الأسرة في المجتمع الإسلامي

الأسرة في المجتمع الإسلامي50%

الأسرة في المجتمع الإسلامي مؤلف:
تصنيف: الأسرة والطفل
الصفحات: 113

الأسرة في المجتمع الإسلامي
  • البداية
  • السابق
  • 113 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 79995 / تحميل: 7100
الحجم الحجم الحجم
الأسرة في المجتمع الإسلامي

الأسرة في المجتمع الإسلامي

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

كمُجتمع صغير، وبينها وبين المُجتمع الكبير، ومن هنا جاء في موعظة النبي (صلّى الله عليه واله وسلّم) للإمام علي (عليه السلام): (... يا عليّ، أحسِن خُلقك مع أهلِك وجِيرانِك ومَن تُعاشِر وتُصاحِبُ مِن الناس، تُكتَب عند الله في الدّرجات العُلى) (١) .

وفي جهة أُخرى فإنّ سُوء الخُلق يَغرس في مُحيط العائلة بذور الخلاف، ويُنتج النفرة من البيت، ويولّد الملل للأهل،

يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (سوء الخُلق يُوحش القريب ويُنفر البعيد)، (٢) ويقول أيضاً في خطبته المعروفة بـ (الوسيلة): (ومن ضاق خُلقه ملّه أهلُه) (٣) . والملاحظ في ضوء النصوص الدينيّة أنّها تُركّز على أربع خصال أخلاقيّة لها مدخليّة كُبرى في توثيق وإدامة الحياة الزوجيّة وهي:

أ - الصبر الجميل:

وهو تحمّل الزوجين لتصرّفات أحدهما الآخر بدون بثّ الشكوى للآخرين، الذي يؤدّي إلى تدخّلات تعيق مسير الحياة الزوجيّة، علما بأنّ هذا الصبر سوف يكسِب الزوجين الثواب الجزيل، قال الرسول (صلّى الله عليه واله وسلّم) في خطبته الجامعة في المدينة قبيل رحيله: (.. ومن صَبر على سوء خُلق امرأته واحتسبَه، أعطاه الله تعالى بكلِّ يومٍ وليلةٍ يصبر عليها مِن الثواب ما أعطى أيّوب (عليه السلام) على بلائه، وكان عليها مِن الوزر في كلِّ يومٍ وليلة مثل رملٍ عالِج.. ومن كانت له امرأة لم توافقه، ولم تَصبر على مارزقه الله تعالى وشقّت عليه وحملته ما لم يقدر عليه، لم يقبل الله منها حسنةً تتّقي بها حرَّ النار، وغضَب الله عليها ما

____________________

١) تحف العقول: ١٤ مواعظ النبي (صلّى الله عليه واله وسلّم) وحكمه.

٢) غرر الحكم ح ٥٥٩٣.

٣) تحف العقول: ٩٧.

٦١

دامت كذلك) (١) .

وقد ضرب أهل البيت (عليهم السلام) أروع الأمثلة على الصبر الجميل، مع أهلهم وما مَلكت أيمانهم، فعن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: (سمِعتُ أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إنّي لأصبَر مِن غلامي هذا، ومِن أهلي على ما هو أمرّ من الحنظل..) (٢) .

ب - العفّة وعدم الخيانة:

لاشكّ أنّ خَلْع حِزام العفّة مِن قِبل الزوجين أو أحدهما موجِبٌ للخيانة، التي سرعان ما تُقوّض أركان الأُسرة وتسيء إلى سمعتها وتكسب أفرادها الإثم والعار.

والمُلاحَظ أنّ الإسلام يذهب إلى أنّ سقوط الزّوج في هاوية الرذيلة يُؤدّي إلى سقوط الزوجة أيضاً في تلك الهاوية، حسب قاعدة (كما تدين تُدان)، رَوى الإمام عليّ (عليه السلام): أنّ رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلّم) قال: (لا تزنوا فيذهب الله لذّة نِسائكم مِن أجوافِكم، وعفّوا تعفّ نساؤكم، إنّ بني فلان زنَوا فزَنَت نساؤهم) (٣) .

ويروي الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قد أوحى الله تعالى إلى موسى (عليه السلام):

(.. لاتزنوا فتزني نِساؤكم، ومن وطئ فرشَ أمريءٍ مسلمٍ وُطِئ فِراشُه، كما تدين تُدان) (٤) .

ضمن هذا السياق نجد في النصوص الدينيّة استنكاراً شديداً للخيانة

____________________

١) عقاب الأعمال، للصدوق: ٣٣٩ باب يجمع عقوبات الأعمال.

٢) وسائل الشيعة ١١: ٢٠٩ | ٥ من أبواب جهاد النفس.

٣) مكارم الأخلاق: ٢٣٨ من نوادر النكاح، الفصل العاشر.

٤) عقاب الأعمال: ٣٣٨.

٦٢

الزوجيّة وتهديداً مغلَّظاً للأزواج الذين يَخلَعون ثوب الفضيلة ويُوبِقون أنفسهم بارتكاب الرذيلة، ولهذا قال الرسول الأكرم (صلّى الله عليه واله وسلّم) مُتوعّداً: (... ومن فجر بامرأة ولها بعل تفجّر من فرجهما صديد واد مسيرة خمسمائة عام، يتأذى به أهل النّار من نتن ريحهما، وكان من أشدّ الناس عذاباً..) (١) .

جـ - تجنّب القذف:

إنَّ الطعن في شرف أحد الزوجين، ومهما كانت أسبابه، هو أُسلوب خسيس وذنبٌ كبير، أوجب الله تعالى على فاعله الحدّ في الدّنيا، والعذاب الشديد في الآخرة، فقد ورَد عن الرسول (صلّى الله عليه واله وسلّم): (.. ومَن رمى مُحصناً أو مُحصنة أحبَطَ الله عملَه، وجَلَده يوم القيامة سبعون ألف ملك مِن بين يديه ومَِن خلفه، وتَنهش لحمه حيّاتٌ وعقارب، ثمَّ يُؤمر به إلى النّار) (٢) .

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (إنّ قذف المُحصنات مِن الكبائر؛ لأنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول: ( .. لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) ) (٣) .

والمُلاحظ أنّ الإسلام تَشدّد في مسألة الأعراض كما تشدّد في مسألة الدماء، ومن مصاديق ذلك أنّ القاذف الذي لم يأتِ بأربعة شُهود، أو لم يصرّح بصيغة اللِعان إذا كان مِن الزوجين، فسوف يتعرّض للجَلْد الشديد، ولا يتمكّن من إسقاطه عن نفسه،

عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) في الذي يقذف امرأته قال: (يُجلَد). قلت: أرأيت إنْ عفت عنه؟ قال: (لا، ولا كرامة) (٤) .

____________________

١) عقاب الأعمال: ٣٣٨.

٢) عقاب الأعمال، الصدوق: ٣٣٥.

٣) علل الشرائع: ٤٨٠ | ٢ باب ٢٣١ العلة التي من أجلها حرم قذف المحصنات.

٤) من لا يحضره الفقيه ٤: ٣٤ | ١ باب ١٠ دار صعب ط ١٤٠١ هـ.

٦٣

د - تجنّب الغيرة:

الغيرة مِن الأسباب التي تدعو إلى تنغيص الحياة الزوجيّة، وتعكير صفوها، لذلك لم يغفل الدين الإسلامي في توجّهاته الأخلاقيّة عن هذه القضيّة، فهو يدعو المرأة إلى تجنّب الغيرة، وخاصّة تلك التي تستند إلى الأوهام والظنون السيّئة، أو التي تنطلق من بواعث نفسيّة ذاتيّة قد تكون من باب سُوء الظن أو الحسد، وتُؤدّي بالنتيجة إلى إلحاق الضرر بعلاقتها مع زوجها، وفي هذا الصدد يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (غيرة المرأة كفر) (١) .

ويَرى الإمام الباقر (عليه السلام) وفق نظرةٍ مَعرفيّة ثاقبة أنّ: (غيرة النساء الحسد، والحسد هو أصل الكفر، إنَّ النساء إذا غِرْنَ غضِبن، وإذا غضِبن كفَرْن، إلاّ المُسلمات منهن) (٢) .

وقد دلّنا الإمام الصادق (عليه السلام) على مِعيار معنوي نُميّز مِن خلاله المرأة المُتكاملة عن سِواها، وذلك من خلال إثارة غِيرتها، فعن خالد القلانسي قال: ذكر رجل لأبي عبد الله (عليه السلام) امرأته فأحسَن عليها الثناء، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام):

(أغَرتَها؟ قال: لا، قال: فأغرها. فأغارها فثبتَت، فقال لأبي عبد الله (عليه السلام): إنّي أغرتها فثبتت، فقال: هي كما تقول) (٣) .

وبالمقابل فإنّ الإسلام يُنمّي في الرجل خِصلة الغيرة إذا كانت على عِرضِه وسُمعتِه عائلتِه وكرامتِها، يرى أمير المؤمنين (عليه السلام): (غيرة الرجل إيمان) (٤) ومع

____________________

١) نهج البلاغة، ضبط صبحي الصالح: ٤٩١ حكمة ١٢٤.

٢) فروع الكافي ٥: ٥٠٥ باب غيرة النساء من كتاب النكاح.

٣) فروع الكافي ٥: ٥٠٤.

٤) نهج البلاغة، ضبط صبحي الصالح: ٤٩١ حكم ١٢٤.

٦٤

ذلك فإنّه يحثّه على تجنّب الغيرة في غير موضعها؛ لأنّها قد تؤدّي بالمرأة إلى الإعجاب والكِبَر وغيرهما من الخصال الذميمة،

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لابنه الإمام الحسن (عليه السلام): (.. وإياك والتغاير في غير موضع غيرة، فإنَّ ذلك يدعو الصحيحة منهنَّ إلى السقم..) (١) .

ثالثاً: جانب الآداب:

ويتَضمّن آداب الدخول إلى الأسرة وآداب الجُماع:

أ - آداب الدخول إلى الأُسرة:

للإسلام في هذا الباب آداب حضاريّة، يُمكن اختصارها بالنقاط التالية:

١ - الدخول من الأبواب: قال تعالى:

( .. وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرِّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن أبْوَابِهِا.. ) (٢) .

فالقرآن يُعلِّم المسلمين أدباً رفِيعاً من أجل صيانة حُرمة الأُسرة، وعدم هتك ستر أفرادها، إذ إنّ دخول البيوت من أبوابها يُبعد الشبهات، والظنون السيّئة التي يُمكن أنْ تثيرها النفوس المريضة بما يسيء إلى سمعة العائلة.

٢ - الاستئناس والسلام: قال تعالى:

( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أهْلِهَا ذلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* فَإن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أحَداً فلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أزْكَى لَكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) (٣) .

____________________

١) تحف العقول: ٨٧.

٢) سورة البقرة: ٢ | ١٨٩.

٣) سورة النور: ٢٤ | ٢٧ - ٢٨.

٦٥

قال الطبرسي رحمه الله: رُوي عن أبي أيّوب الأنصاري،

قال: قلنا يا رسول الله، ما الاستئناس؟ قال: (يتَكلّم الرجل بالتسبيحة والتحميدة والتكبيرة ويتنحنح على أهل البيت).

ورُوي أنّ رجلاً قال للنبي (صلّى الله عليه واله وسلّم) استأذن على أمّي، فقال: (نعم، قال: إنّها ليس لها خادم غيري، أفتستأذن عليها كلمّا دخلت، قال: أتحبّ أنْ تراها عريانة؟ قال الرجل: لا، قال: فاستأذن عليها).

لا يجوز دخول دار الغير بغير إذنه، وإنْ لم يكن صاحبها فيها، ولا يجوز أنْ يتطلّع إلى المنزل ليرى مَن فيه فيستأذنه، إذا كان الباب مغلقاً، لقوله (عليه السلام): (إنّما جعل الاستئناس لأجل النظر)، إلاّ أنْ يكون الباب مفتوحاً؛ حبّه بالفتح أباح النظر..

( وإن قِيلَ لَكُم ارجعُوا فارجِعُوا ) ، أي فانصرفوا ولا تلجّوا عليهم، وذلك بأنْ يأمروكم بالانصراف صريحاً، أو يُوجد منهم ما يدلّ عليه (هو أزكى) معناه: أنّ الانصراف أنفع لكم في دينكم ودنياكم، وأطهر لقلوبكم، وأقرب إلى أنْ تصيروا أزكياء (١) .

وضمن هذا السياق، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لأصحابه: (إذا دخل أحدُكم منزله فليُسلِّم على أهله، يقول: السلام عليكم، فإنْ لم يكُن له أهل فليقل: السلام علينا مِن ربّنا..) (٢) .

وينبغي الإشارة إلى أنّ الإسلام يَحرص أشدّ الحرص على رعاية حُرمة الأُسرة، ومِن مصاديق ذلك أنّه كرِه التطلّع في الدور، جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال الرسول (صلّى الله عليه واله وسلّم): (إنَّ الله تبارك وتعالى كرِه التطلّع في

____________________

١) مجمع البيان ٥: ٣٢ | ١٩ منشورات دار مكتبة الحياة - بيروت.

٢) الخصال، للصدوق ٢: ٦٢٦ | ٤٠٠.

٦٦

الدور) (١) .

كما أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيّته القيّمة للحسين (عليه السلام) إلى هذا الأمر بقوله: (مَن هَتك حِجاب غيره، انكشَفت عورات بيتِه) (٢) .

ضمن هذا النطاق حثّ الإسلام المرأة على مُراعاة الآداب عند غياب زوجِها، بأنْ لا تُدخِل بيتَه أحداً يكرهُه، وقد اعتبر ذلك حقّاً للزوج على زوجته، جاء في خطبة النبي (صلّى الله عليه واله وسلّم) في حجّة الوداع أنّه قال: (.. أيُّها الناس، إنّ لنسائكُم عليكم حقّاً، ولكُم عليهنَّ حقّاً، حقّكم عليهنّ أنْ لا يُوطئن أحداً فرشُكم، ولا يُدخلن أحداً تكرهونه بيوتَكم إلاّ بإذنكم..) (٣) .

ب - آداب الجُماع:

ولقد وضَع الإسلام للجماع آداباً خاصّة، تبدأ مُنذ دُخول الرّجل على زوجتِه، فقد جاء في وصيّة الرسول (صلّى الله عليه واله وسلّم) للإمام عليّ (عليه السلام): (يا علي، إذا أُدخلَت العروس بيتَك، فاخلَع خفّها حين تجلِس، واغسِل رِجلَيها، وصُبّ الماء مِن باب دارك إلى أقصى دارك، فإنّك إذا فعلت ذلك أخرج الله مِن دارك سَبعين ألفَ لون مِن الفقر، وأدخَل فيها سبعين ألف لون من الغنى، وسبعين لوناً من البركة، وأنزل عليك سبعين رحمة تُرفرف على رأس عَروسك..) (٤) .

وقال الإمام الصادق (عليه السلام) لأحد أصحابه: (إذا أُدخِلَت عليك أهلَك فخُذ بناصِيتِها، واستقبل بها القبلة، وقُلْ: اللّهمَّ بأمانتك أخذتَها، وبكلماتك

____________________

١) مكارم الأخلاق: ٢٣٤.

٢) تحف العقول: ٨٨.

٣) تحف العقول: ٣٣.

٤) أمالي الصدوق: ٤٥٥ مؤسّسة الأعلمي ط ٥.

٦٧

استحلَلتُ فرجها، فإنْ قضيت لي منها ولداً فاجعله مباركاً سويّاً، ولا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيباً).

ومن كتاب النجاة المَروي عن الأئمّة (عليهم السلام): (إذا قَرُب الزفاف يُستحب أنْ تأمرها أنْ تُصلّي ركعتين، وتكون على وضوء إذا أُدخلَت عليك، وتُصلّي أنتَ أيضاً مثل ذلك، وتحمد الله، وتصلّي على النبيّ وآله.. وتقول إذا أردت المباشرة: اللّهمَّ ارزقني ولداً واجعله تقيّاً ذكيّاً ليس في خَلقه زيادة ولا نقصان، واجعل عاقبته إلى خير. وتُسمّي عند الجماع) (١) .

فالمُلاحظ أنّ السيرة العطرة تُسدي نصائحها القيّمة للزوجين عند المُباشرة، وتكشِف في الوقت عينه عن العلل والآثار المترتّبة عليها، والتي يُمكن تصنيفها والإشارة إليها في الفقرات التالية:

١ - تجنّب الجماع في أوقات معيّنة:

جاء في وصيّة النبيّ (صلّى الله عليه واله وسلّم) للإمام عليّ (عليه السلام): (لا تُجامع امرأتك في أوّل الشهر ووَسَطه وآخره، فإنّ الجنون والجذام والخبل يُسرع إليها وإلى ولدها).

ثمّ قال: (يا عليّ، لا تُجامع امرأتك بعد الظهر، فإنّه إنْ قُضى بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول..) (٢) .

وقال (صلّى الله عليه واله وسلّم): (يا عليّ، وعليك بالجُماع ليلةَ الاثنين، فإنّه إنْ قُضى بينكما ولد يكون حافظاً لكتاب الله، راضياً بما قَسَم الله عزَّ وجلَّ له).

____________________

١) من وصيّة النبي (صلّى الله عليه واله وسلّم) للإمام علي (عليه السلام) | مكارم الأخلاق: ٢٠٨ - ٢١٢الفصل العاشر: في آداب الزفاف والمباشرة.

٢) مكارم الأخلاق: ٢٠٩.

٦٨

يا عليّ: (إنْ جامَعت أهلَك في ليلةِ الثلاثاء، فقضي بينكما ولد، فإنّه يُرزق الشهادة..) (١) .

٢ - تجنّب الجماع في أماكن معيّنة:

قال الرسول (صلّى الله عليه واله وسلّم): (يا عليّ، لا تُجامع امرأتك تحت شجرةٍ مُثمرة، فإنّه إنْ قضى بينكما ولد يكون جلاّداً، أو قتّالاً، أو عريفاً) (٢) .

وقال (صلّى الله عليه واله وسلّم): (يا عليّ، لا تجامع أهلك على سقوف البنيان، فإنّه إنْ قضى بينكما ولد يكون منافقاً، مرائياً، مبتدعاً) (٣) .

ورُوي عن الإمام الصادق (عليه السلام):

(لا تُجامع في السفينة، ولا مُستقبل القبلة ولا مُستدبرها) (٤) .

٣ - تجنّب الجُماع في أوضاع معيّنة:

قال الرسول (صلّى الله عليه واله وسلّم): (يا عليّ، لا تُجامع امرأتك مِن قيام، فإنّ ذلك مِن فعل الحمير، وإنْ قضى بينكما ولد كان بوّالاً في الفراش، كالحمير تبول في كلّ مكان) (٥) .

٤ - تجنب الجُماع في حالات معينة:

قال الرسول (صلّى الله عليه واله وسلّم): (مَن جامَع امرأته وهي حائض فخرج الولدُ مجذوماً أو أبرصاً فلا يلومَنَّ إلاّ نفسه) (٦) .

____________________

١) المصدر السابق: ٢١١.

٢) المصدر السابق: ٢١٠.

٣) مكارم الأخلاق: ٢٠٩ - ٢١١.

٤) المصدر السابق: ٢١٢.

٥) المصدر السابق: ٢١٠.

٦) مكارم الأخلاق: ٢١٢.

٦٩

وقال (صلّى الله عليه واله وسلّم) أيضاً: (يا عليّ، لا تُجامع أهلك إذا خرجت إلى سفر مسيرة ثلاثة أيّام ولياليهن، فإنّه إنْ قضى بينكما ولد يكون عوناً لكلِّ ظالم) (١) .

٥ - تجنّب الكلام عند الجُماع والنظر:

فمِن وصايا أمير المؤمنين (عليه السلام): (إذا أراد أحدكُم غشيان زوجته فليُقلَّ الكلام، فإنَّ الكلام عند ذلك يُورث الخرس، ولا ينظرنَّ أحدكم إلى باطن فرج المرأة فإنّه يُورث البرص..) (٢) .

وهكذا نجد أنّ السيرة المُطهّرة لم تَغفَل عن بيان آداب الجُماع والعواقب المترتّبة على أوضاعه وحالاته وأوقاته، التي تَنعكِس - سَلباً أو إيجاباً - على الأولاد سَواءً في صحّتهم وسلامتهم أو مستقبلهم ومصيرهم.

المبحث الثالث

عناية الإسلام بمراحل نشوء الطفل ونموّه

أولاً: مرحلة الحمل:

أولى الإسلام هذه الفترة التي يكون الجنين فيها قابِعاً في رحم أُمّه عناية خاصّة، ويتّضح ذلك من خلال استعراض النقاط التالية:

أ - الاهتمام بغذاء الحامل:

فقد أرشد المرأة إلى تناول الأغذية المُفيدة التي تُحافظ على صحّتها وتنمّي جنينها في جسمه أو عقله، ومِن الشواهد على ذلك قول الرسول (صلّى الله عليه واله وسلّم): (كُلوا السفرجل وتَهادوه بينكم، فإنّه يجلو البصر، ويُنبِت المودّة في القلب، وأطعموه حُبالاكم، فإنّه يُحسّن أولادكم،

وفي رواية: يُحسّن أخلاق أولادكم) (٣) .

____________________

١) مكارم الأخلاق: ٢١١ - ٢١٢.

٢) تحف العقول: ١٢٥ وصايا أمير المؤمنين (عليه السلام).

٣) مكارم الأخلاق: ١٧١ - ١٧٢ الفصل العاشر.

٧٠

وقال (صلّى الله عليه واله وسلّم) أيضاً: (أطعموا نساءكم الحوامل اللبان، فإنّه يزيد في عقل الصبيّ) (١) .

وعن الإمام الرضا (عليه السلام): (أطعموا حُبالاكم اللبان، فإنْ يكُن في بطنهنَّ غلام خرَج ذكيّ القلب، عالماً شجاعاً، وإنْ يكن جارية، حسن خَلقها وخُلقها، وعظُمَت عجيزتها، وحظِيَت عند زوجها) (٢) .

ب - مراعاة الطهارة والوقت المناسب عند جماع الحامل:

ومِن الشواهد على ذلك قال الرسول (صلّى الله عليه واله وسلّم): (يا عليّ إذا حملت امرأتك فلا تُجامعها إلاّ وأنت على وضوء، فإنّه إنْ قضى بينكما ولد يكون أعمى القلب، بخيل اليد) (٣) ،

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (لا تُجامع في أوّل الشهر ولا في وسَطِه ولا في آخره، فإنّه مَن فعل ذلك فليستعدّ لسِقط الولد، وإنْ تمَّ أوشك أنْ يكون مجنوناً..) (٤) .

جـ - مراعاة الحالة النفسيّة للحامل:

فهي في هذه الفترة مُرهفة الحس وتُعاني آلام الحمل ومضاعفاته، ويمتلكها هاجس مِن الخوف المُزدَوج على حياتها عند تعسّر الولادة وعلى سلامة جنينها وصحّته، ومِن أجل ذلك تحتاج إلى رعاية خاصّة، وتحمّل لبعض تصرفاتها مِن قِبل الزوج، قال الإمام الصادق (عليه السلام): (من احتمل مِن امرأته ولو كلمة واحدة، أعتق الله رقَبَته من النار، وأوجب له الجنّة..) (٥) .

____________________

١) مكارم الأخلاق: ١٩٤.

٢) مكارم الأخلاق: ١٩٤.

٣) مكارم الأخلاق: ٢١٠ في آداب الزفاف والمباشرة.

٤) مكارم الأخلاق: ٢١٢.

٥) مكارم الأخلاق: ٢١٦.

٧١

ثانياً: مرحلة الولادة:

وفي هذه الفترة التي تَشهد ظهور الوليد إلى الوجود، يدعو الدين الإسلامي إلى الاهتمام بالمرأة النفَساء، وتوفير الطعام المُناسب لها، خصوصاً وإنّها قد تضطلع بوظيفة الإرضاع للطفل، ومن هنا أوصى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الأزواج قائلاً: (أطعموا المرأة - في شَهرِها التي تَلد فيه - التمر، فإنّ ولدها يكون حليماً نقيّاً) (١) .

كما يُولي الإسلام عنايةً فائقةً بالوليد مُنذ نُعومة أظفاره، ويتّضح ذلك من خلال النقاط التالية:

أ - تسمية المولود:

ويُستحب تَسميته بأحسن الأسماء، لِما للاسم الحسن من آثار تربويّة تنعكس على نفسيّة الطفل ومكانته، وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: (سمّي الصبيّ يوم السابع..) (٢) .

ولاشكّ أنّ اسم نبيّنا (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو خير الأسماء، وكذلك أسماء أهل بيته الأطهار (عليهم السلام) وأسماء الرسُل والأنبياء والصالحين، ورَد عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أنّه قال: (سمّوا أولادكم أسماء الأنبياء، وأحسن الأسماء عبد الله وعبد الرحمن) (٣) .

وعنه أيضاً: (مَن ولِد لهُ أربعة أولاد لم يُسمِّ أحدهم باسمي فقد

____________________

١) مكارم الأخلاق: ١٦٩.

٢) مكارم الأخلاق: ٢٢٧.

٣) مكارم الأخلاق: ٢٢٠ في فضل الأولاد.

٧٢

جفاني) (١) .

ب - الأذان والإقامة:

من أجل إسماع الطفل اسم الله تعالى وتَفتّح مداركه عليه، ولإبعاد الشيطان عنه، جاء في وصيّة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الجامعة: (يا عليّ، إذا ولِد لكَ غلام أو جارية، فأذّن في أُذُنِه اليُمنى، وأقم في اليُسرى، فإنّه لا يضرّه الشيطان أبداً) (٢) .

جـ - العقيقة وحَلق الرأس:

وهما من السُنن المؤكّدة، وقد أوصى الإمام الصادق (عليه السلام) أحد الآباء الذين رزقوا مولوداً قائلاً: (عقّ عنه، واحلِق رأسه يوم السابع، وتصدّق بوزن شعره فضّة) (٣) ، وعنه عن آبائه (عليهم السلام) قال: (عَقّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن الحسن والحسين (عليهما السلام) كبشاً يوم سابعهما، وقطّعه أعضاءً، ولم يَكسِر منه عظماً، وأمرَ فطُبخ بماءٍ وملح، وأكلوا منه بغير خُبز، وأطعموا الجيران) (٤) .

د - الختان:

وهي سنّة مؤكّدة تبعث على الطهارة، وتُساعد على نُمو الطفل، بدليل قول الإمام الصادق (عليه السلام): (اختنوا أولادكم لسبعة أيام فإنّه أطهر وأسرع لنبات اللحم..) (٥) .

____________________

١) الكافي ٦: ١٩ | ٦ باب الأسماء والكنى.

٢) تحف العقول: ١٧.

٣) الكافي ٦: ٢٧ | ١ باب انه يعق يوم السابع للمولود.

٤) مكارم الأخلاق: ٢٢٨.

٥) الكافي ٦: ٣٤ | ١ باب التطهير.

٧٣

هـ - التحنيك:

وهو أنْ يُمضغ شيء كالتمر أو تُربة الحسين (عليه السلام) أو ماء الفرات ويدار في فم الطفل، وقد رَوى جعفر الصادق (عليه السلام) عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال:

(حنّكوا أولادكم بالتمر، هكذا فعل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالحسن والحسين (عليهما السلام)).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (حنّكوا أولادكم بماء الفرات وبتربة الحسين (عليه السلام)، فإنْ لم يكُن فبِماء السماء) (١) ويُستحب أنْ يكون المُحنِّك من الصالحين.

ثالثاً: مرحلة الرضاع والحضانة:

وهي من المراحل المهمّة في حياة الطفل إذ يحتاج فيها إلى عناية فائقة، فهو يُولد ضعيفاً لا حول له ولا قوّة، ويعتمد على والديه وخاصّة أمّه في الحصول على غذائه وتنظيف بدنه ولباسه، وسدّ حاجاته الأُخرى.

ويُعتبر حليب الأُم أفضل غذاء كامل للطفل في الأشهر الأُولى من حياته، لاحتوائه على المواد الضروريّة للنمو والمناعة من الأمراض، ثمّ إنّ الأُم تُزوّد وليدها عند الرضاع بغذاء معنويّ لابدّ منه لنموه الروحي، ألا وهو الحنان والدفء العاطفي الذي تُسبغه عليه عند إرضاعه وحضانته.

ومن أجل ذلك أكّدت الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) على أهميّة إرضاع الأُم لوليدها،

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (ما من لبنٍ يُرضع به الصبيّ أعظم عليه من لبن أُمّه) (٢) .

____________________

١) مكارم الأخلاق: ٢٢٩.

٢) الكافي ٦: ٤٠ | ١ باب الرضاع.

٧٤

وفي حالة عدم تمكّن الأُم من الإرضاع - لسببٍ ما - يتوجّب على الأب أنْ ينتخِب امرأةً صالحة تشرف على إرضاعه، قال الإمام عليّ (عليه السلام): (انظروا مَن ترضع أولادكم، فإنّ الولد يشبُّ عليه) (١) . ويتطلّب أنْ تتوفّر في المُرضعة مواصفات حدّدتها الروايات، ويمكننا تصنيفها إلى ما يلي:

أ - مواصفات جسميّة:

كأن تكون حسنة الهيئة، الإمام الباقر (عليه السلام): (استرضع لولدك بلبن الحِسان، وإيّاك والقباح فإنّ اللبن قد يعدي) (٢) .

ب - مواصفات عقليّة:

قال الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (لا تسترضعوا الحمقاء، فإنّ الولد يشبُّ عليه) (٣) .

كما ورد النهي عن استرضاع المجنونة على ما سيأتي.

جـ - مواصفات دينيّة:

إذ نلاحظ أنّ الشريعة الإسلاميّة أكّدت على كون المرضعة مسلمة صالحة، وفي حال تعذّر ذلك فقد جوّزت استرضاع المرأة الكتابيّة، ولكنْ بشرط منعها من شرب الخمر، قال الإمام الصادق (عليه السلام): (إذا أرضعن لكم، فامنعوهنَّ من شرب الخمر) (٤) .

د - مواصفات أخلاقيّة:

فقد نهى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من استرضاع المرأة البغيّة لِما له من آثار سلبيّة على

____________________

١) الكافي ٦: ٤٤ | ١ من يكره لبنه ومن لا يكره.

٢) الكافي ٦: ٤٤ | ١٢.

٣) مكارم الأخلاق: ٢٣٧.

٤) الكافي ٦: ٤٢ | ٣ باب من يكره لبنه ومن لا يكره.

٧٥

مستقبل الطفل ونشأته، قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (تَوَقَّوا على أولادكم من لبن البغيّة، والمجنونة فإنّ اللبن يعدي) (١) .

وقال الإمام الباقر (عليه السلام): (لبن اليهوديّة والنصرانيّة والمجوسيّة أحبُّ إليَّ من لبّن ولد الزنا) (٢) .

وعمّمَ الإمام الصادق (عليه السلام) هذا النهي ليَشمل ابنة الزانية أيضاً، قال (لا تسترضعها ولا ابنتها) (٣) .

هـ - مدّة الرضاعة:

لقد حدّد القرآن الكريم مدّة الرضاعة بسنتين، قال تعالى: ( والوالداتُ يُرضِعنَ أولادهُنَّ حَولين كامِلين لِمَن أرادَ أن يتمَّ الرَّضاعة.. ) (٤) .

رابعاً: مرحلة الفِطام:

وفيها ينقطع الطفل عن الرضاع، ويبدأ بتناول الطعام بنفسه أو بمساعدة أُمّه أو مربّيته، وعليه فإنّه يحتاج إلى رعاية خاصّة، تتطلّب الاهتمام بمُراعاة الشروط الصحيّة اللازمة لنظافة الطفل، فعن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: (قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): اغسلوا صبيانكم من الغمر، فإنّ الشيطان يشُمّ الغمر فيفزع الصبيّ في رُقاده، ويتأذّى بهِ الكاتبان) (٥) .

____________________

١) مكارم الأخلاق: ٢٢٣ في فضل الأولاد.

٢) الكافي ٦: ٤٢ | ٥ باب من يكره لبنه ومن لا يكره.

٣) الكافي ٦: ٤٢ | ١.

٤) سورة البقرة ٢: ٢٣٣.

٥) علل الشرائع: ٥٥٧ باب ٣٤٤ من ج٢ العلة التي من أجلها يغسل الصبيان من الغمر.َ =

٧٦

كما أنّ الطفل في هذه المرحلة يَميل بفطرته إلى الحركة واللعب، ويسعى إلى جلب الأنظار إليه من خلال المُشاغبة أو المُشاكسة، لذا يتوجّب على الوالدين تحمّله وعدم القسوة عليه، عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (احمل صبيّك حتّى يأتي عليه ستّ سنين، ثمّ أدّبه في الكتاب ستّ سنين، ثمّ ضمّه إليك سبع سنين فأدّبه بأدبك، فإنّ قَبِل وصلح، وإلاّ فخلّ عنه) (١) .

ومن الضروري إفهام الصبيّ بعد مرحلة الفطام بوجود الله تعالى من خلال تلقينه الوحدانيّة والصلوات على النبيّ وآله (عليهم السلام)، عن عبد الله بن فضالة، عن أبي عبد الله أو أبي جعفر (عليهما السلام)، قال سمعته يقول: (إذا بلغ الغلام ثلاث سنين فقل له سبع مرات: قُلْ: لا إله إلاّ الله..) (٢) .

وفي هذه الفترة يتوجّب مُراقبة صحّة الطفل ووزنه، وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه وضَع حدّاً يُمكن من خلاله معرفة وتيرة نموّ الطفل من خلال مراقبة طوله، قال (عليه السلام): (يزيد الصبيّ في كلّ سنة أربع أصابع بإصبعه) (٣) .

ومن جانب آخر لابدّ في هذه المرحلة من تقبيل الطفل وإشعاره بالحبّ له والاهتمام به، قال الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (أكثروا من قُبلة أولادكم، فإنّ لكم بكلِّ قُبلةٍ درجةً في الجنّة مسيرة خمسمائة عام) (٤) .

وينبغي الإشارة هنا إلى استحباب التصابي للطفل ومناغاته، لِما لذلك من

____________________

=

والغمر - بالتحريك: زنخ اللحم وما يتعلّق باليد من دسمة.

١) مكارم الأخلاق: ٢٢٢.

٢) مكارم الأخلاق: ٢٢٣.

٣) مكارم الأخلاق: ٢٢٣.

٤) روضة الواعظين: ٣٦٩.

٧٧

أثر كبير على نموّه العاطفي وحلّ عقدة لسانه، وكان الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يتصابى للحسن والحسين (عليهما السلام) ويُركِبهما على ظهره.

وكانت فاطمة الزهراء (عليها السلام) تناغي الحسن (عليه السلام) وتقول:

أشبه أباكَ يا حَسَن

واخلَع على الحقِّ الرسَن

واعبد إلهاً ذا مِنَن

ولا تُوال ذا الإحَن

وتُناغي الحسين (عليه السلام) وتقول:

أنتَ شبيهٌ بأبي

لستَ شَبيهاً بعليّ (١)

وفي خاتمة المطاف نجد في حديث الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) دعوة صادقة لحُبّ الأطفال والرحمة بهم، والوفاء لهم، والصدق معهم، عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (أحبّوا الصبيان وارحموهم، فإذا وعدتموهم ففوا لهم، فإنّهم لا يَرَون إلاّ أنّكم ترزقونَهم) (٢) .

____________________

١) في رحاب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، للسيّد محسن الأمين ٣: ٥ سيرة الحسن (عليه السلام).

٢) مكارم الأخلاق: ٢٥٢.

٧٨

الفصل الثالث

مقارنة بين المنهج الإسلامي والمنهج المادّي

في بناء الأُسرة

إذا أمعنّا النظر إلى المنهج الإسلامي في بناء الأُسرة وعقدنا مقارنةً بينه وبين المنهج المادّي، نستطيع أنْ نستخلص عدّة فروق جوهريّة بين المنهجين، من حيث طبيعة كلّ منهج والخصائص التي يتّصف بها، والآثار الناجمة عنه، وهي قضيّة جديرة بالاهتمام والدراسة؛ حتّى يزول الغَبش عن عيون الذين انبهروا بمناهج الغرب، واخذوا يسيرون في رَكبِه ولو على حساب دينهم وقِيَمهم، ويضيق المجال هنا عن الغَوص في التفاصيل، وحسبنا أنْ نستعرض الخطوط العامّة الفاصلة بين المنهجين، والتي تتمثّل بالنقاط التالية:

أولاً: الصبغة الدينيّة:

لاشكّ بأنّ الصبغة الدينيّة هي من أبرز ما يتميّز به المنهج الإسلامي في مجال الأُسرة، فمن المعلوم أنّ التشريع الإسلامي - عموماً - وما يتعلّق منه بالأُسرة على وجه الخصوص إلهيّ المصدر ويتمثّل بالوحي، أمّا المنهج المادّي فهو من صنع البشر أنفسهم، الذين لا يمكنهم الانسلاخ عن طبائعهم البشريّة، وعليه

٧٩

فهو يعكس مصالحهم، وينسجم مع أهوائهم وشهواتهم، ويكون - في غالب الأحيان - قاصراً وعُرضة للتبدّل الدائم.

ولمّا كان الدين يُشكّل قُطب الرحى في توجّهات الإسلام الاجتماعيّة نجد التأكيد على التماثل الديني بين الزوجين عند تكوين الأُسرة. فالإسلام - كما هو معلوم - يُحرّم زواج المسلمين من عَبَدَة الأوثان والأصنام من أتباع الديانات الوضعيّة، أي الذين يعبُدون الشمس والقمر والأشجار وما إلى ذلك، فكلّ هؤلاء أشركوا مع الله إلهاً سِواه،

قال تعالى: ( وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأََمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِن مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أعْجَبَتْكُمْ وَلأ تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا.. ) (١) .

فلم يُبح الإسلام زواج المسلم من مشركة؛ لأنّ الزواج سكينة ومودّة، ولا يُمكن أنْ يتحقّقا مع الاختلاف الشاسع في الاعتقاد، ثمّ إنّ هكذا زواج سوف يُؤثّر على دين الأولاد، الذين هُم مسلمون تبعاً لأبيهم ولكنّ وجودهم بجنب أُمّهم المشركة سوف يؤدّي إلى زعزعة عقائدهم وقيمهم.

من جانب آخر لا يسمح الإسلام للمسلمة بالزواج من غير المسلم حتّى ولو كان من أهل الكتاب؛ وذلك لأنّ الزواج يقتضي قيمومة الرجل على زوجته، ولا يجوز شرعاً أنْ يكون للرجل الكافر سلطان على المرأة المسلمة، لقوله تعالى: ( ..وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) (٢) .

واللافت للنظر أنّ الإسلام يُجوّز للرجل الزواج من الكتابيّة - على الرأي القائل بجوازه - وذلك؛ لأنّ المرأة غالباً ما تتأثّر بأدب زوجها وديانته، ولو أنّ

____________________

١) سورة البقرة: ٢ | ٢٢١.

٢) سورة النساء: ٤ | ١٤١.

٨٠

الإمام الهادي عليه السلام

كان هادياً إلى الدِّين وشريعة سيّد المرسلين، ونموذجاً لحسن أخلاق الطيّبين، ومهذباً لأصحابه على شكر النعم.

من ذلك ما في حديث أبي هاشم الجعفري قال: ـ

أصابتني ضيقة شديدة، فصرت إلى أبي الحسن عليّ بن محمّد عليهما السلام..

فأذنَ لي، فلمّا جلست قال: ـ

يا أبا هاشم إنّ نِعَم الله عزّوجلّ عليك، تريد أن تؤدّي شكرها؟

قال أبو هاشم: فوجمتُ، فلم أدرِ ما أقول له.

فابتدأ عليه السلام فقال:

رزَقَك الإيمان فحرّم بدنك على النار، ورزقك العافية فأعانتك على الطاعة، ورزقك القنوع فصانك عن التبذّل.

يا أبا هاشم: إنّما ابتدأتك بهذا لأنّني ظننتُ أنّك تريد أن تشكو لي من فَعَل بك هذا، وقد أمرتُ لك بمائة دينار فخذها (1) .

__________________

(1) بحار الأنوار / ج 50 / ص 129.

٨١

٨٢

الإمام العسكري عليه السلام

كان صاحب معالي الأخلاق الطيّبة حتّى مع أعداءه فضلاً عن مواليه، ففي حديث محمّد بن إسماعيل العلوي قال:

جلس أبو محمّد عليه السلام عند عليّ بن أوتاش وكان شديد العداوة لآل محمّد صلى الله عليه وآله، غليظاً على آل أبي طالب... فما أقام إلّا يوماً حتّى وضع خدّه له، وكان لا يرفع بصره إليه إجلالاً وإعظاماً، وخرج من عنده وهو أحسن الناس بصيرةً، وأحسنهم قولاً فيه (1) .

وهذا يدلّ على أجلّ محاسن الأخلاق التي يكنّ العدوّ له.

ومن ذلك تلاحظ سيرته الطيّبة حتّى مع أخيه جعفر التوّاب وذلك حين حبسه المعتمد العبّاسي، ففي الحديث أنّه حبسه مع أخيه جعفر عند سجّانه عليّ بن جرين.

قال: كان المعتمد يسأل عليّاً عن أخباره في كلّ وقت فيخبره أنّه يصوم النهار، ويصلّي الليل.

فسأله يوماً من الأيّام عن خبره فأخبره بمثل ذلك، فقال له: امض السّاعة إليه

__________________

(1) بحار الأنوار / ج 50 / ص 3307.

٨٣

واقرئه منّي السلام، وقُل له: انصرف إلى منزلك مصاحباً.

قال عليّ بن جرين: فجئت إلى باب الحبس فوجدت حماراً مسرّجاً فدخلت عليه فوجدته جالساً وقد لبس خفّه وطيلسانه وشاشته ـ أي عمامته ـ فلمّا رآني نهض فأدّيت إليه الرسالة فركب.

فلمّا استوى على الحمار وقف.

فقلت له: ما وقوفك يا سيّدي؟

فقال لي: حتّى يجي جعفر.

فقلت: إنّما أمرنبي بإطلاقك دونه.

فقال لي: ترجع إليه فتقول له: خرجنا من دار واحدة جميعاً فإذا رجعت وليس هو معي كان في ذلك ما لا خفاء به عليك فمضى وعاد، فقال له: يقول لك: قد أطلقت جعفراً لك لأنّي حبسته بجنايته على نفسه وعليك، وما يتكلّم به، وخلّى سبيله فصار معه إلى داره (1) .

__________________

(1) بحار الأنوار / ج 50 / ص 314.

٨٤

الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف

وهو صفوة الصفوة من الاُسوة الباقية من رسول الله صلى الله عليه وآله في طيب الأخلاق، ومحاسن الفعال، وعظيم السجايا، مع الأولياء وغير الأولياء.

ففي قضيّة ياقوت الدهّان نقل المحدّث النوري عن المرحوم الشيخ علي الرشتي تلميذ الميرزا الشيرازي قال: ـ

رجعت مرّة من زيارتي أبي عبد الله عليه السلام عازماً للنجف الأشرف من طريق الفرات، فلمّا ركبنا في بعض السفن الصغار التي كانت بين كربلاء وطويريج، رأيت أهلها من أهل الحلّة، ومن طويريج يفترق، طريق الحلّة والنجف، واشتغل الجماعة باللّهو واللّعب والمزاح، رأيت واحداً منهم لا يدخل في عملهم، عليه آثار السكينة والوقار لا يمازح ولا يضاحك، وكانوا يعيبون على مذهبه ويقدحون فيه، ومع ذلك كان شريكاً في أكلهم وشربهم، فتعجّبت منه إلى أن وصلنا إلى محلّ كان الماء قليلاً فأخرَجنا صاحب السفينة منها فكنّا نمشي على شاطىء النهر.

فاتّفق اجتماعي مع هذا الرجل في الطريق، فسألته عن سبب مجانبته عن أصحابه، وذمّهم إيّاه، وقدحهم فيه.

٨٥

فقال: هؤلاء من أقاربي من أهل السُّنّة، وأبي منهم واُمّي من أهل الإيمان، وكنت أيضاً منهم، ولكنّ الله مَنَّ عَليَّ بالتشيّع ببركة الحجّة صاحب الزمان عليه السلام.

فسألت عن كيفيّة إيمانه.

فقال: اسمي ياقوت وأنا أبيع الدّهن عند جسر الحلّة، فخرجت في بعض السنين لجلب الدّهن من أهل البراري خارج الحلّة، فبُعدت عنها بمراحل، إلى أن قضيت وطري من شراء ما كنت اُريده منه، وحملته على حماري ورجعت مع جماعة من أهل الحلّة، ونزلنا في بعض المنازل ونُمنا، وانتبهت فما رأيت أحداً منهم وقد ذهبوا جميعاً، وكان طريقنا في بريّة قفر، ذات سباع كثيرة، ليس في أطرافها معموة إلّا بعد فراسخ كثيرة.

فقمت وجعلت الحمل على الحمار، ومشيت خلفهم فضلَّ عنّي الطريق، وبقيت متحيّراً خائفاً من السباع والعطش في يومه، فأخذت أستغيث بالخلفاء والمشايخ وأسألهم الإعانة، وجعلتهم شفعاء عند الله تعالى، وتضرّعت كثيراً، فلم يظهر منهم شيء، فقلت في نفسي: إنّي سمعتُ من اُمّي أنّها كانت تقول: إنّ لنا إماماً حيّاً يُكنّى أبا صالح يرشد الضالّ، ويُغيث الملهوف، ويُعين الضعيف، فعاهدت الله تعالى إن استغثت به فأغاثني، أن أدخل في دين اُمّي.

فناديته واستغثت به، فإذا بشخص في جنبي، وهو يمشي معي، وعليه عمامة خضراء، قال رحمه الله: وأشار حينئذٍ إلى نبات حافّة النهر، وقال: كانت خضرتها مثل خضرة هذا النبات.

ثمّ دلّني على الطريق وأمرني بالدخول في دين اُمّي، وذكر كلمات نسيتها، وقال: ستصل عن قريب إلى قرية أهلها جميعاً من الشيعة.

قال: فقلت: يا سيّدي أنت لا تجيىء معي إلى هذه القرية؟

فقال ما معناه: لا، لأنّه استغاث بي ألف نفس في أطراف البلاد اُريد أن

٨٦

أغيثهم، ثمّ غاب عنّي.

فما مشيت إلّا قليلاً حتّى وصلت إلى القرية، وكان في مسافة بعيدة، ووصل الجماعة إليها بعدي بيوم.

فلمّا دخلت الحلّة ذهبت إلى سيّد الفقهاء السيّد مهدي القزويني طاب ثراه، وذكرت له القصّة، فعلّمني معالم ديني، فسألت عنه عملاً أتوصّل به إلى لقائه عليه السلام مرّةً اُخرى، فقال: زُر أبا عبد الله عليه السلام أربعين ليلة الجمعة.

قال: فكنت أزوره من الحلّة في ليالي الجُمع إلى أن بقي واحدة، فذهبت من الحلّة في يوم الخميس، فلمّا وصلت إلى باب البلد، فإذا جماعة من أعوان الظّلَمة يطالبون الواردين التذكرة، وما كان عندي تذكرة ولا قيمتها، فبقيت متحيّراً والناس متزاحمون على الباب فأردت مراراً أن أتخفّى وأجوز عنهم، فما تيسّر لي، وإذا بصاحبي صاحب الأمر عليه السلام في زيّ لباس طلبة الأعاجم عليه عمامة بيضاء في داخل البلد، فلمّا رأيته استغثت به فخرج وأخذني معه، وأدخلني من الباب فما رآني أحد، فلمّا دخلت البلد افتقدته من بين الناس (1) .

هذه نُبذة يسيرة من دروسهم العمليّة في حُسن الخلق وطيب الأخلاق.

وأمّا دروسهم القوليّة في أحاديثهم السَنيّة، فقد بيّنوا أروع الدروس، وأبلغ المعالم في الأخلاقيّات ومكارم الصِّفات، نذكر جملة منها في الفصل القادم.

__________________

(1) جنّة المأوى المطبوع في بحار الأنوار / ج 53 / ص 294.

٨٧

٨٨

4 / الدروس الأخلاقيّة القوليّة لأهل البيت عليهم السلام

تظافرت وتواترت أحاديث أهل بيت العصمة عليهم السلام في الحثّ والترغيب والأمر بحُسن الخلق، وتهذيب النفوس على مكارم الأخلاق.

نتبرّك بذكر نُبذة منها، روُيت في الكتب والمجامع المعتبرة، وجُمعت في ينابيع الحكمة (1) منها: ـ

1 ـ عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: إنّ أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً (2) .

2 ـ عن الإمام عليّ بن الحسين عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما يوضع في ميزان امرئٍ يوم القيامة أفضل من حُسن الخُلق (3) .

3 ـ عن عنبسة العابد قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: ما يَقدِمُ المؤمن على الله عزّوجلّ بعملٍ بعد الفرائض أحبَّ إلى الله تعالى من أن يسع الناسَ بخُلقه (4) .

4 ـ عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنّ صاحب الخُلق

__________________

(1) ينابيع الحكمة / ج 2 / ص 251 إلى ص 268.

(2) اُصول الكافي / ج 2 / ص 81 / ح 1.

(3) اُصول الكافي / ج 2 / ص 81 / ح 2.

(4) اُصول الكافي / ج 2 / ص 82 / ح 4.

٨٩

الحَسَن له مثل أجر الصائم القائم (1) .

5 ـ عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أكثر ما ثلج به اُمّتي الجنّة تقوى الله وحسن الخُلق (2) .

6 ـ قال الإمام أبو عبد الله عليه السلام: إنّ الخُلق يُميتُ الخطيئة كما تُميت الشمسُ الجليد (3) .

7 ـ عن الإمام الصادق عليه السلام قال: البرّ وحُسن الخلق يعمّران الدِّيار، ويزيدان في الأعمار (4) .

8 ـ قال الإمام أبو عبد الله عليه السلام: إنّ الله تبارك وتعالى ليُعطي العبد من الثواب على حسن الخُلق كما يُعطي المجاهد في سبيل الله، يغدو عليه ويروح (5) .

9 ـ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنّ سوء الخُلق ليفسد العمل كما يفسد الخَلُّ العسل (6) .

__________________

(1) اُصول الكافي / ج 2 / ص 82 / ح 5.

(2) اُصول الكافي / ج 2 / ص 82 / ح 6.

(3) اُصول الكافي / ج 2 / ص 82 / ح 7.

(4) اُصول الكافي / ج 2 / ص 82 / ح 8.

(5) اُصول الكافي / ج 2 / ص 83 / ح 12.

ولا يخفى أنّ الغدوّ هو أوّل النهار، والرواح آخره.

وهذا بيان حال المجاهد في سبيل الله، يستمرّ له الثواب في أوّل النهار وآخره.

(6) اُصول الكافي / ج 2 / ص 242 / ح 1. واعلم أنّه ذكر العلّامة المجلسي قدس سره في المرآة ج 10 ص 260: وإيذائهم بسببٍ ضعيف أو بلا سبب، ورفض حقوق المعاشرة وعدم احتمال ما لا يوافق طبعه منهم.

وقيل: هو كما يكون مع الخلق يكون مع الخالق أيضاً، بعدم تحمّل ما لا يوافق طبعه من النوائب، والاعتراض عليه.

ومفاسده وآفاته في الدُّنيا والدِّين كثيرة منها: أنّه يفسد العمل بحيث لا يترتّب عليه ثمرته المطلوبة منه «كما يفسد الخلّ العسل» وهو تشبيه المعقول بالمحسوس، وإذا أفسد العمل أفسد الإيمان.

٩٠

10 ـ عن الإمام الصادق عليه السلام قال: قال النبيّ صلى الله عليه وآله: أبى الله عزّوجلّ لصاحب الخُلق السيء بالتوبة.

قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟

قال: لأنّه إذا تاب من ذنب وقع في ذنب أعظم منه (1) .

11 ـ قال الإمام أبو عبد الله عليه السلام: من ساء خُلقه عذّب نفسه (2) .

12 ـ قال الإمام أبو عبد الله عليه السلام: إنّ سوء الخُلق ليفسد الإيمان كما يفسد الخلّ العسل (3) .

13 ـ في مواعظ النبيّ صلى الله عليه وآله: سوء الخُلق شوم (4) .

14 ـ وقال صلى الله عليه وآله: أفضلكم إيماناً أحسنكم أخلاقاً (5) .

15 ـ وقال صلى الله عليه وآله: حسن الخُلق يثبت المودّة (6) .

16 ـ وقال صلى الله عليه وآله: خياركم أحسنكم أخلاقاً، الذين يألِفون ويُؤلَفون (7) .

17 ـ وقال صلى الله عليه وآله: حسن الخُلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم.

فقيل له: ما أفضل ما اُعطي العبد؟

قال: حسن الخُلق (8) .

18 ـ وقال صلى الله عليه وآله: أقربكم منّي غداً في الموقف أصدقكم للحديث، وآداكم للأمانة، وأوفاكم بالعهد، وأحسنكم خُلقاً، وأقربكم من الناس (9) .

19 ـ في مواعظ أمير المؤمنين عليه السلام: حسن الخُلق خيرُ قرين، وعنوان

__________________

(1) اُصول الكافي / ج 2 / ص 242 / ح 2.

(2) الكافي / ج 2 / ص 242 / ص 4.

(3) الكافي / ج 2 / ص 242 / ح 3.

(4) و (5) تحف العقول / ص 37.

(6) ـ (8) تحف العقول / ص 38.

(9) تحف العقول / ص 38.

٩١

صحيفة المؤمن حسن خُلقه (1) .

20 ـ في مواعظ الإمام الصادق عليه السلام: حسن الخُلق من الدِّين، وهو يزيد في الرزق (2) .

21 ـ في مواعظ الإمام موسى بن جعفر عليه السلام: السخيّ الحسنُ الخُلق في كَنَفِ الله، لا يتخلّى الله عنه حتّى يدخله الجنّة، وما بعث الله نبيّاً إلّا سخيّاً، وما زال أبي يوصيني بالسخاء وحسن الخُلق حتّى مضى (3) .

22 ـ عن الإمام الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: عليكم بحسن الخُلق فإنّ حسن الخُلق في الجنّة لا محالة، وإيّاكم سوء الخُلق فإنّ سوء الخُلق في النار لا محالة (4) .

23 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حسن الخُلق نصف الدِّين (5) .

24 ـ عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اللّحمُ يُنبت اللّحم، ومن تركه أربعين يوماً ساء خُلقه، ومَن ساء خُلقه فأذّنوا في اُذنه (6) .

25 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً.

وقال صلى الله عليه وآله: ما عمل أثقل في الميزان من حسن الخُلق، وإنّ العبد ليدرك بحسن الخُلق درجة الصالحين (7) .

26 ـ وقال صلى الله عليه وآله: لا يلقى الله عبد بمثل خصلتين: طول الصمت، وحسن الخُلق (8) .

__________________

(1) تحف العقول / ص 141.

(2) تحف العقول / ص 275.

(3) تحف العقول / ص 304.

(4) الوسائل / ج 12 / ص 152 / ب 104 من العشرة / ح 17.

(5) الوسائل / ج 12 / ص 154 / ح 27.

(6) الوسائل / ج 24 / ص 395 / ب 88 من آداب المائدة.

(7) المستدرك / ج 8 / ص 447 / ب 87 من كتاب العشرة / ح 20.

(8) المستدرك / ج 8 / ص 447 / ح 22.

٩٢

27 ـ وقال صلى الله عليه وآله: من سعادة المرء حسن الخُلق، ومن شقاوته سوء الخُلق (1) .

28 ـ عن أمير المؤمنين عليه السلام، أنّه سُئل عن أدوم الناس غمّاً؟

قال: أسؤوهم خُلقاً (2) .

29 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله (في حديث): وسوء الخُلق زمامٌ من عذاب الله في أنف صاحبه، والزمام بيد الشيطان يجرّه إلى الشرّ، والشرّ يجرّه إلى النار (3) .

30 ـ عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم (4) .

31 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أفضل الناس إيماناً أحسنهم خلقاً.

وقال أمير المؤمنين عليه السلام لنوف: يا نوف، صِل رحمك يزيد الله في عمرك، وحسّن خلقك يخفّف الله حسابك (5) .

32 ـ عن الإمام جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنّ أحبّكم إليّ وأقربكم منّي يوم القيامة مجلساً أحسنكم خلقاً وأشدّكم تواضعاً، وإنّ أبعدكم منّي يوم القيامة الثرثارون وهم المستكبرون.

قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أوّل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة حسن خُلقه (6) .

33 ـ عن ابن محبوب عن بعض أصحابنا قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما حدّ حسن الخُلق؟

__________________

(1) المستدرك / ج 8 / ص 447 / ح 24.

(2) المستدرك / ج 12 / ص 76 / ح 12.

(3) المستدرك / ج 12 / ص 76 / ح 11.

(4) بحار الأنوار / ج 71 / ص 383 / ح 19.

(5) بحار الأنوار / ج 71 / ص 383 / ح 20.

(6) بحار الأنوار / ج 71 / ص 385 / ح 26.

٩٣

قال: تليّن جانبك وتطيّب كلامك، وتلقى أخاك ببشرٍ حسن (1) .

34 ـ... قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله: إنّ فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وهي سيّئة الخُلق تُؤذي جيرانها بلسانها.

فقال: لا خير فيها، هي من أهل النار (2) .

35 ـ وقال أمير المؤمنين عليه السلام: حسن الخُلق في ثلاث: اجتناب المحارم، وطلب الحلال، والتوسّع على العيال (3) .

36 ـ عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا أراد الله بأهل بيتٍ خيراً رزقهم الرفق في المعيشة، وحسن الخُلق (4) .

37 ـ ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أتى النبيّ صلى الله عليه وآله رجلُ فقال: إنّ فلاناً مات فحفرنا له فامتنعت الأرض.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنّه كان سيّىءَ الخُلق (5) .

38 ـ... قال أمير المؤمنين عليه السلام ربّ عزيزٍ أذلّه خُلقه، وذليلٍ أعزّه خُلقه (6) .

39 ـ عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خصلتان لا تجتمعان في مسلم: البُخل وسوء الخُلق (7) .

40 ـ من كلم أمير المؤمنين عليه السلام: ـ

في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق (8) .

__________________

(1) بحار الأنوار / ج 71 / ص 389 / ح 42.

(2 و 3) بحار الأنوار / ج 71 / ص 394 / ح 63.

(4) بحار الأنوار / ج 71 / ص 394 / ح 67.

(5) بحار الأنوار / ج 71 / ص 395 / ح 75.

(6) بحار الأنوار / ج 71 / ص 396 / ح 79.

(7) بحار الأنوار / ج 73 / ص 297 / ح 5.

(8) بحار الأنوار / ج 78 / ص 53.

٩٤

41 ـ عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنّا لنحبّ من كان عاقلاً فهماً، حليماً، مدارياً، صبوراً، صدوقاً، وفيّاً.

إنّ الله عزّوجلّ خصّ الأنبياء بمكارم الأخلاق، فمن كانت فيه فليحمد الله على ذلك، ومَن لم تكن فيه فليتضرّع إلى الله عزّوجلّ وليسأله إيّاها.

قال: قلت: جُعلت فداك وما هُنّ؟

قال: هنّ الورع، والقناعة، والصبر، والشكر، والحلم، والحياء، والسخاء، والشجاعة، والغيرة، والبرّ، وصدق الحديث، وأداء الأمانة (1) .

42 ـ عن المفضل الجعفي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: عليكم بمكارم الأخلاق، فإنّ الله عزّوجلّ يحبّها.

وإيّاكم ومذامّ الأفعال فإنّ الله عزّوجلّ يبغضها (2) .

43 ـ عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال لولده: ـ

إنّ الله عزّوجلّ جعل محاسن الأخلاق وُصلةً بينه وبين عباده فنحبّ أحدكم أن يمسك بخُلُق متّصلٍ بالله تعالى (3) .

44 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

الأخلاق منائح ـ أي عطايا ـ من الله عزّوجلّ.

فإذا أحبّ عبداً منحه خُلقاً حسناً، وإذا أبغض عبداً منحه خلقاً سيّئاً (4) .

45 ـ قال أمير المؤمنين عليه السلام: لو كنّا لا نرجو جنّة ولا نخشى ناراً ولا ثواباً ولا عقاباً لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق، فإنّها ممّا تدلّ على سبيل

__________________

(1) اُصول الكافي / ج 2 / ص 46 / ح 3.

(2) وسائل الشيعة / ج 15 / ص 199 / ح 8.

(3) المستدرك / ج 11 / ص 192 / ح 19.

(4) المستدرك / ج 11 / ص 193 / ح 20.

٩٥

النجاح، فقال رجل: فداك أبي وأمّي يا أمير المؤمنين، سمعتَهُ من رسول الله صلى الله عليه وآله؟

قال: نعم وما هو خيرٌ منه، لمّا أتانا سبايا طيّ، فإذا فيها جارية... فقالت:... أنا ابنة حاتم طيّ، فقال صلى الله عليه وآله: خلّوا عنها فإنّ أباها كان يحبّ مكارم الأخلاق (1) .

فقام أبو بردة فقال: يا رسول الله، الله يحبّ مكارم الأخلاق؟

فقال: يا أبا بردة، لا يدخل الجنّة أحدٌ إلّا بحسن الخُلق (2) .

46 ـ عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث الأربعمائة الشريف.

روّضوا أنفسكم على الأخلاق الحسنة، فإنّ العبد المسلم يبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم (3) .

47 ـ في وصيّة أمير المؤمنين عليه السلام لابنه الحسن عليه السلام:

وعوّد نفسك السماح، وتخيّر لها من كلّ خُلق أحسنه، فإنّ الخير عادة (4) .

48 ـ عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال:

وعليكم بمكارم الأخلاق فإنّها رفعة، وإيّاكم والأخلاق الدنيّة فإنّها تضع الشريف، وتهدم المجد (5) .

49 ـ في حديث المعراج الشريف، ودخول النبيّ صلى الله عليه وآله الجنّة، ورؤيته ما كُتب على أبوابها قال: ـ

__________________

(1) وفي بحار الأنوار / ج 21 / ص 366 نقل عن محمّد بن إسحاق أنّه كساها رسول الله صلى الله عليه وآله وأعطاها نفقة، فخرجت مع ركب حتّى قدمت الشام، وأشارت على أخيها بالقدوم، فقدم وأسلم وأكرمه الرسول صلى الله عليه وآله وأجلسه على وسادةٍ رمى بها إليه بيده.

(2) المستدرك / ج 11 / ص 193 / ح 21.

(3) بحار الأنوار / ج 10 / ص 99.

(4) بحار الأنوار / ج 77 / ص 215.

(5) بحار الأنوار / ج 78 / ص 53.

٩٦

وعلى الباب الثامن منها مكتوب:

لا إله إلّا الله، محمّد رسول الله، عليٌّ وليّ الله، من أراد الدخول من هذه الأبواب الثمانية فليتمسّك بأربع خصال:

بالصدقة، والسخاء ـ أي الجود والكرم ـ، وحسن الأخلاق، وكفّ الأذى عن عباد الله (1) .

50 ـ من كلم أمير المؤمنين عليه السلام وحِكَمِهِ في فضل حسن الخلق، وذمّ سوء الأخلاق، قال: ـ

أطهرالناس أعراقاً أحسنهم أخلاقاً    (الغرر / ج 1 / ص 185 / ف 8 / ح 206)

أرضى الناس من كانت أخلاقه رضيّة  (ص 187 / ح 246)

حسن الخُلق للنفس وحسن الخَلق للبدن (ص 376 / ف 27 / ح 6)

حسن الخُلق أفضل الدِّين    (ح 7)

حسن الخُلق خير قرين، والعُجب داءٌ دفين      (ص 378 / ح 37)

حسن الخُلق من أفضل القِسم وأحسن الشيم   (ح 39)

حسن الخُلق أحد العطائين   (ص 379 / ح 48)

حسن الأخلاق برهان كرم الأعراق    (ح 52)

حسن الأخلاق يُدِرّ الأرزاق، ويونس الرفاق    (ح 53)

حسن الخُلق رأس كل برّ      (ح 54)

حسن الخُلق يورث المحبّة ويؤكّد المودّة   (ص 380 / ح 61)

سوء الخُلق شؤم، والإسائة إلى المحسن لؤم       (ص 433 / ف 39 / ح 17)

سوء الخُلق شرّ قرين (الغرر / ج 1 / ص 433 / ف 39 / ح 18).

__________________

(1) مدينة المعاجز / ج 1 / 397.

٩٧

سوء الخُلق يُوحش القريب ويُنفِّر البعيد (ص 435 / ح 44)

سوء الخُلق نكد العيش، وعذاب النفس (ص 439 / ح 89)

سوء الخُلق يوحش النفس، ويرفع الاُنس (ح 90)

كلّ داء يداوى إلّا سوء الخُلق (ج 2 / ص 546 / ف 62 / ح 54)

كم من وضيع رفعه حسن خلقه       (ص 552 / ف 63 / ح 52)

من ساء خُلقه عذّب نفسه   (ص 617 / ف 77 / ح 156)

من ساء خُلقه ملّه أهله       (ص 625 / ح 307)

من ساء خُلقه ضاق رزقه     (ص 629 / ح 378)

ما أعطى الله سبحانه العبد شيئاً من خير الدُّنيا والآخرة إلّا بحسن خلقه وحسن نيّته

  (ص 750 / ف 79 / ح 217)

نِعْمَ الإيمان جميل الخُلق       (ص 774 / ف 81 / ح 67)

والله لا يعذّب الله سبحانه مؤمناً إلّا بسوء ظنّه، وسوء خلقه

   (ص 787 / ف 83 / ح 81)

لا يعيش لسيّىء الخلق        (ص 833 / ف 86 / ح 81)

لا قرين كحسن الخلق        (ص 834 / ح 113)

لا سُؤدد لسيّىء الخلق        (ص 837 / ح 161)

لا عيش أهنأ من حسن الخلق (ص 846 / ح 329)

لا وحشة أوحش من سوء الخلق        (ح 330)

الخُلق المحمود من ثمار العقل  (الغرر / ج 1 / ص 45 / ف 1 / ح 1327)

الخلق المذموم من ثمار الجهل  (ص 46 / ح 1328)

أحسن شيء الخُلق  (ص 175 / ف 8 / ح 18)

أكبر الحسب الخُلق (ح 38)

أقوى الوسائل حسن الفضائل (ص 181 / ح 153)

٩٨

أسوء الخلائق التحلّي بالرذائل (ص 182 / ح 154)

أحسن السناء الخُلق السجيح (ص 197 / ح 379)

أحسن الأخلاق ما حملك على المكارم (ص 206 / ح 473)

إن كنتم لا محالة متنافسين فتنافسوا في الخصال الرغيبة، وخلال المجد

  (ص 277 / ف 10 / ح 35)

إذا رأيت المكارم فاجتنب المحارم        (ص 315 / ف 17 / ح 95)

إذا كانت محاسن الرجل أكثر من مساويه فذلك الكامل، وإذا كان متساوي المحاسن والمساوي فذلك المتماسك، وإذا زادت مساويه على محاسنه فذلك الهالك

  (ص 328 / ح 202)

تنافسوا في الأخلاق الرغيبة، والأحلام العظيمة، والأخطار الجليلة يعظم لكم
الجزاء (ص 355 / ف 22 / ح 94)

رأس العلم التمييز بين الأخلاق، وإظهار محمودها، وقمع مذمومها

  (ص 413 / ف 34 / ح 44)

هي ذا محاسن أخلاق أهل البيت عليهم السلام في حديثهم بعد سيرتهم..

أكبر مدرسة إلهيّة لتهذيب النفس، وتحسين الخلق، والترغيب إلى كرائم السجايا، وتطهير الطوايا.

فيلزم علينا أن نستلهم من أعمالهم، ونستضيء بأقوالهم، للسير على خُطاهم الطيّبة، وصفاتهم الحسنة.

ونجتنب عن سوء الأخلاق، ونسعى لعلاج الأخلاق السيّئة بمثل:

1 / التفكّر في فضائل الأخلاق الحسنة وآثاره.

2 / التذكّر بمساوئ سوء الخلق وأضراره.

3 / ترويض النفس على حُسن الفعال، وتحسين الأفعال بالأخلاق الطيّبة،

٩٩

فإنّ أفضل الجهاد جهاد النفس.

وها نحن نستنير بأشعّة من أنوار هداهم، ولمعة من هدى أخلاقهم، في مدرستهم الأخلاقيّة، على ضوء الصحيفة المباركة السجّاديّة في دعائها الأخلاقي الذي يمثِّل أخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله صاحب الخُلق العظيم، والاُسوة والقدوة لجميع المسلمين.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113