الدروع الواقية

الدروع الواقية18%

الدروع الواقية مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: دراسات
الصفحات: 317

الدروع الواقية
  • البداية
  • السابق
  • 317 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 115594 / تحميل: 6684
الحجم الحجم الحجم
الدروع الواقية

الدروع الواقية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

وقال بعض المفسّرين بأنّ جملة :( وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ) إشارة إلى مقام «الشهود» الذي يكون للمؤمنين في يوم القيامة بأن يمكّنهم الله من النظر إلى جماله وجلاله والالتذاذ من ذلك بأعظم اللذّات. ولكن يظهر أنّ الجملة المذكورة لها معنى واسع وشامل بحيث يشمل محتوى الحديث المذكور وعطايا ومواهب اخرى غير معروفة أيضا.

جملة( إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ) تدلّل على أنّ أوّل لطف الله معهم ، هو «العفو» عن ذنوبهم وزلّاتهم التي تبدر منهم أحيانا ، لأنّ أشدّ قلق المؤمن يكون من هذا الجانب.

وبعد أن يهدأ بالهم من تلك الجهة ، فانّه تعالى يشملهم بـ «الشكر» أي انّه يشكر لهم أعمالهم ويعطيهم أفضل الجزاء والثواب.

نقل تفسير «مجمع البيان» مثلا تضربه العرب وهو «أشكر من بروقة» وتزعم العرب أنّها ـ أي بروقة ـ شجرة عارية من الورق ، تغيم السماء فوقها فتخضر وتورق من غير مطر(١) . وهو مثل يضرب للتعبير عن منتهى الشكر ، ففي قبال أقل الخدمات ، يقدّم أعظم الثواب. بديهي أنّ خالق مثل هذه الشجرة أشكر منها وأرحم.

* * *

تعليقة

شروط تلك التجارة العجبية :

الملفت للنظر أنّ كثيرا من الآيات القرآنية الكريمة تشبّه هذا العالم بالمتجر الذي تجّاره الناس ، والمشتري هو الله سبحانه وتعالى ، وبضاعته العمل الصالح ،

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ٤ ، ص ٤٠٧.

٨١

والقيمة أو الأجر : الجنّة والرحمة والرضا منه تعالى(١) .

ولو تأمّلنا بشكل جيّد فسوف نرى أنّ هذه التجارة العجبية مع الله الكريم ليس لها نظير ، لأنّها تمتاز بالمزايا التالية التي لا تحتويها أيّة تجارة اخرى :

١ ـ إنّ الله سبحانه وتعالى أعطى للبائع تمام رأسماله ، ثمّ كان له مشتريا!.

٢ ـ إنّ الله تعالى مشتر في حال أنّه غير محتاج ـ إلى شيء تماما ـ فلديه خزائن كلّ شيء.

٣ ـ إنّه تعالى يشتري «المتاع القليل» بالسعر «الباهض» «يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير» ، «يا من يعطي الكثير بالقليل».

٤ ـ هو تعالى يشتري حتّى البضاعة التافهة( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) .

٥ ـ أحيانا يعطي قيمة تعادل سبعمائة ضعف أو أكثر «البقرة ـ ٢٦١».

٦ ـ علاوة على دفع الثمن العظيم فإنّه أيضا يضيف إليه من فضله ورحمته( وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ) (الآية موضوع البحث).

ويا له من أسف أنّ الإنسان العاقل الحرّ ، يغلق عينيه عن تجارة كهذه ، ويشرع بغيرها ، وأسوأ من ذلك أن يبيع بضاعته مقابل لا شيء.

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه أفضل الصلاة والسلام) يقول : «ألا حرّ يدع هذه اللّماظة لأهلها ، إنّه ليس لأنفسكم ثمن إلّا الجنّة ، فلا تبيعوها إلّا بها»(٢) .

* * *

__________________

(١) سورة الصف : آية ١ والتوبة ـ آية ١١١ والبقرة ٢٠٧ والنساء ـ ٧٤.

(٢) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، جملة ٤٥٦ ، صفحة ٥٥٦.

٨٢

الآيتان

( وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (٣١) ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢) )

التّفسير

الورثة الحقيقيّون لميراث الأنبياء :

بعد أن كان الحديث في الآيات السابقة عن المؤمنين المخلصين الذين يتلون الكتاب الإلهي ويطبّقون وصاياه ، تتحدّث هذه الآيات عن ذلك الكتاب السماوي وأدلّة حقّانيّة ، وكذلك عن الحملة الحقيقيين لذلك الكتاب ، وبذا يستكمل الحديث الذي افتتحته الآيات السابقة حول التوحيد ، بالبحث الذي تثيره هذه الآيات حول النبوّة.

تقول الآية الكريمة :( وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُ ) .

مع الأخذ بنظر الإعتبار أنّ (الحقّ) يعني كلّ ما ينطبق مع الواقع وينسجم معه ، فإنّ هذا التعبير دليل على إثبات أنّ هذا الكتاب السماوي نازل من الله تعالى ، لأنّنا

٨٣

كلّما دقّقنا النظر في هذا الكتاب السماوي وجدناه أكثر انسجاما مع الواقع.

فليس فيه تناقض ، أو كذب أو خرافة ، بل فمبادئه ومعارفه تنسجم مع منطق العقل. قصصه وتواريخه منزّهة عن الأساطير والخرافات ، وقوانينه تتساوق مع احتياجات البشر ، فتلك الحقّانية دليل واضح على أنّه نازل من الله سبحانه وتعالى.

هنا ولأجل توضيح موقع القرآن الكريم ، تمّت الاستفادة هنا من كلمة «الحقّ» ، في حال أنّه في آيات اخرى من القرآن الكريم ورد التعبير عنه بـ «النور» و «البرهان» و «الفرقان» و «الذكر» و «الموعظة» و «الهدى» ، وكلّ واحدة منها تشير إلى واحدة من بركات القرآن وأبعاده ، بينما كلمة (الحقّ) تشمل جميع تلك البركات.

يقول الراغب في (مفرداته) : أصل الحقّ المطابقة والموافقة ، والحقّ يقال على أوجه :

الأوّل : يقال لمن يوجد الشيء على أساس الحكمة ، ولهذا قيل في الله تعالى هو الحقّ، لذا قال الله :( فَذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُ ) .(١)

الثّاني : يقال للشيء الذي وجد بحسب مقتضى الحكمة ، ولهذا يقال فعل الله تعالى كلّه حقّ ، قال تعالى :( ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِ ) ،(٢) أي الشمس والقمر وغير ذلك.

الثّالث : في العقائد المطابقة للواقع. قال تعالى :( فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِ ) .(٣)

والرّابع : يقال للأقوال والأفعال الصادر وفقا لما يجب ، وبقدر ما يجب ، وفي الوقت المقرّر ، كقولنا : فعلك حقّ ، وقولك حقّ(٤) .

__________________

(١) يونس ، ٣٢.

(٢) يونس ـ ٥.

(٣) البقرة ـ ٢١٣.

(٤) مفردات الراغب ـ مادّة حقّ. «مع تلخيص واختصار».

٨٤

وبناء عليه ، فإنّ حقّانية القرآن المجيد هي من حيث كونه حديثا مطابقا للمصالح والواقعيات من جهة ، كما أنّ العقائد والمعارف الموجودة فيه تنسجم مع الواقع من جهة اخرى ، ومن جهة ثالثة فإنّه من نسج الله وصنعه الذي صنعه على أساس الحكمة ، والله ذاته تعالى الذي هو الحقّ يتجلّى في ذلك الكتاب العظيم ، والعقل يصدق ويؤمن بما هو حقّ.

جملة( مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ ) دليل آخر على صدق هذا الكتاب السماوي ، لأنّه ينسجم مع الدلائل المذكورة في الكتب السماوية السابقة في إشارتها إليه وإلى حاملهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

جملة( إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ ) توضّح علّة حقّانية القرآن وانسجامه مع الواقع والحاجات البشرية ، لأنّه نازل من الله سبحانه وتعالى الذي يعرف عباده خير معرفة ، وهو البصير الخبير فيما يتعلّق بحاجاتهم.

لكن ما هو الفرق بين «الخبير» و «البصير»؟

قال البعض : «الخبير» العالم بالبواطن والعقائد والنيّات والبعد الروحي في الإنسان ، و «البصير» العالم بالظواهر والبعد الجسماني للإنسان.

وقال آخرون : «الخبير» إشارة إلى أصل خلق الإنسان ، و «البصير» إشارة إلى أعماله وأفعاله.

وطبيعي أنّ التّفسير الأوّل يبدو أنسب وإن كان شمول الآية لكلا المعنيين ليس مستبعدا.

الآية التّالية تتحدّث في موضوع مهم بالنسبة إلى حملة هذا الكتاب السماوي العظيم ، أولئك الذين رفعوا مشعل القرآن الكريم بعد نزوله على الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في زمانه وبعده على مرّ القرون والعصور ، وهم يحفظونه ويحرسونه ، فتقول :( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا ) .

واضح أنّ المقصود من «الكتاب» هنا ، هو نفس ما ذكر في الآية السابقة وهو

٨٥

«القرآن الكريم» والألف واللام فيه «للعهد». والقول بأنّ المراد هو الإشارة للكتب السماوية ، وأنّ اللام هنا «للجنس» يبدو بعيد الاحتمال ، وليس فيه تناسب مع ما ورد في الآيات السابقة.

التعبير بـ «الإرث» هنا وفي موارد اخرى مشابهة في القرآن الكريم ، لأجل أنّ «الإرث» يطلق على ما يستحصل بلا مشقّة أو جهد ، والله سبحانه وتعالى أنزل هذا الكتاب السماوي العظيم للمسلمين هكذا بلا مشقّة أو جهد.

لقد وردت روايات كثيرة هنا من أهل البيتعليهم‌السلام في تفسير عبارة( الَّذِينَ اصْطَفَيْنا ) بالأئمّة المعصومينعليهم‌السلام (١) .

هذه الروايات ـ كما ذكرنا مرارا ـ ذكر لمصاديق واضحة وفي الدرجة الاولى. ولكن لا مانع من اعتبار العلماء والمفكّرين في الامّة ، والصلحاء والشهداء ، الذين سعوا واجتهدوا في طريق حفظ هذا الكتاب السماوي ، والمداومة على تطبيق أوامره ونواهيه ، تحت عنوان( الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا ) .

ثمّ تنتقل الآية إلى تقسيم مهمّ بهذا الخصوص ، فتقول :( فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) .

ظاهر الآية هو أنّ هذه المجامع الثلاثة هي من بين( الَّذِينَ اصْطَفَيْنا ) أي : ورثة وحملة الكتاب السماوي.

وبتعبير أوضح ، إنّ الله سبحانه وتعالى قد أوكل مهمّة حفظ هذا الكتاب السماوي ، بعد الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى هذه الامّة ، الامّة التي اصطفاها الله سبحانه ، غير أنّ في تلك الامّة مجاميع مختلفة : بعضهم قصّروا في وظيفتهم العظيمة في حفظ هذا الكتاب والعمل بأحكامه ، وفي الحقيقة ظلموا أنفسهم ، وهم مصداق( ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ) .

ومجموعة اخرى ، أدّت وظيفتها في الحفظ والعمل بالأحكام إلى حدّ كبير ، وإن

__________________

(١) راجع تفسير نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، صفحة ٣٦١.

٨٦

كان عملها لا يخلو من بعض الزلّات والتقصيرات أيضا ، وهؤلاء مصداق «مقتصد».

وأخيرا مجموعة ممتازة ، أنجزت وظائفها العظيمة بأحسن وجه ، وسبقوا الجميع في ميدان الاستباق ، والذين أشارت إليهم الآية بقولها :( سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ) .

وهنا يمكن أن يقال بأنّ وجود المجموعة «الظالمة» ينافي أنّ هؤلاء جميعا مشمولون بقوله «اصطفينا»؟

وفي الجواب نقول : إنّ هذا شبيه بما ورد بالنسبة إلى بني إسرائيل في الآية (٥٣) من سورة المؤمن :( وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ ) ، في حال أنّنا نعلم أنّ بني إسرائيل جميعهم لو يؤدّوا وظيفتهم إزاء هذا الميراث العظيم.

أو نظير ما ورد في الآية (١١٠) من سورة آل عمران :( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) .

أو ما ورد في الآية (١٦) من سورة الجاثية بخصوص بني إسرائيل أيضا( وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ ) .

وكذلك في الآية (٢٦) من سورة الحديد نقرأ :( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ ) .

وخلاصة القول : إنّ الإشارة في أمثال هذه التعبيرات ليست للامّة بأجمعها فردا فردا ، بل إلى مجموع الامّة ، وإن احتوت على طبقات ، ومجموعات مختلفة(١) .

__________________

(١) أمّا ما احتمله البعض من أنّ التقسيم الوارد في الآية يعود على «عبادنا» وليس على «الذين اصطفينا» ، بحيث أنّ هذه المجموعات الثلاثة لا تدخل ضمن مفهوم ورثة الكتاب ، بل ضمن مفهوم «عبادنا» و «الذين اصطفينا» فقط المجموعة الثالثة أي «السابقين بالخيرات» ، فيبدو بعيدا ، لأنّ الظّاهر هو أنّ هذه المجموعات ممّن ذكرتهم الآية ، ونعلم أنّ الحديث في الآية لم يكن عن كلّ العباد ، بل عن( الَّذِينَ اصْطَفَيْنا ) ، ناهيك عن إضافة «نا» إلى «عباد» وهو نوع من التمجيد والمدح ، ممّا يجعل ذلك غير منسجم مع التّفسير المذكور.

٨٧

وقد ورد في روايات كثيرة عن أهل بيت العصمةعليهم‌السلام في تفسير «سابق بالخيرات» بالمعصومعليه‌السلام ، و «ظالم لنفسه» بمن لا يعرف الإمام ، و «المقتصد» العارف بالإمام(١) .

هذه التّفسيرات شاهد واضح على ما اخترناه لتفسير الآية ، وهو أنّه لا مانع من كون هذه المجاميع الثلاثة ضمن ورثة الكتاب الإلهي.

ولا نحتاج إلى التذكير بأنّ تفسير الروايات أعلاه هو من قبيل بيان المصاديق الأوضح للآية ، وهم الأئمّة المعصومون ، إذ هم الصفّ الأوّل ، بينما العلماء والمفكّرون وحماة الدين الآخرون في صفوف اخرى.

كذلك فإنّ التّفسير الوارد في تلك الروايات للظالم والمقتصد ، هو أيضا من قبيل بيان المصاديق ، وإذا لاحظنا أنّ بعض الرّوايات تنفي شمول الآية للعلماء في مقصودها فإنّ ذلك في الحقيقة لإلفات النظر إلى وجود الإمام في مقدّمة تلك الصفوف.

ومن الجدير بالذكر أنّ جمعا من المفسّرين القدماء والمعاصرين احتملوا الكثير من الاحتمالات في تفسير هذه المجاميع ، والتي هي في الحقيقة جميعا من قبيل بيان المصاديق(٢) .

__________________

(١) راجع تفسير نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، صفحة ٣٦١ ، كذلك الكافي ، المجلّد ١ ، باب من اصطفاه الله من عباده.

(٢) ذهب بعض بأنّ السابق بالخيرات هم أعوان الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمقتصد طبقة التابعين ، والظالم لنفسه أفرادا آخرون. والبعض الآخر فسّروا «سابق بالخيرات» بالذين يفضّل باطنهم على ظاهرهم و «المقتصد» بالذين يتساوى ظاهرهم وباطنهم ، و «الظالم لنفسه» بالذين يفضّل ظاهرهم على باطنهم. والبعض الآخر قالوا إنّ «السابقين» هم الصحابة ، و «المقتصدين» هم تابعيهم ، و «الظالمين» هم المنافقون. وقال آخرون بأنّ الآية تشير إلى المجموعات الثلاثة الواردة في سورة الواقعة ـ الآيات ٧ إلى ١١.( وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) . وفي حديث أنّ «السابق بالخيرات» هم الأئمّة علي والحسن والحسين وشهداء آل محمّد عليهم الصلاة والسلام ، والمقتصد المتديّنون المجاهدون ، والظالم لنفسه الذي خلط عملا صالحا وآخر غير صالح.

٨٨

وهنا يطرح السؤال التالي : لماذا ابتدأ الحديث بذكر الظالمين كمجموعة اولى ، ثمّ المقتصد ، ثمّ السابقين بالخيرات ، في حين أنّ العكس يبدو أولى من عدّة جهات؟

بعض كبار المفسّرين قالوا للإجابة على هذا السؤال : إنّ الهدف هو بيان ترتيب مقامات البشر في سلسلة التكامل ، لأنّ أوّل المراحل هي مرحلة العصيان والغفلة ، وبعدها مقام التوبة والإنابة ، وأخيرا التوجّه والاقتراب من الله سبحانه وتعالى ، فحين تصدر المعصية من الإنسان فهو «ظالم لنفسه» ، وحين يلج مقام التوبة فهو «مقتصد» ، وحين تقبل توبته ويزداد جهاده في طريق الحقّ ، ينتقل إلى مقام القرب ليرقى إلى مقام «السابقين بالخيرات»(١) .

وقال آخر : بأنّ هذا الترتيب لأجل الكثرة والقلّة في العدد والمقدار ، فالظالمون يشكّلون الأكثرية ، والمقتصدون في المرتبة التالية ، والسابقون للخيرات وهم الخاصّة والأولياء من الناس هم الأقلّية وان كانوا أفضل من الناحية الكيفيّة.

الملفت للتأمّل ما نقل في حديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : (ما مؤدّاه): «قدّم الظالم لكي لا ييأس من رحمة الله ، وأخّر السابقون بالخيرات لكي لا يأخذهم الغرور بعملهم»(٢) .

ويمكن أن يكون كلّ من هذه المعاني الثلاثة مقصودا.

وآخر كلام في تفسير هذه الآية حول المشار إليه في جملة( ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) ؟

قال البعض ، بأنّه ميراث الكتاب الإلهي ، وقال آخرون بأنّه إشارة إلى التوفيق التي شمل حال السابقين بالخيرات ، وطيّهم لهذا الطريق بإذن الله ، لكن يبدو أنّ

__________________

وكلّ هذه التّفسيرات كما قلنا من قبيل بيان المصاديق ، وكلّها قابلة للتعقّل ، عدا التّفسير الأوّل الّذي لا يحتوي على مفهوم صحيح.

(١) مجمع البيان ، تفسير الآية مورد البحث.

(٢) تفسير أبو الفتوح الرازي ، المجلّد ٩ تفسير الآيات مورد البحث.

٨٩

المعنى الأوّل أنسب وأكثر انسجاما مع ظاهر الآية.

* * *

ملاحظة

من هم حرّاس الكتاب الإلهي؟

على ما ذكر القرآن الكريم فإنّ الله سبحانه وتعالى يشمل الامّة الإسلامية بمواهب عظيمة ، من أهمّها ذلك الميراث الإلهي العظيم وهو «القرآن».

وقد اصطفيت الامّة الإسلامية من باقي الأمم ، وتلك نعمة أعطيت لها ، ومسئولية ثقيلة أسندت إليها بنفس النسبة التي فضّلت بها وأصبحت بسببها مشمولة باللطف الإلهي ، وستكون هذه الامّة في صف «السابقين بالخيرات» ما أدّت حقّ حفظ وحراسة هذا الميراث العظيم. أي أن تسبق جميع الأمم في الخيرات ، في تطوير العلوم ، في التقوى والزهد ، في العبادة وخدمة البشرية ، في الجهاد والاجتهاد ، في التنظيم والإدارة ، في الفداء والإيثار والتضحية ، فتتقدّم وتسبق في كلّ هذه الأمور ، وإلّا فإنّها لا تكون قد أدّت حقّ حفظ ذلك الميراث العظيم. خاصّة إذا علمنا أنّ تعبير «السابقين بالخيرات» مفهوم واسع إلى درجة أنّه يشمل التقدّم في جميع الأمور ذات المنحى الإيجابي من امور الحياة.

نعم ، فحملة مثل هذا الميراث هم ـ فقط ـ أولئك الذين يتّصفون بتلك الصفات ، بحيث أنّهم لو أعرضوا عن تلك الهدية السماوية العظيمة ولم يراعوا حرمتها ، فسيكونون مصداقا لـ «ظالم لنفسه» ، إذ أنّ محتوى تلك الهدية الإلهية ليس سوى نجاتهم وتوفيقهم وانتصارهم ، فإنّ من يضرب عرض الحائط بنسخة الدواء التي كتبها له الطبيب ، فإنّه يساعد على استمرار الألم والعذاب لنفسه. وإنّ من يحطّم مصباحه الوحيد وهو يسير في طريق مظلم ، إنّما يسوق نفسه إلى التيه والضياع ، لأنّ الله سبحانه وتعالى غني عن الجميع.

٩٠

وعلى المذنبين أيضا أن لا ينسوا حقيقة أنّهم كانوا مشمولين بمضمون الآية الكريمة في زمرة( الَّذِينَ اصْطَفَيْنا ) وإنّ لهم ذلك الاستعداد بالقوّة ، فعليهم أن يتجاوزوا مرحلة «الظالم لنفسه» وينتقلوا إلى مرحلة «المقتصد» وليرتقوا من هناك حتّى ينالوا فخر «السابقين بالخيرات» ، حيث أنّهم من جهة الفطرة والبناء الروحي من الذين اصطفاهم الحقّ.

* * *

٩١

الآيات

( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (٣٣) وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ (٣٥) )

التّفسير

الحمد لله الذي أذهب عنّا الحزن :

هذه الآيات في الحقيقة نتيجة لما ورد ذكره في الآيات الماضية ، يقول تعالى :( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها ) (١) .

«جنّات» جمع «جنّة» بمعنى (الروضة) وكلّ بستان ذي شجر يستر بأشجاره الأرض.

__________________

(١) «جنّات عدن» : يمكن أن تكون خبرا لمبتدء محذوف تقديره «جزائهم» أو «أولئك لهم جنّات عدن» ، نظير الآية (٣١ ـ سورة الكهف) بعضهم أيضا قال : إنّها (بدل) عن «الفضل الكبير» ، ولكن باعتبار أنّ «الفضل الكبير» إشارة إلى ميراث الكتاب السماوي ، فلا يمكن أن تكون «جنّات» بدلا عنها ، إلّا إذا اعتبرنا المسبّب في مقام السبب.

٩٢

و «عدن» بمعنى الاستقرار والثبات ، ومنه سمّي المعدن لأنّه مستقر الجواهر والمعادن. وعليه فإنّ «جنّات عدن» بمعنى «جنّات الخلد والدوام والاستقرار».

على كلّ حال فإنّ هذا التعبير يشير إلى أنّ نعم الجنّة العظيمة خالدة وثابتة ، وليست كنعم الدنيا ممزوجة بالقلق الناجم عن زوالها وعدم دوامها ، وأهل الجنّة ليست لهم جنّة واحدة ، بل جنّات متعدّدة تحت تصرّفهم.

ثمّ تشير الآية إلى ثلاثة أنواع من نعم الجنّة ، بعضها إشارة إلى جانب مادّي وبعضها الآخر إلى جانب معنوي وباطني ، وبعض أيضا يشير إلى عدم وجود أي نوع من المعوّقات ، فتقول الآية :( يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ ) .

فهؤلاء لم يلتفتوا في هذه الدنيا إلى بريقها وزخرفها ، ولم يجعلوا أنفسهم أسرى لزبرجها ، ولم يكونوا أسرى التفكير باللباس الفاخر ، والله سبحانه وتعالى يعوّضهم عن كلّ ذلك ، فيلبسهم في الآخرة أفخر الثياب.

هؤلاء زيّنوا حياتهم الدنيا بالخيرات ، فزيّنهم الله سبحانه وتعالى في يوم تجسّد الأعمال يوم القيامة بأنواع الزينة.

لقد قلنا مرارا بأنّ الألفاظ التي وضعت لهذا العالم المحدود لا يمكنها أن توضّح مفاهيم ومفردات عالم القيامة العظيم ، فلأجل بيان نعم ذلك العالم الآخر نحتاج إلى حروف اخرى وثقافة اخرى وقاموس آخر ، على أيّة حال ، فلأجل توضيح صورة وإن كانت باهتة عن النعم العظيمة في ذلك العالم لا بدّ لنا أن نستعين بهذه الألفاظ العاجزة.

بعد ذلك تلك النعمة الماديّة ، تنتقل الآية مشيرة إلى نعمة معنوية خاصّة فتقول :وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ) .

فهؤلاء يحمدون الله بعد أن أصبحت تلك النعمة العظيمة من نصيبهم ، وتلاشت عن حياتهم جميع عوامل الغمّ والحسرة ببركة اللطف الإلهي ، وتبدّدت سحب الهمّ

٩٣

المظلمة عن سماء أرواحهم ، فلا خوف من عذاب إلهي ، ولا وحشة من موت وفناء ، ولا قلق ، ولا أذى الماكرين ، ولا اضطهاد الجبابرة القساة الغاصبين.

اعتبر بعض المفسّرين ذلك الغمّ والحسرة إشارة إلى نظير ما يتعرّض له في الدنيا ، واعتبره البعض الآخر إشارة إلى الحسرة في المحشر على نتائج أعمالهم ، ولا تضادّ بين هذين التّفسيرين ، ويمكن جمعهما في إطار المفهوم العام للآية.

«الحزن» : (على وزن عدم) ، و «الحزن» ـ على وزن عسر ـ كليهما لمعنى واحد كما ذهب إليه أرباب اللغة ، وأصله الوعورة والخشونة في الأرض واطلق على الخشونة في النفس لما يحصل فيها من الغمّ ويضادّه الفرح(١) .

ثمّ يضيف أهل الجنّة هؤلاء( إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ) .

فبغفرانه أزال عنّا حسرة الزلّات والذنوب ، وبشكره وهبنا المواهب الخالدة التي لن يلقى عليها الغمّ بظلاله المشؤومة. غفر وستر بغفرانه الكثير الكثير من ذنوبنا ، وبشكره أعطانا الكثير على أعمالنا البسيطة القليلة القليلة!

أخيرا تنتقل الآية مشيرة إلى آخر النعم ، وهي عدم وجود عوامل الإزعاج والمشقّة والتعب والعذاب ، فتحكى عن ألسنتهم( الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ ) .

الدار الآخرة هناك دار إقامة لا كما في الدنيا حيث أنّ الإنسان ما أن يألف محيطه ويتعلّق به حتّى يقرع له جرس الرحيل! هذا من جانب ومن جانب آخر فمع أنّ العمر هناك متّصل بالأبد ، إلّا أنّ الإنسان لا يصيبه الملل أو الكلل ، أو التعب أو النصب مطلقا ، لأنّهم في كلّ آن أمام نعمة جديدة ، وجمال جديد.

«النصب» بمعنى التعب ، و «اللغوب» بمعنى التعب والنصب أيضا. هذا على ما تعارف عليه أهل اللغة والتّفسير ، في حين أنّ البعض فرّق بين اللفظتين فقال بأنّ (النصب) يطلق على المشاقّ الجسمانية ، و «اللغوب» يطلق على المشاقّ

__________________

(١) مفردات الراغب.

٩٤

الروحية(١) . أو أنّه الضعف والنحول الناجم عن المشقّة والألم ، وبذا يكون «اللغوب» ناجما عن «النصب»(٢) .

وبذا فلا وجود هناك لعوامل التعب والمشقّة ، سواء كانت نفسية أو جسمانية.

* * *

__________________

(١) انظر تفسير روح المعاني ، مجلّد ٢٢ ، صفحة ١٨٤.

(٢) المصدر السابق.

٩٥

الآيات

( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٣٧) إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٣٨) )

التّفسير

ربّنا أخرجنا نعمل صالحا!

القرآن الكريم يقرن (الوعيد) (بالوعود) ويذكر «الإنذارات» ، إلى جانب «البشارات» لتقوية عاملي الخوف والرجاء الباعثين للحركة التكاملية في الإنسان ، إذ أنّ الإنسان بمقتضى «حبّ الذات» يقع تحت تأثير غريزتي «جلب المنفعة» و «دفع الضرر».

وعليه فمتابعة للحديث الذي كان في الآيات السابقة عن المواهب الإلهية

٩٦

العظيمة وصبر «المؤمنين السابقين في الخيرات» ينتقل الحديث هنا إلى العقوبات الأليمة للكفّار ، والحديث هنا أيضا عن العقوبات المادية والمعنوية.

تبتدئ الآيات بالقول :( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ ) ، فكما أنّ الجنّة دار المقامة والخلد للمؤمنين ، فإنّ النار أيضا مقام أبدي للكافرين.

ثمّ تضيف( لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا ) (١) ، فمع أنّ تلك النار الحامية وذلك العذاب المؤلم يستطيع القضاء عليهم في كلّ لحظة ، إلّا أنّهم ولعدم صدور الأمر الإلهي ـ وهو المالك لكلّ شيء ـ بموتهم لا يموتون ، يجب أن يبقوا على قيد الحياة ليذوقوا عذاب الله. فالموت بالنسبة إلى هؤلاء ليس سوى منفذ للخلاص من العذاب ، لكن الله تعالى أوصد دونهم ذلك المنفذ.

يبقى منفذ آخر هو أن يبقوا على قيد الحياة ويخفّف عنهم العذاب شيئا فشيئا ، أو أن يزداد تحمّلهم للعذاب فينتج عن ذلك تخفيف العذاب عنهم ، ولكن تتمّة الآية أغلقت هذا المنفذ أيضا( وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها ) .

ثمّ تضيف الآية وللتأكيد على قاطعية هذا الوعد الإلهي( كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ ) .

فقد كفر هؤلاء في بادئ الأمر بنعمة وجود الأنبياء والكتب السماوية ، ثمّ أتلفوا رصيدهم الذي سخّره الله لمساعدتهم على نيل السعادة ، نعم ، فجزاء الكفّار ليس سوى الحريق والعذاب الأليم ، الحريق بالنار التي أشعلوها بأيديهم في الحياة الدنيا واحتطبوا لها من أفكارهم وأعمالهم ووجودهم.

وبما أنّ كلمة «كفور» صيغة مبالغة ، فإنّ لها معنى أعمق من «كافر» ، علاوة على أنّ لفظة «كافر» تستخدم في قبال «مؤمن» ولكن «كفور» إشارة إلى أولئك الذين كفروا بكلّ نعم الله ، وأغلقوا عليهم جميع أبواب الرحمة الإلهيّة في هذه الدنيا ، لذا فإنّ الله يغلق عليهم جميع أبواب النجاة في الآخرة.

__________________

(١) «لا يقضى عليهم» بمعنى لا يحكم عليهم.

٩٧

وتنتقل الآية التالية إلى وصف نوع آخر من العذاب الأليم ، وتشير إلى بعض النقاط الحسّاسة في هذا الخصوص ، فتقول الآية الكريمة :( وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ) (١) .

نعم ، فهم بمشاهدة نتائج أعمالهم السيّئة ، يغرقون في ندم عميق ، ويصرخون من أعماق قلوبهم ويطلبون المحال ، العودة إلى الدنيا للقيام بالأعمال الصالحة.

التعبير بـ «صالحا» بصيغة النكرة إشارة إلى أنّهم لم يعملوا أقلّ القليل من العمل الصالح ، ولازم هذا المعنى أنّ كلّ هذا العذاب والألم إنّما هو لمن لم تكن لهم أيّة رابطة مع الله سبحانه في حياتهم ، وكانوا غرقى في المعاصي والذنوب ، وعليه فإنّ القيام بقسم من الأعمال الصالحة أيضا يمكن أن يكون سببا في نجاتهم.

التعبير بالفعل المضارع «نعمل» أيضا له ذلك الإشعاع ، ويؤيّد هذا المعنى ، وهو تأكيد أيضا على «أنّنا كنّا مستغرقين في الأعمال الطالحة».

قال بعض المفسّرين : إنّ الربط بين وصف «صالحا» واللاحق لها «كنّا نعمل» يثير نكتة لطيفة ، وهي أنّ المعنى هو «إنّنا كنّا نعمل الأعمال التي عملنا بناء على تزيين هوى النفس والشيطان ، وكنّا نتوّهم أنّها أعمال صالحة ، والآن قرّرنا أن نعود ونعمل أعمالا صالحة في حقيقتها غير التي ارتكبناها».

نعم فالمذنب في بادئ الأمر ـ وطبق قانون الفطرة السليمة ـ يشعر ويشخص قباحة أعماله ، ولكنّه قليلا قليلا يتطبّع على ذلك فتقل في نظره قباحة العمل ، ويتوغّل أبعد من ذلك فيرى القبيح جميلا ، كما يقول القرآن الكريم :( زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ ) (٢) .

وفي مكان آخر يقول تعالى :( وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) .(٣)

__________________

(١) «يصطرخون» من مادّة «صرخ» بمعنى الصياح الشديد الذي يطلقه الإنسان من القلب للاستغاثة وطلب النجدة ، للتخلّص من الألم أو العذاب أو أي مشكل آخر.

(٢) التوبة ، ٣٧.

(٣) الكهف ، ١٠٤.

٩٨

على كلّ حال ، ففي قبال ذلك الطلب الذي يطلبه أولئك من الله سبحانه وتعالى ، يصدر ردّ قاطع عنه سبحانه وتعالى حيث يقول :( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ ) فإذا لم تنتفعوا بكلّ ما توفّر بين أيديكم من وسائل النجاة تلك ومن كلّ الفرص الكافية المتاحة( فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ) .

هذه الآية تصرّح : لم يكن ينقصكم شيء ، لأنّ الفرصة أتيحت لكم بما يكفي ، وقد جاءتكم نذر الله بالقدر الكافي ، وبتحقّق هذين الركنين يحصل الانتباه والنجاة ، وعليه فليس لكم أي عذر ، فلو لم تكن لكم المهلة كافية لكان لكم العذر ، ولو كانت لكم مهلة كافية ولم يأتكم نذير ومرشد ومعلّم فكذلك لكم العذر ، ولكن بوجود ذينك الركنين فما هو العذر؟!

«نذير» عادة ترد في الآيات القرآنية للإشارة إلى وجود الأنبياء ، وبالأخصّ نبي الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولكن بعض المفسّرين ذكروا لهذه الكلمة هنا معنى أوسع ، بحيث تشمل الأنبياء والكتب السماوية والحوادث الداعية إلى الانتباه كموت الأصدقاء والأقرباء ، والشيخوخة والعجز ، وكما يقول الشاعر :

رأيت الشيب من نذر المنايا

لصاحبه وحسبك من نذير(١)

من الجدير بالملاحظة أيضا أنّه قد ورد في بعض الروايات أنّ هناك حدّا من العمر يعتبر إنذارا وتذكيرا للإنسان ، وذلك بتعبيرات مختلفة ، فمثلا

في حديث عن ابن عبّاس مرفوعا عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «من عمّره الله ستّين سنة فقد أعذر إليه»(٢) .

وعن أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام أنّه قال : «العمر الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستّون سنة»(٣) .

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ٤ ، ص ٤١٠.

(٢) المصدر السابق.

(٣) المصدر السابق.

٩٩

وعن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا أنّه قال : «إذا كان يوم القيامة قيل : أين أبناء الستّين؟ وهو العمر الذي قال الله :( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ ) (١) .

ولكن ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : إنّ الآية «توبيخ لابن ثماني عشرة سنة»(٢) .

طبعا ، من الممكن أن تكون الرواية الأخيرة إشارة إلى الحدّ الأقل ، والروايات السابقة إشارة إلى الحدّ الأعلى ، وعليه فلا منافاة بينها ، وحتّى أنّه يمكن انطباقها على سنين اخرى أيضا ـ حسب التفاوت لدى الأفراد ـ وعلى كلّ حال فإنّ الآية تبقى محتفظة بسعة مفهومها.

في الآية الأخيرة ـ من هذه الآيات ـ يرد الجواب على طلب الكفّار في العودة إلى الدنيا فتقول الآية :( إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ) .

الجملة الاولى في الحقيقة دليل على الجملة الثانية ، أي إنّه كيف يمكن لعالم أسرار السموات والأرض وغيب عالم الوجود أن لا يكون عالما بأسرار القلوب؟!

نعم ، فهو سبحانه وتعالى يعلم أنّه لو استجاب لما طلبه منه أهل جهنّم ، وأعادهم إلى الدنيا فسوف يعاودون نفس المسيرة المنحرفة التي كانوا عليها ، كما أشارت إلى ذلك الآية (٢٨) من سورة الأنعام :( وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ ) .

إضافة إلى ذلك فالآية تنبيه للمؤمنين على أن يسعوا لتحقيق الإخلاص في نيّاتهم ، وأن لا يأخذوا بنظر الإعتبار غير الله سبحانه وتعالى ، لأنّ أقلّ شائبة في نواياهم سيكون معلوما لديه وباعثا لمجازاتهم على قدر ذلك.

* * *

__________________

(١) الدرّ المنثور ، ج ٥ ، ص ٢٥٤.

(٢) مجمع البيان ، ج ٤ ، ص ٤١٠.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

اللّهُمَّ اجعلني من الذين يُسبَّحون لكَ بالليلِ والنهارِ ، لا يَفتروُنَ من ذكرِكَ ولا يَسأمُونَ مِن عبادتِكَ ، يُسبّحونَ لكَ ولَكَ يسجدُوُنَ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ) (١) ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَٰنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ) (٢) .

اللّهُمَّ إني أسألُكَ يا ولي الصالحينَ أن تَختمَ لي بِصالحِ الاعمالِ ، وأن تَستَجيب دُعائي وتُعطيني سؤلي في نفسي وَمَن يَعنيني أمرُهُ يا أرحمَ الراحمين(٣) .

اليوم الثالث والعشرون :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم صالح ولد فيه يوسفعليه‌السلام ، وهو يوم خفيفٌ تطلبُ فيه الحوائج والتجارة والتزويج والدخول على السلطان ، ومَن سافر فيه غنم واصاب خيراً ، ومَن ولد فيه كان حسن التربية في كل حالة ».

__________________

(١) الحج ٢٢ : ١٨.

(٢) الفرقان ٢٥: ٦٠.

(٣) روى الحلي الحديث في العدد القوية : ٢٦١ / ١ ، وذكر الدعاء في : ٢٦٥ باختلاف يسير. وكذا نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٦٧.

١٤١

قال سلمان رحمة الله عليه :روز ديبدين ، اسم من اسماء الله عز وجل ، يوم خفيف صالح لسائر الحوائج.

الدعاء فيه :

( إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ *وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ *أَلاَّ يَسْجُدُوا للهِ الَّذِي يُخْرِجُ الخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ *اللهُ لا إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) (١) ( فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ *إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ *تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) (٢) اللّهُمَّ اجعلني ممَّن( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (٣) ( وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا للهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) (٤) .

__________________

(١) النمل ٢٧ : ٢٣ ـ ٢٦.

(٢) السجدة ٣٢ : ١٤ ـ ١٦.

(٣) السجدة ٣٢ : ١٧.

(٤) فصلت ٤١ : ٣٧.

١٤٢

اللّهُمَّ أنتَ الغفورُ الرّحيم ُوأنا المذنبُ الخاطئ الذّليلُ ، اللّهُمَّ أنتَ الغَنيُ وأنا السائلُ ، اللّهُمَّ أنتَ الباقي وانا الفاني ، اللّهُمَّ أنت الغنيُ وأنا الفقيرُ ، وأنت العزيزُ وأنا الذّليلُ ، وأنت الخالقُ وأنا المخلوقُ ، وأنت الرّازقُ وأنا المرزوقُ ، وأنت المالكُ وأنا المملُوكُ.

اللّهُمَّ( اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا *إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ) (١) ( سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ ) (٢) ( رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ) (٣) ( وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ) (٤) ( رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا ) (٥) ( رَبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ المُنزِلِينَ ) (٦) ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي *وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ) (٧) ( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٨) .

اللّهُمَّ يا فارجَ الهمّ ، يا كاشفَ الغمّ ، يا مُجيبَ دعوةَ المُضطرينَ ،

__________________

(١) الفرقان ٢٥ : ٦٥ ـ ٦٦.

(٢) البقرة ٢: ٢٨٥.

(٣) طه ٢٠ : ١١٤.

(٤) الشعراء ٢٦ : ٨٧.

(٥) الاسراء ١٧ : ٨٠.

(٦) المؤمنون ٢٣ : ٢٩.

(٧) طه ٢٠ : ٢٥ ـ ٢٦.

(٨) الحشر ٥٩ : ١٠.

١٤٣

أنتَ رحمانُ الدُّينا والاخِرَةِ ورحيمُهما ، إرحَمني في جَميع أسبابي رَحمةً تُغنيني بها عَن رحمةِ من سواكَ.

اللّهُمَّ يا حيّ يا قيُّومُ ، برحمتِكَ أستغيثُ فَأغثني ، فإني لا أجدُ ما أرجُوا ، ولا أستطيعُ دفع أكرهُ ، والامرُ بيدكَ ، وأنا عَبدكَ فَقيرٌ إلى أن تَغفرَ لي ، وكُلُّ خلقكَ إليكَ فَقيرٌ ، ولا أجدُ أفقرُ مني إليكَ.

اللّهُمَّ بنورِكَ اهتديتُ ، وبِفضلكَ استغنيتُ ، وفي نِعمتكَ أصبحتُ وأمسيتُ ، ذُنوبي بين يَديكَ ، أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ ، اللّهُمَّ انّي أدرأُ بكَ في نَحرِ كُلّ من أخافُ ، واستَنجدُكَ من شَرّهِ ، واستعديكَ عليهِ ، لا إله إلاّ أنتَ سُبحانكَ إني كنتُ منَ الظّالمينَ.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ عيشةً هنيئةً ، وميتةً سَويّة ، وَمردّاً غَير مُخزٍ ولا فاضِحِ يا أرحمَ الرّاحمين ، اللّهُمَّ إني أعوذُ بكَ أن أذلّ أو أظلِمَ أو اُظلَمَ أو أجهلَ أو يُجهَلَ عليّ ، ياذا العَرش العظيمِ والمنِ القديمِ تَباركتَ وتعاليتَ يا أرحمَ الرّاحمينَ(١) .

اليوم الرابع والعشرون :

قال أبو عبد الله الصادقعليه‌السلام : « هذا اليوم نحسٌ رديء لكل أمرٍ

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في عددده القوية: ١٧٠ / ١ و ٥ باختلاف فيه واورد الدعاء في: ١٧٣. وكذا نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٧٠.

١٤٤

يُطلبُ ، فيه ولد فرعون لعنهُ الله ، ومن ولد فيه نكد عيشه ولا يوفقُ لخير وإن حرص عليه ، يقتل في آخر عمره أو يغرق ، ومن مرض فيه طالت مرضتهُ ». والله اعلم.

قال سلمان رحمة الله عليه :روز دين ، اسمُ الملك الموكل بالنوم واليقظة ، والسعي والحركة ، وحراسة الأرواح حتّى ترجع إلى الأبدان ، يوم نحس مستمر ، ولد فيه فرعون لعنه الله ، فمن ولد فيه يُقتل ويكون نكد العيش ولا يوفقُ لخير أبداً.

الدعاء فيه :

اللّهُمَّ عافِني في بَدَني وَجَسدي وسَمعي وبَصري واجعلهُما الوارِثينَ مِني ، يا بِديء لا بدءَ لكَ ، يا دائمُ لا نفادَ لكَ ، يا حياً لا يموتُ ، يا مُحييَ الموتى ، أنت القائمُ على كُلِّ نَفسٍ بما كَسَبت ، صَلِّ على مُحمّدٍ النبيّ الأميّ وعلى أهل بَيته وافعل بي كذا وكذا.

اللّهُمَّ فالقَ الإصباح ، وجاعلَ الليلَ سَكَناً ، والشمسَ والقمرَحسباناً ، إقضِ ( عنا )(١) الدَّينَ ، وأعذنا من الفقرِ ، ومتعِنا باسماعِنا وأبصارِنا ، وقوّنا في أنفسِنا وفي سبيلكَ يا أرحَمَ الرّاحمين.

اللّهُمَّ أنتَ اِلالهُ الحقُ لا إله غيُرك ، البديءُ البديعُ ، ليس مِثلكَ

__________________

(١) في نسخة « ك » عني ، واثبتنا ما في نسخة « ن » لتتفق مع السياق.

١٤٥

شيءٌ الدائمُ غيرُ الغافِلِ ، الحيُّ الذي لا يموتُ ، خالقُ ما يُرى وما لا يُرى ، كُلُّ يومٍ أنتَ في شأنٍ ، صَلِّ على مُحمّدٍ وآلهِ وليكُن من شأنِكَ المغفرةُ لي ولوالِديّ وإخِواني ومَن يُعنيني أمرهُ ، يا أرحمَ الرّاحمينَ.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ بانَّكَ الجليلُ المقتدِرُ ، وإنكَ ما تشاءُ من أمرٍ يَكن ، وأتوجّهُ إليكَ بِنبّيكَصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأخيارِ الطّيّبين الابرارِ ، يا مُحمّد إنّني أتوجّهُ بكَ إلى رَبِّي وربّكَ في حاجَتي هذِه ، فَكُن شفيعي فيها وفي جميعِ حوائجي ومَطالبي.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ باسمِكَ الذي تُمشي به المقادير ، وبه يُمشى على طلَل(١) الماء كما يُمشى به على جَدَدِ(٢) الأرضِ ، وأسألُكَ باسمكَ الذي تَهتزُّ به أقدامُ ملائكتكَ ، وأسألُكَ باسمِكَ الّذي دعاكَ به موسى من جانبِ الطورِ فاستَجَبتَ له وألقيتَ عليه محبة منك ، وأسألُكَ بِاسمكَ الّذي دعاك به مُحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن تفعلَ بي كذا وكذا.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ بمعاقِدِ العِزِّ من عرشكَ ، ومُستقرّ الرّحمةِ من كِتابكَ ، وأسألُكَ باسمكَ الاعظَمِ ، وجلالكَ الأعلى الأكرمِ ، وكلماتِكَ التي لا يُجاوِزُهنَّ بَرٌ ولا فاجِرٌ ، أن تُصلي على مُحمّدٍ وآل محمّدٍ ، وأن تفَعلَ

__________________

(١) الطَّلل : ما شخص من آثار الديار ، والرسم ما كان لاصقاً بالأرض ، وقيل : طَلَلَ كل شيء شخصه ، وجمع كل ذلك اطلال وطُلول ، وطلل الدار كالدكانة يجلس عليها. لسان العرب ـ طلل ـ ١١ : ٤٠٦.

ولعل المراد به سطح الماء المضطرب بأمواجه.

(٢) الجدد : الأرض الصلبة المستوية. الصحاح ـ جدد ـ ٢ : ٤٥٣.

١٤٦

بي كذا وكذا.

اللّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ من غنىً مُطغٍ ، ومن فقرٍ مُنسٍ ، ومن هوىً مُردٍ ، ومن عَمَلٍ مُخزٍ ، أصبحتُ وربي الواحِدُ الأحدُ لا اُشركُ به شيئاً ، ولا أدعو معهُ إلهاً ( آخَرَ )(١) ، ولا أتخذُ من دونه ولِيّاً.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّدٍ وآلهِ وهَوّنْ عَليّ ما أخافُ مشقتهُ ، ويسر لي ما أخافُ عُسرتَهُ ، وسهِل لي ما أخافُ حُزونتهُ ، ووسّع عليّ ما أخافُ ضيقهُ ، وفرّج عني في دُنياي واخِرَتي بِرضاكَ عنّي.

اللّهُمَّ هب لي صِدقَ التَوَكُّلِ ، واجعل دُعائي في المُستجابِ من الدعاءِ ، واجعل عَملي في المرفوعِ المُتقبل. اللّهُمَّ طوِّقني ما حمَّلتني ، ولا تحمِّلني ما لا طاقةَ لي به ، حَسبي اللهُ ونعمَ الوكيلُ.

اللّهُمَّ أعني ولا تُعِن عليّ ، واقضِ لي على كُلّ من بغى عَليَّ ، ( واهدني )(٢) ويسّر لي الهدى. اللّهُمَّ إني أستودِعُكَ ديني وأمانتي وخَواتِمَ أعمالي ، وَجميعَ ما ( أنعمت )(٣) به عليّ في الدُّنيا والآخرةِ ، فأنت السيدُ لا تُضيعُ ودائعكَ. اللّهُمَّ ( وانَّهُ )(٤) لن يُجيرُني مِنكَ أحدٌ ، ولن أجدَ من دُونكَ مُلتَحَداً.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّد وآل مُحمّدٍ ، ولا تَكلني الى نَفسي طَرفَةَ عينٍ

__________________

(١) في نسخة « ك » واحداً ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

(٢) اثبتناها من نسخة « ن ».

(٣) في نسخة « ك » : انعم الله ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

(٤) في نسخة « ك » : وانت ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

١٤٧

أبداً ، ولا تَنزِع مني صالِحاً أعطيتنيهِ ، فأنَّهُ لا مانعَ لما أعطَيتَ ، ولا مُعطٍ لما مَنعتَ ، ولا ينفعُ ذا الجَدِ مِنكَ الجدُ( رَبِّنا آتنا في الدُّينا حَسَنةً وفي الآخرة حَسنةً وقنا عذابَ النارِ ) (١) (٢) .

اليوم الخامس والعشرون :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم نحس رديء ، فلا تطلب فيه حاجةً ، واحفظ فيه نفسك ، فانّه اليوم الذي ضرب الله عزّ وجلّ فيه أهل الآيات مع فرعون ، وهو يومٌ شديدُ البلاء ، ومن مرض فيه اُجهد ، ومن ولد فيه كان مُباركاً مرزوقاً نجيباً من الناس ، تصيبه عِلَّةٌ شديدةٌ وتسلم منها ».

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز ارد ، اسم الملك الموكّل بالجنّ والشياطين ، يوم نحس رديء ، وهو اليوم الذي أصاب أهل مصر ضُروباً من الآيات ، تفرّغ فيه للدُّعاء والصّلاة وعَمَلِ الخير.

الدعاء فيه :

أعُوذُ بِكلِماتِ اللهِ التّامّاتِ التي لا يُجاوِزُهُنَّ برٌّ ولا فاجِرٌ ، من شَرِّ

__________________

(١) البقرة ٢ : ٢٠١.

(٢) رواه العلامة الحلي في العدد القوية : ٣٠١ / ١ و ٢ و ٧ ، باختلاف فيه واورد الدعاء في : ٣٠٤. ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٧٢ باختلاف يسير.

١٤٨

ما ذَرأ وَبَرَأ في الارضِ وما يَخرُجُ مِنها ، ومِن شرّ ما ينزِلُ من السماءِ وما يَعرُجُ فيها ، ومن شرِّ طوارِقِ اللّيلِ والنّهارِ إلاّ طارِقاً يطرُقُ مِنكَ بخيرٍ في عافيةٍ يا رحمانُ.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ إيماناً لا يرتدُّ ، ونعيماً لا ينفدُ ، ومُرافَقَةًَ النّبي مُحمّدٍ وآله صلّى اللهُ عليه وعليهم في أعلى جَنّةِ الخُلدِ ، مع النّبيّين والصّدّيقينَ والشُهداءِ والصّالحينَ وحَسُنَ اوُلئكَ رَفيقاً.

اللّهُمَّ آمِن رَوعَتي ، واستُر عَورتي ، وأقِلني عَثرَتي ، فإنّكَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنتَ وحدكَ لا شَريكَ لكَ ، لكَ الملكُ ، ولكَ الحمدُ ، وأنتَ على كُلّ شيءٍ قَديرٌ.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ وأنتَ المسؤولُ ، المعبُودُ ، وأنت المنّانُ ذُوالجَلالِ والإكرامِ ، أن تَغفِرَ لي ذُنوبي كُلّها ، كبيرها وصَغيرها ، عَمدها وخَطأها ، ما حَفظتهُ عَليّ وأُنسيتهُ أنا مِن نَفسي ، فإنّكَ الغفّارُ ، وأنت الجبّارُ ، وأنت أرحَمُ الرّاحمينَ.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ بلا إله إلاّ أنتَ ، إلهي وإله كُلّ شيءٍ ، الواحدُ القهّارُ ، أن تَفْعلَ بي كذا وكذا ، اللّهُمَّ فأعطِني ذلكَ وما قَصُرَ عنهُ رأيي ولَم تَبلُغهُ مسألتي من شيءٍ وعدتَهُ أحداً من عِبادكَ ، أو خَيرٍ أنت مُعطِيهِ أحداً من خَلقكَ ، فإنّي أرغبُ إليكَ فيه.

وأسألُكَ يا رَبّ برَحَمتكَ واسمِكَ المكنونِ المخزونِ المبارَكِ الطاهِرِ

١٤٩

المُطَهَر ، الفردِ الواحدِ ، الوترِ الأحدِ ، الصّمدِ المُتعالِ ، الذي هو نورُ السّماواتِ والارضِ ، ( وأسألُكَ )(١) بما سَمّيتَ به نَفسكَ ، فإنك قُلتَ( اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) (٢) فإنّي أسألُكَ يا نُورَ السّماواتِ والأرضِ أن تُصلّي على مُحمّد وآل مُحمّد ( وأن تغفر لي )(٣) ذنوبي كُلّها ، عَمدِها وخَطأها ، إنكَ أنتَ التّوابُ الرّحيمُ ، وافَعل بي كَذا وكذا.

اللّهُمّ يا كاشفَ كُلّ كُربةٍ ، ويا وَليَّ كُلِّ نِعمةٍ ، ومُنتهى كُلِّ رَغبَةٍ ، وموضَع كُلِّ حاجةٍ ، بَديع السّماواتِ والارضِ ، ذا الجلالِ والإكرامِ ، صريخَ المُستصرخينَ ، وغِياثَ المكروبينَ ، ومنتهى حاجةِ الرّاغبينَ ، والمُفَرِّج عن المغمومُينَ ، ومُجيبَ دعوةَ المُضطرينَ ، إلهَ العالمينَ ، وأرحَم الراحمينَ ، صلِّ على مُحمّدٍ وآله ، وافعل بي كذا وكذا.

لا إله إلاّ أنتَ ، رَبِّي وسيدي ، وأنا عَبدكَ وابن عَبدكَ وابن أمَتكَ ، ناصِيتي بيدِكَ ، ظَلمتُ نفسي ، وأقررتُ بخطيئتي ، واعترفتُ بِذنبي ، أسألُكَ يا منّانُ ، يا بديعَ السّموات والأرضِ ، يا ذا الجلالِ والاكرامِ ، أن تُصلّي على مُحمّدٍ عَبدِكَ ورسولكَ وعلى آلهِ ، أفضلَ صَلواتكَ على أحدٍ من خَلقكَ ، وأسألُكَ بالقدرةِ التي فَلقتَ بها البحرَ لبني إسرائيلَ لما كَفيتَني كلَّ باغٍ وعدوٍّ ، اللّهُمَّ إني أدرأُ بِكَ في نُحورِهم ، وأعوذُ بكَ من شرورهِم ،

__________________

(١) في نسخة « ك » بوأنا واثبتنا ما في النسخة « ن ».

(٢) النور ٢٤ : ٣٥.

(٣) في نسخة « ك » واغفر لي ، واثبتنا ما في النسخة « ن ».

١٥٠

وأستجيرُ بكَ مِنهم ، وأستعينُكَ عَليهم ، أنتَ رَبِّي لا أشركُ بك ( شيئاً )(١) ، ولا أتخذُ من دُونِكُ وليّاً ( يا أرحمَ الراحمينَ )(٢) (٣) .

اليوم السادس والعشرون :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم ضَربَ فيه موسىعليه‌السلام بعصاه البحر فانفلق ، وهو يومٌ يَصلح للسفر ولكل أمر يراد إلا التزويج ، فإنه من تزوج فيه فُرِّق بينهما كما انفرق البحر لموسىعليه‌السلام ، ولا تدخل إذا وردت من سفرك فيه على أهلك ، [ و ] من ولد فيه طال عمره ، ومن مرض فيه أُجهد » والله أعلم.

قال سلمان رحمة الله عليه :روز أشتاد ، اسمُ الملك الذي خلق عند ظهور الدين ، يوم صالحٌ مبارك ، ومن تزوج فيه لا يتم أمره ويفارق أهله.

الدعاء فيه :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « وإذا صام الأربعاء والخميس والجمعة قال مع الزوال :

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

(٢) أثبتناها من نسخة « ن ».

(٣) رواه العلامة الحلي في العدد القوية : ٣٠٩ / ١ و ٢ و ٧ باختلاف ، وذكر الدعاء في : ٣١٢ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٧٣ باختلاف يسير.

١٥١

« اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّدٍ وآلهِ ، وسَدّد فقري بِودِّكَ ، اللّهُمَّ رَبّ السّماوات السّبعِ وما فيهنَّ ، ورَبِّ السّبع المثاني والقُرآن العَظيم ، [ و ] رَبِّ جَبرئيلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ ، ورَبِّ الملائكةِ أجمعينَ ، [ و ] رَبِّ مُحمّدٍ خاتَمَ النبيّين ، ورَبِّ النبيّين والمُرسَلينَ ، ورَبِّ الخلق أجمعينَ. أسألُكَ اللّهُمَّ باسمِكَ الذي تَقومُ بِهِ السّماوات ، وتقوم به الأرضُونَ ، وبِه أحصيتَ كَيلَ البُحورِ ، ووَزن الجبالِ ، وبه تُميتُ الأحياءَ ، وبه تُحيي الموتى ، وبه تُنشئُ السّحابَ ، وبه تُرسلُ الرّياح ، وبه تَرزقُ العباد ، وبه أحصيتَ عَدَدَ الرِّمالِ ، وبه تفعل ما تشاء ، وبه تقول للشَّيء كن فيكون ، أن تَستَجيبَ لي دُعائي ، وتُعطِيني سُؤلي ومُناي ، وتعجل فرجي من عندك برحمتك في عافية ، وأن تُؤمِنَ ( خوفي )(١) ، وأن تُحييني في أتِّم النّعَمِ ، وأعظَمِ العافِيةِ ، وأفضَلَ الرزقِ والسّعةِ والدّعةِ ، وترزقَني الشُكرَ على ما آتيتَني ، وصِل ذلك لي تاماً أبداً ما أبقيتني ، حَتى تَصِلَ ذلك بِنِعَمِ الآخِرةِ.

اللّهُمَّ بِيَدِكَ مَقاديرُ الدُّنيا والآخرة ، والليلِ والنّهارِ ، والموتِ والحياة ، وبيدِكَ مقادير النَّصرِ والخِذلانِ ، والخيرِ والشرّ ، اللّهُمَّ بارِك لي في ديني الذي هُوَ مِلاكُ أمري ، ودُنياي التي فيها مَعيشتي ، وآخِرتي التي فيها مُنقَلبي ، وبارِك لي في جميعِ أُموري.

اللّهُمَّ لا إلهَ إلاّ أنتَ ، وعدُك حقٌّ ، ولِقاؤكَ حقٌّ ، أعُوذُ بكَ من نارِ

__________________

(١) في نسخة « ك » : عندي ، وما اثبتناه من نسخة « ن ».

١٥٢

جهنَّمَ ، وأعُوذَ بِكَ من الفَقرِ ، وأعوذُ بكَ منَ شَرِّ المَحيا والمَماتِ ، وأعُوذُ بِك من مكاره الدنيا والآخرةِ ، وأعُوذُ بكَ من فِتنة الدَّجّالِ ، وأعُوذُ بِكَ من الشّكِ والفُجُورِ ، والكَسل والعجزِ ، وأعُوذُ بكَ من البُخلِ والسَّرفِ.

اللّهُمَّ قَد سَبقَ منّي ما قَد سَبَقَ من قَديمِ ما كَسبتُ وَجَنيتُ به على نَفسي ، وأنت يا رَبِّ تَملكُ مني ما لا أملِكُ مِنها ، خَلَقتني يا رَبِّ وتَفَرّدتَ بِخلقي ولم أكُ شيئاً ، ولستُ شيئاً إلاّ بكَ ، ( وَلَستُ )(١) أرجو الخَيرَ إلاّ مِن عِندكَ ، ولم أصرِف عن نفسي سُوءً قَطّ إلاّ ما صَرفَتهُ عنّي ، وأنتَ عَلّمتني يا رَبِّ ما لم أعلَم ، ورَزَقتني يا رَبِّ مالم أملِك ولم أحتسِب ، وبَلّغتني يا رَبِّ ما لم أكُن أرجو ، وأعطَيتني يا رَبِّ ما قَصُر عنهُ أملي ، فَلكَ الحمدُكثيراً ، يا غافِر الذّنب إغفر لي واعطِني في قَلبي من الرِضّا ما تُهوِّنُ بِه عَليّ بوائقِ(٢) الدّنيا.

اللّهُمَّ افتح لي يا رَبِّ الباب الذي فيه الفَرج والعافِية والخير كُلّه ، اللّهُمَّ افتح لي بابَهُ واهدِني سبيلَهُ وأبنِ لي مَخرجَهُ ، اللّهُمَّ وكُلّ من قَدرتَ لَهُ عَليّ مَقدِرةً من عِبادكَ ، ومَلَّكتَهُ شيئاً من أمري ، فَخُذ عني بقلوبهم وألسنَتِهِم ، وأسماعِهِم وأبصارِهِم ، من بين أيديهِم ، ومن فَوقِهِم ومن تَحتِ

__________________

(١) في نسخة « ك » : وانت ، ولم نجد في « ن » ما يتفق مع عبائر ما في نسختنا ، وكذا في نسخة المجلسي ، الا إنّا اثبتنا ما في كتاب العدد القوية حيث ورد الدعاء.

(٢) البائقة : الداهية. يقال : باقتهم الداهية تبوقهم بوقاً ، اذا اصابتهم ، وكذلك باقتهم بؤوق على فعول. الصحاح ـ بوق ـ ٤ : ١٤٥٢.

١٥٣

أرجُلِهِم ، وعَن أيمانهِم وعَن شَمائلِهِم ، ومن حَيثُ شئتَ وكيف شئتَ وأنّى شِئتَ ، حتى لا يَصلَ إليّ أحدٌ مِنهمُ بسوءٍ.

اللّهُمَّ اجعلني في حِفظِكَ وسِترِكَ ، وَجوارِكَ عَزّ جارِكَ ، وجلَّ ثناؤُك ، ولا إلهَ غُيركَ ، أنتَ السلامُ ومنكَ السلامُ يا ذا الجلالِ والإكرامِ ، أسألُكَ فكاكَ رَقبتي من النارِ ، وأن تُسكنِّي دارَ السّلام.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ من الخيرَ كُلّه ، عاجِلهِ وآجِلهِ ، ما عَلمتُه منِهُ ومالم أعلَم ، وأسألُكَ اللّهُمَّ من الخيرِ كُلّهِ ، ما أدعُو وما لم أدعُ ، وأعُوذُ بِكَ من شرّ ما أحذَرُ ، وأسألُكَ أن تَرزُقَني من حيثُ لا أحتَسبُ ومن حَيثُ أحتَسبُ.

اللّهُمَّ إني عَبدكُ وابنُ عَبدِكَ وأبنُ أمَتِكَ وفي قَبضَتكَ ، ناصِيَتي بيدِكَ ، ماضٍ فيَّ حُكمكَ ، عَدلٌ فيَّ قَضَاؤكَ ، أسألُكَ بكُلِّ اسمٍ هُو لَكَ سَميّتَ به نَفسكَ ، أو أنزلتهُ في شيءٍ من كُتبُكَ ، أو عَلّمتُه أحداً من خَلقكَ ، أو استَاثرتَ به في عِلمِ الغيبِ عِندكَ ، أن تُصَلّي على مُحمّدٍ النّبي الأُمّي ، عَبدِكَ وَرسُولكَ ، وخيرتِكَ من خَلقكَ ، وعلى آلِ مُحمّدٍ ، وأن تَجعلَ القُرآنَ نُور صَدري ، وَتُيسّرُ به أمِري ، ونوراً في سمعِي ، ونُوراً في بَصري ، ونُوراً في مُخّي وعَظمي وعَصَبي وشَعري وبَشري وأمامي وفوقي وتَحتي ، وعن يميني وعن شمالي ، ونُوراً في مماتي ، ونُوراً في مَحشري ، ونُوراً في كُلّ شيءٍ مني حتى تُبَلّغني به الجَنّة ، يا نُورَ السماوات والأرضِ ، انتَ كما

١٥٤

وصَفتَ نَفسَكَ بِقولكَ الحقّ( اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (١) .

اللّهُمَّ اهدِني بِنُوركَ ، واجعَل لي في القِيامةِ نُوراً بَينَ يَدَيّ ومن خَلفي ، وَعَن يَميني وعَن شِمالي ، أهتَدي به إلى دارِكَ دار السّلام ، يا ذا الجَلال والإكرامِ. اللّهُمَّ إني أسألُكَ ( في أهلي العافية )(٢) وولدِي ومالِي ، وأن تَلبِسني ( في ذلك )(٣) المَغفرة والعافِية.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّد واحفظني من بين يَدَيّ ومن خَلفي ، وعَن يميني وعَن شِمالي ، ومن فوقي ومن تَحتي ، وأعوُذُ بك( اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٤) .

اللّهُمَّ إني أسألُكَ إيماناً صادِقاً ، وَيقيناً ثابِتاً لَيس مَعهُ كُفرٌ ، وَرحمة أنالُ بها شَرَف الدُّنيا والآخِرةِ ، إنّكَ على كل شيء قديرٌ [ و ] صَلِّ على

__________________

(١) النور ٢٤ : ٣٥.

(٢) في نسخة « ن » : العافية في نفسي واهلي.

(٣) في نسخة « ك » : فيه ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

(٤) آل عمران ٣ : ٢٦.

١٥٥

مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ الطّيّبينَ الطّاهرين »(١) .

اليوم السابع والعشرون :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يومٌ صالحٌ لكل أمر وحاجَة ، خفيفٌ لسائر الأحوال ، والمولود فيه يكون حسناً جميلاً ، طويل العُمر ، كثير الخير ، هو قريبٌ إلى الناس محببٌ إليهم ».

قال سلمان رحمة الله عليه :روز آسمان ، اسم الملك الموكل بالطير ، ومن ولدفيه يكون غشوماً(٢) مرزوقاً محبباً إلى الناس ، طويلاً عمره.

الدعاء فيه :

اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ رَحمةً من عِندكَ تَهدي بها قَلبي ، وتجمَعُ بِها أمري ، وتلمُ بها شَعَثِي(٣) ، وتُصلح بها ديني ، وتَحفظُ بها غائبي ، وتوفي بها شاهدي ، وتُكثرُ بها مالي ، وتثمر بها عُمري ، وتيسِّرُ بها أمري ، وتَستُرُ بها عيبي ، وتُصلحُ بها كُلَّ فاسدٍ من حالي ، وتَصرفُ بها عني كل ما أكرهُ ، وتُبيّضُ بها وجهي ، وتَعصِمني بها من كُلّ سوءٍ بقيّةَ عُمري.

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية : ٣٢١ / ٢ و ٣ و ٤ و ٦ ، واورد الدعاء في : ٣٢٣ باختلاف يسير ، وكذا نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ٢٨٩.

(٢) كذا ، ولم ترد في نسخة « ن ».

(٣) الشعث بالتحريك : انتشار الأمر يقال : لَمَّ الله شَعَثَك ، أي جمع أمرك المنتشر. الصحاح ـ شعث ـ ١ : ٢٨٥.

١٥٦

اللّهُمَّ أنتَ الأوّلُ فلا شيء قَبلكَ ، وأنت الآخِرُ فلا شيء بَعدكَ ، ظَهرت فَبطنتَ ، وبَطنتَ فَظهَرتَ ، وعَلَوت فقدرتَ ، ودَنَوتَ في عُلُوّك فلا إلهَ غَيرُكَ ، أسألُكَ أن تُصلّي على مُحمّدٍ وآل محمد ، وأن تَصلِحَ لي ديني الذي هو عصمةُ أمري ، ودُنياي التي فيها مَعِيشتي ، وآخِرتي التي إليها مُنقلبي ، وأن تَجعلَ الحياة زيادةً لي في كُلّ خَيرٍ ، والموَت راحةً لي من كُلّ سوءٍ.

اللّهُمَّ لك الحمدُ قَبل كُلِّ شيءٍ ، ولك الحمدُ بعدَ كُلِّ شيءٍ ، يا صريخَ المستصرخينَ ، يا مُفرّجَ عن المَكروبينَ ، يا مُجيبَ دَعوةَ المُضْطَرّينَ ، يا كاشِفَ الكربِ العظيمِ ، يا أرحَمَ الراحمينَ ، اكشِف كربي وغَمّي ، فَإنّهُ لا يَكشِفُهما غَيرُكَ عني ، قَد تَعلمُ حالي وَصِدق حاجتي إلى بِرِّكَ وإحسانِكَ ، فصَلِّ على مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ واقضها يا أرحمَ الرّاحمينَ.

اللّهُمَّ ولكَ الحَمدُ كلّهُ ، ولكَ العزُّ كُلّهُ ، ولَكَ السُلطانُ كُلّهُ ، و ( لك )(١) القُدرَةُ كُلّها ، و ( لك )(٢) الجبروُتُ والفَخرُ كُلّهُ ، وبيدِكَ الخيرُ كُلُّهُ وإليكَ يَرجِعُ الأمرِ كُلُّهُ ، علانيتُهُ وسِرُّهُ.

اللّهُمَّ لا هادِي لمن أضلَلْتَ ، ولا مُضِلَّ لِمَن هَدَيتَ ، ولا مانعَ لِما أعطَيتَ ، ولا مُعطِيَ لما مَنَعت ، ولا مُؤخِّرَ لما قَدّمتَ ، ولا مُقَدّمَ لما أخّرتَ ، ولا باسِطَ لما قَبضتَ ، ولا قابِضَ لما بَسطتَ ، اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّد وآلِ

__________________

(١ و ٢) اثبتناها من نسخة « ن ».

١٥٧

مُحمّدٍ وابسط عَلَيَّ من بَركاتِكَ وفَضلِكَ ورَحمَتكَ ورِزقِكَ ، اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ الغِنى يَومَ الفاقَةِ ، والأمنَ يَومَ الخَوفِ ، والنّعيم المُقيم الّذي لا يَحُولُ ولا يَزُولُ.

اللّهُمَّ رَبِّ السّماوات السّبعِ ورَبِّ العرشِِ العظيمِ ، فالِقُ الحَبَّ والنّوى ، أعُوذُ بِكَ من شرِّ كل ذي شرٍ ، ومن شرِّ كُلّ دابّةٍ أنتَ آخِذٌ بِناصِيتِها إنّكَ على كُلّ شيءٍ قَديرٌ وبِكُلِ شيءٍ محيطٌ.

(اللّهُمَّ )(١) أنت الأولُ فَليسَ قَبلَكَ شيءٌ ، وأنتَ الآخِرُ فَليسَ بَعدكَ شيءٌ ، وأنتَ الظاهِرُ فَليسَ فَوْقكَ شيءٌ ، صَلِّ على مُحمّدٍ وآل مُحّمدٍ وأفعل بي كَذا وكَذا.

بسم الله وباللهِ ، أؤمِن وأعُوذُ باللهِ ، أعتصمُ وألوُذُ باللهِ ، وبِعزّتِهِ ومَنَعتِهِ أمتنعُ من الشيطانِ الرّجيم ومن غيلَتِهِ وحيلَتِهِ ، وخَيلهِ ورَجلهِ ، ومن شَرّ كُلّ دابةٍ تَرجفُ مَعَه. أعوذُ بكَلماتِ اللهِ التّامّات النّاميات التي لا يُجاوزُهُن بَرٌ ولا فاجِرٌ ، وبِأسماءِ اللهِ الحُسنى كُلّها ما عَلِمتُ منها وما لَم أعلَم ، مِن شَرّ ما خَلَقَ وَذَرأ وَبَرأ ، ومنَ شرّ طارِقِ الليلِ والنّهارِ إلاّ طارِقاً يطرُقُ مِنكَ بِخيرٍ في عافيةٍ.

اللّهُمَّ إنّي أعوذُ بِكَ من شَرّ نَفسي ، ومن شَرّ كُلّ عَينٍ ناظرَةٍ ، وأذُنٍ سامِعَةٍ ، ولسانٍ ناطقٍ ، ويَدٍ باطشةٍ ، وقَدَمٍ ماشِيةٍ ، مّمِا أخافُهُ في نَفسي

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

١٥٨

في لَيلي ونَهاري. اللّهُمَّ ومَن أرادَني بِبغيٍ أو عَيبٍ أو مَساءةٍ أو شيءٍ مكروهٍ ، من جِنّ أو أنسٍِ أو قَريبٍ أو بَعيدٍ أو كَبيرٍ ، فأسألُكَ أن تَخُرجَ ( ذلك من )(١) صدره ، وأن تمسكَ يَدهُ ، وَتَقصر قَدَمهُ ، وَتَقمع بأسهُ وَدَغلهُ(٢) ، وتَرُده بغيظِهِ ، وتشرقهُ برِيِقهِ ، وتكفينيه بِحولكَ وقُوّتك ، إنّكَ على ما تشاءُ قديرٌ(٣) .

اليوم الثامن والعشرون :

قال الصادقعليه‌السلام : « هذا يوم صالح مباركٌ لكل أمر وحاجة ، ولد فيه يعقوب النّبي صلّى الله عليه ، من ولد فيه يكون محزوناً طول عمرهُ ، وتصيبهُ الغموم ، ويبتلى في بدنه إلاّ أن يشاء الله عز وجل غير ذلك ».

قال سلمان رحمة الله عليه :روز رامياد ، اسم الملك الموكّل بالسّماوات ، وقيل بالقضاء بين الخلق ، وهو يوم مبارك سعيد ، والأحلام فيه تصحّ من يومها ، والله أعلم.

الدعاء فيه :

اللّهُمَّ أنت الكبيرُ الأكبرُ من كُلّ شيء ، اللّهُمَّ لا تحرِمني خَيرَ ما

__________________

(١) اثبتناها من نسخة المجلسي.

(٢) الدواغل : الدواهي.

(٣) رواه العلامة الحلي في العدد القوية : ٣٣٢ / ١ و ٥ باختلاف ، واورد الدعاء في : ٣٣٥ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٧٨ باختلاف يسير.

١٥٩

أعطيتَني ، ولا تفتنِّي بِما مَنَعتَ مني ، اللّهُمَّ إني أسألُكَ خَيرَ ما تُعطي عبادكَ ، من الأهلِ والمالِ ، والإيمانِ والأمانَةِ ، والوَلَدِ النّافعِ غَير الضّال والمُضِلّ. اللّهُمَّ إنّي إليكَ فَقيرٌ ، ومِنكَ خائِفٌ وبِكَ مُستجيرٌ. اللّهُمَّ لا تُبدّل اسمي ، ولا تُغيّر جِسمي ، ولا تُجهد بَلائي.

اللّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ من غنىً مُطغٍٍ ، أو هوىً مُردٍ ، أو عَملٍ مُخزٍ. اللّهُمَّ اغِفر لي ذنوبي ، واقبل تَوبَتي ، واظهر حُجّتي ، واستر عَورَتي ، واجعل مُحمّداً وآل مُحمّدٍ المصُطفينَ أوليائي.

اللّهُمَّ إنّي أعُوذُ بكَ أن أقُول قولاً هو من طاعَتكَ أُريدُ بهِ سُوءً أو جَهْلاً. اللّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ أن يكونَ غَيري أسعَدُ بما آتيتَني مِني. اللّهُمَّ وأعُوذُ بِكَ من شَرّ الشّيطانِ ، وشَرّ السُلطانِ ، وما تَجري بهِ الأقلام ، وأسألُكَ عَمَلاً بارّاً ، وعَيشاً قارّاً ، وَرزقاً داراً. اللّهُمَّ كَتَبتَ الايّامَ(١) واطلعتَ على السرائر ، وحللت بين القلوب ، فالقلوب إليك مُصغِية ، والسر عندك علانية ، وانما أُمرُكَ إذا أردتَ الشيءَ أن تَقول لهُ كُن فَيكونُ.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ بِرحمتِكَ أن تُدخل طاعتكَ في كُلّ عُضوٍ منّي لأعملَ بها ثُمّ لا تُخرجهُا مني أبداً. اللّهُمَّ وأسألُكَ أن تُخرجَ معصيتكَ من كل اعضائي بِرحمتك لأنتهي عنها ثُمّ لا تُعيُدها إليَّ أبداً. اللّهُمَّ إنّك عَفُوٌّ تُحِبّ العفو فاعفُ عَني. اللّهُمَّ كُنتَ إذ لا شيء مَحسُوساً وتكوُنُ أخيراً ،

__________________

(١) في نسخة المجلسي : الاثام.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317