• البداية
  • السابق
  • 44 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 14645 / تحميل: 4444
الحجم الحجم الحجم
القول المبين عن وجوب مسح الرّجلين

القول المبين عن وجوب مسح الرّجلين

مؤلف:
العربية

فإن قال قائل : إنّا نجد أكثر القرّاء يقرؤون الآية بنصب الأرجل ، فتكون الأرجل في قراءتهم معطوفة على الأيدي ، وذلك موجب للغسل.

قيل له : أمّا الّذين قرؤوا بالنصب من السبعة فليسوا بأكثر من الّذين قرؤوا بالجرّ ، بل هم مساوون لهم في العدد.

وذلك أنّ ابن كثير(9) وأبا عمرو(10) وأبا بكر(11) وحمزة(12) عن عاصم(13) قرؤوا ( وأرجلكم ) بالجر(14) .

__________________

(9) ابو معبد عبدالله بن كثير الداريّ المكّي ، أحد القرّاء السبعة ، ولد وتوفّي بمكّة في سنة 120 ه‍.

سير أعلام النبلاء 5 : 318 ، وفيات الأعيان 3 : 41 ، تهذيب التهذيب 5 : 321 ، تهذيب الكمال 15 : 468 ، النشر في القراءات العشر 1 : 120.

(10) زبّان بن عمّار التميميّ المازنيّ البصريّ ، أبو عمرو بن العلاء ، من أئمّة اللّغة والأدب ، وأحد القرّاء السبعة ، ولد بمكّة ونشأ بالبصرة ومات بالكوفة في سنة 154 ه‍.

سير أعلام النبلاء 6 : 407 ، النشر في القراءات العشر 1 : 134 ، تهذيب التهذيب 12 : 197 ، وفيات الأعيان 3 : 466.

(11) شعبة بن عياش بن سالم الأزديّ الكوفيّ ، أبو بكر ، أحد مشاهير القرّاء ، وكان عالماً فقيهاً ، توفّي بالكوفة في سنة 193 ه‍.

سير أعلام النبلاء 8 : 495‎ ، حلية الأولياء 8 : 303 ، ميزان الاعتدال 4 : 499 ، تهذيب التهذيب 12 : 37 ، النشر في القراءات العشر 1 : 156.

(12) حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل التميميّ ، أحد القرّاء السبعة ، توفّي في سنة 56 ه‍.

سير أعلام النبلاء 7 : 90 ، تهذيب التهذيب 3 : 24 ، النشر في القراءات العشر 1 : 165 ، وفيات الأعيان 2 : 216.

(13) عاصم بن أبي النجود بهدلة الكوفيّ الأسديّ بالولاء ، أحد القرّاء السبعة ، توفّي بالكوفة في سنة 127 ه‍‎.

سير أعلام النبلاء 5 : 256 ، النشر في القراءات العشر 1 : 155 ، تهذيب التهذيب 1 : 35 ، وفيات الأعيان 3 : 9.

(14) الحجّة للقرّاء السبعة 3 : 214 ، الكشف عن وجوه القراءات 1 : 406 ، السبعة في القراءات : 242 ، حجّة القراءات : 223.

٢١

ونافعاً(15) وابن عامر(16) والكسائي(17) وحفصاً(18) عن عاصم قرؤوا ( وأرجلكم ) بالنصب(19) .

وقد ذكر العلماء بالعربيّة أنّ العطف من حقّه ان يكون على أقرب مذكور دون أبعده(20) ، هذا هو الأصل ، وما سواه عندهم تعسّف وانصراف عن حقيقة الكلام إلى

__________________

(15) نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم اللّيثي بالولاء المدني ، أحد القرّاء السبعة المشهورين ، انتهت إليه رئاسة القراءة في المدينة ، وتوفي بها في سنة 169 ه‍.

النشر في القراءات العشر 1 : 112 ، وفيات الأعيان 5 : 368 ، سير أعلام النبلاء 7 : 336 ، الكامل ـ لابن عديّ ـ 7 : 2515.

(16) عبدالله بن عامر بن يزيد اليحصبيّ الشاميّ ، أحد القرّاء السبعة ، ومقرئ الشاميّين ، توفّي بدمشق في سنة 118 ه‍.

سير أعلام النبلاء 5 : 292 ، النشر في القراءات العشر 1 : 144 ، تهذيب التهذيب 2 : 156 ، الجرح والتعديل 5 : 122.

(17) أبو الحسن علي بن حمزة بن عبدالله الأسديّ بالولاء الكوفيّ ، إمام اللّغة والنحو والقراءة ، ولد في إحدى قرى الكوفة وتوفّي بالري في سنة 189 ه‍.

سير أعلام النبلاء 9 : 131‎ ، النشر في القراءات العشر 1 : 172 ، الجرح والتعديل 6 : 182 ، تأريخ بغداد 11 : 403 ، وفيات الأعيان 3 : 295.

(18) حفص بن سليمان بن المغيرة الأسديّ بالولاء ، قارئ أهل الكوفة ، وأعلم الناس بقراءة عاصم ، وهو ربيبه : ابن امرأته ، توفّي في سنة 180 ه‍.

النشر في القراءات العشر 1 : 156 ، ميزان الاعتدال 1 : 558 ، تهذيب التهذيب.

(19) الحجّة للقرّاء السبعة 3 : 214 ، السبعة في القراءات : 242‎. الكشف عن وجوه القراءات 1 : 406 ، حجّة القراءات : 221.

(20) الأكثر في كلام العرب حمل العطف على الأقرب من حروف العطف ومن العاملين ، واعمال أقرب العوامل في المعمول ، والأمثلة على ذلك كثيرة لا يبلغها الاحصاء سيّما في باب التنازع ، كقوله تعالى من سورة الجنّ ( 72 : 7 ) :( وانّهم ظنّوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحداً ) حيث أعمل ( ظننتم ) في ( أن ) لقربه منه ، ولو أعمل ( ظنوا ) في ( أن ) لوجب أن يقال : ( كما ظننتموه ) ومثله قوله تعالى :( آتوني أفرغ عليه قطراً ) الكهف ( 96 : 18 ) وقوله تعالى :( هاؤُمُ اقرؤا كِتابِيَه ) الحاقّة ( 69 : 19 ).

كما أنّ عطف الأرجل على الأيدي يترتّب عليه الفصل بين العامل والمعمول بأجنبيّ بلاضرورة ، ويترتّب عليه أيضاً إعمال البعيد دون القريب مع صحّة حمله عليه ، وهما خلاف الأصل.

اُنظر : الإنصاف في مسائل الخلاف 1 : 92 ، شرح الكافية 1 : 79 ، كتاب سيبويه 1 : 73 ، الحجّة للقرّاء السبعة 3 : 214 ، الكشف عن وجوه القراءات 1 : 406.

٢٢

التجوّز من غير ضرورة تلجئ إلى ذلك ، وفيه إيقاع اللبس ، وربّما صرف المعنى عن مراد القائل.

ألا ترى أنّ رئيساً لو أقبل على صاحب له فقال له : أكرم زيداً وعمراً ، واضرب خالداً وبكراً ، لكان الواجب على الصاحب أن يميّز بين الجملتين من الكلام ، ويعلم أنّه ابتدأ في كلّ واحدة منهما ابتداءً عَطَفَ باقي الجملة عليه دون غيره ، وأنّ بكراً في الجملة الثانية معطوف على خالد ، كما أنّ عمراً في الجملة الاُولى معطوف على زيد ، ولو ذهب هذا المأمور إلى أنّ بكراً معطوف على عمرو لكان قد انصرف عن الحقيقة ومفهوم الكلام في ظاهره ، وتعسّف تعسّفاً صرف به الأمر عن مراد الأمر به ، فأدّاه ذلك إلى ‎إكرام من اُمر بضربه.

ووجه آخر : وهو أنّ القراءة بنصب الأرجل غير موجبة ان تكون معطوفة على الأيدي ، بل تكون معطوفة على الرؤوس في المعنى دون اللّفظ ‎‎؛ لأنّ موضع الرؤوس نصب بوقوع الفعل الذي هو المسح ، وانّما انجرّت بعارض وهو الباء.

والعطف على الموضع دون اللّفظ جائز مستعمل في لغة العرب(21) ، ألا تراهم يقولون : مررت بزيد وعمراً ، ولست بقائم ولا قاعداً ؛ قال الشاعر :

معاوي ‎إنّنا بشر فأسجِح(22)

فلسنا بالجبالِ ولا الحديدا(23)

__________________

(21) من ذلك قول تأبّط شراً ـ وهو من شواهد سيبويه ـ :

هل أنت باعث دينارٍ لحاجتنا

أو عبدَ ربّ أخا عون بن مخراق

فعطف « عبد » على محلّ « دينار» وكان حقّه الجرّ ، إلا أنّه نصبه عطفاً على الموضع ، لأنّ التقدير « باعث ديناراً » ومثله كثير.

الكتاب 1 : 67 ، 171 ، خزانة الأدب 8 : 215 ، الحجّة للقرّاء السبعة 3 : 215 ، التفسير الكبير ـ للفخر الرازيّ 11 : 161 ، كنز العرفان 1 : 12.

(22) أسجح ، أرفق.« الصحاح ـ سجح ـ 1 : 372 ».

(23) البيت لعقبة بن الحارث الأسديّ ، وهو من شواهد سيبويه ، احتجّ به في نسق الاسم المنصوب على المخفوض ، وتبعه في ذلك الزجاج ، والبيت الذي يليه :

أديروها بنو حرب عليكم

ولا ترموا بها الغرض البعيدا

٢٣

والنصب في هذه الأمثلة كلّها إنّما هو العطف على الموضع دون اللّفظ ، فيكون على هذا من قرأ الآية بنصب الأرجل كمن قرأها بجرّها ، وهي في القراءتين جميعاً معطوفة على الرؤوس التي هي أقرب إليها في الذِكْر من الأيدي ، ويخرج ذلك عن طريق التعسّف ، ويجب المسح بهما جميعاً ، والحمد لله.

وشيء آخر : وهو أنّ حمل الأرجل في النصب على أن تكون معطوفة على الرؤوس أوْلى من حملها على أن تكون معطوفة على الأيدي ؛ وذاك أنّ الآية قد قرئت بالجرّ والنصب معاً ، والجرّ موجِب للمسح ، لأنّه عطف على الرؤوس ، فمن جعل النصب إنّما هو لعطف الأرجل على الأيدي أوجبَ الغسل ، وأبطل حكم القراءة بالجرّ الموجب للمسح.

ومن جعل النصب إنّما هو لعطف الأرجل على موضع الرؤوس أوجب المسح الذي اوجبه الجرّ ، فكان مستعملاً للقراءتين جميعاً ، غير مبطل لشيء منهما ، ومن استعملهما فهو أسعد ممّن استعمل أحدهما.

فإن قيل : ما أنكرتم أن يكون استعمال القراءتين إنّما هو بغسل الرجلين ، وهو أحوط في الدين ، وذلك أنّ الغسل يأتي على المسح ويزيد عليه ، فالمسح داخل فيه ، فمن غسل فكأنّما مسح وغسل ، وليس كذلك من مسح ؛ لأنّ الغسل غير داخل في المسح.

قلنا : هذا غير صحيح ؛ لأنّ الغسل والمسح فعلان كلّ واحد منهما غير الآخر وليس بداخل فيه ، ولا قائم مقامه في معناه الذي يقتضيه.

ويبين ذلك أنّ الماسح كأنّه قيل له : اقتصر فيما تتناوله من الماء على ما يندى به العضو الممسوح ، والغاسل كأنّما قيل له : لا تقتصر على هذا القدر ، بل تناول من الماء ما يسيل ويجري على العضو المغسول.

__________________

الإنصاف في مسائل الخلاف : 332 ، الكتاب 1 : 67 ، العقد الفريد 1 : 50‎ ، مغني اللبيب 2 : 621 ، شرح شواهد المغني 2 : 870 ، خزانة الأدب 2 : 260.

٢٤

فقد تبيّن أنّ لكلّ واحد من الفعلين كيفيّة يتميّز بها عن الآخر ، ولولا ذلك لكان من غسل رأسه فقد أتى على مسحه ، ومن اغتسل للجُمعة فقد أتى على وضوئه ، هذا مع إجماع إهل اللّغة والشرع على أنّ المسح لا يسمّى غسلاً ، والغسل لا يسمّى مسحاً(24) .

فإن قيل : لم زعمتم ذلك وقد ذهب بعض المفسّرين إلى أن معنى قوله سبحانه :( فَطَفِقَ مَسْحَاً بِالسُّوقِ وَالأعْناقِ ) (25) أنّه غسل سوقها وأعناقها ، فسمّي الغسل مسحاً.

قلنا : ليس هذا مجمعاً عليه في تفسير هذه الآية ؛ وقد ذهب قوم إلى أنّه أراد المسح بعينه(26) ، وقال أبو عبيدة(27) والفرّاء(28) وغيرهما : أنّه أراد بالمسح الضرب(29) .

وبعد : فإنّ من قال : أنّه أراد بالمسح الغسل ، لا يخالف في أنّ تسمية الغسل لا

__________________

(24) المسح : مروراليد على الممسوح ، والغسل : سيلان الماء على المغسول ولو قليلاً.

ولو جاز أن يطلق المسح على الغسل مجازاً ، كما قالوا : تمسّحت للصلاة ، وكقول أبي زيد : المسح خفيف الغسل ، لو جاز ذلك لما جاز شرعاً ، لأنّ الشرع فرّق بين الغسل والمسح ، ولذلك قالوا : بعض أعضاء الطهارة مغسولة وبعضها ممسوحة : وفلان يرى غسل الرجلين وفلان يرى مسحهما.

التعريفات ـ للجرجاني ـ : 93 ، مفردات ألفاظ القرآن ـ للاصفهاني ـ : 360 ، التبيان ـ للطو سيّ ـ 454 : 3.

أحكام القرآن ـ لابن العربيّ ـ 2 : 567 و 2 : 562 ، تفسير الطبريّ 6 : 83.

(25) سورة ص 38 : 33.

(26) كابن عبّاس والزهريّ وابن كيسان وابن جرير الطبريّ وعلي بن أبي طلحة والنحّاس ومجاهد والقاضي أبي يعلى. تفسير الطبريّ 23 : 100 ، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ 4 : 37 ، التفسير الكبير ـ للفخر الرازيّ ـ 26 : 206 ، الجامع لأحكام القرآن ‎ـ للقرطبي ـ 15 : 195 ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ 3 : 382 ، تفسير البيضاوي 2 : 312 ، إعراب القرآن ـ للنّحاس ـ 3 : 463 ، زاد المسير 7 : 131 ، مجمع البيان ـ للطبرسي ـ 4 : 475 ، لسان العرب 2 : 595.

(27) معمّر بن المثنّى ، التيميّ بالولاء ، البصريّ ، أبو عبيدة ، من أئمّة العلم والأدب واللغة ، مولده ، ووفاته بالبصرة ، توفّي في سنة 209 ه‍.

وفيات الأعيان 5 : 235 ، ميزان الاعتدال 4 : 155 ، تأريخ بغداد 13 : 252.

(28) يحيى بن زياد بن عبدالله بن منظور الديلميّ ، مولى بني أسد ، إمام الكوفيّين وأعلمهم بالنحو والفقه وفنون الأدب ، توفّي في سنة 207 ه‍.

وفيات الأعيان 6 : 176 ، تهذيب التهذيب 11 : 186 ، سير أعلام النبلاء 10 : 118 ، تأريخ بغداد 14 : 149.

(29) ويضاف لما ذكره المصنّف ـقدس‌سره ـ : قتاده والزجّاج وابن الاثير والسدّيّ والحسن البصريّ ومقاتل والخليل

٢٥

تخالف مسحاً مجازاً واستعارة ، وليس هو على الحقيقة ، ولا يجوز لنا أن نصرف كلام الله تعالى عن حقائق ظاهرة إلاّ بحجة صارفة.

فإن قال : ما تنكرون من أن يكون جرّ الأرجل في القراءة إنّما هو لأجل المجاورة لا للنسق ، فإن العرب قد تعرب الاسم باعراب ما جاوره ؛ كقولهم : جحر ضبٍ‎‎ّ‎ خربٍ ، فجّروا خرباً لمجاورته لضبّ ، وإنْ كان في الحقيقة صفة للحجر لا للضبّ.

فتكون كذلك الأرجل ، إنّما جُرّت لمجاورتها في الذكر لمجرور وهو الرؤوس ؛ قال امرؤ القيس(30) :

كأن ثبيراً في عرانين وبله

كبير ‎‎اُناس في بجادٍ مزمل(31)

فجرّ مرمّلاً لمجاورته لبجاد ، وان كان من صفات الكبير ، لا من صفات البجاد ، فتكون الأرجل على هذا مغسولة ، وان كانت مجرورة.

قلنا : هذا باطل من وجوه :

__________________

ابن أحمد والكلبيّ وابن السائب وابن قتيبة وأبو سليمان الدمشقيّ.

تفسير الطبريّ 23 : 100 ، الجامع لأحكام القرآن ـ للقرطبي ـ 15 : 195 ، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ 4 : 37 ، زاد المسير 7 : 131 ، معاني القرآن ـ للفرّاء ـ 2 : 405 ، مجاز القرآن ـ لأبي عبيدة ـ 2 : 183 ، الكشف عن وجوه القراءات 1 : 406 ، مجمع البيان ـ للطبرسي ـ 4 : 475 ، لسان العرب 2 : 595 ، العين 3 : 156.

(30) امرؤ القيس بن حجر بن الحارث ، أشهر شعراء العرب ، يمانيّ الأصل ، نجديّ المولد ، من شعراء المعلّقات ، توفّي في سنة 80 ق ه‍.

طبقات فحول الشعراء 1 : 52 و 82 ، خزانة الأدب 1 : 329 ، شرح ابن أبي الحديد 9 : 244.

(31) المعنى العامّ للبيت : كأن ثبيراً‎ً في أوائل مطر هذا السحاب سيّد أناس ، قد تلفّف بكساء مخطّط ، شبّه تغطيته بالغثاء بتغطيّ هذا الرجل بالكساء ، وقد جُرّ « مزمّل » صفة لكبير ، وكان حقّها الرفع ، وانّما خفض لمجاورته لبجاد عند بعض العلماء ، ولاُناس عند بعضهم وهو المرجّح ، وقال أبو عليّ الفارسيّ : إنّه ليس على الخفض بالجوار ، بل جعل مزمّلاً صفة حقيقية لبجاد ، قال : لأنّه أراد « مزمّل فيه » ثمّ حذف حرف الجرّ فارتفع الضمير واستتر في اسم المفعول ؛ كما أن الإقواء جار على ألسنتهم ، فيمكن أن يكون حرف الروي مرفوعاً وجرّ إقواءً ، كما قال النابغة الذبياني :

زغم البوارح أن رحلتنا غداً

وبذاك حدثنا الغراب الاسود

لا مرحباً بغد ولا أهلاً به

إن كان توديع الاحبة في غد

مغني اللبيب 2 : 669 و 895 ، ديوان امرئ القيس : 62 ، المعلقات العشر : 92 ، خزانة الأدب 5 : 98 ، لسان العرب 12 : 177.

٢٦

أوّلها : اتّفاق أهل العربيّة على أنّ الأعراب بالمجاورة شاذّ نادر ولا يقاس عليه ، وإنّما ورد مسموعاً في مواضع لا يتعدّاها إلى غيرها ، وما هذا سبيله فلا يجوز حمل القرآن عليه من غير ضرورة تلجئ إليه(32) .

وثانيها : أن المجاورة لا يكون معها حرف عطف ، وهذا ما ليس فيه بين العلماء خلاف(33) ، وفي وجود واو العطف في قوله تعالى :( وأرجلكم ) دلالة على بطلان دخول المجاورة فيه ، وصحة العطف.

وثالثها : أنّ الأعراب بالجوار إنّما يكون بحيث ترتفع الشبهة عن الكلام ، ولا يعترض اللبس في معناه ، ألا ترى أن الشبهة زائلة والعلم حاصل في قولهم : جحر ضبٍ خربٍ ، بأن خرباً صفة للجحر دون الضب ، وكذلك ما أنشد في قوله : مزمّل ، وأنّه من صفات الكبير دون البجاد ؟!

وليس هكذا الآية ، لأنّ الأرجل يصحّ أن يكون فرضها المسح ، كما يصحّ أن يكون الغسل ، فاللّبس مع المجاورة فيها قائم ، والعلم بالمراد منها مرتفع ، فبان بما ذكرناه أنّ الجرّ فيها ليس هو بالمجاورة‎ ، والحمد لله.

فإن قيل : كيف ادّعيتم أنّ المجاورة لا تجوز مع واو العطف ، وقد قال الله

__________________

(32) اتّفق كثير من أئمّة اللّغة على أنّ الجرّ بالمجاورة ضعيف جدّاً ولا يقاس عليه ، وأنكر البعض أن يكون الجرّ بالمجاورة جائزاً في كلام العرب ، ومن جملة من أنكره السيرافي وابن جنّيّ ، وقد تأوّلا « خربٍ » في قولهم : « هذا جُحرُ ضبٍّ خربٍ » صفة للضبّ لا للجحر ، قال السيرافي : أصله « خربٍ الجحر منه » ثمّ حذف الضمير للعلم به ، كما تقول : « مررت برجل حسن الوجه » بالاضافة ، والأصل : « حسن الوجه منه ».

وقال ابن جنّيّ : الأصل : « خرب جحره » ثمّ اُنيب المضاف إليه عن المضاف فارتفع واستتر.

وقال الفرّاء : لا يخفض بالجوار إلا ما استعملته العرب.

وقال ابو إسحاق النحوي : الجرّ بالمجاورة لا يجوز في كتاب الله عز وجل ، وانّما يجوز في ضرورة الشعر.

وقال جل النحاة : إن المسموع من كلام العرب في « جحر ضبٍ خربٍ » وغيره الرفع والجرّ ، والرفع في كلامهم أكثر وافصح.

اُنظر : مغني اللبيب 2 : 894 و 896 ، الكتاب 1 : 436 ، لسان العرب 2 : 593 ، خزانة الأدب 5 : 91 ، التفسير الكبير ‎ـ للفخر الرازيّ ـ 11 : 161 ، كنز العرفان 1 : 16.

(33) خزانة الأدب 5 : 94 و 9 : 444 ، مغني اللبيب 2 : 895 ، التفسير الكبير ـ للفخر الرازيّ ـ 11 : 161.

٢٧

عزّ وجلّ :( يَطُوفُ عَلَيهِم وِلدَانٌ مُخَلَّدُونض *بِأكوابٍ وأبَاريقَ ) (34) ثمّ قال :( وَحُورٍ عِينٍ ) (35) فخفضهن بالمجاورة ، لأنّهنّ يطفن ولا يُطاف بهنّ.

قلنا : أوّل ما في هذا أنّ القرّاء لم يجمعوا على جرّ( حورٍ عين ) بل أكثر السبعة يرى أن الصواب فيها الرفع ، وهم : نافع وابن كثير ، وعاصم في رواية أبي عمرو ، وابن عامر(36) .

وإنّما قرأها بالجرّ حمزة والكسائيّ وفي رواية المفضّل(37) عن عاصم(38) .

وقد حكي عن اُبيّ(39) أنّه كان ينصب فيقرأ.( وحوراً عيناً ) (40) .

ثم إنّ للجرّ فيها وجهاً صحيحاً غير المجاورة ، وهو أنّه لمّا تقدّم قوله تعالى :( أولئِكَ المُقَرَّبُونَ *فِي جنّات النَّعيمِ ) (41) عطف بحور عين على جنّات النعيم ، فكأنّه قال : هم في جنّات النعيم ، وفي مقارنة أو معاشرة حور عين ، وحذف المضاف ، وهذا وجه

__________________

(34) سورة الواقعة 56 : 17 ، 18.

(35) سورة الواقعة 56 : 22.

(36) الرفع على تقدير « وعندهم حور عين » قال الكسائي : من قال : « وحورٌ عين » بالرفع وعلّل بأنّه لا يطاف بهنّ يلزمه ذلك في « فاكهة ولحم » لأنّ ذلك لا يطاف به ، وليس يطاف إلاّ بالخمر وحدها.

اُنظر : الكشف عن وجوه القراءات 2 : 304 ، السبعة في القراءات : 622 ، حجّة القراءات : 695.

(37) المفضّل بن محمّد بن يعلى بن عامر الضبّيّ ، صاحب عاصم ، كان راوية وعلامة بالشعر والأدب وأيام العرب ، من اهل الكوفة ، قيل في وفاته : إنها في سنة 168 ه‍.

اُنظر : سير أعلام النبلاء 14 : 362 ، تاريخ بغداد 13 : 121 ، البداية والنهاية 10 : 228 ، لسان الميزان 6 : 81 ، ميزان الاعتدال 4 : 170.

(38) الكشف عن وجوه القراءات 2 : 304 ، السبعة في القراءات : 622 ، حجّة القراءات : 695.

(39) اُبيّ بن كعب بن قيس بن عبيدة صحابي أنصاري ، كان قبل الإسلام من أحبار اليهود ، شهد كلّ المشاهد مع الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتوفي بالمدينة في سنة 21 ه‍.

اُ‎نظر : سير أعلام النبلاء 1 : 389 ، الجرح والتعديل 2 : 29 ، اُسد الغابة 1 : 49 ، حلية الأولياء 1 : 250.

(40) كما حكي النصب عن الأشهب العقيلي والنخعي وعيسى بن عمر الثقفي ، وذلك على تقدير إضمار فعلٍ فكأنّه قال : « ويزوّجون حوراً عيناً » كما وجد في مصحف اُبيّ.

اُنظر : الجامع لأحكام القرآن ـ للقرطبي ـ 17 : 205 ، معاني القرآن ـ للفرّاء ـ 3 : 124 ، إعراب القرآن ـ للنحّاس ـ 4 : 327.

(41) سورة الواقعة 56 : 11 ، 12.

٢٨

حسن ، وقد ذكره أبو علي في كتاب الحجّة في القراءات ، واقتصر عليه دون ما سواه(43) ، ولو كان للجرّ بالمجاورة فيه وجه لذكره.

فإن قيل : ما أنكرتم أن تكون القراءة بالجرّ موجبة للمسح ، إلا أنّه متعلّق بالخفين لا بالرجلين(44) ، و أن تكون القراءة بالنصب موجبة للغسل المتعلّق بالرجلين بأعيانهما ، فتكون الآية بالقراءتين مفيدة لكلا الآمرين ؟

قلنا : أنكرنا ذلك لأنّه انصراف عن ظاهر القرآن والتلاوة إلى التجوز والاستعارة من غير أن تدعو إليه ضرورة ولا أوجبته دلالة ، ذلك خطأ لا محالة ، والظاهر يتضمّن ذكر الأرجل بأعيانها ، فوجب أن يكون المسح متعلّقاً(45) بها دون

__________________

(42) الحسن بن أحمد بن عبد الغفّار ، الفارسيّ الأصل ، أحد الأئمّة في علوم العربيّة ، وله فيها تصانيف قيمة ، ولد في « فسا » من أعمال فارس ، وتجوّل في كثير من البلدان وعاد إلى فارس ومنها إلى بغداد فتوفّي بها في سنة 377 ه‍.

اُنظر : سير أعلام النبلاء 16 : 379 ، تأريخ بغداد 7 : 275 ، وفيات الأعيان 2 : 80 ، معجم الأدباء 7 : 232.

(43) قال قطرب : يجوز أن تكون « وحور عين » معطوفة على الأكواب والأباريق ، فجعل الحور يطاف بهنّ عليهم ، لأنّ لأهل الجنّة لذّة في التطواف عليهم بالحور.

وقال النحّاس : الخفض يحمل على المعنى بالعطف على أكواب ، لأنّ المعنى ينعّمون بهذه الأشياء وينعّمون بحور عين ، وهذا جائز في العربيّة كثير.

كما وافق أبا علي الفارسيّ كثير من العلماء فيما ذهب إليه ، فضلاً عن أنّهم ذهبوا مذاهب شتّى في التأويل بعيداً عن العطف بالجوار‎.

اُنظر : الكشف عن وجوه القراءات 2 : 304 ، معاني القرآن ـ للفرّاء ـ 3 : 123 ، مغني اللبيب 2 : 895،خزانة الأدب 5 : 95، حجّة القراءات : 695،الجامع لأحكام القرآن ‎ـ للقرطبي ـ 17 : 204.

(44) قال به الشافعيّ وبعض علماء الجمهور ، والقائلين به يعوّلون على الخبر ، لكنّ الرجوع إلى القرآن أولى من التعويل على الخبر الواحد سيّما في هذه الآية ، لوجهين :

أوّلهما : أجمع المفسّرون على أ‎ن هذه الايات لا نسخ فيها ، فامتنع أن يكون المسح على الرجلين منسوخاً بالمسح على الخفين.

ثانيهما : إذا افترضنا تقدّم خبر« المسح على الخفين » على النزول فإنه منسوخ بالقرآن بالمسح على الرجلين كما تبين ، والاخبار المروية في المسح على الخفين مؤولة بالمسح على النعل العربيّ لأنّه لا يحول دون مسّ ظاهر القدم ، أو أنها قبل النزول،وقد روي عن ابن عبّاس قوله : المسح على الخفين منسوخ بسورة المائدة.

اُنظر : الجامع لأحكام القرآن ـ للقرطبي ـ 6 : 93 ، التفسير الكبير ـ للفخر الرازيّ ـ 11 : 163 ، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ 2 : 27.

(45) في الأصل : منغلقاً.

٢٩

غيرها ، كما أنّه تضمن ذكر الرؤوس وكان الواجب بها أنفسها دون أغيارها.

ولاخلاف في أن الخفاف لا يعبر عنها بالارجل ، كما أن العمائم لا يعبّر عنها بالرؤوس ، ولا البراقع بالوجوه ، فوجب أن يكون الغرض متعلّقاً بنفس المذكور دون غيره على جميع الوجوه ، ولو شاع سوى ذلك في الأرجل حتّى تكون هي المذكورة والمراد سواها ، لشاع نظيره في الوجوه والرؤوس ولجاز أيضاً أن يكون قوله سبحانه :( إنّمَا جَزَاءُ الّذينَ يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ في الأرضِ فَسَاداً أنْ يُقتّلُوا أو يُصَلّبُوا أو تُقَطّعَ أيدِيهِم وأرجُلُهُم مِّن خِلافٍ ) (46) محمولاً على غير الأبعاض المذكورة ، ولا خلاف في أن هذه الآية دالة بظاهرها على قطع الأيدي والأرجل بأعيانها ، وأنّه لا يجوز أن ينصرف عن دليل التلاوة وظاهرها ؛ فكذلك آية الطهارة لأنّها مثلها.

فإن قيل : إنّ عطف الأرجل على الأيدي أوْلى من عطفها على الرؤوس ؛ لأجل أن الأرجل محدودة كاليدين ، وعطف المحدود على المحدود أشبه بترتيب الكلام(47) .

قلنا : لو كان ذلك صحيحاً ، لم يجز عطف الأيدي وهي محدودة ، على الوجوه وهي غير محدودة في وجود ذلك ، وصحة اتّفاق الوجوه والأيدي في الحكم مع اختلافهما في التحديد ، دلالة على صحّة عطف الأرجل على الروؤس ، واتفاقهما في الحكم ، وإن اختلفا في التحديد.

على أن هذا أشبه بترتيب الكلام ممّا ذكر الخصم ؛ لأنّ الله تعالى ذكر عضواً مغسولاً غير محدود ، وهو الوجه ، وعطف عليه من الأيدي بمحدود مغسول ، ثمّ ذكر عضواً ممسوحاً غير محدود ، وهو الرأس ، وعطف عليه من الأرجل بممسوح محدود ،

__________________

(46) سورة المائدة 5 : 33.

(47) ذهب إليه بعض اللغويين.

اُنظر : لسان العرب 2 : 593 ، معاني القرآن ـ للزجّاج ـ 2 : 154 ، الكشف عن وجوه القراءات 1 : 407 ، الحجّة للقرّاء السبعة 3 : 215.

٣٠

فتقابلت الجملتان من حيث عطف فيهما مغسول محدود على مغسول غير محدود ، وممسوح محدود على ممسوح غير محدود.

فأما من ذهب إلى التخيير ، وقال : أنا مخيّر في أن أمسح الرجلين وأغسلهما ؛ لأنّ القراءاتين تدلان على الأمرين كلاهما ، مثل : الحسن البصريّ(48) ، والجبائي(49) ، ومحمّد بن جرير الطبري(50) ‎ ، ومن وافقهم(51) ، فيسقط قولهم بما قدمناه من أن القراءتين لا يصحّ أن تدلا إلا على المسح ، وأنه لا حجّة لمن ذهب إلى الغسل ، واذا وجب المسح بطل التخيير.

وقد احتجّ الخصوم لمذهبهم من طريق القياس ، فقالوا : إنّ الأرجل عضو يجب فيه الدية ، اُمرنا بإيصال الماء إليه ، فوجب أن يكون مغسولاً كاليدين.

وهذا احتجاج باطل وقياس فاسد ؛ لأنّ الرأس عضو يجب فيه الدية ، وقد اُمرنا

__________________

(48) الحسن بن يسار البصريّ ، كان إمام أهل البصرة ، وهو أحد العلماء الفقهاء العظماء الشجعان النسّاك ، ولد بالمدينة وشب في كنف الإمام عليعليه‌السلام ، وسكن البصرة وتوفي بها في سنة 110 ه‍.

اُنظر : سير أعلام النبلاء 4 : 563 ، حلية الأولياء 2 : 131 ، وفيات الأعيان 2 : 69‎ ، تهذيب التهذيب 2 : 263.

(49) محمّد بن عبدالوهّاب بن سلام الجبائي ، من أئمّة المعتزلة وإليه نسبت الطائفة الجبّائيّة ، اشتهر في البصرة وتوفّي بها في سنة 303 ه‍.

وفيات الأعيان 4 : 267 ، الفرق بين الفرق : 183 ، سير أعلام النبلاء 14 : 183 ، الملل والنحل 1 : 73 ، لسان الميزان 5 : 271.

(50) محمّد بن جرير بن يزيد الطبريّ ، المؤرّخ والمفسّر ، ولد في آمل بطبرستان ، واستوطن بغداد وتوفي بها في سنة 310 ه‍.

سير أعلام النبلاء 14 : 267 ، تأريخ بغداد 2 : 162 ، وفيات الأعيان 4 : 191 ، تذكرة الحفاظ 2 : 710.

(51) وقد وافقهم أيضاً ابن العربيّ والأوزاعيّ والثوري ، وأوجب الناصر للحق من أئمّة الزيديّة وداود الأصفهاني الجمع بين المسح والغسل.

اُنظر : المبسوط ـ للسرخسيّ ـ 1 : 8 ، المجموع 1 : 417 ، المغني 1 : 150 ، البحر الزخّار 2 : 67 ، الفتوحات المكيّة 1 : 343 ، الجامع لأحكام القرآن ـ للقرطبيّ ـ 6 : 91 ـ 92 ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ 2 : 345 ، تفسير الطبريّ 6 : 83 ، أحكام القرآن ـ لابن العربيّ ـ 2 : 575 ، التفسير الكبير ‎ـ للفخر الرازيّ ـ 11 : 161 ، الكشف عن وجوه القراءات 1 : 406.

واُنظر : الخلاف ـ للطوسيّ ـ 1 : 90 ، مجمع البيان ـ للطوسي ـ 2 : 164.

٣١

بإيصال الماء إليه ، وهو مع ذلك ممسوح.

ولو تركنا والقياس لكان لنا منه حجّة هي أولى من حجّتهم ، وهي : أن الأرجل عضو من أعضاء الطهارة الصغرى ، يسقط حكمه في التيمّم ، فوجب أن يكون فرضه المسح ، دليله الرأس(52) .

فإن قالوا : هذا ينتقض عليكم بالجنب ؛ لأنّ غسل جميع بدنه واعضائه يسقط في التيمّم ، وفرضه مع ذلك الغسل.

وقد احترزنا من هذا بقولنا : إنّ الأرجل عضو من أعضاء الطهارة الصغرى ، فلا يلزمنا بالجنب نقض على هذا.

فإن قال قائل : فما تصنعون في الخبر المروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنّه توضّأ فغسل وجهه وذراعيه ، ثمّ مسح رأسه وغسل رجليه ، وقال : « هذا وضوء الأنبياء من قبلي ، هذا الذي لا يقبل الله الصلاة إلا به » ؟

قيل له : هذا الخبر الذي ذكرته مختلط من وجهين رواهما أصحابك :

أحدهما : أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توضّأ مرّة مرّة ، وقال : « هذا الذي لا يقبل الله صلاة الا به »(53) ولم يأت في الخبر كيفية الوضوء.

والآخر : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غسل وجهه ثلاثاً ، ويديه ثلاثاً ، ومسح رأسه ، وغسل رجليه إلى الكعبين ، وقال : « هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي »(54) ولم يقل فيه : « لم يقبل الله صلاة إلا به » فخلطت في روايتك أحد الجزءين بالاخر لبعدك عن معرفة الأثر.

__________________

(52) روي عن ابن عبّاس أنّه قال : ما كان عليه الغسل جعل عليه التيمّم ، وما كان عليه المسح اُسقط ، وروي عن الشعبي مثله.

اُنظر : أحكام القرآن ـ لابن العربيّ ـ 2 : 577 ، مجمع البيان ـ للطبرسي ـ 2 : 165.

(53) سنن ابن ماجة 1 : 145 / 419 ، مسند الطيالسيّ : 260 / 1924 ، سنن الدارقطني 1 : 79 و 80 و 81 ، كنز العمّال 9 : 454 / 26938 و 457 / 26957 431 / 26831 ، المبسوط ـ للسرخسي ـ 1 : 9 ، الفقيه 1 : 25 / 76.

(54) مسند الطيالسي : 260 / 1924 ، سنن الدار قطني 1 : 79 و 80 و 81 ، كنز العمّال 9 : 454 / 26938 و 457 / 26957 ، المبسوط ـ للسرخسي ـ 1 : 9.

٣٢

وبعد : فلو كانت الرواية على ما أوردته لم يكن لك فيها حجّة ، لأنّ الخبر إذا خالف ما دلّ عليه القرآن ، وجب إطراحه والمصير ـ إلى القر‎آن دونه ، ولو سلّمنا لك باللفظ الذي تذكره بعينه ، كان لنا أن نقول : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسح رجليه في وضوئه ، ثمّ غسلهما بعد المسح لتنظيف ، أو تبريد ونحو ذلك ممّا ليس هو داخلاً في الوضوء ، فذكر الراوي الغسل ولم يذكر المسح الذي كان قبله ، إمّا لأنّه لم يشعر به لعدم تأمّله ، أو لنسيان اعترضه ، أو لظنه أن المسح لا حكم له ، وأن الحكم للغسل الذي بعده ، أو لغير ذلك من الأسباب ، وليس هذا بمحال.

فإن قال : فقد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « ويل للأعقاب من النار»(55) فلو كان ترك غسل العقب في الوضوء جائزاً ، لما توعّد على ترك غسله.

قلنا : ليس في هذا الخبر ذكر مسح ولا غسل فيتعلّق به ، ولا فيه أيضاً ذكر وضوء فنورده لنحتج به ، وليس فيه أكثر من قوله : « ويل للأعقاب من النار».

فإن قال : قد روي أنّه رآها تلوح فقال : « ويل للأعقاب من النار»(56) .

قيل له : وليس لك في هذا أيضاً حجّة ، ولا فيه ذكر لوضوء في طهارة.

وبعد : فقد يجوز أن يكون رأى قوماً غسلوا أرجلهم في الوضوء عوضاً عن(57) مسحها ، ورأى أعقابهم يلوح عليها الماء ، فقال : « ويل للأعقاب من النار».

ويجوز أيضاً أن يكون رأى قوماً اغتسلوا من جنابة ، ولم يغمس الماء جميع أرجلهم ، ولاحت أعقابهم بغير ماء ، فقال : « ويل للأعقاب من النار ».

ويمكن أيضاً أن يكون ذلك في الوضوء لقوم من طغام(58) العرب مخصوصين ،

__________________

(55) صحيح مسلم 1 : 214 / 241 ، صحيح البخاري 1 : 51 ، مسند أحمد 2 : 201 و 471 ، سنن أبي داود 1 : 24 / 97 ، سنن النسائي 1 : 77 ، مسند الطيالسيّ : 1552 / 217 ، تفسير الطبريّ 6 : 84.

(56) صحيح مسلم 1 : 214 / 241 ، سنن النسائيّ 1 : 77 ، سنن ابن ماجة 1 : 154 / 450 ، تفسير الطبريّ 6 : 85.

(57) في الأصل : من.

(58) الطغام : أوغاد الناس. « الصحاح ـ طغم ـ 5 : 1975 » وفي الأصل : طغامة ، وكلاهما بمعنىً.

٣٣

كانوا يمشون حفاة فتشقّق أعقابهم ، فيداوونها بالبول على قديم عادتهم ، ثمّ يتوضؤون ولا يغسلون أرجلهم قبل الوضوء من آثار النجس ، فتوعدهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما قال‎ ، وكل هذا في حيز الإمكان.

ثم يقال له : وقد قابل ما رويت أخبارهي أصحّ وأثبت في النظر ، والمصير إليها أولى ، لموافقة ظاهرها لكتاب الله تعالى :

فمنها : أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام(59) بحيث يراه أصحابه ، ثمّ توضّأ فغسل وجهه وذراعيه ، ومسح برأسه ورجليه(60) .

ومنها : أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال للناس في الرحبة(61) : « ألا أدلّكم على وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » ؟

قالوا : بلى.

فدعا بقعب(62) فيه ماء ، فغسل وجهه وذراعيه ، ومسح على رأسه ورجليه ، وقال : « هذا وضوء من لم يحدث حدثاً »(63) .

فإن قال الخصم : ما مراده بقوله : « وضوء من لم يحدث حدوثاً » ؟ وهل هذا إلا دليل على أنّه قد كان على وضوء قبله ؟

قيل له : مراده بذلك أنّه الوضوء الصحيح الذي كان يتوضؤه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وليس هو وضوء من غير وأحدث في الشريعة ما ليس منها.

ويدل على صحّة هذا التأويل ، وفساد ما توهمه الخصم : أنّه قصد ‎أن يريهم فرضاً يعوّلون عليه ويقتدون به فيه ، ولو كان على وضوء قبل ذلك ، لكان لم يعلمهم الفرض الذي هم أحوج إليه.

__________________

(59) في الأصل : قال.

(60) سنن أبي داود 1 : 41 / 160 ، كنز العمّال 9 : 476 / 27042 ، تفسير الطبريّ 6 : 86.

(61) الرحبة : قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة.« معجم البلدان 3 : 33 ».

(62) القعب : قدح من خشب مقعّر. « الصحاح ـ قعب ـ 1 : 204 ».

(63) تفسير الطبريّ 6 : 86 ، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ 2 : 28 ، الدرّ المنثور 2 : 262.

٣٤

ومن ذلك : ما روي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام من قوله : « ما نزل القرآن إلا بالمسح »(64) ولا يجوز أن يكون أراد بذلك إلا مسح الرجلين ، لأنّ مسح الرؤوس لا خلاف فيه.

ومنه : قول ابن عبّاس رحمة الله عليه : نزل القرآن بغسلين ومسحين(65) .

ومن ذلك : إجماع آل محمّدعليهم‌السلام على مسح الرجلين دون غسلهما(66) ، وهم الأئمّة والقدوة في الدين ، لا يفارقون كتاب الله عز وجل إلى يوم القيامة ، وفيما أوردناه كفاية ، والحمد لله.

سؤال : فإن قال قائل : فلم ذهبتم في مسح الرأس والرجلين إلى التبعيض ؟

جواب : قيل له‎ : لما دلّ عليه من ذلك كتاب الله سبحانه ، وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

أمّا دليل مسح بعض الرأس فقول الله تعالى :( وامْسَحُوا بِرُءُوسِكُم ) (67) فأدخل الباء التي هي علامة التبعيض ، وهي التي تدخل على(68) الكلام مع استغنائه في إفادة المعنى عنها ، فتكون زائدة ؛ لأنّه لو قال : وامسحوا رؤوسكم ، لكان الكلام صحيحاً ، ووجب مسح جميع الرأس‎ ، فلمّا دخلت الباء التي لم يفتقر الفعل في تعديه إليها ، أفادت التبعيض.

وأما دليل مسح بعض الأرجل : فعطفها على الرؤوس ، والمعطوف يجب أن

__________________

(64) التهذيب 1 : 63 / 175 ، والحديث عينه مرويّ عن أنس والشعبي.

اُنظر : الدرّ المنثور 2 : 262.

(65) اُنظر : الدرّ المنثور 2 : 262 ، تفسير الطبريّ 6 : 82 ، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ 2 : 27 ، التهذيب 1 : 63 / 176.

(66) اُنظر : تفسير النيسابوريّ بهامش الطبريّ 6 : 73 ، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ 2 : 25 ، نيل الأوطار 1 : 193 ، سنن أبي داود 1 : 42 / 164 ، التفسير الكبير ـ للفخر الرازيّ ـ 11 : 161.

واُنظر‎ : التهذيب 1 : 65 / 184 ، الاستبصار 1 : 64 / 191 ، الكافي 3 : 24 / 1.

(67) سورة المائدة 5 : 6.

(68) في الأصل : في.

٣٥

يشارك المعطوف عليه في حكمه(69) .

وأمّا شاهد ذلك من السنة : فما روي أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله توضّأ فمسح بناصيته ، ولم يمسح الكلّ(70) .

ومن الحجّة على وجوب التبعيض في مسح الرؤوس والأرجل : إجماع أهل البيتعليهم‌السلام على ذلك ، وروايتهم إياه عن رسول الله جدهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (71) ، وهم أخبر بمذهبه.

سؤال : فإن قال قائل : ما الكعبان عندكم اللذان تمسحون إليهما ؟

جواب : قيل له. هما العظمان النابتان في ظهر القدمين عند عقد الشراك ، وقد وافقنا على ذلك محمّد بن الحسن(72) ، دون من سواه(73) .

دليلنا : ما رواه أبان بن عثمان ، عن ميسر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال : « ألا أحكي لك وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » فمسح

__________________

(69) العطف بالواو يقتضي التشريك في الحكم مطلقاً.

قال الشافعيّ وابن عمر وإبراهيم والشعبي : يجب أن يمسح من الرأس ما يقع عليه اسم المسح ، واحتج المخالفون لقولهم ، بأن الباء الداخلة على الرؤوس للالصاق ، والمعروف أن باء الالصاق إنّما تدخل على الأفعال غير المتعدّية بنفسها ، مثل : مررت بزيدٍ ، وذهبت بعمرو ، أما إذا كان الفعل متعدّياً بنفسه كالمذكور في الآية ، فلا مناص أن التبعيض هو المراد‎ ، كما قال جل وعلا في سورة الانسان ( 76 : 6 ) : ( عيناً يشرب بها عباد الله ).

اُنظر رصف المباني : 473 ، الجنى الداني في حروف المعاني : 158 ، التفسير الكبير ـ للفخر الرازيّ ـ 11 : 160 ، الجامع لأحكام القرآن ـ للقرطبي ـ 6 : 88 ، مجمع البيان ـ للطبرسيّ ـ 2 : 164.

(70) أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ 2 : 342 ، الكشّاف ـ للزمخشريّ ـ 1 : 610 ، مجمع البيان ـ للطبرسي ـ 2 : 164.

(71) التهذيب 1 : 90 / 237 ، الاستبصار 1 : 61 / 182 و 5 / 62 ، الكافي 3 : 25 / 5 ، تفسير العيّاشي 1 : 298 / 51.

(72) محمّد بن الحسن بن فرقد ، من موالي شيبان ، إمام بالفقه والاصول ، وهو الذي نشر علم أبي حنيفة ، ولد بواسط وعاش في الكوفة وبغداد ، ومات بالري في سنة 189 ه‍.

اُنظر : سير أعلام النبلاء 9 : 134 ، الجرح والتعديل 7 : 227 ، وفيات الأعيان 4 : 184 ، تأريخ بغداد 2 : 172.

(73) اُنظر : المجموع 1 : 422 ، سبل السلام 1 : 62 ، فتح القدير 1 : 15 ، المغني 1 : 155 ، المبسوط ـ للسرخسي ـ 1 : 9 ، شرح فتح القدير 1 : 10 ، بدائع الصنائع 1 : 7 ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ 2 : 347 ، أحكام القرآن ـ لابن العربيّ ـ 2 : 577 ، التفسير الكبير ـ للفخر الرازيّ ـ 11 : 162 ، الدرّ المنثور 2 : 263 ، القاموس المحيط ـ كعب ـ 1 : 139 ، لسان العرب ـ كعب ـ 1 : 718.

٣٦

رأسه وقدميه ، ثمّ وضع يده على ظهر القدم ». ثمّ قال ‎‎‎‎‎‎[ : « هذا هو الكعب » قال : وأومأ بيده إلى أسفل العرقوب ، ثمّ قال : « إن هذا هو الظنبوب » ](74) .

__________________

(74) ما بين المعقوفين أثبتناه من التهذيب 1 : 75 / 190 ، إذ الظاهر أنّ بعد قوله : « ثمّ قال » سقطاً في النسختين ـ المخطوطة والمطبوعة على الحجر ـ بدليل عدم إكمال الحديث المروي عن أبي جعفرعليه‌السلام أولاً ، ولأنّ العبارة التالية لقوله : « ثم قال » في النسختين مقتطعة من حديث طويل من احتجاجات الإمام الصادقعليه‌السلام مع أبي شاكر الديصاني عن حدوث العالم ممّا لا يناسب المقام كما لا يوجد ما يدلّ على مقدار ما بقي من الرسالة أو على نهايتها.

٣٧

مصادر الترجمة والتحقيق :

1 ـ أحكام القرآن ـ لابن العربيّ ـ تحقيق علي محمّد البجاوي ـ دار المعرفة ـ بيروت.

2 ـ أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ دار الفكر ـ بيروت.

3 ـ الاستبصار ـ للطوسي ـ تحقيق السيّد حسن الموسوي ـ دار الكتب الإسلامية ـ طهران ـ 1390 ه‍.

4 ـ اُسد الغابة ـ للجزري ـ المكتية الإسلامية ـ طهران.

5 ـ الإصابة ـ لابن حجر ـ دار صادر ـ بيروت ـ عن مطبعة السعادة ـ مصر ـ 1328 ه‍.

6 ـ إعراب القرآن ـ للنّحاس ـ تحقيق الدكتور زهير غازي زاهد ـ عالم الكتب ـ بيروت ـ 1405 ه‍.

7 ـ الأعلام ـ للزركلي ـ دار العلم للملايين ـ بيروت ـ الطبعة السادسة ـ 1984 م.

8 ـ أعيان الشيعة ـ للسيد محسن الأمين العاملي ـ تحقيق حسن الأمين ـ دار التعارف ـ بيروت ـ 1406 ه‍.

9 ـ أمل الآمل ـ للحر العاملي ـ تحقيق السيّد أحمد الحسيني ـ مطبعة الآداب ـ النجف الأشرف.

10 ـ الأنساب ـ للسمعاني ـ تحقيق عبد الرحمن بن يحيى ـ الطبعة الثانية ـ بيروت 1400 ه‍.

11 ـ الإنصاف في مسائل الخلاف ـ للأنباري ـ الطبعة الرابعة ـ 1380 ه‍.

12 ـ البحر الزخّار ـ لأحمد بن يحيى ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ 1394 ه‍.

13 ـ بدائع الصنائع ـ للحنفي ـ دار الكتاب العربيّ ـ بيروت ـ الطبعة الثانية 1402 ه‍.

14 ـ البداية والنهاية ـ لابن كثير ـ تحقيق مجموعة من الأساتذة ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ الطبعة الرابعة ـ 1408 ه‍.

15 ـ تأريخ بغداد ـ للخطيب البغدادي ـ المكتبة السلفية ـ المدينة المنورة.

16 ـ التبيان ـ للطوسي ـ دار احياء التراث العربي ـ بيروت.

17 ـ تذكرة الحفّاظ ـ للذهبي ـ دار احياء التراث العربي ـ بيروت.

18 ـ التعريفات ـ للجرجاني ـ ناصر خسرو ـ عن المطبعة الخيرية ـ مصر ـ 1306.

19 ـ تفسير البيضاوي ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت.

٣٨

20 ـ تفسير العيّاشي ـ تحقيق السيّد هاشم المحلاتي ـ المكتبة العلمية الإسلامية ـ طهران.

21 ـ تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ 1406 ه‍.

22 ـ التفسير الكبير ـ للفخر الرازيّ ـ الطبعة الثالثة.

23 ـ التهذيب ـ للشيخ الطوسي ـ تحقيق السيّد حسن الموسوي ـ دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

24 ـ تهذيب الأسماء واللغات ـ للنووي ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت.

25 ـ تهذيب التهذيب ـ لابن حجر ـ دار الفكر ـ بيروت ـ الطبعة الاُولى ـ 1404 ه‍.

26 ـ تهذيب الكمال ـ لجمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي ـ تحقيق الدكتور بشّار عوّاد معروف ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

27 ـ الجامع لأحكام القرآن ـ للقرطبي ـ دار احياء التراث العربيّ ـ بيروت ـ 1965 م.

28 ـ جامع البيان في تفسير القرآن ـ للطبري ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ 1403 ه‍.

29 ـ الجرح والتعديل ـ للرازي ـ دار إحياء التراث العربيّ ـ بيروت ـ 1371 ه‍.

30 ـ الجنى الداني في حروف المعاني ـ للمرادي ـ تحقيق الدكتور فخر الدين قباوه والاستاذ محمّد نديم فاضل ـ دار الآفاق الجديدة ـ بيروت.

31 ـ حجّة القراءات ـ لأبي زرعة ـ تحقيق سعيد الأفغاني ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ 1404 ه‍.

32 ـ الحجّة للقرّاء السبعة ـ لأبي علي الفارسيّ ـ تحقيق بدر الدين قهوجي ـ دار المأمون ـ بيروت 1404 ه‍.

33 ـ حلية الأولياء ـ لأبي نعيم الاصبهاني ـ دار الكتاب العربيّ ـ بيروت ـ 1405 ه‍.

34 ـ خزانة الأدب ـ البغدادي ـ تحقيق عبد السلام محمّد هارون ـ الطبعة الثانية ـ القاهرة.

35 ـ الخلاف ـ للطوسي ـ جماعة مدرسي الحوزة ـ قم المقدسة ـ 1407 ه‍.

36 ـ الدرّ المنثور ـ للسيوطي ـ مكتبة آية الله العظمى المرعشي ـ قم المقدّسة.

37 ـ ديوان امرئ القيس ـ دار صادر ـ بيروت.

38 ـ الذريعة ـ للطهراني ـ دار الأضواء ـ بيروت.

39 ـ رجال السيّد بحر العلوم ـ مطبعة آفتاب طهران 1363.

40 ـ رصف المباني ـ للمالقي ـ تحقيق الدكتور أحمد محمّد الخرّاط ـ دار القلم ـ دمشق

٣٩

1405 ه‍.

41 ـ روضات الجنّات ـ للخوانساري ـ مهر ـ قم المقدسة.

42 ـ زاد المسير ـ للجوزي ـ المكتب الاسلامي ـ بيروت ـ الطبعة الرابعة ـ 1407 ه‍.

43 ـ السبعة في القراءات ـ لابن مجاهد ـ تحقيق الدكتور شوقي ضيف ـ دار المعارف ـ الطبعة الثانية.

44 ـ سبل السلام ـ للصنعاني ـ تحقيق محمّد عبد العزيز الخولي ـ دار الجيل ـ 1400 ه‍.

45 ـ سنن أبن ماجة ـ تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي ـ دار الفكر ـ بيروت.

46 ـ سنن أبي داود ـ تحقيق محمّد محيي الدين عبد الحميد ـ دار الفكر ـ بيروت.

47 ـ سنن الدارقطني ـ تحقيق السيّد عبدالله هاشم يماني ـ دار المحاسن ـ القاهرة.

48 ـ سنن النسائي ـ دار الفكر ـ بيروت ـ الطبعة الاُولى ـ 1348 ه‍.

49 ـ سير أعلام النبلاء ـ للذهبي ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ الطبعة الثالثة ـ 1405 ه‍.

50 ـ شرح ابن أبي الحديد ـ تحقيق محمّد أبو الفضل ابراهيم ـ دار إحياء الكتب العربيّة ـ بيروت.

51 ـ شذرات الذهب ـ لابن العماد الحنبلي ـ دار الآفاق ـ بيروت.

52 ـ شرح شواهد المغني ـ للسيوطي ـ منشورات أدب الحوزة ـ قم المقدسة ـ أوفسيت.

53 ـ شرح المعلقات العشر ـ لاحمد الشنقيطي ـ دار القلم ـ بيروت.

54 ـ شرح فتح القدير ـ محمّد بن عبد الواحد ـ دار التراث العربيّ ـ بيروت.

55 ـ شرح الكافية ـ للاسترابادي ـ المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية.

56 ـ الصحاح ـ للجوهري ـ تحقيق ـ أحمد عبد الغفور عطار ـ دار العلم للملايين ـ بيروت ـ 1376 ه‍.

57 ـ صحيح البخاري ـ دار إحياء التراث العربيّ ـ بيروت.

58 ـ صحيح مسلم ـ تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي ـ دار الفكر ـ بيروت ـ الطبعة الثانية ـ 1398 ه‍.

59 ـ صفوة الصفوة ـ لابن الجوزي ـ تحقيق محمود فاخوري ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ 1406 ه‍.

60 ـ طبقات أعلام الشيعة ـ للطهراني ـ تحقيق علي نقي منزوي ـ دار الكتاب العربيّ ـ بيروت.

٤٠