الشيعة تجيب

الشيعة تجيب0%

الشيعة تجيب مؤلف:
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 191

الشيعة تجيب

مؤلف: سيد رضا حسيني نسب
تصنيف:

الصفحات: 191
المشاهدات: 41721
تحميل: 5306

توضيحات:

الشيعة تجيب
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 191 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41721 / تحميل: 5306
الحجم الحجم الحجم
الشيعة تجيب

الشيعة تجيب

مؤلف:
العربية

السؤال الثالث والعشرون

لماذا تعتقد الشيعة أنّ الخلافة بالنصّ ؟

الجواب:

الدين الإسلامي الحنيف خاتم الأديان وهو دين خالد ولتمام البشرية، ومن الواضح أنّ المتولّي لقيادة الاُمّة الإسلاميّة في حياة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هو نفس النبيّ، وبعد رحيله إلى الملأ الأعلى يجب أن تلقى هذه المسؤوليّة الخطيرة في عهدة خير الناس وأفضل الاُمّة.

السؤال المطروح هو: هل مقام الخلافة وقيادة الاُمة بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بأمر إلهيٍّ وتصريح نبويٍّ، أم أنها بالانتخابات ؟ تعتقد الشيعة أنّه منصب إلهي يحتاج إلى نصّ وتعيين من الله سبحانه بواسطة نبيّه الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويعتقد أهل السنّة أنّها بالانتخاب واختيار الاُمّة فرداً يقودها.

دلالة الشرائط الاجتماعيّة على أنّ الخلافة بالنصّ

ذكر علماء الشيعة في كتبهم الكلاميّة والعقائديّة أدلّة كثيرة على لزوم كون الخلافة بالنصّ، لكن الذي يناسب المقام بيانه هو تحليل الشرائط الحاكمة على عصر الرسالة، وبه يتضح صحة ما يعتقده الشيعة.

السياسة الداخليّة والخارجيّة للإسلام في ذلك العصر تقتضي وتفرض تعيين الخليفة بنصّ إلهي عن طريق الوحي إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ; وذلك أنّ مثلث الخطر - وهو الخطر الناشئ من امبراطورية الروم، ومن مملكة الفرس، ومن المنافقين - كان محيطاً بالاُمّة الإسلاميّة ويهدّدها بالفشل والزوال.

١٠١

كما أنّ مصلحة الاُمّة الإسلاميّة كانت تقتضي وتوجب ان يعيّن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قائداً سياسيّاً للاُمّة ; كي تظهر الاُمّة متّحدة أمام الأعداء والأجانب، فلا يبقى مجال لنفوذ العدو للتسلّط على زمام الاُمور وإشاعة الخلافات الداخليّة والانشقاقات.

توضيح المطلب

الامبراطوريّة الروميّة - والتي هي أحد أضلاع مثلث الخطر المحدق بالمسلمين - تقع في شمال شبه الجزيرة العربيّة، وقد شغل خطرها تفكير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله طيلة أيامه إلى آخر لحظات حياته الشريفة.

كانت أول مواجهة بين المسلمين وبين الجيش الصليبي القادم من الروم في السنة الثامنة من الهجرة في فلسطين، وما انتهت المعركة إلاّ بشهادة ثلاث من قادة المسلمين ; هم: جعفر الطيار، و زيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة، وبالتالي فشل المسلمين في تلك الحرب.

إنّ هزيمة المسلمين أمام جيش الكفر الصليبي أحدث جرأة عند الجيش الرومي، مما بعث الخوف في نفوس المسلمين من هجومه على بلادهم في أي لحظة. ومن هنا تحرّك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بجيش ضخم باتجاه الشام في السنة التاسعة من الهجرة كي يقود المواجهة العسكرية المحتملة بنفسه، وبهذا السفر الشاقّ أعاد المسلمون حيثيتهم السابقة، وجددوا قدرتهم السياسيّة.

لكن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يقتنع بهذا النصر النسبي، فأرسل جيشاً إلى الشام بقيادة «اُسامة» ليكون قريباً من الميدان فيما لو حصل شيء يحذر منه.

وأما الضلع الثاني لمثلث الخطر وهو مملكة إيران، فانّ الملك الإيراني آنذاك وهو «خسروبرويز» كان قد غضب على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بسبب الرسالة التي

١٠٢

وجهها إليه النبيّ، بل لشدة غضبه مزّق الرسالة وأهان رسوله وطرده، وكتب إلى عامله على اليمن - والتي كانت مستعمرة للفرس مدة طويلة - بأن يقبض على النبيّ فان امتنع قتله.

وعلى الرغم من موت «خسروبرويز» في حياة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لكن استقلال اليمن لم يُمحَ من طموحات ملوك الفرس، فلم تكن تسمح لهم أنَفَتُهم وجَبروتهم بتحمّل وجود قدرة كقدرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى جانبهم.

وأما الضلع الثالث لمثلث الخطر وهو خطر المنافقين الموجودين بين المسلمين أنفسهم فهو الطابور الخامس الذي يعمل دوماً في بثّ الفتنة بين المسلمين، والإفساد، وأعمال الشغب، حتى أنّهم قصدوا اغتيال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في طريقه من تبوك إلى المدينة، وكان جملة منهم يقولون في أنفسهم: إن الإسلام سينتهي بموت النبيّ، وبهذا يرتاح الجميع(١) .

فهل من المعقول أن يترك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الاُمّة الإسلاميّة الناشئة من دون خليفة مع وجود هكذا أعداء أقوياء يتربّصون بالإسلام والمسلمين الدوائر !!

بملاحظة الظروف الاجتماعيّة الحاكمة على الاُمّة الإسلاميّة آنذاك كان تعيين الخليفة أمراً حتمياً على النبيّ لئلاّ يحدث الخلاف وتنشأ الفرقة بعده، وبهذا يؤسّس للاُمة ساتراً دفاعياً حصيناً كي يحفظ وحدتها، ويسد أبواب الفتن المحتملة بعد رحيلهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأن تقول كلّ فرقة وجماعة: «لابدّ ان يكون الأمير والخليفة منّا»، فهذا كله لا يتسنّى للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ بتعيين الخليفة والقائد للاُمة بعده رسمياً.

____________________

(١) اقتباس من كتاب «فروغ ابديت» للاُستاذ الشيخ جعفر السبحاني.

١٠٣

فملاحظة ما ذكرناه من الظروف الاجتماعيّة والسياسيّة الحاكمة على الاُمّة الإسلاميّة يؤيّد صحّة وقوام نظريّة أنّ الخلافة بالتعيين ونصّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

النصوص النبويّة وما تدلّ عليه

بملاحظة تلك الظروف الاجتماعيّة والسياسيّة الحاكمة على المجتمع الإسلامي، ورعاية لجهات اُخرى أيضاً حاول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من أول أيام البعثة إلى آخر ساعات حياته الشريفة أن يلقي مفهوم الخلافة ويرسّخه في أذهان المسلمين، فصرّح بذلك في أوائل أيام البعثة عند إعلان نبوّته لأهله وعشيرته، وأعلن بها في آخر أيامه عند رجوعه من حجة الوداع في غدير خم، وبين هذين الموقفين في طيلة أيام حياته في المناسبات المختلفة، وقد ذكرنا - في جوابنا على السؤال الثاني - ثلاث نماذج من هذه الأحاديث المعتمدة والتي رواها علماء المسلمين ومحدّثوهم مع ذكر أسانيدها ومصادرها.

فبملاحظة الظروف الاجتماعيّة والسياسيّة السائدة على المجتمع الإسلامي في صدر الإسلام من جانب، وملاحظة النصوص النبوية المختلفة في تعيين ونصب القائد والخليفة لهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يظهر بوضوح أنّ النصّ على الخليفة أمر لا مفرّ منه، وأنّ الخليفة منصوص عليه من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٠٤

السؤال الرابع والعشرون

هل القَسَم بغير الله شركٌ ؟

الجواب:

لابدّ من تفسير عنواني «التوحيد» و «الشرك» على ضوء الكتاب والسنّة الشريفة ; فإنّهما خير معيار لمعرفة الحق من الباطل والتوحيد من الشرك.

وعليه فمن الحريّ بنا أن نعرض كلّ الأفكار والأفعال على هذا المقياس القويم أعني مقياس الوحي وسيرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لنميز السليم القويم من المعيب والمعوج.

وإليك أدلّتنا الواضحة - من خلال الكتاب والسنّة - على جواز الحلف بغير الله:

١- أقسم الباري سبحانه وتعالى في آيات كثيرة بمخلوقات نظير: «حياة النبيّ» و «نفس الإنسان» و «القلم» الذي هو مظهر للكتابة و «الشمس» و «القمر» و «النجم» و «النهار» و «الليل» و «السماء» و «الأرض» و «الزمان» و «الجبال» و «البحار»، وإليك بعض هذه الآيات:

أ-( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) (١) .

ب-( وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها * وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها * وَ النَّهارِ إِذا جَلاّها * وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها * وَ السَّماءِ وَ ما بَناها * وَ الاَرْضِ وَ ما طَحاها * وَ نَفْس وَ ما سَوّاها * فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها ) (٢) .

____________________

(١) الحجر: ٧٢.

(٢) الشمس: ١ - ٨.

١٠٥

ج –( وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ) (١) .

د –( ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ ) (٢) .

ه-( وَ الْعَصْرِ * إِنَّ الاِنْسانَ لَفِي خُسْر ) (٣) .

و –( وَ الْفَجْرِ * وَ لَيال عَشْر ) (٤) .

ز –( وَ الطُّورِ * وَ كِتاب مَسْطُور * فِي رَقّ مَنْشُور * وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ) (٥) .

كما نراه سبحانه أقسم بمخلوقات مختلفة في السور التالية: «النازعات» و «المرسلات» و «البروج» و «الطارق» و «البلد» و «التين» و «الضحى».

فلا شك ولا ريب أنّ القسم بغير الله لو كان شِركاً بالله سبحانه لما بادر القرآن الكريم - الذي هو رمز التوحيد الخالد - للقَسَم بشيء من المذكورات، وإذا كان القَسَم من خصائص الباري سبحانه لبيّنته الآيات الكريمة لئلاّ يقع الناس في الاشتباه.

٢- يرى جميع المسلمين أنّ النبيّ اُسوة لهم، ويرون سيرته في حياته ميزاناً قويماً لتقييم الأعمال صحيحها من فاسدها. مع أننا نجد علماء المسلمين ومحدّثيهم رووا في صحاحهم ومسانيدهم موارد كثيرة أقسم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بغير الباري سبحانه وتعالى.

فروى أحمد بن حنبل - رئيس المذهب الحنبلي - في مسنده:

____________________

(١) النجم: ١.

(٢) القلم: ١.

(٣) العصر: ١ و ٢.

(٤) الفجر: ١ و ٢.

(٥) الطور: ١ - ٦.

١٠٦

«إنّ بشيراً سأل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أصوم يوم الجمعة ولا أكلم ذلك اليوم أحداً فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لا تصم يوم الجمعة إلاّ في أيام هو أحدها أو في شهر وأما أن لا تكلم أحداً فلعمري لأن تكلّم بمعروف وتنهى عن منكر خير من أن تسكت»(١) .

وروى مسلم في صحيحه:

«جاء رجل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجراً فقال: أما وأبيك لتنبأنّه أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر وتأمل البقاء...»(٢) .

فالذين يتّهمون جمعاً كثيراً من المسلمين بالشرك بسبب اعتقادهم جواز القَسَم بغير الله كيف يوجّهون أمثال هذه الروايات ؟ !

٣- نحن نجد أنّ أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والمقرّبين إليه - مضافاً إلى ما نجده في كتاب الله وسيرة رسوله - كانوا يحلفون بغير الله سبحانه، فهذا وصيّه وصهره عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يُقسم في مواطن كثيرة بنفسه الشريفة وذلك في قوله:

«ولعمري ليضعفن لكم التيه من بعدي أضعافا»(٣) .

وقوله:

«ولعمري لئن لم تنزع عن غيّك وشقاقك لتعرفنّهم عن قليل يطلبونك»(٤) .

____________________

(١) مسند احمد: ج ٥، ص ٢٢٥. المعجم الكبير للطبراني: ج ٢، ص ٤٤. السنن الكبرى للبيهقي: ج ١٠، ص ٧٦

(٢) صحيح مسلم، ج ٣، ص ٩٣. صحيح البخاري، ج ٢، ص ١١٥.

(٣) نهج البلاغة، الخطبة ١٦٦.

(٤) نهج البلاغة، الكتاب ٩.

١٠٧

ومن الواضح أنّه لا مجال للاجتهاد والاستحسان مع كثرة النصوص الواردة، ولا يوجد دليل يمكن أن يخطّئ الكتاب العزيز وسيرة نبيّنا الكريم وأصحابه المقرّبين كأمير المؤمنين ويسقطها عن الحجّيّة ويتهمها بالشرك.

النتيجة:

يتبيّن من الأدلّة المذكورة بوضوح أنّ القَسَم بغير الله سبحانه جائز شرعاً في نظر الكتاب العزيز وسنّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وسيرة المؤمنين، بل هو من الاُصول المسلّمة عندهم، وأنّه لا ينافي التوحيد أصلاً.

وعلى هذا الأساس إذا ورد في شيء من الروايات ما ينافي بظاهره جواز القَسَم بغير الله فلابدّ من الإعراض عن ظاهره وتوجيهه وتأويله بما يوافق صريح الكتاب والسنّة الثابتة.

وإليك فيما يلي نصّ رواية مبهمة، والجواب عنها:

روى البخاري عن ابن عمر:

«أنّه ادرك عمر بن الخطاب في ركب وهو يحلف بأبيه، فناداهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا إنّ الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله، وإلاّ فليصمت»(١) .

فهذه الرواية لا يمكنها أن تقوم مقابل الكتاب العزيز والسنّة الشريفة، ومع ذلك فإنّ وجه الجمع بينها وبين الأدلّة المذكورة سابقاً هو أنّ آباء عمر لم يكونوا موحّدين، بل كانوا من عبَدة الأوثان، وعابد الوثن لا يستحقّ أن يقسَم به، فنهي الرواية عن القسَم بالآباء لعدم أهليّتهم لذلك.

____________________

وللاطّلاع على نماذج ومصاديق اُخرى راجع الخُطب: ١٦٨ و ١٨٢ و ١٨٧ والكتب: ٦ و ٥٤.

(١) صحيح البخاري، ج ٧، ص ٩٨. صحيح مسلم، ج ٥، ص ٨١. سنن أبي داود، ج ٢، ص ٩١. السنن الكبرى، ج ١٠، ص ٢٨.

١٠٨

السؤال الخامس والعشرون

هل التوسّل بأولياء الله شركٌ وبدعة ؟

الجواب:

التوسّل: هو جعل شيء ذا قيمة وسيلةً بين العبد وبين ربّه لأجل الوصول إلى القرب الإلهيّ. يقول ابن منظور في لسان العرب في بيان معنى الكلمة:

«توَسَّل إِليه بكذا: تقرَّب إِليه بحُرْمَةِ آصِرة تُعْطفه عليه»(١) .

ويقول تعالى في محكم كتابه:

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَ جاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (٢) .

وعرّف الجوهري في كتابه «صحاح اللغة» الوسيلة بقوله:

«الوَسِيلةُ ما يُتَقَرَّبُ به إِلى الغَيْر».

وعليه فقد يكون ما نتوسّل به ونجعله وسيلة بيننا وبينه جلّ وعلا عملاً ذا قيمة وعبادةً خالصةً لله سبحانه والتي تعدّ وسيلة قوية تقربنا إلى الله عزّوجلّ، وقد يكون ما نتوسّل به إنساناً وجيهاً عند الباري وذا مقام جليل وله منزلة عند الحقّ تعالى.

____________________

(١) لسان العرب: ج ١١، ص ٧٢٤.

(٢) المائدة: ٣٥.

١٠٩

أقسام التوسّل

يمكن تقسيم التوسّل إلى ثلاثة أقسام هي:

١- التوسّل إلى الله بالأعمال الصالحة، فروى السيوطي في ذيل الآية الشريفة:( وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) الرواية التالية عن قتادة:

«تقرّبوا إلى الله بطاعته والعمل بما يرضيه»(١) .

٢- التوسّل إلى الله بدعاء عباده الصالحين، كما قال تعالى حكاية لقول إخوة النبي يوسفعليه‌السلام حيث قال:

( قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنّا كُنّا خاطِئِينَ * قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (٢) .

فالآية الكريمة صريحة وواضحة في أنّ أولاد النبي يعقوب توسّلوا بدعاء واستغفار أبيهم، واعتقدوا أنّه سبب للعفو عنهم وغفران ذنوبهم، مع أنّ نبيّ الله يعقوبعليه‌السلام لم يعترض عليهم في ذلك، بل إنّه وعدهم بالاستغفار، واستغفر لهم فعلاً.

٣- التوسّل بالشخصيّات الوجيهة عند الله والتي لها مقام سام ومنزلة رفيعة عند الله سبحانه وتعالى للحصول والوصول إلى القرب الإلهي. وهذا النوع من التوسّل كان موجوداً في صدر الإسلام، وعليه سيرة الصحابة وامضائهم.

وإليك فيما يلي أدلّة المسألة على ضوء الأحاديث وسيرة صحابة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأجلاّء المسلمين:

١- روى أحمد بن حنبل في مسنده عن عثمان بن حنيف:

____________________

(١) الدر المنثور، ج ٢، ص ٢٨٠.

(٢) يوسف: ٩٧ و ٩٨.

١١٠

«أن رجلاً ضرير البصر أتى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: ادع الله أن يعافيني. قال: إن شئت دعوت لك، وإن شئت أخّرت ذاك فهو خير. فقال: ادعه، فأمره أن يتوضأ، فيحسن وضوءه، فيصلّي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: اللّهمّ إني أسألك وأتوجّه اليك بنبيّك محمّد نبيّ الرحمة، يا محمّد إنّي توجّهتُ بك إلى ربّي في حاجتي هذه لتقضى(١) لي، اللّهم شفّعه فيَّ»(٢) .

وقد اتّفق المحدّثون على هذه الرواية حتى أنّ الحاكم النيسابوري قال في مستدركه على الصحيحين بعد نقل الحديث بسندين:

«هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرّجاه، وإنّما قدّمت حديث عون بن عمارة لأنّ من رسمنا أن نقدّم العالي من الأسانيد»(٣) .

وقال ابن ماجة بعد ذكر الحديث:

«قال أبو إسحاق: هذا حديث صحيح»(٤) .

كما أيّد الترمذي صحة الحديث بعد نقله(٥) .

وقال محمد نسيب الرفاعي في كتابه «التوصّل إلى حقيقة التوسّل»:

____________________

(١) في المصدر: «فتقضى» والصحيح ما أثبتناه طبقاً لما في سنن ابن ماجة.

(٢) مسند أحمد بن حنبل، ج ٤، ص ١٣٨. سنن ابن ماجة، ج ١، ص ٤٤١.

(٣) المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري، ج ١، ص ٥٢٦ و ٥٢٧ وفي ذيل أولهما تتمّة هي: «فدعا بهذا الدعاء، فقام وقد أبصر» وفي ذيل الثاني: «قال عثمان: فوالله ما تفرّقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل الرجل وكأنّه لم يكن به ضرّ قط».

(٤) سنن ابن ماجة، ج ١، ص ٤٤٢.

(٥) انظر: ج ٥، ص ٢٢٩.

١١١

«لا شكّ أنّ هذا الحديث صحيح ومشهور، وقد ثبت فيه بلا شكّ ولا ريب ارتداد بصر الأعمى بدعاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله له»(١) .

فيظهر من هذه الرواية بوضوح أنّ التوسّل بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لأجل نيل الحوائج جائز شرعاً، بل إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر الأعمى بالدعاء بهذه الكيفيّة، وبأن يجعل النبيّ شفيعاً بينه وبين الباري تعالى، وهذا هو معنى التوسّل بأولياء الله والمقربين لديه.

٢- روى البخاري في صحيحه عن أنس:

«أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال اللّهمّ إنّا كنّا نتوسّل إليك بنبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله فتسقينا، وإنّا نتوسّل إليك بعمّ نبيّنا فاسقنا. قال: فيُسقَون»(٢) .

٢- كان التوسّل بأولياء الله أمراً رائجاً ومتعارفاً إلى حدّ كبير بحيث أنّ المسلمين في صدر الإسلام ضمنوا أشعارهم التوسّل بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بل عرّفوه فيها بكونه الواسطة بين الخلق وبين الباري سبحانه.

فأنشد سواد بن قارب النبيَّ قصيدة جاء في بعض أبياتها:

وأشهد أنّ الله لا ربّ غيره وانّك مأمون على كلّ غائب

وأنّك أدنى المرسلين وسيلة إلى الله يابن الأكرمين الأطائب(٣)

فعندما سمعه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يستنكر عليه ما قاله ولم يتّهمه بالشرك.

كما أشار الشافعي إلى هذا الأمر في أبيات له هي:

____________________

(١) التوصّل إلى حقيقة التوسّل: ص ١٥٨ (طبع بيروت).

(٢) صحيح البخاري، ج ٢، ص ١٦.

(٣) المعجم الكبير للطبراني، ج ٧، ص ٩٤. المستدرك على الصحيحين، ج ٣، ص ٦١٠.

١١٢

آل النبيّ ذريعتي وهم إليه وسيلتي أرجو بهم اُعطى غداً بيدي اليمين صحيفتي(١)

والروايات الواردة في جواز التوسّل بأولياء الله كثيرة، لكن على ضوء ما ذكرناه منها يتضح جوازه، بل حسنه ومطلوبيّته في منظار السنّة الشريفة وسيرة الصحابة وكبار علماء المسلمين، فلا نجد حاجة لإطالة الكلام فيه أكثر.

وبهذا البيان اتّضح وهن قول من يدعي أنّ التوسّل بأولياء الله وأحبّائه شرك وبدعة.

____________________

(١) الصواعق المحرقة، ص ١٧٨. ينابيع المودة لذوي القربى للقندوزي، ج ٢، ص ٤٦٨.

١١٣

السؤال السادس والعشرون

هل إحياء ذكرى ولادة أولياء الله شركٌ وبدعة ؟

الجواب:

إحياء ذكرى أولياء الله المخلصين وعباده المقرّبين نظير إقامة حفلات البهجة والسرور بمناسبة ذكريات ولاداتهم، وإن كانت مسألة واضحة عند العلماء والحكماء، لكنّا نذكر فيما يلي أدلّة جوازها ; رفعاً للشبهة عن الأذهان.

١- إبراز المحبّة لهم

حثّ القرآن الكريم المسلمين على حبّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته الطاهرينعليهم‌السلام بقوله عزّ من قائل:

( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (١) .

ولا شكّ ولا ريب أنّ إحياء ذكريات أهل البيتعليهم‌السلام مظهر من مظاهر إبراز المحبّة لهم، وهذا الأمر مرضيّ ومقبول في النظرة القرآنيّة.

٢- تعظيم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

عدّ القرآن الكريم نصرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وتعظيمه ميزاناً ومعياراً للسعادة والفوز، وذلك في قوله تعالى:

( فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (٢) .

____________________

(١) الشورى: ٢٣.

(٢) الأعراف: ١٥٧.

١١٤

فيستفاد من الآية المذكورة بوضوح أنّ تعظيم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر مطلوب وحسن في النظرة الإسلاميّة، فإقامة الاحتفالات التي تحيي ذكر النبيّ في القلوب وتعظّمه مما يرضي الربّ تبارك وتعالى، فإن الآية ذكرت أربع صفات للفائزين هي:

أ- الإيمان به، في قوله:( فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ ).

ب - اتّباع النور الذي معه، في قوله:( وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ) .

ج - نصرته، في قوله:( وَ نَصَرُوهُ ) .

د - تعظيمه وتبجيله، في قوله:( وَ عَزَّرُوهُ ) .

وعليه فاحترام النبيّ وتعظيمه وتبجيله - مضافاً إلى الإيمان به ونصرته واتّباعه - أمر ضروري، والاحتفال بذكرى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله امتثال لقوله تعالى:( وَ عَزَّرُوهُ ) .

٣- إحياء ذكرى النبيّ اتّباع وتأسٍّ بالله تعالى

قال تعالى في محكم كتابه الكريم معظِّماً للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله :

( وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ) (١) .

فعلى ضوء هذه الآية يريد سبحانه وتعالى أن يرفع ويُعظّم ذكر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في أرجاء العالم، بل إنّ الله سبحانه يعظّم نبيّه خلال آيات عديدة من القرآن الكريم.

فنحن تبعاً للكتاب العزيز نعظّم نبيّنا ونبجّله من خلال الاحتفالات والمناسبات المختلفة، والتي نبيّن فيها فضله، ومقامه السامي، وبهذا نتأسّى ونتّبع ما جاء عن ربّنا تبارك وتعالى.

____________________

(١) الشرح: ٤.

١١٥

ومن الواضح أنّ هدف المسلمين من إحياء ذكرى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الاحتفالات والمناسبات المختلفة ليس إلاّ رفع ذكره وإعلاء شأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤- نزول الوحي ليس بأقلّ من نزول المائدة من السماء

قال تعالى في محكم كتابه حكاية عن لسان نبيّه عيسىعليه‌السلام :

( قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيدًا لاَِوَّلِنا وَ آخِرِنا وَ آيَةً مِنْكَ وَ ارْزُقْنا وَ أَنْتَ خَيْرُ الرّازِقِينَ ) (١) .

فطلب عيسىعليه‌السلام من الله سبحانه أن ينزل عليهم مائدة من السماء، وأمر عيسى قومه أن يتخذوا يوم نزولها يوم عيد.

والآن نطرح السؤال التالي: إذا كان نبيّ مكرّم يتّخذ يوم نزول المائدة - والتي فيها لذّة النفس - يوم عيد، فإذا اتّخذ المسلمون يوم ولادة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله - وهو منجي البشريّة أجمع وسبب حياتهم الحقيقيّة - أو يوم مبعثه يوم عيد، فهل هو شرك وبدعة ؟ !

٥- سيرة المسلمين

يقيم المسلمون منذ قديم الأيام احتفالات بمناسبة ولادة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لأجل إحياء ذكراه وتعظيمه.

يقول حسين بن محمد الديار بكري في كتابه «تاريخ الخميس»:

«لا يزال أهل الإسلام يحتفلون بشهر مولده، ويعملون الولائم، ويتصدّقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور

____________________

(١) المائدة: ١١٤.

١١٦

ويزيدون في المبرّات، ويعتنون بقراءة مولده الشريف، ويظهر عليهم من كراماته كلّ فضل عظيم»(١) .

وبهذا البيان اتّضح جواز وحسن إقامة الاحتفالات لإحياء ذكرى أولياء الله من خلال القرآن الكريم وسيرة المسلمين من القديم. وبه يتّضح وهن من يزعم أنّ الاحتفال بذكرى أولياء الله بدعة ; فإنّ البدعة ما حكم بجوازه مطلقاً أو في ظرف معين مع عدم وجود دليل على جوازه من الكتاب والسنّة، مع أنّ حكم المسألة مستفاد من الكتاب ومن سيرة المسلمين المستمرّة من القديم إلى يومنا هذا.

مع أنّ إقامة هذه الاحتفالات والشعائر إنّما هو لإبراز الاحترام لأولياء الله، مع الاعتقاد بأنهم عبيد محتاجون لله.

وعلى هذا فما يفعله الشيعة من الاحتفالات وإحياء ذكرى أولياء الله لا ينافي التوحيد بل هو منسجم معه تماماً.

وبه يتّضح بطلان ووهن زعم من يزعم أنّ الاحتفال بذكرى أولياء الله بدعة وشرك.

____________________

(١) تاريخ الخميس، ج ١ ص ٢٢٣ (طبع بيروت).

١١٧

السؤال السابع والعشرون

لماذا يصلّي الشيعة الصلوات الخمس في ثلاثة أوقات ؟

الجواب:

قبل الدخول في البحث لا بأس بذكر آراء الفقهاء في المسألة، فنقول:

١- اتفق الفقهاء من جميع الفرق الإسلاميّة على جواز أداء صلاتي الظهر والعصر في وقت واحد ومن دون فاصل في عرفات، كما اتفقوا على جواز الجمع بين العشاءين في المزدلفة والاتيان بهما في وقت العشاء.

٢- يقول أتباع المذهب الحنفي أنّ الجمع بين الظهرين والعشاءين مخصوص بالموردين المذكورين ولا يجوز في غيرهما.

٣- يقول أتباع المذهب المالكي والشافعي بجواز الجمع بين الظهرين والعشاءين في السفر فضلاً عن الموردين المذكورين. كما يقول بعضهم بجواز الجمع في حالات الاضطرار ; كالمرض والخوف من العدوّ ونزول المطر.(١)

٤- يقول الشيعة أنّ لكل من الصلوات المذكورة وقتاً خاصاً ووقتاً مشتركاً:

أ - يبدأ الوقت المختصّ بالظهر من الزوال إلى مضي زمان يكفي لأداء صلاة الظهر، ففي هذا الوقت لا يجوز الاتيان إلاّ بصلاة الظهر.

ب - يبدأ الوقت المختصّ بصلاة العصر قبل آخر الوقت بمقدار يكفي لأداء صلاة العصر، ففي هذا الوقت لا يجوز الاتيان إلاّ بصلاة العصر.

____________________

(١) اقتباس من كتاب «الفقه على المذاهب الأربعة»، كتاب الصلاة، الجمع بين الصلاتين تقديماً وتأخيراً.

١١٨

ج - الوقت المشترك بين صلاتي الظهر والعصر هو الزمان الواقع بين الوقت المختصّ بصلاة الظهر والوقت المختصّ بصلاة العصر.

فالذي تقول به الشيعة هو جواز الاتيان بصلاتي الظهر والعصر في الوقت المشترك من دون فاصل بينهما، ويقول أهل السنّة أنّ الوقت المختصّ بالظهر هو من حين الزوال إلى أن يصير ظلّ كلّ شيء بحجمه ومقداره، فلا يجوز الاتيان بصلاة العصر فيه. وما بعده إلى الغروب هو الزمان المختصّ بصلاة العصر، ولا يجوز الاتيان بصلاة الظهر فيه.

د - يبدأ الوقت المختصّ بصلاة المغرب من حين الغروب الشرعي إلى مضي زمان يكفي لأداء ثلاث ركعات، فلا يجوز في هذا الوقت الاتيان إلاّ بصلاة المغرب.

ه- - يبدأ الوقت المختصّ بصلاة العشاء قبل منتصف الليل (آخر وقت العشاء) بمقدار يكفي لأداء الصلاة، ففي هذا الوقت لا يجوز الاتيان إلاّ بصلاة العشاء.

و- الوقت المشترك بين صلاتي المغرب والعشاء هو الزمان الواقع بين الوقتين المختصّين بهما.

والذي تقول به الشيعة هو جواز الاتيان بصلاتي المغرب والعشاء في الوقت المشترك من دون فاصل بينهما، ويقول أهل السنّة أنّ الوقت المختصّ بالمغرب هو من حين الغروب إلى أن يزول الشفق الأحمر من جهة المغرب، فلا يجوز الاتيان بصلاة العشاء فيه. وما بعده إلى منتصف الليل زمان مختصّ بصلاة العشاء، ولا يجوز الاتيان بصلاة المغرب فيه.

١١٩

زبدة المخاض: بناء على ما يتبنّاه الشيعة يمكن الاتيان بصلاة الظهر عند حصول الزوال الشرعي (وقت صلاة الظهر)، ويمكن الاتيان بعدها مباشرة بصلاة العصر. كما يمكن الاتيان بصلاة الظهر قبل دخول الوقت المختصّ بصلاة العصر بشرط أن يكون قبلها بزمان كاف لأداء الظهر، ثمّ الاتيان بعدها مباشرة بصلاة العصر، وبهذا الشكل يتم الجمع بين صلاتي الظهر والعصر.

نعم من المستحبّ الاتيان بصلاة الظهر عند أول الزوال، والاتيان بصلاة العصر بعد مضيّ فترة من الزوال بحيث يصير ظلّ كلّ شيء بحجمه.

وكذا الكلام في صلاتي المغرب والعشاء ; حيث يمكن الاتيان بصلاة المغرب عند الغروب الشرعي للشمس (وقت صلاة المغرب)، ويمكن الاتيان بعدها مباشرة بصلاة العشاء. كما يمكن الاتيان بصلاة المغرب قبل دخول الوقت المختصّ بصلاة العشاء بشرط أن يكون قبلها بزمان يكفي لأداء المغرب، ثمّ الاتيان بعدها مباشرة بصلاة العشاء، وبهذا الشكل يتم الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء. وإن كان المستحبّ هو الاتيان بصلاة المغرب في أول وقتها (عند الغروب الشرعي)، والاتيان بصلاة العشاء عند ذهاب وزوال الحمرة من جهة المغرب.

وأما أهل السنّة فيقولون: لا يجوز الجمع بين الظهرين والعشاءين - بالنحو الذي ذكرناه - في جميع الأماكن والأوقات.

وعلى هذا فنقطة الخلاف ومحلّ البحث هو الجمع بين الصلاتين مطلقاً (في جميع الأحوال والأوقات والأماكن) بحيث تؤدّى كلا الصلاتين في وقت إحداهما، نظير الجمع بينهما في عرفات والمزدلفة.

٥- اتّفق جميع المسلمين على أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جمع بين صلاتيه، ولكن وقع الخلاف في تفسير الرواية على قولين:

١٢٠