الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)13%

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا) مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الصفحات: 447

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)
  • البداية
  • السابق
  • 447 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 176545 / تحميل: 7558
الحجم الحجم الحجم
الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

متجرّدا(١) للطلب بدم عثمان إلاّ خوفا من أن يطالب بدمه لأنه مظنّته، و لم يكن في القوم أحرص عليه منه(٢) فأراد أن يغالط بما أجلب ليلبس الأمر(٣) و يقع الشك و و اللّه ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث: لئن كان ابن عفّان ظالما، كما كان يزعم، لقد كان ينبغي له أن يؤازر قاتليه أو أن ينابذ ناصريه. و لئن كان مظلوما لقد كان ينبغي له أن يكون من المنهنهين عنه(٤) و المعذرين فيه(٥) . و لئن كان في شك من الخصلتين لقد كان ينبغي له أن يعتزله و يركد جانبا(٦) و يدع الناس معه. فما فعل واحدة من الثلاث، و جاء بأمر لم يعرف بابه و لم تسلم معاذيره

و انّى لصاحبهم

قال عبد اللّه بن العباس: دخلت على أمير المؤمنين (ع) بذي قار(٧) و هو يخصف نعله(٨) فقال لي: ما قيمة هذه النعل؟

فقلت: لا قيمة لها. فقال عليه السلام: و اللّه

____________________

(١) كأنه سيف تجرد من غمده.

(٢) أحرص عليه، أي على دم عثمان، بمعنى سفكه.

(٣) يلبس الأمر: يجعله ملبسا، أي: مشتبها.

(٤) نهنهه عن الأمر: كفّه و زجره عن إتيانه.

(٥) المعذرين فيه: المعتذرين عنه في ما نقم منه.

(٦) يسكن في جانب عن القاتلين و الناصرين.

(٧) بلد بين واسط و الكوفة، و هو قريب من البصرة.

(٨) يخرزها.

١٠١

لهي أحبّ إليّ من إمرتكم إلا أن أقيم حقّا أو أدفع باطلا. ثم خرج فخطب الناس فقال (و ذلك عند خروجه لقتال أهل البصرة في وقعة الجمل): ما ضعفت و لا جبنت، و إن مسيري هذا لمثلها(١) ، فلأنقبنّ الباطل حتى يخرج الحقّ من جنبه(٢) . ما لي و لقريش و اللّه لقد قاتلتهم كافرين و لأقاتلنّهم مفتونين، و إني لصاحبهم بالأمس كما أنا صاحبهم اليوم

الام اجيب؟

من كلام له في أصحاب الجمل: ألا و إنّ الشيطان قد ذمر حزبه و استجلب جلبه(٣) ليعود الجور

____________________

(١) ضمير «لمثلها» يعود إلى المعارك التي خاضها الإمام ضد قريش في حروب الإسلام ضد المشركين، و قد أشار اليها في كلام سابق لهذا الكلام. و المعنى: أنه يسير اليوم الجهاد في سبيل الحقّ كما سار قديما.

(٢) الباطل يبادر البصيرة فيشغلها عن الحق و يقوم حجابا مانعا لها عنه، فكأنه شي‏ء اشتمل على الحق فستره. و الكلام تمثيل رائع لحال الباطل مع الحق، و حال الإمام في كشف الباطل و إظهار الحق.

(٣) ذمر: حث. الجلب: ما يجلب من بلد الى بلد.

١٠٢

إلى أوطانه و يرجع الباطل إلى نصابه(١) و اللّه ما أنكروا عليّ منكرا و لا جعلوا بيني و بينهم نصفا(٢) . و إنهم ليطلبون حقّا هم تركوه و دما هم سفكوه. فإن كنت شريكهم فيه فإنّ لهم لنصيبهم فيه، و لئن كانوا ولّوه دوني فما التّبعة إلاّ عندهم، و إنّ أعظم حجّتهم لعلى أنفسهم يا خيبة الداعي من دعا؟ و إلام أجيب؟(٣) و إني لراض بحجّة اللّه عليهم و علمه فيهم، فإن أبوا أعطيتهم حدّ السيف و كفى به شافيا من الباطل و ناصرا للحق و من العجب بعثهم إليّ أن أبرز للطّعان و أن أصبر للجلاد هبلتهم الهبول(٤) لقد كنت و ما أهدّد بالحرب و لا أرهب بالضرب، و إني على يقين من ربّي و غير شبهة من ديني.

____________________

(١) النصاب: الأصل، أو المنبت و أول كل شي‏ء. و في كلامه هذا إشارة صريحة الى رغبة من يعنيهم في إعادة الأثرة و الظلم و اقتناص المغانم إلى ادارة الدولة كما كانت في عهد بطانة الخليفة الثالث، و لا يتأتّى لهم ذلك إلا بتأليب الناس على الخليفة الجديد، و هو الإمام، الذي لا يطمعون في أيامه بأن يعود اليهم ما ألفوه في السابق من حرية التصرف بأموال الدولة و أحوال الناس.

(٢) النصف: العدل. أي: لم يحكموا العدل بيني و بينهم.

(٣) من: استفهامية. و ما (في إلام) استفهامية أيضا و قد حذفت منها الألف لدخول «إلى» عليها. و يقصد بالداعي أحد قادة خصومه في موقعة الجمل إذ دعا الإمام إلى أن يبرز للطعان و كأنه يهدده بالحرب و نتائجها. و قوله «من دعا؟» استفهام عن الداعي و دعوته، استهانة بهما.

(٤) هبلتهم: ثكلتهم. و الهبول: المرأة التي لا يبقى لها ولد. و هو دعاء عليهم بالهلاك لعدم معرفتهم بأقدار أنفسهم.. أ بالحرب يهدّد ابن أبي طالب؟

١٠٣

في لجّة بحر

من كلام له في ذمّ أهل البصرة بعد موقعة الجمل: كنتم جند المرأة و أتباع البهيمة(١) : رغا فأجبتم، و عقر فهربتم.

أخلاقكم دقاق و عهدكم شقاق و دينكم نفاق و ماؤكم زعاق(٢) ، و المقيم بين أظهركم مرتهن بذنبه، و الشاخص عنكم متدارك برحمة من ربّه. و ايم اللّه لتغرقنّ بلدتكم حتى كأني أنظر إلى مسجدها كجؤجؤ طير في لجّة بحر(٣) .

قتلوهم صبرا و غدرا

من خطبة له في ذكر أصحاب الجمل: فخرجوا يجرّون حرمة رسول اللّه(٤) صلى اللّه عليه و آله، متوجّهين بها إلى البصرة: فحبسوا نساءهم في بيوتهم و أبرزوا حبيس رسول اللّه (ص) لهم و لغيرهم في جيش ما منهم رجل إلاّ و قد أعطاني الطاعة و سمح لي بالبيعة طائعا غير مكره، فقدموا على عاملي بها و خزّان بيت مال المسلمين و غيرهم من أهلها: فقتلوا طائفة صبرا(٥) و طائفة غدرا فو اللّه لو لم يصيبوا من

____________________

(١) يريد الجمل.

(٢) دقة الأخلاق: دناءتها. زعاق: مالح.

(٣) الجؤجؤ: الصدر.

(٤) حرمة رسول اللّه كناية عن زوجته، و أراد بها السيدة عائشة.

(٥) القتل صبرا: أن تحبس الشخص ثم ترميه حتى يموت.

١٠٤

المسلمين إلاّ رجلا واحدا معتمدين لقتله بلا جرم جرّه، لحلّ لي قتل ذلك الجيش كلّه

الّذين قاتلوني

من كلام له في معنى وقعة الجمل: بليت في حرب الجمل بأشدّ الخلق شجاعة، و أكثر الخلق ثروة و بذلا، و أعظم الخلق في الخلق طاعة، و أو فى الخلق كيدا و تكثّرا: بليت بالزّبير لم يردّ وجهه قط. و بيعلى بن منيّة يحمل المال على الإبل الكثيرة و يعطي كلّ رجل ثلاثين دينارا و فرسا على أن يقاتلني. و بعائشة ما قالت قط بيدها هكذا إلا و اتّبعها الناس. و بطلحة لا يدرك غوره و لا يطال مكره

بكم ذوو كلام

من خطبة له في تقريع أصحابه بالكوفة: و لئن أمهل الظالم فلن يفوت أخذه و هو له بالمرصاد على مجاز طريقه.

أما و الذي نفسي بيده ليظهرنّ هؤلاء القوم عليكم، ليس لأنهم أولى بالحقّ منكم، و لكنّ لإسراعهم إلى باطل صاحبهم و إبطائكم عن حقي. و لقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها، و أصبحت أخاف ظلم رعيتي: استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا، و أسمعتكم فلم تسمعوا، و دعوتكم سرا و جهرا فلم تستجيبوا، و نصحت لكم فلم تقبلوا. أ شهود كغيّاب(١)

____________________

(١) شهود، جمع شاهد و هو الحاضر.

١٠٥

و عبيد كأرباب؟ أتلو عليكم الحكم فتنفرون منها، و أعظكم بالموعظة فتتفرقون عنها، و أحثّكم على جهاد أهل البغي فما آتي على آخر القول حتى أراكم متفرّقين أيادي سبا ترجعون إلى مجالسكم و تتخادعون عن مواعظكم.

أيها الشاهدة أبدانهم الغائبة عقولهم المختلفة أهواؤهم المبتلى بهم أمراؤهم، صاحبكم يطيع اللّه و أنتم تعصونه، و صاحب أهل الشام يعصى اللّه و هم يطيعونه لوددت و اللّه أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم، فأخذ مني عشرة منكم و أعطاني رجلا منهم.

يا أهل الكوفة، منيت منكم بثلاث و اثنتين: صمّ ذوو أسماع، و بكم ذوو كلام، و عمي ذوو أبصار، لا أحرار صدق عند اللقاء و لا و لا إخوان نقة عند البلاء

لا تنتقم من عدوّ

من كتاب له الى عبد اللّه بن عباس عامله على البصرة، و كان عباس قد اشتدّ على بني تميم لأنهم كانوا مع طلحة و الزبير يوم الجمل، فأقصى كثيرا منهم، فعظم ذلك على الإمام عليّ الذي يأبى قلبه الكبير الانتقام، فكتب الى عباس يردعه و يؤنبه و يقرر حقيقة نتجاهلها اليوم.. و هي أن رأس الدولة مسؤول هو أيضا عن أعمال موظفيه الذين ولاّهم أمور الناس.. قال: حادث أهلها بالإحسان إليهم و احلل عقدة الخوف عن قلوبهم

١٠٦

و قد بلغني تنمّرك لبني تميم(١) و غلظتك عليهم، فاربع(٢) أبا العباس، رحمك اللّه، في ما جرى على لسانك و يدك من خير و شرّ، فإنّا شريكان في ذلك، و كن عند صالح ظنّي بك، و لا يفيلنّ(٣) رأيي فيك

النّساء

من خطبة له بعد حرب الجمل في ذم النساء: فاتّقوا شرار النساء و كونوا من خيارهنّ على حذر. و لا تطيعوهنّ في المعروف حتى لا يطمعن في المنكر

ارباب سوء

من خطبة له في التحذير من بني أمية: ألا إنّ أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أميّة، فإنها فتنة عمياء مظلمة. و ايم اللّه لتجدنّ بني أمية لكم أرباب سوء بعدي كالنّاب

____________________

(١) تنمرّك: تنكر أخلاقك.

(٢) اربع: ارفق وقف عند حدّ ما تعرف. يريد الإمام أمره بالتثبّت في جميع ما يعتمده فعلا و قولا من خير و شر و ألا يعجل به لأنه شريكه به، فإنه عامله و نائب عنه.

(٣) فال رأيه: ضعف.

١٠٧

الضروس(١) : تعذم بغيها و تخبط بيدها و تزبن برجلها(٢) و تمنع درّها، لا يزالون بكم حتى لا يتركوا منكم إلاّ نافعا لهم. و لا يزال بلاؤهم حتى لا يكون أنتصار أحدكم منهم إلا كانتصار العبد من ربّه و الصاحب من مستصحبه(٣) ترد عليكم فتنتهم شوهاء مخشيّة(٤) و قطعا جاهلية

لا مدر و لا وبر

من كلام له في بني أمية: و اللّه لا يزالون حتى لا يدعوا للّه محرّما إلا استحلّوه، و لا عقدا إلاّ حلّوه، و حتى لا يبقى بيت مدر و لا وبر إلاّ دخله ظلمهم(٥) و حتى يقوم الباكيان يبكيان: باك يبكي لدينه و باك يبكي لدنياه، و حتى تكون نصرة أحدكم من أحدهم كنصرة العبد من سيده، إذا شهد أطاعه، و إذا غاب اغتابه

____________________

(١) الناب: الناقة المسنّة. الضروس: السيئة الخلق تعضّ حالبها.

(٢) تعذم: تأكل بخفاء و تعض. تزبن: تضرب.

(٣) التابع من متبوعه، أي: انتصار الأذلاّء، و ما هو بانتصار.

(٤) شوهاء: قبيحة المنظر. مخشيّة: مرعبة.

(٥) بيوت المدر: المبنية من طين. و بيوت الوبر: الخيام.

١٠٨

رحب البلعوم

من كلام له لأصحابه: أما إنه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم مندحق البطن(١) يأكل ما يجد و يطلب ما لا يجد أ لا و إنه سيأمركم بسبّي و البراءة مني. أمّا السبّ فسبّوني، فإنه لي زكاة و لكم نجاة. و أمّا البراءة فلا تتبرّأوا مني، فإني ولدت على الفطرة و سبقت إلى الايمان و الهجرة

نهم الاثرياء

من كتاب له الى معاوية، و فيه نظرة الإمام الصائبة الى أصحاب الثراء الذين لا يزيدهم المال إلا نهما و حرصا على الاستزادة منه: أمّا بعد، فإنّ الدنيا مشغلة عن غيرها، و لم يصب صاحبها منها شيئا إلا فتحت له حرصا عليها و لهجا بها(٢) . و لن يستغني صاحبها بما نال فيها عما لم يبلغه منها. و من وراء ذلك فراق ما جمع و نقض ما أبرم. و لو اعتبرت بما مضى حفظت ما بقي، و السلام.

____________________

(١) مندحق البطن: عظيم البطن بارزه كأنه لعظمه مندلق من بدنه يكاد يبين عنه.

و الواضح أن المقصود بهذا الكلام هو معاوية.

(٢) لهجا: ولوعا و شدّة حرص.

١٠٩

مع الحقّ

كتب معاوية إلى الإمام علي يطلب اليه أن يترك له الشام، فكتب اليه الإمام جوابا جاء فيه: فأمّا طلبك إليّ الشام، فإني لم أكن لأعطيك اليوم ما منعتك أمس و أمّا قولك «إن الحرب قد أكللت العرب إلاّ حشاشات أنفس بقيت» أ لا و من أكله الحقّ فإلى الجنّة، و من أكله الباطل فإلى النار. و أمّا استواؤنا في الحرب و الرجال فلست بأمضى على الشك منّي على اليقين

ناقل التّمر الى هجر

من كتاب له الى معاوية أيضا جوابا: أمّا بعد، فقد أتاني كتابك تذكر فيه اصطفاء اللّه محمدا صلى اللّه عليه لدينه، و تأييده إياه بمن أيّده من أصحابه، فلقد خبأ لنا الدهر منك عجبا إذ طفقت تخبرنا ببلاء اللّه عندنا و نعمته علينا في نبيّنا، فكنت في ذلك كناقل التمر إلى هجر أو داعي مسدّده إلى النضال(١) .

____________________

(١) هجر: مدينة في البحرين كثيرة النخيل. المسدّد: معلم رمي السهام. النضال: المراماة. يقول: كنت في ذلك كمن ينقل التمر إلى مصدره و يدعو معلمه في الرمي الى المناضلة، و هما مثلان لناقل الشي‏ء الى معدنه و المتعالم على معلّمه.

١١٠

ثم ذكرت ما كان من أمري و أمر عثمان، فلك أن تجاب عن هذه لرحمك منه(١) فأيّنا كان أعدى له و أهدى إلى مقاتله(٢) : أ من بذل له نصرته فاستقعده و استكفّه(٣) ؟ أم من استنصره فتراخى عنه و بثّ المنون إليه(٤) حتى أتى قدره عليه؟

و ما كنت لأعتذر من أنّي كنت أنقم عليه أحداثا(٥) ، فإن كان الذنب إليه إرشادي و هدايتي له، فربّ ملوم لا ذنب له.

اتّق اللّه

من كتاب له الى معاوية ايضا: فاتّق اللّه في ما لديك، و انظر في حقّه عليك، و ارجع إلى معرفة ما لا تعذر بجهالته. و إن نفسك قد أولجتك شرا و أقحمتك غيّا(٦) و أوردتك المهالك و أوعرت عليك المسالك.

____________________

(١) أي لقرابتك منه يصح الجدال معك في أمره.

(٢) أعدى: أشد عدوانا. المقاتل: وجوه القتل.

(٣) استقعده و استكفه: طلب اليه أن يقعد عن نصرته و أن يكفّ عن مساعدته. و الذي بذل النصرة هو الإمام. و الذي استقعد الإمام و استكفّه هو عثمان.

(٤) المعنى هو أن عثمان استنصر بعشيرته من بني أمية كمعاوية، فخذلوه و خلّوا بينه و بين الموت فكأنهم أفضوا بالموت إليه.

(٥) نقم عليه: عاب عليه. الأحداث: جمع حدث، و هو هنا البدعة.

(٦) أولجتك: أدخلتك. أقحمتك غيّا: رمت بك في الضلال.

١١١

ارديت جيلا من النّاس

من كتاب له الى معاوية أيضا: و أرديت جيلا من الناس كثيرا: خدعتهم بغيّك و ألقيتهم في موج بحرك تغشاهم الظلمات و تتلاطم بهم الشبهات، فجازوا عن وجهتهم(١) و نكصوا على أعقابهم(٢) و تولّوا على أدبارهم و عوّلوا على أحسابهم إلاّ من فاء من أهل البصائر(٣) .

خدعة الصّبيّ

و من كتاب له الى معاوية جوابا: و ذكرت أني قتلت طلحة و الزبير و شرّدت بعائشة و نزلت المصرين(٤) و ذلك أمر غبت عنه فلا عليك، و لا العذر فيه إليك.

و قد أكثرت في قتلة عثمان فادخل في ما دخل فيه الناس(٥) ثم حاكم

____________________

(١) جازوا عن وجهتهم: بعدوا عن جهة قصدهم، أي كانوا يقصدون حقا فمالوا إلى باطل.

(٢) نكصوا: رجعوا.

(٣) عولوا: اعتمدوا. أي: اعتمدوا على شرف قبائلهم فتعصبوا تعصّب الجاهلية و نبذوا نصرة الحق. فاء: رجع (إلى الحق).

(٤) شرد به: طرده و فرّق أمره. المصران: الكوفة و البصرة.

(٥) ما دخل فيه الناس هو: البيعة.

١١٢

القوم إليّ أحملك و إياهم على كتاب اللّه تعالى. و أمّا تلك التي تريد(١) فإنها خدعة الصبيّ عن اللبن(٢) .

سبحان اللّه يا معاوية

من كتاب له الى معاوية أيضا: فسبحان اللّه ما أشدّ لزومك للأهواء المبتدعة، مع تضييع الحقائق.

فأمّا إكثارك الحجاج في عثمان و قتلته(٣) ، فإنك إنما نصرت عثمان حيث كان النصر لك، و خذلته حيث كان النصر له(٤) و السلام؟

يغدر و يفجر

من كلام له في مسلكه و مسلك معاوية: و اللّه ما معاوية بأدهى مني، و لكنه يغدر و يفجر. و لو لا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس

____________________

(١) تلك التي تريد: ولاية الشام. و كان الإمام يأبى أن يبقي معاوية في هذه الولاية.

(٢) خدعة يصرف بها الصبي أول فطامه عن اللبن. و المقصود هنا: ما تصرف به عدوّك عن قصدك به في الحروب و ما إليها من أحوال الخصومة.

(٣) الحجاج: الجدال.

(٤) نصرت عثمان بعد مقتله.. حيث كان في الانتصار له فائدة لك تتّخذه ذريعة لجمع الناس إلى أغراضك. أما و هو حي، و كان انتصارك له يفيده، فقد خذلته و أبطأت عنه.

١١٣

ثمن البيعة

من خطبة له: و لم يبايع حتى شرط أن يؤتيه على البيعة ثمنا(١) فلا ظفرت يد البائع، و خزيت أمانة المبتاع. فخذوا للحرب أهبتها و أعدّوا لها عدّتها

كلة الرّشا

و قد ورد مثل المعنى السابق أيضا في كتاب بعث به الإمام الى جماعة من أصحابه. قال: إنّما تقاتلون أكلة الرّشا و عبيد الدنيا و البدع و الأحداث. لقد نمي إليّ أن ابن الباغية(٢) لم يبايع معاوية حتى شرط عليه أن يأتيه أتاوة هي أعظم ممّا في يديه من سلطان، فصفرت يد هذا البائع دينه بالدنيا، و تربت يد هذا المشتري نصرة غادر فاسق بأموال الناس

____________________

(١) ضمير «يبايع» يعود إلى عمرو بن العاص، فإنه شرط على معاوية أن يوليه مصر لو تمّ له الأمر. و هذا ما كان بعد ذلك.

(٢) المقصود هو عمرو بن العاص.

١١٤

اذهبت دنياك و آخرتك

من كتاب له الى عمرو بن العاص يوم لحق بمعاوية: فإنك قد جعلت دينك تبعا لدنيا المرى‏ء ظاهر غيّه مهتوك ستره يشين الكريم بمجلسه و يسفّه الحليم بخلطته، فاتّبعت أثره و طلبت فضله اتّباع الكلب للضرغام(١) : يلوذ إلى مخالبه و ينتظر ما يلقي إليه من فضل فريسته، فأذهبت دنياك و آخرتك و لو بالحقّ أخذت أدركت ما طلبت. فإن يمكّنّي منك و من أبي سفيان أجزكما بما قدّمتما.

لاشدّنّ عليك

من كتاب له الى زياد بن أبيه و هو على البصرة: و إني أقسم باللّه قسما صادقا لئن بلغني أنك خنت من في‏ء المسلمين شيئا صغيرا أو كبيرا(٢) لأشدّنّ عليك شدّة تدعك قليل الوفر(٣) ثقيل الظهر ضئيل الأمر، و السلام.

____________________

(١) الضرغام: الأسد.

(٢) الفي‏ء: المال من غنيمة أو خراج.

(٣) لأشدن عليك شدة: لأحملنّ عليك حملة. الوفر المال.

١١٥

متمرّغ في النعيم

و من كتاب له إلى زياد بن أبيه أيضا: أ ترجو أن يعطيك اللّه أجر المتواضعين و أنت عنده من المتكبّرين؟ و تطمع، و أنت متمرّغ في النعيم تمنعه الضعيف و الأرملة، أن يوجب لك ثواب المتصدّقين؟ و إنّما المرء مجزيّ بما أسلف(١) و قادم على ما قدّم.

احذر معاوية

من كتاب له الى زياد بن أبيه أيضا و قد بلغه ان معاوية كتب اليه يريد خديعته باستلحاقه: و قد عرفت أن معاوية كتب إليك يستزلّ لبّك و يستفلّ غربك(٢) فاحذره، فإنما هو الشيطان يأتي المؤمن من بين يديه و من خلفه، و عن يمينه و عن شماله، ليقتحم عليه غفلته و يستلب غرّته(٣) .

____________________

(١) أسلف: قدّم في سالف أيامه.

(٢) يستزل: يطلب به الزلل، و هو الخطأ. الغرب: الحدّة و النشاط. يستفل غربك: يطلب ثلم حدّتك.

(٣) يقتحم غفلته: يدخل غفلته بغتة فيأخذه فيها. و تشبيه الغفلة بالبيت يسكن فيه الغافل، من روائع التشببه. الغرة: خلوّ العقل من ضروب الحيل، و المراد منها العقل الغر و الساذج.

١١٦

النّاس عندنا اسوة

من كتاب له الى سهل بن حنيف الأنصاري، و هو عامله على المدينة، في معنى قوم من أهلها لحقوا بمعاوية: أمّا بعد، فقد بلغني أن رجالا ممّن قبلك(١) يتسلّلون إلى معاوية، فلا تأسف على ما يفوتك من عددهم و يذهب عنك من مددهم، فكفى لهم غيّا و لك منهم شافيا(٢) . و قد عرفوا العدل و رأوه و سمعوه و وعوه، و علموا أن الناس عندنا أسوة فهربوا إلى الأثرة(٣) فبعدا لهم و سحقا(٤) إنهم و اللّه لم ينفروا من جور و لم يلحقوا بعدل

يا اشباه الرّجال

من خطبة له بعد أن غزا سفيان بن عوف من بني غامد، بلدة الأنبار على الشاطى‏ء الشرقي للفرات. و قد بعثه معاوية لشنّ الغارات على أطراف العراق تهويلا على أهله.

____________________

(١) قبلك: عندك.

(٢) يتسللون: يذهبون واحدا بعد واحد. غيا: ضلالا. يقول: فرارهم كاف في الدلالة على ضلالهم. و الضلال داء شديد في بنية الجماعة، و قد كان فرار هؤلاء الضالين شفاء للجماعة من هذا الداء.

(٣) الأثرة: اختصاص النفس بالمنفعة و تفضيلها على غيرها بالفائدة

(٤) السحق، بضم السين: البعد البعيد.

١١٧

و هذا أخو غامد و قد وردت خيله الأنبار و قد قتل حسّان بن حسان البكري و أزال خيلكم عن مسالحها(١) . و قتل منكم رجالا صالحين.

و لقد بلغني أنّ الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة، و الأخرى المعاهدة(٢) فينتزع حجلها(٣) و قلبها(٤) و قلائدها و رعاثها(٥) ما تمنع منه إلا بالاسترجاع(٦) و الاسترحام ثم انصرفوا وافرين(٧) ما نال رجلا منهم كلم و لا أريق لهم دم. فلو أن امرأ مسلما مات من بعد هذا أسفا ما كان به ملوما بل كان به جديرا. فيا عجبا، و اللّه، يميت القلب و يجلب الهمّ اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم و تفرّقكم عن حقكم، فقبحا لكم و ترحا(٨) حين صرتم غرضا يرمى: يغار عليكم و لا تغيرون، و تغزون و لا تغزون، و يعصى اللّه و ترضون فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الصيف قلتم: هذه حمارّة القيظ(٩) أمهلنا يسبّخ عنّا الحرّ(١٠) و إذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم: هذه صبارّة القرّ(١١) أمهلنا

____________________

(١) جمع مسلحة، و هي: الثغر و المرقب حيث يخشى طروق الأعداء.

(٢) المعاهدة: الذمية، أي الداخلة في ذمة المسلمين و في حمايتهم. و أهل الذمة هم أهل الكتاب من غير المسلمين.

(٣) الحجل: الخلخال.

(٤) القلب، بالضم، كقفل: السوار.

(٥) الرعاث جمع رعثة: القرط.

(٦) الاسترجاع: ترديد الصوت بالبكاء.

(٧) وافرين: تامين على كثرتهم لم ينقص عددهم.

(٨) ترحا: هما و حزنا.

(٩) حمارّة القيظ، بتشديد الراء: شدة الحر.

(١٠) يسبخ: يخفف و يسكّن.

(١١) صبارّة الشتاء، بتشديد الراء: شدة برده. و القر: البرد، و في كتب فقه اللغة ان «القر» هو برد الشتاء خاصة، أما «البرد» فعامّ فيه و في بقية الفصول.

١١٨

ينسلخ عنّا البرد كلّ هذا فرارا من الحرّ و القرّ، فأنتم و اللّه من السيف أفرّ، يا أشباه الرجال و لا رجال حلوم الأطفال، و عقول ربّات الحجال(١) لوددت أني لم أركم و لم أعرفكم معرفة و اللّه جرّت ندما و أعقبت سدما(٢) قاتلكم اللّه لقد شحنتم صدري غيظا و أفسدتم عليّ رأيي بالعصيان و الخذلان، حتى قالت قريش: إن ابن أبي طالب رجل شجاع و لكن لا علم له بالحرب للّه أبوهم و هل أحد منهم أشدّ لها مراسا و أقدم فيها مقاما مني؟ لقد نهضت فيها و ما بلغت العشرين، و ها أنا ذا قد ذرّفت على الستين(٣) ، و لكن لا رأي لمن لا يطاع

لو ضربته بسيفى

من كلام له: لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني. و لو صببت الدنيا بجمّاتها(٤) على المنافق على أن يحبّني ما أحبّني

____________________

(١) ربات الحجال: النساء.

(٢) السدم: الهمّ مع الأسف و الغيظ.

(٣) ذرفت على الستين: زدت عليها.

(٤) جمّات، جمع جمة، بفتح الجيم، و هي من السفينة مجتمع الماء المترشح من ألواحها، أي: لو كفأت عليه الدنيا بجليلها و حقيرها.

١١٩

ا قولا بغير علم

من خطبة له في تأنيب المتخاذلين من أصحابه: أيها الناس المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم، كلامكم يوهي الصمّ الصّلاب و فعلكم يطمع فيكم الأعراء(١) ما عزّت دعوة من دعاكم و لا استراح قلب من قاساكم أيّ دار بعد داركم تمنعون؟ و مع أيّ إمام بعدي تقاتلون؟ المغرور و اللّه من غررتموه، و من فاز بكم فقد فاز بالسهم الأخيب أصبحت و اللّه لا أصدّق قولكم و لا أطمع في نصركم و لا أوعد العدوّ بكم ما بالكم؟ ما دواؤكم؟ ما طبّكم؟ القوم رجال أمثالكم أ قولا بغير علم؟ و غفلة من غير ورع؟ و طمعا في غير حق؟

لا اصلحكم بافساد نفسي

و من كلام له في تأنيب المتخاذلين من أصحابه أيضا: كم أداريكم كما تدارى الثياب المتداعية كلّما حيصت من جانب

____________________

(١) الصم، جمع أصم، و هو من الحجارة الصلب. و الصلاب: الشديدة، أي تقولون من الكلام ما يفلق الحجر بشدّته و قوته، ثم يكون فعلكم من الضعف و الاختلال بحيث يطمع فيكم العدوّ.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

مقامر، ولا متهم ولا تابع لمتبوع، ولا أخير لصاحبه، ولا أمرأة لزوجها، ولا المشهور بالفسق والفجور، ولا المرابي(١) .

وتجوز شهادة الرجل لا مرأته، وشهادة الولد لوالده، وتجوز شهادة الوالد على ولده، وتجوز شهادة الأعمى إذا أثبت، وشهادة العبد لغير صاحبه(٢) .

ولا تجوز شهادة المفتري حتى يتوب من فريته(٣) ، وتوبته أن يوقف في الموضع الذي قال فيه ما قال يكذب نفسه(٤) .

ولا تجوز شهادة على شهادة في الحدود(٥) .

ولا تجوز شهادة الرجل لشريكه إلا فيها لا يعود نفعه إليه، فإذا شهد رجل على شهادة رجل فإن شهادته تقبل وهي نصف شهادة، وإذا شهد رجلان على شهادة رجل فقد ثبت شهادة رجل واحد.

وإن كان الذي شهد عليه معه في مصره، ولو أنهما حضرا فشهد أحدهما على شهادة الآخرة، وأنكر صاحبه أن يكون أشهده على شهادته، فإنه يقبل قول أعدلهما(٦) .

وإذا دعي رجل ليشهد على رجل، فليس له أن يمتنع من الشهادة عليه، لقوله تعالى:(وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) (٧) فإذا أراد صاحبه أن يشهد له بما أشهد فلا يمتنع، لقوله تعالى:(وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) (٨) .

وإذا أتى الرجل بكتاب فيه خطه وعلامته - ولم يذكر الشهادة - فلا يشهد، لأن الخط يتشابه، إلا أن يكون صاحبه ثقة معه شاهد آخر ثقة فيشهد له حينئذ(٩) .

وإذا ادعى رجل على رجل عقاراً أو حيواناً أو غيره، وأقام بذلك بينه، وأقام

____________________

(١) الفقيه ٣: ٢٥|٦٧، المقنع: ١٣٣، الهداية: ٧٥ وقد ورد فيها اكثر الفقرات.

(٢) ورد مؤداه في الفقيه ٣: ٢٦|٦٩ و ٧٠، والمقنع: ١٣٣.

(٣) في نسخة « ض »: « الفرية ».

(٤) المقنع: ١٣٣.

(٥) الفقيه ٣: ٤١|١٤٠.

(٦) المقنع: ١٣٣.

(٧) البقرة ٢: ٢٨٢.

(٨) البقرة ٢: ٢٨٣. وورد مؤداه في الفقيه ٣: ٣٤|١١١ و ١١٢، والكافي ٧: ٣٧٩|١ و ٢، والتهذيب ٦: ٢٧٥|٧٥٠ و ٧٥١.

(٩) مختلف الشيعة: ٧٢٤ عن علي بن بابويه.

٢٦١

الذي في يده شاهدين، فإن الحكم فيه أن يخرج الشيء من يد مالكه إلى المدعي لأن البينة عليه، فإن لم يكن الملك في يد أحد، وادعى فيه الخصمان جميعاً، فكل من أقام عليه شاهدين فهو أحق به، فإن أقام كل واحد منها شاهدين فإن أحق المدعيين من عدل شاهداه، فإن استوى الشهود في العدالة، فأكثرهم شهوداً يحلف بالله ويدفع إليه الشيء(١) .

وكل ما لا يتهيأ فيه الأشهاد عليه، فإن الحق فيه أن يستعمل في القرعة(٢) .

وقد روي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه قال: « أي قضية أعدل من القرعة، إذا فوض الامر إلى الله، لقوله تعالى:(فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) (٣) ».

ولو أن رجلين إشتريا جارية وواقعاها جميعاً فأتت بولد، لكان الحكم فيه أن يقرع بينهما، فمن أصابته القرعة اُلحق به الوالد و يغرم نصف قيمة الجارية لصاحبه، وعلى كل واحد منها نصف الحد.

وإن كانوا ثلاثة نفر وواقعوا جارية على الإنفراد، بعد أن اشتراها الأول وواقعها اشتراها الثاني وواقعها فاشتراها الثالث وواقعها، كل ذلك في طهر واحد، فأت بوالدٍ لكان الحق أن يلحق الوالد بالذي عنده الجارية، لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الوالد للفراش وللعاهر الحجر » هذا فيما لا يخرج في النظر، وليس فيه إلا التسليم(٤) .

وتقبل شهادة النساء في النكاح، والدين، وفي كل ما لا يتهيأ للرجال أن ينظروا إليه.

ولا تقبل في الطلاق، ولا في رؤية الهلال. وتقبل في الحدود إذا شهد امرأتان وثلاثة رجال، ولا تقبل شهادتهن إذا كن أربع نسوة ورجلين(٥) .

ولا تقبل شهادة الشهود في الزنا إلاّ شهادة العدول، فإن شهد أربعة بالزنا ولم يعدلوا ضربوا بالسوط حد المفتري، وإن شهد ثلاثة عدول وقالوا: الآن ياتيكم الرابع،

____________________

(١) الفقيه ٣: ٣٩، المقنع: ١٣٣ عن رسالة والده باختلاف يسير.

(٢) ورد مؤداه في الفقيه ٣: ٥٢|١٧٤، والتهذيب ٦: ٢٤٠|٥٩٣.

(٣) الصافات ٣٧: ١٤١، الفقيه ٣: ٥٢|١٧٥.

(٤) المقنع: ١٣٤، والقول بعد الحديث الشريف عن رسالة والده.

(٥) المقنع: ١٣٥ بتقديم وتأخير.

٢٦٢

كان عليهم حد المفتري، إلا أن يشهد أربعة عدول في موقف واحد.

فإن شهد أربعة عدول على رجل بالزنا، أو شهد رجلان على رجل بقتل رجل أو سرقة، فرجم الذي شهدوا عليه بالزنا، وقتل الذي شهدوا عليه بالقتل، وقطع الذي شهدوا عليه بالسرقة، ثم رجعا عن شهادتهما وقال: غلطنا في هذا الذي شهدنا، وأتيا برجل وقالا: هذا الذي قتل، وهذا الذي سرق، وهذا الذي زنى.

قال: يجب عليهما دية المقتول الذي قتل، ودية ( اليد التي قطعت )(١) بشهادتهما، ولم تقبل شهادتهما على الثاني الذي شهدوا عليه.

وإن قالوا: تعمدنا، قطعا في السرقة.

وكل من شهد شهادة الزور في مال أو قتل لزمه دية المقتول، ورد المال بشهادتهما ولم تقبل شهادتهما بعد ذلك، وعقوبتهما في الآخرة النار استحقاها من قبل أن تزول اقدامهما(٢) .

____________________

(١) في نسخة « ض »: « يد الذي قطع ».

(٢) المقنع: ١٣٥ باختلاف يسير، ومن « فإن شهد أربعة... » أورده عن رسالة والده.

٢٦٣

٤٠ - باب الشفعة

واعلم أن اشفعة واجبة في الشركة المشاعة، و(١) في المجاز المقسوم، وفي المجاروة، والشرب الجامع، وفي الأرحية، وفي الحمامات(٢) .

ولا شفعة ليهودي، ولانصراني، ولا مخالف(٣) .

ولا ضرر في سفينة، ولا طريق يجمع المسلمين، ولا حيوان.

ولا ضرر في شفعة ولا ضرار(٤) .

والشفعة على البائع والمشتري، ليس للبائع أن يبيع أو يعرض على شريكه أو مجاروه، ولا للمشتري أن يمتنع إذا طولب بالشفعة.

و روي أن الشفعة واجبة في كل شيء من الحيوان والعقار والرقيق، إذا كان الشيء بين شريكين فباع أحدهما، فالشريك أحق به من الغريب.

وإذا كان الشركاء أكثر من اثنين فلا شفعة لواحد منهم(٥) ، وإنما يجب للشريك إذا باع شريكه أن يعرض عليه، فإن لم يفعل بطلت الشفعة متى ما سأل، لا أن يتجافي عنه أو يقول: بارك الله لك فيما اشتريت أو بعت، أو يطلب منه مقاسمة(٦) .

وروي أنه ليس في الطريق شفعة، ولا في النهر، ولا في الرحى، ولا في حمام،

____________________

(١) في البحار ١٠: ٢٥٦|٣: وليس.

(٢) المقنع: ١٣٥، الهدية: ٧٥، بالختلاف في ألفاظه.

(٣) الفقيه ٣: ٤٥|١٥٧، الكافي ٥: ٦٨١|٦، التهذيب ٧: ١٦٦|٧٣٧ باختلاف يسير وليس فيهم المخالف.

(٤) ورد مؤداه في الفقيه ٣: ٤٥|١٥٤، والكافي ٥: ٢٨٠|٤، والتهذيب ٧: ١٦٤|٧٢٧، من « ولاضرر.. ».

(٥) المقنع: ١٣٥ باختلاف يسير من « وروي أن الشفعة... ».

(٦) ورد مؤداه في الفقيه ٣: ٤٧|١٦٤.

٢٦٤

ولا في ثوب، ولا في شيء مقسوم(١) .

فإذا كانت داراً فيها دور وطريق أبوابها في عرصة واحدة، فباع رجل داراً منها من رجل، كان لصاحب الدار الأخرى شفعة إذا لم يتهيأ له أن يحول باب الدار التي اشتراها إلى موضع اخر، فإن حول بابها فلا شفعة لأحد عليه(٢) .

وإنما يجب عليه الشفعة لشريك غير مقاسم(٣) ، فإذا عرف حصة الرجل من حصة الشريك فلا شفعة لواحد منهما، وبالله التوفيق.

____________________

(١) مختلف الشيعة: ٤٠٢ عن علي بن بابوية.

(٢) الفقيه ٣: ٤٧|١٦٤، المقنع: ١٣٦ باختلاف يسير.

(٣) الفقيه ٣: ٤٥|١٤٥، المقنع: ١٣٦ باختلاف يسير.

(٤) الهداية: ٧٥.

٢٦٥

٤١ - باب اللقطة

إعلم أن اللقطة لقطتان: لقطة الحرم، ولقطة غير الحرم.

فأما لقطة الحرم فإنها تعرّف سنة، فإن جاء صاحبها وإلا تصدقت بها، وإن كنت وجدت في المحرم ديناراً مطلساً(١) فهو لك لا تعرفّه.

ولقطة غير الحرم تعرفها أيضاً سنة، فإذا جاء صاحبها وإلا فهي كسبيل مالك وإن كان دون درهم فهي لك حلال.

وإن وجدت في داروهي عامرة فهي لأهلها، وإن كان خراباً فهي لمن وجدها.

فأن وجدت في جوف البهائم والطيور وغير ذلك، فتعرفها صاحبها الذي اشتريتها من، فإن عرفها فهو له وإلا فهي كسبيل ما.

وأفضل ما تستعمله في اللقطة إذا وجدتها في الحرم أو غير الحرم، أن تتركها فلا تأخذها ولا تمسها، ولو أن الناس تركوا ما وجدوا لجاء صاحبها فأخذها.

وإن وجدت اداوة أو نعلاً او سوطاً فلا تأخذه، وإن وجدت مسلّة أو محيطاً أو سيراً فخذه وانتفع به.

وإن وجدت طعاماً في مفازة، فقومه نفسك لصاحبه ثم كله، فإن جاء صاحبه فرد عليه ثمنه، وإلا فتصدق به بعد سنة.

فإن وجدت شاة في فلاة من الأرض فخذها، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب.

____________________

(١) الدينار المطلس: الدينار الذي محيت كتابته « الصحاح - طلس - ٣: ٩٤٤ ».

٢٦٦

فإن وجدت بعيراً في فلاة فدعه ولا تأخذه، فإن بطنه وعاؤه، وكرشه سقاؤه، وخفه حذاؤه(١) .

____________________

(١) المقنع: ١٢٧ باختلاف يسير وبتقدم وتأخير.

٢٦٧

٤٢ - باب الدين والقرض

واعلم أنه من استدان ديناً ونوى قضاءه فهو في أمان الله حتى يقضيه، فإن لم ينو قضاءه فهو سارق، فاتق الله وأد إلى من له عليك، وارفق بمن لك عليه حتى تأخذه منه في عفاف وكفاف.

فإن كان غريمك معسراً، وكان أنفق ما أخذ منك في طاعة الله، فانظره إلى ميسرة، هي أن يبلغ خبره الإمام فيقضي عنه، أويجد الرجل طولاً فيقضي دينه.

وإن كان انفق ما أخذه منك في معصية الله، فطالبه بحقك، فليس هو من أهل هذه الاية(١) .

وإن كان لك على رجل مال، وضمنه رجل عند موته، وقبلت ضمانه، فالميت قد برئ منه، وقد لزم الضامن رده عليك.

وإذا مات رجل وله دين على رجل، فإن أخذه وارثه منه فهو له، وإن لم يعطه فهو للميت في الآخرة.

وزكاة الدين على من استقرض.

ولو كان على رجل دين ولم يكن له مال وكان لابنه مال، يجوز أن ياخذ من مال إبنه فيقضي به دينه(٢) .

وإذا كان لك على رجل مال، فلا زكاة عليك فيه، حتى يقضيه(٣) ويحول عليه الحول يدك، إلا أن تأخذ عليه منفعة في التجارة، فإن كان كذلك فعليك زكاته(٤) .

____________________

(١) المراد بالآية، قوله تعالى: « وان كان ذوعسرة فنظرة إلى ميسرة... ».

(٢) المقنع: ١٢٦ عن وصية والده، باختلاف يسير وتقديم وتأخير.

(٣) في هامش نسخة « ش»: وفي نسخة: « تقبضه ».

(٤) المقنع: ٥٢ باختلاف في ألفاظه.

٢٦٨

وإذا مات رجل وعليه دين ولم يكن له إلا قدر ما يكفن به كفن به، فإن تفضل عليه رجل بكفن كفن به، ويقضى بما ترك دينه(١) ، واذا مات رجل وعليه دين ولم يخلف شيئاً، فكفنه رجل من زكاة ما له فهو جائز له، فإن اتجر عليه رجل آخر بكفن كفن من الزكاة، وجعل الذي اتجر عيله لورثته يصلحون به حالهم، لأن هذا ليس بتركة الميت إنما هوشيء صار إليهم بعد موته، وبالله الاعتصام(٢) .

____________________

(١) ورد مؤداه في الفقيه ٤: ١٤٣|٤٩٢، والكافي ٧: ٢٣|٢.

(٢) مؤاده في التهذيب ١: ٤٤٥|١٤٤٠.

٢٦٩

٤٣ - باب الأيمان والنذور والكفارات

إعلم - يرحمك الله - أن أعظم الأيمان الحلف بالله عزوجل، فإذا حلف الرجل بالله على طاعة - نظير رجل حلف بالله أن يصلي صلاة معلومة، أو أن يعمل شيئاً من خصال البر - فقد وجب عليه في يمينه أن يفي بما حلف عليه، لأن الذي حلف عليه لله طاعة، فإن لم يف بما حلف وجاز الوقت حيث ووجب عليه الكفارة، فإن حلف أن لايقرب معصية أو حراماً ثم حنث، فقد وجب عليه الكفارة(١) .

والكفارة إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم ثوبين لكل مسكين، والمكفر عن يمينه بالخيار إن كان موسراً أي ذلك شاء، والمعسر لاشيء، عليه إلا إطعام عشرة مساكين أو صوم ثلاثة أيام إن أمكنه ذلك، والغني والفقير في ذلك سواء(٢) .

فإن حلف بالظهار وهو يريد اليمين، فعليه للفظ اليمين عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً(٣) وقد روي أن الثلاثة عليه عقوبة على مكروه امه وذوي رحمه بمثل هذا.

ولا يمين في قطيعة رحم، ولا في ترك الدخول في خلال، وكفارة هذه الأيمان الحنث.

واعلم أن كان ما كان من قول الانسان: لله عليّ نذر من وجوه الطاعة ووجوه البر، فعليه الوفاء بما جعل على نفسه(٤) ، وإن كان النذر لغير الله، فإنه إن لم يعط ولم يف بما

____________________

(١) مؤاده في الفقيه ٣: ٢٣١|١٠٩٤، والمقنع: ١٣٦، والهداية: ٧٢، والكافي ٧: ٤٤٥|١ - ١٠، والتهذيب ٨: ٢٩١|١٠٧٤ - ١٠٧٨.

(٢) المقنع: ١٣٧، الهداية: ٧٣ باختلاف في ألفاظه.

(٣) مؤاده في الفقيه ٣: ٣٤١|١٦٤١، والمقنع: ١٠٨، والهداية: ٧١.

(٤) مؤاده في المقنع: ١٣٧. من « واعلم أن كان ما كان... ».

٢٧٠

جعله على نفسه، فلا كفارة عليه ولا صوم ولا صدقة، نظير ذلك أن تقول: لله عليّ صلاة معلومة أو صوم معلوم أو بر أووجه من وجوه البر، فيقول: إن عافاني الله من مرضي، أو ردني من سفري، أورد عليّ غائبي، أو رزقني رزقاً، أو وصلني إلى محبوبي حلالاً فأعطي ما تمنى، لزمه ما جعل على نفسه، إلا أن يكون جعل على نفسه ما لا يطيقه، فلا شيء عليه إلا بمقدار ما يحتمله، وهذا ممكن يجب أن يستغفر الله منه، ولا يعود إلى مثله(١) .

وإن هو نذر لوجه من وجوه المعاصي، مثل الرجل يجعل على نفسه نذراً على شرب الخمر، أو فسق، أو زنا، أو سرقة، أو قتل، أو موت، أو إساءة مؤمن، أو عقوق، أو قطيعة، رحم، فلا شيء عليه في نذره، وقد روي أن عليه في ذلك كفارة يمين بالله للعقوبة - لا غير - لإقدامه على نذر في معصية(٢) .

وقد روي إذا نذرت نذر طاعة لله فقدمه، فإن الله أوفى منك.

واعلم أن الكفارة على مثل المواقعة في شهر رمضان والأكل والشرب فيه، فعليه لكل يوم عتق رقبة، أو صوم شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً، فإن عاد لزمه لكل يوم مثل الكفارة الاول(٣) . وقد روي: أن الثلاث عليه - وهذا الذي يختاره خواص الفقهاء - ثم لا يدرك مثل ذلك اليوم أبداً(٤) .

فأما الظهار أن يقول الرجل لا مرأته أوما ملكت يمينه: هي عليه كظهر أمه أو كظهر أخته، أوخالته أو عمته، أودايته، فإذا فعل ذلك وجب عليه للفظ، ما قد فسرناه في باب الظهار.

وإن حلف المملوك أوظاهر فليس عليه إلا الصوم فقط وهو شهران متتابعين(٥) .

وأما كفارة الدم، فعلى من قتل مؤمناً متعمداً أن يقاد به، فإن عفي عنه وقبلت منه الدية فعليه التوبة والإستعفار. ومن قتل مؤمناً خطأ، فعليه عتق رقبة مؤمنة، أو

____________________

(١) ورد موداه في المقنع: ١٣٧، والهداية: ٧٣.

(٢) ورد مؤاده في الفقيه ٣: ٢٢٧|١٠٧٠، والمقنع: ١٣٧، واهداية ٧٣، وفيه « ولا نذر في معصية ».

(٣) ورد مؤاده في المقنع: ١٠٧، والهداية: ٤٧، من « واعلم ان الكفارة... ».

(٤) ورد مؤاده في الفقيه ٢: ٧٣|٣١٧.

(٥) مؤاده في الفقيه ٣: ٣٤٦|١٦٦١، والكافي ٦: ١٥٦|١٣، التهذيب ٨: ٢٤|٨٩، وفيها « وفيها ما على الحر صوم شهر ».

٢٧١

صوم شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً، ودية مسلمة إلى أهله، فإن لم يكن له مال اخذ من عاقلته(١) .

فأما الكفارة على من واقع جاريته أو أهله - وهومحرم - فعليه بدنه قبل أن يشهد الموقفين، وعليه الحج من قابل(٢) .

وإن أصاب صيداً(مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ) (٣) إن كان صيده نعامة فعليه بدنة، فمن لم يجد فإطعام ستين مسكيناً، فإن لم يجد فصيام ثمانية عشر يوماً.

وإن كان حمار وحش أو بقرة وحش، فعليه بقرة، فإن لم يجد فإطعام ثلاثين مسكيناً، فان لم يجد فصيام تسعة أيام.

وإن كان الصيد من الظبي فعليه شاة، فإن لم يجد فإطعام عشرة مساكين، فإن لم تستطع فصيام ثلاثة أيام(٤) .

وإن كان الصيد طائراً فعليه درهم، وإن كان فرخاً فعليه نصف درهم، وإن كان بيضاً أو كسرها أو أكل فعليه ربع درهم(٥) .

وإن كان به أذى من رأسه ففدية من صيام أوصدقة أو نسك، والنسك شاة أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو صوم ثلاثة أيام(٦) .

ومن ظلل على نفسه وهو محرم فعليه شاة(٧) ، أوعدل ذلك صياماً وهو ثلاثة أيام.

ومن بات ليالي منى بمكة، فعليه لكل ليلة دم يهريقه(٨) .

ومن كان متمتعاً فلم يجد هدياً، فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا

____________________

(١) مؤاده في التهذيب ٨: ٣٢٢|١١٩٦.

(٢) مؤاده في الفقيه ٢: ٢١٣ عن رسالة أبيه، المقنع: ٧١.

(٣) المائدة ٥: ٩٥.

(٤) الفقيه ٢: ٢٣٣|١١١٢، المقنع: ٧٧ باختلاف يسير وفيهما حكم الحمارٍ الوحش مثل النعامة.

(٥) مؤاده في المقنع: ٧٨.

(٦) مؤاده في الفقيه ٢: ٢٢٨|١٠٨٣ و ٢٢٩|١٠٨٤، والمقنع: ٧٥.

(٧) مؤاده في الفقيه ٢: ٢٢٦|١٠٦٣.

(٨) الفقيه ٢: ٢٨٦|١٤٠٦ باختلاف في ألفاظه.

٢٧٢

رجع إلى اهله، تلك عشرة كاملة(١) .

والمحرم في الحرم إذا فعل شيئاً من ذلك، تضاعف عليه الفداء مرتين، أو عدل الفداء الثاني صياماً، وبالله التوفيق.

واعلم أن اليمين على وجهين: يمين فيها كفارة، ويمين لا كفارة فيها، فاليمين التي فيها الكفارة، فهو أن يحلف العبد على شيء يلزمه أن يفعل، فيحلف ان يفعل ذلك الشيء وان لم يفعله فعليه الكفارة، او يحلف على ما يلزمه أن يفعله أن لايفعله فعليه الكفارة إذا فعله.

واليمين التي لا كفارة فيها على ثلاثة أوجه: فمنها ما يؤجر عليه الرجل إذا حلف كاذباً، ومنها مالا كفارة فيها عليه ولا أجرله، ومنها مالا كفارة عليه فيها والعقوبة فيها إدخال النار.

فأما التي يؤجر عليها الرجل إذا حلف كاذباً ولم يلزم فيها الكفارة فهو أن يحلف الرجل في خلاص امرئ مسلم، أويخلص بها مال امرئ مسلم من متعد يتعدى عليه من لص أوغيره.

وأما التي لا كفارة عليه ولا أجرله، فهو أن يحلف الرجل على شيء ثم يجد ما هو خير من اليمين، فيترك اليمين ويرجع إلى الذي هو خير.

وقال العالمعليه‌السلام : لا كفارة عليه، وذلك من خطوات الشيطان.

وأما التي عقوبتها دخول النار، فهو إذا حلف الرجل على مال امرئ مسلم أو على حقه ظلماً، فهو يمين غموس يوجب النار ولا كفارة عليه في الدنيا(٢) .

واعلم أنه لا يمين في قطيعة رحم، ولا نذر في معصية الله، ولايمين لولد مع الوالدين، ولا للمرأة مع زوجها، ولا للمملوك مع مولاه، ولو أن رجلاً حلف أو نذر أن يشرب خمراً أو يفعل شيئاً مما ليس لله فيه رضا، فحنث لا يفي بنذره، فلا شيء عليه(٣) .

والنذر على وجهين: أحدهما أن يقول الرجل: إن عوفيت من مرضي أو تخلصت من كذا وكذا، فعليّ صدقة أوصوم أو شيء من أفعال البر، فهو بالخيار إن شاء

____________________

(١) المقنع: ٩٠، التهذيب ٥: ٢٣٣|٧٨٩، الاستبصار ٢: ٢٨٢|١٠٠١ باختلاف يسير.

(٢) الهداية: ٧٢، الفقيه ٣: ٢٣١|١٠٩٤، المقنع: ١٣٦ باختلاف يسير، من « واعلم أن اليمين على وجهين... ».

(٣) الهداية: ٧٣، المقنع: ١٣٧.

٢٧٣

فعل وإن شاء لم يفعل.

فإن قال لله عليّ كذا وكذا من أفعال البر، فعليه أن يفي ولا يسعه تركه، فإن خالف لزمه صيام شهرين متتابعين، وروي كفارة يمين.

وإذا نذر الرجل أن يصوم صوماً يوماً أو شهراً، ولم يسمّ يوماً بعينه أوشهراً بعينه، فهو بالخيار أي يوم شاء صام، وأي شهر شاء صام، مالم يكن ذي الحجة أوشوال فإن فيهما العيدين ولا يجوز صومهما.

فإن صام يوماً، أو شهراً لم يسمه في النذر - متتابع أوغيره - فأفطر فلا كفارة عليه، إنما عليه أن يصوم مكانه يوماً آخر أوشهراً آخر على حسب مانذر.

فإن نذر أن يصوم يوماً معروفاً أو شهراً معروفاً، فعليه أن يصوم ذلك اليوم أو ذلك الشهر، فإن لم يصمه أو صامه فأفطر فعليه الكفارة لخلف النذر.

ولو أن رجلا نذر نذراً - ولم يسم شيئاً - فهو بالخيار، إن شاء تصدق بشيء، وإن شاء صلى ركعتين، أو صام يوماً، إلا أن يكون ينوي شيئاً في نذره ويلزمه ذلك الشيء بعينه.

وإن امرؤ نذر أن يتصدق بمال كثير - ولم يسم مبلغه - فإن الكثير ثمانون وما زاد، لقول الله جل وعز:(لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّـهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ) (١) فكانت ثمانين، موطناً، وبالله حسن الاسترشاد(٢) .

____________________

(١) التوبة ٩: ٢٥.

(٢) الهداية: ٧٣، الفقيه ٣: ٢٣٢|١٠٩٥، المقنع: ١٣٧ باختلاف يسير.

٢٧٤

٤٤ - باب الزنا واللواطة

واعلم أن الله جل وعز حرم الزنا لما فيه من بطلان الأنساب - التي هي من أصول هذا العالم - وتعطيل الماء(١) .

وروي: أن الدفق في الرحم إثم، والعزل أهون.

وروي: أن يعقوب النبيعليه‌السلام قال لابنه يوسفعليه‌السلام : يا بني، لا تزن، فإن الطير لو زنى لتناثر ريشه(٢) .

وروي: أن الزنا يسود الوجه، ويورث الفقر، ويبتر(٣) العمر، ويقطع الرزق، ويذهب بالبهاء، ويقرب السخط، وصاحبه مخذول مشؤوم(٤) .

وروي: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن؛ فسئل عن معنى ذلك، فقال: يفارقه روح الإيمان في تلك الحال، فلا يرجع إليه حتى يتوب(٥) .

ومن زنى بذات محرم، ضرب ضربة بالسيف - محصناً كان أم غيره - فإن كانت تابعته ضربت ضربة بالسيف، وإن استكرهها فلا شيء عليها(٦) .

ومن زنى بمحصنة وهومحصن، فعلى كل واحد منهما الرجم(٧) .

ومن زنى بمحصنة وهو غير محصن، فعليها الرجم، وعليه الجلد(٨) وتغريب سنة.

____________________

(١) ورد مؤداه في الفقيه ٣: ٣٦٩|١٧٤٨، وعلل الشرائع: ٤٧٩، وعيون أخبار الرضاعليه‌السلام ٢: ٩٢.

(٢) الفقيه ٤: ١٣|١٣، الكافي ٥: ٥٤٢|٨، والمحاسن: ١٠٦|٩٢ من « وروي: ان يعقوبعليه‌السلام ».

(٣) في نسخة « ش »: « ويبير ».

(٤) الفقيه ٤: ٢٦٦، الخصال: ٣٢٠|٢ و٣ و٤ وفيهما بعض الفقرات.

(٥) الفقيه ٤: ١٤|٢٠ باختلاف يسير.

(٦) الفقيه ٤: ٣٠|٨١ باختلاف يسير.

(٧) المقنع: ١٤٤، علل الشرائع ٥٤٠|١٣ باختلاف في ألفاظه.

(٨) المقنع: ١٤٤ باختلاف في ألفاظه.

٢٧٥

وحد التغريب خمسون فرسخاً.

والرجم أن يحفر بئر بقامة الرجل إلى صدره(١) ، وللمرأة إلى فوق ثدييها وترجم(٢) ، فإن فر المرجوم - وهو المقر - ترك، وإن فر - قد قامت عليه البينة - رد إلى البئر ورجم حتى يموت(٣) .

وروي: أن لا يتعمد بالرجم رأسه.

وروي: لا يقتله إلا حجر الإمام.

وحد المحصن أن يكون له فرج يغدو عليه ويروح(٤) .

وأروي عن العالمعليه‌السلام أنه قال: لا يرجم الزاني حتى يقر أربع مرات بالزنا - اذا لم يكن شهود(٥) - فاذا رجع وأنكر ترك ولم يرجم.

ولا يقطع السارق حتى يقر مرتين إذا لم يكن شهود(٦) .

ولا يحد اللوطي حتى يقر أربع مرات، على تلك الصفة(٧) .

وروي: أن جلد الزاني أشد الضرب، وأنه يضرب من قرنه إلى قدمه، لما تفضى من اللذة بجميع جوارح.

وروي: أنه إن وجد وهو عريان جلد عرياناً، وإن وجد عليه ثوب جلد فيه(٨) .

وروي أن الحدود في الشتاء لا تقام بالغدوات، ولايقام في الصيف في الهاجرة، ويقام إذا برد النهار(٩) ، ولا يقيم حداً من في جنبه حد(١٠) .

وأما أصل اللواط من قوم لوط، وفرارهم من قرى الأضياف من مدركة

____________________

(١) المقنع: ١٤٤ باختلاف في ألفاظه من « والرجم أن يحفر... » وفيه: « إلى عنقه ».

(٢) ورد مؤداه في الفقيه ٤: ٢٠|٥٠ و ٢٤|٥٢، والمحاسن: ٣٠٩|٢٣.

(٣) ورد مؤاده في الفقيه ٤: ٢٤|١٩، والكافي ٧: ١٨٥|٥.

(٤) الفقيه ٤: ٢٥|٥٧، الكافي ٧: ١٧٩|١٠، التهذيب ١٠: ١٢|٢٨ باختلاف يسير من « وحد المحصن... ».

(٥) الهداية: ٧٥ باختلاف يسير.

(٦) الفقيه ٤: ٤٣|١٤٥، تفسير العياشي ١: ٣١٩|١٠٧.

(٧) ورد مؤاده في الكافي ٧: ٢٠١|١، التهذيب ١٠: ٥٣|١٩٨.

(٨) ورد مؤاده في الفقيه ٤: ٢٠|٤٦ و ٤٧، والمقنع: ١٤٣.

(٩) ورد مؤاده في الكافي ٧: ٢١٧|١ -٣، والتهذيب ١٠: ٣٩|١٣٦ و١٣٧، والمحاسن: ٢٧٤|٣٧٩.

(١٠) ورد مؤاده في الفقيه ٤: ٢٢|٥١ و ٢٤|٥٢ و ٥٣، وعيون أخبار الرضاعليه‌السلام ٢: ٢٣٨|١، والكافي ٧: ١٨٨|٣.

٢٧٦

الطريق، وانفرادهم عن النساء، واستغناء الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ولذلك قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أيّ داء أدوى من البخل » وذكر هذا الحديث(١) .

وحرم لما فيه من الفساد، وبطلان ما حضّ الله عليه، وأمر به من النساء(٢) .

أروي عن العالمعليه‌السلام أنه قال: لو كان ينبغي لاحد ان ان يرجم مرتين لرجم اللوطي(٣) وعليه مثل حد الزاني من الرجم والحد، محصناً أو غير محصن(٤) .

وإذا وجد الرجلان عراة في ثوب واحد - وهما متهمان - فعلى كل واحد منهما مائة جلدة، وكذلك امرأتان في ثوب واحد، ورجل وامرأة في ثوب واحد(٥) .

وفي اللوطة الكبرى ضربة بالسيف، أو هدمة، أوطرح الجدار، وهي الإيقاب. وفي الصغرى مائة جلدة.

وروي أن اللواطة هي التفخذ، وأن على فاعله القتل، والإيقاب الكفر بالله.

وليس العمل على هذا، وإنما العمل على الاولى في اللواط(٦) .

واتق الزنا واللواط، وهو أشد من الزنا، والزنا أشد منه(٧) ، وهما يورثان صاحبهما اثنين وسبعين داءً في الدنيا وفي الآخرة.

ويجلد على الجسد كله إلا الفرج والوجه، فإن عادا جلدا مائة مائة، فإن عادا قتلا، وان زنيا أول مرة - وهما محصنان، أو أحدهما محصن والآخر غير محصن - ضرب الذي هو غير محصن مائة جلدة، وضرب المحصن مائة ثم رجم بعد ذلك(٨) .

____________________

(١) ورد مؤداه في علل الشرائع: ٥٤٨|٤، وتفسير العياشي ٢: ٢٤٤|٢٦.

(٢) ورد مؤداه في علل الشرائع: ٥٤٧|١، وعيون اخبار الرضاعليه‌السلام ٢: ٩٧.

(٣) الفقيه ٤: ٣١|٨٧، عقاب الأعمال: ٣١٦|٥، الكافي ٧: ١٩٩|٣، التهذيب ١٠: ٥٣|١٩٦، الاستبصار ٤: ٢٢٠|٨٢٤، المحاسن: ١٢٢|١٠٤، الجعفريات: ١٢٦.

(٤) ورد مؤداه في المقنع: ١٤٧، والكافي ٧: ١٩٨|١، والتهذيب ١: ٥٤|٢٠٠، والاستبصار ٤: ٢٢٠|٨٢٤، وقرب الاسناد: ٦٤.

(٥) ورد مؤداه في الكافي ٧: ١٨١|٦ و١٨٢|١٠، والتهذيب ١٠: ٤٢|١٥١ و٤٣|١٥٣.

(٦) ورد مؤداه في المقنع: ١٤٤، والهداية: ٧٦.

(٧) المقنع: ١٤٣ باختلاف يسير.

(٨) المقنع: ١٤٣ باختلاف يسير، من « ويجلد على الجسد... ».

٢٧٧

قال: وأول من يبدأ برجمها الشهود الذين شهدوا عليهما، والإمام(١) .

فإذا زنى العبد والجارية، جلد كل واحد منهما خمسين جلدة - محصنين كانا أو غير محصنين - وإن عادا جلدا خمسين - كل واحد منهما - الى أن يزنيا ثماني مرات ثم، يقتلا في الثامنة(٢) .

ولا يجوز مناكحة الزاني والزانية حتى تظهر توبتهما(٣) .

فإن زنى رجل بعمته أو بخالته، حرمت عليه أبداً بناتهما(٤) .

ومن زنى بذات بعل - محصناً كان او غير محصن - ثم طلقها زوجها أومات عنها، وأراد الذي زنى بها أن يتزوج بها لم تحل له أبدا، ويقال لزوجها يوم القيامة: خذ من حسناته ما شئت(٥) .

ومن لاط بغلام فعقوبته أن يحرق بالنار، أو يهدم عليه حائط، أو يضرب ضربة بالسيف(٦) ، ولا تحل له أخته في التزويج أبداً ولا ابنته(٧) ، ويصلب يوم القيامة على شفير جهنم، حتى يفرغ الله من حساب الخلائق ثم يلقيه في النار، فيعذبه بطبقة طبقة حتى يؤديه إلى أسفلها فلا يخرج منها أبداً.

وإذا قبل الرجل غلاماً بشهوة، لعنته ملائكة السماء، وملائكة الارض، وملائكة الرحمة، وملائكة الغضب، وأعدله جهنم وساءت مصيراً.

وفي خبر آخر: من قبل غلاماً بشهوة ألجمه الله بلجام من نار(٨) .

واعلم أن حرمة الدبر أعظم من الفرج، لأن الله أهلك أمة بحرمة الدبر، ولم يهلك أحداً بحرمة الفرج(٩) .

____________________

(١) الفقيه ٤: ٢٦|٦٢، المقنع: ١٤٤، الكافي ٧: ١٨٤|٣ باختلاف في ألفاظه.

(٢) المقنع: ١٤٨، الفقيه ٤: ٣٢|٩٠ باختلاف في ألفاظه.

(٣) ورد مؤداه في الفقيه ٣: ٢٥٦|١٢١٧، والمقنع: ١٠١، والتهذيب ٧: ٣٢٧|١٣٤٧.

(٤) ورد مؤاده في الكافي ٥: ٤١٧|١٠، والتهذيب ٧: ٣١١|١٢٩١، والانتصار: ١٠٨.

(٥) ورد مؤداه في الانتصار: ١٠٨.

(٦) المقنع: ١٤٤، الهدايه: ٧٦ باختلاف يسير، و مختلف الشيعة: ٧٦٤ عن رسالة علي بن بابويه.

(٧) ورد مؤداه في الكافي ٥: ٤١٧|٢، والتهذيب ٧: ٣١٠|١٢٨٦.

(٨) مكارم الاخلاق: ٢٣٨، من « وفي خبر آخر... ».

(٩) المقنع: ١٤٤.

٢٧٨

٤٥ - باب شرب الخمر والغناء

إعلم - يرحمك الله - أن الله تبارك وتعالى حرم الخمر بعينه، وحرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كل شراب مسكر، ولعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الخمر، وغارسها، عاصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومبتاعها، وشاربها، وآكل ثمنها، وساقيها(١) ، والمتحول فيها، فهي ملعونة، شراب لعين(٢) ، وشاربها اللعناء(٣) .

واعلم أن شارب الخمر كعبدة الأوثان، وكناكح أمه في حرم الله، وهو يحشر يوم القيامة مع اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا بالله اولئك حزب الشيطان ألا ان حزب الشيطان هم الخاسرون.

واعلم أن من شرب من الخمر قدحاً واحداً، لا يقبل الله صلاته أربعين يوماً،(٤) . ومن كان مؤمناً فليس له في الايمان حظ، ولا في الإسلام له نصيب، ولا يقبل منه الصرف ولا العدل، وهو أقرب إلى الشرك من الإيمان. خصماء الله(٥) واعداؤه في أرضه، شرّاب الخمر والزناة.

فإن مات في أربعين يوماً لا ينظر الله اليه يوم القيامة ولا يكلمه ولا يزكيه، وله

____________________

(١) الفقيه ٤: ٤٠ عن رسالة أبيه، المقنع: ١٥٢ باختلاف يسير.

(٢) في نسخة « ش »: « فهي الملعونة وشراب اللعين ».

(٣) في نسخة « ض »: « لعينان ».

(٤) الفقيه ٤: ٤١ عن رسالة أبيه و٤:٤ و ٢٥٥، المقنع: ١٥٣، عقاب الاعمال: ٢٨٩|٢ باختلاف في ألفاظه، من « واعلم ان من شرب...».

(٥) في نسخة « ش »: « الرحمن ».

٢٧٩

عذاب أليم، ولا يقبل توبته في أربعين، وهو في النار لاشك فيه(١) .

وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله )(٢) : « الخمر حرام بعينه، والمكسر من كل شراب، فما أسكر كثيره فقليله حرام »(٣) .

ولها خمسة أسام: العصير من الكرم وهي الخمر الملعونة، والنقيع من الزبيب، ( البتع )(٤) من العسل، والمزر(٥) من الشعير وغيره، والنبيذ من التمر(٦) .

وإياك أن تزوج شارب الخمر، فإن زوجته فكأنما قدت(٧) إلى الزنا.

ولا تصدقه إذا حدثك، ولا تقبل شهادة، ولا تأمنه على شيء من مالك، فإن ائتمنته فليس لك على الله ضمان(٨) ، ولا تؤاكله، ولاتصاحبه، ولا تضحك في وجهه، ولا تعانقه، وإن مرض فلا تعده، وإن مات فلا تشيع لجنازته(٩) .

واعلم أن أصل الخمر من الكرم إذا أصابته النار، او غلى من غير أن تصيبه النار فهو خمر، ولا يحل شربه إلا أن يذهب ثلثاه(١٠) النار ويبقى ثلثه.

فإن نش من غير أن تصيبه النار، فدعه حتى يصير خلاً من ذاته من غير أن يلقى فيه شيء، فإن تغير بعد ذلك وصار خمراً، فلا بأس أن يطرح فيه ملح - أو غيره - حتى يتحول خلاً.

وإن صب في الخل خمر، لم يحل أكله حتى يذهب عليه أيام يصير خلاً، ثم اكل(١١) بعد ذلك(١٢) .

____________________

(١) ورد مؤداه في الفقيه ٤: ٢٥٥، والمقنع: ١٥٣، وعقاب الأعمال: ٢٩٢، من «فإن مات في أربعين... ».

(٢) في نسخة « ش»: « العالمعليه‌السلام ».

(٣) المقنع: ١٥٢، ١٥٣، الفقيه ٤: ٤٠ و ٢٥٥، الخصال: ٦٠٩، عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ٢: ١٢٦. باختلاف يسير.

(٤) البتع: نبيذ العسل « الصحاح - بتع - ٣: ١١٨٣ ».

(٥) المزر: نبيذ الذرة « الصحاح - مزر ٢: ٨١٦ ».

(٦) الفقيه ٤: ٤٠ عن رسالة والده، المقنع: ١٥٢.

(٧) في نسخة « ش » و « ض »: « زوجته » وما أثبتناه من البحار ٧٩: ١٤٢|٥٥.

(٨) المقنع: ١٥٣ باختلاف يسير.

(٩) ورد مؤداه في الفقيه ٤: ٤١|١٣٣، وجامع الأخبار: ١٧٨.

(١٠) في نسخة « ش»: « من ».

(١١) في نسخة « ش »: « يؤكل ».

(١٢) الفقيه ٤: ٤٠، المقنع: ١٥٣ عن رسالة أبيه.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447