• البداية
  • السابق
  • 168 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 45843 / تحميل: 7221
الحجم الحجم الحجم
تأريخ جديد للتأريخ  على هامش الفرق الإسلامية

تأريخ جديد للتأريخ على هامش الفرق الإسلامية

مؤلف:
العربية

تأريخ جديد للتأريخ

على هامش الفرق الإسلامية

أحمد فرج الله

١

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة

أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.

٢

٣

الإهداء

الى الذين لا يخيفهم أن يبحثوا عن حقائق جديدة

ولا يؤذيهم أن يجدوها

الى الأحرار فكرا وسلوكا

أهدي هذا الجهد المتواضع

٦/٦/١٩٩٧

٤

٥

المقدمة

حين كنت أهيئ لكتابي عن المعتزلة(١) اضطررت لمراجعة عدد كبير من الكتب المتصلة بالفرق والمذاهب، لمعرفة موقفها في هذه المسألة أوتلك من المسائل التي تناولها الكتاب، ومقارنتها مع موقف المعتزلة فيها.

ولقد أثار استغرابي ما وجدت من اضطراب كبير فيما ينقله المؤلفون عن مواقف تلك الفرق، وما ينسبونه لها، حتى انك لا تستطيع ان تكون صورة صادقة أو قريبة من الصدق عن الفرقة التي تريد دراستها استناداً الى ما أورده عنها اولئك المؤلفون، فهذه الصورة تفلت من بين يديك كلما انتقلت من مؤلف رآخر، وكأن الأمر يتعلق بأساطير تخضع لخيال المؤلف وهواه، لا بفرق وعقائد، اول ما يفترض فيها ان تكون ثابتة وواضحة ومعروفة، ثم هي فرق وعقائد إسلامية، أو على الاقل نبتت في بيئة اسلامية، فليس من اليسير ان تخرج عن هذه البيئة التي نبتت ونشأت فيها، مهما تعصب بعض المؤلفين ضدها ومهما كانت الاتهامات الموجهة اليها. وهي لو خرجت فلا يمكن ان تتجاوز في ذلك حداً معلوماً. وهي لو تجاوزت هذا الحد فلا يمكن ان تتجاوز الحد الادنى مما هو

____________________

(١) هو ( المعتزلة حقائق وأوهام ).

٦

معقول انسانياً، بصرف النظر عن الدين الذي ينتمي اليه والا لأصبحت واصبح اتباعها موضوع الهزء والسخرية، بل لما كان لها اتباع ابتداء.

واجهت كل هذا وانا أهيئ لكتابي عن المعتزلة، فهالني ذلك وشدد عزمي على ان أعود الى هذا الموضوع بعد الفراغ من الكتاب.

وها انا أفي بوعدي الذي قطعته على نفسي خدمة للحقيقة وانصافاً لأشخاص وفرق، ظلموا لأنهم لا يملكون الرد على من اتهمهم لأسباب كثيرة منها أنهم لم يوجدوا اصلاً.

وبدءً أود ان انبه الى ان كتابي هذا ليس كتاباً في الفرق لأستقصي فيه كلّ هذه الفرق وما يتصل بها وبعقائدها، فذلك ما لم أرده وما هو خارج حدود كتابي الذي لم اقصد فيه الى اكثر من تصحيح بعض ما اخطأ فيه الكتاب عمداً أو سهواً من عقائد فرق لم تجد حتى الان الا من يضيف الى الاخطاء السابقة فيه اخطاء جديدة اليها.

٧

الشيعة

وهم اولى الفرق الاسلامية التي يبحثها غالبية المؤلفين في الفرق والمذاهب(١) .

والشيعة اصطلاحاً هم الذين تشيعوا لعلي ووالوه وفضلوه على باقي الصحابة ورأوه احق بالخلافة من غيره.

وهذا هو ما يجمع عليه الشيعة بكل فرقهم وما لا يختلفون فيه. بل أظنه هو الذي يميزهم عن سواهم من الملسمين الذين لا يختلفون في فضل علي او الذين لا يختلفون في كونه افضل الصحابة. لكنهم لا يرون ما يراه الشيعة في موضوع الخلافة(٢) .

فتفضيل علي والقول بإنه احق الصحابة بالخلافة اذن هو الأصل الذي يجمع فرق الشيعة. واذا كان هناك من اختلاف بينها، ففيما لا يخرج عن هذا الاصل مما هو طبيعي ومعروف لدى جميع الفرق الاسلامية وغير الاسلامية..

لكنك غذا رجعت الى كتب الفرق والمذاهب. فإنك تجد المؤلفين قد ذهبوا فيما يسمونه فرق الشيعة، مذاهب لا يمكن ان تخطر لك او لغيرك على بال. فأول ما يواجهك منها هذا التباين الكبير في عدد الفرق التي يطلقون عليها اسم الشيعة.

____________________

١- الأشعري في مقالات الإسلاميين والبغدادي في الفرق بين الفرق والأسفراييني في التبصير في الدين وابن حزم في الفصل ونشوان الحميري في الحور العين وخالفهم في ذلك الشهرستاني في الملل والنحل والرازي في اعتقادات فرق المسلمين والمشركين والمقريزي في الخطط.

٢- كمعتزلة بغداد الذين يذهبون في عمومهم الى تفضيل علي على الصحابة كافة لكنهم لا يربطون بين أفضلية علي وبين أحقيته في الخلافة.

٨

كم هو، في ضوء ما قدمنا، عدد الفرق الشيعية، أي الفرق التي يعالجها مؤرخو المذاهب تحت هذا العنوان، فأنا، وللأسف الشديد، لم اصل الى تحديد العدد الذي يتباين، نزولاً وصعوداً من كاتب لآخر ومن كتاب لآخر. هذا ابو الحسن المللطي(١) ارجع اليه في كتابه ( التنبيه والرد ) فأجد العدد لا يتجاوز الإحدى والعشرين فرقة(٢) . واستطلع البغدادي في ( الفرق بين الفرق ) فأجد العدد قد تخطى الثلاثين(٣) وهو كذلك عند الأسفراييني في ( التبصير في الدين)(٤) .وارجع الى الرازي في ( اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ) فاجد العدد قد ارتفع الى الأربعين(٥) . واقرأ ( الحور العين ) لنشوان الحميري فأرى الفرق قد بلغت الإحدى والاربعين(٦) .واراجع ابن حزم فأراه قد أدرك الست والخمسين(٧) . وأقرأ مقالات الإسلاميين للأشعري فأجد عدد الفرق قد وصل أو تجاوز العدد عند ابن حزم(٨) . واعد الفرق عند الشهرستاني فأجدها تجاوزت السبعين، وما أظن الشهرستاني وهو مشغول بخلق فرق الشيعة، الا قد نسي الحديث السيئ الصيت عن الفرق الثلاث والسبعين التي يفترق اليها المسلمون، والفرقة الناجية منها. فهو لم يترك لهذه الفرقة مكاناً للنجاة بعد ما بلغت فرق الشيعة وحدها عنده - ودون جميع الفرق المسلمة الأخرى - الثلاث والسبعين او تجاوزها فاستأثرت،

____________________

١- أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الملطي العسقلاني من فقهاء الشافعية له تصانيف منها التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع الذي ننقل عنه كانت ولادته في ملطية ووفاته في عسقلان ٣٧٧ه-.

٢ - برغم أن الملطي يذكر في بداءة بحثه عن الرافضة أن فرقهم ثماني عشرة فرقة إلا أن الفرقة الثامنة عشرة عنده وهي الزيدية يفصلها الى أربع وبإضافة هذه الأربع فرق الى الصامنة عشرة السابقة يكون المجموع إحدى وعشرين فرقة لا ثماني عشرة كما ذكر ص٢٥، ٣٨ لكن الغريب أن الملطي يعود في ص١٤٨ فيقول انهم خمس عشرة فرقة وحين عددناهم وجدناهم هذه المرة قد نقصوا الى اثنتي عشرة فرقة وربما رأى الملطي أن العدد في المرة الأولى قد تجاوز الثلاث والسبعين ولم يبق مكان للفرقة الناجية في حديث الثلاث والسبعين فرقة فاضطر الى إنزال هذا العدد لينسجم مع الرقم الوارد في الحديث المذكور. هذا عن العدد فحسب أما الأخطاء التي يتضمنها كتابه فلنا وقفة طويلة أخرى فما أظن هذا الهامش يمكن أن يستوعب أخطاء صفحة واحدة من كتابه.

٣- أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي العالم الجليل صاحب المصنفات الكثيرة في مختلف الفنون ت في أسفرايين ٤٢٩ ه- من مصنفاته كتاب ( الفرق بين الفرق ) الذي ننقل عنه تصحيح وتحقيق الشيخ محمد زاهد الكوثري.

٤- أبو المظفر شاهفور بن طاهر بن محمد الأسفراييني الشافعي من كبار العلماء في الاصول والفقه والتفسير ت في طوس ٤٧١ه- من مؤلفاته التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين بتعليق الشيخ محمد زاهد الكوثري ونشر السيد عزة العطار القاهر البغدادي في كتابه ( الفرق بين الفرق ) إلا في القليل.

٥- فخر الدين محمد بن عمر بن الحسن الرازي من أكابر العلماء ألف في شتى الفنون مولده في الري وإليها نسبته ووفاته في هراة ٦٠٦ كتب ونظم باللغتين العربية والفارسية من مؤلفاته اعقادات فرق المسلمين والمشركين مراجعة وتحرير علي سامي النشار نشر مكتبة النهظة المصرية ١٩٣٨ ص٥٢.

٦- أب سعيد نشوان بن سعيد الحميري اليمني امير وعالم باللغة والأدب من أهل اليمن ت ٥٧٣ه- من كتبه الحور العين تحقيق كمال مصطفى طبعة معادة في طهران ١٩٧٢ ص١٥٤ وما بعدها.

٧- أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري المذهب ولد في قرطبة ٣٨٤ه- وتوفي في ليلة من بلاد الأندلس ٤٥٦ه- احد كبار علماء الأندلس له مصنفات كثيرة منها الفصل في الملل والأهواء والنحل بتحقيق الدكتورين محمد إبراهيم نصر وعبد الرحمن عميره نشر دار الجيل ١٩٨٥ ص٣٥ وما بعدها.

٨- أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري من نسل أبي موسى الأشعري ت ٣٣٠ ه- شيخ أهل السنة ومؤسس المذهب الأشعري كان في بداية أمره معتزلياً ثم انقلب على المعتزلة وحاربهم، له في الكلام مصنفات عديدة منها مقالات الإسلاميين بتحقيق محمد محي الدين عبد الحميد ط أولى ج ١ نشر مكتبة النهضة المصرية في القاهرة ١٩٥٠ ص٦٥ وما بعدها.

٩

من غير ان ينتبه طبعاً، بالمكان المخصص للفرقة الثالثة والسبعين الناجية والا لأنقص العدد ونزل به الى حيث تبقى تلك الفرق ضمن الفرق الهالكة(١) ويبقى المكان محجوزاً لا يحله من لا يحمل شارة الفرقة(٧٣) في مكان واضح من جسمه.

بل ان العدد عند المقريزي يتجاوز مجموع الفرق التي رأيناها عند كل الذين سبقوا فهو يصل الى ثلاث مئة فرقة(٢) .

ولا أدري ان كان المقريزي في حالة وعي كامل وهو يحدد هذا الرقم. فما أظن مجموع فرق الأديان كلها، لا المسلمين فقط ولا الشيعة وحدهم من بين المسلمين، يبلغ هذا العدد او يقرب منه.

فهل عرفت سيدي القارئ كم هو عد الفرق الشيعية ؟ وهل تلومني اذا قلت أنني لم اصل بعد الى تحديد دقيق لهذا العدد الذي ينزل ويصعد، تبعاً لموقف المؤلف وهواه. فيبدأ بإحدى وعشرين فرقة لينتهي بثلاثمائة، وكأن الموضوع من التفاهة بحيث نستطيع ان ننقص او نزيد، نلغي او نضيف، ما شئنا من هذه الفرق واليها. لا اننا امام عقائد ومذاهب قد نؤيدها وقد نختلف معها، لكننا لا نستيطع ان نخلقها او نلغيها(٣) .

فاذا تجاوزنا العدد وجدنا ان تصنيف هذه الفرق يختلف كذلك من مؤلف لآخر.

فما هي الاصناف التي عدها آلمؤرخون شيعية ووزعوا بينها فرق الشيعة ؟ هنا ايضا سنواجه الصعوبة نفسها التي واجهناها قبلاً ونحن نحاول الوصول الى عدد الفرق، مع ان تصنيف هذه الفرق ضمن اصناف رئيسية كبيرة يفترض

____________________

١- أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني ٤٧٩ه- - ٥٤٨ه- المتكلم والمؤلف المشهور في علم الكلام وأديان الأمم ولد في شهرستان شمال خراسان وإليها نسبته له الكثير من المؤلفات منها المللل والنحل الذي ننقل عنه بتحقيق محمد سيد كيلاني ط أولى نشر دار المعرفة ببيروت ١٩٧٥ ج١ ص١٤٦ وما بعدها.

أما حديث افتراق المسلمين على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون هالكة وواحدة ناجية فتراه باختلاف صيغه يتصدر غالبية كتب الفرق أو الكتب التي تعرضت لها. تجده في التبيه والرد للملطي ص٢٠ والفرق بين الفرق ص٩ والتبصير في الدين ص١٠ والملل والنحل ج١ ص١٣ وشرح مواقف الأيجي للجرجاني ط١٣١١ ه- ج٣ ص٢٨١ وخطط المقريزي ج٤ ص١٦٣ واصول الدين لأبي اليسر البزودي ص٢٤١ وتلبيس ابليس لابن الجوزي ط - بغداد ١٩٨٢ ص٧ فما بعدها.

وقد لعب هذا الحديث - مع الأحاديث المماثلة - دوراً خطيراً في حياة المسلمين وتمزيقهم فكانت كل فرقة تدعي أنها المعنية به وأنها وحدها الناجية دون بقية فرق المسلمين التي تعدها طبعاً فرقاً هالكة.

وأحسب هذا الحديث وراء ما نراه من اضطراب وخلط كبيرين فيما ينقله المؤلفون عن عقائد الفرق الإسلامية وعن أصنافها وعددها.

فيبدو أن كل مؤلف في الفرق أو كاتب عنها كان يضع هذا الحديث أمامه وهو يكتب فيضيف ويحذف وينقل ويوزع ليجمع في الأخير العدد المذكور في الحديث وهو الاثنتان والسبعون فرقة الهالكة دون أي اعتبار لعقائد تلك الفرق والتحري عنها والتأكيد منها.

ولهذا كانت فرق الكيسانية وحدها مثلاً إحدى عشرة عند الأشعري ولم تتجاوز الاثنين عند صاحب الفرق بين الفرق.

ولهذا ايضا جمع الأيجي كل الفرق من غير الغلاة وغير الزيدية وجعل منهم فرقة واحدة تحت اسم الإمامية مع أن تلك الفرق تبلغ عند الأشعري أربعاً وعشرين فرقة تحت اسم الرافضة.

وما كان الأيجي ليلجأ الى هذا فيدمج أربعاً وعشرين فرقة في فرقة واحدة لو لا الحديث المذكور واضطراره للانسجام مع العدد الوارد فيه دون أدنى اهتمام لما يسمى علماً وأمانة وبحثاً.=

١٠

____________________

=بل ان البزودي يذكر أنه رأى ( لمكحول النسفي صاحب اللؤلؤيات تصنيفاً في هذا وجعلهم ستة أصناف... وجعل كل صنف على اثني عشر صنفاً فصاروا اثنين وسبعين ) ( أصول الدين لأبي اليسر محمد بن محمد بن عبد الله البزودي ت ٤٩٦ ه- تحقيق وتقديم الدكتور هانز بيترلنس القاهرة ١٩٦٣ ص٢٤١.

وحسناً فعل مكحول هذا فهو قد أراح نفسه وأراحنا معه من الجمع والطرح واحتمال الزيادة والنقصان في عدد الفرق. لقد كان لديه رقم هو اثنان وسبعون يمثل مجموع الفرق الهالكة في نظره ولا يمكن أن يقسم هذا الرقم بما لا يترك زيادة إلا على ستة. إذن فلتكن هذه الأصناف ستة. يضم كل منها اثنتي عشرة فرقة فيكون حاصل الجمع اثنتين وسبعين فرقة هالكة.

وما فعله مكحول فعله الجرجاني في التعريفات طبع المطبعة الميمنية ص٢٣. وفعله بوضوح وتفصيل أكثر ابن الجوزي في تلبيس ابليس ص١٩ فما بعدها حين خلق تحت كل

صنف من هذه الأصناف الستة اثنتي عشرة فرقة جعل لكل منها اسماً وعقيدة دون أن يقتصر على ذكر العدد الإجمالي لها كما فعل صاحب التعريفات.

هكذا وبهذه البساطة تبحث الفرق الإسلامية وتدرس عقائدها ويعرض تأريخ الإسلام بعد أن تحولت فرق المسلمين وعقائدهم وأفكارهم الى مجرد أرقام لا يهم الباحث منها إلا ما يتعلق بقبولها أو عدم قبولها للقسمة..

ثم ان الفرق الهالكة هي فرق في النار شأنها في ذلك شأن الكفرة في نظر المسلمين فماذا يعني الهلاك غير هذا وليس في الآخرة من مكان ثالث بعد الجنة التي اعدت للمؤمنين والنار التي هيئت للكافرين.

لو كان هناك منازل متعددة غير الجنة والنار وكان الاختلاف يسيراً بينها لجاز أن نتقبل الحديث على أنه لا يعني أكثر من حرمان هذه الفرق من بعض الامتيازات التي كان من الجائز أن تتمتع بها كفرق مسلمة قصرت في بعض واجباتها فقصر في بعض امتيازاتها.

ولكن ما العمل اذا لم يكن هناك، كما قلنا غير الجنة وغير النار ؟ ولم يكن ما يقابلهما غير النجاة وغير الهلاك ولا يمكن طبعاً ان يذهب الناجي والهالك الى المكان نفسه: الى الجنة مثلاً وإلا فلا معنى للهلاك. ولا يمكن ان يذهبا الى النار لأن في ذلك ضلماً للناجي وتسوية له مع الهالك وتناقضاً بين تسميته ناجياً وبين الذهاب به الى النار.

لم يبق إذن إلا أن يذهب كل الى مكانه الذي أُعد له: الناجي الى الجنة والهالك الى النار حيث الكفرة والمشركون.

بل إن الحديث ينص في بعض صيغه المنقولة على دخول النار دون الاقتصار على لفظ الهلاك الذي يعني أيضاً دخول النار وان لم يكن باللفظ نفسه.

فأنا أشهد الشهادتين وأصلي وأصوم وأزكي وأحج ولا أرتكب شيئاً مما حرم الله ثم أدخل النار لأني من فرقة معينة أو لأني لست من فرقة معينة.

أكانت أسماء الفرق والمذاهب قد أضيفت الى أركان الإيمان المعروفة فأصبح المؤمن هو من يجمعها ومن ينتمي بالإضافة إليها لفرقة معينة باسمها ليكون من لم ينتم لتلك الفرقة مثواه النار خالداً فيها مع الكفرة والمشركين بصرف النظر عما أسلف من حسنات حتى لو قضى حياته كلها مصلياً صائماً مجاهداً في سبيل الله وإعلاء كلمة الإسلام ؟

أليست هذه هي النتيجة الوحيدة التي يقودنا إليها هذا الحديث أو في أحسن الحالات إحدى نتيجتين يقودنا إليهما ؟ فالثانية ستكون البقاء في النار مع العصاة وأصحاب الكبائر من المؤمنين ولكن دون تخليد فيها كالكفرة بل المدة التي تتناسب مع المعصية المرتكبة وهي هنا الانتماء أو عدم الانتماء لفرقة معينة.

هذا إذا رضي أصحاب الحديث ان يعاملوا هذه الفرق الاثنتين والسبعين معاملة العصاة الفاسقين لا معاملة الكفرة والمشركين.

ثم كيف يقول الحديث ( ستفترق أمتي... ) يعني أمة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أي المسلمين وقد أخرجت منهم ابتداء تلك الفرق.

وكيف يبحث أصحاب المقالات والمؤلفون هذه الاثنتين والسبعين فرقة ضمن الفرق الإسلامية وهم يعلمون مسبقاً أنهم في النار وحكمهم حكم المشركين والكفار؟

وكيف حددت هذه الفرق على بعد ما بينها في العقيدة والمذهب وجعلت كلها - برغم هذا البعد - في مكان واحد هو النار ؟ وكيف تم تمييز الفرقة الثالثة والسبعين ( الناجية ) ؟ وماذا لو قالت كل فرقة انها هي المعنية بالحديث خصوصاً وان هذا الحديث لم يعين فرقة باسمها ؟=

١١

____________________

=وماذا سنصنع بحديث آخر يرويه مثل رواة الحديث السابق أو أكثر عدداً وهو ( لا تجتمع أمتي على ضلال ) ؟ وقد اجتمعت على الضلال اثنتان وسبعون فرقة من ثلاث وسبعين هي مجموع فرق المسلمين ؟

وحديث ثالث في مثل شهرته يقول ( اختلاف أمتي رحمة ).

وقد رأيت ان اختلافها ادخل اثنتين وسبعين فرقة من ثلاث وسبعين - هي مجموع فرق المسلمين - في النار.

فهل الرحمة الواردة في هذا الحديث تعني الهلاك ودخول النار، كحكم الذين لم يسلموا ولم يعترفوا بنبوة محمد ؟!!

وبمناسبة حديثنا عن هذا ( الحديث ) فإني أرجو ذوي الاختصاص في الديانتين اليهودية والمسيحية إعلامي عن عدد الفرق في كل منهما وهل هو فعلاً إحدى وسبعون فرقة في اليهودية واثنتان وسبعون في المسيحية كما يذكر أصحاب ( الحديث ) ؟ وهل هناك في كل منهما واحدة ناجية فحسب ؟

ولماذا لا يكون افتراق هذه الأديان عن بعضها إلا بزيادة فرقة واحدة ؟ فاحدى وسبعون في اليهودية واثنتان وسبعون في المسيحية وثلاث وسبعون في الإسلام فالاختلاف بينها أو بالأحرى بين اللاحق والسابق منها هو دائما كما ترى بفرقة واحدة زائدة ؟

وأشير هنا الى الشيخ محمد زاهد الكوثري الذي قدم بحثين قيمين عن هذا الحديث في مقدماته لكل من الفرق بين الفرق للبغدادي والتبصير في الدين للأسفراييني وهو ما يستحق عليه أكثر من شكر.

وتجد ثتبنا بمراجع هذا الحديث في هامش ص٢٩٢ من الجزء الثالث من الفصل لابن حزم.

وعلى كل فان هذا الحديث الذي يرويه أكثر الرواة، منقولاً عن النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجدته منقولاً عن علي ايضا في الجزء الرابع من تاريخ الطبري ص٤٧٩ والثالث من ابن الأثير ص١١٦ حوادث سنة ٣٦ه- وكان صاحب هذا الحديث هو على نفسه لا النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢- أحمد بن علي بن عبد القادر تقي الدين المقريزي مؤرخ الديار المصرية ولادته ووفاته في القاهرة ٧٦٦ه- - ٨١٥ه- له مصنفات كثيرة خصوصا في التاريخ منها كتاب ( المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار ) المعروف بخطط المقريزي نشر الشيخ احمد علي المليجي مطبعة النيل بالقاهرة ١٣٢٥ه- ج٤ ض١٧٣.

٣- فرق الزيدية وحدها تبدأ بثلاث عند البغدادي والأسفراييني والرازي ثم ترتفع الى ست عند الأشعري فثمان كما يذكر المسعودي لتصل الى خمس عشرة عند البرسي في مشارق أنوار اليقين ص٢٥٥.

١٢

الا يثير الصعوبة نفسها ولا الاشكال نفسه. لأننا في هذه الحالة لا نتابع الفرق ذاتها، وهي كثيرة نسبياً، وانما عدداً محدوداً من الأصناف التي تضم تلك الفرق والتي تتحد او تشابه في اصولها العامة.

ولكن حتى هذه الاصناف تبدو وكأنها غير خاضعة لما يميزها عن بعضها ويرسم الحدود بينها. فالفرق تنتقل عبرها كما تشاء، او بالأحرى كما يشاء المؤلف، في سهولة ويسر لا نعرفهما الا عند مؤرخينا سيما عندما يتعرضون لما يخص الشيعة من جليل الأمر وصغيره. فليس هناك منم اعتبار للعقيدة التي يجب ان تكون هي الاساس عند المؤلف وهو يضع ( فرقة ) مكانها من هذا الصنف او ذاك من الأصناف التي سماها المؤلفون شيعية.

فالملطي مثلاً وهو يتحدث عن الرافضة وفرقهم الإحدى والعشرين، يقول انهم يلقبون بالإمامية، ملغياً كل الأصناف الأخرى. فليس لدى هذا المؤلف اذن الإ صنف واحد اسمه الإمامية، جمع فيه كل الفرق التي عدها شيعية على تباعد عقائدها.

ويتفق مع الملطي في وحدة الصف، المقريزي في خططه فهو يطلق اسم ( الروافض ) مكتفياً به عن اسماء الأصناف التي اعتاد المؤلفون ان يرجعوا اليها الفرق الشيعية في نظرهم(١) .

كما يتفق مع الملطي في وحدة الصنف ايضاً، ابن الجوزي في ( تلبيس ابليس ) والجرجاني في ( التعريفات ) فليس عند أي منهما غير صنف واحد لفرق الشيعة تحت اسم ( الرافضة )(٢) .

____________________

١- التنبيه والرد ص٢٥ وخطط المقريزي ج٤ ص١٧٣.

٢- تلبيس إبليس ص٢٢ وتعريفات الجرجاني ص٢٣ ويلاحظ ان ابن الجوزي لا يكتفي بجعل الشيعة فرقة من فرق الرافضة بل يجعل العباسية القائلين ان ( العباس كان أولى بالخلافة من غيره ) وبينهم علي طبعاً من فرق الرافضة فضلا عن فرق جديدة وخلط كبير.

١٣

ونحب ان نشير هنا الى ما فاتنا ذكره من قبل، وهو ان ابن الجوزي والجرجاني يجعلان فرق الرفض اثنتي عشرة فرقة، وهو عدد جديد للفرق الشيعية يخالف ما مر بنا من اعداد سابقة، ويزيد الموضوع غموضاً وتعقيداً، الى غموضه وتعقيده.

وعجبت لم نزل ابن الجوزي والجرجاني بعدد الفرق الشيعية الى اثنتي عشرة، وكان الاتجاه يميل - كما رأينا - الى زيادة العدد كلما تقدمنا في الزمان.

لكن عجبي هذا لم يطل حين وجدت المؤلفين قد وزعا المسلمين، من غير الفرقة الناجية، الى ستة اصناف. فكان عليهما، تحقيقاً للعدل بينها كما أظن ! ان يجعلا تحت كل صنف اثنتي عشرة فرقة دون زيادة او نقص لكي لا يتجاوز مجموع الفرق، الاثنتين والسبعين، فتعتدى بالتالي على حقوق الفرقة التي تحمل الرقم ٧٣.

وربما عدنا الى ابن الجوزي فيما بعد لكن ما يجب تسجيله هنا ان ابن الجوزي يجعل الشيعة فرقة من فرق ( الرافضة ) لا العكس مخالفا في ذلك اجماع المؤرخين.

واعود بعد هذا الاستطراد الى الأشعري الذي يرد الفرق التي يسميها شيعية الى ثلاثة اصناف هي الغالية والرافضة والزيدية.

ويتفق معه في العدد ابن حزم في ( الفصل ) لكنه يضع بدل الرافضة ( الإمامية من الرافضة ) والأسفراييني الذي يجعلها هو الآخر ثلاثة اصناف تحت اسم ( الروافض ) وهي الزيدية والكيسانية والإمامية. اما الفرق التي يسميها

١٤

الغلاة ( فلا يعدون في زمرة الملسمين ) كما يقول ويبحثها في مكان آخر بعدهم(١) .

ويوزع البغدادي والرازي الرافضة على اربعة اصناف هي الزيدية والإمامية والكيسانية والغلاة(٢) .

ويحدد الشهرستاني الأصناف بخمسة هي الكيسانية والزيدية والإمامية والغلاة والإسماعيلية(٣) .

اما صاحب ( الحور العين ) فيخالف السابقين جميعاً، حين يجعل الزيدية كلهم فرقة واحدة، والإمامية، بكل فرقهم بما فيهم الكيسانية فرقة واحدة، مضيفاً اليهم اربع فرق اخرى ثم يبدأ في تفصيل فرق الزيدية والإمامية..

فأنت لا تدري ان كان يتكلم عن اصناف ام عن فرق أم انه يجمع بين الاثنين(٤) .

والاختلاف في عدد الأصناف بين واحد وخمسة أو ستة يستدعي طبعاً، اختلافا آخر في عدد الفرق الداخلية تحت كل صنف.

ولكن هل انتهينا عند هذا الحد من الاختلاف في عدد الفرق، وفي اصنافها، وفيما يضمه كل صنف منها، وهو اختلاف كبير ؟ لا اظن، فحتى لو تسامحنا في ذلك، فإننا سنواجه الاختلاف في اسماء الفرق التي جعلوا منها فرقا شيعية. فهذه الفرقة ليس لها اسم عند هذا المؤلف وفي هذا الكتاب. او لها اسم ولكنه يختلف عن الاسم الذي تجده عند مؤلف آخر كتاب آخر، وهو ما يسد منافذ الرؤية امامك وانت تحاول ان تدرس وتبحث وتحقق.

____________________

١- مقالات الاسلاميين ج١ ص٦٥ والفصل في الملل والأهواء والنحل ج٥ ص٣٥ والتبصير في الدين ص١٥.

٢ - الفرق بين الفرق ص١٨ واعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص٥٢.

٣- الملل والنحل ج١ ص١٤٦ - ١٤٧.

٤- الحور العين ص١٥٤.

١٥

فاذا تركت الأسماء، وجدت ان هذه الفرقة الواحدة تتكرر بالاسم نفسه احياناً، في اكثر من صنف من اصناف الفرق الشيعية، وكأنها ليست الفرقة ذاتها هنا وهناك.

فاذا رضيت بذلك، وجدت ان بعض هذه الفرق ليس وراءها اكثر من شخص واحد، وقد يكون مختلفا، هو الذي تحمل اسمه وتنسب اليه، او عدد محدود من الأشخاص لا يسمح مطلقا بأن يؤلفوا فرقة او يبحثوا بوصفهم فرقة.

فاذا قبلت بكل ذلك ادهشك ان غالبية هذه الفرق ( الشيعية ) كما تصنف عادة، لا علاقة لها من قريب او بعيد، بعلي بن ابي طالب الذي يفترض ان اسمها جاء من تشيعها له. وادهشك أكثر، ان من بين هذه الفرق الشيعية، من يبغض علياً ويعاديه. بل وفيها من يكفره، ثم لا يتحرج المؤرخون من مناقشة هذه الفرق وبحثها بوصفها من فرق الشيعة.

أراني قد اطلت عليك الحديث، لكن عذري فيه، انه يتناول قضايا لها من الخطورة بقدر ما لها من الإمتاع، فهو يتناول جانباً مهماً من جوانب الفكر الإسلامي: ذلك الذي يمس عقائد الفرق الإسلامية، ما هو صادق وما هو منحول منها، ونظرة المؤرخين اليها.

على ان حديثي لم يتجاوز حتى الآن، الكلام العام، دون ان يعرض لتلك الفرق وعقائدها، بما يؤكد هذا الكلام ويعززه.

واحسب منم حقك ان تطالبني بذلك، والا فإنني لم أفعل اكثر من اضافة واحد الى هؤلاء الذين انتقدتهم قبل قليل، ولن يكون حديثي فيما انتقدتهم فيه،

١٦

الا ضرباً من اللغو الذي لا يحفل بعقل الإنسان ولا يضيف الى الصورة التي شوهتها أقلام سابقة الا تشويهاً جديداً لم يبق له مكان فيها.

سأحاول اذن ان اتناول فرق الشيعة ومواقف المؤرخين منها، مبتدئاً بما يسمى بفرق ( الرافضة ).

ولكن قبل الفرق ذاتها، أرى من الضروري ان اقف عند مفهوم الرافضة الذي يضم تلك الفرق، ليكون البحث فيها بعد ذاك اوضح واسهل، واقرب الى قواعد المنطق.

ويتصل بالرافضة مفهوم آخر، هو الكيسانية الذي سنبحثه ايضا بعد الفراغ من الرافضة، وقبل البحث في فرقهم، ذلك ان المؤلفين في الفرق والعقائد، كما رأينا وكما سنرى، يجعلون الكيسانية، اصحاب المختار، جزءاً من الرافضة، وفرقهم من فرق الرافضة.

١٧

الرافضة

ماذا يعني لفظ الرافظة وكيف بدأ وما هي الفرق التي يتناولها وما هي عقائدها ؟

تلك هي الاسئلة او القضايا التي سنواجهها ونحن نبحث موضوع ما اصطلح عليه مؤرخو الفرق والمذاهب ب- ( الرافضة ).

الرواية الأكثر تداولاً والأوسع انتشاراً في تسمية الرافضة، هي تلك التي تربط في عمومها، بين هذه التسمية وموقف زيد بن علي من الشيخين ابي بكر وعمر، خلال أحداث ثورته في الكوفة عام ١٢٢ ه-.

وقلت عن الرواية ( في عمومها ) لأن هناك اختلافاً في التفاصيل التي يوردها المؤلفون الذين اخذوا بها، قد يكون من المناسب ان نلم بها ولو مسرعين.

فمن المؤلفين من يذهب الى ان جماعة من رؤساء اصحاب زيد، جاؤوا الى زيد يسألونه رأيه في ابي بكر وعمر، وحين اعلن عن توليهما وعدم براءاته منهما فارقوه ونكثوا بيعته فسماهم زيد رافضة(١) .

____________________

١- تأريخ الطبري تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ط رابعة نشر درا المعارف بالقاهرة ج٧ ص١٨٠ حوادث سنة ١٢٢، والكامل لأبن الاثير مراجعة الدكتور محمد يوسف الدقاق ط أولى نشر دار الكتب العلمية ببيروت ١٩٨٧ ج٤ ص٤٥٢ حوادث سنة ١٢٢. والفرق بين الفرق ص٢٥ والتبصير في الدين للأسفراييني ص١٨.

١٨

بل ان من هؤلاء من يريد ان يحدد وقت السؤال فيجعله عند اشتداد القتال بين زيد وجيش يوسف(١) .

ومن المؤلفين من يكتفي من ذلك بمنع زيد وإنكاره على من طعن من اصحابه او عسكره في ابي بكر وعمر او في ابي بكر، فرفضه الذين بايعوه وتفرقوا عنه، فقال لهم رفضتموني فكانت التسمية(٢) .

ومنهم من يرى ان الشيعة في الكوفة، حين سمعوا مقالة زيد ورأيه في خلافة ابي بكر وعمر، وعرفوا أنه لا يتبرأ منهما، رفضوه فسموا رافضة(٣) .

اما صاحب الحور العين فيجعل ( الرفض ) متبادلاً بين زيد واصحابه، وان هؤلاء هم الذين بدأوا فقالوا له ( ان برئت منهما - الشيخين - والا رفضناك فأجابهم زيد ( اذهبوا فانكم الرافضة ) بعد ان يورد نشوان حديثاً بالمناسبة عن ( قوم لهم نبز ) يمهد به لعبارة زيد هذه(٤) .

فهؤلاء المؤلفون كلهم - برغم اختلافهم في التفاصيل كما ذكرنا - متفقون على الربط بين موقف زيد من الشيخين، وتسمية الذين فارقوه، بسبب هذا الموقف، بالرافضة.

ولا أدري لماذا تذكرني حادثة زيد مع اهل الكوفة كما تبسطها الرواية، بحادثة سبقتها، ما أظن الذين وضعوا الرواية ورتبوا وقائعها، كانوا بعيدين عنها وعن اشخاصها ووقائعها. فيذكر المؤرخون ان الخوارج الذين كانوا يقاتلون الجيش الاموي في مكة مع عبد الله بن الزبير، جاؤوا الى ابن الزبير يوماً يسألونه رأيه في عثمان - ورأي الخوارج معروف فيه - فقال لهم عبد الله بعد كلام طويل

____________________

١- الفرق بين الفرق والتبصير في الدين الصفحات نفسها اعلاه.

٢- مقالات الإسلاميين ج١ ص١٣٠ واعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي ص٥٢.

٣- الملل والنحل للشهرستاني ص١٥٥.

٤- الحور العين ص١٨٤- ١٨٥.

١٩

( اني ولي لابن عفان في الدنيا والاخرة وولي اوليائه وعدو اعدائه قالوا فبرئ الله منك يا عدو الله قال فبرئ الله منكم يا اعداء الله)(١) وعند ذاك تركه الخوارج وانصرفوا عنه و ( رفضوه ).

فهل كانت هذه الحادثة ماثلة امام بعض الذين ارخوا لثورة زيد، فانتقلوا بها، بعد حوالي الستين سنة، مع بعض التحوير، لتستقر في الكوفة بدلاً من مكة، وتستبدل بابن الزبير زيداً، وبالخوارج الرافضة، وبعثمان ابا بكر وعمر(٢) .

وعلى كل فان الرواية لا تصلح اصلاً لتسمية الرافضة لأكثر من سبب.

منها ان لفظ ( الرافضة ) اصطلاحاً سياسياً دينياً قد عرف واستعمل قبل ثورة زيد وربما قبل ولادته وهو ما ينسف بشكل قاطع الأساس الذي بنيت عليه الرواية.

فالخليفة الأموي عبد الملك بن مروان المتوفى عام ٨٦ ه- ( قبل ثورة زيد بست وثلاثين سنة ) يقول للفرزدق بعد ان سمع قصيدته الميمية في علي بن الحسين ( او رافضي ايضا انت ) ؟(٣) .

والشعبي المتوفى عام ١٠٣ ه- ( قبل ثورة زيد بحوالي العشرين سنة ) يقول مفصحاً عن كرهه للرافضة ( أحبب آل محمد ولا تكن رافضياً ) ويقول ايضاً (... أحذرك الأهواء المضلة شرها الرافضة )(٤) .

والمغيرة بن سعيد العجلي المقتول عام ١٩ ه- ( قبل ثورة زيد كذلك ) يزعم انه ( هو الذي سماهم بهذا الاسم - رافضة- )(٥) .

____________________

١- تأريخ الطبري ج٥ حوادث سنة ٦٤ ص٥٦٤ - ٥٦٦ والكامل لابن الأثير ج٣ حوادث سنة ٦٤ ص٤٩٠ ورغبة الأمل من كتاب الكامل لسيد بن علي المرصفي ط أولى مطبعة النهضة بالقاهرة ١٩٢٩ ج٧ ض٢٢١ وما بعدها وهو يجعل السؤال عن الخلفاء الأربعة لا عن عثمان فحسب.

٢- ويروي الطبري حادثة مشابهة أخرى قد لا تكون هي أيضا بعيدة عن فكر الذين اخترعوا رواية (رفض ) زيد وهذه الحادثة حصلت لزعيم الخوارج شبيب بن يزيد الشيباني عام ٧٧ه- ( قبل حادثة زيد ) حين جاءه أحد أصحابه هو مصقلة بن مهلهل الضبي في آخر معركة خاضها شبيب ضد جيش الأمويين قبل أن يموت غرقا في دجيل فقد جاءه مصقلة واخذ بلجام فرسه وسأله ( ما تقول في صالح بن مسرح ؟ - احد زعماء الخوارج قبل شبيب - وبم تشهد عليه قال: أعلى هذه الحال وفي هذه الحزة والحجاج ينظر ؟ قال فبرئ من صالح فقال مصقلة برئ الله منك وفارقوه - مصقلة وأصحابه - الا أربعين فارسا ) تاريخ الطبري ج٦ أحداث سنة ٧٧ ص٢٧٥.

٣- امالي المرتضى تحقيق محمد ابو الفضل إبراهيم دار أحياء الكتب العربية ١٩٥٤ القسم الأول هامش ص٦٨.

٤- عامر بن شراحيل من التابعين خرج مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث عام ٨١ - ٨٥ واسر وأطلقه الحجاج واتصل بعبد الملك بن مروان وأصبح نديما له. في وفاته اختلاف بين ١٠٣ه- - ١٠٧ه- أنظر ما جاء عنه بشأن الرافضة في العقد الفريد لابن عبد ربه تحقيق محمد سعيد العريان نشر دار الفكر ج٢ ص٢٢٢ وتهذيب ابن عساكر ج٧ ص١٤٠ وطبقات المعتزلة لأحمد بن يحيى بن المرتضى تحقيق سوسنة ويفلد - فلزر نشر فرانز شتاينر المطبعة الكاثوليكية بيروت ١٩٦١ ص١٣٠ والفرق

المفترقة بين أهل الزيغ والزندقة لأبي محمد عثمان بن عبد الله بن الحسن العراقي الحنفي تحقيق وتقديم الدكتور يشار قوتلراي أنقرة ١٩٦١ ص٩.

٥- رأس فرقة المغيرية من الغلاة قتله خالد بن عبد الله القسري والي العراق في زمن هشام بن عبد الملك عام ١١٩.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله عز وجل فيقول أنا ربكم.

فيقولون: هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله فيقول: أنا ربكم.

فيقولون: أنت ربنا؟!

فيدعوهم فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته، ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل و كلام الرسل يومئذ اللهم سلم سلم. وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان، هل رأيتم شوك السعدان؟

قالوا: نعم.

قال فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله، تخطف الناس بأعمالهم فمنهم من يوبق بعمله ومنهم من يخردل ثم ينجو، حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السجود، وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار، فكل ابن آدم تأكله النار إلا أثر السجود، فيخرجون من النار قد امتحشوا فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل!

ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد، ويبقى رجل بين الجنة والنار وهو آخر أهل النار دخولاً الجنة مقبلاً بوجهه قبل النار، فيقول: يا رب إصرف وجهي عن النار قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها.

فيقول: هل عسيت إن فعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك؟

فيقول: لا وعزتك، فيعطي الله ما يشاء من عهد و ميثاق فيصرف الله وجهه عن النار، فإذا أقبل به على الجنة رأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت ثم قال: يا رب قدمني عند باب الجنة.

فيقول الله له: أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت:

فيقول: يا رب لا أكون أشقى خلقك.

١٠١

فيقول: فما عسيت أن أعطيت ذلك أن لا تسأل غيره.

فيقول: لا وعزتك لا أسأل غير ذلك، فيعطي ربه ما شاء من عهد و ميثاق فيقدمه إلى باب الجنة، فإذا بلغ بابها فرأى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور فيسكت ما شاء الله أن يسكت فيقول:

يا رب أدخلني الجنة.

فيقول الله تعالى: ويحك يا ابن آدم ما أغدرك، أليس قد أعطيت العهد والميثاق أن لا تسأل غير الذي أعطيت؟

فيقول: يا رب لا تجعلني أشقى خلقك، فيضحك الله عز وجل منه ثم يأذن له في دخول الجنة فيقول له: تمنَّ، فيتمنى، حتى إذا انقطع أمنيته قال الله عز وجل: زد من كذا وكذا، وأقبل يذكره ربه عز وجل، حتى إذا انتهت به الأماني، قال الله تعالى: لك ذلك ومثله معه.

قال أبو سعيد الخدري لأبي هريرةرضي‌الله‌عنهما : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل لك ذلك و عشرة أمثاله.

قال أبو هريرة: لم أحفظ من رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا قوله لك ذلك ومثله معه.

قال أبو سعيد الخدري: إني سمعته يقول ذلك لك وعشرة أمثاله.

وروى نحوه في ج ٧ ص ٢٠٥ وفيه (فلا يزال يدعو حتى يضحك، فإذا ضحك منه أذن له بالدخول فيها فإذا دخل فيها، قيل تمن من كذا فيتمنى، ثم يقال له تمن من كذا فيتمنى، حتى تنقطع به الأماني فيقول: هذا لك ومثله معه.

قال أبو هريرة: وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولاً. قال عطاء وأبو سعيد الخدري جالس مع أبي هريرة لا يغير عليه شيئاً من حديثه حتى انتهى إلى قوله هذا لك ومثله معه، قال أبو سعيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هذا لك وعشرة أمثاله، قال أبو هريرة: حفظت مثله معه.

١٠٢

وروى البخاري نحوه أيضاً في عدة مواضع من صحيحه كما في ج ١ جزء ١ ص ١٣٨ و ١٤٣ و ١٩٥ وجزء ٢ ص ١١٣ - ١١٤ وج ٣ جزء ٦ ص ٤٨، ٥٦ و ٧٢ وج ٤ جزء ٧ ص ١٩٨، ٢٠٣، ٢٠٤، ٢٠٥ و ٢٠٦ وج ٤ جزء ٨ ص ١٧٩، ١٨١، ١٨٤، ٢٠٣ وج ٥ ص ١٧٩ وج ٦ ص٤٨ وج ٨، ص ١٦٧، ١٧٩ و ١٨٦!!

وقالوا يكشف عن ساقه بل عن ساقيه ويعفو عن المنافقين

زاد مسلم على البخاري إضافات وتفصيلات عن تجسد الله تعالى وعن شمول شفاعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للمنافقين والمشركين حتى لا يكاد يبقى في النار أحد! فقال في ج١ ص ١١٢:

عن أبي سعيد الخدري أن ناساً في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم.

قال هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحواً ليس معها سحاب؟ وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحواً ليس فيها سحاب؟

قالوا: لا يا رسول الله.

قال: ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما.

إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن ليتبع كل أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر، وغير أهل الكتاب فيدعى اليهود فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزيراً بن الله، فيقال كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تبغون؟ قالوا عطشنا يا ربنا فاسقنا، فيشار إليهم ألا تردون، فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً فيتساقطون في النار.

١٠٣

ثم يدعى النصارى فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال لهم كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فيقال لهم ماذا تبغون؟ فيقولون عطشنا يا ربنا فاسقنا، قال فيشار إليهم ألا تردون، فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً فيتساقطون في النار.

حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها.

قال فما تنتظرون، تتبع كل أمة ما كانت تعبد!

قالوا يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم.

فيقول أنا ربكم.

فيقولون نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئاً، مرتين أو ثلاثاً!

حتى أن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟

فيقولون نعم، فيكشف عن ساق، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء، إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه، ثم يرفعون رؤسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة فقال: أنا ربكم.

فيقولون أنت ربنا.

ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحل الشفاعة، ويقولون اللهم سلم سلم.

قيل يا رسول الله وما الجسر؟ قال دحض مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسك تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان، فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم، حتى إذا خلص المؤمنون من النار فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشد منا شدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار، يقولون ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون، فيقال

١٠٤

لهم أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقاً كثيراً قد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه، ثم يقولون ربنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به، فيقول إرجعوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون ربنا لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا، ثم يقول إرجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا أحداً، ثم يقول إرجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون ربنا لم نذر فيها خيراً.

وكان أبو سعيد الخدري يقول: إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرؤوا إن شئتم: إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً، فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لن يعملوا خيراً قط، قد عادوا حمماً فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة، فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل، ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر ما يكون إلى الشمس أصيفر وأخيضر وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض، فقالوا يا رسول الله كأنك كنت ترعى بالبادية، قال فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم يعرفهم أهل الجنة هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه، ثم يقول أدخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم، فيقولون ربنا أعطيتنا مالم تعط أحداً من العالمين، فيقول لكم عندي أفضل من هذا فيقولون يا ربنا أي شيء أفضل من هذا؟ فيقول رضاي فلا أسخط عليكم بعده أبداً.

- وروى مسلم عدداً من أحاديث الرؤية أيضاً في ج ٢ ص ١١٣

- وروى أبو داود في سننه نحو حديث البخاري المتقدم في ج ٢ ص ٤١٩

- وروى أحمد في مسنده ج ٣ ص ٣٨٣:

... أخبرني أبوالزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود قال: نحن يوم

١٠٥

القيامة على كذا وكذا أنظر أي ذلك فوق البأس، قال فتدعي الأمم بأوثانها وما كانت تعبد الأول فالأول، ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول من تنظرون؟ فيقولون ننتظر ربنا عز وجل، فيقول أنا ربكم، يقولون حتى ننظر إليك، فيتجلى لهم يضحك، قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال: فينطلق بهم ويتبعونه ويعطي كل إنسان منافق أو مؤمن نوراً، ثم يتبعونه وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله، ثم يطفأ نور المنافق ثم ينجو المؤمنون فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر سبعون ألفاً لا يحاسبون، ثم الذين يلونهم كأضوأ أنجم في السماء، ثم كذلك، ثم تحل الشفاعة حتى يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، فيجعلون بفناء أهل الجنة، ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتى ينبتون نبات الشيء في السيل، ثم يسأل حتى يجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها.

- ورواه ابن ماجه في سننه ج ١ ص ٦٣، ٦٦، ٥٩٠ وج ٢ ص ٧٣١ و ١٤٥٠ وفيه (ويتبدي لهم في روضة من رياض الجنة... ويجلس أدناهم).

- وأبو داود في سننه ج ٢ ص ٤٢٠ وج ٤ ص ٢٣٣ - والترمذي ج ٤ ص ٩٠ وج ٤ ص ٩٢، ٩٣، ٩٥ - والبغوي في المصابيح ج ٣ ص ٥٣٣ وص ٥٤٢ وص ٥٦٩ - وروى من أحاديث الرؤية في الآخرة ابن أبي شيبة في المصنف ج ٢ ص ٥٨ - والهيثمي في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٣٤٣ - وابن الأثير في أُسد الغابة ج ١ ص ٣٣٤ - والهندي في كنز العمّال ج ١٤ ص ٤٣٦ و٤٤٦ و٤٩٣ - والبيهقي في سننه ج ١٠ ص ٤١ وفي البعث والنشور ص ٢٦٢ وفي شعب الإيمان ج ٣ ص ٢٠٢ ، - وقال في شعب الإيمان ج ٣ ص ٩٩:

عن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله أن الناس يجلسون يوم القيامة من الله على قدر رواحهم إلى الجمعة، الأول ثم الثاني ثم الثالث. انتهى. ورواه الحاكم في المستدرك ج ٤ ص ٥٦٠ و ص ٥٨٢ مع تفاوت في التفاصيل. ورواه الطبري في تفسيره ج ٢٥ ص ٩٤ وفي ج ٢٩ ص ٢٦ وج ٣٠ ص ١١٩، - وقال في ج ٢٩ ص ٢٤

- قال أبو الزهراء عن عبد الله يتمثل الله للخلق يوم القيامة..

١٠٦

-وأورد السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٢٩٠ عدداً وفيراً من أحاديث الرؤية قال:

وأخرج عبدالرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي والدارقطني في الرؤية والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال قال الناس يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال هل تضارون الشمس... الخ.

وأخرج الدار قطني في الرؤية عن أبي هريرة قال: سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال هل تضارون... الخ. وفيه تفصيلات لا توجد في غيره.

وأخرج الدارقطني في الرؤية عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة جاء الرب عز وجل إلى المؤمنين فوقف عليهم والمؤمنون على كوم فيقول هل تعرفون ربكم عز وجل فيقولون إن عرفنا نفسه عرفناه فيقول لهم الثانية هل تعرفون ربكم فيقولون إن عرفنا نفسه عرفناه فيتجلى لهم عز وجل فيضحك في وجوههم فيخرون له سجداً.

وأخرج النسائي والدار قطني وصححه عن أبي هريرة قال قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا... الخ.

وأخرج الدار قطني عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ترون الله عز وجل يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر... الخ.

وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والدار قطني والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة... الخ.

- وقال البخاري في ج ٦ ص ٧٢

عن أبي سعيدرضي‌الله‌عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً. انتهى. ورواه في ج ٨ ص ١٨١ وهو يشبه ما تقدم عن رؤية الله تعالى وفيه:

١٠٧

(فيقال لهم ما يحبسكم وقد ذهب الناس... وإنما ننتظر ربنا قال فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فلا يكلمه إلا الأنبياء فيقول هل بينكم وبينه آية تعرفونه فيقولون الساق فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً). وروى نحوه في ج ٣ جزء ٦ ص ٧٢ وروى نحوه الدارمي في سننه ج ٢ ص ٣٢٦ والحاكم في المستدرك ج ٤ ص ٥٩٠ وج ٤ ص ٥٩٩ وأحمد في ج ٣ ص١٧ والهيثمي في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٣٢٩ وج ١٠ ص ٣٤٠ والهندي في كنز العمّال ج١٤ ص ٢٩٨ وص ٤٤١ والسيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٢٩٢ - وقال الصنعاني في تفسيره ج ٢ ص ٢٤٨ - عن ابن مسعود في قوله تعالى: يوم يكشف عن ساق قال: يعني ساقيه تبارك وتعالى! وقال المنذري في الترغيب والترهيب ج ٤ ص ٣٩١:عن عبد الله ابن مسعود قال النبي (ص)... أن أمة محمد تبقى يوم القيامة تنتظر خروج ربها فلا يعرفونه إلا بكشف ساقه. انتهى. وقال في ج ٥ ص ٣٦٩: ابن مسعود: يكشف ربنا عز وجل عن ساقه يوم القيامة.

- وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٣٤٠

وعن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجمع الله الأولين الآخرين لميقات يوم معلوم قياماً أربعين سنة شاخصة أبصارهم ينتظرون فصل القضاء، قال وينزل الله عز وجل في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي، ثم ينادي مناد أيها الناس ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم ورزقكم وأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً أن يولي كل أناس منكم ما كانوا يعبدون في الدنيا، أليس ذلك عدلاً من ربكم؟ قالوا بلى، قال فينطلق كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ويقولون في الدنيا قال فينطلقون ويمثل لهم أشباه ما كانوا يعبدون فمنهم من ينطلق إلى الشمس ومنهم من ينطلق إلى القمر والأوثان من الحجارة وأشباه ما كانوا يعبدون، قال ويمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ويمثل لمن كان يعبد عزيراً شيطان عزير.

١٠٨

ويبقى محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، قال فيتمثل الرب تبارك وتعالى فيأتيهم فيقول: ما لكم لا تنطلقون كانطلاق الناس؟ فيقولون إن لنا لإلهاً ما رأيناه، فيقول هل تعرفونه إن رأيتموه؟ فيقولون إن بيننا وبينه علامة إذا رأيناها عرفناها، قال فيقول ما هي؟ فنقول يكشف عن ساقه، قال فعند ذلك يكشف عن ساقه فيخر كل من كان نظره، ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر يريدون السجود فلا يستطيعون، وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون، ثم يقول ارفعوا رؤوسكم فيرفعون رؤسهم فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه، ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك، ومنهم من يعطى مثل النخلة بيده، ومنهم من يعطى أصغر من ذلك، حتى يكون آخرهم رجلاً يعطى نوره على إبهام قدميه يضىء مرة ويطفأ مرة، فإذا أضاء قدم قدمه وإذا طفىء قام، قال والرب تبارك وتعالى أمامهم حتى يمر في النار فيبقى أثره كحد السيف، قال فيقول مروا فيمرون على قدر نورهم، منهم من يمر كطرفة العين، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالسحاب، ومنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الفرس، ومنهم من يمر كشد الرحل، حتى يمر الذي يعطى نوره على ظهر قدميه يجثو على وجهه ويديه ورجليه تخرُّ يدٌ وتعلق يد، وتخر رجل وتعلق رجل، وتصيب جوانبه النار، فلا يزال كذلك حتى يخلص فإذا خلص وقف عليها فقال الحمد لله فقد أعطاني الله ما لم يعط أحداً إذ نجاني منها بعد إذ رأيتها، قال فينطلق به إلى غدير عند باب الجنة فيغتسل فيعود إليه ريح أهل الجنة وألوانهم، فيرى ما في الجنة من خلل الباب فيقول رب أدخلني الجنة فيقول الله أتسأل الجنة وقد نجيتك من النار، فيقول رب اجعل بيني وبينها حجاباً لا أسمع حسيسها، قال فيدخل الجنة ويرى أو يرفع له منزل أمام ذلك كأن ما هو فيه إليه حلم، فيقول رب أعطني ذلك المنزل فيقول له لعلك إن أعطيتكه تسأل غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره، وأنى منزل أحسن منه، فيعطي فينزله ويرى أمام ذلك منزلاً كأن ما هو فيه إليه حلم، قال رب أعطني ذلك المنزل، فيقول الله تبارك وتعالى له فلعلك إن

١٠٩

أعطيتكه تسأل غيره، فيقول وعزتك يا رب وأنى منزل يكون أحسن منه فيعطاه وينزله ثم يسكت، فيقول الله جل ذكره مالك لا تسأل، فيقول رب قد سألتك حتى قد استحييتك وأقسمت حتى استحييتك، فيقول الله جل ذكره ألم ترض أن أعطيك مثل الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه، فيقول أتهزأ بي وأنت رب العزة؟ فيضحك الرب تبارك وتعالى من قوله!

قال فرأيت عبد الله بن مسعود إذا بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك، فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن قد سمعتك تحدث هذا الحديث مراراً كلما بلغت هذا المكان ضحكت، قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث هذا الحديث مراراً كلما بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك حتى تبدو أضراسه، قال فيقول الرب جل ذكره لا ولكني على ذلك قادر، سل فيقول ألحقني بالناس، فيقول الحق بالناس، قال فينطلق يرمل في الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة فيخر ساجداً، فيقال له إرفع رأسك مالك، فيقول رأيت ربي أو تراءى لي ربي، فيقال له إنما هو منزل من منازلك، قال ثم يلقى رجلاً فيتهيأ للسجود له فيقال له مه، فيقول رأيت أنك ملك من الملائكة، فيقول إنما أنا خازن من خزانك وعبد من عبيدك تحت يدي ألف قهرمان على مثل ما أنا عليه، قال فينطلق أمامه حتى يفتح له القصر قال وهو من درة مجوفة سقائفها وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها تستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء فيها سبعون باباً كل باب يفضى إلى جوهرة خضراء مبطنة كل جوهرة تفضى إلى جوهرة على غير لون الأخرى في كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف، أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها، كبدها مرآته وكبده مرآتها، إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين ضعفاً عما كانت قبل ذلك، فيقول لها والله لقد أزددت في عيني سبعين ضعفاً، وتقول له وأنت ازددت في عيني سبعين ضعفاً، يقال له أشرف فيشرف فيقال له ملكك مسيرة مائة عام ينفذه بصرك.

١١٠

قال فقال عمر ألا تسمع ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلاً فكيف أعلاهم؟ قال يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، إن الله جل ذكره خلق داراً جعل فيها ما شاء من الأزواج والثمرات والأشربة ثم أطبقها فلم يرها أحد من خلقه لا جبريل ولا غيره من الملائكة، ثم قال كعب: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءاً بما كانوا يعملون، قال وخلق دون ذلك جنتين وزينهما بما شاء وأراهما من شاء من خلقه، ثم قال من كان كتابه في عليين نزل في تلك الدار التي لم يرها أحد، حتى أن الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير في ملكه فلا تبقى خيمة من خيم الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه، فيستبشرون لريحه فيقولون واهاً لهذا الريح هذا ريح رجل من أهل عليين قد خرج يسير في ملكه.

قال ويحك يا كعب إن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها، فقال كعب إن لجهنم يوم القيامة لزفرة ما من ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خرَّ لركبتيه، حتى أن إبراهيم خليل الله ليقول: رب نفسي نفسي حتى لو كان لك عمل سبعين نبياً إلى عملك لظننت أن لا تنجو... رواه كله الطبراني من طرق ورجال أحدها رجال الصحيح غير أبي خالد الدالاني وهو ثقة). انتهى.

ويدل هذا الحديث الذي وثقه الطبراني على أن دار الخلافة بحضور الخليفة عمر كانت عامرة بمثل هذه الأحاديث، وأن كعب الأحبار كان المرجع الذي يؤخذ برأيه! وتفصيل ذلك في الفصل الخامس.

- وقال البغوي في مصابيحه ج ٣ ص ٥٢٩

وقال (ص): يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنه. انتهى. ورواه الديلمي في فردوس الأخبار ج ٥ ص ٣٦٩ ورواه السهمي في تاريخ جرجان ص ٣٩١

- وقال السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٢٥٤

قوله تعالى(يوم يكشف عن ساق) الآية.. أخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه عن أبي سعيد....

١١١

وأخرج ابن مندة في الرد على الجهمية عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:يوم يكشف عن ساق ، قال يكشف الله عز وجل عن ساقه.

وأخرج عبدالرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مندة عن ابن مسعود في قوله:يوم يكشف عن ساق ، قال عن ساقيه تبارك وتعالى، قال ابن مندة: لعله في قراءة ابن مسعودي كشف بفتح الياء وكسر الشين.

وأخرج ابن مردويه عن كعب الحبر قال: والذي أنزل التوراة على موسى والإنجيل على عيسى والزبور على داود والفرقان على محمد أنزلت هذه الآيات في الصلوات المكتوبات حيث ينادى بهن يوم يكشف عن ساق إلى قوله وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون الصلوات الخمس إذا نودي بها.

وأخرج إسحق بن راهويه في مسنده وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا والطبراني والآجري في الشريعة والدارقطني في الرؤية والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال... الخ. ونحوه في الدر المنثور ج ٥ ص ٣٤١

وحاول الصنعاني والنووي تخليص الله تعالى من كشف ساقه

- تفسير الصنعاني ج ٢ ص ٢٤٧

عن إبراهيم في قوله تعالى:يوم يكشف عن ساق قال: عن أمر عظيم وقال: قد قامت الحرب على ساق. وقال إبراهيم... قال ابن عباس: يكشف عن ساق فيسجد كل مؤمن ويقسو ظهر الكافر فيكون عظماً واحداً.

- وقال النووي في شرح مسلم ج ٢ جزء ٣ ص ٢٧:

قوله (ص) فيكشف عن ساق... أي يكشف عن شدة وأمر مهول... وكشف عن ساقه للإهتمام به. قال القاضي: وقيل المراد بالساق هنا نور عظيم.. وقيل قد يكون الساق علامة بينه وبين المؤمنين. انتهى.

١١٢

وسوف نورد في تفسير آية: يوم يكشف عن ساق، أن كشفت الحرب عن ساقها، أو كشف الأمر عن ساقه، في اللغة العربية تعبير عن حلول الأمر الشديد، وسنورد عدداً من الأحاديث التي فسرت الآية بذلك.

وقالوا إنّه يجلس على الجسر ويضع رجله على الأخرى

- روى ابن أبي شيبة في المصنف ج ٦ ص ١١٢

عن الحكم قال: سألت أبا مجلز عن الرجل يجلس ويضع إحدى رجليه على الأخرى فقال: لا بأس به إنما هو شيء كرهته اليهود، قالوا إنه خلق السموات والأرض في ستة أيام، ثم استوى يوم السبت فجلس تلك الجلسة.

- روى الديلمي في فردوس الأخبار ج ٥ ص ٣٦٩

عن ثوبان مولى النبي (ص): يقبل الجبار عز وجل يوم القيامة فيثني رجله على الجسر!

- وروى الذهبي في تاريخ الإسلام ج ٩ ص ٥٢٠

عثمان بن أبي عاتكة... روى عن أبي أمامة عن رسول الله (ص): إن الله يجلس يوم القيامة على القنطرة الوسطى بين الجنة والنار.

الإمام الصادق يقول إنّها رواية يهودية

- تفسير العياشي ج ١ ص ١٣٧

... عن حماد عنه (الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام ) قال: رأيته جالساً متوركاً برجله على فخذه فقال له رجل عنده: جعلت فداك هذه جلسة مكروهة، فقال: لا، إن اليهود قالت: إن الرب لما فرغ من خلق السموات والأرض جلس على الكرسي هذه الجلسة ليستريح، فأنزل الله:الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم .

١١٣

وقالوا لا تمتليء النار حتى يضع رجله فيها

- صحيح البخاري ج ٣ جزء ٦ ص ٤٧

... عن أنسرضي‌الله‌عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يلقى في النار وتقول هل من مزيد حتى يضع قدمه فتقول قط قط.

... عن أبي هريرة... يقال لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد، فيضع الرب تبارك وتعالى قدمه عليها فتقول قط قط.. إلى آخر الرواية وفيها من مناظرة بين الجنة والنار.

... عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم تحاجت الجنة والنار فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة مالي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم، قال الله تبارك وتعالى للجنة أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار إنما أنت عذاب أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منهما ملؤها، فأما النار فلا تمتليء حتى يضع رجله فتقول قط قط، فهنالك تمتليء ويزوى بعضها إلى بعض.

- صحيح البخاري ج ٤ جزء ٧ ص ٢٢٤

عن أنس بن مالك: قال النبي (ص) لا تزال جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فتقول قط قط.

- صحيح البخاري ج ٤ جزء ٨ ص ١٦٦

وقال أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم تقول جهنم قط قط وعزتك.

- صحيح البخاري ج ٤ جزء ٨ ص ١٦٧

عن أنس عن النبي (ص) قال: لا يزال يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع فيها رب العزة قدمه فينزوي بعضها إلى بعض ثم تقول قد قد بعزتك.

١١٤

صحيح البخاري ج ٤ جزء ٨ ص ١٨٦

عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال.. وإنه ينشأ للنار من يشاء فيلقون فيها، فتقول هل من مزيد ثلاثاً، حتى يضع قومه فتمتليء ويرد بعضها إلى بعض وتقول قط قط قط.

- صحيح مسلم ج ٨ ص ١٥١

فأما النار فلا تمتليء فيضع قدمه عليها فتقول قط قط فهنالك تمتليء ويزوى بعضها إلى بعض... فأما النار فلا تمتليء حتى يضع الله تبارك وتعالى رجله تقول قط قط قط، فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله من خلقه أحداً. وأما الجنة فإن الله ينشىء لها خلقاً.

- صحيح مسلم ج ٨ ص ١٥٢

... جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع فيها رب العزة تبارك وتعالى قدمه فتقول قط قط وعزتك، ويزوى بعضها إلى بعض...

... عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوى بعضها إلى بعض وتقول قط قط بعزتك وكرمك. ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشىء الله لها خلقاً فيسكنهم فضل الجنة.

- سنن الترمذي ج ٤ ص ٩٥

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد ثم يطلع عليهم رب العالمين فيقول: ألا يتبع كل إنسان ما كانوا يعبدون فيمثل لصاحب الصليب صليبه ولصاحب التصاوير تصاويره ولصاحب النار ناره، فيتبعون ما كانوا يعبدون، ويبقى المسلمون فيطلع عليهم رب العالمين فيقول: ألا تتبعون الناس؟ فيقولون: نعوذ بالله منك نعوذ بالله منك، الله ربنا وهذا مكاننا حتى نرى ربنا، وهو يأمرهم ويثبتهم! قالوا: وهل نراه يا رسول الله قال: وهل

١١٥

تضارون في رؤية القمر ليلة البدر قالوا: لا يا رسول الله قال: فإنكم لا تضارون في رؤيته تلك الساعة ثم يتوارى، ثم يطلع فيعرفهم نفسه ثم يقول: أنا ربكم فاتبعوني، فيقوم المسلمون ويوضع الصراط فيمر عليه مثل جياد الخيل والركاب وقولهم عليه سلم سلم، ويبقى أهل النار فيطرح منهم فيها فوج فيقال هل امتلأت، فتقول هل من مزيد، ثم يطرح فيها فوج فيقال هل امتلأت، فتقول هل من مزيد، حتى إذا أوعبوا فيها وضع الرحمن قدمه فيها وأزوى بعضها إلى بعض، ثم قال: قط. قالت: قط قط... هذا حديث حسن صحيح.

- الطبري في تفسيره ج ٢٦ ص ١٠٥

إن الله الملك قد سبقت منه كلمة لأملأن جهنم، لا يلقى فيها شيء إلا ذهب فيها لا يملؤها شيء حتى إذا لم يبق من أهلها أحد إلا دخلها، وهي لا يملؤها شيء، أتاها الرب فوضع قدمه عليها ثم قال لها: هل امتلأت يا جهنم؟ فتقول قط قط قد امتلأت، ملأتني من الجن والإنس، فليس فيَّ مزيد! قال ابن عباس ولم يكن يملؤها شيء حتى وجدت مس قدم الله تعالى ذكره. فتضايقت فما فيها موضع إبرة!!. انتهى. وروى نحوه الدارمي في سننه ج ٢ ص ٣٤١ والبيهقي في سننه ج ص ٤٢ وروى نحوه أحمد في ج ٢ ص ٢٧٦ بأربع قطات وفي ص ٣١٤ وص ٣٦٩ بثلاث قطات.

وفي ص ٥٠٧ وفي ج ٣ ص ١٣٤ وص ١٤١ وص ٢٣٠ وص ٢٣٤ وص ٢٧٩ بقطين ورواه الصنعاني في المصنف ج ١١ ص ٤٢٢ بثلاث قطات، والديلمي في فردوس الأخبار ج ٥ ص٢٣٧ بقطين، والبغوي في معالم التنزيل ج ٤ ص ٢٢٤ بقطين، وفي مصابيح السنة ج ٤ ص ١٤ و ص ١٥ بدون قط، والبيهقي في البعث والنشور ص ١٣٦ بقطين، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بإصبهان ج ١ ص ٢٣٨ بقطين، وابن القيم في زاد المعاد ج ١ ص ٣٣٧، ورواه الهندي في كنز العمّال ج ١ ص ٢٣٤ وج ١٤ ص ٤٢٨ وص ٥٢١ وص ٤٣٦ وص ٥٤٤ وج ١٦ ص ٢٠٨ بروايات كثيرة عن مصادر متعددة.

١١٦

وادّعوا أنّ رؤيته بالعين من أكبر اللذّات

- قال القسطلاني في إرشاد الساري ج ١٠ ص ٤١٠

... الأشعري في كتابه الإبانة فقال أفضل لذات الجنة رؤية الله تعالى ثم رؤية نبيه (ص) فلذلك لم يحرم الله أنبياءه المرسلين وملائكته المقربين وجماعة المؤمنين (...) النظر إلى وجهه الكريم ووافقه البيهقي وابن القيم والجلال البلقيني.

- فتاوى الألباني ص ١٤٢

... المعتزلة وغيرهم ينكرون هذه النعمة ويضللون من يؤمن بها وينسبونهم إلى التشبيه والتجسيم... ونحن أهل السنة نؤمن بأن من نعم الله على عباده أن يتجلى لهم يوم القيامة ويرونه كما نرى القمر ليلة البدر. انتهى.

وستأتي بقية الروايات المشابهة لعقائد اليهود في تفسير الآيات المتشابهة.

لكن اختلفوا هل تراه النساء في الجنّة!

- إرشاد الساري ج ١٠ ص ٤٠٩

(قوله (ص) قال جنتان من فضة... وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم رداء الكبر) والحاصل أن رؤية الله تعالى واقعة يوم القيامة في الموقف لكل أحد من الرجال والنساء وقال قوم من أهل السنة تقع أيضاً للمنافقين... وأما الرؤية في الجنة فأجمع أهل السنة على أنها حاصلة للأنبياء والرسل والصديقين من كل أمة ورجال المؤمنين من البشر، واختلف في نساء هذه الأمة.

- السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٢٩٣

وأخرج الدار قطني عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة رأى المؤمنون ربهم عز وجل فأحدثهم عهداً بالنظر إليه في كل جمعة، ويراه المؤمنات يوم الفطر ويوم النحر. انتهى. وكأن فى الجنة صوم وحج!

١١٧

- زاد المعاد ج ١ ص ٣١١

عن أنس ابن مالك: قال: رسول الله (ص): إذا كان يوم القيامة رأى المؤمنون ربهم فأحدثهم عهداً بالنظر إليه... من بكر في كل جمعة، وتراه المؤمنات يوم الفطر ويوم النحر...

- إرشاد الساري ج ١٠ ص ٤١٠:

.. الأشعري في كتابه الإبانة فقال: أفضل لذات الجنة رؤية الله تعالى ثم رؤية نبيه (ص) فلذلك لم يحرم الله أنبياءه المرسلين وملائكته المقربين وجماعة المؤمنين (...) النظر إلى وجهه الكريم، ووافقه البيهقي وابن القيم والجلال البلقيني.

بازار أحاديث النزولات

قالوا: إنّ الله تعالى جسم ينزل إلى الأرض كل ليلة

- روى البخاري في صحيحه ج ١ جزء ٢ ص ٤٧

... عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له. انتهى. ونحوه في ج٤ جزء ٧ ص ١٤٩ - ١٥٠ وج ٤ جزء ٨ ص ١٩٧ ورواه في الأدب المفرد ص ٢٠٧ ورواه مسلم في صحيحه ج ٢ ص ١٧٥ وأبو داود في سننه ج ٢ جزء ٣ ص ٣٤ وج ٤ ص ٢٣٤ وابن ماجة في سننه ج ١ ص ٤٣٥ ومالك في كليات الموطأ ج ١ ص ١٤٢ وأحمد في مسنده ج ١ ص ١٢٠ و ٤٠٣ و ٤٤٦ والصنعاني في تفسيره ج ١ ص ٢٥٩ وفي مصنفه ج ٢ ص ١٦٠ وج ١٠ ص٤٤٤ ورواه في عارضةالأحوذي ج١ جزء١ ص٢ وص٢٣٢ والبغوي في معالم التنزيل ج١ ص٤٣١ ج٣ ص٢٢ ومصابيح السنة ج ١ ص ٤٣١ وابن الأثير في أسد الغابة ج٢ ص٢٣١ وج ٦ ص ٩١ والديلمي في فردوس الأخبار ج ١ ص ٣٢١ وج ٥ ص ٣٥٨ - ٣٦٥ والأبشيهي في المستطرف ج ٢ ص ٢٥٠ والمنذري في الترغيب والترهيب ج ٢ ص ٤٨٩ والشوكاني في نيل الأوطار ج٣

١١٨

ص ٥٧ والنويري في نهاية الإرب ج ٣ جزء ٥ ص ٢٩٠ وابو الشيخ في طبقات المحدثين ج ٢ ص ٥٤٠ وجامع الأحاديث القدسية من الصحاح ج ١ ص ٧٢ و ٧٥ والثعالبي في الجواهر الحسان ج ١ ص ٢٨٦ والنويري في نهاية الإرب ج ٣ جزء ٥ ص٢٩٠ والخطيب في تاريخ بغداد ١٧ ص ٢٤٢ والمزي في تهذيب الكمال ج ٩ ص ٢٠٧ والهيثمي في مجمع الزوائد ج ٨ ص ١٢٥ وج ١٠ ص ٢٣٦ وص ٦٢١ وص ٧٦٠ وص ٩.. وروته مصادر كثيرة أخرى.

- وروى الطبري في تفسيره ج ١٣ ص ١١٤:

عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله (ص) إن الله ينزل في ثلاث ساعات يبقين من الليل.. وروى في ج ١٥ ص ٩٤

عن أبي الدرداء قال قال رسول الله (ص): إن الله يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل، في الساعة الأولى منهن ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره فيمحو ما يشاء ويثبت، ثم ينزل في الساعة الثانية إلى جنة عدن وهو داره التي لم ترها عين.. وهي مسكنه ولا يسكن معه من بني آدم غير ثلاثة النبيين والصديقين والشهداء.. ثم ينزل في الساعة الثالثة إلى السماء الدنيا بروحه وملائكته..

- وقال ابن خزيمة في كتاب التوحيد ص ١٢٥

باب ذكر أخبار ثابتة السند صحيحة القوام رواها علماء الحجاز والعراق عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول الرب جل وعلا إلى سماء الدنيا كل ليلة. نشهد شهادة مقر بلسانه مصدق بقلبه مستيقن بما في هذه الأخبار من ذكر نزول الرب من غير أن نصف الكيفية، لأن نبينا المصطفى لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى سماء الدنيا وأعلمنا أنه ينزل والله جل وعلا لم يترك ولا نبيهعليه‌السلام بيان ما بالمسلمين إليه الحاجة من أمر دينهم، فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذاك النزول غير متكلفين القول بصفته أو بصفة الكيفية، إذ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصف لنا كيفية النزول، وفي هذه الأخبار مابان وثبت وصح أن الله جل وعلا فوق سماء الدنيا

١١٩

الذي أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه ينزل إليه، إذ محال في لغة العرب أن يقول ينزل من أسفل إلى أعلا ومفهوم في الخطاب أن النزول من أعلا إلى أسفل...

- وقال الذهبي في سيره ج ١٧ ص ٦٥٦

قال أبونصر السجزي في كتاب الإبانة: وأئمتنا كسفيان ومالك والحمادين وابن عيينة والفضيل وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق، متفقون على أن الله سبحانه فوق العرش، وعلمه بكل مكان، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا وأنه يغضب ويرضى ويتكلم بما شاء.

- وقال الديلمي في فردوس الأخبار ج ٥ ص ٣٦١

ينزل ربنا عز وجل في ظلل من الغمام والملائكة ويضع عرشه حيث يشاء من الأرض.!

- نقل ابن بطوطة في رحلته ص ٩٠ تمثيل ابن تيمية لنزول اللّه تعالى، فقال:

وكان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة تقي الدين بن تيميه كبير الشام يتكلم في الفنون إلا أن في عقله شيئاً.. وكنت إذ ذاك بدمشق فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم، فكان من جملة كلامه أن قال: إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ونزل ربعة من ربع المنبر، فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن الزهراء وأنكر ما تكلم به، فقامت العامة إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنعال ضرباً كثيراً حتى سقطت عمامته!

وقالوا لو دلّى رجل حبلاً لهبط على الله

- تفسير الصنعاني ج ٢ ص ١٣٩

- عن قتادة قال: بينما النبي (ص) جالس مع أصحابه إذ مر سحاب فقال النبي (ص) أتدرون ما هذه العنان؟ هذه روايا أهل الأرض، يسوقها الله إلى قوم لا يعبدونه. ثم قال: أتدرون ما هذه السماء؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فوق ذلك سماء أخرى... ثم

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168