الدين والدنيا مع هذا الصمت.
لقد كان خيراً لعلي أن يكون إماماً ناطقاً من أن يكون رسولاً صامتاً.
ثم ما هي صفة علي التي انفرد بها عند أبي الخطاب، ليكون موضعاً لغلو هذا فيه ؟ إذ لا بد من فرق كبير ومسافة بعيدة بين طرفي الغلو، وإلا فهل يقبل أن يغلو أحد فيمن هو دونه، أو في أحسن الحالات، مساوٍ له.
فإذا كان علي نبياً ن فان أبا الخطاب نبي أيضاً قد فرض الرسل طاعته.
وإذا كان علي إلهاً، فان أبا الخطاب إله أعظم منه، كما ينسب المؤلفون القول بذلك الى الخطابية.
فهل كان الخطابية غلاة في علي أم في أبي الخطاب ؟!
بل ان الخطابية لم يكتفوا بتأليه أبي الخطاب وحده، حتى جعلوا من كل واحد منهم إلهاً كما يذكر الأشعري
.
ولكن كم هو عدد هؤلاء الخطابية، وهل يبلغ هذا العدد ما يسمح بالنظر إليهم والحديث عنهم كفرقة، ثم أربع أو خمس فرق، توزعوا فيها بعد وفاة زعيمهم أبي الخطاب كما سيأتي ؟
ربما وجدنا الجواب على ذلك عند البغدادي الذي يقول عنهم ( ثم ان أبا الخطاب نصب خيمة في كناسة الكوفة ودعا فيها أتباعه الى عبادة جعفر )
.
فعددهم إذن لا يتجاوز في جميع الأحوال، ما تستطيع أن تستوعبه خيمة واحدة
وإن كنت أجهل كيف يدعو أبو الخطاب أتباعه، لعبادة جعفر لا لعبادته هو، مع أنه أعظم من جعفر وأعظم من علي كما يقول المؤلفون. وكان
____________________