الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب الجزء ١

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب4%

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 418

الجزء ١ المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١
المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 100515 / تحميل: 7052
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

١٩ - نور الدين ابن الصباغ المالكيّ المكّي المتوفّى ٨٥٥ «المترجم ص ١٣١» ذكر في «الفصول المهمّة» ص ٢٧ ما رواه الواحدي في أسباب النزول من حديث أبي سعيد.

٢٠ - نظام الدين القمي النيسابوريٌّ قال في تفسيره الساير الداير ج ٦ ص ١٧٠ عن أبي سعيد الخدري: أنّها نزلت في فضل عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه. فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهمَّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه. فلقيه عمر وقال: هنيئاً لك يا بن أبي طالب؟ أصبحت مولاي ومولى كلِّ مؤمن ومؤمنة. وهو قول ابن عبّاس والبراء بن عازب ومحمد بن علي. ثمَّ ذكر أقوالاً اُخر في سبب نزولها.

٢١ - كمال الدين الميبذي المتوفّى بعد ٩٠٨ «المذكور ص ١٣٣» قال في شرح ديوان أمير المؤمنين عليه السلام ص ٤١٥: روى الثعلبي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما قال في غدير خمّ بعد ما نزل عليه قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) . ولا يخفى على أهل التوفيق أنَّ قوله تعالى:( النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ) يلائم حديث الغدير. والله أعلم.

٢٢ - جلال الدين السيوطيُّ الشافعيُّ المتوفّى ٩١١ «المترجم ص ١٣٣» قال في الدر المنثور ٢ ص ٢٩٨: أخرج أبو الشيخ عن الحسن أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنّ الله بعثني برسالة فضقت بها ذرعا وعرفت أنَّ الناس مكذِّبي فوعدني لأُبلغنَّ أو ليعذِّبني فأنزل:( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن مجاهد قال: لَمّا نزلت: بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك قال: يا ربّ؟ إنَّما أنا واحدٌ كيف أصنع يجتمع عليَّ الناس؟ فنزلت وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري: نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم:( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) - إنَّ عليّاً مولى المؤمنين -( وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) .

٢٣ - السيّد عبد الوهاب البُخاريٌّ المولود ٨٦٩ والمتوفّى ٩٣٢ (المترجم ١٣٤) في تفسيره عند قوله تعالى:( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) . قال: عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال في قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ

٢٢١

إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) . أي بلِّغ من فضايل عليٍّ. نزلت في غدير خمّ فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمّ قال: مَن كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه. فقال عمر رضي الله عنه: بخ بخ يا عليٌّ؟ أصبحت مولاي ومولى كلِّ مؤمن ومؤمنة: رواه أبو نعيم وذكره أيضاً الثعالبي في كتابه.

٢٤ - السيِّد جمال الدين الشيرازيٌّ المتوفّى ١٠٠٠ كما مرَّ ص ١٣٧، روى في أربعينه نزول الآية في غدير خمّ عن ابن عبّاس بلفظ مرّ في ص ٥٢.

٢٥ - محمد محبوب العالم (المذكور ص ١٤٠) حكى في تفسيره الشهير به (تفسير شاهي): ما مرَّ عن تفسير نظام الدين النيسابوري.

٢٦ - ميرزا محمد البدخشاني [ المذكور ص ١٤٣ ] قال في «مفتاح النجا»: الآيات النازلة في شأن أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب كرَّم الله وجهه كثيرةٌ جدّاً لا أستطيع استيعابها فأوردت في هذا الكتاب لبّها ولبابها - إلى أن قال -: وأخرج «ابن مردويه» عن زرّ عن عبد الله رضي الله عنه قال: كنّا نقرأ على عهد رسول الله. وذكر إلى آخر ما مرّ عن ابن مردويه ص ٢١٦ ثمَّ روى من طريقه عن أبي سعيد الخدري وفي آخره فنزلت:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) ، وروى ما أخرجه الحافظ الرسعني بلفظه المذكور ص ٢٢١.

٢٧ - القاضي الشوكاني المتوفّى ١٢٥٠ «المترجم ص ١٤٦» في تفسيره «فتح القدير» ج ٣ ص ٥٧ قال: أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت هذه الآية:( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) . على رسول الله يوم غدير خمّ في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) - إنَّ عليّاً مولى المؤمنين -( وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) .

٢٨ - السيِّد شهاب الدين الآلوسي الشافعيُّ البغداديُّ المتوفّى ١٢٧٠ (المترجم ص ١٤٧) قال في روح المعاني ٢ ص ٣٤٨: زعمت الشيعة(١) إنَّ المراد من الآية بما أنزل

_____________________

١ - ليس قوله: زعمت الشيعة: تخصيصاً للرواية بهم فقد اعترف بعد ذلك برواية أهل السنة لها وذكر شيئاً من ذلك، وإنما الذي حسبه مزعمة للشيعة فحسب هو إفادة الآية الكريمة خلافة أمير المؤمنين عليه السلام، وبما أنا أرجئنا القول في الدلالة إلى محله من مستقبل كتابنا الكشاف فإنا لا نجابهه بشيء من الحجاج وستقف على ما هو فصل الخطاب في المقام إنشاء الله تعالى.

٢٢٢

الله إليك خلافة عليٍّ كرّم الله وجهه، فقد رووا بأسانيدهم عن أبي جعفر وأبي عبد الله رضي الله عنهما: إنّ الله تعالى أُوحى إلى نبيِّه صلى الله عليه وسلم أن يستخلف عليّاً كرَّم الله تعالى وجهه فكان يخاف أن يشقَّ ذلك على جماعة من أصحابه فأنزل الله تعالى هذه الآية تشجيعاً له عليه السلام بما أمره بأدائه، وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: نزلت هذه الآية في عليٍّ كرّم الله وجهه حيث أمر سبحانه أن يخبر الناس بولايته فتخوّف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا: حابى ابن عمِّه وأن يطعنوا في ذلك عليه فأوحى الله تعالى إليه هذه الآية فقام بولايته يوم غدير خمّ وأخذ بيده فقال عليه الصلاة والسلام: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه.

وأخرج الجلال السيوطي في الدر المنثور عن ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر راوين عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خمّ في عليِّ بن أبي طالب كرَّم الله وجهه، وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: كنّا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) - إنَّ عليّاً وليُّ المؤمنين -( وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) .

٢٩ - الشيخ سليمان القندوزيُّ الحنفيُّ المتوفّى ١٢٩٣ [المترجم ص ١٤٧] قال في ينابيع المودّة ص ١٢٠: أخرج الثعلبي عن أبي صالح عن ابن عبّاس وعن محمد الباقر رضي الله عنهما قالا: نزلت هذه الآية في عليٍّ أيضاً الحمويني في فرايد السمطين أخرجه عن أبي هريرة، أيضاً المالكي أخرج في «الفصول المهمّة» عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت هذه الآية في عليٍّ في غدير خمّ. هكذا ذكره الشيخ محيي الدين النووي.

٣٠ - الشيخ محمد عبدة المصريُّ المتوفّى ١٣٢٣ [المترجم ص ١٤٨] قال في تفسير المنار ٦ ص ٤٦٣: روى ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري: أنَّها نزلت يوم غدير خمّ في عليّ بن أبي طالب.

* (القول الفصل) *

هذا ما وسعنا من الحيطة بأحاديث الباب وأقواله في نزول الآية الكريمة حول قصَّة الغدير، وذكر المتوسِّعون في النقل وجوهاً أُخر لنزولها، وأوَّل مَن عرفناه ممَّن ذكرها الطبري في تفسيره ٦ ص ١٩٨ ثمَّ تبعه مَن تأخَّر عنه وأنهاها الفخر الرازي

٢٢٣

إلى تسعة أوجه وعاشرها ما ذكرناه في هذا الكتاب.

أمّا ما ذكره الطبري فعن ابن عباس: يعني إن كتمتَ آيةً ممّا أُنزل عليك من ربّك لم تبلِّغ رسالتي. وهو غير مناف لنزولها في قصَّة الغدير، سواءٌ أخذنا لفظة آية في قوله نكرةً محضة، أو نكرةً مخصَّصة، فعلى الثاني يراد بها ما نحاول إثباته بمعونة ما ذكرناه من الأحاديث والنقول. وعلى الأوَّل فهو تأكيدٌ لإنجاز ما أُمر بتبليغه بلفظ مطلق ويكون حديث الغدير أحد المصاديق المؤكّدة.

وعن قتادة: أنه سيكفيه الناس ويعصمه منهم وأمره بالبلاغ. وهو أيضاً غير مضادٍّ لِما نقوله إذ ليس فيه غير أن الله سبحانه ضمن له العصمة والكفاية في تبليغ أُمر كان يحاذر فيه اختلاف أُمَّته ومناكرتهم له، ولا يمتنع أن يكون ذلك الأمر هو نصُّ الغدير، ويتعيّن ذلك بنصِّ هذه الأحاديث.

وعن سعيد بن جبير، وعبد الله بن شقيق، ومحمد بن كعب القرظي، وعايشة واللفظ لها: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُحرس حتى نزلت هذه الآية:( وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) . قالت: فأخرج النبيُّ رأسه من القبّة فقال: أيّها الناس؟ انصرفوا فإنّ الله قد عصمني. وليس فيه إلّا أنّه صلّى الله عليه وآله فرَّق الحرس عنه بعد نزول الوعد بالعصمة من غير أيّ تعرّض للأمر الذي كان يخشى لأجله بادرة الناس في هذه القصّة أو مطلقاً، وليس من الممتنع أن يكون ذلك مسألة يوم الغدير، ويُعيِّنه الروايات المذكورة في هذا الكتاب وغيره.

وذكر الطبري أيضاً في سبب نزول الآية عن القرظي: إنّه كان النبيُّ إذا نزل منزلاً اختار له أصحابه شجرةً ظليلة يُقيل تحتها فأتاه أعرابيٌّ فاخترط بسيفه ثمّ قال: مَن يمنعك منّي؟ قال: الله. فرعدت يد الأعرابي وسقط السيف منها. قال: وضرب برأسه الشجرة حتى انتثر دماغه فأنزل الله: والله يعصمك من الناس. ا هـ. وهو يناقض لِما تقدَّم من أنّه صلّى الله عليه وآله كان يحتف به الحرس إلى نزول الآية فمن المستبعد جدّاً وصول الأعرابيِّ إليه وهو نائمٌ، والسيف معلّق عنده، والحرس حول قبّة النبيِّ. على أنَّ لازم هذا: التفريق في نزول الآية فإنّه ينصّ على أنّ النازل بعد قصّة الأعرابيِّ هو قوله تعالى:( وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) . ولا مسانخة بين هذه القصّة وصدر الآية، ومن

٢٢٤

المستصعب البخوع لِما تفرَّد به القرظي في مثل هذا.

وليس من المستحيل أن يكون قصّة الأعرابيِّ من ولا يد الاتِّفاق حول نصِّ الغدير ونزول الآية فحسب السذَّج أنّها نزلت لأجلها، وفي الحقيقة لنزولها سببٌ عظيمٌ هو أمر الولاية الكبرى، ولم تك هاتيك الحادثة بمهمّة تنزل لأجلها الآيات، وكم سبقت لها ضرائب وأمثال لم يحتفل بها غير أنّ المقارنة بينها وبين نصِّ الولاية على تقدير صحّة الرواية أوقعت البسطاء في الوهم.

وروى الطبري عن ابن جريج: أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يهاب قريشاً فلمّا نزلت:( وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) . استلقى ثمّ قال: مَن شاء فليخذلني. مرَّتين أو ثلاثاً. وأيّ وازعٍ من أن يكون الأمر الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهاب قريشاً لأجله هو نصّ الخلافة؟ كما فصّلته الأحاديث الآنفة فليس هو بمضادّ لِما نقوله.

وروى الطبري بأربعة أسانيد عن عايشة: من زعم أنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية والله يقول:( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) وما كانت عايشة بقولها في صدد بيان سبب النزول، وإنما احتجِّت بالآية الكريمة على أنَّه صلّى الله عليه وآله قد أغرق نزعاً بالتبليغ، ولم يدع آية من الكتاب إلّا وبثَّها، وهذا ما لا يُشكّ فيه ونحن نقول به قبل هذه الآية وبعدها.

وأمّا ما حشده الرازي في تفسيره ج ٣ ص ٦٣٥ من الوجوه العشرة(١) وجعل نصَّ الغدير عاشرها، وقصَّة الأعرابيِّ المذكور في تفسير الطبري ثامنها، وهيبة قريش مع زيادة اليهود والنصارى تاسعها، وقد عرفت حقَّ القول فيهما، فهي مراسيل مقطوعة

_____________________

١ - ١- نزلت في قصة الرجم والقصاص على ما تقدّم في قصة اليهود. ٢- نزلت في عيب اليهود واستهزائهم بالدين ٣- لما نزلت آية التخيير وهي قوله( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ ) الآية فلم يعرفها عليهنّ خوفاً من اختيارهن الدنيا ٤- نزلت في أمر زيد وزينب ٥- نزلت في الجهاد فإنه كان يمسك أحيانا عن حث المنافقين على الجهاد ٦- لما سكت النبي عن عيب آلهة الثنويين فنزلت ٧- لما قال في حجّة الوداع بعد بيان الشرايع والمناسك: هل بلغت؟ قالوا: نعم قال: اللهم فاشهد فنزلت الآية ٨- نزلت في أعرابي أراد قتله وهو نائم تحت شجرة ٩- كان يهاب قريش واليهود والنصارى فأزال الله عن قلبه تلك الهيبة بالآية ١٠- نزلت في قصة الغدير هذه ملخص الوجوه التي ذكرها.

٢٢٥

عن الإسناد غير معلومة القائل، ولذا عزي جميعها في تفسير نظام الدين النيسابوري إلى القيل، وجعل ما رُوي في نصِّ الولاية أوّل الوجوه، وأسنده إلى ابن عبّاس والبراء ابن عازب وأبي سعيد الخدري ومحمد بن عليٍّ عليهما السلام.

والطبريُّ الذي هو أقدم وأعرف بهذه الشئون أهملها رأساً، وهو وإن لم يذكر حديث الولاية أيضاً لكنه أفرد له كتاباً أخرجه فيه بنيف وسبعين طريقاً كما سبق ذكره وذكر مَن عزاه إليه في هذا الكتاب، وروى هناك نزول الآية عندئذ بإسناده عن زيد بن أرقم، والرازي نفسه لم يعتبر منها إلّا ما زاد على رواية الطبري في تاسع الوجوه من التهيّب من اليهود والنصارى وستقف على حقيقة الحال فيه.

فهي غير صالحة للاعتماد عليها، ولا ناهضة لمجابهة الأحاديث المعتبرة السابق ذكرها التي رواها مَن قدَّمنا ذكرهم من أعاظم العلماء كالطبري، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر، وأبي نعيم، وأبي إسحاق الثعلبي، والواحدي، والسجستاني والحسكاني، والنطنزي، والرسعني وغيرهم بأسانيد جمَّة، فما ظنّك بحديث يعتبره هؤلاء الأئمَّة؟ على أنّ اللائحة على غير واحد من الوجوه لوائح الإفتعال السائد عليها عدم التلائم بين سياق الآية وسبب النزول، فلا يعدو جميعها أن يكون تفسيراً بالرأي، أو استحساناً من غير حجَّة، أو تكثيراً للغد أمام حديث الولاية، فتّاً في عضده، وتخذيلاً عن تصديقه، ويأبى الله إلّا أن يتمَّ نوره.

قال الرازي بعد عدِّ الوجوه: إعلم أنَّ هذه الروايات وإن كثرت إلّا أنَّ الأولى حمله على أنَّه تعالى آمنه من مكر اليهود والنصارى وأمره بإظهار التبليغ من غير مبالاة منه بهم، وذلك: لأنّ ما قبل هذه الآية بكثير وما بعدها بكثير لَمّا كان كلاماً مع اليهود والنصارى امتنع إلقاء هذه الآية الواحدة في البين على وجه تكون أجنبيَّة عمّا قبلها وما بعدها. ا هـ.

وأنت ترى أنَّ ترجيحه لهذا الوجه مجرَّد استنباط منه بملائمة سياق الآيات من غير استناد إلى أيَّة رواية، ونحن إذا علمنا أنَّ ترتيب الآيات في الذكر غير ترتيبها في النزول نوعاً فلا يهمّنا مراعاة السياق تجاه النقل الصحيح، وتزيد إخباتاً إلى ذلك بملاحظة ترتيب نزول السور المخالف لترتيبها في القرآن، والآيات المكيَّة في السور المدنيَّة

٢٢٦

وبالعكس، قال السيوطي في الاتقان ج ١ ص ٢٤: فصلٌ: الإجماع والنصوص المترادفة على أنّ ترتيب الآيات توقيفيٌّ لا شبهة في ذلك، أمّا الإجماع فنقله غير واحد منهم الزركشي في البرهان، وأبو جعفر بن الزبير في مناسباته، وعبارته: ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه صلى الله عليه وسلم وأمره من غير خلاف في هذا بين المسلمين. ثمّ ذكر نصوصاً على أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُلقِّن أصحابه ويُعلمهم ما نزل عليه من القرآن على الترتيب الذي هو الآن في مصاحفنا بتوقيف جبرئيل إيّاه على ذلك، وإعلامه عند نزول كلِّ آية: إنَّ هذه الآية تكتب عقب آية كذا في سورة كذا. ا هـ.

على أنَّ طبع الحال يستدعي أن يكون تهيّبه صلّى الله عليه وآله من اليهود والنصارى في أوليات البعثة، وعلى فرض التنازل بعد الهجرة بيسير لا في أُخريات أيّامه التي كان يهدِّد فيها دُول العالم، وتهابه الأُمم، وقد فتح خيبر واستأصل شافة بني قريضة والنضير، وعنت له الوجوه، وخضعت له الرقاب طوعاً وكرهاً، وفيها كانت حجَّة الوداع التي نزلت فيها الآية كما عرفت ذلك من الأحاديث السابقة، ويعلمنا القرطبي في تفسيره ٦ ص ٣٠ بالاجماع على أنَّ سورة المائدة مدنيَّةٌ. ثمّ نقل عن النقّاش نزولها في عام الحديبيَّة «سنة ٦» فأتبعه بالنقل عن ابن العربي: بأنّ هذا حديثٌ موضوعٌ لا يحلُّ لمسلم اعتقاده. إلى أن قال: ومن هذه السورة ما نزل في حجَّة الوداع ومنها ما نزل عام الفتح وهو قوله تعالى:( وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ ) . الآية. وكلُّ ما نزل بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فهو مدنيٌّ، سواءٌ نزل بالمدينة أو في سفر من الأسفار، إنّما يرسم بالمكّي ما نزل قبل الهجرة.

وقال الخازن في تفسيره ١ ص ٤٤٨: سورة المائدة نزلت بالمدينة إلّا قوله تعالى:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) . فإنَّها نزلت بعرفة في حجَّة الوداع. وأخرجا «القرطبي والخازن» عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قوله في حجَّة الوداع: إنّ سورة المائدة من آخر القرآن نزولاً.

وقال السيوطي في الإتقان ١ ص ٢٠ عن محمد بن كعب من طريق أبي عبيد: أنَّ سورة المائدة نزلت في حجَّة الوداع فيما بين مكّة والمدينة. وفي ج ١ ص ١١ عن فضايل القرآن لابن الضريس عن محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن عمرو بن هارون عن

٢٢٧

عثمان بن عطا الخراساني عن أبيه عن ابن عباس: إنَّ أوَّل ما أُنزل من القرآن: إقرأ باسم ربِّك ثمَّ ن ثمَّ يا أيّها المزمِّل - إلى أن عدَّ - الفتح ثمَّ المائدة ثمَّ البرائة فجعل البرائة آخر سورة نزلت المائدة قبلها. وروى ابن كثير في تفسيره ٢ ص ٢ عن عبد الله بن عمر: إنّ آخر سورة أُنزلت: سورة المائدة والفتح (يعني سورة النصر) ونقل من طريق أحمد والحاكم والنسائي عن عايشة: إنَّ المائدة آخر سورة نزلت.

وبهذه كلّها تعرف قيمة ما رواه القرطبي في تفسيره ٦ ص ٢٤٤، وذكره السيوطي في لباب النقول ص ١١٧ من طريق ابن مردويه الطبراني عن ابن عبّاس من أنَّ أبا طالب كان يرسل كلَّ يوم رجالاً من بني هاشم يحرسون النبيِّ حتى نزلت هذه الآية:( وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) . فأراد أن يُرسل معه مَن يحرسه فقال: يا عمّ؟ إن الله عصمني من الجنِّ والإنس. فإنّه يستدعي أن تكون الآية مكّيَّة وهو أضعف من أن يقاوم الأحاديث المتقدِّمة والإجماع الآنف ونصوص المفسّرين.

* (ذيلٌ في المقام) *

قال القرطبي في تفسيره ٦ ص ٢٤٢ في قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) : هذا تأديبٌ لِلنبيِّ صلى الله عليه وسلم وتأديبٌ لحملة العلم من أُمَّته ألّا يكتموا شيئاً من أمر شريعته وقد علم الله تعالى من أمر نبيِّه أنَّه لا يكتم شيئاً من وحيه، وفي صحيح مسلم عن مسروق عن عايشة أنَّها قالت: من حدَّثك أن محمداً صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً من الوحي فقد كذب، والله تعالى يقول:( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ ) . الآية. وقبَّح الله الروافض حيث قالوا: إنَّه عليه السلام كتم شيئاً ممّا أُوحى الله إليه كان بالناس حاجة إليه. ا هـ. وزاد القسطلاني في فتح الباري ٧ ص ١٠١ ضغثاً على ابّالة فقال: قالت الشيعة: إنَّه قد كتم أشياء على سبيل التقيّة.

وليتهما أوعزا إلى مصدر هذه الفرية على الشيعة من عالم ذكرها؛ أو مؤلَّف تضمَّنها، أو فرقة تنتحلها، نعم: لم يجدا شيئاً من ذلك بل حسبا أنَّهما مصدَّقان في كلِّ ما ينبزان به أُمّةً من الأُمم على أيِّ حال، أو إنَّه لِيس لِلشيعة تآليف محتوية على معتقداتهم هي مقائيس في كلِّ ما يُعزى إليهم، أو إنَّ جيلهم المستقبل لا يُنتج رجالاً يناقشون المفترين الحساب، فمن هنا وهنا راقهما تشويه سمعة الشيعة كما راق غيرهم: فتحرّوا الوقيعة

٢٢٨

فيهم بالمفتريات ليثيروا عليهم عواطف، ويخذِّلوا عنهم أُمماً فحدَّثوا عنهم كما يحدَّثون عن الأُمم البائدة الذين لا مُدافع عنهم، والشيعة لم تجرأ قطُّ على قدس صاحب الرسالة بإسناد كتمان ما يجب عليه تبليغه إليه صلّى الله عليه وآله إلّا أن يكون للتبليغ ظرفٌ معيَّن فما كان يسبق الوحي الآلهي بتقديم المظاهرة به قبل ميعاده.

أللهمَّ؟ إن كانا الرجلان يمعنان النظر في أقاويل أصحابهم المقولة في الآية الكريمة من الوجوه العشرة التي ذكرها الرازيُّ لَوقفا على قائل ما قذفا الشيعة به فإنَّ منهم من يقول: إنَّ الآية نزلت في الجهاد فإنَّه صلّى الله عليه وآله كان يُمسك أحياناً من حثِّ المنافقين على الجهاد. وآخر منهم يقول: إنّها نزلت لما سكت النبيُّ عن عيب آلهة الثنويّين. وثالث يقول: كتم آية التخيير عن أزواجه كما مرّ ص ٢٢٥ فنزول الآية على هذه الوجوه يُنبأ عن قعود النبيِّ عمّا أُرسل إليه. حاشا نبيُّ العظمة والقداسة.

( وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ

وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ )

«سورة الحاقّة»

٢٢٩

إكمال الدين بالولاية

ومن الآيات النازلة يوم الغدير في أمير المؤمنين عليه السلام قوله تعالى:

( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )

أصفقت الإماميَّة عن بكرة أبيهم على نزول هذه الآية الكريمة حول نصِّ الغدير بعد إصحار النبيِّ صلّى الله عليه وآله بولاية مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بألفاظ درّيَّه صريحة، فتضمَّن نصّاً جلياً عرفته الصحابة وفهمته العرب فاحتجَّ به مَن بلغه الخبر، وصافق الإماميَّة على ذلك كثيرون من علماء التفسير وأئمَّة الحديث وحفظة الآثار من أهل السنَّة؛ وهو الذي يُساعده الإعتبار ويؤكِّده النقل الثابت في تفسير الرازي ٣ ص ٥٢٩ عن أصحاب الآثار: إنَّه لَمّا نزلت هذه الآية على النبيِّ صلى الله عليه وسلم لم يعمر بعد نزولها إلّا أحداً وثمانين يوماً. أو: إثنين وثمانين، وعيَّنه أبو السعود في تفسيره بهامش تفسير الرازي ٣ ص ٥٢٣، وذكر المؤرِّخون منهم(١) : أنّ وفاته صلّى الله عليه وآله في الثاني عشر من ربيع الأوَّل، وكأنَّ فيه تسامحاً بزيادة يوم واحد على الإثنين وثمانين يوماً بعد إخراج يومي الغدير والوفات، وعلى أيٍّ فهو أقرب إلى الحقيقة من كون نزولها يوم عرفة كما جاء في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما لزيادة الأيّام حينئذ، على أنَّ ذلك معتضدٌ بنصوص كثيرة لا محيص عن الخضوع لمفادها، فإلى الملتقى:

١ - الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفّى ٣١٠، روى في كتاب الولاية بإسناده عن زيد بن أرقم نزول الآية الكريمة يوم غدير خمّ في أمير المؤمنين عليه السلام في الحديث الذي مرّ ص ٢١٥.

_____________________

١ - راجع تأريخ الكامل ٢ ص ١٣٤، وإمتاع المقريزي ص ٥٤٨، وتاريخ ابن كثير ٦ ص ٣٣٢ وعدّه مشهورا، والسيرة الحلبية ٣ ص ٣٨٢.

٢٣٠

٢ - الحافظ ابن مردويه الاصفهاني المتوفّى ٤١٠، روى من طريق أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري: إنَّها نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خمّ حين قال لعلي: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، ثمّ رواه عن أبي هريرة وفيه: إنَّه اليوم الثامن عشر من ذي الحجَّة، يعني مرجعه عليه السلام من حجَّة الوداع. تفسير ابن كثير ج ٢ ص ١٤.

وقال السيوطي في الدرِّ المنثور ٢ ص ٢٥٩: أخرج ابن مردويه وابن عساكر بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري قال: لَمّا نصب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّاً يوم غدير خمّ فنادى له بالولاية هبط جبرئيل عليه بهذه الآية:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) . وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر بسند ضعيف(١) عن أبي هريرة قال: لَمّا كان غدير خمّ وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجَّة قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه فأنزل الله:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) . وروى عنه في الإتقان ج ١ ص ٣١ «ط سنة ١٣٦٠» بطريقيه.

وذكر البدخشي في «مفتاح النجا» عن عبد الرزاق الرسعني عن ابن عبّاس ما مرَّ ص ٢٢٠ ثمَّ قال: وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مثله، ووفي آخره فنزلت:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) . الآية. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الربِّ برسالتي والولاية لعليِّ بن أبي طالب. ونقله بهذا اللفظ عن تفسيره الأربلي في «كشف الغمَّة» ص ٩٥.

وقال القطيفي في الفرقة الناجية: روى أبو بكر ابن مردويه الحافظ بإسناده إلى أبي سعيد الخدري: إنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وآله يوم دعا الناس إلى غدير خمّ أمر بما كان تحت الشجرة من شوك فقمَّ وذلك يوم الخميس ودعا الناس إلى عليٍّ فأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبط رسول الله، فلم يفترقا حتى نزلت هذه الآية:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) . الآية. فقال. إلى آخر ما يأتي عن أبي نعيم الإصبهاني حرفياً.

٣ - الحافظ أبو نعيم الإصبهاني المتوفّى ٤٣٠، روى في كتابه «ما نزل من القرآن

_____________________

١ - ستعرف صحته في صوم الغدير وإن تضعيفه تحكم والحديث واضح ورجال إسناده كلهم ثقات.

٢٣١

في عليٍّ» قال: حدّثنا محمد بن أحمد بن علي بن مخلّد (المحتسب المتوفّى ٣٥٧) قال: حدَّثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدَّثني يحيى الحِمّاني قال: حدَّثني قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دعا الناس إلى عليٍّ في غدير خمّ أمر بما تحت الشجرة من الشوك فقمَّ وذلك يوم الخميس فدعا عليّاً فأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطي رسول الله، ثمّ لم يتفرَّقوا حتى نزلت هذه الآية:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) الآية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الربِّ برسالتي، وبالولاية لعليٍّ عليه السلام من بعدي. ثمّ قال: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله. فقال حسّان: إئذن لي يا رسول الله؟ أن أقول في عليٍّ أبياتاً تسمعهنَّ. فقال: قل على بركة الله. فقام حسّان فقال: يا معشر مشيخة قريش؟ أتبعها قولي بشهادة من رسول الله في الولاية ماضية. ثمّ قال:

يناديهمُ يوم الغدير نبيّهم

بخمّ فاسمع بالرسول مناديا

يقول: فمن مولاكمُ ووليّكم؟

فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

:إلهك مولانا وأنت وليّنا

ولم تر منّا في الولاية عاصيا

فقال له: قم يا عليُّ؟ فإنَّني

رضيتك من بعدي إماماً وهاديا

فمن كنتُ مولاهُ فهذا وليّهُ

فكونوا له أنصار صدق مواليا

هناك دعا: أللهمَّ؟ وال وليَّه

وكن لِلّذي عادا عليّاً معاديا

وبهذا اللفظ رواه الشيخ التابعيُّ سليم بن قيس الهلالي في كتابه عن أبي سعيد الخدري قال: إنَّ رسول الله دعا الناس بغدير خمّ فأمر بما كان تحت الشجر من الشوك فقمِّ، وكان ذلك يوم الخميس، ثمّ دعا الناس إليه وأخذ بضبع عليِّ بن أبي طالب فرفعها حتّى نظرت إلى بياض إبط رسول الله: الحديث بلفظه.

٤ - الحافظ أبو بكر الخطيب البغداديُّ المتوفّى ٤٦٣، روى في تاريخه ٨ ص ٢٩٠ عن عبد الله بن عليِّ بن محمد بن بشران عن الحافظ عليِّ بن عمر الدارقطني، عن حبشون الخلال، عن عليِّ بن سعيد الرملي عن ضمرة عن ابن شوذب عن مطر الورّاق عن ابن حوشب عن أبي هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

٢٣٢

وعن أحمد بن عبد الله النيري عن عليِّ بن سعيد عن ضمرة عن ابن شوذب عن مطر عن ابن حوشب عن أبي هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: من صام يوم ثمان عشر من ذي الحجَّة كتب له صيام ستين شهراً. وهو يوم غدير خمّ لَمّا أخذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بيد عليِّ بن أبي طالب فقال: ألست أولى بالمؤمنين؟ قالوا: بلى يا رسول الله؟ قال مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كلِّ مسلم. فأنزل الله:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) الآية.

٥ - الحافظ أبو سعيد السجستاني المتوفّى ٤٧٧، في كتاب الولاية بإسناده عن يحيى بن عبد الحميد الحِمّاني الكوفي عن قيس بن الربيع عن أبي هارون عن أبي سعيد الخدري: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمّا دعا الناس بغدير خمّ أمر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقمَّ وذلك يوم الخميس. إلى آخر اللفظ المذكور بطريق أبي نعيم الإصبهاني.

٦ - أبو الحسن ابن المغازليِّ الشافعيُّ المتوفّى ٤٨٣، روى في مناقبه عن أبي بكر أحمد بن محمد بن طاوان قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن الحسين بن السمّاك قال: حدَّثني أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، حدَّثني عليُّ بن سعيد بن قتيبة الرملي قال: حدَّثني ضمرة بن ربيعة القرشيّ عن ابن شوذب عن مطر الورّاق عن شهر بن حوشب بن أبي هريرة. إلى آخر اللفظ المذكور بطريق الخطيب البغدادي (العمدة ص ٥٢) وذكره جمع آخرون.

٧ - الحافظ أبو القاسم الحاكم الحسكاني (المترجم ص ١١٢) قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي، قال: أخبرنا أبو بكر الجرجاني. قال: حدَّثنا أبو أحمد البصري، قال: حدَّثنا أحمد بن عمّار بن خالد، قال: حدّثنا يحيى بن عبد الحميد الحِمّاني، قال: حدَّثنا قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري: أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله لَمّا نزلت هذه الآية:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) . قال: الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الربّ برسالتي، وولاية عليّ بن أبي طالب من بعدي. وقال: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهمَّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله.

٨ - الحافظ أبو القاسم بن عساكر الشافعيُّ الدمشقيُّ المتوفّى ٥٧١، روى الحديث

٢٣٣

المذكور بطريق ابن مردويه عن أبي سعيد وأبي هريرة كما في الدرّ المنثور ٢ ص ٢٥٩.

٩ - أخطب الخطباء الخوارزميُّ المتوفّى ٥٦٨، قال في المناقب ص ٨٠: أخبرنا سيِّد الحفّاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي فيما كتب إليَّ من همدان: أخبرني أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة، حدَّثني عبد الله بن إسحاق البغوي، حدَّثني الحسن بن عليل الغنوي، حدَّثني محمد بن عبد الرحمن الزراّع، حدَّثني قيس بن حفص، حدَّثني عليّ بن الحسن العبدي عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري إنّه قال: إنّ النبيَّ صلى الله عليه وآله يوم دعا الناس إلى غدير خمّ أمر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقمَّ وذلك يوم الخميس، ثمّ دعا الناس إلى عليٍّ فأخذ بضبعه فرفعها حتّى نظر الناس إلى إبطيه(١) حتى نزلت هذه الآية:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) الآية، إلى آخر الحديث بلفظٍ مرَّ بطريق أبي نعيم الإصفهاني.

وروى في المناقب ص ٩٤ بالإسناد عن الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي، عن الحافظ أبي عبد الله الحاكم، عن أبي يعلى الزبير بن عبد الله الثوري، عن أبي جعفر أحمد بن عبد الله البزّاز، عن عليِّ بن سعيد الرملي، عن ضمرة عن ابن شوذب عن مطر الورّاق. إلى آخر ما مرَّ عن الخطيب البغدادي سنداً ومتناً.

١٠ - أبو الفتح النطنزي، روى في كتابه «الخصايص العلويَّة» عن أبي سعيد الخدري بلفظ مرَّ ص ٤٣، وعن الخدري وجابر الأنصاري أنّهما قالا: لَمّا نزلت:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) . الآية. قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الربِّ برسالتي، وولاية عليِّ بن أبي طالب بعدي.

وفي الخصايص بإسناده عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام قالا: نزلت هذه الآية (يعني آية التبليغ) يوم الغدير. وفيه نزلت:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) . قال: وقال الصادق عليه السلام: أي: اليوم أكملت لكم دينكم بإقامة حافظه، وأتممت عليكم نعمتي أي: بولايتنا، ورضيت لكم الإسلام دينا أي: تسليم النفس لِأمرنا. وبإسناده في خصايصه أيضاً عن أبي هريرة حديث صوم الغدير بلفظ مرَّ بطريق الخطيب البغدادي و

_____________________

١ - في فرايد السمطين نقلاً عن الخوارزمي: ثمّ لم يتفرقا حتى نزلت، وفي لفظه الآخر عنه: ثم لم يتفرقوا حتى نزلت. مثل لفظ أبي نعيم.

٢٣٤

فيه نزول الآية في عليٍّ يوم الغدير.

١١ - أبو حامد سعد الدين الصالحاني، قال شهاب الدين أحمد في - توضيح الدلايل على ترجيح الفضايل -: وبالاسناد المذكور عن مجاهد رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ ) . بغدير خمّ فقال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلم: الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرَّبِّ برسالتي، والولاية لعليّ. رواه الصالحاني(١) .

١٢ - أبو المظفّر سبط ابن الجوزي الحنفي البغداديّ المتوفّى ٦٥٤، ذكر في تذكرته ص ١٨ ما أخرجه الخطيب البغدادي المذكور ص ٢٣٢ من طريق الحافظ الدارقطني.

١٣ - شيخ الإسلام الحمويني الحنفي المتوفّى ٧٢٢، روى في «فرايد السمطين» في الباب الثاني عشر قال: أنبأني الشيخ تاج الدين أبو طالب عليُّ بن الحبّ بن عثمان ابن عبد الله الخازن، قال: أنبأ الإمام برهان الدين ناصر بن أبي المكارم المطرزي إجازة قال: أنبأ الإمام أخطب خوارزم أبو المؤيَّد الموفَّق بن أحمد المكي الخوارزمي قال: أخبرني سيِّد الحفّاظ فيما كتب إليَّ من همدان. إلى آخر ما مرّ عن أخطب الخطباء الخوارزمي سنداً ومتناً.

وروى عن سيِّد الحفّاظ أبي منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن الحسن الحدّاد المعرّي الحافظ قال: نبأ أحمد بن عبد الله ابن أحمد قال: نبأ محمد بن أحمد قال: نبأ محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: نبأ يحيى الحِمّاني قال: نبأ قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الناس إلى عليٍّ. إلى آخر الحديث بلفظ مرَّ بطريق أبي نعيم ص ٢٣٢ ثمّ قال: حديثٌ له طرقٌ كثيرة إلى أبي سعيد سعد بن مالك الخدري الأنصاري.

_____________________

١ - قال شهاب الدين في توضيح دلايله: قال الإمام العالم الأديب الأريب، المحلى بسجايا المكارم الملقب بين الأجلة الأئمّة الأعلام بمحيي السنة وناصر الحديث ومجدد الاسلام العالم الرباني والعارف السبحاني سعد الدين أبو حامد محمود بن محمد بن حسين بن يحيى الصالحاني في عباراته الفائقة وإشاراته الرائقة من كتاب شكر الله تعالى مسعاه وأكرم بفضله مثواه. الخ.

٢٣٥

١٤ - عماد الدين ابن كثير القرشيّ الدمشقيّ الشافعيّ المتوفّى ٧٧٤، روى في تفسيره ٢ ص ١٤ من طريق ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة أنهما قالا: إنّ الآية نزلت يوم غدير خمَّ في عليٍّ. وروى في تاريخه ٥ ص ٢١٠ حديث أبي هريرة المذكور بطريق الخطيب البغدادي. وله هناك كلامٌ يأتي بيانه في صوم الغدير.

١٥ - جلال الدين السيوطي الشافعي المتوفّى ٩١١، رواه في «الدرّ المنثور» ٢ ص ٢٥٩ من طريق ابن مردويه والخطيب وابن عساكر بلفظ مرَّ في رواية ابن مردويه. وقال في الإتقان ١ ص ٣١ في عدِّ الآيات السفريَّة: منها( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) . في الصحيح عن عمر أنَّها نزلت عشيّة عرفة يوم الجمعة عام حجّة الوداع، له طرقٌ كثيرةٌ لكن أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري: أنّها نزلت يوم غدير خمّ، وأخرج مثله من حديث أبي هريرة وفيه: إنّه اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة مرجعه من حجّة الوداع. وكلاهما لا يصحّ. ا هـ.

* (قلنا) *: إن كان مراده من عدم الصحّة غميزة في الإسناد ففيه أنّ رواية أبي هريرة صحيحة الإسناد عند أساتذة الفنّ، منصوصٌ على رجالها بالتوثيق، وسنفصِّل ذلك عند ذكر صوم الغدير، وحديث أبي سعيد له طرقٌ كثيرةٌ كما مرَّ في كلام الحمويني في فرائده. على أنَّ الرواية لم تختصَّ بأبي سعيد وأبي هريرة فقد عرفت أنّها رواها جابر بن عبد الله، والمفسِّر التابعيّ مجاهد المكي، والإمامان الباقر والصادق صلوات الله عليهما، وأسند إليهم العلماء مخبتين إليها.

كما إنّها لم تختصّ روايتها من العلماء وحفّاظ الحديث بابن مردويه وقد سمعت عن السيوطي نفسه في درِّه المنثور رواية الخطيب وابن عساكر، وعرفت أن هناك جمعا آخرين أخرجوها بأسانيدهم وفيها مثل الحاكم النيسابوري، والحافظ البيهقي، والحافظ ابن أبي شيبة، والحافظ الدارقطني، والحافظ الديلمي، والحافظ الحدّاد وغيرهم. كلُّ ذلك من دون غمز فيها عن أيٍّ منهم.

وإن كان يريد عدم الصحّة من ناحية معارضتها لِما رُوي من نزول الآية يوم عرفة فهو مجازفٌ في الحكم الباتّ بالبطلان على أحد الجانبين، وهب أنه ترجّح في نظره الجانب الآخر لكنّه لا يستدعي الحكم القطعي ببطلان هذا الجانب كما هو الشأن

٢٣٦

عند تعارض الحديثين، لا سيّما مع إمكان الجمع بنزول الآية مرَّتين كما احتمله سبط ابن الجوزي في تذكرته ص ١٨ كغير واحدة من الآيات الكريمة النازلة غير مرَّة واحدة ومنها البسملة النازلة في مكّة مرَّة وفي المدينة أُخرى وغيرها مما يأتي.

على أنَّ حديث نزولها يوم الغدير معتضدٌ بما قدَّمناه عن الرازي وأبي السعود وغيرهما من أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وآله لم يعمر بعد نزولها إلّا أحداً أو إثنين وثمانين يوماً. فراجع ص ٢٣٠، والسيوطي في تحكُّمه هذا قلّد ابن كثير فإنّه قال في تفسيره ٢ ص ١٤ بعد ذكر الحديث بطريقيه: لا يصلح لا هذا ولا هذا. فالبادي أظلم.

١٦ - ميرزا محمد البدخشي، ذكر في «مفتاح النجا» ما أخرجه ابن مردويه كما مرَّ في ص ٢٣١.

وبعد هذا كلِّه فإن تعجب فعجبٌ قول الآلوسي في روح المعاني ٢ ص ٢٤٩: أخرج الشيعة عن أبي سعيد الخدري أنَّ هذه الآية نزلت بعد أن قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لعليٍّ كرَّم الله وجهه في غدير خمّ: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. فلمّا نزلت قال عليه الصّلاة والسلام: الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الربِّ برسالتي، وولاية عليٍّ كرَّم الله تعالى وجهه بعدي. ولا يخفى أنَّ هذا من مفترياتهم، وركاكة الخبر شاهدٌ على ذلك في مبتدأ الأمر. ا هـ.

ونحن لا نحتمل أنَّ الآلوسي لم يقف على طرق الحديث ورواته حتى حداه الجهل الشائن إلى عزو الرواية إلى الشيعة فحسب، لكن بواعثه دعته إلى التمويه والجلبة أمام تلك الحقيقة الراهنة، وهو لا يحسب أنّ ورائه مَن يناقشه الحساب بعد الاطلاع على كتب أهل السنَّة ورواياتهم.

ألا مسائلٌ هذا الرجل عن تخصيصه الرواية بالشيعة؟ وقد عرفت مَن رواها من أئمَّة الحديث وقادة التفسير وحملة التاريخ من غيرهم. ثمَّ عن حصره إسناد الحديث بأبي سعيد؟ وقد مضت رواية أبي هريرة وجابر بن عبد الله ومجاهد والإمامين الباقر والصادق عليهما السلام له. ثمَّ عن الركاكة التي حسبها في الحديث وجعلها شاهداً على كونه من مفتريات الشيعة أهي في لفظه؟ ولا يعدوه أن يكون لدة ساير الأحاديث المرويَّة وهو خال عن أيِّ تعقيد، أو ضعف في الأسلوب، أو تكلّف في البيان، أو تنافر

٢٣٧

في التركيب، جارٍ على مجازي العربيَّة المحضة. أو في معناه؟ وليس فيه منها شيءٌ غير أن يقول الآلوسي: إنّ ما يُروى في فضل أمير المؤمنين عليه السلام وما يُسند إليه من فضايل كلّها ركيكة لأنّها في فضله، وهذا هو النصب المسفُّ بصاحبه إلى هوَّة الهلكة وليت شعري ما ذنب الشيعة إن رووا صحيحاً وعضدتهم على ذلك روايات أهل السنَّة؟ غير أنَّ الناصب مع ذلك يتيه في غلوائه، ويجاثيك على العناد فيقول: أخرج الشيعة إلخ... ولا يخفى أنّ هذا من مفترياتهم... إلخ. وبوسعنا الآن أن نسرد لك الأحاديث الركيكة التي شحن بها كتابه الضخم حتى يميز الناقد المنصف الركيك من غيره لكنّا نمرُّ عليها كراما.

( كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ ﴿٥٤﴾

فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ ﴿٥٥﴾ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ )

«سورة المدَّثِّر»

٢٣٨

(العذاب الواقع)

ومن الآيات النازلة بعد نصّ الغدير قوله تعالى من سورة المعارج:

( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ﴿١﴾ لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ﴿٢﴾ مِّنَ اللَّـهِ ذِي الْمَعَارِجِ ﴿٣﴾ )

وقد أذعنت به الشيعة وجاء مثبتاً في كتب التفسير والحديث لـمَن لا يُستهان بهم من علماء أهل السنَّة ودونك نصوصها:

١ - الحافظ أبو عُبيد الهروي المتوفّى بمكّة ٢٢٣/٤ «المترجم ص ٨٦» روى في تفسيره غريب القرآن قال: لَمّا بلّغ رسول الله صلى الله عليه وسلم غدير خمّ ما بلّغ، وشاع ذلك في البلاد أتى جابر(١) بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري. فقال: يا محمد؟ أمرتنا من الله أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنَّك رسول الله وبالصلاة والصوم والحج والزكاة فقبلنا منك ثمّ لم ترض بذلك حتى رفعتَ بضبع ابن عمِّك ففضّلته علينا وقلت: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. فهذا شيءٌ منك أم من الله؟ فقال رسول الله: والّذي لا إله إلّا هو أنّ هذا من الله. فولّى جابر يريد راحلته وهو يقول: أللهمَّ؟ إن كان ما يقول محمد حقّاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره وقتله وأنزل الله تعالى:( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) . الآية.

٢ - أبو بكر النقّاش الموصليّ البغداديّ المتوفّى ٣٥١ (المترجم ص ١٠٤) روى في تفسيره «شفاء الصدور» حديث أبي عبيد المذكور إلّا أنّ فيه مكان جابر بن النضر:

_____________________

١ - في رواية الثعلبي الآتية التي أصفق العلماء على نقلها أسمته: الحارث بن النعمان الفهري ولا يبعد صحة ما في هذه الرواية من كونه (جابر بن النضر) حيث أن جابراً قتل أمير المؤمنين عليه السلام والده: النضر صبراً بأمر من رسول الله لما أسر يوم بدر الكبرى كما يأتي ص ٢٤١ وكانت الناس يومئذ حديثي عهد بالكفر، ومن جراء ذلك كانت البغضاء محتدمتا بينهم على الأوتار الجاهلية.

٢٣٩

الحارث بن النعمان الفهري كما يأتي في رواية الثعلبي وأحسبه تصحيحاً منه.

٣ - أبو إسحاق الثعلبي النيسابوري المتوفّى ٤٢٧ / ٣٧، قال في تفسيره (الكشف والبيان): إنّ سفيان بن عيينة سُئل عن قوله عزَّ وجلَّ:( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) فيمن نزلت؟ فقال للسائل(١) سألتني عن مسألة ما سألني أحدٌ قبلك. حدَّثني أبي عن جعفر ابن محمد عن آبائه صلوات الله عليهم قال: لَمّا كان رسول الله بغدير خمّ نادى الناس فاجتمعوا فأخذ بيد عليٍّ فقال: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. فشاع ذلك وطار في البلاد فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة له حتى أتى الأبطح(٢) فنزل عن ناقته فأناخها فقال: يا محمد؟ أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلّا الله وإنَّك رسول الله فقبلناه، وأمرتنا أن نصلّي خمساً فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلنا، وأمرتنا أن نصوم شهراً فقبلنا، وأمرتنا بالحجّ فقبلنا، ثمّ لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمِّك ففضَّلته علينا وقلت: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. فهذا شيءٌ منك أم من الله عزَّ وجلَّ؟ فقال: والذي لا إله إلّا هو أنَّ هذا من الله. فولّى الحرث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول: أللهمَّ؟ إن كان ما يقول محمد حقّاً فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فما وصل إليها حتى رماه الله تعالى بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره وقتله وأنزل الله عزَّ وجلَّ:( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) . الآيات.

٤ - الحاكم أبو القاسم الحسكاني «المترجم ص ١١٢» روى في كتاب - دعاة الهداة إلى أداء حقّ الموالاة - فقال: قرأت على أبي بكر محمد بن محمد الصيدلاني فأقرَّ به، حدَّثكم أبو محمد عبد الله بن أحمد بن جعفر الشيباني، حدَّثنا عبد الرحمن بن الحسين الأسدي، حدَّثنا إبراهيم بن الحسين الكسائي (ابن ديزيل)، حدَّثنا الفضل بن دكين، حدَّثنا سفيان بن سعيد (الثوري)، حدَّثنا منصور(٣) عن ربعي * عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ عليه السلام: مَن كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه. قال النعمان

_____________________

١ - في رواية فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره والكراجكي في كنز الفوائد: أن السائل هو: الحسين بن محمد الخارقي.

٢ - يأتي الكلام فيه بأبسط وجه إنشاء الله تعالى.

٣ - منصور بن المعتمر بن ربيعة الكوفي، يروى عن ربعي بن حراش، مجمع على ثقته توفي ١٣٢، ذكره الذهبي في تذكرته ١ ص ١٢٧ وأثنى عليه بالامام الحافظ الحجة. راجع ص ٢٤١ =

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418