الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)13%

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا) مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الصفحات: 447

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)
  • البداية
  • السابق
  • 447 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 176442 / تحميل: 7547
الحجم الحجم الحجم
الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الشيطان ومعاقبة العدو، عن جابر قال: سمع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) رجلاً يشتم قنبراً وقد رام قنبر أن يردّ عليه، فناداه أمير المؤمنين عليّ ( عليه السلام ):( مهلاً يا قنبر، دع شاتمك مُهاناً ترضي الرّحمن وتسخط الشيطان وتعاقب عدوّك، فو الذّي فلق الحبّة وبرأ النّسمة! ما أرضى المؤمن ربّه بمثل الحِلم، ولا أسخط الشيطان بمثل الصمت، ولا عوقب الأحمق بمثل السّكوت عنه ) (١) .

فالمنع وطرح البديل اللائق، كفيلان بتحصين وحفظ الثقافة الإسلامية من الأهواء والثقافات الأخرى، وجدير بالذكر أنّ المنع يعتبر وسيلةً دفاعية محضة.

ب. التهذيب

تهذيب البلاغ الثقافي يبتدئ من تهذيب الإنسان لآلات التوصيل والارتباط الثقافي.

فاللسان يعبّر عن حقيقة الكلام وقوّته، والكلام من دون تدبير وتفكير يُفقد المرء الاتزان والتعادل، ويجنح بصاحبه نحو المزالق؛ لأجله في عملية التحصين وممارسة التهذيب على المؤمن أن يتدبّر كلامه؛( لأَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلامٍ تَدَبَّرَهُ فِي نَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ خَيْراً أَبْدَاهُ وَإِنْ كَانَ شَرّاً وَارَاهُ ) (٢) .

____________________

(١) أمالي المفيد: ١١٨.

(٢) نهج البلاغة: الخطبة ١٧٦.

٨١

فالمحلّ الأوّل للكلام في داخل النفس، والمؤمن يتفحص الكلام ويقلّب وجوهه، فإن أصاب الخير أظهره، وان كان فيه الشرّ أنكره؛ لأنّ هذا التهذيب الداخلي هو التأني والتدبّر لنتائج الكلام.

إنّ أمير المؤمنين يعمّق الوعي ويحدّ الرؤية في عملية التهذيب، بحيث إنّها تشمل قنوات وأعضاء أخرى في وجود الإنسان، مثل الخطأ الطفيف لحاسّة البصر الّتي ربّما جلبت مضرّةً، والتي عبّر عنها الإمام بـ ( رمزات الألحاظ ) حيث قد تعني تلك الألحاظ معاني سيئة، ومثل الألفاظ التي ينقلب المعنى فيها إلى غير القصد الصحيح والنافع، والتي ربّما بعثت على سخط الله تعالى أو تحبط الأعمال منها، أو شهوات القلب المترادفة والتي تضع أهداف الإنسان في أسر الأهواء.

قد ورد في الدعاء عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ):( اللّهمّ اغفر لي رمزات الألحاظ، وسقطات الألفاظ، وشهوات الجنان، وهفوات اللسان ) (١) .

وكما أنّ في جسم الإنسان هذه الأعضاء يطلب تهذيبها، كذلك في المجتمع؛ حيث إنّ مشاهدة العين وتدقيقها على ما يخرج أو ما يرد، ينبغي أن يكون عن معرفة وتقوى في قبول الأشياء الداخلة إلى المجتمع والخارجة منه.

أيضاً سقطات الألفاظ فإنّ بعض الألفاظ التي تصدر من بعض الأفراد قد تكون غير مسؤولة وبعيدة عن التروّي والتفكير. هذه الألفاظ قد تجرّ

____________________

(١) نفس المصدر: الخطبة ٧٨.

٨٢

إلى نتائج غير محمودة؛ لذا نجد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يدعوا إلى إجالة النظر ومعرفة هويّة الزّمان وأهله( يا بني، إنّه لابدّ للعاقل من أن ينظر في شأنه فليحفظ لسانه وليعرف زمانه ) (١) .

عندما تكون دائرة المسؤولية كبيرة، ينبغي على الإنسان أن يتصرف بحكمة( يا بنيّ، لا تقل مالا تعلم، بل لا تقل كلّ ما تعلم ) (٢) .

وليس معنى ذلك أن يبخل المرء في أن يقول ما يعلم، وإنّما على المرء أن يعرف في أيّ وعاء يضع علمه، وفي أيّ محلّ ينفقه، ففيه إشارة إلى مراعاة الحكمة في المواضع التي يرتادها الشخص وينشر علمه.

قد تحصل أنّ التحصين الثقافي، الّذي يتم من خلال التهذيب في تمييز ما يرد عليه من أشياء أو ما يصدر منه، لا بد من أن يكون منسجماً مع ثقافة الإسلام، وهو وسيلة دفاعية أكثر منه هجومية.

ج. التحفيز

هو وسيلة لترغيب الإنسان في أن يكون خلاّقاً ومنتجاً ومفيداً، وهو يعتبر وسيلة هجومية في التحصين الثقافي، وهو بعكس المنع الذي يعتبر وسيلة دفاعية محضة.

حثّ الإمام ( عليه السلام ) على العمل ومعرفة الهدف الذي ينتهي إليه، فكلّما كان العمل ذا هدف سامي، وذا طريقة سليمة من حيث الإحكام والإتقان و

____________________

(١) أمالي الطوسي: ١٤٦.

(٢) نهج البلاغة: الحكمة: ٢٨٣/٧٢٢، نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة: ١/٢٤٠.

٨٣

النّهج المتبع، فإنّ ذلك ينعكس إيجاباً في التأثير والتأثر به ولابدّ منه، بحيث إنّه يصبح نموذجاً يُحتذى به ومثالاً يُقتدى به( الْعَمَلَ الْعَمَلَ، ثُمَّ النِّهَايَةَ النِّهَايَةَ، وَالاسْتِقَامَةَ الاسْتِقَامَةَ، ثُمَّ الصَّبْرَ الصَّبْرَ، وَالْوَرَعَ الْوَرَعَ، إِنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى نِهَايَتِكُمْ، وَإِنَّ لَكُمْ عَلَماً فَاهْتَدُوا بِعَلَمِكُمْ، وَإِنَّ لِلإِسْلامِ غَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى غَايَتِهِ ) (١) .

فالعمل مهما كان يحتاج إلى الجدّ أو المثابرة؛ لأنّه مع التهاون والغفلة لا يؤتي التحفيز أُكله،( الجدّ الجدّ أيّها الغافل! ) (٢) .

كيف يمكن مواجهة ومعالجة الغفلة والجمود؟ إنّ ذلك يكون بالعزم والتفكير والتشمير عن ساعد الجدّ والتزوّد من الاستقامة( فَعَلَيْكُمْ بِالْجَدِّ وَالاجْتِهَادِ، وَالتَّأَهُّبِ وَالاسْتِعْدَادِ، وَالتَّزَوُّدِ فِي مَنْزِلِ الزَّادِ ) (٣) .

لقائل أن يقول: لا يمكن تحفيز الطاقة وتشغيلها عند الإنسان بالاعتماد على دوافعه الذاتية الخاصّة فقط!

نعم، نحن لا نقول إنّ تنشيط دوافع الإنسان يكون بالاعتماد والاتكاء على الذّات فقط، بل نقول إنّ نفس حث أمير المؤمنين ( عليه السلام ) هو تحفيز من الخارج إلى الناس.

إنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لم يقتصر في هذا التحفيز على الوعظ والتنبيه والحثّ على العمل فقط، بل مضافاً إلى ذلك فرض محفّزات مالية لزيادة

____________________

(١) نفس المصدر: الخطبة ١٧٦.

(٢) نفس المصدر: الخطبة ١٥٣.

(٣) نفس المصدر: الخطبة ٢٣٠.

٨٤

النشاط والإنتاج والاستفادة، ( عن سالم بن أبي الجعد: فرض عليّ ( عليه السلام ) لمَن قرأ القرآن ألفين ألفين، قال وكان أبي ممّن قرأ القرآن )(١) .

كما أنّ الدوافع الذاتية منشأ التحريك فيها هو ما أعده الله تعالى للذين يعملون الصالحات أو الذين أحسنوا.

فممّا تقدم نلاحظ أنّ التحفيز وسيلة للإبداع وتشغيل القدرات الكامنة في داخل الإنسان، ممّا يجعله وسيلةً تحصينية للثقافة.

د. التبادل الإيجابي

المقصود من التبادل الإيجابي هو ما عناه الحديث الشريف، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال:( قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ): لا عليك أن تصحب ذا العقل وإن لم تحمد كرمه، ولكن انتفع بعقله واحترس من سيء أخلاقه، ولا تدعنّ صحبة الكريم وإن لم تنتفع بعقله، ولكن انتفع بكرمه بعقلك، وافرر كل الفرار من اللئيم الأحمق ) (٢) .

فالتبادل الإيجابي هو مبادرة يقوم بها الإنسان المسلم لإثراء ثقافته من صاحب العقل أو من صاحب الأخلاق؛ لكي يصل إلى مقصوده ومنشوده.

يعتبر التبادل الإيجابي وسيلةً تحصينية متزنة ومعتدلة؛ لأنّها تدعو إلى صحبة ذي العقل وإن لم يحمد كرمه؛ للانتفاع بعقله أو صحبة ذي الكرم؛ للاستفادة من كرمه وإن لم يحمد عقله، أمّا مَن فقد الكرم المحمود والعقل

____________________

(١) كنز العمال: ٢/٣٣٩.

(٢) الأصول من الكافي: ٢/٦٣٨.

٨٥

النافع، فيجب الاحتراز والفرار منه وهو اللئيم الأحمق كما في الرواية الشريفة.

هذا التبادل الإيجابي كما أنّه من الممكن للفرد المسلم ممارسته، كذلك للولايات والأمصار أو الدول تطبيقه في علاقاتها وارتباطاتها، وأخذها ما هو نافع، ولفضها ما هو ضار.

فالملاك في هذا التبادل الثقافي الإيجابي هو أخذ النفع أنّى وجد، وتجنّب الضرر حيث وجد.

على صعيد العلاقات بين المؤمنين، أمر الإمام ( عليه السلام ) بالتفاعل والتواصل وتبادل المحبة والنصح، وتجنّب القطيعة والتدابر:

( عليكم يا بنيّ بالتواصل والتباذِل والتَّبار، وإيّاكم والنفاق والتدابر والتقاطع والتفرّق، وتعاونوا على البّر والتقوى ) (١) .

____________________

(١) نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة: ١/٧٥.

٨٦

الفصل الثامن: الإمام علي ( عليه السلام ) والوظائف الثقافية

الخليفة الذي وُضع للناس معلّماً ومرشداً، له وظائف ثقافية يُمليها عليه طبيعة تكليفه ومسؤوليته.

فالمرشد والزعيم يلاحظ ويراقب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثّقافية والسّياسية في دائرة مسؤوليته، أو الحدود الّتي له صلاحية متابعتها وتقويمها للتي هي أحسن.

لذا كان الإمام ( عليه السلام ) قد مارس وظائف ثقافية؛ لتجديد الحياة الثقافية في أوساط الكوفة، ولتعديل المسار الثقافي باتجاه الهداية الإلهية، سنبيّن تلك الوظائف بما يلي:

١. التشخيص

اعتماد الأُسس الصّحيحة في التشخيص، وإعمال النظر الدقيق فيه، من الأمور التي علّم الإمام ( عليه السلام ) الناس عليها.

٨٧

إنّ إدارة الفحص الحسن وتوطيد الصّحة والسلامة في أفعال الأشخاص وأقوالهم من المسائل المهمة، التي حرّك الإمام عقول وأحاسيس الناس إليها.

فالتشخيص قطبه التقوى ودليله الرؤية القطعية، وهدفه معرفة الحق واتخذ التشخيص طرقاً أربعة:

١. التشخيص عن طريق الرؤية الحسية: هذه الطرّيقة في التشخيص سهلة الممارسة؛ حيث يمارس الإنسان بصره ونظره في رؤية الأشياء ومن ثَمّ يقوم بإصدار الحكم عليها، قد بيّن الإمام ( عليه السلام )، الميزان العدل والموازين القسط في التشخيص السليم وفق هذه الطريقة:

( مَنْ عَرَفَ مِنْ أَخِيهِ وَثِيقَةَ دِينٍ وَسَدَادَ طَرِيقٍ فَلَا يَسْمَعَنَّ فِيهِ أَقَاوِيلَ الرِّجَالِ، أَمَا إِنَّهُ قَدْ يَرْمِي الرَّامِي وَتُخْطِئُ السِّهَامُ، وَيُحِيلُ الْكَلامُ وَبَاطِلُ ذَلِكَ يَبُورُ، وَاللَّهُ سَمِيعٌ وَشَهِيدٌ، أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ إِلاّ أَرْبَعُ أَصَابِعَ ) ، ( فسئل ( عليه السلام ) عن معنى قوله هذا ) فجمع أصابعه ووضعها بين أذنه وعينه ثمّ قال:( الْبَاطِلُ أَنْ تَقُولَ سَمِعْتُ، وَالْحَقُّ أَنْ تَقُولَ رَأَيْتُ ) (١) .

٢. التشخيص عن طريق العلامات الظاهرة: هذه الطريقة تحتاج إلى نوع من المتابعة والوعي، قد وضع الإمام بين يدي النّاس الطريقة العملية في تشخيص أصناف الناس وتحديد هويّاتهم بوضع العلامات المميزّة لهم( ثلاث علامات للمرائي: ينشط إذا رأى الناس، ويكسل إذا كان وحده، ويحبّ أن يُحمد في جميع أموره ) (٢) ( لِلظَّالِمِ مِنَ الرِّجَالِ ثَلاثُ عَلامَاتٍ: يَظْلِمُ مَنْ

____________________

(١) نهج البلاغة: الخطبة ١٤١.

(٢) الأصول من الكافي: ٢/٢٣٦.

٨٨

فَوْقَهُ بِالْمَعْصِيَةِ، وَمَنْ دُونَهُ بِالْغَلَبَةِ، وَيُظَاهِرُ الْقَوْمَ الظَّلَمَةَ ) (١) .

٣. التشخيص عن طريق الرموز الظاهرية والتغييرات النفسية : هذه الطّريقة أصعب تحديداً من سابقاتها وتكون بمتابعة التغييرات النفسية، وما يظهر منها على صفحات الوجوه، حيث إنّ الرّموز الظّاهرة على صفحات الوجه وتغيّر نظرات الإنسان وإيحائها، أو حركات اليد وتعبيراتها، تعبّر عن نوع الانفعال النّفسي المنبسط داخل وجود الإنسان.

هذه الطريقة تحتاج إلى التركيز والدقة، إضافة للفراسة الّتي يمتلكها الفرد عن طريق المعرفة أو الإيمان في تشخيص هذه الرموز( مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلاّ ظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ وَصَفَحَاتِ وَجْهِهِ ) (٢) ( الْمَرْءُ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ ) (٣) .

٤. التشخيص لِما في باطن الإنسان عن طريق التقوى العالية : هذه القدرة التشخيصية تحتاج إلى مرتبة معنوية رفيعة، وهي لا تتيسّر لكلّ أحد، إلا بالمراقبة القوية والعمل المستمرّ والجادّ في طاعة الله تعالى، الأصبغ بن نباتة قال: أتى رجل إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وقال: إنّي أحبّك في السّر كما أحبك في العلانية، قال: فنَكَت أمير المؤمنين بعود كان في يده في الأرض ساعة ثمّ رفع رأسه فقال:كذبت والله.

ثمّ أتاه رجل آخر فقال: إنّي أحبّك، فنَكَت بعود في الأرض طويلاً ثمّ رفع رأسه فقال:

____________________

(١) نهج البلاغة / الحكمة: ٣.

(٢) نفس المصدر: الحكمة: ٢٦.

(٣) نفس المصدر: الحكمة: ١٤٨.

٨٩

( صدقت، إنّ طينتا طينة مرحومة، أخذ الله ميثاقها يوم أخذ الميثاق، فلا يشذّ منها شاذّ، ولا يدخل فيها داخل إلى يوم القيامة ) (١) .

نعيد القول والإشارة إلى أنّ هدف الوظيفة التشخيصية هي معرفة الحق وتمييزه عن الباطل، وقد تجلّت هذه الوظيفة التشخيصية في قول أمير المؤمنين للخوارج لمّا سمع قولهم ( لا حكم إلاّ لله ) قال ( عليه السلام ):( كلمة حقٍّ يُراد بها باطل ) (٢) .

٢. الاستشارة

شاور أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أصحابه في أكثر من موطن ومناسبة؛ تأسّياً بالنّبي في سيرته وتجسيداً لقوله تعالى:( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكّلْ عَلَى‏ اللّهِ ) (٣) الآية الكريمة كانت تأمر النبيّ الأكرم ( صلّى الله عليه وآله ) في مشاورة أصحابه، والقرار والعزم النهائي يبقى بيد النبي الكريم، ويتوكل على الله في تنزيل الأمر والموضوع إلى الواقع.

هذه الاستشارة تعني إشراك الأمّة في القضايا الّتي تتعلّق بها، وتحريك فعالية المسلمين نحو الأمور المختلفة( فَأَعِينُونِي بِمُنَاصَحَةٍ، خَلِيَّةٍ مِنَ الْغِشِّ سَلِيمَةٍ مِنَ الرَّيْبِ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَوْلَى النَّاسِ بِالنَّاسِ ) (٤) .

____________________

(١) مناقب آل أبي طالب: ٢.

(٢) نهج البلاغة: الخطبة ٤٠.

(٣) آل عمران: ١٥٩.

(٤) نهج البلاغة: الخطبة ١١٨.

٩٠

وهي لا تعني قصور القيادة العليا للمسلمين عن نيل الرأي السديد؛ بل هي من أجل وضع المسلمين في دائرة المسؤولية المتبادلة، وتفعيل دورهم باتجاه القضايا المختلفة.

يبقى الاختيار والقرار بعد المشورة بيد مَن يتولّى أمور المسلمين.

( إنّي لأَولى النّاس بالنّاس، أضمم أراء الرّجال بعضها إلى بعضٍ، ثمّ اختر أقربها إلى الصّواب وأبعدها من الارتياب ) (١) .

للاستشارة بُعدين أو ظهيرين يمكن استشفافهما من الحكمة العلوية( وَلا ظَهِيرَ كَالْمُشَاوَرَةِ ) (٢) وهما:

١. الظّهير أو البعد العلمي: أي البعد العلمي بضمّ الآراء إلى بعضها، حيث يعطي ضفر الآراء القوّة والمتانة للرأي المستخلص منها.

٢. الظهير أو البعد الاجتماعي: يتمثل في اجتماع المسلمين بمكان واحد لمداولة أمورهم أو البحث عن رأي سليم، ففي ذلك الاجتماع قوة اجتماعية للمسلمين؛ حيث تشدّ النّفوس بعضها إلى بعض.

مارس أمير المؤمنين الاستشارة عملياً، فالمؤرّخون يذكرون أنّه بعد قتل أشرس بن حسّان البكري وأصحابه في الأنبار، عندما كانوا على مسلحتها على يد كتائب بقيادة سفيان بن عوف، وصل الخبر إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام )، وعندما دعا ( عليه السلام ) الناس وانتدبهم إلى لقاء الأعداء، إلاّ أنّهم لم يحسنوا السمع والإجابة وأكثروا الكلام، ولم يجب دعوته ( عليه السلام ) إلاّ ثلاثمِئة نفر.

____________________

(١) نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة: ١/٢٤٨.

(٢) نهج البلاغة: الحكمة: ٥٤.

٩١

حزن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وعلت وجهه الكآبة، وجاءه بعض الأصحاب يواسونه بالموالاة والنصرة، ( فقام حجر بن عديّ الكندي وسعيد بن قيس الهمداني، فقالا: لا يسوءك الله يا أمير المؤمنين، مرنا بأمرك نتبعه، فو الله! ما نعظم جزعاً على أموالنا إن نفدت، ولا على عشائرنا إن قُتلت في طاعتك.

فقال:تجهّزوا للمسير إلى عدوّنا ، فلمّا دخل منزله ودخل عليه وجوه أصحابه، قال لهم:أَشيروا عليّ برجلٍ صليب ناصح، يحشر النّاس من السواد .

فقال له: سعيد بن قيس: يا أمير المؤمنين! أشير عليك بالناصح الأَريب الشجاع الصليب، معقل بن قيس التميمي.

قال:نعم ، ثمّ دعاه فوجّهه، فسار فلم يقدم حتى أصيب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) )(١) .

ذكر ابن أعثم الكوفي أحداث تاريخية شاور فيها الإمام أصحابه، صرفنا القلم عنها خشية الإطالة(٢) .

٣. التصحيح

هو عبارة عن حذف وإقصاء الثّقافة الخاطئة عن مجتمع المسلمين، وإعادة الثقافة الصحيحة إلى مكانها.

الغاية من هذه الوظيفة التصحيحية هي تسريع الحركة الثقافية و

____________________

(١) الغارات: ٢/٤٨٢، شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد: ٢/٩٠.

(٢) الغارات: ٢/٣٥٢ - ٣٧٣ - ٤٤٢.

٩٢

تنشيطها داخل المجتمع، قد اتخذ التصحيح من جانب الإمام ( عليه السلام ) أشكالاً مختلفة بحسب نوع الخطأ الذي تمّ تحديده، الأشكال التصحيحية كما يلي:

١. تصحيح الدافع الثقافي: إنّ أيّ حركة ثقافية يُراد تصحيحها لابّد من تصحيح جذورها؛ لأنّها النقطة الأُولى التي خرجت منها الحركة، عنه ( عليه السلام ) لسائل سأله عن معضلة:( سَلْ تَفَقُّهاً وَلا تَسْأَلْ تَعَنُّتاً ) (١) .

التصحيح سلّطه الإمام على دافع السؤال والمنطلق الأَوّل الذي خرج منه السؤال، فإذا كان دافع ونية السؤال خاطئةً، فحينئذٍ يكون صبّ العلم وإفراغه على محلّ ونية خاطئةً( وَإِنَّ الْعَالِمَ الْمُتَعَسِّفَ شَبِيهٌ بِالْجَاهِلِ الْمُتَعَنِّتِ ) (٢) .

٢. تصحيح الضابط الثقافي: الإمام بيّن المعيار الصحيح لمعرفة الحق لأحد أصحابه، نهض الحارث بن حَوط الليثي إلى عليّ بن أبي طالب وهو على المنبر، فقال أتظنّ أنّا نظنّ أنّ طلحة والزبير كانا على ضلال؟ قال:( يا حارث، إنّه ملبوس عليك، إنّ الحق لا يُعرف بالرّجال، فاعرف الحق تعرف أهله ) (٣) .

إنّ الإمام ( عليه السلام ) أعطى ضابطاً مهّماً لمعرفة الحق وهو: اعرف الحق تعرف أهله، وشطب على المعيار الخاطئ الذي كان ينظر بن الحارث بن حوط.

٣. تصحيح المفهوم الثقافي: على الإنسان المسلم أن لا يقف عند قالب اللفظ، بل عليه أن يعبر إلى المفهوم الواسع للكلمة؛ للإشراف على حقيقتها، قال ( عليه السلام )، لقائل بحضرته ( أَستغفرُ الله ):( ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، أَتَدْرِي مَا الاسْتِغْفَارُ؟

____________________

(١) نهج البلاغة / الحكمة: ٣٢٠ / ٧٠٦؛ الغارات: ١/١٧٩.

(٢) نفس المصدر.

(٣) نفس المصدر / الحكمة: ٢٦٢.

٩٣

الاسْتِغْفَارُ دَرَجَةُ الْعِلِّيِّينَ، وَهُوَ اسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى سِتَّةِ مَعَانٍ، أَوَّلُهَا النَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى، وَالثَّانِي الْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْعَوْدِ إِلَيْهِ أَبَداً، وَالثَّالِثُ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ حُقُوقَهُمْ حَتَّى تَلْقَى اللَّهَ أَمْلَسَ لَيْسَ عَلَيْكَ تَبِعَةٌ، وَالرَّابِعُ أَنْ تَعْمِدَ إِلَى كُلِّ فَرِيضَةٍ عَلَيْكَ ضَيَّعْتَهَا فَتُؤَدِّيَ حَقَّهَا، وَالْخَامِسُ أَنْ تَعْمِدَ إِلَى الَّذِي نَبَتَ عَلَى السُّحْتِ فَتُذِيبَهُ بِالأَحْزَانِ حَتَّى تُلْصِقَ الْجِلْدَ بِالْعَظْمِ وَيَنْشَأَ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ جَدِيدٌ، وَالسَّادِسُ أَنْ تُذِيقَ الْجِسْمَ أَلَمَ الطَّاعَةِ كَمَا أَذَقْتَهُ حَلاوَةَ الْمَعْصِيَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ) (١) .

٤. تصحيح الاستعمال الثقافي: بعض الاستعمالات الثقافية ليس صحيحة، وقد لاحظ الإمام ( عليه السلام ) رجلاً يهنّئ آخر - بمولود وُلد له - باستعمال ثقافي خاطئ، فقال له: ليهنئك الفارس، فقال ( عليه السلام ):(لا تَقُلْ ذَلِكَ وَلَكِنْ قُلْ، شَكَرْتَ الْوَاهِبَ وَبُورِكَ لَكَ فِي الْمَوْهُوبِ وَبَلَغَ أَشُدَّهُ وَرُزِقْتَ بِرَّهُ ) (٢) .

هنّأ الإمام ( عليه السلام ) بعد أن نحّى الاستعمال الخاطئ طرح الاستعمال الصحيح.

٤. الترشيد

الترشيد في اللغة من ( رشد: والرّشد والرّشد خلاف الغيّ، يُستعمل استعمال الهداية )(٣) و( أَرشدَهُ: هداه ودَلَّه )(٤) .

____________________

(١) نفس المصدر: الحكمة: ٤١٧.

(٢) نفس المصدر: الحكمة: ٣٥٤.

(٣) معجم مفردات ألفاظ القرآن: ٢٢١.

(٤) المعجم الوسيط: ٢/ ٣٤٦.

٩٤

ورد معنى الرشد في كلمات أمير المؤمنين بمعنى أنّ أداء الطاعة يترشّح منها الأمن والهداية( مَن يُطع الله يأمن ويرشد، ومَن يعصه يخب ويندم ) (١) .

كما أنّ الرّشد والهداية الّتي يعرفها النّاس عن أمير المؤمنين، هي هداية النّاس والأخذ بأيديهم إلى الصراط المستقيم، عن حذيفة بن اليمان أنّه قال: ( إن يولّوها علياً - في كلام وقد مرّ - تجدوه هادياً مهدياً يسلك بكم الطريق المستقيم )(٢) .

في رواية الزبير بن بكار التي ينقلها عن قبيصة بن جابر الأسدي، أنّ رجلاً سأل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن الإيمان، فخطب في النّاس وبيّن صفة الإيمان ودعائمه والشُعب التي يقوم عليها، حتى أنّ الرّجل السائل قام شاكراً لأمير المؤمنين ترشيده وهدايته وبيانه.

قام رجل إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) فسأله عن الإيمان، فقام ( عليه السلام ) خطيباً فقال:( الحمد الله الذي شرع الإسلام فسهل شرائعه لمَن وردهُ ...

فبالإيمان يُستدل على الصالحات، وبالصالحات يعمر الفقه، وبالفقه يرهب الموت، وبالموت تُختم الدّنيا، وبالقيامة تزلف الجنة للمتقين وتبرز الجحيم للغاوين.

والإيمان على أربع دعائم: الصبر واليقين والعدل والجهاد.

____________________

(١) أمالي المفيد: ٢١٢.

(٢) مناقب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ): ٢/٥٨٨.

٩٥

فالصبر على أربع شُعب: الشوق والشفق والزهادة والترقّب، أَلا مَن اشتاق إلى الجنة سلى عن الشهوات، ومَن أشفق من النّار رجع عن المحرّمات، ومَن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات، ومَن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات، واليقين على أربع شعب فهذه صفة الإيمان ودعائمه.

فقال له السائل: لقد هديت يا أمير المؤمنين وأرشدت، فجزاك الله عن الدين خيراً(١) .

في بيان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) للإيمان تجلى الطريق العلمي والعملي للترشيد، قد وصل البلاغ العذر - من قبل الإمام - إلى الناس وأدخلهم إلى الطريق الواضح المستقيم،( لقد حملتكم على الطرّيق الواضح، الّتي لا يهلك عليها إلاّ هالكٌ، مَن استقام فإلى الجنّة، ومَن زلّ فإلى النار ) (٢) .

في طريق آخر لمعرفة الرّشد، أوضح الإمام أنّ تلك المعرفة تنبثق من معرفة الذي ترك الرّشد( واعلموا أنّكم لن تعرفوا الرّشد حتى تعرفوا الّذي تركه، ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذّي نقضه ) (٣) .

إنّ طريق الهداية إذا لم يتضّمن معرفة عدوّ هذا الطريق، فسوف لن يكون هناك وصول إلى الرّشد؛ إذ من الممكن أن يُقطع الطريق على سالك طريق الرشد، ولن يكون هناك بلوغ إلى أقصاه إذا لم يطّلع على عدو هذا

____________________

(١) نهج البلاغة: الحكمة: ٣١، الأصول الكافي: ٢/٥٠، أمالي الطوسي: ٣٧.

(٢) نهج البلاغة: الخطبة ١١٩.

(٣) نفس المصدر: الخطبة ١٤٧.

٩٦

الطريق، ونقاط الضعف التي يستغلها للتسلّل والقعود على الصراط.

فالمسلّم عليه أن لا يكتفي وظيفياً بالاطلاع على الثقافة الإيجابية الّتي هي ثقافة الهداية والترشيد، بل عليه أيضاً أن يطّلع على الثقافة الأخرى التاركة للثقافة الإسلامية حتى يتكامل الترشيد.

قد أمر ( عليه السلام ) بالأخذ بنهج الخير ومعرفته والإعراض عن نهج الشر بمعرفته( فخذوا نهج الخير تهتدوا، واصدفوا عن سمت الشّرِّ تقصدوا ) (١) .

____________________

(١) نفس المصدر: الخطبة ١٦٧.

٩٧

٩٨

الفصل التاسع: الإمام علي ( عليه السلام ) والأساليب الثقافية

تعددت الأساليب الثقافية وتنوّعت عناوينها بحسب الشؤون والأحداث الّتي عالجها الإمام، وقد اقتضى كلّ موقف أُسلوباً وغايةً يختصان به، هذه الأساليب هي كما يلي:

١. الأسلوب الوعظي

استخدم الإمام هذا الأسلوب كثيراً والغاية منه هي الوصول إلى ثمرة التقوى.

في هذا الأسلوب نثر الإمام (عليه السلام) لآليء مواعظه، والتي هي جامعة للعِظة والحكمة، حسب رأى ابن أبي الحديد( فإنّ الغاية أمامكم، وإنّ وراءكم الساعة تحدوكم، تخفّفوا تلحقوا، فإنّما ينتظر بأَوّلكم آخركم ) .

قال الرضي رحمه الله: ( أقول إنّ هذا الكلام لو وُزن بعد كلام الله سبحانه

٩٩

وبعد كلام رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) بكلّ كلام، لمال به راجحاً وبرّز عليه سابقاً )(١) .

إنّ علة جامعية هذه الموعظة المليئة معنىً، هي أنّ الإمام ذكر الغاية والمحرك والمسير والمصير في عبارة واحدة جامعة للعظة.

مرّة أخرى طُلب من أمير المؤمنين موعظة مختصرة، فوعظ بذكر الدار ودقة الإقامة فيها، وذكر السبق في العمل والإعراض عن التأسي بالنبي ( صلّى الله عليه وآله ) إلى الرّغبات؛ قيل لأمير المؤمنين ( عليه السلام ): عظنا وأوجز، فقال:

( الدنيا في حلالها حساب وحرامها عقاب، وأنّى لكم بالرَّوح ولمّا تأسَّوا بسنة نبيكم، تطلبون ما يطغيكم ولا ترضون ما يكفيكم ) (٢) .

هناك خطب كثيرة تضمنت الحكمة والموعظة الحسنة، وقد آثرنا الاختصار وتجنّبنا الإكثار؛ لأنّها فوق التعريف لشهرتها.

٢. الأسلوب التذكيري

الغاية من هذا الأسلوب هي النظر في العواقب واستلهام العبرة، قد ورد في التنزيل الحكيم:( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ) (٣) و( أَوَلَمْ نُعَمّرْكُم مّا يَتَذَكّرُ فِيهِ مَن تَذَكّرَ ) (٤) جاء في كلام له ( عليه السلام ):( وليكن نظركم عبراً ) (٥) .

____________________

(١) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: ١/٣٠١.

(٢) الأصول من الكافي: ٢/٤٥٩.

(٣) الروم: ٩.

(٤) فاطر: ٣٧.

(٥) نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة: ١/٧٥.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

وكله إلى الملك، فإن هو أقبل على صلاته بكله(١) رفعت صلاته كاملة(٢) وإن سها فيها بحديث النفس نقص من صلاته بقدر ما سها وغفل، ورفع من صلاته ما أقبل عليه منها، ولا يعطي الله القلب الغافل شيئاً.

وإنما جعلت النافلة لتكمل بها الفريضة(٣) .

قال: وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام ، يقول في سجوده: « اللهم ارحم ذلي بين يديك، وتضرعي إليك ووحشتي من الناس، وأنسي بك(٤) يا كريم(٥) ، فإني عبدك وابن عبدك، أتقلب(٦) في قبضتك، يا ذا المن والفضل والجود والغناء والكرم(٧) ، إرحم ضعفي وشيبتي من النار يا كريم ».

وكان أبو جعفرعليه‌السلام ، يقول وهو ساجد: « لا إله إلاّ الله حقاً حقاً، سجدت لك يا رب تعبداً ورقاً، وإيماناً وتصديقاً يا عظيم، إن عملي ضعيف فضاعفه لي، يا كريم يا جبار، إغفر لي ذنوبي وجرمي، وتقبل عملي، يا كريم يا جبار »(٨) .

وكان أبو عبداللهعليه‌السلام ، يقول في سجدته: « يا كائن قبل كل شيء، ويا مكوّن كل شيء، لا تفضحني فإنك بي عالم، ولا تعذبني(٩) فإنك علي قادر، اللهم إني أعوذ بك من العديلة عند الموت، ومن شر المرجوع(١٠) في القبر، ومن الندامة يوم القيامة، اللهم إني أسألك ( عيشة نقية )(١١) وميتة سوية، ومنقلباً كريماً غير ( مخزٍ ولا )(١٢) فاضح ».

وكان أبو عبداللهعليه‌السلام ، يقول: « اللهم إن مغفرتك أوسع من ذنوبي، و

____________________

(١) في نسخة « ض »: « بكليته ».

(٢) ورد مؤداه في الكافي ٣: ٢٦٥|٥.

(٣) ورد مؤداه في الفقيه ١: ١٩٨|٩١٧، والكافي ٣: ٣٦٢|١، والتهذيب ٢: ٣٤٢|١٤١٦.

(٤) في نسخة « ض »: « إليك ».

(٥) الكافي ٣: ٣٢٧|٢١.

(٦) في نسخة « ش »: « أنقلب ».

(٧) في نسخة « ض »: « ذا الكرم ».

(٨) الكافي ٣: ٣٢٧|٢١ باختلاف يسير.

(٩) ليس في نسخة « ش ».

(١٠) كذا، وفي البحار ٨٦: ٢٢٩|٥١: المرجع.

(١١) في نسخة « ش »: « نقية عشية »، وفي نسخة « ض »: « عيشة نقبة » وما أثبتناه من البحار.

(١٢) في نسخة « ش »: « مخذولٍ » تصحيف، صوابه ما أثبتناه من نسخة « ض ».

١٤١

رحمتك أرجى عندي من عملي، فاغفر لي، يا حي ومن لا تموت ».

وكان أبوالحسنعليه‌السلام ، يقول في سجوده: « لك الحمد إن أطعتك ولك الحجة إن عصيتك، لا صنع لي - ولا لغيري - في إحسان كان مني حال الحسنة، يا كريم صل بما سألتك من مشارق الأرض ومغاربها من المؤمنين ومن ذريتي، اللهم أعنّي على ديني بدنياي، وعلى آخرتي بتقواي، اللهم احفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني الى نفسي فيما قصرت، يا من لا تنقصه المغفرة، ولا تضره الذنوب، صلّ على محمد وعلى آل محمد، واغفرلي ما لا يضرك، واعطني ما لا ينقصك » وبالله التوفيق.

١٤٢

١٢ - باب صلاة الجماعة وفضلها

إعلم: أن الصلاة بالجماعة أفضل بأربع وعشرين صلاة من صلاة في غير جماعة(١) .

وإن أولى الناس بالتقديم(٢) في الجماعة أقرأهم بالقرآن، وإن كان في القرآن سواء فأفقههم، وإن كان في الفقه سواء فأقربهم هجرة، وإن كان في الهجرة سواء فأسنّهم فإن كان في السن سواء فأصبحهم وجهاً، وصاحب المسجد أولى بمسجده.

وليكن من يلي الإمام منكم أولوا الأحلام والتقى، فإن نسي الإمام أو تعايا(٣) يُقَوّمْهُ(٤) .

وأفضل الصفوف أولها، وأفضل أولها ما قرب من الإمام(٥) .

وأفضل صلاة الرجل ( في جماعة )(٦) وصلاة واحدة ( في جماعة )(٧) بخمس و عشرين صلاة من غير جماعة، وترفع له في الجنة خمس وعشرون درجة(٨) ، فإن صليت

____________________

(١) ورد مؤداه في الفقيه ١: ٢٤٥، وعيون أخبار الرضاعليه‌السلام ٢: ١٢٣.

(٢) في نسخة « ض »: « بالتقدم ».

(٣) في نسخة « ش »: « لغي » وما أثبتناه من نسخة « ض ». تعايا: عجز، و المراد هنا العجز عن القراءة « مجمع البحرين - عيا - ١: ٣١٢ ».

(٤) الفقيه ١: ٢٤٦، المقنع: ٣٤، عن رسالة أبيه، من « وإن أولى الناس... ».

(٥) الفقيه ١: ٢٤٧، عن رسالة أبيه، الكافي ٣: ٣٧٢|٧، التهذيب ٣: ٢٦٥|٧٥١.

(٦) في نسخة « ش »: « الجماعة ».

(٧) ليس في نسخة « ش ».

(٨) أورد الصدوق مؤداه في الخصال: ٥٢١، والمقنع: ٣٤ عن رسالة أبيه، و الهداية: ٣٤، وثواب الأعمال: ٥٩|١.

١٤٣

جماعة فخفف بهم الصلاة(٢) ، وإذا كنت وحدك فثقّل فإنها العبادة، فإن خرجت منك ريح أو غير ذلك مما ينقض الوضوء أو ذكرت أنك على غير وضوء فسلم على أي حال كنت في صلاتك، وقدم رجلاً يصلي بالقوم بقية صلاتهم، وتوضأ وأعد صلاتك(٣) .

فإن كنت خلف الإمام، فلا تقم في الصف الثاني إذا وجدت في الأول موضعاً(٤) ، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « اتموا صفوفكم، فإني أراكم من خلفي كما أراكم(٥) من قدامي، ولا تخالفوا فيخالف الله قلوبكم »(٦) .

وإن وجدت ضيقاً في الصف الأول، فلا بأس أن تتأخر إلى الصف الثاني(٧) وإن وجدت في الصف الأول خللاً، فلا بأس أن تمشي إليه فتتمه(٨) .

وإن دخلت المسجد، ووجدت الصف الأول تامّاً فلا بأس أن تقف في الصف الثاني وحدك، أو حيث شئت(٩) ، وأفضل ذلك قرب الإمام(١٠) .

فإن سبقت بركعة أو ركعتين، فاقرأ في الركعتين الأولتين(١١) من صلاتك ( الحمد ) وسورة، فإن لم تلحق السورة أجزأك ( الحمد ) وحده، وسبح في الأخرتين، وتقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر(١٢) .

ولا تصل خلف أحد، إلا خلف رجلين: أحدهما من تثق به وتدينه(١٣) بدينه وورعه، وآخر من تتقي سيفه وسوطه وشره وبوائقه وشنعه فصلّ خلفه على سبيل التقية

____________________

(١) ليس في نسخة « ض ».

(٢) ورد مؤداه في الفقيه ١: ٢٥٥|١١٥٢، والتهذيب٣: ٢٧٤|٧٩٥.

(٣) الفقيه ١: ٢٦١، والمقنع ٣٤، عن رسالة والده.

(٤) ورد مؤداه في الفقيه ١: ٢٥٢|١١٤٠ و٢٥٣|١١٤٢.

(٥) ليس في نسخة « ض ».

(٦) أورده الصدوق في الفقيه ١: ٢٥٢|١١٣٩، وأورده عن رسالة أبيه في المقنع: ٣٤.

(٧) ورد مؤداه في الفقيه ١: ٢٥٣|١١٤٢.

(٨) المقنع: ٣٦.

(٩) ورد مؤداه في الكافي ٣: ٣٨٥|٣، والتهذيب ٣: ٥١|١٧٩.

(١٠) ورد مؤداه في الكافي ٣: ٣٧٢|٧، والتهذيب ٣: ٢٦٥|٧٥١.

(١١) في نسخة « ش »: « الأوليين ».

(١٢) ورد مؤداه في الفقيه ١: ٢٥٦|١١٦٢، والتهذيب ٣: ٤٥|١٥٨.

(١٣) كذا في « ش » و« ض » والبحار ٨٨: ١٠٦، والظاهر أن الصواب: « وتدين ».

١٤٤

والمداراة، وأذن لنفسك وأقم، واقرأ فيها، لأنه غير مؤتمن به، فإن فرغت قبله من القراءة، أبق آية منها حتى تقرأ وقت ركوعه، وإلاّ فسبح إلى أن يركع(١) .

وأن كنت في صلاة نافلة واُقيمت الجماعة فاقطعها، وصلّ الفريضة مع الإمام. وإن كنت في فريضتك واُقيمت الصلاة فلا تقطعها، واجعلها نافلة وسلّم في ركعتين(٢) ، ثم صلّ مع الإمام إلا أن يكون الإمام ممن لا يقتدى به، فلا تقطع صلاتك ولا تجعلها نافلة، ولكن اخط إلى الصف وصلّ معه، وإذا صليت أربع ركعات وقام الإمام إلى الرابعة ( فقم معه، تشهد )(٣) من قيام وسلم من قيام(٤) .

( وسألت العالمعليه‌السلام )(٥) عما يخرج من منخري الدابة - إذا انخرت - فأصاب ثوب الرجل، قال: لا بأس عليك أن تغسل(٦) .

وسألته أخف ما يكون من التكبير، قال: ثلاث تكبيرات قال: ولا بأس بتكبيرة واحدة(٧) .

قال: صلاة الوسطى العصر(٨) .

____________________

(١) الفقيه ١: ٢٤٩، المقنع: ٣٤، عن رسالة والده باختلاف في بعض ألفاظه.

(٢) في نسخة « ش »: « الركعتين ».

(٣) ما بين القوسين في نسخة « ش »: « فقم تشهد ».

(٤) الفقيه ١: ٢٤٩ عن رسالة أبيه.

(٥) في نسخة « ض »: « وسألته ».

(٦) الكافي ٣: ٥٨|٧، التهذيب ١: ٤٢٠|١٣٢٨ باختلاف يسير.

(٧) ورد مؤداه في التهذيب ٢: ٦٦|٢٤٢ و٢٨٧|١١٥٠.

(٨) ورد مؤداه في الفقيه ١: ١٢٥|٦٠٠، والكافي ٣: ٢٧١|١، والتهذيب ٢: ٢٤١|٩٥٤.

١٤٥

١٣ - باب صلاة السفينة

وإذا كنت في السفينة وحضرت الصلاة، فاستقبل القبلة وصل إن(١) أمكنك قائماً، و إلاّ فاقعد إذا لم يتهيأ لك وصلّ قاعداً، وإن دارت السفينة فدر معها وتحر الى القبلة(٢) .

وإن عصفت الريح، فلم يتهيأ لك أن تدور إلى القبلة، فصلّ إلى صدر السفينة(٣) .

ولا تخرج منها إلى الشط من أجل الصلاة(٤) . وروي أنه تخرج إذا أمكنك الخروج، ولست تخاف عليها أنها تذهب، إن قدرت أن توجه نحو القبلة، وإن لم تقدر تثبت(٥) مكانك، هذا في الفرض(٦) .

ويجزيك في النافلة أن تفتتح(٧) الصلاة تجاه القبلة، ثم لا يضرك كيف دارت السفينة، لقول الله تبارك وتعالى:(فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (٨) .

والعمل على(٩) أن تتوجه إلى القبلة، وتصلي على أشد ما يمكنك في القيام

____________________

(١) في نسخة « ش »: « ما ».

(٢) ورد مؤداه في الفقيه ١: ٢٩١|١٣٢٢، والمقنع: ٣٧، والهداية: ٣٥ والتهذيب ٣: ١٧١|٣٧٧.

(٣) الهداية: ٣٥، وورد مؤداه في الفقيه ١: ١٨١|٨٥٨.

(٤) ورد مؤداه في الفقيه ١: ٢٩١|١٣٢٣، والهداية: ٣٥، والتهذيب ٣: ٢٩٥|٨٩٤.

(٥) في نسخة « ض »: « تلبثت ».

(٦) ورد مؤداه في التهذيب ٣: ١٧٠|٣٧٥، والاستبصار ١: ٤٥٥|١٧٦٢.

(٧) في نسخة « ش »: « تفتح ».

(٨) البقرة ٢: ١١٥، وورد مؤداه في الفقيه ١: ٢٩٢ |١٣٢٨، والمقنع: ٣٧، و تفسير العياشي: ١: ٥٦|٨١.

(٩) ليس في نسخة « ض ».

١٤٦

والقعود، ثم ان(١) يكون الانسان ثابتاً مكانه أشد لتمكنه في الصلاة، من أن يدور لطلب القبلة، وبالله التوفيق(٢) .

____________________

(١) في نسخة « ض » زيادة: « لا ».

(٢) ورد مؤداه في الكافي ٣: ٤٤١|٢.

١٤٧

١٤ - باب صلاة الخوف

إذا كنت راكباً وحضرت الصلاة وتخاف من سبع أولص أو غير ذلك، فلتكن صلاتك على ظهر دابتك، وتستقبل القبلة وتومئ إيماءً إن أمكنك الوقوف، وإلاّ استقبل القبلة بالإفتتاح، ثم امض في طريقك التي تريد - حيث توجهت بك راحلتك - مشرقاً و مغرباً.

وتنحني للركوع والسجود، ويكون السجود أخفض من الركوع، وليس لك أن تفعل ذلك إلاّ آخر الوقت(١) .

وإن كنت في حرب - هي لله رضا - وحضرت الصلاة، فصلّ على ما امكنك على ظهر دابتك، وإلاّ(٢) تومئ إيماءً أو تكبر وتهلل.

وروي أنه فات الناس مع عليعليه‌السلام - يوم صفين - صلاة الظهر والمغرب و العشاء، فأمر عليعليه‌السلام فكبروا وهللوا وسبحوا، ثم قرأ هذه الآية:(فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا) (٣) فأمرهم عليعليه‌السلام فصنعوا ذلك رجالاً وركباناً(٤) .

فإن كنت مع الإمام، فعلى الإمام أن يصلي بطائفة ركعة وتقف الطائفة الأخرى بأزاء العدو، ثم يقوم ويخرجون فيقيمون موقف أصحابهم بأزاء العدو، وتجيء الطائفة

____________________

(١) ورد مؤداه في الفقيه ١: ١٨١ عن رسالة أبيه و٢٩٥|١٣٤٨، والمقنع: ٣٨، والكافي ٣: ٤٥٩|٦، والتهذيب ٣: ١٧٣|٣٨٣.

(٢) في نسخة « ش »: « وأن ».

(٣) البقرة ٢: ٢٣٩.

(٤) ورد مؤداه في تفسير العياشي ١: ١٢٨|٤٢٣، والكافي ٣: ٤٥٧|٢، والتهذيب ٣: ١٧٣|٣٨٤، من « وإن كنت في حرب... ».

١٤٨

الأخرى فتقف خلف الإمام، ويصلي بهم الركعة الثانية، فيصلونها ويتشهدون ويسلم الإمام ويسلمون بتسليمه، فيكون للطائفة الأولى تكبيرة الإفتتاح وللطائفة الاُخرى التسليم(١) .

وإن كان صلاة المغرب، فصل بالطائفة الاُولى ركعة، وبالطائفة الثانية ركعتين(٢) .

وإذا تعرض لك سبع وخفت أن تفوت الصلاة، فاستقبل القبلة وصلّ صلاتك بالإيماء، فإن خشيت السبع يعرض لك، فَدُر معه كيف ما دار، وصلّ بالإيماء كيف ما يمكنك(٣) .

____________________

(١) ورد مؤداه في الفقيه ١: ٢٩٣|١٣٣٧، والمقنع: ٣٩، والكافي ٣: ٤٥٥|١ و٢، والتهذيب ٣: ١٧١|٣٧٩.

(٢) ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه ١: ٢٩٤|١٣٣٨.

(٣) الفقيه ١: ١٨١ عن رسالة أبيه.

١٤٩

١٥ - باب صلاة المطاردة والماشي

إذا كنت تمشي متفزعاً من هزيمة، أو من لص، أو داعر(١) أو مخافة في الطريق، وحضرت الصلاة، إستفتحت الصلاة تجاه القبلة بالتكبير، ثم تمضي في مشيتك حيث شئت(٢) .

وإذا حضر الركوع ركعت(٣) تجاه القبلة - إن أمكنك وأنت تمشي - وكذلك السجود، سجدت تجاه القبلة، أو حيث أمكنك ثم قمت.

فإذا حضر التشهد، جلست تجاه القبلة بمقدار ما تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك، هذه مطلقة للمضطر في حال الضرورة.

وإن كنت في المطاردة مع العدو، فصلّ صلاتك إيماء وإلا فسبحه(٤) واحمده وهلله و كبره(٥) تقوم كل تسبيحة وتهليلة وتكبيرة مكان ركعة عند الضرورة، وإنما جعل ذلك للمضطر، لمن لا يمكنه أن يأتي بالركوع والسجود.

____________________

(١) ليس في نسخة « ش »، وفي « ض »: ذاغر، وفي البحار ٨٩: ١١٤|٦: « ذاعر »، ولعل الصواب ما أثبتناه، والداعر: الذي يسرق ويزني ويؤذي الناس. « لسان العرب - دعر - ٤: ٢٨٦ ».

(٢) ورد مؤداه في الفقيه ١: ٢٩٤|١٣٣٨، والمقنع: ٣٨، والكافي ٣: ٤٥٧|٦ و٤٥٩|٧، والتهذيب ٣: ١٧٢|٣٨١، ١٧٣|٣٨٣.

(٣) ليس في نسخة « ض ».

(٤) في نسخة « ش »: « فسبح ».

(٥) في نسخة « ش »: « وكثره ».

١٥٠

١٦ - باب صلاة الحاجة

إذا كانت لك حاجة إلى الله تبارك وتعالى، فصم ثلاثة أيام: الأربعاء والخميس والجمعة، فإذا كان يوم الجمعة فابرز إلى الله تبارك وتعالى - قبل الزوال وأنت على غسل - فصل ركعتين، تقرأ في كل ركعة منها ( الحمد ) وخمس عشرة مرة ( قل هو الله احد ) فإذا ركعت قرأت ( قل هو الله احد ) عشر مرات، فإذا استويت من ركوعك قرأتها عشراً(١) فإذا سجدت قرأتها عشراً فإذا رفعت رأسك من السجود قرأتها عشراً فإذا سجدت الثانية قرأتها عشراً.

ثم نهضت الى الركعة الثانية بغير تكبير، وصليتها مثل ذلك على ما وصفت لك وقَنَتَّ فيها.

فإذا فرغت منها، حمدت الله كثيراً، وصليت على محمد وعلى آل محمد، وسألت ربك حاجتك للدنيا والآخرة.

فإذا تفضل الله عليك بقضائها، فصلّ ركعتين شكراً لذلك، تقرأ في الاُولى(٢) ( الحمد ) و ( قل هو الله احد )، وفي الثانية ( قل يا أيها الكافرون ) وتقول في ركوعك: الحمد لله شكراً، شكراً لله وحمداً، وتقول في الركعة الثانية في الركوع وفي السجود: الحمد لله الذي قضى حاجتي، وأعطاني سؤلي ومسألتي(٣) .

____________________

(١) في نسخة « ش »: « عشر مرات ».

(٢) ليس في نسخة « ض ».

(٣) الفقيه ١: ٣٥٤ عن رسالة أبيه، المقنع: ٤٧ باختلاف يسير، من بداية باب صلاة الحاجة.

١٥١

١٧ - باب صلاة الاستخارة

وإذا أردت أمراً فصلّ ركعتين، واستخر الله مائة مرة ومرة(١) ، وما عزم لك فافعل.

وقل في دعائك: لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، رب محمد وعلي، خرلي في أمري - كذا وكذا - للدنيا والآخرة، خيرة من عندك، ما لك فيه رضي، ولي فيه صلاح، في خير وعافية، ياذا المن والطول(٢) .

____________________

(١) ليس في نسخة « ش ».

(٢) أورده الصدوق في الفقيه ١: ٣٥٦، والمقنع: ٤٩ عن رسالة أبيه، باختلاف في الفاظه.

١٥٢

١٨ - باب صلاة الاستسقاء

إعلم - يرحمك الله - أن صلاة الإستسقاء ركعتان بالإذان ولا إقامة. يخرج الإمام يبرز إلى تحت السماء، ويخرج المنبر، والمؤذنون أمامه، فيصلي بالناس ركعتين، ثم يسلم.

ويصعد المنبر فيقلب رداءه، الذي على يمينه على يساره، والذي على يساره على يمينه - مرة واحدة - ثم يحوّل وجهه إلى القبلة، فيكبر الله مائة تكبيرة يرفع بها صوته، ثم يلتفت عن يمينه ( فيسبح مائة مرة، يرفع بها صوته، ثم يلتفت عن يساره فيهلل الله مائة مرة رافعاً صوته، ثم يستقبل الناس بوجهه فيحمد الله مائة مرة رافعاً صوته )(١) .

ثم يرفع يديه إلى السماء فيدعو الله(٢) ويقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مجللاً(٣) ، طبقاً(٤) مطبقاً(٥) جللاً(٦) مونقاً(٧) راجياً(٨) غدقاً(٩) مغدقاً، طيباً مباركاً، هاطلاً منهطلاً متهاطلاً، رغداً هنيئاً مريئاً، دائماً روياً سريعاً، عاماً مسبلاً(١٠)

____________________

(١) ما بين القوسين في نسخة « ض »: « ويساره إلى الناس فيهلل مائة رافعاً صوته ».

(٢) ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه ١: ٣٣٤|١٥٠٢، المقنع: ٤٧. من بداية صلاة الاستسقاء.

(٣) المجلل: السحاب الذي يجلل الأرض بالمطر، أي يعم. « الصحاح - جلل - ٤: ١٦٦١ ».

(٤) مطر طبق: أي عام « الصحاح - طبق - ٤: ١٥١٢ ».

(٥) السحابة المطبقة: التي تغشي الجو « لسان العرب - طبق - ١٠: ٢١٠ ».

(٦) الجلل: العظيم « الصحاح - جلل - ٤: ١٦٥٩ ».

(٧) المونق: السار أو الحسن المعجب « الصحاح - أنق - ٤: ١٤٤٧ ».

(٨) راجياً: لعله من الرجاء ضد اليأس. ويكون مما جاء على صيغة فاعل بمعنى مفعول أي مرجواً.

(٩) الماء الغدق: الكثير الغزير « الصحاح - غدق - ٤: ١٥٣٦ ».

(١٠) المسبل: الهاطل « الصحاح - سبل - ٥: ١٧٢٣ ».

١٥٣

نافعاً غير ضار، تحيي به العباد والبلاد، وتنبت به الزرع والنبات، وتجعل فيه بلاغاً للحاظر منا والباد.

اللهم أنزل علينا من بركات سمائك ماء طهوراً، وأنبت لنا من بركات أرضك نباتاً مستقياً، وتسقيه(١) مما خلقت أنعاماً واناسيّ كثيراً، اللهم ارحمنا بمشايخ الركع، و صبيان رضع، وبهائم رتع، وشبان خضع.

قال: وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام يدعو عند الإستسقاء بهذا الدعاء يقول: « يا مغيثنا ومعيننا على ديننا ودنيانا، بالذي تنشر علينا من الرزق، نزل بنا نبأ عظيم لايقدر على تفريجه غير منزله، عجل على العباد فرجه، فقد أشرفت الأبدان على الهلاك، فإذا هلكت الأَبدان هلك الدين. يا ديان العباد، ومقدّر أمورهم بمقادير أرزاقهم، لا تحل بيننا وبين رزقك، وهبنا ما أصبحنا فيه من كرامتك معترفين، قد أصيب من لا ذنب له من خلقك بذنوبنا، إرحمنا بمن جعلته أهلاً باستجابة دعائه حين نسألك يا رحيم لا تحبس عنا ما في السماء، وانشر علينا كنفك، وعد علينا رحمتك وابسط علينا كنفك، وعد علينا بقبولك، واسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، ولا تهلكنا بالسنين، ولا تؤاخذنا بما فعل المبطلون، وعافنا يا رب من النقمة في الدين، وشماتة القوم الكافرين، يا ذا النفع والنصر(٢) إنك إن أجبتنا فبجودك وكرمك، ولإتمام ما بنا من نعمائك، وإن رددتنا فبلا ذنب منك لنا، ولكن بجنايتنا على أنفسنا، فاعف عنا قبل أن تصرفنا، واقلنا واقلبنا(٣) بانجاح الحاجة، يا الله ».

____________________

(١) في نسخة « ض »: « ونستقيه ».

(٢) كذا في « ض » و« ش » والبحار ٩١: ٣٣٤، ولعل الصواب: والضر.

(٣) في نسخة « ض »: « واقبلنا ».

١٥٤

١٩ - باب صلاة جعفر بن أبي طالبعليه‌السلام

عليك بصلاة جعفر بن أبي طالبعليه‌السلام فإن فيها فضلاً كثيراً.

وقد روى أبو بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أنه « من صلى صلاة جعفرعليه‌السلام كل يوم، لا يكتب عليه السيئات، ويكتب له بكل تسبيحة فيها حسنة، و ترفع له درجة في الجنة، فإن لم يطق كل يوم ففي كل جمعة، وإن لم يطق ففي كل شهر، وإن لم يطق ففي كل سنة، فإنك إن صليتها محي عنك ذنوبك، ولو كانت مثل رمال(١) عالج أو مثل زبد(٢) البحر »(٣) .

وصل أيّ وقت شئت - من ليل أو نهار - ما لم يكن(٤) وقت فريضة، وإن شئت حسبتها من نوافلك(٥) .

وإن كنت مستعجلاً، صليت مجردة ثم قضيت التسبيح(٦) .

فإذا أردت أن تصلي فافتتح(٧) الصلاة بتكبيرة واحدة، ثم تقرأ في اُولها ( فاتحة الكتاب ) و( العاديات )، وفي الثانية ( إذا زلزلت الأرض ) وفي الثالثة ( إذا جاء نصر الله )، وفي الرابعة ( قل هو الله احد ). وإن شئت كلها بـ ( قل هو الله احد )(٨) .

____________________

(١) في نسخة « ش »: « رمل ».

(٢) في نسخة « ض »: « زبدة ».

(٣) الهداية: ٣٦ باختلاف يسير، وورد مؤداه في الفقيه ١: ٣٤٧|١٥٣٦، والمقنع: ٤٣.

(٤) في نسخة « ض » زيادة: « في ».

(٥) الفقيه ١: ٣٤٩|١٥٤٢ باختلاف يسير.

(٦) الفقيه ١: ٣٤٩|١٥٤٣، المقنع: ٤٤، الهداية: ٣٧ باختلاف يسير.

(٧) في نسخة « ش »: « فافتح ».

(٨) الهداية: ٣٧، وورد باختلاف يسير في الفقيه ١: ٣٤٨|١٥٣٧، والمقنع: ٤٣.

١٥٥

وإن نسيت التسبيح في ركوعك أو في سجودك أو في قيامك، فاقض حيث ذكرت على أي حالة تكون(١) .

تقول بعد القراءة(٢) : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر خمس عشرة مرة، وتقول في ركوعك عشر مرات، وإذا استويت قائماً عشر مرات، وفي سجودك - وهي سجدتان - عشراً، وإذا رفعت رأسك(٣) عشراً، قبل أن تنهض، فذلك خمس وسبعون مرة، ثم تقوم في الثانية وتصنع مثل ذلك، ثم تشهد وتسلم، فقد مضى لك ركعتان.

ثم تقوم وتصلي ركعتين اُخريين على ما وصفت لك، فيكون التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير في أربع ركعات ألف مرة ومائتي مرة.

تصلي بهما متى ما شئت، ومتى ما خف عليك، فإن في ذلك فضلاً كثيراً(٤) . فإذا فرغت، تدعو بهذا الدعاء وتقول(٥) :

اللهم إني أسألك من كل(٦) ما سألك به محمد وآله(٧) ، واستعيذ بك من كل ما استعاذ به محمد وآله(٨) ، اللهم اعطني من كل خير خيراً، واصرف عني كلّما قضيت من شر أو فتنة، واغفر ما تعلم مني وما قد أحصيت علي من ذنوبي، واقض(٩) حوائجي ما لك فيه رضى ولي فيه صلاح، ياذا المن والفضل، وسّع عليّ في الرزق والأجل، واكفني ما أهمني من أمر دنياي وآخرتي، إنك أنت على كل شيء قدير.

____________________

(١) ليس في نسخة « ش ». وورد مؤداه في الإحتجاج: ٤٨٢.

(٢) في نسخة « ض »: « القرآن ».

(٣) في نسخة « ض » زيادة: « تقول ».

(٤) ورد مؤداه في الفقيه ١: ٣٤٧|١٥٣٦، والمقنع: ٤٣، والهداية: ٣٦.

(٥) ليس في نسخة « ش ».

(٦) ليس في نسخة « ض ».

(٧) (٨) في نسخة « ش »: « آل محمد ».

(٩) لعل المناسب للسياق: « واقض من حوائجي ».

١٥٦

٢٠ - باب اللباس وما لا يجوز فيه الصلاة

لا بأس بالصلاة في شعر ووبر من كل ما أكلت لحمه، والصوف منه.

ولا يجوز الصلاة في سنجاب(١) وسَمُّور(٢) وفنك(٣) ، فاذا أردت الصلاة فانزع عنك هذه وقد أروي فيه رخصة.

وإياك أن تصلي في الثعالب، ولا في ثوب تحته جلد ثعالب(٤) .

وصلّ في الخز، إذا لم يكن مغشوشاً بوبر الأرانب.

ولا تصلّ في ديباج ولا في حرير، ولا في وشي، ولا في ثوب من إبريسم محض، ولا في تكة إبريسم.

وإن(٥) كان الثوب سداه(٦) إبريسم، ولحمته(٧) قطن أو كتان أو صوف، فلا بأس بالصلاة فيه(٨) .

ولا تصلّ في جلد الميتة على كل حال(٩) ، ولا في خاتم ذهب(١٠) .

____________________

(١) السنجاب: حيوان قدر الفأر، شعره في غاية النعومة، يتخذ من جلده الفراء، « حياة الحيوان ٢: ٣٤ »

(٢) السَّمور: حيوان يشبه القط، تتخذ من جلوده الفراء للينها وخفتها ودفئها وحسنها.« حياة الحيوان ٢: ٣٤ ».

(٣) الفنك: حيوان كسابقيه، وفروه أطيب من جميع الفراء، أحر من السنجاب، وأبرد من السمور، « حياة الحيوان: ٢: ٢٢٥ ».

(٤) الفقيه ١: ١٧٠، عن رسالة أبيه، باختلاف يسير.

(٥) في نسخة « ض »: « وإذا ».

(٦) السَّدى: الخيوط الممتدة طولاً في النسيح. « المعجم الوسيط ١: ٤٢٤ ».

(٧) اللحمة: خيوط النسيج العرضية يُلحم بها السدى. « المعجم الوسيط ٢: ٨١٩ ».

(٨) ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه ١: ١٧١ عن رسالة أبيه، والمقنع: ٢٤.

(٩) المقنع ٢٤.

(١٠) ورد مؤداه في الفقيه ١: ١٦٤|٧٧٤، والكافي ٦: ٤٦٨|٥ و٤٦٩|٧.

١٥٧

ولا تشرب في آنية الذهب والفضة(١) ولا تصلّ على شيء من هذه الأشياء، إلا ما لا يصلح لبسه.

____________________

(١) ورد مؤداه في قرب الاسناد: ٣٤.

١٥٨

٢١ - باب صلاة المسافر والمريض

إعلم يرحمك الله - أن فرض السفر ركعتان، إلاّ الغداة فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تركها على حالها في السفر والحضر، وأضاف إلى المغرب ركعة، وأما الظهر ركعتان، والعصر ركعتان، والمغرب ثلاث ركعات.

وقد يستحب أن لا يترك نافلة المغرب، وهي أربع ركعات، في السفر ولا في الحضر، وركعتان بعد العشاء الاخرة من جلوس، وثمان ركعات صلاة الليل، والوتر، و ركعتا الفجر(١) .

فإن لم تقدر على صلاة الليل، قضيتها في الوقت الذي يمكنك من ليل أو نهار(٢) .

ومن سافر فالتقصير عليه واجب، إذا كان سفره ثمانية فراسخ، أو بريدين، وهو أربعة وعشرون ميلا.

فإن كان سفرك بريداً واحداً وأردت أن ترجع من يومك قصرت، لأن ذهابك و مجيئك بريدان(٣) .

وإن عزمت على المقام، وكان مدة سفرك بريداً واحداً، ثم تجدد لك الرجوع من يومك فلا تقصر، وإن كان أكثر من بريد فالتقصير واجب، إذا غاب عنك أذان مصرك.

وإن كنت في شهر رمضان، فخرجت من منزلك قبل طلوع الفجر - الى السفر - أفطرت إذا غاب عنك أذان مصرك(٤) .

____________________

(١) ورد مؤداه في الفقيه ١: ٢٨٩|١٣١٩ و٢٩٠|١٣٢٠.

(٢) ورد مؤداه في الفقيه ١: ٣١٥|١٤٢٨.

(٣) ورد مؤداه في الفقيه ١: ٢٧٩|١٢٦٩ و٢٨٧|١٣٠٤.

(٤) ورد مؤداه في الفقيه ٢: ٩١|٤٠٧، والمقنع: ٣٧، والكافي ٤: ١٣١|١، والتهذيب ٤: ٢٢٨|٦٧١.

١٥٩

إن خرجت بعد طلوع الفجر، أتممت الصوم(١) ذلك اليوم، وليس عليك القضاء لانه دخل عليك وقت الفرض وأنت على غير مسافرة.

وإن كنت في سفر مقصراً ثم دخلت منزلك وأنت مقصر، أمسكت عن الأكل والشرب بقية نهارك - وهذا يسمى صوم التأديب - وقضيت ذلك اليوم(٢) .

وإن كنت مسافراً فدخلت منزل أخيك، أتممت الصلاة والصوم ما دمت عنده، لأن منزل أخيك مثل منزلك(٣) .

وإن دخلت مدينة فعزمت على القيام فيها يوماً أو يومين، فدافعت ذلك(٤) الأيام، وأنت في كل يوم تقول: أخرج اليوم أو غداً، أفطرت وقصرت ولو كان ثلاثين يوماً.

وإن كنت(٥) عزمت المقام(٦) بها - حين تدخل - مدة عشرة أيام، أتممت وقت دخولك(٧) والسفر الذي يجب فيه التقصير في الصوم والصلاة، هو سفر في الطاعة، مثل: الحج، والغزو، والزيارة، وقصد الصديق والأخ، وحضور المشاهد، وقصد أخيك لقضاء حقه، والخروج إلى ضيعتك، أو مال تخاف تلفه، أو متجر لا بد منه، فإذا سافرت في هذه الوجوه وجب عليك التقصير، وإن كان غير هذه الوجوه وجب عليك الإتمام(٨) .

وإذا بلغت موضع قصدك، من الحج والزيارة والمشاهد - وغير ذلك مما ( قد بينته )(٩) لك - فقد سقط عنك السفر ووجب عليك الإتمام(١٠) .

____________________

(١) ليس في نسخة « ش ».

(٢) ورد مؤداه في الكافي ٤: ١٣٢|٨ و٩، والتهذيب ٤: ٢٥٣|٧٥١ و٧٥٢، والإستبصار ٢: ١١٣|٣٦٨ و٣٦٩. من « وإن كنت في سفر... ».

(٣) قال العلامة المجلسي في البحار ٨٩: ٦٧ في توضيحه حول هذه الفقره من الكتاب: « موافق لمذهب ابن الجنيد وجماعة من العامة، ولعله محمول على التقية ».

(٤) في نسخة « ش »: تلك.

(٥) ليس في نسخة « ض ».

(٦) في نسخة « ش »: « القيام ».

(٧) ورد مؤداه في الفقيه ١: ٢٨٠|١٢٧٠، والمقنع: ٣٨، والتهذيب ٣: ٢٢٠|٥٤٩ والإستبصار ١: ٢٣٨|٨٥٠.

(٨) ورد مؤداه في الفقيه ٢: ٩٢|٤٠٩ و٤١٠، والكافي ٤: ١٢٩|٣ و٤ و٥ و٦ و٧، والتهذيب ٤: ٢١٩|٦٤٠.

(٩) في نسخة « ش »: « قدمته ».

(١٠) ورد مؤداه في المقنع: ٣٨، والكافي ٤: ١٣٣|١ و٢. وفيهما « نية الإقامة عشرة أيام ».

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447