الأسرة في المجتمع الإسلامي

الأسرة في المجتمع الإسلامي50%

الأسرة في المجتمع الإسلامي مؤلف:
تصنيف: الأسرة والطفل
الصفحات: 113

الأسرة في المجتمع الإسلامي
  • البداية
  • السابق
  • 113 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 79894 / تحميل: 7084
الحجم الحجم الحجم
الأسرة في المجتمع الإسلامي

الأسرة في المجتمع الإسلامي

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الأسرة

في المجتمع الإسلامي

١

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

٣

٤

مقدّمة المركز

الحمد لله الواحد الأحد الذي تطمئنّ القلوب بذكره، والصلاة والسلام على أبي القاسم محمّد أشرف أنبياء الله ورسله، وعلى آله المنتجبين المطهّرين وبعد.

سَبق لمركز الرسالة أنْ أصدر في شأن الأُسرة كتابين من سلسلته المستمرّة (سلسلة المعارف الإسلاميّة)، كان الأوّل تحت عنوان (تربية الطفل في الإسلام)، وتناول الثاني (آداب الأُسرة في الإسلام) وقد حملا الرقمين (٨ و٢١) على الترتيب، ثمّ جاء كتابنا الثالث هذا ليُعالج هذا الموضوع الحسّاس من جوانبه الأُخرى؛ تقديراً منّا للحاجة المستمرّة إلى رفع مستوى الوعي الديني والثقافي في شأن الأُسرة، اللبنة الأساس في المجتمع، ومدرسة الإعداد الأوّلي والأهم لأفراده.

تقديراً - من ناحية أُخرى - لأهميّة الحديث عن الأُسرة اليوم في خِضمّ الصراع الحضاري والثقافي الدائر بين الإسلام كدين، ونظام للحياة والمجتمع، وبين الأنظمة المادّيّة سواء في الشرق أم الغرب، التي جعلت تفكيك الأُسرة أو تهميش الروابط الأُسريّة جزءاً لا يتجزّأ من صياغاتها النظريّة وبرامجها العمليّة، مع ما تمتلكه هذه الأنظمة المادّيّة اليوم، من عناصر قوّة تمكّنها من الاختراق الثقافي للمجتمعات الإسلاميّة التي افتُقدت مُنذ زمن عنصر المبادرة، بل افتَقدت إلى حدٍّ كبير القدرة على التحصّن الثقافي ضدَّ أيّ غزو أو اختراق من هذا النوع.

وإذا كان الإسلام يتمتّع بقدراته الذاتيّة الفائقة بما يتوفّر عليه من نُظُم شاملة ومتماسكة، فإنّ المسلمين بحاجة دائماً إلى مزيد من الوعي الذي يرتفع بمعارفهم الإسلاميّة إلى مستوى الثقافة العمليّة المُعاشة في الواقع، من أجل تقليل الفجوة بين

٥

واقِعهم العملي، وبين ما يستندون إليه من رصيد عقيدي وفكري أثبتَت وتَثبت تجارب الأُمم، أنّه الرصيد الأكمل والأعظم شمولاً وعمقاً وتماسكاً، من أيِّ رصيد آخر تستند إليه أُمّة مِن أُمم الأرض.

فها نحن نشهد في عصرنا الحديث صَرخات الكثير من المفكّرين وعلماء الاجتماع الغربيّين، وهي تتوجّع من نظام تفكيك الأُسرة ومخلّفاته السيّئة على الفرد والمجتمع، مشفوعةً بإحصاءات علميّة تؤكّد دعواهم المستمّرة إلى المحافظة على نظام الأُسرة وصيانة كيانها، بل قد ذاق المجتمع الغربي نفسه مرارة واقعهِ الأُسري المفكّك، فظهرت جمعيّات خاصّة لمقاومة اتجاه النساء إلى العمل خارج المنزل، وأُخرى تدعو إلى العودة إلى الأديان السماويّة وتعاليمها في شأن الأُسرة.. فيما خصّصت إحدى الحكومات الاسكندنافيّة - أخيراً - مكافئات ماليّة مُغرية للآباء أيّام الإجازات، ترغيباً لهم في أنْ يقضوا أوقاتاً أطول مع أبنائهم.

ولكنْ مهما بلغت هذه الصرخات من قوّة وقدرة على التأثير، فإنّها ستبقى معالجات سطحيّة إذا ما قُورنت بالنظام الأُسري في الإسلام، الذي تتوزّع أركانه على المجتمع والأُسرة والفرد، ليضمن تحقيق الاستعداد التام لتكوين الأُسرة السليمة، منذ مقدّماتها الأولى، متابعاً مراحل نشأتها وتكوينها ونموّها في ما هو أُُسَري بحت، وفي ما يتجاوز إطار الأُسرة إلى المجتمع، الأمر الذي يتطلّب تحقيق المستوى الأفضل من الوعي برسالة هذا النظام والمعرفة بتفاصيله التي تنتظم في نَسَق متكامل لا يستغني فيه بعضها عن بعض.

من أجل ذلك كلّه يتبنّى مركز الرسالة هذا الكتاب الذي نرجو له أنْ يسهم في تعضيد بناء الأُسرة المسلمة على الأُسُس القويمة، لتكون أكثر صلابة أمام التحدّيات المعاصرة، وأكثر متانة في أداء رسالتها في المجتمع.

والله من وراء القصد

مركز الرسالة

٦

المقدّمة

الحمدُ لله الذي جعل لنا من أنفسنا أزواجاً وجعل بيننا مودّةً ورحمة. والصلاة والسلام على رسوله الأمين وآل بيته الطيّبين الطاهرين..

وبعد.. فقد احتلّ موضوع الأُسرة مكانةً مرموقةً في برنامج الإسلام التغييري الواسع النطاق؛ لكونها تشكّل اللّبنة الأساسية الأُولى في صرحِه الاجتماعي.

ولم ينصبّ اهتمام الإسلام على مرحلة تشكيل الأُسرة وتكوينها فحسب، بل أولى عناية خاصّة لمرحلة ما قبل التأسيس، وذلك بترغيب الشباب من الجِنسين على العيش المُشترك ضمن إطار الأُسرة كمجتمع صغير، فقد أشار إلى المعطيات الإيجابيّة المترتّبة على العُلقة الزوجيّة ونفّر أشدّ التنفير من العزوبة، كما تعرّض بشيء من التفصيل للمقوّمات الأساسيّة التي يجب أنْ تقوم عليها الحياة الزوجيّة، وتطرّق للأُسُس السليمة التي تتم بموجبها عمليّة اختيار الشريك، تلك الأُسُس التي ترتكز على نظافة القصد وسلامة النيّة.

وكان من الطبيعي أنْ يحثّ الإسلام على التساهل في قضيّة المهر وشروط الزواج ومقدّماته، وازدادت عنايته أكثر بالأُسرة في مرحلة النشأة والتكوين، فقد عمل على توثيق العلاقة الجديدة بين الزوجين على مختلف الأصعدة.

فعلى الصعيد النفسي ومن أجل الارتقاء الروحي والإيماني للزوجين أكّد على توثيق علاقتهما بالله تعالى، وهو أمر له مردود إيجابي على علاقتهما فيما بينهما، ولا يخفى بأنّ توثيق العلاقة مع الخالق، يُؤدّي - بالملازمة - إلى تقوية العلاقة مع المخلوق.

وعلى الصعيد التربوي، دعا الإسلام إلى تأسيس أُسرة تقوم على أُسُس من التفاهم والانسجام، والحبّ المتبادل والمعاشرة بالمعروف، والشعور بالمسؤوليّة تجاه العائلة، وكذلك الإنصاف والعدل، وتقسيم العمل وتوزيع الأدوار وعدم إلحاق

٧

الضرر بالطرف الآخر، وما إلى ذلك.

وعلى الصعيد الأخلاقي أكّد على التمسك بعُرى الصبر الجميل، والابتعاد عن الخيانة الزوجيّة وعدم خلع حزام العفة، وتجنّب الطعن في الشرف من خلال القذف وما إلى ذلك، وأيضاً تجنّب الغيرة التي تكون لها - في غالب الأحيان - آثار تدميريّة على الأُسرة، زِد على ذلك دعوة الإسلام الملحّة إلى تحصين سياج الأُسرة من خلال رعاية جانب الآداب والأخلاق الإسلاميّة من قبل كلا الزوجين.

ولم يكتفِ الإسلام - كرسالة شموليّة - بالجانب الوعظي، أو الإرشادي، بل صبّ توصياته بخصوص الأُسرة في قوالب قانونيّة واضحة ومُلزمة، حدَّد فيها الواجبات المُلقاة على الزوجين تجاه بعضهما البعض، وتجاه أولادهما، كما بيّن الحقوق المترتّبة على كلِّ فرد في الأُسرة.

هذه الخطوط الرئيسة سوف تجد تفاصيلها في هذا البحث الذي اتّبعنا فيه المنهج النقلي، وأردنا من خلاله الكشف عن موقف الإسلام الأصيل الذي تمثّله مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) من موضوع الأُسرة، وهو الموضوع الذي يتزايد بشأنه اهتمام الرأي العالمي نتيجة للدعوات المظلّلة التي تصدر من الغرب، وتدعو الشباب إلى التمرّد على نظام الأُسرة بُغية تقويضِه، إمّا من خلال سلوك طريق الرّهبنة والعزوف عن الزواج، أو الانجراف مع تيّار الإباحيّة العارم الذي يتنصّل للقيم، ويسعى نحو تحطيم النظم التقليديّة ومنها نظام الأُسرة.

وقد قسّمنا البحث إلى مقدِّمة وثلاثة فصول، نتعرّض في:

الفصل الأول: إلى الأُسرة قبل التكوين.

أمّا الفصل الثاني: فيتكفّل ببيان عناية الإسلام بالأُسرة عند نشأتها.

أمّا الفصل الثالث: فهو مقارنة بين المنهج الإسلامي والمادّي في بناء الأُسرة وما يترتّب على المنهجين من آثار اجتماعيّة وتربويّة وأخلاقيّة.

ومن الله تعالى نستمدّ العون والتوفيق

٨

الفصل الأول

الأسرة قبل التكوين في المنهج الإسلامي

يُطلق لفظ الأُسرة في اللغة على عشيرة الرجل ورهطه الأدنون وأهل بيته؛ لأنّه يتقوّى بهم (١) .

أمّا في الاصطلاح فإنّ مفهوم الأُسرة يتطوّر عبر الزمان ويتأثّر بالمكان، ويُطلق في الإسلام على الجماعة المكوّنة من الزوج والزوجة وأولادهما غير المتزوجين الذين يقيمون معاً في مسكن واحد، وعندما نقيّد الأُسرة بقولنا: الأُسرة المسلمة، فلا بدّ لأفرادها من أنْ يكونوا في أفكارهم وعواطفهم وسلوكهم من الملتزمين بأحكام الإسلام (٢) .

فالدين الإسلامي - باعتباره منهجاً شاملاً لجميع جوانب الحياة الإنسانيّة - أولى الأُسرة أهميّة خاصّة في مفردات منهجه المتكامل، ذلك لما لها من دور فعّال يسهم في بناء إنسان صالح يُشارك في خدمة المجتمع ورقيّه وتنمية قدراته.

ومن هذا المُنطلق يُمكن القول بأنَّ الإسلام يقدّم نظرته المثلى قبل تشكيل

____________________

١) الصحاح | الجوهري ٢: ٥٧٩، لسان العرب | ابن منظور ٤: ٢٠ مادّة - اُسر..

٢) راجع: نظام الأسرة في الإسلام | باقر شريف القرشي: ١٨، والأسرة والحياة العائليّة| الدكتورة سناء الخولي: ٣٥ - الاسكندريّة - ١٩٨٦ م.

٩

الأُسرة، كخطوة استباقيّة لما يجب أنْ تكون عليه الأُسرة المسلمة؛ تنحرف عن مسارها الذي رسمه لها كمؤسّسة تربويّة أساسيّة في المجتمع، وسوف نتناول هذا الموضوع من خلال المباحث التالية:

المبحث الأوّل

أساليب الإسلام في التشجيع على الزواج

يُمكن تحديد المنهج الإسلامي في التشجيع على الزواج، باعتباره النواة الأُولى لتكوين الأُسرة المسلمة في أُسلوبَي الترغيب على الزواج والترهيب من تركه الواردين في الكتاب الكريم والسنة المطهّرة.

أولاً: أُسلوب الترغيب:

قال تعالى: ( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) (النور:٣٢) (١) .

فهذه الآية تدلّ على أمرٍ إلهي في التشجيع على الزواج والوعد بتذليل العقَبات الاقتصاديّة التي تعتريه.

كما كشف لنا القرآن الكريم - وفي معرض الامتنان على البشريّة - عن أنّ الزواج آية من آياته الرحمانيّة التي تعمُّ جميع الناس، سواء منهم المسلم أم الكافر، ينعمون من خلاله بالسكينة والاطمئنان في أجواءٍ من المودّة والرحمة،

____________________

١) سورة النور: ٢٤ | ٣٢.

١٠

فقال عزَّ من قائل: ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) (١) .

وإذا طالعنا السُنّة المباركة نجد أنَّ الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد وضّح لنا الرغبة الإلهيّة للبناء الأُسري القائم على أساس الزواج وله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (ما بُني بناء في الإسلام أحبُّ إلى الله من التزويج) (٢) .

وحَرَص (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على إبراز المُعطيات الإيجابيّة للزواج تشجيعاً للشباب من أجل الإقدام عليه عندما قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (يا مَعشر الشباب، مَن استطاع منكم الباه فليتزوَّج، فإنّه أغضُّ للبَصر وأحصَنُ للفرج..) (٣) .

وبصرف النظر عمّا ورَد في النقل - من آيات وروايات - بخصوص الترغيب في الزواج فإنّ العقل يحكُم بضرورته لكونِه السبب المُباشر وراء تشكيل أوّل خليّة اجتماعيّة، هي الأسرة التي ترفد المجتمع بأفراد صالحين يُسهمون في بنائه وتطويره وفق أُسُس سليمة بعيدة عن أسباب الانحراف والابتذال.

ومن هذه الجهة يكشف لنا الإمام الرضا (عليه السلام) ضرورة الزواج الاجتماعيّة يستقل بإدراكها العقل بغضّ النظر عن الشرع، فيقول (عليه السلام): (لو لم يكن في المناكحة والمصاهرة آيةٌ مُحكمة منزلة، ولا سُنَّة متّبعة، لكان فيما جعل لله فيها من بِرّ القريب، وتآلف البعيد، ما رغب فيه العاقل اللبيب، وسارَع إليه المُوفّق المُصيب...) (٤) .

____________________

١) سورة الروم: ٣٠ | ٢١.

٢) مكارم الأخلاق | الطبرسي: ١٩٦.

٣) مكارم الأخلاق: ١٩٧.

٤) مكارم الأخلاق: ٢٠٦.

١١

كما أنَّ الزواج من السنن الاجتماعيّة، التي لم تزل دائرة في تاريخ النوع الإنساني إلى هذا اليوم، وهو دليل على كونه سُنّة فطريّة حافظت على بقاء النوع الإنساني؛ ذلك لأنّ الأنواع تبقى ببقاء نسلها، ناهيك عن أنّ الذكَر والأُنثى مُجهّزان بحسب البنية الجسمانيّة بوسائل التناسل والتوالد..

وكلاهما في ابتغاء ذلك شرع سواء، وإنْ زيدت الأُنثى بجهاز الإرضاع والعواطف الفطريّة المُلائمة لتربية الأولاد، وقد أودع تعالى كلا الجنسين غرائز إنسانية تنعطف إلى محبّة الأولاد ورعايتهم، وتنقضي بكون كل منهما مسكناً للآخر، وبلزوم تأسيس البيت، إذن فالفحشاء والسِّفاح الذي يَقطع النسل ويُفسد الأنساب أوّل ما تبغضه الفطرة الإنسانيّة القاضية بالنكاح (١) .

وممّا يدلّ على أنّ الزواج أمر فطري قول الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (من أحبّ فطرتي، فليستنَّ بسنتي، ومن سنتي التزويج) (٢) .

وعليه فالزواج يقف سدّاً منيعاً يحول دون الانحراف الجنسي، وهو من أفضل الوسائل الوقائيّة التي تحصّن الناس من الانزلاق إلى هاوية الرذيلة، وبالتالي الوقوع في الفتنة.

رُوي عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنّه قال: (نزل جبرئيل على النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال: يا محمّد إنّ ربّك يُقرؤك السلام ويقول: إنَّ الأبكار من النّساء بِمَنزلة الثمر على الشجر، فإذا أينع الثمر فلا دواء له إلاّ اجتنائه، وإلاّ أفسَدَته الشمس، وغيّرته الرّيح، وإنّ الأبكار إذا أدركن ما تدرك النّساء فلا دواء لهُن إلاّ البعول، وإلاّ لم يُؤمَن عليهنّ الفتنة، فصعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المنبر، فجَمَع

____________________

١) تفسير الميزان | العلاّمة الطباطبائي ٤: ٣١٢ - ٣١٣.

٢) مكارم الأخلاق: ١٩٧.

١٢

الناس، ثمّ أعلَمَهُم ما أمر الله عزَّ وجلَّ به) (١) .

ولم يكتفِ الإسلام بتشجيع الشباب من الجنسين على الزواج، بل دعا المسلمين إلى تحقيق أعلى درجة من المشاركة والتعاون، ومدّ يد العون لكلِّ من تضيق يده عن تهيئة الوسائل اللازمة للزواج، ووعد كلّ من يُساهم في هذا العمل الخيري بالثواب الجزيل، وثمّة شواهد نقليّة على هذا التوجه، منها.

قال الإمام زين العابدين (عليه السلام): (... ومن زوَّجه زوجة يأنس بها ويسكن إليها، آنَسَهُ الله في قبره بصورة أحبّ أهله إليه) (٢)

وقال حفيدُه الإمام الكاظم (عليه السلام): (ثلاثة يَستظلّون بظلّ عرش الله يوم لا ظلَّ إلاّ ظلّه: رجل زوّج أخاهُ المسلم، أو خدَمه أو كتَم له سرّاً) (٣) .

وفي هذا الإطار مَلحّة لتوسيع المشاركة الاجتماعيّة في هذه القضيّة الحيويّة، ودفع المسلمين للقيام بدور الوساطة بين الشباب المؤهّلين للزواج، وفتح قنوات الاتّصال والتعارف بين عوائلهم، وكذلك مدّ جُسور الفهم والتفاهم بين العروسين، وهي أمور لابدّ منها حتّى يكون الزواج عن قناعة ورضا وطيب نفس، وعلى نحوٍ مدروس، وليس قراراً ارتجالياً قد تترتّب عليه عواقب لا تُحمد عقباها.

ثمّ إنّ الوسيط أو الشفيع يُساهم مساهمة فعّالة في تذليل الصعوبات ورفع الموانع والعقبات التي تَعترض الجانبين، وقد أشادَ أميرُ المؤمنين (عليه السلام) بدور الشفيع أو الوسيط فقال: (أفضل الشفاعات أنْ يشفع بين اثنين في نكاح،

____________________

١) وسائل الشيعة ١٤: ٣٩ كتاب النكاح.

٢) ثواب الأعمال، للصدوق: ١٧٥ - ١٧٦.

٣) الخصال | الصدوق ١: ١٤١ باب الثلاثة.

١٣

حتّى يَجمَع شَملَهُما) (١) .

المُعطيات الإيجابية للزواج:

ومن ضمن أُسلوب (الترغيب) نجد من خلال نظرتنا الفاحصة للنصوص أنّ الإسلام يُبرز - بوضوح - المعطيات الإيجابيّة للزواج، ويُمكن تبويبها في النقاط التالية:

١ - الدخول في ولاية الله:

فلاشكّ أنّ مَن أقدم من الشباب على الزواج، أو مَن قدّم خدمة في هذا الشأن، امتثالاً لأمرِ الله تعالى، ورغبةً في رضاه، سوف يُدخله الله تعالى في ولايته، وقد ورد عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: (مَن نكَح لله وأنكَح لله استحقَّ ولاية الله) (٢) .

ويُفهم من ذلك بالدلالة الالتزاميّة أنّ مَن يُحجِم عن الزواج بدون سبب شرعي، أو مَن يَضَع العراقيل في هذا السبيل، فسوف يكون أقرب إلى ولاية الشيطان.

ولعلّ ذلك ما يُفسّر قول الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (أيّما شاب تزوّج في حَداثة سنّه عجّ شيطانه: يا ويله! عَصَمَ منّي دينه) (٣) .

٢ - امتثال سُنّة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم):

وهي سُنَّةٌ هاديةٌ راشدة تدفع من عمل بها نحو الصلاح، وتُؤدّي إلى الفوز والفلاح، وقد تجسّدت بأقوال الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) العديدة، التي حثَّ فيها الشباب

____________________

١) مكارم الأخلاق | الطبرسي: ١٩٦.

٢) المحجّة البيضاء | الكاشاني ٣: ٥٤ مؤسّسة الأعلمي ط٢.

٣) كنز العمّال ١٦: ٢٧٦ | ٤٤٤٤١.

١٤

على نبذ حياة العزوبيّة، كما جُسّدَت في أفعاله، فقد تزوّج مرّات عديدة، وزوّج بناته أيضاً، كما تمثّلت في تقريره، فَلَم يكتفِ بالسكوت عمّن يتزوّجون، بل كان يسأل أصحابه ومَن يُحيط به عن أخبار الزواج، فيُبارك لمَن تزوّج منهم ويدعو له، كما ويسأل العزّاب منهم عن سبب عزوفهم عن الزواج، و يُحاول حلّ مشاكلهم ويشفع أو يتوسّط لتسهيلها، وقد زوّج (جُوَيبِر) مع فقره المُدقِع من (الزلفاء) مع ما هي فيه من الجاه والثراء.

فالزواج - إذن - إضافةً إلى أنّه آية ربانيّة فهو سنّة نبويّة يتوجّب إتّباعها، والعمل بها، قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (النكاح سنّتي، فمَن رغِب عن سنّتي فَلَيس منّي...) (١) .

وانطلاقاً من هذا التوجّه النبوي، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) موصياً: (تزوّجوا، فإنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كثيراً ما كان يقول: مَن كان يُحبُّ أنْ يتَّبِع سُنّتي فليتزوّج، فإنَّ مِن سُنّتي التزويج) (٢) .

٣ - اكتساب الفضيلة العالية:

فالمتزوِّج أفضل عند الله تعالى ورسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الأعزب درجةً، وأجزل ثواباً، قال الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (المتزوّج النائم أفضل عند الله من الصائِم القائم العزِب) (٣) .

ورُوي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: (ركعتان يُصلّيها مُتزوّج أفضل من سبعين ركعة يُصلّيها أعزب) (٤) .

____________________

١) جامع الأخبار: ٢٧١ | ٧٣٧، كنز العمّال ١٦: ٢٧١ | ٤٤٤٠٧.

٢) تُحف العقول: ١٠٥.

٣) جامع الأخبار: ٢٧٢ | ٧٤١.

٤) ثواب الأعمال: ٦٢.

١٥

وعن أبي الحسن (عليه السلام) قال: (جاء رجلٌ إلى أبي جعفر (عليه السلام) فقال له: هل لك من زوجة؟ قال: لا، فقال أبو جعفر عليه السلام: لا أحبُّ أنّ ليَ الدنيا وما فيها وأنْ أبيت ليلةً وليس لي زوجة، ثمّ قال: إنّ ركعتين يُصلّيهما رجلٌ متزوِّج أفضل من رجلٍ أعزب يقومُ ليلهُ ويصوم نهاره) (١) .

ولعلَّ الوجه في هذا التفاضل، أنّ الأعزب يكون عُرضةً لضغط الغريزة الجنسيّة فيَشغل الجنس حيّزاً كبيراً من تفكيره ويكون محوراً لاهتمامه، الأمر الذي ينعكس - سلباً - على عبادته، التي تكتسب فضيلتها وكمالها من التوجّه الكلّي نحو المعبود، والابتعاد عمّا سواه.

وهناك من تضيق عدَسَة الرؤية لديه أو يفهم الدين فهماً قاصراً، فَيَرى أنّ الرهبانيّة تُكسب الإنسان فضلاً وكمالاً، كما هو الحال عند بعض النصارى وأهل التصوّف، ولكنّ أهل البيت (عليهم السلام) يرفضون هذا الفهم القاصر، فقد وَرَد عن الإمام الرضا (عليه السلام):

(إنَّ امرأة سألت أبا جعفر (عليه السلام) فقالت: أصلَحك الله إنّي مُتبتّلة، فقال لها: وما التبتّل عندك؟ قالت: لا أُريد التزويج أبداً، قال: ولِمَ؟ قالت: ألتمس في ذلك الفضل، فقال: انصرفي فلو كان في ذلك فضل لكانت فاطمة (عليها السلام) أحقُّ به منك، إنّه ليس أحدٌ يسبقها إلى الفضل) (٢) .

٤- الطهارة المعنويّة:

فممّا لا ريب فيه أنّ الزواج عامل مساعد على التطهّر من الآثام كالزنا، واللواط، وسائر أشكال الانحراف عن الطريق المستقيم، ومن أجل ذلك قال

____________________

١) مكارم الأخلاق: ١٩٧.

٢) أمالي الطوسي ١: ٣٨٠. وبحار الأنوار ١٠٣: ٢١٩.

١٦

الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (مَن سرّه أنْ يلقى الله طاهراً مُطهّراً، فَليَلقه بزوجةٍ صالحة) (١) .

فالزواج هو الطريق الطبيعي لرفد الأُمّة بعناصر شابّة، تُجدّد حيويّتها، وتقوم على أكتافهم نهضتها وصيرورة تقدّمها، ولذلك نلاحظ أنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد أفصَح أكثر من مرّة عن رغبتهِ في كثرة أفراد أمّته، ومن ذلك قوله: (تناكحوا، تكاثروا، فإنّي أُباهي بكم الأُمم يوم القيامة حتّّى بالسِّقط) (٢) .

٥ - زيادة الرزق وحسن الخلق:

لقد طمأن الله تعالى الذين يَخشون الدخول في عشّ الزوجيّة خوفاً من الفقر، وما يُوجبه من النفقة، قائلاً: ( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) (٣) .

وهو وعدٌ جميل بالغنى وسِعة الرزق، وقد أكّده بقوله ( واللهُ واسعٌ عليمٌ ) ، والرزق يتبع صلاحيّة المرزوق بمشيئةٍ مِن الله سبحانه (٤) .

وفي حديث الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما يقشع غيوم الهموم التي تتراكم في النفوس خوفاً من أعباء الزواج، فقد قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (التمسوا الرزق بالنكاح)، وأيضاً قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (تزوَّجوا النساء، فإنّهنَّ يأتين بالمال) (٥) .

وفي حديثٍ ثالثٍ يكشف لنا فيه عن مُعطيات أُخرى معنويّة للزواج، إضافةً

____________________

١) مكارم الأخلاق: ١٩٧.

٢) المحجّة البيضاء ٣: ٥٣.

٣) سورة النور: ٢٤ | ٣٢.

٤) تفسير الميزان ٥: ١١٣.

٥) مكارم الأخلاق: ١٩٦.

١٧

إلى المادّيّة عندما قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (زوّجوا أياماكُم، (١) فإنَّ الله يُحسِن لهم في أخلاقِهم، ويوسّع لهم في أرزاقهم، ويزيدهم في مُروّاتهم) (٢) .

وفي هذا الصدد يقول الإمام الصادق (عليه السلام): (مَن ترك التزويج مخافة الفقر، فقد أسَاء الظنّ بالله عزَّ وجلَّ) (٣) انطلاقاً من الآية المتقدّمة التي تتضمّن وعداً جميلاً بالمدد والمعونة.

ثانياً: أُسلوب الترهيب:

وبالإضافة إلى أُسلوب (الترغيب) الذي أشرنا إليه، فقد اتّبع الإسلام أُسلوب التنفير من العزوبة والتحذير من عواقبها، من أجل كسر أسوار العزلة، وقطع الطريق على الذين يَخلعون حزام العفة، ويُريدون التنصّل من المسؤوليّة الاجتماعيّة، فالمُلاحَظ أنّه يَشنّ على هؤلاء حملات شديدة، قال الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (شراركم عزّابكم، وأراذل موتاكم عزّابكم) (٤) .

فالامتناع عن الزواج بلا عُذرٍ صحيح مذموم ومكروه، ويجعل الفرد في زمرة المذنبين، ويقرّبه من دائرة الشيطان، إذ لا رهبانيّة في الإسلام كما هو معلوم، ومن الشواهد على ذلك أنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)

سأل رجلاً اسمه عكّاف:(ألك زوجة؟ قال: لا يا رسول الله، قال : ألك جارية؟ قال: لا يا رسول الله؟

____________________

١) الأيامى: جمع أيّم، وهو الذكر الذي لا أُنثى معه والأُنثى التي لا ذكر معها، تفسير الميزان ٥: ١١٢ - ١١٣.

٢) نوادر الراوندي: ٣٦، بحار الأنوار ١٠٣: ٢٢٢.

٣) مكارم الأخلاق: ١٩٧.

٤) كنز العمّال ١٦: ٢٧٧ | ٤٤٤٤٩.

١٨

قال: أفأنت مُوسِر؟ قال: نعم. قال: تزوّج وإلاّ فأنت من المذنبين).

وفي رواية (تزوّج وإلاّ فأنت من إخوان الشياطين) (١) .

ولقد بلغ الترهيب والتحذير لمثل هؤلاء المُمتنعين عن التزويج مخافة العِيلَة إلى أقصى حدوده، حين قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (مَن تَرَكَ التزويج مَخافَةَ العِيلَة فليس منّا) (٢) .

المبحث الثاني

أنواع الزواج

ينقسم الزواج إلى قسمين: دائم ومُنقطع، وكلّ منهما يحتاج إلى عقد مُشتمل على إيجاب وقبول دالَّين على إنشاء المعنى المقصود، والرِّضا به (النكاح المنقطع سائغ في دين الإسلام؛ لتحقّق شرعيّته، وعدم ما يدلّ على رفعه) (٣) .

ورُوي عن جابر قال: تمتّعنا مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأبي بكر، وما زلنا نتمتّع حتّى نهى عنها عُمر (٤) .

وعن عبد الله بن مسعود، قال: كنّا نغزو مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليس معنا نساء، فقلنا: يا رسول الله، ألا نَستَحصِن هنا بأجر؟ فأمَرَنا أنْ نَنكح المرأة بالثوب (٥) .

____________________

١) جامع الأخبار: ٢٧٢ | ٧٤٣.

٢) كنز العمّال ١٦: ٢٧٩ | ٤٤٤٦٠.

٣) شرائع الإسلام | المحقّق الحلي ٢: ٥٢٨ كتاب النكاح.

٤) وسائل الشيعة | الحر العاملي ١٤: ٤٤١ كتاب النكاح - أبواب المتعة.

٥) وسائل الشيعة ١٤: ٤٤٠.

١٩

ويدل عليه قوله تعالى: ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) (١) .

يقول العلاّمة الطباطبائي في معرض تفسيره للآية المتقدمة: (والمراد بالاستمتاع المذكور في الآية نكاح المتعة بلا شك، فإنّ الآية مدنيّة نازلة في سورة النساء في النصف الأوّل من عهد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، بعد الهجرة على ما يشهد به معظم آياتها، وهذا النكاح - أعني المتعة - كان دائراً بينهم، معمولاً عندهم في هذه البرهة من الزمن من غير شك، وقد أطبقت الأخبار على تسلّم ذلك، وأصل وجوده بينهم بمرأى من النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومَسمَعٍ منه لاشكّ فيه، وكان اسمه هذا الاسم، ولا يُعبّر عنه إلاّ بهذا اللفظّ، من كون قوله تعالى:

( فما استَمتَعتُم بهِ مِنُهنَّ ) ، محمولاً عليه مفهوماً منه هذا المعنى..

وجملة الأمر أنَّ المفهوم من الآية حكم نكاح المتعة، وهو المنقول عن القدماء من مُفسّري الصحابة والتابعين، كابن عبّاس، وابن مسعود، وأُبيّ بن كعب، وقتادة، ومجاهد، والسدّي، وابن جُبير، والحسن وغيرهم، وهو مذهب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) (٢) .

ويمكننا أنْ ننظر إلى هذا النوع من الزواج - الذي يُحاول البعض إثارة الجدل حوله - من زاوية العقل، فالملاحظ أنّ الناس ليس كلّهم بقادر على الزواج الدائم، سيّما في هذا العصر لأسباب اقتصاديّة، أو اجتماعيّة، أو نفسيّة أو غيرها، فيدور الأمر بين ثلاثة أمور: إمّا الكَبت الجنسي المُوجِب لأمراضٍ خطيرة، وأمّا الفساد والرذيلة الذي يُؤدّي إلى تفكّك بناء العائلة والمنظومة الاجتماعيّة، وامتهان الكرامة الإنسانيّة، وانعدام النسل السليم وانتشار الأمراض، وأمّا

____________________

١) سورة النساء: ٤ | ٢٤.

٢) تفسير الميزان ٤: ٢٧١ - ٢٧٢.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

١٠٩ ـ أخبرنا محمد بن إبراهيم المزكي ، حدَّثنا أبو عمرو بن مطر ، إملاء ، أخبرنا أبو خليفة ، حدَّثنا مسدد ، عن بشر ، حدَّثنا ابن عون ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال :

قال كعب بن عجزة : فيّ أنزلت هذه الآية ، أتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : ادنه ، فدنوت مرتين أو ثلاثاً ، فقال : أيؤذيك هَوَامُّك؟ قال ابن عون وأحسبه قال : نعم ، فأمرني بصيام أو صدقه أو نسك ما تيسر ، رواه مسلم عن أبي موسى ، عن ابن عدي ، [ورواه البخاري عن أحمد بن يونس عن ابن شهاب] ، كلاهما عن ابن عون.

١١٠ ـ أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الله المخلدي ، أخبرنا أبو الحسن السراج ، أخبرنا محمد بن يحيى بن سليمان المروزي ، حدَّثنا عاصم بن علي ، حدَّثنا شعبة ، أخبرني عبد الرحمن [بن] الأصفهاني ، سمعت عبد الله بن معقل قال :

قعدت إلى كعب بن عُجْرَة في هذا المسجد ـ مسجد الكوفة ـ فسألته عن هذه الآية :( فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) قال : حُملت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والقمل يتناثر على وجهي ، فقال : ما كنت أرى أن الجهد بلغ منك هذا ، ما تجد شاة؟ قلت : لا فنزلت هذه الآية :( فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) . قال : صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين ، لكل مسكين نصف صاع من طعام ، فنزلت فيّ خاصة

__________________

[١٠٩] أخرجه البخاري في الحج (١٨١٤ ، ١٨١٥ ، ١٨١٧ ، ١٨١٨) ، وفي المغازي (٤١٥٩ ، ٤١٩٠ ، ٤١٩١) ، وفي الطب (٥٦٦٥ ، ٥٧٠٣) ، وفي كفارات الأيمان (٦٧٠٨).

وأخرجه مسلم في الحج (٨٠ ، ٨١ ، ٨٢ ، ٨٣ / ١٢٠١) ، ص ٨٥٩ ، ٨٦٠ وأبو داود في المناسك (١٨٥٦ ، ١٨٥٧ ، ١٨٥٩ ، ١٨٦٠ ، ١٨٦١) ، والترمذي في الحج (٩٥٣) وقال حسن صحيح.

وفي التفسير (٢٩٧٣ م) ، (٢٩٧٤) والنسائي في الحج (في الكبرى).

وفي التفسير (٥٠) وانظر تحفة الأشراف (١١١١٤) وابن جرير (٢ / ١٣٥)

[١١٠] سبق برقم (١٠٨) ـ وعزاه السيوطي في الدر (١ / ٢١٤) لوكيع وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حيان والبيهقي.

٦١

ولكم عامة. رواه البخاري عن آدم بن أبي إياس وأبي الوليد ورواه مسلم عن بندار عن غندر ، كلهم عن شعبة.

١١١ ـ أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الصوفي ، أخبرنا محمد بن علي الغفاري ، أخبرنا إسحاق بن محمد [الرسعني] ، حدَّثنا جدي ، حدَّثنا المغيرة الصقلاني ، حدَّثنا عمر بن بشر المكي ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال :

لما نزلنا الحديبية جاء كعب بن عجرة ينتثر هَوَامُّ رأسه على جبهته ، فقال يا رسول الله ، هذا القمل قد أكلني قال : احلق وافده. قال : فحلق كعب فنحر بقرة ، فأنزل اللهعزوجل في ذلك الموقف :( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ ) الآية.

قال ابن عباس : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : الصيام ثلاثة أيام ، والنسك شاة ، والصدقة الفَرْقُ بين ستة مساكين ، لكل مسكين مدان.

١١٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد المنصوري ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، أخبرنا عبد الله بن المهتدي ، حدَّثنا طاهر بن عيسى بن إسحاق التميمي ، حدَّثنا زهير بن عباد ، حدَّثنا مصعب بن ماهان ، عن سفيان الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة قال :

مرّ به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو يوقد تحت قدر له بالحديبية فقال : أيؤذيك هَوَامُّ رأسك؟ قال : نعم ، قال : احلق. فأنزل الله هذه الآية :( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) . قال : فالصيام ثلاثة أيام ، والصدقة فرق بين ستة مساكين ، والنسك شاة.

[أخبرنا عبد الله بن عباس الهروي فيما كتب إليَّ : أن العباس بن الفضل بن زكريا حدثهم عن أحمد بن نجدة ، حدَّثنا سعيد بن منصور ، حدَّثنا أبو عوانة ، عن عبد الرحمن بن الأصفهاني ، عن عبد الله بن معقل قال :

__________________

[١١١] في إسناده : عمر بن قيس المكي وهو متروك.

[١١٢] سبق برقم (١٠٩) وأخرجه ابن جرير (٢ / ١٣٥) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

٦٢

كنا جلوساً في المسجد ، فجلس إلينا كعب بن عجرة فقال : فيّ أنزلت هذه الآية :( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ ) قال : قلت : كيف كان شأنك؟ قال : خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، محرمين ، فوقع القمل في رأسي ولحيتي وشاربي حتى وقع في حاجبي ، فذكرت ذلك للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : ما كنت أرى أن الجهد بلغ منك هذا ، ادعوا الحالق ، فجاء الحالق فحلق رأسي ، فقال : هل تجد نَسِيكَة؟ قلت : لا ، وهي شاة ، قال : فصم ثلاثة أيام أو أطعم ثلاثة آصُع بين ستة مساكين. قال فأنزلت فيّ خاصة ، وهي للناس عامة].

[٥٦]

قوله تعالى :( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى ) الآية. [١٩٧].

١١٣ ـ أخبرنا عمرو بن عمرو المُزَكَّي ، أخبرنا محمد بن المكي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، حدَّثنا يحيى بن بشير ، حدَّثنا شبابة ، عن ورقاء ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال :

كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ، يقولون : نحن المتوكلون ، فإذا قدموا مكة سألوا الناس ، فأنزل اللهعزوجل :( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى ) .

١١٤ ـ وقال عطاء بن أبي رباح : كان الرجل يخرج فيحمل كَلَّهُ على غيره ، فأنزل الله تعالى :( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى ) .

[٥٧]

قوله تعالى :( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) الآية. [١٩٨].

__________________

[١١٣] أخرجه البخاري في الحج (١٥٢٣) وأبو داود في المناسك (١٧٣٠) والنسائي في التفسير (٥٣) وفي السير في الكبرى.

وذكره ابن كثير في تفسيره وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٣٦).

وزاد نسبته في الدر (١ / ٢٢٠) لعبد بن حميد وابن المنذر وابن حبان والبيهقي في سننه.

[١١٤] مرسل ، ويتفق مع السابق.

٦٣

١١٥ ـ أخبرنا منصور بن عبد الوهاب البزار ، أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري ، عن شعيب بن [علي] الزَّرّاع ، حدَّثنا عيسى بن مساور ، حدَّثنا مروان بن معاوية الفزاري ، حدَّثنا العلاء بن المسيب ، عن أبي أمامة التيمي قال :

سألت ابن عمر فقلت : إِنا قوم نُكْرى في هذا الوجه ، وإن قوماً يزعمون أنه لا حج لنا. قال : ألستم تلبون ، ألستم تطوفون [أ لستم تسعون] بين الصفا والمروة؟ ألستم ألستم؟ قال [قلت] : بلى ، قال : إِن رجلاً سأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم عما سألت عنه فلم [يدر ما] يرد عليه حتى نزلت :( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) فدعاه فتلا عليه حين نزلت ، فقال : أنتم الحجاج.

١١٦ ـ أخبرنا أبو بكر التميمي ، حدَّثنا عبد الله بن محمد بن خشنام حدثنا أبو يحيى الرازي ، حدَّثنا سهل بن عثمان ، حدَّثنا يحيى بن أبي زائدة ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس قال :

كان ذو المجاز وعكاظ متجراً للناس في الجاهلية ، فلما جاء الإسلام كأنهم كرهوا ذلك حتى نزلت :( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) في مواسم الحج.

١١٦١ م ـ وروى مجاهد عن ابن عباس قال :

كانوا يتقون البيوع والتجارة في الحج يقولون : أيام ذكر اللهعزوجل : فأنزل

__________________

[١١٥] أخرجه أبو داود في الحج (١٧٣٣) والحاكم في المستدرك (١ / ٤٤٩) وصححه ووافقه الذهبي وأخرجه ابن جرير (٢ / ١٦٤).

وأخرجه أحمد في مسنده (٢ / ١٥٥).

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٣٧) وزاد نسبته في الدر (١ / ٢٢٢) لسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي.

[١١٦] أخرجه البخاري في الحج (١٧٧٠) وفي البيوع (٢٠٥٠) و (٢٠٩٨) وفي كتاب التفسير (٤٥١٩) ، وابن جرير (٢ / ١١٦) وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٣٧) وفي الدر (١ / ٢٢٢) وزاد نسبته لسفيان وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه.

[١١٦١] م ذكره المصنف بدون إسناد. وأخرجه أبو داود (١٧٣١) من طريق مجاهد عن ابن عباس وابن جرير (٢ / ١٦٥)

٦٤

الله تعالى :( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) فاتجروا.

[٥٨]

قوله تعالى :( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ ) الآية. [١٩٩].

١١٧ ـ أخبرنا التميمي بالإسناد [المتقدم] الذي ذكرنا ، عن يحيى بن هشام بن عروة ، عن أبيه عن عائشة قالت :

كانت العرب تفيض من عرفات ، وقريش ومن دان بدينها تفيض من جَمْع من المشعر الحرام ، فأنزل الله تعالى :( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ ) .

١١٨ ـ أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر المزكي ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن زكريا ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السَّرْخَسِي ، حدَّثنا أبو بكر بن أبي خَيْثَمةَ ، حدَّثنا حامد بن يحيى ، حدَّثنا سفيان بن عيينة ، أخبرني عمرو بن دينار ، أخبرني محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال :

أضللتُ بعيراً لي يوم عرفة ، فخرجت أطلبه بعرفة فرأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واقفاً مع الناس بعرفة ، فقلت : هذا من الحمس ما له هاهنا.

قال سفيان : والأحْمس : الشديد الشحيح على دينه.

وكانت قريش تسمى الحُمْسَ فجاءهم الشيطان فاستهواهم ، فقال لهم :

__________________

وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٢٧٧) من طريق عبيد بن عمير عن ابن عباس وصححه ووافقه الذهبي.

وعزاه في الدر (١ / ٢٢٢) لأبي داود.

[١١٧] أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٢٠) ومسلم في الحج (١٥١ / ١٢١٩) ص ٨٩٣ وأخرجه أبو داود في المناسك (١٩١٠).

والنسائي في الحج (٥ / ٢٥٤) وفي التفسير (٥٤) وابن جرير (٢ / ١٦٩) وزاد السيوطي نسبته في الدر (١ / ٢٢٦) لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي نعيم في الدلائل والبيهقي في سننه.

[١١٨] أخرجه البخاري في الحج (١٦٦٤).

وأخرجه مسلم في الحج (١٥٣ / ١٢٢٠) ص ٨٩٤ والنسائي في الحج (٥ / ٢٥٥).

وذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية وعزاه للإمام أحمد.

وزاد نسبته في الدر (١ / ٢٢٧) للطبراني.

٦٥

إنكم إن عظمتم غير حَرَمِكُم استخف الناسُ بحرمكم ، فكانوا لا يخرجون من الحرم ، ويقفون بالمزدلفة ، فلما جاء الإسلام أنزل اللهعزوجل :( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ ) يعني عرفة. رواه مسلم عن عمرو الناقد ، عن ابن عيينة.

[٥٩]

قوله تعالى :( فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ ) الآية. [٢٠٠]

١١٩ ـ قال مجاهد : كان أهل الجاهلية إذا اجتمعوا بالموسم ذكروا فعل آبائهم في الجاهلية ، وأيامهم وأنسابهم فتفاخروا ، فأنزل الله تعالى :( فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ) .

١٢٠ ـ وقال الحسن : كانت الأعراب إذا حدثوا أو تكلموا يقولون : وأبيك إنهم لفعلوا كذا وكذا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٦٠]

قوله تعالى :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ) الآية. [٢٠٤]

١٢١ ـ قال السدي : نزلت في الأَخَنْس بن شريق الثقفي ، وهو حليف بني زهرة أقبل إلى النبي ، ص ، إلى المدينة فأظهر له الإسلام وأعجب النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ذلك منه ، وقال إنما جئت أريد الإسلام ، والله يعلم إني لصادق ، وذلك قوله :( وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ ) ثم خرج من عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فمرّ بزرع لقوم من المسلمين وحمر ، فأحرق الزرع وعَقَرَ الحمر ، فأنزل الله تعالى فيه :( وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ) .

__________________

[١١٩] مرسل ، وأخرجه ابن جرير (٢ / ١٧٢) وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٣٨) وفي الدر (١ / ٢٣٢) وزاد نسبته لابن المنذر.

[١٢٠] مرسل.

[١٢١] أخرجه ابن جرير (٢ / ١٨١) بسنده عن السدي.

وذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية ـ والسيوطي في لباب النقول (ص ٣٨) وفي الدر (١ / ٢٣٨) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم.

٦٦

[٦١]

قوله تعالى :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) الآية. [٢٠٧].

١٢٢ ـ قال سعيد بن المسيب : أقبل صُهَيْب مهاجراً نحو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاتبعه نفر من قريش من المشركين ، فنزل عن راحلته ونثر ما في كنانته وأخذ قوسه ثم قال : يا معشر قريش ، لقد علمتم أني من أَرْمَاكم رجلاً ، وأيم الله لا تَصِلُون إلي حتى أرمي بما في كنانتي ، ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء ، ثم افعلوا ما شئتم ، فقالوا : دلنا على بيتك ومالك بمكة ونخلي عنك ، وعَاهَدُوه إنْ دلهم أن يَدَعُوه ، ففعل. فلما قدم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : أبا يحيى ربح البيع ، ربح البيع ، وأنزل الله :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) .

١٢٣ ـ وقال المفسرون : أخذ المشركون صهيباً فَعذبوه ، فقال لهم صهيب : إني شيخ كبير لا يضركم أمِنْكُمْ كنت أم من غيركم ، فهل لكم أن تأخذوا مالي وتَذَرُوني وديني؟ ففعلوا ذلك ، وكان قد شرط عليهم راحلة ونفقة ، فخرج إلى المدينة فتلقاه أبو بكر وعمر في رجال ، فقال له أبو بكر : ربح بيعك أبا يحيى ، فقال صهيب : وبيعك فلا يَخسر ما ذاك؟ فقال : أنزل الله فيك كذا ، وقرأ عليه هذه الآية.

١٢٤ ـ وقال الحسن : أتدرون فيمن نزلت هذه الآية في أن المسلم يلقى الكافر فيقول له : قل لا إله إلَّا الله ، فإذا قلتها عصمت مالك ودمك ، فأبى أن يقولها ، فقال المسلم : والله لأشرين نفسي لله ، فتقدم فقاتل حتى قتل.

__________________

[١٢٢] ذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية. وأخرجه الحاكم (٣ / ٤٠٠) من طريق سعيد بن المسيب عن صهيب وصححه ووافقه الذهبي ولكن ليس فيه نزول الآية ، وذكره السيوطي في اللباب (ص ٣٩) وفي الدر (١ / ٢٤٠) للحارث بن أبي أسامة في مسنده وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب.

[١٢٣] أخرج الحاكم في المستدرك (٣ / ٣٩٨) من حديث أنس قصة إسلام صهيب وفيها سبب نزول الآية وقال : صحيح على شرط مسلم.

[١٢٤] مرسل ، أخرجه ابن جرير (٢ / ١٨٧)

٦٧

١٢٥ ـ وقيل : نزلت فيمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر.

قال أبو الخليل : سمع عمر بن الخطاب إنساناً يقرأ هذه الآية فقال عمر : إنا لله قام رجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقتل.

[٦٢]

قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ) . [٢٠٨].

١٢٦ ـ [أخبرني أبو نعيم الأصفهاني فيما أذن في روايته عنه : أخبرنا سليمان بن أحمد ، حدَّثنا بكر بن سهل ، حدَّثنا عبد الغني بن سعيد ، عن موسى بن عبد الرحمن الصنعاني عن ابن جريج عن عطاء] عن ابن عباس [قال] :

نزلت هذه الآية في عبد الله بن سلام وأصحابه ، وذلك أنهم حين آمنوا بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قاموا بشرائعه وشرائع موسى ، فعظموا السبت ، وكرهوا لُحْمانَ الإبل وألبانها بعد ما أسلموا ، فأنكر ذلك عليهم المسلمون فقالوا : إنا نَقْوَى على هذا وهذا ، وقالوا للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن التوراة كتاب الله فدعنا فلنعمل بها فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٦٣]

قوله تعالى :( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ) الآية. [٢١٤].

١٢٧ ـ قال قتادة والسُّدِّي : نزلت هذه الآية في غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد والشدة والحر [والخوف] والبرد وضيق العيش وأنواع الأذى ، وكان كما قال الله تعالى :( وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ ) .

١٢٨ ـ وقال عطاء : لما دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأصحابه المدينة اشتد الضر

__________________

[١٢٥] أخرجه ابن جرير بإسناده (٢ / ١٨٧)

[١٢٦] في إسناده : ابن جريح مدلس ، وقد عنعنه.

وأخرجه ابن جرير (٢ / ١٨٩) من قول عكرمة ، وكذا ذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٣٩) وفي الدر (١ / ٢٤١) عن عكرمة.

[١٢٧] ذكره السيوطي في اللباب (ص ٣٩) وفي الدر (١ / ٢٤٣) وزاد نسبته لابن المنذر وابن جرير. وهو عند ابن جرير (٢ / ١٩٨)

[١٢٨] مرسل.

٦٨

عليهم لأنهم خرجوا بلا مال وتركوا ديارهم وأموالهم بأيدي المشركين ، وآثروا رضا الله ورسوله ، وأظهرت اليهود العداوة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأَسَرَّ قومٌ من الأغنياء النفاق ، فأنزل الله تعالى تطييباً لقلوبهم( أَمْ حَسِبْتُمْ ) الآية.

[٦٤]

قوله تعالى :( يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ ) الآية. [٢١٥].

١٢٨ م ـ قال ابن عباس في رواية أبي صالح : نزلت في عَمْرو بن الجموح الأنصاري ، وكان شيخاً كبيراً ذا مال كثير فقال : يا رسول الله ، بما ذا نتصدق؟وعلى من ننفق؟ فنزلت هذه الآية.

١٢٩ ـ وقال في رواية عطاء : نزلت [هذه] الآية في رجل أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إن لي ديناراً ، فقال : أنفقه على نفسك ، فقال : إن لي دينارين ، فقال : أنفقهما على أهلك ، فقال : إن لي ثلاثة ، فقال : أنفقها على خادمك ، فقال : إن لي أربعة ، فقال : أنفقها على والديك ، فقال : إن لي خمسة ، فقال : أنفقها على قرابتك ، فقال : إن لي ستة ، فقال : أنفقها في سبيل الله ، وهو أحسنها.

[٦٥]

قوله تعالى :( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ ) الآية. [٢١٧].

١٢٩١ م ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشيرازي ، حدَّثنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن خِمَيْرُوَيْهِ الهروي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخزاعي ، حدَّثنا أبو اليمان : الحكم بن نافع ، أخبرني شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، قال :

أخبرني عروة بن الزبير أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بعث سرّية من المسلمين وأمرَ

__________________

[١٢٨] م إسناده ضعيف : أبو صالح لم يسمع من ابن عباس.

[١٢٩] بدون إسناد.

[١٢٩١] م ذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية. وهو مرسل. وله شاهد موصول من حديث جندب بن عبد الله أخرجه الطبراني (٢ / ١٦٢ رقم ١٦٧٠) وفيه : فأنزل الله( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ ) الآية. وأخرجه أبو يعلى (٣ / ١٠٢) وأخرجه البيهقي في السنن (٩ / ١١ ـ ١٢)

٦٩

عليهم عبد الله بن جَحْش الأَسدي ، فانطلقوا حتى هبطوا نَخْلَة فوجدوا بها عمرو بن الحضرمي في عير تجارة لقريش ، في يوم بقي من الشهر الحرام ، فاختصم المسلمون فقال قائل منهم : لا نعلم هذا اليوم إلَّا من الشهر الحرام ، ولا نرى أن تستحلوه لطمع أَشْفَيْتُم عليه. فغلب عَلَى الأمْر الذين يريدون عرض الدنيا ، فشدوا على ابن الحضرمي فقتلوه وغنموا عيره ، فبلغ ذلك كفار قريش ، وكان ابن الحضرمي أول قتيل قتل بين المسلمين وبين المشركين ، فركب وفد من كفار قريش حتى قدموا على النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : أَتُحِلُّ القتال في الشهر الحرام؟ فأنزل الله تعالى :( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ ) إلى آخر الآية.

١٣٠ ـ أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الحارثي ، أخبرني عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدَّثنا عبد الرحمن بن محمد الرازيّ ، حدَّثنا سهل بن عثمان ، حدَّثنا يحيى بن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق ، عن الزّهري قال.

بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عبد الله بن جحش ومعه نفر من المهاجرين ، فقتل عبد الله بن وَاقِد الليثي عمرو بن الحضرمي ، في آخر يوم من رجب وأسروا رجلين ، واستاقوا العير ، فوقف على ذلك النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقال : لم آمركم بالقتال في الشهر الحرام. فقالت قريش : استحل محمد الشهر الحرام ، فنزلت( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ ) إلى قوله :( وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ) . أي قد كانوا يفتنونكم وأنتم في حرم الله بعد إيمانكم ، وهذا أكبر عند الله من أن تقتلوهم في الشهر الحرام مع كفرهم بالله.

قال الزهري : لما نزل هذا قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم العير وفَادَى الأسيرين. ولما فرّج الله تعالى عن أهل تلك السرية ما كانوا فيه من غم ، طمعوا فيما عند الله من ثوابه ، فقالوا : يا نبي الله أنطمع أن تكون غزوة ولا نعطى فيها أجر المجاهدين في سبيل الله ، فأنزل الله تعالى فيها :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا ) الآية.

__________________

[١٣٠] مرسل. وقد ذكرت في الحديث السابق شاهد مسند صحيح.

٧٠

١٣١ ـ قال المفسرون : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عبد الله بن جحش ، وهو ابن عمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في جمادى الآخرة ، قبل قتال بدر بشهرين ، على رأس سبعة عشر شهراً من مقدمه المدينة ، وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين : سعد بن أبي وقّاص الزهري ، وعُكَّاشَة بن محْصَن الأسدي ، وعُتْبة بن غَزْوان السلمي ، وأبا حُذَيْفَة بن عتبة بن ربيعة ، وسُهَيْل بن بيضاء ، وعامر بن ربيعة ، ووَاقِد بن عبد الله ، وخالد بن بُكَيْر ، وكتب لأميرهم عبد الله بن جحش كتاباً وقال : سر على اسم الله ، ولا تنظر في الكتاب حتى تسير يومين ، فإذا نزلت منزلين فافتح الكتاب واقرأه على أصحابك ، ثم امض لما أمرتك ، ولا تستكرهن أحداً من أصحابك على المسير معك ، فسار عبد الله يومين ، ثم نزل وفتح الكتاب فإذا فيه : «بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد ، فسر على بركة الله بمن تبعك من أصحابك حتى تنزل بطن نَخْلَةَ ، فترصَّد بها عير قريش لعلّك أن تأتينا منه بخبر» فلما نظر عبد الله في الكتاب قال : سمعاً وطاعة ، ثم قال لأصحابه ذلك وقال : إنه قد نهاني أن أستكره أحداً منكم ، حتى إذا كان بِمَعْدِن فوق الفُرُع ، وقد أضل سعد بن أبي وقّاص وعُتْبة بن غَزْوان بعيراً لهما كانا يَعْتَقِبَانِه ، فاستأذنا أن يتخلفا في طلب بعيرهما ، فأذن لهما ، فتخلفا في طلبه ، ومضى عبد الله ببقية أصحابه حتى وصلوا بَطْنَ نَخْلة بين مكة والطائف ، فبيناهم كذلك إذ مرت بهم عير لقريش تحمل زبيباً وأَدَماً وتجارة من تجارة الطائف ، فيهم عمرو بن الحَضْرَمِيّ ، والحكم بن كَيْسَان ، وعثمان بن عبد الله بن المغيرة ، ونَوْفل بن عبد الله ، المَخْزُومِيَّان. فلما رأوا أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، هابوهم ، فقال عبد الله بن جحش : إن القوم قد ذعروا منكم ، فاحلقوا رأس رجل منكم فليتعرض لهم ، فإذا رأوه محلوقاً أمنوا وقالوا : قوم عُمَّار ، فحلقوا رأس عُكَّاشَة ، ثم أشرف عليهم فقالوا : قوم عُمَّار لا بأس عليكم. فأمنوهم ، وكان ذلك في آخر يوم من جمادى الآخرة ، وكانوا يرون أنه من جمادى أو هو رجب ، فتشاور القوم فيهم وقالوا : لئن تركتموهم هذه الليلة ليَدخلُن الحَرَم فليمتنعن منكم ، فأجمعوا أمرهم في مُوَاقَعَة القوم ، فرمى وَاقِد بن عبد الله التَّمِيمِي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله ، فكان أول قتيل من المشركين ، واستأسر الحكم

__________________

[١٣١] يتفق مع الحديث السابق.

٧١

وعثمان ، فكانا أول أسيرين في الإسلام. وأفلت نوفل وأعجزهم. واستاق المؤمنون العير والأسيرين حتى قدموا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بالمدينة فقالت قريش : قد استحل محمد الشهر الحرام ، شهراً يأمن فيه الخائف ويَبْذَعِرُّ الناس لمعاشهم ، فسفكَ فيه الدماء وأخذ فيه الحَرَائب ، وعير بذلك أهلُ مكة من كان بها من المسلمين فقالوا : يا معشر الصُّبَاة ، استحللتم الشهر الحرام فقاتلتم فيه. وتفاءلت اليهود بذلك وقالوا وَاقِد : وقَدَت الحرب وعمْرو : عَمَرَت الحرب والحَضْرَمي : حَضَرَت الحرب ، وبلغ ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال لابن جحش وأصحابه : ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام ، ووقَّفَ العير والأسيرين ، وأبى أن يأخذ من ذلك شيئاً ، فعظم ذلك على أصحاب السرية ، وظنوا أن قد هلكوا ، وسُقِطَ في أيديهم ، وقالوا : يا رسول الله ، إنا قتلنا ابن الحضرمي ثم أمسينا فنظرنا إلى هلال رجب ، فلا ندري أفي رجب أصبناه أو في جمادى؟ وأكثر الناس في ذلك ، فأنزل الله تعالى :( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ ) الآية. فأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم العير فعزل منها الخمس ، فكان أول خمس في الإسلام ، وقسم الباقي بين أصحاب السَّرِيَّة فكان أول غنيمة في الإسلام. وبعث أهل مكة في فداء أسيريهم فقال : بل نَقِفُهما حتى يقدم سعد وعتبة ، فإن لم يقدما قتلناهما بهما. فلما قدما فاداهما.

وأما الحكم بن كَيْسَان فأسلم وأقام مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمدينة فقتل يوم بئر معونة شهيداً.

وأما عثمان بن عبد الله فرجع إلى مكة فمات بها كافراً.

وأما نَوْفَل فَضَرَب بطنَ فرسه يوم الأحزاب ليدخل الخندق على المسلمين فوقع في الخندق مع فرسه فتحطما جميعاً. فقتله الله تعالى وطلب المشركون جيفته بالثمن ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : خذوه فإنه خبيث الجيفة ، خبيث الدية.

فهذا سبب نزول قوله تعالى :( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ ) والآية التي بعدها.

[٦٦]

قوله تعالى :( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) الآية (٢١٩].

٧٢

١٣٢ ـ نزلت في عمر بن الخطاب ، ومُعَاذ بن جبل ، ونفر من الأنصار أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : أفتنا في الخمر والميسر فإنهما مَذْهَبَةٌ للعقل مَسْلَبَةٌ للمال ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٦٧]

قوله تعالى :( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى ) الآية. [٢٢٠].

١٣٣ ـ أخبرنا أبو منصور عبد القاهر بن طاهر ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج ، حدثنا الحسن بن المُثَنَّى بن معاذ ، حدثنا أبو حُذَيْفَة موسى بن مسعود ، حدثنا سفيان الثَّورِي ، عن سالم الأَفْطَس ، عن سعيد بن جُبَيْر قال :

لما نزلت :( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً ) عزلوا أموالهم [عن أموالهم] فنزلت :( قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ) فخلطوا أموالهم بأموالهم.

١٣٤ ـ أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد ، أخبرنا أبو علي الفقيه ،

__________________

[١٣٢] أخرج الترمذي في التفسير (٣٠٤٩ ـ ٣٠٤٩ مكرر) وأبو داود في الأشربة (٣٦٧٠) والنسائي في الأشربة (٨ / ٢٨٦) من طريق عمرو بن شرحبيل عن عمر أنه قال : اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء فنزلت التي في البقرة( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) الآية فدعي عمر فقرئت عليه فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء فنزلت التي في النساء( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ) فدعي فقرئت عليه ثم قال : اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء فنزلت التي في المائدة( إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) فدعي فقرئت عليه فقال : انتهينا انتهينا هذا لفظ الترمذي.

وأخرجه الحاكم (٢ / ٢٧٨) وعزاه في الدر (١ / ٢٥٢) لابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي والضياء في المختارة.

وانظر رقم (٤١٣)

[١٣٣] مرسل ، وسيأتي موصولاً برقم (١٣٤)

[١٣٤] أخرجه أبو داود في الوصايا (٢٨٧١).

والنسائي في الوصايا (٦ / ٢٥٦).

والحاكم في المستدرك (٢ / ٢٧٨) وصححه ووافقه الذهبي. وابن جرير (٢ / ٢١٧).

وذكره السيوطي (ص ٤١) في لباب النقول.

٧٣

أخبرنا عبد الله بن محمد البَغوي ، حدثنا عثمان بن أبي شَيْبَة ، حدثنا جرير ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال :

لما أنزل اللهعزوجل :( وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) و( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً ) انطلق من كان عنده مال يتيم فعزل طعامه من طعامه ، وشرابه من شرابه ، وجعل يَفْضُلُ الشيء مِنْ طعامه فَيُحْبَسُ له حتى يأكله أو يَفْسُد ، واشتد ذلك عليهم ، فذكروا ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنزل اللهعزوجل :( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ ) فَتَخْلِطُوا طعامهم بطعامكم وشرابهم بشرابكم.

[٦٨]

قوله تعالى :( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ ) الآية. [٢٢١].

١٣٥ ـ أخبرنا أبو عثمان بن أبي عمرو الحافظ ، أخبرنا جدي [أخبرنا] أبو عمرو أحمد بن محمد الجُرَشي ، حدَّثنا إسماعيل بن قُتْيَبة ، حدَّثنا أبو خالد ، حدَّثنا بُكَيْر بن معروف ، عن مقاتل بن حيان قال :

نزلت في أبي مَرْثَد الغَنَوِي : استأذن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في عَنَاق أن يتزوجها ، وهي امرأة مسكينة من قريش ، وكانت ذات حظ من جمال ، وهي مشركة ، وأبو مرثد مسلم ، فقال : يا نبي الله ، إنها لتعجبني ، فأنزل اللهعزوجل ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ ) .

١٣٦ ـ أخبرنا أبو عثمان ، أخبرنا جدي ، أخبرنا أبو عمرو ، حدَّثنا محمد بن

__________________

وزاد نسبته في الدر (١ / ٢٥٥) لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه.

[١٣٥] مرسل ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٤١) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم والواحدي وذكره في الدر (١ / ٢٥٦)

[١٣٦] إسناده حسن ، عمرو بن حماد : قال الحافظ في التقريب : صدوق رُمي بالرفض ، أسباط بن نصر : صدوق كثير الخطأ ، السدي : هو إسماعيل بن عبد الرحمن السدي : صدوق يهم ورمي بالتشيع ، أبو مالك اسمه غزوان : ثقة.

٧٤

يحيى ، حدَّثنا عمرو بن حماد(١) ، حدَّثنا أَسْبَاط ، عن السُّدِّي ، عن أبي مالك ، عن ابن عباس في هذه الآية قال :

نزلت في عبد الله بن رَوَاحَة ، وكانت له أمة سوداء ، وإنه غضب عليها فلطمها ، ثم إنه فَزَعَ فأتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأخبره خبرها ، فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما هي يا عبد الله؟ فقال : يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، هي تصوم وتصلّي وتحسن الوضوء وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله. فقال : يا عبد الله هذه مؤمنة. فقال عبد الله : فو الذي بعثك بالحق [نبياً] لأُعْتِقَنَّها ولأتزوجنها ففعل ، فطعن عليه ناسٌ من المسلمين فقالوا : نكح أمَةً! وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أحسابهم ، فأنزل الله تعالى فيهم :( وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ) الآية.

١٣٧ ـ وقال الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس :

إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بعث رجلاً من غَنِيّ يقال له : مرثد بن أبي مرثد ، حليفاً لبني هاشم ، إلى مكة ليخرج نَاساً من المسلمين بها أُسَرَاء ، فلما قَدِمَها سمعت به امرأة يقال لها : عَنَاق ، وكانت خليلة له في الجاهلية ، فلما أسلم أعرض عنها ، فأتته فقالت : ويحك يا مرثد ألا نخلو؟ فقال لها : إن الإسلام قد حال بيني وبينك وحرمه علينا ، ولكن إن شئت تزوجتك ، إذا رجعت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، استأذنته في ذلك ثم تزوجتك. فقالت له أبي تتبرم؟ ثم استغاثت عليه فضربوه ضرباً شديداً ، ثم خلوا سبيله. فلما قضى حاجته بمكة انصرف إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، راجعاً وأعلمه الذي كان من أمره وأمر عناق وما لقي في سببها ، فقال : يا رسول الله أيحل لي أن أتزوجها؟ فأنزل الله ينهاه عن ذلك قوله :( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ ) .

[٦٩]

قوله تعالى :( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ) الآية. [٢٢٢].

__________________

وقد أخرجه بن جرير (٢ / ٢٢٣) عن السدي مرسلاً.

[١] هكذا بالأصل والصواب : عمرو بن حماد والتصويب من ابن جرير (٢ / ٢٢٣)

[١٣٧] إسناده ضعيف لضعف الكلبي.

٧٥

١٣٨ ـ أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد بن جعفر ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدَّغُولي ، حدَّثنا محمد بن مِسْكَان ، حدَّثنا حيان ، حدَّثنا حماد ، أخبرنا ثابت ، عن أنس :

أن اليهود كانت إذا حاضت منهم امرأة أخرجوها من البيت ، فلم يُؤَاكِلُوهَا ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيوت ، فسئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم عن ذلك ، فأنزل اللهعزوجل :( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ ) إلى آخر الآية.

رواه مسلم عن زهير بن حرب ، عن عبد الرحمن بن مَهْدِي ، عن حماد.

١٣٩ ـ أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الخَشَّاب ، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، حدَّثنا أبو عِمْرَان موسى بن العباس الجُوَيْنِي ، حدَّثنا محمد بن عبيد الله بن يزيد القَرْدُواني الحَرَّاني ، حدَّثني أبي ، عن سَابق بن عبد الله الرّقِّي ، عن خُصَيْف ، عن محمد بن المُنْكَدِر ، عن جابر [بن عبد الله] ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في قوله تعالى :( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً ) قال :

إن اليهود قالت : من أتى امرأته من دبرها كان ولده أَحْوَل ، فكان نساء الأنصار لا يدعن أزواجهن يأتونهن من أدبارهم ، فجاءوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسألوه عن إتيان الرجل امرأته وهي حائض ، وعما قالت اليهود ، فأنزل اللهعزوجل :( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ

__________________

[١٣٨] أخرجه مسلم في كتاب الحيض (١٦ / ٣٠٢) ص ٢٤٦ ، وأخرجه أبو داود في الطهارة (٢٥٨) وفي النكاح (٢١٦٥) وأخرجه الترمذي في التفسير (٢٩٧٧ ـ ٢٩٧٧ م) وقال : حسن صحيح وأخرجه النسائي في الطهارة (١ / ١٨٧).

وفي التفسير (٥٧).

وفي عشرة النساء (٢١٥).

وابن ماجة في الطهارة (٦٤٤) ـ تحفة الأشراف (٣٠٨) ـ وذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (١ / ٢٥٨) لأحمد وعبد بن حميد والدارمي وأبي يعلى وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن حبان والبيهقي في سننه.

[١٣٩] سيأتي برقم (١٤١)

٧٦

حَتَّى يَطْهُرْنَ ) يعني الاغتسال( فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) يعني القُبُل( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ* نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) فإنما الحرث حيث ينبت الولد ويخرج منه.

١٤٠ ـ وقال المفسرون : كانت العرب في الجاهلية إذا حاضت المرأة [منهم] لم يُؤاكلوها ولم يشاربوها ، ولم يساكنوها في بيت ، كفعل المجوس ، فسأل أبو الدَّحْدَاح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عن ذلك فقال : يا رسول الله ما نصنع بالنساء إذا حضن. فأنزل الله هذه الآية.

[٧٠]

قوله تعالى :( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) الآية. [٢٢٣].

١٤١ ـ أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ، أخبرنا حاجب بن أحمد ، حدَّثنا عبد الرحيم بن مُنِيب ، حدَّثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن المنكدر ، أنه سمعَ جابرَ بن عبد الله يقول :

كانت اليهود تقول في الذي يأتي امرأته من دبرها في قبلها : إن الولد يكون أحول ، فنزل :( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) .

رواه البخاري عن أبي نعيم.

ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، كلاهما عن سفيان.

١٤٢ ـ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، أخبرنا أبو سعيد

__________________

[١٤٠] يتفق مع حديث أنس السابق برقم (١٣٨)

[١٤١] أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٢٨) وأخرجه مسلم في النكاح (١١٧ / ١٤٣٥) ص ١٠٥٨ والترمذي في التفسير (٢٩٧٨) والنسائي في عشرة النساء (٩٣) ، وابن ماجة في النكاح (١٩٢٥) ، وأخرجه ابن جرير (٢ / ٢٣٥) من طريق الثوري وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٤٢).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (١ / ٢٦١) لابن أبي شيبة وعبد بن حميد ووكيع وأبي داود وأبي نعيم في الحلية والبيهقي في سننه.

[١٤٢] إسناده صحيح : أخرجه أبو داود في النكاح (٢١٦٤) والحاكم في المستدرك (٢ / ٢٧٩) وصححه ووافقه الذهبي.

وأخرجه ابن جرير (٢ / ٢٣٤) ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٤٣) وزاد نسبته في الدر (١ / ٢٦٣) ، لابن راهويه والدارمي وابن المنذر والطبراني والبيهقي في سننه.

٧٧

إسماعيل بن أحمد الخَلالي ، أخبرنا عبد الله بن زيد البجلي ، حدَّثنا أبو كُرَيب ، حدَّثنا المُحَارِبي ، عن محمد بن إسحاق ، عن أبان بن مسلم ، عن مجاهد قال :

عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عَرْضات من فاتحة الكتاب إلى خاتمته ، أُوقِفُه عند كل آية منه فأسأله عنها حتى انتهى إلى هذه الآية :( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) فقال ابن عباس : إنّ هذا الحيّ من قريش كانوا يَشْرَحُون النساء [بمكة] ، ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات ، فلما قدموا المدينة تزوجوا من الأنصار ، فذهبوا ليفعلوا بهن كما كانوا يفعلون بمكة ، فأنكرن ذلك وقلن : هذا شيء لم نكن نُؤَتى عليه. فانتشر الحديث حتى انتهى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنزل الله تعالى في ذلك :( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) قال : إن شئت مقبلة ، وإن شئت مدبرة ، وإن شئت باركة ، وإنما يعني بذلك موضع الولد للحرث. يقول : ائت الحرث حيث شئت.

رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه ، عن أبي زكريا الْعَنْبَرِي ، عن محمد بن عبد السلام ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن المُحَارِبي.

١٤٣ ـ أخبرنا سعيد بن محمد الحيّاني ، أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه ، أخبرنا أبو القاسم البَغَوي ، حدَّثنا علي بن جَعْد ، حدَّثنا شعْبَة ، عن محمد بن المُنْكِدر ، سمعت جابراً قال :

قالت اليهود : إن الرجل إذا أتى امرأته باركة كان الولد أحول ، فأنزل اللهعزوجل :( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) الآية.

١٤٤ ـ أخبرنا سعيد بن محمد الحيّاني ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن

__________________

وأخرجه ابن جرير (٢ / ٢٣٤) ، وكذره السيوطي في لباب النقول (ص ٤٣) وزاد نسبته في الدر (١ / ٢٦٣) ، لابن راهويه والدارمي وابن المنذر والطبراني والبيهقي في سنته.

[١٤٣] أخرجه مسلم في النكاح (١١٩ / ١٤٣٥) ص ١٠٥٩.

وانظر الحديث رقم (١٤١)

[١٤٤] أخرجه مسلم في النكاح (١١٩ / ١٤٣٥) ص ١٠٥٩.

وقد سقط الزهري من إسناد المصنف ، فالإسناد عند مسلم : النعمان بن راشد عن الزهري عن محمد به.

وانظر الحديث رقم (١٤١)

٧٨

حمدون ، أخبرنا أحمد بن الحسن بن الشَّرَقي ، حدَّثنا أبو الأزْهَر ، حدّثنا وهب بن جرير ، حدَّثنا أبو كريب ، قال : سمعت النعمان بن راشد [يحدث عن الزُّهْرِي] عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال :

قالت اليهود : إذا نكح الرجل امرأته مُجَبِّيَةً جاء ولدها أحول ، فنزلت( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) إن شاء مُجَبِّيَة وإن شاء غير مُجَبِّيَة ، غير أن ذلك في صمام واحد.

رواه مسلم عن هارون بن معروف ، عن وهب بن جرير.

قال الشيخ أبو حامد بن الشرقي : هذا حديث جليل يساوي مائة حديث ، لم يروه عن الزهري إلَّا النعمان بن راشد.

١٤٥ ـ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الْمُطَوِّعِيُّ ، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، أخبرنا أبو علي ، حدَّثنا زهير ، حدَّثنا يونس بن محمد ، حدَّثنا يعقوب القُمِّي ، حدَّثنا جعفر ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس قال :

جاء عمر بن الخطاب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : هلكت. فقال : وما الذي أهلكك؟ قال : حوّلت رَحْلِي الليلة ، قال : فلم يرد عليه شيئاً ، فأوحي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، هذه الآية :( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) يقول : أقبل وأدبر ، واتق الدبر والحيضة.

١٤٦ ـ أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الأصفهاني ، أخبرنا عبد الله بن محمد

__________________

[١٤٥] أخرجه الترمذي في كتاب التفسير (٢٩٨٠) وقال حسن غريب.

والنسائي في عشرة النساء (٩٤).

وأخرجه النسائي في التفسير (٦٠).

وأحمد في مسنده (١ / ٢٩٧).

وابن جرير (٢ / ٢٣٥).

والبيهقي في السنن (٧ / ١٩٨) والطبراني في الكبير (١٢ / ١٠ ـ ١١) والخرائطي في مساوئ الأخلاق (٤٦٥) وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٤٢) ، وزاد نسبته في الدر (١ / ٢٦٢) لعبد بن حميد وأبي يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والضياء في المختارة.

[١٤٦] مرسل ، وأخرجه ابن جرير (٢ / ٢٣٤) ، وزاد السيوطي نسبته من الدر (١ / ٢٦٧) لابن أبي شيبة.

وأخرج الحاكم في المستدرك (٢ / ٢٧٩) مثله من قول ابن عباس وصححه ووافقه الذهبي.

٧٩

الحافظ ، حدَّثنا أبو يحيى الرازي ، حدَّثنا سهل بن عثمان ، حدَّثنا المحاربي عن ليث ، عن أبي صالح ، عن سعيد بن المسيب ، أنه سئل عن قوله :( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) قال : نزلت في العزل.

١٤٧ ـ وقال ابن عباس في رواية الكلبي :

نزلت في المهاجرين لما قدموا المدينة ذكروا إتيان النساء فيما بينهم ، والأنصار واليهود من بين أيديهن ومن خلفهن ، إذا كان المأتي واحداً في الفرج ، فعابت اليهود ذلك إلا من بين أيديهن خاصة ، وقالوا : إنا لنجد في كتاب الله في التوراة أنّ كل إتيان يؤتي النساء غير مستلقيات دَنَسٌ عند الله ومنه يكون الحول والخبل. فذكر المسلمون ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقالوا : إنا كنا في الجاهلية وبعد ما أسلمنا نأتي النساء كيف شئنا. وإن اليهود عابت علينا ذلك وزعمت لنا كذا وكذا. فأكذب الله تعالى اليهود ونزل عليه يرخص لهم( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) يقول : الفرج مزرعة للولد( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) يقول : كيف شئتم من بين يديها ومن خلفها في الفرج.

[٧١]

قوله تعالى :( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ ) . [٢٢٤].

١٤٨ ـ قال الكلبي : نزلت في عبد الله بن رَوَاحَة ينهاه عن قطيعة خَتِنَه بشير بن النعمان ، وذلك أن ابن رَوَاحَة حلَف أن لا يدخل عليه أبداً ، ولا يكلمه ، ولا يصلح بينه وبين امرأته ، ويقول : قد حلفت بالله أن لا أفعل ولا يحل [لي] إلا أن أبَرَّ في يميني فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٧٢]

قوله تعالى :( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ) الآية. [٢٢٦].

١٤٩ ـ أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل ، حدَّثنا محمد بن يعقوب ، حدَّثنا

__________________

[١٤٧] انظر الأحاديث السابقة.

[١٤٨] الكلبي ضعيف.

[١٤٩] أخرجه الطبراني في الكبير (١١ / ١٥٨) والبيهقي في السنن (٧ / ٣٨١) وأخرجه سعيد بن منصور

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113