المقام الاسنى في تفسير الأسماء الحُسنى

المقام الاسنى في تفسير الأسماء الحُسنى28%

المقام الاسنى في تفسير الأسماء الحُسنى مؤلف:
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 137

  • البداية
  • السابق
  • 137 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 72241 / تحميل: 6921
الحجم الحجم الحجم
المقام الاسنى في تفسير الأسماء الحُسنى

المقام الاسنى في تفسير الأسماء الحُسنى

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

العالم بالشيء اللطيف ، كالبعوضة وخلقه إياها(٧٣) . وأنّه لا يدرك ولا يحدّ ، وفلان لطيف في أمره إذا كان متعمقاً متلطفاً لا يدرك أمره ، وليس معناه أنه تعالى صغر ودقّ.

وقال الهروي(٧٤) في الغريبين(٧٥) : اللطيف من أسمائه تعالى وهو الرفيق بعباده يقال : لطف له يلطف إذا رفق به ، ولطف الله بك أي : أوصل إليك مرادك برفق ، واللطيف منه ، فأما لطف يلطف فمعناه صغر ودقّ.

الخبير :

هو العالم بكنه الشيء المطلع على حقيقته ، والخبر : العلم ، ولي بكذا خبر أي : علم ، واختبرت كذا ، بلوته.

الحليم :

ذو الحلم والصفح والأناة ، وهو : الذي يشاهد معصية العصاة ويرى مخالفة الأمر ثم لا يسارع إلى الانتقام مع غاية قدرته ، ولا يستحق الصافح مع العجز اسم الحلم ، إنما الحليم هو الصفوح مع القدرة.

* * *

__________________

رياض العلماء ٥ : ١١٩ ، الكنى والألقاب ١ : ٢١٢ ، تنقيح المقال ٣ : ١٥٤.

(٧٣) التوحيد : ١٩٤ حديث ٧ باختلاف.

(٧٤) أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي ، أخذ عن أبي زيد الأنصاري وأبي عبيدة معمر بن المثنى وأبي محمد اليزيدي وغيرهم ، له عدّة مصنّفات ، منها : غريب القرآن ـ منتزع من عدّة كتب ، جاء فيه بالآثار وأسانيدها وتفاسير الصحابة والتابعين والفقهاء ـ وغريب الحديث ، وهو منتزع أيضاً من عدة كتب مع ذكر الأسانيد ، وصنف المسند على حدته ، وأحاديث كل رجل من الصحابة والتابعين على حدته ، مات سنة ( ٢٢٣ ه‍ ) وقيل غير ذلك.

تاريخ بغداد ١٢ : ٤٠٣ ، معجم الاُدباء ١٦ : ٢٥٤ ، وفيات الأعيان ٤ : ٦٠.

(٧٥) المراد من المغريبين : غريب القرآن مخطوط ، وغريب الحديث مطبوع ولم أجده فيه.

٤١

العظيم :

قال الشهيد : هو الذي لا تحيط بكنهه العقول(٧٦) .

وقال البادرائي : هو ذو العظمة والجلال ، أي : عظيم الشأن جليل القدر ، دون العظم الذي هو من نعوت الأحسام.

وقيل : إنّه تعالى سمي العظيم ، لأنّه الخالق للخلق العظيم ، كما أنّ معنى اللطيف هو الخالق للخلق اللطيف.

العفوّ :

هو المحّاء للذنوب ، وهو فعول من العفو ، وهو : الصفح عن الذنب وترك مجازاة المسيء. وقيل : هو مأخوذ من عفت الريح الأثر إذا درسته ومحته.

الغفور :

الذي تكثر منه المغفرة ، أي : يغفر الذنوب ويتجاوز عن العقوبة ، واشتقاقه من الغفر وهو الستر والتغطية ، وسمي المغفر به لستره الرأس.

وفي العفوّ مبالغة أعظم من الغفور ، لأن ستر الشيء قد يحصل مع بقاء أصله ، بخلاف المحو ، فإنه إزالة رأساً وجملة. ويقال : ما فيهم غفيرة ، أي : لا يغفرون ذنباً لأحد.

الشكور :

الذي يشكر اليسير من الطاعة ، ويثيب عليه الكثير من الثواب ، ويعطي الجزيل من النعمة ، ويرضى باليسير من الشكر ، قال تعالى :( إنّ ربّنا لغفور

__________________

(٧٦) القواعد والفوائد : ٢ : ١٦٨.

٤٢

شكور ) (٧٧) وهما اسمان مبنيّان للمبالغة.

ولما كان تعالى مجازياً للمطيع على طاعته بجزيل ثوابه ، جعل مجازاته شكراً لهم على سبيل المجاز ، كما سمّيت المكافأة شكراً.

العليّ :

الذي لا رتبة فوق رتبته ، أو المنزّه عن صفات المخلوقين ، وقد يكون بمعنى العالي فوق خلقه بالقدرة عليهم(٧٨) .

الكبير :

ذو الكبرياء(٧٩) في كمال الذات والصفات ، وهو الموصوف بالجلال وكبر الشأن. ويقال : هو الذي كبر عن شبه المخلوقين ، وصغر دون جلاله كلّ كبير. وقيل : الكبير : السيد ، ويقال لكبير القوم سيدهم.

الحفيظ :

الحافظ لدوام الموجودات والمزيل تضاد العنصريات بحفظها عن الفساد ، فهو تعالى يحفظ السماوات والأرض وما بينهما ، ويحفظ عبده من المهالك

__________________

(٧٧) فاطر ٣٥ : ٣٤.

(٧٨) في هامش (ر) : « والفرق بين العلي والرفيع : أن العلي قد يكون بمعنى الاقتدار وبمعنى علوّ المكان ، والرفيع من رفع المكان لا غير ، ولذلك لا يوصف سبحانه بأنه رفيع القدر والشأن ، ذكر ذلك الكفعمي : إبراهيم بن علي الجبعي عفى الله تعالى عنه ، في كتابه جُنّة الأمان الواقية وجّنة الإيمان الباقية. منهرحمه‌الله ».

اُنظر : جنّة الأمان الواقعية ـ المصباح ـ : ٣٢٤ ، وفيه : « والرفيع من رفع المكان لا غير ، ولذلك لا يوصف تعالى به ، بلى يوصف بأنه رفيع القدر والشأن » وما في نسخة (ر) هو الصحيح.

(٧٩) في هامش (ر) : « الكبرياء : العظمة والسلطان ، والكبرياء أيضاً : الملك ، لأنّه أكبر ما يطلب من اُمور الدنيا ، والأصل أن الكبرياء : استحقاق صفة الكبر في أعلى المراتب ، والملوك موصوفون بالكبر ، قاله المطرزي. منهرحمه‌الله ».

٤٣

والمعاطب.

قال بعضهم : الحفيظ وضع للمبالغة ، فتفسيره بالحافظ فيه هظم لذلك الاسم.

المقيت :

المقتدر ، وأقات على الشيء : اقتدر عليه.

قال :

وذي ضغن كففت النفس عنه

وكنت على مساءته مقيتا

والمقيت : معطي القوت ، والمقيت : الحافظ للشيء والشاهد عليه ، والمقيت : الموقوف على الشيء.

قال :

إليَّ الفضل أم عليَّ إذا

حوسبت إني على الحساب مقيتُ

أي : إنّي على الحساب موقوف ، والمعاني الأربع الاُول كلّها صادقة عليه تعالى ، بخلاف الخامس.

الحسيب :

الكافي ، وهو فعيل بمعنى مفعل كأليم بمعنى مؤلم ، من قولهم أحسَبَني أي : أعطاني ما كفاني ، وحسبك درهم أي : كفاك ، ومنه :( حسبكَ اللهُ ومن اتبعك ) (٨٠) أي : هو كافيك.

والحسيب : المحاسب أيضاً ، ومنه قوله تعالى :( كفى بنفسكَ اليومَ عليكَ حسيباً ) (٨١) أي : محاسباً. والحسيب أيضاً : المحصي والعالم.

__________________

اُنظر : المغرب ٢ : ١٤٠ ، وفيه : « وكبرياء الله : عظمته » ولم ترد العبارة بأكملها.

(٨٠) الأنفال ٨ : ٦٤.

(٨١) الاسراء ١٧ : ١٤.

٤٤

الجليل :

الموصوف بصفات الجلال ، من الغنى والملك والقدرة والعلم والتقدّس عن النقائص ، فهو : الجليل الذي يصغر دونه كلّ جليل ، ويتضع معه كل رفيع.

الكريم :

في اللغة الكثير الخير ، والعرب تسمّي الشيء الذي يدوم نفعه ويسهل تناوله كريماً ، ومن كرمه تعالى : أنه يبتدئ بالنعمة من غير استحقاق ، ويغفر الذنب ويعفو عن المسيء.

وقيل : الكريم الجواد المفضل ، يقال : رجل كريم أي : جواد. وقيل : هو العزيز ، كقولهم : فلان أكرم من فلان ، أي : اعزّ منه ، وقوله تعالى :( إنهُ لقرآنٌ كريمُ ) (٨٢) أي : عزيز.

الرقيب :

الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء ، ومنه قوله تعالى :( ما يلفظُ من قولٍ إلاّ لديه رقيب ) (٨٣) معناه أي : حافظ ، والعتيد : المهيّأ الحاضر.

وقال الشهيد : الرقيب : الحفيظ العليم(٨٤) .

المجيب :

هو الذي يجيب المضطرّ ويغيث الملهوف إذا دعياه.

* * *

__________________

(٨٢) الواقعة ٥٦ : ٧٧.

(٨٣) ق ٥٠ : ١٨.

(٨٤) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٨ ـ ١٦٩.

٤٥

القريب :

هو المجيب ، ومنه :( اُجيبُ دعوة الداعِ ) (٨٥) أي : قربت من دعائه ، وقد يكون بمعنى العالم بوساوس القلوب لا حجاب بينها وبينه تعالى ولا مسافة ، ومنه :( ونحنُ أقربُ إليه من حبلِ الوريدِ ) (٨٦) .

الواسع :

الغني الذي وسع غناه مفاقر عباده ، ووسع رزقه جميع خلقه ، والسعة في كلام العرب : الغنى ، ومنه :( لينفق ذو سعةٍ من سعتهِ ) (٨٧) وقيل : هو المحيط بعلم كلّ شيء ، ومنه :( وسعَ كلَّ شيءٍ علماً ) (٨٨) .

وفي كتاب منتهى السّؤول : الواسع مشتق من السعة ، والسعة تضاف تارة إلى العلم إذا اتسع وأحاط بالمعلومات الكثيرة ، وتضاف اُخرى إلى الإحسان وبسط النعم ، وكيف ما قدّر وعلى أي شيء نزّل ، فالواسع المطلق هو الله تعالى ، لأنّه إن نظر إلى علمه فلا ساحل لبحره ، بل تنفد البحار لو كانت مداداً لكلماته ، وإن نظر إلى إحسانه ونعمه فلا نهاية لها ، وكل نعمة تكون من غيره وإن عظمت فهي متناهية ، فهو أحقّ بإطلاق اسم السعة عليه.

الغني :

هو الذي استغنى عن الخلق وهم إليه محتاجون ، فلا تعلق له لغيره لا في ذاته ولا في شيء من صفاته ، بل يكون منزّهاً عن العلاقة مع الغير ، فمن تعلقت

__________________

(٨٥) البقرة ٢ : ١٨٦.

(٨٦) ق ٥٠ : ١٦.

(٨٧) الطلاق ٦٥ : ٧.

(٨٨) طه ٢٠ : ٩٨.

٤٦

ذاته أو صفاته بأمر خارج عن ذاته يتوقف في وجوده أو كماله عليه ، فهو محتاج إلى ذلك الأمر ، ولا يتصور ذلك في الله تعالى.

المغني :

الذي جبر مفاقر الخلق وأغناهم عمن سواه بواسع الرزق.

الحكيم(٨٩) :

هو المحكم خلق الأشياء ، والإحكام هو : اتقان التدبير وحسن التصوير والتقدير. وقيل : الحكم العادل ، والحكمة لغة : العلم ، ومنه :( يؤتي الحكمة من يشاءُ ) (٩٠) والحكيم أيضاً : الذي لا يفعل قبيحاً ولا يخلّ بواجب ، والذي يضع الأشياء مواضعها.

الودود :

الذي يودّ عباده ، أي : يرضى عنهم ويقبل أعمالهم ، مأخوذ من الودّ وهو المحبة. أو يكون بمعنى : أن يودّهم إلى خلقه ، ومنه :( سيجعلُ لهمُ الرحمنُ ودّاً ) (٩١) أي : محبته في قلوب العباد. أو يكون فعول هذا بمعنى مفعول ، كمهيب بمعنى مهيوب ، يريد : أنه مودود في قلوب أوليائه بما ساق إليهم من المعارف وأظهر لهم من الألطاف.

__________________

(٨٩) في هامش (ر) : « الحكيم يحتمل أمرين ، الأول : أنه تعالى بمعنى العالم [ لأن العالم ] بالشيء يسمّى حكيماً ، فعلى هذا يكون من صفات الذات ، مثل العالم ، ويوصف بهما فيما لم يزل. الثاني : أن معناه المحكم لأفعاله ، ويكون فعيل بمعنى مفعل ، وعلى هذا يكون من صفات الأفعال ، ومعناه : أن أفعاله سبحانه كلّها حكمة وصواب ، ولا يوصف بذلك فيما لم يزل ، وعن ابن عباس : العليم الذي كمل في علمه ، و [ الحكيم ] الذي كمل في حكمته ، قاله الطبرسي في مجمعه. منهرحمه‌الله ».

اُنظر : مجمع البيان ١ : ٧٨ ، باختلاف وزيادة أدخلنا بعضها في المتن بين معقوفتين.

(٩٠) البقرة ٢ : ٢٦٩.

(٩١) مريم ١٩ : ٩٦.

٤٧

المجيد الماجد :

بمعنى ، والمجد : الكرم ، قاله الجوهري(٩٢) . والمجيد : الواسع الكرم ، ورجل ماجد إذا كان سخياً واسع العطاء.

وقيل : هو الكريم العزيز ، ومنه قوله تعالى :( بل هو قرآن مجيد ) (٩٣) أي : كريم عزيز.

وقيل : معنى مجيد أي : ممجد ، أي : مجّده خلقه وعظموه ، قال ابن فهد في عدته(٩٤) .

وقال الهروي في قوله تعالى :( ق والقرآن المجيد ) (٩٥) والمجد في كلامهم : الشرف الواسع ، ورجل ماجد : مفضال كثير الخير ، ومجدت الإبل : إذا وقعت في مرعى كثير واسع.

وقال الشهيد : المجيد هو الشريف ذاته الجميل فعاله ، قال : والماجد مبالغة في المجد(٩٦) .

الباعث :

محيي الخلق في النشأة الاُخرى وباعثهم للحساب.

الشهيد :

الذي لا يغيب عنه شيء ، وقد يكون الشهيد بمعنى العليم ، ومنه :( شهدَ

__________________

(٩٢) الصحاح ٢ : ٥٣٦ ، مجد.

(٩٣) البروج ٨٥ : ٢١.

(٩٤) عدّة الداعي : ٣٠٩.

(٩٥) ق ٥٠ : ١.

(٩٦) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٩.

٤٨

الله أنّه لا إله إلاّ هو ) (٩٧) أي : علم.

الحقّ :

هو المتحقّق وجوده وكونه ، وكل شيء تحقق وجوده وكونه فهو حقّ ، ومنه :( الحاقّةُ ما الحاقةُ ) (٩٨) أي : الكائنة حقاً لا شك في كونها ، وقولهم : الجنة حقّ أي : كائنة ، وكذلك النار.

الوكيل :

هو الكافي ، أو الموكول إليه جميع الاُمور.

وقيل : هو الكفيل بأرزاق العباد والقائم بمصالحهم ، ومنه :( حسبنا الله ونعمَ الوكيلُ ) (٩٩) أي : نعم الكفيل باُمورنا القائم بها. وقد يكون بمعنى المعتمد والملجأ ، والتوكّل : الاعتماد والالتجاء.

القويّ :

القادر ، من قوي على الشيء إذا قدر عليه ، أو الذي لا يستولي عليه العجز والضعف في حال من الأحوال ، وقد يكون معناه : التامّ القوة.

المتين :

هو الشديد القوة الذي لا يعتريه وهن ، ولا يمسّه لغوب ، ولا يلحقه في أفعاله مشقة.

* * *

__________________

(٩٧) آل عمران ٣ : ١٨.

(٩٨) الحاقة ٦٩ : ١ ـ ٢.

(٩٩) آل عمران ٣ : ١٧٣.

٤٩

الوليّ :

هو المستأثر بنصر عباده المؤمنين ، ومنه :( الله مولى الذين آمنوا وأنّ الكافرينَ لا مولى لهم ) (١٠٠) أي : لا ناصر لهم. أو يكون بمعنى : المتولّي للأمر القائم به(١٠١) .

المولى :

قد قيل فيه ما مرّ من المعنيين المتقدمين في الولي. أو يكون بمعنى الأولى ، ومنه قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألست أولى منكم بأنفسكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه(١٠٢) . أي : من كنت أولى منه بنفسه فعلي أولى منه بنفسه ، وقوله تعالى :( مأواكُم النارُ هي مولاكمُ ) (١٠٣) أي : أولى بكم.

الحميد :

هو المحمود الذي استحقّ الحمد بفعاله في السرّاء والضرّاء والشدّة والرخاء.

__________________

(١٠٠) محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ٤٧ : ١.

(١٠١) في هامش (ر) : « ووليّ الطفل : هو الذي يتولّى إصلاح شأنه ( والله وليّ المؤمنين [ ٣ : ٦٨ ] ) لأنّه المتولّي لإصلاح شؤونهم في الدارين ، وفي الحديث : أيّما امرأة نكحت بغير إذن مولاها ، وروي وليّها ، قال الفراء : المولى والولي واحد ، وقوله : ( أنت وليّي في الدنيا والآخرة [ ١٢ : ١٠١ ] ) أي : المتولّي أمري والقائم به ، والولي والوالي والمولى والمتولّي : الناصر ، و ( أولياء الشيطان [ ٤ : ٧٦ ] ) أنصاره ، وقوله : ( ومن يتولّهم منكم [ ٥ : ٥١ و٩ : ٢٣ ] ) أي : من يتبعهم وينصرهم. منهرحمه‌الله ».

(١٠٢) هذا الحديث من الأحاديث المتواترة عند المسلمين كافة. اُنظر ترجمة الإمام علي ـعليه‌السلام ـ من تاريخ دمشق ٢ : ٥ ، والبحار ٣٧ : ١٠٨ ، وإحقاق الحق ٤ : ٣٦ ، وكتاب الغدير للعلاّمة الأميني وغيرها.

(١٠٣) الحديد ٥٧ : ١٥.

٥٠

المحصي :

الذي أحصى كلّ شيء بعلمه ، فلا يعزب عنه مثقال ذرة.

المبدئ المعيد :

فالمبدئ الذي أبدأ الأشياء اختراعاً وأوجدها.

والمعيد الذي يعيد الخلق بعد الحياة إلى الممات ، ثم يعيدهم بعد الممات إلى الحياة ، لقوله تعالى :( وكنتم أمواتاً فأحياكم ثمَّ يميتكم ثُمّ يُحييكم ثمَّ إليهِ تُرجعونَ ) (١٠٤) ولقوله :( هو يبدئ ويعيدُ ) (١٠٥) .

المحيي المميت :

فالمحيي هو : الذي يحيي النطفة الميتة فيخرج منها النسمة الحية ، ويحيي الأجسام بإعادة الأرواح إليها للبعث.

والمميت : هو الذي يميت الأحياء ، تمدّح سبحانه بالإماتة كما تمدّح بالإحياء ، ليعلم أنّ الإحياء والإماتة من قبله.

الحيّ :

هو الذي لم يزل موجوداً وبالحياة موصوفاً ، لم يحدث له الموت بعد الحياة ولا العكس ، قاله البادرائي.

وفي منتهى السؤول : أنه الفعّال المدرك ، حتّى أن ما لا فعل له ولا إدراك فهو ميّت ، وأقل درجات الإدراك أن يشعر المدرك نفسه ، فالحيّ الكامل هو الذي تندرج جميع المدركات تحت إدراكه ، حتى لا يشذّ عن علمه مدرك ولا

__________________

(١٠٤) البقرة ٢ : ٢٨.

(١٠٥) البروج ٨٥ : ١٣.

٥١

عن فعله مخلوق ، وكلّ ذلك لله تعالى ، فالحيّ المطلق هو الله تعالى.

القيّوم :

هو القائم الدائم بلا زوال بذاته ، وبه قيام كلّ موجود في إيجاده وتدبيره وحفظه ، ومنه قوله :( أفمن هو قائم على كلّ نفس بما كسبت ) (١٠٦) أي : يقوم بأرزاقهم وآجالهم وأعمالهم. وقيل : هو القيم على كل شيء بالرعاية له.

ومثله : القيّام ، وهما من فيعول وفيعال ، من قمت بالشيء إذا توليته بنفسك وأصلحته ودبرته ، وقالوا : ما فيها ديّور ولا ديّار(١٠٧) .

وفي الصحاح : أن عمر(١٠٨) قرأ : الحي القيّام ، قال وهو لغة(١٠٩) .

الواجد :

أي : الغني ، مأخوذ من الجدّ ، وهو : الغنى والحظ في الرزق ، ومنه قولهم في الدعاء : ولا ينفع ذا الجدّ منك الجد ، أي : من كان ذا غنى وبخت في الدنيا لم ينفعه ذلك عندك في الآخرة ، إنّما ينفعه الطاعة والإيمان ، بدليل :( يوم لا ينفع مالٌ ولا بنونَ ) (١١٠) .

أو يكون مأخوذاً من الجدة ، وهي : السعة في المال والمقدرة ، ورجل واجد أي : غني بين الوجد والجدة ، وافتقر بعد وجد ، ووجد بعد فقر ، وقوله تعالى :( أسكنوهنَّ من حيثُ سكنتمُ من وجدكم ) (١١١) أي : سعتكم ومقدرتكم.

__________________

(١٠٦) الرعد ١٣ : ٣٣.

(١٠٧) اُنظر : عدة الداعي : ٣٠٨.

(١٠٨) أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح ، روى عن النبي وعن أبي بكر وأبي بن كعب ، روى عنه أولاده وغيرهم ، قتل سنة ( ٢٣ ه‍ ).

طبقات الفقهاء ١٩ ، اسد الغابة ٤ : ٥٢ ، تهذيب التهذيب ٧ : ٤٣٨.

(١٠٩) الصحاح ٥ : ٢٠١٨ ، قوم. وقال الزمخشري في الكشّاف ١ : ٣٨٤ : « وقرئ القيام والقيم ».

(١١٠) الشعراء ٢٦ : ٨٨.

(١١١) الطلاق ٦٥ : ٦.

٥٢

وقد يكون الواجد : هو الذي لا يعوزه شيء ، والذي لا يحول بينه وبين مراده حائل من الوجود.

الواحد الأحد :

هما دالان على معنى الوحدانية وعدم التجزي.

قيل : والأحد والواحد بمعنى واحد ، وهو : الفرد الذي لا ينبعث من شيء ولا يتّحد بشيء.

و قيل : الفرق بينهما من وجوه :

أ ـ أنّ الواحد يدخل الحساب ، ويجوز أن يجعل له ثانياً ، لأنه لا يستوعب جنسه ، بخلاف الأحد ، ألا ترى أنك لو قلت : فلان لا يقاومه واحد من الناس ، جاز أن يقاومه اثنان ، ولو قلت : لا يقاومه أحد ، لم يجز أن يقاومه أكثر ، فهو أبلغ ، قاله الطبرسي(١١٢) .

قلت : لأنّ أحداً نفي عام للمذكر والمؤنث والواحد والجماعة ، قال تعالى :( لستنَّ كأحدٍ من النساء ) (١١٣) ولم يقل كواحدة ، لما ذكرناه.

ب : قال الأزهري(١١٤) : الفرق بينهما أن الأحد بني لنفي ما يذكر معه من العدد ، والواحد اسم لمفتتح العدد.

ج : قال الشهيد : الواحد يقتضي نفي الشريك بالنسبة إلى الذات ، والأحد يقتضي نفي الشريك بالنسبة إلى الصفات(١١٥) .

__________________

(١١٢) مجمع البيان ٥ : ٥٦٤ باختلاف.

(١١٣) الأحزاب ٣٣ : ٣٢.

(١١٤) أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة بن نوح الأزهري الهروي ، أحد الأئمة في اللغة والأدب ، روى عن أبي الفضل محمد بن أبي جعفر المنذري عن ثعلب وغيره ، له عدّة مصنّفات ، منها : تفسير أسماء الله عزّ وجلّ ، والظاهر أن الكفعمي نقل قول الأزهري من هذا الكتاب ، مات سنة ( ٣٧٠ ه‍ ).

وفيات الأعيان ٤ : ٣٣٤ ، معجم الاُدباء ١٧ : ١٦٤ ، أعلام الزركلي ٥ : ٣١١.

(١١٥) القواعد والفوائد ٢ : ١٧١ ، وفيه : « وقيل الفرق بينهما : أن الواحد هو المنفرد بالذات لا يشابهه

٥٣

د : قال صاحب العدة : إن الواحد أعم مورداً ، لكونه يطلق على من يعقل وغيره ، ولا يطلق الأحد إلاّ على من يعقل(١١٦) .

الصمد :

السيد الذي يصمد إليه في الحوائج ، أي : يقصد ، وأصل الصمد : القصد.

قال :

ما كنتُ أحسبُ أنّ بيتاً طاهراً

لله في أكنافِ مَكّة يَصمِدُ

وقيل : هو الباقي بعد فناء الخلق.

وعن الحسينعليه‌السلام : الصمد الذي انتهى إليه السؤدد ، والدائم ، والذي لا جوف له ، والذي لا يأكل ولا يشرب ولا ينام(١١٧) .

قال وهب(١١٨) : بعث أهل البصرة إلى الحسينعليه‌السلام يسألونه عن الصمد ، فقال : إنّ الله قد فسّره ، فقال :( لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ) (١١٩) لم يخرج منه شيء كثيف كالولد ، ولا لطيف كالنفس ، ولا تنبعث منه البدورات كالنوم والغمّ والرجاء والرغبة والشبع والخوف وأضدادها ، وكذا هو لا يخرج من كثيف كالحيوان والنبات ، ولا لطيف كالبصر وسائر الآلات(١٢٠) .

__________________

أحد ، والأحد المتفرد بصفاته الذاتية ، بحيث لا يشاركه فيها أحد ».

(١١٦) عدّة الداعي : ٣٠٠.

(١١٧) التوحيد : ٩٠ حديث ٣ ، مجمع البيان ٥ : ٥٦٥ ، باختلاف.

(١١٨) أبو البختري وهب بن وهب بن عبدالله القرشي ، من الضعفاء ، يروي عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، له عدّة كتب ، منها : الألوية والرايات ، وكتاب مولد أمير المؤمنين ، وكتاب صفات النبي وغيرها.

تنقيح المقال ٣ : ٢٨١ ، معجم رجال الحديث ١٩ : ٢١١.

(١١٩) الإخلاص ١١٢ : ٣ ـ ٤.

(١٢٠) التوحيد ٩١ حديث ٥ ، مجمع البيان ٥ : ٥٦٥ ـ ٥٦٦ ، باختلاف.

٥٤

ابن الحنفية(١٢١) : الصمد هو القائم بنفسه الغني عن غيره(١٢٢) .

زين العابدينعليه‌السلام : هو الذي لا شريك له ، ولا يؤوده حفظ شيء ، ولا يعزب عنه شيء(١٢٣) .

زيد بن علي(١٢٤) : هو الذي( إذا أرادَ شيئاً أن يقول لهُ كُن فيكونُ ) (١٢٥) وهو الذي أبدع الأشياء أمثالاً وأضداداً وباينها(١٢٦) .

وعن الصادقعليه‌السلام قال : قدم على أبي الباقرعليه‌السلام وفد من فلسطين(١٢٧) بمسائل منها الصمد ، فقال : تفسيره فيه ، هو خمسة أحرف :

الألف : دليل على إنّيّته ، وذلك قوله تعالى :( شهد الله أنّه لا إله إلاّ

__________________

(١٢١) أبو القاسم محمد الأكبر بن علي بن أبي طالب ، والحنفية لقب اُمّه خولة بنت جعفر ، كان كثير العلم والورع ، شديد القوة ، وحديث منازعته في الإمامة مع علي بن الحسينعليه‌السلام وإذعانه بإمامته بعد شهادة الحجر له مشهور ، بل في بعضها : وقوعه على قدمي السّجادعليه‌السلام بعد شهادة الحجر له ولم ينازعه بعد ذلك بوجه ، توفي سنة ( ٨٠ ه‍ ) وقيل ( ٨١ ه‍ ).

الطبقات الكبرى ٥ : ٩١ ، وفيات الأعيان ٤ : ١٦٩ ، تنقيح المقال ٣ : ١١٥.

(١٢٢) التوحيد : ٩٠ ، مجمع البيان ٥ : ٥٦٥.

(١٢٣) التوحيد : ٩٠ ، مجمع البيان ٥ : ٥٦٥.

(١٢٤) أبو الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، من أصحاب السجاد والباقر ، اتفق علماء الإسلام على جلالته وثقته وورعه وعلمه وفضله ، وقد روي في ذلك أخبار كثيرة ، حتى عقد ابن بابويه في العيون باباً لذلك ، وأنّ خروجه ـ طلباً بثارات الحسين ـ كان بإذن الإمامعليه‌السلام ، واعتقد كثير من الشيعة فيه الإمامة ولم يكن يريدها لمعرفته باستحقاق أخيه لها ، استشهد مظلوماً سنة ( ١٢٠ ه‍ ) وقيل : ( ١٢١ ه‍ ) ولمّا بلغ خبر استشهاده أبا عبداللهعليه‌السلام حزن له حزناً شديداً عظيماً حتى بان عليه.

تنقيح المقال ٣ : ٤٦٧ ، معجم رجال الحديث ٧ : ٣٤٥.

(١٢٥) يس ٣٦ : ٨٢.

(١٢٦) التوحيد : ٩٠ حديث ٤ ، مجمع البيان ٥ : ٥٦٥.

(١٢٧) بالكسر ثم الفتح وسكون السين ، آخر كور الشام من ناحية مصر ، قصبتها البيت المقدّس ، ومن مشهور مدنها عسقلان والرملة وغزة.

معجم البلدان ٤ : ٢٧٤.

٥٥

هو ) (١٢٨) .

واللام : تنبيه على إلهيّته. وهما مدغمان لا يظهران ولا يسمعان ، بل يكتبان ، فإدغامهما دليل لطفه ، والله تعالى لا يقع في وصف لسان ولا يقرع الأذان ، فإذا فكّر العبد في إنّيّة الباري تعالى تحيّر ولم يخطر له شيء يتصوّر ، مثل لام الصمد لم تقع في حاسة ، وإذا نظر في نفسه لم يرها ، فإذا فكّر في أنّه الخالق للأشياء ظهر له ما خفي ، كنظره إلى اللام المكتوبة.

والصاد : دليل صدقة في كلامه ، وأمره بالصدق لعباده.

والميم : دليل ملكه الذي لا يحول ، وأنه ملك لا يزول.

والدال : دليل دوامه المتعالي عن الزوال(١٢٩) .

القدير القادر :

بمعنى ، غير أن القدير مبالغة في القادر(١٣٠) ، وهو الموجد للشيء اختياراً من غير عجز ولا فتور.

__________________

(١٢٨) آل عمران ٣ : ١٨.

(١٢٩) التوحيد ٩٠ ـ ٩٢ حديث ٥ ، مجمع البيان ٥ : ٥٦٦ ، باختلاف.

(١٣٠) في هامش (ر) : « والقدير [ الذي ] قدرته لا تتناهي ، فهو أبلغ من القادر ، ولهذا لا يوصف به غير الله تعالى ، والقدرة هي التمكن من إيجاد الشيء ، وقيل : قدرة الإنسان : هيئة يتمكن بها من الفعل ، وقدرة الله تعالى : عبارة عن نفي العجز عنه ، والقادر : هو الذي إن شاء فعل وإن شاء ترك ، والقدير : الفعّال لما يشاء على ما يشاء ، واشتقاق القدرة من القدر ، لأنّ القادر يوقع الفعل على مقدار ما تقتضيه مشيّته ، وفيه دليل على أن مقدور العبد مقدور لله تعالى ، لأنه شيء وكلّ شيء مقدور له تعالى ، قاله البيضاوي في تفسيره. وقال الطبرسي ـ قدّس الله سرّه ـ في كتابه مجمع البيان في قوله تعالى :( إنّ الله على كلّ شيءٍ قدير [ ٢ : ٢٠ ]) إنّه عام ، فهو قادر على الأشياء كلّها على ثلاثة أوجه : على المعدومات بأن يوجدها ، وعلى الموجودات بأن ينفيها ، وعلى مقدور غيره بأن يقدر عليه ويمنع منه ، وقيل : هو خاص في مقدوراته دون مقدور غيره ، فإن مقدوراً واحداً بين قادرين لا يمكن ، لأنّه يؤدّي إلى أن يكون الشيء الواحد موجوداً معدوماً في حالة واحدة ، ولفظة كلّ قد تستعمل في غير العموم ، نحو قوله تعالى :( تدمّر كل شيء بأمر ربّها [ ٤٦ :٢٥ ]) يعني : تهلك كلّ شيء مرّت به من الناس والدواب والأنعام ، لا من غيرهم. منهرحمه‌الله ».

اُنظر : أنوا ر التنزيل وأسرار التأويل ١ : ٣٠ ـ ٣١ باختلاف ، مجمع البيان ١ : ٥٩ باختلاف.

٥٦

وفي منتهى السَّؤول : القادر هو الذي إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل ، وليس من شرطه أن يشاء(١٣١) ، لأنّ الله قادر على إقامة القيامة الآن ، لأنّه لو شاء أقمها وإن كان لا يقيمها الآن ، لأنّه لم يشأ إقامتها الآن ، لما جرى في سابق علمه من تقدير أجلها ووقتها ، فذلك لا يقدح في القدرة ، والقادر المطلق هو الذي يخترع كلّ موجود اختراعاً يتفرد به ، ويستغني فيه عن معاونة غيره ، وهو الله تعالى.

المقتدر :

هو التام القدرة الذي لا يطاق الامتناع عن مراده ولا الخروج عن إصداره وإيراده.

وقال الشهيد : المقتدر أبلغ من القادر لاقتضائه الإطلاق ، ولا يوصف بالقدرة المطلقة غير الله تعالى(١٣٢) .

المقدّم المؤخّر :

هو المنزّل الأشياء منازلها ، ومرتّبها في التكوين والتصوير والأزمنة على ما تقتضيه الحكمة ، فيقدّم منها ما يشاء ويؤخّر ما يشاء.

الأول الآخر :

فالأول هو : الذي لا شيء قبله ، الكائن قبل وجود الأشياء.

والآخر : الباقي بعد فناء الخلق بلا انتهاء ، كما أنه الأول بلا ابتداء ، وليس معنى الآخر ما له الانتهاء ، كما ليس معنى الأول ما له الابتداء.

* * *

__________________

(١٣١) في هامش (ر) : « أي : ليس القدرة مشروطة بأن يشاء ، حتى إذا لم يكن يشاء لم يكن قادراً ، بل هو جلّت عظمته قادر مطلقاً من غير اعتبار المشيّة وعدمها. منهرحمه‌الله ».

(١٣٢) القواعد والفوائد ٢ : ١٧٢.

٥٧

الظاهر الباطن :

فالظاهر أي : بحججه الظاهرة وبراهينه الباهرة الدالة على ثبوت ربوبيته وصحة وحدانيته ، فلا موجود إلاّ وهو يشهد بوجوده ، ولا مخترع إلاّ وهو يعرب عن توحيده.

وفي كلّ شيء له آية

تدلّ على أنّه واحــدُ

وقد يكون الظاهر بمعنى : العالي ، ومنه قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت الظاهر فليس فوقك شيء.

وقد يكون بمعنى : الغالب ، ومنه قوله تعالى :( فأيّدنا الّذين آمنوا على عدوّهم فأصبحوا ظاهرين ) (١٣٣) .

والباطن : المتحجب عن إدراك الأبصار وتلوث الخواطر والأفكار ، وقد يكون بمعنى : البطون وهو الخبر ، وبطنت الأمر عرفت باطنه ، وبطانة الرجل : وليجته الذين يطلعهم على سرّه.

والمعنى : أنه عالم بسرائر القلوب والمطلع على ما بطن من الغيوب.

الضارّ النافع :

أي : يملك الضر والنفع ، فيضرّ من يشاء وينفع من يشاء.

وقال الشهيد : معناهما أنه تعالى خالق(١٣٤) ما يضرّ وينفع(١٣٥) .

المقسط :

هو العادل في حكمه الذي لا يجور ، والسقط بالكسر : العدل ، ومنه قوله

__________________

(١٣٣)الصف ٦١ : ١٤.

(١٣٤) في المصدر : أي خالق.

(١٣٥) القواعد والفوائد ٢ : ١٧٣.

٥٨

تعالى :( قائماً بالقسط ) (١٣٦) وقوله :( ذلكم أقسط ) (١٣٧) أي : أعدل.

وأقسط : إذا عدل ، وقسط بغير ألف : إذ جار ، ومنه :( وأما القاسطون فكانوا لجهنّمّ حطباً ) (١٣٨) .

الجامع :

الذي يجمع الخلائق ليوم القيامة ، أو الجامع للمتباينات والمؤلف بين المتضادات ، أو الجامع لأوصاف الحمد والثناء ، ويقال : الجامع الذي قد جمع الفضائل وحوى المكارم والمآثر.

البرّ :

بفتح الباء ، وهو : العطوف على العباد ، الذي عمّ برّه جميع خلقه : ببرّه المحسن بتضعيف الثواب ، والمسيء بالعفو عن العقاب وبقبول التوبة. وقد يكون بمعنى الصادق ، ومنه : برّ في يمينه ، أي : صدق.

وبكسر الباء ، قال الهروي : هو الاتساع والأحسان والزيادة ، ومنه سمّيت البريّة لاتساعها ، وقوله :( لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا ممّا تحبّون ) (١٣٩) البر : الجنّة.

قال الجوهري : والبرّ بالكسر خلاف العقوق ، وبررت والدي بالكسر أي : اطعته ، ومن كسر باء البرّ في اسمه تعالى فقد وهم(١٤٠) .

قال الحريري(١٤١) في كتابه درة الغواص : وقولهم برّ والدك وشمّ يدك

__________________

(١٣٦) آل عمران ٣ : ١٨.

(١٣٧) البقرة ٢ : ٢٨٢.

(١٣٨) الجنّ ٧٢ : ١٥.

(١٣٩) آل عمران ٣ : ٩٢.

(١٤٠) الصحاح ٢ : ٥٨٨ برر ، باختلاف.

(١٤١) أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري ، قرأ الأدب على أبي القاسم الفضل بن

٥٩

وهمٌ ، والصواب فتح الباء والشين(١٤٢) ، لأنهما مفتوحان في قولك : يبرّ ويشمّ ، وعقد هذا الباب : أن حركة أول فعل الأمر من [ جنس ](١٤٣) حركة ثاني الفعل المضارع إذا كان متحركاً ، فتفتح الباء في قولك : برّ أباك ، لانفتاحها في قولك : يبرّ ، وتضمّ الميم في قولك : مدّ الحبل ، لانضمامها في قولك : يمدّ ، وتكسر الخاء في قولك : خف في العمل ، لانكسارها في قولك : يخف(١٤٤) (١٤٥) .

* * *

__________________

محمد القصباني ، له عدّة مصنّفات ، منها : درّة الغواص في أوهام الخواصّ ، وهو عبارة عن ذكر الأوهام التي وقعت لبعض الأعلام مع ذكر ما هو الصواب لها ، مات سنة ( ٥١٦ ه‍ ).

المنتظم ٩ : ٢٤١ ، معجم الاُدباء ١٦ : ٢٦١ ، وفيات الأعيان ٤ : ٦٣ ، النجوم الزاهرة ٥ : ٢٢٥.

(١٤٢) في المصدر : « ويقولون للمأمور بالبرّ والشمّ : بِرّ والدك بكسر الباء ، وشُمّ يدك بضمّ الشين ، والصواب أن يفتحهما جميعاً ».

(١٤٣) زيادة من المصدر.

(١٤٤) درّة الغواصّ في أوهام الخواصّ : ٢٢.

(١٤٥) في هامش (ر) : « قلت : الفعل المضاعف الذي ماضيه فعل ـ نحو : ردّ وشدّ وعفّ وكلّ ـ إن كان متعدياً مضارعه يأتي على يفعل بالضم نحو يرّد ويشدّ ، وإن كان غير متعدّ فمضارعه يأتي على يفعل بالكسر نحو يعفّ ويكلّ. وما جاء على فعل ـ سواء كان متعدياً أو غير متعدّ ، فالمتعدي نحو شممته وعضضته ، وغير المتعدي نحو ظللت وبللت ـ فالمضارع منها يفعل بالفتح ، نحو : يشمّ ويعضّ ويلجّ ويظلّ ويبلّ ، وربما قالوا يبل بالكسر ، جعلوه من قبيل حسب يحسب ، ولا يأتي من هذا فعل بالضم ، قال سيبويه : لأنهم يستثقلون فعل والتضعيف. وقد يشتبه فعل يفعل هنا ، ألا ترى أنك تقول : حرّ يومنا وحرّ المملوك ، فلفظهما سواء ، وتقول في مستقبل حرّ يومنا : يحر بالفتح حراراً. وتقول : قرّ بالمكان يقر بالكسر قراراً ، وإن عنيت به قرة العين عند السرور بالشيء قلت : قرّ به عيناً يَقرّ ـ بالفتح ـ قرّة. وأما الألفاظ المشتركة من يفعل بالضم ويفعل بالكسر ، فمنها : جدّ إن عنيت به القطع كان متعديا ، فتقول : جدّ الشيء يجدّه جداً فهو جادّ والأمر منه جدُ بالضم ، وإن عنيت به جدّ في الأمر إذا اجتهد كان لازماً ، فتقول : جدّ يجدّ بالكسر والأمر منه جد بالكسر. ومنها : فرّ إن عنيت به الكشف عن سنّ الدابة كان متعدياً ، فتقول : فرّ عن الدابة يفرّ بالضم فراً ، وفرّ عن الغلام إذا نظر إلى ما عنده من العلم وإن عنيت به الهرب والفرار كان لازماً ، فتقول : فرّ مني زيد يفرّ بالكسر فراراً. ومنها : صرّ إن عنيت به الشدّ كان متعدياً ، فتقول : صرّ الصرة يصرها بالضم صراً والصرة مصرور ، وإن عنيت به الصوت كان لازماً ، فتقول : صرّ الجندب أو الباب يصرّ صريراً والأمر صر بالكسر والنهي لا تصر ، ملخص من كتاب شرح الملوكي ، وكتاب عبد الواحد بن زكريا. منهرحمه‌الله ».

٦٠

المانع :

الذي يمنع أولياءه ويحوطهم وينصرهم ، من المنعة. أو : يمنع من يستحق المنع(146) ، من المنع ، أي : الحرمان ، لأنّ منعه سبحانه حكمة وعطاؤه جود ورحمة ، فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع.

وقد يكون المانع : الذي يمنع أسباب الهلاك والنقصان بما يخلقه في الأبدان والأديان من الأسباب المعدة للحفظ.

الوالي :

هو المالك للأشياء المتصرف فيها المتولي عليها ، وقد يكون بمعنى المنعم ، عوداً على بدء. وقوله تعالى :( وما لهم من دونهِ من والٍ ) (147) أي : من ولي ، أي : من ناصر ، والمولى والولي يأتيان بمعنى الناصر أيضاً ، وقد مرّ شرحهما.

والولاية بفتح الواو : النصرة ، وبكسرة : الإمارة ، وقيل : هما لغتان كالدّلالة. والدلالة ، والولاية أيضاً الربوبية ، ومنه :( هنالك الولاية لله الحقّ ) (148) يعني : يومئذ يتولّون الله ويؤمنون به ، ويتبرّؤون مما كانوا يعبدون.

المتعالي :

قال البادرائي : هو المتنزّه عن صفات المخلوقين.

وقال الهروي : المتعالي الذي جلّ عن إفك المفترين. وقد يكون المتعالي بمعنى العالي ، ومعنى :( تعالى الله ) (149) أي : جلّ عن أن يوصف.

__________________

(146) في (ر) ورد بعد لفظ المنع : « والحكمة في منعه اشتقاقه » ولم نثبته لاختلال المعنى به.

(147) الرعد 13 : 11.

(148) الكهف 18 : 44.

(149) النمل 27 : 63.

٦١

التوّاب :

من أبنية المبالغة ، وهو : الذي يقبل التوبة من عباده ويسهّل لهم أسباب التوبة ، وكلّما تكررت التوبة من العبد تكرر منه القبول. والتوّاب من الناس : التائب ، والتوبة والتوب : الرجوع عن الذنب ، وقيل : التوب جمع توبة.

المنتقم :

هو الذي يبالغ في العقوبة لمن يشاء ، وانتقم الله من فلان : عاقبه.

وفي عبارة الشهيد : هو قاصم ظهور العصاة(150) .

الرؤوف :

هو الرحيم العاطف برحمته على عباده ، وقيل : الرأفة أبلغ الرحمة وأرقّها ، وقيل : الرأفة أخصّ والرحمة أعمّ.

مالك الملك :

معناه أنّ الملك بيده ، وقد يكون معناه : مالك الملوك. والملكوت من الملك ، كالرهبوت من الرهبة ، وتملّك كذا أي : ملكه قهراً.

ذو الجلال والإكرام :

أي : ذو العظمة والغنى المطلق والفضل العامّ ، قاله الشهيد(151) .

وقيل : معناه أي : يستحق أن يجلّ ويكرم ، فلا يجحد ولا يكفر به ، قاله البادرائي.

__________________

(150) القواعد والفوائد 2 : 169.

(151) القواعد والفوائد 2 : 172.

٦٢

ذو الطول :

أي : المتفضل بترك العقاب المستحق عاجلاً وآجلاً لغير الكافر.

والطول بفتح الطاء : الفضل والزيادة ، وبضمها : في الجسم ، لأنه زيادة فيه ، كما أن القصر قصور فيه ونقصان ، وقولهم : طلت فلاناً ، أي : كنت أطول منه ، من الطول والطول جميعاً.

ذو المعارج :

أي : ذو الدرجات التي هي مصاعد الكلم الطيب والعمل الصالح ، أو التي يترقّى فيها المؤمنون في الجنة ، وقوله تعالى :( ومعارج عليها يظهرون ) (152) أي : درج عليها يعلون ، واحدها معرج ومعراج ، وعرج في الدرجة أو السلم : ارتقى.

النور :

قال البادرائي : هو الذي بنوره يبصر ذو العماية وبهدايته ينظر ذو الغواية ، وعلى هذا يتناول قوله تعالى :( الله نور السماوات والأرضِ ) (153) أي : منورهما.

وقال الشهيد : النور المنّور مخلوقاته بالوجود والكواكب والشمس والقمر واقتباس النار ، أو نوّر الوجود بالملائكة والأنبياء ، أو دبّر الخلق بتدبيره(154) .

الهادي :

الذي هدى الخلق إلى معرفته بغير واسطة ، أو بواسطة ما خلقه من الأدلة على معرفته ، وهدى سائر الحيوان إلى مصالحها ، قال تعالى :( الذي أعطى كلّ

__________________

(152) الزخرف 43 : 33.

(153) النور 24 : 35.

(154) القواعد والفوائد 2 : 173.

٦٣

شيء خلقهُ ثم هدى ) (155) .

البديع :

هو الذي فطر الخلق مبتدعاً لا على مثال سبق ، وهو فعيل بمعنى مفعل كأليم بمعنى مؤلم. والبديع يقال على الفاعل والمنفعل ، والمراد هنا الأول ، والبدع الذي يكون أولاً في كلّ شيء ، ومنه قوله تعالى :( ما كنت بدعاً من الرسل ) (156) أي : لست بأول مرسل.

الباقي :

قال الشهيد : هو الموجود الواجب وجوده لذاته أزلاً وأبداً(157) .

وقال البادرائي وصاحب العدة : هو الذي بقاؤه غير متناه ولا محدود ، ولا تعرض عليه عوارض الزوال ، وليست صفة بقائه ودوامه كبقاء الجنة والنار ودوامهما ، لأن بقاءه أزليّ أبديّ وبقاؤهما أبديّ غير أزليّ ، ومعنى الأزليّ : ما لم يزل ، والأبديّ : ما لا يزال ، والجنة والنار مخلوقتان كائنتان بعد أن لم تكونا(158) .

الوارث :

هو الباقي بعد فناء الخلق ، فترجع إليه الأملاك بعد فناء الملاّك.

الرشيد :

الذي أرشد الخلق إلى مصالحهم. أو ذو الرشد ، وهو الحكمة ، لاستقامة تدبيره. أو الذي ينساق بتدبيراته إلى غايتها.

__________________

(155) طه 20 : 50.

(156) الأحقاف 46 : 9.

(157) القواعد والفوائد 2 : 174.

(158) عدّة الداعي : 301 ، باختلاف.

٦٤

الصبور :

هو الذي لا تحمله العجلة على المنازعة إلى الفعل قبل أوانه. أو الذي لا تحمله العجلة بعقوبة العصاة ، لاستغنائه عن التسرع ، إذ لا يخاف الفوت.

والصبور من أبنية المبالغة ، وهو في صفة الله تعالى قريب من معنى الحليم ، إلاّ أن الفرق بينهما : أنهم لا يأمنون العقوبة في صفة الصبور ، كما يسلمون منها في صفة الحليم.

الربّ:

هو في الأصل بمعنى التربية ، وهي : تبليغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً ، ثم وصف به للمبالغة كالصوم والعدل.

وقيل : هو نعت من ربّه يربّه فهو ربّ ، ثم سمّي به المالك لأنه يحفظ ما يملكه ويربّيه. ولا يطلق على غير الله تعالى إلاّ مقيداً ، كقولنا : ربّ الضيعة ، ومنه :( ارجع إلى ربكَ ) (159) .

واختلف في اشتقاقه على أربعة أوجه :

أ : أنّه مشتقّ من المالك ، كما يقال : ربّ الدار ، أي : مالكها ، قال بعضهم : لئن يربّني رجل من قريش أحبّ إليّ من أن يربّني رجل من هوازن ، أي : يملكني.

ب : أنّه مشتقّ من السيد ، ومنه :( أما أحدكما فيسقي ربّه خمراً ) (160) أي : سيّده.

ج : أنّه المدبّر ، ومنه قوله :( والربّانيّون ) (161) وهم : العلماء ، سمّوا بذلك

__________________

(159) يوسف 12 : 50.

(160) يوسف 12 : 41.

(161) المائدة 5 : 44.

٦٥

لقيامهم بتدبير الناس وتعليمهم ، ومنه : ربّة البيت ، لأنها تدبرّه.

د : أنّه مشتقّ من التربية ، ومنه قوله تعالى :( وربائبكمُ ) (162) سمّي ولد الزوجة ربيبة لتربية الزوج له.

فعلى هذا إن قيل : بأنّه تعالى ربّ لأنّه سيّد أو مالك ، فذلك من صفات ذاته ، وإن قيل : لأنّه مدبّر لخلقه أو مربّيهم ، فذلك من صفات أفعاله.

السيّد :

الملك ، وسيّد القوم ملكهم وعظيمهم.

و قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي سيّد العرب ، فقالت عائشة(163) : أولست سيّد العرب ؟! فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب ، فقالت : وما السيد ؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : هو من افترضت طاعته كما افترضت طاعتي(164) . فعلى هذا الحديث السيد هو : الملك الواجب الطاعة ، قال صاحب العدّة(165) .

قال الشهيد في قواعده : ومنع بعضهم من تسميته تعالى بالسيد(166) .

قلت : وهذا المنع ليس بشيء.

أمّا أولاً : فلما ذكرناه من قول صاحب العدة ، وقد أثبته(167) في الأسماء الحسنى في عبارته.

__________________

(162) النساء 4 : 23.

(163) اُمّ عبدالله عائشة بنت أبي بكر ، روت عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن أبيها وعمر وغيرهم ، روت عنها اُختها اُمّ كلثوم وأخوها من الرضاعة عوف ابن الحارث وغيرهما ، ماتت سنة ( 58 ه‍ ) وقيل ( 57 ه‍ ).

اُسد الغابة 5 : 501 ، تهذيب التهذيب 12 : 435.

(164) اُنظر إحقاق الحق 4 : 36.

(165) عدّة الداعي : 305 ، باختلاف.

(166) القواعد والفوائد 2 : 177 ، باختلاف.

(167) أي : صاحب العدّة.

٦٦

وأمّا ثانياً : فلأنه قد جاء في الدعاء كثيراً ، وورد أيضاً في بعض الأحاديث : قال السيد الكريم.

و أمّا ثالثاً : فلأن هذا الاسم لا يوهم نقصاً ، فيجوز إطلاقه على الله تعالى إجماعاً.

الجواد :

هو الكثير الإنعام والإحسان ، والفرق بينه وبين الكريم : أن الكريم الذي يعطي مع السؤال ، والجواد يعطي من غير سؤال ، وقيل : بالعكس ، ورجل جواد أي : سخي ، ولا يقال : الله تعالى سخيّ ، لأن أصل السخاوة راجع إلى اللين ، و [ يقال : ](168) أرض سخاوية وقرطاس سخاويّ إذا كان ليّناً ، وسمّي السخيّ سخيّاً للينه عند الحوائج. هذا آخر كلام صاحب العدة(169) .

قلت : وقوله ولا يقال الله تعالى سخيّ ، ليس بشيء ، لأنّ السخاء مرادف للجود(170) ، وهو صفة كمال ، فيجوز إطلاقه عليه تعالى ، مع أنه قد ورد به الإذن ، ففي دعاء الصحيفة المذكور في مهج ابن طاووس(171) قدس الله سره :

__________________

(168) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ر) و (ب) وأثبتناه من المصدر وهو الأنسب.

(169) عدّة الداعي : 312 ، باختلاف.

(170) في هامش (ر) : « في كثير من الأدعية ، وإضافة السخاء فيها إليه كما في دعاء الجوشن الكبير المروي عن السجاد زين العابدين عن أبيه عن جدّه عن عليعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في قوله : يا ذا الجود والسخاء ، ففرق بين السخاء والجود لترادفهما على اسم الكريم. منهرحمه‌الله ».

انُظر : المصباح ـ للمصنف ـ : 248.

(171) أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحسيني ، السيد الأجلّ الأورع ، ويظهر من مواضع من كتبه خصوصاً كشف المحجة أن باب لقائه الإمام المنتظر روحي له الفدا كان مفتوحاً ، وكان من عظماء المعظمين لشعائر الله ، يروي عنه العلامة الحلي وغيره ، له عدة مصنفات ، منها : مهج الدعوات ومنهج العنايات ، ذكر فيه الأحراز والقنوتات والحجب والدعوات والتعقيبات وأدعية الحاجات ، توفي سنة ( 664 ه‍ ).

الكنى والألقاب 1 : 327 ، أعيان الشيعة 8 : 358 ، الذريعة 23 : 287 ، معجم رجال الحديث

٦٧

سبحانه من تواب ما أسخاه وسبحانه من سخي ما انصره. فإذا كان اسم السخاء لا يوهم نقصاً وقد ورد في الدعوات ، فما المانع من إطلاقه عليه تعالى.

قلت : أن المانع أن أصل السخاوة راجع إلى اللين إلى آخره ، كما ذكره صاحب العدة.

إن قلت : إنّ اللين هنا بمعنى الحلم لا بمعنى ضدّ الخشونة ، وفي دعوات المصباح(172) : ولنت في تجبرك(173) ، أي : حلمت في عظمتك. وليس صفاته تعالى كصفات خلقه ، لأنّ التوّاب من الناس : التائب ، والصبور : كثير حبس النفس عن الجزع ، وهما في صفته تعالى كما مرّ في شرحهما ، إلى غير ذلك من صفاته تعالى المخالفة لصفات خلقه(174) .

__________________

12 : 188.

(172) كتاب المصباح لأبي جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي ، المعروف بشيخ الطائفة يروي عن الشيخ المفيد وغيره ، يروي عنه والده الشيخ حسن وغيره ، له عدّة مصنّفات ، منها : هذا الكتاب ـ مصباح المتهجد وسلاح المتعبد ـ وهو من أجل الكتب في الأعمال والأدعية وقدوتها ، ذكر فيه ما يتكرر من الأدعية ومالا يتكرر ، وقدّم فصولاً في أقسام العبادات وما يتوقف منها على شرط وما لا يتوقّف وذكر في آخره أحكام الزكاة والأمر بالمعروف ، توفي سنة ( 460 ه‍ ) ودفن في دارة التي كان يقطنها بوصية منه.

تنقيح المقال 3 : 104 ، أعيان الشيعة 9 : 159 ، الذريعة 211 : 118.

(173) مصباح المتهجّد : 387.

(174) في هامش (ر) : « مع أنّا نقول : إنّ أصل السخاء راجع إلى الاتساع والسهولة ، وأرض سخواء : سهلة واسعة ، ويسمّى السخي سخياً لسهولة عطائه وسعته ، فالله تعالى أحق باسم السخاء ، لأنه وسع بعطائه المعطين وعمّ ببره المبرّين. مع أنّا لو سلّمنا للشيخرحمه‌الله صحة الاشتقاق في الأسماء الحسنى ، لوجب أن نترك كلّ اسم منها يحصل [ في ] اشتقاقه مالا يناسب عنده ، وهو باطل بالإجماع ، وأظنّ أنّهرحمه‌الله قلّد القاضي عبد الجبّار في شرحه الأسماء الحسنى في صحّة الإشتقاق ، لأنّه منع في شرحه أن يوصف الله تعالى بالحنّان ، قال : لأنّه يفيد معنى الحنين ، وهو لا يجوز عليه سبحانه وتعالى ، قلت : فكلام عبدالجبار أيضاً غير صحيح ، لاشتقاق الحنّان من غير الحنين ، قال الجوهري في صحاحه : الحنّان بالتخفيف : الرحمة ، والحنّان بالتشديد : ذوم الرحمة. وقال الهروي في الغريبين في قوله تعالى :( وحناناً من لدنّا [ 19 : 13 ]) أي : رحمة ، قال : والحنّان من صفات الله بالتشديد : الرحيم ، وبالتخفيف : العطف والرحمة. وفي الحديث : أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرّ على رجل يعذب ، فقال : لأتخذنه حناناً ، أي : لأتعطفن عليه ولأترحّمن. ثم نرجع ونقول : على ما ذهب إليه صاحب العدة وعبد الجبار لا يجوز

٦٨

و هنا فائدة يحسن بهذا المقام أن نسقر قناعها ونحدر لفاعها ، وهي :

ان الاسماء التي ورد بها السمع ولا شيء منها يوهم نقصاً ، يجوز إطلاقها على الله تعالى إجماعاً ، وما عدا ذلك فأقسامه ثلاثة :

أ : ما لم يرد به السمع ويوهم نقصاً ، فيمتنع إطلاقه عليه تعالى إجماعاً ، كالعارف والعاقل والفطن والذكي ، لأن المعرفة قد تشعر بسبق فكره ، والعقل هو المنع عما لا يليق ، والفطنة والذكاء يشعران بسرعة الإدراك لما غاب عن المدرك ، وكذا المتواضع لأنه يوهم الذلة ، والعلاّمة لأنه يوهم التأنيث ، والداري لأنه يوهم تقدّم الشك. وما جاء في الدعاء من قول الكاظمعليه‌السلام في دعاء يوم السبت يا من لا يعلم ولا يدري كيف هو إلا هو(175) ، يعطي جواز هذا ، فيكون مرادفاً للعلم.

ب : ما ورد به السمع ، ولكن إطلاقه في غير مورده يوهم النقص ، فلا يجوز ، كأن يقول : يا ماكر أو يا مستهزئ ويحلف به. قال الشهيد : ومنع بعضهم أن يقال : اللّهم امكر بفلان ، وقد ورد في دعوات المصباح : اللهم استهزئ به ولا تستهزئ بي(176) .

__________________

أن يسمّى الله تعالى شاكراً ، وقد ورد به في القرآن في قوله :( فإنّ الله شاكرٌ عليم [ 2 : 158 ]) لأن الشاكر في الأصل كما ذكره الإمام الطبرسي : هو المظهر للإنعام عليه ، والله يتعالى عن أن يكون لأحد عليه نعمة ، وإنما وصف سبحانه بأنه شاكر مجازاً وتوسعاً. قال الإمام الطبرسيرحمه‌الله : ومعنى أنه شاكر أي : مجاز عبده على طاعته بالثناء والثواب ، وإنما ذكر لفظ الشاكر تلطفاً لعباده ومظاهرة في الإحسان والإنعام عليهم ، كما قال :( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً [ 2 : 245 ]) والله تعالى لا يستقرض من عوز ، لكنه ذكر هذا اللفظ على طريق اللطف ، أي : يعامل عباده معاملة المستقرض ، من حيث أن العبد ينفق من حال غناه فيأخذ أضعاف ذلك في حال فقره وحاجته ، وكذلك لما كان يعامل عبده معاملة الشاكر [ من حيث أنّه ] يوجب الثناء له الثناء له والثواب سمّى نفسه شاكراً. منهرحمه‌الله ».

اُنظر : الصحاح 5 : 1204 حنن ، مجمع البيان 1 : 239 ـ 240.

(175) المصباح ـ للمصنّف ـ : 102 ـ 103.

(176) القواعد والفوائد 2 : 177 ، باختلاف.

٦٩

ج : ما خلا عن الإيهام إلاّ أنّه لم يرد [ به ] السمع ، كالنجيّ والأريحي. قال الشهيد : والأولى التوقف عمّا لم تثبت التسمية به ، وإن جاز أن يطلق معناه عليه إذا لم يكن فيه إيهام(177) .

إذا عرفت ذلك فنقول :

قال الشيخ نصير الدين أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي(178) قدّس الله سره في فصوله : كلّ اسم يليق بجلاله ويناسب كماله مما لم يرد به إذن جاز إطلاقه عليه تعالى ، إلاّ أنه ليس من الأدب ، لجواز أن لا يناسبه من وجه آخر(179) .

قلت : وعنده يجوز أن يطلق عليه تعالى الجوهر ، لأن الجوهر قائم بذاته غير مفتقر إلى الغير ، والله تعالى كذلك.

وقال الشيخ علي بن يوسف بن عبد الجليل في كتابه منتهى السؤول في شرح الفصول : لا يجوز أن يطلق على الواجب تعالى صفة لم يرد الشرع المطهّر إطلاقها عليه وإن صح اتصافه بها معنى ، كالجوهر مثلاً بمعنى القائم بذاته ، لجواز أن يكون في ذلك مفسدة خفية لا نعلمها ، فإنه لا يكفي في إطلاق الصفة على الموصوف ثبوت معناها له ، فإن لفظتي عزّوجلّ لا يجوز إطلاقها على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن كان عزيزاً جليلاً في قومه ، لأنّهما يختصّان بالله تعالى ، ولولا

__________________

(177) المصدر السابق.

(178) أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي ، كان رأساً في العلوم العقلية فيلسوفاً علاّمة بالأرصاد ، انتهت إليه رئاسة الإمامية في زمانه ، يروي عن أبيه وعن الشيخ ميثم البحراني ، يروي عنه العلاّمة الحلي والسيد عبد الكريم بن طاووس صاحب فرحة الغري والمولى قطب الدين اُستاذ الشهيد وغيرهم ، له عدّة مصنّفات لم ير عين الزمان مثلها ، منها : فصول العقائد ، مرتّب على أربعة فصول : في التوحيد والعدل والنبوة والمعاد ، وفصول العقائد أصله فارسي معروف : بالاُصول النصيرية ، ترجمه المولى ركن الدين محمد بن علي الجرجاني ـ من تلامذة العلاّمة ـ إلى العربية ، توفي سنة ( 673 ه‍ ).

الذريعة 1 : 26 ، 4 : 122 ، 16 : 246 ، معجم رجال الحديث 17 : 194 ، أعلام الزركلي 7 : 30.

(179) فصول العقائد : 9.

٧٠

عناية الله ورأفته بعباده في إلهام أنبيائه أسماءه وصفاته لما جسر أحد من الخلق ولا تهجّم في إطلاق شيء من هذه الأسماء والصفات عليه سبحانه.

قلت : وهذا الكلام أولى من قول صاحب الفصول ، لأنّه إذا جاز عدم المناسبة ولا ضرورة داعية إلى التسمية ، وجب الامتناع من جميع ما لم يرد به نص شرعي من الأسماء ، وهذا معنى قول العلماء : إن اسماء الله تعالى توقيفية ، أي : موقوفة على النص والإذن.

ولقد خرجنا في هذا الباب بالإكثار عن حدّ الاختصار ، غير أن الحديث ذو شجون.

شديد العقاب :

أي للطغاة ، والشديد : القوي ، ومنه :( وشددنا ملكهُ ) (180) أي : قوّيناه ، وشدّ الله عضده أي : قوّاه ، واشتدّ الرجل : إذا كان معه دابة شديدة ، أي : قويّة ، والمشدّ : الذي دوابه شديدة قوية ، والمضعف : الذي دوابه ضعيفة.

الناصر :

هو النصير ، والنصير مبالغة في الناصر ، والنصرة : المعونة ، والنصير والناصر : المعين ، ونصر الغيث البلد : إذا أعانه على الخصب والنبات ، وقوله تعالى :( ولا هم ينصرون ) (181) أي : يعاونون.

العلاّم :

مبالغة في العلم ، وهو الذي الذي لا يشذ عنه معلوم ، وقالوا رجل علاّمة ، فألحقوا الهاء لتدل على تحقيق المبالغة ، فتؤذن بحدوث معنى زائد في الصفة ، ولا يوصف

__________________

(180) ص 38 : 20.

(181) البقرة 2 : 48 و 86  و 123 ، الأنبياء 21 : 39 ، الدخان 44 : 41 ، الطور 52 : 46.

٧١

سبحانه بالعلاّمة ، لأنه يوهم التأنيث.

المحيط :

هو الشامل علمه ، وأحاط علم فلان بكذا أي : لم يعزب عنه.

الفاطر :

أي المبتدع ، لأنّه فطر الخلق أي : ابتدعهم وخلقهم من الفطر وهو الشقّ ، ومنه :( إذا السماء انفطرت ) (182) كأنه تعالى شقّ العدم بإخراجنا منه. وقوله( فاطر السماوات والأرض ) (183) أي : مبتدئ خلقهما ، قال ابن عباس(184) ما كنت أدري ما فاطر السماوات ، حتى احتكم إليّ أعرابيان في بئر ، فقال أحدهما : أنا فطرتها ، أي : ابتدأتها(185) . وقوله( إلاّ الذي فطرني ) (186) أي : خلقني.

الكافي :

هو الذي يكفي عباده جميع مهامهم ويدفع عنهم مؤذياتهم ، فهو الكافي لمن توكّل عليه ، فيكفيه ما يحتاج إليه ، والكفية : القوت ، والجمع الكفا.

__________________

(182) الإنفطار 82 : 1.

(183) الأنعام 6 : 14 ، يوسف 12 : 101 ، إبراهيم 14 : 10 ، فاطر 35 : 1 ، الزمر 39 : 46 ، الشورى 42 : 11.

(184) أبو العبّاس عبدالله بن العبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ، ابن عمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كُنّي بأبيه العباس وهو أكبر ولده ، كان يسمّى « البحر » لسعة علمه ويسمّى « حبر الاُمة » ، شهد مع عليعليه‌السلام صفّين وكان أحد الاُمراء فيها ، توفي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وله ثلاث عشرة سنة ، وقيل : خمس عشرة سنة ، توفي سنة ( 68 ه‍ ) وقيل : ( 71 ه‍ ) وقيل غير ذلك.

الإصابة 2 : 330 ، طبقات الفقهاء : 30 اُسد الغابة 3 : 192.

(185) مجمع البيان 2 : 279.

(186) الزخرف 43 : 27.

٧٢

الأعلى :

الغالب ، ومنه :( لا تخف إنكَ أنتَ الأعلى ) (187) أي : الغالب ، وقوله :( وأنتم الأعلون ) (188) أي : الغالبون المنصورون بالحجة والظفر ، وعلوت قرني : غلبته ، وقوله :( إن فرعون علا في الأرض ) (189) أي : غلب وتكبّر وطغى. وقد يكون بمعنى المتنزه عن الأمثال والأضداد والأنداد والأشباه.

الأكرم :

معناه الكريم : وقد يجيء أفعل بمعى فعيل ، كقوله تعالى :( وهو أهون عليه ) (190) أي : هيّن( لا يصلاها إلاّ الأشقى ) (191) ( وسيجنّبها الأتقى ) (192) يعني : الشقي والتقي.

قال :

إنّ الذي سَمَكَ السماءَ بنى لنا

بَيتاً دعائمه أعَزُّ وأطــولُ

أي : عزيزة طويلة.

الحفيّ :

أي : العالم ، ومنه :( يسئلونك كأنك حفيٌّ عنها ) (193) أي : عالم بوقت

__________________

(187) طه 20 : 68.

(188) آل عمران 3 : 139. محمد 47 : 35.

(189) القصص 28 : 4.

(190) الروم 30 : 27.

(191) الليل 92 : 15.

(192) الليل 92 : 17.

(193) الأعراف 7 : 187 ، وفي النسخ : يسئلونك عن الساعة كأنك حفيّ عنها ، والظاهر أن المصنف أورد لفظ عن الساعة تفسيرا.

٧٣

مجيئها. وقد يكون الحفيّ بمعنى اللطيف ، ومعناه : المحتفي بك ، أي : الذي يبرك ويلطف بك ، ومنه :( إنه كان بي حفياً ) (194) أي : باراً معيناً.

الذارئ :

الخالق ، والله ذرأ الخلق وبرأهم ، أي : خلقهم ، وأكثرهم على ترك الهمزة ، وقوله :( ولقد ذرأنا لجهنّم كثيراً ) (195) أي : خلقنا.

الصانع (196) :

فاعل الصنعة ، والله تعالى صانع كلّ مصنوع وخالق كلّ مخلوق ، فكل موجود سواه فهو فعله. وفي الحديث أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسلم اصطنع خاتماً من ذهب(197) ، أي : سأل أن يصنع له ، كما تقول : اكتتبَ ، أي : سأل أن يكتب له. وامرأة صناع اليدين ، أي : حاذقة ماهرة بعمل اليدين ، وخلافها الخرقاء ، وامرأتان صناعان ، ونسوة صنع ، ورجل صنيع اليدين وصنع اليدين ، وصنع اليدين بفتحتين ، أي : حاذق ، والصنعة والصناعة : حرفة الصانع.

الرائي :

العالم ، والرؤية : العلم ، ومنه :( ألم تر كيف فعل ربك ) (198) أي : ألم تعلم. والرؤية بالعين تتعدّى إلى مفعول واحد وبمعنى العلم إلى مفعولين ، تقول :

__________________

(194) مريم 19 : 47.

(195) الأعراف 7 : 179.

(196) في هامش (ر) : « والفرق بين الخالق والصانع والبارئ : أن الصانع هو : الموجد للشيء المخرج له من العدم إلى الوجود ، والخالق هو : المقدّر للأشياء على مقتضى حكمته سواء اُخرجت إلى الوجود أولا ، والبارئ هو : الموجد لها من غير تفاوت ، أو المميز لها بعضاً عن بعض بالصور والأشكال ، قاله الشيخ العلاّمة شرف الدين المقداد في لوامعه. منهرحمه‌الله ».

(197) صحيح البخاري 8 : 165 ، مسند أحمد 3 : 101.

(198) الفجر 89 : 6. الفيل 105 : 1.

٧٤

رأيت زيداً عالماً ، والأمر من الرؤية : إرء ورء. وقوله :( وأرنا مناسكنا ) (199) أي : علّمنا ، وقوله :( أعنده علم الغيب فهو يرى ) (200) أي : يعلم ، وقوله :( ولو نشاءُ لأريناكهم ) (201) أي : عرّفناكهم.

السبّوح :

المنزّه عن كلّ سوء ، وسبّح الله : نزّهه ، وقوله :( سبحانك ) (202) أي : اُنزهك من كلّ سوء.

وقال المطرزي(203) : وقولهم : سبحانك اللّهمّ وبحمدك ، معناه : سبحتك بجميع آلائك وبحمدك سبحتك(204) .

وسمّيت الصلاة تسبيحاً ، لأنّ التسبيح تعظيم الله وتنزيهه من كلّ سوء ، قال تعالى :( وسبح بحمد ربّك بالعشيّ والابكار ) (205) أي : وصلّ ، وقوله :( فلولا انه كان من المسبحين ) (206) أي : المصلين.

قال الجوهري : سبوح من صفات الله ، وكل اسم على فعول مفتوح الأول ، إلاّ سبّوح قدّوس ذرّوح(207) ، وسبحات ربنا بضم السين والباء أي

__________________

(199) البقرة 2 : 128.

(200) النجم 53 : 35.

(201) محمد 47 : 30.

(202) البقرة 2 : 32 ، آل عمران 3 : 191 ، المائدة 5 : 116 ، الأعراف 7 : 143 ، يونس 10 : 10 ، الأنبياء 21 : 87 ، النور 24 : 16 ، الفرقان 25 : 18 ، سبأ 34 : 34.

(203) أبو الفتح ناصر بن أبي المكارم عبد السيد بن علي المطرزي ، الفقيه الحنفي النحوي ، قرأ على أبيه وعلى أبي المؤيّد الموفق بن أحمد ، سمع الحديث من أبي عبدالله محمد بن علي التاجر ، له عدّة مصنّفات ، منها : المغرب ، تكلّم فيه على الألفاظ التي يستعملها الفقهاء من الغريب ، مات سنة ( 610 ه‍ ).

وفيات الأعيان 5 : 369 ، مرآة الجنان 4 : 20.

(204) المغرب في ترتيب المعرب 1 : 240 سبح.

(205) غافر 40 : 55.

(206) الصافّات 37 : 143.

(207) في هامش (ر) وردت حاشية مضطربة الأول والآخر فلم نثبتها.

٧٥

جلالته(208) .

الصادق :

الذي يصدق في وعده ولا يبخس ثواب من يفي بعهده ، والصدق خلاف الكذب ، وقوله :( مبوّأ صدقٍ ) (209) أي : منزلاً صالحاً ، وكلّما نسب إلى الخير والصلاح اُضيف إلى الصدق ، فقيل : رجل صدق ودابة صدق.

الطاهر :

المنّزه عن الأشباه والأضداد والأمثال والأنداد ، وعن صفات الممكنات ونعوت المخلوقات ، من الحدوث والزوال والسكون والإنتقال وغير ذلك.

والتطهير : التنّزه عما لا يحل ، ومنه :( انهم اُناسٌ يتطهرون ) (210) أي : يتنزهون عن أدبار الرجال والنساء.

الغياث :

معناه المغيث ، سمّي تعالى باسم المصدر توسعاً ومبالغة ، لكثرة إغاثته الملهوفين وإجابته دعوة المضطّرين.

الفرد الوتر :

هما بمعنى ، وهو المتفرّد بالربوبية وبالأمر دون خلقه.

والوتر بالكسر : الفرد ، وبالفتح الذحل ، والحجازيون عكسوا ، وتميم كسروها. وفي الحديث : إنّ الله وتر يحبّ الوتر فأوتروا(211) .

__________________

(208) الصحاح 1 : 372 سبح ، باختلاف.

(209) يونس 10 : 93.

(210) الأعراف 7 : 82 ، النمل 27 : 56.

(211) سنن الترمذي 2 : 316 حديث 453.

٧٦

وقوله :( والشفع والوتر ) (212) فيه اثنا عشر قولاً(213) ، ذكرناها على

__________________

(212) الفجر 89 : 3.

(213) في هامش (ر) : « قلت : هذه الأقوال الاثنا عشر ذكرها الإمام الطبرسي ـ طاب ثراه ـ في تفسيره مجمع البيان ، ونحن ذكرناها كلّها في كتابنا نور حدقة البديع ونور حديقة الربيع ، وزدنا على هذه الاثني عشر عدّة أقوال اُخر ، من أرادها فعليه بالكتاب المذكور ، منقولة من تفسر الثعلبي ، وذكرناها أيضاً في كتابنا جُنّة الأمان الواقية وجَنّة الإيمان الباقية ، وجملة الأقوال من هاتين اللفظتين ثلاثة وعشرون قولاً فافهم ذلك. منه ; ».

والأقوال الثلاثة والعشرون كما في المصباح ص 342 هي :

« الأول : قال الحسن : هي الزوج والفرد من العدد ، وهي تذكير بالحساب ، لعظم نفعه وما يضبط به من المقادير.

الثاني : قال ابن زيد والجبائي : هو كلما خلقه الله ، لأن جميع الأشياء إما زوج أو فرد.

الثالث : جماعة من علماء التفسير : الشفع هو الخلق ، لكونه كلّه أزواجاً ، كما قال سبحانه تعالى :( وخلقناكم أزواجاً [ 78 : 8 ]) كالكفر والإيمان والشقاوة والسعادة والهدى والضلالة والليل والنهار والسماء والأرض والبرّ والبحر والشمس والقمر والجنّ والإنس ، والوتر هو الله وحده ، وهو في حديث الخدري عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الرابع : أنّ الشفع صفات الخلق ، لتبديلها بأضداها كالقدرة بالعجز ونحو ذلك ، والوتر صفات الله سبحانه ، لتفرّده بصفاته دون خلقه ، فهو عزيز بلا ذلّ وغنّي بلا فقر وعلم بلا جهل وقوة بلا ضعف وحياة بلا موت ونحو ذلك.

الخامس : أنّ الشفع والوتر الصلاة ، فمنها شفع ووتر ، وهو في حديث ابن حصين عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

السادس : أنّ الشفع النحر ، لأنّه عاشر أيام الليالي العشرة المذكورة من قبل في قوله( وليال عشر [ 89 : 2 ]) والوتر يوم عرفة ، لأنه تاسع أيامها ، وقد روي مثل هذا الحديث أيضا في حديث جابر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : لأن يوم النحر شفع بيوم نفر ، وانفرد عرفه بالموقف.

السابع : أنّ الشفع شفع الليالي العشرة المذكورة ، وهي عشرة ذي الحجة ، وقيل : العشرة الأخيرة من شهر رمضان ، وقيل : هي العشرة التي أتمّ الله بها ليالي موسىعليه‌السلام والوتر وترها.

الثامن : أنّ الشفع يوم التروية والوتر يوم عرفة ، وروي ذلك عن الباقرينعليهما‌السلام .

التاسع : أن الوتر آدم شفع بحوّاء.

العاشر : أنّ الشفع والوتر في قوله تعالى :( فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه [ 2 : 203 ]) فالشفع النفر الأول والوتر من تأخّر إلى اليوم الثالث.

الحادي عشر : أنّ الشفع الليالي والأيام والوتر الذي لا ليل بعده ، وهو يوم القيامة.

الثاني عشر : أنّ الشفع عليّ وفاطمةعليهما‌السلام والوتر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الثالث عشر : أنّ الشفع الصفا والمروة والوتر البيت الحرام.

٧٧

حاشية دعاء يوم عرفة من أدعية الصحيفة ، أحدها : أن الشفع هو الخلق لكونه كله أزواجاً ، كما قال :( وخلقناكم أزواجاً ) (214) والوتر هو الله وحده ، وهو في حديث الخدري(215) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (216) .

الفالق :

الذي فلق الأرحام فانشقت عن الحيوان ، وفلق الحبّ والنوى فانفلقت

__________________

الرابع عشر : أنّ الشفع آدم وحوّاء والوتر هو الله سبحانه.

الخامس عشر : أنّ الشفع الركعتان من صلاة المغرب والوتر الركعة الثالثة.

السادس عشر : أنّ الشفع درجات الجنان لأنها كلها شفع ، والوتر دركات النار لأنها كلّها سبع وهي وتر ، كأنّه سبحانه أقسم بالجنة والنار.

السابع عشر : أنّ الشفع هو الله سبحانه وهو الوتر أيضاً ، لقوله تعالى :( ما يكون من نجوى ثلاثةٍ إلاّ هو رابعهم ولا خمسة إلاّ هو سادسهم [ 58 : 7 ]) الآية.

الثامن عشر : أنّ الشفع مسجد مكة والمدينة والوتر مسجد بيت المقدس.

التاسع عشر : أن الشفع القران في الحج والتمتع فيه والوتر الإفراد فيه.

العشرون : أنّ الشفع الفرائض والوتر السنن.

الحادي والعشرون : أنّ الشفع الأفعال والوتر النيّة وهو الإخلاص.

الثاني والعشرون : أنّ الشفع العبادة التي تتكّرر كالصلاة والصوم والزكاة ، والوتر العبادة التي لا تكرّر كالحجّ.

الثالث والعشرون : أنّ الشفع الجسد والروح إذا كانا معاً ، والوتر الروح بلا جسد ، فكأنّه سبحانه أقسم بهما في حالتي الاجتماع والافتراق.

فهذه ثلاثة وعشرون قولاً ، ذكر الإمام الطبرسيرحمه‌الله في تفسيره الكبير منها اثني عشر قولاً ، والأقوال الباقية أخذناها من تفسير الثعلبي وغيره ».

اُنظر : مجمع البيان 5 : 485.

(214) النبأ 78 : 8.

(215) أبو سعيد سعد بن مالك بن شيبان ـ سنان ـ بن عبيد بن ثعلبة بن الأبحر الخدري ، مشهور بكنيته ، روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم ؛ روى عنه جابر وزيد بن ثابت وابن عباس وغيرهم ، مات سنة ( 74 ه‍ ) وقيل ( 64 ه‍ ) وقيل غير ذلك.

اُسد الغابة 2 : 289 ، الإصابة 2 : 35.

(216) مجمع البيان 5 : 485.

٧٨

عن النبات ، وفلق الأرض فانفلقت عن كلما اُخرج منها ، وهو قوله :( والأرض ذات الصدع ) (217) وفلق الظلام عن الصباح والسماء عن القطر ، وفلق البحر لموسىعليه‌السلام .

القديم :

هو المتقدّم للأشياء وليس لوجوده أول ، أو الذي لا يسبقه عدم.

القاضي :

الحاكم على عباده ، ومنه :( وقضى ربّك ألاّ تعبدو إلاّ إياه ) (218) أي : حكم ، وقيل : أي أمر ووصّى ، وقوله :( والله يقضي بالحقّ ) (219) أي : يحكم.

والقضاء يقال على وجوه كثيرة ، ذكرناها على حاشية الصحيفة في دعاء زين العابدينعليه‌السلام في الإلحاح على الله(220) .

__________________

(217) الطارق 86 : 12.

(218) الاسراء 17 : 23.

(219) غافر 40 : 20.

(220) وهي كما في المصباح ص 345 :

« الأول : قضاء الوصية والأمر( وقضى ربك ألاّ تعبدوا إلاّ إياه [ 17 : 23 ]) أي : أمر ووصّى ، ومنهم من سماه قضاء الحكم ، كصاحب العدّة وصاحب الغريبين ، ومنهم من سمّاه قضاء العهد ، أي : عهد ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه ، ومثله :( قضينا إلى موسى الأمر [ 28 : 44 ]) أي عهدنا.

الثاني : قضاء الإعلام( وقضينا إلى بني إسرائيل [ 17 : 4 ]) أي : أعلمناهم.

الثالث : الفراغ( فإذا قضيتم الصلاة [ 4 : 103 ]) أي : فرغتم من أدائها ، وقوله تعالى :( فلمّا حضروا قالوا انصتوا فلمّا قضى [ 46 : 29 ] ) أي : فرغ من تلاوته ، وقوله : ( فإذا قضيتم مناسككم [ 2 : 200 ] ) أي : فرغتم منها ، وسمّي القاضي قاضياً ، لأنّه إذا حكم فقد فرغ ما بين الخصمين.

الرابع : الفعل( فاقض ما أنت قاض [ 20 : 72 ]) أي : افعل ما أنت فاعل ، وامض ما أنت ممض من أمر الدنيا.

الخامس : الموت( ليقض علينا ربّك [ 43 : 77 ]) ومثله :( لا يقضى عليهم فيموتوا [ 35 : 36 ]) .

السادس : وجوب العذاب( وأنذرهم يوم الحسبرة إذا قضي الأمر [ 19 : 39 ] ) أي : وجب العذاب ، ومثله في يوسف : ( قضي الأمر الذي فيه تستفتيان [ 12 : 41 ] ) .

٧٩

المنان :

المعطي المنعم ، ومنه :( فامن أو أمسك بغير حساب ) (221) أي : اعط وأنعم.

وقيل : المنّان الذي يبتدئ بالنوال قبل السؤال ، والحنّان : الذي يقبل على من أعرض عنه.

المبين :

المظهر حكمته بما أبان من تدبيره وأوضح بيناته ، وبان الشيء وأبان :

__________________

السابع : الكتب( وكان أمراً مقضيّاً [ 19 : 21 ]) أي : مكتوباً.

الثامن : الإتمام( فلما قضى موسى الأجل [ 28 : 29 ]) أي : أتمّ( أيمّا الأجلين قضيت [ 28 : 28 ]) أي : أتممت.

التاسع : الحكم( وقضى بينهم بالحق [ 39 : 75 ]) أي : حكم( والله يقضي بالحقّ [ 40 : 20 ]) أي : يحكم.

العاشر : الجعل( فقضاهنّ سبع سماوات [ 41 : 12 ]) أي : جعلهن ، قاله الطبرسي ; وسمّاه الصدوق ; قضاء الخلق ، وقال في معنى فقضاهنّ : أي خلقهنّ ، وسمّاه الهروي : قضاء الفراغ ، وقال : معنى فقضاهنّ أي : فرغ من خلقهنّ.

الحادي عشر : العلم( إلاّ حاجة في نفس يعقوب قضاها [ 12 : 68 ]) أي علمها.

الثاني عشر : القول( والله يقضي بالحق [ 40 : 20 ]) أي : يقول الحقّ ، قاله الصدوق ، وذكر ذلك أيضاً في باب الحكم.

الثالث عشر : التقدير( فلمّا قضينا عليه الموت [ 34 : 14 ]) أي : قدّرناه.

الرابع عشر : قضاء الفصل في الحكم( ولولا كلمة سبقت من ربّك إلى أجل مسمّى لقضي بينهم [ 42 : 14 ]) يقال : قضى الحاكم أي : فصل الحكم ، وكلّما أحكم عمله فقد قضى ، وقضيت هذه الدار : أحكمت عملها.

قال ذؤيب :

وعليهما مسرودتان قضاهما

داوُدُ أو صَنّعُ السوابغِ تُبَّعُ »

اُنظر : عدّة الداعي : 309 ، مجمع البيان 1 : 193 ـ 194 باختلاف ، التوحيد : 385 ـ 386.

(221) سورة ص 38 : 39.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137