الدروع الواقية

الدروع الواقية18%

الدروع الواقية مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: دراسات
الصفحات: 317

الدروع الواقية
  • البداية
  • السابق
  • 317 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 115510 / تحميل: 6671
الحجم الحجم الحجم
الدروع الواقية

الدروع الواقية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

بعض المتعصّبين يحاولون عبثا الخدشة في سنده أو دلالته ، أو تحريف لفظه ومتنه ، ومنهم من التجأ إلى وضع خبر الوصيّة بالكتاب والسنة بعنوان « الثقلين » زعما منه بأنه سيعارض حديث الثقلين المقطوع الصدور وقد بينا ـ والحمد لله ـ أن الخبر موضوع مصنوع.

وعلى فرض أن يكون للخبر اصل فأنه ليس هناك أيّ منافاة بين الوصية بالكتاب والسنة ، والوصية بالكتاب والعترة إذ لا خلاف بين المسلمين في وجوب الالتزام والعمل بالكتاب والسنة النبولة الشريفة غير إن حديث ( الكتاب والعترة ) مفاده وجوب أخذ السنة من العترة النبوية لا من غيرهم ، وهذا هو الذي فهمه علماء الحديث وشراحه ، ومن هنا نرى المتقي الهندي ـ مثلا ـ يورد كلا الحديثين تحت عنوان الباب الثاني : في الاعتصام بالكتاب والسنة ، كما لا يخفى على من راجعه.

هذا موجز الكلام على هذا الخبر ، وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين.

* * *

٢١
٢٢

الفهرس

حديث الوصية بالثقلين الكتاب والسنّة 1

(1) نصوص الخبر ورواته 6

رواية مالك بن أنس : 6

رواية ابن هشام : 6

رواية الحاكم : 6

رواية البيهقي : 8

رواية ابن عبد البرّ : 8

رواية القاضي عياض : 9

رواية السيوطي : 10

رواية المتّقي الهندي : 10

(2) نظرات في أسانيد الخبر 11

سند الخبر في الموطّأ : 11

سند الخبر في سيرة ابن هشام : 13

سند الخبر في المستدرك : 14

سند الخبر في سنن البيهقي : 16

سند الخبر في التمهيد : 16

٢٣

سند الخبر في الإلماع : 17

سند الخبر في الجامع الصغير : 18

سند الخبر في كنز العمّال : 19

(3) تأمّلات في لفظ الخبر ومدلوله 20

الفهرس. 23

٢٤

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الهلال في الليلة الاولى وتقول مثل ما تقدم ذكره ، والثانية والثالثة ، فان نجع والا بمثل ذلك في الشهر الثالث ، ولن تحتاج اليه باذن الله »(١) .

* * *

__________________

(١) رواه الطبرسي في مكارم الأخلاق : ٣٤٧ ، والكفعمي في مصباحه : ٢٠٦.

٤١

الفصل الثاني :

فيما يؤكل أول الشهر لئلا ترد له حاجة

روينا ذلك باسنادنا الى هارون بن موسى التلعكبري رضوان الله عليه قال : حدثنا محمد بن همام بن سهيل قال : حدثنا أبو الخير محمد بن يحيى الفارسي قال : حدثنا أبو حنيفة محمد بن يحيى الطبري ، عن الوليد بن أبان الرّازي ، عن محمد بن سماعة ، عن أبيه قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « نعم اللقمة الجبن ، تعذب الفم وتطيب النكهة وتهضم ما قبله وتشهي الطعام ، ومن يعتمد أكله رأس الشهر أوشك أن لا ترد ( له )(١) حاجة »(٢) .

أقول : فاياك أن تستبعد مثل هذه الاثار ، وقد رواها هارون بن موسى وهو من الاخيار ، وكم لله جل جلاله في بلاده وعباده من الاسرار ، ما لم يُطلع عليه الا من شاء من رسله وخواصه الاطهار. فيجب التسليم والرضا والقبول ، ممن شهدت بوجوب تصديقه العقول.

* * *

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

(٢) روى الراوندي في دعواته : ١٥٢ / ٤١٠ ، والطبرسي في مكارم الأخلاق : ١٨٩ نحوه ، ونقله المجلسي في البحار٦٦ : ١٠٥ / ١١ و ٩٧ : ١٣٣ / ١.

٤٢

الفصل الثالث :

فيما نذكره مما يعمل ـ أول كل شهر من

صلاة ودعاء وصدقة صادرة عن من تدبيره من جملة تدبير

الله جل جلاله وفضله ، ليسلم العبد بذلك من خطر الشهر كله

روينا باسنادنا الى محمد بن الحسن بن الوليد القميرضي‌الله‌عنه قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى الاشعري قال : حدثنا محمد بن حسان ، عن الوشا ـ يعني الحسن بن علي بن الياس الخزاز ـ قال : كان أبو جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام اذا دخل شهر جديد يصلي أول يوم منه ركعتين ، يقرأ في أول ركعة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ثلاثين مرة بعدد أيام الشهر ، وفي الركعة الثانية( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) مثل ذلك ، ويتصدَّق بما يتسهل ، فيشتري به سلامة ذلك الشهر كله(١) .

ووجدت هذا الحديث مروياً ايضاً عن مولانا جعفر بن محمد الصادقعليهما‌السلام .

أقول : ورأيت في غير هذه الرواية زيادة : فقال : « ويستحب أذا فرغت من هذه الصلاة أن تقول : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ( وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ

__________________

(١) رواه الطوسي في مصباحه : ٤٧٠ ، والراوندي في دعواته : ١٠٦ / ٢٣٤ ، وابن طاووس في إقبال الأعمال : ٨٧ ، والكفعمي في مصباحه : ٤٠٧ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ / ١١٣ قطعة من الحديث ١.

٤٣

مُّبِينٍ ) (١) ( وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٢) .

بسمِ الله الرحمنِ الرحيمِ( سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ) (٣) ( مَا شَاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ ) (٤) ( حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) (٥) ( وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) (٦) ( لا إِلَٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) (٧) ( رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) (٨) ( رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ) (٩) »(١٠) .

يقول السيد الامام ، العالم العامل ، الفقيه الكامل ، العلامة الفاضل ، الزاهد العابد ، البارع الورع ، رضي الدين ، ركن الاسلام ، جمال العارفين ، أفضل السادة ، أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس كبت الله أعداءه : قد عرفت أن العترة من ذرية النبي صلوات الله عليه وآله الذين كانوا قائمين مقامه في فعاله ومقاله ، قالوا : « ان ما نرويه فانه عنه ، ومأخوذ منه » فهم قدوة لمن اقتدى بفعلهم وقولهم ، وهداة لمن عرف شرف محلهم ، فاقتد في

__________________

(١) هود ١١ : ٦.

(٢) الأنعام ٦ : ١٧.

(٣) الطلاق ٦٥ : ٧.

(٤) الكهف ١٨ : ٣٩.

(٥) آل عمران ٣ : ١٧٣.

(٦) غافر ٤٠ : ٤٤.

(٧) الأنبياء ٢١ : ٨٧.

(٨) القصص ٢٨ : ٢٤.

(٩) الأنبياء ٢١ : ٨٩.

(١٠) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٣٣ / ١.

٤٤

السلامة من خطر كل شهر كما(١) أشار اليه مولانا محمد بن علي الجواد صلوات الله عليه.

أقول : ( وينبغي أن تذكر )(٢) عند صدقتك أن هذه الصدقة التي في يديك لله جل جلاله ، ومن احسانه اليك ، والذي تشتريه من السلامة هو أيضاً من ذخائره التي يملكها هو جل جلاله ، وتريد أنت منه جل جلاله أن ينعم بها عليك ، وأنت ملكه على اليقين لا تشك في ذلك ان كنت من العارفين ، فاحضر بقلبك عند صلاتك وصدقتك هذه أنك تشتري ما يملكه الله جل جلاله لمن يملكه الله جل جلاله ، فالمشتري ـ وهو أنت ، كما قلناه ـ ملكه ، والذي تشتري به السلامة ـ وهو الصدقة ـ ملكه ، وأن السلامة التي تشتريها ملكه ، فاحذر أن تغفل عما أشرنا اليه ، فقد كررناه ليكون على خاطرك الاعتماد عليه.

أقول : فاذا أديت الامانة في صلاتك وصدقتك ، وخلصت نيتك في معاملتك لله جل جلاله ومراقبتك ، فكن واثقا بالسلامة من أخطار شهرك ، ومصدقاً في ذلك ولاة أمرك ، وحسن الظن بالله جل جلاله في صيانتك ونصرك.

أقول : ومما ينبغي أن تعرفه من سبيل أهل التوفيق وتعلمه فهو أبلغ في الظفر بالسلامة على التحقيق ، وذلك أن تبدأ في قلبك عند صلاة الركعتين وعند الصدقة والدعاء بتقديم ذكر سلامة من يجب الاهتمام بسلامته قبل سلامتك ، وهوالذي تعتقد أنه إمامك وسبب سعادتك في دنياك وآخرتك.

واعلم أنه صلوات الله عليه غير محتاج الى توصلك بصلاتك وصدقتك ودعائك في سلامته من شهره ، لكن اذا نصرته جازاك الله جل جلاله بنصره ،

__________________

(١) لعل الأنسب : بما.

(٢) في نسخة «ك » : وكن ، واثبتناه ما في نسخة « ن ».

٤٥

وجعلك في حصن حريز ، قال الله جل جلاله( وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) (١) .

ولأن من كمال الوفاء لنائب خاتم الانبياء ، أن تقدمه قبل نفسك في كل خير تقدر عليه ، ودفع كل محذور أن يصل إليه ، وكذا عادة كل انسان مع من هو أعز من نفسه عليه.

ولانك اذا استفتحت أبواب القبول ، بطاعة الله جل جلاله والرسول ، يرجى أن تفتح الابواب لاجلهم ، فتدخل أنت نفسك في ضيافة الدخول تحت ظلهم ، وعلى موائد فضلهم.

يقول السيد الامام ، العالم العامل ، الفقيه الكامل ، العلامة الفاضل ، الزاهد العابد الورع ، رضي الدين ، ركن الاسلام ، جمال العارفين ، أفضل السادة ، أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس كبت الله أعداءه : وقد روينا أن صلاة أول كل شهر ركعتان ، يقرأ في الاولى( الحَمدُ )( قُل هُو الله أحدٌ ) مرة ، وفي الثانية( الحمدُ ) و( انّا أنزَلناهُ ) مرة. ولعل هذه الرواية الخفيفة مختصة بمن يكون وقته ضيقاً عن قراءة ثلاثين مرة في كل ركعة ، أما على طريق سفر أو لاجل مرض أو غير ذلك من الاعذار.

أقول : ووجدت جماعة من العجم يعملون على أن الاختيار في أيام الشهور على شهور الفرس دون الشهور العربية ، وما كان الامر كما عملوا به ، لامور :

منها : أننا ومن رأيناه منهم يصلي صلاة أول كل شهر للحفظ من أكداره يصلي على شهور العرب.

__________________

(١) الحج ٢٢ : ٤٠.

٤٦

ومنها : أن الصدقة في أول كل شهر للسلامة من أخطاره على شهور العرب.

ومنها : أن من وجدته يصلي صلاة أول ليلة من كل شهر للسلامة من مضاره رأيته يصليها في أول ليلة من شهور العرب.

ومنها : أن أول السنة باجماع المسلمين اما الشهر المحرم أو شهر رمضان ، وكلاهما من شهور العرب.

ومنها : أن خطاب الشريعة المحمدية يحمل على لسانه العربي الذي جاء به شريف القران الإلهي.

ومنها : أنني اعتبرت الوعود والوعيد المتضمن لايام الشهور فوجد كثيراً منها موجوداً في شهور العرب.

ومنها : ما يحصن من محذورات الايام التي تكره فيها الحركات غير ما قدمناه من الصلوات والصدقات.

حدّث أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى الفحام السرمرائي قال : حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيد الله الهاشمي المنصوري قال : حدثنا أبو السري سهل بن يعقوب بن اسحاق الملقب بأبي نواس مؤذن المسجد المعلق بصف شنيف. قال أبو الحسن : وكان يلقب بأبي نواس ، لانه كان يطيب ويكثر المزاح ويظهر التشيع على طريق الطيبة والتخالع ويسلم عند مخالفيه ، وكان مولانا الامام علي بن محمد صلوات الله عليه يقول له : « أنت أبو نواس الحق وذاك أبو نواس الغي والباطل »(١) وكان يخدم سيد الانامعليه‌السلام .

__________________

(١) رواه الطوسي في اماليه ١ : ٢٨٣.

٤٧

قال: فقلت له ذات يوم : يا سيدي عندي اختيارات الايام عن مولانا الصادقعليه‌السلام ، حدثني به الحسن بن عبد الله بن مطهر ، عن محمد بن سليمان الديلمي ، عن أبيه ، عن سيدنا الصادقعليه‌السلام . وعرضته عليه وصححته بتصحيحه له فقلت : يا سيدي في هذه الايام أيام منحوسة تقطع عن الحوائج ، فاذا دعتني ضرورة الى السعي فيها لحاجة لا يمكنني تركها ، فعلمني ما احترز به منها لاسعى في جميعها في حوائجي.

فقال : « يا سهل ، ان لشيعتنا بولايتنا عصمة ، لو سلكوا بها لجج البحار الغامرة وسباسب(١) البيداء الغابرة ، بين سباعٍ وذئابٍ وأعادي الجن والانس ، أمنوا من مخاوفهم بنا وبولايتنا ، فثق بالله تعالى ، واخلص الولاء لائمتك الطيبين ، الطاهرين ، وتوجه حيث شئت. يا سهل اذا أصبحتَ وقلتَ ثلاثاً : أصبَحتُ اللّهُمَّ مُعتَصِماً بِذِمامِكَ وجوارِكَ المنِيعِ الذي لا يُطاوَلُ ولا يُحاوَلُ ، مِن شَرِّ كُلِّ طارِقٍ وغاشِمٍ مِن سائِرِ مَن خلَقَت وما خَلَقتَ مِن خَلقِكَ الصّامِتِ والنّاطِقِ ، في جُنَّةٍ من كُلِّ مخوفٍ ، بلِباسٍ سائِغَةٍ حصِينَةٍ ، وهيَ وَلاء أهلِ نَبيِّكَ ، مُحتَجِزاً من كلِّ قاصِدٍ لي إلى أذِيةٍ بجدارٍ حَصِين : الاخلاصُ في الاعتِرافِ بحَقِّهِم ، والتَمَسُّك بِحَبلِهِم جميعاً ، مُوقِناً أنَّ الحقَّ لَهُم وَمَعهُم وَمِنهُم وَفِيهم وَبهِم ، اُوالي مَن والَوا ، واُعادِي مَنْ عادَوا ، واُجانِبُ مَن جانبُوا ، فأعِذني اللّهُمَ بهم مِن شَرِّ كلِّ ما أتقيه ، إنّا( وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ

__________________

(١) السبسب : المفازة : يقال بلد سبسب وبلد سباسب، والمفازة هي الأرض المقفرة الموحشة التي لا ماء فيها. انظر الصحاح ـ سبب ـ ١ : ١٤٥ ، ولسان العرب ـ فوز ـ ٥ : ٣٩٢.

٤٨

وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ) (١) وقلتها عند المساء ثلاثاً امنت مخاوفك.

واذا أردت التوجه في يوم نحس وخفت ما فيه ، تقدم قراءة ( الحَمدُ ) و ( المعوّذتين ) و ( آية الكرسي ) وسورة ( القدر ) وآخر ( آل عمران ) وقل : اللّهُمَّ بِكَ يَصُولُ الصائِلُ ، وبكَ يَطُولُ الطائِلُ ، ولا حَولَ لِكُلِ ذي حَولٍ الاّ بِكَ ، ولا قُوّةَ يمتارها ذو قُوةٍ الاّ مِنكَ ، اسألُكَ بِصَفوَتِكَ مِن خَلقِكَ ، وخِيرتِكَ من بَريتِكَ ، محمدٍ نَبيِّكَ وعترَتِهِ وسُلالَتِهِ عليهِ وعليهِمُ السلامُ ، صَلِّ عليهِم ، واكفِني شَرَّ هذا اليوم وضرهُ ، وارزُقني خَيرَهُ ويمنَهُ ، واقضِ لي في مُنصرفاتي بِحُسنِ العاقِبَةِ ، وبُلوغِ المحبَّةِ ، وَالظَفرِ بالامنيَةِ ، وكِفايةِ الطاغِيَةِ الغَويّة ، وكُلّ ذي قُدرةٍ لي على أذِيَةٍ ، حتى أكونَ في جُنَّةٍ وَعصمَةٍ ، من كُلّ بلاءٍ ونَقَمَةٍ ، وأبدِلني من المَخاوفِ فيهِ أمناً ، وَمِنَ العَوائِقِ فيهِ يُسراً ، حتى لا يَصُدَّني صادٌ عنِ المُرادِ ، وَلا يحِلُ بي طارقٌ مِن أذى العِبادِ ، انَّكَ على كُلِّ شيءٍ قَديرٌ ، والامورَ اليك تَصِيرُ ، يا مَن ليسَ كمثلِهِ شيءٌ وهوَ السمِيع البَصيرُ »(٢) .

أقول : وقد كنّا ذكرنا هذا الحديث في تعقيب صلاة الصبح في الجزء الثاني من كتاب المهمات ، وانما ذكرناه ههنا لتباعد ما بينهما ، ولان هذا المكان لعله أحق بذكره فيه.

__________________

(١) يس : ٣٦ : ٩.

(٢) رواه الشيخ الطوسي في أماليه ١ : ٢٨٤ باختلاف يسير.

٤٩

أقول : وسوف نذكر بعد تعريف ما في الشهر من متكرّر الصيام ، ما نرويه عن مولانا الصادق عليه أفضل السلام ، من دعاء لكل يوم من الشهر على التفصيل ، وتعمل عليه ، فانها احراز واقية ، من خطر يسير أو جليل.

* * *

٥٠

الفصل الرابع :

فيما نذكره من صوم داودعليه‌السلام

رويناه باسنادنا الى محمد بن أبي عمير رضوان الله عليه ، عن أبي عبد الله أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أول ما بعث يصوم حتى يقال : لا يفطر ، ويفطر حتى يقال : لا يصوم ، ثم ترك ذلك وصام يوما وأفطر يوما ، وهو صوم داودعليه‌السلام »(١) .

ومن ذلك ما رويناه من كتاب الصيام ، عن ابن فضال ـ باسناده ـ قال : حدثني محمد بن أحمد بن يحيى ، عن عاصم بن حميد ، عن ابراهيم بن أبي يحيى ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه : أن رجلاً سأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الصوم فقال : « أين أنت عن البيض : ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة ؟ ».

قال : ان بي قوة.

فقال : « أين أنت عن صيام يومين في الجمعة ؟ ».

فقال : ان بي قوة.

__________________

(١) روى الحميري في قرب الاسناد : ٨٩ / ٢٩٩ نحوه ، والكليني في الكافي ٤ : ٩٠ / ٢ بزيادة فيه ، وباختلاف يسير رواه الصدوق في الخصال : ٣٩٠ / ٨٠ ، وفي ثواب الاعمال : ١٠٥ / ٦ ، وكذا الشيخ المفيد في المقنعة : ٣٧٠ ، ونقله الحر العاملي في الوسائل ١٠ : ٤٣٨ / ١.

٥١

فقال : « أين أنت عن صوم داودعليه‌السلام ، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً »(١) .

* * *

__________________

(١) نقل المجلسي في البحار ٩٧ : ١٠٤ / ٤٠ قطعة منه ، ونقله الحر العاملي في الوسائل ١٠ : ٤٣٨ / ٢.

٥٢

الفصل الخامس :

فيما نذكره من صوم جماعة من الانبياء وأبناء الانبياء

صلوات الله جل جلاله عليهم

رويناه باسنادنا الى ابن فضال من كتاب الصيام قال : حدثنا محمد بن أبي عبيد ، قال : حدثنا جبارة قال : حدثنا فرج بن فضالة قال : حدثنا أبو وهيب ، عن أبي صدقة الدمشقي ، عن ابن عباس قال : أتاه رجل يسأله عن الصيام ، فقال : عن أي الصيام تسألني ؟ ان كنت تريد صوم داودعليه‌السلام ـ أبي سليمان ـ فانه كان من أعبد الناس وأشجع الناس ، وكان لا يفرّ اذا لاقى ، وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتاً يلوّن ، وكان اذا أراد أن يبكي على نفسه لم تبق دابة في بر ولابحر الا استمعن لصوته ، ويبكي على نفسه ، ًوكانت له سجدة من آخر النهار يدعو فيها ويتضرع ، وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ان أفضل الصيام صيام أخي داودعليه‌السلام وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً ».

وان كنت تريد صيام ابنه سليمان ، فانه كان يصوم من أول الشهر ثلاثة ، ومن وسطه ثلاثة ، ومن اخره ثلاثة.

وان كنت تريد صوم ابن العذراء البتول عيسى بن مريم ، فانه كان يصوم الدهر كله لا يفطر منه شيئاً ، وكان يلبس الشعر ، ويأكل الشعير ، ولم يكن له بيت يخرب ، ولا ولد يموت ، وكان رامياً لا يخطئ صيداً يريده ، وحيثما غابت الشمس

٥٣

صف قدميه ، فلم يزل يصلي حتى يراها. وكان يمر بمجالس بني اسرائيل ، فمن كانت له حاجة قضاها ، وكان لايقوم مقاماً الا وصلى فيه ركعتين ، وكان ذلك من شأنه حتى رفعه الله عز وجل.

وان كنت تريد صوم اُمَّهعليها‌السلام فانها كانت تصوم يومين وتفطر يوماً.

وان كنت تريد صيام خير البشر ، العربي القرشي ، أبي القاسمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فانه كان يصوم ثلاثة أيام ( من )(١) كل شهر ، ويقول : « هي صيام الدهر »(٢) .

* * *

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

(٢) نقله الحر العاملي في الوسائل ١٠ : ٤٣٩ / ٣.

٥٤

الفصل السادس :

فيما نذكره من صيام أول خميس في العشر الاول من كل شهر،

وأول أربعاء في العشر الثاني منه ، وآخر خميس من العشر الاخير منه

رويناه باسنادنا الى محمد بن يعقوب الكليني ، وابن بابويه ، والى ابن فضال ، وغيرهم ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله قال : سمعته يقول : « صام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى قيل : ما يفطر ، ثم أفطر حتى قيل : ما يصوم ، ثم صام صوم داودعليه‌السلام يوماً فيوماً لا ، ثم قبض على صوم ثلاثة أيام في الشهر ، وقال : يعدلن الدهر ، ويذهبن بوحر الصدر ».

قال : وزعم حماد أن الوحر : الوسوسة.

قال حماد : وأي الايام هي ؟

قال : فقال : « أول خميس في الشهر ، وأول أربعاء بعد العشر منه ، وآخرخميس فيه ».

قال : فقلت له : كيف صارت هذه الايام هي التي تصام ؟

فقال : « ان من قبلنا من الامم كان اذا نزل على أحد منهم العذاب نزل في هذه الايام ، فصام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الايام المخوفة »(١) .

ومن ذلك ما رويناه باسنادنا الى محمد بن يعقوب ـ وغيره ـ باسناده الى

__________________

(١) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٨٩ / ١ ، والصدوق في الفقيه ٢ : ٤٩ / ٢١٠ ، وثواب الأعمال : ١٠٥ / ٦ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٤ : ٣٠٢ / ٩١٣ ، والاستبصار ٢ : ١٣٦ / ٤٤٤.

٥٥

أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الصيام في الشهر كيف هو ؟

فقال : « ثلاث في الشهر ، في كل عشرة يوم ، ان الله عزوجل يقول( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) (١) ثلاثة أيام في الشهر صوم الدهر »(٢) .

* * *

__________________

(١) الأنعام ٦ : ١٦٠.

(٢) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٩٣ / ٧ ، والصدوق في ثواب الأعمال : ١٠٥ / ٣ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٤ : ٣٠٢ / ٩١٤.

٥٦

الفصل السابع :

فيما نذكره من الرواية في أدب الصائم هذه الثلاثة الأيام

روينا ذلك باسنادنا الى محمد بن يعقوب الكليني ، وأبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه ، عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « اذا صام أحدكم الثلاثة أيام من الشهر فلا يجادلن أحداً ، ولا يجهل ، ولا يسرع الى الحلف والايمان بالله عزوجل ، وان جهل عليه أحد فليحتمل »(١) .

* * *

__________________

(١) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٨٨ / ٤ ، والصدوق في الفقيه ٢ : ٤٩ / ٢١١ ، وعلل الشرائع : ٣٨١ / ٢ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٤ : ١٩٥ / ٥٥٧ ، والطبرسي في مكارم الأخلاق : ١٣٨.

٥٧

الفصل الثامن :

فيما نذكره من الرواية في سبب صوم هذه الأيام أيضاً

روينا ذلك باسنادنا الى جدي أبي جعفر الطوسي ، فيما رواه عن اسحاق ابن عمار ، عن أبي عبد الله ، قال : قلت : لم تصومون يوم الاربعاء من وسط الشهر ؟

قال : « لانه لم يعذب قوم قط الاّ في اربعاء في وسط الشهر ، فنردّ عنّا نحسه »(١) .

ومن ذلك من كتاب العلل للقزويني ، عن الرضاعليه‌السلام قال : « الاربعاء يوم نحس مستمر ، لانه أول الايام وآخر الايام التي قال الله عزوجل :( سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا ) (٢) »(٣) .

ومن ذلك : ما رويناه باسنادنا الى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سئل عن صوم خميسين بينهما أربعاء ، فقال : أما الخميس فيوم تعرض فيه الاعمال ، وأما الاربعاء فيوم خلقت فيه النار ، وأما الصوم فجنة »(٤) .

أقول : وقد تقدم قبل ذلك أن هذه الايام كان ينزل فيها العذاب على الامم ، فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بصومها.

__________________

(١) روى نحوه الكليني في الكافي ٤ : ٩٤ / ١٢ ، والصدوق في الفقيه ٢ : ٥٠ / ١٥ ، وعلل الشرائع : ٣٨١ / ٤.

(٢) الحاقة ٦٩ : ٧.

(٣) رواه الصدوق في علل الشرائع : ٣٨١ / ٢.

(٤) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٩٤ / ١١ ، والصدوق في الفقيه ٢ : ٥٠ / ٢١٤ ، والخصال : ٣٩٠ / ٨١ ، وعلل الشرائع ٣٨١ / ١ ، وثواب الأعمال : ١٠٥ / ٤.

٥٨

الفصل التاسع :

فيما نذكره من الرواية في هل هذه الثلاثة الأيام

من الشهر أربعاء بين خميسين ، أو خميس بين أربعاءين ؟

اعلم : أن الظاهر من عمل أصحابنا رضوان الله جل جلاله عليهم في وقت تعيين صوم هذه الايام من كل شهر يمكن صومها فيه ، كما قدمناه في الفصل الذي قبل.

هذا ، وقد رويت من كتاب تهذيب الاحكام باسنادي الى جدي أبي جعفر الطوسي قدس الله جل جلاله روحه ونور ضريحه ، فقال ما هذا لفظه : والذي رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، عن الحسين بن محمد بن عمران الاشعري ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي بصير قال : سألته عن صوم ثلاثة أيام في الشهر فقال :« في كل عشرة أيام يوماً ، خميس وأربعاء وخميس ، والشهر الذي يأتي أربعاء وخميس وأربعاء ».

فليس بمناف لما قدمناه من الاخبار لان الانسان مخير بين أن يصوم أربعاء بين خميسين ، أو خميساً بين أربعاءين ، وعلى أيهما عمل فليس عليه شيء(١) .

والذي يدل على ما ذكرناه ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، عن موسى ابن جعفر المدائني ، عن ابراهيم بن اسماعيل بن داود قال : سألت الرضاعليه‌السلام عن الصيام.

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٣٠٣ / ٩١٧.

٥٩

فقال : « ثلاثة أيام في الشهر: الاربعاء ، والخميس ، والجمعة ».

فقلت : ان أصحابنا يصومون أربعاء بين خميسين فقال : « لا بأس بذلك ، ولا بأس بخميس بين أربعاءين ».

هذا آخر لفظ جدي أبي جعفر الطوسي في تهذيب الاحكام(١) .

أقول : فلما رأيته ما طعن على الرواية الاولى ، وذكر صريحاً حديثاً عن الرضاعليه‌السلام بالتخيير بين الأربعاء بين خميسين وخميس بين أربعاءين ، ذكرت ذلك استظهاراً في العبادة ، وتحصيل السعادة.

* * *

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٣٠٤ / ٩١٨.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317