العروة الوثقى الجزء ١

العروة الوثقى14%

العروة الوثقى مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
ISBN: 964-8629-01-3
الصفحات: 412

الجزء ١
  • البداية
  • السابق
  • 412 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 90043 / تحميل: 5954
الحجم الحجم الحجم
العروة الوثقى

العروة الوثقى الجزء ١

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٨٦٢٩-٠١-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

والكمال! لأنّ معرفة الله رمز تكاملهم.

أجل ، إنّ على العباد أن يعرفوا أنّ ذات الله هي منبع جميع الكمالات ، ويسترفدوا لأنفسهم من كمالاته ويستلهموا منه في وجودهم ليشرق في وجودهم ومض من صفات كماله وجلاله ، فالتكامل والقرب من الله لا يتحقّقان إلّا عن طريق التخلّق بأخلاقه ، وهذا التخلّق فرع معرفته «فلاحظوا بدقّة».

٥ ـ وبملاحظة ما ذكرناه آنفا فإنّنا نقترب من النتائج فنقول : إنّ عبادة الله والعبودية له يعينان السير في ما يرتضيه وأن نستودعه أرواحنا ونعشقه بقلوبنا وأن نتخلّق بأخلاقه!

وإذا كانت الآيات المتقدّمة قد ذكرت «العبادة» على أنّها الهدف النهائي فمفهومها هو هذا ، أي أنّه بتعبير آخر هو «التكامل الإنساني»!

أجل إنّ «الإنسان الكامل» هو العبد المخلص لله.

٥ ـ الرّوايات الإسلامية وفلسفة خلق الإنسان

ذكرنا آنفا مسألة الهدف من خلق الإنسان ، وعالجنا هذه المسألة عن طريقين : أحدهما عن طريق تفسير آيات القرآن ، والآخر عن طريق الفلسفة ، وقد أوصلنا كلّ منهما إلى نقطة واحدة.

والآن علينا أن نتابع هذه المسألة في المسير الثالث ، أي عن طريق الرّوايات الإسلامية لنعرف نتيجتها من هذه الرّوايات.

والتدقيق أو التأمّل في الرّوايات التالية التي هي بعض ما ورد في هذا الباب يمنحنا العمق في النظر!

ففي حديث عن الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام أنّه لمّا سئل ما معنى قول النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اعملوا فكلّ ميسّر لما خلق له. قالعليه‌السلام : إنّ اللهعزوجل خلق الجنّ والإنس ليعبدوه ولم يخلقهم ليعصوه وذلك قولهعزوجل :( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا

١٤١

لِيَعْبُدُونِ ) فيسّر كلا لما خلق له ، فويل لمن استحبّ العمى على الهدى»(١) .

وهذا الحديث إشارة ذات معنى غزير إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّ الله لمّا خلق الناس لهدف تكاملي هيّأ له وسائله التكوينية والتشريعية وجعلها في إختياره.

ونقرأ في حديث آخر عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّ الإمام الحسين خطب أصحابه فقال : «إنّ اللهعزوجل ما خلق العباد إلّا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه»(٢) .

٦ ـ الإجابة على سؤال

ويرد هنا سؤال آخر ، وهو إذا كان الله قد خلق العباد ليعبدوه ، فعلام يختار قسم منهم طريق الكفر؟ وهل يمكن أن تتخلّف إرادة الله عن هدفه؟!

وفي الحقيقة إنّ الذين يوردون هذا الإشكال خلطوا بين الإرادة التكوينية والإرادة التشريعيّة. لأنّ الهدف من العبادة لم يكن إجباريا ، بل العبادة توأم الإرادة والإختيار. وبهذا يتجلّى الهدف بصورة تهيأة الأرضية أو المجال فمثلا لو قلت إنّي بنيت هذا المسجد ليصلّي الناس فيه ، فمفهومه أنّني هيّأته لهذا العمل! لا أنّني أجبر الناس على الصلاة فيه! وكذلك في الموارد الاخر كبناء المدرسة للدرس ، والمستشفى للتداوي ، والمكتبة للمطالعة!

وهكذا فإنّ الله هيّأ هذا الإنسان للطاعة والعبادة ، ووفّر له كلّ وسائل المساعدة من قبيل والعقل والعواطف والقوى المختلفة في الداخل ، وإرسال الأنبياء والكتب السماوية والمناهج التشريعية في الخارج إلخ.

ومن المسلّم به أنّ هذا المعنى في المؤمن والكافر واحد ، إلّا أنّ المؤمن أفاد من هذه الإمكانات ، والكافر لم يفد!

__________________

(١) توحيد الصدوق طبقا لما نقل في الميزان ، ج ١٨ ، ص ٤٢٣.

(٢) علل الشرائع للصدوق ـ طبقا للمصدر الآنف.

١٤٢

لذلك فقد ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه حين سئل عن الآية( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) قالعليه‌السلام : «خلقهم للعبادة».

قال الراوي : فسألته : خاصّة أم عامّة؟!

فقالعليه‌السلام : «عامّة»(١) .

وفي حديث آخر عن الإمام نفسهعليه‌السلام أنّه لمّا سئل عن تفسير هذه الآية قال : «خلقهم ليأمرهم بالعبادة»(٢) .

وهي إشارة إلى أنّ الهدف لم يكن الإجبار على العبادة بل الإعداد والتهيأة له ، وهذا المعنى يصدق في حقّ عموم الناس(٣) .

* * *

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ٥ ، ص ٣١٤ الحديث ٧.

(٢) المصدر السابق.

(٣) يتّضح ممّا ذكرنا آنفا أنّ الألف واللام في «الجنّ والإنس» للاستغراق ، وتشمل الآية جميع الأفراد ، لا أنّ الألف واللام للجنس ، بحيث تشمل جماعة منهم كما ورد في بعض التفاسير والله العالم.

١٤٣

الآيتان

( فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ (٥٩) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٦٠) )

التّفسير

هؤلاء يشاركون أصحابهم في عذاب الله :

الآيتان آنفتا الذكر اللتان هما آخر سورة الذاريات ، وهما في الحقيقة نوع من الاستنتاج للآيات المختلفة الواردة في السورة ذاتها ولا سيّما الآيات التي تتحدّث عن الأمم السالفة كقوم فرعون وقوم لوط وثمود وعاد ، وكذلك الآيات السابقة التي كانت تتحدّث عن الهدف من الخلق والإيجاد.

فالآية الاولى تقول أنّه بعد أن أصبح معلوما أنّ هؤلاء المشركين قد انحرفوا عن الهدف الحقيقي للخلقة ، فليعلموا أنّ لهم قسطا وافرا من العذاب الإلهي كما كان للأقوام السالفة :( فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ ) (١)

__________________

(١) الفعل فلا يستعجلون مجزوم بلا الناهية كما هو واضح ، والنون هنا للوقاية وقد كسرت للدلالة على أنّ ياء المتكلّم محذوفة لفظا أو رسما ومقدرة معنى

١٤٤

ويقولوا إن كان عذاب الله حقّا فلم لا يصيبنا؟!

والتعبير بـ «الظلم» في شأن هذه الجماعة هو لأنّ الشرك والكفر من أكبر الظلم ، ولأنّ حقيقة الظلم هي وضع الشيء في غير موضعه المناسب ، ومن المعلوم أنّ عبادة الأصنام مكان عبادة الله تعدّ أهمّ مصداق للظلم ، ولذلك فهم يستحقّون العاقبة التي نالها الأقدمون من المشركين.

«الذنوب» : ـ على وزن قبول ـ في الأصل معناه «الفرس التي لها ذنب طويل» ، كما تطلق الكلمة ذاتها على الدلو الكبير التي لها ذنب.

وكان العرب في السابق ينزحون ماء البئر بواسطة الحيوانات بأن يهيّئوا دلاء عظيمة متّصلة بحبال تعين على سحب الدلاء المملوءة بالماء.

وحيث كانت هذه الدلاء تقسّم أحيانا على الجماعات حول البئر ، فتنال كلّ مجموعة دلوا أو أكثر ، فقد استعملت هذه الكلمة بمعنى النصيب والسهم أيضا ، وهي في الآية محل البحث بهذا المعنى أيضا ، غاية ما في الأمر أنّها هنا تشير إلى السهم الكبير(١) .

وهل المراد من هذه الكلمة في هذه الآية التهديد بعذاب الدنيا أو عذاب الآخرة؟ قال جماعة من المفسّرين بالمعنى الأوّل ، وقال آخرون بالمعنى الثاني.

ونرى أنّ القرائن تدلّ على أنّ هذا العذاب هو العذاب الدنيوي ، لأن العجلة لدى بعض الكفّار هي أنّهم كانوا يقولون للنبي : متى هذا الوعد وأين عذاب الله

ولم لا يأتينا إلخ. فمن الواضح أنّه إشارة إلى عذاب الدنيا(٢) هذا أوّلا.

وثانيا إنّ التعبير بـ( مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ ) الظاهر أنّه إشارة إلى عاقبة الأمم

__________________

(١) يقول بعض الشعراء العرب :

لنا ذنوب ولكم ذنوب

فإن أبيتم فلنا القليب.

(٢) تراجع الآيتان (٥٧) و٥٨) من سورة الأنعام ، والآية (٧٢) من سورة النمل وأمثالها ، وهذا التعبير في القرآن قد يستعمل في شأن القيامة أيضا.

١٤٥

المتقدّم ذكرها في هذه السورة كقوم لوط وقوم فرعون وعاد وثمود الذين نال كلّا منهم نوع من العذاب في الدنيا وهلكوا به جميعا.

وهنا ينقدح هذا السؤال ، وهو إذا كانت الآية تشير إلى عذاب الدنيا فلم لا يتحقّق الوعد الإلهي في شأنهم؟!

وهذا السؤال له جوابان :

١ ـ إنّ هذا الوعد تحقّق في شأن كثير منهم كأبي جهل وجماعة آخرين في غزوة بدر وغيرها.

٢ ـ نزول العذاب على جميعهم مشروط بعدم الرجوع نحو الله وعدم التوبة من الشرك ، ولمّا آمن معظمهم في فتح مكّة فإنّ هذا الشرط أصبح منتفيا فلم ينزل عذاب الله.

وفي الآية الأخيرة استكمال لعذاب الدنيا بعذاب الآخرة إذ تقول :( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ) .

وكما أنّ هذه السورة بدئت بمسألة المعاد والقيامة ، فإنّها انتهت بالتأكيد عليها كذلك(١) !.

كلمة «الويل» تستعمل في لغة العرب عند ما يقع فرد ما أو أفراد في الهلاك كما تعني العذاب والشقاء ، وقال بعضهم في الويل معنى أشدّ من العذاب.

وكلمات الويل والويس ، والويح تستعمل في لغة العرب لإظهار التأسّف والتأثّر ، غاية ما في الأمر تستعمل كلمة «ويل» لمن يعمل أعمالا قبيحة ، أمّا «ويس» فتستعمل في مقام التحقير ، وكلمة «ويح» تستعمل في موضع الترحّم.

قال بعضهم أنّ «ويلا» بئر من آبار جهنّم أو باب من أبوابها ، غير أنّ مراد القائلين لا يعني بأنّ هذه الكلمة جاءت في اللغة بهذا المعنى فحسب ، بل هي في

__________________

(١) يرى بعض المفسّرين أنّ هذه الآية تشير إلى عذاب الدنيا. مع أنّ مثل هذا التعبير في القرآن يكون ليوم القيامة غالبا

١٤٦

الحقيقة بيان لمصداق من المصاديق.

وقد استعملت هذه الكلمة في القرآن بكثرة ، منها في شأن الكفّار والمشركين والكاذبين والمكذّبين والمجرمين ، والمطفّفين والمصلّين الذين هم عن صلاتهم ساهون ، إلّا أنّ أكثر استعمالها في القرآن في شأن المكذّبين ، وقد تكرّرت الآية( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) في سورة المرسلات وحدها عشر مرّات!.

ربّنا ، نجّنا من عذاب ذلك اليوم العظيم ومن خزيه.

اللهمّ ارزقنا قبول الطاعة والتوفيق للعبودية والفخر بأن نكون عبيدك!

اللهمّ لا تبتلنا بعاقبة المكذّبين المؤلمة الذين كذّبوا رسلك وآياتك وأيقظنا من نومة الغافلين برحمتك يا أرحم الراحمين.

آمين ربّ العالمين

انتهاء سورة الذّاريات

* * *

١٤٧
١٤٨

سورة

الطّور

مكّية

وعدد آياتها تسع وأربعون آية

١٤٩
١٥٠

«سورة الطور»

محتوى السورة :

تتركز بحوث هذه السورة ـ أيضا ـ على مسألة المعاد وعاقبة الصالحين والمتّقين من جهة ، والمجرمين والمفسدين في ذلك اليوم العظيم من جهة اخرى رغم أنّ فيها مواضيع أخر في مجالات مختلفة من الأمور العقائدية أيضا ـ.

ويمكن على الإجمال ـ أن يقسّم محتوى هذه السورة إلى ستّة أقسام.

١ ـ الآيات الاولى من السورة التي تبدأ بالقسم تلو القسم ، وهي تبحث في عذاب الله. ودلائل القيامة وعلاماتها ـ وعن النار وعقاب الكافرين [من الآية ١ إلى ١٦].

٢ ـ القسم الآخر من هذه السورة يذكر بتفصيل نعم الجنّة ومواهب الله في القيامة وما اعدّ للمتّقين ، وينبّه على ذلك على نحو متتابع! وفي الحقيقة أنّ في هذه السورة إشارة إلى أغلب نعم الجنّة من الآية ١٧ ـ ٢٨.

٣ ـ وفي القسم الثّالث من هذه السورة يقع الكلام عن نبوّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما وجّه إليه الأعداء من التّهم ، ويردّ عليها بنحو موجز من الآية ٢٩ إلى ٣٤.

٤ ـ وفي القسم الرّابع بحث عن التوحيد باستدلالات واضحة من الآية ٣٥ ـ ٤٣.

٥ ـ وفي القسم الخامس من هذه السورة عود على مسألة المعاد وبعض أوصاف يوم القيامة من الآية ٤٤ ـ ٤٧.

١٥١

٦ ـ وأخيرا فإنّ القسم الأخير من هذه السورة الذي لا يتجاوز الآيتين يختتم الأمور المذكورة آنفا بأمر نبي الإسلام بالصبر والاستقامة والتسبيح والحمد لله ووعده بأنّ الله حاميه وناصره.

وهكذا تتشكّل السورة من مجموعة منسجمة منطقية وعاطفية تنشدّ إليها قلوب السامعين.

وتسمية هذه السورة بـ «الطور» تناسبا لما ورد في الآية الاولى من ذكر كلمة الطور فيها.

فضيلة تلاوة هذه السورة :

ورد عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «من قرأ سورة الطور كان حقّا على الله أن يؤمنه من عذابه وأن ينعّمه في جنّته»(١) .

وورد في حديث آخر عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال : «من قرأ سورة الطور جمع الله له خير الدنيا والآخرة»(٢) !

وواضح أنّ كلّ هذا الأجر والثواب العظيم في الدنيا والآخرة هو لأولئك الذين يجعلون هذه التلاوة وسيلة للتفكّر والتفكّر بدوره وسيلة للعمل.

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ١٦٢ ـ تفسير البرهان ، ص ٢٤٠

(٢) المصدر السابق.

١٥٢

الآيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( وَالطُّورِ (١) وَكِتابٍ مَسْطُورٍ (٢) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (٤) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (٥) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦) إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ (٧) ما لَهُ مِنْ دافِعٍ (٨) )

التّفسير

هذه السورة ـ هي الاخرى ـ من السور التي تبدأ بالقسم القسم الذي يهدف لبيان حقيقة مهمّة ، وهي مسألة القيامة والمعاد ومحاسبة أعمال الناس.

وأهميّة هذه المسألة إلى درجة بحيث إنّ الله أقسم في آيات مختلفة من القرآن بأنواع كثيرة من المقدّسات لتتجلّى عظمة ذلك اليوم ووقوعه حتما.

وتلوح في بداية السورة خمسة آيات تبدأ بالقسم ، وفيها معاني مغلقة تدعو إلى التفكير ممّا جعلت المفسّرين يبحثون فيها من جميع الوجوه.

يقول سبحانه وتعالى :

( وَالطُّورِ ) .

«الطور» ـ في اللغة معناه الجبل ـ ولكن مع ملاحظة أنّ هذه الكلمة تكرّرت

١٥٣

في عشر آيات من القرآن الكريم ، تسع منها كانت في الكلام على «طور سيناء» وهو الطور أو الجبل الذي نزل الوحي عنده على موسى ، فيعلم أنّ المراد منه هنا في الآية محلّ البحث (الطور ذاته) خاصّة لو أنّنا لا حظنا أنّ الألف واللام في هذه الكلمة هي للعهد.

فبناء على ذلك ، فإنّ الله يقسم في أوّل مرحلة بواحد من الأمكنة المقدّسة في الأرض حيث نزل عليها الوحي.

وفي تفسير قوله تعالى :( وَكِتابٍ مَسْطُورٍ ) احتمالات متعدّدة أيضا ، إذ قال بعضهم : المراد به اللوح المحفوظ. وقال آخرون : بل هو القرآن الكريم ، ومضى بعض إلى أنّه «صحيفة الأعمال» ، وذهب آخر إلى أنّه «كتاب التوراة» النازل على موسىعليه‌السلام .

ولكن بتناسب القسم المذكور آنفا فإنّ الآية تشير هنا إلى «كتاب موسى» أو كلّ كتاب سماوي.

( فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ ) .

كلمة «الرقّ» مشتقّة من الرقّة ، وهي في الأصل الدقّة واللطافة ، كما تطلق هذه الكلمة على الورق أو الجلد الخفيف الذي يكتب عليه و «المنشور» : معناه الواسع ، ويعتقد بعضهم أنّ هذه الكلمة تحمل في مفهومها معنى اللمعان أيضا.

فبناء على ذلك وقع القسم على كتاب نشر على صفحاته أحسن ما يكتب وهو في الوقت ذاته مفتوح وواسع غير ملتو.

( وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ) .

هناك تفاسير مختلفة في «البيت المعمور» كذلك إذ قال بعضهم المراد منه البيت الذي في السماء محاذيا للكعبة ، وهو معمور بطواف الملائكة وزيارتهم إيّاه ،

١٥٤

ويلاحظ هذا المعنى في روايات إسلامية مختلفة وردت في مصادر متعدّدة(١) . وطبقا لبعض الرّوايات فإنّ سبعين ألف ملك يزورون ذلك البيت كلّ يوم ولا يعودون إليه أبدا.

وذهب البعض أنّ المراد منه «الكعبة» وهي بيت الله في الأرض المعمور بالحجّاج والزوّار ، وهو أوّل بيت وضع للعبادة على الأرض.

وقال بعضهم المراد من البيت المعمور هو «قلب المؤمن» الذي يعمره الإيمان وذكر الله.

إلّا أنّ ظاهر الآية هو واحد من المعنيين الأوّلين المذكورين آنفا ، وبملاحظة التعابير المختلفة في القرآن عن الكعبة بالبيت يكون المعنى الثاني أكثر انسجاما.

أمّا المقصود بـ( السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ ) فهو «السماء» لأنّنا نقرأ في الآية (٣٢) من سورة الأنبياء :( وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً ) .

كما نقرأ في الآيتين (٢٧) و٢٨) من سورة النازعات( أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها ) فالله هو الذي أعلى سقفها وجعلها متّسقة ومنتظمة.

ولعلّ الوجه ـ في التعبير ـ بالسقف هو أنّ النجوم والكرات السماوية إلى درجة من الكثرة بحيث غطّت السماء فصارت كأنّها السقف ، ويمكن أن يكون إشارة إلى الجوّ الذي يحيط بالأرض أو ما يسمّى بالغلاف الجوّي ، وهو بمثابة السقف الذي يمنع النيازك والشهب أن تهوي إلى الأرض وتصدّ الأشعّة الضارّة من الوصول إلى الأرض.

( وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ) .

«للمسجور» : في اللغة معنيان : الأوّل الملتهب ، والثّاني المملوء. ويقول

__________________

(١) ورد في بحار الأنوار أكثر من عشر روايات في هذا المجال ، ج ٥٨ ، ص ٥٥ وما بعدها.

١٥٥

الراغب في مفرداته : سجر على وزن فجر معناه إشعال النار ، ويعتقد أنّ الآية تعطي هذا المعنى ولم يتحدّث عن المعنى الثاني ، إلّا أنّ العلّامة الطبرسي يذكر أنّ المعنى الأوّل هو ما تقدّم ، وكذلك تشير بعض كتب اللغة إلى ذلك.

والآيات الاخر في القرآن تؤيّد المعنى الأوّل أيضا كما هي الحال في الآيتين (٧١) و٧٢) إذ قال سبحانه :( يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ، ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ ) .

ونقرأ في نهج البلاغة عن «أمير المؤمنين» في شأن «الحديدة المحماة» إذ يقول لأخيه «عقيل» : «أتئنّ من حديدة أحماها إنسانها للعبه وتجرّني إلى نار سجّرها جبّارها لغضبه ...»(١) .

ولكن أين هو هذا «البحر المسجور»؟ قال بعضهم هو البحر المحيط بالأرض «أو البحار المحيطة بها» وسيلتهب قبل يوم القيامة ، ثمّ ينفجر كما نقرأ ذلك في الآية (٦) من سورة التكوير( وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ ) ونقرأ في الآية (٣) من سورة الإنفطار( وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ ) .

إلّا أنّ بعضهم فسّر ذلك بالبحر الذي في باطن الأرض وهو مؤلّف من مواد منصهرة مذابة ، وما ورد في حديث عن الإمام الباقر الذي نقله «العياشي» شاهد على هذا المعنى ، وقد ورد في هذا الحديث أنّ قارون يعذّب في البحر المسجور(٢) مع أنّ القرآن يقول في شأنه :( فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ ) (٣) .

وهذان التّفسيران لا يتنافيان ، ويمكن أن تكون الآية قسما بهما معا ، إذ كلاهما من آيات الله ومن عجائب هذا العالم الكبرى.

وممّا يلفت النظر أنّ المفسّرين لم يتناولوا بالبحث علاقة هذه الأقسام الخمسة فيما بينها ، إلّا أنّ الظاهر أنّ الأقسام الثلاثة الاوّل بينها ارتباط وعلاقة ،

__________________

(١) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٢٤.

(٢) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١٣٨.

(٣) سورة القصص ، الآية ٨١.

١٥٦

لأنّها جميعا تتحدّث عن الوحي وخصوصياته ، فالطور محلّ نزول الوحي ، والكتاب المسطور إشارة إلى الكتاب السماوي أيضا ، سواء كان التوراة أو القرآن ، والبيت المعمور هو محلّ ذهاب وإيّاب الملائكة ورسل وحي الله.

أمّا القسمان الآخران فيتحدّثان عن الآيات التكوينية «في مقابل الأقسام الثلاثة التي كانت تتحدّث عن الآيات التشريعيّة».

وهذان القسمان واحد منهما يشير إلى أهمّ دلائل التوحيد وعلائمه وهو «السماء» بعظمتها ، والآخر يشير واحد من علائم المعاد المهمّة ودلائله ، وهو الواقع بين يدي القيامة!.

فبناء على هذا فإنّ التوحيد والنبوّة والمعاد جمعت في هذه الأقسام [أو الأيمان] الخمسة.

وبعض المفسّرين يرون أنّ هذه الآيات جميعها تشير إلى موسى وسيرة تأريخه وحياته ، وذكروا ارتباط الآيات على النحو التالي :

الطور هو الجبل الذي نزل الوحي على موسى عنده.

والكتاب المسطور : هو التوراة.

والبيت المعمور : مركز مجيء وإيّاب الملائكة ويحتمل أن يكون بيت المقدس.

والسقف المرفوع هو ما ذكر في قصّة بني إسرائيل( وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ ) .(١)

والبحر المسجور هو البحر الملتهب الذي عوقب قارون به لأنّه خالف موسى فهوى فيه.

إلّا أنّ هذا التّفسير يبدو بعيدا ، ولا ينسجم مع الرّوايات المنقولة في المصادر

__________________

(١) الأعراف ، الآية ١٧١.

١٥٧

الإسلامية ، وكما قلنا فإنّ السقف المرفوع بشهادة آيات القرآن الاخر والرّوايات المذكورة فيه هو السماء.

تبقى لطيفة دقيقة هنا وهي ما العلاقة بين هذه الأقسام والمقسم به.

ويتّضح الجواب على هذا السؤال ـ مع ملاحظة ما بيّناه آنفا ـ وهو أنّ هذه الأقسام والتي تدور حول محور قدرة الله في عالم التكوين والتشريع تدلّ على أنّ الله قادر على إعادة الحياة وبعث الموتى من قبورهم مرّة اخرى. وهذا هو غاية الأقسام المذكورة كما قرأنا في الآيات الأخيرة من ـ الآيات محلّ البحث ـ( إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ ما لَهُ مِنْ دافِعٍ ) .

* * *

١٥٨

الآيات

( يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً (٩) وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً (١٠) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (١٢) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ (١٥) اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٦) )

التّفسير

كانت في الآيات السابقة إشارة وتلميح عن عذاب الله في يوم القيامة ـ بصورة مغلقة ـ أمّا الآيات ـ محلّ البحث ـ ففيها توضيح وتفسير لما مرّ ، فتتحدّث أوّلا عن بعض حالات يوم القيامة وخصائصه ، ثمّ عن كيفية تعذيب المكذّبين فتقول :( يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً ) (١) .

«المور» : على وزن قول ـ له معان عديدة في اللغة. يقول الراغب في مفرداته :

__________________

(١) كلمة «يوم» منصوبة على أنّها ظرف وهي متعلّقة باسم الفاعل «واقع» الواردة في الآيات المتقدّمة.

١٥٩

المور معناه الجريان السريع. كما قال إنّ المور يطلق على الغبار الذي تجري به الريح لكلّ جهة أيضا.

وقد ورد في «لسان العرب» أنّ «المور» معناه الحركة والذهاب والإيّاب ، كما يطلق على «الموج» ومنهم من قال : المور هو الحركة الدائرة. ومن مجموع هذه التفاسير يستفاد أنّ «المور» هو الحركة السريعة والدوران المقترن بالذهاب والإيّاب والاضطراب والتموّج ، وعلى هذا فإنّ النظام الحاكم على الكرات يضطرب بين يدي يوم القيامة وتنحرف عن مداراتها وتتّجه إلى كلّ جهة ذهابا وإيّابا ، ثمّ تتبدّل وتولّد سماء جديدة بأمر الله كما تقول الآية (١٠٤) من سورة الأنبياء :( يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ) .

ونقرأ في الآية (٤٨) من سورة إبراهيم :( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ ) .

ثمّ يضيف القرآن في آية اخرى :( وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً ) .

أجل ، الجبال تنقلع من أمكنتها وتتحرّك وتسير ثمّ تندكّ وتتلاشى كما تشهد بذلك آيات القرآن الاخر فتغدو( كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ) ،(١) ثمّ تكون قاعا خالية من كلّ شيء كما يقول القرآن :( فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً ) (٢) .

كلّ ذلك هو إشارة إلى أنّ هذه الدنيا وما فيها وما عليها تندكّ ويحدث مكانها عالم جديد بأنظمة جديدة ويكون الإنسان أمام نتائج أعماله وجها لوجه.

لذا فإنّ القرآن يضيف في الآية التالية قائلا :( فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) (٣) .

أجل ، حين تعمّ الوحشة والاضطراب جميع الخلق لتغيّر العالم ، تهيمن على المكذّبين وحشة عظيمة وهي العذاب الإلهي لأنّ «الويل» : إظهار التأسّف

__________________

(١) سورة القارعة ، الآية ٥.

(٢) لمزيد التوضيح يراجع التّفسير الأمثل ذيل الآية (١٠٥) من سورة طه.

(٣) إلقاء هنا للتفريع ، أي حيث تكون الأرض قاعا صفصفا ولا ملجأ من الله فويل يومئذ للمكذّبين.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

إتيانها للأغسال النهارية ، فلو تركتها فكما تبطل صلاتها يبطل صومها أيضاً على الأحوط ، وأما غسل العشاءين فلا يكون شرطاً في الصوم وإن كان الأحوط مراعاته أيضاً ، وأما الوضوءات فلا دخل لها بالصوم.

[ ٧٩٩ ] مسألة ١٣ : إذا علمت المستحاضة انقطاع دمها بعد ذلك إلى آخر الوقت انقطاع بُرء أو انقطاع فَترة تَسَعُ الصلاة وجب عليها(٩٤٨) تأخيرها إلى ذلك الوقت ، فلو بادرت إلى الصلاة بطلت ، إلاّإذا حصل منها قصد القربة وانكشف عدم الانقطاع ، بل يجب التأخير(٩٤٩) مع رجاء الانقطاع بأحد الوجهين ، حتى لو كان حصول الرجاء في أثناء الصلاة ، لكن الأحوط إتمامها ثم الصبر إلى الانقطاع.

[ ٨٠٠ ] مسألة ١٤ : إذا انقطع دمها فإما أن يكون انقطاع بُرء أو فَترة تعلم عودة أو تشك في كونه لبرء أو فترة ، وعلى التقادير إما أن يكون قبل الشروع في الأعمال أو بعد الصلاة ، فإن كان انقطاع برء وقبل الأعمال يجب عليها الوضوء فقط أو مع الغسل(٩٥٠) والإتيان بالصلاة ، وإن كان بعد الشروع استأنفت ، وإن كان بعد الصلاة أعادت(٩٥١) إلاّإذا تبين كون الانقطاع قبل الشروع في الوضوء والغسل ، وإن كان انقطاع فترة واسعة فكذلك على الأحوط ، وإن كانت شاكة في سعتها أو في كون الانقطاع لبرء أم فترة لا يجب عليها الاستئناف(٩٥٢) أو

____________________

على الاظهر.

(٩٤٨) ( وجب عليها ) : على الاحوط.

(٩٤٩) ( بل يجب التأخير ) : بل يجوز لها البدار ، نعم مع لحوق الفترة فالاحوط اعادتها.

(٩٥٠) ( أو مع الغسل ) : أو الغسل فقط كما في الكثيرة على المختار.

(٩٥١) ( اعادت ) : الاقوى عدم وجوب الاعادة ، نعم الاحوط وجوبها إذا أتت بها مع رجاء الانقطاع كما تقدم ، وهذا التفصيل يجري في الانقطاع لفترة واسعة أيضاً.

(٩٥٢) ( لا يجب عليها الاستئناف ) : فيه إشكال والاحوط وجوبه.

٢٦١

الاعادة إلا إذا تبين بعد ذلك سعتها أو كونه لبرء.

[ ٨٠١ ] مسألة ١٥ : إذا انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلىـكما إذا انقلبت القليلة متوسطة أو كثيرة ، أو المتوسطة كثيرةـفإن كان قبل الشروع في الأعمال فلا إشكال ، فتعمل عمل الأعلى ، وكذا إن كان بعد الصلاة فلا يجب إعادتها ، وأما إن كان بعد الشروع قبل تمامها فعليها الاستئناف والعمل على الأعلى حتى إذا كان الانتقال من المتوسطة إلى الكثيرة فيما كانت المتوسطة محتاجة إلى الغسل وأتت به أيضاً ، فيكون أعمالها حينئذ مثل أعمال الكثيرة لكن مع ذلك يجب الاستئناف ، وإن ضاق الوقت عن الغسل والوضوء أو أحدهما(٩٥٣) تتيمم بدله ، وإن ضاق عن التيمم أيضاً استمرت على عملها(٩٥٤) ، لكن عليها القضاء على الأحوط ، وإن انتقلت من الأعلى إلى الأدنى استمرت على عملها لصلاة واحدة ، ثم تعمل عمل الأدنى ، فلو تبدلت الكثيرة متوسطة قبل الزوال أو بعده قبل صلاة الظهر تعمل للظهر عمل الكثيرة ، فتتوضأ وتغتسل(٩٥٥) وتصلي ، لكن للعصر والعشاءين يكفي الوضوء وإن أخرت العصرعن الظهر أو العشاء عن المغرب ، نعم لو لم تغتسل للظهر عصياناً أو نسياناً يجب عليها للعصر إذا لم يبق إلا وقتها ، وإلا فيجب إعادة الظهر بعد الغسل ، وإن لم تغتسل لها فللمغرب ، وإن لم تغتسل لها فللعشاء إذا ضاق الوقت وبقي مقدار إتيان العشاء.

[ ٨٠٢ ] مسألة ١٦ : يجب على المستحاضة المتوسطة والكثيرة إذا انقطع

____________________

(٩٥٣) ( أو احدهما ) : اذا ضاق الوقت عن احدهما اللا معيّن فالمتوسطة تتيمم بدلاً عن الغسل على الاحوط ثم تتوضأ ، والكثيرة تغتسل وتتيمم بدلاً عن الوضوء على الاحوط الاولى.

(٩٥٤) ( ايضاً استمرت على عملها ) : في صورة عدم امكان تحصيل الطهارة مطلقاً لا يجب الاستمرار ويتعين القضاء.

(٩٥٥) ( فتتوضأ وتغتسل ) : مرّ كفاية الغسل وحده.

٢٦٢

عنها بالمرة الغسل للانقطاع(٩٥٦) ، إلا إذا فرض عدم خروج الدم منها من حين الشروع في غسلها السابق للصلاة السابقة.

[ ٨٠٣ ] مسألة ١٧ : المستحاضة القليلة كما يجب عليها تجديد الوضوء لكل صلاة ما دامت مستمرة كذلك يجب عليها تجديده لكل مشروط بالطهارة كالطواف الواجب ومس كتابة القرآن إن وجب ، وليس لها الاكتفاء بوضوء واحد للجميع على الأحوط(٩٥٧) ، وإن كان ذلك الوضوء للصلاة فيجب عليها تكراره بتكرارها ، حتى في المس يجب عليها ذلك لكل مس على الأحوط ، نعم لا يجب عليها الوضوء لدخول المساجد والمكث فيها ، بل ولو تركت الوضوء للصلاة أيضاً.

[ ٨٠٤ ] مسألة ١٨ : المستحاضة الكثيرة والمتوسطة(٩٥٨) إذا عملت بما عليها جاز لها جميع ما يشترط فيه الطهارة حتى دخول المساجد(٩٥٩) والمكث فيها وقراءة

____________________

(٩٥٦) ( للانقطاع ) : الاظهر عدم وجوبه في المتوسطة ، واما في الكثيرة فوجوبه مبني على الاحتياط في القسم الاول منها اذا لم يستمر الدم الى ما بعد الصلاة التي أتت بها مع وظيفتها ، وكذا في القسم الثاني اذا لم يظهر الدم على الكرسف من حين الشروع في الغسل السابق.

(٩٥٧) ( للجميع على الاحوط ) : هذا مع عدم تقارن الغايات في الوجود والا فالاظهر الاكتفاء بوضوء واحد لها فاذا توضأت للصلاة فهي محكومة بالطهارة عن الحدث الى حين الانتهاء منها فيجوز لها المس حال الاشتغال بها.

(٩٥٨) ( والمتوسطة ) : الاحوط في المتوسطة تجديد الوضوء لكل مشروط بالطهارة على ما مرّ تفصيله في القليلة ، والاحوط في القسم الثاني من الكثيرة تجديد الغسل لغير الصلاة مما يشترط بالطهارة كتجديده لها اذا برز الدم على الكرسف ، واما في القسم الاول منها ( اي سائلة الدم ) فتجديد الغسل لها هو الاحوط الاولى.

(٩٥٩) ( حتى دخول المساجد ) : الاظهر جواز دخول المساجد والمكث فيها وقراءة العزائم للمستحاضة وان لم تغتسل حتى للصلاة.

٢٦٣

العزائم ومس كتابة القرآن ، ويجوز وطؤها ، وإذا أخلت بشيء من الأعمال حتى تغيير القُطنة(٩٦٠) بطلت صلاتها ، وأما المذكورات سوى المس فتتوقف على الغسل فقط ، فلو أخلت بالأغسال الصلاتية لا يجوز لها الدخول والمكث والوطء وقراءة العزائم على الأحوط ، ولا يجب لها الغسل مستقلاً بعد الأغسال الصلاتية وإن كان أحوط ، نعم إذا أرادت شيئاً من ذلك قبل الوقت وجب عليها الغسل مستقلاً على الأحوط ، وأما المس(٩٦١) فيتوقف على الوضوء والغسل ، ويكفيه الغسل للصلاة ، نعم إذا إرادت التكرار يجب تكرار الوضوء والغسل على الأحوط ، بل الأحوط ترك المس(٩٦٢) لها مطلقاً.

[ ٨٠٥ ] مسألة ١٩ : يجوز للمستحاضة قضاء الفوائت مع الوضوء والغسل وسائر الأعمال لكل صلاة ، ويحتمل جواز اكتفائها بالغسل للصلوات الأدائية ، لكنه مشكل ، والأحوط ترك القضاء إلى النقاء.

[ ٨٠٦ ] مسألة ٢٠ : المستحاضة تجب عليها صلاة الآيات وتفعل لها كما تفعل لليومية ، ولا تجمع بينهما بغسل(٩٦٣) وإن اتفقت في وقتها.

[ ٨٠٧ ] مسألة ٢١ : إذا أحدثت بالأصغر في أثناء الغسل لا يضر بغسلها على الأقوى ، لكن يجب عليها الوضوء بعده(٩٦٤) وإن توضأت قبله.

[ ٨٠٨ ] مسألة ٢٢ : إذا أجنبت في أثناء الغسل أو مست ميتاً استأنفت غسلاً واحداً لهما ، ويجوز لها إتمام غسلها واستئنافه لأحد الحدثين إذا لم يناف المبادرة إلى الصلاة بعد غسل الاستحاضة ، وإذا حدثت الكبرى في أثناء غسل

____________________

(٩٦٠) ( حتى تغيير القطنة ) : مر التفصيل فيه.

(٩٦١) ( واما المس ) : الظاهر ان حكمه حكم سائر ما يشترط بالطهارة.

(٩٦٢) ( بل الاحوط ترك المس ) : ان لم يكن واجباً.

(٩٦٣) ( ولا تجمع بينهما بغسل ) : على الاحوط.

(٩٦٤) ( يجب عليها الوضوء بعده ) : وجوبه في الكثيرة مبني على الاحتياط.

٢٦٤

المتوسطة استأنفت للكبرى.

[ ٨٠٩ ] مسألة ٢٣ : قد يجب على صاحبة الكثيرة بل المتوسطة أيضاً خمسة إغسال ، كما إذا رأت أحد الدمين قبل صلاة الفجر ثم انقطع(٩٦٥) ثم رأته قبل صلاة الظهر ثم انقطع ثم رأته عند العصر ثم انقطع وهكذا بالنسبة إلى المغرب والعشاء ، ويقوم التيمم مقامه إذا لم تتمكن منه ، ففي الفرض المزبور عليها خمس تيممات(٩٦٦) ، وإن لم تتمكن من الوضوء أيضاً فعشرة(٩٦٧) ، كما أن في غير هذه إذا كانت وظيفتها التيمم ففي القليلة خمس تيممات وفي المتوسطة ستة(٩٦٨) ، وفي الكثيرة ثمانية إذا جمعت بين الصلاتين وإلا فعشرة.

فصل

في النفاس

وهو دم يخرج مع ظهور أول جزء من الولد ، أو بعده قبل انقضاء عشرة أيام(٩٦٩) من حين الولادة ، سواء كان تام الخلقة أو لا كالسقط وإن لم تلج فيه

____________________

(٩٦٥) ( ثم انقطع ) : بل ربما يجب عليها خمسة اغسال مع عدم انقطاع الدم ايضاً كما في القسم الثاني من الكثيرة اذا برز الدم على القطنة قبل الاتيان بالصلاة الثانية أو في اثنائها.

(٩٦٦) ( خمس تيممات ) : تقدم ان وجوب الغسل على المتوسطة مبني على الاحتياط فكذا التيمم البديل عنه.

(٩٦٧) ( فعشرة ) : على الاحوط والاظهر كفاية خمس تيممات في الكثيرة بل لا يبعد كفايتها في المتوسطة ايضاً بكون كل تيمم بدلاً عن الوضوء والغسل معاً.

(٩٦٨) ( وفي المتوسطة ستة ) : على الاحوط ولا يبعد كفاية الخمسة فيهاـكما في القليلةـبكوناحدها بديلاً عن الوضوء والغسل ، واما في الكثيرة فتكفي ثلاث تيممات بدل الاغسال اذا جمعت بين الصلاتين والا فخمسة

(٩٦٩) ( أو بعده قبل انقضاء عشرة ايام ) : مع صدق دم الولادة عليه عرفاً.

٢٦٥

الروح ، بل ولو كان مضغة أو علقة(٩٧٠) ، بشرط العلم بكونها مبدء نشوء الإِنسان ، ولو شهدت أربع قوابل بكونها مبدء نشوء الإِنسان كفى ، ولو شك في الولادة أو في كون الساقط مبدء نشوء الإِنسان لم يحكم بالنفاس ، ولا يلزم الفحص أيضاً.

وأما الدم الخارج قبل ظهور أول جزء من الولد فليس بنفاس(٩٧١) ، نعم لو كان فيه شرئط الحيض كأن يكون مستمراً من ثلاثة أيام فهو حيض وإن لم يفصل بينه وبين دم النفاس أقل الطهر على الأقوى ، خصوصاً إذا كان في عادة الحيض ، أو متصلاً بالنفاس ولم يزد مجموعهما عن عشرة أيام ، كأن ترى قبل الولادة ثلاثة أيام وبعدها سبعة مثلاً ، لكن الأحوط مع عدم الفصل بأقل الطهر مراعاة الاحتياط خصوصاً في الصورتين من كونه في العادة أو متصلاً بدم النفاس.

[ ٨١٠ ] مسألة ١ : ليس لأقل النفاس حد ، بل يمكن أن يكون مقدار لحظة بين العشرة(٩٧٢) ، ولو لم تردماً فليس لها نفاس اصلاً ، وكذا لو رأته بعد العشرة من الولادة ، وأكثر عشرة أيام ، وإن كان الأولى مراعاة الاحتياط بعدها أو بعد العادة إلى ثمانية عشر يوماً من الولادة ، والليلة الأخيرة خارجة ، وأما الليلة الاُولى إن ولدت في الليل فهي جزء من النفاس وإن لم تكن محسوبة من العشرة ، ولو اتفقت الولادة في وسط النهار يلفق من اليوم الحادي عشر لا من

____________________

(٩٧٠) ( مضغة أو علقة ) : في كون الدم الخارج معهما نفاساً اشكال بل منع.

(٩٧١) ( فليس بنفاس ) : فان رأته في حال المخاض وعلمت انه منه فالاظهر انه بحكم دم الجروح ، وان رأته قبل هذه الحالة أو فيها ولم تعلم إستناده اليهـسواء كان متصلاً بدم النفاس ام منفصلاً عنه بعشرة ايام أو أقلـولم يكن بشرائط الحيض فهو استحاضة وإلاّفهو حيض.

(٩٧٢) ( لحظة بين العشرة ) : بشرط عدم الفصل الطويل ، فاذا رأت الدم لحظة في اليوم العاشر مثلاً لم يحكم بكونه نفاساً.

٢٦٦

ليلته ، وابتداء الحساب بعد تمامية الولادة(٩٧٣) وإن طالت ، لا من حين الشروع ، وإن كان إجراء الأحكام من حين الشروع إذا رأت الدم إلى تمام العشرة من حين تمام الولادة.

[ ٨١١ ] مسألة ٢ : إذا انقطع دمها على العشرة أو قبلها فكل ما رأته نفاس(٩٧٤) ، سواء رأت تمام العشرة أو البعض الأول أو البعض الأخير(٩٧٥) أو الوسط أو الطرفين أو يوماً ويوماً لا ، وفي الطهر المتخلل بين الدم تحتاط بالجمع بين أعمال النفساء والطاهر ، ولا فرق في ذلك بين ذات العادة العشرة أو أقل وغير ذات العادة ، وإن لم تر دماً في العشرة فلا نفاس لها ، وإن رأت في العشرة وتجاوزها فإن كانت ذات عادة في الحيض اخذت بعادتها(٩٧٦) ـسواء كانت عشرة او أقلـوعملت بعدها عمل المستحاضة وإن كان الأحوط الجمع إلى الثمانية عشر كما مر ، وإن لم تكن ذات عادة كالمبتدئة والمضطربة فنفاسها عشرة أيام وتعمل بعدها عمل المستحاضة مع استحباب الاحتياط المذكور.

[ ٨١٢ ] مسألة ٣ : صاحبة العادة إذا لم تر في العادة أصلاً ورأت بعدها وتجاوز العشرة لا نفاس لها* على الأقوى ، وإن كان الأحوط الجمع إلى العشرة بل إلى الثمانية عشر مع الاستمرار إليها ، وإن رأت بعض العادة ولم تر البعض من الطرف الأول وتجاوز العشرة أتمها بما بعدها إلى العشرة دون ما بعدها ، فلو كان عادتها سبعة ولم تر إلى اليوم الثامن فلا نفاس لها ، وإن لم تر اليوم الأوّل جعلت الثامن أيضاً نفاساً ، وإن لم تر اليوم الثاني أيضاً فنفاسها إلى التاسع ،

____________________

(٩٧٣) ( بعد تمامية الولادة ) : الاظهر ان مبدأه رؤية الدم فيما إذا تأخرت عن الولادة.

(٩٧٤)( فكل ما رأته نفاس ) : على اشكال فيما إذا كانت ذات عادة عددية ورأت الدم في أيام العادة وبعدها فالاحوط لها الجمع بين تروكالنفساء واعمال المستحاضة بالنسبة إلى ماوراء العادة.

(٩٧٥) ( أو البعض الاخير ) : يجري فيه ما تقدم في المسألة الاولى.

(٩٧٦) ( اخذت بعادتها ) : وان كانت ناسية لها جعلت أكبر عدد محتمل عادة لها في المقام.

(*) ( لا نفاس لها ) : إذا صدق عليه دم الولادة عرفاً فلها نفاس ويحسب من أوّل رؤية الدم فان لم يتجاوز عشرة أيام كان جميعه نفاساً وان تجاوزها كان الزائد على عدد عادتها استحاضة ، ومنه يظهر حكم سائر الصور المذكورة في المتن.

٢٦٧

وإن لم تر إلى الرابع أو الخامس أو السادس فنفاسها إلى العشرة ، ولا تأخذ التتمة من الحادي عشر فصاعداً ، لكن الأحوط الجمع فيما بعد العادة إلى العشرة بل إلى الثمانية عشر مع الاستمرار إليها.

[ ٨١٣ ] مسألة ٤ : اعتبر مشهور العلماء فصل أقل الطهر بين الحيض المتقدم والنفاس ، وكذا بين النفاس والحيض المتأخر ، فلا يحكم بحيضية الدم السابق على الولادة وإن كان بصفة الحيض أو في أيام العادة إذا لم يفصل بينه وبين النفاس عشرة أيام وكذا في الدم المتأخر ، والأقوى عدم اعتباره في الحيض المتقدم كما مر نعم لا يبعد ذلك في الحيض المتأخر لكن الأحوط مراعاة الاحتياط.

[ ٨١٤ ] مسألة ٥ : إذا خرج بعض الطفل وطالت المدة إلى أن خرج تمامه فالنفاس من حين خروج ذلك البعض إذا كان معه دم ، وإن كان مبدأ العشرة من حين التمام كما مر(٩٧٧) ، بل وكذا لو خرج قطعة قطعة وإن طال إلى شهر أو أزيد فمجموع الشهر نفاس(٩٧٨) إذا استمر الدم ، وإن تخلل نقاء فإن كان عشرة فطهر(٩٧٩) وإن كان أقل تحتاط بالجمع بين أحكام الطاهر والنفساء.

[ ٨١٥ ] مسألة ٦ : إذا ولدت اثنين أو أزيد فلكل واحد منهما نفاس مستقل ، فإن فصل بينهما عشرة أيام واستمر الدم فنفاسها عشرون يوماً لكل

____________________

(٩٧٧) ( كما مر ) : ومر منعه.

(٩٧٨) ( فمجموع الشهر نفاس ) : وكذا بعده الىعشرة أيام من رؤية الدم بعد خروج آخر قطعة ، نعم يشترط في الحكم بكون المجموع نفاساً امران :الاول : ان لا تكون القطعة مما لا يعتد به كالاصبع والا فالدم الخارج معها أو بعدها لا يعد نفاساً سواء كانت هي الجزء الاول أو الوسط أو الاخير ،الثاني : عدم كون الفصل بين القطعات المفروضة أريد من العشرة والا فلا يكون الزائد الفاصل نفاساً.

(٩٧٩) ( فان كان عشرة فطهر ) : وكذا ان كان أقل اذا كان فاصلاً بين عشرة كل واحدة مع عشرة الاخرى.

٢٦٨

واحد عشرة أيام ، وإن كان الفصل أقل من عشرة مع استمرار الدم يتداخلان في بعض المدة ، وإن فصل بينهما نقاء عشرة أيام كان طهراً ، بل وكذا لو كان أقل من عشرة على الأقوى من عدم اعتبار العشرة بين النفاسين ، وإن كانالأحوط مراعاة الاحتياط في النقاء الأقل كما في قطعات الولد الواحد.

[ ٨١٦ ] مسألة ٧ : إذا استمر الدم إلى شهر أو أزيد فبعد مضي أيام العادة في ذات العادة والعشرة في غيرها محكوم بالاستحاضة وإن كان في أيام العادة ،إلا مع فصل أقل الطهر عشرة أيام بين دم النفاس وذلك الدم ، وحينئذ فإن كان في العادة يحكم عليه بالحيضية ، وإن لم يكن فيها فترجع إلى التمييز(٩٨٠) ، بناءً على ما عرفت من اعتبار أقل الطهر بين النفاس والحيض المتأخر ، وعدم الحكم بالحيض مع عدمه وإن صادف أيام العادة ، لكن قد عرفت أن مراعاة الاحتياط في هذه الصورة أولى.

[ ٨١٧ ] مسألة ٨ : يجب على النفساء إذا انقطع دمها في الظاهر الاستظهار بإدخال قُطنة أو نحوها والصبر قليلاً وإخراجها وملاحظتها على نحو ما مر في الحيض.

[ ٨١٨ ] مسألة ٩ : إذا استمر الدم إلى ما بعد العادة في الحيض يستحب لها الاستظهار بترك العبادة يوماً أو يومين أو إلى العشرة على نحو ما مر في الحيض.

[ ٨١٩ ] مسألة ١٠ : النفساء كالحائض في وجوب الغسل بعد الانقطاع

____________________

(٩٨٠) ( فترجع الى التمييز ) : اذا كانت ذات عادة وقتية ترجع الى عادتها فقط وتنتظرها وان اقتضى ذلك عدم الحكم بتحيضها فيما بعد الولادة بشهر أو أزيد ، والافالدم المرئي بعد الفصل المفروض اذا كان ذا تميّز رجعت اليه وان كان فاقداً له الى شهر أو شهور فحكمها التحيض في كل شهر بالاقتداء ببعض نسائها أو باختيار عدد مناسب لها على تفصيل في جميع ذلك تقدّم في مبحث الحيض.

٢٦٩

أو بعد العادة أو العشرة في غير ذات العادة ، ووجوب قضاء الصوم دون الصلاة ، وعدم جواز وطئها وطلاقها ومس كتابة القرآن واسم الله وقراءة آيات السجدة ودخول المساجد(٩٨١) والمكث فيها ، وكذا في كراهة الوطء بعد الانقطاع وقبل الغسل ، وكذا في كراهة الخضاب وقراءة القرآن ونحو ذلك ، وكذا في استحباب الوضوء في أوقات الصلوات والجلوس في المصلى والاشتغال بذكر الله بقدر الصلاة ، وألحقها بعضهم بالحائض في وجوب الكفارة إذا وطأها ، وهو أحوط ، لكن الأقوى عدمه.

[ ٨٢٠ ] مسألة ١١ : كيفية غسلها كغسل الجنابة ، إلا أنه لا يغني عن الوضوء(٩٨٢) ، بل يجب قبله أو بعده كسائر الأغسال.

فصل

في غسل مس الميت

يجب بمس ميت الإِنسان بعد برده وقبل غسله ، دون ميت غير الإِنسان أو هو قبل برده أو بعد غسله ، والمناط برد تمام جسده فلا يوجب برد بعضه ولو كان هو الممسوس ، والمعتبر في الغسل تمام الأغسال الثلاثة فلو بقي من الغسل الثالث شيء لا يسقط الغسل بمسه وإن كان الممسوس العضو المغسول منه ، ويكفي في سقوط الغسل إذا كانت الأغسال الثلاثة كلها بالماء القَراح لفقد السدر والكافور ، بل الأقوى كفاية التيمم(٩٨٣) أو كون الغاسل هو الكافر بأمر المسلم لفقد المماثل ، لكن الأحوط عدم الاكتفاء بهما ، ولا فرق في الميت بين

____________________

(٩٨١) ( دخول المساجد ) : اي بغير اجتياز ، وكذا دخول المسجدين مطلقاً ، وحرمته وكذا حرمة ما قبله وما بعده مبنية على الاحتياط.

(٩٨٢) ( لا يغني عن الوضوء ) : بل يغني عنه على الاقوى كما تقدم.

(٩٨٣) ( بل الاقوى كفاية التيمم ) : في كفايته إشكال بل منع.

٢٧٠

المسلم والكافر والكبير والصغير ، حتى السقط إذا تم له أربعة أشهر(٩٨٤) ، بلالأحوط الغسل بمسه ولو قبل تمام أربعة أشهر أيضاً وإن كان الأقوى عدمه.

[ ٨٢١ ] مسألة ١ : في الماس والممسوس لا فرق بين أن يكون مما تحله الحياة أو لا كالعظم والظُفر ، وكذا لا فرق فيهما بين الباطن والظاهر ، نعم المس بالشعر لا يوجبه وكذا مس الشعر.

[ ٨٢٢ ] مسألة ٢ : مس القطعة المبانة من الميت أو الحي إذا اشتملت على العظم يوجب الغسل(٩٨٥) دون المجرد عنه ، وأما مس العظم المجرد ففي إيجابه للغسل إشكال ، والأحوط الغسل بمسه خصوصاً إذا لم يمض عليه سنة ، كما أن الأحوط في السن المنفصل من الميت أيضاً الغسل ، بخلاف المنفصل من الحي إذا لم يكن معه لحم معتدّ به ، نعم اللحم الجزئي لا اعتناء به.

[ ٨٢٣ ] مسألة ٣ : إذا شك في تحقق المس وعدمه أو شك في أن الممسوس كان إنساناً أو غيره أو كان ميتاً أو حياً أو كان قبل برده أو بعده أو في أنه كان شهيداً أم غيره(٩٨٦) أو كان الممسوس بدنه أو لباسه أو كان شعره أو بدنه لا يجب الغسل في شيء من هذه الصور ، نعم إذا علم المس وشك في أنه كان بعد الغسل أو قبله وجب الغسل ، وعلى هذا يشكل مس العظام المجردة(٩٨٧) المعلوم كونها من الإِنسان في المقابر أو غيرها ، نعم لو كانت المقبرة للمسلمين يمكن

____________________

(٩٨٤) ( تم له أربعة أشهر ) : اذا ولجته الروح ، فان العبرة به.

(٩٨٥) ( يوجب الغسل ) : على الاحوط ، والاظهر عدم وجوب الغسل بمسّها مطلقاً ، ومنه يظهر الحال فيما بعده ، نعم اذا كان الميت متشتت الاجزاء فمسها جميعاً أو مسّ معظمها وجب عليه الغسل.

(٩٨٦) ( شهيداً أم غيره ) : الظاهر وجوب الغسل في هذه الصورة وان كان وجوبه بمسّ الشهيد مبنياً على الاحتياط.

(٩٨٧) ( يشكل مسّ العظام المجردة ) : ظهر مما تقدم عدم وجوب الغسل بمسها مطلقاً.

٢٧١

الحمل على أنها مغسلة.

[ ٨٢٤ ] مسألة ٤ : إذا كان هناك قطعتان يعلم إجمالاأن أحدهما من ميت الإِنسان فإن مسهما معاً وجب الغسل(٩٨٨) ، وإن مس أحدهما ففي وجوبه إشكال والأحوط الغسل.

[ ٨٢٥ ] مسألة ٥ : لا فرق بين كون المس اختيارياً أو اضطرارياً ، في اليقظة أو في النوم ، كان الماس صغيراً أو مجنوناً أو كبيراً عاقلاً ، فيجب على الصغير الغسل بعد البلوغ ، والأقوى صحته قبله أيضاً إذا كان مميزاً ، وعلى المجنون بعد الإفاقة.

[ ٨٢٦ ] مسألة ٦ : في وجوب الغسل بمس القطعة المبانة من الحي لا فرق بين أن يكون الماس نفسه أو غيره.

[ ٨٢٧ ] مسألة ٧ : ذكر بعضم أن في إيجاب مس القطعة المبانة من الحي للغسل لا فرق بين أن يكون الماس نفسه أو غيره.

[ ٨٢٨ ] مسألة ٨ : في وجوب الغسل إذا خرج من المرأة طفل ميت بمجرد مماسته لفرجها إشكال ، وكذا في العكس بأن تولد الطفل من المرأة الميتة ، فالأحوط غسلها في الأول وغسله بعد البلوغ في الثاني.

[ ٨٢٩ ] مسألة ٩ : مس فَضَلات الميت من الوَسَخ والعَرَق والدم ونحوها لا يوجب الغسل ، وإن كان أحوط.

[ ٨٣٠ ] مسألة ١٠ : الجماع مع الميتة بعد البرد يوجب الغسل ، ويتداخل مع الجنابة.

[ ٨٣١ ] مسألة ١١ : مس المقتول بقصاص أو حدّ إذا اغتسل قبل القتل غسل الميت لا يوجب الغسل(٩٨٩) .

____________________

(٩٨٨) ( وجب عليه الغسل ) : تقدم عدم وجوبه بمس القطعة المبانة ، مطلقاً ، ومنه يظهر الحال ايضاً في جملة من المسائل الاتية.

(٩٨٩) ( لا يوجب الغسل ) : بل يوجبه على الاحوط.

٢٧٢

[ ٨٣٢ ] مسألة ١٢ : مس سُرّة الطفل بعد قطعها لا يوجب الغسل.

[ ٨٣٣ ] مسألة ١٣ : إذا يبس عضو من أعضاء الحي وخرج منه الروح بالمرة مسه ما دام متصلاً ببدنه لا يوجب الغسل ، وكذا إذا قطع عضو منه واتصل ببدنه بجلدة مثلاً ، نعم بعد الانفصال إذا مسه وجب الغسل بشرط أن يكون مشتملاً على العظم.

[ ٨٣٤ ] مسألة ١٤ : مس الميت ينقض الوضوء(٩٩٠) فيجب الوضوء مع غسله.

[ ٨٣٥ ] مسألة ١٥ : كيفية غسل المس مثل غسل الجنابة ، إلا أنه يفتقر إلى الوضوء أيضاً.

[ ٨٣٦ ] مسألة ١٦ : يجب هذا الغسل لكل واجب مشروط بالطهارة من الحدث الأصغر ، ويشترط فيما يشترط فيه الطهارة.

[ ٨٣٧ ] مسألة ١٧ : يجوز للماس قبل الغسل دخول المساجد والمشاهد والمكث فيها وقراءة العزائم ووطؤها إن كان امرأة ، فحال المس حال الحدث الأصغر إلا في إيجاب الغسل للصلاة ونحوها.

[ ٨٣٨ ] مسألة ١٨ : الحدث الأصغر والأكبر في أثناء هذا الغسل لا يضر بصحته(٩٩١) ، نعم لو مس في أثنائه ميتاً وجب استئنافه.

[ ٨٣٩ ] مسألة ١٩ : تكرار المس لا يوجب تكرار الغسل ولو كان الميت متعدداً كسائر الأحداث.

[ ٨٤٠ ] مسألة ٢٠ : لا فرق في إيجاب المس للغسل بين أن يكون مع

____________________

(٩٩٠) ( ينقض الوضوء ) : فيه إشكال بل منع ، وعلى اي تقدير فلا يجب الوضوء مع غسله بناءاً على المختار من إغناء كل غسل عن الوضوء ومنه يظهر الحال في الفرع الاتي.

(٩٩١) ( لا يضر بصحته ) : ولكن لا يكون مغنياً عن الوضوء على الاحوط في الفرض الاول ، كما لا إشكال في عدم إغنائه عن غسل آخر في الفرض الثاني.

٢٧٣

الرطوبة أو لا ، نعم في إيجابه للنجاسة يشترط أن يكون مع الرطوبة على الأقوى ، وإن كان الأحوط الاجتناب إذا مس مع اليبوسة خصوصاً في ميت الإنسان ، ولا فرق في النجاسة مع الرطوبة بين أن يكون بعد البرد أو قبله ، وظهر من هذا أن مس الميت قد يوجب الغَسلَ والغُسل كما إذا كان بعد البرد وقبل الغسل مع الرطوبة ، وقد لا يوجب شيئاً كما إذا كان بعد الغسل أو قبل البرد بلا رطوبة ، وقد يوجب الغُسلَ دون الغَسل كما إذا كان بعد البرد وقبل الغسل بلا رطوبة ، وقد يكون بالعكس كما إذا قبل البرد مع الرطوبة.

فصل

في أحكام الأموات

إعلم أن أهم الأمور وأوجب الواجبات(٩٩٢) التوبة من المعاصي ، وحقيقتها الندم ، وهو من الأمور القلبية ، ولا يكفي مجرد قوله : « أستغفر الله » بل لا حاجة إليه مع الندم القلبي ، وإن كان أحوط ، ويعتبر فيها العزم(٩٩٣) على ترك العود إليها ، والمرتبة الكاملة منها ما ذكره أمير المؤمنين ( عليه السلام ).

[ ٨٤١ ] مسألة ١ : يجب عند ظهور أمارات الموت أداء حقوق الناس الواجبة(٩٩٤) وردّ الودائع(٩٩٥) والأمانات التي عنده مع الإِمكان ، والوصية

____________________

(٩٩٢) ( أوجب الواجبات ) : عقلاً ، تحصيلاً للأمن من الضرر الاخروي.

(٩٩٣) ( ويعتبر فيها العزم ) : وكذا لا يبعد اعتبار اصلاح ما افسدهـ مع الامكانـفي ترتب الاثر عليها كما هو الحال في العزم المذكور.

(٩٩٤) ( حقوق الناس الواجبة ) : التي يتضيق وقت ادائها بذلك واما غيرها : فالديون الحالّة المطالب بها وما يشبهها يجب ادائها فوراً غير مقيد بظهور امارات الموت ، والديون المؤجلةـالتي تحل بالموتـوما يماثلها لا يتعين ادائها فعلاً بل يتخير بينه وبين الاستيثاق من ادائها بعد وفاته.

(٩٩٥) ( ورد الودائع ) : تقدم الرّد على الوصية مبني على الاحتياط ، وفي حكم الرّد اعلام

٢٧٤

بها مع عدمه(٩٩٦) مع الاستحكام على وجه لا يعتريها الخلل بعد موته.

[ ٨٤٢ ] مسألة ٢ : إذا كان عليه الواجبات التي لا تقبل النيابة حال الحياة كالصلاة والصوم والحج(٩٩٧) ونحوها وجب الوصية بها إذا كان له مال(٩٩٨) ، بل مطلقاً إذا احتمل وجود متبرع ، وفيما على الولي(٩٩٩) كالصلاة والصوم التي فاتته لعذر يجب إعلامه أو الوصية باستئجارها أيضا.

[ ٨٤٣ ] مسألة ٣ : يجوز له تمليك ماله(١٠٠٠) بتمامه لغير الوارث ، لكن لا يجوز له تفويت شيء منه على الوارث بالإِقرار كذباً لأن المال بعد موته يكون للوارث فإذا أقر به لغيره كذباً فوَّت عليه ماله(١٠٠١) ، نعم إذا كان له مال مدفون في مكان لا يعلمه الوارث يحتمل عدم وجوب إعلامه ، لكنه أيضاً مشكل ، وكذا إذا كان له دين شخص ، والأحوط الإِعلام ، وإذا عدّ عدم الإِعلام تفويتاً فواجب

____________________

المالك او وليه والايداع عند غيره اذا كان مأذوناً في ذلك.

(٩٩٦) ( والوصية بها مع عدمه ) : العبرة بالاستيثاق من وصولها الى اصحابها بعد وفاقه سواء حصل ذلك بالوصية أم بغيرها.

(٩٩٧) ( والحج ) : في عدّ الحج منها ، مسامحة ، فلو كان متمكنّاً من استنابة غيره لادائه عنه قبل وفاته لزمه ذلك.

(٩٩٨) ( وجب الوصية بها إذا كان له مال ) : العبرة هنا ايضاًـمع الامكانـبالاستيثاق من ادائها عنه بعد موته ومنه يظهر الحال في اعلام الولي.

(٩٩٩) ( وفيما على الولي ) : في وجوب قضاء فوائت الميت على وليه كلام سيأتي في محله.

(١٠٠٠) ( يجوز له تمليك ماله ) : ولكن اذا كان ذلك في مرض الموتـكما هو مفروض المقامـلا ينفذ بالنسبة الى ما زاد على الثالثالا باجازة الورثة على تفصيل مذكور في محله.

(١٠٠١) ( فوّت عليه ماله ) : اذا كان اقراره في مرض الموت وكان متهماً فيه فحيث انه لا يخرج حينئذٍ من الاصل بل من الثلث فلو كان متصرفاً فيه بالوصية باخراجه لم يكن مفّوتاً علىالوارث ماله.

٢٧٥

يقينا.

[ ٨٤٤ ] مسألة ٤ : لا يجب عليه نصب قيّم على أطفاله ، إلا إذا عدّ عدمه تضييعاً لهم أو لمالهم ، وعلى تقدير النصب يجب أن يكون أميناً ، وكذا إذا عين على أداء حقوقه الواجبة شخصاً يجب أن يكون أميناً ، نعم لو أوصى بثلثه في وجوه الخيرات الغير الواجبة لا يبعد عدم وجوب كون الوصي عليها أميناً ، لكنه أيضاً لا يخلو عن إشكال ، خصوصاً إذا كانت راجعة إلى الفقراء.

فصل

في آداب المريض وما يستحب عليه

وهي أمور :

الأول :الصبر والشكر لله تعالى.

الثاني :عدم الشكاية من مرضه إلى غير المؤمن ، وحدّ الشكاية أن يقول : ابتليت بما لم يبتل به احد ، أو أصابتي ما لم يصب أحداً ، وأما إذا قال : سهرت البارحة ، أو كنت محموماً ، فلا بأس به.

الثالث :أن يُخفي مرضه إلى ثلاثة أيام.

الرابع :أن يجدّد التوبة.

الخامس :أن يوصي بالخيرات للفقراء من أرحامه وغيرهم.

السادس :أن يُعلم المؤمنين بمرضه بعد ثلاثة أيام.

السابع :الإِذن لهم في عيادته.

الثامن :عدم التعجيل في شرب الدواء ومراجعة الطبيب إلا مع اليأس من البُرء بدونهما.

التاسع :أن يجتنب ما يحتمل الضرر.

العاشر : أن يتصدق هو وأقرباؤه بشيء ، قال رسول الله ( صلّىاللهعليهوآله) :« داووا مرضاكم بالصدقة » .

٢٧٦

الحادي عشر :أن يقرّ عند حضور المؤمنين بالتوحيد والنبوة والإِمامة والمعاد وسائر العقائد الحقة.

الثانيعشر :أن ينصب قيّماً أميناً على صغاره ، ويجعل عليه ناظرا.

الثالث عشر :أن يوصي بثلث ماله إن كان موسرا.

الرابععشر :أن يهيّئ كفنه ، ومن أهم الأمور إحكام أمر وصيته وتوضيحه وإعلام الوصي والناظر بها.

الخامس عشر :حسن الظن بالله عند موته ، بل قيل بوجوبه في جميع الأحوال ، ويستفاد من بعض الأخبار وجوبه حال النزع.

فصل

[ في استحباب عيادة المريض وآدابها ]

عيادة المريض من المستحبات المؤكدة ، وفي بعض الأخبار : إن عيادته عيادة الله تعالى ، فإنه حاضر عند المريض المؤمن ، ولا تتأكد في وَجَع العين والضِرس والدُمَل ، وكذا من اشتد مرضه أو طال ، ولا فرق بين أن تكون في الليل أو في النهار بل يستحب في الصباح والمساء ، ولا يشترط فيها الجلوس بل ولا السؤال عن حاله.

ولها آداب :

احدها :أن يجلس عنده ولكن يطيل الجلوس ، إلا إذا كان المريض طالباً.

الثاني :أن يضع العائد إحدى يديه على الأخرى أو على جبهته حال الجلوس عند المريض.

الثالث :أن يضع يده على ذراع المريض عند الدعاء له أو مطلقا.

الرابع :أن يدعو له بالشفاء ، والأولى أن يقول : « اللهم اشفه بشفائك ، وداوه بدوائك ، وعافه من بلائك ».

الخامس :أن يستصحب هدية له من فاكهة أو نحوها مما يفرحه ويريحه.

٢٧٧

السادس :أن يقرأ عليه فاتحة الكتاب سبعين أو أربعين مرة أو سبع مرات أو مرة واحدة ، فعن أبي عبد اللهعليه‌السلام : « لو قرأت الحمد على ميت سبعين مرة ثم ردّت فيه الروح ما كان ذلك عجباً » وفي الحديث : « ما قرئ الحمد على وجع سبعين مرة إلا سكن بإذن الله ، وإن شئتم فجرّبوا ولا تشكوا »وقال الصادق عليهالسلام : « من نالته علة فليقرأ في جَيبه الحمد سبع مرات »وينبغي أن ينفض لباسه بعد قراءة الحمد عليه.

السابع :أن لا يأكل عنده ما يضره ويشتهيه.

الثامن :أن لا يأكل يفعل عنده ما يغيظه أو يضيق خُلقه.

التاسع :أن يلتمس منه الدعاء ، فإنه ممن يستجاب دعاؤه فعن الصادق صلوات الله عليه :« ثلاثة يستجاب دعاؤهم الحاج والغازي والمريض » .

فصل

في ما يتعلق بالمحتضر مما هو وظيفة الغير

وهي أمور :

الأول :توجيهه إلى القبلة بوضعه على وجه لو جلس كان وجهه إلى القبلة ، ووجوبه لا يخلو عن قوة(١٠٠٢) ، بل لا يبعد وجوبه على المحتضر نفسه أيضاً ، وإن لم يمكن بالكيفية المذكورة فبالممكن منها(١٠٠٣) ، وإلا فبتوجيهه جالساً ، أو مضطجعاً على الأيمن أو على الأيسر مع تعذر الجلوس ، ولا فرق بين الرجل والإمرأة ، والصغير والكبير ، بشرط أن يكون مسلماً(١٠٠٤) ، ويجب أن يكون

____________________

(١٠٠٢) ( لا يخلو عن قوة ) : في القوة تأمل والاظهر عدم وجوبه على المحتضر نفسه وان كان احوط.

(١٠٠٣) ( فبالممكن منها ) : لا يجب ذلك ولا بقية الكيفيات ، نعم يؤتي بها رجاءاً.

(١٠٠٤) ( ان يكون مسلماً ) : بل مؤمناً.

٢٧٨

ذلك(١٠٠٥) بإذن وليه مع الإمكان ، وإلاّفالأحوط(١٠٠٦) الاستئذان من الحاكم الشرعي ، والأحوط مراعاة الاستقبال بالكيفية المذكورة في جميع الحالات(١٠٠٧) إلى ما بعد الفراغ من الغسل ، وبعده فالأولى وضعه بنحو ما يوضع حين الصلاة عليه إلى حال الدفن بجعل رأسه إلى المغرب(١٠٠٨) ورجله إلى المشرق.

الثاني :يستحب تلقينه الشهادتين والإِقرار بالأئمة الاثني عشر عليهمالسلام وسائر الاعتقادات الحقة ، على وجه يفهم ، بل يستحب تكرارها إلى أن يموت ، ويناسب قراءة العديلة.

الثالث :تلقينه كلمات الفرج ، وأيضاً هذا الدعاء « اللهم اغفر لي الكثير من معاصيك ، واقبل مني اليسير من طاعتك » وأيضاً « يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير اقبل مني اليسير واعف عني الكثير ، إنك أنت العفو الغفور »وأيضاً « اللهم ارحمني فإنك رحيم ».

الرابع :نقله إلى مصلاه إذا عسر النزع ، بشرط أن لا يوجب أذاه.

الخامس :قراءة سورة ( يس )و ( الصافات ) لتعجيل راحته ، وكذا آية الكرسي إلى( هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) [البقرة ٢ : ٢٥٧ ] ، وآية السخرة وهي :( إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ) [ يونس ١٠ : ٣ ] ، إلى آخر الآية ، وثلاث آيات من آخر سورة البقرة( للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) [البقرة ٢ : ٢٨٤ ] إلى آخر السورة ، ويقرأ سورة الأحزاب ، بل مطلق قراءة القرآن.

____________________

(١٠٠٥) ( يجب يكون ذلك ) : على الاحوط الا اذا علم برضا المحتضر نفسه به ولم يكن قاصراً فانه لا حاجة الى الاستئذان من الولي حينئذٍ.

(١٠٠٦) ( والا فالاحوط ) : استحباباً وكذا فيما بعده.

(١٠٠٧) ( في جميع الحالات ) : اي حالات كونه على الارض لا مطلقاً.

(١٠٠٨) ( بجعل رأسه الى المغرب ) : فيما تكون قبلته في نقطة الجنوب والضابط جعل رأسه الى يمين المصلي ورجليه الى يساره كما سيجيء.

٢٧٩

فصل

في المستحبات بعد الموت

وهي أمور :

الأول :تغميض عينيه وتطبيق فمه.

الثاني :شدّ فكيه.

الثالث :مدّ يديه إلى جنبيه.

الرابع :مدّ رجليه.

الخامس :تغطيته بثوب.

السادس :الإِسراج في المكان الذي مات فيه إن مات في الليل.

السابع :إعلام المؤمنين ليحضروا جنازته.

الثامن :التعجيل في دفنه ، فلا ينتظرون الليل إن مات في النهار ، ولا النهار إن مات في الليل ، إلا إذا شك في موته فينتظر حتى اليقين ، وإن كانت حاملاً مع حياة ولدها فإلى أن يشق جنبها الأيسر لإِخراجه ثم خياطته.

فصل

في المكروهات

وهي أمور :

الأول :أن يمس في حال النزع ، فإنه يوجب أذاه.

الثاني :تثقيل بطنه بحديد أو غيره.

الثالث :إبقاؤه وحده ، فإن الشيطان يعبث في جوفه.

الرابع :حضور الجنب والحائض عنده حالة الاحتضار.

الخامس :التكلم زائداً عنده.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412