إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج14%

إيضاح مناسك الحج مؤلف:
المحقق: الشيخ أحمد الماحوزي
تصنيف: علم الفقه
الصفحات: 415

إيضاح مناسك الحج
  • البداية
  • السابق
  • 415 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 111983 / تحميل: 9975
الحجم الحجم الحجم
إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

بمنى دون مكة(١) ، فإن لم يتمكن منها صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق أو عند أهله(٢) ، والأحوط الاولى أن تكون متواليات(٣) .

ويجري هذا الحكم في من أفاض من عرفات نسياناً أو جهلا منه بالحكم، فيجب عليه الرجوع بعد العلم أوالتذكر، فإن لم يرجع حينئذ فعليه الكفارة على الاحوط(٤) .

مسألة ٢٧٦: إن جملة من مناسك الحج كالوقوف في عرفات وفي المزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنى، بما أن لها أياما وليالي خاصة من شهر ذي الحجة الحرام، فوظيفة المكلف أن يتحرى رؤية هلال هذا الشهر ليتسنى له الإتيان بمناسك حجه في أوقاتها.

وإذا ثبت الهلال عند قاضي الديار المقدسة، وحكم على طبقه،

____________________

رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس، قال: عليه بدنة ينحرها يوم النحر، فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق أو في أهله.

(١) كما هو ظاهر صحيحة ضريس، اذ قولهعليه‌السلام «ينحرها يوم النحر» كناية عن النحر في منى والقرينة واضحة فتدبر.

(٢) للصحيحة المتقدمة.

(٣) خروجا عن خلاف المحقق في الشرائع وصاحب الجواهر.

(٤) وجه الاحتياط أن موضوع الكفارة في النصوص الافاضة العمدية، وبإطلاقها قد تكون شاملة للمقام وهو لايخلو من قوة.

٢٤١

وفرض مخالفته للموازين الشرعية، فقد يقال بحجيته حكمه في حق من يحتمل مطابقته مع الواقع، فيلزمه متابعته وترتيب آثار ثبوت الهلال فيما يرتبط بمناسك حجه من الوقوفين وغيرهما، فإذا فعل ذلك حكم بصحة حجه وإلا كان محكوما بالفساد.

بل قد يقال بالاجتزاء بمتابعة حكمه حتى فيما لم يحتمل مطابقته مع الواقع في خصوص ماتقتضي التقية الجري على وفقه.

ولكن كلا القولين في غاية الإشكال(١) ، وعلى هذا فإن تيسر للمكلف أداء أعمال الحج في أوقاتها الخاصة حسبما تقتضيه الطرق المقررة لثبوت الهلال وأتى بها صح حجه مطلقا على الأظهر.

وإن لم يأت بها كذلك - ولو لعذر - فإن ترك أيضا اتباع رأي القاضي في الوقوفين فلا شك في فساد حجه، وأما مع اتباعه ففي صحة حجه إشكال.

____________________

(١) للقصور في دلالة النصوص، وجزم السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته بالاجزاء في صورة احتمال المخالفة، وفصل بعض الاساتذة في صورة العلم بالخلاف بين كون التقية مستوعبة للوقت او لا، فيجزي في الاول دون الثاني وله شواهد في باب الصلاة، ويمكن استشعار الصحة مطلقا من معتبرة ابي الجارود عن ابي جعفرعليه‌السلام قال: الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس والصوم يوم يصوم الناس.

٢٤٢

الوقوف في المزدلفة

وهو الثالث من واجبات حجّ التمتع.

والمزدلفة اسم لمكان يقال له: المشعر الحرام، وحدّ الموقف من المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسر، وهذه كلها حدود المشعر وليست بموقف إلا عند الزحام وضيق الموقف، فإنه يجوز حينئذ الارتفاع الى المأزمين(١) .

مسألة ٢٧٧: يجب على الحاجّ - بعد الإفاضة من عرفات - أن يبيت شطرا من ليلة العيد بمزدلفة حتى يصبح بها، والاحوط أن يبقى فيها إلى طلوع الشمس(٢) ، وإن كان الاظهر جواز الإفاضة منها إلى وادي

____________________

(١) ففي موثقة سماعة قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : إذا كثر الناس بمنى وضاقت عليهم كيف يصنعون ؟ فقال: يرتفعون إلى وادي محسر، قلت: فإذا كثر الناس بجمع وضاقت عليهم كيف يصنعون ؟ قال: يرتفعون إلى المأزمين، قلت: فإذا كانوا بالموقف وكثروا وضاق عليهم كيف يصنعون ؟ فقال: يرتفعون إلى الجبل.

(٢) تبعا للاكثر.

٢٤٣

محسر قبل الطلوع بقليل(١) .

نعم لايجوز تجاوز الوادي إلى منى قبل أن تطلع الشمس(٢) .

مسألة ٢٧٨: الوقوف في تمام الوقت المذكور وإن كان واجباً في حال الاختيار إلا أن الركن منه هو الوقوف في الجملة.

فإذا وقف بالمزدلفة مقدارا من ليلة العيد ثم أفاض قبل طلوع الفجر صح حجه على الاظهر وعليه كفارة شاة إن كان عالماً، وإن كان جاهلا فلا شيء عليه(٣) .

____________________

(١) تشهد له صحيحة هشام عنهعليه‌السلام قال: لاتجاوز وادي محسر حتى تطلع الشمس »، وفي موثقة اسحاق قال: سألت أبا ابراهيمعليه‌السلام أي ساعة أحب إليك أن أفيض من جمع ؟ قال: قبل أن تطلع الشمس بقليل فهو أحب الساعات إليّ، قلت: فان مكثنا حتى تطلع الشمس ؟ قال: لابأس »، ومثلها صحيحة معاوية بن حكيم، وعن ابن مهزيار عمن حدثه عن حماد عن جميل عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: ينبغي للإمام أن يقف بجمع حتى تطلع الشمس وسائر الناس إن شاءوا عجلوا وإن شاءوا أخروا »، وفي صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام قال: ثم أفض حيث يشرق لك ثبير وترى الابل مواضع أخفافها.

(٢) كما هو مقتضي صحيحة هشام.

(٣) تدل عليه صحيحة مسمع عن ابي ابراهيمعليه‌السلام في رجل

=

٢٤٤

وإذا وقف مقدارا مما بين الطلوعين ولم يقف الباقي ولو متعمداً صح حجه أيضا ولاكفارة عليه وإن كان آثما(١) .

مسألة ٢٧٩: يستثنى من وجوب الوقوف بالمزدلفة بالمقدار المتقدم الخائف والصبيان والنساء والضعفاء - كالشيوخ والمرضى - ومن يتولى شؤونهم، فإنه يجوز لهؤلاء الاكتفاء بالوقوف فيها ليلة العيد والإفاضة منها إلى منى قبل طلوع الفجر(٢) .

مسألة ٢٨٠: يعتبر في الوقوف بالمزدلفة نية القربة والخلوص(٣) ، كما يعتبر فيه أن يكون عن قصد نظير مامر في الوقوف بعرفات.

مسألة ٢٨١: من لم يدرك الوقوف الاختياري - الوقوف في الليل والوقوف فيما بين الطلوعين - في المزدلفة لنسيان أولعذر آخر أجزأه

____________________

=

وقف مع الناس بجمع، ثم أفاض قبل أن يفيض الناس، قال: إن كان جاهلا فلا شيء عليه، وإن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة» وهي كما ترى ظاهر في وجوب الكفارة على من أفاض قبل الفجر مطلقا حتى الجاهل، لوجه المقابلة فتدبر.

(١) اما عدم الكفارة فلعدم الدليل، واما الاثم فلترك الواجب.

(٢) بلا خلاف في ذلك لجملة من النصوص.

(٣) لكونها عبادة متقومة بذلك.

٢٤٥

الوقوف الاضطراري(١) - الوقوف قليلا فيما بين طلوع الشمس الى زوالها يوم العيد - ولو تركه عمداً فسد حجه(٢) .

إدراك الوقوفين أو أحدهما

تقدم أن كلاً من الوقوفين - الوقوف في عرفات والوقوف في المزدلفة - ينقسم الى قسمين: اختياري واضطراري، فإذا أدرك المكلف الاختياري من الوقوفين كليهما فلا إشكال، وإن فاته ذلك لعذر فله صور:

الاولى: أن لايدرك شيئا من الوقوفين - الاختياري منهما والاضطراري - أصلا، ففي هذه الصورة يبطل حجه ويجب عليه الإتيان بعمرة مفردة بنفس إحرام الحج(٣) .

وإذا كان حجه حجة الإسلام وجب عليه اداء الحج بعد ذلك

____________________

(١) بلا خلاف في ذلك للنصوص.

(٢) لتركه الركن بترك بدله الاضطراري.

(٣) نصاً واجماعاً.

٢٤٦

فيما اذا كانت استطاعته باقية أو كان الحج مستقراً في ذمته(١) .

الثانية: أن يدرك الوقوف الاختياري في عرفات والاضطراري في المزدلفة.

الثالثة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في عرفات والاختياري في المزدلفة.

ففي هاتين الصورتين يصحّ حجه بلا إشكال(٢) .

الرابعة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في كل من عرفات والمزدلفة، والاظهر في هذه الصورة صحة حجه(٣) ، وإن كان الاحوط إعادته(٤) بعد ذلك كما في الحالة المتقدمة في الصورة الاولى(٥) .

____________________

(١) ووجهه ظاهر.

(٢) للنص والاجماع.

(٣) لقولهعليه‌السلام في صحيحة العطار: إذا أدرك الحاج عرفات قبل طلوع الفجر، فأقبل من عرفات ولم يدرك الناس بجمع ووجدهم قد أفاضوا، فليقف قليلا بالمشعر الحرام وليلحق الناس بمنى ولاشيء عليه.

(٤) والظاهر أنه لاوجه لهذا الاحتياط، إلا أن يكون خروجا عن خلاف من تردد او حكم بالبطلان.

(٥) اذا كانت استطاعته باقية او كان الحج مستقرا عليه.

٢٤٧

الخامسة: أن يدرك الوقوف الاختياري في المزدلفة فقط، ففي هذه الصورةيصح حجه أيضا(١) .

السادسة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في المزدلفة فقط والاظهر في هذه الصورة بطلان الحج(٢) وانقلابه الى عمرة مفردة.

____________________

(١) بلا خلاف في ذلك وتدل عليه جملة من النصوص منها صحيحة معاوية المتقدمة.

(٢) كما هو المشهور، لجملة من النصوص الصريحة الصحيحة، وفي قبالها طائفة اخرى تدل على الصحة بالاطلاق، فيرفع اليد عنها تقديما للنص على الظاهر، اذ لسان الثانية «من ادرك المشعر يوم النحر قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج» فبإطلاقها تشمل من لم يدرك عرفات اصلا، اما لسان الاولى ففي صحيحة الحلبي قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الرجل يأتي بعدما يفيض الناس من عرفات، فقال: ان كان في مهل حتى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها، ثم يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا، فلايتم حجه حتى يأتي عرفات، وإن قدم رجل وقد فاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام فإن الله تعالى أعذر لعبده فقد تم حجه اذا ادرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس وقبل أن يفيض الناس، فان لم يدرك المشعر الحرام، فقد فاته الحج فليجعلها عمرة مفردة وعليه الحج من قابل » وهى ناصة على بطلان من أدرك المشعر الاضطراري كما لايخفي.

وذهب بعض الاساتذة الى التفصيل بين حج التمتع والافراد، فذهب الى

=

٢٤٨

السابعة: أن يدرك الوقوف الاختياري في عرفات فقط، والأظهر في هذه الصورة أيضا بطلان الحج(١) فينقلب حجه الى

____________________

=

الصحة في الاول والبطلان في الثاني، لكون أدلة الصحة بعضها صريح في التمتع والاخر مطلق، وأدلة البطلان بعضها مقيد بالافراد والاخر مطلق من حيث نوعية الحج، ففي صحيحة حريز قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل مفرد للحج فاته الموقفان جميعا، فقال له الى طلوع الشمس يوم النحر فان طلعت الشمس من يوم النحر فليس له حج ويجعلها عمرة وعليه الحج من قابل » ومثلها رواية اسحاق.

وفي صحيحة جميل: من أدرك المشعر يوم النحر قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج، ومن ادرك يوم عرفة قبل زوال الشمس فقد أدرك المتعة.

(١) خلافا للمشهور والمعروف بين الاصحاب، وفي الجواهر نفى الخلاف المحقق في صحة الاجتزاء به بل في المنتهى أنه موضع وفاق، تبعا لعدة من النصوص.

ففي صحيحة الخثعمي عن ابي عبداللهعليه‌السلام أنه قال في رجل لم يقف بالمزدلفة ولم يبت بها حتى أتي منى، قال: ألم ير الناس؟ ألم ينكر منى حين دخلها ؟ قلت: فإنه جهل ذلك، قال: يرجع، قلت: إن ذلك قد فاته، قال: لابأس.

وفي صحيحة معاوية قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : مملوك اعتق يوم عرفة ؟ قال: إذا أدرك أحد الموقفين فقد أدرك الحج»، وفي صحيحته

=

٢٤٩

العمرة المفردة، ويستثنى من ذلك ما إذا مر بمزدلفة في الوقت الاختياري في طريقه الى منى، ولكن لم يقصد الوقوف بها جهلا منه بالحكم، فإنه لايبعد صحة حجه حينئذ إذا كان قد ذكر الله تعالى عند مروره بها(١) .

____________________

=

الاخرى عنهعليه‌السلام في مملوك اعتق يوم عرفة، قال: اذا أدرك أحد الموقفين فقد أدرك الحج، وإن فاته الموقفان فقد فاته الحج، ويتم حجه ويستأنف حجة الإسلام فيما بعد » فدلالتها صريحة بل نص في اجزاء أحد الموقفين ولاخصوصية قطعا للعبد اذ قولهعليه‌السلام «اذا أدرك أحد الموقفين فقد أدرك الحج » حكم كلي أحد موارده العبد المعتوق ليلة عرفة.

أما قولهعليه‌السلام في حسنة الحلبي « اذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك الحج » فهو قابل للتقييد، أو الحمل على أن الانسان اذ قدم وقد فاتته المزدلفة فقد فاته الحج بخلاف ما اذا قدم وقد فاته عرفات فإن الحج لايفوت بفواته، فهي في مقام تحديد آخر مايمكن أن يدرك به الحج، فما عليه المشهور هو المعتمد خلافا للعلامة وغيره من المعاصرين، والله العالم.

(١) ففي صحيحة ابن حكيم قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : أصلحك الله الرجل الاعجمي والمرأة الضعيفة تكونان مع الجمال الاعرابي، فإذا أفاض بهم من عرفات مر بهم كما هو إلى منى لم ينزل بهم جمعا، قال: أليس قد صلوا بها، فقد أجزأهم، قلت: فإن لم يصلوا بها ؟ قال: فذكروا الله فيها، فإن كانوا ذكروا الله فيها فقد أجزأهم.

٢٥٠

الثامنة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في عرفات فقط، ففي هذه الصورة يبطل حجه(١) وينقلب الى العمرة المفردة.

منى وواجباتها

يجب على الحاج بعد الوقوف في المزدلفة الإفاضة الى منى، لاداء الأعمال الواجبة هناك، وهي كما نذكرها تفصيلا ثلاثة:

١ - رمي جمرة العقبة

الرابع - من واجبات الحج -: رمي جمرة العقبة يوم النحر ويعتبر فيه أمور:

١ - نية القربة والخلوص.

٢ - أن يكون الرمي بسبع حصيات، ولايجزىء الأقل من ذلك، كما لايجزىء رمي غيرها من الأجسام.

٣ - أن يكون رمي الحصيات واحد بعد واحدة، فلا يجزىء

____________________

(١) لعدم الدليل على الصحة.

٢٥١

رمي اثنتين أو أكثر مرة واحدة.

٤ - أن تصل الحصيات إلى الجمرة فلا يحسب مالا يصل(١) .

٥ - أن يكون وصولها الى الجمرة بسبب الرمي، فلا يجزىء وضعها عليها(٢) .

٦ - أن يكون كل من الاصابة والرمي بفعله(٣) ، فلو كانت الحصاة بيده فصدمه حيوان أو انسان وألقيت إلى الجمرة لم يكف، وكذا لو ألقاها فوقعت على حيوان أو انسان فتحرك فحصلت الإصابة بحركته(٤) .

نعم، إذا لاقت الحصاة في طريقها شيئا ثم أصابت الجمرة - ولو بصدمته كما لو وقعت على أرض صلبة فطفرت فأصابتها - فالظاهر الإجزاء(٥) .

____________________

(١) نصاً واجماعاً وسيرةً في كل مامر.

(٢) لعدم تحقق الرمي.

(٣) ووجه واضح.

(٤) ففي صحيحة معاوية: اذا رميت بحصاة فوقعت في محمل فأعد مكانها.

(٥) تشهد له صحيحة معاوية وفيها: وإن اصابت انساناً أو جملاً ثم وقعت على الجمار أجزأك.

٢٥٢

٧ - أن يكون الرمي بيده(١) ، فلو رمى الحصيات بفمه أو رجله لم يجزئه، وكذا لو رماها بآلة - كالمقلاع - على الاحوط(٢) .

٨ - أن يكون الرمي بين طلوع الشمس وغروبها(٣) ، ويجزىء للنساء وسائر من رخص لهم الإفاضة من المشعر في الليل أن يرموا بالليل (ليلة العيد).

* مسألة ٢٨٢: من يتولى شؤون المعذورين والنساء اذا استغني عن مرافقته لهم في نهار يوم العيد بمقدار الرمي لم يجزئه الرمي ليلا(٤) .

____________________

(١) لانصراف الرمي إليه وهو القدر المتيقن، مؤيدا ببعض النصوص، ففي مصححة أبي بصير قال: قال ابو عبداللهعليه‌السلام : خذ حصى الجمار بيدك اليسرى وارم باليمنى »، وفي صحيحة البزنطي عن ابي الحسنعليه‌السلام قال: حصى الجمار تكون مثل الأنملة - الى ان قال - تخذفهن خذفا وتضعها على الإبهام وتدفعها بظفر السبابة.

(٢) وجه التوقف صدق الرمي باليد، مع مخالفتها للسيرة الجارية والعادة المتبعة من زمان المعصومين الى الان.

(٣) نصاً واجماعاً.

(٤) لعدم العذر الموجب لجواز الرمي ليلا.

٢٥٣

مسألة ٢٨٣: إذا شك في الاصابة وعدمها بنى على العدم(١) إلا مع التجاوز عن المحل، كما إذا كان الشك بعد الذبح أو الحلق أو بعد دخول الليل(٢) .

مسألة ٢٨٤: يعتبر في الحصيات أمران:

١ - أن تكون من الحرم سوى المسجد الحرام ومسجد الخيف(٣) ، والافضل أخذها من المشعر(٤) .

٢ - أن تكون أبكاراً على الاحوط(٥) ، بمعنى أن لاتكون

____________________

(١) اذ الاصل عدم الاصابة.

(٢) لقاعدة الفراغ وكذا التجاوز.

(٣) لقولهعليه‌السلام في معتبرة حنان: يجزيك أن تأخذ حصى الجمار من الحرم كله، إلا من المسجد الحرام ومسجد الخيف.

(٤) لقولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية: خذ حصى الجمار من جمع، وإن أخذته من رحلك بمنى أجزأك.

(٥) بلاخلاف وقد ادعي عليه الاجماع، وتدل عليه عدة من النصوص:

ففي مرسلة حريز عمن أخبره عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته من أين ينبغي أخذ حصى الجمار ؟ قال: لاتأخذ من موضعين: من خارج الحرم ومن حصى الجمار، ولابأس بأخذه من سائر الحرم.

وفي حسنة عبد الاعلى عنهعليه‌السلام في حديث: لاتأخذ من حصى

=

٢٥٤

مستعملة في الرمي قبل ذلك، ويستحب فيها أن تكون ملوّنة ومنقّطة ورخوة، وإن يكون حجمها بمقدار أنملة، وإن يكون الرامي راجلا، وعلى طهارة(١) .

مسألة ٢٨٥: إذا زيد على الجمرة في ارتفاعها ففي الاجتزاء برمي المقدار الزائد اشكال(٢) ، فالاحوط أن يرمي المقدار الذي كان سابقا، فإن لم يتمكن من ذلك رمى المقدار الزائد بنفسه واستناب شخصا آخر لرمي المقدار المزيد عليه، ولافرق في ذلك بين العالم

____________________

=

الجمار » وزاد عليه الصدوق «الذي قد رمي».

وحيث ان هذه النصوص على مذاق الاعلام ضعيفة السند وعدم انجبار الرواية بعمل المشهور فالمقام يقتضي الاحتياط.

(١) كل ذلك تبعاً لجملة من النصوص فراجع.

(٢) الظاهر من جملة من الروايات ان الواجب هو رمي موضع الجمرة الذي تمثل فيه الشيطان لابراهيمعليه‌السلام ، فرمي المقدار الزائد على ماكان يصدق عليه أنه رمي لموضع الجمرة، إذ البناء ماهو إلا رمز لهذا الشعار وإنه في هذا الموضع لافي آخر، مضافا الى تجدد البناء مرات عديدة طوال التاريخ - بل في عصر الائمةعليهم‌السلام - وهذا امر لايمكن ان ينكر، إذ استمرار عملية الرمي يستلزم منه تهشم الجمرة في السنة الواحدة فضلا عن السنوات المتعاقبة، ولم نر في اسئلة الرواة مايثير الشك في ذلك.

٢٥٥

والجاهل والناسي.

* مسألة ٢٨٦: الجدار الخلفي لجمرةالعقبة الذي أزيل أخيراً لايجتزى به على الاحوط إن لم يكن أقوى(١) .

* مسألة ٢٨٧: لايعتبر الكون في منى عند القيام برمي جمرة العقبة، فلا مانع من الوقوف حال الرمي بعيداً عنها من جهة وجهها(٢) ، بل يستحب أن يقف الرامي بعيداً بمقدار عشرة أذرع أو خمسة عشر ذراعاً.

مسألة ٢٨٨: إذا لم يرم يوم العيد لعارض من نسيان أو جهل بالحكم أو غيرهما لزمه التدارك متى ارتفع العارض(٣) ، ولو كان

____________________

(١) وذهب السيد الخوئي وبعض اعاظم تلامذته الى الاجتزاء.

(٢) لعدم إشتراطه في النصوص.

(٣) تشهد له صحيحة معاوية قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام ماقولك في امرأة جهلت أن ترمي الجمار حتى نفرت الى مكة ؟ قال: فلترجع ولترم الجمار، كما كانت ترمي والرجل كذلك » ومقتضى اطلاق وجوب الرجوع للرمي وإن كان بعد ايام التشريق، وذهب المشهور بل لم ينقل الخلاف من وجوب الرجوع مادامت لم تنقضي ايام التشريق، تمسكاً بحسنة عمر بن يزيد عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: من أغفل رمي الجمار أو بعضها حتى تمضي أيام التشريق فعليه أن يرميها من قابل، فان لم يحج رمى عنه

=

٢٥٦

ارتفاعه في الليل أخر التدارك الى النهار، إذا لم يكن ممن رخص له الرمي ليلا كماسيأتي في رمي الجمار.

والظاهر وجوب التدارك عند ارتفاع العارض مادام الحاج بمنى، بل وفي مكة، حتى ولو كان ذلك بعد اليوم الثالث عشر، وإن كان الأحوط في هذه الصورة أن يعيد الرمي في السنة القادمة بنفسه إن حج أوبنائبه إن لم يحج(١) .

وإذا ارتفع العارض بعد خروجه من مكة فلا يجب عليه الرجوع(٢) ، بل يرمي في السنة القادمة بنفسه أو بنائبه على الاحوط

____________________

=

وليه، فإن لم يكن له ولي استعان برجل من المسلمين يرمي عنه، فانه لايكون رمي الجمار إلا في أيام التشريق » وتوقف بعض الاعلام فيها لضعف سندها لوجود محمد بن عمر بن يزيد وهو لم يوثق، لكن يمكن اعتبار حاله لانه من اصحابنا المصنفين وقد ذكره الشيخ والنجاشي مع عدم طعن الاخير فيه وهو من أمارات الحسن اذ من دأبه الطعن او المدح.

(١) خروجا عن خلاف المشهور، وعملا بإطلاق صحيحة معاوية.

(٢) تشهد له صحيحة معاوية وفيها: فان نسيها حتى اتى مكة، قال: يرجع فيرمي متفرقا يفصل بين كل رميتين بساعة، قلت: فانه نسي أو جهل حتى فاته وخرج، قال: ليس عليه أن يعيد.

٢٥٧

الاولى(١) .

مسألة ٢٨٩: إذا لم يرم يوم العيد نسياناً أو جهلاً، فعلم أو تذكر بعد الطواف فتداركه لم تجب عليه إعادة الطواف(٢) ، وإن كانت الإعادة أحوط(٣) .

وأما اذا كان الترك لعارض آخر - سوى الجهل او النسيان - فالظاهر بطلان طوافه، فيجب عليه أن يعيده بعد تدارك الرمي(٤) .

٢ - الذبح أو النحر في منى

وهو الخامس من واجبات حج التمتع.

ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص، وعدم تقديمه على نهار يوم العيد إلا للخائف ن فإنه يجوز له الذبح والنحر في ليلته(٥) ، ويجب

____________________

(١) لحسنة ابن يزيد وإطلاق صحيحه معاوية المتقدمة.

(٢) لعدم الامر به في النصوص.

(٣) رعاية للترتيب.

(٤) لاخلاله بالترتيب الواجب.

(٥) لقولهعليه‌السلام في صحيحة ابن سنان: لا بأس أن يرمي الخائف بالليل ويضحي ويفيض بالليل.

٢٥٨

الإتيان به بعد الرمي على الاحوط(١) ، ولكن لو قدمه عليه جهلا أو نسيانا صح ولم يحتج إلى الاعادة(٢) .

ويجب أن يكون الذبح أو النحر بمنى(٣) ، وإن لم يمكن ذلك لكثرة الحجاج وضيق منى عن استيعاب جميعهم، فلا يبعد جواز الذبح أو النحر بوادي محسر(٤) ، وإن كان الاحوط تركه مالم يحرز

____________________

(١) ذهب الشيخ في الخلاف وابو الصلاح في الكافي وابن ابي عقيل وابن ادريس الى استحباب الترتيب بين اعمال منى الثلاثة، وقرّبه العلامة في المختلف، تمسكا بصحيحة ابن سنان قال: سألته عن رجل حلق رأسه قبل أن يضحي، قال: لابأس وليس عليه شيء ولايعودن.

وذهب الاكثر الى وجوب الترتيب للروايات البيانية التي ظاهرها ذلك وسيأتي بيانه في الحلق والتقصير فراجع.

(٢) نصاً واجماعاً.

(٣) نصاً واجماعاً.

(٤) تشهد له موثقة سماعة قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : إذا كثر الناس بمنى وضاقت عليهم كيف يصنعون ؟ فقال: يرتفعون إلى وادي محسر، قلت: فإذا كثر الناس بجمع وضاقت عليهم كيف يصنعون ؟ قال: يرتفعون إلى المأزمين، قلت: فإذا كانوا بالموقف وكثروا وضاق عليهم كيف يصنعون ؟ فقال: يرتفعون إلى الجبل.

فإذا جاز الوقوف والمبيت بوادي محسر بدلا عن منى في ظرف الضيق

=

٢٥٩

عدم التمكن من الذبح أو النحر بمنى الى آخر أيام التشريق(١) .

مسألة ٢٩٠: الأحوط أن يكون الذبح أو النحر يوم العيد، وإن كان الاقوى جواز تأخيره إلى آخر أيام التشريق(٢) ، والأحوط عدم الذبح في الليل مطلقا(٣) حتى الليالي المتوسطات بين أيام التشريق إلا

____________________

=

جاز ترتيب بقية الاحكام من الذبح والحلق، إذ الضيق كما يتحقق من الوقوف والمبيت بها يتحقق أيضا من الذبح فيها كما لايخفي، بل لعله اكثر مصداقية من المبيت لكثرة ماكان يضحى من الانعام الثلاثة في يوم العيد وهذه الكثرة تتطلب مساحات كبيرة من أرض منى.

(١) لعله لجواز تأخير الذبح الى اخر ايام التشريق اختيارا.

(٢) وذهب الشيخ في النهاية والمبسوط والمصباح الى ان وقت النحر او الذبح طول ذي الحجة، ومثله في الغنية والسرائر وهو ظاهر المهذب، لاطلاقات الادلة ومفهوم الشرط في حسنة الكرخي عن أبي عبداللهعليه‌السلام في رجل قدم بهديه مكة في العشر، فقال: إن كان هديا واجبا فلا ينحره إلا بمنى، وإن كان ليس بواجب فلينحره بمكة إن شاء، وإن كان قد أشعره أو قلده فلا ينحره إلا يوم الاضحى »، وصريح صحيحة ابي بصير عن أحدهماعليهما‌السلام قال: سألته عن رجل تمتع فلم يجد مايهدي، حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة، أيذبح أو يصوم، قال: بل يصوم، فإن أيام الذبح قد مضت»، مضافا إلى القصور في ادلة التعيين.

(٣) بل الظاهر ذلك، لقولهعليه‌السلام في صحيحة ابن سنان: لابأس

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

صلاة الفجر وبعد العصر.

وقال أخبرنا مالك بن إسماعيل قال حدثنا إسماعيل عن أبي الجحاف عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير أنه كان لا يدع أحدا يغتاب عنده أحدا يقول إن أردت ذلك ففي وجهه.

قال محمد بن سعد : وكان سعيد لما انهزم أصحاب بن الأشعث من دير الجماجم هرب فلحق بمكة قال أخبرنا عارم بن الفضل وسليمان بن حرب قالا حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن عتيق عن محمد بن سيرين قال كان سعيد بن جبير حائنا إنه فعل ما فعل ثم أتى مكة يفتي الناس قال أخبرنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثني حفص بن خالد قال حدثني من سمع سعيد بن جبير يقول يوم أخذ وشي بي واش في بلد الله الحرام أكله إلى الله. وقال وكان الذي أخذ سعيد بن جبير خالد بن عبد الله القسري وكان والي الوليد بن عبد الملك على مكة فبعث به إلى الحجاج.

قال أخبرنا موسى بن إسماعيل قال حدثني عبد الله بن مروان عن شريك عن هشام الدستوائي قال رأيت سعيد بن جبير يطوف بالبيت مقيدا ورأيته دخل الكعبة عاشر عشرة مقيدين قال أخبرنا يزيد بن هارون عن عبد الملك بن أبي سليمان قال سمع خالد بن عبد الله صوت القيود فقال ما هذا فقيل له سعيد بن جبير وطلق بن حبيب وأصحابهما يطوفون بالبيت فقال اقطعوا عليهم الطواف.

وقال أخبرنا علي بن محمد عن أبي اليقظان قال كان سعيد بن جبير يقول يوم دير الجماجم وهم يقاتلون قاتلوهم على جورهم في الحكم وخروجهم من الدين وتجبرهم على عباد الله وإمانتهم الصلاة واستذلالهم المسلمين. فلما انهزم أهل دير الجماجم لحق سعيد بن جبير بمكة فأخذه خالد بن عبد الله فحمله إلى الحجاج(1) .

روايات في فضائل أهل البيتعليهم‌السلام عن ابن عباس كثيرة منها

فيي مسند احمد حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الفضل بن دكين ثنا بن أبي عيينة عن الحسن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة قال غزوت مع علي اليمن

__________________

(1) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ج 6 ص 257 ـ 267.

٣٢١

فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يتغير فقال يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم قلت بلى يا رسول الله قال من كنت مولاه فعلي مولاه(1) .

وفي المستدرك للحاكم : حدثنا محمد بن صالح بن هانئ ثنا أحمد بن نصر أخبرنا محد بن علي الشيباني بالكوفة ثنا أحمد بن حازم الغفاري وأنبأ محمد بن عبد الله العمري ثنا محمد بن إسحاق ثنا محمد بن يحيى وأحمد بن يوسف قالوا ثنا أبو نعيم ثنا بن أبي غنية عن الحكم عن سعيد بن جبير عن بن عباس عن بريدة الأسلمي رضي الله تعالى عنه قال غزوت مع علي إلى اليمن فرأيت منه جفوة فقدمت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يتغير فقال يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم قلت بلى يا رسول الله فقال من كنت مولاه فعلي مولاه وذكر الحديث هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه(2)

وروى الطبراني في المعجم الكبير عن ابن أبي عاصم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا الفضل بن دكين عين بن أبي غنية عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة رضي الله تعالى عنه قال مررت مع علي رضي الله تعالى عنه إلى اليمن فرأيت منه جفوة فلما قدمت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ذكرت عليا فتنقصته فجعل وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يتغير فقال ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم قلت بلى يا رسول الله قال من كنت مولاه فعلي مولاه(3)

وفي المعجم الكبير قال الطبراني حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا الحسن بن أبي جعفر عن أبي الصهباء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق(4) .

__________________

(1) احمد بن حنبل ،مسند احمد ج 5 ص 347.

(2) الحاكم النيسابوري ،المستدرك ج 3 ص 119.

(3) الطبراني ،المعجم الكبير ج 3 ص 467.

(4) أبو عاصم ، الآحاد والمثاني ج 4 ص 325.

٣٢٢

وفيه أيضا قال حدثنا محمد بن عبد الله ثنا حرب بن الحسن الطحان ثنا حسين الأشقر عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال لما نزلت قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى قالوا يا رسول الله ومن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال علي وفاطمة وابناهما(1) .

وقال أيضا حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا حرب بن الحسن الطحان ثنا حسين الأشقر عن قيس عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال لما نزلت قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى قالوا يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال علي وفاطمة وابناهما رضي الله تعالى عنهم(2) .

وقال أيضا حدثنا علي بن العباس البجلي الكوفة ثنا محمد بن تسنيم ثنا حسن بن حسين العربي ثنا يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لأم سلمة هذا علي بن أبي طالب لحمه لحمي ودمه دمي هو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي(3) .

وقال حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا محمد بن مرزوق ثنا حسين الأشقر ثنا نصير بن زياد عن عثمان أبي اليقظان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قالت الأنصار فيما بينهم لو جمعنا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم مالا فبسط يده لا يحول بينه وبينه أحد فأتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا يا رسول الله إنا أردنا أن نجمع لك من أموالنا فأنزل الله عز وجل فخرجوا مختلفين فقال بعضهم ألم تروا ما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم .

وقال بعضهم إنما قال هذا لنقاتل عن أهل بيته وننصرهم ، فأنزل الله عز وجل( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِن يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24)وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ

__________________

(1) الطبراني ،المعجم الكبير ج 3 ص 47.

(2) الطبراني ،المعجم الكبير ج 11 ص 444.

(3) الطبراني ،المعجم الكبير ج 12 ص 18.

٣٢٣

مَا تَفْعَلُونَ (25)وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26)) الشورى / 24 ـ 26.

فعرض لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالتوبة.(1)

وفي الكامل لابن عدي روى ابن عدي في الكامل 3 / 431 عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن أبي جبير عن ابن عباس عن النبي قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة من احبهما فقد احبني ومن ابغضهما فقد ابغضني.(2)

وفي تذكرة الحفاظ للذهبي قال حدثنا محمد بن شداد أخبرنا أبو نعيم أنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال أوحى الله إلى محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم اني قتلت بيحيى سبعين ألفا واني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا غريب وعبد الله خرج له مسلم(3) .

وفي كشف الاستار للبزار عن حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال بعث رسول الله إلى خيبر ـ احسبه قال أبا بكر فرجع منهزما يجبن أصحابه ويحبنه أصحابه فقال رسول الله لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله رسوله ويحبه الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح الله عليه فثار الناس فقال أين علي. فإذا هو يشتكي عينيه فتفل في عينيه فدفع إليه الراية فهزها ففتح الله عليه(4) .

__________________

(1) الطبراني ،المعجم الكبير ج 12 ص 33.

(2) ابن عدي ، الكامل في ضعفاء الرجال ج 3 ص 431 ورواه أيضا عطية عن أبي سعيد الخدري سألت الدارقطني عن سويد بن سعيد فقال تكلم فيه يحيى بن معين وقال حدث عن أبي معاوية عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة قال يحيى معين وهذا باطل عن أبي معاوية لم يروه غير سويد وجرح سويد لروايته لهذا الحديث. قال الدارقطنيرحمه‌الله فلم نزل نظن أن هذا كما قاله يحيى وأن سويدا أتى أمرا عظيما في روايته لهذا الحديث حتى دخلت مصر في سنة سبع وخمسين (ومائتين) فوجدت هذا الحديث في مسند أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي المعروف بالمنجنيقي وكان ثقة روى عن أبي كريب عن أبي معاوية كما قال سويد سواء وتخلص سويد وصح الحديث عن أبي معاوية وقد حدث أبو عبد الرحمن النسائي عن إسحاق بن إبراهيم هذا ومات أبو عبد الرحمن قبله (الجرجاني ، أبو القاسم حمزة بن يوسف ،سؤالات حمزة بن يوسف السهمي ، مكتبة المعارف الرياض 1404 هـ ـ 1984 م ، ص 216.

(3) الذهبي ،تذكرة الحفاظ ج 1 ص 76.

(4) ابن كثير ،جامع المسانيد والسُّنَن ، دار خضر بيروت 1419 هـ ، ج 30 ص 240.

٣٢٤

وفي رواية البخاري عن محمد حدثنا بن عيينة عن سليمان الأحول سمع سعيد بن جبير سمع ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى قلت يا أبا عباس ما يوم الخميس قال اشتد برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وجعه فقال ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا ما له أهجر استفهموه فقال ذروني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه فأمرهم بثلاث قال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم والثالثة خير إما أن سكت عنها وإما أن قالها فنسيتها قال سفيان هذا من قول سليمان(1) .

وروى أيضا قال حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثنا المغيرة بن النعمان قال حدثني سعيد بن جبير عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي إن أناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول أصحابي أصحابي فيقول إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم فأقول كما قال العبد الصالح.(2)

وروى الحاكم قال أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا سيار بن حاتم ثنا جعفر بن سليمان ثنا مالك بن دينار قال سألت سعيد بن جبير فقلت يا أبا عبد الله من كان حامل راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال فنظر إلي وقال كأنك رخيَّ البال فغضبت وشكوته إلى إخوانه من القراء فقلت ألا تعجبون من سعيد أني سألته من كان حامل راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فنظر إلي وقال إنك لرخي البال ، قالوا إنك سألته وهو خائف من الحجاج وقد لاذ لابيت فسله الآن فسألته فقال كان حاملها علي رضي الله تعالى عنه هكذا سمعته من عبد الله بن عباس هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ولهذا الحديث شاهد من حديث زنفل العرفي وفيه طول فلم أخرجه(3) .

وروى النسائي قال أنبأ أحمد بن عثمان بن حكيم الكوفي الأودي عن خالد بن

__________________

(1) البخاري ، صحيح البخاري ج 3 ص 1155.

(2) البخاري ، صحيح البخاري ج 3 ص 1222.

(3) الحاكم النيسابوري ، المستدرك ج 3 ص 103.

٣٢٥

مخلد قال حدثنا علي بن صالح عن ميسرة عن حبيب عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال كنا مع ابن عباس بعرفات فقال مالي لا أسمع الناس يلبون فقلت يخافون من معاوية فخرج بن عباس من فسطاطه فقال لبيك اللهم لبيك فإنهم قد تركوا السنة من بغض علي(1) .

وروى المزي عن عباد بن زياد عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي حمزة الثمالي عن سعيد بن جبير عن أبي الحمراء قال سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت عن يمين العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله ايدته بعلي ونصرته(2) .

عطية العوفي (110 هـ)رحمه‌الله :

قال أبو جعفر الطبري في كتاب ذيل المذيل : عطية بن سعد بن جنادة العوفي من جديلة قيس يكنى أبا الحسن ، قال ابن سعد : أخبرنا سعد بن محمد بن الحسن بن عطية قال جاء سعد بن جنادة إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام وهو بالكوفة فقال يا أمير المؤمنين انه قد ولد لي غلام فسمه فقال هذا عطية الله فسمي عطية وكانت أمه رومية وخرد عطية مع ابن الأشعث ، هرب عطية إلى فارس وكتب الحجاج إلى محمد ابن قاسم الثقفي ان ادع عطية فان لعن علي بن أبي طالب وإلا فاضربه أربعمائة سوط وحلق رأسه ولحيته فلما ولي قتيبة بن مسلم خراسان خرج إليه عطية فلم يزل بخراسان حتى ولي عمر بن هبيرة العراق فكتب إليه عطية يسأله الإذن له في القدوم فأذن له فقدم الكوفة فلم يزل بها إلى أن توفي سنة 111 وكان كثير الحديث ثقة ان شاء الله(3) .

أقول : وفي الطبقات 6 / 305 ، تنهي الترجمة بقول ابن سعد : وله أحاديث صالحة ومن الناس من لا يحتج به ولم يوردها الطبري في المنتخب.

__________________

(1)النسائي ،سنن النسائي ، ج 2 ص 419.

(2) المزي ،تهذيب الكمال ، ج 33 ص 258.

(3) الطبري ،المنتخب من المذيل ص 128 ، ابن سعد ،الطبقات الكبرى ج 6 ص 304.

٣٢٦

قال الشيخ القميرحمه‌الله : وحكي عن ملحقات الصراح قال : عطية العوفي ابن سعيد له تفسير في خمسة اجزاء قال عطية عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات على وجه التفسير واما على وجه القراءة فقرأت عليه سبعين مرة(1) .

قال المزي : ولعطية عن أبي سعيدا أحاديث عدد ، وكان يعد مع شيعة أهل الكوفة قال محمد بن عبد الله الحضرمي توفي سنة إحدى عشرة ومئة(2) .

أقول : وكان عطية العوفي على راس ثمانمائة طليعة اربعة آلاف مقاتل في الجيش الذي بعثه المختار إلى مكة ليخلص بني هاشم من حصار ابن الزبير لهم من اجل ان يبايعوه.

قال ابن سعد في الطبقات 5 / 103 : أخبرنا محمد بن عمر قال حدثنا ربيعة بن عثمان ومحمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير وإسحاق بن يحيى بن طلحة وهشام بن عمارة عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم والحسين بن الحسن بن عطية العوفي عن أبيه عن جده وغيرهم أيضا قد حدثني قالوا : قطع المختار بعثا إلى مكة فانتدب منهم أربعة آلاف فعقد لأبي عبد الله الجدلي عليهم وقال له سر فإن وجدت بني هاشم في الحياة فكن لهم أنت ومن معك عضدا وانفذ لما أمروك به وإن وجدت بن الزبير قد قتلهم فاعترض أهل مكة حتى تصل إلى بن الزبير ثم لا تدع من آل الزبير شفرا ولا ظفرا وقال يا شرطة الله لقد أكرمكم الله بهذا المسير ولكم بهذا الوجه عشر حجج وعشر عمر فسار القوم ومعهم السلاح حتى أشرفوا على مكة فجاء المستغيث اعجلوا فما أراكم تدركونهم فقال الناس لو أن أهل القوة عجلوا فانتدب منهم ثمانمائة رأسهم عطية بن سعد بن جنادة العوفي حتى دخلوا مكة فكبروا تكبيرة سمعها بن الزبير فانطلق هاربا حتى دخل دار الندوة ويقال بل تعلق بأستار الكعبة وقال أنا عائذ الله ،

قال عطية : ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنفية وأصحابهما في دور قد جمع لهم الحطب فأحيط بهم حتى بلغ رؤوس الجدر لو أن نارا تقع فيه ما رئي منهم أحد حتى تقوم الساعة أخرناه عن الأبواب وعجل علي بن عبد الله بن عباس وهو يومئذ رجل

__________________

(1) القمي ، الشيخ عباس ،الكنى والالقاب ، مكتبة الصدر ـ طهران ، ج 2 ص 488.

(2) المزي ،تهذيب الكمال ج 20 ص 145.

٣٢٧

فأسرع في الحطب يريد الخروج فأدمى ساقيه وأقبل أصحاب بن الزبير فكنا صفين نحن وهم في المسجد نهارنا ونهاره لا ننصرف إلا إلى صلاة حتى أصبحنا ، وقدم أبو عبد الله الجدلي في الناس فقلنا لابن عباس وابن الحنفية ذرونا نريح الناس من ابن الزبير ، فقالا هذا بلد حرمه الله ما أحله لاحد إلا للنبيعليه‌السلام ساعة ما أحله لاحد قبله ولا يحله لاحد بعده فامنعونا وأجيرونا قال فتحملوا وإن مناديا لينادي في الجبل ما غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هذه السرية إن السرايا تغنم الذهب والفضة وإنما غنمتم دماءنا فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى فأقاموا بها ما شاء الله أن يقيموا ، ثم خرجوا إلى الطائف فأقاموا ما أقاموا وتوفي عبد الله بن عباس بالطائف سنة ثمان وستين وصلى عليه محمد بن الحنفية ، وبقينا مع بن الحنفية فلما كان الحج وحج بن الزبير من مكة فوافى عرفة في أصحابه ووافى محمد بن الحنفية من الطائف في أصحابه فوقف بعرفة ووافى نجدة بن عامر الحنفي تلك السن في أصحابه من الخوارج فوقف ناحية وحجت بنو أمية على لواء فوقفوا بعرفة فيمن معهم.

أقول : ومن رواياته في فضائل أهل البيتعليهم‌السلام :

روى الطبراني قال حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا فضيل بن مرزوق (ت في حدود ال 160 هـ)(1) ثنا عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن أم سلمة قالت نزلت

__________________

(1) ابن حجر ،تهذيب التهذيب ، ي م 4 البخاري في جزء رفع اليدين ومسلم والأربعة فضيل بن مرزوق الأغر الرقاشي ويقال الرواسي الكوفي أبو عبد الرحمن مولى بني عنزة روى عن أبي إسحاق السبيعي وعدي بن ثابت وعطية العوفي والأعمش وميسرة بن حبيب وشقيق بن عقبة وجبلة بنت مصفح وغيرهم وعنه زهير بن معاوية ووكيع وعبد الغفار بن الحكم وحسين بن علي الجعفي وأبو أسامة والفضل بن موفق ويحيى بن آدم ويحيى بن أبي بكير ويزيد بن هارون ومحمد بن ربيعة الكلابي ومحمد بن فضيل ونعيم بن ميسرة النحوي وزيد بن الحباب وأبو نعيم وعلي بن الجعد وآخرون قال معاذ بن معاذ سألت الثوري عنه فقال ثقة وقال الحسن بن علي الحلواني سمعت الشافعي يقول سمعت بن عيينة يقول فضيل بن مرزوق ثقة وقال بن أبي خيثمة عن بن معين ثقة وقال عبد الخالق بن منصور عن بن معين صالح الحديث إلا أنه شديد التشيع وقال أحمد لا أعلم إلا خيرا وقال بن أبي حاتم عن أبيه صالح الحديث صدوق يهم كثيرا يكتب حديثه قلت يحتج به قال لا وقال النسائي ضعيف وقال بن عدي أرجو أنه لا بأس به وقال الحسين بن الحسن المروزي سمعت الهيثم بن جميل يقول جاء فضيل بن مرزوق وكان من أئمة الهدى زهدا وفضلا إلى الحسن بن صالح بن حى فذكر قصة له عند النسائي حديث عبد الله بن عمر إياكم والشح قلت قال مسعود عن الحاكم ليس هو من شرط

٣٢٨

هذه الآية في بيتي)( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) وهي جالسة على الباب فقلت يا رسول الله ألست من أهل البيت قال أنت إلى خير(1) .

وقال حدثنا الحسن بن أمد بن حبيب الكرمتنني بطرسوس حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا عمار بن محمد عن سفيان الثوري عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف (ت 145) عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه في قول عز وجل (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) قال نزلت في خمسة في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلي فاطمة والحسن والحسين رضي الله تعالى عنهم لم يروه عن سفيان إلا عمار بن محمد بن أخت سفيان تفرد به أبو الربيع(2) .

وقال حدثنا محمد بن عبد العزيز بن ربيعة الكلابي أبو مليل الكوفي حدثنا أبي حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد المقري عن أبي سلمة الصائغ(3) عن عطية عن أبي سعيد الخدري سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وآله وسلم يقول إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له لم يروه عن أبي سلمة إلا بن أبي حماد تفرد به عبد العزيز بن محمد(4) .

روى ابن عساكر قال أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال قرأت على عمي الشريف الأمير نقيب الطالبيين أبي البركات عقيل بن العباس الحسيني قلت أخبركم أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن محمد بن أبي كامل الأطرابلسي قراءة عليه بدمشق أنا

__________________

الصحيح وقد عيب على مسلم إخراجه لحديثه قال بن حبان في الثقات يخطئ وقال في الضعفاء كان يخطئ على الثقات ويروي عن عطية الموضوعات وقال بن شاهين في الثقات اختلف قول بن معين فيه وقال في الضعفاء قال أحمد بن صالح حديث فضيل عن عطية عن أبي سعيد حديث الله الذي خلقكم من ضعف ليس له عندي أصل ولا هو بصحيح وقال بن رشدين لا أدري من أراد أحمدبن صالح بالتضعيف أعطية أم فضيل بن مرزوق وقال العجلي جائزالحديث صدوق وكان فيه تشيع وقال أحمد لا يكاد يحدث عن غير عطية. وفي تقريب التهذيب انه توفي في حدود الستين بعد المائة.

(1) الطبراني ،المعجم الكبير ج 3 ص 52.

(2) الطبراني ، المعجم الصغير ج 1 ص 231.

(3) قال الرازي فيالجرح والتعديل ، نصر بن عمر أبو سلمة الصائغ روى عن سقط روى عنه وكيع ويحيى الحماني سألت أبي عنه فقال شيخ.

(4) الطبراني ، المعجم الصغير ج 2 ص 84.

٣٢٩

أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة القرشي نا جعفر بن محمد بن عنبسة اليشكري بالكوفة نا يحيى بن عبد الحميد الجماني نا قيس بن الربيع عن سعد الخفاف عن عطية العوفي عن محدوج بن زيد الذهلي أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لما آخى بين المسلمين أخذ بيد علي فوضعها على صدره ثم قال يا علي أنت أخي وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي أما تعلم تعلم أن أول» «من يدعى به يوم القيامة يدعى بي فأقام عن يمين العرش في ظله فأكسى حلة خضراء من حلل الجنة ثم يدعى بأبيك إبراهيمعليه‌السلام فيقام عن يمين العرش فيكسى حلة خضراء من حلل الجنة ثم يدعى بالنبيين والمرسلين بعضهم على إثر بعض فيقومون سماطين فيكسون حللا خضرا من حلل الجنة وأنا أخبرك يا علي أنه أول من يدعى بي من أمتي يدعى بك لقرابتك مني ومنزلتك عندي فيدفع إليك لوائي وهو لواء الحمد يستبشر به ادم وجميع من خلق الله عز وجل من الأنبياء والمرسلين فيستظلون بظل لوائي فتسير باللواء بين السماطين الحسن بن علي عن يمينك والحسين عن يسارك حتى تقف بيني وبين إبراهيم في ظل العرش فتكسى حلة خضراء من حلل الجنة فينادي مناد من عند العرش يا محمد نعم الأب أبوك إبراهيم ونعم الأخ أخوك وهو علي يا علي إنك تدعى إذا دعيت وتحيا إذا حييت وتكسى إذا كسيت»(1) .

وروى احمد قال حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا عمار بن خالد ثنا إسحاق بن الأزرق عن عبد الملك بن أبي سليمان (ت 145)(2) عن عطية عن زيد بن أرقم قال

__________________

(1) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 53.

(2) ابن حجر ،تهذيب التهذيب ، خت م 4 البخاري في التعاليق ومسلم والأربعة عبد الملك بن أبي سليمان واسمه ميسرة أبو محمد ويقال أبو سليمان وقيل أبو عبد الله العرزمي أحد الأئمة روى عن أنس بن مالك وعطاء بن أبيرياح وسعيد بن جبير وسلمة بن كهيل وأنس بن سيرين ومسلم بن يناق وابن الزبير وعبد الله بن عطاء المكي وأبي حمزة الثمالي وزبيد اليامي وعبد الله بن كيسان مولى أسماء وعبد الملك بن أعين وغيرهم ، قال أبو زرعة الدمشقي سمعت أحمد ويحيى يقولان عبد الملك بن أبي سليمان ثقة وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين ضعيف وقال بن عمار الموصلي ثقة حجة وقال العجلي ثثبت في الحديث وقال يعقوب بن سفيان ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن عبد الملك بن أبي سليمان ثقة متقن فقيه. قال الهيثم بن عدي مات في ذي الحجة سنة خمس وأربعين ومائة وفيها أرخه غير واحد ، وذكره بن حبان في الثقات وقال ربما أخطأ وكان من خيار أهل الكوفة وحفظائهم والغالب على من يحفظ ويحدث أن يهم وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثبت صحت عنه السنة

٣٣٠

خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالجحفة يوم غدير خم وهو آخذ بعضد علي فقال يا أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى يا رسول الله قال فمن كنت مولاه فعذا مولاه(1) .

وروى الطبراني قال حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا سويد بن سعيد ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة(2) .

وروى احمد قال حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا أسود بن عامر أخبرنا أبو إسرائيل يعني إسماعيل بن أبي إسحاق الملائي(3) عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم اني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض(4) .

أقول : رواه عن عطية أيضا : الأعمش وكثير النوى وطلحة بن مصرف وأبو الجحاف وعبد الملك بن سليمان العرزمي وهارون بن سعيد واسرائيل وفضيل بن مرزوق.

يحيى بن يعمر البصري الفقيه قاضي مرو :

قال الذهبي يحيى بن يعمر القاضي أبو سليمان ويقال أبو عدي العدواني البصري

__________________

بأوهام بهم فيها والأولى فيه قبول ما يروي بتثبت وترك ما صح أنه وهم فيه ما لم يفحش فمن غلب خطأه على صوابه استحق الترك.

(1) احمد بن حنبل ، مسند احمد ج 5 ص 195.

(2) الطبراني ، المعجم الكبير ج 3 ص 39.

(3) البخاري ، التاريخ الكبير ج 1 ص 346 إسماعيل بن أبي إسحاق أبو إسرائيل العبسي الملائي الكوفي مولى سعد بن حذيفة عن الحكم وعطية ضعفه أبو الوليد. قال أحمد حدثنا حجاج قال أبو إسرائيل ولدت بعد الجماجم بسنة وكانت الجماجم سنة ثلاث وثمانين ولي ثمان وسبعون سنة تركه بن مهدي. قال ابن سعد في الطبقات الكبرى ج 6 أبو إسرائيل الملائي العبسي واسمه إسماعيل بن أبي إسحاق قال يقولون إنه صدوق وكان بهز بن أسد يحكي أنه سمع أبا إسرائيل تناول عثمان وأشياء نحو هذا تحكى عنه.أقول : وتضعيفه لأجل تناوله عثمان.

(4) احمد بن حنبل ،مسند احمد ج 3 ص 14.

٣٣١

الفقيه قاضي مرو روى عن أبي ذر وعمار وعائشة وأبي هريرة وابن عباس وابن عمر وأبي الأسود الديلي وغيرهم وعنه عبد الله بن بريدة وقتادة ويحيى بن عقيل وعطاء الخراساني وسليمان التيمي وإسحاق بن سويد العدوي قال أبو داود لم يسمع من عائشة قلت فما الظن بالذين قبلها وقيل أنه أول من نقط المصحف وكان أحد الفصحاء الفقهاء أخذ العربية عن أبي الأسود وكان الحجاج قد نفاه فقبله قتيبة بن مسلم وولاه قضاء خراسان وكان له عدة نواب ثم عزله قتيبة لما بلغه عنه شرب المنصف متفق على حديثه وثقته(1) .

قال ابن حجر قال قال الحاكم : وقال الحاكم يحيى بن يعمر فقيه أديب نحوي مروزي تابعي وأكثر روايته عن التابعين وأخذ النحو عن أبي الأسود الديلي نفاه الحجاج إلى مرو فقبله قتيبة بن مسلم وقد قضى في أكبر مدن خراسان وكان إذا انتقل من بلد استخلف على القضاء بها وقال أبو الحسن علي بن الأثيرالجزري في الكامل مات سنة تسع وعشرين ومائة كذا قال وفيه نظر وقال غيره مات في حدود العشرين(2) .

قال السيوطي : وأخرج أبو الشيخ ابن أبي حاتم عن أبي حرب بن أبي الأسود قال أرسل الحجاج إلى يحيى بن يعمر فقال بلغني انك تزعم ان الحسن والحسين من ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم تجده في كتاب الله وقد قرأته من أوله إلى آخره فلما أجده قال ألست تقرأ سورة الانعام (ومن ذريته داود وسليمان) حتى بلغ (ويحيى وعيسى) قال بلى قال أليس عيسى من ذرية إبراهيم وليس له أب قال صدقت.

قال الرازي في تفسير قوله تعالى (وعلم آدم الأسمء كلها) عن الشعبي قال كنت عند الحجاج فاتي بيحيى بن يعمر فقيه خراسان من بلخ مكبلا بالحديد فقال له انت زعمت ان الحسن والحسين من ذرية رسول الله فقال بلى فقال الحجاج لتاتيني بها بينة واضحة من كتاب الله أو لاقطعنك عضوا عضوا (وتلا عليه) قوله تعالى (ومن ذريته داود وسليمان ..) فاطرق ملياهم رفع راسه فقال كأني لم أقرأ هذه الاية من كتاب

__________________

(1) الذهبي ،تذكرة الحفاظ ج 1 ص 475.

(2) ابن حجر ،تهذيب التهذيب ج 11 ص 276.

٣٣٢

الله حلوا وثاقه وأعطوه من المال كذا وكذا(1) .

دور الامام السجاد والباقر والصادق عليهم‌السلام

في الكوفة بعد نهضة الحسين عليه‌السلام

كانت إمامة السجادعليه‌السلام من سنة 61 هـ إلى موته سنة 94 هـ ثم إمامة ولده الباقرعليه‌السلام إلى سنة 114 هـ ثم إمامة ولده الصادقعليه‌السلام إلى سنة 148 هـ وقد استهدف هؤلاء الأئمة الثلاثة مهمتين أساسيتين :

الأول : تربية الشيعة على الحزن والبكاء والزيارة للحسين كصفة دائمية في شخصيتهم واحياء العشرة الأولى من المحرم بذكر مصيبة الحسين وبخاصة يوم العاشر ثم الأربعين التي بدأها علي بن الحسين وجابر بن يزيد الانصاري ثم إقامة مجالس العزاء وانشاد الشعر فيه وقد بدأ ذلك علي بن الحسين بنفسه الشريفة حين بكى أباه قريبا من أربعين سنة ، ونمت الظاهرة وترعرعت برعاية الامامين الباقر والصادقعليهما‌السلام حتى برزت كظاهرة اجتماعية.

الثانية : تربية نوعين من العلماء الأول علماء بكتب عليعليه‌السلام في الفقه والسيرة والتفسير ليثقفوا الشيعة بثقافة كتاب عليعليه‌السلام أمثال محمد بن مسلم الطائفي وزرارة بن اعين وحمران بن اعين وأبان بن تغلب وغيرهم. الثاني علماء من ذرية عليعليه‌السلام ينهضون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على نهج الحسين والثورة على الأمويين لللإطاحة بهم وإقامة حكم على نهج عليعليه‌السلام . كزيد بن علي بن الحسين وولده يحيى وعيسى ومحمد وإبراهيم ولدا عبد الله بن الحسن وآخرين من ولده أيضا ومنهم إدريس مؤسس ملك الادارسة في المغرب.

الكوفة على عهد هشام وثورة زيد رحمه‌الله 112 هـ

قال البلاذري وهو يترجم لزيد بن عليرضي‌الله‌عنه : وقرأت في كتب سالم كاتب هشام كتاباً نسخته :

__________________

(1) الرازي ، مفاتيح الغيب 2 / 194.

٣٣٣

(أمّا بعد فقد عرفت حال أهل الكوفة في حبِّهم أهل البيت ووضعهم إيّاهم في غير مواضعهم لافتراضهم على أنفسهم طاعتهم ووظَّفوا عليهم شرائع دينهم ونحلتهم إيّاهم عظيم ما هو كائن ممَّا استأثر الله بعلمه دونهم حتّى حملوهم على تفريق الجماعة والخروج على الأئمة(1)

قال البلاذري : وبعث يوسف بن عمر إلى أم امرأة لزيد أزدية ، فهدم دارها وحملت إليه ، فقال لها : أزوَّجتِ زيدا؟ قالت : نعم زوجته وهو سامع مطيع ، ولو خطب إليك إذ كان كذلك لزوَّجته. فقال شُقّوا عليها ثيابها ، فجلدها بالسياط وهي تشتمه وتقول : ما أنت بعربي تعرِّيني وتضربني لعنك الله ، فماتت تحت السياط ، ثم أمر بها فأُلقيت في العراء ، فسرقها قومها ودفنوها في مقابرهم.

وأخذ امرأة قوَّت زيدا على أمره ، فأمر بها أن تقطع يدها ورجلها وضرب عنق زوجها.

وضرب امرأة أشارت على أمها أن تؤوي ابنة لزيد خمسمائة سوط. وهدم دورا كثيرة.

وأُتِيَيوسف بعبد الله بن يعقوب السلمي من ولد عتبة بن فرقد (وكان زوَّجَ ابنته من يحيى بن زيد) فقال له يوسف : ائتني بابنتك ، قال : وما تصنع بها جارية عاتق(2) في البيت؟ قال : أقسم لتأتيني بها أو لأضربنَّ عنقك ، (وقد كان كتب إلى هشام يصف طاعته) فأبى أن يأتيه بابنته فضرب عنقه ، وأمر العريف أن يأتيه بابنة عبد الله بن يعقوب فأبى ، فأمر به فدُقَّت.

قال البلاذري : ولما فرغ يوسف من أمر زيد صعد منبر الكوفة فشتم أهلها وقال : يا أهل المِدْرَة الخبيثة! (والله ما يقعقع لي بالشِّنان ولا تقرن بي الصعبة) لقد هممت أن أخرب بلدكم وأن أحربكم بأموالكم ، والله ما أطلت منبري إلا لأسمعكم عليه ما تكرهون ، فإنكم أهل بغي وخلاف ، ولقد سألت أمير المؤمنين (هشام بن عبد الملك) أن

__________________

(1) الطبري ،تاريخ الطبري (ج 7 ص 170 ـ 171) ولم يذكر الطبري مصدره الذي أخذ الرواية عنه.

(2) العاتق : الجارية أول ما أدركت.

٣٣٤

يأذن لي فيكم ولو فعل لقتلت مقاتلتكم وسبيت نساءكم. إن يحيى بن زيد(1) ليتنقل في حجال نسائكم كما كان أبوه ، يفعل ، وما فيكم مطيع إلا حكيم بن شريك المحاربي ، والله لو ظفرت بيحياكم لعرقت خصييه كما عرقت خصيتي أبيه.(2)

الكوفة مركز مرجعية الامام الصادق عليه‌السلام

تحرك الأئمة السجاد والباقر ثم الصادقعليه‌السلام في المدينة بصفتهم رواة حديث يأخذون عن الصحابة والتابعين في الجو الذي سمحت به السلطة الأموية على عهد بني مروان امتدادا للسياسة التي وضعها معاوية لإحياء معالم الدولة الأموية الأولى في إطار سيرة الشيخين كخط في قبال الثقافة التي احياها عليعليه‌السلام ومنعت منها الدولة الأموية الثانية ، ثم كونوا لهم بمقدار ما يسمح لهم الظرف السياسي وسطهم الخاص بهم وانفتحوا تدريجيا على الثقاة من اصحابهم يدعونهم إلى ولايتهم ويعرفونهم بكتاب عليعليه‌السلام الذي املاه النبي عليه في السنة ، وكان الجيل الجديد من الشيعة الذي ولد أيام الحجاج لا يعرف من احكام الإسلام الا الذي تبنته الدولة الأموية الثانية وقد اشارت الى ذلك رواية الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيسى بن السري أبي اليسع قال :

قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أخبرني بدعائم الإسلام التي لا يسع أحدا التقصير عن معرفة شيء منها ، الذي من قصر عن معرفة شيء منها فسد دينه ولم يقبل [الله] منه عمله ومن عرفها وعمل بها صلح له دينه وقبل منه عمله ...

فقال : شهادة أن لا إله إلا الله والايمان بأن محمدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والاقرار بما جاء به من عند الله وحق في الأموال الزكاة ، والولاية التي أمر الله عز وجل بها : ولاية آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ،.

قال : فقلت له : هل في الولاية فضل يعرف لمن أخذ به؟ قال : نعم قال الله عز

__________________

(1) ترجم البلاذري ليحيى بن زيد وحركته ومقتله في الجوزجان فيانساب الاشراف (ج 3 ص 453 ـ 458).

(2) البلاذري ،انساب الأشراف ج 3 ص 448 ـ 450.

٣٣٥

وجل :( يا أيّها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأُولي الأمر منكم ) وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية.

وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

وكان علياعليه‌السلام وقال الآخرون : كان معاوية ،

ثم كان الحسنعليه‌السلام

ثم كان الحسينعليه‌السلام وقال الآخرون : يزيد بن معاوية ولا سواء ولا سواء

قال : ثم سكت ثم قال : أزيدك؟

فقال له حكم الأعور : نعم جعلت فداك.

قال : ثم كان علي بن الحسين ثم كان محمد بن علي أبا جعفر.

وكانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر وهم لا يعرفون مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى كان أبو جعفر ففتح لهم وبين لهم مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى صار الناس يحتاجون إليهم من بعد ما كانوا يحتاجون إلى الناس.(1)

وكان الفرد الشيعي آنذاك لا يفاتح بكتاب عليعليه‌السلام وفتاواه الخاصة التي تخالف المشهور عند الناس آنذاك ، حتى تؤخذ منه العهود ان لا يحدث به حتى يأتيه الإذن كما في رواية زرارة قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الجد فقال «ما أجد أحدا قال : فيه إلا برأيه إلا أمير المؤمنينعليه‌السلام » قلت : أصلحك الله فما قال فيه أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟

فقال «إذا كان غدا فالقني حتى أقرئكه في كتاب علي»

قلت : أصلحك الله حدثني فإن حديثك أحب إلي من أن تقرأينه في كتاب ،

فقال لي الثانية «أسمع ما أقول لك إذا كان غدا فالقني حتى أقرئكه في كتاب ، فأتيته من الغد بعد الظهر وكانت ساعتي التي كنت أخلو به فيها بين الظهر والعصر وكنت أكره أن أسأله إلا خاليا خشية أن يفتيني من أجل من يحضرني بالتقية فلما دخلت عليه أقبل علي ابنه جعفر ، فقال «أقرئ زرارة صحيفة الفرائض» ثم قام لينام فبقيت أنا وجعفر في البيت فقام فأخرج إلي صحيفة مثل فخذ البعير.

__________________

(1) الشيخ الكليني ،الكافي ج 2 ص 19 ـ 21.

٣٣٦

فقال «لست أقرئكها حتى تجعل لي عليك الله أن لا تحدث بما تقرأ فيها أحدا أبدا حتى آذن لك» ولم يقل : حتى يأذن لك أبي ،

فقلت : أصلحك الله ولم تضيق علي ولم يأمرك أبوك بذلك؟

فقال لي : ما أنت بناظر فيها إلا على ما قلت لك»

فقلت : فذاك لك ، وكنت رجلا عالما بالفرائض والوصايا ، بصيرا بها ، حاسبا لها ، ألبث الزمان اطلب شيئا يلقيي علي من الفرائض والوصايا لا أعلمه فلا أقدر عليه ، فلما ألقى إلي طرف الصحيفة إذا كتاب غليظ يعرف أنه من كتب الأولين فنظرت فيها فإذا فيها خلاف ما بأيدي الناس من الصلة والأمر بالمعروف الذي ليس فيه اختلاف وإذا عامته كذلك فقرأته حتى أتيت على آخره بخبث نفس وقلة تحفظ وسقام رأي وقلت وأنا أقرأوه باطل حتى أتيت على آخره ثم أدرجتها ودفعتها إليه فلما أصبحت لقيت أبا جعفرعليه‌السلام .

فقال لي «أقرأت صحيفة الفرائض؟»

فقلت : نعم ، فقال «كيف رأيت ما قرأت؟»

قال : قلت : باطل ليس بشيء هو خلاف ما الناس عليه ،

قال «فإن الذي رأيت والله يا زرارة هو الحق ، الذي رأيت إملاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخط عليعليه‌السلام بيده».(1)

وقد استغل الامام الباقرعليه‌السلام تغير السياسية الأموية من الشدة إلى السماحة النسبية أيام عمر بن عبد العزيز (99 ـ 101 هـ) وكذلك الامام الصادق استغل أخريات العهد الأموي وبدايات العهد العباسي ان يربيا فقهاء الشيعة أمثال محمد بن مسلم وزرارة بن اعين وأبان بن تغلب(2) وكان الامام الباقر يقول لهذا الأخير : (اجلس في مجلس المدينة

__________________

(1) الفيض الكاشاني ،الوافي ، مكتبة الامام أمير المؤمنين عليعليه‌السلام العامة ـ أصفهان 1406 هـ ج 25 ص 751 ـ 752. عن (الكافي ج 7 ص 94 والتهذيب ج 9 ص 271).

(2) قال الحموي ياقوت في مجمع الادباء 1 / 108 ابان بن تغلب بن رياح الجريري ، أبو سعيد البكري مولى بنى جرير بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن عكاشة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ـ ذكره أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في مصنفي الإمامية ، ومات أبان في سنة إحدى وأربعين ومائة قال أبو جعفر هو ثقة جليل القدر عظيم المنزلة في أصحابنا لقي أبا محمد علي بن الحسين ،

٣٣٧

وأفت الناس فإني أحب أن يرى في شيعتي مثلك).

وعن سليمان ابن خالد قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : ما أجد أحدا أحيا ذكرنا وأحاديث أبيعليه‌السلام إلا زرارة ، وأبو بصير ليث المرادي ، ومحمد بن مسلم ، وبريد بن معاوية العجلي ، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا ، هؤلاء حفاظ الدين وأمناء أبيعليه‌السلام على حلال الله وحرامه ، وهم السابقون إلينا في الدنيا ، والسابقون إلينا في الآخرة.(1)

روى ابن عدي عن إبراهيم بن محمد الرماني أبو نجيح قال سمعت حسن بن زياد يقول سمعت أبا حنيفة وسئل من أفقه من رأيت فقال ما رأيت أحدا أفقه من جعفر بن محمد لما أقدمه المنصور الحيرة بعث إلي فقال يا أبا حنيفة ان الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له من مسائلك تلك الصعاب فقال فهيأت له أربعين مسألة ثم بعث إلي أبو جعفر فأتيته بالحيرة فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه فلما بصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخلني لأبي جعفر فسلمت وأذن لي أبو جعفر فجلست ثم التفت إلى جعفر فقال يا أبا عبد الله تعرف هذا قال نعم هذا أبو حنيفة ثم أتبعها قد أتانا ثم قال يا أبا حنيفة هات من مسائلك سل أبا عبد الله فابتدأت أسأله قال فكان يقول في المسألة أنتم تقولون فيها كذا وكذا وأهل المدينة يقولون كذا ونحن نقول كذا فربما تابعنا وربما تابع أهل المدينة وربما خالفنا جميعا حتى أتيت على أربعين مسألة ما أخرج منها مسألة ثم قال أبو حنيفة أليس قد روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس.(2)

__________________

وأبا جعفر وأبا عبد الله عليه مالسلام وروى عنهم وكانت له عندهم حظوة وقدم ، قال له أبو جعفر اجلس في مسجد المدينة وأفت الناس فإني أحب أن أرى في شيعتي مثلك ، وقال أبو عبد الله لما أتاه نعيه أما والله لقد أوجع قلبي موت أبان ، قال وكان قارئا فقيها لغويا نبيها ثبتا وسمع من العرب وحكى عنهم وصنف كتاب الغريب في القرآن وذكر شواهده من الشعر فجاء فيما بعد عبد الرحمن بن محمد الأزدي الكوفي فجمع من كتاب أبان ومحمد بن السائب الكلبي وابن روق عطية بن الحارث فجعله كتابا فيما اختلفوا فيه وما اتفقوا عليه فتارة يجيء كتاب أبان مفردا وتارة يجيء مشتركا على ما عمله عبد الرحمن ولأبان أيضا كتاب الفضائل.

(1) الحر العاملي ، الشيخ محمد بن الحسن ،وسائل الشيعة ، تحقيق الشيخ عبد الرحيم الرباني الشيرازي ، دار إحياء التراث العربي بيروت ـ لبنان 1983 م. ج 18 ص 104.

(2) ابن عدي ، الكامل في ضعفاء الرجال ج 2 ص 133. والذهبي ،سير أعلام النبلاء ج 6 ص 257. والمزي ،تهذيب الكمال ، ج 5 ص 79.

٣٣٨

وقال الحسن بن علي بن زياد الوشاء لابن عيسى القمي : إني أدركت في هذا المسجد : يعني مسجد الكوفة تسعمائة شيخ كل يقول : حدثني جعفر بن محمدعليه‌السلام .(1)

قال البراقي وقد صنف الافظ أبو العباس بن عقدة الهمداني الكوفي المتوفى سنة 333 كتابا في أسماء الرجال الذين رووا الحديث عن (الإمام الصادق)عليه‌السلام فذكر ترجمة (4000) رجل.(2)

الكوفة على عهد حركة ولدي عبد الله بن الحسن المثنى رضي‌الله‌عنه

قال الطبراني حدثني سعيد بن تسنيم بن الحواري بن زياد بن عمرو بن الأشرف قال سمعت من لا أحصى من أصحابنا يذكرون أن أبا جعفر (الخليفة) شاور في أمر إبراهيم فقيل له إن أهل الكوفة له شيعة ، والكوفة قدر يفور أنت طبقها فاخرج حتى تنزلها ففعل.(3)

قال وحدثني عبد الملك ابن سليمان عن حبيب بن مرزوق قال حدثني تسليم بن الحواري قال لما ظهر محمد وإبراهيم ابنا عبد الله أرسل أبو جعفر إلى عبد الله بن علي وهو محبوس عنده ان هذا الرجل قد خرج فإن كان عندك رأى فأشربه علينا وكان ذا رأي عندهم فقال إن المحبوس محبوس الرأي فأخرجني حتى يخرج رأيي فأرسل إليه أبو جعفر ، لو جاءني حتى يضرب بابي ما أخرجتك وأنا خير لك منه وهو ملك أهل بيتك ، فأرسل إليه عبد الله ارتحل الساعة حتى تأتى الكوفة فاجثم على أكبادهم فإنهم شيعة أهل هذا البيت وأنصارهم ثم احففها بالمسالح فمن خرج منها إلى وجه من الوجوه أو أتاها من وجه من الوجوه فاضرب عنقه ، وابعث إلى سلم بن قتيبة ينحدر عليك وكان بالري واكتب إلى أهل الشام فمرهم أن يحملوا إليك من أهل البأس والنجدة ما يحمل البريد فأحسن جوائزهم ووجههم مع سلم ففعل(4) .

__________________

(1) النجاشي ،فهرست أسماء مصنفي الشيعة المشتهر بـ رجال النجاشي ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة 1416 هـ ، ص 31.

(2) البراقي ،تاريخ الكوفة ، شريعت قم 1424 هـ. ص 408.

(3) الطبري ،تاريخ الطبري ج 6 ص 247.

(4) الطبري ،تاريخ الطبري ج 6 ص 194.

٣٣٩

قال الطبري حدثني مسلم الخصي مولى محمد بن سليمان قال كان أمر إبراهيم وأنا ابن بضع عشرة سنة وأنا يومئذ لأبي جعفر فأنزلنا الهاشمية بالكوفة ونزل هو بالرصافة في ظهر الكوفة وكان جميع جنده الذين في عسكره نحوا من ألف وخمسمائة فكان يطوف الكوفة كلها في كل ليلة وأمر مناديا فنادى من أخذناه بعد عتمة فقد أحل بنفسه فكان إذا أخذ رجلا بعد عتمة لفه في عباءة وحمله فبيَّتَه عنده فإذا أصبح سأل عنه فان علم براءته أطلقه وإلا حبسه.

وحدثني جواد ابن غالب قال حدثني العباس بن مسلم مولى قحطبة قال كان أمير المؤمنين أبو جعفر إذا اتهم أحدا من أهل الكوفة بالميل إلى إبراهيم أمر أبى سلما بطلبه فكان يمهل حتى إذا غسق الليل وهدأ الناس نصب سلما على منزل الرجل فطرقه في بيته حتى يخرجه فيقتله ويأخذ خاتمه قال أبو سهل جواد فسمعت جميلا مولى محمد بن أبي العباس يقول للعباس بن سلم والله لو لم يورثك أبوك إلا خواتيم من قتل أهل الكوفة كنت أيسر الأبناء.

قال الطبري : وحدثني يحيى بن ميمون من أهل القادسية قال سمعت عدة من أهل القادسية يذكرون أن رجلا من أهل خراسان يكنى أبا الفضل ويسمى فلان ابن معقل ولى القادسية ليمنع أهل الكوفة من اتيان إبراهيم وكان الناس قد صُدُّوا في طريق البصرة فكانوا يأتون القادسية ثم العذيب ثم وادى السباع ثم يعدلون ذات اليسار في البر حتى قدموا البصرة قال فخرج نفر من الكوفة اثنا عشر رجلا حتى إذا كانوا بوادي السباع لقيهم رجل من موالى بني أسد يسمى بكرا من أهل شراف دون واقصة بميلين من أهل المسجد الذي يدعى الموالى فأتى ابن معقل فأخبره فأدركهم بخفان وهي على أربعة فراسخ من القادسية فقتلهم أجمعين.(1)

وقال حدثني عبد الله بن راشد بن يزيد قال سمعت إسماعيل بن موسى البجلي وعيسى بن النضر السمانين وغيرهما يخبرون أن غزوان كان لآل القعقاع بن ضرار

__________________

(1) الطبري ،تاريخ الطبري ج 6 ص 249.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415