إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج14%

إيضاح مناسك الحج مؤلف:
المحقق: الشيخ أحمد الماحوزي
تصنيف: علم الفقه
الصفحات: 415

إيضاح مناسك الحج
  • البداية
  • السابق
  • 415 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 111882 / تحميل: 9959
الحجم الحجم الحجم
إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

رواية موضوعة في العهد العباسي لتشويه العمل العظيم الذي قام به الحسنعليه‌السلام نكاية بالحسنيين الثائرين من ولدهعليه‌السلام على العباسيين وقد بحثناها في كتابنا هذا ، وفي تقديرنا ان قول معاوية ان صحت الرواية قد قاله بعد وفاة الحسنعليه‌السلام وبعد تعقُّبِه شيعةَ عليعليه‌السلام سجنا ونفيا وقتلا.(1)

الثانية : انطلقت الرؤية المشهورة من فكرة مفادها : انَّ الموقف المطلوب أساسا هو الحرب ، ولمَّا لم يكن للحسنعليه‌السلام / كما تصور لنا الروايات الموضوعة / جيش كفوء يعتمد عليه لإيقاف خصمه المتستِّر بالإسلام اضطُرَّ إلى الصلح لفضحه ، ثم جعلت الرؤية السائدة الاستفادة من درس صلح الحديبية هو تأسي الحسنعليه‌السلام بجده النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حين أنكر عليه بعض الخاصة من أصحابه أَمر الصلح ، كما أنكر على الحسن صلح «ساباط» بعض الخاصة من أوليائه.

وفي تقديرنا ان الاستفادة كانت أَعمق من ذلك : إذ أَنَّ الموقف الذي أَسَّسه صلح الحديبية هو إِفهام الناس أَنَّ الحرب ليست هي القاعدة العامة لحل المشكلات والأزمات ، بل قد يكون الموقف المطلوب الذي يفتح الطريق للهداية أو لحل الأزمة المستعصية هو الصلح والتنازل المحدود المشروط. وقد استهدف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في صلح الحديبية هذا الموقف لتحقيق الأمان في الجزيرة العربية المقرون بفضح إعلام قريش التي كانت تدَّعي انها تعمل على احترام البيت الحرام وزوّاره وان محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله كان لا يحترم البيت الحرام وما يرتبط به من قوافل أهله التجارية فقد تعرض لها في الطريق وأخافها ، وقد كانت العرب في ال جاهلية تحترمها وتحرسها احتراما للبيت الحرام ، مضافا إلى هذه المكسب فقد انطلقت الاخبار الصحيحة عن سيرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تشق طريقها إلى الناس الذين اكتشفوا انهم كانوا مخدوعين بالإعلام القرشي الكاذب. ومن هنا رأينا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يخرج في تظاهرة كبيرة هو وأصحابه مُحرِمين يسوقون الهديَ لزيارة البيت وعرض

__________________

(1) ولنا ان نقول أيضا وهو الأصوب ان معاوية لم يكن ليعلن ذلك في أول ملكه ولما يحل بعد المشكلات الأمنية الداخلية من الخوارج والخارجية من الروم ، ومعاوية قدير على ضبط اعصابه وإخفاء حقده لوقت استقرار ملكه وحينئذ لا يعلن عن ذلك تنفيذيا ، بل يلعنه إمامة دينية وخلافة إلهية وقد وضعت روايات في حقه من قبيل ما نسبوه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه دعا له (اللهم اهد به واجعله هاديا مهديا) كما سيأتي في البحث.

٢١

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على قريش الصلحَ فقبلت بعد تردد ورفض واشترطت أَنْ يرجع عامَه ذاك وقبل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك ، وعرفت العرب انَّ قريشا هي التي تصدُّ عن البيت الحرام وليس محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فافتضح إعلامها الكاذب ، واختلط المسلمون مع الناس ونقلوا اليهم صورا رائعة من سيرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الهادية وبذلك تبدلت الصورة السيئة التي إشاعتها قريش المشركة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ليحي من حيَّ عن بينة ، واستجابت القبائل ودخلت الإسلام أفواجا ومن ثم سمى القرآنُ الصلحَ مع ما يحفه من التنازل ب (الفتح المبين).

والأمر نفسه تكرر مع (قريش الأبناء) بقيادة معاوية لما تخندقوا في الشام واستطاعوا ان يعبثوا الشام بإعلام كاذب وإعطاء صورة سيئة عن عليعليه‌السلام ، وكونه يطلب الملك بالحرب وسفك الدماء وانه مفسد في دين محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وغير ذلك من التهم الباطلة ، ويجئ الصلح بشروط الحسنعليه‌السلام فاضحا لمعاوية وإعلامه وفاتحا الطريق لإمامة عليعليه‌السلام الإلهية يحمل أخبارها ونصوصها النبوية التاسيسية شيعة عليعليه‌السلام من الكوفيين وغيرهم يحدِّثون بها أهلَ الشام مدة عشر سنوات من الأمان. ومن ثم فان صلح الحسن لا تبعد عنه تسمية (الفتح المبين) لما حققه من فضح معاوية وإعلامه الكاذب وانتشار اخبار سيرة عليعليه‌السلام المشرقة ومعرفة موقعه من الرسالة عبر حديث الغدير والثقلين والكساء وغيرها التي لم يكن أهل الشام قد سمعوا بها آنذاك.

وهذا الفهم هو المناسب لقول الحسنعليه‌السلام (علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة النبي لقريش) لان نتائج الصلح هنا هي نتائج الصلح هناك ، توحدت العلة وتوحد الأثر.

الثالثة : نجح المؤلف الحجة الشيخ راضي آل ياسين رحمة الله عليه في تجلية شخصية الحسنعليه‌السلام والدفاع عنه كما يليق به إماما من أئمة الهدى ، ولكنه فيما يتعلق بأهل الكوفة وقع / في تقديرنا / تحت ضغط الاخبار الموضوعة التي استهدفت تشويههم كما استهدفت نظائرها تشويه شخصية الحسنعليه‌السلام ، وكان المترقب من دراسة مستوعبة كالتي نهض بها العلم الكبير ان تصنف الاخبار بخصوص أهل الكوفة إلى مجموعتين ، ثم ترجح احدهما بالمرجحات العلمية المعروفة عند تعارض الاخبار. وقد شخصنا ثلاثة مرجحات للأخبار المادحة وإسقاط القادحة وهي :

1. ان المصادر التي عرضت الاخبار المادحة ورواتها هي مصادر الخاصة أعني

٢٢

المصادر الشيعية والرواة الشيعة ، اما المصادر التي عرضت الاخبار الطاعنة فهي عامية ورواتها عُرِف الكثير منهم بممالئتهم لخلفاء الجور من العباسيين.

2. ان الاخبار الطاعنة تعارضها حقيقة الأمان في السنوات العشر الأولى من الصلح إذ لم يروَّع شيعي واحد في هذه الفترة وهي حقيقة كشف عنها بحثنا الجديد هذا.

3. ان العباسيين بعد قضائهم على ثورة الأخوين محمد وإبراهيم ولدي عبد الله بن الحسن بن الحسن المثنى (رض) اتجهوا في إعلامهم العام وجهة تسقيط الحسنيين بتشويه سيرة جدهم الحسن المجتبىعليه‌السلام فوضعوا اخبارا من قبيل : انه باع الخلافة بدراهم من اجل شهواته ، ووضعوا اخبارا أخرى تشوه سيرة الكوفيين وانهم تفرقوا عن الحسنعليه‌السلام وتفرقوا عن أبيه من قبل ، ووضعوا على لسان الحسن أحاديث تؤكد ذلك.

٢٣

صلح الحسن عليه‌السلام في الاعلام الاموي والعباسي

وروايات اهل البيت عليهم‌السلام

وجدت من الناحية التاريخية ثلاثة اطروحات عرَّفت بالحسنعليه‌السلام ودوافع صلحه ونتائجه وهي :

اطروحة الاعلام الاموي : أنَّ تنازل الحسنعليه‌السلام عن السلطة بخطة من معاوية :

لا نملك مصادر اموية تتحدث عن صلح الامام الحسنعليه‌السلام ، وانما الذي بين ايدينا مصادر عباسية تنقل عن رواة مخضرمين عاشوا العهدين العباسي والاموي امثال معمر بن راشد اليماني (ت 154 هـ) ويونس الايلي (ت 160 هـ) وعبيد الله بن ابي زياد الرصافي (ت 158 هـ) وضمرة بن ربيعة القرشي الحمصي الفلسطيني (ت 202 هـ) الذين رووا عن الزهري قصة الصلح ، وعوانة بن الحكم (ت 158 هـ) وعثمان الطرائفي (ت 203 هـ) ومحمد بن عبيد (ت 202 هـ) وسفيان بن عيينة (ت 198 هـ) ، وقد نصت كتب الرجال في ترجمة عوانة بن الحكم انه كان يضع الاخبار لبني امية. ومن المؤكد ان الزهري كان يضع الاخبار لبني امية وولاتهم وقد طلب منه والي العراق خالد القسري ان يكتب السيرة ولا يذكر فيها عليا الا ان يجده في قعر الجحيم! وقد روى معمر روايات السيرة عن الزهري واوردها كاملة عبد الرزاق الصنعاني وقد جاءت خالية من ذكر عليعليه‌السلام . وفي ضوء ذلك فان قصة صلح الحسنعليه‌السلام بروايات هؤلاء عن الزهري وغيره تعكس الرؤية الاموية لا محالة. والبادئ للصلح في روايتهم هو معاوية ، وهي قضية صحيحة اساسا ، ولكن ما الذي طلبه معاوية من الحسنعليه‌السلام ؟

هل طلب معاوية من الحسنعليه‌السلام ان يتنازل عن السلطة مقابل اموال يغدقها عليه؟ كما في رواية البخاري عن ابن عيينة (اعرضا عليه) اي المال. واعتمدها المؤرخون

٢٤

السلفيون الذهبي وابن كثير وغهما ، والمحدثون ، ابن حجر والعيني وغيرهما في شرحهما للبخاري وقد استنبطوا منها رافة معاوية بالمسلمين وقدرته في تدبير الملك!

ام طلب معاوية من الحسنعليه‌السلام ان توقف الحرب وان يكون الحسنعليه‌السلام حاكما في العراق والبلاد التي بايعته وان يكون معاوية حاكما في الشام والبلاد التي بايعه؟ وهو الصحيح فقد طلب معاوية ذلك من علي بعد التحكيم ، ورفضه علي ، لان معاوية باغ وحكم البغاة هو قتالهم ولا يجوز الصلح معهم الا لمفاوضات املاً بان يرجع البغاة عن بغيهم. ثم كرر الطلب معاوية بعد عليعليه‌السلام وقد انقسمت الامة باختيارها فبايعت في الشام معاوية وبايعت في العراق الحسنعليه‌السلام ، وفي ظل هذه الوضع الجديد لا يمكن لمعاوية ان يعرض على الحسنعليه‌السلام غير ما عرضه على ابيه عليعليه‌السلام في حياته بان يبقى كل على بلده الذي بايعه واعتقد بامامته ، لانه يعلم حق العلم ان علياعليه‌السلام / ومن بعده الحسنعليه‌السلام / له مشروعه في احياء سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله التي عطلها الخلفاء ، وقد تبناه اهل العراق كما تبنى اهل الشام معاوية في السير على نهج عثمان والشيخين.

وقد رفض الحسن طلب معاوية ذلك لانه يؤدي الى تكريس الانشقاق في الامة وتكريس جهل اهل الشام بمشروع عليعليه‌السلام ، وعرض عليه الحسنعليه‌السلام مشروعه الذي لم يخطر في باله ، ولا بال احد من رجالاته ، عرض عليه توحيد الامة وتوحيد حكومتها بنظام يحدده الحسنعليه‌السلام وهو الكتاب والسنة دون سيرة الشيخين وبشروط اضافية من قبيل امان شيعة عليعليه‌السلام في العراق ، وان يكون الامر للحسنعليه‌السلام بعد معاوية وان لا يذكر علياعليه‌السلام الا بخير وغير ذلك وان يكون الحاكم هو معاوية وبعد موته يكون الحسنعليه‌السلام وهكذا كان الامر لعشر سنوات حيث عاشت الامة افضل ايامها من الامان والحرية في العبادة.

لقد غيب الاعلام الاموي الانجاز العظيم للحسنعليه‌السلام الذي بشر به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ان ابني هذا سيد سيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين. وجعلوه صلحا ، كان الداعي اليه معاوية الذي بذل الاموال لسد دين الحسنعليه‌السلام ومعالجة حالات كانت بحاجة الى المال! ومن هنا كان الحسنعليه‌السلام مرضيا لدى المحدثين والسلفيين قاطبة لانه اثر حقن الدماء على الحرب مستجيبا لمعاوية الرؤوف بالمسلمين!

٢٥

اطروحة الاعلام العباسي : أنَّ الحسنعليه‌السلام تنازل عن السلطة رغبة في المال والحياة المترفة :

ثار الحسنيون على العباسيين سنة 144 هـ بقيادة محمد بن عبد الله بن الحسن في المدينة ثم قتل وقام من بعده اخوه ابراهيم بن عبد الله بن الحسن في البصرة ثم قتل بسهم طائش في معركة بين البصرة والكوفة ووجد العباسيون انفسهم بحاجة الى توجيه الاعلام وجهة تسقيطية للحسنيين من خلال ترويج ما اسسه الاعلام الاموي في الحسنعليه‌السلام مع تطوير واضافات تقتضيها المرحلة وكانت هذه الاضافات هي تسقيط الكوفة بوصفها قلعة المؤيدين للحسنيين وللامام الصادقعليه‌السلام وقد وضع الخليفة الدوانيقي ابي جعفر الخطوط العريضة لهذا الاعلام فقال :

... ثمَّ قام بعدَهُ الحسن بن عليعليه‌السلام ، فو الله ما كان برجل ، عرضت عليه الأموال فقبلها ، ودسَّ إليه معاوية إنِّي أجعلك ولي عهدي ، فخلع نفسه وانسلخ له ممَّا كان فيه ، وسلَّمه إليه وأقبل على النساء يتزوج اليوم واحدة ويطلق غداً أخرى ، فلم يزل كذلك حتّى مات على فراشه.

وفيما يخص الكوفيين قال :

(ثمَّ قام من بعده الحسين بن عليعليهما‌السلام ، فخدعه أهل العراق وأهل الكوفة أهل الشقاق والنِّفاق والإغراق في الفتن ، أهل هذه المدرة السوء ، / وأشار إلى الكوفة / فو الله ما هي لي بحرب فأُحاربها ، ولا هي لي بسلم فأُسالمها ، فرَّق الله بيني وبينها فخذلوه وأبرؤوا أنفسهم منه ، فأسلموه حتّى قتل.

ثمَّ قام من بعده زيد بن علي ، فخدعه أهل الكوفة وغرّوه ، فلمَّا أظهروه وأخرجوه أسلموه ، وقد كان أبي محمد بن علي ناشده الله في الخروج وقال له : لا تقبل أقاويل أهل الكوفة فإنّا نجد في علمنا أنَّ بعض أهل بيتنا يصلب بالكناسة ، وأخشى أن تكون ذلك المصلوب ، وناشده الله بذلك عمّي داود وحذَّرهرحمه‌الله غدر أهل الكوفة ، فلم يقبل ، وتمَّ على خروجه ، فقتل وصلب بالكناسة).(1)

__________________

(1) المسعودي ، مروج الذهب ج 3 ص 301 ، وكانت بوادر التحسس من الكوفيين قبل ذلك روى

٢٦

ولما قتل ابراهيم بن عبد الله بن الحسن امر المنصور ان يطاف برأسه بالكوفة سنة 145 هجرية وخطب قائلا :

(يا أهل الكوفة عليكم لعنة الله وعلى بلد انتم فيه سبئية(1) ، خشبية(2) ، قاتل يقول : جاءت الملائكة وقائل يقول جاء جبريل ...

لَلَعَجَب لبني امية وصبرهم عليكم ، كيف لم يقتُلوا مقاتلتَكم ويسبوا ذراريكم ، ويخربوا منازلكم.

أما والله يا اهلَ المَدَرَة الخبيثة لئن بقيت لكم لأذلنكم).(3)

لقد انتج الاعلامان الاموي والعباسي كمية هائلة من الروايات الكذب في قضية الصلح لم تتسبب في ظلم الامام الحسنعليه‌السلام وظلم العراقيين حسب ، بل تسببت في تشويه الرؤية الاسلامية الصحيحة في مسالة (لو بايعت الامة لحاكمين) ، وتغييب اخبار تجربة وعهد هو من اروع العهود الاسلامية بعد عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعهد الامام عليعليه‌السلام امتاز بالامان التام والحوار الصادق والتعددية المذهبية المبنية على القناعة وظهور المرجعية الدينية المستقلة عن السلطة متفرغة الى عمل الخير وتعليم الناس ، وانصراف الدولة الى وظيفتها الاساسية من تحقيق الامان داخليا وخارجيا وتوزيع الحقوق على اهلها دون التدخل في الشؤون الدينية للافراد العهد الذي تتوق اليه وتتطلع نحوه كل شعوب العالم بلا استثناء.

__________________

البلاذري فيانساب الاشراف ج 3 ص 150 ، قال : قال المدائني : (كتب ابو مسلم الى ابي العباس : أن اهل الكوفة قد شاركوا شيعة امير المؤمنين في الاسم ، وخالفوهم في الفعل ، ورأيهم في آل علي الذي يعلمه امير المؤمنين ، يؤتى فسادهم من قبلهم باغوائهم اياهم واطماعهم فيما ليس لهم ، فالحظهم يا امير المؤمنين بلحظة بوار ، ولا تؤهلهم لجوارك ، فليست دارهم لك بدار. واشار عليه ايضا عبد الله بن علي بنحو من ذلك فابتنى مدينته بالانبار وتحول اليها وبها توفي).

(1) اي اتباع عبد الله بن سبأ الذي ادعي له انه مبتدع الوصية لعليعليه‌السلام المشابهة لوصية موسى ليوشععليه‌السلام الذي يترتب عليها البراءة ممن تجاوز على موقعه.

(2) فيالنهاية لابن الاثير : الخشبية : هم أصحاب المختار بن أبي عبيد ، ويقال لضرب من الشيعة : الخشبية. وفي المشتبه للذهبي : الخشبي : هو الرافضي في عرف السلف.أقول : وسياتي في ترجمة المختار الروايات التي وضعوها في حقه للغض من شخصيته.

(3) البلاذري ،أنساب الاشراف ج 3 ص 269.

٢٧

الحسنعليه‌السلام في روايات اهل البيت عليهم‌السلام امام هدى عالج الانشقاق وفتح الطريق لهداية اهل الشام ان ارادوا الهداية :

لا بد من التمييز بين روايات اهل البيت والمصادر الشيعية التي الفت للاحتجاج باحاديث العامة عليهم فما ورد في كتاب الارشاد للشيخ المفيد في قصة اساسه روايات ابي الفرج في كتابه مقاتل الطالبيين ، وما فيه من اخبار مقتل الحسين اساسه روايات ابي مخنف في كتابه مقتل الحسين الذي رواه الطبري ، فان هذه الروايات لا يغير من واقعها رواية الشيخ المفيد لها ، فهي تبقى روايات عامية ، والذي نريده بروايات اهل البيتعليهم‌السلام هو ورودها عنهم وفي مصادر امامية معتبرة ، وفي هذا الصدد فاننا نجد صلح الحسنعليه‌السلام وشخصيته واهل الكوفة في رواياتهم بصورة اخرى تغاير ما عليه الاعلام الاموي والعباسي.

فالحسنعليه‌السلام احد الائمة الهداة المعصومين الاثني عشر الذين عينهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لهداية الامة من بعده في قصة المباهلة وحديث الكساء وغيرها ، اما سيرته الشخصية فقد تحدث عنها حفيده الامام الصادقعليه‌السلام يصفه كان أعبد الناس في زمانه ، وأزهدهم وأفضلهم ، وكان إذا حج حج ماشيا ، وربما مشى حافيا ، وكان إذا ذكر الموت بكى ، وإذا ذكر القبر بكى ، وإذا ذكر البعث والنشور بكى ، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى ، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها. وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عز وجل ، وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم ، ويسأل الله تعالى الجنة ، ويعوذ به من النار.

اما دوافع الصلح عند الحسنعليه‌السلام فقد بينها بوضوح تام حين ساله ابو سعيد وقد اوردنا الرواية في اول الكتاب مستقلة ، حين قال علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة النبي لقريش ، وبذلك وضع مقياسا دقيقا لدراسة الصلح ودوافعه واهدافه وانجازاته.

وقد ذكر الامام الباقرعليه‌السلام صلح الحسن فقال فيه : (والله لَلذي صنعه الحسن بن علي كان خيراً لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس والقمر).

ان هذه الصيغة من الكلام تشير الى ان : نتائج الصلح هي من سنخ الهداية التي

٢٨

يقول فيها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : (وأيم الله لأن يهدي الله على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت ولك ولاؤه يا علي).(1)

لقد حفظ الحسنعليه‌السلام بصلحه وحدة القبلة ووحدة الكتاب الى يوم القيامة ، ثم اوصل احاديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في امامة علي واهل بيتهعليهم‌السلام الالهية ، واخبار سيرة عليعليه‌السلام المشرقة مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعده وفي الكوفة ايام حكمه ، وفتح باب الاهتداء بعلي لمن اراد من اهل الشام الى يوم القيامة فاي خير اعظم من هذا الخير!

وقد انطلق البحث في هذا الكتاب من قول الامام الحسنعليه‌السلام نفسه وانتهى الى الخير الذي انتجه الصلح واشارت اليه رواية الامام الباقرعليه‌السلام .

__________________

(1) الكليني ،الكافي ، ج 5 ص 28. الطوسي ، تهذيب الاحكام ج 6 ص 141.

٢٩

الرؤية الجديدة

اما النتائج الجديدة فتتعلق بوضع أهل الكوفة في السنوات العشر من الصلح حيث كانوا امنين ولم يروع شيعي واحد منهم بسبب ولائه لعلي بل الفرصة متاحة لهم لينشروا ما وعوه وحملوه عن عليعليه‌السلام من علم وسيرة مشرقة بين أهل الشام ، هذا في قبال الرؤية السائدة التي تقول ان معاوية اعلن عن نقضه لشروط الحسن منذ اليوم الأول الذي دخل فيه الكوفة وانه بدأ بترويعهم وملاحقتهم.

اما الرؤية الجديدة في مبررات الصلح فخلاصتها : ان الحسن كان قد صالح عن قوة وليس عن ضعف فهو أشبه بصلح الحديبية بل امتداد له في الهدف والأسلوب ، وتوضيح ذلك :

ان معاوية بعد ان بايعه أهل الشام بادر يطلب الصلح من الإمام الحسن الذي بايعه أهل العراق حاكما خلفا لابيه علي وهو ان يبقى الحسنعليه‌السلام على البلاد التي بايعه أهلها وهو النصف الشرقي للبلاد الإسلامية ، وان يبقى معاوية على النصف الغربي من البلاد الإسلامية حيث بايعه أهلها على الحكم.

ومبررات هذا الصلح واضحة لدى معاوية فهو بين ضغط حلقات الخوارج الخفية من الداخل التي تستهدف اغتياله وضغط الروم على الحدود الشمالية الشرقية وجيشهم على أهبة الاستعداد لغزو الشام ، ولم يكن معاوية ليجمد شن الغارات على أطراف علي دون مكسب سياسي يسجله لصالحه ، ومن هنا عرض على الحسن / وقد عبأ جيشه للقتال مضافا إلى تعبئة أبيه عليعليه‌السلام / لكي يؤمّن جهته بالمصالحة ويتفرغ للمشكلتين الآنفتي الذكر.

فكان امام الحسنعليه‌السلام احد خيارين :

٣٠

الأول : قبول أطروحة الصلح بالصيغة التي عرضها معاوية واهم مبررات قبولها بالنسبة للحسنعليه‌السلام هو تجميد الصراع مع معاوية ليتفرغ للإرهاب الداخلي هذا هو التفكير الباده لمن يهمه بناء دولة وحكم خاص به. ولكن هذا الخيار يكرس الانشقاق الأموي مع إعلامه الكاذب في عليعليه‌السلام إذ يعرضه رأس الفساد والإلحاد في دين محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله بينما هو رأس مشروع الهداية في المجتمع بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

الثاني : رفض الصلح واللجوء إلى الحرب بصفته وارث مشروع أبيه علي مشروع إحياء السنة النبوية في مجتمع الفتوح الذي حرم منها ، المشروع الذي نجح في النصف الشرقي من البلاد الإسلامية وصارت الكوفة مركزا له ، وانغلقت البلاد الغربية عنه وتحولت الشام إلى مركز يعمل على تطويقه ووأده ، لإحياء المشروع القرشي بقيادة أموية فكانت معركة الجمل في البصرة بتخطيط أموي وتنفيذ قرشي ومعركة صفين في الشام التي اعد لها معاوية عدتها منذ سنين ، ثم نتجت عنها معركة النهروان في العراق ، وهذا نظير تحول مكة في بدء الإسلام إلى مركز يصد عن دعوة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله بقيادة أموية فكانت معركة بدر التي قادت إلى معركة احد وهي انتجت معركة الخندق.

ولكن الحسنعليه‌السلام وهو العارف بحكمة الحرب والصلح في دين جده النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أدرك ان خيار الحرب ليس بصالح مشروع أبيه عليعليه‌السلام ، والسر في ذلك هو ان الحرب بين عليعليه‌السلام ومعاوية قد أفرزت إعلاما أمويا كاذبا في حق عليعليه‌السلام تحول إلى معتقد لدى أهل الشام ومن ثم فان خيار الحرب سوف لن يؤدي إلا إلى مزيد من الإعلام الكاذب في حق عليعليه‌السلام ثم إلى مزيد من التكريس لمعتقد أهل الشام الخاطئ فيه ، ومن ثم مزيد من الحجب عن مشروع علي الإحيائي للسنة النبوية.

تماما كما كان الأمر بين النبي وقريش فلم يكن خيار النبي ان تستمر الحرب مع قريش بعد معركة الخندق مع ان قريشا وحلفاءها قد انهزموا شر هزيمة ، وذلك لان الحرب بين النبي وقريش قد أفرزت إعلاما قرشيا كاذبا في حق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تحول إلى معتقد لدى العرب المتحالفة مع قريش ومن ثم فان الحرب سوف لن تزيدهم إلا تكريسا لإعلامهم الكاذب ثم تكريسا لمعتقدهم الخاطئ في النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وبالتالي لن تزيدهم الحرب الا بعدا عن الهداية التي بعث النبي لأجلها.

٣١

وكما عدل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى خيار الصلح بوصفه الحل الوحيد لقلب المعادلة مع قريش وفتح الطريق أمام مشروع الهداية الذي جاء به كذلك لا بد للحسنعليه‌السلام ان يعدل من خيار الحرب إلى الصلح بوصفه الأسلوب الوحيد لقلب المعادلة مع معاوية وفتح الشام لمشروع الهداية الذي نهض به عليعليه‌السلام ، ولكنه صلحٌ بصيغة جديدة لا تمت إلى الصيغة التي عرضها معاوية بصلة ، بل هو صلح يستمد روحه وهدفه وفلسفته من صلح جده النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مع قريش حين اوضح للقبائل المتحالفة مع قريش بما لا يقبل الشك ان قريشا هي التي تصد عن بيت الله وليس محمدا كما كانت تزعم في إعلامها الكاذب ، وان محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعظم بيت الله ودين إبراهيم بما لم يعظمه به احد من العرب ولا من قريش آنذاك.

وكذلك الحسنعليه‌السلام في صلحه فانه يريد ان يوضح لأهل الشام بما لا يقبل التأويل ان معاوية ومن قبل الخلفاء الثلاثة كان يصدون عن سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كما هو واضح في قصة حج التمتع ، بل ان معاوية وأباه كانا على رأس من يصد عن دعوة النبي ويقاتله وانَّ عليا هو الذي إحيا سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كما هو واضح في قصة حج التمتع بل لعلي مواقف وتاريخ يكشف عن اتباعه للنبي ونصرته له بما لا يضاهيه احد من المسلمين.

وهكذا فاجأ الحسنعليه‌السلام خصمَه معاوية بصيغة صلح لم تدُر في خَلَدِه بل لم يكن تكوينه الجشع ورغبته الجامحة للسلطة وأصوله الجاهلية لتسمح له ان يفكر بها ، استمد الحسن روح صلحه المبتكر وشروطه من تجربة جده المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله في صلح الحديبية مع قريش وهي تجربة مبتكرة أيضا إذ لم يكن يدر في خلد قريش / لحميتها الجاهلية / ان يقدم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله لمصالحتها بعد ان سجل انتصارا ساحقا في معركة الخندق ، وحقق الحسن بذلك فتحا مبينا بكل معنى الكلمة كما حقق النبي (ص) في صلحه فتحا مبينا بكل معنى الكلمة ، وقد تمثل هذا الفتح المبين لعلي بالصلح الحسني كما تصوره الرؤية الجديدة :

ـ بفضح معاوية أمام أهل الشام / جنده المطيع له طاعة مطلقة / بانه كان ظالما لعلي في قتاله إياه وانه كان يقاتله من اجل الملك وليس من اجل مبدأ أو الأخذ بثار دم عثمان كما كان يزعم.

ـ اتضاح حقيقة عليعليه‌السلام انه لم يكن الذي كان منه منازعة في سلطان أو لالتماس

٣٢

شيء من فضول الحطام بل كان لأجل المظلومين من عباد الله وإحياء سنة النبي التي عطلتها وحرفتها سلطة قريش المسلمة قبل عليعليه‌السلام .

ـ توحيد شِقَّي البلاد الإسلامية واختلاط العراقيين مع الشاميين من موقع المحبة والشفافية.

ـ إرجاع هيبة الأمة في قلوب أعداءها / الروم الشرقيين على الجبهة الشمالية الشرقية / الذين كانوا قد اعدوا العدة للهجوم على الأمة بعد ان أكلتهم الحروب الداخلية.

ـ إنقاذ الكوفة عاصمة مشروع النهضة الإحيائية لعليعليه‌السلام ومركز رجالاتها من إرهاب داخلي كانت على أبوابه يتبنى أسلوب الاغتيال قام به الخوارج التكفيريون وقد نفذوه أولاً في عليعليه‌السلام . ومن ثم انطلاقة الكوفيين لنشر أخبار هذه النهضة وموضوعها في أهل الشام.

وساد الأَمان في الأُمة كلِّها عشر سنوات بعد توقيع وثيقة الصلح ، وبرز الحسنعليه‌السلام مرجعا دينيا الهيا ومن قبله أبوه عليعليه‌السلام ومن بعده وأخوه الحسين نصت عليهم الأحاديث النبوية ، ليأخذ عنهم دين الله الذي جاء به محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله من شاء ان يتخذ إلى ربه سبيلا ، وعرف الشاميون وغيرهم من عبادة الحسن وعلمه وحسن خلقه وكرمه واهتمامه بقضاء حوائج الناس ما جعلهم يذكرون به أباه عليه وجده النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ثم غدر معاوية بالحسنعليه‌السلام بعد عشر سنوات غدراً مبيناً حين دشَّ له السم ونقض شروطه ولاحق شيعة العراق بما هو معروف وواضح في كتب التاريخ.

وخرجت الرؤية الجديدة بحقيقة أخرى وهي ان الروايات التي تسببت في تكوين الرؤية المشهورة هي روايات أصولها أموية وفروعها عباسية تبناها الإعلام العباسي ليواجه بها خصمين كبيرين للعباسيين كانا ينغصان عليهم رغبتهم في استمرار ملكهم وحفظ ولاء الأمة لهم ، هذا الخصمان هما :

ـالحسنيون الثائرون الذين يملكون الشعبية في قبال بني العباس لكونهم ذرية المصلح الكبير الحسن صاحب الفتح المبين في إنقاذ الأمة من سفك الدماء بطريقة بارعة تكشف عن جدارة خاصة بحكم الأمة ورعايتها ، ويملكون الشرعية لان العباسيين كانوا قد اعطوا بيعة مسبقة لزعيم الحسنيين محمد بن

٣٣

عبد الله بن الحسن في مؤتمر عام لبني هاشم وقد انتشر خبر هذا المؤتمر والبيعة في المجتمع.

ـمرجعية الإمام الصادق عليه‌السلام التي تقوم على فكرة إمامة عليعليه‌السلام وأهل بيته المعصومين بوصية من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله . وهذه المرجعية آخذة بالتوسع والنمو.

ـ وكانت الكوفة هي القاعدة الشعبية لكلا الخصمين.

وفي ضوء ذلك لم يكن أمام العباسيين الحاكمين / لضمان استمرار ملكهم / الا ان يحذوا حذوَ الأمويين بتحريف تاريخ خصومهم / الحسنيين ، الكوفة ، الشيعة / وتحويل حسناتهم وامتيازاتهم إلى عار يلاحقهم ابد الدهر بروايات كذب يضعونها فيهم ليربو عليها الصغير ويهرم فيها الكبير.

فهل هناك عار في تاريخ الحسنيين كعار أَبيهم الحسنعليه‌السلام / كما عرضه الإعلام الأموي والعباسي / تبايعه الأمة على الحكم ثم يبيعه إلى معاوية بدراهم يُغدِقُها فيما بعد على محظياته يتزوج واحدة ويطلق أخرى؟ وهل تكون ذريةُ مثل هذا الإنسان جديرة بحكم الأمة؟.

وهل هناك عارٌ كعارِ الكوفة / كما عرضه الإعلام العباسي / تدعو الحسينعليه‌السلام لنصرته ثم تخذِلُه ثم تقتُله ثم تحمل رأسه ورؤوس أصحابه هدية إلى يزيد مقرونة بسوق أُسرة الحسين سبايا ، الحال التي يرق لها يزيد فتدمع عيناه ويلعن الكوفة وأَميرَها ابنَ مرجانة؟ ويقول انه لو كان صاحبه أي الحسين ما صنع به ذلك!.

وهل هناك عارٌ كعارِ الشيعة الأوائل من صحابة وتابعين / كما عرضه الإعلام العباسي / استجابوا لعبد الله بن سبا يهودي مزعوم من أهل اليمن اسلم على عهد عثمان ليتلقوا منه عقيدتهم بعلي إماما الهيا شبيها بإمامة هارون ويوشع بن نون؟

ثم عالجوا مرجعية الإمام الصادقعليه‌السلام بأَمرين :

الأول : تبنّي مرجعية مالك بن انس وفرضها على الناس ، وتبنّي طلابه ليكونوا قضاة وأَئمة جمعة.

الثاني : إِشاعة الشك في مرويات الإمام الصادقعليه‌السلام وتضعيف شخصيته وسلب الوثاقة عنه.

٣٤

قال ابن سعد : (جعفر بن محمد كثير الحديث ويستضعف).

وقال يحيى بن سعيد القطان : (مجالد احب إلي منه (أي من الصادق) وقال الذهبي يعلق على كلام القطان وهذه زلقة من ابن القطان.

هذا مع ملاحقة أصحابه وسجن الإمام من بعده ولده الكاظمعليه‌السلام .

وفي ضوء ذلك كله فان ظهور هذا الكم الهائل من الروايات الطاعنة في الإمام الحسن وفي الكوفة وفي الشيعة يكون طبيعيا وكما تفرضه طبيعة الأشياء ولا نحتاج معه إلى بحث أسانيد هذه الروايات الطاعنة مع وجود الروايات المادحة وذلك لان هذا المبرر / وهو حقيقة تاريخية ثابتة / وحده كافٍ في إسقاطها جملة وتفصيلا. ومع ذلك فإننا لم نغفل بعض الأسانيد لأجل تقديم شاهد آخر على صحة الأطروحة.

٣٥

أبواب البحث وفصوله

قسمت البحث إلى أربعة أبواب واربعة وعشرين فصلا :

تناولت في الباب الأول :

الرؤية السائدة اليوم في تعليل الصلح وقد جعلتها في فصلين.

كرست الفصل الأول لأقوال المستشرقين ان الحسن شخصية منهارة كان هدفه من الصلح هو الحصول على مال يؤمِّن له حاجات حياته المترفة ويلبي طلبات زوجاته الكثيرات.

وكرست الفصل الثاني لأقوال الإسلاميين من القدامى والمحدثين ان الكوفيين ضعفاء متخاذلون مع وجود خط في الكوفة يفكر في تسليم الحسن لمعاوية فاضطر الحسن لمصالحة معاوية وتسليمه الحكم في العراق ليحافظ على حياته وانتهى البحث في هذا الباب إلى ان وجهة النظر بقسميها تستند إلى روايات في تاريخ الطبري وانساب الأشراف للبلاذري وطبقات ابن سعد وتاريخ دمشق لابن عساكر وغيرها من مصادر التاريخ الإسلامي المعتبرة وبعض هذه الروايات ينسب إلى الحسنعليه‌السلام نفسه.

وتناولت في الباب الثاني :

الرؤية الجديدة التي تنبهتُ إليها من خلال قول الامام الحسنعليه‌السلام نفسه حين قال : (ان علة مصالحته لمعاوية علة مصالحة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لقريش) وبالتالي فإنَّ السبب الوحيد للصلحين هو واحد ، وهذا يستلزم وحدة الخلفيات التي سبقت الصلح ثم وحدة الظرف الموجبة له ثم وحدة الموقف إزاءه ثم وحدة النتائج المترتبة. ولم تنطلق الرؤية الجديدة من هذه الرواية حسب بل كانت لها شواهد وروايات كثيرة تؤكدها. وقد تم بحث ذلك من خلال ثمانية فصول.

٣٦

كرست الفصل الأول لبحث خلفيات الصلح وظرفه الموجب للصلح بالصياغة الحسنية.

وكرست الفصل الثاني للسنوات العشر من الصلح من سنة 41 هـ إلى سنة 51 هـ لبيان معالم الفتح المبين للصلح حيث عادت للامة وحدتها واختلط الناس بعضهم ببعض وانطلق العراقيون امنين يحدثون أهل الشام بأحاديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في عليعليه‌السلام عن سيرته المشرقة وكيف عرف أهل الشام ان معاوية كان ظالما لعلي وان الحق مع علي في حروبه وان عليا امتداد للنبي في إمامته الهادية وعرضت نماذج من نشاطات أصحاب الحسن وحواراتهم مع معاوية.

وعقدت الفصل الثالث بمبحثين الأول تناول نشاطات الامام الحسنعليه‌السلام في سنوات الصلح والثاني يبحث عن مراحل سير الحسن منذ ولادته والى وفاته لاستكمال الصورة عن شخصية الحسنعليه‌السلام .

وكرست الفصل الرابع لبحث الغدر المبين الذي قام به معاوية وأهل الشام في السنوات العشر التالية بعد وفاة الحسنعليه‌السلام بدءا بدس السم للحسنعليه‌السلام .

وكرست الفصل الخامس لهوامش على موارد من كتاب صلح الامام الحسنعليه‌السلام للعلامة الحجة الشيخ راضي آل ياسين.

وكرست الفصل السادس لبحث مسار الإمامة الدينية التي أسس الحسنعليه‌السلام بصلحه فصلها عن السلطة الزمنية وكيف ان الله تعالى قد حصر الإمامة الدينية بأنبيائه وأوصياءه اما السلطة الزمنية ففي زمن النبي وأوصياءه تكون لهم ، وكيف ان قريش اغتصبت السلطة الزمنية ممن هي حقه بالنص ومارست إلى جانب ذلك الإمامة الدينية مما أدى إلى تعطيل السنة وتحريفها وكيف ان علياعليه‌السلام نهض لإحياء السنة وفتح الطريق لإمامته الدينية التي أمر بها الله ورسوله.

وكرست الفصل السابع لدراسة ظرف صلح الحديبية ومقارنته مع ظرف صلح الحسن واكتشاف وحدتهما كما أشار الامام الحسنعليه‌السلام إلى ذلك ، ثم بيان وحدة الموقف المترتب على وحدة الظرف ووحدة الآثار التي ينتجها الموقف الموحد ثم وحدة التسمية بالفتح المبين.

٣٧

وكرست الفصل الثامن لعرض مقتطفات من سير الكوفة الفكري من سنة تمصيرها إلى سنة 136 هجرية وكيف انها حملت مشروع علي وثبتت عليه رغم محاولات الأمويين والزبيريين والمروانيين لإنهائه واستئصاله.

وتناولت في الباب الثالث :

تفسير وجود ذلك الكم الهائل من الروايات الذي انتج رؤية الانهيار المبين وكونه من وضع العباسيين لمواجهة الحسنيين الثائرين عليهم ، ومرجعية الامام الصادق الديني الآخذة بالتوسع ، والكوفة القلعة التاريخية لكلا الخطين تمدهما بالقاعدة الشعبية وقد عقدت لذلك ثمانية فصول.

كرست الفصل الأول لبحث : تحريف الأمويين للسنة النبوية والسيرة العلوية واقتفاء العباسيين اثرهم والاستفادة من تجربتهم.

وكرست الفصل الثاني لدراسة انشقاق العباسيين عن الحسنيين والأئمة من أهل البيتعليهم‌السلام إذ كانوا في بدء الأمر جزء من حركة العلويين ثم انشقوا عنها.

وكرست الفصل الثالث لعرض وثائق الاعلام العباسي السلبية ضد الحسن والكوفة والتشيع من خلال خطب أبي العباس السفاح وأبي جعفر الدوانيقي والشعر والمحاورات.

وكرست الفصل الرابع لترجمة سيف بن عمر وعبد الرحمن بن مالك بن مغول بوصفهما قد وضعا اخبارا في تفسير التشيع لعلي بما ينفِّر الناس عنه ويدعوهم للبراءة منه.

وكرست الفصل الخامس لكتاب أبي مخنف الذي استهدف تحميل أهل الكوفة تبعة قتل الحسين تعبيرا عن خذلانهم وضعف إرادتهم بخلاف ما بيَّنه أهل البيت فيهم.

وكرست الفصل السادس لعرض الاخبار الطاعنة في الكوفيين على لسان علي والحسن ودراستها من الناحية السندية والكشف عن وضعها من إخباريين عباسيين.

وكرست الفصل السابع : الروايات الطاعنة في شخصية الحسنعليه‌السلام وهي اخبار رفضها الشيعة والسنة على السواء.

الفصل الثامن : الروايات الطاعنة في الكوفيين وهي من وضع الأخباريين العباسيين أيضا.

٣٨

ثم انهيت البحث بالباب الرابع :

وهو خلاصة بحوث الكتاب بترتيب آخر مع خاتمة ولا بد من تنبيه القارئ الكريم ان بحوث الخلاصة لم تكن مجرد اختصار بل احتوت على اخبار وأفكار إضافية رأيت ان أضيفها ولم يتيسر لي ان ادرجها في الفصل الذي يناسبها ولا بد لي من انبه أيضا أنني كررت بعض الوثائق المهمة في اكثر من فصل بسبب اقتضاء طبيعة البحث ذلك.

وفيما يلي أبواب البحث وفصوله.

٣٩

الباب الأول

الرؤية المشهورة في تعليل الصلح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفصل الأول 46 المستشرقون : الحسنعليه‌السلام شخصية ضعيفة منهارة

الفصل الثاني 51 الإسلاميون : الكوفيون متفرقون متخاذلون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

مسألة ١٤٢: ماتقدم من حرمة التظليل يختصّ بالرجال بحال السير وطيّ المسافة، وأما إذا نزل المحرم في مكان سواء اتخذه منزلاً أم لا، كما لو جلس في أثناء الطريق للاستراحة أو ملاقاة الأصدقاء أو لغير ذلك فلا إشكال في جواز الاستظلال له(١) .

وهل يجوز الاستظلال بالأجسام السائرة حال تردده في حوائجه في المكان الذي ينزل فيه أو لا ؟ مثلاً إذا نزل مكّة وأراد الذهاب الى المسجد الحرام لأداء الطواف والسعي، أو نزل مِنى وأراد الذهاب إلى المذبح أو مرمى الجمار، فهل يجوز له ركوب السيارة المسقفة أو رفع المظلة فوق رأسه أو لا ؟ الحكم بالجواز مشكل جداً، فالاحتياط لايترك(٢) .

____________________

(١) بلا خلاف أصلا، والنصوص فيه مستفيضة.

(٢) واستظهر الجواز السيد الخوئي وجزم به بعض اعاظم تلامذته.

ووجهه: أن المحرَّم من التظليل هو المتزامِن مع السير السفري كما هو ظاهر جملة من الروايات، وهو الذي كان موضع استنكار العامة على الخاصة ومحاجة الائمةعليهم‌السلام لهم بان السنّة اذا قيست محق الدين، ولا يقتصر على الجواز في خصوص الظل الثابت - كالخباء والخيمة - كما هو صريح الروايات، اذ لاخصوصية له، إذ محور محاجة الائمةعليهم‌السلام هو المقابل بين حرمة التظليل في السير السفري وجوازه عند انقطاع السفر، لاالتفريق بين مصاديق التظليل، فتأمل.

* يجوز إستعمال المصاعد الكهربائية المستعملة في العمارات السكنية.

١٤١

مسألة ١٤٣: لابأس بالتظليل للنساء والأطفال، وكذلك للرجال عند الضرورة(١) .

مسألة ١٤٤: إذا ظلّل المحرم على نفسه من المطر(٢) أو الشمس لزمته الكفارة، والظاهر أنه لافرق في ذلك بين حالتي الاختيار والاضطرار(٣) ، وإذا تكرر التظليل فالأحوط التكفير عن كل يوم، وإن كان الاظهر(٤) كفاية كفارة واحدة في كل إحرام، ويجزىء في

____________________

مصاديق التظليل، فتأمل ·

(١) نصاً واجماعاً.

(٢) نهاراً، لكونه في الليل احتياطاً وجوبياً، فما يتفرع عليه ينبغي أن يكون كذلك، فلاحظ.

(٣) لدلالة جملة من النصوص عليه، ففي صحيحة ابن ابي محمود قال: قلت للرضاعليه‌السلام : المحرم يظلل على محمله ويفدي إذا كانت الشمس والمطر يظران به، قال: نعم، قلت: كم الفداء ؟ قال: شاة » وغيرها من الصحاح.

(٤) لصحيحة ابي علي بن راشد قال: قلت لهعليه‌السلام : جعلت فداك أنه يشتد علي كشف الظلال في الاحرام لاني محرور يشتد علي حر الشمس، فقال: ظلل وأرق دما، فقلت له: دما أو دمين، قال: للعمرة، قلت: إنا نحرم بالعمرة وندخل مكة فنحل ونحرم بالحج، قال: فأرق دمين » فهي

١٤٢

الكفارة دم شاة.

* مسألة ١٤٥: إذا قام الغير بالتظليل على المحرم حال السير فإن تمكن من التخلص ولم يفعل - ولو لخوف الضرر على نفسه - فعليه الكفارة(١) ولاشيء على الغير مطلقا.

* مسألة ١٤٦: الرجال المحرمون المرافقون للنساء اذا ركبوا السيارات المسقفة نهارا تجب عليهم الكفارة(٢) .

____________________

صريحة في أن لكل احرام كفارة واحدة، وتعبير بعض الاعلام عنها بالموثقة في غير محله اذ ان ابا علي من العظماء الذي تجاوزوا القنطرة ويكفيه فخرا قول المعصوم فيه «عاش سعيداً ومات شهيداً» ولم ينسب له الوقف، والرواي عنه هو ابن عبيد وهو محمد بن عيسى الجليل، وتضعيف الشيخ له مبني على استثنائه من نوادر الحكمة، وهو غير تام، وقد وثقه النجاشي بقوله: جليل في اصحابنا ثقة عين كثير الرواية حسن التصانيف وكان الفضل يثني عليه ويمدحه ويميل اليه ويقول: ليس في أقرانه مثله انتهى، وقد اعتمد الصدوق عليه وارتضاه ولم يسمع كلام استاذه ابن الوليد فيه، بل صرح النجاشي بان الاصحاب ينكرون قول ابن الوليد فيه ويقولون من مثل ابي جعفر محمد بن عيسى.

(١) لوجوب الاضحاء مطلقا.

(٢) اذ موجبها الاختيار ولو اضطرارا كما مر.

١٤٣

* مسألة ١٤٧: لو اضطر المحرم إلى التظليل بعض الوقت لايجوز له الاستمرار في التظليل مع ارتفاع موجبه(١) ، ولكن لو استمر فيه لم تثبت عليه كفارة اخرى(٢) .

٢٢ - إخراج الدم من البدن

لايجوز للمحرم إخراج الدم من جسده على الأحوط(٣) - إلا

____________________

(١) ووجهه واضح.

(٢) لعله لإطلاق صحيحة ابي علي.

(٣) وهو المشهور بين الاصحاب واختاره بعض الاعاظم من تلامذة السيد، وتشهد له جملة من الروايات، كالتي تنهي عن الحجامة والحك اذا كان مؤديا الى الادماء، ولاخصوصية للعناوين المأخوذة فيها سيما بعد قولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية قال: سألته عن المحرم كيف يحك رأسه ؟ قال: باظافيره مالم يدم أو يقطع الشعر » ومثلها صحيحة عمر بن يزيد.

وقد حملها الشيخ في الخلاف والمحقق على الكراهة - وقواها بعض الاعاظم من المعاصرين - بقرينة صحيحة حريز وفيها « لابأس ان يحتجم المحرم مالم يحلق أو يقطع الشعر » وحملها على الضرورة خلاف الظاهر اذ قولهعليه‌السلام «لابأس» بيان للحكم الاولي، نعم يمكن أن يقال بكراهة

١٤٤

لضرورة - وإن كان ذلك بفصد أو حجامة أو قلع ضرس أو حك أو غيرها.

نعم، الاظهر جواز الاستياك وإن لزم منه الإدماء(١) ، وكفارة اخراج الدم - لغير الضرورة - شاة على الأحوط الأولى(٢) .

* مسألة ١٤٨: يجوز للمحرم تزريق غيره بالابرة إذا كان يستلزم خروج الدم منه(٣) ، والاحوط تركه فيما إذا كان الغير محرما(٤) .

____________________

الحجامة خاصة توفيقاً بين النصوص، ولقولهعليه‌السلام في الصحيحة الاتية في السواك «هو من السنة» وهي لاتقل فائدة وحثا من الشارع عنه.

(١) تدل عليه صحيحة معاوية قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام في المحرم يستاك، قال: نعم، قلت: فإن أدمى يستاك؟ قال: نعم، هو من السنة»، وفي قبالها صحيحة الحلبي قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن المحرم يستاك ؟ قال: نعم، ولايدمي » المحمولة على الكراهة لكون الاولى نصا في الجواز والثانية ظاهرة في الحرمة.

(٢) لعدم الدليل على الكفارة من النصوص، وحكى الشهيد عن بعض اصحاب المناسك أن كفارته شاة، ولعله لحسنة ابن جعفر بناء على نسخة «جرحت»، ونقل عن الحلبي أن كفارة حك الجسم حتى يدمي اطعام مسكين.

(٣) اذ مورد النصوص - كما هو ظاهر - اخراج المحرم الدم من بدنه، أو التسبيب في ذلك إذ هو بمثابة الاخراج المباشري.

(٤) لاحتمال شمول ادلة النهي له سيّما روايات الحجامة، بل الاحوط

١٤٥

٢٣ - التقليم

لايجوز للمحرم تقليم ظفره ولو بعضه، إلا أن تدعو ضرورة إلى ذلك أو يتأذى ببقائه، كما إذا انكسر بعض ظفره وتألم من بقاء الباقي فيجوز له حينئذ قطعه(١) .

مسألة ١٤٩: كفارة تقليم كل ظفر من اليد أو الرجل مُد من الطعام مالم يبلغ في كل منهما العشرة، فإذا بلغها - ولو في مجالس متعددة - كانت كفارته شاة لكل من أظافير اليدين وأظافير الرجلين، نعم إذا كان تقليم أظافير اليدين والرجلين جميعا في مجلس واحد فالكفارة شاة واحدة(٢) .

____________________

تركه مطلقا حتى لو كان الغير حيوانا، وذلك لموثقة عبدالله بن سعيد قال: سأل ابو عبدالرحمن أبا عبداللهعليه‌السلام عن المحرم يعالج دبر الجمل، قال: يلقي عنه الدواب ولايدميه » وليس الجمل من الحيوانات الوحشية حتى يحرم صيده وجرحه كما لايخفى.

(١) ففي صحيحة معاوية قال: سألته عن الرجل المحرم تطول أظافره، قال: لايقص شيئا منها إن استطاع، فإن كانت تؤذيه فليقصها وليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام.

(٢) تشهد له صحيحة ابي بصير قال: سالت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل قص ظفراً من أظافيره وهو محرم، قال: عليه في كل ظفر قيمة مد من

١٤٦

مسألة ١٥٠: إذا قلم المحرم ظفره فأدمى إصبعه اعتمادا على فتوى من جوزه خطأ، وجبت الكفارة على المفتي على الاحوط(١) .

* مسألة ١٥١: لايبعد جواز تقليم المحرم أظافر غيره محلاً كان أم محرماً(٢) ، إلا أن الاحوط في الثاني الترك(٣) .

٢٤ - قلع الضرس

مسألة ١٥٢: ذهب بعض الفقهاء إلى حرمة قلع الضرس على

____________________

طعام حتى يبلغ عشرة، فإن قلم أصابع يديه كلها فعليه دم شاة، فإن قلم اظافير يديه ورجليه جميعا، فقال: إن كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم، وإن كان فعله متفرقا في مجلسين فعليه دمان.

(١) كما هو المشهور، استنادا لرواية اسحاق الصيرفي قال: قلت لابي ابراهيمعليه‌السلام إن رجلا أحرم فقلم اظفاره، فكانت له اصبع عليله، فترك ظفرها لم يقصه، فأفتاه رجل بعد ما أحرم فقصه فأدماه، فقال: على الذي افتى شاة » وهي ضعيفة سندا مع عمل المشهور بها فإحتياط الماتن دام ظله في محله والله العالم.

(٢) إذ مورد النهي في النصوص تقليم المحرم أظافر نفسه.

(٣) لاحتمال شمول النصوص له.

١٤٧

المحرم وإن لم يخرج به الدم، وأوجبوا له كفارة شاة، ولكن في دليله تأملا، بل لايبعد جوازه(١) .

٢٥ - حمل السلاح

مسألة ١٥٣: لايجوز للمحرم لبس السلاح(٢) ، بل ولا حمله على وجه يعدّ مسلحا على الاحوط، والمراد بالسلاح كل مايصدق عليه لفظه عرفا، كالسيف والبندقية والرمح دون آلات التحفّظ كالدرع والمغفرة ونحوهما.

مسألة ١٥٤: لابأس بوجود السلاح عند المحرم(٣) ، ولايحمله إذا

____________________

(١) نقل عن الشيخ الطوسي ان في قلع الضرس شاة، استنادا الى مارواه في التهذيب عن محمد بن عيسى عن عدة من اصحابنا عن رجل من اهل خراسان: ان مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شيء: محرم قلع ضرسه، فكتب: يهريق دما »، قال في الحدائق انه مع ارساله ان المكتوب اليه غير معلوم والاستناد الى ماهذا شأنه واثبات حكم شرعي به مشكل.

(٢) كما هو المشهور، وتشهد له النصوص ففي صحيحة الحلبي عنهعليه‌السلام قال: المحرم إذا خاف العدو يلبس السلاح فلا كفارة عليه.

(٣) لكون المنهي عنه في الروايات خصوص الحمل.

١٤٨

لم يعد مسلحا عرفا، ومع ذلك فالترك أحوط(١) .

مسألة ١٥٥: تختص حرمة التسلح بحال الاختيار، ولابأس به عند الاضطرار كالخوف من العدو أو السرقة(٢) .

مسألة ١٥٦: كفارة التسلح - لغير الضرورة - شاة على الأحوط(٣) .

إلى هنا انتهت الأمور التي تحرم على المحرم

محرمات الحرم

الأول: صيد البر، كما تقدم في المسألة ٦٤.

الثاني: قلع كلَّ شيء نبت في الحرم أو قطعه من شجر وغيره(٤) ،

____________________

(١) خروجا عن خلاف من احتمل حرمته.

(٢) تشهد له الصحيحة السابقة.

(٣) ظاهر صحيحة الحلبي وجوب الكفارة على المختار لكنها لم تبين جنسها، فإن صدق على التسلح اللبس شمله صحيحة زرارة في أن من لبس ثوبا لاينبغي له عليه شاة، مضافا الى ان اطلاق الكفارة ينصرف إليه، وبما انه لاقائل بوجوبها فالاحتياط في محله.

(٤) نصاً واجماعاً.

١٤٩

ولابأس بما يقطع عند المشي على النحو المتعارف(١) كما لابأس بأن تترك الدواب في الحرم لتأكل من حشيشه(٢) ، ولكن لاينزع لها حتى علوفة الإبل على الاصح(٣) .

ويستثني من حرمة القطع موارد(٤) :

____________________

(١) لعدم الردع بالتوقي منه مع كثرة الابتلاء به، ممايوجب انصراف النصوص عنه.

(٢) ففي صحيحة الحلبي عنهعليه‌السلام قال: يخلّى عن البعير في الحرم يأكل ماشاء.

(٣) تشهد له معتبرة ابن سنان قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : المحرم ينحر بعيره أو يذبح شاته ؟ قال: نعم، قلت: له أن يحتش لدابته وبعيره؟ قال: نعم ويقطع ماشاء من الشجر حتى يدخل الحرم، فإذا دخل الحرم فلا » ووجود عبدالله بن القاسم في سندها لايسقط اعتبارها لكون تهمته هي الغلو وهي اوهي من بيت العنكبوت، مضافا الى النصوص الكثيرة المستفيضة الناهية عن قلع الشجر والحشيش النابتين في الحرم، وتخصيصها بصحيحة ابن حمران قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن النبت الذي في أرض الحرم أينزع ؟ فقال: أما شيء تأكله الابل فليس به بأس ان تنزعه » ليس بصحيح لظهور رجوع الضمير الى الابل في قولهعليه‌السلام «تنزعه» ومع عدم التسليم لايمكن القطع برجوعه الى الراوي فتكون الرواية مجملة، فتأمل.

(٤) كما هو صريح جملة من الروايات.

١٥٠

١ - الإذخِر، وهو نبت معروف.

٢ - النخل وشجر الفاكهة.

٣ - ماغرسه الشخص من الشجر أو زرعه من العشب بنفسه، سواء في ملكه أم في ملك غيره.

٤ - الاشجار أو الأعشاب التي تنمو في دار الشخص، ومنزله بعد ماصارت داره ومنزله(١) ، وأما ماكان موجودا منهما قبل ذلك فحكمه حكم سائر الأشجار والأعشاب.

مسألة ١٥٧: الشجرة التي يكون أصلها في الحرم وفرعها في خارجه أو بالعكس، حكمها حكم الشجرة التي يكون جميعها في الحرم(٢)

____________________

(١) ففي صحيحة حريز عنهعليه‌السلام قال: كل شيء ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين إلا مانبته أنت وغرسته » وفي صحيحة حماد قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن الرجل يقلع الشجرة من مضربه أو داره في الحرم، فقال: إن كانت الشجرة لم تزل قبل أن يبني الدار أو يتخذ المضرب، فليس له ان يقلعها وإن كان طرية عليه فله قلعها.

(٢) كما هو صريح صحيحة معاوية قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن شجرة اصلها في الحرم وفرعها في الحل، فقال: حرم فرعها لمكان اصلها، قال: قلت: فإن اصلها في الحل وفرعها في الحرم، قال: حرم أصلها لمكان

١٥١

مسألة ١٥٨: كفارة قلع الشجرة قيمته تلك الشجرة، وفي القطع منها قيمة المقطوع على الأحوط فيهما(١) ، ولاكفارة في قلع

____________________

فرعها.

(١) وجزم به السيد الخوئي وبعض الاعاظم من المعاصرين، خلافا للمشهور حيث اوجب بقرة للشجرة الكبيرة وشاة للصغيرة وفي ابعاضها قيمتها، وذهب ابن ادريس الى عدم الكفارة وهو ظاهر الشرائع والنافع واستوجهه في المدارك، ومستند المشهور في التفصيل مرسلة موسى بن القاسم قال: روى اصحابنا عن احدهماعليهما‌السلام أنه قال: إذا كان في دار الرجل شجرة من شجر الحرم لم تنزع، فإن نزعها كفر بذبح بقرة يتصدق بلحمها على المساكين » المحمولة على الشجرة الكبيرة، وكون الشجرة في ملكه لايعني جواز قلعها اذا لم يكن هو الغارس لها كما هو ظاهر صحيحة حريز المتقدمة، ودعوى بعض الاساطين من عدم دلالتها على الوجوب، يدفعه ظاهر قولهعليه‌السلام «كفّر»، وارسالها لايضر اذ ليس المرسل عنه واحد كما هو ظاهر لفظ «اصحابنا» فما ذهب اليه المشهور لايخلو من قوة.

أما وجوب قيمته في الابعاض فالتوقف فيه إشكال، وذلك لصحيحة ابن سليمان عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: سالته عن الرجل يقطع من الاراك بمكة قال: عليه ثمنه يتصدق به ولاينزع من شجر مكة إلا النخل وشجر الفواكه» فهي ظاهر في ثبوت الثمن للابعاض كما لايخفي.

١٥٢

الاعشاب وقطعها(١) .

الثالث: إقامة الحدّ أو القصاص أو التعزير على من جنى في غير الحرم ثم لجأ إليه، فإنها غير جائزة، ولكن لايطعم الجاني ولايسقى ولايكلم ولايبايع ولايؤوى حتى يضطر الى الخروج منه فيؤخذ ويعاقب على جنايته(٢) .

الرابع: أخذ لقطة الحرم على قول(٣) ، والاظهر كراهته كراهة شديدة(٤) ، فإن اخذها ولم تكن ذات علامة يمكن الوصول بها الى مالكها جاز له تملّكها وإن بلغت قيمتها درهما أو زادت عليه(٥) ،

____________________

(١) لعدم الدليل عليها.

(٢) نصاً واجماعاً، ففي صحيحة الحلبي قال: سألته عن قول الله عز وجل ( ومن دخله كان آمنا ) قال: إذا أحدث العبد في غير الحرم جناية ثم فرّ إلى الحرم لم يسع لأحد أن يأخذه في الحرم ولكن يمنع من السوق ولايبايع ولايطعم ولايسقى ولايكلم فإنه اذا فعل ذلك يوشك أن يخرج فيؤخذ، وإذا جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحد في الحرم لانه لم يرع للحرم حرمة.

(٣) كما نسب للمشهور.

(٤) اذ هي غاية مايستفاد من الادلة فراجع.

(٥) لعله لقولهعليه‌السلام في صحيحة ابن مهزيار عن الجواد عليه

١٥٣

وأما إذا كانت ذات علامة كذلك، فإن لم تبلغ درهما لم يجب تعريفها(١) ، والاحوط أن يتصدق بها عن مالكها(٢) ، وإن كانت قيمتها درهما فما زاد عرّفها سنة كاملة، فإن لم يظهر مالكها تصدق بها عنه على الاحوط(٣)

حدود الحرم

للحرم المكي حدود مضروبة المنار قديمة، ولها نصب معلومة

____________________

السلام قال: فالغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها... ومثل مال يؤخذ ولايعرف له صاحب » فبإطلاقها تشمل الحرم وغيره ومادون الدرهم وما فوقه.

(١) بلا خلاف فيه على الظاهر.

(٢) لاحتمال اختصاص التملك بالدرهم المنسحق كتابته كما هو مفاد بعض النصوص.

(٣) لقولهعليه‌السلام في صحيحة ابراهيم بن عمر عنهعليه‌السلام قال: اللقطة لقطتان: لقطة الحرم وتعرف سنة فان وجدت صاحبها وإلا تصدقت بها ولقطة غيرها تعرف سنة فإن لم تجد صاحبها فهي كسبيل مالك » وهي صريحة في اختلاف حكم اللقطتين فتقيّد الروايات المطلقة، فالتوقف في غير محله على الظاهر.

١٥٤

مأخوذة يدا بيد، ويحدّه من الشمال (التنعيم) ومن الشمال الغربي (الحديبية «الشميسي») ومن الشمال الشرقي (ثنية جبل المقطع) ومن الشرق (طرف عرفة من بطن نمرة) ومن الجنوب الشرقي (الجعرانة) ومن الجنوب الغربي (إضاءة لبن).

تذييل: للمدينة المنوّرة أيضا حرم، ومن حدوده جبلا (عائر) و (عير) وحرّتا (واقم) و (ليلى) وهو وإن كان لايجب الإحرام له إلا أنه لايجوز قطع شجره ولاسيما الرطب منه(١) - إلا ماتقدم استثناؤه في الحرم المكي - كما يحرم صيده مطلقا على الاحوط(٢) .

محل التكفير

مسألة ١٥٩: إذا وجبت على المحرم كفارة دم لأجل الصيد في العمرة المفردة فمحل ذبحها مكة المكرّمة، وإذا كان الصيد في إحرام عمرة التمتع أو الحج فمحل ذبح الكفارة منى(٣) ، وهكذا لوجبت

____________________

(١) للنصوص الكثيرة الدالة على حرمة القطع.

(٢) وجه الاحتياط اختلاف النصوص وبتبعها اختلفت الفتاوى والاقوال.

(٣) تشهد له صحيحة ابن سنان عنهعليه‌السلام قال: من وجب عليه

١٥٥

الكفارة على المحرم بسبب غير الصيد على الاحوط(١) .

____________________

فداء صيد أصابه وهو محرم فان كان حاجا نحر هديه الذي يجب عليه بمنى وإن كان معتمرا نحره بمكة قبال الكعبة ».

(١) واستظهر السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته جواز ذبحها حيث شاء، والمستند هو موثقة اسحاق بن عمار عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت له: الرجل يخرج من حجته شيئا يلزمه من دم، يجزيه ان يذبحه اذا رجع الى أهله، فقال: نعم، وقال - فيما اعلم - يتصدق به» وحسنة علي بن جعفر عنهعليه‌السلام : لكل شيء خرجت (جرحت) من حجك فعليك دم تهريقه حيث شئت » المقيَّدتات بروايات لزوم ذبح كفارة الصيد في مكة او منى.

أما صحيحة ابن بزيع عن الرضاعليه‌السلام قال: سأله رجل عن الظلال للمحرم من أذى مطر او شمس، وانا أسمع، فأمره أن يفدي شاة ويذبحها بمنى » وكذا صحيحته الاخرى، فمحمولة على الافضلية أو أنها مخصصة لموثقة اسحاق وحسنة علي، لاأنه يقع التعارض بين إطلاقهما وإطلاقها، بتقريب ان موثقة وحسنة اسحاق وابن جعفر أعم من كون الكفارة للتظليل وغيره، وصحيحة ابن بزيع أعم من كون الاحرام للعمرة المفردة ام الحج، إذ من الواضح - كما صرح بذلك سيد الفقهاء الخوئي - ان المقصود من الحج في الموثقة والحسنة ليس هو مايقابل العمرة بل هو الخروج من المناسك والاعمال مطلقا ويؤيده كون اسحاق وابن جعفر ليسا من سكنة مكّة المكرمة، فليس النسبة عموم وخصوص من وجه بل عموم وخصوص مطلقا فلا

١٥٦

مسألة ١٦٠: إذا وجبت الكفارة على المحرم بسبب الصيد أو غيره فلم يذبحها في مكة أو منى - لعذر أو بدونه - حتى رجع، جاز له ذبحها أين شاء على الاظهر(١) .

مصرف الكفارة

الكفّارات التي تلزم المحرم يجب أن يتصدق بها على الفقراء والمساكين(٢) ، والاحوط أن لايأكل منها المكفر نفسه(٣) ، ولو فعل

____________________

تعارض والله العالم·

(١) كما هو مقتضي موثقة اسحاق الآتية ·

(٢) كما هو صريح جملة من النصوص.

(٣) وجزم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته بجواز الاكل قليلا، استنادا لجملة من الروايات منها موثقة اسحاق قال: قلت لابي ابراهيم الرجل يخرج من حجته مايجب عليه الدم ولايهريقه حتى يرجع الى أهله، قال يهريقه في أهله ويأكل منه الشيء » وفي قبالها صحيحة أبي بصير وفيها: أيأكل منه ؟ فقالعليه‌السلام : لا، إنما هي للمساكين » وصحيحة الحلبي قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن فداء الصيد يأكل من لحمه، فقال: يأكل من اضحيته ويتصدق بالفداء » المحمولتان على الكراهة جمعا، إذ هما ظاهرتان في الحرمة بخلاف

=

١٥٧

ذلك فالاحوط أن يتصدق بثمن المأكول على الفقراء(١) .

الطواف

الطواف هو الواجب الثاني في عمرة التمتع.

ويفسد الحج بتركه عمداً سواء أكان عالماً بالحكم أم كان جاهلاً

____________________

=

موثقة وصحيحة اسحاق وابي بصير فإنهما ناصتان على الجواز.

(١) وبه جزم السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته، لانه حق للفقراء ولحسنة السكوني عن جعفر عن ابيه قال: « اذا اكل الرجل من الهدي تطوعا فلا شيء عليه وإن كان واجبا فعليه قيمة ماأكل ».

والدغدغة في سندها لوجود بنان وهو عبدالله بن محمد بن عيسى الاشعري، واهية جدا لرواية جماعة من الاجلاء عنه منهم محمد بن احمد بن يحيى وابن محبوب ومحمد بن يحيى وصفوان وموسى بن القاسم والصفار والحميري واحمد بن ادريس وعلي بن ابراهيم وغيرهم من العظماء، ولم يستثن من نوادر الحكمة، وأخبار اخيه احمد بن محمد مع جماعة من الرواة - بعضهم من عيون الطائفة - مشهورة ومعروفة، مضافا الى انه من الاشاعرة الذين قل ان نجد فيهم ضعفا، كيف !! وهو ابن شيخ القميين وزعيمهم وأخوه وجه الاصحاب ومعتمدهم.

١٥٨

ويفسد الحج بتركه عمداً سواء به، وعلى الجاهل كفارة بدنه على الاحوط، ويتحقق الترك بالتأخير إلى زمان لايمكنه إتمام أعمال العمرة قبل زوال الشمس من يوم عرفة(١) .

ثم إنه إذا بطلت العمرة بطل إحرامه أيضاً على الاظهر، ولايجزىء العدول بها إلى حج الإفراد وإن كان ذلك أحوط، بأن يأتي بأعمال حج الإفراد رجاءاً، بل الأحوط أن يأتي بالطواف وصلاته والسعي والحلق أو التقصير منها بقصدالأعم من حجّ الإفراد والعمرة المفردة.

يشترط في الطواف أمور:

الأول: النية، بأن يقصد الطواف متعبداً به بإضافته إلى الله تعالى إضافة تذلّلية مع تعيين المنوي كما مر في نية الإحرام.

الثاني: الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر، فلو طاف المحدث عمداً أو جهلاً أو نسياناً لم يصحّ طوافه(٢) .

مسألة ١٦١: إذا أحدث المحرم أثناء طوافه فللمسألة صور:

الاُولى: أن يكون ذلك قبل إتمام الشوط الرابع، ففي هذه الصورة

____________________

(١) راجع مسألة ١٤.

(٢) للنص والاجماع.

١٥٩

يبطل طوافه وتلزمه إعادته بعد الطهارة، حتى فيما إذا كان صدور الحدث بعد بلوغ النصف على الاظهر(١) .

الثانية: أن يكون الحدث بعد إتمامه الشوط الرابع ومن دون

____________________

(١) المشهور والمقطوع به من كلام الاصحاب كما في المدارك بل وعن ظاهر المنتهى الاجماع عليه أن من أحدث قبل تجاوز النصف فعليه الاستئناف وإن كان بعده تطهّر وأتم الباقي، لعدة من النصوص منها صحيحة جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهماعليهما‌السلام في الرجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه، قال: يخرج ويتوضأ، فإن كان جاز النصف بنى على طوافه، وإن كان أقل من النصف أعاد الطواف » وإرسالها لايضر لكون المرسل جميل والارسال بلفظ بعض اصحابنا واعتماد المشهور عليها فإهمالها مطلقا فيه مجازفة، ومثلها في الدلالة صحيحة حمران في الجماع بعد النصف، وحسنة ابي بصير ورواية الحلال في الحائض بعده.

والخلاف وقع في تفسير «النصف» فهل المقصود الصحيح وهو الاربعة او الكسري، يظهر من بعض النصوص الاول، ففي رواية اسحاق عمن سأل ابا عبداللهعليه‌السلام عن امرأة طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت، قال: ثم طوافها وليس عليها غيره ومتعتها تامة، ولها أن تطوف بين الصفا والمروة لانها زادت على النصف وقد قضت متعتها فلتستأنف بعد الحج، وإن هي لم تطف إلا ثلاثة أشواط فلتستأنف الحج » فقد جعل الثلاثة مقابل الاربعة لا الثلاثة والنصف فيعلم ان النصف لوحظ باعتبار العدد الصحيح، فتأمل.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415