إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج14%

إيضاح مناسك الحج مؤلف:
المحقق: الشيخ أحمد الماحوزي
تصنيف: علم الفقه
الصفحات: 415

إيضاح مناسك الحج
  • البداية
  • السابق
  • 415 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 112125 / تحميل: 9995
الحجم الحجم الحجم
إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

= وعليه بدنة » ومصححة البطائني عن ابي الحسنعليه‌السلام قال: سئل عن رجل جهل أن يطوف بالبيت حتى رجع الى أهله، قال: إذا كان على وجه جهالة أعاد الحج وعليه بدنة » ووجه التوقف ان مورد النصين هو ترك طواف الحج فإسراء الحكم الى العمرة خلاف مقتضي الظهور، نعم يمكن استفادة الشمول من موثقة اسحاق قال: سألت ابا إبراهيمعليه‌السلام عن جارية لم تحض خرجت مع زوجها وأهلها فحاضت، واستحيت أن تعلم أهلها وزوجها حتى قضت المناسك وهوى على تلك الحال، فواقعها زوجها ورجعت الى الكوفة، فقالت لاهلها: قد كان من الامر كذا وكذا فقال: عليها سوق بدنة والحج من قابل وليس على زوجها شيء » إلا ان يدعى خصوصية المورد وهو ضعيف.

ويؤيد ذلك أيضا وجوب الهدي على من نسى طواف الفريضة ورجع الى أهله، ففي صحيحة ابن جعفر عن اخيهعليه‌السلام قال: سالته عن رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده، وواقع النساء كيف يصنع ؟ قال: يبعث بهدي إن كان تركه في حج بعث به في حج وإن كان تركه في عمرة بعث به في عمرة ووكل من يطوف عنه ماتركه من طوافه » إلا ان يدعى ان المقصود من الطواف هنا النساء.

وإطلاق خبر ابن حازم قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن رجل بدأ بالسعي بين الصفا والمروة، قال: يرجع فيطوف بالبيت ثم يستأنف السعي، قلت: إن ذلك قد فاته، قال: عليه دم ألاترى أنك اذا غسلت شمالك قبل يمينك كان عليك أن تعيد على شمالك.

=

٢٠١

كله في أول الطواف.

وإذا ترك الطواف في الحج متعمداً - سواء كان عالما بالحكم ام جاهلا به - ولم يمكنه التدارك بطل حجه، وإذا كان ذلك من جهة الجهل بالحكم لزمته كفارة بدنه أيضا(١) .

مسألة ٢١٣: إذا ترك الطواف نسيانا، فإن تذكره قبل فوات الوقت تداركه وأعاد السعي بعده على الاظهر(٢) .

____________________

=

ولم يتعرض السيد الخوئي واعاظم تلامذته للكفارة وكأنهم يقصرونها على ترك الطواف في الحج.

(١) كما هو مقتضي النصوص السابقة.

(٢) وهو الصحيح، لموثقة اسحاق قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : رجل طاف بالكعبة ثم خرج فطاف بين الصفا والمروة، فبينما هو يطوف اذ ذكر أنه ترك من طوافه بالبيت، قال: يرجع الى البيت، فيتم طوافه، ثم يرجع الى الصفا والمروة فيتم مابقي، قلت: فانه بدأ بالصفا والمروة قبل أن يبدأ بالبيت، فقال: يأتي البيت فيطوف به، ثم يستأنف طوافه بين الصفا والمروة، قلت: فما الفرق بين هذين؟ قال: لانه قد دخل في شيء من الطواف، وهذا لم يدخل في شيء منه»

ومعتبرة ابن حازم قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن رجل طاف بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت، قال: يطوف بالبيت ثم يعود الى الصفا والمروة فيطوف بينهما » مضافا الى فوات الترتيب اذا لم يطف أصلا بخلافه ما

=

٢٠٢

ولو تذكّره بعد فوات الوقت، كما لو نسي طواف عمرة التمتع حتى وقف بعرفات، أو نسي طواف الحج حتى خرج شهر ذي الحجة وجب عليه قضاؤه ويعيد معه السعي على الاحوط الاولى(١) .

وإذا تذكره في وقت لايتيسّر له القضاء بنفسه، كما إذا كان تذكره بعد رجوعه الى بلده وجبت عليه الاستنابة، وإذا تذكره في وقت لا يتسر له القضاء بنفسه، كما إذا كان تذكره بعد رجوعه إلى بلده وجبت عليه الاستنابة(٢) .

مسألة ٢١٤: إذا نسي الطواف حتى رجع الى أهله وواقع أهله لزمه بعث هدي إلى منى إن كان المنسي طواف الحج، وإلى مكة أن كان المنسي طواف العمرة(٣) ، ويكفي في الهدى أن يكون شاة(٤) .

مسألة ٢١٥: إذا نسي الطواف وتذكره في زمان يمكنه القضاء بنفسه، قضاه وإن كان قد أحل من إحرامه من دون حاجة الى تجديد

____________________

=

اذا طاف فالنصين على وفق القاعدة.

(١) وقد نسب للاكثر عدم وجوب الإعادة لاختصاص النصوص بما اذا كان في الوقت، إلا أن معتبرة ابن حازم المتقدمة إطلاقها يشمل المقام.

(٢) بلا خلاف في ذلك.

(٣) تدل عليه صحيحة ابن جعفر وخبر ابن حازم المتقدمان.

(٤) لشمول الدم والهدي له.

٢٠٣

الاحرام(١) .

نعم، إذا كان ذلك بعد خروجه من مكة لزمه الاحرام للعود إليها إلا في الحالات التي سيأتي بيانها في المسألة ١٤٠.

مسألة ٢١٦: لايحلّ لناسي الطواف ماكان حله متوقفا عليه حتى يقضيه بنفسه أو بنائبه(٢) .

مسألة ٢١٧: إذا لم يتمكن من مباشرة الطواف في الوقت المحدد له، لمرض أو كسر أو اشباه ذلك حتى مع مساعدة غيره، وجب أن يطاف به بأن يستعين بشخص آخر ليطوّفه ولو بأن يحمله على متنه او على عربة أو نحوها(٣) ، والأحوط الاولى أن يكون بحيث يخط برجليه الارض(٤) ، وإذا لم يتمكن من ذلك أيضا وجب أن يطاف عنه

____________________

(١) لعدم الدليل على وجوبه.

* وكذا لايعتبر في النائب - في طواف العمرة - أن يكون محرما على الاقرب.

(٢) كما هو مقتضي الاستصحاب بل اطلاق جملة من الاخبار.

(٣) * وإذا لم يكن قادرا على الطواف بنفسه وطلب منه أصحاب الاسرّة - للطواف به - مبلغا كبيرا يعدّ مجحفا بحاله يجوز له أن يستنيب غيره.

(٤) ففي صحيحة صفوان قال: سألت ابا الحسنعليه‌السلام عن الرجل المريض يقدم مكة فلا يستطيع أن يطوف بالبيت، ولابين الصفا

=

٢٠٤

فيستنيب غيره مع القدرة على الاستنابة، ولو لم يقدر عليها كالمغمى عليه أتي به الولي أو غيره عنه(١) .

وهكذا الحال بالنسبة الى صلاة الطواف، فيأتي المكلف بها مع التمكن، ويستنيب لها مع عدمه، وقد تقدم حكم الحائض والنفساء في شرائط الطواف.

____________________

=

والمروة، قال: يطاف به محمولا يخط الارض برجليه حتى تمس الارض قدمية في الطواف ثم يوقف به في اصل الصفا والمروة اذا كان معتلا.

وفي رواية الربيع بن خثيم قال: شهدت أبا عبداللهعليه‌السلام وهو يطاف به حول الكعبة في محمل وهو شديد المرض، فكان كلما بلغ الركن اليماني أمرهم فوضعوه بالارض فأخرج يده من كوة المحمل حتى يجرها على الارض » وعبر عنها بعض الاعلام بانها صحيحة وهو غفلة فان ابن خثيم او خيثم لاوجود له في التراجم، ولعل منشأ الغفلة تصوره أنه الربيع صاحب ابن مسعود احد الزهاد الثمانية وكونه من الزهاد لايقتضي العدالة، كيف وهو واصحابه منشؤ إثارة الشك في قتال أمير المؤمنينعليه‌السلام للقاسطين، فهو كما عبر بعض اهل الاختصاص الرجل انما الثابت كونه من القراء الاسمية واهل العبادة الصورية ومن أهل الزهادة التصوفية وهو لايمسن ولايغني من جوع، وكلامه في محله فان من يتق ذكر يزيد بن معاوية بسوء لهو حقيق بذلك، فلا تغرك قبته العالية.

(١) كما هو مقتضي دلالة بعض النصوص.

٢٠٥

مسألة ٢١٨: إذا علم مسبقا عجزه عن إتمام الطواف أو طرأ عليه العجز قبل إتمام الشوط الرابع استناب للتمام، أما إذا طرأ عليه العجز بعد إتمام الشوط الرابع فالاقرب جواز الاستنابة للباقي فحسب(١) ·

صلاة الطواف

وهي الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع.

وهي ركعتان يؤتى بهما عقيب الطواف وصورتها كصلاة الفجر، ولكنه مخير في قراءتها بين الجهر والإخفات، ويجب الإتيان بها قريبا من مقام ابراهيمعليه‌السلام ، والاظهر لزوم الاتيان بها خلف

________________________

(١) يشهد له موثق اسحاق عن ابي الحسنعليه‌السلام في رجل طاف طواف الفريضة ثم اعتل علة لا يقدر معها على اتمام الطواف، فقال: إن كان طاف أربعة اشواط أمر من يطوف عنه ثلاثة أشواط فقد تم طوافه، وإن كان طاف ثلاثة أشواط ولا يقدر على الطواف فإن هذا مما غلب الله عليه، فلا بأس بأن يؤخر الطواف يوماً ويومين، فإن خلته العلة عاد فطاف اسبوعاً، وإن طالت علته أمر من يطوف عنه اسبوعا، ويصلي هو ركعتين ويسعى عنه، وقد خرج من إحرامه وكذلك يفعل في السعي وفي رمي الجمار ·

٢٠٦

المقام(١) .

فإن لم يتمكن من ذلك فالاحوط أن يجمع بين الصلاة عنده في أحد جانبيه، وبين الصلاة خلفه بعيدا عنه(٢) ، ومع تعذّر الجمع كذلك يكتفي بالممكن منهما، ومع تعذرهما معا يصلي في أي مكان من المسجد مراعيا للأقرب فالأقرب إلى المقام(٣) على الاحوط

____________________

(١) لجملة من النصوص المستفيضة، والعبرة بالخلفية الصدق العرفي.

(٢) إذ الروايات في المقام على طائفتين، الاولى وهي الاكثر التعبير فيها «خلف المقام»، والثانية «عند المقام»، والعندية أعم من الخلف والجانبين، فتكون الطائفة الاولى مقيدة للثانية سيما بعد قولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية «فإذا فرغت من طوافك فائت مقام ابراهيم فصل ركعتين، واجعله إماما» فعند عدم التمكن من الخلف القريب فهل يصلي خلفه من بعيد أو عند أحد جانبية، لعل الترجيح للاول، والشاهد له صحيحة الحسين بن عثمان قال: رأيت أبا الحسنعليه‌السلام يصلي ركعتين طواف الفريضة بحيال المقام قريبا من ظلال المسجد » ورواه الشيخ بزيادة «لكثرة الناس» في ذيله، وحياله قباله وقمت حياله أي قمت قبالته كما في المصباح المنير وغيره، وكذا قولهعليه‌السلام في الصحيحة المتقدمة «واجعله اماما» فيصدق ولو كان من بعيد بخلاف احد الجانبين.

(٣) كما عن غير واحد، لالقاعدة الميسور بل لكون الخلفية والعندية لها مراتب متفاوتة.

٢٠٧

الاولى، ولو تيسرت له إعادة الصلاة خلف المقام قريبا منه بعد ذلك إلى أن يضيق وقت السعي أعادها على الأحوط الأولى(١) .

هذا في الطواف الفريضة، وأما في الطواف المستحب فيجوز الإتيان بصلاته في أي موضع من المسجد اختيارا(٢) .

مسألة ٢١٩: من ترك صلاة الطواف عالما عامدا بطل حجه على الاحوط(٣) .

مسألة ٢٢٠: الأحوط المبادرة إلى الصلاة بعد الطواف(٤) بمعنى

____________________

(١) وهو حسن على كل حال.

(٢) نصاً واجماعاً.

(٣) خلافا لما نسب للمشهور من صحة الحج ووجوب الاتيان بها، وجزم سيد الفقهاء والمجتهدين الخوئي وبقية أعاظم تلامذته بفساد حجه لاستلزامه فساد السعي المترتب عليها، وهو ماأشكله صحابي المدارك والذخيرة في صحة الافعال المتأخرة عنهما، إلا ان الكلام في الجزم بترتب السعي عليها كترتبه على نفس الطواف.

(٤) وجزم السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته بوجوب المبادرة العرفية وقواه بعضهم، لجملة من النصوص، ففي صحيحة محمد بن مسلم قال: سألت ابا جعفرعليه‌السلام عن رجل طاف طواف الفريضة وفرغ من طوافه حين غربت الشمس، قال: وجبت عليه تلك الساعة الركعتان،

=

٢٠٨

أن لايفصل بين الطواف والصلاة عرفا(١) .

* مسألة ٢٢١: الاخلال بالموالاة والمبادرة بين الطواف وصلاته لايؤدي الى بطلان الحج أو العمرة في حد ذاته، بل لو أخل به عمداً لزمه اعادة الطواف وصلاته احتياطاً، وإذا فات الوقت بحيث لم يمكن تداركه بطل حجه على الاحوط، ولو أخل به عن جهل قصوري - سواء كان جاهلا مركبا او معتمداً على حجة شرعية - أو أخل به نسيانا ولم يعلم ولم يتذكر إلا بعد الصلاة حكم بصحة صلاته

____________________

=

فليصلهما قبل المغرب » وفي صحيحة ابن حازم عنهعليه‌السلام «ولاتؤخرها ساعة اذا طفت فصل» وغيرها، وفي قبالها صحيحة ابن يقطين قال: سألت ابا الحسنعليه‌السلام عن الذي يطوف بعد الغداة وبعد العصر وهو في وقت الصلاة أيصلي ركعات الطواف نافلة كانت أو فريضة ؟ قال: لا » فيمكن حمل الطائفة الاولى على نفي الكراهة بإتيان الصلاة في الاوقات المكروهة، إذ إلتزم جماعة من العامة بكراهة ذلك، ويؤيده عدم تعرض القدماء من الاصحاب لوجوب المبادرة، فتدبر.

(١) * والظاهر أن الفصل بينهما بزمان يسير كعشر دقائق للاستراحة أو لتحصيل مكان افضل أو أنسب للصلاة ونحو ذلك لاينافي المبادرة العرفية بخلاف الاشتغال بعمل مستقل آخر كالصلاة قضاءً عن النفس أو نيابة عن الغير ونحو ذلك.

٢٠٩

وطوافه ولاشيء عليه، وكذا إذا كان مضطراً الى الفصل بينهما.

مسألة ٢٢٢: إذا نسي صلاة الطواف وذكرها بعد الإتيان بالأعمال المترتبة عليها - كالسعي - أتى بها ولم تجب إعادة تلك الأعمال بعدها(١) ، وإن كانت الإعادة أحوط(٢) .

نعم، إذا ذكرها في اثناء السعي قطعه وأتي بالصلاة خلف المقام، ثم رجع وأتم السعي حيثما قطع(٣) ، وإذا ذكرها بعد خروجه من مكّة فالاحوط له الرجوع والاتيان بها في محلها(٤) إذا لم يستلزم

____________________

(١) لدلالة جملة من الروايات عليه.

(٢) رعاية للترتيب، مع عدم الإشارة إليه في النصوص أصلا.

(٣) تشهد له عدة من النصوص، ففي صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام أنه قال في رجل طاف طواف الفريضة، ونسي الركعتين حتى طاف بين الصفا والمروة ثم ذكر، قال: يعلم ذلك المكان ثم يعود فيصلي الركعتين، ثم يعود الى مكانه » وفي صحيحة ابن مسلم قال: سألته عن رجل يطوف بالبيت ثم ينسى أن يصلي حتى يسعى بين الصفا والمروة خمسة أشواط أو أقل من ذلك، قال: ينصرف حتى يصلي الركعتين ثم يأتي مكانه الذي كان فيه فيتم سعيه.

(٤) والنصوص متعددة الألسن، بعضها توجب الرجوع مطلقا، وبعضها لاتوجبه مطلقا، وثالثة تفصل بين الخروج قليلا وغيره، ورابعة تخيّر بين

٢١٠

ذلك مشقّة، وإلا أتى بها في أي موضع ذكرها فيه، ولايجب عليه الرجوع لأدائها في الحرم وإن كان متمكنا من ذلك(١) .

وحكم التارك لصلاة الطواف جهلا حكم الناسي(٢) ، ولافرق في الجاهل بين القاصر والمقصر(٣) .

مسألة ٢٢٣: إذا مات الشخص وعليه صلاة الطواف فالأحوط وجوبا(٤) أن يقضيها عنه ولده الأكبر مع توفير الشرائط المذكورة في

____________________

قضائها بنفسه او الاستنابة، والمستفاد من الجمع بينها هو التفصيل بين المضي قليلا فيجب الرجوع وإلا فلا يجب مطلقا للنصوص الدالة على وجوب الرجوع اذا وصل الى الابطح، والتي تدل على عدم الرجوع اذا وصل الى منى.

(١) لقولهعليه‌السلام في صحيحة ابي بصير: إن كان ارتحل فإني لاأشق عليه ولاآمره أن يرجع ولكن يصلي حيث يذكر » وفي معتبرة ابن سدير قال: زرت فنسيت ركعتي الطواف فأتيت أبا عبداللهعليه‌السلام وهو بقرن الثعالب فسألته، فقال: صلّ في مكانك.

(٢) لصحيحة جميل عن أحدهماعليهما‌السلام : أن الجاهل في ترك الركعتين عند مقام إبراهيم بمنزلة الناسي.

(٣) أما القاصر فلاطلاق النص وغيره، وأما المقصّر فله.

(٤) وجزم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته بوجوب القضاء على الولي، ولعله لصحيحة ابن يزيد عنهعليه‌السلام : من نسي أن يصلي ركعتين طواف الفريضة حتى خرج من مكة فعليه أن يقضي أو يقضي عنه وليه او رجل من

٢١١

باب قضاء الصلوات.

مسألة ٢٢٤: إذا كان في قراءة المصلي لحن فإن لم يكن متمكنا من تصحيحها أجزأه قراءة الحمد على الوجه الملحون، إذا كان يحسن منها مقدارا معتدا به(١) ، وإلا فالاحوط أن يضم الى قراءته الملحونة قراءة شيء يحسنه من سائر القرآن، وإلا فالتسبيح.

وإذا ضاق الوقت عن تعلّم جميعه فإن تعلم بعضه بمقدار معتد به قرأه، وإن لم يتعلم بعضه أيضا قرأ من سائر القرآن بمقدار يصدق عليه قراءة القرآن عرفا، وإن لم يعرف أجزأه أن يسبح(٢) .

هذا في الحمد، وأما السورة فالظاهر سقوطها عن الجاهل بها مع

___ _________

المسلمين » وصحيحة البختري عنهعليه‌السلام في الرجل يموت وعليه صلاة أوصيام، قال: يقضي عنه أولى الناس بميراثه » ولفظ الصلاة يتناول المقام، وقد توقف الماتن دام ظله في باب الصلاة والصيام بوجوب قضائهما على الولد الاكبر، والظاهر ان الاحتياط ليس في أصل وجوب القضاء وإنما في تعيّنه على الولد الاكبر.

(١) اذ وظيفته لاتزيد على ذلك لعدم القدرة.

(٢) ففي صحيحة ابن سنان قالعليه‌السلام : ان الله فرض من الصلاة الركوع والسجود ألا ترى لو أن رجلا دخل في الاسلام لايحسن أن يقرأ القرآن أجزأه أن يكبر ويسبح ويصلي.

٢١٢

العجز عن التعلم.

ثم إن ماذكر حكم كل من لم يتمكن من القراءة الصحيحة وإن كان ذلك بسوء اختياره، نعم، الاحوط الاولى في هذا الفرض أن يجمع بين الإتيان بالصلاة على الوجه المتقدم والإتيان بها جماعة والاستنابة لها(١) .

مسألة ٢٢٥: إذا كان جاهلا باللحن في قراءته وكان معذورا في جهله صحت صلاته، ولاحاجة إلى الاعادة وإن علم بذلك بعد الصلاة(٢) ، وأما اذا لم يكن معذورا فاللازم عليه إعادتها بعد التصحيح(٣) ، ويجري عليه حكم تارك صلاة الطواف نسيانا(٤) .

____________________

(١) جمعا بين المحتملات في المسألة.

* الصلاة جماعة في صلاة الطواف غير ثابتة، ومن اقتدى بمن يصلي اليومية، فالصحة محل اشكال والاحوط عدم الاكتفاء به.

(٢) لقاعدة لاتعاد الصلاة إلا من خمس.

(٣) ان قلنا بعدم شمول القاعدة للمقصر.

(٤) كما هو مقتضى صحيحة جميل من التسوية بين الجاهل والناسي فراجع.

٢١٣

السعي

وهو الرابع من واجبات عمرة التمتع.

ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص، ولايعتبر فيه ستر العورة(١) ولا الطهارة من الحدث والخبث(٢) ، والاولى رعاية الطهارة فيه(٣) .

مسألة ٢٢٦: محل السعي إنما هو بعد الطواف وصلاته، فلو قدمه على الطواف أو على صلاته وجبت عليه الإعادة بعدهما(٤) وقد تقدم حكم من نسي الطواف وتذكره بعد سعيه.

مسألة ٢٢٧: يعتبر في نية السعي التعيين، بأن يأتي به للعمرة إن كان في العمرة، وللحج إن كان في الحج.

مسألة ٢٢٨: السعي سبعة أشواط، يبتدىء الشوط الأول من الصفا

____________________

(١) لعدم الدليل عليه.

(٢) لقولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية: لابأس أن تقضي المناسك كلها على غير وضوء إلا الطواف فان فيه الصلاة، والوضوء أفضل.

(٣) كما هو مقتضي ذيل الصحيحة المتقدمة، وموثقة ابن فضال عنهعليه‌السلام قال: لاتطوف ولاتسعى إلا بوضوء.

(٤) لاخلاله بالترتيب، وتدل عليه جملة من النصوص.

٢١٤

وينتهي بالمروة، والشوط الثاني عكس ذلك، والشوط الثالث مثل الاول، وهكذا إلى أن يتم السعي في الشوط السابع بالمروة.

ويعتبر فيه استيعاب تمام المسافة الواقعة بين الجبلين في كل شوط، ولايجب الصعود عليهما وإن كان ذلك أولى وأحوط(١) .

والاحوط مراعاة الاستيعاب الحقيقي بأن يبدأ الشوط الاول مثلا من أول جزء من الصفا ثم يذهب إلى أن يصل إلى أول جزء من المروة، وهكذا.

مسألة ٢٢٩: لو بدأ بالمروة قبل الصفا ولو سهواً ألغى ما أتى به واستأنف السعي من الأول(٢) .

مسألة ٢٣٠: لايعتبر في السعي أن يكون ماشيا، فيجوز السعي راكبا على حيوان او غيره، ولكن المشي افضل(٣) ·

* مسألة ٢٣١: لايجوز اختياراً السعي راكبا الكراسي المتحركة اذا كان المتولي لتحريكها شخص آخر، لكونه من السعي به لا السعي بنفسه.

____________________

(١) كما هو ظاهر عدة من الروايات.

(٢) تشهد له صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام قال: من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ماسعى ويبدأ بالصفا قبل المروة.

(٣) لقولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية: والمشي افضل.

٢١٥

* مسألة ٢٣٢: يجوز الاتيان بالسعي ركضاً(١) ، لكن المستحب هو الهرولة بين المنارتين لا العدو.

مسألة ٢٣٣: يعتبر في السعي أن يكون ذهابه وإيابه - فيما بين الصفا والمروة - من الطريق المتعارف فلا يجزىء الذهاب أو الاياب من المسجد الحرام أو أي طريق آخر، نعم لايعتبر أن يكون ذهابه وإيابه بالخط المستقيم.

مسألة ٢٣٤: يجب استقبال المروة عند الذهاب إليها، كما يجب استقبال الصفا عند الرجوع من المروة إليه، فلو استدبر المروة عند الذهاب إليها أو استدبر الصفا عند الإياب من المروة لم يجزئه ذلك(٢) ، ولابأس بالالتفات بصفحة الوجه إلى اليمين واليسار أو

____________________

(١) لصدق السعي بين الجبلين، ففي صحيحة معاوية عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: صار السعي بين الصفا والمروة لان إبراهيمعليه‌السلام عرض له ابليس فأمره جبرئيلعليه‌السلام فشدّ عليه فهرب منه فجرت به السنة.

(٢) للسيرة الجارية، وانصراف النصوص عن المشي القهقري، والظاهر أن الجزم بعدم الاجزاء مطلقا حتى لو كان المشي بمقدار خطوة او خطوتين بحاجة الى جرأة، اذ يكفي الصدق العرفي للتطوف بين الصفا والمروة.

٢١٦

الخلف عند الذهاب أو الاياب.

* مسألة ٢٣٥: الطابق الثاني من المسعي إن كان بين الجبلين لافوقهما جاز السعي منه، وإلا لم يجز(١) ، ومن سعى فيه بتخيل الجواز فحكمه حكم من ترك السعي جاهلا.

مسألة ٢٣٦: الاحوط مراعاة المولاة العرفية(٢) في السعي كالطواف، نعم لابأس بالجلوس في أثنائه على الصفا او المروة او فيهما للاستراحة(٣) ، وإن كان الاحوط ترك الجلوس فيما بينهما إلا

____________________

(١) لاشتراط السعي بين الصفا والمروة، لقوله تعالى ( ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما)، فإذا لم يكن للجبل بروز في الطابق الثاني - كما هو الان - فليس هو سعي بين الصفا والمروة بل سعي فوق الصفا والمروة، مضافا الى الشك في إجزائه فمقتضى الاصل عدمه.

(٢) اذ لايصدق على العمل المركب من أجزاء متعددة عمل واحد اذا كان الفصل بين الاجزاء طويلا، وذهب المشهور الى عدم وجوب الموالاة، ولعله منشأ احتياط الماتن دام ظله.

(٣) كما هو المشهور، لصحيحة الحلبي قال: سألت ابا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يطوف بين الصفا والمروة، ايستريح ؟ قال نعم، إن شاء جلس على الصفا والمروة وبينهما فليجلس.

٢١٧

من جهد(١) .

كما لابأس بقطعة لدرك وقت فضيلة الفريضة ثم البناء عليه من موضع القطع بعد الفراغ منها(٢) ، ويجوز أيضا قطع السعي لحاجة، بل مطلقا(٣) ، ولكن الأحوط - مع فوات الموالاة - أن يجمع بين تكميله وإعادته.

أحكام السعي

السعي من أركان الحج، فمن تركه عمداً عالماً بالحكم أو جاهلاً به أو بالموضوع إلى زمان لايمكنه إتمام أعمال العمرة قبل

____________________

(١) بل يكره ذلك لقولهعليه‌السلام في صحيحة عبدالرحمن: لايجلس بين الصفا والمروة إلا من جهد.

(٢) ففي موثقة ابن فضال عنهعليه‌السلام قال: سعيت شوطاً واحدا ثم طلع الفجر، فقال: صل ثم عد فأتم سعيك.

(٣) ففي معتبرة الازرق قال: سألت ابا الحسنعليه‌السلام عن الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة فيسعى ثلاثة اشواط أو أربعة ثم يلقاه الصديق له فيدعوه الى الحاجة أو الى الطعام، قال: إن أجابه فلا بأس.

٢١٨

زوال الشمس من يوم عرفة بطل حجه(١) ، وكان حكمه حكم من ترك الطواف كذلك، وقد تقدم في أول الطواف.

مسألة ٢٣٧: لو ترك السعي نسياناً أتى به متى ما ذكره وإن كان تذكره بعد فراغه من أعمال الحج، ولو لم يتمكن منه مباشرة أو كان فيها حرج ومشقة استناب غيره، ويصح حجه في كلتا الصورتين(٢) .

مسألة ٢٣٨: من لم يتمكن من مباشرة السعي في الوقت المحدد له ولو بمساعدة شخص آخر، وجب أن يستعين بغيره ليسعى به، ولو بأن يحمله على متنه او على عربة أو نحوها، وإن لم يتمكن من هذا أيضا استناب غيره، ومع عدم القدرة على الاستنابة كالمغمي عليه يسعى عنه وليه أو غيره ويصح حجه(٣) .

____________________

(١) نصاً واجماعاً.

(٢) تدل عليه عدة من النصوص، ففي صحيحة معاوية عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت له: رجل نسي السعي بين الصفا والمروة، قال: يعيد السعي، قلت: فانه خرج، قال يرجع فيعيد السعي، ان هذا ليس كرمي الجمار، ان الرمي سنة، والسعي بين الصفا والمروة فريضة.

وسيأتي من الماتن حكم من نسي بعض الاشواط.

(٣) اذ الواجب اولا ان يسعي الحاج فان لم يقدر استعان بالاخرين فان لم يقدر استناب.

٢١٩

* مسألة ٢٣٩: لو عجز عن السعي في البعض استناب للجميع، لعدم الدليل على صحة النيابة في البعض.

* مسألة ٢٤٠: اذا لم يكن قادراً على السعي بنفسه وطلب منه أصحاب الكراسي للسعي به مبلغاً كبيراً يعدّ مجحفا بحاله ففي هذه الحالة يجوز له استنابة غيره للسعي عنه(١) .

مسألة ٢٤١: الاحوط المبادرة الى السعي بعد الفراغ من الطواف وصلاته، وإن كان الظاهر جواز تأخيره إلى الليل لرفع التعب أو التخفيف من شدة الحر، بل مطلقا على الاقوى(٢) ، نعم لايجوز تأخيره الى الغد في حال الاختيار(٣) .

مسألة ٢٤٢: حكم الزيادة في السعي حكم الزيادة في الطواف،

____________________

(١) ( يريد الله بكم اليسر ولايريد بكم العسر ).

(٢) ففي صحيحة ابن سنان قال: سألته عن الرجل يقدم مكة وقد اشتدّ عليه الحر فيطوف بالكعبة ويؤخر السعي الى ان يبرد، فقال: لابأس وربما فعلته، قال: وربما رأيته يؤخر السعي الى الليل.

(٣) لصحيحة العلا قال: سألته عن رجل طاف بالبيت فأعي، أيؤخر الطواف بين الصفا والمروة الى غد ؟ قال: لا » إلا أنها منصرفة - على الظاهر - عمّا اذا جاء بالطواف قبل صلاة الصبح بقليل.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

.. إلى غير ذلك من الكتاب والسنّة.

وأمّا ما ذكره من أنّ المراد بهذا التجويز نفي وجوب شيء عليه ، فلا يرفع الإشكال ؛ لأنّه إذا لم يجب عليه بعدله وحكمته أن يرسل الرسل بالحكمة والموعظة الحسنة ، فقد جاز أن يرسل رسولا إلى قوم ولا يأمرهم إلّا بسبّه ومدح إبليس ـ إلى غير ذلك ممّا بيّنه المصنّف ـ ، وتجويزهم مثل ذلك على الله سبحانه دليل على عدم معرفتهم به ، وأنّهم ما قدروه حقّ قدره.

ولو جوّزت أشباه هذه الأمور على أحد منهم لعدّها من أكبر النقص عليه ، والذنب إليه ، فكيف تجوز في حقّ الملك الجامع لصفات الكمال؟!

* * *

٣٦١

قال المصنّف ـ قدّس الله سرّه ـ(١) :

وقالت الإمامية : قد أراد الله الطاعات وأحبّها ورضيها واختارها ، ولم يكرهها ولم يسخطها ، وأنّه كره المعاصي والفواحش ولم يحبّها ولا رضيها ولا اختارها(٢) .

وقالت الأشاعرة : قد أراد الله من الكافر أن يسبّه ويعصيه ، واختار ذلك ، وكره أن يمدحه(٣) .

وقال بعضهم : أحبّ وجود الفساد ، ورضي وجود الكفر(٤) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٧٦.

(٢) النكت الاعتقادية : ٢٦ ـ ٢٧ ، تصحيح الاعتقاد : ٤٩ ـ ٥٠ ، تجريد الاعتقاد : ١٩٩.

(٣) الإبانة في أصول الديانة : ١٢٧ ، تمهيد الأوائل : ٣١٧ ـ ٣١٨ ، الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢ / ٩٩ ، المسائل الخمسون : ٦٠ المسألة ٣٥ ، المواقف : ٣٢٠ ـ ٣٢٣ ، شرح المواقف ٨ / ١٧٣ ـ ١٧٤ و ١٧٨ و ١٧٩ ، تحفة المريد على جوهرة التوحيد : ٤٢ ، شرح العقيدة الطحاوية : ١٣٠.

(٤) المواقف : ٣٢٠ ـ ٣٢٣ ، شرح المواقف ٨ / ١٧٣.

٣٦٢

وقال الفضل(١) :

مذهب الأشاعرة ـ كما سبق ـ : إنّ الله تعالى مريد لجميع الكائنات ، فهو يريد الطاعات ويرضى بها للعبد ، ويريد المعاصي بمعنى التقدير ؛ لأنّ الله تعالى مريد للكائنات.

فلا بدّ أن يكون كلّ شيء بتقديره وإرادته ، ولكن لا يرضى بالمعاصي ، والإرادة غير الرضا ، وهذا الرجل يحسب أنّ الإرادة هي عين الرضا ، وهذا باطل.

وأمّا قوله : « كره أن يمدحه » فهذا عين الافتراء.

وكذا قوله : « أحبّ الفساد ورضي بوجود الكفر » ولا عجب هذا من الشيعة ، فإنّ الكذب والافتراء طبيعتهم ، وبه خلقت غريزتهم.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٠٠.

٣٦٣

وأقول :

قوله : « يريد الطاعات ويرضى بها » ليس بصحيح على عمومه ، فإنّ الطاعات التي لم تقع ليست مرادة ولا مرضية له ، وإلّا لوقعت.

وقوله : « ويريد المعاصي بمعنى التقدير » ، ليس بصحيح أيضا ، فإنّ الإرادة سبب التقدير لا نفسه.

ولو سلّم ، فلا بدّ من إرادة المعاصي ؛ لأنّ التقدير بدون إرادة غير ممكن ؛ لأنّها هي المخصّصة.

قوله : « ولكن لا يرضى بالمعاصي » باطل ، إذ لو لم يرض بها فما الذي ألزمه بفعلها.

قوله : « والإرادة غير الرضا » مسلّم ، لكنّ إرادة الفعل تتوقّف على الرضا به ، كما إنّ إرادة الترك تتوقّف على كراهة الفعل ومرجوحيّته من جهة.

وعلى هذا يبتني كلام المصنّف ، لا على إنّ الإرادة نفس الرضا ، كما زعمه الخصم.

وبالجملة : الفعل بالاختيار يستلزم الرضا به ، وتركه بالاختيار يستلزم كراهته ، وإلّا لخرج العمل عن كونه عقلائيا ، فيكون الله سبحانه ـ بناء على تقديره وتكوينه لأفعال العباد ـ راضيا ومحبّا لسبّه والفساد الواقعين ، كارها لمدحه والصلاح المتروكين ؛ وهذا ما قاله المصنّف.

وأمّا ما رمى به الخصم الشيعة من الكذب والافتراء ، فنحن نكله إلى المصنف إذا عرف أحوال رجالنا ورجالهم ، ونظر إلى ما كتبناه في المقدّمة.

٣٦٤

قال المصنّف ـ رفع الله درجته ـ(١) :

وقالت الإمامية : قد أراد النبيّ ٦ من الطاعات ما أراد الله تعالى ، وكره من المعاصي ما كرهه الله تعالى(٢) .

وقالت الأشاعرة : بل أراد النبيّ كثيرا ممّا كرهه الله تعالى ، وكره كثيرا ممّا أراده الله تعالى(٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٧٦.

(٢) إنقاذ البشر من الجبر والقدر ـ المطبوع ضمن رسائل الشريف المرتضى ـ ٢ / ٢٣٦ ، مجمع البيان ٧ / ٣٩٩ ، المنقذ من التقليد ١ / ١٨٥.

(٣) الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢ / ٣١٠ ـ ٣١١.

٣٦٥

وقال الفضل(١) :

غرضه من هذا الكلام ـ كما سيأتي ـ أنّ الله تعالى يريد كفر الكافر ، والنبيّ يريد إيمانه وطاعته ، فوقعت المخالفة بين الإرادتين ، وإذا لم يكن أحدهما مريدا لشيء يكون كارها له ؛ هكذا زعم.

وقد علمت أنّ معنى الإرادة من الله ها هنا هو : التقدير ، ومعنى الإرادة من النبيّ : ميله إلى إيمانهم ورضاه به.

والرضا والميل غير الإرادة بمعنى التقدير ، فالله تعالى يريد كفر الكافر بمعنى : يقدّر له في الأزل هكذا ، والنبيّ لا يريد كفره ، بمعنى أنّه لا يرضى به ولا يستحسنه ، فهذا جمع بين إرادة الله وعدم إرادة النبيّ ولا محذور فيه.

نعم ، لو رضي الله بشيء ، ولم يرض رسوله بذلك الشيء وسخطه ، كان ذلك محذورا ، وليس هذا مذهبا لأحد.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٠٥.

٣٦٦

وأقول :

أيصحّ في العقل أن يقال : إنّ الله تعالى يقدّر شيئا ويفعله ، ولا يرضى به النبيّ ولا يستحسنه؟!

مضافا إلى ما عرفت من أنّ تقدير الفعل يستلزم الرضا به ، وتقدير الترك يستلزم الكراهة له.

فيكون الله سبحانه بتقديره للكفر والمعصية ، راضيا بهما وقد كرههما النبيّ

وبتقديره لترك الإيمان والطاعة ، كارها لهما وقد رضي النبيّ بهما وأرادهما ، فاختلف الله ورسوله.

* * *

٣٦٧

قال المصنّف ـ أعزّ الله منزلته ـ(١) :

وقالت الإمامية : قد أراد الله من الطاعات ما أراده أنبياؤه ، وكره ما كرهوه ، وأراد ما كره الشياطين من الطاعات ، وكره ما أرادوه من الفواحش(٢) .

وقالت الأشاعرة : بل قد أراد الله ما أرادته الشياطين من الفواحش ، وكره ما كرهوه من كثير من الطاعات ، ولم يرد ما أرادته الأنبياء من كثير من الطاعات ، بل كره ما أرادته منها(٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٧٧.

(٢) مجمع البيان ٧ / ٣٩٩ ، المنقذ من التقليد ١ / ١٨٢ ـ ١٨٥.

(٣) الإبانة عن أصول الديانة : ١٢٣ ـ ١٢٤ ، تمهيد الأوائل : ٣١٧ ـ ٣٢١ ، المواقف : ٣١٥ ـ ٣١٦.

٣٦٨

وقال الفضل(١) :

هذا يرجع إلى معنى الإرادة التي ذكرناها في الفصل السابق(٢) ، وهذا الرجل لم يفرّق بين الإرادة والرضا ، وجلّ تشنيعاته ناش من عدم هذا الفرق.

وأمّا قوله : « كره الله ما كره الشياطين من الطاعات » فهذا افتراء على الأشاعرة.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٠٦.

(٢) انظر الصفحة ٣٦٣.

٣٦٩

وأقول :

قد عرفت أنّ المختار لا يفعل شيئا إلّا لإرادته له ورضاه به ، ولا يترك أمرا إلّا لكراهته له ، وإلّا لخرج العمل عن كونه عقلائيا.

فإذا فرض أنّ الله تعالى هو الفاعل لأفعال البشر ، فلا بدّ أن يكون مريدا لما يقع من الفواحش كما هو مراد للشياطين ، وأن يكون كارها لما يقع من الطاعات كما هو مكروه للشياطين ؛ فتمّ ما ذكره المصنّف.

* * *

٣٧٠

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ(١) :

وقالت الإمامية : قد أمر الله عزّ وجلّ بما أراده ونهى عمّا كرهه(٢) .

وقالت الأشاعرة : قد أمر الله بكثير ممّا كره ونهى عن كثير ممّا أراد(٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٧٧.

(٢) النكت الاعتقادية : ٢٥ ، شرح جمل العلم والعمل : ٥٦ ، المنقذ من التقليد ١ / ٨٥ و ١٧٩ ـ ١٨٠ ، تجريد الاعتقاد : ١٩٩.

(٣) الإبانة عن أصول الديانة : ١٢٣ ـ ١٢٤ ، تمهيد الأوائل : ٣١٧ ـ ٣٢٠ ، الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢ / ١٦٨ ، الملل والنحل ـ للشهرستاني ـ ١ / ٨٣ ، الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٣٤٣ وما بعدها ، المسائل الخمسون : ٦٠ و ٦١ ، شرح المقاصد ٤ / ٢٧٤ وما بعدها ، شرح المواقف ٨ / ١٧٣ ـ ١٧٤.

٣٧١

وقال الفضل(١) :

قد عرفت ممّا سلف أنّ الله تعالى لا يجب عليه شيء ، ولا قبيح بالنسبة إليه ، فله أن يأمر بما شاء وينهى عمّا يشاء(٢) .

فأخذ المخالفون من هذا أنّه يلزم على هذا التقدير أن يأمر بما يكرهه وينهى عمّا يريده ؛ وقد عرفت جوابه.

وإنّ المراد بهذا : عدم وجوب شيء عليه ، وهذا التجويز لنفي الوجوب وإن لم يقع شيء من الأمور المذكورة في الوجود.

فالأمر بالمكروه والنهي عن المراد جائز ، ولا يكون واقعا ، فهو محال عادة وإن جاز عقلا بالنسبة إليه ـ كما مرّ غير مرّة ـ ، وسيجيء تفاصيل هذه الأجوبة عند مقالاته في ما سيأتي.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٠٧.

(٢) انظر الصفحة ٣٤٩ من هذا الجزء.

٣٧٢

وأقول :

لم نأخذ ذلك ممّا ذكره وإن كان صالحا للأخذ منه ، بل أخذناه من قولهم : إنّ أفعال العباد مخلوقة لله تعالى(١) ؛ لأنّ خلق الشيء وتقديره يستلزم الإرادة له والرضا به ، وتقدير عدم الشيء يستلزم كراهته ـ كما سبق ـ ، فإذا أمر الله سبحانه بما قدّر عدمه ، فقد أمر بما لا يريده وكرهه ، وإذا نهى عمّا قدّر وجوده ، فقد نهى عمّا أراده ورضيه ـ كما ذكره المصنّف ـ ، وهذا على مذهبهم واقع جار على العادة.

ولو سلّم أنّا أخذناه ممّا ذكره ، فمن أين أحرز عادة الله تعالى في عدم وقوع شيء من الأمور المذكورة وهي غيب؟!

على إنّ تجويز ذلك على الله سبحانه نقص في حقّه وأيّ نقص!! لأنّه من الجهل أو العجز ، تعالى الله عمّا يقول الظالمون.

* * *

__________________

(١) خلق أفعال العباد ـ للبخاري ـ : ٢٥ ، الإبانة عن أصول الديانة : ٤٦ ، الإنصاف ـ للباقلّاني ـ : ٢٨ و ٤٣ ، تمهيد الأوائل : ٣١٨ و ٣٤١ وما بعدها ، الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٣١٩ وما بعدها و ٣٤٣ ، المواقف : ٣١١ ـ ٣١٥.

٣٧٣

قال المصنّف ـ شرّف الله قدره ـ(١) :

فهذا خلاصة أقاويل الفريقين في عدل الله عزّ وجلّ.

وقول الإمامية في التوحيد يضاهي قولهم في العدل ، فإنّهم يقولون :

إنّ الله تعالى واحد لا قديم سواه ، ولا إله غيره ، ولا يشبه الأشياء ، ولا يجوز عليه ما يصحّ عليها من التحرّك والسكون ، وإنّه لم يزل ولا يزال حيّا قادرا عالما مدركا ، لا يحتاج إلى أشياء يعلم بها ، ويقدّر ويحيي ، وإنّه لمّا خلق الخلق أمرهم ونهاهم ، ولم يكن آمرا ولا ناهيا قبل خلقه لهم(٢) .

وقالت المشبّهة : إنّه يشبه خلقه ؛ فوصفوه بالأعضاء والجوارح ، وإنّه لم يزل آمرا وناهيا إلى ما بعد خراب العالم وبعد الحشر والنشر ، دائما بدوام ذاته(٣) .

وهذه المقالة في الأمر والنهي ودوامهما مقالة الأشعرية أيضا(٤) .

__________________

(١) نهج الحقّ : ٧٧.

(٢) أوائل المقالات : ٥١ ـ ٥٣ ، شرح جمل العلم والعمل : ٧٨ ـ ٧٩ ، تقريب المعارف : ٨٨ ، الاقتصاد في ما يتعلّق بالاعتقاد : ٧٨ ، المنقذ من التقليد ١ / ١٣١ ، تجريد الاعتقاد : ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٣) الملل والنحل ١ / ٩٤ ، شرح المواقف ٨ / ٢٥ ـ ٢٦.

(٤) التقريب والإرشاد ـ للباقلّاني ـ ٢ / ٣٠٦ ، اللمع في الردّ على أهل الزيغ والبدع : ٣٦ ، نهاية الإقدام في علم الكلام : ٣٠٤ ، الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧ ، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٢٦٦ ، إرشاد الفحول : ٣١.

٣٧٤

وقالت الأشاعرة أيضا : إنّه تعالى قادر ، عالم ، حيّ إلى غير ذلك من الصفات بذوات قديمة ، ليست هي الله ولا غيره ولا بعضه ، ولولاها لم يكن قادرا ، عالما ، حيّا(١) .

تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

* * *

__________________

(١) اللمع في الردّ على أهل الزيغ والبدع : ٢٥ ـ ٣٢ ، تمهيد الأوائل : ٢٢٧ ـ ٢٢٩ و ٢٩٨ ـ ٢٩٩ ، الإنصاف : ٣٨ ـ ٣٩ ، الملل والنحل ١ / ٨٢ ، المسائل الخمسون : ٤٣ وما بعدها.

٣٧٥

وقال الفضل(١) :

أكثر ما في هذا الفصل قد مرّ جوابه في ما سبق من الفصول على أبلغ الوجوه بحيث لم يبق للمرتاب ريب.

وما لم يذكر جوابه من كلام هذا الفصل ـ في ما سبق ـ هو ما قال في الأمر والنهي ، وأنّ الأشاعرة يقولون : بدوامهما.

فالجواب : إنّهم لمّا قالوا بالكلام النفسي ، وإنّه صفة لذات الله تعالى ، فيلزم أن تكون هذه الصفة أزلية وأبدية

والكلام لمّا اشتمل على الأمر والنهي يكون الأمر في الكلام النفسي أزلا وأبدا ، ولكن لا يلزم أن يكون آمرا وناهيا بالفعل قبل وجود الخطاب والمخاطبين حتّى يلزم السفه ـ كما سبق ـ ، بل الكلام بحيث لو تعلّق الخطاب عند التلفّظ به يكون المتكلّم آمرا وناهيا ، وهذا فرع لإثبات الكلام النفساني ، فأيّ غرابة في هذا الكلام؟!

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٠٩.

٣٧٦

وأقول :

قد عرفت بطلان أجوبته ، ومنه تعرف بطلان جوابه هنا ، ولا أدري لم التزم بعدم الخطاب في القدم والأزل ، وقد أجازوا خطاب المعدوم(١) وقالوا : لا يقبح منه شيء؟!(٢) .

نعم ، لمّا علم أنّ خطاب المعدوم سفه بالضرورة ، التزم بعدم الخطاب غفلة عن مذهبه!

ولو التفت لكابر في نفي السفه ، كما كابر في نفي الأمر والنهي الفعليّين ، مع الالتزام بثبوت الأمر والنهي النفسيّين ، والحال أنّ النفسي مدلول الفعلي ، وكابر في ثبوت الأمر والنهي النفسيّين بدون الخطاب ، مع إنّهما لا يحصلان بدونه.

* * *

__________________

(١) التقريب والإرشاد ـ للباقلّاني ـ ٢ / ٢٩٨ وما بعدها ، المستصفى من علم الأصول ١ / ٨٥ ، نهاية الإقدام في علم الكلام : ٣٠٤ ، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٢٦٦.

(٢) انظر : المسائل الخمسون : ٦١ المسألة ٣٦ ، المواقف : ٣٢٨.

٣٧٧

قال المصنّف ١(١) :

وقالت الإمامية : إنّ أنبياء الله وأئمّته منزّهون عن المعاصي ، وعمّا يستخفّ وينفّر(٢) .

ودانوا بتعظيم أهل البيت الّذين أمر الله بمودّتهم وجعلها أجر الرسالة ، فقال تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى )(٣) .

وقال أهل السنّة كافّة : إنّه يجوز عليهم الصغائر(٤) .

وجوّزتالأشاعرة عليهم الكبائر(٥) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٧٨.

(٢) أوائل المقالات ٤ / ٦٢ و ٦٥ ، تصحيح الاعتقاد : ١٢٩ ، الذخيرة في علم الكلام : ٣٣٧ و ٤٢٩ ، شرح جمل العلم والعمل : ١٩٢ ، تنزيه الأنبياء ـ للشريف المرتضى ـ : ١٥ ، المنقذ من التقليد ١ / ٤٢٤ ، تجريد الاعتقاد : ٢١٣ و ٢٢٢.

(٣) سورة الشورى ٤٢ : ٢٣.

(٤) التقريب والإرشاد ١ / ٤٣٨ ـ ٤٣٩ ، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٣٢١ وقال : « وأمّا أنّه هل يجب كونهم معصومين عن الصغائر قبل البعثة وبعدها؟

فالروافض أوجبوا ذلك ومن عداهم جوّزوا ذلك » ، الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٢٧٩ وج ٢ / ١١٦ و ١١٧ ، المواقف : ٣٥٩ ، شرح المواقف ٨ / ٢٦٥ وقال : « أمّا الصغائر عمدا فجوّزه الجمهور إلّا الجبّائي ».

(٥) محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٣٢٠ ، المواقف : ٣٥٩ ، شرح المواقف ٨ / ٢٦٤ و ٢٦٥.

٣٧٨

وقال الفضل(١) :

أجمع أهل الملل والشرائع كلّها على وجوب عصمة الأنبياء عن تعمّد الكذب في ما دلّ المعجز القاطع على صدقهم فيه ، كدعوى الرسالة وما يبلّغونه عن الله وأمّا سائر الذنوب فأجمعت الأمّة على عصمتهم من الكفر(٢) .

وجوّز الشيعة إظهار الكفر تقيّة عند خوف الهلاك ؛ لأنّ إظهار الإسلام حينئذ إلقاء للنفس في التهلكة ، وذلك باطل ؛ لأنّه يقضي إلى إخفاء الدعوة بالكلّيّة وترك تبليغ الرسالة ، إذ أولى الأوقات بالتقيّة وقت الدعوة ، للضعف بسبب قلّة الموافق وكثرة المخالفين(٣) .

وأمّا غير الكفر من الكبائر ، فمنعه الجمهور من الأشاعرة والمحقّقين.

وأمّا الصغائر عمدا ، فجوّزه الجمهور إلّا الصغائر الخسيسة كسرقة حبّة أو لقمة(٤) ، للزوم المخالفة لمنصب النبوّة.

هذا مذهبهم ، فنسبة تجويز الكبائر إلى الأشاعرة افتراء محض.

وأمّا ما ذكر من تعظيم أنبياء الله وأهل بيت النبوّة ، فهو شعار أهل السنّة ، والتعظيم ليس عداوة الصحابة ، كما زعمه الشيعة والروافض ، بل

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣١٢.

(٢) شرح المواقف ٨ / ٢٦٣ ـ ٢٦٤.

(٣) شرح المواقف ٨ / ٢٦٤.

(٤) انظر : شرح المواقف ٨ / ٢٦٤.

٣٧٩

التعظيم أداء حقوق عظم قدرهم في المتابعة ، وذكرهم بالتفخيم ، واعتقاد قربهم من الله ورسوله ، وهذه خصلة اتّصف بها أهل السنّة والجماعة.

* * *

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415