطي من‌الشمس ، وبالملك الموكّل به روحانيّة الشمس المحرّكة لها الدائرة بها وبإحدى يديه ، القوّة المحرّكة لها بالذات التي هي سبب لنقل ضوئها من محلّ إلى آخر ، وبالاُخرى القوّة المحرّكة لظلّ الأرض بالعرض =

٤٧

بِهِ مَلَكاً ، فَإِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ ، اغْتَرَفَ ذلِكَ الْمَلَكُ غُرْفَةً بِيَدِهِ(١) ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِهَا الْمَغْرِبَ يَتْبَعُ الشَّفَقَ ، وَيُخْرِجُ مِنْ بَيْنِ(٢) يَدَيْهِ قَلِيلاً قَلِيلاً ، وَيَمْضِي ، فَيُوَافِي(٣) الْمَغْرِبَ(٤) عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفَقِ ، فَيُسَرِّحُ(٥) فِي(٦) الظُّلْمَةِ(٧) ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَى الْمَشْرِقِ ، فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ ، نَشَرَ جَنَاحَيْهِ ، فَاسْتَاقَ(٨) الظُّلْمَةَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ حَتّى يُوَافِيَ بِهَا الْمَغْرِبَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ».(٩)

٤٨٤٤/ ٤. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ :

____________________

= بتبعيّة تحريك الشمس التي هي سبب لنقل الظلمة من محلّ إلى آخر ، وعوده إلى المشرق إنّما هو بعكس البدو بالإضافة إلى الضوء والظلّ وبالنسبة إلى فوق الأرض وتحتها. ونشر جناحيه كأنّه كناية عن نشر الضوء من جانب والظلمة من آخر ».

وفيمرآة العقول : « الحديث لعلّه مبنيّ على الاستعارة التمثيلية. « من » في قوله : من ظلمة ، يحتمل البيان والتبعيض ، والغرض بيان أنّ شيوع الظلمة واشتدادها تابعان لعلّة الشفق وغيوبته وبالعكس ».

(١). في « ى ، بخ » والوافي والوسائل والبحار : « بيديه ».

(٢). فيالوافي : - « بين ».

(٣). في « بث ، بس » : + « به ».

(٤). « فيوافي المغرب » ، أي يأتيه ، يقال : وافى فلان فلاناً ، أي أتاه. راجع :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥٢٦(وفي).

(٥). في « بخ » والوافي : « فتسرح ».

(٦). في « بخ » والوافي والوسائل : - « في ».

(٧). « فيسرح في الظلمة » ، أي يسيرفيها ، ولعلّه من قولهم : سَرَحَ السيلُ يسرح سُروحاً وسَرْحاً ، إذا جرى جرياً سهلاً. راجع :لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٤٨١ ؛مجمع البحرين ، ج ٢ ، ص ٣٧١ ( سرح ).

(٨). الاستياق : السوق ، يقال : ساق الماشية يَسُوقها واستاقها ، فانساقت. راجع :الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٩٩ ( سوق ).

(٩).الوافي ، ج ٧ ، ص ٢٦٧ ، ح ٥٨٨١ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ١٧٣ ، ح ٤٨٢٨ ؛البحار ، ج ٥٩ ، ص ٣٣٥ ، ح ١.

٤٨

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « وَقْتُ سُقُوطِ الْقُرْصِ وَ وُجُوبِ الْإِفْطَارِ(١) أَنْ تَقُومَ بِحِذَاءِ الْقِبْلَةِ ، وَتَتَفَقَّدَ الْحُمْرَةَ(٢) الَّتِي تَرْتَفِعُ مِنَ الْمَشْرِقِ ، فَإِذَا(٣) جَازَتْ قِمَّةَ الرَّأْسِ(٤) إِلى نَاحِيَةِ الْمَغْرِبِ ، فَقَدْ وَجَبَ الْإِفْطَارُ(٥) ، وَسَقَطَ الْقُرْصُ ».(٦)

٤٨٤٥/ ٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ حَرِيزٍ ، عَنْ زُرَارَةَ ، قَالَ:

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام : « وَقْتُ الْمَغْرِبِ إِذَا غَابَ الْقُرْصُ ، فَإِنْ رَأَيْتَ بَعْدَ ذلِكَ وَقَدْ صَلَّيْتَ ، فَأَعِدِ الصَّلَاةَ(٧) ، وَمَضى صَوْمُكَ ، وَتَكُفُّ عَنِ الطَّعَامِ إِنْ كُنْتَ أَصَبْتَ مِنْهُ شَيْئاً(٨) ».(٩)

____________________

(١). فيالوسائل والكافي ، ح ٦٣٧٣والتهذيب : + « من الصيام ».

(٢). في « بخ » : « وتفقّد الحمرة ». وفيالوافي : « وتفقد الحمرة ». وفي الكافي ، ح ٦٣٧٣والتهذيب : « ويتفقّدالحمرة ». وقوله : « تتفقّد الحمرة » ، أي تطلبها ، والتفقّد : طلب الشي‌ء عند غيبته. راجع :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٢٠ ( فقد ). (٣). في « ى ، بث ، بح ، بخ ، بس » والوافي : « إذا ».

(٤). في « بخ » : « قبّة الرأس ». و « قِمَّة الرأس » : أعلاه ووسطه. راجع :الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠١٥ ؛لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٤٩٥ ( قمم ).

(٥). فيالوسائل والكافي ، ح ٦٣٧٣والتهذيب : + « من الصيام ».

(٦).الكافي ، كتاب الصيام ، باب وقت الإفطار ، ح ٦٣٧٣ ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد.التهذيب ، ج ٤ ، ص ١٨٥ ، ح ٥١٦ ، معلّقاً عن الكليني ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زيادالوافي ، ج ٧ ، ص ٢٦٥ ، ح ٥٨٧٨ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ١٧٣ ، ح ٤٨٣٠.

(٧). في « ى ، بخ » وحاشية « بس »والوسائل والفقيه والتهذيب والاستبصار : « أعدت الصلاة ». وفي « بح » : « فأعدت الصلاة ».

(٨). فيمرآة العقول ، ج ١٥ ، ص ٣٩ : « يدلّ على أنّ وقت المغرب غيبوبة القرص ، وعلى وجوب الإعادة إذا صلّى قبل الوقت بظنّ دخوله ، وحمل على ما إذا لم يصادف جزء منه الوقت. ويدلّ على أنّ الإفطار مع ظنّ دخول الوقت غير موجب للقضاء ، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى ».

(٩).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٢٦١ ، ح ١٠٣٩ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيم. وفيالفقيه ، ج ٢ ، ص ١٢١ ، =

٤٩

٤٨٤٦/ ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خَلِيفَةَ ، قَالَ:

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : إِنَّ عُمَرَ بْنَ حَنْظَلَةَ أَتَانَا عَنْكَ بِوَقْتٍ؟

قَالَ : فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « إِذاً لَايَكْذِبُ عَلَيْنَا ».

قُلْتُ : قَالَ : وَقْتُ الْمَغْرِبِ إِذَا غَابَ الْقُرْصُ ، إِلَّا أَنَّ رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله كَانَ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ(١) ، أَخَّرَ الْمَغْرِبَ ، وَيَجْمَعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ(٢) .

فَقَالَ : « صَدَقَ ». وَقَالَ : « وَقْتُ الْعِشَاءِ(٣) حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ إِلى ثُلُثِ اللَّيْلِ ، وَ وَقْتُ الْفَجْرِ حِينَ يَبْدُو حَتّى يُضِي‌ءَ.(٤)

٤٨٤٧/ ٧. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « وَقْتُ الْمَغْرِبِ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، فَغَابَ‌

____________________

= ح ١٩٠٢ ، معلّقاً عن حمّاد ، عن حريز. وفيالتهذيب ، ج ٤ ، ص ٢٧١ ، ح ٨١٨ ؛والاستبصار ، ج ٢ ، ص ١١٥ ، ح ٣٧٦ ، بسندهما عن حمّاد بن عيسى ، وفي كلّها مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٧ ، ص ٢٦٠ ، ح ٥٨٧١ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ١٧٨ ، ح ٤٨٤٣.

(١). يقال : جَدَّ به الأمر وأجدّ ، أي اجتهد ، وجدّ به الأمر ، أي اشتدّ. راجع :لسان العرب ، ج ٣ ، ص ١١٣ ( جدد ).

(٢). فيالاستبصار ، ص ٢٦٧ : + « الآخرة ».

(٣). فيالتهذيب ، ص ٣١ : + « الآخرة ».

(٤).الكافي ، كتاب الصلاة ، باب وقت الفجر ، ح ٤٨٦٠ ، وتمام الرواية فيه : « وقت الفجر حين يبدو حتّى يضي‌ء ». وفيالتهذيب ، ج ٢ ، ص ٣١ ، ح ٩٥ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٦٧ ، ح ٩٦٥ ، معلّقاً عن الكليني. وفيالتهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٦ ، ح ١١٢ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٧٤ ، ح ٩٩١ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيم ، وتمام الرواية فيهما : « وقت الفجر حين يبدو حتّى يضي‌ء »الوافي ، ج ٧ ، ص ٢٥٧ ، ح ٥٨٦٣ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ١٥٦ ، ح ٤٧٩١.

٥٠

قُرْصُهَا ».(١)

٤٨٤٨/ ٨. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ حَرِيزٍ ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ؟

فَقَالَ : « إِنَّ جَبْرَئِيلَعليه‌السلام أَتَى النَّبِيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله لِكُلِّ صَلَاةٍ بِوَقْتَيْنِ غَيْرَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ ؛ فَإِنَّ وَقْتَهَا وَاحِدٌ ، وَوَقْتَهَا(٢) وُجُوبُهَا(٣) ».(٤)

٤٨٤٩/ ٩. وَرَوَاهُ(٥) عَنْ زُرَارَةَ وَالْفُضَيْلِ ، قَالَا :

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام : « إِنَّ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقْتَيْنِ غَيْرَ الْمَغْرِبِ ، فَإِنَّ وَقْتَهَا وَاحِدٌ ، وَ(٦) وَقْتَهَا وُجُوبُهَا ، وَوَقْتَ فَوْتِهَا(٧) سُقُوطُ الشَّفَقِ ».(٨)

____________________

(١).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٢٨ ، صدر ح ٨١ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٦٣ ، ح ٩٤٤ ، معلّقاً عن الحسين بن سعيدالوافي ، ج ٧ ، ص ٢٥٧ ، ح ٥٨٦٥ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ١٧٨ ، ح ٤٨٤٢.

(٢). في « بح » وحاشية « بس »والوسائل : « وأنّ وقتها ».

(٣). يعني بالوجوب السقوط ، والظاهر أنّ الضمير راجع إلى الشمس بقرينة المقام. قال العلّامة المجلسي : « ويحتمل رجوعه إلى الصلاة فيكون بالمعنى المصطلح ». راجع :النهاية ، ج ٥ ، ص ١٥٤ ( وجب ) ؛مرآة العقول ، ج ١٥ ، ص ٤٠.

(٤).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٢٦٠ ، ح ١٠٣٦ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٤٥ ، ح ٨٧٣ ؛ وص ٢٧٠ ، ح ٩٧٥ ، معلّقاً عن عليّ بن مهزيارالوافي ، ج ٧ ، ص ٢٦١ ، ح ٥٨٧٤ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ١٨٧ ، ح ٤٨٧١.

(٥). الضمير المستتر في « رواه » راجع إلى حريز المذكور في السند السابق.

(٦). في « ى ، بث » : - « وقتها واحد و ». وفي « بح » : + « أنّ ».

(٧). فيمرآة العقول : « المراد بالفوت فوت الفضيلة على المشهور ، وحاصل جمع المصنّف بين الخبرين أنّ المراد بالوقتين أوّل الوقت وآخره ، ويمكن للمستعجل إيقائها أوّل الوقت وآخره ، فالوقتان بالنسبة ، إليه ومن يأتي بها مع آدابها وشرائطها ونوافلها ، فلايفضل الوقت عنها ، فمن هذه الجهة وبالنسبة إلى هذا المصلّي لها وقت واحد ».

(٨).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٢٦٠ ، ح ١٠٣٥ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٤٥ ، ح ٨٧٢ ؛ وص ٢٦٩ ، ح ٩٧٤ ، وفي =

٥١

* وَرُوِيَ أَيْضاً(١) : « أَنَّ لَهَا وَقْتَيْنِ ، آخِرُ وَقْتِهَا سُقُوطُ الشَّفَقِ ».(٢)

وَلَيْسَ هذَا مِمَّا يُخَالِفُ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ ، إِنَّ لَهَا وَقْتاً وَاحِداً ؛ لِأَنَّ الشَّفَقَ هُوَ الْحُمْرَةُ ، وَلَيْسَ بَيْنَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ وَبَيْنَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ إِلَّا شَيْ‌ءٌ يَسِيرٌ ، وَذلِكَ أَنَّ عَلَامَةَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ بُلُوغُ الْحُمْرَةِ الْقِبْلَةَ ، وَلَيْسَ بَيْنَ بُلُوغِ الْحُمْرَةِ(٣) الْقِبْلَةَ وَبَيْنَ غَيْبُوبَتِهَا إِلَّا قَدْرُ مَا يُصَلِّي الْإِنْسَانُ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَنَوَافِلَهَا إِذَا صَلَّاهَا عَلى تُؤَدَةٍ(٤) وَسُكُونٍ ، وَقَدْ(٥) تَفَقَّدْتُ ذلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلِذلِكَ(٦) صَارَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ ضَيِّقاً(٧)

٤٨٥٠/ ١٠. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، قَالَ :

سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ أَسْبَاطٍ أَبَا الْحَسَنِعليه‌السلام - وَنَحْنُ نَسْمَعُ - : الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ ، أَوِ الْبَيَاضُ؟

فَقَالَ : « الْحُمْرَةُ ، لَوْ كَانَ الْبَيَاضَ ، كَانَ إِلى ثُلُثِ اللَّيْلِ ».(٨)

٤٨٥١/ ١١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَجَّالِ(٩) ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ ، قَالَ :

____________________

= كلّها بسند آخر عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، إلى قوله : « فإنّ وقتها واحد » مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٧ ، ص ٢٦٢ ، ح ٥٨٧٦ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ١٨٧ ، ح ٤٨٧٢.

(١). فيالوافي : - « أيضاً ».

(٢).الوافي ، ج ٧ ، ص ٢٦٢ ، ح ٥٨٧٧ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ١٨٧ ، ح ٤٨٧٣.

(٣). في « ى » : + « إلى ».

(٤). « التُؤَدَةُ » : التأنّي والتثبّت ، يقال : اتّأد في فعله وقوله وتوأّد ، إذا تأنّى وتثبّت ولم يعجل. راجع :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٤٦ ( وأد ) ؛النهاية ، ج ١ ، ص ١٧٨ ( تئد ).

(٥). في « جن » : « فقد ».

(٦). في « ى » : « وبذلك ».

(٧). في حاشية « جن » : « مضيّقاً ».

(٨).الوافي ، ج ٧ ، ص ٢٧٨ ، ح ٥٩٠٢ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ٢٠٥ ، ح ٤٩٢٩.

(٩). فيالاستبصار : « عبدالله بن الحجّال ». وفي بعض نسخه المعتمدة : « عبدالله الحجّال ».

٥٢

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : مَتى تَجِبُ الْعَتَمَةُ(١) ؟

فَقَالَ(٢) : « إِذَا غَابَ الشَّفَقُ ؛ وَالشَّفَقُ : الْحُمْرَةُ ».

فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ : أَصْلَحَكَ اللهُ ، إِنَّهُ يَبْقى بَعْدَ ذَهَابِ الْحُمْرَةِ ضَوْءٌ شَدِيدٌ مُعْتَرِضٌ؟

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « إِنَّ الشَّفَقَ إِنَّمَا هُوَ الْحُمْرَةُ ، وَلَيْسَ الضَّوْءُ مِنَ الشَّفَقِ(٣) ».(٤)

٤٨٥٢/ ١٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ دَخَلَ(٥) وَقْتُ الصَّلَاتَيْنِ(٦) ، إِلَّا أَنَّ هذِهِ قَبْلَ هذِهِ ».(٧)

٤٨٥٣/ ١٣. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْوَشَّاءِ ، عَنْ أَبَانٍ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : لَوْ لَا(٨) أَنْ أَشُقَّ عَلى أُمَّتِي ، لَأَخَّرْتُ‌

____________________

(١). « العتمة » : « الثلث الأوّل من الليل بعد غيبوبة الشفق ، ، وتسمّى صلاة العشاء عتمة ، تسميةً بالوقت. راجع :النهاية ، ج ٣ ، ص ١٨٠ ؛لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٣٨٢ ( عتم ).

(٢). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والبحار. وفي المطبوعوالوسائل : « قال ».

(٣). في « ظ ، غ ، بث ، بح ، بس ، جن » وحاشية « بخ » : « البياض ».

(٤).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٤ ، ح ١٠٣ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٧٠ ، ح ٩٧٧ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ٧ ، ص ٢٧٨ ، ح ٥٩٠١ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ٢٠٤ ، ح ٤٩٢٨ ؛البحار ، ج ٥٩ ، ص ٣٣٧ ، ح ٣.

(٥). فيالوافي : - « فقد دخل ».

(٦). فيالوافي والتهذيب : + « إلى نصف الليل ».

(٧).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٢٧ ، ح ٧٨ ، بسنده عن القاسم مولى أبي أيّوب ، عن عبيد بن زرارة ، مع اختلاف يسير وزيادة في آخرهالوافي ، ج ٧ ، ص ٢٧٥ ، ح ٥٨٩٢ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ١٨٦ ، ح ٤٨٦٧.

(٨). فيالوافي : + « أنّي أخاف ».

٥٣

الْعِشَاءَ(١) إِلى ثُلُثِ اللَّيْلِ ».(٢)

* وَرُوِيَ أَيْضاً : « إِلى نِصْفِ(٣) اللَّيْلِ ».(٤)

٤٨٥٤/ ١٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قَالَ(٥) : « وَقْتُ الْمَغْرِبِ فِي السَّفَرِ إِلى رُبُعِ(٦) اللَّيْلِ ».(٧)

٤٨٥٥/ ١٥. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الرَّيَّانِ ، قَالَ :

كَتَبْتُ إِلَيْهِ : الرَّجُلُ يَكُونُ فِي الدَّارِ تَمْنَعُهُ(٨) حِيطَانُهَا النَّظَرَ إِلى حُمْرَةِ الْمَغْرِبِ ، وَمَعْرِفَةَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَوَقْتِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ(٩) الْآخِرَةِ ، مَتى يُصَلِّيهَا؟ وَكَيْفَ يَصْنَعُ؟

فَوَقَّعَعليه‌السلام : « يُصَلِّيهَا إِذَا كَانَ عَلى هذِهِ الصِّفَةِ عِنْدَ قَصْرَةِ(١٠) النُّجُومِ ، وَالْمَغْرِبَ(١١)

____________________

(١). فيالوافي : « العتمة ».

(٢).الوافي ، ج ٧ ، ص ٢٧٨ ، ح ٥٩٠٣ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ١٨٦ ، ح ٤٨٦٨ ؛ وص ٢٠٠ ، ذيل ح ٤٩١٤.

(٣). فيالوسائل ، ح ٤٩١٥ : « ربع ».

(٤).علل الشرائع ، ص ٣٤٠ ، ح ١ ، بسنده عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصيرالوافي ، ج ٧ ، ص ٢٧٨ ، ح ٥٩٠٣ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ١٨٦ ، ح ٤٨٦٩ ؛ وص ٢٠٠ ، ذيل ح ٤٩١٥.

(٥). فيالوافي والوسائل : - « قال ».

(٦). في الكافي ، ح ٥٥٠٣ : « ثلث ».

(٧).الكافي ، كتاب الصلاة ، باب وقت الصلاة في السفر والجمع بين الصلاتين ، ح ٥٥٠٣ ، بسنده عن أبان ، عن عمر بن يزيد ، مع هذه الزيادة : « وروي أيضاً إلى نصف الليل ».التهذيب ، ج ٣ ، ص ٢٣٣ ، ح ٦١٠ ، بسنده عن أبان بن عثمانالوافي ، ج ٧ ، ص ٢٩١ ، ح ٥٩٣٣ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ١٩٤ ، ح ٤٨٩٦.

(٨). في « ظ ، ى »والاستبصار : « يمنعه ».

(٩). فيالوسائل : « عشاء ».

(١٠). في حاشية « بس » : « اختلاف ». وفيالتهذيب والاستبصار : « قصر ».

(١١). فيالتهذيب : « العشاء ».

٥٤

عِنْدَ اشْتِبَاكِهَا(١) ؛ وَبَيَاضُ مَغِيبِ الشَّمْسِ قَصْرَةُ(٢) النُّجُومِ إِلى(٣) بَيَانِهَا(٤) ».(٥)

٤٨٥٦/ ١٦. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ ، قَالَ :

كَتَبْتُ إِلَى الرِّضَاعليه‌السلام : ذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ ، فَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ، وَإِذَا غَرَبَتْ ، دَخَلَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ، إِلَّا أَنَّ هذِهِ قَبْلَ هذِهِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ ، وَأَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ إِلى رُبُعِ اللَّيْلِ؟

فَكَتَبَ : « كَذلِكَ الْوَقْتُ ، غَيْرَ أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ ضَيِّقٌ(٦) ، وَآخِرُ وَقْتِهَا ذَهَابُ‌

____________________

(١). فيالوافي : « وفيه - أيالتهذيب - : والعشاء عند اشتباكها ، وهو أظهر ؛ لأنّ اشتباك النجوم إنّما يتحقّق بعد قصرها ».

(٢). في حاشية « بس » : « اختلاف ».

(٣). في « ظ ، بس ، جن » : - « إلي ».

(٤). في « ى ، بخ »والوسائل والتهذيب والاستبصار : - « قصرة النجوم إلى بيانها ». وفيمرآة العقول ، ج ١٥ ، ص ٤٢ : « فيالتهذيب : عند قصر النجوم والعشاء عند اشتباكها وبياض مغيب الشمس ، قال محمّد بن الحسن : معنى قصر النجوم بيانها. وهو الظاهر ولعلّه تصحيف من نسّاخ الكتاب. وفيالقاموس : القَصْرُ : اختلاط الظلام ، وقَصَرَ الطعامُ قُصوراً : نَمى ، وغَلا ، ونَقَصَ ، ورَخُصَ ؛ ضدّ. ولعلّ تفسير القصر بالبيان مأخوذ من معنى النموّ مجازاً ، أو هو بمعنى بياض النجوم ، كما أنّ القصّار يطلق على من يبيّض الثوب. وعلى ما في الكتاب يمكن أن يكون المراد بقصرة النجوم ظهور أكثر النجوم وباشتباكها ظهور بعض النجوم المشرقة الكبيرة ، ويكون البياض مبتدأ وقصرة النجوم خبره ، أي علامته ذهاب الحمرة من المغرب وظهور البياض قصرة النجوم ، وبيانها عطف بيان أو بدل للقصرة ». وراجع أيضاً :القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٤٤ - ٦٤٥ ( قصر ).

(٥).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٢٦١ ، ح ١٠٣٨ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٦٩ ، ح ٩٧٢ ، معلّقاً عن سهل بن زيادالوافي ، ج ٧ ، ص ٢٩٧ ، ح ٥٩٤٨ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ٢٠٥ ، ح ٤٩٣١ ؛البحار ، ج ٨٣ ، ص ٦٨ ، ذيل ح ٣٨.

(٦). فيالوافي : « يعني أنّ وقته للمختار ضيّق ، وأمّا للمضطرّ والمسافر فموسّع إلى أن يبقى للانتصاف مقدارأربع ».

٥٥

الْحُمْرَةِ ، وَمَصِيرُهَا إِلَى الْبَيَاضِ(١) فِي أُفُقِ الْمَغْرِبِ ».(٢)

٧ - بَابُ وَقْتِ الْفَجْرِ‌

٤٨٥٧/ ١. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ ، قَالَ :

كَتَبَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْحُصَيْنِ(٣) إِلى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِيعليه‌السلام مَعِي : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، قَدِ اخْتَلَفَ(٤) مُوَالُوكَ(٥) فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ الْأَوَّلُ ، الْمُسْتَطِيلُ فِي السَّمَاءِ ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي إِذَا اعْتَرَضَ فِي أَسْفَلِ الْأُفُقِ وَاسْتَبَانَ(٦) ، وَلَسْتُ أَعْرِفُ أَفْضَلَ الْوَقْتَيْنِ فَأُصَلِّيَ فِيهِ ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُعَلِّمَنِي أَفْضَلَ الْوَقْتَيْنِ وَتَحُدَّهُ لِي ، وَكَيْفَ أَصْنَعُ مَعَ الْقَمَرِ وَالْفَجْرُ لَايَتَبَيَّنُ مَعَهُ حَتّى يَحْمَرَّ(٧) وَيُصْبِحَ؟

____________________

(١). في « ى » : « بياض ».

(٢).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٢٦٠ ، ح ١٠٣٧ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٧٠ ، ح ٩٧٦ ، معلّقاً عن سهل بن زيادالوافي ، ج ٧ ، ص ٢٧٦ ، ح ٥٨٩٥ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ١٣٠ ، ح ٤٧١١ ؛ وص ١٨٦ ، ح ٤٨٧٠ ، وفيهما إلى قوله : « أنّ وقت المغرب ضيّق » ؛وفيه ، ص ١٨٨ ، ح ٤٨٧٤ ، من قوله : « فكتب كذلك الوقت».

(٣). الخبر رواه الشيخ الطوسي فيالتهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٦ ، ح ١١٥ ،والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٧٤ ، ح ٩٩٤ - باختلاف يسير - بسنده عن الحسين بن سعيد ، عن الحصين بن أبي الحصين ، قال : كتبت إلى أبي جعفرعليه‌السلام .

والمظنون وقوع التحريف في العنوان ، في المواضع الثلاثة ، وأنّ الصواب هو أبو الحصين بن الحصين ، وهو الذي ورد ذكره فيرجال البرقي ، ص ٥٦ ،ورجال الطوسي ، ص ٣٧٩ ، الرقم ٥٦٢٣ ، في جملة أصحاب أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، كما ورد فيرجال البرقي ، ص ٥٨ ،ورجال الطوسي ، ص ٣٩٣ ، الرقم ٥٨٠٢ ، في جملة أصحاب أبي الحسن الثالثعليه‌السلام .

(٤). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والتهذيب والاستبصار. وفي المطبوع : « اختلفت ».

(٥). في « ى » وحاشية « بح »والتهذيب : « مواليك ».

(٦). في « بث » : « فاستبان ».

(٧). في « بس » : « حتّى يجمر ». وفي « جن » وحاشية « غ » : « حتّى يجهر ».

٥٦

وَكَيْفَ أَصْنَعُ مَعَ الْغَيْمِ؟ وَمَا حَدُّ ذلِكَ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ؟ فَعَلْتُ(١) إِنْ شَاءَ اللهُ.

فَكَتَبَعليه‌السلام بِخَطِّهِ وَقَرَأْتُهُ : « الْفَجْرُ - يَرْحَمُكَ(٢) اللهُ - هُوَ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ ، الْمُعْتَرِضُ(٣) ، لَيْسَ(٤) هُوَ الْأَبْيَضَ صُعَدَاءَ(٥) ، فَلَا تُصَلِّ فِي سَفَرٍ وَلَاحَضَرٍ حَتّى تَبَيَّنَهُ(٦) ؛ فَإِنَّ اللهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - لَمْ يَجْعَلْ خَلْقَهُ فِي شُبْهَةٍ مِنْ هذَا ، فَقَالَ :( كُلُوا (٧) وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (٨) فَالْخَيْطُ(٩) الْأَبْيَضُ هُوَ‌ الْمُعْتَرِضُ(١٠) الَّذِي يَحْرُمُ بِهِ(١١) الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِي الصَّوْمِ ، وَكَذلِكَ(١٢) هُوَ الَّذِي تُوجَبُ(١٣)

____________________

(١). فيالوافي : « قوله : فعلت ، متعلّق بقوله : فإن رأيت ».

(٢). في « ى » : « رحمك ».

(٣). في « ى » : « والمعترض ». وفيالتهذيب والاستبصار : - « المعترض ».

(٤). فيالوسائل والتهذيب والاستبصار : « وليس ».

(٥). في « ى ، بث ، بخ » ومرآة العقول : « صعداً ». فيالوافي : « الأبيض المعترض هو الذي يأخذ طولاً وعرضاً وينبسط في عرض الاُفق كنصف دائرة ، ويسمّى بالصبح الصادق ؛ لأنّه صدقك عن الصبح وبيّنه لك ، ويسمّى أيضاً الفجر الثاني ؛ لأنّه بعد الأبيض. صُعَداء : كبُرَآء الذي يظهر أوّلاً عند قرب الصباح مستدقّاً مستطيلاً صاعداً كالعمود ، ويسمّى ذاك بالفجر الأوّل لسبقه ، والكاذب لكون الافق مظلماً بعد ، ولو كان صادقاً لكان المنير ممّا يلي الشمس دون ما يبعد منه ويشبه بذَنَب السرحان لدقّته واستطالته ».

(٦). هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي ومرآة العقول والوسائل . وفي « بح » : « حتّى يتبيّنه ». وفي المطبوع : « حتّى تتبيَّنه ».

(٧). في « بخ ، بس » والوافي :( وَكُلُوا ) .

(٨). البقرة (٢) : ١٨٧.

(٩). في « بخ » والوافي : « والخيط ».

(١٠). فيالتهذيب والاستبصار : « الفجر ».

(١١). في حاشية « جن » : « معه ».

(١٢). في « بح » : « كذلك » بدون الواو.

(١٣). في « غ ، بث ، بح ، بخ ، بس » والوافي والوسائل والتهذيب والاستبصار : « يوجب ».

٥٧

بِهِ الصَّلَاةُ ».(١)

٤٨٥٨/ ٢. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : أَخْبِرْنِي بِأَفْضَلِ(٢) الْمَوَاقِيتِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ.

فَقَالَ : « مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ؛ إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ :( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً ) (٣) يَعْنِي صَلَاةَ الْفَجْرِ ، تَشْهَدُهُ(٤) مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ(٥) النَّهَارِ ، فَإِذَا صَلَّى الْعَبْدُ(٦) الصُّبْحَ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، أُثْبِتَتْ(٧) لَهُ مَرَّتَيْنِ : أَثْبَتَهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ ، وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ».(٨)

٤٨٥٩/ ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَطِيَّةَ :

____________________

(١).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٦ ، ح ١١٥ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٧٤ ، ح ٩٩٤ ، بسندهما عن الحصين بن أبي الحصين ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٧ ، ص ٣٠١ ، ح ٥٩٥٧ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ٢١٠ ، ح ٤٩٤٤.

(٢). في حاشية « بح ، جن » : « بأصل ».

(٣). الإسراء (١٧) : ٧٨.

(٤). في « بح » والوافي والتهذيب : « يشهده ». وفي الثواب : « يشهدها ». وفي العلل : « تشهدها ».

(٥). في « ى » : - « ملائكة ».

(٦). فيالوافي : + « صلاة ».

(٧). في « بث ، بح ، جن »والتهذيب : « أثبت ». وفي « بخ » : + « الملائكة ». وفي حاشية « بح » : «أتت».

(٨).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٧ ، ح ١١٦ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٧٥ ، ح ٩٩٥ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ؛علل الشرائع ، ص ٣٣٦ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر.ثواب الأعمال ، ص ٥٧ ، ح ١ ، بسنده عن إسحاق بن عمّار ، وفي كلّها مع اختلاف يسير. راجع :الأمالي للطوسي ، ص ٦٩٥ ، المجلس ٣٩ ، ح ٢٤ ؛ وتفسير العيّاشي ، ج ٢ ، ص ٣٠٨ ، ح ١٣٧ ؛ وص ٣٠٩ ، ح ١٤١الوافي ، ج ٧ ، ص ٣٠٤ ، ح ٥٩٦٦ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ٢١٣ ، ذيل ح ٤٩٤٧ ؛البحار ، ج ٥ ، ص ٣٢١ ، ح ٢.

٥٨

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « الصُّبْحُ(١) هُوَ الَّذِي إِذَا رَأَيْتَهُ مُعْتَرِضاً كَأَنَّهُ بَيَاضُ(٢) سُورى(٣) ».(٤)

٤٨٦٠/ ٤. عَلِيٌّ(٥) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خَلِيفَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « وَقْتُ الْفَجْرِ حِينَ يَبْدُو حَتّى يُضِي‌ءَ ».(٦)

____________________

(١). في الكافي ، ح ٦٣٦٩والفقيه والتهذيب ، ج ٤ : « الفجر ».

(٢). فيالوافي : « نباض ». وفيالتهذيب ، ج ٤والاستبصار ، ح ٩٩٧ : + « نهر ».

(٣). « سورى » ، كطوبى : موضع بالعراق ، وهو من بلد السريانييّن ، موضع من أعمال بغداد. وقد يمدّ. كذا فيالقاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٧٩ ( سور ). وفيالوافي : « النباض ، بالنون والباء الموحّدة ، من نبض الماء : إذا سال. وربما قرئ بالموحدّة ، ثمّ الياء المثنّاة من تحت. وسورى على وزن بشرى : موضع بالعراق ، والمراد بنباضها أو بياضها نهرها ، كما دلّ عليه الخبر عن هشام بن الهذيل ، عن أي الحسن الماضيعليه‌السلام ، قال : سألته عن وقت الفجر ، فقال : حين يعترض الفجر فتراه مثل نحر سورى ». وهكذا الكلام مأخوذ من كلام الشيخ البهائيقدس‌سره فيالحبل المتين ، ص ٤٧٣ و ٤٧٤. والمراد بنهر سورى - عند الشيخ الطريحي - الفرات. راجع :مجمع البحرين ، ج ٣ ، ص ٣٣٩ ( سور ).

(٤).الكافي ، كتاب الصيام ، باب الفجر ما هو ومتى يحلّ ومتى يحرم الأكل ، ح ٦٣٦٩. وفيالتهذيب ، ج ٤ ، ص ١٨٥ ، ح ٥١٥ ، معلّقاً عن الكليني. وفيالتهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٧ ، ح ١١٨ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٧٥ ، ح ٩٩٧ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيم.الفقيه ، ج ١ ، ص ٥٠٠ ، ح ١٤٣٦ ، معلّقاً عن عليّ بن عطيّة ، وفي الأخيرين مع اختلاف يسير. وفيالتهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٧ ، ح ١١٧ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٧٥ ، ح ٩٩٦ ، بسند آخر عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام .الفقيه ، ج ١ ، ص ٢٢١ ، ذيل ح ٦٦٥ ، وفي الثلاثة الأخيرة مع اختلافالوافي ، ج ٧ ، ص ٣٠٢ ، ح ٥٩٥٩ ؛ وج ١١ ، ص ٢٢٩ ، ح ١٠٧٤٦ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ٢١٠ ، ذيل ح ٤٩٤٢.

(٥). في « بث » : + « بن إبراهيم ».

(٦).الكافي ، كتاب الصلاة ، باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ، ذيل ح ٤٨٤٦. وفيالتهذيب ، ج ٢ ، ص ٣١ ، ذيل ح ٩٥ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٦٧ ، ذيل ح ٩٦٥ ، معلّقاً عن الكليني. وفيالتهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٦ ، ح ١١٢ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٧٤ ، ح ٩٩١ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيم. وفيالتهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٦ ، =

٥٩

٤٨٦١/ ٥. عَلِيٌّ(١) ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « وَقْتُ الْفَجْرِ حِينَ يَنْشَقُّ الْفَجْرُ إِلى أَنْ يَتَجَلَّلَ(٢) الصُّبْحُ السَّمَاءَ(٣) ، وَلَايَنْبَغِي تَأْخِيرُ ذلِكَ عَمْداً ، لكِنَّهُ وَقْتٌ لِمَنْ شُغِلَ(٤) ، أَوْ نَسِيَ ، أَوْ نَامَ ».(٥)

٤٨٦٢/ ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ(٦) ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَفْصٍ الْمَرْوَزِيِّ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّعليه‌السلام ، قَالَ : « إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ ، ظَهَرَ بَيَاضٌ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ شِبْهُ عَمُودٍ مِنْ حَدِيدٍ تُضِي‌ءُ(٧) لَهُ الدُّنْيَا ، فَيَكُونُ سَاعَةً ، ثُمَّ يَذْهَبُ وَيُظْلِمُ ،

____________________

=ح ١١١ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٧٣ ، ح ٩٩٠ ، بسند آخر عن أبي جعفرعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع زيادة في أوّله.الفقيه ، ج ١ ، ص ٥٠١ ، ح ١٤٣٧ ، مرسلاً ، من دون الإسناد إلى المعصومعليه‌السلام ؛وفيه ، ص ٢٢١ ، ذيل ح ٦٦٥ ، وفي الأربعة الأخيرة مع اختلافالوافي ، ج ٧ ، ص ٣٠٣ ، ح ٥٩٦١ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ٢٠٧ ، ذيل ح ٤٩٣٥ ؛ وص ١٥٦ ، ح ٤٩٧١.

(١). فيالوسائل والتهذيب والاستبصار : + « بن إبراهيم ».

(٢). في « غ ، بح » : « أن يتحلّل ».

(٣). « أن يتجلّل الصبح السماء » أي يعلوها ؛ من قولهم : تجلّله ، أي علاه. والمراد انتشاره فيها وشمول ضوئه‌لها. راجع :الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٦١ ( جلل ) ؛الوافي ، ج ٧ ، ص ٣٠٤ ؛مرآة العقول ، ج ١٥ ، ص ٤٥.

(٤). في « غ ، بس » : « اشتغل ». وفي حاشية « غ » : « يشغل ».

(٥).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٨ ، ح ١٢١ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٧٦ ، ح ١٠٠١ ، معلّقاً عن الكليني. وفيالتهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٩ ، ح ١٢٣ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٧٦ ، ح ١٠٠٣ ، بسند آخر ، مع اختلاف يسير وزيادة في أوّله وآخره. وفيالتهذيب ، ج ٢ ، ص ٢٥٣ ، ضمن ح ١٠٠٤ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٢٥٨ ، ضمن ح ٩٢٥ ، بسند آخر عن أبي عبداللهعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن جبرئيل سلام الله عليه ، وتمام الرواية فيهما : « صلّ الفجر حين ينشقّ الفجر »الوافي ، ج ٧ ، ص ٣٠٤ ، ح ٥٩٦٤ ؛الوسائل ، ج ٤ ، ص ٢٠٧ ، ح ٤٩٣٣.

(٦). في « بس » : « القاشاني ».

(٧). في « بث » : « يضي‌ء ».

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

بالتعصّب ضدّ الشيعة ، قال : الإمامة عند الأشاعرة هي : خلافة الرسول في إقامة الدين وحفظ حوزة الملّة بحيث يجب اتّباعه على كافة الامّة.

ثمّ إذا كانت الإمامة من فروع الدين لما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يؤكّد على أهميّتها بقوله المروي في كتبكم المعتبرة ، مثل : «الجمع بين الصحيحين» للحميدي و «شرح العقائد النسفية» لسعد التفتازاني.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من مات ولم يعرف إمام زمانه ، مات ميتة جاهلية».

من الواضح أنّ عدم المعرفة بفرع من فروع الدين لا يوجب التزلزل في أصل الدين حتّى يخرج صاحبه من الدنيا بالجاهلية قبل الإسلام ولذا صرّح البيضاوي : بأنّ مخالفة الإمامة توجب الكفر والبدعة.

فالإمامة في معتقدنا ، مرتبة عظيمة هامّة ، نازلة منزلة النبوّة ، والإمام قائم مقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبهذا يظهر الفرق بين أئمّتنا الاثني عشر من أهل البيتعليهم‌السلام وبين الأئمّة عندكم ، فأنتم تطلقون كلمة الإمام على علمائكم ، كالإمام الأعظم ، والإمام مالك ، والإمام الشافعي ، والإمام أحمد ، والإمام الفخر الرازي ، والإمام الغزالي ، وغيرهم ، وهو عندكم كإمام الجمعة والجماعة ، والإمام بهذا المعنى يخرج عن الحدّ والحصر.

ولكن الإمام بالمعنى الذي نقوله نحن فهو في كلّ زمان واحد لا أكثر ، وهو أفضل أهل زمانه في جميع الصفات الحميدة ، فهو الأعلم والأتقى والأشجع والأورع والمعصوم بفضل الله ولطفه من الخطأ والسهو ، فيكون حجّة الله في الأرض ، ولا تخلو الأرض من حجّة لله

٢٤١

عزّ وجلّ ، يعيّن بالنصّ ، كما وردت نصوص من النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في إمامة الاثني عشر من أهل البيتعليهم‌السلام ، وأمر أمّته بطاعتهم والأخذ منهم.

والأئمّة الاثنا عشرعليهم‌السلام بعد جدّهم خاتم النبيّين وسيّد الخلق أجمعين يكونون أعلى رتبة وأرفع درجة من جميع الخلق حتّى الأنبياء العظام عليهم تحيات وصلوات الملك العلاّم.

الحافظ : الله أكبر! قبل هذا كنت تذمّ الغلاة وتطردهم من مذهب الشيعة ، والآن ثبت أنّكم أيضا مغالون في حقّ أئمّتكم إذ تجعلونهم أعلى وأرفع من الأنبياء العظام ، والقرآن يصرّح بأنّ مقام النبوّة أعلى المراتب التي يمنحها الله سبحانه لأحد من عباده المكرّمين ، فكلامكم مخالف للقرآن الحكيم والعقل السليم!

قلت : مهلا لا تتسرّع في ردّنا ، ولا تعجل في تخطئة كلامنا ، ولا تقل بأنّ كلامنا يخالف القرآن الحكيم ، بل لنا دليل على صحّة كلامنا واعتقادنا من القرآن الكريم ، واعلم بأنّنا أبناء الدليل ، حيثما مال نميل.

الحافظ : بيّنوا دليلكم حتّى نعرفه! فإنّ كلامكم غريب جدّا!

قلت : إنّ الله سبحانه بعد أن يذكر امتحان أبي الأنبياء إبراهيم الخليلعليه‌السلام وابتلاءه في نفسه وأمواله وولده ، وبعد نجاحه وفوزه في كلّ تلك الامتحانات ، أراد الله تعالى أن يمنحه مقاما أعلى من النبوّة والرسالة والخلّة والعزم ، لأنّه كان آنذاك نبيّا رسولا من اولي العزم وصاحب الخلّة ، فرفعه إلى مقام الإمامة وجعله إماما للناس ، فقال سبحانه :( وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ

٢٤٢

لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (١) . فظهر أنّ الإمامة أعلى مرتبة من النبوّة والرسالة والعزم والخلّة.

الحافظ : فعلى هذا ، إنّ الإمام عليّ (كرّم الله وجهه) يكون مقامه عندكم أعلى من مقام سيّدنا محمّد (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) ، وأيّ غلوّ أعظم من هذا؟!

قلت : ليس كذلك! وإنّما بين النبوّة العامّة والنبوّة الخاصة فرق كبير ، والإمامة أعلى رتبة من النبوّة العامة ودون النبوّة الخاصة ، والأخيرة هي درجة خاتم الأنبياء وسيّد الخلق أجمعين ، محمّد المصطفى ، حبيبنا وحبيب إله العالمينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

النوّاب : أرجو المعذرة من التدخّل في البحث ، فإنّي حريص على اكتساب المعلومات وفهم هذه المسائل ، ولذا حينما تخطر مسألة في بالى أطرحها فورا لأنّي أخاف أن أنساها ، فسؤالي عن الآية الكريمة التي تقول :( لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ ) (٢) ـ أي : الرسل ـ فالأنبياء كلّهم في رتبة واحدة ومقام الجميع عند الله تعالى على حدّ سواء ، فكيف قسّمتم النبوّة إلى قسمين عامّة وخاصّة؟! أرجو التوضيح.

قلت : هذه الآية صحيحة في محلّها ، أي : لا نفرّق بين أحد من الرسل بأنّهم مبعوثون من عند الله عزّ وجلّ إلى الناس ، وكلّهم يدعون إلى الله سبحانه وحده لا شريك له ، وإلى المعاد والقيامة ، ويدعون إلى المعروف والحسنات ، وينهون عن المنكرات والسيّئات.

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ١٢٤.

(٢) سورة البقرة ، الآية ١٣٦ وسورة آل عمران ، الآية ٨٤.

٢٤٣

مراتب الأنبياء

ولكن هل إنّ النبيّ المبعوث إلى ألف نفر يساوي مقامه مقام النبيّ الذي أرسل الى مائة ألف؟! وهل هذا يساوي مقامه مقام النبي الذي بعثه الله وأرسله إلى الناس كافّة؟!

وكذلك هل إنّ معلّم الدورة الابتدائية يساوي مقامه العلمي مقام استاذ الكلّيّة أو الجامعة؟! لا

والحال إنّه يصحّ أن نقول لاستاذ الجامعة معلّم أيضا ، وكلاهما يعملان في وزارة واحدة وهي : وزارة التربية والتعليم ومسئوليتهما أن يأخذا بيد الطلاب ويصعدا بهم سلّم العلم والثقافة ، ولكن أين هذا من ذاك!

وكذلك الأنبياء والرسل متساوون من جهة أنّهم مبعوثون ومرسلون من عند الله عزّ وجلّ إلى خلقه ، لا نفرّق بين أحد منهم

ولكن من حيث العلم والفضل غير متساوين ، فقد قال تعالى :( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ ) (١) .

قال الزمخشري في الكشّاف في تفسيرها : إنّ المراد من :( وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ ) هو نبيّنا محمّد الّذي فضّله الله على جميع الأنبياء بخصائص كثيرة ، أهمّها أنّه خاتم النبيّين.

النوّاب : أشكركم على هذا التوضيح التامّ ، ورفع الشبهة والوهم ، وقد بقي عندي سؤال آخر ، أستأذنكم وأستأذن الحاضرين

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ٢٥٣.

٢٤٤

لأطرحه ، وهو : أرجوكم أن توضّحوا معنى : النبوّة الخاصة وميزتها ولو باختصار ، والرجاء أن يكون بيانكم على حدّ فهمنا ومستوانا.

قلت : إنّ ميزات النبوّة الخاصة كثيرة والمجلس لم ينعقد لبيان هذا الموضوع ، فإذا ادخل هذا البحث ضمن بحوثنا انشغلنا عن مبحث الإمامة الذي هو محور النقاش والحوار. ولكن من باب : «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه» ابيّن لكم باختصار :

النبوّة الخاصّة

الإنسان الكامل هو صاحب النفس المتكاملة بالتزكية ، لقوله تعالى :( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ) (١) وتزكية النفس إنّما تحصل عن طريق التعقّل ، والعقل يدعو إلى العلم والعمل ، فهما الجناحان اللذان يحلّق بهما الإنسان ويسمو بهما إلى قمّة الكمال الممكن.

كما روي عن الإمام عليعليه‌السلام أنّه قال : «خلق الإنسان ذا نفس ناطقة ، إن زكّاها بالعلم والعمل فقد شابهت جواهر أوائل عللها ، وإذا اعتدل مزاجها وفارقت الأضداد فقد شارك بها السبع الشداد وصار موجودا بما هو إنسان دون أن يكون موجودا بما هو حيوان».

فكما أنّ الطائر يرتفع في الفضاء ويحلّق في الجوّ على قدر قوّة جناحيه بالنسبة إلى جثّته ، كذلك الإنسان يرتفع في سماء المعنوية والكمالات الروحية بمقدار علمه وعمله الصالح المبتني على أساس العقل السليم.

فكلّ إنسان إذا بلغ مرتبة الكمال فقد بلغ مرتبة النبوّة ، وإذا

__________________

(١) سورة الشمس ، الآية ٩.

٢٤٥

اختاره الله سبحانه وبعثه إلى الناس ، صار نبيّا رسولا.

وللنبوّة والكمال مراتب ، كما هو ثابت في أبحاث النبوّة في الكتب الكلامية ، وأعلى تلك المراتب هي المرتبة التي حين وصل إليها حبيب الله محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ختمت به النبوّة ، وليس فوق الخاتمية مرتبة ممكنة للإنسان ، وأعلى منها مرتبة الربّ جلّ جلاله وعمّ نواله.

فمقام خاتم النبيّينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوق جميع المراتب المتصوّرة والمقرّرة لممكن الوجود ، ودون مرتبة واجب الوجود.

ومرتبة الإمام فوق مراتب النبوّة ودون مرتبة الخاتمية بدرجة ، ولمّا كان الإمام عليعليه‌السلام واصلا إلى مرتبة النبوّة واتّحدت نفسه مع نفس خاتم النبيّينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى صار كنفس واحدة ، منحه الله تعالى مرتبة الإمامة وجعله أفضل من الأنبياء الماضين.

وصلنا إلى هنا فارتفع صوت المؤذّن يدعو إلى صلاة العشاء ، وبعد إقامة الصلاة ، عاد الجميع إلى المجلس وتناولوا الشاي والحلوى.

فقال الحافظ : إنّك تصعّب الموضوع أكثر فأكثر ، وقبل أن تجيب على الإشكال الأوّل ، نجد في كلامك إشكالا آخر!

قلت : الموضوع واضح وسهل ، فلا أدري ما هو الصعب في نظركم؟! وما هو الإشكال في كلامي؟! اطرحوه حتّى أجيب عنه!!

الحافظ : في كلامكم الأخير أجد بعض الكلمات التي لا تخلو من إشكال :

١ ـ قولكم : إنّ عليّا كرّم الله وجهه وصل مرتبة النبوّة.

٢ ـ قولكم : إنّ عليّا اتّحدت نفسه مع نفس النبيّ حتّى صارا كنفس واحدة.

٢٤٦

٣ ـ قولكم : إنّ عليّا أفضل من جميع الأنبياء غير خاتم النبيّين (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم).

فهذه الجمل غريبة جدّا ، ولا أدري ما هو دليلكم عليها؟!

قلت : ربّما يكون كلامي غريبا ومشكلا وصعبا بالنسبة لكم! لأنّكم لا تريدون أن تتعمّقوا في الحقائق ولا تريدون أن تدرسوا القضايا هذه دراسة تحقيق وتفهّم.

وأمّا بالنسبة للعلماء المحقّقين والمنصفين ، فإنّ كلامي ليس بغريب ولا مشكل ، بل هو واضح ومقبول.

وإليك الجواب عن الإشكالات التي طرحتها :

إثبات مرتبة النبوّة لعليّعليه‌السلام

إنّ الدليل على أنّ الإمام عليّعليه‌السلام وصل مرتبة النبوّة وكان أهلا لهذا المقام العظيم ، هو حديث المنزلة المرويّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كتبكم المعتبرة أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

«يا عليّ! أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي».

وتارة كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخاطب الناس فيقول : «عليّ منّي بمنزلة هارون من موسى» إلى آخره.

الحافظ : لا نعلم صحّة هذا الحديث ، وعلى فرض صحّته فهو خبر واحد لا يعتدّ به ولا يعتمد عليه.

قلت : يظهر أنّك قليل الاطّلاع حتّى على كتبكم والأخبار والأحاديث المرويّة فيها ، أو أنّك تتجاهل الحقائق وتتناسى الأحاديث

٢٤٧

المرويّة عن طرقكم حتّى وصل بعضها حدّ التواتر ، مثل هذا الحديث ، وأتعجّب من قولك : إنّه خبر واحد فكلامك هذا إمّا عن سهو أو عناد!

إسناد حديث المنزلة

ولكي تعرف ويعرف الحاضرون صحّة حديث المنزلة عندنا وعندكم ، فإنّي أذكر بعض أسانيده الحاضرة في ذهني وحافظتي بمقدار ما يسمح لي المقام ، حتّى يعترف الكلّ أنّ هذا الحديث الشريف لم ينقل عن طريق واحد ، بل من طرق متعدّدة ، رواه كبار علمائكم ومحدّثيكم ، وهو من الأحاديث المتواترة :

١ ـ البخاري في الصحيح / ٣ من كتاب المغازي في باب غزوة تبوك ، ومن كتاب بدء الخلق في باب مناقب عليعليه‌السلام .

٢ ـ مسلم بن الحجّاج في صحيحه ٢ / ٢٣٦ / ٢٣٧ / ط. مصر ١٢٩٠ ، وفي كتاب فضل الصحابة / باب فضائل عليعليه‌السلام .

٣ ـ الإمام أحمد بن حنبل في المسند ١ / ٩٨ و ١١٨ و ١١٩ في وجه تسمية الحسنين عليهما السّلام.

فبعد ذكر هذه الأسانيد والمدارك المعتبرة من أعلام علمائكم ، وهي قليل من كثير ، هل أذعنت بصحّة حديث المنزلة؟ وهل تعترف بأنّك كنت مشتبها في قولك : إنّه خبر واحد لا يعتدّ به!

الحافظ : لم يثبت التواتر بثلاثة مصادر ، بل يحتاج إلى ذكر مصادر أكثر حتّى نقول وصل حدّ التواتر.

٢٤٨

قلت :

أوّلا : كلّ مصدر من هذه المصادر التي ذكرتها يعادل عندكم بألف.

ثانيا صرّح بعض المحقّقين من علمائكم بتواتر حديث المنزلة ، مثل : العلاّمة جلال الدين السيوطي في كتبه : «الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة» و «إزالة الخفاء» و «قرّة العينين» ففي هذه الكتب عدّ حديث المنزلة من الأحاديث المتواترة.

وإذا لم يزل في قلبك شكّ وتريد أن تطمئنّ فراجع كتاب : «كفاية الطالب» تأليف محمد بن يوسف الكنجي الشافعي ، وهو من أعلام علمائكم ، في الباب السبعين منه ، فإنّه بعد ما يروي الحديث عن عدّة طرق ، يقول : هذا حديث متّفق على صحّته ، رواه الأئمّة الأعلام إلى آخره.

فأكتفي بهذا المقدار ، وأظنّ أنّ الإبهام ارتفع والحافظ اقتنع.

الحافظ : أنا لست بلجوج ولا معاند ، ولكن أدعوك إلى مطالعة كلام العالم الفقيه أبي الحسن الآمدي ، الذي هو من المتكلّمين المتبحّرين ، فإنّه يردّ حديث المنزلة ويضعّفه.

قلت : أتعجّب منك! إذ إنّك عالم وتدّعي التحقيق والإنصاف ، ثمّ تعدل عن كبار علمائكم الموثّقين بما فيهم أئمّة أهل الحديث المجمع على صحّة ما رووا كالبخاري ومسلم ، ثمّ تأخذ بقول الآمدي سيّئ العقيدة والتارك الصلاة!!

الشيخ عبد السّلام : الإنسان حرّ في بيان عقيدته ، فلا يجوز لأحد أن يتّهم أحدا أظهر عقيدته في شيء يخالف المشهور ، ثمّ يقبح من

٢٤٩

مثلكم أن تتهجّموا بسوء الكلام على فقيه ، بل يجب أن تردّوه بالمنطق والدليل ، وخاصة جنابك ، حيث تجسّد أخلاق أهل البيت رضي الله عنهم.

قلت :

أوّلا : إن كنتم تلتزمون بحرّيّة العقيدة ، فلما ذا ترمون الشيعة بالكفر والشرك وتجوّزون قتلهم ونهب أموالهم؟!

لذا فهم يخفون عقائدهم الحقة إذا عاشوا في بلادكم وبين أظهركم خشية القتل!

أم إنّكم تقصدون حرّيّة الآمدي فحسب ، وذلك في نصبه العداء ومخالفته لأهل البيتعليهم‌السلام ؟!!

ثانيا أنا لم أتهجّم على الآمدي بسوء الكلام ، بل نقلت قول علمائكم الأعلام فيه.

الشيخ عبد السّلام : أين ذكر علماؤنا الآمديّ بسوء العقيدة وترك الصلاة؟!

شرح أحوال الآمدي

ذكر ابن حجر في كتاب «لسان الميزان» : السيف الآمدي ، المتكلّم عليّ بن أبي عليّ ، صاحب التصانيف ، وقد نفي من دمشق لسوء اعتقاده ، وصحّ أنّه كان يترك الصلاة!!

وذكر الذهبي ـ وهو من أعلامكم ـ في كتاب «ميزان الاعتدال» نفس الترجمة للآمدي وزاد : «أنه كان من المبتدعة».

وإذا نظرتم في حال الآمدي بنظر التحقيق لعرفتم أنّه لو لم يكن

٢٥٠

عديم الإيمان ومبتدعا لما خالف جميع الصحابة حتّى عمر بن الخطّاب ـ الذي هو أحد رواة حديث المنزلة ـ ولما خالف كلّ المحدّثين الثقات وأعلام الرواة.

وأتعجّب من أنّكم تطعنون في الشيعة ، لأنّهم لا يقبلون بعض الأحاديث المرويّة في الصحيحين عندكم ، وهي عندنا غير صحيحة السند!

ولكنّ الآمدي حينما يردّ حديثا أجمع عليه علماء الفريقين ، وصحّحه ورواه جميع أصحاب الصحاح الستّة! كيف تقبلون كلامه وتأخذون برأيه؟! وهو واحد خارج عن الإجماع ، وعلى الأصل الذي عندكم!

ولو لم يكن للآمدي أيّ عيب ونقص سوى إنّه ردّ حديثا جاء في الصحيحين ، وبردّه كذّب الفاروق وكذّب البخاري ومسلم وسائر أصحاب الصحاح ، لكفى في طعنه وفسقه عندكم.

الحافظ : قلتم إنّ أحد رواة حديث المنزلة ، الخليفة عمر بن الخطّاب (رض) فهل يمكن أن تبيّنوا سندكم على هذا النقل؟

قلت : روى جماعة من علمائكم ومحدّثيكم حديث المنزلة عن عمر بن الخطّاب ، منهم :

١ ـ نصر بن محمّد السمرقندي الحنفي ، في كتاب «المجالس».

٢ ـ محمد بن عبد الرحمن الذهبي ، في «الرياض النضرة».

٣ ـ المولى علي المتّقي الهندي ، في «كنز العمّال».

٤ ـ العلاّمة ابن الصبّاغ المالكي ، في «الفصول المهمّة».

٥ ـ محبّ الدين الطبري ، في «ذخائر العقبى».

٦ ـ الشيخ سليمان الحنفي ، في «ينابيع المودّة».

٢٥١

٧ ـ موفّق ابن أحمد الخوارزمي ، في «المناقب».

هؤلاء كلّهم رووا عن ابن عبّاس حبر الأمّة ـ واللفظ للأخير ـ بسنده المتّصل ـ بحذف سلسلة السند للاختصار ـ قال :

حدّثني أمير المؤمنين الرشيد ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عبد الله بن عبّاس ، قال : سمعت عمر بن الخطّاب وعنده جماعة فتذاكروا السابقين إلى الإسلام

فقال عمر : أمّا عليّ فسمعت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يقول فيه ثلاث خصال وددت لو أنّ لي واحدة منهنّ ، كان أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس.

كنت أنا وأبو عبيدة وأبو بكر وجماعة من الصحابة إذ ضرب النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) بيده على منكب عليّ فقال : يا عليّ! أنت أوّل المؤمنين إيمانا ، وأوّل المسلمين إسلاما ، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى.

أخرجه ابن عساكر في تاريخه عن عمر مع تغيير يسير في اللّفظ.

وأخرجه المتّقي الهندي الحنفي في كنز العمّال : ٦ / ٣٩٥ وفيه زيادة لم تكن في غيره ، وهذا نصّه :

مسند عمر ، عن ابن عبّاس [قال :] قال عمر بن الخطّاب : كفّوا عن ذكر عليّ بن أبي طالب! فإنّي سمعت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يقول في عليّ ثلاث خصال ، لئن يكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس :

كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة بن الجرّاح ونفر من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) والنبيّ متّكئ على عليّ بن

٢٥٢

أبي طالب ، حتّى ضرب بيده على منكبه ثمّ قال : أنت يا عليّ أوّل المؤمنين إيمانا ، وأوّلهم إسلاما ، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، وكذب من زعم أنّه يحبّني ويبغضك.

وأخرجه الإسكافي في كتابه «نقض الرسالة العثمانية» للجاحظ : ص ٢١ / ط مصر وفيه زيادات نافعة ، فليراجع.

وبعد هذا هل يجوز في مذهبكم الردّ على الخليفة عمر وهو الفاروق عندكم؟! وإذا لا يجوز ذلك فكيف تأخذون بقول الآمدي المعلوم الحال؟!

حكم الخبر الواحد عند العامة

وبقيت جملة اخرى من كلامكم ، لا بدّ لي من جوابها ، زعمتم : أنّ حديث المنزلة خبر واحد ، ثمّ قلتم : إنّ الخبر الواحد لا اعتبار به ولا اعتماد عليه.

أقول : إذا يصدر هذا الكلام من أحد الشيعة فإنّه يقبل منه ، لأنّه على الأصل والمبنى المقبول عندنا.

ولكن صدور هذا الكلام من مثلكم يثير التعجّب والتساؤل ، لأنّ في مذهبكم خبر الواحد مقبول وحجّيّته ثابتة ، حتّى أنّ بعض علمائكم حكم بتكفير وفسق المنكر له ، فقد قال ملك العلماء شهاب الدين في كتابه «هداية السعداء» في فصل المضمرات من كتب الشهادات :

ومن أنكر الخبر الواحد والقياس ، وقال : إنّه ليس بحجّة ، فإنّه يصير كافرا! ولو قال : هذا الخبر الواحد غير صحيح ، وهذا القياس غير ثابت ؛ لا يصير كافرا ولكن يصير فاسقا!

٢٥٣

الحافظ : لقد سررت جدّا من حسن بيانكم وسعة اطّلاعكم عن كتبنا ، وقد وجدتكم على خلاف ما كنت أسمع من قبل بأنّ علماء الشيعة لا يلمسون كتبنا ويعتقدون بنجاستها ، فكيف بمطالعتها؟!

قلت : هذه أقاويل وأباطيل أعداء الإسلام ، فإنّهم يريدون أن يفرّقوا بين المسلمين ، وفي المثل : «يصطادون بماء عكر» وهو من باب : «فرّق تسد».

يريدون فرض سيادتهم وهيمنتهم علينا ، ولكنا يجب أن نكون واعين في هذه الامور ويجب أن نعرف خطط أعدائنا المستعمرين فنبيّنها لعامّة الناس حتّى لا يقعوا في شباكهم ، ويتبصّروا في تشخيص مصالحهم ومضارّهم ، فيخيّبوا آمال الأعداء بمخالفتهم.

يجب أن نوجّه أتباعنا المسلمين إلى مفاهيم القرآن الحكيم حيث يقول :( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ) (١) .

على أثر غفلتنا عن القرآن ، وابتعادنا عن تعاليمه الحقّة ، يتمكّن عدوّ المسلمين أن يتصرّف في أفكارنا ، فنصدّق أكاذيبه ونعتقد بأباطيله! منها ما كنت تسمعه ، كما قلت : بأنّ علماء الشيعة لا يلمسون كتبكم إلى آخره.

نحن نأخذ كتب المرتدّين والكفار والمشركين بكلتي يدينا ونطالعها حتّى نعرف ما يقولون ، فنأخذ صحيحها ونطرح سقيمها ، ونردّ شبهاتها الموجّهة إلينا ، فكيف بكتبكم وأنتم إخواننا في الدين؟!

فاعلموا أنّنا على خلاف ما قيل لكم ، بل نحترم كتبكم

__________________

(١) سورة الحجرات ، الآية ٦.

٢٥٤

ونطالعها بدقّة وإمعان ، ونستفيد من آراء علمائكم وأقوال محقّقيكم ، ونستفيد من الأحاديث والروايات الصحيحة المرويّة في مسانيدكم وصحاحكم ، وإنّ كثيرا من الكتب التي تدرّس في حوزاتنا العلمية تكون من تأليف وتصنيف علمائكم.

منتهى الأمر بعض رواتكم المقبولين عندكم ، غير موثّقين ولا معتبرين عندنا ، مثل : أنس وأبي هريرة وسمرة وغيرهم ، وهذا لا يخصّنا الآن ، فإنّ بعض علمائكم أيضا لا يقبلونهم ، منهم : أبو حنيفة ، فإنّه لا يقبل هؤلاء الثلاثة ونظراءهم!

وكتبكم عندنا معتبرة ونستفيد منها ، وأنا ـ شخصيا ـ أكثر مطالعاتي حول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيرته المباركة وتاريخ الأئمّة من آله صلوات الله عليهم تكون من كتبكم ، وأستند إليها في خطبي ومحاضراتي ، وأنقل منها أكثر ممّا أنقل من كتبنا.

وإنّ مكتبتي الخاصة تحتوي على أكثر من مائتي مجلّد مطبوع ومخطوط من كتبكم المشهورة في التفسير والتاريخ والفقه والحديث والكلام والرجال و...

ولكنّنا نطالع كتبكم مطالعة تحقيق وتمحيص فكما أنّ النّقّاد والصّرافين يميزون بين الدراهم والدنانير ، الصحيحة من المغشوشة ، فكذلك نحن حينما نطالع أيّ كتاب لا نحسب محتوياته ومضامينه من المسلّمات ، بل نتفكّر فيها ونميّز بين الأحاديث والروايات والمواضيع ، فنأخذ الصحيحة ونترك السقيمة ، ولا تؤثّر فينا شبهات وتشكيكات الفخر الرازي ، ولا مغالطات ابن حجر ، أو إشكالات روزبهان ، أو تكذيبات الآمدي وأمثالهم.

٢٥٥

واعلم أنّ مطالعتي لكتبكم ، والنظر في الأحاديث المرويّة والمقبولة عندكم ، كانت السبب في معرفتي لأئمّة أهل البيتعليهم‌السلام أكثر ، ويقيني بعلوّ مقامهم وعظم شأنهم.

الحافظ : لقد ابتعدنا عن موضوع البحث ، فالرجاء بيّنوا وجه الاستدلال بحديث المنزلة ، على أنّ عليّا كرّم الله وجهه كان في رتبة النبوّة؟!

قلت : يثبت بهذا الحديث الشريف ثلاث خصائص للإمام عليّعليه‌السلام :

١ ـ مقام النبوّة بأنه لو كان نبيّ بعده لكان عليّا ولكنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاتم النبيين.

٢ ـ مقام وزارة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخلافته.

٣ ـ أفضليّة الإمام عليعليه‌السلام على جميع الصحابة.

ودليل ذلك أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل الإمام عليّاعليه‌السلام منه بمنزلة هارون من موسى ، وكان هارون نبيّا ، وكان وزير موسى وخليفته في قومه ، وكان أفضل بني إسرائيل بعد أخيه موسى.

النوّاب : هل كان هارون نبيّا؟!

قلت : نعم.

النواب : عجبا! إنّي ما سمعت بهذا من قبل! فهل ذكر الله نبوّته في القرآن الحكيم؟!

قلت : نعم ، في سورة النساء ، الآية ١٦٣ ، قوله تعالى :( إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً ) .

٢٥٦

وفي سورة مريم ، الآية ٥٣ قوله تعالى :( وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا ) .

الحافظ : إذا على هذا فمحمد وعليّ كلاهما نبيّان مبعوثان من عند الله إلى الخلق!

قلت : أنا لا أقول هكذا ، وأنت تعلم أنّ عدد الأنبياء كثير جدّا ، وهو محل اختلاف بين العلماء ، حتّى قال بعضهم : إنّ عددهم مائة وعشرون ألفا أو أكثر ، لكن كان أكثرهم يتّبعون الأنبياء أولي العزم من الرسل. وهم : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وخاتمهم سيّدنا ونبيّنا محمّد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وهارون كان نبيّا غير مستقلّ ، وإنّما كان تابعا لأخيه موسى ويعمل على شريعة أخيه.

كذلك الإمام عليّعليه‌السلام ، كان تاليا لرتبة أخيه وابن عمّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واصلا مقام النبوّة ولكن غير مستقلّ بالأمر ، بل كان تابعا لشريعة سيّد المرسلين وخاتم النبيّين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكان غرض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هذا الحديث الشريف أن يعرّف عليّاعليه‌السلام لامته في هذا المقام ، ويثبت له تلك الرتبة الرفيعة والدرجة العليّة ، وهذه خصيصة عالية من خصائص الإمام عليّعليه‌السلام .

وذكر ابن أبي الحديد في «شرح نهج البلاغة» حديث المنزلة وعلّق عليه قائلا :

ويدلّ على أنّه وزير رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من نصّ الكتاب والسنّة ، قول الله تعالى :( وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي* هارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) (١) .

__________________

(١) سورة طه ، الآية ٢٩ ـ ٣٢.

٢٥٧

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الخبر المجمع على روايته بين سائر فرق الإسلام : «أنت منّي بمنزلة هارون بن موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي».

فأثبت له جميع مراتب هارون من موسى.

فإذا هو وزير رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وشادّ أزره ، ولو لا أنّه خاتم النبيّين لكان شريكا في أمره(١) .

وذكر العلاّمة محمد بن طلحة الشافعي حديث المنزلة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كتابه مطالب السئول : ١ / ٥٤ ط دار الكتاب ، وعلّق عليه فقال : فتلخيص منزلة هارون من موسى أنّه كان أخاه ووزيره ، وعضده ، وشريكه في النبوّة ، وخليفته على قومه عند سفره ، وقد جعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّا منه بهذه المنزلة ، وأثبتها له ، إلاّ النبوّة ، فإنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استثناها في آخر الحديث بقوله : «لا نبيّ بعدي» فبقي ما عدا النبوّة المستثناة ثابتا لعليّعليه‌السلام من كونه أخاه ووزيره وعضده وخليفته على أهله عند سفره إلى تبوك.

وهذه من المعارج الشراف ومدارج الإزلاف ، فقد دلّ الحديث بمنطوقه ومفهومه على ثبوت هذه المزيّة العليّة لعليّعليه‌السلام ، وهو حديث متّفق على صحّته.

انتهى كلامه.

وذكر مثل هذا الكلام العلاّمة ابن الصبّاغ المالكي في كتابه «الفصول المهمّة» وكذلك كثير من علمائكم الكبار قد ذكروا الحديث وعلّقوا عليه تعليقات مفيدة ، ولكنّ الوقت لا يسمح أن أذكر لكم كلّ مقالات علمائكم وتعليقاتهم المؤيّدة لكلامنا حول حديث المنزلة.

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢١١ / ط دار إحياء الكتب العربية.

٢٥٨

الحافظ : ولكنّي أظنّ أنّ الاستثناء في الحديث ينفي مرتبة نبوّة عليّ كرّم الله وجهه ، وإنّ قولكم : إنّ سيّدنا محمدا (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) لو لم يكن خاتم النبيّين وكان الله يبعث بعده نبيّا لكان ذلك عليّ بن أبي طالب! من غلوّكم ولم يقل به قائل.

قلت : إنّ الحقّ واضح ، ولكنّك يا للأسف تتبّع أسلافك في إنكار الحقّ بعد ظهوره ، نعوذ بالله من التعصّب والعناد!

ثمّ اعلم أنّ هذا القول لا يكون من الشيعة فحسب حتّى ترمينا بالغلوّ ، وإنّما كثير من علمائكم ذهب هذا المذهب أيضا.

الحافظ : لا أعرف أحدا من علمائنا ذهب هذا المذهب ، وإن كنتم تعرفون أحدا فاذكروا اسمه!

قلت : أحد علمائكم الذي أخذ بهذا القول هو : ملاّ علي بن سلطان محمد الهروي القاري ، صاحب التصانيف والتآليف الكثيرة. قال في كتابه «المرقاة في شرح المشكاة» عند ذكره حديث المنزلة قال : وفيه إيماء إلى أنّه لو كان بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نبيّا لكان عليّا.

ومنهم : العلاّمة الشهير والعالم النحرير جلال الدين السيوطي ، في آخر كتابه «بغية الوعّاظ في طبقات الحفّاظ» ذكر مسندا عن جابر بن عبد الله الأنصاري : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ولو كان لكنته.

ومنهم : المير سيّد علي الهمداني ، الفقيه الشافعي ، ذكر في الحديث الثاني من المودّة السادسة في كتابه «مودّة القربى» عن أنس بن

٢٥٩

مالك ، أنّه روى أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إنّ الله اصطفاني على الأنبياء فاختارني واختار لي وصيّا ، واخترت ابن عمّي وصيّي ، يشدّ عضدي كما يشدّ عضد موسى بأخيه هارون ، وهو خليفتي ، ووزيري ، ولو كان بعدي نبي لكان عليّ نبيّا ، ولكن لا نبوّة بعدي.

فثبت أنّ الشيعة لا تنفرد بهذا المقال ، بل هناك كثير من علمائكم قالوا به أيضا.

بل قال به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا كما يظهر من الأخبار المرويّة في كتبكم ، وقد مرّت.

فحديث المنزلة يضمن جميع مراتب هارون بالنسبة لموسى لعليّ ابن أبي طالب بالنسبة لمحمّد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلاّ النبوّة بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التي استثناها فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إلاّ أنّه لا نبوّة بعدي».

وأجلى المراتب الثابتة لهارون هي خلافته لقوله تعالى :( وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ) (١) ومنها تثبت خلافة عليّعليه‌السلام بعد خاتم النبيّينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الحافظ : لقد ذكرت الآيات القرآنية أنّ هارون شريك موسى في أمر النبوّة ، فكيف جعلوه خليفة له؟! والحال أنّ مرتبة الشريك أعلى من مرتبة الخليفة ، فإذا جعلوا الشريك خليفة فقد أنزلوه من مقامه ، لأنّ مقام النبوّة أعلى من مقام الخلافة.

قلت : لو تدبّرت في حديثنا السابق وفهمته ، ما طرحت هذا الإشكال! فقد بيّنا أنّ نبوّة موسى هي الأصل ونبوّة هارون تابعة لنبوّة أخيه ، كما يقال : إنّ فلانا عضو على البدل ، فكأنّه خليفته.

__________________

(١) سورة طه ، الآيات ٢٥ ـ ٣٤.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675