أحكام المرأة و الاُسرة

أحكام المرأة و الاُسرة20%

أحكام المرأة و الاُسرة مؤلف:
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
تصنيف: المرأة
الصفحات: 300

أحكام المرأة و الاُسرة
  • البداية
  • السابق
  • 300 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 159398 / تحميل: 6123
الحجم الحجم الحجم
أحكام المرأة و الاُسرة

أحكام المرأة و الاُسرة

مؤلف:
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

الآيات

( إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (٢١) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (٢٣) وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (٢٥) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (٢٦) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٢٧) إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (٢٨) )

التّفسير

أوصاف المؤمنين :

بعد ذكر أوصاف الصالحين وجوانب من أنواع العذاب في يوم القيامة ، يأتي هنا وصف المؤمنين للتعرف عن سبب انقسام النّاس إلى صنفين ، وهنا : المعذبون والناجون ، يقول أوّلا :( إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً ) .

( إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ) .

يراد بـ «الهلوع» كما يقول المفسّرون وأصحاب اللغة «الحريص» ، وآخرون

٢١

فسّروه بالجزع ، وبناء على التّفسير الأوّل فإنّه يشار إلى ثلاثة أمور رذيلة يتصف بها هؤلاء وهي : الحرص ، والجزع ، والبخل ، وللتّفسير الثّاني صفتان هما : الجزع ، والبخل ، لأنّ الثّانية والثّالثة هي تفسير لمعنى الهلوع.

وهنا احتمال آخر وهو أنّ المعنيين يجتمعان في هذه الكلمة ، لأنّ هاتين الصفتين متلازمتان مع بعضهما ، فالناس الحريصون غالبا ما يكونون بخلاء ، ويجزعون عند الشدائد ، بالعكس أيضا صحيح.

وهنا يطرح هذا السؤال ، وهو كيف أنّ الله خلق الإنسان للسعادة والكمال وجعل فيه الشرّ والسوء؟

وهل يمكن أن يخلق الله شيئا ذا متصفا بصفة ، ثمّ وبعد يذم خلقه؟ بالإضافة إلى ذلك فإنّ القرآن الكريم يصرّح في سورة التين الآية (٤) :( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) .

بالتأكيد ليس من أن ظاهر الإنسان حسن وباطنه سيء ، بل إنّ الخلقة الكلية للإنسان هي في صورة «أحسن تقويم». وهناك كذلك آيات أخرى تمدح المقام الرفيع للإنسان ، فكيف تتفق هذه الآيات مع الآية التي نحن بصددها؟

أجوبة هذه الأسئلة تتّضح بالالتفات إلى نقطة واحدة ، وهي أنّ الله خلق القوى والغرائز والصفات في الإنسان كوسائل لتكامل الإنسان وبلوغ سعادته ، لكن عند ما يستخدمها الإنسان في الطريق المنحرف ويسيء تدبيرها والاستفادة منها فستكون العاقبة هي التعاسة والشرّ والفساد ، فمثلا الحرص هو الذي لا يتيح فرصة الإنسان للتوقف عن السعي والحركة والاكتفاء بما لديه من نعمة وهو العطش المحرق الذي يسيطر على الإنسان ، فلو أنّ هذه الصفة وقعت في الطريق العلم لوجدنا الإنسان حريصا على التعلم ، أو بعبارة أخرى يتعطش العلم ويعشقه ، وبذلك سوف يكون سببا لكماله ، وأمّا إذا أخذت مسيرها في الماديات فإنّها ستكون سببا للتعاسة والبخل ، وبتعبير آخر : إنّ هذا الصفة فرع من فروع حبّ

٢٢

الذات ، وحبّ الذات غريزة توصل الإنسان إلى الكمال ، ولكن إذا انحرف في مسيرة فإنّه سوف يجرّه إلى الحسد والبخل وإلى غير ذلك.

وفي هذا الشأن هناك مواهب أخرى أيضا بهذا الشكل : إنّ الله أودع قدرة عظيمة في قلب الذرة ، من المؤكد أنّها نافعة ومفيدة ، ولكن إذا ما اسيء استخدام هذه القدرة وصنع من ذلك القنابل الفتاكة ولم يستخدم في توليد الطاقة الكهربائية والوسائل الصناعية والسلية الأخرى ، فسيكون مدعاة للشرّ والفساد ، وبالتعمق فيما ذكرنا يمكن أن الجمع في ما ورد في الإنسان وذلك من خلال الآيات القرآنية المبيّنة لحالات الإنسان(١) .

ثمّ تذكر الآيات الكريمة صفات الأشخاص الجيدين على شكل استثناء ، وتبيّن لهم تسع صفات ايجابية بارزة ، فيقول تعالى :( إِلَّا الْمُصَلِّينَ ) .

( الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ ) .

هذا هي الخصوصية الأولى لهم وأنّهم مرتبطين بالله بشكل دائم ، وهذه الرابطة تتوثق بالصلاة ، الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر ، والصلاة التي تربي روح الإنسان وتذكره دائما بالله تعالى ، والسير بهذا الاتجاه سوف يمنعه من الغفلة والغرور ، والغرق في بحر الشهوات ، والوقوع في قبضة الشيطان وهوى النفس.

ومن الطبيعي أنّ المراد من الإدامة على الصلاة ليس أن يكون دائما في حال الصلاة ، بل هو المحافظة على أوقات الصلاة المعينة.

من المعروف أنّ كل عمل جيد يقوم به الإنسان إنّما يترك فيه أثرا صالحا فيما لو كان مستديما ، ولهذا نقرأ في الحديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «إنّ أحبّ الأعمال إلى الله ما دام وإنّ قلّ»(٢) .

__________________

(١) هناك توضيح آخر أوردناه تحت عنوان «الإنسان في القرآن الكريم» في ذيل الآية (١٣) لسورة يونس من هذا التّفسير.

(٢) المعجم المفهرس لألفاظ الحديث ، ج ٢ ، ص ١٦٠.

٢٣

ونلاحظ في حديث عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال : «إذا فرض على نفسه شيئا من النوافل دام عليه»(١) .

وورد في حديث عنهعليه‌السلام أنّه قال : «هذه الآية تعني النافلة ، آية( وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ ) (والتي تأتي فيما بعد) تعني صلاة الفريضة». وتجوز هذه المراعاة هنا ، إذ أنّ التعبير بالمحافظة هو ما يناسب الصلاة الواجبة والتي يجب المحافظة على أوقاتها المعينة ، وأمّا التعبير بالمداومة فهو ما يناسب الصلاة المستحبة وذلك بأنّ الإنسان يمكنه الإتيان بها أحيانا وتركها أحيانا أخرى.

على كل حال بعد توضيح أهميّة الصلاة وأنّها من أهم الأعمال ومن أهم أوصاف المؤمنين تنتقل الآيات إلى ذكر الصفة الثّانية فيضيف تعالى :( وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) .

وبهذا سوف يحافظون على ارتباطهم بالخالق من جهة ، وعلاقتهم بخلق الله من جهة اخرى.

ويعتقد بعض المفسّرين أنّ المراد هنا من «حقّ المعلوم» هو الزّكاة المفروضة التي فيها المقدار المعين ، وموارد صرف ذلك المقدار هو السائل والمحروم ، ولكن هذه السورة مكّية وحكم الزّكاة لم يكن قد نزل في مكّة ، ولو فرض نزوله لم يكن هناك تعيّن للمقدار ، ولذا يعتقد البعض أنّ المراد من حقّ المعلوم هو شيء غير الزّكاة والذي يجب على الإنسان منحه للمحتاجين ، والشّاهد على هذا ما نقل عن الإمام الصّادقعليه‌السلام عند ما سئل عن تفسير هذه الآية وهل هذا شيء غير الزّكاة فقالعليه‌السلام : «هو الرجل يؤتيه الله الثروة من المال ، فيخرج منه الألف والألفين والثلاثة وآلاف والأقل والأكثر ، فيصل به رحمه ، ويحمل به الكلّ عن قومه»(٢) .

والفرق بين «السائل» و «المحروم» هو أنّ السائل يفصح عن حاجته ويسأل ،

__________________

(١) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٤١٥.

(٢) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٤١٧ ، حديث ٢٥ ـ ٢٧.

٢٤

والمحروم هو الذي لا يسأل لتعففه وحيائه ، وجاء في حديث عن الإمام الصّادقعليه‌السلام : «المحروم من يجد المشقّة في كسبه وعمله وهو محارف»(١) .

هذا الحديث هو أيضا يوافق ذلك التّفسير المذكور سلفا ، لأن مثل هؤلاء يكونون متعففين.

في جاء في تفسيرنا هذا في ذيل الآية (١٩) من سورة الذرايات بحث حول الحقّ المذكور وتفسير السائل والمحروم.

على كلّ ، فإنّ هذا العمل له أثره الاجتماعي في مجاهدة الفقر والحرمان من جهة ، ومن جهة أخرى يترك آثارا خلقية جيدة على الذين يؤدّون ذلك العمل ، وينتزع ما في قلوبهم وأرواحهم من أدران الحرص والبخل وحبّ الدنيا.

الآية الأخرى أشارت الى الخصوصية الثّالثة لهم فيضيف :( وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ )

والخصوصية الرّابعة هي :( وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ) .

( إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ) .

إنّهم يؤمنون من جهة بيوم الدين ، ومع الالتفات الى كلمة «يصدقون» وهو فعل مضارع يدل على الاستمرارية ، فهذا يعني إنّهم باستمرار يدركون أنّ في الأمر حسابا وجزاء ، بعض المفسّرين فسّر ذلك المعنى «بالتصديق العملي» أي الإتيان بالواجبات وترك المحرمات ، ولكن الآية ظاهرها الإطلاق ، أي أنّها تشمل التصديق العلمي والعملي.

ولكن من الممكن أن هناك من يؤمن بيوم الدين ويرى نفسه ممن لا يعاقب ، لذا تقول :( وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ) يعني أنّهم يدركون أهمية الأمر ، فلا يستكثرون حسناتهم ولا يستصغرون سيئاتهم ، ولهذا ورد في الحديث

__________________

(١) المصدر السابق.

٢٥

عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وهو ينصح ولده : «بني خف الله أنّك لو أتيته بحسنات أهل الأرض لم يقبلها منك ، وأرج الله رجاء أنّك لو أتيته بسيئات أهل الأرض غفرها لك»(١) .

وحتى أنّ الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول : «لن يدخل الجنّة أحدا عمله».

قالوا : ولا أنت يا رسول الله؟

قال : «ولا أنا ، إلّا أن يتغمدني الله برحمته».

* * *

__________________

(١) جامع الأخبار ص ١١٣

٢٦

الآيات

( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٢٩) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٣٠) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٣١) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٣٢) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ (٣٣) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٣٤) أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (٣٥) )

التّفسير

القسم الآخر من صفات أهل الجنّة :

في الآيات السابقة ذكرت أربعة أوصاف من الأوصاف الخاصّة بالمؤمنين الصادقين من أهل الجنان ، وفي هذه الآيات ذكر لخمسة من الأوصاف الأخرى فيكون المجموع تسعة أوصاف.

في الوصف الأوّل يقول اللهعزوجل :( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ (١) حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) .

__________________

(١) «فروج» جمع «فرج» وهو كناية عن الآلة التناسلية.

٢٧

لا شك في أنّ الغريزة الجنسية من غرائز الإنسان الشديدة والطاغية ، والكثير من الجرائم الكبيرة سببها هي هذه الغريزة ، ولذا كانت السيطرة على هذه الغريزة وحفظ حدودها من العلامات المهمّة للتقوى ، وبهذا ذكرت أهمية السيطرة على هذه الغريزة بعد تبيان أهمية الصلاة وإعانة المحتاجين والإيمان بيوم القيامة والإشفاق من عذاب الله.

وقد جاء في الذيل الآية استثناء يدلّ على أنّ منطق الإسلام يرفض أن يقف الإنسان موقفا سلبيا تماما من هذه الغريزة ويكون كالرهبان والقسيسين يسير بخلاف قانون الخلقة ، وهذا العمل غالبا ما يكون محالا وعلى فرض إمكانه فهو أمر غير منطقي ، ولهذا نجد الرهبان من لم يستطيعوا أيضا حذف هذه الغريزة من حياتهم ، وإذا لم يكونوا قد تزوجوا بالطريقة الرسمية فإنّ الكثير منهم ينصرف إلى ارتكاب الفحشاء عند الاختلاء.

الفضائح الناتجة من هذا المسلك ليست قليلة ، فقد كشف المؤرخون المسيحيون مثل (ول دورانت) وغيره النقاب عن ذلك.

المراد ب ـ «الأزواج» الزوجات الدائمة والمؤقتة فإنّه يشمل الإثنين ، وقد ظنّ البعض أنّ هذه الآية تنهى عن الزواج المؤقت وللم يعلموا أنّ ذلك هو نوع من الزواج.

وفي الآية الأخرى يؤكّد بشكل أكثر على نفس الموضوع فيضيف :( فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ )

وبهذه الطريقة فإنّ الإسلام يخطط لمجتمع يحافظ على غرائزه الفطرية ، ولا يؤدّي به إلى الغرق بالفحشاء والفساد الجنسي والمضارّ الناتجة منه ، وبالطبع أنّ للجواري في نظر الإسلام كثيرا من شرائط الزوجة والضوابط القانونية للزوج وإن كان الموضوع منتف أساسا في زماننا الحاضر.

عندئذ يشير إلى الصفات السادسة والسابعة ، فيقول :( وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ

٢٨

وَعَهْدِهِمْ راعُونَ )

من الطبيعي أنّ لأمانة معنى واسع وليست هي الأمانات المادية المتنوعة للناس فحسب ، بل أنّها تشمل الأمانات الإلهية وأمانات الأنبياء وكلّ الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام .

إنّ كلّ نعمة من النعم الإلهية هي من أماناته تعالى ، منها المقامات الاجتماعية وبالخصوص المسؤولون في الدولة فإنّها تعتبر من أهم الأمانات ، ولهذا ورد في الحديث عن الإمام الباقر والإمام الصّادقعليهما‌السلام في تفسير الآية( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) ، بأنّ المراد من الأمانات هنا «الولاية والحاكمية»(١) ، وقرأنا كذلك في سورة الأحزاب (٧٢) ، إنّ التكليف والمسؤولية تعني الأمانة الإلهية الكبيرة.( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) والأهم من ذلك كله هو الدين والشريعة الإلهية وكتاب الله ، وهو من الأمانات الكبيرة التي يجب الحفاظ عليها بالسعي.

«العهد» : وله مفهوم واسع أيضا ، يشمل العهود الإنسانية وكذلك العهود الإلهية ، لأنّ العهد هو كل ما التزم به الإنسان لغيره ، وممّا لا شك فيه أنّ الإيمان بالله وبرسوله يعني الالتزام بما كلّف به.

الإسلام أعطى أهمية بالغة لحفظ الأمانات والعهود والالتزام بها ، وقد عرف ذلك بأنّه أهمّ علامات الإيمان.

ولمزيد من الاطلاع راجع تفسيرنا هذا ، ذيل الآية (٥٨) من سورة النساء.

ويضيف في الوصف الثامن :( وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ ) لأنّ القيام بالشهادة العادلة وترك كتمانها من أهم بنود إقامة العدل في المجتمع البشري.

وقد يرفض بعض الناس أداء الشهادة بحجّة إننا لماذا نشتري عداوة هذا

__________________

(١) تفسير البرهان ، ج ١ ، ص ٣٨٠.

٢٩

وذاك ، ونسبب المتاعب لأنفسنا بأداء الشهادة ، هؤلاء أشخاص لا يبالون بالحقوق الإنسانية ويفقدون الروح الاجتماعية ، ولا يؤمنون بتطبيق العدالة ، ولهذا نرى القرآن الكريم في كثير من آياته يدعو المسلمين إلى أداء الشهادة ويعدّ كتمانها ذنبا(١) .

وفي الوصف الأخير ، وهو الوصف التاسع من هذه المجموعة ، يعود مرّة أخرى إلى موضوع الصلاة ، كما كان البدء بالصلاة ، يقول تعالى :( وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ ) .

وكما أشرنا سابقا أنّ الصلاة هنا بملاحظة القرائن تشير إلى الفريضة ، وفي الآية السابقة تشير إلى النافلة.

ومن الطبيعي أن الوصف الأوّل كان إشارة إلى المداومة ، ولكن الخطاب هنا حول حفظ آداب وشروط الصلاة وخصائصها ، والآداب التي تكمن في ظاهر الصلاة والتي تنهى عن الفحشاء والمنكر من جهة ، وتقوي روح الصلاة بحضور القلب من جهة أخرى وتمحو الأخلاق الرذيلة التي تكون كحجر عشرة أمام قبولها ، ولهذا لا يعتبر ذكرها مرّة أخرى من قبيل التكرار.

هذه البداية والنهاية تشير إلى أنّ الصلاة من بين الصفات الحميدة المذكورة هي الأهم ، ولم لا تكون كذلك والصلاة هي المدرسة العالية للتربية ، وأهم وسيلة لتهذيب النفوس المجتمع.

وفي النهاية تبيّن الآية الأخيرة عاقبة المتّصفين بهذه الأوصاف ، كما بيّنت في الآيات السابقة المسير النهائي للمجرمين ، فيقول تعالى هنا في جملة مختصرة وغنية بالمعاني :( أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ) .(٢)

__________________

(١) البقرة ، ٢٨٣ و١٤٠ ، المائدة ، ١٠٦ ، الطلاق ، ٢.

(٢) «في جنات» خبر ب ـ «أولئك» و «مكرمون» خبر ثان أو أنّه خبر و «في جنات» متعلق به «تمعن».

٣٠

لماذا لا يكونون مكرمين؟ وهم ضيوف الله ، وقد وفرّ الله القادر الرحمن لهم جميع وسائل الضيافة ، وفي الحقيقة أنّ هذين التعبيرين «جنات» و «مكرمون» إشارة إلى النعم المادية والمعنوية التي يغرق فيها هؤلاء المكرمين.

* * *

٣١

الآيات

( فَما لـ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ (٣٧) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨) كَلاَّ إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (٣٩) فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ (٤٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٤١) )

التّفسير

الطمع الواهي في الجنّة :

جاء البحث في الآيات السابقة من هذه السورة حول علامات المؤمنين والكفار ، ومصير كلّ من المجموعتين ، في الآيات يعود ليوضح أحوال الكفار واستهزاءهم بالمقدسات.

قال البعض : إنّ هذه الآيات نزلت في جماعة من المشركين فعند ما كان الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتلو على المسلمين آيات المعاد ، كان هؤلاء الكفار يقدمون من كلّ صوب وحدب ويقولون : إذا كان هناك معاد فإنّ حالنا في الآخرة أحسن من حال من آمن بك ، كما أنّ حالنا في هذه الدنيا أحسن منهم.

٣٢

يقول القرآن الكريم في جوابهم :( فَما لـ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ ) أي يقبلون نحوك من كل جانب مسرعين.

( عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ ) أي جماعات متفرقين.

( أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ ) بأي إيمان وبأي عمل يستحقون ذلك؟!

«مهطعين» : جمع مهطع ، وتعني الذي يمدّ عنقه مقبلا على شيء بسرعة للبحث عنه ، وأحيانا تأتي ـ فقط ـ بمعنى مدّ العنق لاستطلاع الأمر.

«عزين» : جمع عزة ، على وزن «هبة» وتعني جماعات في متفرقين ، وأصلها «عزو» ـ على وزن جذب ـ بمعنى النسبة ، وبما أنّ كلّ جماعة يرتبط أفرادها بعضهم ببعض بنسبة معينة : أو يهدفون إلى غرض معين أطلقت كلمة «عزة» على الجماعة.

على كل حال فإنّ المشركين المتكبرين كان لهم الكثير من الادعاءات الباطلة الواهية ، وكانت الرّفاهية في حياتهم الدنيوية وغالبا ما كان يتمّ ذلك بطريق غير مشروع كالإغارة والسلب وغير ذلك ما كان يجعلهم يظنون بأنّهم قد حصلوا على هذه المقامات العالية ولمكانتهم عند الله ، فكانوا ينسبون إلى أنفسهم المقامات الرفيعة في يوم القيامة.

صحيح أنّهم لم يكونوا يعتقدون بالمعاد بتلك الصورة التي يبيّنها القرآن ، ولكنّهم كانوا يحتملون وقوعه أحيانا ، ويقولون : إذا وقع المعاد فإنّ حالنا في العالم الآخر سيكون كذا كذا ، ولعلهم كانوا يريدون بذلك الاستهزاء.

وهنا يجيبهم القرآن المجيد فيقول :( كَلَّا ) ليس الأمر كذلك وليس لهم حقّ الدخول إلى الجنّة( إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ ) .

في الحقيقة أنّ الله يريد بهذه الجملة أن يحطم غرورهم ، لأنّه يقول : إنّكم تعلمون جيدا مم خلقناكم؟ من نطفة قذرة ، من ماء آسن مهين ، فلما ذا كلّ هذا

٣٣

الغرور؟ ويجيب ثانيا على المستهزئين بالمعاد فيقول : إذا كنتم في شك من المعاد فتمعنوا في حال هذه النطفة ، وانظروا كيف خلقنا موجودا بديعا من قطرة ماء قذرة يتطور فيها الجنين كلّ يوم يتّخذ شكلا جديدا ، ألم يقدر خالق الإنسان من هذه النطفة أن يعيد إليه الحياة بعد دفنه.

ثالثا : كيف يطمعون في الجنّة وفي صحائفهم كل هذه الذنوب؟ لأنّ الموجود الذي خلق من نطفة لا يمكن أن يكون له قيمة مادية ، وإذا كانت له قيمة وكرامة فإنّ ذلك لإيمانه وعمله الصالح ، وأولئك قد فقدوا هذه الصفات ، فكيف ينتظرون الدخول إلى الجنّة؟!(١)

ثمّ يقول تعالى مؤكّدا ذلك :( فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ) .

لعل هذه الجملة إشارة إلى أنّنا لسنا قادرين على أن نعيد لهم الحياة بعد الموت فحسب ، بل إنّنا نستطيع أن نبدله إلى أكمل الموجودات وأفضلها ، ولا يمنعنا من ذلك شيء.

وعلى هذا فإنّ السياق هو إدامة لبحث المعاد ، أو هو إشارة إلى أنّنا نهلككم جزاء لأعمالكم ولا يمنعنا من ذلك شيء ، ونستبدل بكم مؤمنين وأعين ، ليكونوا أنصارا للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا يضرّنا ذلك شيئا ، ولهذا إن كنّا نلح عليكم أن تؤمنوا فليس من باب العجز والاحتياج ، بل من أجل تربية البشرية وهدايتها.

يمكن أن يكون المراد ب ـ( بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ ) بأن الله الذي يقدر على أن يجعل للشمس العظيمة مشرقا ومغربا جديدين في كل يوم ، ويكون بنظام دقيق من دون أية زيادة ونقصان مدى ملايين السنين قادر على أن يعيد الإنسان

__________________

(١) هناك احتمالات أخرى في تفسير هذه الآية : أنّ المراد من جملة «ممّا يعلمون» هو أنّنا خلقناهم ووهبنا لهم العقل والشعور لا كالحيوانات والبهائم ، ولهذا فإنّهم مسئولون عن أعمالهم ، وهناك مراد آخر وهو أنّنا خلقناهم لأهداف هم يعلمونها وهي التكليف والطاعة ، ولكن هذه الاحتمالات بعيدة ، ولذا فإنّ أكثر المفسّرين ذهبوا إلى المعنى المذكور سابقا.

٣٤

مرّة أخرى إلى الحياة الجديدة ويستبدلهم بقوم أفضل منهم.

* * *

ملاحظة

ربّ المشارق والمغارب :

قد يأتي تعبير المشرق والمغرب في أحيانا بصيغة المفرد كالآية (١١٥) من سورة البقرة :( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) وأحيانا بصيغة المثنى كما في الآية (١٧) من سورة الرحمن :( رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ) وأحيانا أخرى بصيغة الجمع( الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ ) كالآية التي هو مورد بحثنا.

البعض من ذوي النظرات الضيقة يظنون تضاد هذه التعابير ، في حين أنّها مترابطة ، وكل منها يشير إلى بيان خاص ، فالشمس في كلّ يوم تطلع من نقطة جديدة ، وتغرب من نقطة جديدة أخرى ، وعلى هذا الأساس لدينا بعدد أيّام السنة مشارق ومغارب ، ومن جهة أخرى فإنّ من بين كل هذه المشارق والمغارب هناك مشرقان ومغربان ممتازان ، إذ أن أحدهما يظهر في بدء الصيف أي الحد الأعلى لبلوغ ذروة ارتفاع الشمس في المدار الشمالي ، والآخر في بدء الشتاء أي الحد الأدنى لنزول الشمس في المدار الجنوبي ، (ويعبرون عن أحدهما بمدار «رأس السرطان» ، وعن الآخر بمدار «رأس الجدي» ،) وقد اعتمد على ذلك لأنّهما واضحان تماما ، بالإضافة إلى هذين المشرقين والمغربين الآخرين الّذين سمّيا بالمشرق والمغرب والاعتداليان (وهو أوّل الربيع وأوّل الخريف ، عند تساوي ساعات الليل والنهار في جميع الدنيا) ولذا ذهب البعض إلى هذا المعنى في تفسير الآية : «ربّ المشرقين والمغربين» وهو معنى مقبول أيضا.

وأمّا ما جاء بصيغة المفرد فإنّ المراد به ماهيته ، لأنّ الملاحظ فيه أصل

٣٥

المشرق والمغرب بدون الالتفات إلى الأفراد ، وبهذا الترتيب فإنّ لكلّ من العبارات المختلفة أعلاه مسألة تلفت نظر الإنسان إلى التغييرات المختلفة لطلوع وغروب الشمس ، والتغيير المنتظم لمدارات الشمس.

* * *

٣٦

الآيات

( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٤٢) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (٤٣) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (٤٤) )

التّفسير

كأنّهم يهرعون إلى الأصنام!!

هذه الآيات وهي آخر آيات سورة المعارج جاءت لتنذر وتهدد الكفار المعاندين والمستهزئين ، يقول سبحانه :( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ) (١) .

لا يلزم الاستدلال والموعظة أكثر من هذا ، فإنّهم لا يتعضون وليس لهم الاستعداد للاستيقاظ ، دعهم يخوضون في أباطيلهم وأراجيفهم كما يلعب الأطفال حتى يحين يومهم الموعود ، يوم البعث ويرون كل شيء بأعينهم!

__________________

(١) «يخوضوا» من أصل خوض ـ على وزن حوض ـ وتعني في الأصل الحركة في الماء ، ثمّ جاءت بصيغة الكناية في موارد يغطس فيه الإنسان في الباطل.

٣٧

هذه الآية وبهذا التعبير وردت في سورة الزخرف (٨٣).

ثمّ تبيّن الآية التالية اليوم الموعود ، وتذكر بعض علامات ذلك اليوم المرعب فيقول تعالى :( يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ ) .

يا له من تعبير عجيب ، إنّه وصف يوم القيامة في وقت يتجهون فيه سراعا إلى محكمة العدل الإلهي اتجاها يشبه إسراعهم في يوم احتفال أو عزاء باتجاه أصنام ، ولكن أين ذلك من هذا؟ إنّه في الحقيقة استهزاء بعقائدهم المجونة التي كانوا يعتقدون بها في الدنيا.

«الأجداث» : جمع جدث ـ على وزن (عبث) ـ وتعني القبر.

«سراع» : جمع سريع ، مثل (ظراف وظريف) وتعني الحركة السريعة للشيء أو الإنسان.

«نصب» : جمع نصيب ، ويقول البعض : إنّه جمع نصب ـ على وزن (سقف) ـ المراد منه هو ما ينصب كعلامة ، وتطلق على الأصنام الحجرية إذ كانوا ينصبونها في مكان ما ليعبدوها ويقدّم لها القرابين ثمّ يلطخون دماءها عليها ، واختلافه مع الصنم هو أنّ الصنم كان على هيئة صورة وشكل خاص ، وأمّا النصب فهو قطعة من الحجر لا شكل له ، وكانوا يعبدونه لسبب ما ، ونقرأ في الآية (٣) من سورة المائدة :( وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ) أي أنّ من جملة اللحوم المحرّمة هي ما يذبحون من الحيوانات على النصب.

«يوفضون» : من (إفاضة) وتعني الحركة السريعة المشابهة لحركة الماء المنحدر من العين ، وقال البعض : إنّ المراد من النصب في الآية التي نحن بصددها هو الأعلام التي ينصبونها في وسط الجيش أو القوافل ، وعلى كل منهم أن يوصل نفسه بسرعة إليها ، ولكن التّفسير الأوّل هو الأنسب.

ثمّ تذكر الآيات حالات أخرى لهؤلاء فتضيف :( خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ

٣٨

ذِلَّةٌ ) (١) من شدّة الهول والوحشة وقد غرقوا في ذلّة مهينة وفي آخر الآية يتابع قوله :( ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ ) .

نعم هذا هو اليوم الموعود الذي كان يسخرون منه ويقولون أحيانا : لنفترض أنّ هناك يوما كهذا ، فإنّ حالنا في ذلك اليوم هو أفضل من حال المؤمنين ، ولكنّهم لا يجرؤون أن يرفعوا رؤوسهم في ذلك اليوم لشدّة الخوف والوحشة ، وقد تعفرت وجوههم ورؤوسهم بغبار الذلّة ، وغرقوا في كل الهموم الهائلة ، ومن المؤكّد أنّهم يندمون في ذلك اليوم ، ولكن ما الفائدة؟

اللهم : ألبسنا ثوب رحمتك في ذلك اليوم المهول.

ربّنا : إنّ مصائد الشيطان وحبائله قوية ، وهوى النفس غالب ، والآمال الطويلة والبعيدة خداعة ، فترحم علينا باليقظة وعدم الانحراف عن المسار الصحيح.

اللهم : اجعلنا ممن آمن ووفى بعهده وبذل عمره في طاعتك.

آمين ربّ العالمين

نهاية سورة المعارج

* * *

آمين ربّ العالمين

نهاية سورة المعارج

__________________

(١) «ترهقهم» من أصل (رهق) على وزن (سقف) ويراد به غشيان الشيء بقهر.

٣٩
٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

عن القافلة ، جاز لها ترك طواف النساء ، والخروج مع القافلة ، والأحوط(١) حينئذٍ أن تستنيب لطوافها وصلاته.

٧ ـ إن كان طروء الحيض بعد إتمام الشوط الرابع من طواف النساء ، جاز للمرأة ترك الأشواط الباقية ، والخروج مع القافلة ـ إذا لم تنتظر قدومها ـ والأحوط(٢) استنابة أحد لباقي الطواف وللصلاة.

٨ ـ إذا طاف المتمتع طواف النساء وصلّى صلاته حلّت له النساء ، وإذا طافت المرأة وصلّت كذلك حلّ لها الرجال ، فتبقى حرمة الصيد إلى الظهر من يوم الثالث عشر على الأحوط وجوباً ، وبعده يحلّ المحرم من كلّ ما أحرم منه ، وأمّا محرّمات الحرم فإنّها عامّة للمحل والمحرم معاً.

آداب الحجّ

مستحبات الإحرام

وهي عامّة للرجل والمرأة ، وهي :

١ ـ تنظيف الجسد.

٢ ـ تقليم الأظافر.

٣ ـ إزالة الشعر عن الإبط والعانة ، وهذه الأُمور كلّها قبل الإحرام طبعاً.

وكذلك يستحبّ الغسل للإحرام ، ويصح من الحائض والنفساء على الأظهر ، ويجزئ الغسل نهاراً إلى آخر الليلة الآتية ، ويجزئ الغسل ليلاً إلى آخر النهار الآتي.

__________________

(١) الاحتياط هنا وجوبي.

(٢) الاحتياط هنا استحبابي.

٦١

٤ ـ من آداب الإحرام رفع الصوت بالتلبية للرجال فقط.

٥ ـ يستحبّ الإكثار من التلبية حتى لو كانت المحرمة حائضاً او مستحاضة.

السعي

لا هرولة على النساء كما هي للرجال(١) .

ملحقات

١ ـ يجوز تقديم المرأة على الرجل في الصلاة(٢) في مكّة عند الزحام.

٢ ـ إذا شكّ بعد الرجوع من مكّة في أنّه هل أتى بطواف النساء للحجّ والعمرة المفردة أو لا ، فلا بدّ أن يعود ويأتي بطواف النساء بنفسه ، وإن لم يتمكّن لتعذّر مباشرته وتعسّرها لمرض ونحوه استناب ، ولا تحلّ له النساء إلاّ إذا أدّاه بنفسه أو نيابة.

__________________

(١) إنّما استحباب الهرولة خاصّ بالرجال فقط ولا يشمل النساء.

(٢) المقصود من الصلاة هنا مطلق الصلاة لا صلاة الطواف فقط.

٦٢

كتاب الزكاة

١ ـ لا تجب الزكاة على الصبيّ ، ولا بدّ من حساب الحول من حين بلوغه.

٢ ـ وجود ما يحتاج إليه الإنسان من الألبسة الصيفيّة والشتويّة ، وأثاث البيت من الأواني والفراش ، والكتب وغير ذلك ، لا يمنع من أخذ الزكاة.

٣ ـ لا يجوز إعطاء الزكاة لمن تجب نفقته عليه.

٤ ـ لا يجوز إعطاء الزكاة للزوجة الفقيرة ، إذا كان الزوج باذلاً لنفقتها ، أو كان قادراً على ذلك مع إجباره عليه.

٥ ـ يجوز للزوجة دفع الزكاة إلى زوجها ولو كان واجب الإنفاق عليها.

٦ ـ إذا عال بأحد تبرّعاً ـ لا أنّهم واجبي النفقة كالأبوين والزوجة والأولاد ـ فيجوز لمن عال به أن يدفع للمعيل ولغيره الزكاة ، سواء كان قريباً منه أو غريباً عنه.

٧ ـ الهاشمي لا يأخذ الزكاة إلاّ من هاشمي ـ إلاّ مع الاضطرار ـ ويقصد بالهاشمي من انتسب شرعاً إلى هاشم بالأب دون الأُمّ.

زكاة الفطرة

١ ـ تجب على من تواجدت فيه شرائط هذه الزكاة أن يخرجها عن نفسه وعن كل من يعول به ، سواء كان واجب النفقة ـ كالأبوين والزوجة والأولاد ـ أولاً ، قريباً أم بعيداً ، صغيراً أم كبيراً.

٦٣

٢ ـ لا يجب على الزوجة إعطاء الفطرة في حين أنّها وجبت على زوجها ، وكذلك كلّ من وجبت عليه نفقة غيره ، ولكن إذا لم يخرجها الزوج أو غيره من واجبي النفقة ـ سواء كان متعمّداً أو ناسياً ـ فالأحوط وجوباً عدم سقوطها ، أمّا إذا كان المعيل فقيراً فإنّها تجب على من عال به إذا توفّرت فيه شرائط الوجوب. ولو أدّاها عنه المعيل الفقير لم تسقط عنه ولزمه إخراجها على الأحوط وجوباً.

٣ ـ وقت تحقّق شرائط الوجوب قبل الغروب إلى أوّل جزء من ليلة العيد على المشهور ، ولكن لا يترك الاحتياط في ما إذا تحقّقت الشرائط مقارناً للغروب ، بل بعده أيضاً مادام وقتها باقياً.

٤ ـ لو كانت الأُمّ هي المعيلة ، وكان الأولاد هاشميين ، فيجب مراعاة حال الأُمّ حين أخذ الفطرة وإعطائها ، فإن كانت هاشمية لا تأخذ إلاّ من هاشمي ، ولكنها تعطي للهاشمي وغيره ، وأمّا إذا كانت غير هاشمية فإنّها تأخذ من الهاشمي وغيره.

٥ ـ يستحبّ تقديم الأرحام والجيران على سائر الفقراء حين إعطاء الفطرة ، وينبغي أن يرجّح ذوي العلم والدين والفضل.

٦٤

كتاب الخمس

١ ـ يجب الخمس في الهدية ، ولا يجب في المهر والإرث ، إلاّ في الإرث الغير محتسب من غير أب ولا ابن ، على الأحوط وجوباً.

٢ ـ لا يجب التخميس في مؤونة تزويج الأولاد ، ولا فيما يتعارف إعداده لهم خلال سنوات ، إذا كان تركه منافياً لشأن الأب أو الأُمّ ولو لعجزهما عن تحصيله لهم في أوانه.

٣ ـ إذا تقاسم الزوجان المؤونة براتبهما لا يجب الخمس على الزوجة.

٤ ـ الحليّ المستعملة التي تستغني عنها النساء في عصر الشيب لا خمس فيها.

٥ ـ لا يشترط في ثبوت الخمس كمال المالك بالبلوغ ، فيثبت في أرباح الصبيّ والمجنون ، وعلى الولي إخراجه منها ، وإن لم يخرجه وجب عليهما ذلك بعد البلوغ والإفاقة ، نعم إذا كان الصبيّ المميّز مقلّداً لمن لا يرى ثبوت الخمس في مال غير البالغ فليس للولي إخراجه منه.

٦ ـ المرأة التي تكتسب يجب عليها الخمس في جميع أرباحها ، سواء عال بها الزوج فلم تصرف من مؤونتها ، أو لم يعل بها زوجها وزادت فوائدها على مؤونتها السنويّة.

٧ ـ لو تبرّع الولد عن أمّه في إعطاء الخمس والزكاة سقطا عنها ، هذا إذا كان

٦٥

الخمس منتقلاً إلى ذمّتها بتصرّفها فيه ، أمّا لو كان الخمس في العين ، كما لو بنت بيتاً من أرباحها الواردة عليها سنوياً ولم تسكنه سنة فلا يمكن أداؤه عنها(١) .

٨ ـ الجهاز الذي تعدّه الأُمّ لبنتها ولا يستعمل إلاّ بعد الزواج ، لو انتقل الى ملك البنت ولم يستعمل بعد حلول رأس السنة الخمسيّة وجب إخراج خمسه ، وكذا لو اشترت البنت لنفسها من مالها جهازاً طول سنين. أمّا لو لم تستطع توفير جهازها اللائق بها في وقت الزواج ، وقامت بتحصيله تدريجاً فلا خمس عليها ، حتى بعد وقت زواجها وإن لم يستعمل في أثناء السنة الخمسيّة(٢) .

__________________

(١) الاستفتاآت الخاصة.

(٢) الاستفتاآت الخاصة.

٦٦

كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

بما أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم الواجبات الدينيّة ، لذا نرى علماءنا أفردوا له باباً خاصّاً وبيّنوا شرائطه ومن هذه الشرائط :

١ ـ عدم لزوم الضرر على الآمر سواء على نفسه أو ماله أو عرضه.

٢ ـ معرفة المعروف والمنكر ولو بصورة مجملة.

٣ ـ احتمال التأثير على المأمور والمنهي.

٤ ـ كون الفاعل المنكر والتارك المعروف عاملاً بهما.

ويتأكد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حقّ المكلّف بالنسبة إلى أهله ، فيجب عليه إذا رأى منهم التهاون في الواجبات كالصلاة وأجزائها وشرائطها ، كما إذا أخلّوا بالقراءة أو الأذكار الواجبة ، أو عدم مراعاة شرائط الوضوء ، أو عدم المبالاة في نجاسة الثوب والبدن ، فيجب على المكلّف الأمر بالمعروف ، وكذلك ردعهم عن الذنوب كالغيبة والنميمة والعدوان من بعضهم على بعض ، أو العدوان على غيرهم ، أو غير ذلك من المحرّمات.

والأبوان أحقّ من غيرهما في أداء هذا الواجب ، لذا لا بدّ من تذكّرهم من خلال القول اللين ، أمّا غيره كالضرب ونحوه من وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ففيها إشكال.

١ ـ لو اعتدت الزوجة على زوجها بالضرب فلا يجوز ضربها ضرباً يبقى أثره ، كي يمنعها من تكرار هذه الحالة ، وله أن يرفع أمرها إلى الحاكم الشرعي(١) .

__________________

(١) الاستفتاآت الخاصة.

٦٧

٢ ـ يوجد إشكال في ضرب المرأة السافرة من باب أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر ، ولا يجوز سبّها وشتمها لذلك.

٣ ـ لو كانت الزوجة متهاونة بسترها الشرعي بالنسبة للوجه والكفّين حيث تكشفهما للناظر الأجنبي فلا يُسمح للزوج أن يجبرها على سترهما ، ولكن له أن يمنعها من الخروج من الدار(١) .

٤ ـ يجوز الحضور في مجالس ترتكب فيها المعاصي إذا اقترن الحضور بالنهي عن المنكر ، ولو بإظهار الانزعاج والزجر عن المعصية(٢) .

٥ ـ لا يجوز لغير ولي الطفل أو المأذون من قبله أن يضرب الطفل لتأديبه ، إذا ارتكب فعلاً محرّماً ، أو سبّب أذىً للآخرين ، ويجوز للولي أو المأذون من قبله أن يضرب الطفل للتأديب ضرباً خفيفاً غير مبرّح ، لا يؤدي إلى احمرار الجلد ، بشرط أن لا يتجاوز ثلاث ضربات ، وذلك فيما اذا توقّف التأديب عليه ، ولا يحقّ للأخ الشاب أن يضرب أخاه الطفل إلاّ إذا كان وليّاً أو مأذوناً من قبل الولي ، ولا يجوز ضرب التلميذ في المدرسة بدون إذن الولي أو المأذون من قبله بتاتاً(٣) .

٦ ـ لا يجوز ضرب البالغ لردعه عن فعل المنكر ، إلاّ وفق ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، مع الاستئذان في ذلك من الحاكم الشرعي على الأحوط استحباباً(٤) .

٧ ـ لو أراد الأب أن يرشد ولده نحو السلوك الصحيح فلا يجوز للابن كشف

__________________

(١) الاستفتاآت الخاصة.

(٢) الاستفتاآت الخاصة.

(٣) الفقه للمغتربين : ٢١٠.

(٤) الفقه المغتربين : ٢١١.

٦٨

خصوصيات الصديق الذي يرافقه ، إلاّ إذا توقّف الردع على كشف السلوك(١) .

٨ ـ إذا وجد المكلّف منكراً يريد النهي عنه ، أو معروفاً يأمر به ، فلا بدّ أنّ يبدأ بإظهار الكراهة ، والإنكار باللسان ، فإذا لم ينفع انتقل إلى المرتبة الثانية بعد استحصال الإذن من الحاكم الشرعي ، وهي اتخاذ الإجراءات العمليّة مندرجاً فيها من الأخف إلى الأشدّ(٢) .

٩ ـ يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولوكان المأمور بالمعروف ليس موالياً لأهل البيتعليهم‌السلام أو كان من الكتابيين الذين يحتمل التأثير فيهم مع أنّ ضررهم مأمون ، هذا إذا توفّرت بقية الشروط ، ومنها أن لا يكون الفاعل معذوراً في ارتكاب المنكر أو ترك المعروف ، وكذلك الجاهل المقصّر(٣) ، فيُرشد إلى الحكم أولاً ثمّ يؤمر أو ينهى إن أراد المخالفة.

١٠ ـ لو كان المنكر ممّا أُحرز بأنّ الشارع لا يرضى بوقوعه كالإفساد في الأرض وقتل النفس المحترمة ونحو ذلك ، فلا بدّ من الردع عنه ولو كان الفاعل جاهلاً قاصراً(٤) .

__________________

(١) الفقه للمغتربين : ٢٨٥.

(٢) الفقه للمغتربين : ١١٠ ، والفتاوى الميسّرة ٢٦٨ ـ ٢٧٠.

(٣) الجاهل المقصّر : من جهل الحكم الشرعي بتهاون وتقصير من نفسه ، مع توفّر طرق الوصول إليه كمراجعة الفقيه أو شخص آخر يعلّمه الحكم الذي يريده.

(٤) الفقه للمغتربين : ٢٣٣ ، فقه الحضارة : ١٧٦ ، والجاهل القاصر : من جهل بالحكم وهو غير قادر على الوصول إليه بأي نحو من الأنحاء ، كمن يعيش في دولة بعيدة عن المعارف الدينية والأحكام كلّ البعد.

٦٩

كتاب المتاجر

المكاسب المحرّمة

١ ـ يحرم النوح بالباطل أي بالكذب ، ولا بأس بالنوح بالحقّ.

٢ ـ يحرم الفحش من القول ، وهو ما يستقبح التصريح به أمّا مع كل أحد ، أو مع غير الزوجة ، فيحرم الأول مطلقاً ، ويجوز الثاني مع الزوجة دون غيرها(١) .

٣ ـ لا يجوز التكسّب بالخمر وباقي المسكرات المائعة ، والخنزير والكلب غير الصيود ، ولا يجوز المعاوضة بهذه الأشياء بأي نحو من أنحاء المعاوضة ، ومنها جعلها مهراً في النكاح وعوضاً في الطلاق الخلعي.

٤ ـ يجوز بيع أواني الذهب والفضّة للتزيّن ، أو لمجرّد الاقتناء ، إذاً يجوز بيعها لتوضع في معرض غرفة الاستقبال ، وهو ما يسمى ب‍ ( البوفية ) في عرفنا ، والذي يحرم هو استعمالها في الأكل والشرب بل وفي غيرهما أيضاً على الأحوط(٢) .

٥ ـ الموسيقى المحرّمة : وهي ما تكون مناسبة لمجالس اللهو واللعب وإن لم تكن مثيرة للغريزة الجنسية(٣) .

__________________

(١) أي أنّ من الفحش ما يستقبح التصريح به في الكلام سواء مع الزوجة او غيرها فيكون حراماً مع الكل ، ومن الفحش ما يكون قبيحاً مع غير الزوجة فليس حراماً مع الزوجة ويرجع في معرفة نوع الفحش إلى العرف.

(٢) الاحتياط هنا استحبابي.

(٣) فقه الحضارة : ٢٠٢.

٧٠

والموسيقى المحلّلة : هي ما لا تناسب تلك المجالس وإن لم تكن مهدّئة للأعصاب كالموسيقى العسكريّة والجنائزيّة التي تكون في تشييع الجنائز(١) ، وكذا ما يشكّ في كونها من أي القسمين.

٦ ـ الغناء كلّه حرام : وهو الكلام اللهوي الذي يؤتى به بالألحان المتعارفة عند أهل اللهو واللعب ، ويلحق بالحرمة قراءة القرآن الكريم والأدعية المباركة ومدائح أهل البيتعليهم‌السلام إذا كانت على هذه الألحان.

٧ ـ الأحوط وجوباً حرمة الأناشيد الحماسيّة التي تكون بالألحان المتعارفة عند أهل اللهو واللعب ، مع أنّها ليست من الكلام اللهوي ، وأمّا اللحن الذي لا ينطبق عليه التعريف المذكور فليس محرّماً بذاته ، إلاّ إذا اشترك معه شيء يؤدّي إلى حرمته.

٨ ـ يجوز الاستماع إلى التواشيح الدينيّة التي لا ينطبق عليها تعريف الغناء.

٩ ـ إذا كان قارئ القرآن قد استخدم لحناً غنائيّاً فيه فلا يجوز الاستماع إليه(٢) كما أنّه لا يجوز القراءة بهذا النحو.

١٠ ـ يحرم الغناء والتكسّب به والاستماع إليه ، شعراً كان أو نثراً حتّى غناء النساء في الأعراس على الأحوط وجوباً(٣) وإن لم يضمّ إليه محرّم آخر كالضرب في الطبل والتكلّم بالباطل ودخول الرجال على النساء وسماع أصواتهن على نحو يسبب الريبة. وأمّا الحداء للإبل فليس بغناء أصلاً ، ولو شكّ في كونه غناءً أو لا

__________________

(١) فقه الحضارة : ٢٠٣.

(٢) فقه الحضارة : ٢٠٢.

(٣) فقه الحضارة : ٢٠٤.

٧١

يبني على عدم كونه غناءً.

١١ ـ الموسيقى المناسبة لمجالس اللهو واللعب محرّمة ، كالعزف بالعود والقانون والطنبور والقيثارة فهي محرّمة كالغناء ، والموسيقى العسكرية تُجتنب على الأحوط استحباباً.

١٢ ـ لا يجوز اللعب بآلات القمار كالشطرنج والدوملة والطاولي وغيره مع الرهن ، وكذلك يحرّم أخذ الرهن ، ولو أخذه لا يملكه ، وهذا مما لا بدّ أن ينبّه عليه في أوساط الشباب.

وكذلك يحرم اللعب بالنرد والشطرنج حتى مع عدم الرهن وإن كان ذلك في الكمبيوتر ، والأحوط وجوباً تجنّب اللعب مع الكمبيوتر على أن يكون الجهاز هو الطرف الآخر في اللعب ، والأحوط وجوباً ترك اللعب في غير ذلك مما يعدّ من آلات القمار في العرف المستعمل حتّى مع عدم الرهن.

وكذلك تحرم المراهنة على حمل الوزن الثقيل والمصارعة والقفز ونحو ذلك ، ويحرم اللعب بهذه الأُمور مع المراهنة.

١٣ ـ السِحر : وهو ما يوجب الوقوع في الوهم بالغلبة على البصر أو السمع أو غيرهما. وكذلك يوجد إشكال في تسخير الجنّ أو الملائكة أو الإنسان بالسحر ، ويحرم لو كان التسخير مضرّاً بمن لا يجوز إضراره.

١٤ ـ تقوم بعض النساء بالسِحر ، وهو محرّم كما أنّ تعلّمه وتعليمه محرّم وكذلك التكسّب به وإن كان لدفع السحر ، لكنّه جائز فيما لو توقّف عليه ما هو أهمّ منه كحفظ النفس المحترمة المسحورة.

البيع الفضولي

١ ـ يجوز للأبّ والجد للأبّ ـ وإن علا ـ التصرّف في مال الصغير بالبيع

٧٢

والشراء والإجارة وغيرها.

مسائل متفرّقة

١ ـ يجوز استئجار امرأة مدّة معيّنة للانتفاع بلبنها الموجود في ثديها حالاً ، أو الذي يتكوّن في الثدي بعد الاستئجار.

٢ ـ لا بأس بأخذ الأُجرة على ذكر مصيبة سيد الشهداءعليه‌السلام ، وكذلك فضائل أهل البيتعليهم‌السلام والخطب المشتملة على المواعظ ، ومما له فائدة عقلائيّة دينيّة أو دنيويّة.

٣ ـ لا يجوز على الأحوط(١) استئجار الصبيّ غير البالغ في الموارد التي يجوز استئجار البالغ فيها للنيابة ، مع العلم بإتيانه على الوجه الصحيح.

٤ ـ يجوز للأب والجد المضاربة بمال الصغير ، بشرط وثاقة العامل وأمانته ، فإن دفعه إلى غيره ضمن.

٥ ـ لو سلّم الوديعة إلى زوجته أو ولده ليحرزها فتلفت ضَمِنَ المستودَع عنده ، إلاّ أن يكون المستودَع عنده كالآلة ويكون هو المحافظ عليها لكونها مستودَعة بمحضره ، وباطلاّعه ومشاهدته فيكون هو الضامن.

٦ ـ لا تصح إعارة الطفل ماله للغير ، وإذا رأى ولي الطفل مصلحة في إعارة مال الطفل جاز أن يجعل الطفل وسيطاً في إيصال العارية إلى المستعير.

٧ ـ يستحب أخذ اللقيط ، بل هو واجب كفائي إذا توقّف حفظه على أخذه. والمقصود باللقيط : هو الطفل الضائع الذي لا كافل له ، ولا يتمكن أن يعتمد على نفسه في إيصال المصلحة ودفع الضرر ، ولا يشترط أن يكون هذا الطفل مميّزاً مادام

__________________

(١) الاحتياط هنا استحبابي.

٧٣

قد صدق عليه أنّه ضائع ولا كافل له.

٨ ـ الذي يأخذ اللقيط أحقّ بحضانته من غيره ، وكذلك هو أحقّ بتربيته إلى أن يبلغ ، ولا يمكن لأحد أن ينتزعه منه ويتصدّى لحضانته ما عدا من له حقّ الحضانة كالأبوين والأجداد ، أو وصيّ الأب أو وصيّ الجدّ للأب ، فإذا عثر على أحد هؤلاء فلا ينطبق عليه عنوان اللقيط بعد.

٩ ـ يجب على الأب والجدّ والوصيّ لهما أن يتولّوا حضانة اللقيط ، وأخذه من يد من تولّى حضانته ، ولو امتنعوا أجبروا على الانتزاع من يد الآخذ.

١٠ ـ يشترط في ملتقِط الصبيّ البلوغ والعقل والإسلام إذا كان اللقيط محكوماً بالإسلام.

١١ ـ يستطيع اللقيط أن يتولّى بعد بلوغه من شاء ، ولا ولاية للآخذ عليه ، فلو مات ولم يجعل أحداً وليّاً عليه فميراثه للإمامعليه‌السلام .

١٢ ـ لا يجوز للملتقِط [ بالكسر ] أن يتبنّى اللقيط ويُلحقه بنفسه ، ولو فعل ذلك لم يترتّب عليه آثار البنوّة والأُبوّة والأُمومة ، فلا يكون ولداً ولا يكونا له أبوين.

١٣ ـ لو كان صداق المرأة مؤجّلاً كما يسمى ب‍ ( الغائب ) ومات الزوج قبل حلوله ، استحقّت الزوجة مطالبته بعد موته ، ولكن لو ماتت الزوجة فإنّه ليس لورثتها المطالبة قبل حلول الأجل ، وكذلك لو طلّقها فإنّ حكم موته كحكم الطلاق إذا كان اشتراط التأجيل منصرفاً إلى جواز التأخير ، مع بقاء الزوجيّة كما هو الغالب.

الرهن

١ ـ يجوز لوليّ الطفل رهن ماله ، والارتهان للطفل مع وجود المصلحة.

٧٤

الحجر

١ ـ الصغير محجور عليه شرعاً ، بمعنى أنّه لا تنفذ تصرّفاته الاستقلاليّة في أمواله ، كالبيع والصلح والهبة والقرض والإجارة والعارية ، ويستثنى من ذلك ما يتصدّى له الصبيّ مما جرت عليه العادة كالخيرات العامة والمبرّات.

٢ ـ لا يصح الاقتراض من المحجور عليه ، ولا البيع والشراء في الذمّة بالنسيئة ـ أي استلام البضاعة وتأجيل الثمن أو بالعكس ـ وإن كان وقت الأداء مصادفاً لزمان البلوغ.

ولا يصح منه التزويج ولا الطلاق ، نعم يجوز حيازته المباحات كالاحتطاب ونحوه ، ويكون ملكه بالنية ، وكذلك يملك الجعالة وإن لم يأذن له الولي. والجعالة هي : ما يجعل له مقابل عمل معيّن كما إذا وجد ضالةً لأحد.

٣ ـ الصغير : هو الذي لم يبلغ حدّ البلوغ شرعاً ، وهو إكمال تسع سنين هلاليّة للأنثى ، أمّا في الذكر فيتحقّق البلوغ بأحد الأُمور الثلاثة ، وهي :

الأول : نبات الشعر الخشن على العانة ، ولا عبرة في غير الشعر الخشن.

الثاني : خروج المني ، سواء في النوم أم اليقظة ، بالاحتلام أو بالجماع أو غير ذلك.

الثالث : إكمال خمس عشرة سنة هلاليّة على المشهور.

٤ ـ ترد تغيّرات على الصبيّ كنبات الشعر الخشن في الخد أو الشارب ، فهي أيضاً من علامات البلوغ ، وأمّا نبات الشعر في الصدر وتحت الابط وكذا غلظة الصوت فليس من علامات البلوغ.

٥ ـ الصغير محجور عليه لا يتمكّن من التصرّف في المال ، حتى يتبيّن الرشد

٧٥

منه ، ولا يكفي البلوغ في عدم الحجر.

٦ ـ الولاية في مال الطفل والنظر في مصالحه وشؤونه قبل بلوغه ورشده للأب والجد للأب ، فإذا فقدا فللقيّم الذي ولاّه أحدهما أو أوصى إليه ، وإذا فقد الوصي فالولاية للحاكم الشرعي. وأمّا الجد للأُمّ وكذلك الأُمّ والأخ والأعمام والأخوال فلا ولاية لهم عليه ، ويكون حالهم حال العدول من المؤمنين مع فقد الحاكم ، فيرجع إليهم عند فقد الحاكم الشرعي.

٧ ـ لا تشترط العدالة في ولاية الأب والجد ، ولكن متى ما ظهر للحاكم ولو بقرائن الأحوال تعدّيهما على حقوق الطفل في نفسه أو ماله منعهما.

٨ ـ الأب والجدّ مشتركان في الولاية ، فينفذ تصرّف السابق منهما ويلغى تصرّف اللاحق ، ولو اقترنا فالأقوى بطلانهما ، إلاّ في عقد النكاح فيُقدّم عقد الجد.

٩ ـ لا فرق في الجدّ بين القريب والبعيد ، فلو كان له أب وجدّ الجدّ اشتركوا كلّهم في الولاية.

١٠ ـ يجوز للولي المضاربة بمال الطفل وتبديله إلى البضاعة ، بشرط وثاقة العامل وأمانته ، فإن دفعه إلى غيره ضمن.

١١ ـ يجوز للولي تسليم الصبيّ إلى أمين يعلّمه الصنعة ، أو إلى من يعلّمه القراءة والخطّ والحساب ، والعلوم النافعة لدينه ودنياه. ويلزم عليه أن يصونه عما يؤدّي إلى فساد أخلاقه فضلاً عما يضرّ بعقائده.

١٢ ـ لو مات والد الطفل فيجوز للولي أن يجمعه مع عائلته ، ويحسبه كأحدهم ، فيوزّع المصارف عليهم على الرؤوس ، ويُشركه معهم في المصارف التي يتشاركون فيها عادةً لا التي تنفرد بشخص دون آخر ، والأمور المشتركة كالمأكل والمشرب والمسكن وما يُعدّ مشتركاً عرفاً ، وأمّا الكسوة فلا بدّ أن ينفرد بها ولا تأخذ

٧٦

إلاّ ممّا يصرف عليه مستقلاً ، وكذلك لو تعدّد اليتامى فيجوز لمن يتولّى الإنفاق عليهم أن يخلطهم مع أفراد عائلته ، ويوزّع المصارف على الرؤوس بما هو من قبيل المأكول والمشروب دون غيره.

١٣ ـ لو كان الصغير يطلب غيره مالاً ، جاز للولي أن يصالحه عنه ببعض المال مع المصلحة ، ولا يحلّ للمتصالح باقي المال ، وليس للولي إسقاطه بحال من الأحوال.

١٤ ـ إذا ادّعى وليّ الطفل الإنفاق عليه بالمقدار اللائق به ، وأنكر بعد بلوغه أصل الإنفاق أو مقداره وكيفيّة الإنفاق فالقول قول الولي بيمينه ، إلاّ إذا كان قوله مخالفاً للظاهر ، ولو كان للصبيّ بيّنة فيقدّم قوله.

١٥ ـ لا يصح زواج السفيه : وهو الذي ليس له قدرة تبعثه على حفظ ماله والاعتناء بحاله فيتلفه في غير محلّه ، والذي لا يبالي بالانخداع في المعاملة فهو خارج عن طور العقلاء وسلوكهم ، فمثل هذا الفرد لا يتزوّج إلاّ بإذن الولي ، ولكنّه يتمكّن من الطلاق ويصحّ ظهاره وخلعه.

١٦ ـ لو احتمل الولي حصول الرشد للصبيّ قبل البلوغ فالأحوط أن يَختبر حاله قبله ; ليسلم إليه ماله بمجرد بلوغه لو اُنس منه الرشد ، وإن ادّعى الصبيّ حصول الرشد واحتمله الولي وجب اختبار حاله ، ولا يجب الاختبار مع عدم الادّعاء.

١٧ ـ الطريقة التي يثبت بها الرشد للرجال هي شهادة الرجال ، وأمّا في النساء فلا يثبت إلاّ بشهادة الرجال ، ويوجد إشكال في ثبوت رشد النساء بشهادة رجل وامرأتين أو بشهادة نساء منفردات.

٧٧

الضمان

١ ـ الضمان : هو التعهّد بمال لشخص آخر ، ويقع على نحوين :

الأوّل : نقل الدّين من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن للمضمون له.

الثاني : التزام الضامن للمضمون له بأداء مال إليه ، فالنتيجة هنا وجوب الأداء عليه تكليفاً.

والفرق بين النحوين هو أنّ في الأوّل يجب الأداء على الضامن ولو مات يُخرج من تركته ، وفي الثاني لا يجب الإخراج من تركته.

٢ ـ يصح أن يضمن شخص للمرأة نفقاتها الماضية ، وأمّا النفقات الآتية فلا يصح التعهّد بها إلاّ على النحو الثاني من الضمان ، وهو الالتزام للمضمون بأداء المال إليه ، وكذلك لا يصح ضمان نفقة الأقارب إلاّ على هذا النحو.

الإقرار

١ ـ لو أقرّ شخص بزواجه من إمرأة ولم تصدّقه نفذ إقراره بالنسبة إلى حرمة تزويجه من أُمّها مثلاً ، لكن لا يجب عليها تمكينه من نفسها ; لأن الإقرار يثبت فيما يتعلق بالمقرّ نفسه.

٢ ـ إذا كان للميت ولدان وأقرّ أحدهما بولد آخر له وأنكر الثاني ذلك ، لم يثبت نسب المقرّ به ، فيأخذ المنكر ـ الثاني ـ نصف التركة ويأخذ المقرّ ثلثها.

٣ ـ إذا كانت للميت زوجة وإخوة مثلاً ، وأقرّت الزوجة بولد لذلك الميت ، فإن صدّق الإخوة قولها كان ثمن التركة للزوجة والباقي للولد ، وإن لم يصدّقوها أخذت الإخوة ثلاثة أرباع التركة ، وأخذت الزوجة ثُمنها ، والباقي وهو الثُمن للمقرّ به.

٤ ـ لو مات صبيّ مجهول النسب ، فأقرّ إنسان بأنّه إبن له ، فيوجد إشكال في

٧٨

استحقاق ميراثه للمقرّ.

٥ ـ لو أقرّ جميع الورثة بدين على الميت أو بشيء من ماله للغير كان مقبولاً ; لأنّه كإقرار الميت ، ولو أقرّ بعضهم وأنكر البعض ـ كأن أقرّ إثنان وكانا عدلين ـ ثبت الدين على الميت أيضاً.

الوكالة

١ ـ تصح الوكالة في النكاح إيجاباً وقبولاً ، وكذلك في الطلاق.

٢ ـ يجوز أن يوكّل عنه شخصاً في الطلاق ، سواء كان الزوج حاضراً أم غائباً ، وكذلك يجوز توكيل الزوجة بأن تطلّق نفسه بنفسها ، أو توكّل أحداً عن زوجها أو عن نفسها.

٣ ـ لو زوّجه فأنكر الموكِّل الوكالة حلف وعلى الوكيل نصف المهر ، وعلى الموكِّل إن كان كاذباً في إنكاره الزوجيّة طلاقها ، ولو لم يفعل وقد علمت الزوجة بكذبه رفعت أمرها إلى الحاكم ليطلّقها.

الهبة

١ ـ يتمكن الأب والجدّ أن يهب عن الصغير والمجنون إذا بلغ وهو على الجنون.

٢ ـ إذا تمّت الهبة وحصل القبض فإن كانت لذي رحم كالأب أو الأُمّ أو الولد لم يكن للواهب الرجوع في هبته ، ولا تلحق الزوجة وكذلك الزوج بالرحم.

٣ ـ يستحب العطيّة للأرحام الذين أمر الله تعالى أكيداً بصلتهم ونهى شديداً

٧٩

عن قطيعتهم ، فقد روي عن الإمام الباقرعليه‌السلام في كتاب عليعليه‌السلام : « ثلاث لا يموت صاحبهن أبداً حتى يرى وبالهن : البغي ، وقطيعة الرحم ، واليمين الكاذبة يبارز الله بها. وإنّ أعجل الطاعة ثواباً لصلة الرحم ، وأنّ القوم ليكونون فجّاراً فيتواصلون فتنمّى أموالهم ويثرون ، وأنّ اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم لتذران الديار بلاقع(١) من أهلها وتنقل الرحم ، وإنّ نقل الرحم انقطاع النسل »(٢) .

ولا يخفى التأكيد الوارد في كلمات أهل البيتعليهم‌السلام على صلة الوالدين وبرّهما ، ومنها : ما روي عن الصادقعليه‌السلام : « أن رجلاً أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : أوصني ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تشرك بالله شيئاً وإن اُحرقت بالنار وعذّبت إلاّ وقلبك مطمئن بالإيمان ، ووالديك فأطعهما ، وبرّهما حيّين كانا أو ميّتين ، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل فإن ذلك من الإيمان »(٣) .

وآكد من ذلك ما روى في برّ الأُمّ وصلتها ، فقد روي عن الصادقعليه‌السلام أنّه جاء رجل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله من أبرّ ؟ قال : « أُمك » ، قال : ثمّ من ؟ قال : « أمك » ، قال : ثمّ من ؟ قال : « أمك » ، قال : ثمّ من ؟ قال : « أباك »(٤) .

٤ ـ يجوز تفضيل بعض الأولاد على بعض في العطيّة على كراهيّة ، وربما يحرم إذا كان سبباً لإثارة الفتنة والشحناء والبغضاء المؤدّية إلى الفساد ، ولكن يكون التفضيل لبعضهم أفضل إذا كان له أولويّة موجبة لذلك.

__________________

(١) البلاقع ، جمع بلقع : وهي الأرض القفر التي لا شيء بها ، يقال : منزل بلقع ودار بلقع. الصحاح ٣ : ١١٨٨ « بلقع ».

(٢) وسائل الشيعة ٢١ : ٤٩٣ ، الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة ٢١ : ٤٨٩ ، الحديث ٤.

(٤) وسائل الشيعة ٢١ : ٤٩١ ، الحديث ١.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300