آداب المتعلّمين

آداب المتعلّمين0%

آداب المتعلّمين مؤلف:
الناشر: انتشارات كتابخانه مدرسه علميّه إمام عصر عجّل الله تعالى فرجه - شيراز
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 149

آداب المتعلّمين

مؤلف: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)
الناشر: انتشارات كتابخانه مدرسه علميّه إمام عصر عجّل الله تعالى فرجه - شيراز
تصنيف:

الصفحات: 149
المشاهدات: 83020
تحميل: 8996

توضيحات:

آداب المتعلّمين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 149 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 83020 / تحميل: 8996
الحجم الحجم الحجم
آداب المتعلّمين

آداب المتعلّمين

مؤلف:
الناشر: انتشارات كتابخانه مدرسه علميّه إمام عصر عجّل الله تعالى فرجه - شيراز
العربية

الفصل الأول

في ماهيّة العلم وفضله

[٢ - فرض العلم]

إعلم أنّه قالَ رسول الله صلى الله عليه وآله : ( طَلَبُ العلمِ فريضة على كُلّ مُسْلمٍ ومُسْلمةٍ )(٥) .

____________________

(٥) جاء الحديث بهذا النصَ في كتابنا، وفي الزرنوجي، وكذلك رواه الشيخ ابن فَهد الحليّ في (عدّة الداعي ص٦٣) مسندا عن الإمام الرّضا عليه السلام مرفوعا إلى النبيّ صلىالله عليه وآله وسلم. وقال الشيخ امين الإسلام الطبرسي في خطبة تفسير مجمع البيان ما نصّه: قد صحّ عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في ما رواه لنا الثقات بالأسانيد الصحيحة مرفوعاً إلى إمام الهدى وكهف الورى ابي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام عن اَبائه سيّد عن سيّد وإمام عن إمام إلى ان يتّصل به عليه واَله السلام انّه قال: ...الحديث ،لاحظ مجمع البيان (ج١ ص ).

وارسله ابن الطبرسي في مشكاة الأنوار (ص ١٨٢) وكذلك أرسله الشيخ ابن أبي جُمهور الأحسائي في عوالي اللاَلي (٧٠٤ ح ٣٦) ونقله عنه المجلسي في بحار الأنوار (١٧٧١).

لكن رواه الشيخ الطوسيّ في الأمالي (١٠٢٢ و ١٨٢) مسندا عن الرّضا عليه السلام مرفوعا - في ابتداء حديثٍ طويل - من دون لفظ: (ومُسلمة).

وللحديث عند العامة طرق كثيرة، ذكرها السخاوي في (المقاصد الحسنة ص٥ - ٢٧٧) وقال: (ومسلمة) ليس لها ذكر في شي من طرقه.

وانظر (الرحلة في طلب الحديث) للخطيب البغدادي، وجامع بيان العلم (٧١ - ١٠).

٤١

والمرادُ من العلم - هاهنا - : علمُ الحال ِ، أي : المحتاجُ إليه في الحالِ ، المُوْصِلُ إلى النَفْع في المَآلِ كما يُقالُ: ( أفْضَلُ العلمِ علمُ الحال ، وأفْضَلُ العَمَلِ حِفْظُ المَآلِ(٦) ).

فيفرضُ على الطالب ما يُصْلِحُ حالَه.

[٣ - شَرَفُ العلم ]

وشَرَفُ العلم لا يخفى على أحَدٍ. إذِ العلمُ هو المختَص بالإنْسانِيّة(٧) لأِنَ جميع الخصال - سوى العلم - يشترك فيها الإنسانُ وسائر الحيوانات كالشجاعة ، والقُوَة ، والشَفَقَة ، وغيرها.

[٤ - العلمُ فضيلة ]

وبه أظْهرَ الله تعالى فَضْلَ آدَمَ عليه السلام على الملائكة، وأمَرَهم بالسجودِ له(٨) .

____________________

(٦) في (ف) حفظه، وفي (ب): حفظ الحال.

(٧) في الخشاب، وبعض النسخ: بالانسان.

(٨) أي في قوله تعالي: (وَعَلَمَ آدَمَ إلاسْمَأَ كُلَها ...) ثمّ قال تعالي: (وَإذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوْا لاَِدَمَ فَسَجَدُوا ...) من الاَيتين (٣١ و ٣٢) من سُورة البقرة (٢).

٤٢

[٥ - السّعادة بالعلم ]

وأيضا : هو الوسيلةُ إلى السعادة الأبَديَة ، إنْ وَقَعَ العَمَلُ على مُقتضاه(٩) .

____________________

(٩) للتفصيل عن فضل العلم وشرفه راجع: مقدمة (منية المريد) للشهيد الثاني، حيث عقد فصولا سبعة لاستيعاب ذلك، وخصّص الفصل الثالث لذكر ما ورد عن أئمة أهل البيت : من طريق الخاصة، فانظر (ص٩٣ - ١٢٧) ولاحظ (١٠٨ - ١١٩).

و : (أدب الدُنيا والدين) للماوردي (ص٤١ - ٤٣). وقال عليّ أميرُ المؤمنين عليه السلام (أعز العِز العِلْمُ، لأنَ به معرفةَ المعادِ والمعاشِ، وأذل الذُلَ الجهل، لأنّ صاحبه أصمّ، أبكم، أعمى، حَيْران). في نزهة الناظر (ص٣٣).

وقال عليه السلام:

العلمُ زَيْن فكُن للعلم مكْتَسِبا * وكُنْ له طالِبا ما عِشتَ مُقْتَبِسا

اُرْكُنْ إليه وَثِقْ بالله واغْنَ بِه * وكُنْ حليما رزينَ العقلِ مُحْتَرِسا

وكُنْ فَتًى ماسِكا مَحْضَ التقى ورعا * لِلدينِ مُغْتَنِما لِلعلمِ مُفْتَرِسا

فَمَنْ تَخَلَقَ بالاَدابِ ظَلَ بها * رئيسَ قَوْمٍ إذا ما فارَقَ الرُؤَسا

الديوان (ص٧٢).

وقال عليه السلام:

لو صِيْغَ من فِضَةٍ نَفْس على قَدَر * ِلعادَ من فضله لمّا صَفا ذَهبا

ما للفتى حَسَب إلا إذا كَمُلَتْ * أخلاقُه وحَوى الاَدابَ والحَسَبا

فاطْلُبْ فَدَيتُكَ عِلما واكْتَسِبْ أدبا * تَظْفَرْ بذاك به واسْتَعْجِلِ الطَلَبا

الديوان (ص٤٦).

وقال الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام: (تعلّموا العلم فإنّ تعلّمه حسنة، وطلبته عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه صدقة، وبَذْله لأهله قُرْبة. والعلم مأواه الجنة، واُنْس في الوحشة وصاحب في الغربة، ورفيق في الخلوة، ودليل على السرّأ، وعون على الضرّأ، وزين عند الأخلاّض، وسلاح على الأعداء.

يرفع الله به قوما في الخير، ليجعلهم أئمةً يقتدى بفعالهم، وتقتص آثارهم، ويصلّي عليهم كل رطب ويابِس وحيتانُ البحر وهوامه وسباعُ البرّ وأنعامُه. في نزهة الناظر (ص٥٠).

٤٣

[٦ - أنواع من العلم]

فالعلمُ الذي يُفْرَضُ على المكلَفِ بعينه(١٠) يجبُ تحصيلُه ، وجَبْرُه(١١) عليه إنْ لَمْ يُحَصلْ

والذي يكونُ الاحْتياجُ إليه في الأحْيان ِ، فرض(١٢) على سَبيل الكِفاية إذا قامَ به البعضُ سَقَطَ عن الباقينَ ، وإنْ لم يكنْ في البَلَدِ مَنْ يقومُ به، اشتركوا - جميعا - بتحصيله ، بالوجوب(١٣) .

قيلَ: (إنّ علمَ ما نفعُ(١٤) على نفسه، في جميع الأحوال ، بمنزلة الطعام ،

____________________

(١٠) في نسخة (أ): نفسه، بدل (بعينه).

(١١) كذا في الخشاب وأكثر النسخ، وفي (أ، ف، و، ع) والاُخرى: (وجُبِرَ).

(١٢) في الخشاب: فرضا، وهو غلط، لأنّه خبر (الذي).

(١٣) في غير (ف) بتحصيله وللتفصيل عن أنواع العلم، راجع: منية المريد (ص٣٧٩ - ٣٨٣).

(١٤) كذا في أكثر النسخ وفي الزرنوجي (يقع) وفي (د) وبعض النسخ: ينفع، بدل (يقع) هنا وفي الجملة التالية.

٤٤

لابُدَ لكلّ أحدٍ من ذلك

وَعلمُ مانفعَ في الأحيانِ ، بمنزلة الدوأ، يُحتاجُ إليه في بعض الأوقات.

وَعلمُ النجوم بمنزلة المرض ، فتعلمه حرام لأنَه يضر ولا ينفعُ، إلاّ قَدَرمايُعْرَفُ به القِبْلةُ، وأوقاتُ الصلاة وغير ذلك، فإنّه ليس بحرامٍ )(١٥) .

____________________

(١٥) علم النجوم ضرره وحرمته:

يُطلق علم النجوم تارةً على معرفة النجوم وأعدادها وحركاتها ومواقعها وأزمانها، فهذا من المعارف البشريّة العامّة المتداولة، إلا انّه لا يُفيد طالب العلم الديني شيئا، إذ لا أثر له في حياته ولا يترتّب على معرفته شي خاص، فبذل الجهد فيه مضر له، من جهة تفويت الوقت عليه، عن تحصيل ما هو ضروري، أو أكثر أهميّة ونفعا وأثرا في حياته العملية، وهذا معنى قول الماتن: يضر ولا ينفع.

وعلى هذا فيكون الاستثناء في قوله: (إلا قدر ما يعرف ...) إلى آخره، متّصلا، إلاّ أن الحكم بحرمة هذا العلم شرعا، لا دليل عليه ما لم يؤدّ إلى تقصير في أداء ما يجب على المكلّف معرفةً أو أداءً.

وقد يُطلق علم النجوم على خصوص تعلّم ما يتداوله المعتقدون بتأثير الكواكب العلوية في الشؤون الكونية، وأنها الفاعلة للاَثار من دون إرادة الصانع الجبار - تعالى الله عمّا يقول الجاهلون - فهذا محكوم بالحرمة لابتنائه على الكفر بالله أو الشرك أو التفويض أو تحديد قدرته تعالي، وكلّ ذلك مخالف للحقّ المدلول عليه في محلّه.

وهذا يضرّ بطالب العلم عقيدة، ولا ينفعه علما ولا عملا لابتنائه على اُمور غير واقعية بل على أحكام والتزامات تخمينية وتكهنات أو أفكار خرافيّة أو نقول غير مؤكّدة ولا مضبوطة. وعلى هذا فالاستثناء في قوله: (إلا قدر ...) منقطع كما لا يخفي.

٤٥

[٧ - ماهيّة العلم ]

وأمّا تفسير(١٦) العلم : فهو صِفة يتجلّى بها - لمنْ قامت هي به - المذكورُ(١٧) .

[٨ - العلم حُجّة على المتعلّم ]

فينبغي لطالب العلم أنْ لا يغْفُلَ عن نفسه ، وما ينفعُها ، وما يضرها ، في أوْلاها واُخراها فيَسْتجلبُ ما ينفعُها، ويجتنبُ عمّا يضرها لئلاّ يكونَ عقلُه وعلمُه حجَةً عليه فتزدادُ عقوبتُه(١٨) .

____________________

(١٦) كذا في الزرنوجي وأكثر النسخ، لكن في الخشاب و (ف) ونسخ اُخري: نفس، بدل (تفسير).

(١٧) ارتبكت النسخ في إثبات هذا التعريف:

ففي أكثرها والخشاب هكذا: (فهي صفة يتحلّى ...).

وفي بعضها: (... يتحلّى بها مَنْ قامت به فَمخْصوص بالمذكور).

وفي نسخة: (... لا يتجلّى بها إلا لمن ...).

وما أثبتناه من الزرنوجي و (ف، و)، ومعناه: أنّ العلم صِفة تتّضح بها المعلوماتُ لمن وُجدت فيه.

(١٨) في الزرنوجي ونسخٍ: (... عقوبة) وفي بعض النسخ: (فيزاد عقوبة).

٤٦

الفصل الثاني

في النيَة

[٩ - لزوم النيّة ]

لابُدّ لِطالِبِ العلم من النيَة(١٩) في تَعَلمِ العلم، إذ النيّةُ هي الأصْلُ في جميع الأفعال، لقوله صلى الله عليه وآله : ( إنّما الأعمالُ بالنيّات، وإنّما لكُلّ امرىٍ ما نوى )(٢٠) .

____________________

(١٩) في هامش الخشاب (أطلُبُ العِلْمَ لوجوبه قُرْبةً إلى الله تعالي).

(٢٠) هذا الحديث لم يذيّل بقوله: (وإنّما لكل امرى ما نوي) في بعض النسخ وجُعل الذيل حديثا مستقلا في نسخ اُخري. وقد رواه الشيخ الطوسيّ في تهذيب الأحكام (٨٣١) ح٢١٨ و (١٨٦٤) ح٥١٩ مذيّلا بلفظ: (... وَإنّما لكلّ امْرِىٍ مَا نَوَى) مرسلا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي الحديث (٥١٨) مع الذيل، ونقله عنه في وسائل الشيعة (٥٦) ح٧١٩٧، مذيّلا، وانظر الوسائل (٤٨١) ح٨٨ و ٨٩. ورواه - مذيّلا وغير مذيّلٍ - ابن أبي جمهور الأحسائي في عوالي اللاَلي (٨١١) ح٣ و (٣٨٠١) ح٢ و (١١٢) ح١٩ و (١٩٠٢) ح٨٠. ورواه من العامّة: البخاري في الصحيح (٢١) باب بد الوحي، ومسند أحمد (٢٥١) والبيهقي في السنن الكبرى (٣٤١٧) وابنُ عساكر في الأربعين البلدانية (٤٦ - ٤٧) وهو أوّل أحاديث الجامع الصغير، للسيوطي.

وقال الزرنوجي: حديث صحيح.

٤٧

فينبغي أنْ ينويَ المتعلّمُ بِطَلَبِ العلم : رضا الله تعالى ، وإزالَةَ الجَهلِ عن نفسه، وعن سائر الجُهالِ وإحْيأَ الدينِ ، وإبقاءَ الإسلام ِ.

والأمر(٢١) بالمَعْرُوف، والنَهي عن المنكر، من نَفْسِه، ومتعلّقاته، ومن الغَيْر بِقَدَرِ الإمكان.(٢٢)

[١٠ - سِيْرةُ الطالب]

فينبغي لطالب العلم أنْ: يَصْبِرَ في المشاقّ(٢٣) .

____________________

(٢١) في كثير من النسخ (بالأمر).

(٢٢) أجمل المؤلّف في هذه الفقرة ما سيذكره في الفقرات التالية في فصول الكتاب، وسنشير إلى مواضع تفصيل كلّ ما يذكر..[٤٨]

(٢٣) لاحظ الفقرة وروى ابن عبد البر عن الإمام زيد الشهيد عليه السلام أنه قال: (لا يُستطاع العلم براحة الجسم). جامع بيان العلم (٩١١).

وكتب في هامش نسخة (ف) من كتابنا هذين البيتين:

أرى العلم في جوعٍ وذل وعِفّةٍ * وبُعدٍ عن الاَبأ والأهلِ والوطنْ

فلو كانَ كسبُ العلمِ أسهلَ حرفةٍ * لما كانَ ذو جَهلٍ على الأرضِ في الزمنْ

لاحظ الصورة رقم (٢) من نماذج مصوّرات الكتاب.

٤٨

ويجتهد بقَدَر الوُسْع(٢٤) .

فلا يَصْرِفَ عُمُرَه في الدُنْيا الحقيرة.

ولا يُذِلَ نفسَه بالطَمَع(٢٥) .

(ويجتنبُ الحِقدَ، والحَسَدَ)(٢٦) .

ويحترزَ عن التَكَبرِ(٢٧) .

____________________

(٢٤) لاحظ الفقرات [٢٣ - ٢٧]

(٢٥) لاحظ الفقرة [٣٧].

(٢٦) ما بين القوسين ورد في بعض النسخ، ولاحظ الفقرتين:[٤٢و٤٤]

(٢٧) للتفصيل حول الأخلاق، لاحظ الفقرة [٢٢] وتعاليقها، ولاحظ الفقرتين [ ٤٦و.٤٩].

٤٩

الفصل الثالث

في اختيار العلم والاُستاذ والشريك والثبات

[١١ - اختيار العلم]

ينبغي لطالب العلم أنْ يختارَ من كلّ علمٍ أحْسَنَه((٢٨) ) وما يحتاجُ إليه في اُمور دينه في الحالِ، ثُمَ ما يحتاجُ إليه في المآلِ.

____________________

(٢٨) قال عليّ عليه السلام : (خذوا من كلّ علمٍ أحسنه، فإنّ النحل يأكلُ من كلّ زهرٍ أزينَه، فيتولّد منه جوهران نفيسان: أحدهما فيه شفأ للناس، والاَخر يُستضأ به). معجم ألفاظ غرر الحكم (ص١٣٤٢) رقم (١٠٥٣).

وقال عليه السلام: (العلم أكثر من أن يُحاط به، فخذوا من كلّ علمٍ أحسنَه). معجم ألفاظ غرر الحكم (ص٢٣٤).

ومن قول الإمام عليه السلام اقتبس الشاعر فيما أنشدنيه سماحة العلاّمة المجاهد السيّد بدر الدين الحوثي الحسني اليماني دام عُلاه، فقال:

ما حوى العلم جميعا أحد * لا، ولو دارسَه ألْفَ سَنَه

إنّما العِلمُ بَعيد غورُه * ( فخذوا من كلّ علمٍ أحْسَنَه)

ولاحظ ما يأتي في التعليق على الفقرة .[٥٠]الهامش (٤)

٥٠

ويُقدّمَ علمَ التوحيدِ، ويَعْرِفَ الله تعالى بالدليل(٢٩) .

[١٢ - اختيار العتيق]

ويختارَ العتيقَ دُوْنَ المحْدَثات.

قالوا: (عليكُم بِالعتيقِ((٣٠) ) وإيّاكُم والمحدَثاتِ).

____________________

(٢٩) للتوسّع في هذه الفقرة راجع منية المريد (ص٣٦٦ و ٣٧٩ و ٣٨٥) وانظر هنا في الاعتماد على الاستاذ في اختيار العلم.[٢٠]الفقرة

(٣٠) جاءت هذه الجملة ضمن كلام لبعضهم، في جامع بيان العلم ( ٢/ ١٩٣). فإنّه أسند إلى مَنْ قال: (ستجدون أقواما يدعونكم إلى كتاب الله، وقد نبذوه ورأ ظهورهم، فعليكم بالعلم، وإيّاكم والتبدّع، وإيّاكم والتنطُع، وعليكم بالعتيق).

فالظاهر أنّ المراد بالعتيق هي المعارف والعلوم القديمة، التي وقع الاتفاق على ضرورتها وفائدتها علما وعملا، دون ما لا نفعَ فيه سوى الترف العلمي، والنُزهة الفكرية، وما لا دخل له في تمرينٍ أو مقدميّة لعلم، ومن ذلك ممّا تُدووِل في العصور المتأخّرة من الجدليات والفرضيّات، أو الصناعات المسمّاة بالعقليّة، التي لا تمسّ حياة الانسان من قريب أو بعيد، وليس لها مجال في التطبيق ولا أثر عمليّ، ولا ثمرة في الدين أو الدنيا. ومن ذلك ما اُقحم في علم الاُصول من المباحث البعيدة عن واقع العلوم المنقولة وفرض آرأ ونظريّات لا يوافق عليها العرف ولا العقلا، ويرفضها حتى أصحاب الفنون أنفسهم، فكم من بحثٍ لغوي يرفضه اللغويون وكم من رأي فلسفي لا يرضاه الفلاسفة، وقد أتعب المتأخرون، والجدد المتعلّمون أنفسهم في اقتحامها بلا طائل يعود على العلم وطلابه سوى التطويل، وتوغّلوا في صياغة المصطلحات التي لا تعود على الدراسات سوى التعقيد، وليس الغرض منها سوى عرض العضلات بزيادة القال والقيل. بينما علوم شريفة من صميم الشريعة، كالحديث وفقهه وشرحه، وآيات الأحكام وتفسيرها، واللغة ومتونها، متروكة مهملة لا يرعاها إلا القلائل.

وينسحبُ مثلُ هذا الكلام على المؤلّفات التي يغلب على الجديد منها الهراء والفضول وكبر الحجم، وزيادة المجلّدات، وكأنّ الاهتمام بالوزن والكمّ فقط، وهذا على خلاف المؤلّفات القديمة المبتنية على تصغير الأحجام وبذل غاية الاهتمام بالكيف والعمق والإحكام، فقد كانوا يزنون العلم بالمؤدى وما يُفيد في مجال الأعمال، لا كما آل إليه الأمر من وزن العلم بالأرطال.

ثمّ إنّ انتهاج هذه السيرة الجديدة في العلوم تدريسا وتأليفا وتفكيرا هو المؤدي إلى ما وصل إليه الطلاّب من الحيرة في الانتخاب، أو اليأس من الاستيعاب، لكثرة الاحتمالات والاَرأ وكثرة المؤلّفات في كلّ موضوع وباب، ولا يمكن التخلّص من هذه الحالة المتردّية إلا باللجو إلى الاُصول في كلّ شي من نص أو فكر أو رأي أو كتاب، حتى يختصر الزمان ونسبق حوادثه التي تجتاحُ الكونَ والإنسان.

والله الموفّق وهو المستعان.

٥١

[١٣ - اختيار المتون]

ويختارُ المُتُونَ.

كما قيلَ: (عليكُم بالمُتُوْنِ).

[١٤ - اختيار الاُستاذ]

وأما اخْتيارُ الاُسْتاذ، فينبغي أَنْ يختارَ الأعْلَمَ، والأوْرَعَ، والأسَنَ.

٥٢

وينبغي أنْ يُشاوِرَ في طَلَب أيّ عِلْمٍ يُرادُ في المشي إلى تحصيله(٣١) .

وإذا وَصَلَ((٣٢) ) المتعلّمُ إلى بِلادٍ يُريدُ أنْ يتعلّمَ فيها، فلْيكُنْ إلا يَعْجَلَ في الاخْتلاطِ مَعَ العلماء، وأنْ يَصْبِرَ شَهرَيْنِ، حتّى كانَ اخْتيارُه لِلاُستاذ لَمْ

يُؤَد إلى تركِه والرجُوعِ إلى الاَخَر، فلا يُبارَكْ له

[١٥ - الثَبات على ما يختار]

فينبغي أنْ يَثْبُتَ ويَصْبِرَ:

على اُسْتاذٍ.

وعلى كِتابٍ، حتّى لا يكون - بتركِه - أبْتَرَ.

وعلى فَن، حتّى لا يشتغلَ بفَن آخَرَ قَبْلَ أنْ يصيرَ ماهرا فيه.

وعلى بَلَدٍ، حتّى لا يَنْتَقِلَ إلى بَلَدٍ آخَر، من غَيْر ضَرُورة(٣٣) .

____________________

(٣١) روى الماوردي في أدب الدنيا والدين (ص٢٩١) قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: (الاستشارةُ عينُ الهداية، وقد خاطر من استغنى برأيه).

وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انّه قال: (المشورةُ حِصن من الندامة، وأمان من الملامة) نزهة الناظر (ص٣).

وقال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: (نعم المؤازرة المشاورةُ، وبئس الاستعداد الاستبداد) ورواهما في أدب الدنيا والدين (ص٢٨٩).

وروى الزرنوجي (ص١٤): قال جعفر الصادق عليه السلام لسفيان الثوري: (شاوِرْ في أمْرِك مَعَ الذين يخشونَ الله تعالي).

في الاعتماد على الاُستاذ في اختيار العلم.ولاحظ الفقرة [ ٢٠ ]

(٣٢) كذا في أكثر النسخ وفي بعضها: دَخَلَ.

(٣٣) عن الرحلة إلى البلاد وفوائدها، راجع كتاب: الرحلة إلى طلب الحديث، للخطيب البغدادي.

وقال أمير المؤمنين عليه السلام:

تغرَبْ عن الأوطانِ في طلب العُلى * وسافِرْ ففي الأسفار خَمْسُ فوائدِ

تَفرجُ هم , واكْتِسابُ معيشةٍ , * وعلم، وآداب وصحبة ماجِدِ

وهو في الديوان (ص٦١).

٥٣

فإنّ ذلك كلَه يُفَرّقُ الاُمورَ المُقَربة إلى التحصيل، ويُشْغل القَلْبَ، ويُضَيّعُ الأوقات.

[١٦ - اختيار الشريك]

وأما اخْتيار الشريك، فينبغي أن يختارَ الُمجِدَ، والوَرِعَ(٣٤) وصاحبَ الطبعِ المستقيمِ.

ويفرّ ويحترزُ((٣٥) ) من الكسْلانِ، والمُعَطَلِ، ومِكْثارِ الكلامِ، والمُفْسِدِ، والفتّانِ.

كما قيل - في الحكمة الفارسيّة - نَظْما:

يارِ بَدْ بدْتَرْ بُوَدْ أزْ مارِ بَدْ * تا تَوَانِيْ مِيُْرِيْزْ أزْ يارِ بَدْ

مارِ بَدْ تَنْها تُو را بَرْ جانْ زَنَد * ْيارِ بَدْ بَرْ جانُ وبَرْ إيمانْ زَنَدْ(٣٦)

____________________

(٣٤) كذا في النسخ والزرنوجي، وفي الخشاب وبعض النسخ: المتورّع.

(٣٥) في (ب، د): يفرّ وفي سائر النسخ: (يحترز) وقد جمع بينهما في (ع).

(٣٦) وقد نظمتُ معنى البيتين بالعربية، فقلتُ:

لئنْ كانَ خل السوء أعتى مضرَة * ًمن الحيّة السوداء فاهجُرْه بالبَيْنِ

فإنْ كانَتْ السوداء للجسم سمها * فضرّ صديق السو للجسم والدِيْنِ

وقد أثبت الخشاب معنى البيتين نثرا في المتن، وذكر الشعر الفارسي في

أمّا الزرنوجي فقد أورد الشعر هكذا:

يارِ بَدْ بَدْتَرْ بُوَد أزْ مارِ بَدْ بحق ذاتِ اكِ الله الصَمَدْ

يارِ بَدْ آرَدْ تو را سُويِ جَحِيمْ يارِ نيكُو كِيْرْ تا يابي نَعِيْمْ

٥٤

وقيل:

فاعْتَبِرِ الأرْضَ بأسْمائِها(٣٧) * واعْتَبِرِ الصاحبَ بالصاحِبِ(٣٨)

____________________

(٣٧) كذا في الزرنوجي والنسخ، لكن في الخشاب: بإنمائِها.

(٣٨) جاء في الزرنوجي، قبل هذا البيت، قوله:

إنْ كُنْتَ تبغي العِلْمَ من أهلِه * أوْ شاهدا يُخْبِرُ عن غائبِ

ولاحظ نهاية الفقرة[٣٣] ففيها كلام حول الشخص الذي يُنتخب للمذاكرة.

وأنشد الماوردي، لأبي بكر الخوارزمي:

لا تَصْحَب الكسلان في حالاته * كم صالحٍ بفساد آخَرَ يفسدُ

عدوى البليد إلى الجليد سريعة * والجَمْرُ يُوضَعُ في الرمادِ فيخمُدُ

أدب الدنيا والدين (ص١١٢).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام:

فلا تَصْحَبْ أخا الجهل * و إيّاكَ و إيّاه

فكم من جاهلٍ أرْدى * حليما حينَ آخاه

يُقاسُ المَرْءُ بالمَرْءِ * إذا ما هو ماشاه

ولِلقَلْبِ على القَلْب * دليل حين يَلْقاه

وللشيء من الشي * ء مقاييس وأَشْباه

وهو في الديوان (ص١٢٢) ورواه القُضاعي في دستور معالم الحكم (ص١٥٧).

٥٥

[١٧ - تعظيم العلم وأهله]

وينبغي أنْ يُعَظّمَ العلمَ وأهلَه بالقَلْبِ غايةَ التعظيم.

قيل: (الحُرْمَةُ خَيْر من الطاعَةِ).

حتّى لَمْ يأخُذ الكتابَ، ولَمْ يُطالِعْ، ولَمْ يَقْرأ الدَرْسَ، إلا مَعَ الطَهارة(٣٩) .

[١٨ - أَدَبُ الكِتابة]

وينبغي أنْ يُجَودَ كتابة الكتاب(٤٠) ،

____________________

(٣٩) لا سيّما الكتب المحتوية على النصوص المقدّسة، كالقرآن الكريم، وتفاسيره، فإنّ ما يؤدّي إلى الاستهانة بها حرام.

وكذلك كتب الحديث الشريف والسُنّة المطهرة، بل يلزم تعظيمها كما نقل عن العلاّمة الفاضل الدربنديّ أنّه كان يُوْلي كتب الحديث الشريف تعظيما

بالغا، حتى كانَ إذا أخذ بيده كتاب (تهذيب الأحكام) للشيخ الطوسي: قبّلَه ووضعه على رأسه، كما يُصْنَعُ بالقرآن الكريم، ويقول: (إنّ كتُب الحديث لها عَظَمةُ القرآن).

لاحظ: المنتقى النفيس من درر القواميس (ص١٥٨).

وأمّا الكون على الطهارة فقد رووا فيه عن مالك بن أنس، أنه قال: كانَ لا يحدّثُ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ وهو طاهر. جعفر بن محمّد [ عليه السلام]جامع بيان العلم (١٩٩٢).

(٤٠) روى الخطيبُ والسمعانيّ، مسندا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنّه قال: (الخطّ الحسنُ يزيدُ الحقَ وضوح) الجامع لأخلاق الراوي (ج١، ص٣٩٩) رقم ٥٣٢،

وأدب الإملاء والاستملا ء(ص١٦٦)، وفيه: (وضح) بدل (وضوح) وفي هذا المصدر كلام عن آداب الكتابة.

وانظر: تدوين السُنّة الشريفة (ص١٠١) فقد أوردنا له تخريجا أوسع.

وأسند الخطيبُ إلى أبي عثمان، عمرو بن بحر الجاحظ قال: قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب [عليه السلام]: (الخطّ علامة، فكلّما كانَ أبْيَنَ كانَ أحْسَنَ).الجامع لأخلاق الراوي (ج١، ص٤٠٠) رقم ٥٣٥.

وقال عليه السلام : (الخطّ لسان اليد). معجم ألفاظ غرر الحكم (خطط).

٥٦

ولا يُقَرْمِطَ(٤١) ويترك الحاشية(٤٢) إلا عند الضرورة، لاِضنّه إنْ عاشَ

____________________

(٤١) قال ابن منظور: قَرْمَطَ في خَطْوِه: إذا قارب ما بين قَدَمَيْه والقرمَطَةُ في الخطّ: دقّة الكتابة وتداني الحروف، وقرمَطَ الكاتبُ إذا قارب بين كتابته. لسان العرب (٢٥٢٩) مادّة (قرمط).

فالنّهي عن القرمطة، بمعنى عدم الكتابة الدقيقة، التي يصعب قرأتها عند الحاجة. وأما ما ورد من الأمر بالقرمطة فيما رواه الخطيب عن عليّ أميرالمؤمنين أنّه قال لكاتبه عُبَيْد الله بن أبي رافع: (ألِقْ دِواتَك، وأطِلْ سِنَ قَلمِكَ، وأفْرِجْ بين السّطور، وقَرْمِطْ بينَ الحروف). الجامع لأخلاق الراوي (٤٠٣١) رقم ٥٤٠. وأرسله في لسان العرب (قَرْمَطَ) وفيه: (فَرجْ ما بين السّطور وقرْمط ما بين الحروف).

فالمراد التقريب بين حروف الكلمة الواحدة، فإنّ الفصل الكثير بينها مؤد إلى الوهم والتصحيف، كما لا يخفي.

(٤٢) المقصود من (ترك الحاشية) عدم كتابة شي على هوامش الكتاب، بعنوان التوضيح أو التعليق، فإنّ فِعْل الطالب المتعلّم ذلك، يؤدّي إلى تشويه الكتاب، مَعَ أن ما يكتبه ليس بالجودة والقوّة اللازمة، بحيث يُرْتضى - حتى من قبله هو - بعدَ هذه المرحلة.

فالأولى اجتناب ذلك، والكتابة في دفتر منفصل.

٥٧

نَدِمَ، وإنْ ماتَ شُتِمَ(٤٣) .

[١٩ - أَدَبُ السماع]

وينبغي أنْ يستمع العِلْمَ بالتعظيم والحرمة، لا بالاسْتهزاء.

[٢٠ - الاعتماد على الاُستاذ]

ولا يختارُ نَوْعا من العِلْم بنفسِه، بَلْ يُفَوضُ أمْرَه إلى اُسْتاذِه، لأنَ الاُسْتاذَ قد حَصَلَ له التجاربُ في ذلك عند التحصيل، وعَرَفَ ما ينبغي

لكُلّ واحدٍ، وما يليقُ بطبيعتِه(٤٤) .

[٢١ - التأدبُ مَعَ الاُستاذ]

وينبغي لِطالبِ العلم أنْ لا يجلسَ قريبا من الاُستاذ عند السبق، بغير (عذر إلاّ للضّرورة)(٤٥) ، بَلْ ينبغي أنْ يكونَ بينَه وبينَ الاُستاذِ قَدَرُ القوسِ، لاِنَه أقربُ إلى التعظيم(٤٦) .

____________________

(٤٣) ومن اَداب الكتابة :تركها بعد العصر، وقد روي:( من اكرمَ حبيبتيه فلايكتبْ بعد العصر ) رواه السخاويفيالمقاصد الحسنة،وقال : ليس فيالمرفوع

اقول : ذكر المولى صدرالمتالّهين في تفسيره (١ ٣٥٨) في الحديث :( من احب ّ كريمتاه لايكتبنّ بالعصر) كذا فيه :(كريمتاه) بالألف ويمكن تخريجه على اسنعمال المثنى بالألف دائماً كما هي لغة ، لكنّ احتمال التحريف وارد، والمشهور عندنا: ( من احب ّ كريمتيه فلا يقرا بعد العصر).

وقال في تذكرة الموضوعات (ص ١٦٢): اوصى احمد ان لا ينظر بعده - اي بعد العصر - فيكتاب، وعن الشافعيّ: الورّاق إنّما باكل من دية عينيه.

(٤٤) لاحظ الفقرة [١٥] وما نقلنا في هامشها.

(٤٥) ما بين القوسين من (ف) وفي النسخ: بغير ضرورة.

(٤٦) ذكر الزرنوجي ما يرتبط بهذه الفقرة في بداية الفقرة [١٩]فقال: ومن تعظيم العلم: تعظيمُ المعلّم.

قال علي عليه السلام: (أنا عَبدُ مَنْ علّمني حرفا واحدا، إنْ شاءَ باع، وإنْ شاءَ أعْتَقَ، وإنْ شاء اسْترقّ).

٥٨

____________________

ولم أقف على هذا الحديث في غير هذا الكتاب، إلاّ أنّ المشهور على ألْسِنة المشايخ رحمهم الله يتداولونه مرسلا عنه عليه السلام أنّه كان يقول: (مَن علّمني حرفا فقد صيّرني عبد).

وأرسل الشهيد قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (مَنْ علَمَ أحدا مسألةً ملك رِقَه). قيل له: أيبيعه ويشتريه

قال: [ لا ] بل يأمُرُه وينهاه). في منية المريد (ص٢٤٣) ونقله محقّقه عن إجازة ابن أبي جمهور الأحسائي، بلفظ: قال سيّدُ العالمين: (مَنْ علّمَ ...) وفيه وردت كلمة [ لا ] التي وضعناها بين المعقوفين. نقل ذلك عن بحار الأنوار (ج١٠٨، ص١٦).

وبالنسبة إلى تعظيم الاُستاذ المعلّم:

روى الخطيب بسنده إلى محمّد بن سلام الجمحي قال: قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام : (من حقّ العالم عليك:

أنْ تُسَلمَ على القوم عامَةً، وتخصّه دونَهم بالتحيّة.

وأنْ تجلس أمامه.

ولا تُشيرَنَ عنده بيدك.

ولا تغمِزَنّ بعينيك.

ولا تقولَنَ (قال فلان) خلافا لقوله.

ولا تغتابنَ عنده أحَدا.

ولا تسارّ في مجلسه.

ولا تأخذ ثوبَه.

٥٩

____________________

ولا تلحَ عليه إذا كَسَلَ.

ولا تعرض من طول صُحبته، فإنّما هو بمنزلة النخلة تنتظرُ متى يسقطُ عليك منها شي.

وإنّ المؤمنَ العالم لأعظمُ أجْرا من الصائم، القائم، الغازي في سبيل الله.

وإذا مات العالِمُ انثلَمَتْ في الإسلام ثُلمة لا يَسُدها شي إلى يوم القيامة). الجامع لأخلاق الراوي (٣٠٠١ - ٣٠١) رقم ٣٥٠.

ورواه القاضي القضاعي في دستور معالم الحكم في بداية الباب السابع (ص١٠٧ - ١٠٨) بتقديم وتأخير في بعض الفقرات.

ورواه من أصحابنا البرقي في المحاسن (ص٢٣٣) في كتاب مصابيح الظلم، باب (١٩) حقّ العالم، الحديث (١٨٥) بسنده عن الصادق عليه السلام قال: كان

علي عليه السلام يقول: (إنّ من حقّ العالم أنْ ...). ورواه الكليني في الكافي (٢٩١) كتاب فضل العلم، باب حقّ العالم، إلى

قوله: (في سبيل الله). وأرسله باختلاف في منية المريد (ص٢٣٤).

وأسند ابنُ عبد البرّ إلى سعيد بن المسيّب، عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال: (إنّ من حقّ العالم:

أنْ لا تُكثر عليه بالسؤال.

ولا تعنّتْه في الجواب.

وأن لا تلحَ عليه إذا كسل.

ولا تأخذ بثوبه إذا نهضَ.

ولا تُفْشِينَ له سرّا.

ولا تغتابنَ عنده أحدا.

٦٠