العروة الوثقى الجزء ١

العروة الوثقى14%

العروة الوثقى مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
ISBN: 964-8629-01-3
الصفحات: 412

الجزء ١
  • البداية
  • السابق
  • 412 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 90005 / تحميل: 5954
الحجم الحجم الحجم
العروة الوثقى

العروة الوثقى الجزء ١

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٨٦٢٩-٠١-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

كلّ عالم الوجود ، حيث يقول :( لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) .

وأخيرا يشير إلى مسألة مرجعيّته فيقول تعالى :( وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ) .

نعم ، عند ما يكون الخالق والمالك والمدبّر معنا في كلّ مكان ، فمن البديهي أن يكون رجوعنا ورجوع أعمالنا إليه كذلك.

نحن سلكنا طريق عشقه ومحبّته ، وبدأنا المسير حاملين معنا الأمل من نقطة العدم باتّجاهه ، وقد سلكنا شوطا طويلا إلى أن وصلنا إلى مرتبة الوجود نحن من الله سبحانه ، وإليه نرجع ، لما ذا؟ لأنّه هو المبدئ وإليه المنتهى.

والجدير بالذكر أنّ الآيات الثلاث الآنفة الذكر قد جاء فيها مثل هذا الوصف أيضا :( لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) .

ويمكن أن يكون التكرار هنا بلحاظ أنّ الحديث كان ـ فقط ـ عن مسألة حياة وموت الموجودات الحيّة ، وهنا نلاحظ توسّع البحث وشموليّته في رجوع كلّ شيء لله سبحانه.

وفي تلك الآيات مقدّمة عن بيان قدرة اللهعزوجل على كلّ شيء ، وهنا مقدّمة لرجوع كلّ شيء إليه ، وهاتان القضيّتان تستلزمان مالكيّة اللهعزوجل للأرض والسماء.

التعبير بـ «الأمور» جاء ـ هنا ـ بصيغة الجمع ، أي : أنّ جميع الموجودات ـ وليس الإنسان فحسب ـ تتحرّك باتّجاهه حركة دائمة وغير قابلة للتوقّف.

وبناء على هذا فإنّ معنى الآية لا ينحصر ـ فقط ـ برجوع البشر إليه في الآخرة ، بالرغم من أنّ موضوع المعاد من المصاديق البارزة لذلك الرجوع العامّ.

وفي آخر مورد للبحث يشير إلى صفتين أخريين بقوله تعالى :( يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ ) (١) .

__________________

(١) «يولج» من مادّة (إيلاج) وهي الاخرى مأخوذة من مادّة (ولوج) والولوج بمعنى الدخول والنفوذ ، والإيلاج بمعنى الإدخال والإنفاذ.

٢١

نعم ، بالتدريج ينقص أحد الوقتين (الليل والنهار) ليضيف للآخر ، وتبعا لذلك يتغيّر طول النهار والليل في السنة ، وهذا التغيّر يكون مصحوبا بالفصول الأربعة في السنة مع كلّ البركات التي تكون مختّصة في هذه الفصول لبني الإنسان.

وهناك تفسير آخر لهذه الآية وهو : إنّ شروق وغروب الشمس لن يحدثا فجأة ودون مقدّمات حتّى لا تجلب هذه الحالة المشاكل للإنسان والموجودات الحيّة الاخرى ، بل يتمّ هذا التغيير بصورة تدريجيّة ، وتنتقل الموجودات رويدا رويدا من عالم الضوء في النهار إلى ظلمة الليل ، ومن ظلمة الليل إلى ضوء النهار ، ويعلن كلّ منهما وصولهما قبل مدّة حتّى يتهيّأ الجميع لذلك.

والجمع بين التّفسيرين لمفهوم الآية ممكن أيضا.

ويضيف سبحانه في النهاية :( وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ) .

فكما أنّ أشعّة الشمس الباعثة للحياة تنفذ في أعماق ظلمات الليل ، وتضيء كلّ مكان ، فإنّ اللهعزوجل ينفذ كذلك في كلّ زوايا قلب وروح الإنسان ، ويطّلع على كلّ أسراره.

والنقطة الجديرة بالملاحظة في الآيات السابقة أنّ الحديث كان عن علم الله سبحانه بأعمالنا (والله بصير عليم) وهنا الكلام عن علم اللهعزوجل بأفكارنا وعقائدنا وما تكنّه صدورنا ،( وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ) .

كلمة (ذات) في الاصطلاح الفلسفي تعني (عين الشيء وحقيقته) إلّا أنّها في اللغة بمعنى (صاحب الشيء) وبناء على هذا فإنّ (ذات الصدور) إشارة إلى النيّات والإعتقادات التي استولت على قلوب البشر.

وكم هو رائع أن يؤمن الإنسان بكلّ هذه الصفات الإلهيّة من أعماق نفسه ، ويحسّ حضوره سبحانه في كلّ أعماله ونيّاته وعقائده ، إحساسا لا يخرجه عن جادّة الطاعة وطريق العبودية ، إحساسا يبعده عن طريق العصيان والسوء والانحراف

* * *

٢٢

تعقيب

آيات الاسم الأعظم :

قسّم الفلاسفة والمتكلّمون الصفات الإلهيّة إلى قسمين :

أحدهما : «صفات الذات» والتي تبيّن أوصاف جلاله وجماله. والاخرى : «صفات الفعل» التي تبيّن الأفعال الصادرة من ذاته المباركة ، كما جاء في الآيات الستّ في بداية هذه السورة المباركة ، والتي يجدر أن تسمّى : بـ (آيات المتعمّقين) تماشيا مع حديث في هذا الصدد.

وقد وردت عشرون صفة من أوصاف الذات الإلهيّة والأفعال بدءا من علمه وقدرته وحكمته وأزليّته وأبديّته سبحانه ، إلى خلقه وتدبيره ومالكيّته وإحاطتهعزوجل بكلّ الموجودات وحضوره في كلّ مكان ، هذه الأوصاف والتعابير تعطينا عمقا أكثر في التوجّه إلى الإيمان والسعي لإضاءة مشعل وجودنا وأفكارنا المحدودة ليكون عونا أفضل في إمدادنا بما يجعلنا في المسير التكاملي نحو الله سبحانه.

وجاء في حديث «براءة بن عازب» أنّه قال : قلت لعليعليه‌السلام : يا أمير المؤمنين ، أسألك بالله ورسوله ألا خصّصتني بأعظم ما خصّك به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وآله وسلّم واختصّه به جبرائيل ، وأرسله به الرحمن ، فقالعليه‌السلام : «إذا أردت أن تدعو باسمه الأعظم ، فاقرأ من أوّل سورة الحديد إلى آخر ستّ آيات منها عليم بذات الصدور ، وآخر سورة الحشر يعني أربع آيات ثمّ ارفع يديك فقل : يا من هو هكذا أسألك بحقّ هذه الأسماء أن تصلّي على محمّد وأن تفعل بي كذا وكذا ـ ممّا تريد ـ فو الله الذي لا إله غيره لتنقلبنّ بحاجتك إن شاء الله»(١) .

__________________

(١) الدرّ المنثور ، ج ٦ ، ص ١٧١.

٢٣

وفي عظمة هذه الآيات وأهميّة محتواها نكتفي بهذا الحديث ، ويجب ألّا ننسى أنّ اسم الله العظيم ليس بالألفاظ فقط ، إذ يجب التخلّق بمعانيه أيضا.

* * *

٢٤

الآيات

( آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (٧) وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٩) وَما لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١) )

٢٥

التّفسير

الإيمان والإنفاق أساسان للنجاة

بعد البيان الذي تقدّم حول دلائل عظمة الله في عالم الوجود وأوصاف جماله وجلاله ، تلك الصفات المحفّزة للحركة باتّجاه الله تعالى ، ننتقل الآن إلى جوّ هذه الآيات المفعم بالدعوة للإيمان والعمل

يقول سبحانه في البداية( آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ) إنّ هذه الدعوة دعوة عامّة لجميع البشر ، فهي تدعو المؤمنين إلى إيمان أكمل وأرسخ ، وتدعو ـ أيضا ـ غير المؤمنين إلى التصديق والإيمان بما جاء به الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وآله وسلّم ، وهذه الدعوة إلى الإيمان جاءت توأما مع أدلّة التوحيد التي تناولتها الآيات التوحيدية السابقة.

ثمّ يدعو إلى أحد الالتزامات المهمّة للإيمان وهي : (الإنفاق في سبيل الله) حيث يقول تعالى :( وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ) .

إنّها دعوة إلى الإيثار والتضحية ، وذلك بالإنفاق والعطاء ممّا منّ الله به على الإنسان ، ولكن هذه الدعوة مصحوبة بملاحظة ، وهي أنّ المالك الحقيقي هو اللهعزوجل ، وهذه الأموال والممتلكات قد وضعها الله عند الإنسان بعنوان أمانة لفترة محدودة ، كما وضعت كذلك باختيار الأقوام السابقة.

والحقيقة أنّها كذلك ، إذ مرّ بنا في الآيات السابقة أنّ المالك الحقيقي لكلّ العالم هو الله سبحانه ، وأنّ الإيمان بهذه الحقيقة والعمل بها تبيّن أنّنا أمناء على ما استخلفنا به من قبل الله تعالى ، ولا بدّ للمؤمن من أن يأخذ بنظر الإعتبار أمر صاحب الأمانة.

الإيمان بهذه الحقيقة يمنح الإنسان روح السخاء والإيثار ويفتح قلبه ويديه على الإنفاق.

عبارة (مستخلفين) قد تكون إشارة إلى أنّ الإنسان خليفة الله تعالى على الأرض ، أو أنّه مستخلف عن الأقوام السابقة أو كلا المعنيين.

٢٦

وتعبير (ممّا) تعبير عام ولا يشمل الأموال فحسب بل كلّ الممتلكات والهبات الإلهيّة. وهنا يعني أنّ للإنفاق مفهوما واسعا ولا ينحصر بالمال فقط ، بل يشمل ـ أيضا ـ العلم والهداية والسمعة الاجتماعية ورؤوس الأموال المعنوية والمادية.

ثمّ يقول تعالى في الحثّ على الإنفاق :( فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ) .

إنّ وصف الأجر بأنّه «كبير» إشارة إلى عظمة الألطاف الإلهية والهبات الإلهية ، وأبديّتها وخلوصها ودوامها ليس في الآخرة فحسب ، بل في عالم الدنيا أيضا حيث أنّ قسما من الأجر سوف يكون من نصيب الإنسان في الدنيا.

وبعد الأمر بالإيمان والإنفاق يعطي بيانا لكلّ منهما ، وهو بمثابة الاستدلال والبرهان ، وذلك بصورة استفهام توبيخي ابتداء ، حيث يستفسر عن علّة عدم قبول دعوة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حول الإيمان بالله فيقول سبحانه :( وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) يعني أنّكم إذا كنتم مستعدّين حقيقة وصدقا لقبول الحقّ ، فإنّ دلائله واضحة عن طريق الفطرة والعقل ، وكذلك عن طريق النقل.

وهذا رسول الله قد أتى لكم بدلائل واضحة وآيات ومعجزات باهرة ، وهذه آثار الله سبحانه في عالم الخلق وفي أنفسكم وقد أخذ نوعا من العهد التكويني منكم ، فآمنوا به ، إلّا أنّكم ـ مع الأسف ـ لا تقيمون وزنا لعقلكم وفطرتكم ، وكذلك لا تعيرون اهتماما لتوجيهات الوحي ، ويبدو أنّكم غير مستعدّين ومهيّئين للإيمان أصلا ، وقد غلب الجهل والتعصّب والتقليد الأعمى على أفكاركم ونفوسكم.

ويتوضّح ممّا قلناه أنّ المقصود من جملة( إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) هو أنّكم إذا كنتم مستعدّين للإيمان بشيء وتقبلون أدلّته فهذا هو محلّه ، لأنّ دلائله واضحة من كلّ جهة.

والنقطة الجديرة بالملاحظة هنا هي معرفة السبب الذي يمنع هؤلاء الذين

٢٧

شاهدوا الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله وآله وسلّم وسمعوا دعوته مباشرة وبلا واسطة ، وشاهدوا معجزاته بأعينهم ، من الإيمان بدعوته.

في هذا الصدد نقرأ الحديث التالي : أنّ الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله وآله وسلّم قال لأصحابه يوما : (أيّ المؤمنين أعجب إليكم إيمانا؟» قالوا : الملائكة. قال : «وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربّهم؟» قالوا : الأنبياء. قال : «وما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم؟» قالوا : نحن. قال : «وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟ ولكن أعجب المؤمنين إيمانا قوم يجيئون بعدكم يجدون صحفا يؤمنون بها»(١) .

وهذه حقيقة لا غبار عليها ، وهي أنّ الأشخاص الذين يطلّون على عالم الوجود بعد سنوات طويلة من رحلة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وآله وسلّم ويشاهدون آثاره في الكتب ـ فقط ـ ويؤمنون بأحقيّة دعوته ، فإنّ لهم ميزة كبيرة على الآخرين.

إنّ التعبير بـ «الميثاق» يمكن أن يكون إشارة إلى الفطرة التوحيدية أو الدلائل العقلية التي بمعرفتها يتبيّن للإنسان (نظام الخلقة) ، وعبارة (بربّكم) إشارة إلى التدبير الإلهي في عالم الخلقة ، وهو شاهد على هذا المعنى أيضا.

واعتبر البعض كلمة (ميثاق) إشارة إلى (عالم الذرّ) إلّا أنّ هذا المعنى مستبعد إلّا أن يراد به التّفسير الذي ذكرناه سابقا لعالم الذرّ(٢) .

وجاءت الآية اللاحقة لتأكيد وتوضيح نفس هذا المعنى حيث تقول :( هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ ) .

فسّر البعض( آياتٍ بَيِّناتٍ ) هنا بكلّ المعجزات ، وقال قسم آخر : إنّه (القرآن الكريم) إلّا أنّ مفهوم الآية واسع يستوعب كلّ ذلك ، بالرغم من أنّ التعبير( يُنَزِّلُ ) يناسب (القرآن) أكثر ، هذا الكتاب العظيم الذي يمزّق حجب ظلام الكفر والجهل

__________________

(١) صحيح البخاري طبقا لنقل تفسير المراغي تفسير ظلال نهاية القرآن في نهاية الآيات مورد البحث.

(٢) راجع هذا التّفسير ، نهاية الآية (١٧٢) من سورة الأعراف.

٢٨

والضلال ويشرق شمس الوعي والإيمان في النفوس ، والذي هو رحمة ونعمة إلهيّة عظيمة.

أمّا التعبير بـ( لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ ) فهو إشارة لطيفة إلى حقيقة أنّ هذه الدعوة الإلهية العظيمة إلى الإيمان والإنفاق تمثّل مظهرا من مظاهر الرحمة الإلهيّة التي جاءت إليكم جميعا ، كما أنّ جميع بركاتها في هذا العالم والعالم الآخر ترجع إليكم.

وسؤال يثار هنا وهو : هل يوجد اختلاف بين (الرؤوف) وبين (الرحيم)؟ وما هي خصوصيات كلّ منهما؟

ذكر المفسّرون في ذلك آراء ، والمناسب من بين كلّ الآراء التي ذكرت هو : أنّ كلمة (رؤوف) جاءت هنا إشارة إلى محبّته ولطفه الخاص بالنسبة إلى المطيعين ، في حين أنّ كلمة (رحيم) إشارة إلى رحمته بخصوص العاصين.

قال البعض : إنّ «الرأفة» تقال للرحمة قبل ظهورها ، و «الرحمة» تعبير يطلق على الحالة بعد ظهورها.

ثمّ يأتي استدلال آخر على ضرورة الإنفاق حيث يقول تعالى :( وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) أي أنّكم سترحلون عن هذه الدنيا وتتركون كلّ ما منحكم الله فيها ، وتذهبون إلى عالم آخر ، فلما ذا لا تستفيدون من هذه الأموال التي جعلها الله تحت تصرفكم بتنفيذ أمره بالإنفاق؟.

(ميراث) في الأصل ـ كما قال الراغب في المفردات ـ هي الأموال التي تنتقل للإنسان بدون اتّفاق مسبق ، وما ينتقل من الميّت إلى ورثته هو أحد مصاديق ذلك ، ولكن لكثرة استعمالها بهذا المعنى يتداعى لسامعها هذا المعنى عند إطلاقها.

وجملة( لِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) بمعنى ليست جميع الأموال والثروات الموجودة فوق الأرض ، بل كلّ ما هو في السماء والأرض وعالم الوجود يرجع إليه ، حيث تموت جميع الخلائق والله سبحانه هو الوارث لها جميعا.

٢٩

ولأنّ للإنفاق قيما مختلفة وأحوالا متفاوتة الشرائط والظروف ، يضيف سبحانه :( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ ) (١) .

هناك اختلاف بين المفسّرين حول المقصود من كلمة «الفتح» التي وردت في الآية ، فقد اعتبرها البعض إشارة لفتح مكّة في السنة الثامنة للهجرة ، واعتبرها آخرون إشارة إلى فتح الحديبية في السنة السادسة للهجرة.

وبالنظر إلى أنّ كلمة «الفتح» فسّرت (بفتح الحديبية) في سورة :( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ) فالمناسب هنا أن يكون المقصود بها فتح الحديبية أيضا. إلّا أنّ كلمة (قاتل) تناسب فتح مكّة ، لأنّه لم يحصل قتال في صلح الحديبية ، بعكس فتح مكّة الذي حصل فيه قتال سريع وقصير ، إذ لم يواجه بمقاومة شديدة.

ويحتمل أيضا أن يكون المراد من «الفتح» في هذه الآية هو جنس الفتح ، والذي يمثّل انتصار كلّ المسلمين في الحروب الإسلامية. والمقصود إجمالا أنّ الذين بذلوا المال والنفس في الظروف الحرجة مفضّلون على الذين ساعدوا الإسلام بعد سكون الموج وهدوء العاصفة ، لذلك وللتأكيد أكثر يضيف تعالى :( أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا ) .

والعجيب هنا أنّ بعض المفسّرين الذين اعتبروا مقصود الآية هو فتح مكّة ، أو فتح الحديبية ، اعتبروا مصداق المنفق في هذه الآية هو «أبو بكر». في حين أنّه ممّا لا شكّ فيه أنّ عدّة حروب وغزوات حصلت بين هجرة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونزول آية الفتح والذي استغرق من (٦ ـ ٨) سنوات ، وفي هذه الفترة قاتل وأنفق الآلاف من الأشخاص في طريق الإسلام ، إذ شارك في فتح مكّة فقط عشرة آلاف شخص ، طبقا لما ورد في كتب التاريخ. ومن الواضح أنّ أعدادا كبيرة في هذه المجموعة قدّمت الكثير من الأموال في سبيل الله وأعانت الإسلام في المجهود الحربي ،

__________________

(١) للآية محذوف يستفاد من المذكور ، وتقديره (لا يستوي من أنفق من قبل الفتح وقاتل والذين أنفقوا بعد الفتح وقاتلوا).

٣٠

وواضح أنّ كلمة (قبل) تعني الإنفاق في مشارف هذا الفتح وليس في بداية الإسلام وقبل إحدى وعشرين سنة.

يجدر الانتباه إلى أنّ بعض المفسّرين يصرّون على أنّ الإنفاق أفضل من الجهاد ، وذلك انسجاما مع رأيهم السابق ، ويدلّلون على صحّته من خلال ما ورد في الآية أعلاه من تقديم الإنفاق المالي على الجهاد باعتبار أنّ الوسائل والمقدّمات والآلات الحربية ، تتهيّأ بواسطته. إلّا أنّ ممّا لا شكّ فيه أنّ بذل النفس والتهيّؤ للشهادة أعلى وأفضل من الإنفاق المالي.

وعلى كلّ حال ، بما أنّ القسمين (الإنفاق والجهاد) مشمولان بعناية الحقّ تعالى مع اختلاف الدرجة ، فيضيف في النهاية( وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى ) .

وهذا تقدير لعموم الأشخاص الذين ساهموا في هذا الطريق.

وكلمة (حسنى) لها مفهوم واسع ، حيث تشمل كلّ ثواب وجزاء وخير في الدنيا والآخرة.

ولكون قيمة العمل بإخلاصه لله سبحانه فيضيف في نهاية الآية :( وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) .

نعم ، إنّه يعلم بكيفية وكميّة أعمالكم. وكذلك نيّاتكم ومقدار خلوصكم.

ولغرض الحثّ على ضرورة الإنفاق في سبيل الله ، ومن خلال تعبير رائع يؤكّد سبحانه ذلك في الآية مورد البحث بقوله :( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً ) فينفق ممّا آتاه الله في سبيل الله( فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ) .

إنّه تعبير عجيب حقّا ، حيث إنّ الله الواهب لكلّ النعم وجميع ذرّات وجودنا ـ هي من بحر فيضه اللامتناهي. وبالإضافة إلى أنّنا عبيد له يعبّر عنّا بأنّنا أصحاب الأموال ، ويدعونا لإقراضه ضمن شروط مغرية ، حيث أنّ السائد أنّ الديون العادية تسترجع بنفس مقاديرها ، إلّا أنّه سبحانه ـ بفضل منه ـ يضاعفها لنا بالمئات أحيانا وبالآلاف أحيانا اخرى.

٣١

وإضافة إلى ذلك فإنّه قد وعدنا بأجر كريم أيضا ، وهو جزاء عظيم لا يعلمه إلّا هو.

* * *

بحوث

١ ـ بواعث الإنفاق

الشيء الجدير بالانتباه أنّنا نلاحظ في الآيات السابقة تعبيرات مختلفة للحثّ على الإنفاق ، أعمّ من المساعدة والمساهمة في موضوع الجهاد أو أنواع الإنفاق الأخرى للمحتاجين ، والتي يعتبر كلّ منها عاملا أساسيّا ومحرّكا باتّجاه تحقيق الهدف.

وتشير الآية السابعة لمسألة استخلاف الناس بعضهم لبعض أو عن الله تعالى في هذه الثروة ، وبما أنّ المالكية الحقيقة لله تعالى ، والجميع نوابا له في هذه الأموال. فهذا الفهم يستطيع أن يفتح في الحقيقة يد الإنسان وقلبه للإنفاق ويكون عاملا للحركة في هذا المجال.

أمّا في الآية العاشرة فقد ورد مفهوم آخر يتحدّث فيه عن حالة عدم استقرار الأموال والممتلكات وبقائها بعد فناء الناس جميعا ، لذا يعبّر عنها بـ( مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) وأنّها لله تعالى.

وفي الآية الحادية عشرة ورد تعبير مرهف بالحساسية ، حيث يعتبر الله سبحانه الإنسان هو المقرض وأنّه تعالى هو المستقرض ، وليس في هذا القرض ربا ، بل فيه أرباح مضاعفة ، وأحيانا مضاعفة بالآلاف عوض هذا القرض ، بالإضافة إلى الجزاء العظيم الذي لا نستطيع تصوّره.

إنّ هذا كلّه لإزالة النظرات الخاطئة والمنحرفة ودوافع الحرص والحسد وحبّ الذات وطول الأمل التي تمنع من الإنفاق ، لتكوين مجتمع على أسس ودّية وتعاون عميق وروح اجتماعية بنّاءة.

٣٢

٢ ـ شروط الإنفاق في سبيل الله!

إنّ التعبير بـ( قَرْضاً حَسَناً ) في الآية أعلاه يشير إلى هذه الحقيقة وهي أنّ إعطاء القرض بحدّ ذاته (أقسام وأنواع) فبعضها يعتبر قرضا حسنا ، والآخر قرضا قليل الفائدة ، أو حتّى عديم الفائدة أيضا.

والقرآن الكريم يبيّن شروط القرض الحسن لله سبحانه كما وضّح ذلك في الآيات المختلفة ، وبعض المفسّرين استنتجوا عشرة شروط في مجموع الآيات القرآنية التي تتحدّث عن الإنفاق ، وهي كما يلي :

الشرط الأوّل : انتخاب أجود الأموال للإنفاق وليس من أرخصها شأنا وقيمة ، قال سبحانه :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ ، وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) (١) .

ثانيا : يجدر أن يكون الإنفاق والإقراض من الأموال التي هي موضع حاجة الشخص المنفق ، حيث يقول سبحانه :( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ ) (٢) .

ثالثا : يجب أن يكون الإنفاق للأشخاص الذين هم موضع حاجة شديدة إليه ، وتؤخذ بنظر الإعتبار الأولويات في إنفاقه ، قال تعالى :( لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ) (٣) .

رابعا : الأفضل والأولى في الإنفاق أن يكون محاطا بالسّرية والكتمان قال تعالى :( وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) (٤) .

__________________

(١) البقرة ، الآية ٢٦٧.

(٢) الحشر ، الآية ٩.

(٣) البقرة ، الآية ٢٧٣.

(٤) البقرة ، الآية ٢٧١.

٣٣

خامسا : أن لا يقترن الإنفاق منّ ولا أذى أبدا ، قال تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى ) (١) .

سادسا : أن يكون توأما مع خلوص النيّة قال تعالى :( يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) (٢) .

سابعا : الشعور بضئالة العطاء وأنّه صغير لا قيمة له حتّى وإن كان كثيرا ومهمّا ، وذلك تلبية لأمر الله وانتظارا للجزاء الذي أعدّه للمنفقين. قال تعالى :( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) (٣) (٤) .

ثامنا : أن يكون الإنفاق ممّا تعلّق قلبه به من الأموال ، وخاصّة تلك التي تكون موضع تعلّق وشغف ، قال تعالى :( لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) (٥) .

تاسعا : أن لا يرى المنفق أنّه هو المالك للأموال ، حيث أنّ المالك الحقيقي هو الله سبحانه ، ويعتبر المنفق نفسه واسطة بين الخالق والمخلوق ، قال تعالى :( وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ) (٦) .

عاشرا : أن يكون الإنفاق من المال الحلال ، لأنّه هو الذي يقبل فقط من قبل الله سبحانه ، قال تعالى :( إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) (٧) .

وجاء في حديث أنّ الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «لا يقبل الله صدقة من غلول»(٨) . والذي ذكرناه أعلاه هو قسم مهمّ من الضوابط والشروط اللازمة للإنفاق ، ولا

__________________

(١) البقرة ، الآية ٢٦٤.

(٢) البقرة ، الآية ٢٦٥.

(٣) لهذه الآية تفاسير متعدّدة ، أحدها ما ذكر أعلاه وستطالعون بعون الله شرحا أكثر في تفسير سورة المدثر إن شاء الله.

(٤) المدثر ، الآية ٦.

(٥) آل عمران ، الآية ٩٢.

(٦) الحديد ، الآية ٧.

(٧) المائدة ، الآية ٢٧.

(٨) ذكر الطبرسيقدس‌سره هذه الشروط العشرة في مجمع البيان والفخر الرازي في التّفسير الكبير والآلوسي في روح المعاني وقد أدرجناها باختصار.

٣٤

تنحصر به ، ونستطيع من خلال التدقيق والتأمّل في الآيات الكريمة والروايات الإسلامية أن نتعرّف على شروط أخرى أيضا.

ثمّ إنّ ما قيل من الشروط بعضها واجب كـ (عدم الأذى والمنّ والإعلان في العطاء) والبعض الآخر مستحبّ ومن شروط الكمال كـ (الإيثار على النفس) حيث إنّ عدمه لا يقلّل من قيمة الإنفاق ، بالرغم من أنّ الإنفاق في هذه الحالة لا يرتقي إلى مستوى الإنفاق العالي من حيث الدرجة.

ومع أنّ ما قيل هنا خاصّ في الإنفاق في سبيل الله (الإقراض لله) إلّا أنّه أيضا يصدق في كثير من القروض العادية ، لأنّ هذه الشروط من الأمور اللازمة أو من شروط الكمال للقرض الحسن.

وحول أهميّة الإنفاق في سبيل الله فقد ذكرنا شرحا مفصّلا تفسير الآيات من (٢٦١ ـ ٢٦٧) من سورة البقرة.

٣ ـ السابقون في الإيمان والجهاد والإنفاق

الأشخاص الذين يتقدّمون على غيرهم بالإيمان والعمل الصالح فهم ذوو وعي وشجاعة وإيثار وتضحية أكثر من الآخرين بلا شكّ ، ولذا فإنّ درجات المؤمنين غير متساوية عند الله ، والآية الكريمة اعتمدت هذا المفهوم وميّزت بين الأشخاص الذين أنفقوا قبل الفتح : (سواء كان فتح مكّة أو الحديبية أو مطلق الفتوحات الإسلامية) وجاهدوا أيضا ، وبين الذين أنفقوا وقاتلوا من بعد.

نقل في حديث عن (أبي سعيد الخدري) أنّه قال : «خرجنا مع رسول الله في عام الحديبية (السنة السادسة للهجرة) حتّى إذا كان بعسفان ـ مكان قريب من مكّة ـ قال رسول الله : «يوشك أن يأتي قوم تحقّرون أعمالكم مع أعمالهم» قلنا : من يا رسول الله؟ أقريش؟ قال : «لا ، ولكنّهم أهل اليمن ، هم أرقّ أفئدة وألين قلوبا» قلنا : أهم خير منّا يا رسول الله؟ قال : «لو كان لأحدهم جبل ذهب فأنفقه ما أدرك

٣٥

مدّ(١) أحدكم ولا نصفيه ، ألا إنّ هذا فصل ما بيننا وبين النساء لا يتسوّى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل»(٢) .

والنقطة التالية جديرة بالملاحظة أيضا وهي : أنّ الإقراض لله تعالى هو كلّ إنفاق في سبيله ، وأحد مصاديقه المهمّة الدعم الذي يقدّم للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأئمّة المسلمين من بعده ، كي يستعمل في الموارد اللازمة لإدارة الحكومة الإسلامية.

لذا نقل في الكافي رواية عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : «إنّ الله لم يسأل خلقه ممّا في أيديهم قرضا من حاجة به إلى ذلك ، وما كان لله من حقّ فإنّما هو لوليّه»(٣) .

وجاء في حديث آخر عن الإمام الكاظمعليه‌السلام حول نهاية الآية مورد البحث :( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً ) أنّه قال : «نزلت في صلة الإمام»(٤) .

* * *

__________________

(١) الظاهر أنّ المقصود من (المدّ الواحد من الطعام) هو أقلّ من الكيلو.

(٢) الدّرّ المنثور ، ج ٦ ، ص ١٧٢.

(٣) تفسير الصافي ، ص ٥٢٢.

(٤) تفسير الصافي ، ص ٥٢٢.

٣٦

الآيات

( يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ (١٣) يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (١٤) فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٥) )

التفسير

انظرونا نقتبس من نوركم :

لقد بشّر الله المنفقين في آخر آية من الآيات السابقة بالأجر الكريم ،

٣٧

واستمرارا للبحث فالآيات أعلاه تتحدّث عن هذا الأجر ، وتبيّن مدى قيمته وعظمته في اليوم الآخر ، يقول سبحانه :( يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ ) .

وبالرغم من أنّ المخاطب هنا هو الرّسول الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا أنّ من الواضح أنّ الآخرين يرقبون هذا المشهد أيضا ، ولكن بما أنّ تشخيص المؤمنين من الأمور اللازمة للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليتفقدهم فكانت هذه العلامة : (نورهم الذي يسعى بين أيديهم ...) دالّة عليهم ، وبذلك تكون معرفتهم أيسر.

وبالرغم من أنّ المفسّرين ذكروا احتمالات متعدّدة لهذا «النور إلّا أنّ المقصود منه ـ في الواقع ـ تجسيم نور الإيمان ، لأنّه سبحانه عبّر بـ (نورهم) ولا عجب ، لأنّ في ذلك اليوم تتجسّد أعمال البشر ، فيتجسّد الإيمان الذي هو نور هدايتهم بصورة نور ظاهري ، ويتجسّد الكفر الذي هو الظلام المطلق بصورة ظلمة ظاهرية. كما نقرأ في الآية الكريمة :( يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ) (١) .

وجاء في الآيات القرآنية الاخرى أنّ الله تعالى يهدي المؤمنين من الظلام إلى النور :( يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ) .

التعبير بـ «يسعى» من مادّة (سعى) ـ بمعنى الحركة السريعة ـ دليل على أنّ المؤمنين أنفسهم يسيرون بسرعة في طريق المحشر باتّجاه الجنّة حيث مركز السعادة السرمدية ، ذلك لأنّ الحركة السريعة لنورهم ليست منفصلة عن حركتهم السريعة.

والجدير بالملاحظة هنا أنّ الحديث جاء عن (نورين) (النور الذي يتحرّك أمامهم ، والنور الذي يكون عن يمينهم) وهذا التعبير يمكن أن يكون إشارة إلى

__________________

(١) التحريم ، الآية ٨.

٣٨

قسمين مختلفين من المؤمنين :

قسم المقرّبين وأصحاب الوجوه النورانية ، وهؤلاء نورهم يتحرّك أمامهم.

والقسم الثاني وهم أصحاب اليمين ويكون نورهم عن أيمانهم ، وذلك كناية عن صحيفة أعمالهم التي تعطى بأيديهم اليمنى ويخرج النور منها.

كما يوجد احتمال آخر أيضا وهو أنّ النورين إشارة إلى مجموعة واحدة ، وما يقصد بنور اليمين هو كناية عن النور الذي يصدر عن أعمالهم الصالحة ويضيء جميع أطرافهم.

وعلى كلّ حال فإنّ هذا النور هو دليلهم إلى الجنّة ، وعلى ضوئه يسيرون بسرعة إليها.

ومن جهة ثالثة بما أنّ مصدر هذا النور الإلهي هو الإيمان والعمل الصالح فلا شكّ أنّه يختلف باختلاف درجات الإيمان ومستوى الأعمال الصالحة للبشر ، فالأشخاص ذوو الإيمان الأقوى فإنّ نورهم يضيء مسافة أطول ، والذين لهم مرتبة أقل يتمتّعون بنور يناسب مرتبتهم ، حتّى أنّ نور بعضهم لا يضيء موضع أقدامهم ، كما ورد في تفسير علي بن إبراهيم في نهاية الآية مورد البحث : «يقسّم النور بين الناس يوم القيامة على قدر إيمانهم»(١) .

وهنا يصدر هذا النداء الملائكي باحترام للمؤمنين :( بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .

أمّا المنافقون الذين سلكوا طريق الظلام والكفر والذنوب والمعصية ، فإنّ صراخهم يعلو في مثل تلك الساعة ويلتمسون من المؤمنين شيئا من النور ، لكنّهم يواجهون بالرد والنفي. كما في قوله تعالى :( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ) (٢) .

__________________

(١) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٢٤١ ، حديث ٦٠.

(٢) انظرونا من مادّة (نظر) في الأصل بمعنى الفكر أو النظر لمشاهدة إدراك شيء ، وتأتي أحيانا بمعنى التأمّل والبحث.

٣٩

«اقتباس» في الأصل من مادّة (قبس) بمعنى أخذ شعلة من النار ، ثمّ استعملت على أخذ نماذج اخرى أيضا.

المقصود من جملة (انظرونا) هو أن انظروا لنا كي نستفيد من نور وجوهكم لنجد طريقنا ، أو انظروا لنا نظر لطف ومحبّة وأعطونا سهما من نوركم ، كما يحتمل أنّ المقصود هو أنّ (انظرونا) مشتقة من (الانتظار) بمعنى أعطونا مهلة قليلة حتّى نصل إليكم وفي ظلّ نوركم نجد الطريق.

وعلى كلّ حال يأتي الجواب على طلبهم بقوله تعالى :( قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً ) .

كان من الممكن أن تحصلوا على النور من الدنيا التي تركتموها ووراءكم ، وذلك بإيمانكم وأعمالكم الصالحة ، إلّا أنّ الوقت انتهى ، وفاتت الفرصة عليكم ولا أمل هنا في حصولكم على النور.

( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ ) وهذا الباب أو هذا الجدار من نوع خاص وأمره فريد ، حيث إنّ كلا من طرفيه مختلف عن الآخر تماما ، حيث :( باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ ) .

«السور» في اللغة هو الحائط الذي يحيط بالمدن ـ كما كان في السابق ـ للمحافظة عليها ، وفيه نقاط مراقبة عديدة يستقرّ بها الحرّاس للمحافظة ورصد الأعداء تسمّى بالبرج والأبراج.

والنقطة الجديرة بالملاحظة هنا حيث يقول تعالى :( باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ ) حيث أنّ المؤمنين كسكّان المدينة داخل البستان ، والمنافقين كالغرباء القسم الصحراوي ، فهم في جوّين مختلفين وعالمين متفاوتين ، ويحكي ذلك عن كون هؤلاء كانوا في مجتمع واحد جنبا إلى جنب ولكن يفصل بينهم

__________________

وكلّما تعدّت بـ (إلى) فإنّها تأتي بمعنى النظر إلى شيء ، وكلّما تعدّت بـ (في) فإنّها تأتي بمعنى التأمّل والتدبّر ، وعند ما لا تتعدّى بدون حرف جرّ كأن نقول : (نظرية وأنظرته وانتظرته) فإنّها تأتي بمعنى التأخير أو الانتظار (من المفردات للراغب).

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

صلاة أخرى بوضوء واحد خصوصاً في المسلوس ، بل مهما أمكن لا يترك هذا الاحتياط فيه.

وأما الصورة الثالثةـوهي أن يكون الحدث متصلاً بلا فترة أو فترات يسيرة بحيث لو توضأ بعد كل حدث وبنى لزم الحرج(٧١٦) ـيكفي أن يتوضأ لكل صلاة(٧١٧) ، ولا يجوز أن يصلي صلاتين بوضوء واحد نافلة كانتا أو فريضة أو مختلفة ، هذا إن أمكن إتيان بعض كل صلاة بذلك الوضوء ، وأما إن لم يكن كذلك بل كان الحدث مستمراً بلا فترة يمكن إتيان شيء من الصلاة مع الطهارة فيجوز أن يصلي بوضوء واحد صلوات عديدة ، وهو بحكم المتطهر إلى أن يجيئه حدث آخر من نوم أو نحوه أو خرج منه البول أو الغائط على المتعارف ، لكن الأحوط في هذه الصورة أيضاً الوضوء لكل صلاة ، والظاهر أن صاحب سلس الريح(٧١٨) أيضاً كذلك.

[ ٦٢٩ ] مسألة ١ : يجب عليه المبادرة(٧١٩) إلى الصلاة بعد الوضوء بلا مهلة.

____________________

عليها اذا لم يكن موجباً لفوات الموالاة المعتبرة بين اجزاء الصلاة بسبب استغراق الحدث المفاجئ أو تجديد الوضوء أو الامرين زمناً طويلاً ، كما ان الاحوط اذا احدث بعد الصلاة ان يتوضأ للصلاة الاخرى.

(٧١٦) ( لزم الحرج ) : النوعي.

(٧١٧) ( يتوضأ لكل صلاة ) : بل يجوز الجمع بين الصلاتين بوضوء واحد بل واحد بل لا يبعد جواز الاكتفاء به لعدة صلوات ايضاً ما لم يصدر منه غير ما ابتلىٰ به من سائر الاحداث أو نفس هذا الحدث غير مستند الى مرضه ولو قبل حصول البرء.

(٧١٨) ( صاحب سلس الريح ) : وكذلك سلس النوم والاغماء.

(٧١٩) ( يجب عليه المبادرة ) : لا وجه لوجوبها في الصورة الاولى مع الفترة ، وكذا في الصورة الاخيرة التي اشار اليها بقوله ( واما اذا لم يكن كذلك ) والاقوى عدم وجوبها في الصورتين الثانية والثالثة ايضاً.

٢٠١

[ ٦٣٠ ] مسألة ٢ : لا يجب على المسلوس والمبطون أن يتوضئا لقضاء التشهد والسجدة المنسيين ، بل يكفيهما وضوء الصلاة التي نسيا فيها ، بل وكذا صلاة الاحتياط يكفيها وضوء الصلاة التي شك فيها ، وإن كان الأحوط الوضوء لها مع مراعاة عدم الفصل الطويل وعدم الاستدبار ، وأما النوافل فلا يكفيها وضوء فريضتها(٧٢٠) ، بل يشترط الوضوء لكل ركعتين منها.

[ ٦٣١ ] مسألة ٣ : يجب على المسلوس التحفظ من تعدّي بوله بكيس فيه قطن أو نحوه ، والأحوط غسل الحشفة قبل كل صلاة ، وأما الكيس فلا يلزم تطهيره وإن كان أحوط ، والمبطون أيضاً إن أمكن تحفظه بما يناسب يجب ، كما أن الأحوط تطهير المحل أيضاً إن أمكن من غير حرج.

[ ٦٣٢ ] مسألة ٤ : في لزوم معالجة السَلَس والبَطَن إشكال ، والأحوط(٧٢١) المعالجة مع الإِمكان بسهولة ، نعم لو أمكن التحفظ بكيفية خلصة مقدار اداء الصلاة وجب(٧٢٢) وإن كان محتاجاً إلى بذل مال.

[ ٦٣٣ ] مسألة ٥ : في جواز مس كتابة القرآن للمسلوس والمبطون بعد الوضوء للصلاة مع فرض دوام الحدث وخروجه بعده إشكال حتى حال الصلاة(٧٢٣) ، إلا أن يكون المس واجباً.

[ ٦٣٤ ] مسألة ٦ : مع احتمال الفترة الواسعة الأحوط(٧٢٤) الصبر ، بل الأحوط الصبر إلى الفترة التي هي أخف مع العلم بها بل مع احتمالها ، لكن الأقوى عدم وجوبه.

____________________

(٧٢٠) ( فلا يكفيها وضوء فريضتها ) : بل يكفيها كما مر.

(٧٢١) ( والاحوط ) : الاولى.

(٧٢٢) ( وجب ) : الاظهر عدم وجوبه مطلقاً.

(٧٢٣) ( اشكال حتى حال الصلاة ) : الاقرب الجواز مطلقاً.

(٧٢٤) ( مع الحتمال الفترة الواسعة الاحوط ) : استحباباً.

٢٠٢

[ ٦٣٥ ] مسألة ٧ : إذا اشتغل بالصلاة مع الحدث باعتقاد عدم الفترة الواسعة وفي الأثناء تبين وجودها قطع الصلاة ، ولو تبين بعد الصلاة أعادها.

[ ٦٣٦ ] مسألة ٨ : ذكر بعضهم أنه لو أمكنهما إتيان الصلاة الاضطرارية ولو بأن يقتصرا في كل ركعة على تسبيحة ويومئا للركوع والسجود مثل صلاة الغريق فالأحوط الجمع بينها وبين الكيفية السابقة ، وهذا وإن كان حسناً لكن وجوبه محل منع بل تكفي الكيفية السابقة.

[ ٦٣٧ ] مسألة ٩ : من أفراد دائم الحدث المستحاضة ، وسيجيء حكمها.

[ ٦٣٨ ] مسألة ١٠ : لا يجب على المسلوس والمبطون بعد برئهما قضاء ما مضى من الصلوات ، نعم إذا كان في الوقت وجبت الإِعادة(٧٢٥) .

[ ٦٣٩ ] مسألة ١١ : من نذر أن يكون على الوضوء دائماً إذا صار مسلوساً أو مبطوناً الأحوط تكرار الوضوء(٧٢٦) بمقدار لا يستلزم الحرج ، ويمكن القول بانحلال النذر ، وهو الأظهر.

فصل

في الأغسال

والوجوب منها سبعة : غسل الجنابة ، والحيض ، والنفاس ، والاستحاضة ، ومس الميت ، وغسل الأموات ، والغسل الذي وجب بنذر ونحوه

____________________

(٧٢٥) ( وجبت الاعادة ) : على الاحوط.

(٧٢٦) ( الاحوط تكرار الوضوء ) : والاقوى عدم لزومه ما لم يصدر منه غير ما ابتلي به من سائر الاحداث او نفس الحدث المبتلى به غير مستند الى مرضه ولو قبل حصول البرء ، ولا انحلال للنذر.

٢٠٣

كأن نذر غسل الجمعة أو غسل الزيارة أو الزيارة مع الغسل ، والفرق بينهما(٧٢٧) أن في الأول إذا أراد الزيارة يجب أن يكون مع الغسل ولكن يجوز أن لا يزور أصلاً وفي الثاني يجب الزيارة فلا يجوز تركها ، وكذا إذا نذر الغسل لسائر الأعمال التي يستحب الغسل لها.

[ ٦٤٠ ] مسألة ١ : النذر المتعلق بغسل الزيارة ونحوها يتصور على وجوه :

الأول :أن ينذر الزيارة مع الغسل ، فيجب عليه الغسل والزيارة ، وإذا ترك أحدهما وجبت الكفارة.

الثاني : أن ينذر الغسل للزيارة بمعنى أنه إذا أراد(٧٢٨) أن يزور لا يزور إلا مع الغسل ، فإذا ترك الزيارة لا كفارة عليه ، وإذا زار بلا غسل وجبت عليه.

الثالث :أن ينذر غسل الزيارة منجزاً ، وحينئذ يجب عليه الزيارة أيضاً وإن لم يكن منذوراً مستقلاً بل وجوبها من باب المقدمة ، فلو تركها وجبت كفارة واحدة ، وكذا لو ترك أحدهما ، ولا يكفي في سقوطها الغسل فقط وإن كان من عزمه حينه أن يزور ، فلو تركها وجبت ، لأنه إذا لم تقع الزيارة بعده لم يكن غسل الزيارة.

الرابع : أن ينذر الغسل والزيارة(٧٢٩) ، فلو تركهما وجب عليه كفارتان ، ولو ترك أحدهما فعليه كفارة واحدة.

____________________

(٧٢٧) ( الفرق بينهما ) : الظاهر ان الاول كالثاني ولا يستظهر منه تعليق النذر على تعقب الزيارة ، نعم اذا قصد ذلك تم الفرق المذكور.

(٧٢٨) ( بمعنى انه اذا اراد ) : بل بمعنى ان يغتسل عند كل زيارة اختيارية فان زار كذلك بلا غسل كان حانثاً ، واما النذر بالمعنى المذكور الظاهر في ترك الزيارة بلا غسل فلا ينعقد اذ لا رجحان فيه.

(٧٢٩) ( أن ينذر الغسل والزيارة ) : فيه اشكال لانه ان كان كل منهما مطلقاً بالنسبة الى الاخر كان خارجاً عن المقسم وعلى فرض تقييد كل منهما بالاخر يتحد مع الخامس وان كانت الزيارة مطلقة فقط فلا وجه للاكتفاء بكفارة واحدة مع عدم

٢٠٤

الخامس : أن ينذر الغسل الذي بعده الزيارة والزيارة مع الغسل ، وعليه لو تركهما وجبت كفارتان ، ولو ترك أحدهما فكذلك ، لأن المفروض تقيد كل بالآخر ، وكذا الحال في نذر الغسل لسائر الأعمال.

فصل

في غسل الجنابة

وهي تحصل بأمرين :

الأول :خروج المني(٧٣٠) ولو في حال النوم أو الاضطرار وإن كان بمقدار رأس إبرة ، سواء كان بالوطء(٧٣١) أو بغيره مع الشهوة أو بدونها جامعاً للصفات أو فاقداً لها مع العلم بكونه منياً ، وفي حكمه الرطوبة المشتبهة الخارجة بعد الغسل مع عدم الاستبراء بالبول(٧٣٢) ، ولا فرق بين خروجه من المخرج المعتاد أو غيره ، والمعتبر خروجه إلى خارج البدن ، فلو تحرك من محله ولم يخرج لم يوجب الجنابة ، وإن كان منه ، فلو خرج من المرأة مني الرجل لا يوجب جنابتها إلا مع العلم باختلاطه بمنيها ، وإذا شك في خارج أنه مني أم لا اختبر بالصفات من الدفق

____________________

الاتيان بها ، بل عليه كفارتان. سواء اغتسل ام لا ، واما احتمال كون الغسل مقيداً بالعزم على الزيارة والزيارة مطلقة فهو وان كان مناسباً للحكم المذكورالا ان في انعقاد نذر الغسل كذلكـوان لم يكن موصلاً الى الزيارةـاشكالاً، مع انه خارج عن المقسم وإلا لكان اطلاق الحكم بوجوب الزيارة في الوجه الثالث في غير محله.

(٧٣٠) ( الاولـخروج المني ) : من المواضع المعتاد بل وكذا من غيره اذا كان الخروج طبيعياًوالا كما اذا اخرج بعملية كجذبه بالابرة ونحوها ففيه اشكال.

(٧٣١) ( سواء كان بالوطء ) : غير الموجب للجنابة كما سيجيء فرضه أو مع تخلل الغسلوالا فلا اثر للانزال.

(٧٣٢) ( مع عدم الاستبراء بالبول ) : اذا كانت الجنابة بالانزال.

٢٠٥

والفتور والشهوة ، فمع اجتماع هذه الصفات يحكم بكونه منياً وإن لم يعلم بذلك ، ومع عدم اجتماعها ولو بفقد منها لا يحكم به إلا إذا حصل العلم(٧٣٣) ، وفي المرأة(٧٣٤) والمريض(٧٣٥) يكفي اجتماع صفتين وهما الشهوة والفتور.

الثاني :الجماع وإن لم ينزل ولو بإدخال الحشفة أو مقدارها من مقطوعها(٧٣٦) في القبل أو الدبر من غير فرق بين الواطئ والموطوء والرجل(٧٣٧) والامرأة والصغير والكبير والحي والميت والاختيار والاضطرار في النوم أو اليقظة حتى لو أدخلت حشفة طفل رضيع فإنهما يجنبان ، وكذا لو أدخل ذكر ميت أو أدخل في ميت ، والأحوط في وطء البهائم من غير إنزال الجمع بين الغسل والوضوء إن كان سابقاً محدثاً بالأصغر ، والوطء في دبر الخنثى موجب للجنابة(٧٣٨) دون قبلها مع الإِنزال فيجب الغسل عليه دونها(٧٣٩) إلا أن تنزل هي

____________________

(٧٣٣) ( حصل العلم ) : أو الاطمئنان.

(٧٣٤) ( وفي المرأة ) : لم يثبت وجود المني بالمعنى المعروف لها نعم الماء الخارج عنها بشهوة محكوم بحكم المني في كونه موجباً للجنابة.

(٧٣٥) ( والمريض ) : يكفي في المريض مجرد الشهوة.

(٧٣٦) ( او مقدارها من مقطوعها ) : الاظهر الاكتفاء بما يصدق معه الادخال عرفاً وان لم يكن بمقدارها.

(٧٣٧) ( والرجل ) : لا يترك الاحتياط في وطء دبر الذكر للواطئ والموطوء بالجمع بين الغسل والوضوء اذا كانا محدثين بالحدث الاصغر والا فيكتفي بالغسل.

(٧٣٨) ( موجب للجنابة ) : يجري فيه الاحتياط السابق.

(٧٣٩) ( فيجب الغسل عليه دونها ) : الظاهر ان محل كلامه رضياللهعنه ما اذا لم يفرض كون الخنثى ذات شخصية مزدوجة اي ذات جهازين تناسليين مختلفين وحينئذٍ فان قلنا انها تعد طبيعة ثالثة فمقتضى القاعدة عدم تحقق الجنابة بالادخال فيها او ادخالها في الغير وان قلنا انها لا تخلو من كونها ذكراً أو انثى وان لم يتيسر تمييز ذلك فعليها مراعاة الاحتياط فيما اذا ادخل الرجل في قبلها وان لم تنزل بمقتضى العلم الاجمالي

٢٠٦

أيضاً ، ولو أدخلت الخنثى في الرجل أو الأنثى مع عدم الإِنزال لا يجب الغسل على الواطىء ولا على الموطوء ، وإذا دخل الرجل بالخنثى والخنثى بالأنثى وجب الغسل على الخنثى دون الرجل والأنثى(٧٤٠) .

[ ٦٤١ ] مسألة ١ : إذا رأى في ثوبه منياً وعلم أنه منه ولم يغتسل بعده وجب عليه الغسل وقضاء ما تيقن من الصلوات التي صلاها بعد خروجه ، وأما الصلوات التي يحتمل سبق الخروج عليها فلا يجب قضاؤها ، وإذا شك في أن هذا المني منه أو من غيره لا يجب عليه الغسل(٧٤١) وإن كان أحوط خصوصاً إذا كان الثوب مختصاً به ، وإذا علم أنه منه ولكن لم يعلم أنه من جنابة سابقة اغتسل منها أو جنابة أخرى لم يغتسل لها لا يجب عليه الغسل أيضاً(٧٤٢) ، لكنه أحوط.

[ ٦٤٢ ] مسألة ٢ : إذا علم بجنابة وغسل ولم يعلم السابق منهما وجب عليه الغسل(٧٤٣) إلا إذا علم زمان الغسل(٧٤٤) دون الجنابة فيمكن استصحاب الطهارة حينئذ.

[ ٦٤٣ ] مسألة ٣ : في الجنابة الدائرة بين شخصين لا يجب الغسل ، على واحد(٧٤٥) منهما ، والظن كالشك وإن كان الأحوط فيه مراعاة الاحتياط ، فلو ظن أحدهما أنه الجنب دون الآخر اغتسل وتوضأ إن كان مسبوقاً بالأصغر.

____________________

بتوجه تكاليف الرجال أو النساء اليها ومنه يظهر الحال فيما بعده.

(٧٤٠) ( دون الرجل والانثى ) : اذا لم يترتب على جنابة الاخر اثر الزامي بالنسبة اليه والا لزمه الغسل بل يلزمه الجمع بينه وبين الوضوء اذا كان مسبوقاً بالحدث الاصغر.

(٧٤١) ( لا يجب عليه الغسل ) : ياتي فيه التفصيل المتقدم في التعليق السابق.

(٧٤٢) ( لا يجب عليه الغسل ايضاً ) : بل يجري فيه ما سيجيء في المسألة الثانية.

(٧٤٣) ( وجب عليه الغسل ) : وكذا الوضوء اذا كان محدثاً بالحدث الاصغر.

(٧٤٤) (الا اذا علم زمان الغسل ) : بل حتى في هذه الصورة.

(٧٤٥) ( لايجب الغسل على واحد ) : يجري فيه التفصيل المتقدم.

٢٠٧

[ ٦٤٤ ] مسألة ٤ : إذا دارت الجنابة بين شخصين لا يجوز لأحدهما الاقتداء بالآخر للعلم الإِجمالي بجنابته أو جنابه إمامه ، ولو دارت بين ثلاثة يجوز لواحد أو الاثنين منهم الاقتداء بالثالث(٧٤٦) لعدم العلم حينئذ ، ولا يجوز لثالث علم إجمالاً بجنابة أحد الاثنين أو أحد الثلاثة الاقتداء بواحد منهما أو منهم إذا كانا أو كانوا محل الابتلاء له وكانوا عدولاً(٧٤٧) عنده ، وإلا فلا مانع ، والمناط علم المقتدي بجنابة أحدهما لا علمهما ، فلو اعتقد كل منهما عدم جنابته وكون الجنب هوالآخر أو لا جنابة لواحد منهما وكان المقتدي عالماً كفى في عدم الجواز ، كما أنه لو لم يعلم المقتدي إجمالاً بجنابة أحدهما وكانا عالمين بذلك لا يضر باقتدائه.

[ ٦٤٥ ] مسألة ٥ : إذا خرج المني بصورة الدم(٧٤٨) وجب الغسل أيضاً بعد العلم بكونه منيا.

[ ٦٤٦ ] مسألة ٦ : المرأة تحتلم كالرجل ، ولو خرج منها المني(٧٤٩) حينئذ وجب عليها الغسل ، والقول بعدم احتلامهن ضعيف.

[ ٦٤٧ ] مسألة ٧ : إذا تحرك المني في النوم عن محله بالاحتلام ولم يخرج إلى خارج لا يجب الغسل كما مرّ ، فإذا كان بعد دخول الوقت ولم يكن عنده ماء للغسل هل يجب عليه حبسه عن الخروج أو لا الأقوى عدم الوجوب(٧٥٠) وإن لم

____________________

(٧٤٦) ( الاقتداء بالثالث ) : اذا لم يكن لجنابة غيره أثر الزامي بالنسية اليه ولو بلحاظ سائر احكام الجنابة.

(٧٤٧) ( وكانوا عدولاً ) : لا يعتبر عدالة الجميع في عدم جواز الاقتداء بالعدل منهم اذا كان لجنابة الباقين أثر الزامي بالنسبة اليه.

(٧٤٨) ( بصورة الدم ) : اي ممتزجاً به.

(٧٤٩) ( ولو خرج منها المني ) : قد مر المراد بالمني الخارج من المرأة.

(٧٥٠) ( عدم الوجوب ) : لا يترك الاحتياط بالحبس مع الامن من الضرر.

٢٠٨

يتضرر به ، بل مع التضرر يحرم(٧٥١) ذلك ، فبعد خروجه يتيمم للصلاة ، نعم لو توقف إتيان الصلاة في الوقت على حبسه بأن لم يتمكن من الغسل ولم يكن عنده ما يتيمم به وكان على وضوء بأن كان تحرك المني في حال اليقظة ولم يكن في حبسه ضرر عليه لا يبعد وجوبه ، فإنه على التقادير المفروضة لو لم يحبسه لم يتمكن من الصلاة في الوقت ولو حبسه يكون متمكنا.

[ ٦٤٨ ] مسألة ٨ : يجوز للشخص إجناب نفسه(٧٥٢) ولو لم يقدر على الغسل وكان بعد دخول الوقت ، نعم إذا لم يتمكن من التيمم أيضاً لا يجوز ذلك ، وأما في الوضوء فلا يجوز(٧٥٣) لمن متوضئاً ولم يتمكن من الوضوء لو أحدث أن يبطل وضوءه إذا كان بعد دخول الوقت ، ففرق في ذلك بين الجنابة والحدث الأصغر ، والفارق النص.

[ ٦٤٩ ] مسألة ٩ : إذا شك في أنه هل حصل الدخول أم لا؟ لم يجب عليه الغسل ، وكذا لو شك في أن المدخول فرج أو دبر أو غيرهما ، فإنه لا يجب عليه الغسل.

[ ٦٥٠ ] مسألة ١٠ : لا فرق في كون إدخال تمام الذكر أو الحشفة موجباً للجنابة بين أن يكون مجرداً أو ملفوفاً بوصلة أو غيرها ، إلا أن يكون بمقدار لا يصدق عليه الجماع.

[ ٦٥١ ] مسألة ١١ : في الموارد التي يكون الاحتياط في الجمع بين الغسل والوضوء الأولى أن ينقض الغسل بناقض من مثل البول ونحوه ثم يتوضأ ، لأن

____________________

(٧٥١) ( مع التضرر يحرم ) : فيه تفصيل تقدم في المسألة ٢١ من شرائط الوضوء.

(٧٥٢) ( اجناب نفسه ) : باتيان أهله وفي غيره لا يترك الاحتياط بالترك.

(٧٥٣) ( فلا يجوز ) : على الاحوط وجوباً.

٢٠٩

الوضوء مع غسل الجنابة غير جائز(٧٥٤) ، والمفروض احتمال كون غسله غسل الجنابة.

فصل

في ما يتوقف على الغسل من الجنابة

وهي أمور :

الأول :الصلاة ، واجبة أو مستحبة اداء وقضاء لها ولأجزائها المنسية ، وصلاة الاحتياط ، بل وكذا سجدتا السهو على الأحوط(٧٥٥) ، نعم لا يجب في صلاة الأموات ولا في سجدة الشكر والتلاوة.

الثاني :الطواف الواجب(٧٥٦) دون المندوب(٧٥٧) ، لكن يحرم على الجنب دخول مسجد الحرام ، فتظهر الثمرة فيما لو دخله سهواً وطاف ، فإن طوافه محكوم بالصحة ، نعم يشترط في صلاة الطواف الغسل ولو كان الطواف مندوبا.

الثالث :صوم شهر رمضان وقضائه ، بمعنى أنه لا يصح اذا أصبح جنباً متعمداً أو ناسياً للجنابة(٧٥٨) ، وأما سائر الصيام ما عدا شهر رمضان وقضائه فلا يبطل بالإِصباح جنباً وإن كانت واجبة ، نعم الأحوط في الواجبة منها ترك تعمد الإِصباح جنباً ، نعم الجنابة العمدية في أثناء النهار تبطل جميع الصيام حتى

____________________

(٧٥٤) ( غير جائز ) : الظاهر اختصاصه بما اذا أتي به بعده ، مع ان الحرمة حيث انها تشريعية فلا تنافي الاتيان به احتياطاً.

(٧٥٥) ( على الاحوط ) : الاولى.

(٧٥٦) ( الطواف الواجب ) : بالاحرام مطلقاً.

(٧٥٧) ( دون المندوب ) : صحة الطواف المندوب من المجنب لا تخلو عن اشكال.

(٧٥٨) ( ناسياً للجنابة ) : في خصوص صوم شهر رمضان ولم وجوب الاعادة على الناسي في قضائه.

٢١٠

المندوبة منها ، وأما الاحتلام فلا يضر بشيء منها حتى صوم رمضان.

فصل

في ما يحرم على الجنب

وهي أيضاً أمور :

الأول :مس خط المصحف على التفصيل الذي مرّ من الوضوء ، وكذا مس اسم الله تعالى وسائر أسمائه وصفاته المختصة(٧٥٩) ، وكذا مس أسماء الأنبياء والأئمةعليهمالسلامعلى الأحوط(٧٦٠) .

الثاني : دخول مسجد الحرام ومسجد النبي (صلىاللهعليهوآله) وإن كان بنحو المرور.

الثالث :المكث في سائر المساجد بل مطلق الدخول فيها على غير وجه المرور ، وأما المرور فيها بأن يدخل من باب ويخرج من آخر فلا بأس به(٧٦١) ، وكذا الدخول(٧٦٢) بقصد أخذ شيء منها فإنه لا بأس به ، والمشاهد كالمساجد في حرمة المكث فيها(٧٦٣) .

الرابع :الدخول في المساجد بقصد وضع شيء فيها(٧٦٤) بل مطلق

____________________

(٧٥٩) ( وسائر اسمائه وصفاته المختصة ) : على الاحوط فيهما.

(٧٦٠) ( على الاحوط ) : الاولى.

(٧٦١) ( من آخر فلا بأس به ) : العبرة بصدق الاجتياز ولو كان بغير النحو المذكور.

(٧٦٢) ( وكذا الدخول ) : الاظهر عدم جوازه.

(٧٦٣) ( في حرمة المكث فيها ) : على الاحوط ، ولا يجري الحكم في اروقتها فيما لم يثبت كونه مسجداً كما ثبت في بعضها.

(٧٦٤) ( بقصد وضع شيء فيها ) : اذا لم يصدق عليه عنوان الاجتياز.

٢١١

الوضع(٧٦٥) فيها وإن كان من الخارج أو في حال العبور.

الخامس :قراءة سور العزائم ، وهي سورة إقرأ والنجم وألم تنزيل وحم السجدة وإن كان بعض واحدة منها بل البسملة أو بعضها بقصد إحداها(٧٦٦) على الأحوط ، لكن الأقوى اختصاص الحرمة بقراءة أيات السجدة منها.

[ ٦٥٢ ] مسألة ١ : من نام أحد المسجدين واحتلم أو أجنب فيهما أو في الخارج ودخل فيهما عمداً أو سهواً أو جهلاً وجب عليه التيمم للخروج ، إلا أن يكون زمان الخروج أقصر من المكث(٧٦٧) للتيمم فيخرج من غير تيمم أو كان زمان الغسل فيهما مساوياً أو أقل من زمان التيمم(٧٦٨) فيغتسل حينئذ ، وكذا حال الحائض والنفساء(٧٦٩) .

[ ٦٥٣ ] مسألة ٢ : لا فرق في حرمة دخول الجنب في المساجد بين المعمور منها والخراب(٧٧٠) وإن لم يصلّ فيه أحد ولم يبق آثار مسجديته ، نعم في مساجد الأراضي المفتوحة عنوة إذا ذهب آثار المسجدية بالمرة يمكن القول(٢) بخروجها عنها ، لأنها تابعة لآثارها وبنائها.

[ ٦٥٤ ] مسألة ٣ : إذا عين الشخص في بيته مكاناً للصلاة وجعله مصلّى له لا يجري عليه حكم المسجد.

____________________

(٧٦٥) ( بل مطلق الوضع ) : على الاحوط وجوباً.

(٧٦٦) ( بقصد احداها ) : في كون مجرد القصد معيناً اشكال.

(٧٦٧) ( اقصر من المكث ) : ومع التساوي يتخير.

(٧٦٨) ( من زمان التيمم ) : وكذا من زمان الخروج.

(٧٦٩) ( وكذا حال الحائض والنفساء ) : بعد انقطاع الدم عنهما والاوجب الخروج فوراً ولا يسوغ لهما المكث للتيمم.

(٧٧٠) ( والخراب ) : بشرط ابقاء العنوان عرفاً بان يصدق انه مسجد خراب واما مع عدمه فلا وهذا يجري فيما بعده ايضاً.

٢١٢

[ ٦٥٥ ] مسألة ٤ : كل ما شك في كونه جزءاً(٧٧١) من المسجد من صحنه والحجرات التي فيه ومنارته وحيطانه ونحو ذلك لا يجري عليه الحكم ، وإن كان الأحوط الإِجراء إلا إذا علم خروجه منه.

[ ٦٥٦ ] مسألة ٥ : الجنب إذا قرأ دعاء كميل الأولى والأحوط أن لا يقرأ منه( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لاَّ يَسْتَوُونَ ) [ السجدة ٣٢ : ١٨ ] لأنه جزء من سورة حم السجدة(٧٧٢) ، وكذا الحائض ، والأقوى جوازه لما مر من أن المحرم قراءة أيات السجدة لا بقية السورة.

[ ٦٥٧ ] مسألة ٦ : الأحوط(٧٧٣) عدم إدخال الجنب في المسجد وإن كان صبياً أو مجنوناً أو جاهلاً بجنابة نفسه.

[ ٦٥٨ ] مسألة ٧ : لا يجوز أن يستأجر الجنب لكنس المسجد في حال جنابته ، بل الإِجارة فاسدة ولا يستحق أجرة(٧٧٤) ، نعم لو استأجره مطلقاً ولكنه كنس في حال جناية وكان جاهلاً بأنه جنب أو ناسياً استحق الأجرة ، بخلاف ما إذا كنس عالماً فانه لايستحق(٧٧٥) لكونه حراماً ولا يجوز أخذ الأجرة على العمل المحرم ، وكذا الكلام في الحائض والنفساء ، ولو كان الأجير جاهلاً أو كلاهما جاهلين في الصورة الاُولى أيضاً يستحق الأجرة ، لأن متعلق الإِجارة وهو الكنس لا يكون حراماً ، وإنما الحرام الدخول والمكث ، فلا يكون من باب أخذ الأجرة على المحرم ، نعم لو استأجره على الدخول أو المكث كانت الإِجارة

____________________

(٧٧١) ( كل ما شك في كونه جزءاً ) : ولم تكن امارة على جزئيته ولو يد المسلمين عليه بهذا العنوان.

(٧٧٢) ( حم السجدة ) : بل آلم السجدة.

(٧٧٣) ( الاحوط ) : الاولى.

(٧٧٤) ( ولا يستحق اجرة ) : اي المسماة وفي استحقاق اجرة المثل اشكال.

(٧٧٥) ( فانه لا يستحق ) : بل يستحق والكنس ليس حراماً.

٢١٣

فاسدة(٧٧٦) ولا يستحق الأجرة ولو كانا جاهلين ، لأنهما محرمان ولا يستحق الأجرة على الحرام ، ومن ذلك ظهر أنه استأجر الجنب أو الحائض أو النفساء للطواف المستحب كانت الإِجارة فاسدة ولو مع الجهل ، وكذا لو استأجره لقراءة العزائم ، فإن المتعلق فيهما هو نفس الفعل المحرم ، بخلاف الإِجارة للكنس فانه ليس حراماً ، وإنما المحرم شيء آخر وهو الدخول والمكث ، فليس نفس المتعلق حراماً.

[ ٦٥٩ ] مسألة ٨ : إذا كان جنباً وكان الماء في المسجد يجب عليه أن يتيمم ويدخل المسجد لأخذ الماء أو الاغتسال فيه ، ولا يبطل تيممه(٧٧٧) لوجدان هذا الماء بعد الخروج أو بعد الاغتسال ، ولكن لا يباح بهذا التيمم(٧٧٨) إلادخول المسجد واللبث فيه بمقدار الحاجة ، فلا يجوز له مس كتابة القرآن ولا قراءة العزائم إلا إذا كانا واجبين فورا.

[ ٦٦٠ ] مسألة ٩ : إذا علم إجمالاً جنابة أحد الشخصين لا يجوز له استئجارهما(٧٧٩) ولا استئجار أحدهما لقراءة العزائم أو دخول المساجد أو نحو ذلك مما يحرم على الجنب.

____________________

(٧٧٦) ( الاجارة فاسدة ) : بل صحيحة ويستحق الاجرة وكذا في مطلق موارد جهل الاجير ومنه يظهر حكم ما بعده.

(٧٧٧) ( ولا يبطل تيممه ) : الظاهر انه اذا امكن الاغتسال في المسجد وكان زمن الغسل بمقدماته أقصر من زمن الخروج أو مساوياً له يبطل تيممه عند وصوله الى الماء ويجب عليه الغسل في المسجد فوراً والا فلا.

(٧٧٨) ( ولكن لا يباح بهذا التيمم ) : فيه اشكال بل منع.

(٧٧٩) ( لا يجوز له استئجارهما ) : مع تنجز الحرمة بالنسبة الى الاجير وإلا فالظاهر جواز الاستئجار تكليفاً ووضعاً نعم لو كان المستأجر مأخوذاً بالعمل الصحيح واقعاً كالوصي في الاستئجار للصلاة عن الميت بما له لم يكن له استئجار احدهما فضلاً عن استئجارهما معاً.

٢١٤

[ ٦٦١ ] مسألة ١٠ : مع الشك في الجناية لا يحرم شيء من المحرمات المذكور إلا كانت حالته السابقة هي الجنابة.

فصل

في ما يكره على الجنب

وهي أمور :

الأول :الأكل والشرب ، ويرتفع كراهتهما بالوضوء ، أو غسل اليدين والمضمضة والاستنشاق ، أو غسل اليدين(٧٨٠) فقط.

الثاني :قراءة ما زاد على سبع آيات من القرآن ما عدا العزائم ، وقراءة ما زاد على السبعين أشد كراهة.

الثالث :مس ما عدا خط المصحف من الجلد والأوراق والحواشي وما بين السطور.

الرابع :النوم ، إلا أن يتوضأ أو يتيمم إن لم يكن له الماء بدلاً عن الغسل.

الخامس :الخضاب ، رجلاً كان أو امرأة ، وكذا يكره للمختضب قبل أن يأخذ اللون إجناب نفسه.

السادس :التدهين.

السابع :الجماع إذا كان جنابته بالاحتلام.

الثامن :حمل المصحف.

التاسع :تعليق المصحف.

____________________

(٧٨٠) ( أو غسل اليدين ) : بل بغسل اليدين والتمضمض وغسل الوجه. وتزول مرتبة من الكراهة بغسل اليدين فقط.

٢١٥

فصل

[ في كيفية الغسل وأحكامه ]

غسل الجنابة مستحب نفسي(٧٨١) وواجب غيري للغايات الواجبة ومستحب غيري للغايات المستحبة ، والقول بوجوبه النفسي ضعيف ، ولا يجب فيه قصد الوجوب والندب ، بل لو قصد الخلاف لا يبطل إذا كان مع الجهل بل مع العلم إذا لم يكن بقصد التشريع(٧٨٢) وتحقق منه قصد القربة ، فلو كان قبل الوقت واعتقد دخوله فقصد الوجوب(٧٨٣) لا يكون باطلاً ، وكذا العكس ، ومع الشك في دخوله يكفي الإِتيان به بقصد القربة للاستحباب النفسي أو بقصد إحدى غاياته المندوبة أو بقصد ما في الواقع من الأمر الوجوبي أو الندبي.

والواجب فيه بعد النية غسل ظاهر تمام البدن دون البواطن منه ، فلا يجب غسل باطن العين والأنف والأذن والفم ونحوها ، ولا يجب غسل الشعر مثل اللحية ، بل يجب غسل ما تحته من البشرة ولا يجزئ غسله عن غسلها ، نعم يجب غسل الشعور الدقاق الصغار المحسوبة جزءاً من البدن مع البشرة ، والثقُبة التي في الأذن أو الأنف للحلقة إن كانت ضيقة لا يرى باطنها لا يجب غسلها ، وإن كانت واسعة بحيث تعد من الظاهر وجب غسلها.

وله كيفيتان :

____________________

(٧٨١) ( مستحب نفسي ) : لم يثبت ذلك ، ويجري في نيته ما تقدم في نية الوضوء.

(٧٨٢) ( اذا لم يكن بقصد التشريع ) : التشريع لا يضر بالصحة اذا لم يكن بحيث ينافي قصد القربة.

(٧٨٣) ( فقصد الوجوب ) : ظهر مما مر في المسألة الثانية والثلاثين من شرائط الوضوء انه ليس من قصد الخلاف.

٢١٦

الاُولى : الترتيب(٧٨٤) ، وهو أن يغسل الرأس والرقبة أولاً ثم الطرف الأيمن من البدن ثم الطرف الأيسر ، والأحوط أن يغسل النصف الأيمن من الرقبة ثانياً مع الأيمن والنصف الأيسر مع الأيسر ، والسُرّة والعورة يغسل نصفهما الأيمن مع الأيمن ونصفها الأيسر مع الأيسر ، والأولى أن يغسل تمامهما(٧٨٥) مع كل من الطرفين ، والترتيب المذكور شرط واقعي ، فلو عكس ولو جهلاً أو سهواً بطل ، ولا يجب البدءة بالأعلى في كل عضو ولا الأعلى فالأعلى ولا الموالاة العرفية بمعنى التتابع ولا بمعنى عدم الجفاف ، فلو غسل رأسه ورقبته في أول النهار والأيمن في وسطه والأيسر في آخره صح ، وكذا لا يجب الموالاة في أجزاء عضو واحد ، ولو تذكر بعد الغسل ترك جزء من أحد الأعضاء رجع وغسل ذلك الجزء ، فإن كان في الأيسر كفاه ذلك ، وإن كان في الرأس أو الأيمن وجب غسل الباقي عل الترتيب ، ولو اشتبه ذلك الجزء وجب غسل تمام المحتملات مع مراعاة الترتيب.

الثانية : الارتماس ، وهو غمس تمام البدن في الماء دفعة واحدة عرفية(٧٨٦) ، واللازم أن يكون تمام البدن تحت الماء في آن واحد ، وإن كان غمسه على التدريج ، فلو خرج بعض بدنه قبل أن ينغمس البعض الآخر لم يكف ، كما إذا

____________________

(٧٨٤) ( الترتيب ) : اعتبار الترتيب بين غسل تمام الرأسـومنه العنقـوبقية البدن مبني على الاحتياط الوجوبي ، ولا يبعد عدم اعتباره بين الايمن والايسر ، ومنه يظهر حكم بعض ما سيجيء منه رضياللهعنه.

(٧٨٥) ( والاولى ان يغسل تمامهما ) : ولو غسلها بعد الايمن مبتدءاً من الايمن الى الايسر كفى في العمل بالاحتياط.

(٧٨٦) ( دفعة واحدة عرفية ) : سيجيء انه على قسمين تدريجي ودفعي ، ويعتبر في الاول انحفاظ الوحدة العرفية في انغماس الاعضاء في الماء ، ولا يعتبر ان يكون الغمس على سبيل الدفعة ، واما في الثاني فالدفعة آنية حقيقية لا عرفية.

٢١٧

خرجت رجله أو دخلت في الطين(٧٨٧) قبل أن يدخل رأسه في الماء ، أو بالعكس بأن خرج رأسه من الماء قبل أن تدخل رجله ، ولايلزم أن يكون تمام بدنه أو معظمه خارج الماء بل لو كان بعضه خارجاً فارتمس كفى(٧٨٨) ، بل لو كان تمام بدنه تحت الماء فنوى الغسل وحرك بدنه كفى(٧٨٩) على الأقوى ، ولو تيقن بعد الغسل عدم انغسال جزء من بدنه وجبت الإِعادة ولا يكفي غسل ذلك الجزء فقط(٧٩٠) ، ويجب تخليل الشعر إذا شك في وصول الماء إلى البشرة التي تحته ، ولا فرق في كيفية الغسل بأحد النحوين بين غسل الجنابة وغيره من سائر الأغسال(٧٩١) الواجبة والمندوبة. نعم في غسل الجنابة لا يجب الوضوء بل لا يشرع(٧٩٢) ، بخلاف سائر الأغسال كما سيأتي إن شاءالله.

[ ٦٦٢ ] مسألة ١ : الغسل الترتيبي أفضل(٧٩٣) من الارتماسي.

[ ٦٦٣ ] مسألة ٢ : قد يتعين الارتماسي كما إذا ضاق الوقت عن الترتيبي ، وقد يتعين الترتيبي كما في يوم الصوم الواجب(٧٩٤) وحال الإِحرام ، وكذا إذا كان

____________________

(٧٨٧) ( أو دخلت في الطين ) : مثل هذا يضر في الدفعي دون التدريجي.

(٧٨٨) ( فارتمس كفى ) : في الدفعي واما في التدريجي فلا يكفي.

(٧٨٩) ( حرك بدنه كفى ) : كفايته في الدفعي محل اشكال واما في التدريجي فيعتبر خروج كل عضو قبل رمسه في الماء بقصد الغسل.

(٧٩٠) ( ولا يكفي غسل ذلك الجزء فقط ) : على الاحوط.

(٧٩١) ( من سائر الاغسال ) : إلا في غسل الميت فلا يكفي الارتماسي مع التمكن من الترتيبي على الاحوط.

(٧٩٢) ( بل لا يشرع ) : فيه تفصيل قد تقدم.

(٧٩٣) ( افضل ) : اذا روعي فيه الترتيب بين الايمن والايسر.

(٧٩٤) ( الصوم الواجب ) : المعين ، وتعين الترتيبي في هذا الفرض يبتني على حرمة الارتماس على الصائم وضعاً أو تكليفاً وسيأتي حولها في محله.

٢١٨

الماء للغير ولم يرض بالارتماس فيه.

[ ٦٦٤ ] مسألة ٣ : يجوز في الترتيبي أن يغسل كل عضو من أعضائه الثلاثة بنحو الارتماس ، بل لو ارتمس في الماء ثلاث مرات : مرة بقصد غسل الرأس ومرة بقصد غسل الأيمن ومرة بقصد غسل الأيسر كفى ، وكذا لو حرك بدنه(٧٩٥) تحت الماء ثلاث مرات أو قصد بالارتماس غسل الرأس وحرك بدنه تحت الماء بقصد الأيمن وخرج بقصد الأيسر ، ويجوز غسل واحد من الأعضاء بالارتماس والبقية بالترتيب ، بل يجوز غسل بعض كل عضو بالارتماس وبعضه الآخر بإمرار اليد.

[ ٦٦٥ ] مسألة ٤ : الغسل الارتماسي يتصور على وجهين.

أحدهما :أن يقصد الغسل بأول جزء دخل في الماء وهكذا إلى الآخر فيكون حاصلاً على وجه التدريج.

والثاني : أن يقصد الغسل حين استيعاب الماء تمام بدنه وحينئذ يكون آنيّاً(٧٩٦) وكلاهما صحيح ، ويختلف باعتبار القصد ، ولو لم يقصد أحد الوجهين صح أيضاً وانصرف إلى التدريجي.

[ ٦٦٦ ] مسألة ٥ : يشترط في كل عضو أن يكون طاهراً حين غسله فلو كان نجساً طهره أولاً ، ولا يكفي غسل واحد لرفع الخبث والحدث كما مر في

____________________

(٧٩٥) ( وكذا لو حرك بدنه ) : كفايته محل اشكال وكذا الحال في الخروج بقصد الغسل.

(٧٩٦) ( يكون آنياً ) : ويمكن ان يكون له وجود بقائي وهو فيما اذا لم يتحقق استيلاء الماء على جميع اجزاء البدن في أول آن الارتماس فيقصد الغسل من اول الارتماس الى آخر زمان الاستيلاءـكما قال به صاحب الجواهر قدسسرهـنعم لو قصد في هذا الفرض الغسل بالارتماس البقائي المقارن مع وصول الماء الى جميع اجزاء بدنه كان آنياً ايضاً.

٢١٩

الوضوء(٧٩٧) ، ولا يلزم طهارة جميع الأعضاء قبل الشروع في الغسل وإن كان أحوط.

[ ٦٦٧ ] مسألة ٦ : يجب اليقين بوصول الماء إلى جيمع الأعضاء ، فلو كان حائل وجب رفعه ، ويجب بزواله مع سبق وجوده ، ومع عدم سبق وجوده يكفي الاطمئنان بعدمه(٧٩٨) بعد الفحص.

[ ٦٦٨ ] مسألة ٧ : إذا شك في شيء أنه من الظاهر أو الباطن يجب غسله ، على خلاف ما مر في غسل النجاسات حيث قلنا بعدم وجوب غسله(٧٩٩) ، والفرق أن هناك الشك يرجع إلى الشك في تنجسه بخلافه هنا حيث إن التكليف بالغسل معلوم فيجب تحصيل اليقين بالفراغ(٨٠٠) ، نعم لو كان ذلك الشيء باطناً سابقاً وشك في أنه صار ظاهراً أم لا فلسبقه بعدم الوجوب لا يجب غسله(٨٠١) عملاً بالاستصحاب.

[ ٦٦٩ ] مسألة ٨ : ما مر من أنه لا يعتبر الموالاة في الغسل الترتيبي إنما هو فيما عدا غسل المستحاضة والمسلوس والمبطون(٨٠٢) ، فإنه يجب فيه المبادرة إليه وإلى الصلاة بعده من جهة خوف خروج الحدث.

____________________

(٧٩٧) ( كما مر في الوضوء ) : ومر عدم اعتباره اذا كان الغسل بالمعتصم ، نعم لا ريب في انه ارجح.

(٧٩٨) ( يكفي الاطمئنان بعدمه ) : بل يكفي مطلقاًـولو مع سبق الوجود ومن دون فحصـاذا كان له منشأ عقلائي.

(٧٩٩) ( بعدم وجوب غسله ) : مر التفصيل هناك.

(٨٠٠) ( فيجب تحصيل بالفراغ ) : بل من الشك في محصل الطهارة.

(٨٠١) ( لا يجب غسله ) : فيه اشكال.

(٨٠٢) ( والمسلوس والمبطون ) : ان كانت لهما فترة تسع الطهارة والصلاة وكانت المبادرة دخيلة في وقوعهما في الفترة وإلا لم تجب.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412