الدروع الواقية

الدروع الواقية18%

الدروع الواقية مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: دراسات
الصفحات: 317

الدروع الواقية
  • البداية
  • السابق
  • 317 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 115657 / تحميل: 6692
الحجم الحجم الحجم
الدروع الواقية

الدروع الواقية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

الفصل العاشر:

فيما نذكره من الرواية في تعيين أول خميس من الشهر ،

وآخر خميس منه

روينا ذلك عن جماعة باسنادهم الى أبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه ، عن عبد الله بن سنان قال : قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : « اذا كان في أول الشهر خميسان فصم ( أولهما فانه أفضل ، واذ كان في آخر الشهرخميسان فصم )(١) آخرهما فانه أفضل »(٢) .

* * *

__________________

(١) الظاهر وجود سقط في نسختنا ، وما اثبتناه من المصدر.

(٢) الفقيه ٢ : ٥٠ / ٢١٦ ، وكذا رواه الكليني في الكافي ٤ : ٩٤ / ١٣ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٤ : ٣٠٣ / ٩١٦.

٦١

الفصل الحادي عشر :

فيما نذكره من الرواية بأنه اذا اتفق خميسان في أوله

وأربعاءان في وسطه ، أو خميسان في آخره ،

أن صوم الاول منهما أفضل أو الاخر ، وتأويل ذلك

وجدنا ذلك من نوادر جعفر بن مالك الفزاري ، ورويناه باسنادنا الى أبي محمد هارون بن موسى قال : حدثنا أبو علي بن همام ، عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري ، عن أحمد بن ميثم ، عن زياد القندي ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :

« اذا كان أول الشهر خميسين فصوم آخرهما أفضل ، واذا كان وسط الشهر أربعاءين فصوم آخرهما أفضل »(١) .

أقول : لعل المراد بذلك أن من فاته صوم الخميس الاول أو الاربعاء الاول ، فان صوم الاخر منهما أفضل من تركهما ، لانه لولا هذا الحديث كان يعتقد الانسان أنه اذا فاته الاول منهما ترك صوم الاخر منهما ، أو لغير ذلك من التأويل.

أقول : وأما اتفاق خميسين في اخره ، فاننا رويناه باسنادنا الى أبي جعفر ابن بابويه; من كتاب من لا يحضره الفقيه ، قال : وروي : أنه سئل العالمعليه‌السلام عن خميسين يتفقان في آخر العشر.

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٠٥ / ٤١.

٦٢

فقال : « صُم الاول منهما فلعلك لا تلحق الثاني »(١) .

أقول : هذان الحديثان يحتمل أنهما لا يتنافيان ، بل لكل واحد منهما معنى غير الاخر ، وذلك أنه اذا كان يوم الثلاثين من الشهر يوم الخميس ، وقبله خميس آخر في العشر ، فينبغي صوم الخميس الاول منهما ، لجواز أن يهل الشهر ناقصاً فيذهب منه صوم يوم الخميس الثلاثين.

واذا كان يوم الخميس الاخير يوم تاسع وعشرين من الشهر ، وقبله خميس آخر في العشر الاخير ، فان الافضل ههنا صوم الخميس التاسع عشرين [ من ] الشهر ، لانه على يقين أنه ما يخاف فواته.

* * *

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٥١ / ٢٢٣ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٠٥ / ذيل الحديث ٤١.

٦٣

الفصل الثاني عشر :

فيما نذكره مما يعمله من ضعف عن صيام الثلاثة الايام

روينا ، بعدة طرق عن أبي عبد الله صلوات الله [ عليه ] قال : قلت له : انني قد اشتد عليّ صوم ثلاثة أيام في كل شهر ، فما يجزئ عني أن أتصدق مكان كل يوم بدرهم ؟!

فقال : « صدقة درهم أفضل من صيام يوم »(١) .

ومن ذلك باسنادنا الى محمد بن يعقوب ، باسناده الى عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد الله : ان الصوم يشتد عليّ.

فقال : « لدرهم تصدق أفضل من صيام » ثم قال : « وما أحب أن تدعه »(٢) .

وروينا باسنادنا الى محمد بن يعقوب ، باسناده الى صالح بن عقبة ، عن عقبة قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك ، قد كبر سني وضعفت عن الصيام ، فكيف أصنع بهذه الثلاثة الايام في كل شهر ؟

فقال : « يا عقبة ، تصدق بكل درهم عن كل يوم ».

فقال : قلت : درهم واحد ؟!

فقال : « لعلها كثرت عندك ، فأنت تستقل الدرهم ؟ ».

قال : قلت : ان نعم الله عليّ سائغة.

فقال : « يا عقبة ، طعام مسكين خير من صيام شهر »(٣) .

__________________

(١) رواه الصدوق في الفقيه ٢ : ٥٠ / ٢١٨ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٠٦ / ٤٢.

(٢) رواه الكليني في الكافي ٤ : ١٤٤ / ٥.

(٣) رواه الكليني في الكافي ٤ : ١٤٤ / ٧ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٤ : ٣١٣ / ٩٤٨.

٦٤

الفصل الثالث عشر :

فيما نذكره من الاخبار في أنه يجزئ مد من الطعام عن اليوم

روينا ذلك عن محمد بن يعقوب الكليني ، باسناده عن يزيد بن خليفة قال : شكوت الى أبي عبد اللهعليه‌السلام قلت : اني اُصدع اذا صمت هذه الثلاثة الايام ويشق عليَّ.

قال : « فاصنع كما أصنع اذا سافرت ، فاني اذا سافرت صدقت عن كل يوم بمد أهلي الذي أقوتهم به »(١) .

وروينا ذلك باسنادنا الى محمد بن يعقوب أيضاً من كتاب الكافي ، باسناده الى عيص بن القاسم قال : سألته عمن لم يصم الثلاثة الايام من كل شهر ، وهو يشتد عليه الصيام ، هل فيه فداء ؟

قال : « مد من طعام في كل يوم »(٢) .

أقول : وهذان الحديثان يحتمل أن لا يكونا منافيين للحديثين اللذين تقدما في الفصل الثاني عشر ، لانه يمكن أن يكون الدرهم في وقت ذلك السائل بمد من الطعام ، ويحتمل أن يكون الاكثر ، وهو اما الدرهم أو المد لذوي اليسار ، والاقل منهما لاهل الاعسار.

__________________

(١) رواه الكليني في الكافي ٤ : ١٤٤ / ٦ ، والصدوق في ثواب الأعمال : ١٠٦ / ١٠.

(٢) رواه الكليني في الكافي ٤ : ١٤٤ / ٤ ، والصدوق في الفقيه ٢ : ٥٠ / ٢١٧ ، والطوسي في التهذيب ٤ : ٣١٣ / ٩٤٧.

٦٥

الفصل الرابع عشر :

فيما نذكره من صوم اليوم الثالث عشر والرابع عشر

والخامس عشر من كل شهر ، وهي الايام البيض

اعلم : أن صوم الايام البيض من كل شهر يمكن صومها فيه قد تضمنته أخبار متظافرة ، وفيها تطويل لغير ذكر هذه الايام البيض ، ولاحاجة أن نطوّل بايراد ألفاظها ، ويكفي منها ما قدمناه في الفصل الرابع ، وقد رويناه في حديث مولانا علي بن الحسين زين العابدين صلوات الله عليه في وجوه الصيام ، فانني أرويه من عدة طرق عن محمد بن يعقوب الكليني ، وعن محمد بن علي بن بابويه ، وعن شيخنا المفيد في كتاب المقنعة ، وعن جدي أبي جعفر الطوسي ، وغيرهم رضوان الله جل جلاله عليهم ، ويذكر فيه أن الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار صيام الثلاثة الايام البيض ، وهي ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة(١) .

وقال شيخنا المفيد في جملة الحديث وانما سُميت البيض باسم لياليها ، لأن القمر يطلع مع مغيب الشمس ولايغيب حتى تطلع الشمس(٢) .

أقول : ووجدت في الجزء الثاني من تاريخ نيسابور في ترجمة الحسن بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال : سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن صوم البيض.

__________________

(١) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٨٦ / ضمن ح ١ ، والصدوق في الفقيه ٢ : ٤٨ / ضمن ح ٢٠٨ ، والمفيد في المقنعة ٣٦٦ ، والطوسي في التهذيب ٤ : ٢٩٦.

(٢) رواه الشيخ المفيد في المقنعة : ٣٦٦.

٦٦

فقال : « صيام مقبو ل غير مردود »(١) .

__________________

(١) نقله الحر العاملي في الوسائل ٧ : ٣٢١ / ٤.

٦٧

الفصل الخامس عشر :

فيما نذكره من فضل قراءة سورة الاعراف في كل شهر

روينا ذلك باسنادنا الى مولانا الصادق صلوات الله عليه عند ذكر سورة الاعراف.

فقالعليه‌السلام : « من قرأها في كل شهر كان يوم القيامة من ( الذين )(١) لاخوف عليهم ولا هم يحزنون ، فان قرأها في كل جمعة كان ممن لا يحاسب يوم القيامة »(٢) .

* * *

__________________

(١) في نسخة « ك » : الذنوب واثبتنا من نسخة « ن » وهو الموافق لما في المصادر.

(٢) رواه العياشي في تفسيره ٢ : ٢ / صدر الحديث ١ ، والصدوق في ثواب الأعمال : ١٣٢ / صدرالحديث ١ ، والكفعمي في مصباحه : ٤٣٩ ، والطبرسي في مجمع البيان ٢ : ٣٩٣.

٦٨

الفصل السادس عشر :

فيما نذكره من فضل قراءة سورة الانفال في كل شهر

رويناها باسنادنا الى كتاب تفسير القرآن للطبرسي; عند ذكر سورة الانفال ، باسناده الى مولانا الصادقعليه‌السلام عند ذكر سورة الانفال.

فقال : « من قرأها من كل شهر لم يدخله نفاق أبداً ، وكان من شيعة أمير المؤمنين حقاً ، ويأكل يوم القيامة من موائد الجنة معهم حتى يفرغ الناس من الحساب »(١) .

* * *

__________________

(١) رواه الطبرسي في مجمع البيان ٢ : ٥١٦ ، والكفعمي في مصباحه : ٤٤٠.

٦٩

الفصل السابع عشر:

فيما نذكره من فضل قراءة سورة الانفال وبراءة في كل شهر

من كتاب تفسير القرآن عن الائمةعليهم‌السلام ، ما هذا لفظه : الحسن ، عن أبيه عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سمعته يقول :

« من قرأ سورة براءة والانفال من كل شهر لم يدخله نفاق ابداً ، وكان من شيعة أمير المؤمنين صلوات الله عليه حقاً ، ويأكل يوم القيامة من موائد الجنة مع شيعة علي بن أبي طالب صلوات الله عليه حتى يفرغ من الحساب بين الناس »(١) .

أقول : وهذا موافق للحديث [ الاول ] في قراءة الانفال ، لكن ذكرناه لاجل ذكر سورة براءة فيه.

* * *

__________________

(١) روى العياشي في تفسيره ٢ : ٧٣ / ١ ، والصدوق في ثواب الاعمال : ١٣٢ / ١ صدر الحديث.

٧٠

الفصل الثامن عشر :

فيما نذكره من فضل قراءة سورة يونسعليه‌السلام في كل شهر

ومن كتاب تفسير القرآن للائمةعليهم‌السلام ، ما هذا لفظه : بسم الله الرحمن الرحيم ، حدثنا الحسن ، عن الحسين بن محمد بن فرقد ، عن فضيل الرسان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

قال : « من قرأ سورة يونس في كل شهر ـ أو ثلاثة ـ لم يخف عليه أن يكون من الجاهلين ، وكان يوم القيامة من المقربين »(١) .

* * *

__________________

(١) روى العياشي في تفسيره ٢ : ١١٩ / ٢ ، والصدوق في ثواب الاعمال : ١٣٢ / ١.

٧١

الفصل التاسع عشر :

فيما نذكره من فضل قراءة النحل في كل شهر

روينا ذلك باسناده الى مولانا الصادقعليه‌السلام عند ذكر سورة النحل.

فقالعليه‌السلام : « من قرأها كل شهر كفي المغرم في الدينا ، وسبعين نوعاً من أنواع البلاء أهونه الجنون والجذام والبرص ، وكان مسكنه في جنة عدن ، وهي وسط الجنان »(١) .

* * *

__________________

(١) روى العياشي في تفسيره ٢ : ٢٥٤ / ١ ، والصدوق عن الامام الباقر في ثواب الاعمال : ١٣٣ / ١.

٧٢

الفصل العشرون :

فيما نذكره من زيارة الحسين صلوات الله عليه في كل شهر ، وحديث

من كان يزوره كل شهر وتأخر عنه فعوتب على تأخره

روينا ذلك باسنادنا الى جدي أبي جعفر الطوسي ، عن الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان ، عن شيخه أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه قدس الله جل جلاله أرواحهم ، من كتابه الذي سماه كامل الزيارات ، من نسخة عليها خط جدي أبي جعفر الطوسي ، باسناده الى علي بن ميمون ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

قال : « يا علي ، بلغني أن قوماً من شيعتنا يمر بأحدهم السنة والسنتان لا يزورون الحسين صلوات الله عليه ».

قلت : جعلت فداك ، اني أعرف ناساً كثيراً بهذه الصفة.

قال : « أما والله لحظهم أخطأوا ، وعن ثواب الله زاغوا ، وعن جوار محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تباعدوا ».

قلت : جعلت فداك ، في كم الزيارة ؟

قال : « يا علي ، ان قدرت أن تزوره ( في )(١) كل شهر فافعل »(٢) ثم ذكر تمام الخبر فضلاً عظيماً.

__________________

(١) اثبتناها من المصدر.

(٢) كامل الزيارات : ٢٩٥ / ١١ ، وكذا رواه الشيخ المفيد في مزاره : ١٩٤ / ٧ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٦ : ٤٥ / ٩٧.

٧٣

وروينا ذلك باسنادنا الى جعفر بن قولويه; ، من كتابه المشار اليه باسناده الى صفوان بن مهران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ـ في حديث طويل ـ قلت : فمن يأتيه زائراً ثم ينصرف متى يعود اليه ؟ وفي كم يؤتى ؟ وكم يسع الناس تركه ؟

قال : « لا يسع أكثر من شهر » ثم ذكر تمام الخبر.

وروينا باسنادنا أيضاً الى جعفر بن قولويهرضي‌الله‌عنه ، باسناده الى صفوان الجمّال قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ونحن في طريق المدينة نريد مكة ، فقلت له : يابن رسول الله ، ما لي أراك كئيباً حزيناً منكسراً ؟

فقال : « لو تسمع ما أسمع لشغلك عن مسألتي ».

قلت : وما الذي تسمع ؟

قال : « ابتهال الملائكة الى الله على قتلة أمير المؤمنين وقتلة الحسين ، ونوح الجن عليهما ، وبكاء الملائكة الذين حوله وشدة حزنهم ، فمن يتهنأ مع هذا بطعام أو شراب أو نوم ».

قلت : فمن يأتيه زائراً ثم ينصرف ، متى يعود اليه ؟ وفي كم يؤتى ؟ وفي كم يسع الناس تركه ؟

قال : « أما القريب فلا أقل من شهر ، وأما البعيد الدار ففي كل ثلاث سنين ، [ فما جاز الثلاث سنين ](١) فقد عق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقطع رحمه الا من علة. ولو علم زائر الحسين ما يدخل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما يصل اليه من الفرح ، والى أمير المؤمنين ، والى فاطمة والأئمة والشهداء منّا أهل البيت ، وما ينقلب به من داعئهم له ، وما له في ذلك من الثواب في العاجل والآجل ، والمدخور له عند الله ، لأحب أن تكون ثم داره ما بقي. وان زائره ليخرج من رحله فما يقع

__________________

(١) أثبتناها من المصدر.

٧٤

فيه على شيء الا دعا له ، فاذا وقعت الشمس عليه أكلت ذنوبه كما تأكل النار الحطب ، وما تبقي الشمس عليه من ذنوبه شيئاً ، فينصرف وما عليه من ذنب ، وقد رفع له من الدرجات ما لا يناله المتشحط بدمه في سبيل الله ، ويوكل به ملك ، يقوم مقامه يستغفر له حتى يرجع الى ( الزيارة )(١) ، أو تمضي ثلاث سنين ، أو يموت » وذكر الحديث بطوله(٢) .

أقول : فأما حديث : من كان يزوره في كل شهر وتأخر فعوتب على تأخره ، ( فاننا )(٣) رويناه باسنادنا الى محمد بن أحمد بن داود القمي ، من كتاب الزيارات تصنيفه ، رويناه باسناده الى محمد بن داود بن عقبة قال : كان لنا جار يعرف بعلي بن محمد قال : كنت أزور الحسينعليه‌السلام في كل شهر ، قال : ثم علت سني وضعف جسمي وانقطعت عنه مدة ، ثم وقع اليّ أنها آخر سني عمري ، فحملت على نفسي وخرجت ماشياً ، فوصلت في أيام ، فسلمت وصليت ركعتي الزيارة ونمت ، فرأيت الحسين صلوات الله عليه قد خرج من القبر.

فقال لي : « يا علي ، لم جفوتني وكنت بي برّاً ؟ »

فقلت : يا سيدي ، ضعف جسمي وقصرت خطاي ، ووقع لي أنها آخر سني عمري فاتيتك في أيام ، وقد روي عنك شيء أحب أن أسمعه منك.

فقال : « قل ».

قال : قلت : روي عنك « من زارني في حياته زرته بعد وفاته ».

قال : « نعم ».

__________________

(١) في نسخة «ك » : الزائدة ، واثبتنا ما في نسخة « ن » وكامل الزيارات.

(٢) رواه ابن قولويه في كامل الزيارات : ٢٩٧ / ١٧.

(٣) في نسخة «ك » : فائتاً ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

٧٥

قلت : فأروه عنك « من زارني في حياته زرته بعد وفاته ».

قال : « نعم ارو عني : من زارني في حياته زرته بعد وفاته ، وان وجدته في النار اخرجته »(١) .

قال أبو القاسم : هذا معنى الحكاية.

* * *

__________________

(١) كتاب الزيارات : مخطوط.

٧٦

الفصل الحادي والعشرون :

فيما نذكره من الرواية بأدعية ثلاثين فصلاً ،

لكل يوم من الشهر فصلٌ منها

يقول السيد الامام ، العالم العامل ، الفقيه الكامل ، العلاّمة الفاضل ، الزاهد العابد ، الورع المجاهد ، رضي الدين ، ركن الاسلام ، جمال العارفين ، أفضل السادة ، أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن طاووس ، كبت الله أعداءه بمحمد وآله : أخبرني جماعة منهم الشيخ الصالح حسين بن أحمد السوراوي(١) في شهر جمادى الآخرة سنة تسع وستمائة قال : أخبرني محمد بن القاسم الطبري; ، عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن ، عن والده الشيخ السعيد جدي أبي جعفر الطوسي.

وأخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما ـ فيما أجازه لي من كل ما رواه لما كنت اقرأ عليه في الفقه ـ باسناده الى جدي أبي جعفر الطوسي قدس الله روحه.

__________________

(١) في نسخة « ك » : السورؤائي ، وهو تصحيف ، والصواب ما اثبتناه ، كان عالماً فاضلاً جليلاً ، وثّقه السيد ابن طاووس في مقدمة كتابه فلاح السائل : ١٤ ، حيث قال : اقول فمن طرقي في الرواية إلى كل ما رواه جدي ابو جعفر الطوسي في كتاب الفهرست وكتاب اسماء الرجال وغيرهما في الروايات ما أخبرني به جماعة من الثقات منهم : الشيخ حسين بن أحمد السوراوي اجازة في جمادى الآخرة سنة تسع وستمائة ...

وانظر : فهرست منتجب الدين : ٥٢ / ٩٨ ، أمل الآمل ٢ : ١٠٤ / ٢٩٠ ، رياض العلماء ٢ : ٩٣.

وسورى بالألف المقصورة على وزن بشرى : موضع بالعراق من أرض بابل ، وهي مدينة السريانيين. انظر معجم البلدان ٣ : ٢٧٨.

٧٧

وأخبرني الشيخ الزاهد حسن بن الدربي(١) ; ـ فيما أجازه لي من كل ما رواه أو سمعه أو أنشأه أو قرأه ـ باسناده الى جدي أبي جعفر الطوسي نور الله جل جلاله ضريحه.

وأخبرني السيد الفاضل فخار بن معد الموسوي; ـ فيما أجازه لي من جميع ما يرويه ـ باسناده الى جدي الشيخ محمد بن الحسن الطوسي رضوان الله عليه.

وأخبرني الشيخ علي بن يحيى الحناط ـ اجازة تاريخها شهر ربيع الاول سنة تسع وستمائة بالحلة ـ قال : حدثني عربي بن مسافر العبادي(٢) ، عن محمد ابن القاسم الطبري ، عن خالي أبي علي بن الحسن ابن جدي الشيخ السعيد أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه.

وأخبرني الشيخ أسعد بن عبدالقاهر الاصفهاني ـ في مسكني بالجانب الشرقي من دار السلام في صفر سنة خمس وثلاثين وستمائة ـ عن الشيخ العالم أبي الفرج علي بن السعيد ابي الحسين الراوندي ، عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن المحسن الحلبي ، عن جدي السعيد أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه.

__________________

(١) في نسخة «ك » : الدزني ، وهو تصحيف والصواب ما اثبتناه وهو تاج الدين الحسن بن الدربي ، كذا ذكره الحر العاملي في أمل الآمل ( ٦٥ / ١٧٧ ) وقال : عالم جليل القدر ، يروي عنه المحقق ، وذكره الميرزا عبد الله الأصبهاني في رياض العلماء ( ١ / ١٨٣ ) وقال : من أجلة العلماء ، وقدوة الفقهاء ، ومن مشايخ المحقق والسيد رضي الدين.

(٢) في نسخة «ك » : العادي ، واثبتنا الصواب ، كذا ذكره الحر العاملي في تذكره المتبحرين ( ٥٠١ ) وقال : الشيخ عربي بن مسافر العبادي : فاضل جليل فقيه عالم ، يروي عن تلامذة الشيخ أبي علي الطوسي كالياس بن هشام الحائري وغيره ، ويروي الصحيفة الكاملة عن بهاء الشرف بالسند المذكور في أولها.

وذكره كذلك منتجب الدين في فهرسه ( ٣٠٤ ) وقال : فقيه ، صالح بحلة.

٧٨

وأخبرني جدي السعيد أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه ونوّر ضريحه ، فيما يرويه عن جماعة من أصحابنا ، عن أبي المفضل محمد ابن عبد الله بن المطلب الشيباني ـ وذكر أنه كثير الرواية حسن الحفظ ـ قال محمد ابن عبد الله بن المطلب الشيباني : حدثنا محمد بن الحسن بن بنت إلياس الخزّاز ـ قدم علينا وسأله جدي محمد بن معقل وأنا حاضر الجميع في سنة تسع وستين ومائتين ـ ، قال : حدثنا أبي قال : حدثني صدقة بن غزوان ، عن أخيه سعيد بن غزوان ، عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليه : أنه ذكر لهم اختيارات الايام ودعاءها ، والتحاذر فيها بالقرآن والتمجيد والتحميد لله تعالى ، وذكر ثلاثين دعاءً وتحميداً وتمجيداً ، لكل يوم دعاء جديد ، وذكر ما جعل الله عز وجل في ذلك اليوم الى آخر الشهر ، فمن وفق للدعاء به في كل يوم كان ذلك منه شكراً لله تعالى عز وجل ، وأمن بمشيئة الله عز وجل فوادح المحذور ، وبوائق(١) الامور ، وحلّت به السلامة ، وكان جديراً أن لا يمسه سوء أيام حياته ، ومحِّصت عنه سائر ذنوبه وخطاياه ، حتى يكون من جميعها كيوم ولدته اُمه(٢) .

[ اليوم الأول ]

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أول يوم من الشهر يوم مبارك ، خلق الله تعالى فيه آدم ، وهو يوم محمود لطلب الحوائج ، والدخول على السلطان ، ولطلب العلم ، والتزويج ، والسفر ، والبيع ، والشراء ، واتخاذ الماشية. ومن خرج فيه هارباً

__________________

(١) البائِقَةُ : الداهية. يقال : باقَتَهُم الداهية تبوقهم بوقاً ، اذا اصابتهم ، وكذلك باقَتْهُم بؤُوق على فعول الصحاح ـ بوق ـ ٤ : ١٤٥٢.

(٢) نقله الحر العاملي في الوسائل ١١ : ٤٠١ / ٢.

٧٩

أو ضالاً قدر عليه الى ثمان ليال ، ومن مرض فيه برأ ، ومن ولد فيه كان سمحاً مرزوقاً طيباً مباركاً عليه ان شاء الله ».

قال يونس بن ظبيان : وقال أبو عبد الله سلمان الفارسي رحمة الله عليه ـ فيما بلغنا ورويناه عنه ـ قال :روز هرمز اسم من أسماء الله تعالى ، وهو يوم مبارك خلق الله عز وجل فيه آدمعليه‌السلام ، يصلح فيه الدخول على السلطان وطلب الحوائج ، وهو يوم مختار.

وكان أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام يدعو في هذا اليوم بهذا الدعاء :

الدعاء فيه :

« بسم الله الرحمن الرحيم

( الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ *مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ *إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ *اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ *صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ ) .

( الحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ *هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىٰ أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ *وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ) (١) .

( الحَمْدُ للهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (٢) .

__________________

(١) الانعام ٦ : ١ ـ ٢ ـ ٣.

(٢) المؤمنين ٢٣ : ٢٨.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

معتزلي قدري جهمي لما كان يظهر من السنن الصحيحة التي ينكرها المعتزلة، وأنى يبلغ أبو بكر بن عياش حماد ابن سلمة في إتقانه أم في جمعه أم في ضبطه. هذا كله كلام أبي حاتم بن حبان البستي.

.... واعتذر أبوالفضل بن طاهر عن ذلك لما ذكر أن مسلماً أخرج أحاديث أقوام ترك البخاري حديثهم، قال: وكذلك حماد بن سلمة إمام كبير لمدحه الائمة وأطنبوا لما تكلم بعض منتحلي المعرفة أن بعض الكذبة أدخل في حديثه ما ليس منه. لم يخرج عنه البخاري معتمداً عليه، بل استشهد به في مواضع ليبين أنه ثقة، وأخرج أحاديثه التي يرويها من حديث أقرانه كشعبة وحماد بن زيد وأبي عوانة وغيرهم.

ومسلم اعتمد عليه لأنه رأى جماعة من أصحابه القدماء والمتأخرين لم يختلفوا وشاهد مسلم منهم جماعة وأخذ عنهم. ثم عدالة الرجل في نفسه وإجماع أئمة أهل النقل على ثقته وأمانته!!

نعيم بن حمّاد

- التاريخ الكبير ج ٨ ص ١٠٠

نعيم بن حماد المروزي سكن مصر كنيته أبو عبد الله سمع ابن المبارك وابن عيينة والفضل بن موسى، هو الفارض....

- الجرح والتعديل ج ٨ ص ٤٦٣

نعيم بن حماد وكنيته أبو عبد الله المروزي الخزاعي الاعور المعروف بالفارض سكن مصر روى عن عبد الموَمن بن خالد... مات سنة ثمان وعشرين ومئتين...

بعض مناكيره ورواياته في التجسيم

- ميزان الإعتدال ج ٢ ص ١٠٢

نعيم بن حماد، حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي، عن أبيه، عن سعيد بن

٢٤١

المسيب، عن عمر - مرفوعاً: سألت ربي فيما اختلف فيه أصحابي من بعدي، فأوحى الله إليّ: يا محمد إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم بعضهم أضوأ من بعض، فمن أخذ بشيء مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى. فهذا باطل، وعبد الرحيم تركوه، ونعيم صاحب مناكير.

- ميزان الإعتدال ج ٤ ص ٢٦٨

قال أبو داود: كان عند نعيم بن حماد نحو عشرين حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ليس لها أصل. وقال النسائي: هو ضعيف.

وقال أبو زرعة الدمشقي: عرضت على دحيم حديثاً حدثناه نعيم بن حماد، عن الوليد بن مسلم، عن ابن جابر، عن ابن أبي زكريا، عن رجاء بن حياة، عن النواس بن سمعان: إذا تكلم الله بالوحي.... فقال دحيم: لا أصل له.

نعيم بن حماد، حدثنا ابن وهب، حدثنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن مروان بن عثمان، عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل أنها سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: رأيت ربي في أحسن صورة شابا موقرا رجلاه في خضرة عليه نعلان من ذهب. قال أبو عبد الرحمن النسائي: ومن مروان حتى يصدق على الله تعالى! وقد سرد ابن عدي في الكامل جملة أحاديث انفرد بها نعيم...

- سير أعلام النبلاء ج ١٣ ص ٢٩٩

عن ابن قتيبة: وما أحسن قول نعيم بن حماد، الذي سمعناه بأصح إسناد عن محمد ابن إسماعيل الترمذي، أنه سمعه يقول: من شبه الله بخلقه، فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه، فقد كفر، وليس ما وصف به نفسه ولا رسوله تشبيهاً.

قلت: أراد أن الصفات تابعة للموصوف، فإذا كان الموصوف تعالى: صفاته لا مثل لها، إذ لا فرق بين القول في الذات والقول في الصفات، وهذا هو مذهب السلف. انتهى.

٢٤٢

وهكذا يدافع الذهبي عن تشبيه ابن حماد وتجسيمه، وقد صحح خبر أم الطفيل كما سترى!

- تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٤٠٩

وقال صالح بن محمد الاسدي في حديث شعيب عن الزهري كان محمد بن جبير يحدث عن معاوية في: الأمراء من قريش، والزهري إذا قال كان فلان يحدث فليس هو سماع. قال: وقد روى هذا الحديث نعيم بن حماد عن ابن المبارك عن معمر عن الزهري عن محمد بن جبير عن معاوية نحوه، وليس لهذا الحديث أصل من ابن المبارك! ولا أدري من أين جاء به نعيم! وكان نعيم يحدث من حفظه وعنده مناكير كثيرة لايتابع عليها. قال: وسمعت يحيى بن معين سئل عنه فقال ليس في الحديث بشيء ولكنه صاحب سنة.

وقال الآجري عن أبي داود عند نعيم نحو عشرين حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس لها أصل. وقال النسائي نعيم ضعيف، وقال في موضع آخر ليس بثقة... وقال غيره: كان يضع الحديث في تقوية السنة!! وحكايات في ثلب أبي حنيفة كلها كذب....

وقال أبو الفتح الأزدي: قالوا كان يضع الحديث في تقوية السنة!! وحكايات مزورة في ثلب أبي حنيفة كلها كذب... قال النسائي ضعيف...

- سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٥٩٥

قال عبد الخالق بن منصور: رأيت يحيى بن معين كأنه يهجن نعيم بن حماد في خبر أم الطفيل في الرؤية ويقول: ما كان ينبغي له أن يحدث بمثل هذا....

فأما خبر أم الطفيل، فرواه محمد بن إسماعيل الترمذي وغيره، حدثنا نعيم، حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال أن مروان بن عثمان حدثه عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل امرأة أُبي بن كعب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أنه رأى ربه في صورة كذا. فهذا خبر منكر جدا،

٢٤٣

أحسن النسائي حيث يقول: ومن مروان بن عثمان حتى يصدق على الله!

وهذا لم ينفرد به نعيم، فقد رواه أحمد بن صالح المصري الحافظ، وأحمد بن عيسى التستري، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب، عن ابن وهب. قال أبو زرعة النصري: رجاله معروفون.

قلت: بلا ريب قد حدث به ابن وهب وشيخه وابن أبي هلال وهم معروفون عدول، فأما مروان، وما أدراك ما مروان، فهو حفيد أبي سعيد بن المعلى الانصاري، وشيخه هو عمارة بن عامر بن عمرو بن حزم الانصاري. ولئن جوزنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، فهو أدرى بما قال!! ولرؤياه في المنام تعبير لم يذكرهعليه‌السلام ، ولا نحن نحسن أن نعبره، فأما أن نحمله على ظاهره الحسي، فمعاذ الله أن نعتقد الخوض(!) في ذلك بحيث إن بعض الفضلاء قال: تصحف الحديث، وإنما هو: رأى رئية، بياء مشددة. وقد قال عليرضي‌الله‌عنه : حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون. وقد صح أن أبا هريرة كتم حديثا كثيرا مما لا يحتاجه المسلم في دينه، وكان يقول: لو بثثته فيكم لقطع هذا البلعوم، وليس هذا من باب كتمان العلم في شيء، فإن العلم الواجب يجب بثه ونشره ويجب على الامة حفظه، والعلم الذي في فضائل الاعمال مما يصح إسناده يتعين نقله ويتأكد نشره، وينبغي للامة نقله، والعلم المباح لا يجب بثه ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء.!! انتهى.

فقد صحح الذهبي حديث أم الطفيل وفسره بالظاهر الحسي المادي، ثم حبذ عدم الخوض فيه! وهذا هو مذهبه ومذهب ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، كما بينا في كتاب الوهابية والتوحيد.

- وقال ابن كثير في تفسيره، في قوله تعالى: ثم استوى على العرش - الأعراف٥٤: بل الأمر كما قال الأئمة، منهم نعيم بن حمادالخزاعي شيخ البخاري: من شبه الله بخلقه فقد كفر. ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر. وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه!

٢٤٤

- قال السبكي الكبير في السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل - ومعه تكملة الرد على نونية ابن القيم للكوثري - مكتبة زهران بمصر. وابن زفيل هو ابن القيم وزفيل اسم أبيه الذي كان قيما للمدرسة الجوزية وهي مدرسة للحنابلة بدمشق فعرف باسم ابن قيم الجوزية.

- قال في ص ٢٠٥:

ومما يزيدك بصيرة في هذا الباب اجتراء الذهبي على حذف لفظ (إن صحت الحكاية عنه) من كلام البيهقى في الأسماء والصفات (ص ٣٠٣) عندما نقل كلامه في كتاب العلو (ص ١٢٦) في صدد نسبة القول بأن الله في السماء الى أبي حنيفة ليخيل الى السامع أن سند هذه الرواية لا مغمز فيه!

مع أن نوحاً الجامع ربيب مقاتل بن سليمان المجسم في السند هالك مثل زوج أمه، وكذلك نعيم بن حماد ربيب نوح وقد ذكره كثير من أئمة أصول الدين في عداد المجسمة! فأين التعويل على رواية مجسم فيما يحتج به لمذهبه؟! وليس بقليل ما ذكره الذهبي في حقهما في ميزان الاعتدال..

ومع ذلك وثّقوا نعيماً لأنه صلب في السنة!!

- سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٥٩٥

نعيم بن حماد بن معاوية ابن الحارث بن همام بن سلمة بن مالك، الامام العلامة الحافظ، أبو عبد الله الخزاعي المروزي الفرضي الأعور... روى عنه: البخاري مقرونا بآخر، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة بواسطة، ويحيى بن معين، والحسن بن علي الحلواني، وأحمد بن يوسف السلمي، ومحمد بن يحيى الذهلي،ومحمد بن عوف، والرمادي، وأبومحمد الدارمي، وسمويه، وأ بوالدرداء عبد العزيز بن منيب، وعبيد بن شريك البزار، وأبو حاتم، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، ويعقوب الفسوي، و أبو الأحوص العكبري، وبكر بن سهل الدمياطي، وخلقٌ...

٢٤٥

- تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٤٠٩

روى عنه البخاري مقروناً وروى له الباقون سوى النسائي بواسطة... وقال الميموني عن أحمد: أول من عرفناه يكتب المسند نعيم. وقال الخطيب يقال إنه أول من جمع المسند.

وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: كان نعيم كاتباً لابي عصمة وهو شديد الرد على الجهمية وأهل الاهواء ومنه تعلم نعيم بن حماد....

وقال أيضاً: ثنا الحسن بن سفيان ثنا عبد العزيز بن سلام حدثني أحمد بن ثابت أبويحيى سمعت أحمد ويحيى بن معين يقولان: نعيم معروف بالطلب، ثم ذمه بأنه يروي عن غير الثقات....

قال ابن عدي وابن حماد متهم فيما يقوله عن نعيم لصلابته في أهل الرأي وأورد له ابن عدي أحاديث مناكير وقال: وليعلم غير ما ذكرت. وقد أثنى عليه قوم وضعفه قوم وكان أحد من يتصلب في السنة.

- تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٤١١

قال عبد الغني بن سعيد المصري: كل من حدث به عن عيسى بن يونس غير نعيم بن حماد فإنما أخذه من نعيم. وبهذا الحديث سقط نعيم عند كثير من أهل العلم بالحديث إلا أن يحيى ابن معين لم يكن ينسبه إلى الكذب بل كان ينسبه إلى الوهم.... وذكره ابن حبان في الثقات وقال ربما أخطأ ووهم.... أما نعيم فقد ثبتت عدالته وصدقه ولكن في حديثه أوهام معروفة... قال فيه الدارقطني إمام في السنة كثير الوهم. وقال أبو أحمد الحاكم ربما يخالف في بعض حديثه وقد مضى أن ابن عدي يتتبع ما وهم فيه، فهذا فصل القول فيه.

- هامش سير أعلام النبلاء ج ١٩ ص ٥٠٥

هو نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي المروزي نزيل مصر، مشهور من الحفاظ، لقيه البخاري ولكنه لم يخرج عنه في الصحيح سوى موضع أو

٢٤٦

موضعين، وعلق له أشياء أخر، وروى له مسلم في المقدمة موضعاً واحداً، وأصحاب السنن إلا النسائي، وكان أحمد يوثقه، وكذا في رواية عن ابن معين، وسئل عنه ابن معين فقال: ليس في الحديث بشيء ولكنه صاحب سنة، وقال الآجري عن أبي داود: عند نعيم نحو عشرين حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس لها أصل، وقال النسائي: نعيم ضعيف، وقال في موضع آخر: ليس بثقة، وقال الحافظ أبوعلي النيسابوري: سمعت النسائي يذكر فضل نعيم بن حماد وتقدمه في العلم والمعرفة بالسنن، فقيل له في قبول حديثه، فقال: قد كثر تفرده عن الائمة فصار في حد من لا يحتج به. وقال ابن قاسم: كان صدوقاً وهو كثير الخطأ، وله أحاديث منكرة (في الملاحم) انفرد بها. وقال الدارقطني: إمام في السنة كثير الوهم.

**

٢٤٧

الفصل السادس

مكانة المشبّهين والمجسّمين في مصادر إخواننا

لا نحتاج إلى إثبات احترام مصادر إخواننا السنة لأهل التشبيه والتجسيم، بعد أن كشفنا أن التشبيه والتجسيم دخل إلى المسلمين من كعب الأحبار وجماعته، عن طريق أكبر شخصيات الدولة الإسلامية، وبذلك شقت أحاديثه طريقها إلى مصادرهم، فصارت جزء من عقائد الأمة وتاريخها، وتأثر بها علماء وجماهير! وتحقق قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن تقليد المسلمين لليهود والنصارى: حذو القذة بالقذة والنعل بالنعل!

إنه بحث مفيد أن يتتبع الباحث مجرى هذه الأحاديث وتأثيرها على حياة الأمة الفكرية والإجتماعية والسياسية، ويؤرخ لقصة التجسيم والمجسمين ابتداء من كعب الأحبار.. إلى.. عصرنا، وما سببته من انقسامات في الأمة وصراعات، وحروب وخسارات..

ونكتفي هنا بلقطات من عصور مختلفة يظهر منها احترام أكثر المصادر وأكثر الحكام للتجسيم والمجسمين.

٢٤٨

وهب بن منبّه: فارسي، يهودي، مجسّم محترم وشيخ للمحدّثين

- روى عنه الصنعاني في تفسيره كثيراً من أفكار التوراة والتلمود في التجسيم، منها في ج ١ ص ٢١٦: عن وهب بن منبه.... لما أكل آدم وحواء من الشجرة بدت لهما سوآتهما دخل آدم في جوف الشجرة فناداه ربه أين أنت يا آدم؟

قال: ها هنا يا رب.

قال: ألا تخرج؟

قال: أستحي منك يا رب!

فقال: ملعونة الأرض التي خلقت منها!

- ورواه الطبري مفصلاً في تاريخه ج ١ ص ٧٢ ، وروى عنه أنواعاً من الإسرائيليات تكفي للتدليل على أن ثقافة وهب يهودية تلمودية، فمما رواه في تاريخه ج ١ ص٣٣٧: عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه قال: لما سلمت بنو إسرائيل الملك لطالوت أوحى الله إلى نبي بني إسرائيل أن قل لطالوت فليغز أهل مدين فلا يترك فيها حياً إلا قتله، فإني سأظهره عليهم، فخرج بالناس حتى أتى مدين فقتل من كان فيها إلا ملكهم فإنه أسره وساق مواشيهم.

فأوحى الله إلى أشمويل: ألا تعجب من طالوت إذ أمرته بأمري فأختل فيه فجاء بملكهم أسيراً وساق مواشيهم، فالقه فقل له لأنزعن الملك من بيته ثم لا يعود فيه إلى يوم القيامة، فإني إنما أكرم من أطاعني وأهين من هان عليه أمري.

فلقيه فقال له: ما صنعت لم جئت بملكهم أسيراً، ولم سقت مواشيهم!

قال: إنما سقت المواشي لأقربها.

قال له أشمويل: إن الله قد نزع من بيتك الملك ثم لا يعود فيه إلى يوم القيامة!

فأوحى الله إلى أشمويل إنطلق إلى إيشي فيعرض عليك بنيه فادهن الذي آمرك بدهن القدس يكن ملكاً على بني إسرائيل! فانطلق حتى أتى إيشي فقال: إعرض عليَّ بنيك.

٢٤٩

فدعا إيشي بأكبر ولده فأقبل رجل جسيم حسن المنظر، فلما نظر إليه أشمويل أعجبه، فقال الحمد لله إن الله بصير بالعباد، فأوحى الله إليه: إن عينيك تبصران ما ظهر، وإني أطلع على ما في القلوب ليس بهذا.

فقال ليس بهذا، إعرض عليّ غيره فعرض عليه ستة، في كل ذلك يقول ليس بهذا إعرض عليَّ غيره، فقال هل لك من ولد غيرهم؟

فقال بلى لي غلام أمغر وهو راع في الغنم.

قال أرسل إليه، فلما أن جاء داود جاء غلام أمغر فدهنه بدهن القدس، وقال لأبيه: أكتم هذا فإن طالوت لو يطلع عليه قتله!

فسار جالوت في قومه إلى بني إسرائيل فعسكر، وسار طالوت ببني إسرائيل وعسكر وتهيؤوا للقتال فأرسل جالوت إلى طالوت: لم يقتل قومي وقومك؟ أبرز لي أو أبرز لي من شئت، فإن قتلتك كان الملك لي وإن قتلتني كان لك، فأرسل طالوت في عسكره صائحاً من يبرز لجالوت.. ثم ذكر قصة طالوت وجالوت وقتل داود إياه وما كان من طالوت إلى داود. انتهى.

وقد قبل الطبري هذه الرواية فقال: قال أبو جعفر: وفي هذا الخبر بيان أن داود قد كان الله حول الملك له قبل قتله جالوت وقبل أن يكون من طالوت إليه ما كان من محاولته قتله، وأما سائر من روينا عنه قولاً في ذلك فإنهم قالوا إنما ملك داود بعد ما قتل طالوت وولده.

- وروى الطبري في تاريخه عن وهب أيضاً ج ١ ص ٣٤٣

ابن معقل أنه سمع وهب بن منبه يقول: إن داود أراد أن يعلم عدد بني إسرائيل كم هم، فبعث لذلك عرفاء ونقباء وأمرهم أن يرفعوا إليه ما بلغ عددهم، فعتب الله عليه ذلك وقال:

قد علمت أني وعدت إبراهيم أن أبارك فيه وفي ذريته حتى أجعلهم كعدد نجوم السماء وأجعلهم لا يحصى عددهم، فأردت أن تعلم عدد ما قلت إنه لا يحصى

٢٥٠

عددهم، فاختاروا بين أن أبتليكم بالجوع ثلاث سنين أو أسلط عليكم العدو ثلاثة أشهر أو الموت ثلاثة أيام!

فاستشار داود في ذلك بني إسرائيل فقالوا ما لنا بالجوع ثلاث سنين صبر، ولا بالعدو ثلاثة أشهر، فليس لهم بقية، فإن كان لابد فالموت بيده لا بيد غيره.

فذكر وهب بن منبه أنه مات منهم في ساعة من نهار ألوف كبيرة لا يدرى ما عددهم!

فلما رأى ذلك داود شق عليه ما بلغه من كثرة الموت فتبتل إلى الله ودعاه فقال:

يا رب أنا آكل الحماض وبنو إسرائيل يضرسون! أنا طلبت ذلك فأمرت به بني إسرائيل فما كان من شيء فبي واعف عن بني إسرائيل.

فاستجاب الله له ورفع عنهم الموت، فرأى داود الملائكة سالين سيوفهم يغمدونها يرتقون في سلم من ذهب من الصخرة إلى السماء، فقال داود: هذا مكان ينبغي أن يبنى فيه مسجد.

فأراد داود أن يأخذ في بنائه فأوحى الله إليه أن هذا بيت مقدس وأنك قد صبغت يدك في الدماء فلست ببانيه، ولكن ابن لك أملكه بعدك أسميه سليمان أسلمه من الدماء، فلما ملك سليمان بناه وشرفه!

- وروى عنه المزي في تهذيب الكمال ج ٢٠ ص ٣٣

وقال حنظلة بن أبي سفيان، عن عروة بن محمد: لما استعملت على اليمن قال لي أبي: أوليت اليمن قلت: نعم. قال: إذا غضبت فانظر إلى السماء فوقك وإلى الأرض أسفل منك ثم أعظم خالقهما. وقال سماك بن الفضل: كنت عند عروة بن محمد جالساً وعنده وهب بن منبه فأتي بعامل لعروة فشكي، فأكثروا عليه فقالوا: فعل وفعل وثبتت عليه البينة. قال: فلم يملك وهب نفسه فضربه على قرنه بعصا فإذا دماؤه تشخب وقال: أفي زمن عمر بن عبد العزيز تصنع مثل هذا! قال: فاشتهاها عروة وكان حليماً واستلقى على قفاه وضحك، وقال: يعيب علينا أبو عبد الله

٢٥١

الغضب في حكمته وهو يغضب! فقال وهب: وما لي لا أغضب وقد غضب خالق الأحلام! إن الله تعالى يقول: فلما آسفونا انتقمنا منهم، يقول: أغضبونا. انتهى.

أقول: حاول وهب أن يستدل على نسبة الغضب إلى الله تعالى بالآية ففسر (آسفونا) بأن الله تعالى يغضب كغضب البشر، ولكن أصل الغضب الإلهي في رأس وهب هو الغضب التلمودي الذي قال عنه الدكتور أحمد شلبي في مقارنة الأديان ج ١ ص ٢٦٧:

يروي التلمود أن الله ندم لما أنزله باليهود وبالهيكل، ومما يرويه التلمود على لسان الله قوله: تب لي لأني صرحت بخراب بيتي وإحراق الهيكل ونهب أولادي. وليست العصمة من صفات الله في رأي التلمود، لأنه غضب مرة على بني إسرائيل فاستولى عليه الطيش، فحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية، ولكنه ندم على ذلك بعد أن هدأ غضبه، ولم ينفذ قسمه لأنه عرف أنه فعل فعلاً ضد العدالة.

- وترجم السمعاني لوهب في الأنساب بكل احترام فقال في ج ٣ ص ١١

وأبو عبد الله وهب بن منبه بن كامل بن سيج بن سبسجان الذماري من أبناء فارس، كان ينزل ذمار، يروي عن جابر بن عبد الله وابن عباسرضي‌الله‌عنهم وأخيه همام بن منبه، وكان عابداً فاضلاً، قرأ الكتب ومكث أربعين سنة يصلي الصبح بوضوء العشاء الآخرة، وهم أخوة خمسة: وهب وهمام وغيلان وعقيل ومعقل والد عقيل بن معقل، روى عنه عمرو بن دينار والمغيرة بن حكيم وعوف الأعرابي وسماك بن الفضل والمنذر بن النعمان وبكار وعبدالصمد بن معقل، وسئل أبو زرعة عن وهب بن منبه فقال: يماني ثقة.... الخ.

- وترجم له الذهبي في ميزان الإعتدال كما يترجم لثقاة الرواة فقال في ج ٤ ص ٣٥٢:

وهب بن منبه أبو عبد الله اليماني، صاحب القصص، من أحبار علماء التابعين، ولد في آخر خلافة عثمان، حديثه عن أخيه همام في الصحيحين. وروى عن ابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وروى عنه عمرو بن دينار وعوف الأعرابي وأقاربه.

٢٥٢

وكان ثقة صادقاً، كثير النقل من كتب الإسرائيليات. قال العجلي: ثقة تابعي، كان على قضاء صنعاء. انتهى. وماذا يقول الباحث أمام حقيقة: حديثه في الصحيحين... كثير النقل من كتب الاسرائيليات!

- وترجم له كذلك في سيره ج ٤ ص ١ فقال:

وهب بن منبه بن كامل بن سيج بن ذي كبار، وهو الأسوار، الإمام العلامة الأخباري القصصي، أبوعبد الله الأبناوي اليماني الذماري الصنعاني، أخو همام بن منبه، ومعقل بن منبه، وغيلان بن منبه. مولده في زمن عثمان سنة أربع وثلاثين، ورحل وحج، وأخذ عن ابن عباس، وأبي هريرة إن صح وأبي سعيد، والنعمان بن بشير، وجابر، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص على خلاف فيه وطاووس. حتى إنه ينزل ويروي عن عمرو بن دينار، وأخيه همام، وعمرو بن شعيب وفنج اليماني ولا يدري من فنج.

حدث عنه ولداه: عبد الله وعبد الرحمن، وعمرو بن دينار، وسماك بن الفضل، وعوف الأعرابي، وعاصم بن رجاء بن حيوة، ويزيد بن يزيد بن جابر، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وإسرائيل أبو موسى، وهمام بن نافع أبو عبد الرزاق، والمغيرة بن حكيم، والمنذر بن النعمان، وابن أخيه عقيل بن معقل، وابن أخيه عبدالصمد بن معقل، وسبطه إدريس بن سنان، وصالح بن عبيد، وعبد الكريم بن حوران، وعبدالملك بن خلج، وداود بن قيس، وعمران بن هربذ أبو الهذيل، وعمران بن خالد الصنعانيون، وخلق سواهم.

وروايته للمسند قليلة، وإنما غزارة علمه في الإسرائيليات، ومن صحائف أهل الكتاب.

قال أحمد: كان من أبناء فارس له شرف، قال: وكل من كان من أهل اليمن له ذي هو شريف، يقال: فلان له ذي، وفلان لا ذي له. قال العجلي: تابعي ثقة، كان على قضاء صنعاء.. وقال أبو زرعة والنسائي: ثقة.

٢٥٣

قال أحمد بن محمد بن الأزهر: سمعت سلمة بن همام بن مسلمة بن همام يذكر عن آبائه: أن هماماً ووهبا وعبد الله ومعقلاً ومسلمة بنو منبه أصلهم من خراسان، من هراة، فمنبه من أهل هراة، خرج أيام كسرى، وكسرى أخرجه من هراة، ثم إنه أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فحسن إسلامه. ومسكنهم باليمن، وكان وهب بن منبه يختلف إلى هراة، ويتفقد أمر هراة.

حسان بن إبراهيم: حدثنا يحيى بن زبان، أنبأنا عبد الله بن راشد، عن مولى لسعيد بن عبدالملك: سمعت خالد بن معدان يحدث عن عبادة بن الصامت، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: سيكون في أمتي رجلان: أحدهما يقال له وهب، يؤتيه الله الحكم، والآخر يقال له غيلان، هو أشد على أمتي من إبليس. سئل ابن معين عن ابن زبان وشيخه فقال: لا أعرفهما.....

وعن عبدالرزاق، عن أبيه، عن وهب قال: يقولون عبد الله بن سلام كان أعلم أهل زمانه، وإن كعباً أعلم أهل زمانه، أفرأيت من جمع علمهما، أهو أعلم أم هما، إسنادها مظلم.

وعن كثير، أنه سار مع وهب، فباتوا بصعدة عند رجل، فخرجت بنت الرجل فرأت مصباحاً، فاطلع صاحب المنزل فنظر إليه صافا قدميه....

- وقال ابن كثير كلاماً ناعماً حول اسرائيليات كعب ووهب كما في سير أعلام النبلاء في ترجمة وهب:

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره، فيه (كعب الأحبار) وفي وهب بن منبه: سامحهما الله تعالى فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل من الأوابد والغرائب والعجائب، مما كان ومما لم يكن، ومما حرف وبدل ونسخ. انتهى. والدعاء لهما بالمسامحة والمغفرة شيء، ومعالجة آثار عدوانهما من مصادر المسلمين شيء آخر.

٢٥٤

مقاتل بن سليمان البلخي، مجسّم وشيخ ابن حمّاد وأستاذ للمفسّرين

- قال ابن حبان في المجروحين ج ٣ ص ١٤

مقاتل بن سليمان الخراساني مولى الأزد، أصله من بلخ وانتقل إلى البصرة وبها مات بعد خروج الهاشمية، كنيته أبو الحسن، كان يأخذ عن اليهود والنصارى علم القرآن الذي يوافق كتبهم، وكان شَبَهياً يشبه الرب بالمخلوقين، وكان يكذب مع ذلك في الحديث.

أخبرنا عمرو بن محمد قال: حدثنا محمد بن حبال قال: حدثنا عمر بن عبدالغفار: سمعت سفيان بن عيينة وذكر عنده مقاتل بن سليمان فقال: كنت أتيته سراً فقلت له: إن الناس يزعمون أنك لم تسمع من الضحاك، فقال: لقد كان يغلق عليّ وعليه باب واحد.

سمعت إبراهيم بن محمد بن يوسف قال: سمعت الخضر بن حيان سمعت يحيى بن نصر بن حاجب: سمعت أبا حنيفة يقول: يا أبا يوسف إحذر صنفين من خراسان: الجهمية والمقاتلية.

سمعت ابن خزيمة يقول سمعت علي بن خشرم يقول سمعت وكيعاً يقول: لقينا مقاتل بن سليمان كان كذاباً....

أخبرنا عمرو بن محمد قال: حدثنا محمد بن عبد بن حميد قال: حدثنا ابن أبي شيبة وهو عثمان قال: حدثنا جرير عن مغيرة بن عبد الرحمن قال: العجب لقوم يكون ذلك فيهم رأساً يعني مقاتل بن سليمان. أخبرناه الحسين بن صالح بن حمويه بهمدان قال: حدثنا عبد العزيز بن منيب قال: حدثنا أبومعاوية النحوي قال: حدثنا خارجة قال: سمعت الكلبي يقول: ما قتلت مسلماً ولا معاهداً ولو رأيت مقاتل بن سليمان حيث لا يكون بيني وبينه أحد لتقربت بدمه إلى الله عز وجل.

- وقال الرازي في الجرح والتعديل ج ٨ ص ٣٥٤

ثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمود بن غيلان قال سئل وكيع عن مقاتل بن سليمان فقال: سمعنا منه والله المستعان.

٢٥٥

نا عبد الرحمن انا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي سمعت بعض مشيختنا يقول: جلس مقاتل بن سليمان في مسجد بيروت فقال: لا تسألوني عن شيء ما دون العرش إلا أنبأتكم عنه، فقال الأوزاعي لرجل: قم إليه فسله ما ميراثه من جدتيه، فحار ولم يكن عنده جواب، فما بات فيها إلا ليلة ثم خرج بالغداة.

نا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال قال أبي: مقاتل بن سليمان صاحب التفسير ما يعجبني أن أروي عنه شيئاً.

نا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ قال: سئل عبد الرحمن يعني بن الحكم بن بشير عن مقاتل بن سليمان فقال: كان قاصاً، ترك الناس حديثه.

- وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٢٤٩

وروي عن الشافعي أن وجوه الناس عيال على مقاتل في التفسير!

وقال نعيم بن حماد: رأيت عند ابن عيينة كتاباً لمقاتل فقلت: يا أبا محمد تروي لمقاتل في التفسير! قال لا، ولكن أستدل به وأستعين....

وقال مكي بن إبراهيم عن يحيى بن شبل قال لي عباد بن كثير: ما يمنعك من مقاتل؟ قلت: إن أهل بلادنا كرهوه، فقال: لا تكرهه فما بقي أحد أعلم بكتاب الله تعالى منه.

وقال القاسم بن أحمد الصفار: قلت لإبراهيم الحربي ما بال الناس يطعنون على مقاتل؟ قال: حسداً منهم له....

وكان يقص في الجامع فوقعت العصبية بينه وبين جهم فوضع كل واحد منهما كتاباً على الآخر ينقض عليه....

وقال محمد بن سماعة عن أبي يوسف عن أبي حنيفة: أفرط جهم في النفي حتى قال إنه ليس بشيء، وأفرط مقاتل في الإثبات حتى جعل الله تعالى مثل خلقه... وقال عبد الله ابن أبي القاضي الخوارزمي سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: أخرجت خراسان ثلاثة لم يكن لهم في الدنيا نظير يعني في البدعة والكذب، جهم ومقاتل وعمر بن صبح.

٢٥٦

- وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٢٥١

وقال أبو إسماعيل الترمذي عن عبد العزيز بن عبد الله الأوسي قال: حدثنا مالك بن أنس أنه بلغه أن مقاتل بن سليمان جاءه إنسان فقال له: إن إنساناً جاءني فسألني عن لون كلب أصحاب الكهف فلم أدر ما أقول له، فقال له: ألا قلت أبقع، فلو قلته لم تجد أحداً يرد عليك!!....

وقال أحمد بن سيار المروزي: كان من أهل بلخ وتحول إلى مرو وخرج إلى العراق فمات بها، وهو متهم متروك الحديث مهجور القول، وكان يتكلم في الصفات بما لا يحل ذكره....

وقال العباس بن الوليد بن مزيد عن أبيه: سألت مقاتل بن سليمان عن أشياء فكان يحدثني بأحاديث كل واحد ينقض الآخر! فقلت: بأيها؟ قال: بأيها شئت!

- الذهبي في ميزان الإعتدال ج ٤ ص ١٧٣

مقاتل بن سليمان البلخي المفسر أبو الحسن. روى عن مجاهد، والضحاك، وابن بريدة. وعنه حرمى بن عمارة، وعلي بن الجعد، وخلق.

قال ابن المبارك: ما أحسن تفسيره لو كان ثقة....

- وترجم له الذهبي في سيره باحترام أكثر فقال في ج ٧ ص ٢٠١

مقاتل كبير المفسرين أبو الحسن مقاتل بن سليمان البلخي. يروي عن مجاهد والضحاك وابن بريدة وعطاء وابن سيرين وعمرو بن شعيب وشرحبيل بن سعد والمقبري والزهري، وعدة. وعنه: سعد بن الصلت، وبقية، وعبدالرزاق، وحرمي بن عمارة، وشبابة، والوليد بن مزيد، وخلق آخرهم علي بن الجعد.

قال ابن المبارك وأحسن: ما أحسن تفسيره لو كان ثقة....! انتهى.

ويبدو للباحث من مراجعة كتب إخواننا في الجرح والتعديل أن كفة تكذيب مقاتل هي الراجحة عندهم، ولكن جرح الجارحين ليس هو المقياس العملي، بل المقياس هو مصادرهم التفسيرية وغيرها المليئة بآراء مقاتل، والمؤلم أنهم ينقلونها كأنها مسلمات السلف الصالح، بل كأنها أحاديث نبوية شريفة!

٢٥٧

يزيد بن هارون من شيوخ الإمام أحمد

- سير أعلام النبلاء ج ٩ ص ٣٥٨،٣٦٢

يزيد بن هارون بن زاذي، الإمام القدوة شيخ الإسلام أبو خالد السلمي مولاهم الواسطي الحافظ. مولده في سنة ثمان عشرة ومئة....

وكان رأساً في العلم والعمل، ثقة حجة، كبير الشأن.

حدث عنه: بقية بن الوليد مع تقدمه، وعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل....

يقال: إن أصله من بخارى.

قال علي بن المديني: ما رأيت أحفظ من يزيد بن هارون.

وقال زياد بن أيوب: ما رأيت ليزيد كتاباً قط، ولا حدثنا إلا حفظاً.

قال أبو حاتم الرازي: يزيد ثقة إمام، لا يسأل عن مثله.

وقال مؤمل بن يهاب: سمعت يزيد بن هارون يقول: ما دلست حديثاً قط إلا حديثاً واحداً عن عوف الأعرابي، فما بورك لي فيه.

عن عاصم بن علي قال: كنت أنا ويزيد بن هارون عند قيس بن الربيع، فأما يزيد، فكان إذا صلى العتمة، لا يزال قائماً حتى يصلي الغداة بذلك الوضوء نيفاً وأربعين سنة....

قلت: احتفل محدثو بغداد وأهلها لقدوم يزيد، وازدحموا عليه لجلالته وعلو إسناده.... العباس بن عبد العظيم، وأحمد بن سنان، عن شاذ بن يحيى، سمع يزيد بن هارون يقول: من قال القرآن مخلوق، فهو زنديق.... وقد كان يزيد رأساً في السنة معادياً للجهمية، منكراً تأويلهم في مسألة الإستواء. انتهى.

ومعناه أنه كان يرفض تفسير الآية بالاستواء المعنوي، ويفسرها بالقعود الحسي لله تعالى على العرش!!

٢٥٨

السمناني المجسّم رئيس الأشعرية

- قال الذهبي في سيره ج ١٧ ص ٥٤٠

السمناني العلامة قاضي الموصل، أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد السمناني الحنفي. حدث عن نصر المرجي وعلي بن عمر الحربي وأبي الحسن الدارقطني، وجماعة. ولازم ابن الباقلاني حتى برع في علم الكلام.

قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقاً فاضلاً حنفياً، يعتقد مذهب الأشعري، وله تصانيف.

قلت: كان من أذكياء العالم وقد ذكره ابن حزم فقال: هو أبو جعفر السمناني المكفوف، هو أكبر أصحاب أبي بكر الباقلاني ومقدم الأشعرية في وقتنا، ومن مقالته قال: من سمى الله جسماً من أجل أنه حامل لصفاته في ذاته فقد أصاب المعنى وأخطأ في التسمية فقط....

توفي أبو جعفر بالموصل سنة أربع وأربعين وأربع مئة وله ثلاث وثمانون سنة. تخرج به في العقليات القاضي أبو الوليد الباجي، وغيره. انتهى.

ومن العجيب أن الأشاعرة والمجسمة يتهمون الشيعة بالتجسيم لمجرد أن هشاماً بن الحكم قال للمعتزلة تقولون إنه شيء لا كالأشياء فلماذا لاتقولون إنه جسم لا كالأجسام!

الإمام الدارمي المجسم

- سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ١٩٩

المريسي المتكلم المناظر البارع أبو عبد الرحمن بشر بن غياث بن أبي كريمة العدوي مولاهم البغدادي المريسي، من موالي آل زيد بن الخطابرضي‌الله‌عنه كان بشر من كبار الفقهاء، أخذ عن القاضي أبي يوسف، وروى عن حماد بن سلمة وسفيان بن عيينة. ونظر في الكلام فغلب عليه وانسلخ من الورع والتقوى، وجرد القول بخلق

٢٥٩

القرآن ودعا إليه حتى كان عين الجهمية في عصره وعالمهم فمقته أهل العلم، وكفره عدة.... ذكره النديم وأطنب في تعظيمه وقال: كان دينا ورعاً متكلما. ثم حكى أن البلخي قال: بلغ من ورعه أنه كان لا يطأ أهله ليلاً مخافة الشبهة، ولا يتزوج إلا من هي أصغر منه بعشر سنين مخافة أن تكون رضيعته.

وكان جهمياً له قدر عند الدولة، وكان يشرب النبيذ.... وصنف كتاباً في التوحيد وكتاب الرد على الرافضة في الإمامة....

قلت: وقع كلامه إلى عثمان بن سعيد الدارمي الحافظ، فصنف مجلداً في الرد عليه.... فيه بحوث عجيبة مع المريسي، يبالغ فيها في الإثبات والسكوت عنها، أشبه بمنهج السلف في القديم والحديث.

وقال الشيخ محمد حامد الفقي: إنه أتى فيه ببعض ألفاظ دعاه إليها عنف الرد وشدة الحرص على إثبات صفات الله وأسمائه التي كان يبالغ بشر المريسي وشيعته في نفيها، وكان الأولى والأحسن أن لا يأتي بها، وأن يقتصر على الثابت من الكتاب والسنة الصحيحة كمثل الجسم والمكان والحيز، فإنني لا أوافقه عليها ولا أستجيز إطلاقها، لأنها لم تأت في كتاب الله ولا في سنة صحيحة.

أبو العبّاس السّرّاج وإسحاق الحنظلي إمامان مجسّمان

- قال الذهبي في سيره ج ١١ ص ٣٧٥

قال أبو العباس السراج: سمعت إسحاق الحنظلي يقول: دخلت على طاهر بن عبد الله بن طاهر وعنده منصور بن طلحة، فقال لي منصور: يا أبا يعقوب تقول: إن الله ينزل كل ليلة قلت: نؤمن به، إذا أنت لا تؤمن أن لك في السماء رباً لا تحتاج أن تسألني عن هذا. فقال له طاهر الأمير: ألم أنهك عن هذا الشيخ: قال أبو داود السجستاني: سمعت ابن راهويه يقول: من قال لا أقول مخلوق ولا غير مخلوق، فهو جهمي.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317