الدروع الواقية

الدروع الواقية18%

الدروع الواقية مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: دراسات
الصفحات: 317

الدروع الواقية
  • البداية
  • السابق
  • 317 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 115600 / تحميل: 6688
الحجم الحجم الحجم
الدروع الواقية

الدروع الواقية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

وأهل بيتهعليهم‌السلام ، فقد دخل هو وأبوه الإسلام مقهورين موتورين يوم فتح مكة، ودخل في عداد الطلقاء، بعد أن كان قد فقد جدّه وخاله وأخاه في الصراع ضد الإسلام قبل فتح مكّة.

على أنّ طوال هذه الفترة - منذ وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى نهاية حكم عثمان - لم يعتنِ النظام الحاكم بالدعوة الإسلامية ونشرها وترسيخها في النفوس، ولم يسع لاجتثاث العقد والأمراض والعادات القبلية، بل كان همّ الحاكمين هو الاندفاع في الفتوحات طمعاً في توسعة الدولة وزيادة الأموال. وقد عمل الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام منذ وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله جاهداً على أن لا تفقد الأمة شخصيتها الإسلامية وحاول تقليل انحرافها، فكان يتدخّل ويُعِين الفئة الحاكمة تارةً باللين واُخرى بالشدّة متجنّباً الصدام المباشر معهم، لأجل استرداد حقّه الشرعي في الخلافة، مؤثراً مصلحة الإسلام العامّة على ما سواها من المصالح(1) .

لقد فجعت الأمة بمصلحها الكبير - يوم استشهد الإمام عليعليه‌السلام - وانهارت بين يدي الإمام الحسن بن عليعليهما‌السلام بعد أن أنهكتها حروب الإصلاح ضد الناكثين والقاسطين والمارقين; إذ أسرعت القوى النفعية والمنافقة والحاقدة على الإسلام إلى الوقوف في وجه الإمام عليعليه‌السلام متنكرة لأوامر الله سبحانه ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله غير مبالية بمصلحة الأمة، بالرغم من تجسيده للزعامة الحقيقية التي تقود إلى منهج الحقّ والعدل الإلهي، وهم يعلمون بشرعيته التي اكتسبها من الرسالة والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله . وهذا ما كان يشكّل خطراً حقيقياً من شأنه أن يلغي وجودهم من المجتمع الإسلامي، ولهذا كانت حروب: الجمل وصفّين ثم النهروان.

____________________

(1) شرح النهج لابن أبي الحديد: 1 / 248.

٨١

ورأى الإمام الحسنعليه‌السلام أن ينهض بالأمة مواصلاً مسيرة الإصلاح ومواجهة الانحراف، ولكنّ الجموع آثرت السلامة والركون إلى الراحة(1) ، فاضطرّ الإمام الحسنعليه‌السلام إلى الصلح والمهادنة مع معاوية - وهو المتحصّن القويّ في بلاد الشام - على شروط وعهود مهمّة، ليضمن سلامة الصفوة الخيّرة من الأمة، وليبني قاعدة جماهيرية أكثر وعياً وأعمق إيماناً برسالتها الإسلامية، كي لا يُمسخ المجتمع المسلم ولا تُمحق الرسالة; إذ ليس السيف دائماً هو الفيصل في حالات النزاع، فربما كان للكلمة والمعاهدة أثر أبلغ في مرحلة خطرة، حيث الهدف هو صيانة الرسالة الإسلامية وحفظ الأمة الإسلامية في كلّ الأحوال، وليتّضح دور النفاق والعداء الذي كان يتّسم به بنو أُمية وما كان يُضمِرهُ حكّامهم للإسلام.

ولقد وقف الإمام الحسينعليه‌السلام إلى جانب أخيه الإمام الحسنعليه‌السلام وعايش جميع الأحداث التي مرّ بها أخوه، وكانا على اتّفاق تامّ في الرأي والموقف، يعاضده في توجيه الأمة وإنقاذها بعد أن رأى كيف أنّ انحراف السقيفة تكاملت أدواره في هذه المرحلة، وقد سرى هذا الانحراف في جسد الأمة حتى غدت لا تتحفّز لنهضة الإمام الحسنعليه‌السلام ولا تستجيب لأوامره.

وأحاط الإمام الحسنعليه‌السلام بكلّ ما دبّره معاوية من المكائد والدسائس، وأصبحت الأكثرية من جيش العراق في قبضة معاوية بن أبي سفيان وطغمته، بعد أن كان يمثّل جيش العراق العمود الفقري لجيش الإمام عليعليه‌السلام .

ولم يكن ليخفى على الإمام الحسينعليه‌السلام أنّ المعركة - لو قدّر للإمام الحسن أن يدخلها مع معاوية - ستكون لصالح الأخير، وستنتهي حتماً إمّا بقتل

____________________

(1) الإرشاد للمفيد: 8 - 9.

٨٢

الحسن والحسين وجميع الهاشميّين وخُلَّص شيعتهم، أو ستنتهي بأسرهم، في الوقت الذي تحتاج فيه الأمة الإسلامية إلى وجود الإمام المعصوم بينها لإنقاذ ما تبقّى وبناء ما تهدّم; فإنّ الرسالة الإسلامية خاتمة الرسالات ولابدّ من إتمام ما بناه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

ومن ذلك تبيّن أنّ ما رواه بعض المؤرّخين من أنّ الإمام الحسينعليه‌السلام كان كارهاً لما فعله الإمام الحسنعليه‌السلام وأنّه قال له: (أنشدك الله أن لا تصدّق أحدوثة معاوية وتكذّب أحدوثة أبيك) وأنّ الحسن قال له: (أُسكت أنا أعلم منك)... يتبيّن أنّ هذه المرويّات لا أساس لها من الصحة(1) .

هذا بالإضافة إلى أنّ الإمام الحسينعليه‌السلام كان أبعد نظراً وأعمق غوراً في الأمور ومعطياتها من أفذاذ عصره الذين قدّروا للحسنعليه‌السلام موقفه الحكيم الذي لم يكن هناك مجال لاختيار موقف سواه، وكانعليه‌السلام أرفع شأناً من أن تخفى عليه المصلحة التي أدركها غيره فيما فعله أخوه حتى يقف منه ذلك الموقف المزعوم.

ولا يشكّ المعتقدون بإمامة وعصمة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام في عدم صحة الروايات التي تحدّثت عن معارضة الإمام الحسينعليه‌السلام لموقف أخيه الإمام الحسنعليه‌السلام من الصلح مع معاوية.

فإذا كان الحسنانعليهما‌السلام إمامين مفترضي الطاعة; كان كلّ ما قاما به هو محض التكليف الإلهي، وطبقاً لما أراده الله تعالى لهما، فليس ثمّة مجال لمثل تلك الروايات.

ويشهد على قولنا هذا روايات معتبرة تعارض تلك الروايات غير الصحيحة، منها ما يلي:

____________________

(1) سيرة الأئمّة الاثني عشر: 2 / 23.

٨٣

1 - قال أبو عبد الله الصادقعليه‌السلام : نحن قوم فرض الله طاعتنا، وأنتم تأتمّون بمن لا يعذر الناس بجهالته(1) .

2 - سأل رجل أبا الحسن الإمام الرضاعليه‌السلام فقال: طاعتك مفترضة؟ فقال: نعم، قال: مثل طاعة عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ؟ فقال: نعم(2) .

3 - عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال له حمران: جُعلت فداك، أرأيت ما كان من أمر عليّ والحسن والحسينعليهم‌السلام وخروجهم وقيامهم بدين الله عَزَّ وجَلَّ وما أصيبوا من قتل الطواغيت إيّاهم والظفر بهم حتى قُتلوا أو غلبوا؟ فقال أبو جعفرعليه‌السلام : يا حُمران! إنّ الله تبارك وتعالى قد كان قدّر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه ثمّ أجراه، فبتقدّم علم ذلك إليهم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قام عليّ والحسن والحسين وبعلمٍ صمت من صمت منّا(3) .

4 - وعن عظيم أخلاق الحسينعليه‌السلام واحترامه لأخيه الحسنعليه‌السلام قال الإمام محمد الباقرعليه‌السلام : ما تكلّم الحسين بين يدي الحسن إعظاماً له(4) .

5 - قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ معاوية كتب إلى الحسن بن عليّ (صلوات الله عليهما) أن أقدم أنت والحسين وأصحاب عليّ، فخرج معهم قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري فقدموا الشام، فأذن لهم معاوية، وأعدّ لهم الخطباء... ثمّ قال: يا قيس! قم فبايع، فالتفت إلى الحسينعليه‌السلام ينظر ما يأمره، فقال: يا قيس! إنّه إمامي ( يعني الحسنعليه‌السلام )(5) .

____________________

(1) أصول الكافي: 1 / 143، باب فرض طاعة الأئمّة.

(2) أصول الكافي: 1 / 143، باب فرض طاعة الأئمّة.

(3) أصول الكافي: 1 / 221 - 222 باب أنّ الأئمّةعليهم‌السلام لم يفعلوا شيئاً ولا يفعلون إلاّ بعهد من الله عَزَّ وجَلَّ وأمر منه لا يتجاوزونه.

(4) حياة الإمام الحسين: 2 / 252.

(5) بحار الأنوار: 44 / 61.

٨٤

احترام الإمام الحسينعليه‌السلام لبنود صلح الإمام الحسن عليه‌السلام :

استشهد الإمام الحسنعليه‌السلام سنة (49) أو (50) للهجرة، ومات معاوية سنة (60) للهجرة، وفي هذه المدة كانت الإمامة والقيادة للإمام الحسينعليه‌السلام ولم تجب عليه طاعة أحد، لكنّهعليه‌السلام ظلّ ملتزماً ببنود معاهدة الصلح التي عقدها أخوه الإمام الحسنعليه‌السلام مع معاوية، فلم يصدر عنه أيّ موقف ينتهك به بنود المعاهدة المذكورة. بل لمّا طالبه بعض الشيعة بالقيام والثورة على معاوية، أوصاهم بالصبر والتقية مشيراً إلى التزامه بالمعاهدة، وأنّه سيكون في حِلٍّ من المعاهدة بموت معاوية.

رسالة جعدة بن هبيرة إلى الإمام الحسينعليه‌السلام :

كان جعدة بن هبيرة بن أبي وهب من أخلص الناس للإمام الحسينعليه‌السلام وأكثرهم مودّة له، وقد اجتمعت عنده الشيعة وأخذوا يلحّون عليه في مراسلة الإمام للقدوم إلى مصرهم الكوفة ليعلن الثورة على حكومة معاوية، فدفع جعدة رسالة إلى الإمام الحسينعليه‌السلام هذا نصها: (أمّا بعد، فإن من قبلنا من شيعتك متطلّعة أنفسهم إليك، لا يعدلون بك أحداً، وقد كانوا عرفوا رأي الحسن أخيك في الحرب، وعرفوك باللين لأوليائك والغلظة على أعدائك والشدّة في أمر الله، فإن كنت تحبّ أن تطلب هذا الأمر فأقدم علينا، فقد وطنّا أنفسنا على الموت معك)(1) .

فأجابه الإمام الحسينعليه‌السلام بقوله: (أمّا أخي فإنّي أرجو أن يكون الله قد

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 229 - 230.

٨٥

وفّقه وسدّده، وأمّا أنا فليس رأيي اليوم ذاك، فالصقوا رحمكم الله بالأرض، واكمنوا في البيوت، واحترسوا من الظنّة ما دام معاوية حيّاً، فإن يُحدث الله به حدثاً وأنا حيّ كتبت إليكم برأيي، والسلام).

يتبيّن ممّا تقدّم أنّ الإمام الحسينعليه‌السلام - انطلاقاً من مسؤوليته الشرعية - اتّبع أخاه الإمام الحسنعليه‌السلام في مسألة الصلح مع معاوية، وقد قبله والتزم به طيلة حكم معاوية، بل إنّ عشرات الشواهد تؤكّد أنّهما كانا منسجمين في تفكيرهما ونظرتهما إلى الأمور ومعطياتها ومتّفقين في كلّ ما جرى وتمّ التوصل إليه.

وكما نسبوا إلى الإمام الحسينعليه‌السلام ذلك فقد نسبوا إلى الإمام الحسنعليه‌السلام أيضاً أنّه كان على خلاف مع أبيه! في كثير من مواقفه السياسية قبيل خلافته وخلالها. ومن الواضح أنّ الهدف من أمثال هذه المزاعم هو زرع الشكّ في نفوس الأمة بالنسبة للموقع الريادي للإمامين الشرعيين الحسن والحسينعليهما‌السلام بغية إيجاد الفرقة والاختلاف كي يبتعد الناس عنهما.

استشهاد الإمام الحسنعليه‌السلام :

أقام الإمام الحسنعليه‌السلام بالكوفة أيّاماً بعد أن صالح معاوية، ثمّ عاد مع أخيه الإمام الحسينعليه‌السلام وجميع أهل بيته إلى المدينة، فأقام بها كاظماً غيظه لازماً منزله منتظراً لأمر ربّه جَلَّ اسمه(1) . وكما ذكرنا فإنّ الإمام الحسينعليه‌السلام رفض التحرّك ضد معاوية ما دام حيّاً، التزاماً بمعاهدة الصلح التي كان قد عقدها أخوه الحسنعليه‌السلام معه.

____________________

(1) الإرشاد: 2/15.

٨٦

وقد اهتمّ الإمامانعليهما‌السلام في المدينة بالعبادة وترسيخ العقيدة الإسلامية في نفوس الناس وتوضيح الأحكام الإسلامية للناس وإرشادهم وهدايتهم والعمل من أجل تربية جيل واع يتحمّل مسؤوليته تجاه الظلم والفساد والانحراف الحاصل في مسيرة الأمة. وفي هذه السنوات العشر - كما دوّنته جملة من مصادر التاريخ الإسلامي - قد حدثت عدّة مناوشات كلامية من جانب الإمامين الحسن والحسينعليهما‌السلام بالنسبة لتصرفات معاوية وجملة من عناصر بلاطه.

٨٧

٨٨

الباب الثالث

فيه فصول:

الفصل الأول: عصر الإمام الحسينعليه‌السلام .

الفصل الثاني: مواقف الإمام الحسينعليه‌السلام وإنجازاته.

الفصل الثالث: نتائج الثورة الحسينية.

الفصل الرابع: من تراث الإمام الحسينعليه‌السلام .

٨٩

٩٠

الفصل الأول:

عصر الإمام الحسينعليه‌السلام

البحث الأوّل: حكومة معاوية ودورها في تشويه الإسلام:

أمسك معاوية والطغمة الفاسدة من بني أُمية بزمام الحكم، وأكملوا بذلك الانحراف الذي حصل من السقيفة، حيث حوّل معاوية الخلافة إلى ملك عضوض مستبدّ، حين صرّح بعدائه للأمة الإسلامية واعترف بعدم رضى الأمة به حاكماً بقوله: والله ما ولّيتها - أي الخلافة - بمحبّة علمتها منكم ولا مسرّة بولايتي ولكن جالدتكم بسيفي(1) .

ولكنّ معاوية والتيار الذي تزعّمه واجه عقبةً كؤوداً، هي تطبيق الإمام عليعليه‌السلام لأحكام الشريعة الإسلامية بصورتها الصحيحة. مضافاً إلى أنّه لم يترك الأمة حتى عمّق العقيدة في النفوس، فأحبّته الجماهير - وخصوصاً أهل العراق - وكان في ذلك حريصاً على الرسالة والأمة الإسلامية ومفنّداً مزاعم أرباب السقيفة حين عبّر أبو بكر عن عجزه واعتذر عن كثرة أخطائه بقوله: فإني قد وُلّيت عليكم ولست بخيركم(2) . فإنّ هذا الاعتذار قد يفهم منه

____________________

(1) تأريخ الخلفاء: 71.

(2) المصدر السابق.

٩١

عدم إمكان التطبيق التام للشريعة الإسلامية. ولكنّ الإمام عليّاًعليه‌السلام قد قدّم النموذج الحيّ للقيادة الكفوءة الواعية والمعصومة بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكانت الأمة المسلمة تتوقّع قائداً كعلي بن أبي طالبعليه‌السلام .

ولكن معاوية شرع في تشويه هذه القيم الإسلامية ومحاربة القوى المتعاطفة مع أهل البيتعليهم‌السلام وهدم كلّ ما بناه الإمام عليعليه‌السلام في الأمة الإسلامية من قيم فتفقد إرادتها ويموت ضميرها لئلاّ تكون قادرة على مواجهة أهواء الحكّام المخالفة للدين الحنيف. لقد أعلن معاوية - منذ أوّل خطوة - أنّ هدفه الأساس هو استلام زمام الحكم حتّى لو أريقت من أجله دماء المسلمين المحرّمة بكلمته المعروفة: والله ما قاتلتكم لتصلّوا ولا لتصوموا ولا لتحجّوا ولا لتزكّوا، وإنّما قاتلتكم لأتأمّر عليكم(1) .

منهج معاوية لمحاربة الإسلام:

ولابدّ لنا من دراسة موجزة للمخطّطات الشيطانية التي تبنّاها معاوية وما رافقها من الأحداث الجسام، فإنّها من أهمّ الأسباب في ثورة الإمام الحسينعليه‌السلام .

لقد رأى الإمامعليه‌السلام ما وصل إليه حال المسلمين من التردّي عقائدياً وأخلاقياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً. وكان كل هذا التردّي من جرّاء السياسات التي أبعدت الأمة عن مسار الإسلام الأصيل من خلال ممارسات معاوية التي بلغت ذروتها في فرض يزيد بالقوة خليفةً على المسلمين، فهبّ (سلام الله عليه) بعد هلاك معاوية إلى

____________________

(1) شرح نهج البلاغة: 4 / 16.

٩٢

تفجير ثورته الكبرى التي أدّت إلى إيقاظ النفوس وتحريك إرادة الأمة. واليك بعض معالم سياسات الجاهلية الأُموية التي تصدّى لتنفيذها معاوية:

1 - سياسته الاقتصادية:

لم تكن لمعاوية أيّة سياسة اقتصادية في المال حسب المعنى المتداول لهذه الكلمة، وإنّما كان تصرّفه في جباية الأموال وإنفاقها خاضعاً لرغباته وأهوائه، فهويهب الثراء العريض للمؤيدين له ويحرم معارضيه من العطاء، ويأخذ الأموال ويفرض الضرائب بغير حقّ، وقد شاع في عصر معاوية الفقر والحرمان عند الأكثرية الساحقة من المسلمين، فيما تراكمت الثروات عند فئة قليلة راحت تتحكّم في مصير المسلمين وشؤونهم، وهذه بعض الخطوط الرئيسة في سياسته الاقتصادية:

أ - الحرمان الاقتصادي:

أشاع معاوية الحرمان الاقتصادي في الأقطار التي كانت تضمّ الجبهة المعارضة له، مثل:

* يثرب:

لم ينفق معاوية على أهل يثرب أيّ شيء من المال، لأنّ فيهم كثيراً من الشخصيات المعارضة للأسرة الأموية والطامعة في الحكم، يقول المؤرخون: إن معاوية أجبرهم على بيع أملاكهم فاشتراها بأبخس الأثمان، وقد أرسل قيّماً على أملاكه لتحصيل وارداتها فمنعوه عنها، وقابلوا حاكمهم عثمان بن محمد وقالوا له: إنّ هذه الأموال لنا كلّها، وإنّ معاوية آثر علينا في عطائنا، ولم يعطنا

٩٣

درهماً حتّى مضّنا الزمان ونالتنا المجاعة، فاشتراها بجزء من مائة من ثمنها، فردّ عليهم حاكم المدينة بأقسى القول وأمّره(1).

وقد نصب معاوية على الحجاز مروان بن الحكم تارةً وسعيد بن العاص مرّة أخرى، وكان يعزل الأوّل ويولّي الثاني، وقد جهدا معاً في إذلال أهل المدينة وإفقارهم.

* العراق:

فرض معاوية على أهل العراق عقوبات اقتصاديةً بصفته المركز الرئيسي للمعارضة، وكان واليه المغيرة بن شعبة يحبس العطاء والأرزاق عن أهل الكوفة، وقد سار الحكّام الأمويون بعد معاوية على هذا النهج في اضطهاد أهل العراق وحرمانهم(2) ، باعتبارهم الثقل الأكبر في الخطّ الواعي الذي وقف مع أمير المؤمنينعليه‌السلام .

ب - استخدام المال لتثبيت ملكه:

استخدم معاوية بيت المال لتثبيت ملكه وسلطانه، واتّخذ المال سلاحاً يمكّنه من التسلّط على الأمة، فقد كان من عناصر سياسة الأمويين استخدام المال سلاحاً للإرهاب وأداةً للتقريب، فحرم منه فئةً من الناس، وأغدق أضعافاً مضاعفة لطائفة أخرى ثمناً لضمائرهم وضماناً لصمتهم(3) .

ووهب معاوية خراج مصر لعمرو بن العاص، وجعله طعمة له مادام

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 123.

(2) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 125، وراجع العقد الفريد: 4 / 259.

(3) المصدر السابق: 2 / 127، نقلاً عن اتجاهات الشعر العربي: 27، د. محمد مصطفى.

٩٤

حيّاً، وذلك لتعاونه معه على مناجزة أمير المؤمنينعليه‌السلام (1) .

ج - شراء الذمم:

فتح معاوية باباً جديداً في سياسته الاقتصادية وهي شراء الذمم، فقد أعلن عن ذلك بكل دناءة قائلاً: والله لأستميلنّ بالأموال ثقات علي، ولأقسِّمنَّ فيهم الأموال حتى تغلب دنياي آخرته(2) .

كما روي أنّه وفد عليه جماعة من أشراف العرب فأعطى كلّ واحد منهم مائة ألف درهم، وأعطى الحتات عمّ الفرزدق سبعين ألفاً، فلمّا علم الحتات بذلك رجع مغضباً إلى معاوية، فقال له بلا خجل ولا حياء: إنّي اشتريت من القوم دينهم، ووكلتك إلى دينك.

فقال الحتات: اشتر منّي ديني. فأمر له بإتمام الجائزة(3) .

د - ضريبة النيروز:

فرض معاوية على المسلمين ضريبة النيروز في بدعة سنّها من غير دليل في الشريعة الإسلامية، ليسدّ بها نفقاته، وبالغ في إرهاق الناس واضطهادهم على أدائها، وقد بلغت فيما يقول المؤرخون: عشرة ملايين درهم، وهي من الضرائب التي يألفها المسلمون، وقد اتّخذها الحكّام من بعده سنّةً فأرغموا المسلمين على أدائها(4) .

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 127.

(2) راجع وقعة صفّين لنصر بن مزاحم: 495، وشرح نهج البلاغة: 2 / 293.

(3) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 128 - 129.

(4) المصدر السابق: 2 / 131، وراجع: الحياة الفكرية في الإسلام: 42.

٩٥

2 - سياسة التفرقة:

بنى معاوية سياسته على تفريق كلمة المسلمين، إيماناً منه بأنّ الحكم لا يستقرّ له إلاّ بإشاعة العداء بين أبناء الأمة الإسلامية، (وكانت لمعاوية حيلته التي كرّرها وأتقنها وبرع فيها، واستخدمها مع خصومه في الدولة من المسلمين وغير المسلمين، وكان قوام تلك الحيلة، العمل الدائب على التفرقة والتخذيل بين خصومه بإلقاء الشبهات بينهم وإثارة الإحن فيهم، ومنهم من كان من أهل بيته وذوي قرباه... كان لا يطيق أن يرى رجلين ذوي خطر على وفاق، وكان التنافس الفطري بين ذوي الأخطار ممّا يعينه على الإيقاع بهم)(1) .

أ - اضطهاد الموالي:

بالغ معاوية في اضطهاد الموالي وإذلالهم، وقد رام أن يبيدهم إبادةً شاملةً. يقول المؤرخون: إنّه دعا الأحنف بن قيس وسمرة بن جندب وقال لهما: إنّي رأيت هذه الحمراء قد كثرت، وأراها قد قطعت على السلف، وكأنّي أنظر إلى وثبة منهم على العرب والسلطان، فقد رأيت أن أقتل شطراً منهم، وأدع شطراً لإقامة السوق وعمارة الطريق(2) .

ب - العصبية القبلية:

أحيى معاوية العصبيات القبلية، وقد ظهرت في الشعر العربي صور مريعة ومؤلمة من ألوان الصراع الذي كانت السلطة الأُموية تختلقه لإشغال الناس عن التدخّل في الشؤون السياسية، وقال المؤرّخون:

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2/135، عن العقّاد في كتابه (معاوية في الميزان): 64.

(2) العقد الفريد: 2 / 260.

٩٦

إنّ معاوية عمد إلى إثارة الأحقاد القديمة بين الأوس والخزرج محاولاً بذلك التقليل من أهمّيتهم، وإسقاط مكانتهم أمام العالم العربي والإسلامي، كما تعصّب لليمنيّين على المضريّين، وأشعل نار الفتنة فيما بينهم حتى لا تتّحد لهم كلمة تضرّ بمصالح دولته(1) .

3 - سياسة البطش والجبروت:

ساس معاوية الأمة بسياسة البطش والقمع، فاستهان بمقدّراتها وكرامتها، وقد أعلن - بعد الصلح - أنّه قاتل المسلمين وسفك دماءهم كي يتأمّر عليهم، وقد أدلى بتصريح عبّر فيه عن كبريائه وغطرسته فقال: نحن الزمان، من رفعناه ارتفع، ومن وضعناه اتّضع(2) .

وسار عمّاله وولاته على هذه الخطّة الغادرة، فقد خاطب عتبة بن أبي سفيان المصريّين بقوله: فوالله لأقطعنّ بطون السياط على ظهوركم.

وجاء في خطاب لخالد القسري في أهل مكة: فإنّي والله ما أوتي لي بأحد يطعن على إمامه (يعني معاوية) إلاّ صلبته في الحرم(3) .

4 - الخلاعة والمجون والاستخفاف بالقيم الدينية:

عُرف معاوية بالخلاعة والمجون، يقول ابن أبي الحديد: كان معاوية أيام عثمان شديد التهتّك موسوماً بكلّ قبيح، وكان في أيام عمر يستر نفسه قليلاً; خوفاً منه إلاّ أنّه كان يلبس الحرير والديباج ويشرب في آنية الذهب والفضة، ويركب البغلات ذوات السروج المحلاّت بها - أي بالذهب - وعليها جلال الديباج والوشي...

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 137.

(2) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 138 - 139، والعقد الفريد: 2 / 159.

(3) الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني: 22/382 طبعة بيروت.

٩٧

ونقل الناس عنه في كتب السيرة أنّه كان يشرب الخمر في أيام عثمان في الشام(1) .

وروي عن عبد الله بن بريدة قوله: دخلتُ أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفراش، ثم أوتينا بالطعام فأكلنا ثم أوتينا بالشراب فشرب معاوية! ثم ناول أبي فقال: ما شربته منذ حرّمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (2) .

وثمة روايات عديدة تحدّثت عن أكل معاوية للربا، منها: أنّ معاوية باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها، فقال له أبو الدرداء: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن مثل هذا إلاّ مِثلاً بمثل، فقال معاوية: ما أرى به بأساً. فقال له أبو الدرداء: من يُعذرُني من معاوية؟ أنا أخبره عن رسول الله وهو يخبرني عن رأيه! لا أُساكنك بأرض أنت بها. ثم قدم أبو الدرداء على عمر بن الخطّاب فذكر له ذلك، فكتب عمر إلى معاوية: أن لا تبع ذلك إلاّ مثلاً بمثل ووزناً بوزن(3) .

ومن مظاهر استخفاف معاوية بالقيم الإسلامية استلحاقه زياد بن عبيد الرومي وإلصاقه بنسبه من دون بيّنة شرعيّة، وإنّما اعتمد على شهادة أبي مريم الخمّار وهو ممّا لا يثبت به نسب شرعي، وقد خالف بذلك قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (الولد للفراش وللعاهر الحجر)(4) .

5 - إظهار الحقد على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والعداء لأهل بيته عليهم‌السلام :

حقد معاوية على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد مكث في أيام خلافته أربعين جمعةً لا يصلّي عليه، وسأله بعض أصحابه عن ذلك فقال: لا يمنعني عن ذكره إلاّ أن

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 144 - 145.

(2) مسند أحمد بن حنبل: 5 / 347.

(3) سنن النسائي: 7 / 279.

(4) راجع قصة الاستلحاق وأسبابها وآثارها في (حياة الإمام الحسن بن علي): 2 / 174 - 190.

٩٨

تشمخ رجال بآنافها)(1) . وسمع المؤذّن يقول: (أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله...) واندفع يقول: لله أبوك يا ابن عبد الله، لقد كنت عالي الهمّة، ما رضيت لنفسك إلاّ أن يقرن اسمك باسم رب العالمين(2) .

وسخّر معاوية جميع أجهزته للحطّ من قيمة أهل البيتعليهم‌السلام الذين هم وديعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى استخدم أخطر الوسائل في محاربتهم وإقصائهم عن واقع الحياة الإسلامية، وكان من بين ما استخدمه في ذلك:

1 - تسخير الوعّاظ ليحوّلوا القلوب عن أهل البيتعليهم‌السلام .

2 - افتعال الأخبار على لسان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للحطّ من قيمة أهل البيتعليهم‌السلام وقد استفاد من أبي هريرة الدوسي، وسمرة بن جندب، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، حيث اختلقوا مئات الأحاديث على لسان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

3 - استخدم معاوية معاهد التعليم وأجهزة الكتاتيب لتغذية النَشْء ببغض أهل البيتعليهم‌السلام وخلق جيل معاد لهم.

وتمادى معاوية في عدائه لأمير المؤمنينعليه‌السلام فأعلن سبّه ولعنه في نواديه العامة والخاصة، وأوعز إلى جميع عمّاله وولاته أن يذيعوا سبّه بين الناس، وسرى سبّ الإمام في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وقد خطب معاوية في أهل الشام فقال لهم: أيّها الناس، إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لي: إنّك ستلي الخلافة من بعدي فاختر الأرض المقدسة - يعني الشام - فإنّ فيها الأبدال وقد اخترتكم فالعنوا أبا تراب(3) .

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 151، عن النصائح الكافية: 97.

(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 10 / 101.

(3) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 160، وشرح نهج البلاغة: 3 / 361.

٩٩

6 - العنف مع شيعة أهل البيتعليهم‌السلام :

اضطُهدت الشيعة أيام معاوية اضطهاداً رسمياً، ومورس معهم أشدُّ أنواع القمع والقهر. وقد وصف الإمام محمد الباقرعليه‌السلام الإرهاب الأموي بقولهعليه‌السلام : (وقتلت شيعتنا بكلّ بلدة وقطعت الأيدي والأرجل على الظنّة، وكان من يُذكر بحبّنا والانقطاع إلينا سُجن أو نهب ماله أو هدمت داره)(1) .

وعمد معاوية إلى إبادة القوى المفكّرة والواعية من الشيعة، وقد ساق أفواجاً منهم إلى ساحات الإعدام، من قبيل: حجر بن عدي ورشيد الهجري وعمرو بن الحمق الخزاعي وأوفى بن حصن.

ولم يقتصر معاوية على تنكيله برجال الشيعة، وإنّما تجاوز ظلمه إلى نسائهم، فأشاع الذعر والإرهاب في العديد منهنّ مثل: الزرقاء بنت عدي وسودة بنت عمارة وأم الخير البارقيّة.

وأوعز معاوية إلى جميع عمّاله بهدم دور الشيعة ومحو أسمائهم من الديوان وقطع عطائهم ورزقهم، كذلك عهد إلى عمّاله بعدم قبول شهادتهم في القضاء وغيره مبالغة في إذلالهم وتحقيرهم.

إنّ انحرافات معاوية وجرائمه لا يمكن استيعابها في هذه الإشارات السريعة، وهي تتطلّب كتاباً خاصاً بها لكثرتها وسعتها، ولقد كنّا نرمي في الدرجة الأولى من هذه الإشارات إلى التمهيد للتطرّق إلى ذِكر جريمته الكبرى التي أدّت بالإمام الحسينعليه‌السلام إلى إعلان ثورته، هذه الجريمة التي تمثّلت في فرض ابنه يزيد الفاسق وليّاً للعهد.

____________________

(1) شرح نهج البلاغة: 3 / 15، والطبقات الكبرى: 5 / 95.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

اللّهُمَّ اجعلني من الذين يُسبَّحون لكَ بالليلِ والنهارِ ، لا يَفتروُنَ من ذكرِكَ ولا يَسأمُونَ مِن عبادتِكَ ، يُسبّحونَ لكَ ولَكَ يسجدُوُنَ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ) (١) ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَٰنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ) (٢) .

اللّهُمَّ إني أسألُكَ يا ولي الصالحينَ أن تَختمَ لي بِصالحِ الاعمالِ ، وأن تَستَجيب دُعائي وتُعطيني سؤلي في نفسي وَمَن يَعنيني أمرُهُ يا أرحمَ الراحمين(٣) .

اليوم الثالث والعشرون :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم صالح ولد فيه يوسفعليه‌السلام ، وهو يوم خفيفٌ تطلبُ فيه الحوائج والتجارة والتزويج والدخول على السلطان ، ومَن سافر فيه غنم واصاب خيراً ، ومَن ولد فيه كان حسن التربية في كل حالة ».

__________________

(١) الحج ٢٢ : ١٨.

(٢) الفرقان ٢٥: ٦٠.

(٣) روى الحلي الحديث في العدد القوية : ٢٦١ / ١ ، وذكر الدعاء في : ٢٦٥ باختلاف يسير. وكذا نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٦٧.

١٤١

قال سلمان رحمة الله عليه :روز ديبدين ، اسم من اسماء الله عز وجل ، يوم خفيف صالح لسائر الحوائج.

الدعاء فيه :

( إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ *وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ *أَلاَّ يَسْجُدُوا للهِ الَّذِي يُخْرِجُ الخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ *اللهُ لا إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) (١) ( فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ *إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ *تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) (٢) اللّهُمَّ اجعلني ممَّن( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (٣) ( وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا للهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) (٤) .

__________________

(١) النمل ٢٧ : ٢٣ ـ ٢٦.

(٢) السجدة ٣٢ : ١٤ ـ ١٦.

(٣) السجدة ٣٢ : ١٧.

(٤) فصلت ٤١ : ٣٧.

١٤٢

اللّهُمَّ أنتَ الغفورُ الرّحيم ُوأنا المذنبُ الخاطئ الذّليلُ ، اللّهُمَّ أنتَ الغَنيُ وأنا السائلُ ، اللّهُمَّ أنتَ الباقي وانا الفاني ، اللّهُمَّ أنت الغنيُ وأنا الفقيرُ ، وأنت العزيزُ وأنا الذّليلُ ، وأنت الخالقُ وأنا المخلوقُ ، وأنت الرّازقُ وأنا المرزوقُ ، وأنت المالكُ وأنا المملُوكُ.

اللّهُمَّ( اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا *إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ) (١) ( سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ ) (٢) ( رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ) (٣) ( وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ) (٤) ( رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا ) (٥) ( رَبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ المُنزِلِينَ ) (٦) ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي *وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ) (٧) ( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٨) .

اللّهُمَّ يا فارجَ الهمّ ، يا كاشفَ الغمّ ، يا مُجيبَ دعوةَ المُضطرينَ ،

__________________

(١) الفرقان ٢٥ : ٦٥ ـ ٦٦.

(٢) البقرة ٢: ٢٨٥.

(٣) طه ٢٠ : ١١٤.

(٤) الشعراء ٢٦ : ٨٧.

(٥) الاسراء ١٧ : ٨٠.

(٦) المؤمنون ٢٣ : ٢٩.

(٧) طه ٢٠ : ٢٥ ـ ٢٦.

(٨) الحشر ٥٩ : ١٠.

١٤٣

أنتَ رحمانُ الدُّينا والاخِرَةِ ورحيمُهما ، إرحَمني في جَميع أسبابي رَحمةً تُغنيني بها عَن رحمةِ من سواكَ.

اللّهُمَّ يا حيّ يا قيُّومُ ، برحمتِكَ أستغيثُ فَأغثني ، فإني لا أجدُ ما أرجُوا ، ولا أستطيعُ دفع أكرهُ ، والامرُ بيدكَ ، وأنا عَبدكَ فَقيرٌ إلى أن تَغفرَ لي ، وكُلُّ خلقكَ إليكَ فَقيرٌ ، ولا أجدُ أفقرُ مني إليكَ.

اللّهُمَّ بنورِكَ اهتديتُ ، وبِفضلكَ استغنيتُ ، وفي نِعمتكَ أصبحتُ وأمسيتُ ، ذُنوبي بين يَديكَ ، أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ ، اللّهُمَّ انّي أدرأُ بكَ في نَحرِ كُلّ من أخافُ ، واستَنجدُكَ من شَرّهِ ، واستعديكَ عليهِ ، لا إله إلاّ أنتَ سُبحانكَ إني كنتُ منَ الظّالمينَ.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ عيشةً هنيئةً ، وميتةً سَويّة ، وَمردّاً غَير مُخزٍ ولا فاضِحِ يا أرحمَ الرّاحمين ، اللّهُمَّ إني أعوذُ بكَ أن أذلّ أو أظلِمَ أو اُظلَمَ أو أجهلَ أو يُجهَلَ عليّ ، ياذا العَرش العظيمِ والمنِ القديمِ تَباركتَ وتعاليتَ يا أرحمَ الرّاحمينَ(١) .

اليوم الرابع والعشرون :

قال أبو عبد الله الصادقعليه‌السلام : « هذا اليوم نحسٌ رديء لكل أمرٍ

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في عددده القوية: ١٧٠ / ١ و ٥ باختلاف فيه واورد الدعاء في: ١٧٣. وكذا نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٧٠.

١٤٤

يُطلبُ ، فيه ولد فرعون لعنهُ الله ، ومن ولد فيه نكد عيشه ولا يوفقُ لخير وإن حرص عليه ، يقتل في آخر عمره أو يغرق ، ومن مرض فيه طالت مرضتهُ ». والله اعلم.

قال سلمان رحمة الله عليه :روز دين ، اسمُ الملك الموكل بالنوم واليقظة ، والسعي والحركة ، وحراسة الأرواح حتّى ترجع إلى الأبدان ، يوم نحس مستمر ، ولد فيه فرعون لعنه الله ، فمن ولد فيه يُقتل ويكون نكد العيش ولا يوفقُ لخير أبداً.

الدعاء فيه :

اللّهُمَّ عافِني في بَدَني وَجَسدي وسَمعي وبَصري واجعلهُما الوارِثينَ مِني ، يا بِديء لا بدءَ لكَ ، يا دائمُ لا نفادَ لكَ ، يا حياً لا يموتُ ، يا مُحييَ الموتى ، أنت القائمُ على كُلِّ نَفسٍ بما كَسَبت ، صَلِّ على مُحمّدٍ النبيّ الأميّ وعلى أهل بَيته وافعل بي كذا وكذا.

اللّهُمَّ فالقَ الإصباح ، وجاعلَ الليلَ سَكَناً ، والشمسَ والقمرَحسباناً ، إقضِ ( عنا )(١) الدَّينَ ، وأعذنا من الفقرِ ، ومتعِنا باسماعِنا وأبصارِنا ، وقوّنا في أنفسِنا وفي سبيلكَ يا أرحَمَ الرّاحمين.

اللّهُمَّ أنتَ اِلالهُ الحقُ لا إله غيُرك ، البديءُ البديعُ ، ليس مِثلكَ

__________________

(١) في نسخة « ك » عني ، واثبتنا ما في نسخة « ن » لتتفق مع السياق.

١٤٥

شيءٌ الدائمُ غيرُ الغافِلِ ، الحيُّ الذي لا يموتُ ، خالقُ ما يُرى وما لا يُرى ، كُلُّ يومٍ أنتَ في شأنٍ ، صَلِّ على مُحمّدٍ وآلهِ وليكُن من شأنِكَ المغفرةُ لي ولوالِديّ وإخِواني ومَن يُعنيني أمرهُ ، يا أرحمَ الرّاحمينَ.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ بانَّكَ الجليلُ المقتدِرُ ، وإنكَ ما تشاءُ من أمرٍ يَكن ، وأتوجّهُ إليكَ بِنبّيكَصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأخيارِ الطّيّبين الابرارِ ، يا مُحمّد إنّني أتوجّهُ بكَ إلى رَبِّي وربّكَ في حاجَتي هذِه ، فَكُن شفيعي فيها وفي جميعِ حوائجي ومَطالبي.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ باسمِكَ الذي تُمشي به المقادير ، وبه يُمشى على طلَل(١) الماء كما يُمشى به على جَدَدِ(٢) الأرضِ ، وأسألُكَ باسمكَ الذي تَهتزُّ به أقدامُ ملائكتكَ ، وأسألُكَ باسمِكَ الّذي دعاكَ به موسى من جانبِ الطورِ فاستَجَبتَ له وألقيتَ عليه محبة منك ، وأسألُكَ بِاسمكَ الّذي دعاك به مُحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن تفعلَ بي كذا وكذا.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ بمعاقِدِ العِزِّ من عرشكَ ، ومُستقرّ الرّحمةِ من كِتابكَ ، وأسألُكَ باسمكَ الاعظَمِ ، وجلالكَ الأعلى الأكرمِ ، وكلماتِكَ التي لا يُجاوِزُهنَّ بَرٌ ولا فاجِرٌ ، أن تُصلي على مُحمّدٍ وآل محمّدٍ ، وأن تفَعلَ

__________________

(١) الطَّلل : ما شخص من آثار الديار ، والرسم ما كان لاصقاً بالأرض ، وقيل : طَلَلَ كل شيء شخصه ، وجمع كل ذلك اطلال وطُلول ، وطلل الدار كالدكانة يجلس عليها. لسان العرب ـ طلل ـ ١١ : ٤٠٦.

ولعل المراد به سطح الماء المضطرب بأمواجه.

(٢) الجدد : الأرض الصلبة المستوية. الصحاح ـ جدد ـ ٢ : ٤٥٣.

١٤٦

بي كذا وكذا.

اللّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ من غنىً مُطغٍ ، ومن فقرٍ مُنسٍ ، ومن هوىً مُردٍ ، ومن عَمَلٍ مُخزٍ ، أصبحتُ وربي الواحِدُ الأحدُ لا اُشركُ به شيئاً ، ولا أدعو معهُ إلهاً ( آخَرَ )(١) ، ولا أتخذُ من دونه ولِيّاً.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّدٍ وآلهِ وهَوّنْ عَليّ ما أخافُ مشقتهُ ، ويسر لي ما أخافُ عُسرتَهُ ، وسهِل لي ما أخافُ حُزونتهُ ، ووسّع عليّ ما أخافُ ضيقهُ ، وفرّج عني في دُنياي واخِرَتي بِرضاكَ عنّي.

اللّهُمَّ هب لي صِدقَ التَوَكُّلِ ، واجعل دُعائي في المُستجابِ من الدعاءِ ، واجعل عَملي في المرفوعِ المُتقبل. اللّهُمَّ طوِّقني ما حمَّلتني ، ولا تحمِّلني ما لا طاقةَ لي به ، حَسبي اللهُ ونعمَ الوكيلُ.

اللّهُمَّ أعني ولا تُعِن عليّ ، واقضِ لي على كُلّ من بغى عَليَّ ، ( واهدني )(٢) ويسّر لي الهدى. اللّهُمَّ إني أستودِعُكَ ديني وأمانتي وخَواتِمَ أعمالي ، وَجميعَ ما ( أنعمت )(٣) به عليّ في الدُّنيا والآخرةِ ، فأنت السيدُ لا تُضيعُ ودائعكَ. اللّهُمَّ ( وانَّهُ )(٤) لن يُجيرُني مِنكَ أحدٌ ، ولن أجدَ من دُونكَ مُلتَحَداً.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّد وآل مُحمّدٍ ، ولا تَكلني الى نَفسي طَرفَةَ عينٍ

__________________

(١) في نسخة « ك » واحداً ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

(٢) اثبتناها من نسخة « ن ».

(٣) في نسخة « ك » : انعم الله ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

(٤) في نسخة « ك » : وانت ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

١٤٧

أبداً ، ولا تَنزِع مني صالِحاً أعطيتنيهِ ، فأنَّهُ لا مانعَ لما أعطَيتَ ، ولا مُعطٍ لما مَنعتَ ، ولا ينفعُ ذا الجَدِ مِنكَ الجدُ( رَبِّنا آتنا في الدُّينا حَسَنةً وفي الآخرة حَسنةً وقنا عذابَ النارِ ) (١) (٢) .

اليوم الخامس والعشرون :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم نحس رديء ، فلا تطلب فيه حاجةً ، واحفظ فيه نفسك ، فانّه اليوم الذي ضرب الله عزّ وجلّ فيه أهل الآيات مع فرعون ، وهو يومٌ شديدُ البلاء ، ومن مرض فيه اُجهد ، ومن ولد فيه كان مُباركاً مرزوقاً نجيباً من الناس ، تصيبه عِلَّةٌ شديدةٌ وتسلم منها ».

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز ارد ، اسم الملك الموكّل بالجنّ والشياطين ، يوم نحس رديء ، وهو اليوم الذي أصاب أهل مصر ضُروباً من الآيات ، تفرّغ فيه للدُّعاء والصّلاة وعَمَلِ الخير.

الدعاء فيه :

أعُوذُ بِكلِماتِ اللهِ التّامّاتِ التي لا يُجاوِزُهُنَّ برٌّ ولا فاجِرٌ ، من شَرِّ

__________________

(١) البقرة ٢ : ٢٠١.

(٢) رواه العلامة الحلي في العدد القوية : ٣٠١ / ١ و ٢ و ٧ ، باختلاف فيه واورد الدعاء في : ٣٠٤. ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٧٢ باختلاف يسير.

١٤٨

ما ذَرأ وَبَرَأ في الارضِ وما يَخرُجُ مِنها ، ومِن شرّ ما ينزِلُ من السماءِ وما يَعرُجُ فيها ، ومن شرِّ طوارِقِ اللّيلِ والنّهارِ إلاّ طارِقاً يطرُقُ مِنكَ بخيرٍ في عافيةٍ يا رحمانُ.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ إيماناً لا يرتدُّ ، ونعيماً لا ينفدُ ، ومُرافَقَةًَ النّبي مُحمّدٍ وآله صلّى اللهُ عليه وعليهم في أعلى جَنّةِ الخُلدِ ، مع النّبيّين والصّدّيقينَ والشُهداءِ والصّالحينَ وحَسُنَ اوُلئكَ رَفيقاً.

اللّهُمَّ آمِن رَوعَتي ، واستُر عَورتي ، وأقِلني عَثرَتي ، فإنّكَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنتَ وحدكَ لا شَريكَ لكَ ، لكَ الملكُ ، ولكَ الحمدُ ، وأنتَ على كُلّ شيءٍ قَديرٌ.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ وأنتَ المسؤولُ ، المعبُودُ ، وأنت المنّانُ ذُوالجَلالِ والإكرامِ ، أن تَغفِرَ لي ذُنوبي كُلّها ، كبيرها وصَغيرها ، عَمدها وخَطأها ، ما حَفظتهُ عَليّ وأُنسيتهُ أنا مِن نَفسي ، فإنّكَ الغفّارُ ، وأنت الجبّارُ ، وأنت أرحَمُ الرّاحمينَ.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ بلا إله إلاّ أنتَ ، إلهي وإله كُلّ شيءٍ ، الواحدُ القهّارُ ، أن تَفْعلَ بي كذا وكذا ، اللّهُمَّ فأعطِني ذلكَ وما قَصُرَ عنهُ رأيي ولَم تَبلُغهُ مسألتي من شيءٍ وعدتَهُ أحداً من عِبادكَ ، أو خَيرٍ أنت مُعطِيهِ أحداً من خَلقكَ ، فإنّي أرغبُ إليكَ فيه.

وأسألُكَ يا رَبّ برَحَمتكَ واسمِكَ المكنونِ المخزونِ المبارَكِ الطاهِرِ

١٤٩

المُطَهَر ، الفردِ الواحدِ ، الوترِ الأحدِ ، الصّمدِ المُتعالِ ، الذي هو نورُ السّماواتِ والارضِ ، ( وأسألُكَ )(١) بما سَمّيتَ به نَفسكَ ، فإنك قُلتَ( اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) (٢) فإنّي أسألُكَ يا نُورَ السّماواتِ والأرضِ أن تُصلّي على مُحمّد وآل مُحمّد ( وأن تغفر لي )(٣) ذنوبي كُلّها ، عَمدِها وخَطأها ، إنكَ أنتَ التّوابُ الرّحيمُ ، وافَعل بي كَذا وكذا.

اللّهُمّ يا كاشفَ كُلّ كُربةٍ ، ويا وَليَّ كُلِّ نِعمةٍ ، ومُنتهى كُلِّ رَغبَةٍ ، وموضَع كُلِّ حاجةٍ ، بَديع السّماواتِ والارضِ ، ذا الجلالِ والإكرامِ ، صريخَ المُستصرخينَ ، وغِياثَ المكروبينَ ، ومنتهى حاجةِ الرّاغبينَ ، والمُفَرِّج عن المغمومُينَ ، ومُجيبَ دعوةَ المُضطرينَ ، إلهَ العالمينَ ، وأرحَم الراحمينَ ، صلِّ على مُحمّدٍ وآله ، وافعل بي كذا وكذا.

لا إله إلاّ أنتَ ، رَبِّي وسيدي ، وأنا عَبدكَ وابن عَبدكَ وابن أمَتكَ ، ناصِيتي بيدِكَ ، ظَلمتُ نفسي ، وأقررتُ بخطيئتي ، واعترفتُ بِذنبي ، أسألُكَ يا منّانُ ، يا بديعَ السّموات والأرضِ ، يا ذا الجلالِ والاكرامِ ، أن تُصلّي على مُحمّدٍ عَبدِكَ ورسولكَ وعلى آلهِ ، أفضلَ صَلواتكَ على أحدٍ من خَلقكَ ، وأسألُكَ بالقدرةِ التي فَلقتَ بها البحرَ لبني إسرائيلَ لما كَفيتَني كلَّ باغٍ وعدوٍّ ، اللّهُمَّ إني أدرأُ بِكَ في نُحورِهم ، وأعوذُ بكَ من شرورهِم ،

__________________

(١) في نسخة « ك » بوأنا واثبتنا ما في النسخة « ن ».

(٢) النور ٢٤ : ٣٥.

(٣) في نسخة « ك » واغفر لي ، واثبتنا ما في النسخة « ن ».

١٥٠

وأستجيرُ بكَ مِنهم ، وأستعينُكَ عَليهم ، أنتَ رَبِّي لا أشركُ بك ( شيئاً )(١) ، ولا أتخذُ من دُونِكُ وليّاً ( يا أرحمَ الراحمينَ )(٢) (٣) .

اليوم السادس والعشرون :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم ضَربَ فيه موسىعليه‌السلام بعصاه البحر فانفلق ، وهو يومٌ يَصلح للسفر ولكل أمر يراد إلا التزويج ، فإنه من تزوج فيه فُرِّق بينهما كما انفرق البحر لموسىعليه‌السلام ، ولا تدخل إذا وردت من سفرك فيه على أهلك ، [ و ] من ولد فيه طال عمره ، ومن مرض فيه أُجهد » والله أعلم.

قال سلمان رحمة الله عليه :روز أشتاد ، اسمُ الملك الذي خلق عند ظهور الدين ، يوم صالحٌ مبارك ، ومن تزوج فيه لا يتم أمره ويفارق أهله.

الدعاء فيه :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « وإذا صام الأربعاء والخميس والجمعة قال مع الزوال :

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

(٢) أثبتناها من نسخة « ن ».

(٣) رواه العلامة الحلي في العدد القوية : ٣٠٩ / ١ و ٢ و ٧ باختلاف ، وذكر الدعاء في : ٣١٢ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٧٣ باختلاف يسير.

١٥١

« اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّدٍ وآلهِ ، وسَدّد فقري بِودِّكَ ، اللّهُمَّ رَبّ السّماوات السّبعِ وما فيهنَّ ، ورَبِّ السّبع المثاني والقُرآن العَظيم ، [ و ] رَبِّ جَبرئيلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ ، ورَبِّ الملائكةِ أجمعينَ ، [ و ] رَبِّ مُحمّدٍ خاتَمَ النبيّين ، ورَبِّ النبيّين والمُرسَلينَ ، ورَبِّ الخلق أجمعينَ. أسألُكَ اللّهُمَّ باسمِكَ الذي تَقومُ بِهِ السّماوات ، وتقوم به الأرضُونَ ، وبِه أحصيتَ كَيلَ البُحورِ ، ووَزن الجبالِ ، وبه تُميتُ الأحياءَ ، وبه تُحيي الموتى ، وبه تُنشئُ السّحابَ ، وبه تُرسلُ الرّياح ، وبه تَرزقُ العباد ، وبه أحصيتَ عَدَدَ الرِّمالِ ، وبه تفعل ما تشاء ، وبه تقول للشَّيء كن فيكون ، أن تَستَجيبَ لي دُعائي ، وتُعطِيني سُؤلي ومُناي ، وتعجل فرجي من عندك برحمتك في عافية ، وأن تُؤمِنَ ( خوفي )(١) ، وأن تُحييني في أتِّم النّعَمِ ، وأعظَمِ العافِيةِ ، وأفضَلَ الرزقِ والسّعةِ والدّعةِ ، وترزقَني الشُكرَ على ما آتيتَني ، وصِل ذلك لي تاماً أبداً ما أبقيتني ، حَتى تَصِلَ ذلك بِنِعَمِ الآخِرةِ.

اللّهُمَّ بِيَدِكَ مَقاديرُ الدُّنيا والآخرة ، والليلِ والنّهارِ ، والموتِ والحياة ، وبيدِكَ مقادير النَّصرِ والخِذلانِ ، والخيرِ والشرّ ، اللّهُمَّ بارِك لي في ديني الذي هُوَ مِلاكُ أمري ، ودُنياي التي فيها مَعيشتي ، وآخِرتي التي فيها مُنقَلبي ، وبارِك لي في جميعِ أُموري.

اللّهُمَّ لا إلهَ إلاّ أنتَ ، وعدُك حقٌّ ، ولِقاؤكَ حقٌّ ، أعُوذُ بكَ من نارِ

__________________

(١) في نسخة « ك » : عندي ، وما اثبتناه من نسخة « ن ».

١٥٢

جهنَّمَ ، وأعُوذَ بِكَ من الفَقرِ ، وأعوذُ بكَ منَ شَرِّ المَحيا والمَماتِ ، وأعُوذُ بِك من مكاره الدنيا والآخرةِ ، وأعُوذُ بكَ من فِتنة الدَّجّالِ ، وأعُوذُ بِكَ من الشّكِ والفُجُورِ ، والكَسل والعجزِ ، وأعُوذُ بكَ من البُخلِ والسَّرفِ.

اللّهُمَّ قَد سَبقَ منّي ما قَد سَبَقَ من قَديمِ ما كَسبتُ وَجَنيتُ به على نَفسي ، وأنت يا رَبِّ تَملكُ مني ما لا أملِكُ مِنها ، خَلَقتني يا رَبِّ وتَفَرّدتَ بِخلقي ولم أكُ شيئاً ، ولستُ شيئاً إلاّ بكَ ، ( وَلَستُ )(١) أرجو الخَيرَ إلاّ مِن عِندكَ ، ولم أصرِف عن نفسي سُوءً قَطّ إلاّ ما صَرفَتهُ عنّي ، وأنتَ عَلّمتني يا رَبِّ ما لم أعلَم ، ورَزَقتني يا رَبِّ مالم أملِك ولم أحتسِب ، وبَلّغتني يا رَبِّ ما لم أكُن أرجو ، وأعطَيتني يا رَبِّ ما قَصُر عنهُ أملي ، فَلكَ الحمدُكثيراً ، يا غافِر الذّنب إغفر لي واعطِني في قَلبي من الرِضّا ما تُهوِّنُ بِه عَليّ بوائقِ(٢) الدّنيا.

اللّهُمَّ افتح لي يا رَبِّ الباب الذي فيه الفَرج والعافِية والخير كُلّه ، اللّهُمَّ افتح لي بابَهُ واهدِني سبيلَهُ وأبنِ لي مَخرجَهُ ، اللّهُمَّ وكُلّ من قَدرتَ لَهُ عَليّ مَقدِرةً من عِبادكَ ، ومَلَّكتَهُ شيئاً من أمري ، فَخُذ عني بقلوبهم وألسنَتِهِم ، وأسماعِهِم وأبصارِهِم ، من بين أيديهِم ، ومن فَوقِهِم ومن تَحتِ

__________________

(١) في نسخة « ك » : وانت ، ولم نجد في « ن » ما يتفق مع عبائر ما في نسختنا ، وكذا في نسخة المجلسي ، الا إنّا اثبتنا ما في كتاب العدد القوية حيث ورد الدعاء.

(٢) البائقة : الداهية. يقال : باقتهم الداهية تبوقهم بوقاً ، اذا اصابتهم ، وكذلك باقتهم بؤوق على فعول. الصحاح ـ بوق ـ ٤ : ١٤٥٢.

١٥٣

أرجُلِهِم ، وعَن أيمانهِم وعَن شَمائلِهِم ، ومن حَيثُ شئتَ وكيف شئتَ وأنّى شِئتَ ، حتى لا يَصلَ إليّ أحدٌ مِنهمُ بسوءٍ.

اللّهُمَّ اجعلني في حِفظِكَ وسِترِكَ ، وَجوارِكَ عَزّ جارِكَ ، وجلَّ ثناؤُك ، ولا إلهَ غُيركَ ، أنتَ السلامُ ومنكَ السلامُ يا ذا الجلالِ والإكرامِ ، أسألُكَ فكاكَ رَقبتي من النارِ ، وأن تُسكنِّي دارَ السّلام.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ من الخيرَ كُلّه ، عاجِلهِ وآجِلهِ ، ما عَلمتُه منِهُ ومالم أعلَم ، وأسألُكَ اللّهُمَّ من الخيرِ كُلّهِ ، ما أدعُو وما لم أدعُ ، وأعُوذُ بِكَ من شرّ ما أحذَرُ ، وأسألُكَ أن تَرزُقَني من حيثُ لا أحتَسبُ ومن حَيثُ أحتَسبُ.

اللّهُمَّ إني عَبدكُ وابنُ عَبدِكَ وأبنُ أمَتِكَ وفي قَبضَتكَ ، ناصِيَتي بيدِكَ ، ماضٍ فيَّ حُكمكَ ، عَدلٌ فيَّ قَضَاؤكَ ، أسألُكَ بكُلِّ اسمٍ هُو لَكَ سَميّتَ به نَفسكَ ، أو أنزلتهُ في شيءٍ من كُتبُكَ ، أو عَلّمتُه أحداً من خَلقكَ ، أو استَاثرتَ به في عِلمِ الغيبِ عِندكَ ، أن تُصَلّي على مُحمّدٍ النّبي الأُمّي ، عَبدِكَ وَرسُولكَ ، وخيرتِكَ من خَلقكَ ، وعلى آلِ مُحمّدٍ ، وأن تَجعلَ القُرآنَ نُور صَدري ، وَتُيسّرُ به أمِري ، ونوراً في سمعِي ، ونُوراً في بَصري ، ونُوراً في مُخّي وعَظمي وعَصَبي وشَعري وبَشري وأمامي وفوقي وتَحتي ، وعن يميني وعن شمالي ، ونُوراً في مماتي ، ونُوراً في مَحشري ، ونُوراً في كُلّ شيءٍ مني حتى تُبَلّغني به الجَنّة ، يا نُورَ السماوات والأرضِ ، انتَ كما

١٥٤

وصَفتَ نَفسَكَ بِقولكَ الحقّ( اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (١) .

اللّهُمَّ اهدِني بِنُوركَ ، واجعَل لي في القِيامةِ نُوراً بَينَ يَدَيّ ومن خَلفي ، وَعَن يَميني وعَن شِمالي ، أهتَدي به إلى دارِكَ دار السّلام ، يا ذا الجَلال والإكرامِ. اللّهُمَّ إني أسألُكَ ( في أهلي العافية )(٢) وولدِي ومالِي ، وأن تَلبِسني ( في ذلك )(٣) المَغفرة والعافِية.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّد واحفظني من بين يَدَيّ ومن خَلفي ، وعَن يميني وعَن شِمالي ، ومن فوقي ومن تَحتي ، وأعوُذُ بك( اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٤) .

اللّهُمَّ إني أسألُكَ إيماناً صادِقاً ، وَيقيناً ثابِتاً لَيس مَعهُ كُفرٌ ، وَرحمة أنالُ بها شَرَف الدُّنيا والآخِرةِ ، إنّكَ على كل شيء قديرٌ [ و ] صَلِّ على

__________________

(١) النور ٢٤ : ٣٥.

(٢) في نسخة « ن » : العافية في نفسي واهلي.

(٣) في نسخة « ك » : فيه ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

(٤) آل عمران ٣ : ٢٦.

١٥٥

مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ الطّيّبينَ الطّاهرين »(١) .

اليوم السابع والعشرون :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يومٌ صالحٌ لكل أمر وحاجَة ، خفيفٌ لسائر الأحوال ، والمولود فيه يكون حسناً جميلاً ، طويل العُمر ، كثير الخير ، هو قريبٌ إلى الناس محببٌ إليهم ».

قال سلمان رحمة الله عليه :روز آسمان ، اسم الملك الموكل بالطير ، ومن ولدفيه يكون غشوماً(٢) مرزوقاً محبباً إلى الناس ، طويلاً عمره.

الدعاء فيه :

اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ رَحمةً من عِندكَ تَهدي بها قَلبي ، وتجمَعُ بِها أمري ، وتلمُ بها شَعَثِي(٣) ، وتُصلح بها ديني ، وتَحفظُ بها غائبي ، وتوفي بها شاهدي ، وتُكثرُ بها مالي ، وتثمر بها عُمري ، وتيسِّرُ بها أمري ، وتَستُرُ بها عيبي ، وتُصلحُ بها كُلَّ فاسدٍ من حالي ، وتَصرفُ بها عني كل ما أكرهُ ، وتُبيّضُ بها وجهي ، وتَعصِمني بها من كُلّ سوءٍ بقيّةَ عُمري.

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية : ٣٢١ / ٢ و ٣ و ٤ و ٦ ، واورد الدعاء في : ٣٢٣ باختلاف يسير ، وكذا نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ٢٨٩.

(٢) كذا ، ولم ترد في نسخة « ن ».

(٣) الشعث بالتحريك : انتشار الأمر يقال : لَمَّ الله شَعَثَك ، أي جمع أمرك المنتشر. الصحاح ـ شعث ـ ١ : ٢٨٥.

١٥٦

اللّهُمَّ أنتَ الأوّلُ فلا شيء قَبلكَ ، وأنت الآخِرُ فلا شيء بَعدكَ ، ظَهرت فَبطنتَ ، وبَطنتَ فَظهَرتَ ، وعَلَوت فقدرتَ ، ودَنَوتَ في عُلُوّك فلا إلهَ غَيرُكَ ، أسألُكَ أن تُصلّي على مُحمّدٍ وآل محمد ، وأن تَصلِحَ لي ديني الذي هو عصمةُ أمري ، ودُنياي التي فيها مَعِيشتي ، وآخِرتي التي إليها مُنقلبي ، وأن تَجعلَ الحياة زيادةً لي في كُلّ خَيرٍ ، والموَت راحةً لي من كُلّ سوءٍ.

اللّهُمَّ لك الحمدُ قَبل كُلِّ شيءٍ ، ولك الحمدُ بعدَ كُلِّ شيءٍ ، يا صريخَ المستصرخينَ ، يا مُفرّجَ عن المَكروبينَ ، يا مُجيبَ دَعوةَ المُضْطَرّينَ ، يا كاشِفَ الكربِ العظيمِ ، يا أرحَمَ الراحمينَ ، اكشِف كربي وغَمّي ، فَإنّهُ لا يَكشِفُهما غَيرُكَ عني ، قَد تَعلمُ حالي وَصِدق حاجتي إلى بِرِّكَ وإحسانِكَ ، فصَلِّ على مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ واقضها يا أرحمَ الرّاحمينَ.

اللّهُمَّ ولكَ الحَمدُ كلّهُ ، ولكَ العزُّ كُلّهُ ، ولَكَ السُلطانُ كُلّهُ ، و ( لك )(١) القُدرَةُ كُلّها ، و ( لك )(٢) الجبروُتُ والفَخرُ كُلّهُ ، وبيدِكَ الخيرُ كُلُّهُ وإليكَ يَرجِعُ الأمرِ كُلُّهُ ، علانيتُهُ وسِرُّهُ.

اللّهُمَّ لا هادِي لمن أضلَلْتَ ، ولا مُضِلَّ لِمَن هَدَيتَ ، ولا مانعَ لِما أعطَيتَ ، ولا مُعطِيَ لما مَنَعت ، ولا مُؤخِّرَ لما قَدّمتَ ، ولا مُقَدّمَ لما أخّرتَ ، ولا باسِطَ لما قَبضتَ ، ولا قابِضَ لما بَسطتَ ، اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّد وآلِ

__________________

(١ و ٢) اثبتناها من نسخة « ن ».

١٥٧

مُحمّدٍ وابسط عَلَيَّ من بَركاتِكَ وفَضلِكَ ورَحمَتكَ ورِزقِكَ ، اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ الغِنى يَومَ الفاقَةِ ، والأمنَ يَومَ الخَوفِ ، والنّعيم المُقيم الّذي لا يَحُولُ ولا يَزُولُ.

اللّهُمَّ رَبِّ السّماوات السّبعِ ورَبِّ العرشِِ العظيمِ ، فالِقُ الحَبَّ والنّوى ، أعُوذُ بِكَ من شرِّ كل ذي شرٍ ، ومن شرِّ كُلّ دابّةٍ أنتَ آخِذٌ بِناصِيتِها إنّكَ على كُلّ شيءٍ قَديرٌ وبِكُلِ شيءٍ محيطٌ.

(اللّهُمَّ )(١) أنت الأولُ فَليسَ قَبلَكَ شيءٌ ، وأنتَ الآخِرُ فَليسَ بَعدكَ شيءٌ ، وأنتَ الظاهِرُ فَليسَ فَوْقكَ شيءٌ ، صَلِّ على مُحمّدٍ وآل مُحّمدٍ وأفعل بي كَذا وكَذا.

بسم الله وباللهِ ، أؤمِن وأعُوذُ باللهِ ، أعتصمُ وألوُذُ باللهِ ، وبِعزّتِهِ ومَنَعتِهِ أمتنعُ من الشيطانِ الرّجيم ومن غيلَتِهِ وحيلَتِهِ ، وخَيلهِ ورَجلهِ ، ومن شَرّ كُلّ دابةٍ تَرجفُ مَعَه. أعوذُ بكَلماتِ اللهِ التّامّات النّاميات التي لا يُجاوزُهُن بَرٌ ولا فاجِرٌ ، وبِأسماءِ اللهِ الحُسنى كُلّها ما عَلِمتُ منها وما لَم أعلَم ، مِن شَرّ ما خَلَقَ وَذَرأ وَبَرأ ، ومنَ شرّ طارِقِ الليلِ والنّهارِ إلاّ طارِقاً يطرُقُ مِنكَ بِخيرٍ في عافيةٍ.

اللّهُمَّ إنّي أعوذُ بِكَ من شَرّ نَفسي ، ومن شَرّ كُلّ عَينٍ ناظرَةٍ ، وأذُنٍ سامِعَةٍ ، ولسانٍ ناطقٍ ، ويَدٍ باطشةٍ ، وقَدَمٍ ماشِيةٍ ، مّمِا أخافُهُ في نَفسي

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

١٥٨

في لَيلي ونَهاري. اللّهُمَّ ومَن أرادَني بِبغيٍ أو عَيبٍ أو مَساءةٍ أو شيءٍ مكروهٍ ، من جِنّ أو أنسٍِ أو قَريبٍ أو بَعيدٍ أو كَبيرٍ ، فأسألُكَ أن تَخُرجَ ( ذلك من )(١) صدره ، وأن تمسكَ يَدهُ ، وَتَقصر قَدَمهُ ، وَتَقمع بأسهُ وَدَغلهُ(٢) ، وتَرُده بغيظِهِ ، وتشرقهُ برِيِقهِ ، وتكفينيه بِحولكَ وقُوّتك ، إنّكَ على ما تشاءُ قديرٌ(٣) .

اليوم الثامن والعشرون :

قال الصادقعليه‌السلام : « هذا يوم صالح مباركٌ لكل أمر وحاجة ، ولد فيه يعقوب النّبي صلّى الله عليه ، من ولد فيه يكون محزوناً طول عمرهُ ، وتصيبهُ الغموم ، ويبتلى في بدنه إلاّ أن يشاء الله عز وجل غير ذلك ».

قال سلمان رحمة الله عليه :روز رامياد ، اسم الملك الموكّل بالسّماوات ، وقيل بالقضاء بين الخلق ، وهو يوم مبارك سعيد ، والأحلام فيه تصحّ من يومها ، والله أعلم.

الدعاء فيه :

اللّهُمَّ أنت الكبيرُ الأكبرُ من كُلّ شيء ، اللّهُمَّ لا تحرِمني خَيرَ ما

__________________

(١) اثبتناها من نسخة المجلسي.

(٢) الدواغل : الدواهي.

(٣) رواه العلامة الحلي في العدد القوية : ٣٣٢ / ١ و ٥ باختلاف ، واورد الدعاء في : ٣٣٥ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٧٨ باختلاف يسير.

١٥٩

أعطيتَني ، ولا تفتنِّي بِما مَنَعتَ مني ، اللّهُمَّ إني أسألُكَ خَيرَ ما تُعطي عبادكَ ، من الأهلِ والمالِ ، والإيمانِ والأمانَةِ ، والوَلَدِ النّافعِ غَير الضّال والمُضِلّ. اللّهُمَّ إنّي إليكَ فَقيرٌ ، ومِنكَ خائِفٌ وبِكَ مُستجيرٌ. اللّهُمَّ لا تُبدّل اسمي ، ولا تُغيّر جِسمي ، ولا تُجهد بَلائي.

اللّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ من غنىً مُطغٍٍ ، أو هوىً مُردٍ ، أو عَملٍ مُخزٍ. اللّهُمَّ اغِفر لي ذنوبي ، واقبل تَوبَتي ، واظهر حُجّتي ، واستر عَورَتي ، واجعل مُحمّداً وآل مُحمّدٍ المصُطفينَ أوليائي.

اللّهُمَّ إنّي أعُوذُ بكَ أن أقُول قولاً هو من طاعَتكَ أُريدُ بهِ سُوءً أو جَهْلاً. اللّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ أن يكونَ غَيري أسعَدُ بما آتيتَني مِني. اللّهُمَّ وأعُوذُ بِكَ من شَرّ الشّيطانِ ، وشَرّ السُلطانِ ، وما تَجري بهِ الأقلام ، وأسألُكَ عَمَلاً بارّاً ، وعَيشاً قارّاً ، وَرزقاً داراً. اللّهُمَّ كَتَبتَ الايّامَ(١) واطلعتَ على السرائر ، وحللت بين القلوب ، فالقلوب إليك مُصغِية ، والسر عندك علانية ، وانما أُمرُكَ إذا أردتَ الشيءَ أن تَقول لهُ كُن فَيكونُ.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ بِرحمتِكَ أن تُدخل طاعتكَ في كُلّ عُضوٍ منّي لأعملَ بها ثُمّ لا تُخرجهُا مني أبداً. اللّهُمَّ وأسألُكَ أن تُخرجَ معصيتكَ من كل اعضائي بِرحمتك لأنتهي عنها ثُمّ لا تُعيُدها إليَّ أبداً. اللّهُمَّ إنّك عَفُوٌّ تُحِبّ العفو فاعفُ عَني. اللّهُمَّ كُنتَ إذ لا شيء مَحسُوساً وتكوُنُ أخيراً ،

__________________

(١) في نسخة المجلسي : الاثام.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317