إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج14%

إيضاح مناسك الحج مؤلف:
المحقق: الشيخ أحمد الماحوزي
تصنيف: علم الفقه
الصفحات: 415

إيضاح مناسك الحج
  • البداية
  • السابق
  • 415 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 112084 / تحميل: 9989
الحجم الحجم الحجم
إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

مسألة ١٤٢: ماتقدم من حرمة التظليل يختصّ بالرجال بحال السير وطيّ المسافة، وأما إذا نزل المحرم في مكان سواء اتخذه منزلاً أم لا، كما لو جلس في أثناء الطريق للاستراحة أو ملاقاة الأصدقاء أو لغير ذلك فلا إشكال في جواز الاستظلال له(١) .

وهل يجوز الاستظلال بالأجسام السائرة حال تردده في حوائجه في المكان الذي ينزل فيه أو لا ؟ مثلاً إذا نزل مكّة وأراد الذهاب الى المسجد الحرام لأداء الطواف والسعي، أو نزل مِنى وأراد الذهاب إلى المذبح أو مرمى الجمار، فهل يجوز له ركوب السيارة المسقفة أو رفع المظلة فوق رأسه أو لا ؟ الحكم بالجواز مشكل جداً، فالاحتياط لايترك(٢) .

____________________

(١) بلا خلاف أصلا، والنصوص فيه مستفيضة.

(٢) واستظهر الجواز السيد الخوئي وجزم به بعض اعاظم تلامذته.

ووجهه: أن المحرَّم من التظليل هو المتزامِن مع السير السفري كما هو ظاهر جملة من الروايات، وهو الذي كان موضع استنكار العامة على الخاصة ومحاجة الائمةعليهم‌السلام لهم بان السنّة اذا قيست محق الدين، ولا يقتصر على الجواز في خصوص الظل الثابت - كالخباء والخيمة - كما هو صريح الروايات، اذ لاخصوصية له، إذ محور محاجة الائمةعليهم‌السلام هو المقابل بين حرمة التظليل في السير السفري وجوازه عند انقطاع السفر، لاالتفريق بين مصاديق التظليل، فتأمل.

* يجوز إستعمال المصاعد الكهربائية المستعملة في العمارات السكنية.

١٤١

مسألة ١٤٣: لابأس بالتظليل للنساء والأطفال، وكذلك للرجال عند الضرورة(١) .

مسألة ١٤٤: إذا ظلّل المحرم على نفسه من المطر(٢) أو الشمس لزمته الكفارة، والظاهر أنه لافرق في ذلك بين حالتي الاختيار والاضطرار(٣) ، وإذا تكرر التظليل فالأحوط التكفير عن كل يوم، وإن كان الاظهر(٤) كفاية كفارة واحدة في كل إحرام، ويجزىء في

____________________

مصاديق التظليل، فتأمل ·

(١) نصاً واجماعاً.

(٢) نهاراً، لكونه في الليل احتياطاً وجوبياً، فما يتفرع عليه ينبغي أن يكون كذلك، فلاحظ.

(٣) لدلالة جملة من النصوص عليه، ففي صحيحة ابن ابي محمود قال: قلت للرضاعليه‌السلام : المحرم يظلل على محمله ويفدي إذا كانت الشمس والمطر يظران به، قال: نعم، قلت: كم الفداء ؟ قال: شاة » وغيرها من الصحاح.

(٤) لصحيحة ابي علي بن راشد قال: قلت لهعليه‌السلام : جعلت فداك أنه يشتد علي كشف الظلال في الاحرام لاني محرور يشتد علي حر الشمس، فقال: ظلل وأرق دما، فقلت له: دما أو دمين، قال: للعمرة، قلت: إنا نحرم بالعمرة وندخل مكة فنحل ونحرم بالحج، قال: فأرق دمين » فهي

١٤٢

الكفارة دم شاة.

* مسألة ١٤٥: إذا قام الغير بالتظليل على المحرم حال السير فإن تمكن من التخلص ولم يفعل - ولو لخوف الضرر على نفسه - فعليه الكفارة(١) ولاشيء على الغير مطلقا.

* مسألة ١٤٦: الرجال المحرمون المرافقون للنساء اذا ركبوا السيارات المسقفة نهارا تجب عليهم الكفارة(٢) .

____________________

صريحة في أن لكل احرام كفارة واحدة، وتعبير بعض الاعلام عنها بالموثقة في غير محله اذ ان ابا علي من العظماء الذي تجاوزوا القنطرة ويكفيه فخرا قول المعصوم فيه «عاش سعيداً ومات شهيداً» ولم ينسب له الوقف، والرواي عنه هو ابن عبيد وهو محمد بن عيسى الجليل، وتضعيف الشيخ له مبني على استثنائه من نوادر الحكمة، وهو غير تام، وقد وثقه النجاشي بقوله: جليل في اصحابنا ثقة عين كثير الرواية حسن التصانيف وكان الفضل يثني عليه ويمدحه ويميل اليه ويقول: ليس في أقرانه مثله انتهى، وقد اعتمد الصدوق عليه وارتضاه ولم يسمع كلام استاذه ابن الوليد فيه، بل صرح النجاشي بان الاصحاب ينكرون قول ابن الوليد فيه ويقولون من مثل ابي جعفر محمد بن عيسى.

(١) لوجوب الاضحاء مطلقا.

(٢) اذ موجبها الاختيار ولو اضطرارا كما مر.

١٤٣

* مسألة ١٤٧: لو اضطر المحرم إلى التظليل بعض الوقت لايجوز له الاستمرار في التظليل مع ارتفاع موجبه(١) ، ولكن لو استمر فيه لم تثبت عليه كفارة اخرى(٢) .

٢٢ - إخراج الدم من البدن

لايجوز للمحرم إخراج الدم من جسده على الأحوط(٣) - إلا

____________________

(١) ووجهه واضح.

(٢) لعله لإطلاق صحيحة ابي علي.

(٣) وهو المشهور بين الاصحاب واختاره بعض الاعاظم من تلامذة السيد، وتشهد له جملة من الروايات، كالتي تنهي عن الحجامة والحك اذا كان مؤديا الى الادماء، ولاخصوصية للعناوين المأخوذة فيها سيما بعد قولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية قال: سألته عن المحرم كيف يحك رأسه ؟ قال: باظافيره مالم يدم أو يقطع الشعر » ومثلها صحيحة عمر بن يزيد.

وقد حملها الشيخ في الخلاف والمحقق على الكراهة - وقواها بعض الاعاظم من المعاصرين - بقرينة صحيحة حريز وفيها « لابأس ان يحتجم المحرم مالم يحلق أو يقطع الشعر » وحملها على الضرورة خلاف الظاهر اذ قولهعليه‌السلام «لابأس» بيان للحكم الاولي، نعم يمكن أن يقال بكراهة

١٤٤

لضرورة - وإن كان ذلك بفصد أو حجامة أو قلع ضرس أو حك أو غيرها.

نعم، الاظهر جواز الاستياك وإن لزم منه الإدماء(١) ، وكفارة اخراج الدم - لغير الضرورة - شاة على الأحوط الأولى(٢) .

* مسألة ١٤٨: يجوز للمحرم تزريق غيره بالابرة إذا كان يستلزم خروج الدم منه(٣) ، والاحوط تركه فيما إذا كان الغير محرما(٤) .

____________________

الحجامة خاصة توفيقاً بين النصوص، ولقولهعليه‌السلام في الصحيحة الاتية في السواك «هو من السنة» وهي لاتقل فائدة وحثا من الشارع عنه.

(١) تدل عليه صحيحة معاوية قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام في المحرم يستاك، قال: نعم، قلت: فإن أدمى يستاك؟ قال: نعم، هو من السنة»، وفي قبالها صحيحة الحلبي قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن المحرم يستاك ؟ قال: نعم، ولايدمي » المحمولة على الكراهة لكون الاولى نصا في الجواز والثانية ظاهرة في الحرمة.

(٢) لعدم الدليل على الكفارة من النصوص، وحكى الشهيد عن بعض اصحاب المناسك أن كفارته شاة، ولعله لحسنة ابن جعفر بناء على نسخة «جرحت»، ونقل عن الحلبي أن كفارة حك الجسم حتى يدمي اطعام مسكين.

(٣) اذ مورد النصوص - كما هو ظاهر - اخراج المحرم الدم من بدنه، أو التسبيب في ذلك إذ هو بمثابة الاخراج المباشري.

(٤) لاحتمال شمول ادلة النهي له سيّما روايات الحجامة، بل الاحوط

١٤٥

٢٣ - التقليم

لايجوز للمحرم تقليم ظفره ولو بعضه، إلا أن تدعو ضرورة إلى ذلك أو يتأذى ببقائه، كما إذا انكسر بعض ظفره وتألم من بقاء الباقي فيجوز له حينئذ قطعه(١) .

مسألة ١٤٩: كفارة تقليم كل ظفر من اليد أو الرجل مُد من الطعام مالم يبلغ في كل منهما العشرة، فإذا بلغها - ولو في مجالس متعددة - كانت كفارته شاة لكل من أظافير اليدين وأظافير الرجلين، نعم إذا كان تقليم أظافير اليدين والرجلين جميعا في مجلس واحد فالكفارة شاة واحدة(٢) .

____________________

تركه مطلقا حتى لو كان الغير حيوانا، وذلك لموثقة عبدالله بن سعيد قال: سأل ابو عبدالرحمن أبا عبداللهعليه‌السلام عن المحرم يعالج دبر الجمل، قال: يلقي عنه الدواب ولايدميه » وليس الجمل من الحيوانات الوحشية حتى يحرم صيده وجرحه كما لايخفى.

(١) ففي صحيحة معاوية قال: سألته عن الرجل المحرم تطول أظافره، قال: لايقص شيئا منها إن استطاع، فإن كانت تؤذيه فليقصها وليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام.

(٢) تشهد له صحيحة ابي بصير قال: سالت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل قص ظفراً من أظافيره وهو محرم، قال: عليه في كل ظفر قيمة مد من

١٤٦

مسألة ١٥٠: إذا قلم المحرم ظفره فأدمى إصبعه اعتمادا على فتوى من جوزه خطأ، وجبت الكفارة على المفتي على الاحوط(١) .

* مسألة ١٥١: لايبعد جواز تقليم المحرم أظافر غيره محلاً كان أم محرماً(٢) ، إلا أن الاحوط في الثاني الترك(٣) .

٢٤ - قلع الضرس

مسألة ١٥٢: ذهب بعض الفقهاء إلى حرمة قلع الضرس على

____________________

طعام حتى يبلغ عشرة، فإن قلم أصابع يديه كلها فعليه دم شاة، فإن قلم اظافير يديه ورجليه جميعا، فقال: إن كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم، وإن كان فعله متفرقا في مجلسين فعليه دمان.

(١) كما هو المشهور، استنادا لرواية اسحاق الصيرفي قال: قلت لابي ابراهيمعليه‌السلام إن رجلا أحرم فقلم اظفاره، فكانت له اصبع عليله، فترك ظفرها لم يقصه، فأفتاه رجل بعد ما أحرم فقصه فأدماه، فقال: على الذي افتى شاة » وهي ضعيفة سندا مع عمل المشهور بها فإحتياط الماتن دام ظله في محله والله العالم.

(٢) إذ مورد النهي في النصوص تقليم المحرم أظافر نفسه.

(٣) لاحتمال شمول النصوص له.

١٤٧

المحرم وإن لم يخرج به الدم، وأوجبوا له كفارة شاة، ولكن في دليله تأملا، بل لايبعد جوازه(١) .

٢٥ - حمل السلاح

مسألة ١٥٣: لايجوز للمحرم لبس السلاح(٢) ، بل ولا حمله على وجه يعدّ مسلحا على الاحوط، والمراد بالسلاح كل مايصدق عليه لفظه عرفا، كالسيف والبندقية والرمح دون آلات التحفّظ كالدرع والمغفرة ونحوهما.

مسألة ١٥٤: لابأس بوجود السلاح عند المحرم(٣) ، ولايحمله إذا

____________________

(١) نقل عن الشيخ الطوسي ان في قلع الضرس شاة، استنادا الى مارواه في التهذيب عن محمد بن عيسى عن عدة من اصحابنا عن رجل من اهل خراسان: ان مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شيء: محرم قلع ضرسه، فكتب: يهريق دما »، قال في الحدائق انه مع ارساله ان المكتوب اليه غير معلوم والاستناد الى ماهذا شأنه واثبات حكم شرعي به مشكل.

(٢) كما هو المشهور، وتشهد له النصوص ففي صحيحة الحلبي عنهعليه‌السلام قال: المحرم إذا خاف العدو يلبس السلاح فلا كفارة عليه.

(٣) لكون المنهي عنه في الروايات خصوص الحمل.

١٤٨

لم يعد مسلحا عرفا، ومع ذلك فالترك أحوط(١) .

مسألة ١٥٥: تختص حرمة التسلح بحال الاختيار، ولابأس به عند الاضطرار كالخوف من العدو أو السرقة(٢) .

مسألة ١٥٦: كفارة التسلح - لغير الضرورة - شاة على الأحوط(٣) .

إلى هنا انتهت الأمور التي تحرم على المحرم

محرمات الحرم

الأول: صيد البر، كما تقدم في المسألة ٦٤.

الثاني: قلع كلَّ شيء نبت في الحرم أو قطعه من شجر وغيره(٤) ،

____________________

(١) خروجا عن خلاف من احتمل حرمته.

(٢) تشهد له الصحيحة السابقة.

(٣) ظاهر صحيحة الحلبي وجوب الكفارة على المختار لكنها لم تبين جنسها، فإن صدق على التسلح اللبس شمله صحيحة زرارة في أن من لبس ثوبا لاينبغي له عليه شاة، مضافا الى ان اطلاق الكفارة ينصرف إليه، وبما انه لاقائل بوجوبها فالاحتياط في محله.

(٤) نصاً واجماعاً.

١٤٩

ولابأس بما يقطع عند المشي على النحو المتعارف(١) كما لابأس بأن تترك الدواب في الحرم لتأكل من حشيشه(٢) ، ولكن لاينزع لها حتى علوفة الإبل على الاصح(٣) .

ويستثني من حرمة القطع موارد(٤) :

____________________

(١) لعدم الردع بالتوقي منه مع كثرة الابتلاء به، ممايوجب انصراف النصوص عنه.

(٢) ففي صحيحة الحلبي عنهعليه‌السلام قال: يخلّى عن البعير في الحرم يأكل ماشاء.

(٣) تشهد له معتبرة ابن سنان قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : المحرم ينحر بعيره أو يذبح شاته ؟ قال: نعم، قلت: له أن يحتش لدابته وبعيره؟ قال: نعم ويقطع ماشاء من الشجر حتى يدخل الحرم، فإذا دخل الحرم فلا » ووجود عبدالله بن القاسم في سندها لايسقط اعتبارها لكون تهمته هي الغلو وهي اوهي من بيت العنكبوت، مضافا الى النصوص الكثيرة المستفيضة الناهية عن قلع الشجر والحشيش النابتين في الحرم، وتخصيصها بصحيحة ابن حمران قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن النبت الذي في أرض الحرم أينزع ؟ فقال: أما شيء تأكله الابل فليس به بأس ان تنزعه » ليس بصحيح لظهور رجوع الضمير الى الابل في قولهعليه‌السلام «تنزعه» ومع عدم التسليم لايمكن القطع برجوعه الى الراوي فتكون الرواية مجملة، فتأمل.

(٤) كما هو صريح جملة من الروايات.

١٥٠

١ - الإذخِر، وهو نبت معروف.

٢ - النخل وشجر الفاكهة.

٣ - ماغرسه الشخص من الشجر أو زرعه من العشب بنفسه، سواء في ملكه أم في ملك غيره.

٤ - الاشجار أو الأعشاب التي تنمو في دار الشخص، ومنزله بعد ماصارت داره ومنزله(١) ، وأما ماكان موجودا منهما قبل ذلك فحكمه حكم سائر الأشجار والأعشاب.

مسألة ١٥٧: الشجرة التي يكون أصلها في الحرم وفرعها في خارجه أو بالعكس، حكمها حكم الشجرة التي يكون جميعها في الحرم(٢)

____________________

(١) ففي صحيحة حريز عنهعليه‌السلام قال: كل شيء ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين إلا مانبته أنت وغرسته » وفي صحيحة حماد قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن الرجل يقلع الشجرة من مضربه أو داره في الحرم، فقال: إن كانت الشجرة لم تزل قبل أن يبني الدار أو يتخذ المضرب، فليس له ان يقلعها وإن كان طرية عليه فله قلعها.

(٢) كما هو صريح صحيحة معاوية قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن شجرة اصلها في الحرم وفرعها في الحل، فقال: حرم فرعها لمكان اصلها، قال: قلت: فإن اصلها في الحل وفرعها في الحرم، قال: حرم أصلها لمكان

١٥١

مسألة ١٥٨: كفارة قلع الشجرة قيمته تلك الشجرة، وفي القطع منها قيمة المقطوع على الأحوط فيهما(١) ، ولاكفارة في قلع

____________________

فرعها.

(١) وجزم به السيد الخوئي وبعض الاعاظم من المعاصرين، خلافا للمشهور حيث اوجب بقرة للشجرة الكبيرة وشاة للصغيرة وفي ابعاضها قيمتها، وذهب ابن ادريس الى عدم الكفارة وهو ظاهر الشرائع والنافع واستوجهه في المدارك، ومستند المشهور في التفصيل مرسلة موسى بن القاسم قال: روى اصحابنا عن احدهماعليهما‌السلام أنه قال: إذا كان في دار الرجل شجرة من شجر الحرم لم تنزع، فإن نزعها كفر بذبح بقرة يتصدق بلحمها على المساكين » المحمولة على الشجرة الكبيرة، وكون الشجرة في ملكه لايعني جواز قلعها اذا لم يكن هو الغارس لها كما هو ظاهر صحيحة حريز المتقدمة، ودعوى بعض الاساطين من عدم دلالتها على الوجوب، يدفعه ظاهر قولهعليه‌السلام «كفّر»، وارسالها لايضر اذ ليس المرسل عنه واحد كما هو ظاهر لفظ «اصحابنا» فما ذهب اليه المشهور لايخلو من قوة.

أما وجوب قيمته في الابعاض فالتوقف فيه إشكال، وذلك لصحيحة ابن سليمان عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: سالته عن الرجل يقطع من الاراك بمكة قال: عليه ثمنه يتصدق به ولاينزع من شجر مكة إلا النخل وشجر الفواكه» فهي ظاهر في ثبوت الثمن للابعاض كما لايخفي.

١٥٢

الاعشاب وقطعها(١) .

الثالث: إقامة الحدّ أو القصاص أو التعزير على من جنى في غير الحرم ثم لجأ إليه، فإنها غير جائزة، ولكن لايطعم الجاني ولايسقى ولايكلم ولايبايع ولايؤوى حتى يضطر الى الخروج منه فيؤخذ ويعاقب على جنايته(٢) .

الرابع: أخذ لقطة الحرم على قول(٣) ، والاظهر كراهته كراهة شديدة(٤) ، فإن اخذها ولم تكن ذات علامة يمكن الوصول بها الى مالكها جاز له تملّكها وإن بلغت قيمتها درهما أو زادت عليه(٥) ،

____________________

(١) لعدم الدليل عليها.

(٢) نصاً واجماعاً، ففي صحيحة الحلبي قال: سألته عن قول الله عز وجل ( ومن دخله كان آمنا ) قال: إذا أحدث العبد في غير الحرم جناية ثم فرّ إلى الحرم لم يسع لأحد أن يأخذه في الحرم ولكن يمنع من السوق ولايبايع ولايطعم ولايسقى ولايكلم فإنه اذا فعل ذلك يوشك أن يخرج فيؤخذ، وإذا جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحد في الحرم لانه لم يرع للحرم حرمة.

(٣) كما نسب للمشهور.

(٤) اذ هي غاية مايستفاد من الادلة فراجع.

(٥) لعله لقولهعليه‌السلام في صحيحة ابن مهزيار عن الجواد عليه

١٥٣

وأما إذا كانت ذات علامة كذلك، فإن لم تبلغ درهما لم يجب تعريفها(١) ، والاحوط أن يتصدق بها عن مالكها(٢) ، وإن كانت قيمتها درهما فما زاد عرّفها سنة كاملة، فإن لم يظهر مالكها تصدق بها عنه على الاحوط(٣)

حدود الحرم

للحرم المكي حدود مضروبة المنار قديمة، ولها نصب معلومة

____________________

السلام قال: فالغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها... ومثل مال يؤخذ ولايعرف له صاحب » فبإطلاقها تشمل الحرم وغيره ومادون الدرهم وما فوقه.

(١) بلا خلاف فيه على الظاهر.

(٢) لاحتمال اختصاص التملك بالدرهم المنسحق كتابته كما هو مفاد بعض النصوص.

(٣) لقولهعليه‌السلام في صحيحة ابراهيم بن عمر عنهعليه‌السلام قال: اللقطة لقطتان: لقطة الحرم وتعرف سنة فان وجدت صاحبها وإلا تصدقت بها ولقطة غيرها تعرف سنة فإن لم تجد صاحبها فهي كسبيل مالك » وهي صريحة في اختلاف حكم اللقطتين فتقيّد الروايات المطلقة، فالتوقف في غير محله على الظاهر.

١٥٤

مأخوذة يدا بيد، ويحدّه من الشمال (التنعيم) ومن الشمال الغربي (الحديبية «الشميسي») ومن الشمال الشرقي (ثنية جبل المقطع) ومن الشرق (طرف عرفة من بطن نمرة) ومن الجنوب الشرقي (الجعرانة) ومن الجنوب الغربي (إضاءة لبن).

تذييل: للمدينة المنوّرة أيضا حرم، ومن حدوده جبلا (عائر) و (عير) وحرّتا (واقم) و (ليلى) وهو وإن كان لايجب الإحرام له إلا أنه لايجوز قطع شجره ولاسيما الرطب منه(١) - إلا ماتقدم استثناؤه في الحرم المكي - كما يحرم صيده مطلقا على الاحوط(٢) .

محل التكفير

مسألة ١٥٩: إذا وجبت على المحرم كفارة دم لأجل الصيد في العمرة المفردة فمحل ذبحها مكة المكرّمة، وإذا كان الصيد في إحرام عمرة التمتع أو الحج فمحل ذبح الكفارة منى(٣) ، وهكذا لوجبت

____________________

(١) للنصوص الكثيرة الدالة على حرمة القطع.

(٢) وجه الاحتياط اختلاف النصوص وبتبعها اختلفت الفتاوى والاقوال.

(٣) تشهد له صحيحة ابن سنان عنهعليه‌السلام قال: من وجب عليه

١٥٥

الكفارة على المحرم بسبب غير الصيد على الاحوط(١) .

____________________

فداء صيد أصابه وهو محرم فان كان حاجا نحر هديه الذي يجب عليه بمنى وإن كان معتمرا نحره بمكة قبال الكعبة ».

(١) واستظهر السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته جواز ذبحها حيث شاء، والمستند هو موثقة اسحاق بن عمار عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت له: الرجل يخرج من حجته شيئا يلزمه من دم، يجزيه ان يذبحه اذا رجع الى أهله، فقال: نعم، وقال - فيما اعلم - يتصدق به» وحسنة علي بن جعفر عنهعليه‌السلام : لكل شيء خرجت (جرحت) من حجك فعليك دم تهريقه حيث شئت » المقيَّدتات بروايات لزوم ذبح كفارة الصيد في مكة او منى.

أما صحيحة ابن بزيع عن الرضاعليه‌السلام قال: سأله رجل عن الظلال للمحرم من أذى مطر او شمس، وانا أسمع، فأمره أن يفدي شاة ويذبحها بمنى » وكذا صحيحته الاخرى، فمحمولة على الافضلية أو أنها مخصصة لموثقة اسحاق وحسنة علي، لاأنه يقع التعارض بين إطلاقهما وإطلاقها، بتقريب ان موثقة وحسنة اسحاق وابن جعفر أعم من كون الكفارة للتظليل وغيره، وصحيحة ابن بزيع أعم من كون الاحرام للعمرة المفردة ام الحج، إذ من الواضح - كما صرح بذلك سيد الفقهاء الخوئي - ان المقصود من الحج في الموثقة والحسنة ليس هو مايقابل العمرة بل هو الخروج من المناسك والاعمال مطلقا ويؤيده كون اسحاق وابن جعفر ليسا من سكنة مكّة المكرمة، فليس النسبة عموم وخصوص من وجه بل عموم وخصوص مطلقا فلا

١٥٦

مسألة ١٦٠: إذا وجبت الكفارة على المحرم بسبب الصيد أو غيره فلم يذبحها في مكة أو منى - لعذر أو بدونه - حتى رجع، جاز له ذبحها أين شاء على الاظهر(١) .

مصرف الكفارة

الكفّارات التي تلزم المحرم يجب أن يتصدق بها على الفقراء والمساكين(٢) ، والاحوط أن لايأكل منها المكفر نفسه(٣) ، ولو فعل

____________________

تعارض والله العالم·

(١) كما هو مقتضي موثقة اسحاق الآتية ·

(٢) كما هو صريح جملة من النصوص.

(٣) وجزم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته بجواز الاكل قليلا، استنادا لجملة من الروايات منها موثقة اسحاق قال: قلت لابي ابراهيم الرجل يخرج من حجته مايجب عليه الدم ولايهريقه حتى يرجع الى أهله، قال يهريقه في أهله ويأكل منه الشيء » وفي قبالها صحيحة أبي بصير وفيها: أيأكل منه ؟ فقالعليه‌السلام : لا، إنما هي للمساكين » وصحيحة الحلبي قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن فداء الصيد يأكل من لحمه، فقال: يأكل من اضحيته ويتصدق بالفداء » المحمولتان على الكراهة جمعا، إذ هما ظاهرتان في الحرمة بخلاف

=

١٥٧

ذلك فالاحوط أن يتصدق بثمن المأكول على الفقراء(١) .

الطواف

الطواف هو الواجب الثاني في عمرة التمتع.

ويفسد الحج بتركه عمداً سواء أكان عالماً بالحكم أم كان جاهلاً

____________________

=

موثقة وصحيحة اسحاق وابي بصير فإنهما ناصتان على الجواز.

(١) وبه جزم السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته، لانه حق للفقراء ولحسنة السكوني عن جعفر عن ابيه قال: « اذا اكل الرجل من الهدي تطوعا فلا شيء عليه وإن كان واجبا فعليه قيمة ماأكل ».

والدغدغة في سندها لوجود بنان وهو عبدالله بن محمد بن عيسى الاشعري، واهية جدا لرواية جماعة من الاجلاء عنه منهم محمد بن احمد بن يحيى وابن محبوب ومحمد بن يحيى وصفوان وموسى بن القاسم والصفار والحميري واحمد بن ادريس وعلي بن ابراهيم وغيرهم من العظماء، ولم يستثن من نوادر الحكمة، وأخبار اخيه احمد بن محمد مع جماعة من الرواة - بعضهم من عيون الطائفة - مشهورة ومعروفة، مضافا الى انه من الاشاعرة الذين قل ان نجد فيهم ضعفا، كيف !! وهو ابن شيخ القميين وزعيمهم وأخوه وجه الاصحاب ومعتمدهم.

١٥٨

ويفسد الحج بتركه عمداً سواء به، وعلى الجاهل كفارة بدنه على الاحوط، ويتحقق الترك بالتأخير إلى زمان لايمكنه إتمام أعمال العمرة قبل زوال الشمس من يوم عرفة(١) .

ثم إنه إذا بطلت العمرة بطل إحرامه أيضاً على الاظهر، ولايجزىء العدول بها إلى حج الإفراد وإن كان ذلك أحوط، بأن يأتي بأعمال حج الإفراد رجاءاً، بل الأحوط أن يأتي بالطواف وصلاته والسعي والحلق أو التقصير منها بقصدالأعم من حجّ الإفراد والعمرة المفردة.

يشترط في الطواف أمور:

الأول: النية، بأن يقصد الطواف متعبداً به بإضافته إلى الله تعالى إضافة تذلّلية مع تعيين المنوي كما مر في نية الإحرام.

الثاني: الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر، فلو طاف المحدث عمداً أو جهلاً أو نسياناً لم يصحّ طوافه(٢) .

مسألة ١٦١: إذا أحدث المحرم أثناء طوافه فللمسألة صور:

الاُولى: أن يكون ذلك قبل إتمام الشوط الرابع، ففي هذه الصورة

____________________

(١) راجع مسألة ١٤.

(٢) للنص والاجماع.

١٥٩

يبطل طوافه وتلزمه إعادته بعد الطهارة، حتى فيما إذا كان صدور الحدث بعد بلوغ النصف على الاظهر(١) .

الثانية: أن يكون الحدث بعد إتمامه الشوط الرابع ومن دون

____________________

(١) المشهور والمقطوع به من كلام الاصحاب كما في المدارك بل وعن ظاهر المنتهى الاجماع عليه أن من أحدث قبل تجاوز النصف فعليه الاستئناف وإن كان بعده تطهّر وأتم الباقي، لعدة من النصوص منها صحيحة جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهماعليهما‌السلام في الرجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه، قال: يخرج ويتوضأ، فإن كان جاز النصف بنى على طوافه، وإن كان أقل من النصف أعاد الطواف » وإرسالها لايضر لكون المرسل جميل والارسال بلفظ بعض اصحابنا واعتماد المشهور عليها فإهمالها مطلقا فيه مجازفة، ومثلها في الدلالة صحيحة حمران في الجماع بعد النصف، وحسنة ابي بصير ورواية الحلال في الحائض بعده.

والخلاف وقع في تفسير «النصف» فهل المقصود الصحيح وهو الاربعة او الكسري، يظهر من بعض النصوص الاول، ففي رواية اسحاق عمن سأل ابا عبداللهعليه‌السلام عن امرأة طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت، قال: ثم طوافها وليس عليها غيره ومتعتها تامة، ولها أن تطوف بين الصفا والمروة لانها زادت على النصف وقد قضت متعتها فلتستأنف بعد الحج، وإن هي لم تطف إلا ثلاثة أشواط فلتستأنف الحج » فقد جعل الثلاثة مقابل الاربعة لا الثلاثة والنصف فيعلم ان النصف لوحظ باعتبار العدد الصحيح، فتأمل.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

وقد تعلو على الرأس الذنابى

كما يعلو على النار الدخان.

ولو أن خطابنا مع غير الجاحظ من ذوي الشرف المتوجين بالمناقب لقلنا(١) عند مجاراتنا في ميادين الفخر وسيرنا(٢) في جدد الفخار.

علونا فلو مدت إلينا بنانها

يمين المناوي(٣) زايلتها المعاصم

وغلت بمجد من سنانا محلق

إذا ما يمين قيدتها الأداهم(٤)

مفاخر ميراث ومجد مؤثل

رفيع الذرى يشقى بهن المخاصم

ألا فلتقر عين النفاسة بعد ما

طما بحرنا المثعنجر(٥) المتلاطم(٦)

وتجف مغاني(٧) الجد في نيل بغية

تقاصر عنها السعي والسعي راغم.

وأما موافقة أصحاب معاوية له فلأنه داناهم في الأغراض وناسبهم في المقاصد ورضع هو وإياهم ثدي المحاب الفانية متفقين فصاروا يدا واحدة على الموافقات وعضدا في المكاثرات وارتفع مولانا صلوات الله عليه بمجده والتمح جلال الله تعالى في آفاق بصيرته وسعادة الدار الباقية بعين فكره ومهانة الدار الفانية بلطيف نقده فحمى منها نفسه وأتباعه والأغلب(٨) على الغرام بما صدهم عنه والأغزر(٩) على الشعف بما صانهم منه فأعرضوا عن مراسمه واعترضوه فيما دبرته فنون حكمه وقبيل(١٠)

__________________

(١) ن: لغلبنا.

(٢) ن: سبرنا.

(٣) ن: المبادي.

(٤) الاداهم: القيود.

(٥) المثعنجر: اكثر موضع ماء في البحر، من عثجر المطر اذا لم يكن له امساك.

(٦) ج: الملاطم.

(٧) ن: معاني. والمغاني: المنازل ( المنجد ).

(٨) ن: فالاغلب.

(٩) ن: ولا غرز - والغزر والغزارة: الكثرة ( المنجد ).

(١٠) ن: فقبيل.

٣٨١

جهلوا شرفه والمجد الرفيع تقصر عن تكييفه الحداق(١) وتخذل عن الوصول إلى سرائره الفطن فترى لذلك سهاها أبهى من ثواقبه وغياباتها أجلى من كواكبه.

وبعض يرى أن مناقبه خصم لمناصبه(٢) فيغار منه غيرة المرأة الشوهاء المسنة من الخرائد(٣) والمخشلب(٤) من الفرائد والكمال إذ ذاك لصاحبه والنقص على من لا يدانيه في مناقبه وشرف مذاهبه.

لا يوحش الربع المحلق شأوه(٥)

هجر البغاث(٦) محله وحماه

سقطت ونافاها فخارا شامخا(٧)

وأبى ارتفاعا أن تحل ذراه.

ثم أجرى الجاحظ حديث قول عمر رضوان الله عليه كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرها(٨) وأطال الخطاب في ذلك بلفظ حليته الهذر وطبيعته الخداع ومزاجه النقص حاصله أن البيعة سميت فلتة إذ سلمت من انتقاض الأمور قال وهذه مكرمة لا يجوز أن يحبو بها خالق العباد إلا نبيا أو خليفة نبي(٩) .

فنن ذلك ولو شئنا لفننا مقابلة تفنينه(١٠) ألفاظ ومعاني لا تدانيها ألفاظه ولا تقرب منها معانيه لكن ذلك تضييع للوقت وشغل للنفوس

__________________

(١) ن: الحذاق.

(٢) ج: لمناجيه.

(٣) الخرائد: مفردها خريده، البكر التي لم تمس ( المنجد ).

(٤) ق ون: المخثلب. والمخشلب: الخرز ( لسان العرب ).

(٥) الشأو: الامد والغاية. ( المنجد ).

(٦) البغاث: طائر اصغر من الرخم، بطيء الطيران ( المنجد ).

(٧) ق: شاهقا.

(٨) العثمانية: ١٩٦.

(٩) العثمانية: ١٩٩.

(١٠) ن: تفننه.

٣٨٢

والجوارح عما هو أنفع منه.

ويقول لسان الجارودية وأنا أستغفر الله إذا حكيت قول خصمه لكن كما ذكرنا كلامه نذكر قواعد خصمه ليقوم العدل وتلوح وجوه المباحث قوله بعد ما أجبت عنه إن الذي جرى من حسم مواد الفساد يشكل بما أن الجارودية تقول إنه فتح باب اختلاف القلوب وتباين الآراء وتهييج العداوة والمنافرات واشتغال المسلمين بعض منهم ببعض عن أشد أعدائهم وأغلظ شانئيهم ولو أعطوا القوس راميها والسيف ربه وصدور المجالس أهاليها أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان الخطر الذي أشار إليه زائلا وما بعد ذلك من فنون الفساد مفقودا إذ لو ملك زمام الرئاسة أولا ما اختلفت عليه الكلمة ولا شغبت(١) عليه الخصوم ولا نهضت إليه الكتائب لا نهدت إليه العصب ولا تعرض بما جرى من المخالفة لمراسمه عند ولايته أحد.

وكان ذلك فرع تبعيده عن المنصب وتأخيره عن الرتبة فطمع فيه من طمع وقوي عليه من قوي وكان أصل ذلك دفعه عن المقام وصرفه عن الرئاسة منزلا بعد منزل ومقاما بعد مقام.

وقد أسلفت شيئا يلحق بهذا ولو لم يكن إلا منع رسول الله عن كتب الصحيفة وأنها مانعة من الاختلاف بعده على ما رواه الخصوم لكفى وأن فتح باب الاختلاف كان عن المنع من كتب الصحيفة التي فرع كتابتها زوال الاختلاف.

وأما قوله إن الذي وقع من الفلتة لا يجوز أن يحبو به الله تعالى إلا نبيا أو خليفة نبي فإنه قول أبعد فيه ورد على عمر رضوان الله عليه بيانه قوله

__________________

(١) ق و ن: شغب.

٣٨٣

فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه بعد قوله وقى الله شرها ومراده بذلك من بايع بيعة مثلها عن غير مشاورة واتفاق فاقتلوه.

لا وجه للكلام غير هذا عند من اعتبر فإن قال إن غير هذا لا يشابهها في وجه المصلحة فلذلك قال فاقتلوه قلت هذا ممنوع لأنه قال إلى مثلها والمثلية تمنع المخالفة في الصفات.

وأما أنه لا يجوز أن يهب الله تعالى مثل الذي جرى إلا لنبي أو خليفة نبي فإنه افتراء محض وحكم على الله تعالى بالباطل وما البرهان على أن الله تعالى لا يحبو بنعمة مع فرض كون ما وقع من جليل النعم غير أنبيائه وخلفاء أنبيائه وكم رحمات لله تعالى جليلة تعم العصاة والطائعين والجناة والصالحين والمتعففين والمتمردين(١) .

وذكر بعد هذا تقريرا يدفع به محذور قول عمر رضوان الله عليه وقى الله شرها بكونه لو ارتأى ما بعد وقوع شر(٢) .

وقد أجبنا عن هذا بأنه لا يدل على صواب ما وقع فإن قيل إن عليا كان مشغولا و(٣) هذا يرد عليكم فيما أسلفتم من كون الصواب كان في التعويل على عليعليه‌السلام .

فالجواب(٤) بما أنه لم يكن ضرورة إلى حضوره بل نقول أولى الناس برسول الله قرابته الأدنون بشرفهم(٥) وفضلهم وزهادتهم وروحهم علي بن أبي طالبعليه‌السلام وفي ذلك قطع لطمع كل طامع إذ هو مناسب

__________________

(١) ق: المتردّدين.

(٢) العثمانية: ١٩٦ - ٢٠٠.

(٣) لا توجد الواو في: ق.

(٤) ج: والجواب.

(٥) ق: شرفهم.

٣٨٤

للعوائد ومن أنصف عرف أنه لا يرد على ذلك وارد(١) ممن سمعه وفي هذا مانع لقوله إن هذه منزلة لا يجوز أن يهبها الله تعالى إلا لنبي أو خليفة نبي إذ بالذي(٢) أشرنا إليه كانت تنحسم(٣) مواد الانتشار ويرد الأمر إلى من هو أولى به في فنون خصائصه وقد ذكرنا التنبيه عليها ولكن الشر الذي خافه عمر رضوان الله عليه نشأ من دفع بني هاشم وغيرهم من بني عبد مناف وقريش والأنصار وجعل من جعل الأمر بخاصة نفسه من غير مشاورة.

ثم إن عمر رضوان الله عليه أثبت الشر وكلام الجاحظ يفيد أنه كان في الذي جرى دفع الشر وهذا غريب.

اعترض الجاحظ قول من قال إن أبا بكر احتج على الأنصار بالنسب وأنه لو كان للنسب حكم لكان بنو هاشم أولى بأنه إنما فعل ذلك قطعا للشغب(٤) وبما أنه بدأ أولا بترجيح جانب المهاجرين قال وقد دل أبو بكر في أول خطبة خطبها بني آدم وذكر منها بأن خيرهم من اتقى(٥) .

والذي يقول لسان الجارودية على هذا إن أحسم المواد للشغب لو ذكر بني هاشم فلو(٦) لم يكن غرضه إلا حسم مادة الشغب وقطع الأنصار عن الرتبة لذكر بني هاشم ولكنه عدل عنهم لغرضه رضوان الله عليه في الخلافة(٧) .

__________________

(١) ن: راد.

(٢) ق: الّذي.

(٣) ن: تحسم.

(٤) العثمانيّة: ٢٠٠.

(٥) العثمانية: ٢٠٢.

(٦) ق: ولو.

(٧) ق: اخلافه.

٣٨٥

وأما أنه رجح أولا الهجرة(١) فإن الجواب عنه بمثل ما أجبنا عن كونه ترك ذكر بني هاشم لأنهم جمعوا بين النسب والهجرة والفضل والجهاد وفنون أسباب التقدم.

ثم إنه بكلامه هذا يوهم أن الرواية بأن الأئمة من قريش لم يكن لها أصل وإلا فقد كان الجواب غير(٢) ما أجاب به وذلك طعن منه على أبي بكر رضوان الله عليه أو على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ الحاصل من الرواية الترجيح بالنسب القرشي.

وأما أنه رجح في أول خطبة خطبها التقوى فإنه شيء وقع بعد استقرار الأمور له وهو ترجيح للخيرية بالتقوى لا ترجيح للخلافة بالتقوى.

قال والعذر له في كونه ترك ذكر نفسه لأن تبريزه(٣) كان بينا على المهاجرين وفضله كان ظاهرا على السابقين(٤) .

قال والدليل على ذلك أنه لما روى للأنصار ما روى [ ما قالوا ](٥) فليكن غير أبي بكر(٦) -.

والذي يقول لسان الجارودية على هذا إنا قد أسلفنا ما يدل على خلافه وإن البهت مهين والمغالبة بالقحة(٧) سفالة وأما دليله على ما قال فغريب إذ الأنصار لما ديس سعد بن عبادة مقدمهم وحاق به الخطر اشتغلوا به عن كل مناظرة وعوجلوا عن رفع أو وضع كيف يكون الأتباع

__________________

(١) ن: بالهجرة.

(٢) ج: عين.

(٣) ن: تبريره.

(٤) العثمانية: ٢٠٣.

(٥) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ق.

(٦) العثمانية: ٢٠٣ منقول بالمعنى.

(٧) القحة: الجافية.

٣٨٦

والرئيس بحال القهر والمخاطرة وتكون الرعية المنتشرة وحدها بمقام المناظرة والمقاهرة هذا كلام ساقط جدا لا يصدر عن مدبر(١) ولا يرد عن مراقب.

قال وزعمت العثمانية أن أحدا لا ينال الرئاسة في الدين بغير الدين وتعلق في ذلك بكلام بسيط عريض(٢) من يملأ كتابه ويكثر خطابه بألفاظ منضدة وحروف مسددة كانت أو غير مسددة(٣) بيان ذلك:

إن الإمامية لا تذهب إلى أن استحقاق الرئاسة بالنسب فسقط(٤) جميع ما أسهب فيه الساقط ولكن الإمامية تقول إن كان النسب وجه الاستحقاق فبنو هاشم أولى به ثم علي أولاهم به وإن يكن بالسبب فعلي أولى به إذ كان صهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن يكن بالتربية فعلي أولى به(٥) وإن يكن بالولادة من سيدة النساء فعلي أولى به وإن يكن بالهجرة فعلي مسببها بمبيته على الفراش فكل مهاجري بعد مبيته في ضيافته عدا رسول الله إذ الجميع في مقام عبيده وخوله وإن يكن بالجهاد فعلي أولى به وإن يكن بحفظ الكتاب فعلي أولى به وإن يكن بتفسيره فعلي أولى به على ما أسلفت وإن يكن بالعلم فعلي أولى به وإن يكن بالخطابة فعلي أولى به وإن يكن بالشعر فعلي أولى به.

قال الصولي فيما رواه كان أبو بكر شاعرا وعمر شاعرا وعلي أشعرهم(٦) .

__________________

(١) ن: متدبر.

(٢) ن: غرض.

(٣) العثمانية: ٢٠٤.

(٤) ق: فيسقط.

(٥) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٦) ذكر ذلك ايضا ابن عساكر في ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق: ٣ / ٢٩٦،

٣٨٧

وإن يكن بفتح أبواب المباحث الكلامية فعلي أولى به وإن يكن بحسن الخلق فعلي أولى به إذ عمر رضوان الله عليه شاهد به وإن يكن بالصدقات فعلي على ما سلف أولى به وإن يكن بالقوة البدنية فعلي أولى به بيانه باب خيبر وإن يكن بالزهد فعلي أولى به في تقشفه وبكائه وخشوعه وفنون أسبابه وتقدم إيمانه وإن يكن بما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في فضله فعلي أولى به بيانه ما رواه ابن حنبل وغيره على ما سلف وإن يكن بالقوة الواعية فعلي أولى به بيانه قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وتعي وحق على الله أن تعي(١) وإن يكن بالرأي والحكم فعلي أولى به بيانه شهادة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) له على ما مضى بالحكمة وغير ذلك مما نبهنا عليه فيما مضى.

وإذا تقرر هذا بان معنى التعلق لمن يذكر النسب إذا ذكره ولهذا تعجب أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث يستولى على الخلافة بالصحابة ولا يستولى عليها بالقرابة والصحابة.

ثم إني أقول إن أبا عثمان أخطأ في قوله إن أحدا لا ينال الرئاسة في الدين بغير الدين بيانه:

أنه لو تخلى صاحب الدين من السداد ما كان أهلا للرئاسة وهو منع أن ينالها أحد إلا بالدين والاستثناء من النفي إثبات حاضر في غير ذلك من صفات ذكرتها في كتابي المسمى بالآداب الحكمية متكثرة جدا ومنها ما هو

__________________

٢٩٧ بسنده عن الشعبي: كان ابو بكر يقول الشعر، وكان عمر يقول الشعر، وكان علي اشعر الثلاثة. وكذلك ذكره بهذا اللفظ البلاذري في انساب الاشراف: ٢ / ١٥٢.

(١) مرت الاشارة الى هذا الحديث: ص (٨٢).

(٢) لا توجد في: ق.

٣٨٨

ضروري ومنها ما هو دون ذلك.

ومن بغي عدو الإسلام أن يأتي متلفظا بما تلفظ به وأمير المؤمنينعليه‌السلام الخصم وتيجان شرفه المصادمة ومجد سؤدده المدفوع إذ هو صاحب الدين وبه قام عموده ورست قواعده وبه نهض قاعده وأفرغت على جيد الإسلام قلائده.

وأقول بعد هذا إن للنسب أثرا في الرئاسة قويا بيانه:

أنه إذا تقدم على أرباب الشرف النسبي من لا يدانيهم وقادهم من لا يقاربهم ولا يضاهيهم كانوا بالأخلق عنه نافرين آنفين بل إذا تقدم على أهل الرئيس الفائت غير عصبته وقادهم غير القريب الأدنى من لحمته كانوا بالأخلق عنه حائدين متباعدين وله قالين وذلك مظنة الفساد في الدين والدنيا وقد ينخرم هذا اتفاقا لكن المناط الظاهر هو ما إليه أشرت وعليه عولت.

وأقول إن القرآن المجيد لما تضمن العناية بالأقربين(١) من ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومواددتهم كان ذلك مادة تقديمهم مع الأهلية التي لا يرجح غيرهم عليهم فيها فكيف إذا كان المتقدم(٢) عليهم لا يناسبهم فيها ولا يدانيها.

قال الثعلبي بعد قوله تعالى( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (٣) بعد أن حكى شيئا ثم قال فأخبرني(٤) الحسين بن محمد قال

__________________

(١) ق: باقربين.

(٢) ق: المقدّم.

(٣) الشورى: ٢٣.

والآية كاملة: ( ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ، قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ) .

(٤) ن: اخبرني.

٣٨٩

حدثنا برهان بن علي الصوفي قال حدثنا محمد بن عبد الله(١) بن سليمان الحضرمي قال حدثنا حرب بن الحسن الطحان قال حدثنا حسين(٢) الأشقر(٣) عن قيس عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما نزلت( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قالوا يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين أوجبت علينا مودتهم قال علي وفاطمة وابناهما(٤) .

وروى فنونا جمة غير هذا من البواعث على محبة أهل البيت فقال أخبرنا أبو حسان المزكي قال أخبرنا أبو العباس محمد بن إسحاق قال حدثنا الحسن بن علي بن زياد السري قال حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني(٥) قال حدثنا حسين الأشقر قال حدثنا قيس قال حدثنا الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما نزلت( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) فقالوا يا رسول الله من هؤلاء الذين أمرنا

__________________

(١) ق: بدله فيها ( محمد بن علي ).

(٢) ق: حسن.

(٣) ج: الاسفر.

(٤) وذكر الزمخشري في الكشاف في تفسير قوله تعالى:( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قال: وروى انها لما نزلت، قيل: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما.

وذكر ذلك ايضا الفخر الرازي في تفسيره: في تفسير الآية. واورد ايضا السيوطي في الدر المنثور: في تفسير الآية المذكورة قال: واخرج ابن المنذر وابن ابي حاتم والطبراني وابن مردويه عن طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟

قال: علي وفاطمة وولداهما.

وذكره ايضا المحب الطبري في ذخائر العقبى: ص ٢٥ وقال: اخرجه احمد في المناقب.

وايضا ذكر ذلك الهيثمي في مجمع الزوائد: ٧ / ١٠٣ و ٩ / ١٦٨ وابن حجر في صواعقه: ص ١٠١ والشبلنجي في نور الابصار ص ١٠١ نقلا عن البغوي في تفسيره.

(٥) ن: الجماني.

٣٩٠

الله بمودتهم قال علي وفاطمة وولدهما(١) .

وقال أخبرنا أبو بكر بن الحرث قال حدثنا أبو السبح(٢) قال حدثنا عبد الله(٣) محمد بن زكريا قال أخبرنا إسماعيل بن يزيد قال حدثنا قتيبة بن مهران قال حدثنا عبد الغفور أبو الصباح عن أبي هاشم الرماني عن زاذان عن عليرضي‌الله‌عنه قال فينا في آل حم إنه لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن ثم قرأ(٤) ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) .

وقال الكلبي قل(٥) لا أسألكم على الإيمان جعلا إلا أن توادوا قرابتي(٦) وقد رأيت أن أذكر شيئا من الآي الذي يحسن أن تتحدث(٧) عنده.

[ و ](٨) تعلق(٩) بقوله تعالى( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى ) (١٠) وليس هذا دافعا كون القرابة إذا كان ذا دين وأهلية(١١) أن يكون أولى من غيره وأحق ممن سواه بالرئاسة.

وتعلق بقول رسول الله لجماعة من بني عبد المطلب إني لا أغني عنكم من الله شيئا(١٢) وهي رواية لم يسندها عن(١٣) رجال ولم يضفها إلى كتاب.

__________________

(١) ن: وولدها.

(٢) ق: ابو الشبح.

(٣) ن: عبد الله بن محمد بن زكريا.

(٤) ن: اقرأ.

(٥) ج: قال.

(٦) الكشف والبيان: مخطوط.

(٧) ق ون: يتحدث.

(٨) لا توجد في: ج ون.

(٩) العثمانية: ٢٠٦.

(١٠) النجم: ٣٩.

(١١) ن: اهل.

(١٢) العثمانية: ٢٠٧.

(١٣) ق: الى.

٣٩١

ومما يرد عليها ما رواه الثعلبي قال وأخبرنا يعقوب بن السري قال أخبرنا محمد بن عبد الله الحفيد قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن عامر قال حدثني أبي حديث(١) علي بن موسى الرضاعليه‌السلام قال حدثني(٢) أبي موسى بن جعفر قال حدثني أبي جعفر بن محمد قال حدثنا أبي محمد بن علي قال حدثنا أبي علي بن الحسين قال حدثنا أبي الحسين بن علي قال حدثنا أبي علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي ومن اصطنع صنيعة إلى أحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه عليها فأنا جازيه(٣) به(٤) غدا إذا لقيني في القيامة(٥)

ومن كتاب الشيخ العالم - أبي عبد الله محمد(٦) بن عمران بن موسى المرزباني(٧) - فيما

__________________

(١) ن: حدثني.

(٢) لا توجد في: ق.

(٣) ن: اجازيه.

(٤) لا توجد في: ق.

(٥) الكشف والبيان: مخطوط.

وذكره ايضا الزمخشري في الكشاف في تفسير قوله تعالى ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) الا انه فيه: فانا اجازيه عليها. وكذلك ذكره الشبلنجي في نور الابصار: ١٠٠، والمحب الطبري في ذخائر العقبى: ٢٠ باختلاف في اللفظ. وايضا في ذخائر العقبى: ١٩ من صنع الى احد من اهل بيتي معروفا فعجز عن مكافأته في الدنيا فانا المكافيء له يوم القيامة.

(٦) محمد بن عمران بن موسى بن سعيد بن عبيد الله المرزباني الخراساني الاصل البغدادي.

كاتب، راوية للاداب، كثير السماع ولد ببغداد في جمادى الآخرة سنة ٢٩٦ وقيل ٢٩٧ وحدث عن البغوي وابن دريد ونفطويه وغيرهم وروى عنه الصيمري وابو القاسم التنوخي وابو محمد الجوهري. توفي في ٢ شوال سنة ٣٨٤ ببغداد وتصانيفه كثيرة منها: « اخبار الشعراء » و « الاوائل في اخبار الفرس القدماء » و « الشباب والشيب » و « الزهد واخبار الزهاد » و « اشعار النساء » و « اخبار البرامكة ». انظر: سير اعلام النبلاء: ١٠ / ٢٥٩ وتاريخ بغداد: ٣ / ١٣٥ وفيات الاعيان: ٥ / ٩٥ معجم الادباء: ١٨ / ٢٦٨.

(٧) ن بزيادة: الذي صنفه.

٣٩٢

نزل من القرآن في أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ما يشهد بتكذيب قصد الجاحظ ما حكايته:

ومن سورة النساء، حدثنا علي بن محمد قال حدثني الحسن(١) بن الحكم الجبري قال حدثنا حسن بن حسين قال حدثنا حيان(٢) بن(٣) الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى( وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ ) الآية(٤) نزلت(٥) في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته وذوي أرحامه وذلك أن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة(٦) إلا ما كان من سببه ونسبه( إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) (٧) .

والرواية عن عمر رضوان الله عليه شاهدة(٨) بمعنى هذه الرواية حيث ألح بالتزويج عند أمير المؤمنين صلوات الله عليه(٩) .

__________________

(١) ن: الحسين.

(٢) ن: حبان.

(٣) ن: عن.

(٤) النساء: ١ -( يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ، وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها، وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) .

(٥) لا توجد في: ن وفيها: يعني حفيظا.

(٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٧) ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين: مخطوط.

(٨) لا توجد في: ن.

(٩) حلية الأولياء: ٧ / ٣١٤.

روى بسنده عن جابر: قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم يقول: ينقطع يوم القيامة كل سبب ونسب الاّ سببي ونسبي. وفي مجمع الزوائد: ٩ / ١٧٣.

عن ابن عباس، انّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال: كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة الاّ سببي ونسبي. ورواه ايضا الهيثمي بطريق آخر، والمناوي في فيض القدير: ٥ / ٢٠ وفي ص ٣٥ باختلاف يسير. وروى الحاكم في مستدركه: ٣ / ١٥٨.

بسنده عن المسور بن مخرمة، انه بعث اليه حسن بن حسن عليه‌السلام يخطب ابنته فقال له:

٣٩٣

وتعلق(١) بقوله تعالى( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ) (٢) .

أقول إن الجاحظ جهل أو تجاهل إذ هي في شأن الكافرين لا في

__________________

قل فليأتني في العتمة. قال: فلقيه فحمد الله المسور، واثنى عليه، ثمّ قال: اما بعد ايم الله ما من نسب ولا سبب ولا صهر احبّ اليّ من نسبكم وسببكم وصهركم، ولكن رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال: فاطمة بضعة منّي، يقبضني ما يقبضها، ويبسطني ما يبسطها، وانّ الانساب يوم القيامة تنقطع غير نسبي وسببي وصهري، وعندك ابنتها ولو زوجتك لقبضها ذلك، فانطلق عاذرا له. والهيثمي في مجمعه: ٨ / ٢١٦.

عن ابن عباس قال: وتوفى ابن لصفيّة عمة رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم، فبكت عليه، وصاحت، فاتاها النّبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم فقال لها: يا عمّة ما يبكيك؟

قالت: توفي ابني، قال: يا عمّة من توفي له ولد في الإسلام فصبر، بنى الله له بيتا في الجنّة فسكتت ثم خرجت من عند رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم فاستقبلها عمر بن الخطاب فقال: يا صفية قد سمعت صراخك ان قرابتك من رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم لن تغني عنك من الله شيئا فبكت، فسمعها النبي صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم وكان يكرمها ويحبها، فقال: يا عمّة اتبكين وقد قلت لك ما قلت؟ قالت: ليس ذاك يا رسول الله استقبلني عمر بن الخطاب فقال: ان قرابتك من رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم لن تغني عنك من الله شيئا، قال: فغضب النبي صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم وقال: يا بلال هجر بالصلاة فهجر بلال بالصلاة فصعد المنبر النبي صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم فحمد الله واثنى عليه ثم قال: ما بال اقوام يزعمون ان قرابتي لا تنفع. كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة الا سببي ونسبي فانها موصولة في الدنيا والآخرة. وذكره ايضا ابن حجر في صواعقه: ص ١٣٨، والمحب الطبري في ذخائر العقبي: ص ٦ بدون تصريح باسم عمر بن الخطاب. وذكر المتقي في كنز العمال: ١ / ٩٨.

قال: عن ابي سعيد قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم وهو يقول على المنبر: ما بال رجال يقولون: رحم رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم لا تنفع يوم القيامة والله ان رحمي لموصولة في الدنيا والآخرة. وذكره ايضا في: ٨ / ٤٢ وقال: اخرجه ابو داود الطيالسي واحمد بن حنبل وعبد بن حميد وابو يعلى والحاكم وابن ابي شيبة عن ابي سعيد.

وذكره ايضا ابن حجر في صواعقه: ص ١٣٨.

(١) العثمانية: ٢٠٨.

(٢) البقرة: ٤٨.

٣٩٤

سادات المسلمين أو أقرباء رسول رب العالمين.

بيانه قوله تعالى( وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ )

وتعلق(١) بقوله تعالى( يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً ) (٢) ولم يتمم الآية تدليسا وانحرافا أو جهلا أو غير ذلك والأقرب بالأمارات الأول لأن(٣) الله تعالى تمم ذلك بقوله( وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) .

وخلصاء الذرية والقرابة مرحومون بالآي والأثر فسقط تعلقه مع أن هذا جميعه ليس داخلا في كون ذي الدين والأهلية لا يكون له ترجيح في الرئاسة وتعلق له بالرئاسة.

وتعلق(٤) بقوله تعالى( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (٥) وليس هذا مما يدخل في تقريره الذي شرع فيه وإن كان حديثا خارجا عن ذلك فالجواب عنه بما أن المفسرين أو بعضهم قالوا في معنى قوله تعالى( سَلِيمٍ ) أي لا يشرك(٦) وهذا صحيح.

وتعلق(٧) بقوله تعالى( اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ ) (٨) وليس هذا من الرئاسة الدنيوية في شيء

__________________

(١) العثمانية: ٢٠٨.

(٢) الدخان: ٤١.

(٣) ن: انّ.

(٤) العثمانية: ٢٠٨.

(٥) الشعراء: ٨٨ و ٨٩.

(٦) ن: لا شريك.

(٧) العثمانية: ٢٠٨.

(٨) لقمان: ٣٣.

( يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ، وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ )

٣٩٥

وبعد(١) فهو مخصوص بقرابة النبيعليه‌السلام بالأثر السالف عن الرضا.

وبعد فإن المفسرين قالوا عند قوله تعالى( عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً ) (٢) قالوا(٣) الشفاعة وإذا كان الرسول شافعا في عموم الناس فأولى أن يشفع في ذريته ورحمه وكذا قيل في قوله تعالى( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ) (٤) إنها الشفاعة.

وتعلق(٥) بقوله تعالى( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ ) (٦) وليس هذا مما حاوله من سابق تقريره في شيء.

وتعلق في قصة نوح وكنعان(٧) وليس هذا مما(٨) نحن فيه في شيء أين كنعان من سادات الإسلام.

وتعلق(٩) بقوله تعالى( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (١٠) وللإمامية في هذا

__________________

( شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ ) .

(١) ن بزيادة: هذا.

(٢) الاسراء: ٧٩.

( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً ) .

(٣) ج وق: قال.

(٤) الضحى: ٥.

(٥) العثمانية: ٢٠٨ و ٢٠٩.

(٦) المائدة: ٢٧.

والآية كاملة: ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ: لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) .

(٧) العثمانية: ٢٠٩ - ٢١٠.

(٨) ق: فيما.

(٩) العثمانية: ٢١٠.

(١٠) البقرة: ١٢٤( وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ: وَمِنْ ذُرِّيَّتِي؟ قالَ: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) .

٣٩٦

مباحث سديدة إذ قالوا من سبق كفره ظالم لا محالة فيما مضى فلا يكون أهلا للرئاسة فهذه واردة على الجاحظ لا له. ورووا(١) في شيء من ذلك الرواية من طرق(٢) القوم وساق ما لا صيور(٣) له فيما نحن بصدده.

وقال في تضاعيف ذلك ثم الدليل الذي ليس فوقه دليل قوله وعنده أصحاب الشورى وكبار المهاجرين - وجلة الأنصار وعليه العرب وهو موف على قبره ينتظر(٤) خروج نفسه لو كان سالم حيا لم(٥) يخالجني فيه شك(٦) .

وسالم مولى امرأة من الأنصار وكان حليفا لأبي حذيفة بن عتبة بمكة فلذلك كان يقال مولى أبي حذيفة(٧) .

والذي أقول على هذا إن الجاحظ أراد أن ينصر(٨) فخذل وأن يعرف فجهل بيانه أن أبا بكر رضوان الله عليه دفع الأنصار عن الرتبة بقوله إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال الأئمة من قريش(٩)

__________________

(١) ن: وروي.

(٢) ن: طريق.

(٣) ج: صبّور، والصيور: منتهى الامر وعاقبته ( المنجد ).

(٤) ق: منتظر.

(٥) ق ون: ما.

(٦) في المصدر: ما تخالجني فيه الشك.

(٧) العثمانية: ٢١٧.

(٨) ن: ينتصر.

(٩) ذكره الطيالسي في مسنده حديث ٩٢٦ وتكملته: ما عملوا بثلاث. وحديث ٢١٣٣ عن انس بتكملة: اذا حكموا عدلوا، واذا عاهدوا وفوا، وان استرحموا رحموا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه( لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) ، لا يقبل منهم صرف ولا عدل. وذكر الحديث السيوطي في الجامع الصغير: ١ / ١٢٤ وفيض القدير: ٣ / ١٨٩.

٣٩٧

وكان عمر رضوان الله عليه صاحب حله وعقده ومؤازرته ومعاضدته فأين الأئمة من قريش القاطعة للأنصار من قول عمر لو كان سالم حيا إلى آخره فليعتبر العاقل هذا فإنه من غريب الملازم على الجاحظ(١) .

وروى الجوهري أن عمر روى أن الأئمة من قريش عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد روى ابن حنبل في المسند حديثا متصلا بأبي رافع(٢) من متنه قال عمر(٣) لو أدركني أحد رجلين جعلت هذا الأمر إليه سالم مولى أبي حذيفة وأبو عبيدة بن الجراح(٤) .

وحكى الجاحظ أن عمر فرض لولده في ألفين ولأسامة في ألفين وخمسمائة وعلل بأن أسامة خير من عبد الله وزيد بن حارثة كان أحب إلى رسول الله من عمر(٥) .

وقال بعد هذا(٦) بعد أن أثنى على عمر - فهل يقدر(٧) أحد أن يحكي عن علي مثل الذي حكيناه عن عمر في التسوية أو شطره إذ أكثر ما رأينا في أيديكم عنه قوله إني قرأت ما بين دفتي المصحف فلم أجد فيه لبني إسماعيل على بني إسحاق فضلا فهذا قول إن قاله(٨) فليس فيه دليل على أنه أراد به الطعن على عمر وإظهار خلافه لأن عليا قد ملك الأرض أكثر من

__________________

(١) ن بزيادة: بل قد روى الجوهري ...

(٢) ن: بابن ابي رافع.

(٣) ن بزيادة: الواقدي.

(٤) مسند احمد بن حنبل: ١ / ٢٠.

وذكره ابن سعد في طبقاته: ٣ / ٢٤٨ وابو عمر في الاستيعاب: ٢ / ٥٦١.

(٥) العثمانية: ٢١٦.

(٦) ن بزيادة: و.

(٧) ن: يقدم.

(٨) في المصدر بزيادة: على.

٣٩٨

خمس حجج(١) فلو كان رأيه في خلاف عمر على ما يصفون وكان عمر عنده لا يرى التسوية في العطاء(٢) لقد كان غير دواوين عمر(٣) .

والذي أقول على هذا إني أراه كلاما مختلا(٤) بني على أنه فضل أسامة على ابنه ثم شرع يذكر أنه كان يسوي.

وأما قوله فهل يقدر أحد أن يحكي عن علي مثل الذي حكيناه عن عمر أو شطره فإن الجواب عنه نعم نقدر أن نحكي من تسوية أمير المؤمنينعليه‌السلام وعدله ما لا مدفع(٥) عنه بشهود ثلاثة:

الأول: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قوله إن الحق مع علي

الثاني: سيرته نقل ذلك من لا يتهم

الثالث: قول عمر إن ولوها الأجيلح حملهم على المحجة.

وأما حكايته عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه لا يفضل ولد إسماعيل على ولد إسحاق فليس منافيا لتقرير عدل عمر ولا مثبتا له وقد كان ينبغي أن يحكي عن الإمامية(٦) الطعن بهذا على عمر ثم تنازعهم(٧) في مدلوله.

وأما قوله إن عليا كان يغير دواوين عمر عند مخالفته له في التدبير فقول ساقط إذ ما كل مراد مفعولا ولا كل قول مقبولا وقد كان أمير المؤمنينعليه‌السلام نهى عن التراويح ومعه سنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) في المصدر: اكثر الارض خمس حجج.

(٢) ن: العلماء.

(٣) العثمانية: ٢١٨.

(٤) ق: مخلا.

(٥) ن: يدفع.

(٦) ق: الامام.

(٧) ن: ينازعهم.

٣٩٩

وخالفه من خالفه في ذلك فكيف إذا جاء إلى قوم وقد رضعوا ثديا يريد أن يفطمهم منه ويرفع شفاههم عنه.

وصادم أهل الإمامة بكونهم يوجبون الإمامة بالقرابة ويقولون إن عليا قال إن ولد إسماعيل وإسحاق سواء(١) .

والذي أقول على هذا إنه بهتان إذ الإمامية لا تجعل الإمامة ميراثا كالأموال وأما قوله إن ولد إسماعيل وإسحاق سواء فأراد أنه لا فضل لأحد على أحد بشيء إلا بالتقوى وهذا حق.

قال وكيف غضبتم على عمر لأنه فضل قريشا على العرب والعرب على العجم ولم تغضبوا على أنفسكم حين فضلتم بني عبد المطلب على بني هاشم(٢) وساق الكلام وهذا كلام ساقط دال على جهل قائله إذ كان ينبغي أن يكون معكوسا وهو تفضيل(٣) بني هاشم على ولد عبد المطلب وهو أيضا غلط لأن هاشما لم يعقب إلا من عبد المطلب ومن أسد في فاطمة بنت أسد أم عليعليه‌السلام إذ يكون الحاصل منه إنا نفضل عبد المطلب على بنيه ويلزم على صورة ما قال أن نكون(٤) مفضلين(٥) عبد المطلب وأسد على بني عبد المطلب على التقديرين معا فإن هذا الإطلاق في الدعوى علينا كذب.

وأما وجه الإشكال على أصحاب الإمامة فإنه غلط لأن أرباب الإمامة إذا فضلوا بني هاشم على غيرهم فإنما يفضلونهم بالنسب لا في قسمة أموال

__________________

(١) العثمانية: ٢١٩.

(٢) العثمانية: ٢١٩.

(٣) ق: يفضّل.

(٤) ج وق: يكون.

(٥) ج وق: مفضلي.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415