حياة أمير المؤمنين عن لسانه الجزء ٢

حياة أمير المؤمنين عن لسانه12%

حياة أمير المؤمنين عن لسانه مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 491

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 491 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 361395 / تحميل: 6880
الحجم الحجم الحجم
حياة أمير المؤمنين عن لسانه

حياة أمير المؤمنين عن لسانه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

جالساً عند النبيّ -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - إذ جاءه رجل من أهل اليمن فقال: إنّ ثلاثة من أهل اليمن أتوا عليّاً -رضي‌الله‌عنه - يختصمون إليه في ولد وقعوا على إمراة في طهرٍ واحد، فقال لاثنين منهما: طيبا بالولد لهذا، فقالا: لا ثم قال للاثنين: طيبا بالولد لهذا، فقالا: لا. ثم قال: أنتم متشاكسون، إني مقرع بينكم، فمن قرع فله الولد وعليه لصاحبيه ثلثا الدية، فأقرع بينهم، فجعله لمن قرع، فضحك رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - حتّى بدت أضراسه - أو قال: نواجذه -.

قد اتّفق الشيخان على ترك الإِحتجاج بالأجلح بن عبد الله الكندي، وإنّما نقما عليه حديثاً واحداً لعبد الله بن بريدة، وقد تابعه على ذلك الحديث ثلاثة من الثقات، فهذا الحديث إذاً صحيح ولم يخرجاه »(١). .

وقال الحاكم: « أخبرني عبد الله بن محمّد بن موسى العدل، محمد بن أيوب أنا إبراهيم بن موسى، ثنا عيسى بن يونس، ثنا الأجلح، عن الشعبي، عن عبد الله ابن الخليل، عن زيد بن أرقم قال: بينا أنا عند رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - إذ جاءه رجل من أهل اليمن، فجعل يحدّث النبيّ -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - ويخبره، فقال: يا رسول الله أتى علياً -رضي‌الله‌عنه - ثلاثة نفر يختصمون في ولد وقعوا على امرأة في طهر واحد، فقال لاثنين: طيبا نفسا بهذا الولد. ثم قال: أنتم شركاء متشاكسون، إني مقرع بينكم، فمن قرع له فله الولد وعليه ثلث الدية لصاحبيه، فأقرع بينهم، فقرع لأحدهم فدفع إليه الولد. فضحك النبيّ -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - حتى بدت نواجذه - أو قال أضراسه -.

حدّثنا علي بن جمشاد، ثنا بشر بن موسى ثنا الحميدي، ثنا سفيان، ثنا الأجلح بهذا. وزاد فيه: فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ما أعلم فيها إلّا ما قال علي.

__________________

(١). المستدرك على الصحيحين ٢ / ٢٠٧.

٢٨١

هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. وقد زاد الحديث تأكيداً برواية ابن عيينة، وقد تابع أبو إسحاق السبيعي الأجلح في روايته »(١). .

وقال الحاكم:

« أخبرني علي بن محمد بن دحيم الشيباني، حدّثنا أحمد بن حازم الغفاري، حدّثنا مالك بن إسماعيل النهدي، حدّثنا الأجلح، عن الشعبي، عن عبد الله ابن الخليل، عن زيد بن أرقم: إن علياً بعثه النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - إلى اليمن، فارتفع إليه ثلاثة يتنازعون ولداً، كلّ واحدٍ يزعم أنه ابنه، قال: فخلا باثنين فقال: أتطيبان نفساً لهذا الباقي؟ قالا: لا. وخلا باثنين فقال لهما مثل ذلك، فقالا: لا. فقال: أراكم شركاء متشاكسين وأنا مقرع بينكم، فأقرع بينهم، فجعله لأحدهم وأغرمه ثلثي الديّة للباقيين. قال: فذكر ذلك لرسول الله فضحك حتى بدت نواجذه.

قد أعرض الشيخان عن الأجلح بن عبد الله الكندي وليس في رواياته بالمتروك، فإنّ الذي ينقم عليه مذهبه مذهبه »(٢). .

٨ - ابن حجر: صدوق

وقال ابن حجر العسقلاني: « أجلح بن عبد الله بن حجّية - بالمهملة والجيم مصغرا - يكنّى أبا حجيّة الكندي، يقال اسمه: يحيى. صدوق شيعي، من السابعة. مات سنة ٤٥ »(٣). .

فهو عند ابن حجر « صدوق » ومن الطبقة السّابعة، أي في طبقة كبار أتباع التابعين كمالك والثوري، كما ذكر في أوّل الكتاب في بيان الطبقات.

__________________

(١). المستدرك ٣ / ١٣٥ كتاب معرفة الصحابة.

(٢). المستدرك ٤ / ٩٦ كتاب الأحكام.

(٣). تقريب التهذيب ١ / ٤٩.

٢٨٢

٩ - إنّه من رجال الكتب الأربعة

والأجلح من رجال: صحيح أبي داود، وصحيح الترمذي، وصحيح النسائي، وصحيح ابن ماجة. كما في الرمز الموضوع على اسمه في ( تهذيب التهذيب ) و ( تقريب التهذيب ) وغيرهما. وقال السّيوطي: « روى له الأربعة ».

وقد صرّح أكابر القوم بأنّ رجال الكتب الصّحاح معدّلون ومزكّون، وكلّهم من أهل التقوى والديانة

١٠ - رواية الأئمة عنه

وقد روى عنه أيضاً كبار الأئمة الأعلام، كشعبة، وسفيان الثوري، وابن المبارك، وأضرابهم قال ابن حجر:

« وعنه: شعبة، وسفيان الثوري، وابن المبارك، وأبو اُسامة، ويحيى القطّان، وجعفر بن عون، وغيرهم »(١). .

ورواية الثقة العدل عن رجل توثيق للمروي عنه وتعديل له وبهذا الأسلوب أراد ابن حجر المكّي إثبات فضيلةٍ لمعاوية، وهذه عبارته في ذكر فضائله المزعومة:

« منها: إنّه حاز شرف الأخذ عن أكابر الصّحابة والتابعين له، وشرف أخذ كثيرين من أجلّاء الصحابة والتابعين عنه فتأمّل هؤلاء الأئمة أئمة الإِسلام الذين رووا عنه تعلم أنّه كان مجتهداً أيّ مجتهد، وفقيهاً أيّ فقيه »(٢). .

__________________

(١). تهذيب التهذيب ١ / ١٦٥.

(٢). تطهير الجنان واللّسان: ٣٣ هامش الصواعق المحرقة.

٢٨٣

فهكذا يكون رواية شعبة والثوري وأمثالهما عن الأجلح دليلاً على ثبوت إمامة الأجلح وجلالته.

وقال الذهبي بترجمة أبي العبّاس العذري أحمد بن عمر الأندلسي المتوفى سنة ٤٧٨:

« ومن جلالته: أنّ إمامي الأندلس - ابن عبد البر، وابن حزم - رويا عنه »(١). .

ومثله قول المقري المالكي بترجمة أبي الوليد الباجي حيث قال:

« وممّا يفتخر به أنه روى عنه حافظاً المغرب والمشرق: أبو عمر بن عبد البر والخطيب أبو بكر ابن ثابت البغدادي، وناهيك بهما »(٢). .

هذا، وقد صرّح ابن قيّم الجوزيّة: بأنّ مجرَّد رواية العدل عن غيره تعديل له، هو أحد القولين في المسألة، وهو أحد الرّوايتين عن أحمد بن حنبل فإنّه قال بعد كلامٍ له: « هذا، مع أنَّ أحد القولين: أن مجرد رواية العدل عن غيره تعديل له وإنْ لم يصرّح بالتعديل، كما هو إحدى الروايتين عن أحمد »(٣). .

١١ - رواية شعبة عنه وهو لا يروي إلّا عن ثقة

إنّه قد عرفت من كلام العسقلاني أن من الرّواة عن الأجلح: شبعة بن الحجاج وقد ذكر القوم أنّ شعبة كان لا يروي إلّا عن ثقة، حتى أنّ السبكي صحّح حديث « من زار قبري وجبت له شفاعتي » متمسّكاً بقول خصمه ابن تيميّة بأنّ جماعةً ذكرهم - وفيهم شعبة - لا يروون إلّا عن ثقة قال السبكي:

__________________

(١). العبر - حوادث ٤٧٨

(٢). نفح الطيب ٢ / ٢٨١ ترجمة أبي الوليد الباجي.

(٣). زاد المعاد في هدي خير العباد ٥ / ٤٧٥.

٢٨٤

« وموسى بن هلال، قال ابن عدي: أرجو أنّه لا بأس به. وأمّا قول أبي حاتم الرازي فيه: إنّه مجهول فلا يضرّه، فإنّه إمّا أنْ يريد جهالة العين أو جهالة الوصف، فإنْ أراد جهالة العين - وهو غالب اصطلاح أهل هذا الشأن في هذا الإِطلاق - فذلك مرتفع عنه، لأنّه قد روى عنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن جابر المحاربي، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي، وأبو اُميّة محمد بن إبراهيم الطرسوسي، وعبيد بن محمّد الرزاق، والفضل بن سهل، وجعفر بن محمد المروزي. وبرواية الاثنين تنتفي جهالة العين، فكيف رواية سبعة.

وإنْ أراد جهالة الوصف، فرواية أحمد يرفع من شأنه، لا سيّما ما قاله ابن عدي فيه، وممّن ذكره من مشايخ أحمد: أبو الفرج ابن الجوزي، وأبو إسحاق الصريفيني.

وأحمد – رحمه ‌الله - لم يكن يروي إلّا عن ثقة، وقد صرّح الخصم بذلك في الكتاب الذي صنّفه في الردّ على البكري بعد عشر كراريس منه، قال: إنّ القائلين بالجرح والتعديل من علماء الحديث نوعان، منهم: من لم يرو إلّا عن ثقة عنده، كمالك وشبعة، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد ابن حنبل، وكذلك البخاري وأمثاله »(١). .

فمن هذا الكلام الذي احتجّ به السبكي - لتوثيق موسى بن هلال - يظهر بكلّ وضوحٍ وثاقة الأجلح أيضاً، لكونه من مشايخ شبعة، وهو لا يروي إلّا عن ثقة.

١٢ - رواية أحمد عنه وهو لا يروي إلّا عن ثقة

وأيضاً، فإنّه من مشايخ أحمد بن حنبل في ( المسند )، بل لقد روى فيه

__________________

(١). شفاء الأسقام في زيارة خير الأنام. الحديث الأول من الباب الأول ٩ - ١٠.

٢٨٥

حديث الولاية عن طريقه فقال كما سمعت سابقاً:

« ثنا ابن نمير، حدّثني أجلح الكندي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه بريدة قال: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - بعثين إلى اليمن ».

وهذا، وأحمد لم يخرّج في المسند إلّا عمّن ثبت عنده صدقه وديانته، كما قال أبو موسى المديني، فيما نقله عنه السبكي في ( طبقاته ) كما سمعت سابقاً فقال: « قال أبو موسى المديني: ولم يخرّج في المسند إلّا عمّن ثبت عنده صدقه وديانته دون من طعن في أمانته قال أبو موسى: ومن الدليل على إنّ ما أودعه الإِمام أحمد في مسنده قد احتاط فيه إسناداً ومتناً، ولم يورد فيه إلّا ما صحّ سنده: ما أخبرنا أبو علي الحدّاد قال: أنا أبو نعيم وأنا أبو الحسين وأنا ابن المذهب قالوا: أنا القطيعي، ثنا عبد الله قال: حدّثني أبي، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن أبي التيّاح قال: سمعت أبا زرعة يحدّث عن أبي هريرة عن النبيّ أنّه قال: يهلك امّتي هذا الحي من قريش. قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: لو أنَّ الناس اعتزلوهم.

قال عبد الله قال لي أبي في مرضه الذي مات فيه: إضرب على هذا الحديث، فإنّه خلاف الأحاديث عن النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم -. يعني قوله: إسمعوا وأطيعوا. وهذا - مع ثقة رجال إسناده، حين شذَّ لفظه عن الأحاديث المشاهير - أمر الضّرب عليه، فكان دليلاً على ما قلناه ».

١٣ - روى عنه النسائي وشرطه أشدّ من شرط الشيخين

وأيضاً، فقد أخرج عنه النسائي في صحيحه كما في ( تهذيب التهذيب ) و ( تقريب التهذيب ) وغيرهما، وكما عرفت من عبارة السّيوطي في ( اللّالي المصنوعة ). وللنسائي شرط في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم:

قال الذهبي: « قال ابن طاهر: سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل،

٢٨٦

فوثّقه، فقلت: قد ضعّفه النسائي! فقال: يا بنيّ، إنّ لأبي عبد الرحمن شرطاً في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم »(١). .

ونقله السّبكي في ( طبقاته ) والصفدي في ( وفياته ) بترجمة النسائي في ( فيض القدير ).

وذكر ذلك ابن حجر العسقلاني في ( النكت على علوم ابن الصّلاح ) في بيان أن النسائي لا يخرّج عمّن أجمعوا على تركه. قال: « فكم من رجلٍ أخرج له أبو داود والترمذي، وتجنّب النسائي إخراج حديث، بل قد تجنّب إخراج حديث جماعة من رجال الشيخين، حتى قال بعض الحفّاظ: إنّ شرطه في الرجال أقوى من شرطهما ».

ترجمة سعد الزّنجاني

وسعد بن علي الزنجاني - الذي نقلوا عنه ذلك - من كبار الحفّاظ ومشاهير المنقدين:

١ - السمعاني: « أبو القاسم سعد بن علي بن محمد الزنجاني، شيخ الحرم في عصره، كان جليل القدر، عالماً زاهداً، كان الناس يتبرّكون به حتى قال حاسده لأمير مكة: إنّ الناس يقبّلون يد الزنجاني أكثر ممّا يقبّلون الحجر الأسود توفي بمكة سنة ٤٧٠ »(٢). .

٢ - الذهبي: « الزنجاني، الإِمام الثبت الحافظ القدوة قال أبو سعد السمعاني: سمعت بعض مشايخنا يقول: كان جدّك أبو المظفر عزم أنْ يجاور بمكة في صحبة سعد الإِمام، فرأى ليلةً والدته كأنّها كشفت رأسها تقول: يا بني بحقّي عليك إلّا رجعت إلى مرو فإنّي لا اُطيق فراقك، فانتبهت مغموماً وقلت:

__________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٧٠٠ ترجمة النسائي.

(٢). الأنساب - الزنجاني ٦ / ٣٠٧.

٢٨٧

أشاور سعد بن علي، فأتيته ولم أقدر من الزّحام أنْ اُكلّمه، فلمـّا قام تبعته، فالتفت إليَّ وقال: يا أبا المظفّر العجوز تنتظرك. ودخل البيت. فعرفت أنّه تكلّم على ضميري، فرجعت تلك السنة.

وكان حافظاً متقناً ورعاً كثير العبادة، صاحب كرامات وآيات وإذا خرج إلى الحرم يخلو المطاف ويقبّلون يده أكثر ممّا يقبّلون الحجر الأسود.

ابن طاهر - ممّا سمعه السلفي منه -: سمعت الحبّال يقول: كان عندنا سعد بن علي ولم يكن على وجه الأرض مثله في عصره.

وسمعت أن محمد بن الفضل الحافظ يقول ذلك.

وقال محمد بن طاهر الحافظ: ما رأيت مثل الزنجاني »(١). .

١٤ - من أسامي أئمة الحديث الشّيعة

إنّ التشيّع في كبار أئمة الحديث كثير شائع، فلو كان التشيّع قادحاً لزم طرح أخبار جميعهم قال ابن قتيبة: « الشيعة: الحارث الأعور، وصعصعة ابن صوحان، والأصبغ بن نباتة، وعطيّة العوفي، وطاوس، والأعمش، وأبو إسحاق السّبيعي، وأبو صادق، وسلمة بن كهيل، والحكم بن عتيبة، وسالم بن أبي الجعد، وإبراهيم النخعي، وحبة بن جوين، وحبيب بن أبي ثابت، ومنصور بن المعتمر، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وفطر بن خليفة، والحسن بن صالح بن حيّ، وشريك، وأبو اسرائيل الملّائي، ومحمّد بن فضيل، ووكيع، وحميد الرواسي، وزيد بن الحباب، والفضيل بن دكين، والمسعودي الأصغر، وعبيد الله بن موسى، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الله بن داود، وهشيم، وسليمان التيمي، وعوف الأعرابي، وجعفر الضّبيعي، ويحيى

__________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٣ / ١١٧٤.

٢٨٨

ابن سعيد القطّان، وابن لهيعة، وهشام بن عمّار، والمغيرة صاحب إبراهيم. ومعروف بن خرّبوذ، وعبد الرزاق، ومعمر، وعلي بن الجعد »(١). .

فإذا كان إبراهيم بن النخعي، وسفيان الثوري، وشعبة، وشريك، ويحيى بن سعيد القطّان وأمثالهم شيعة فليكن الأجلح شيعياً مثلهم وليس التشيع بقادح وإلّا اتّسع الفتق على الرّاقع، وظهر فساد عظيم ليس له دافع.

١٥ - تصريح الذهبي بوجوب قبول رواية الشّيعي

هذا، وقد صرّح الذهبي بأن التشيع في التابعين وتابعيهم كثير، مع الدين والورع والصدق، وأنه لو ذهب حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبويّة، وهذا مفسدة بيّنة

قال ذلك بترجمة أبان بن تغلب الكوفي:

« أبان بن تغلب الكوفي. شيعي جلد لكنّه صدوق، فلنا صدقه وعليه بدعته. وقد وثّقه أحمد وابن معين وأبو حاتم واُورده ابن عدي وقال: كان غالياً. وقال [ السعدي ] الجوزجاني: زائغ مجاهر. فلقائل أن يقول: كيف ساغ توثيق مبتدع، وحدّ الثقة: العدالة والإتقان، فكيف يكون عدلاً من هو صاحب بدعة؟

وجوابه: إنّ البدعة على ضربين، فبدعة صغرى كغلّو التشيع، أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرّف، فهذا كثير في التّابعين وتابعيهم، مع الدين والورع والصّدق، فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبويّة، وهذا مفسدة بيّنة. ثم بدعة كبرى، كالرفض الكامل والغلوّ فيه، والحطّ على أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - والدعاء إلى ذلك. فهذا النوع لا يحتجّ به ولا كرامة

__________________

(١). المعارف: ٦٢٤.

٢٨٩

وأيضاً فما استحضر الآن رجلاً صادقاً ولا مأموناً، بل الكذب شعارهم والتقيّة والنفاق دثارهم»(١). .

وعليه، فلو كان في الاجلح تشيع، فإنّه لا يوجب طرح حديثه، وإلّا لذهب جملة من الآثار النبويّة، وهذا مفسدة بيّنة

١٦ - نسبة السيوطي ما قاله الذهبي إلى أئمة الحديث

والحافظ السّيوطي ينصّ على أنّ هذا الذي نقلناه عن الذهبي هو قول أئمة الحديث، وهذه عبارته في رسالته ( إلقام الحجر فيمن زكّى ساب أبي بكر وعمر ):

« قال أئمّة الحديث - وآخرهم الذهبي في ميزانه - البدعة على ضربين: صغرى كالتشيع، وهذا كثير في التابعين وتابعيهم، مع الدين والورع والصّدق، ولا يردّ حديثهم ».

وقد ذكر السيوطي هذا المطلب في ( تدريب الرّاوي ) أيضاً(٢). .

فالطعن في الأجلح بسبب التشيع - هذا الأمر الكثير وجوده في التابعين وتابعيهم، مع الدين والورع والصّدق، وليس بقادحٍ لدى أئمّة الحديث - غريب جدا!!

١٧ - جرح المخالف في الاعتقاد غير مقبول

وقال الحافظ ابن حجر: « فصل: وممّن ينبغي أن يتوقّف في قبول قوله في الجرح: من كان بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد،

__________________

(١). ميزان الاعتدال ١ / ٥.

(٢). تدريب الراوي - شرح تقريب النواوي ١ / ٣٢٦.

٢٩٠

فإن الحاذق إذا تأمّل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب، وذلك لشدّة انحرافه في النّصب، وشهرة أهلها بالتشيّع، فتراه لا يتوقّف في جرح من ذكره منهم بلسان ذلق وعبارة طلق، حتى أنّه أخذ يليّن مثل الأعمش وأبي نعيم وعبيد الله بن موسى، وأساطين الحديث وأركان الرواية، فهذا إذا عارضه مثله أو أكبر منه، فوثّق رجلاً ضعّفه، قبل التوثيق »(١). .

ففي هذه العبارة تصريح بعدم قبول القدح في مثل الأعمش بسبب التّشيع، فكذلك الأجلح، لا يلتفت إلى قدح من قدح فيه بسبب التشيع

١٨ - التشيع محبّة علي وتقديمه على الصحابة

وقال ابن حجر في معنى التشيع ما نصّه:

« التشيع محبة علي وتقديمه على الصّحابة، فمن قدّمه على أبي بكر وعمر فهو غال في التشيّع، ويطلق عليه رافضي وإلاّ فشيعي، فإن انضاف إلى ذلك السبب أو التصريح بالبغض فغال في الرفض، وإن اعتقد الرجعة إلى الدنيا فأشدّ في الغلوّ »(٢). .

فعلى هذا: إذا كان الأجلح شيعيّاً فهو ليس إلّا محبّاً لأمير المؤمنين ومقدّماً له على الصحابة سوى الشيخين، وهذا المعنى لا يوجب الجرح والقدح عند أهل السنّة أبداً، إلّا إذا اختاروا مذهب النواصب والخوارج

١٩ - المقبلي: التشيّع ما يسع منصفاً الخروج عنه

وقال صالح بن مهدي المقبلي في كتابه ( العلم الشامخ ): « والواجب على المتدين اطراح التحرّب، والتكلّم بما يعلم، نصيحةً لله ورسوله

__________________

(١). لسان الميزان ١ / ١٦.

(٢). مقدمة فتح الباري: ٤٦٠.

٢٩١

وللمسلمين، وتراهم سوّوا بين الثريّا والثرى، وقرنوا الطلقاء بالسّابقين الأوّلين. والعجب من المحدّثين تراهم يجرحون بمثل قول شريك القاضي وقد قيل عنده: معاوية حليم. فقال: ليس بحليم من سفّه الحق وحارب علياً. وبقوله - وقد قيل له: ألا تزور أخاك فلاناً؟ فقال: - ليس بأخٍ لي من أزرأ على علي وعمّار. فليت شعري كيف الجمع بالنقم بهذين الأمرين.

ثم لم ترهم يبالون بلعن علي فوق المنابر وبمعاداة من عاداهم، وتراهم يتكلّمون في وكيع وأضرابه من تلك الدرجة الرفيعة دينا وورعا، يقولون يتشيّع، وتشيّعه إنّما هو بمثل ما ذكرنا من شريك، فإن كان التشيّع إنّما هو ذلك القدر فلعمري ما يسع منصفا الخروج عنه.

وعلى الجملة، فالشيعة المفرطة غلوا قطعاً، وأراد المحدّثون - وسائر من سمّى نفسه بالسنيّة - ردّ بدعتهم، فابتدعوا في الجانب الآخر، ووضعوا ما رفع الله ورفعوا ما وضع »(١). .

وعليه، فالأجلح إذا كان شيعيّاً كان بمثل وكيع والأعمش، لا يقدح فيه التشيع، بل جرحه بهذا السبب يكون كجرح الأعمش ووكيع بدعة.

٢٠ - لو كان الأجلح شيعيّاً غليظاً لما رووا عنه

وقال الشيخ نور الحق ابن الشيخ عبد الحق(٢). في ( تيسير القاري بشرح صحيح البخاري ) في شرح حديث البخاري: « حدّثنا حجاج بن المنهال، حدّثنا شعبة قال: حدّثني عدي بن ثابت قال: سمعت البراء قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم - أو قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم -: الأنصار

__________________

(١). العلم الشّامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ: ٢٢.

(٢). هو: « الشيخ العالم الفقيه المفتي نور الحق بن محب الله بن نور الله بن المفتي نور الحقّ بن عبد الحق البخاري الدهلوي أحد العلماء المشهورين » نزهة الخواطر ٦ / ٣٨٩.

٢٩٢

لا يحبّهم إلّا مؤمن ولا يبغضهم إلّا منافق، فمن أحبّهم أحبّه الله ومن أبغضهم أبغضه الله »(١). .

قال: « قال القسطلاني: عدي بن ثابت ثقة، كان قاضي الشيعة وإمام مسجدهم في الكوفة، روى عنه شعبة وهو من أكابر أهل الحديث حتى لقّبوه بـ « أمير المؤمنين في الحديث ». ومن هنا يعلم أن مذهب الشّيعة واعتقاداتهم لم يكن في ذاك الزّمان على هذا الفساد والفضيحة كما عند متأخريهم، فقد قيل: أنه لم يكن عقيدتهم في ذلك الزمان بأكثر من أنْ يحبّوا علياً أمير المؤمنين أكثر من حبّهم لغيره من الأئمة، وأنّهم لم يكونوا يقولون بالأفضلية على الترتيب الذي يقول أهل السنّة، وإلّا فأيّ معنى لنصبهم السنّي الخالص قاضياً لهم وإماماً في مسجدهم. ولو قيل: لعلّ عدي بن ثابت أيضاً كان يرى هذا المذهب الغليظ، كان احتمالاً باطلاً وظنّاً فاسداً، فإنّ شعبة - الذي هو قدوة أهل السنّة وشيخ شيوخ البخاري، ويلقّبه المحدّثون بأمير المؤمنين - يروي حديث رسول الله عن الشيعي الغليظ؟ حاشا وكلّا! ».

ففي هذا الكلام تصريحٌ بأنّ الرواية عن الشيعي الغليظ لا تجوز. فالأجلح ليس بشيعيٍ غليظ وإلّا لما روى عنه أئمة السنة، غاية ما هنالك أن يكون حال الاجلح حال عدي بن ثابت بناء على ما ذكر، فكما أن شعبة روى عن عدي بن ثابت وأدخل البخاري حديثه في صحيحه، كذلك حديث الأجلح صحيح يجوز الاستدلال والاحتجاج به.

٢١ - كان النّسائي يتشيع

وممّا يدل على أن التشيع ليس بقادحٍ قولهم في ترجمة النسائي: « كان

__________________

(١). تيسير القاري بشرح صحيح البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب حبّ الأنصار من الايمان.

٢٩٣

يتشيّع »، مع أنّ النسائي من أكابر أئمتهم الثقات المعتمدين، كما هو معروف ولا يحتاج إلى بيان فممن قال بترجمته « كان يتشيّع » هو ابن خلّكان، وهذه عبارته: « خرج إلى دمشق ودخل، فسئل عن معاوية وما روي من فضائله، فقال: أما يرضى معاوية أن يخرج رأساً برأس حتى يفضّل! وفي روايةٍ اُخرى: ما أعرف له فضيلةً إلّا: لا أشبع الله بطنك.

وكان يتشيّع.

فما زالوا يدفعون في حضنه حتى أخرجوه من المسجد. وفي روايةٍ أخرى: يدفعون في خصيتيه وداسوه، ثم حمل إلى الرملة ومات بها »(١). .

وعلى الجملة، فلو كان التشيع قادحاً لما وثّقوا النسائي، ولا جعلوا كتابه أحد الصحاح الستّة، ولا وصفوه بتلك الأوصاف الجليلة

٢٢ - كان الحاكم شيعيّا ً

وكذلك الحاكم النيسابوري قال الذّهبي بترجمته: « قال ابن طاهر: سألت أبا إسماعيل الأنصاري عن الحاكم فقال: ثقة في الحديث، رافضي خبيث. ثم قال ابن طاهر: كان شديد التعصّب للشيعة في الباطن، وكان يظهر التسنّن في التقديم والخلافة، وكان منحرفاً عن معاوية وآله متظاهراً بذلك ولا يعتذر منه.

قلت: أمّا انحرافه عن خصوم علي فظاهر، وأمّا أمر الشيخين فمعظّم لهما بكل حال، فهو شيعي لا رافضي »(٢). .

فمن كلام الذهبي يعلم أنّ التشيّع غير الرفض، وأنّه ليس بقادحٍ في الوثاقة والعدالة، كما أن منه يظهر إمكان الجمع بين التشيع وتعظيم الشيخين،

__________________

(١). وفيات الأعيان ١ / ٧٧.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٣ / ١٠٤٥.

٢٩٤

فالقدح في الأجلح بأمرٍ يجتمع مع تعظيم الشيخين عجيب وغريب جدّاً. بل يظهر من عبارة ابن طاهر إمكان اجتماع الرفض مع الوثاقة، فكيف يكون مجرّد التشيّع جرحاً؟ وقد عرفت أن الأجلح لم يتهم بغير التشيّع!!

٢٣ - التشيع لا ينافي التسنّن

وقال ( الدهلوي ): « إعلم أنّ الشيّعة الاُولى هم الفرقة السنيّة التفضيليّة، وكانوا يلقّبون في السّابق بالشّيعة، فلمـّا لقّب الغلاة والروافض والإِسماعيلية أنفسهم بهذا اللقب، وكانوا مصدراً للقبائح والشرور الإِعتقاديّة والعمليّة نفت الفرقة السنيّة والتفضيلية هذا اللقب عن نفسها خوفاً عن التباس الحق بالباطل ولقّبوا بأهل السنّة والجماعة. فمن هنا يظهر أنّ ما قيل في الكتب التاريخية القديمة من: « فلان من الشّيعة » أو « من شيعة علي » والحال أنّه من رؤساء أهل السنّة والجماعة صحيح، وفي تاريخ الواقدي والإِستيعاب شيء كثير من هذا الجنس، فلينّتبه »(١). .

إذن، تشيّع الأجلح لا ينافي تسنّنه، ولا يكون سبباً للقدح والجرح والتّضعيف.

وقد تبع ( الدهلويَّ ) في هذه الدعوى تلميذه الرّشيد الدهلوي، وكذا المولوي حيدر علي الفيض آبادي في ( منتهى الكلام ).

٢٤ - استنكار الأجلح سبّ الشيخين

وقد ذكروا بترجمة الأجلح أنه كان يستنكر سبّ أبي بكر وعمر قال الذهبي:

__________________

(١). التحفة الاثنا عشرية: ١١.

٢٩٥

« أجلح بن عبد الله، أبو حجيّة الكندي عن الشّعبي وعكرمة. وعنه:

القطّان وابن نمير وخلق. وثّقه ابن معين وغيره. وضعّفه النسائي. وهو شيعي، مع أنّه روى عنه شريك أنّه قال: سمعنا أنّه ما سبّ أبا بكر وعمر أحد إلاّ افتقر أو قتل. مات سنة ١٤٥ »(١). .

وقال ابن حجر: « وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة. ويروي عنه الكوفيّون وغيرهم. ولم أر له حديثاً منكراً مجاوزاً للحدّ لا إسناداً ولا متناً، إلّا أنّه يعدّ في شيعة الكوفة، وهو عندي مستقيم الحديث صدوق. وقال شريك عن الأجلح: سمعنا أنّه ما يسب أبا بكر وعمر أحد إلّا مات قتيلاً أو فقيراً »(٢). .

ومن هنا يظهر أنّ الأجلح سنّي غالٍ في الشيخين، فكيف يردّ حديث هكذا شخص؟ وكيف يرمى بالتشيّع ويقدح فيه؟

٢٥ - في الصحابة رافضة غلاة كأبي الطفيل

وقال ابن قتيبة: « أسماء الغالية من الرافضة: أبو الطّفيل صاحب راية المختار، وكان آخر من رأى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - موتاً، والمختار، وأبو عبد الله الجدلي، وزرارة بن أعين، وجابر الجعفي »(٣). .

فلو فرضنا كون الأجلح رافضياً غالياً، فإنّ حاله يكون حال أبي الطّفيل الصّحابي(٤). . أحد مصاديق الآيات والأحاديث الكثيرة - الواردة عند أهل السنّة - في حق الصّحابة.

__________________

(١). الكاشف ١ / ٥٣.

(٢). تهذيب التهذيب ١ / ١٦٦.

(٣). المعارف: ٦٢٤.

(٤). لاحظ ترجمته في: اُسد الغابة ٣ / ٤١ و ٥ / ١٧٩، الإصابة ٧ / ١١٠ وغيرهما من الكتب المؤلّفة في أسماء الصحابة وتراجمهم.

٢٩٦

٢٦ - قولهم بقبول رواية المبتدع

وذهب كثير علماء أهل السنّة السّلف والخلف منهم إلى قبول رواية المبتدع كما نصَّ عليه المحقّقون فلو فرض كون الأجلح رافضيّاً وعدّ من المبتدعة فخبره مقبول وروايته معتمدة وإليك بعض النصوص الصّريحة فيما ذكرناه:

قال ابن الصّلاح: « إختلفوا في قبول رواية المبتدع الذي لا يكفَّر ببدعته:

فمنهم: من ردَّ روايتهم مطلقاً، لأنّه فاسق ببدعته، وكما استوى في الكفر المتأوّل وغير المتأوّل يستوي في الفسق المتأول وغير المتأول.

ومنهم: من قبل رواية المبتدع إذا لم يكن ممّن يستحل الكذب في نصرة مذهبه، سواء كان داعيةً إلى بدعته أو لم يكن، وعزا بعضهم هذا إلى الشافعي لقوله: أقبل شهادة أهل الأهواء إلّا الخطّابية من الرّافضة لأنهم يرون الشهادة بالزّور لموافقيهم.

وقال قوم: يقبل روايته إذا لم يكن داعية ولا تقبل إذا كان داعية إلى بدعة. وهذا مذهب الكثير أو الأكثر من العلماء. وحكى بعض أصحاب الشافعي -رضي‌الله‌عنه - خلافاً بين أصحابه في قبول رواية المبتدع إذا لم يدع إلى بدعة، وقال: أما إذا كان داعيةً فلا خلاف بينهم في عدم قبول روايته. وقال أبو حاتم ابن حِبان البستي أحد المصنّفين من أئمّة الحديث: الداعية إلى البدع لا يجوز الاحتجاج به عند أئمّتنا قاطبة، لا أعلم بينهم فيه خلافاً.

وهذا المذهب الثالث أعدلها وأولاها، والأول بعيد مباعد للشائع من أئمة الحديث، فإنّ كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة، وفي الصحيحين

٢٩٧

كثير من أحاديثهم في الشّواهد والأصول، والله أعلم »(١). .

وقال النووي بعد إيراد الأقوال المذكورة: « في الصحيحين وغيرهما من كتب أئمة الحديث الإِحتجاج بكثيرٍ من المبتدعين غير الدّعاة، ولم يزل السّلف والخلف على قبول الرواية منهم والإحتجاج بها، والسماع منهم وإسماعهم، من غير إنكار منهم. والله أعلم »(٢). .

وقال الزين العراقي: « والقول الثالث: أنه إنْ كان داعيةً إلى بدعته لم يقبل، وإن لم يكن داعية قبل، وإليه ذهب أحمد كما قاله الخطيب. قال ابن الصلاح: وهذا مذهب الكثير أو الأكثر وهو أعدلها وأولاها وفي الصحيحين كثير من أحاديث المبتدعة غير الدّعاة احتجاجاً واستشهاداً، كعمران بن حطّان وداود بن الحصين وغيرهما. وفي تاريخ نيسابور للحاكم في ترجمة محمد بن يعقوب الأصم: إن كتاب مسلم ملآن من الشّيعة »(٣) .

ومثل هذه كلمات غيرهم

٢٧ - من أسماء المبتدعة في الصحيحين

وقال السّيوطي: « فائدة - أردت أنْ أسرد أسماء من رمي ببدعةٍ ممّن أخرج لهم البخاري ومسلم أو أحدهما » فذكر أسماء طائفةٍ ممّن رمي بالإِرجاء وهو تأخير القول في الحكم على مرتكب الكبائر بالنار. وممّن رمي بالنصب وهو بغض علي وتقديم غيره عليه. وممّن رمي بالتشيع وهو تقديم علي على الصّحابة. وممّن رمي بالقدر وهو زعم أنّ الشر من خلق العبد. وممّن رمي برأي ابن أبي جهم وهو نفي صفات الله والقول بخلق القرآن. والأباضية وهم

__________________

(١). علوم الحديث: ٢٣٠.

(٢). المنهاج في شرح صحيح مسلم ١ / ٦١.

(٣). شرح ألفية الحديث ١ / ٣٠٣.

٢٩٨

الخوارج، وممّن رمي بالوقف في مسألة خلق القرآن. ومن الذين يرون الخروج على الأئمّة ولا يباشرون ذلك. قال: « فهؤلاء المبتدعة ممّن أخرج لهم الشيخان أو أحدهما »(١) .

فإذا كان رواية كلّ هؤلاء مقبولة فرواية الأجلح كذلك!

٢٨ - قبول بعضهم رواية المبتدع الداعي

بل نصَّ جماعة منهم على قبول رواية المبتدع الداعي، وقد دافع ابن الوزير في ( الروض الباسم ) عن هذا القول، وهو ظاهر كلام الشّافعي المتقدم نقله، فإنّه لم يفرّق بين الداعية وغيره، بل نصّوا على إخراج الشيخين عن بعض الدعاة، فاحتجّ البخاري بعمران بن حطّان وهو من الدّعاة، واحتّجا بعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني، وكان داعياً إلى الإِرجاء! بل عن أبي داود: ليس في أهل الأهواء أصح حديثاً من الخوارج!(٢)

قوله:

وقد ضعّفه الجمهور

أقول

هذا كذب وزور، فإنّه لم يضعّفه إلّا شرذمة من المتعصّبين، ونحن ننقل كلمة كلّ واحدٍ منهم عن ( تهذيب التهذيب )(٣) وننظر فيها:

__________________

(١). تدريب الرّاوي ١ / ٣٢٨ - ٣٢٩.

(٢). تدريب الرّاوي ١ / ٣٢٦.

(٣). تهذيب التهذيب - ترجمة الأجلح ١ / ١٦٥.

٢٩٩

النظر في كلمات القادحين في الأجلح

* ففيه: « قال القطّان: في نفسي منه شيء. وقال أيضاً: ما كان يفصل بين الحسين بن علي وعلي بن الحسين. يعني: إنّه ما كان بالحافظ ».

أقول: إنّ القطّان هو يحيى بن سعيد، وقد نصّ ابن حجر في ( تهذيب التهذيب ) على روايته عن الأجلح فيمن روى عنه، وفي ( شفاء الأسقام للسّبكي ) عن ابن تيمية: إنّ القطّان لا يروي إلّا عن ثقة فيكون قوله: « في نفسي منه شيء » مردوداً بروايته هو عنه!

على أنّ القطّان قد تفوّه بكل وقاحة وصلافة بهذه الكلمة بحق الإِمام أبي عبد الله الصّادقعليه‌السلام ! فمن بلغ في سوء الأدب وظلمة القلب هذا الحدّ كيف يعتني بتقوّله في حق الأجلح؟!

وأمّا أنّه « ما كان يفصل » فهذا - إنْ كان - ليس بقادح، لأنّ أهل السنّة غير قائلين بوجوب معرفة الأئمّةعليهم‌السلام ، بل إنّ عدم فصله بين الإِمام الحسين والإِمام السّجاد -عليهما‌السلام - وجهله بهما يدل على عدم اعتنائه بأئمّة أهل البيت، فلا يكون متّهماً في روايته منقبةً من مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وأمّا دلالته على « أنّه ما كان بالحافظ » فيردّه تصريح الأئمة بأنّ الخطأ في بعض المواضع لا يوجب السّقوط عن الإِعتبار، ولا يدل على عدم الحفظ، قال الذهبي: « ليس من شرط الثقة أن لا يخطي ولا يغلط ولا يسهو »(١). .

وقال بجواب العقيلي:

« وأنا أشتهي أنْ تعرّفني مَن هو الثقة الثبت الذي ما غلط ولا انفرد بما لا يتابع عليه؟ بل الثقة الحافظ إذا انفرد بأحاديث كان أرفع له وأكمل لرتبته وأدلّ على

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٣٣ ترجمة أبي بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني.

٣٠٠

٣٠١

الباب الثالث: أهل البيتعليهم‌السلام

و فيه فصول:

الفصل الأول: وجود الحجة...ضرورة.

الفصل الثاني: أهل البيت في القرآن.

الفصل الثالث: خصائص أهل البيت.

الفصل الرابع: علم أهل البيت.

الفصل الخامس: عصمة أهل البيت.

الفصل السادس: معرفة أهل البيت.

الفصل السابع: موّدة أهل البيت.

الفصل الثامن: اتّباع أهل البيت.

خاتمة: الصّلوات على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله و آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣٠٢

٣٠٣

الفصل الأول

وجود الحجّة... ضرورة

١- لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة.

٢- اللهم إنه لا بد لك من حجج في أرضك.

٣- كيلا تبطل حججك و لا يضل أولياؤك.

٣٠٤

١- لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في وصيته لكميل بن زياد:

«...اللهم بلى!لا تخلو الارض من قائم لله بحجة،إما ظاهرا مشهورا،و إما خائفا مغمورا(١) ،لئلا تبطل حجج الله و بيناته،و كم ذا و أين أولئك؟أولئك- و الله- الاقلون عددا،و الأعظمون عند الله قدرا.يحفظ الله بهم حججه و بيناته،حتى يودعوها نظراءهم،و يزرعوها في قلوب أشباههم.

هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة،و باشروا روح اليقين،و استلانوا(٢) ما استعوره(٣) المترفون،و أنسوا بما استوحش منه الجاهلون،و صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى.أولئك خلفاء الله في أرضه،و الدعاة إلى دينه.آه آه شوقا إلى رؤيتهم!انصرف يا كميل إذا شئت».

*نهج البلاغة(صبحي الصالح)الحكمة ١٤٧ ص ٤٩٧،الغارات للثقفي ص ٩١،تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٢٠٦،العقد الفريد ج ٢ ص ٢١٣،الخصال للصدوق باب الثلاثة الرقم ٢٥٧ ص ١٨١،كمال الدين للصدوق الباب ٢٦ الرقم ٢ ص ٢٩٢،علل الشرائع للصدوق ج ١ الباب ١٥٣ الرقم ٢ ص ٢٣٠،الأمالي للمفيد المجلس ٢٩ الحديث ٣،الارشاد للمفيد ج ١ ص ٢٢٨،خصائص الأئمة للرضى ص ١٠٦،تحف العقول ص ١٧٠،الغيبة للنعماني الباب ٨ الرقم ١ ص ١٣٦،الأمالي للطوسي المجلس الأول الحديث ٢٣ ص ٢١،كشف اليقين ص ١٨٥،بحار الانوار ج ٢٣ ص ٢٠ الرقم .١٧

____________________

(١)مغمورا:غمره الظلم حتى غطاه فهو لا يظهر.

(٢)استلانوا:عدوا الشي‏ء لينا.

(٣)استعوره:عده و عرا خشنا.

٣٠٥

٢- اللهم إنه لابد لك من حجج في أرضك

ان أمير المؤمنينعليه‌السلام تكلم بهذا الكلام و حفظ عنه و خطب به على منبر الكوفة :

«اللهم إنه لا بد لك من حجج في أرضك،حجة بعد حجة على خلقك،يهدونهم إلى دينك،و يعلمونهم علمك كيلا يتفرق أتباع أوليائك،ظاهر غير مطاع،أو مكتتم يترقب،إن غاب عن الناس شخصهم في حال هدنتهم فلم يغب عنهم قديم مبثوث علمهم،و آدابهم في قلوب المؤمنين مثبتة،فهم بها عاملون».

و يقولعليه‌السلام في هذه الخطبة في موضع آخر:

«فيمن هذا؟و لهذا يأرز العلم إذا لم يوجد له حملة يحفظونه و يروونه،كما سمعوه من العلماء و يصدقون عليهم فيه،اللهم فإني لأعلم أن العلم لا يأرز كله و لا ينقطع مواده،و إنك لا تخلي أرضك من حجة لك على خلقك،ظاهر ليس بالمطاع،أو خائف مغمور كيلا تبطل حجتك و لا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم،بل أين هم؟و كم هم؟أولئك الأقلون عددا،الأعظمون عند الله قدرا».

*الاصول من الكافي ج ١ ص ٣٣٩ الرقم ١٣،كمال الدين للصدوق الباب ٢٦ الرقم ١١ ص ٣٠٢،الغيبة للنعماني الباب ٨ الرقم ٢ ص ١٣٦،بحار الانوار ج ٢٣ ص ٤٩ الرقم .٩٤

٣٠٦

٣- كيلا تبطل حججك و لا يضل أولياؤك.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبة له:

«اللهم و إني لأعلم أن العلم لا يأرز كله،و لا ينقطع مواده،و إنك لا تخلي أرضك من حجة لك على خلقك،ظاهر ليس بالمطاع أو خائف مغمور،كيلا تبطل حججك و لا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم،بل أين هم؟و كم؟أولئك الأقلون عددا،و الأعظمون عند الله جل ذكره قدرا،المتبعون لقادة الدين،الأئمة الهادين،الذين يتأدبون بآدابهم،و ينهجون نهجهم،فعند ذلك يهجم بهم العلم على حقيقة الإيمان،فتستجيب أرواحهم لقادة العلم،و يستلينون من حديثهم ما استوعر على غيرهم،و يأنسون بما استوحش منه المكذبون،و أباه المسرفون،أولئك أتباع العلماء،صحبوا أهل الدنيا بطاعة الله تبارك و تعالى و أوليائه و ذانوا بالتقية عن دينهم و الخوف من عدوهم.فأرواحهم معلقة بالمحل الأعلى،فعلماؤهم و أتباعهم خرس صمت(١) في دولة الباطل،منتظرون لدولة الحق،و سيحق الله الحق بكلماته و يمحق الباطل،ها،ها،طوبى لهم على صبرهم على دينهم في حال هدنتهم،و يا شوقاه إلى رؤيتهم في حال ظهور دولتهم و سيجمعنا الله و إياهم في جنات عدن و من صلح من آبائهم و أزواجهم و ذرياتهم».

*الاصول من الكافي ج ١ ص ٣٣٥ الرقم ٣ و ص ١٧٨ الرقم ٧،كمال الدين للصدوق الباب ٢٦ الرقم ١٠ ص ٣٠٢،كنز الفوائد للكراجكي ج ١ ص .٣٧٤

الفصل الثاني: أهل البيتعليهم‌السلام في القرآن

و فيه أربعون آية:

____________________

(١)أي:لا يقدرون على التكلم بالحق و اعلاء كلمته في دولة الباطل.

٣٠٧

١-( وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَکَ ) .

من كتاب أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى معاوية:

«...قال الله لإبراهيم(١) و إسماعيل و هما يرفعان القواعد من البيت:( رَبَّنَا وَ اجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَکَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَکَ ) (٢) فنحن الامة المسلمة،و قالا:( رَبَّنَا وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِکَ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْکِتَابَ وَ الْحِکْمَةَ وَ يُزَکِّيهِمْ ) (٣) فنحن أهل هذه الدعوة،و رسول الله منا و نحن منه،بعضنا من بعض،و بعضنا أولى ببعض في الولاية و الميراث،( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ‌ ) (٤) و علينا نزل الكتاب،و فينا بعث الرسول،و علينا تليت الآيات،و نحن المنتحلون للكتاب و الشهداء عليه و الدعاة إليه و القوام به( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُون ) (٥) .

*الغارات للثقفي ص ١١٩- ١٢٠،بحار الانوار ج ٣٣ ص .١٣٣

____________________

(١)اللام في قوله«لابراهيم»بمعنى عن،أي قال الله تعالى حاكيا عن ابراهيم.

(٢)البقرة: .١٢٨

(٣)البقرة: .١٢٩

(٤)آل عمران: .٣٤

(٥)المرسلات: .٥٠

٣٠٨

٢-( لِتَکُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ) .

عن سليم بن قيس عن عليعليه‌السلام قال:

«إن الله إيانا عنى بقوله تعالى:( لِتَکُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ) (١) فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شاهد علينا،و نحن شهداء الله على الناس و حجته في أرضه،و نحن الذين قال الله جل اسمه فيهم:( وَ کَذٰلِکَ جَعَلْنَاکُمْ أُمَّةً وَسَطاً ) (٢) ».

*شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج ١ ص ١١٩ الرقم ١٢٩،تفسير مجمع البيان ج ١ ص ٤١٦،مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج ٣ ص ٨٧،بحار الانوار ج ٢٢ ص ٤٤١،و ج ٢٣ ص ٣٣٤،و ج ٣٥ ص ٣٨٩ الرقم .٨

____________________

(١)البقرة: .١٤٣

(٢)البقرة: .١٤٣

٣٠٩

٣-( وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ) .

قال اصبغ بن نباتة:كنت جالسا عند أمير المؤمنينعليه‌السلام فجاءه ابن الكوا فقال:يا أمير المؤمنين،من البيوت في قول الله عز و جل:( وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَ لٰکِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ) (١) ؟قال عليعليه‌السلام :

«نحن البيوت التي أمر الله بها أن تؤتى من أبوابها،نحن باب الله و بيوته التي يؤتى منه،فمن بايعنا و أقر بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها،و من خالفنا و فضل علينا غيرنا فقد أتى البيوت من ظهورها».

و من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام من خطبته التي يذكر فيها فضائل أهل البيت:

«...نحن الشعار(٢) و الأصحاب،و الخزنة و الأبواب،و لا تؤتى البيوت إلا من أبوابها،فمن أتاها من غير أبوابها سمي سارقا».

*الاحتجاج للطبرسي ج ١ ص ٥٤٠ الرقم ١٢٩،نهج البلاغة(صبحي الصالح)الخطبة ١٥٤ ص ٢١٥،تفسير فرات الكوفي ص ١٤٢ الرقم ١٧٤،دعائم الاسلام للقاضي أبي حنيفة النعمان ج ٢ ص ٣٥٣،تأويل الآيات الظاهرة ص ٩١،تفسير البرهان ج ١ ص ١٩٠،تفسير نور الثقلين ج ١ ص ١٧٧ الرقم ٦٢٠،بحار الانوار ج ٢٣ ص ٣٢٨ الرقم ٩،و ج ٢٤ ص ٢٤٨ الرقم .٢

____________________

(١)البقرة: .١٨٩

(٢)الشعار:ما يلي البدن من الثياب،و المراد بطانة النبي الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣١٠

٤-( وَ مَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) .

من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام :

«...و سلوني عن القرآن،فإن في القرآن بيان كل شي‏ء،فيه علم الأولين و الاخرين،و إن القرآن لم يدع لقائل مقالا،( وَ مَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (١) ،ليس بواحد،رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منهم علمه الله إياه،فعلمنيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم لا تزال في عقبنا إلى يوم القيامة».

ثم قرأ أمير المؤمنينعليه‌السلام :

«( بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَکَ آلُ مُوسَى وَ آلُ هَارُونَ ) (٢) و أنا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمنزلة هارون من موسى،و العلم في عقبنا إلى أن تقوم الساعة».

*تفسير فرات الكوفي ص ٦٨ الرقم ٣٨،كتاب سليم بن قيس الحديث ٧٨ ص ٩٤٢،مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج ١ ص ٢٨٥،تفسير البرهان ج ٤ ص ١٣٩ الرقم ٥،مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج ١ ص .٢٨٥

تفسير البرهان ج ٤ ص ١٤٩ الرقم ٥،بحار الانوار ج ٢٣ ص ١٨٤ الرقم ٤٩،ج ٢٤ ص ١٧٩ الرقم .١١

____________________

(١)آل عمران: .٧

(٢)البقرة: .٢٤٨

٣١١

٥-( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى عَلَى الْعَالَمِينَ‌) .

من كتاب أمير المؤمنينعليه‌السلام أجاب به معاوية:

«...و أنكرت إمامتي و ملكي فهل تجد في كتاب الله قوله لآل إبراهيم:( و اصطفاهم عَلَى الْعَالَمِينَ‌ ) (١) ،فهو فضلنا على العالمين،أو تزعم أنك لست من العالمين؟أو تزعم أنا لسنا من آل إبراهيم؟فإن أنكرت ذلك فقد أنكرت محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله فهو منا و نحن منه،فإن استطعت أن تفرق بيننا و بين إبراهيم صلوات الله عليه و إسماعيل و محمد و آله في كتاب الله فافعل».

*الغارات للثقفي ص ١٢٣،بحار الانوار ج ٢٣ ص .١٤٠

____________________

(١)إشارة إلى قوله تعالى:( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْرَاهِيمَ وَ آلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ) آل عمران: .٣٣

٣١٢

٦-( اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ) .

قال عبد خير:سألت علي بن أبي طالبعليه‌السلام عن قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ) (١) قال:

«و الله ما عمل بهذا غير أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نحن ذكرنا الله فلا ننساه،و نحن شكرناه فلا نكفره،و نحن أطعناه فلا نعصيه،فلما أنزلت هذه الآية قالت الصحابة:لا نطيق ذلك،فأنزل الله:( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) (٢) .

*مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ١٧٧،بحار الانوار ج ٣٨ ص ٦٣ الرقم .١

____________________

(١)آل عمران: .١٠٢

(٢)التغابن: .١٦

٣١٣

٧-( فَکَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ کُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ ) .

من كتاب أمير المؤمنينعليه‌السلام كتبه إلى بعض أكابر أصحابه:

«...فالأوصياء قوام عليكم بين الجنة و النار،لا يدخل الجنة إلا من عرفهم و عرفوه،و لا يدخل النار إلا من أنكروه،لأنهم عرفاء العباد،عرفهم الله إياهم عند أخذ المواثيق عليهم بالطاعة لهم،كذا فوصفهم في كتابه فقال جل و عز:( وَ عَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ کُلاًّ بِسِيمَاهُمْ ) (١) و هم الشهداء على الناس و النبيون شهداء لهم بأخذه لهم مواثيق العباد بالطاعة،و ذلك قوله :( فَکَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ کُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنَا بِکَ عَلَى هٰؤُلاَءِ شَهِيداً ، يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ کَفَرُوا وَ عَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَ لاَ يَکْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً ) (٢) ».

*كشف المحجة لثمرة المهجة للسيد ابن طاووس الفصل ١٥٦ ص ٢٧٣،بصائر الدرجات الباب ١٦ الرقم ٩ ص ٥١٨،معادن الحكمة لعلم الهدى ج ١ ص ٥٦،بحار الانوار ج ٦ ص ٢٣٣ الرقم ٤٦،ج ٣٠ ص .٧

____________________

(١)الاعراف: .٤٦

(٢)النساء: .٤٢

٣١٤

٨-( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) .

من كتاب أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى معاوية:

«...و قال عز و جل:( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْکِتَابَ وَ الْحِکْمَةَ وَ آتَيْنَاهُمْ مُلْکاً عَظِيماً ) (١) و قال للناس بعدهم:( فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ ) (٢) فتبوأ مقعدك من جهنم( وَ کَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً ) (٣) نحن آل إبراهيم المحسودون و أنت الحاسد لنا...- الى أن كتبعليه‌السلام :- الا و نحن أهل البيت آل إبراهيم المحسودون،حسدنا كما حسد آباؤنا من قبلنا سنة و مثلا...».

*الغارات للثقفي ص ١١٧- ١١٨،بحار الأنوار ج ٣٣ ص .١٣٣

____________________

(١)النساء: .٥٤

(٢)النساء: .٥٥

(٣)النساء: .٥٥

٣١٥

٩-( فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْکِتَابَ وَ الْحِکْمَةَ ) .

من كتاب أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى معاوية:

«...قال الله:و آل إبراهيم و آل لوط و آل عمران،و آل يعقوب و آل موسى و آل هارون و آل داود(١) .

فنحن آل نبينا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ألم تعلم يا معاوية:( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هٰذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا ) (٢) و نحن اولوا الأرحام،قال الله تعالى:( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَ أُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي کِتَابِ اللَّهِ ) (٣) .

نحن أهل البيت إختارنا الله و اصطفانا و جعل النبوة فينا و الكتاب لنا و الحكمة و العلم و الإيمان و بيت الله و مسكن إسماعيل و مقام إبراهيم،فالملك لنا و يلك يا معاوية،و نحن أولى بإبراهيم و نحن آله،و آل عمران و أولى بعمران،و آل لوط و نحن أولى بلوط،و آل يعقوب و نحن أولى بيعقوب و آل موسى و آل هارون و آل داود و أولى بهم،و آل محمد و أولى به،و نحن أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا...».

*الغارات للثقفي ص ١١٨- ١١٩،بحار الانوار ج ٣٣ ص .١٣٣

____________________

(١)اشارة الى الآيات:النساء:٥٤،الحجر:٥٩،آل عمران:٣٣،يوسف:٦،البقرة:٢٤٨،سبأ: .١٣

(٢)آل عمران: .٦٨

(٣)الاحزاب: .٦

٣١٦

١٠-( وَ آتَيْنَاهُمْ مُلْکاً عَظِيماً ) .

من كتاب أمير المؤمنينعليه‌السلام أجاب به معاوية:

«...و الذي أنكرت من قول الله عز و جل:( فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْکِتَابَ وَ الْحِکْمَةَ وَ آتَيْنَاهُمْ مُلْکاً عَظِيماً ) (١) فأنكرت أن يكون فينا فقد قال الله:( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَ أُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي کِتَابِ اللَّهِ ) (٢) و نحن أولى به...».

*الغارات للثقفي ص ١٢٢،بحار الانوار ج ٣٣ ص .١٣٩

____________________

(١)النساء: .٥٤

(٢)الاحزاب: .٦

٣١٧

١١-( أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْکُمْ ) .

من كتاب أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى معاوية:

«...و كانت جملة تبليغه رسالة ربه فيما أمره و شرع و فرض و قسم جملة(١) الدين بقول الله:( أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْکُمْ ) (٢) هي لنا أهل البيت،ليست لكم،ثم نهى عن المنازعة و الفرقة و أمر بالتسليم و الجماعة،كنتم أنتم القوم الذين أقررتم لله و لرسوله بذلك،فأخبركم الله أن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يك( أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِکُمْ وَ لٰکِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) (٣) و قال عز و جل:( أَ فَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِکُمْ ) }(٤) فأنت و شركاؤك يا معاوية القوم الذين انقلبوا على أعقابهم،و ارتدوا و نقضوا الأمر و العهد فيما عاهدوا الله و نكثوا البيعة،و لم يضروا الله شيئا.

ألم تعلم يا معاوية أن الأئمة منا ليست منكم،و قد أخبركم الله أن اولي الأمر المستنبطوا العلم،و أخبركم أن الأمر كله الذي تختلفون فيه يرد إلى الله و إلى الرسول و إلى أولي الأمر المستنبطي العلم،فمن أوفى بما عاهد الله عليه يجد الله موفيا بعهده يقول الله :( أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِکُمْ وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ‌ ) (٥) ...».

*الغارات للثقفي ص ١١٦- ١١٧،بحار الانوار ج ٣٣ ص .١٣٣

____________________

(١)قال العلامة المجلسي:قولهعليه‌السلام :«جمله الدين»كان يحتمل الجيم و الحاء المهملة،فعلى الأول لعله بدل أو عطف بيان أو تأكيد لقوله«جملة تبليغه»و قوله«يقول الله»بتأويل المصدر خبر و يمكن أن يقرأ:«بقول الله»بالباء الموحدة.و على الثاني«جملة الدين»خبر.

(٢)النساء: .٥٩

(٣)الاحزاب: .٤٠

(٤)آل عمران: .١٤٤

(٥)البقرة: .٤٠

٣١٨

١٢-( وَ نَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ) .

قال عليعليه‌السلام :

«فينا و الله نزلت:( وَ نَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ) (١) ».

*شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج ١ ص ٢٦٦ الرقم ٢٦٠- ٢٥٩ ص ٤١٨ الرقم .٤٤٤

____________________

(١)الاعراف: .٤٣

٣١٩

١٣-( وَ عَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ ) .

قال الصادقعليه‌السلام :جاء ابن الكواء إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال:يا أمير المؤمنين( وَ عَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ کُلاًّ بِسِيمَاهُمْ ) (١) ؟فقالعليه‌السلام :

«نحن على الأعراف،نعرف أنصارنا بسيماهم،و نحن الأعراف الذي الذي لا يعرف الله عز و جل إلا بسبيل معرفتنا،و نحن الأعراف يعرفنا الله عز و جل يوم القيامة على الصراط،فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا و عرفناه،و لا يدخل النار إلا من أنكرنا و أنكرناه.

إن الله تبارك و تعالى لو شاء لعرف العباد نفسه،و لكن جعلنا أبوابه و صراطه و سبيله و الوجه الذي يؤتى منه،فمن عدل عن ولايتنا أو فضل علينا غيرنا،فإنهم عن الصراط لناكبون،فلا سواء من اعتصم الناس به(٢) و لا سواء حيث ذهب الناس الى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض،و ذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربها،لا نفاد لها و لا انقطاع».

*الكافي ج ١ ص ١٨٤ الرقم ٩،بصائر الدرجات الباب ١٦ الحديث ٨ ص ٥١٧،تفسير فرات الكوفي ص ١٤٣ الرقم ١٧٤،شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج ١ ص ٢٦٣ الرقم ٢٥٦،الاحتجاج للطبرسي ج ١ ص ٥٤٠،تفسير مجمع البيان ج ٤ ص ٦٥٣،كشف المحجة للسيد ابن طاووس الفصل ١٥٦ ص ٢٧٣،بحار الانوار ج ٦ ص ٢٣٣ الرقم ٤٦،و ج ٨ ص ٣٣٢،و ص ٣٣٨ الرقم ١٤ و ١٥ و ٢٠،و ج ٢٤ ص ٢٤٨ الرقم ٢،و ص ٢٥٣ الرقم ١٤ و ١٦،و ج ٤٢ ص ١٧ الرقم .٢

____________________

(١)الاعراف: .٤٦

(٢)يعني:ليس كل من اعتصم الناس به سواء في الهداية و لا سواء فيما يسقيهم بل بعضهم يهديهم إلى الحق و الى طريق مستقيم و يسقيهم من عيون صافية و بعضهم يذهب بهم الى الباطل و الى طريق ضلالا و يسقيهم من عيون كدرة.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491