الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)13%

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا) مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الصفحات: 447

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)
  • البداية
  • السابق
  • 447 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 176419 / تحميل: 7545
الحجم الحجم الحجم
الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

٢ ـ روى الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله قال : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : لا تبدأوا اهل الكتاب بالتسليم ، وإذا سلموا عليكم فقولوا : وعليكم »(١) .

٣ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : « سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن اليهودي ، والنصراني ، والمشرك إذا سلموا على الرجل وهو جالس ، كيف ينبغي أن يرد عليهم : فقال : يقول : عليكم »(٢) .

٤ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن بريد بن معاوية ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إذا سلم عليك اليهودي والنصراني والمشرك فقل : عليك »(٣) .

هذه الروايات الصحيحة صريحة في الاقتصار على « عليك أو عليكم » في الأجابة على تسليم أهل الكتاب. وأما الابتداء به فمنهي كما يأتي في السلام المنهي. ومعنى ذلك أن الذي يضمره اليهودي أو غيره من سوء هو عليه دون غيره من الناس.

وقد تقدم كيفية السلام على المشرك بأن يقول : « السلام على من اتبع الهدى »(٤) وذكرنا هناك أن السلام دعاء السلامة للمسلم عليه ولا ينفع الكافر ، بل والدعاء له لكونه كافراً كفر ، نعم ربما انتفع به إذا كان موضعاُ للأنتفاع ، وقد سبق استغفار إبراهيمعليه‌السلام لآزر الذي حكاه الله بقوله تعالى :( ولما تبين أنه عدو لله تبرَّأ منه ) (٥) .

__________________

١ ـ أصول الكافي ٢ | ٦٤٨ ـ ٦٤٩ ، الحديث ٢. في هامشه : في جميع النسخ بإثبات الواو ، يعني علينا السلام وعليكم ما تستحقون.

٢ ـ أصول الكافي ٢ | ٦٤٩.

٣ ـ المصدر نفسه.

٤ ـ المصدر نفسه وتقدم عقيب ٢٠ ـ الحديث من أحاديث ( ٧ ـ أدب السلام ).

٥ ـ التوبة : ١١٤.

ولكن في صادقي : « تقول في الرد على اليهودي والنصراني سلام » أصول الكافي ٢ | ٦٥٠

١٤١

ولبعض حول التسليم لأهل الكتاب كلام وهو : كان اليهود يسلمون على النبي ، صلى الله عليه ـ وآله ـ وسلم ، فيردعليهم‌السلام حتى كان من بعض سفهائهم تحريف السلام بلفظ ( السام ) ، أي الموت ، فكان النبي ، صلى الله عليه ـ وآله ـ وسلم ، يجيبهم بقوله : « وعليكم » وسمعت عائشة واحداً منهم يقول له : السام عليك. فقالت له وعليك السام واللعنة ، فانتهرها النبي عليه الصلاة والسلام مبيناً لها أن المسلم لا يكون فاحشاً ، ولا سباباً ، وأن الموت علينا وعليهم.

وروي عن بعض الصحابة كابن عباس أنهم كانوا يقولون للذمي : السلام عليك. وعن الشعبي عن أئمة السلف أنه قال لنصراني سلم عليه : وعليك السلام ورحمة الله تعالى. فقيل له في ذلك ؛ فقال : « أليس في رحمة يعيش » وفي حديث البخاري : الأمر بالسلام على من تعرف ومن لا تعرف. وروى ابن المنذر عن الحسن أنه قال :( فحيوا بأحسن منها ) للمسلمين ،( أو ردوها ) لأهل الكتاب. وعليه يقال للكتابي ورد السلام عين ما يقوله ، وإن كان فيه ذكر الرحمة.

هذه لمعة مما روي عن السلف ، ثم جاء الخلف فاختلفوا في السلام على غير المسلم ، فقال كثيرون : إنهم لا يبدأون بالسلام لحديث ورد في ذلك ؛ وحملوا ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما على الحاجة ، أي لا يسلم عليهم ابتداء إلا لحاجة. وأما الرد فقال بعض الفقهاء : إنه واجب كرد السلام ، وقال بعضهم : سنة.

أما ما ورد من حق المسلم على المسلم فلا ينافي حق غيره ، فالسلام حق عام ، ويراد به أمران : مطلق التحية ، وتأمين من تسلم عليه من الغدر والإيذاء ، وكل ما يسيء. وقد روى الطبراني(١) والبيهقي من حديث أبي

__________________

وفي هامشه أي : علينا أو على من يستحقه.

أقول : السلام كاللعنة يطلب أهله كائناً من كان.

١ ـ هو أبو القاسم سليمان بن أحمد أحد حفاظ أهل السنة ، رحل في طلب الحديث من الشام إلى العراق ، والحجاز ، واليمن ، ومصر وغيرها ، وسمع الكثير ، وعدد شيوخه ألف شيخ ، ويقال : له مسند الدنيا ، يروي عنه أبو نعيم الأصبهاني ، وله مصنفات أشهرها المعاجم

١٤٢

أمامة : « إن الله تعالى جعل السلام تحية لأمتنا وأماناً لأهل ذمتنا »

وأكثر الأحاديث التي وردت في السلام عامة ، وذكر في بعضها « المسلم » ، أما جعل تحية الإسلام عامة فعندي أن ذلك مطلوب ، وقد ورد في الأحاديث الصحيحة أن اليهود كانوا يسلمون على المسلمين فيردون عليهم ، فكان من تحريفهم ما كان سبباً لأمر النبي ، صلى الله عليه ـ وآله ـ وسلم ، بأمر المسلمين أن يردوا عليهم بلفظ « وعليكم » ، حتى لا يكونوا مخدوعين للمحرفين. ومن مقتضى القواعد أن الشيء يزول بزوال سببه.

ولم يرد أن أحداً من الصحابة نهى اليهود عن السلام ، لأنهم لم يكونوا ليحظروا على الناس آداب الإسلام ، ولكن خلف من بعدهم خلف أرادوا أن يمنعوا غير المسلم من كل شيء يعمله المسلم ، حتى من النظر في القرآن ، وقراءته الكتب المشتملة على آياته ، وظنوا أن هذا تعظيم للدين. ـ إلى أن قال القائل : ـ هذا ما أفتينا به منذ بعض سنين ، وحديث عائشة المشار إليه في الفتوى رواه الشيخان في صحيحيهما ، ورويا عن أبي هريرة عدم ابتدئنا إياهم بالسلام ، ولعل ذلك كان لأسباب خاصة اقتضاها ما كان بينهم وبين المسلمين من الحروب ، وكانوا هم المعتدين فيها. روى أحمد عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه ـ وآله ـ وسلم : « إني راكب غداً إلى يهود فلا تبدأوهم بالسلام ، وإذا سلموا عليكم فقولوا : وعليكم » فيظهر هنا أنه نهى أن يبدأوهم بالسلام ، لأن السلام تأمين ، وما كان يحب أن يأمنهم وهو غير أمين منهم ، لما تكرر من غدرهم ونكثهم للعهد معه ، فكان ترك السلام عليهم تخويفاً لهم ليكونوا أقرب إلى المواتاة(١) .

أقـول : وليس قوله هذا إلا اجتهاداً في مقابل النص الصحيح الصريح من منع الابتداء بالسلام على أهل الكتاب.

__________________

الثلاثة وهي أشهر كتبه ، مولده بطبرية الشام سنة ٢٦٠ ـ أي عام وفاة الإمام أبي محمد العسكريعليه‌السلام ـ وسكن أصبهان إلى أن توفي بها في قع سنة ٣٦٠ الكنى والألقاب ٢ | ٤٤٣.

فعمر مئة سنة وشيوخه ألف ، ومن ثم قيل فيه مسند الدنيا.

١ ـ تفسير المنار ٥ | ٣١٢ ـ ٣١٦.

١٤٣

الناحـية الثـانيـة :

إبلاغ المتحمل للسلام إلى المبلغ له هو من الأمانات التي يجب أداؤها إلى أهلها بعد القبول ، وأنّه وديعة كما في حديث سلمان (١). والمبلغ الرسول الذي على عاتقه الرسالة ، فإن لم يفعل فما بلّغ رسالته ، وقيل : كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسلّم بنفسه على من يواجهه ، ويحمّل السلام لمن يريد السلام عليه من الغائبين عنه ، ويتحمل السلام لمن يبلغه إليه ، وإذا بلّغه أحد السلام عن غيره يردّ عليه وعلى المبلّغ به(٢) .

ونذكر عدداً من احاديث الإبلاغ :

الجعفريات بإسناده عن جعفر بن محمد عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال « بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم على جبل من جبال تهامة والمسلمون حوله ، إذ أقبل شيخ وبيده عصاً ، فنظر إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : مشية الجنّ ونغمتهم وعجبهم ، فأتى فسلّم فردّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فقال له : من أنت؟ فقال : أنا هامة بن الهيم بن لا قيس بن إبليس ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سبحان الله سبحان الله ، ما بينك وبين إبليس إلا أبوان! قال : لا ، قال : كم أتى عليك؟ قال : أكلت الدنيا عمرها إلا القليل ، قال : على ذلك؟ قال : كنت ابن أعوام ، أفهم الكلام ، وآمر بإفساد الطعام الأرحام ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بئس العمر والله عمل الشيخ المثلوم(٣) أو المتوسّم. قال : زدني من التعداد ، إنّي ملّيت ممّن شرك في دم العبد الصالح الشهيد السعيد هابيل بن آدم ، وكنت مع نوح في مسجده فيمن آمن به ، وعاتبته على دعوته عليهم ، فلم أزل أعاتبه حتى بكى وأبكاني ، وقال : إنّي من النادمين ، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ، فقلت : يا نوح إنّني ممّن شرك في دم العبد الصالح الشهيد السعيد هابيل بن آدم ، هل تدري

____________

١ ـ أمالي الشيخ الطوسي ١ | ٣٥٦ ـ ٣٥٧.

٢ ـ تفسير المنار ٥ | ٣١٦.

٣ ـ من الثلمة : الانصداع صفة كل من شاخ وكبر.

١٤٤

عند ربّك من التوبة؟ قال : نعم ، يا هام همّ بخير وافعله قبل الحسرة والندامة ، إنّي وجدت فيما أنزل الله تعالى عليّ : ليس من عبد عمل ذنباّ كائناّ ما كان ، وبالغاّ ما بلغ ، ثم تاب ، إلا تاب الله تعالى عليه فقم الساعة فاغتسل وخرّ لله ساجداً ، ففعلت ما أمرني إذ نادى مناد من السماء : ارفع رأسك قبلت توبتك ، فخررت لله ساجداً حولاً. وكنت مع هود في مسجده ، ومن آمن به من قومه ، وعاتبته على دعوته عليهم ، وكنت زوّاراً ليعقوب بن إسحق بن إبراهيم ، وكنت من يوسف بالمكان الأمين ، وكنت ألقى إلياس في أودية الرّمال وأنا ألقاه الآن ، ولقيت موسى بن عمران فقال لي : إذا لقيت عيسى بن مريم فاقرأه السلام. فلقيت عيسى بن مريم فأقرأته السلام ، فقال لي عيسى بن مريم : إذا لقيت محمداً فاقرأه السلام ، فقد أقرأتك يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من عيسى بن مريم ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سبحان الله! صلى الله على عيسى ما دامت الدنيا دنيا وسلم(١) يا هام ما أديت الأمانة. فقال هام : هنيئا لك يا رسول الله ، سمعت الأمم السالفة يصلّون عليك ، ويثنون على أمّتك ، فعلّمني يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : وما أعلمك؟ قال : علّمني التورية ، فعلّمه رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قل هو الله أحد ، والمعوذتين ، عم يتساءلون ، والنازعات ، والواقعة ، وقال له : يا هام لا تدع زيارتنا وارفع إلينا حوائجك »(٢) .

__________________

١ ـ في الحديث سقط : ( وسلام عليك يا هام بما أدّيت الأمانة ) مستدرك الوسائل. ٨ | ٣٦٩.

٢ ـ الجعفريّات ١٧٥ ـ ١٧٦ ، مستدرك الوسائل ٨ | ٣٦٩ ، جامع أحاديث الشيعة ١٥ | ٦١٣ ـ ٦١٤.

أقول : قد جاء ذكر هام بن الهيم في حديث تجارة النبي ، صلى الله عليه وآله ، إلى الشام لخديجة عليها السلام حيث أراد أعداؤه هلاكه بثعبان أظهروه في طريق النبي ، فجفلت منه ناقة النبي فزعق بها النبي ، وقال : ويحك كيف تخافين وعليك خاتم الرسل وإمام البشر؟ ثم التفت إلى الثعبان وقال له : ارجع من حيث أتيت ، وإياك أن تتعرض لأحد من الركب. فنطق الثعبان بقدرة الله تعالى وقال : السلام عليك يا محمد ، السلام عليك يا أحمد ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : السلام على من اتبع الهدى ، وخشي عواقب الردى ، وأطاع الملك الأعلى ، فعندها قال : يا محمد ما أنا من هوام الأرض ، وإنما أنا ملك من ملوك الجنّ واسمي الهام بن الهيم ، وقد آمنت على يد أبيك إبراهيم الخليل إلى آخرالقصّة. البحار ١٦ | ٣٥ ـ ٣٦.

١٤٥

أقول : على فرض ثبوت القصة ، تدل على أن تحمل إبلاغ السلام من الأمانة ، وأنه لا بد من وصولها إلى أهلها ، وقد فعله هذا المخلوق العجيب هام بن الهيم بن لاقيس بن إبليس ، وظاهر حاله أنه مقبول التوبة ، وقد أخذ من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علم القرآن وبعض سوره.

٢ ـ روى الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي كهمس قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : « عبد الله بن أبي يعفور يقرئك السلام. قال : عليك وعليه السلام ، إذا أتيت عبد الله فاقرأه السلام وقل له : إن جعفر بن محمد يقول لك : انظر ما بلغ به عليّعليه‌السلام عند رسول الله ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فالزمه ؛ فإن عليّاعليه‌السلام إنما بلغ ما بلغ به عند رسول الله ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بصدق الحديث وأداء الأمانة »(١) .

بـيـان :

يبلغ الإمامعليه‌السلام عن غيره السلام ، ثم يبلغه كما بلغه ، وفيه دلالة على تبادل التبليغ السلامي المسبب لمزيد الحب والسكون ، كما وفيه دلالة على إكرام الوسيط أولاً ، ثم المبلغ الغائب ، فخص الإجابة بأبي كهمس الوسيط ، ثم ابن أبي يعفور الغائب بقولهعليه‌السلام : « عليك وعليه السلام » ؛ وربما انعكست الإجابة كما في قصة هامة بن الهيم ، ولعل الشرف أو الضعة سبب للتقديم مرة ، وللتأخير أخرى ، وإلا فهو بالخيار ، وعلى أي تقدير ، لا بد من إكرام الوسيط إذاً لتحمل نوع من التحية التي يجب ردها

__________________

١ ـ أصول الكافي ٢ | ١٠٤ ، باب الصدق وأداء الأمانة ، الحديث ٥ ، الوسائل ١٣ | ٢١٨ ، جامع أحاديث الشيعة ١٥ | ٦١٤ ـ ٦١٥.

ونظيره ما رواه المفيد بإسناده إلى خيثمة عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قال : دخلت عليه أودعه وأنا أريد الشخوص إلى المدينة ، فقال : أبلغ موالينا السلام ، وأوصهم بتقوى الله ، والعمل الصالح ، وأن يعود صحيحهم مريضهم ، وليعد غنيهم على فقيرهم ، وأن يشهد حيهم جنازة ميتهم ، وأن يتلاقوا في بيوتهم ، وأن يتفاوضوا علم الدين ؛ فإن في ذلك حياة لأمرنا ، رحم الله عبداً أحيا أمرنا ، الفصول المختارة ٢٨٧ ، الطبعة الرابعة ، قم ـ إيران ، ١٣٩٦.

فقد دل هذا الحديث كسابقه على إبلاغ السلام ، والأحاديث المروية في ذلك كثيرة.

١٤٦

بالأحسن ، أو المماثل ، وتقديمه يعتبر من الأحسن.

٣ ـ قال ابن الشيخ الطوسي : ( وبهذا الإسناد )(١) عن عباد قال : حدثني عمي عن أبيه ، عن جابر ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله البجلي قال : « سمعت سلمان الفارسي يقول لي وللأشعث بن قيس : إن لي عندكما وديعة. فقلنا : ما نعلمها إلا أن قوماً قالوا لنا : أقرأوا سلمان عنا السلام. قال : فأي شيءٍ أفضل من السلام؟ وهي تحية أهل الجنة »(١) .

بـيـان :

إن دل الحديث على شيءٍ فله دلالة على فضل السلام ، وأنه تحية أهل الجنة المصرح بها في آية( وَتَحِيَّتُهُم فيها سَلامٌ ) (٢) . والتصريح بأن التحمل للسلام من غيره إلى غيره من الودائع والأمانات المردودة إلى أربابها يطالب بها لو أهمل في الوصول ، ومنه يعلم الأهتمام بأمر السلام في الإسلام لا يقوم به إلا من يهمه ذلك.

٤ ـ روى الشيخ الحر عن محمد بن الحسن ، في ( المجالس والأخبار ) ، عن أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمد بن الزبير ـ إلى قوله : ـ عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « إن ملكاً من الملائكة سأل الله أن يعطيه سمع العباد ، فأعطاه ، فليس من أحد من المؤمنين قال : ( صلى الله على محمد وآله وسلم ) إلا قال الملك : وعليك السلام ، ثم قال الملك : يارسول الله إن فلاناً يقرئك السلام ، فيقول رسول الله ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وعليه السلام »(٣) .

بـيـان :

لا يخص إبلاغ السلام بهذا الملك ، ولله عز وجل ملائكة موكلون

__________________

١ ـ أمالي الشيخ الطوسي ١ | ٣٥٦ ـ ٣٥٧ ، الجزء الثاني عشر.

٢ ـ يونس : ١٠.

أقول : وفي زيارة النبي يقول فيه الزائر « بلغ روح نبيك محمد صلى الله عليه وآله مني السلام ». كامل الزيارات ١٨ ، الباب ٣. وأنه تعالى يبلغه.

٣ ـ الوسائل ٨ | ٤٤٧ ، باب ٤٣ في كيفية رد السلام الحديث ٤.

١٤٧

بإبلاغ السلام على كل من الأئمة الطاهرينعليهم‌السلام ، ولا سيما الإمام ، سيد الشهداء ، الحسين بن علي عليهما صلوات الله وسلامه ، بل نقول بالقياس إلى جميع المؤمنين بعضهم إلى بعض ، فكيف بأئمتهم سادة العالم أجمع ، وأن كل زيارة ، أو دعاء ، أو سلام ، يبلغ ذلك كله النبي والأئمة الهداة صلى الله عليهم وسلم وإليك.

٥ ـ الصادقي : « تأتي قبر رسول الله ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقلت : نعم ، فقال : أما أنه يسمعك من قريب ويبلغه عنك إذا كنت نائياً »(١) . يراد من « من قريب » الحرم أو المدينة ، والنائي خارجها.

٦ ـ الصادقي الآخر : عامر بن عبد الله قال : « قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إني زدت جمّالي دينارين أو ثلاث على أن يمر بي إلى المدينة فقال : قد أحسنت ، أما أيسر هذا تأتي قبر رسول الله ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أما إنه يسمعك من قريب ويبلغه عنك من بعيد »(٢) .

بـيـان :

لم ينص على المبلغ عما يقوله عامر بن عبد الله من زيارة أو سلام أو عمل. وهل هم الملائكة الموكلة على ذلك أو غيرهم من خلق الله؟. وعلى أي تقدير دل الحديثان الأخيران على المطلوب.

٧ ـ إن جبرئيلعليه‌السلام هو رسول الله إلى رسول الله ، مبلغ سلام الله في كل نزول عليه ، ومنه الحديث الصادقي السابق : « لما توفيت خديجة رضي الله عنها جعلت فاطمة صلوات الله عليها تلوذ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتدور حوله ، وتقول : يا أبة أين أمي؟ قال : فنزل جبرئيلعليه‌السلام فقال له : ربك يأمرك أن تقرئ فاطمة السلام تقول لها إن أمك في بيت من قصب كعابه من ذهب »(٣) .

__________________

١ ـ كامل الزيارات ١٢ ، والمخاطب أبو بكر الحضرمي ، وقد أمره الصادقعليه‌السلام أن يأتي مسجد الرسول ويكثر الصلاة فيه ، وأن يسلم عليه ويزورهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢ ـ كامل الزيارات ١٢.

٣ ـ أمالي الطوسي ٢ | ١٧٨ ـ ١٧٩ ، والحديث الثاني من ( ١ ـ السلام اسم من أسماء الله الحسنى ).

١٤٨

والكل يدري أن إبلاغ السلام من شخص إلى آخر أمر مألوف ، متداول بين الجميع ، العالي منهم والداني ، وربما جاء في القصص من إبلاغ سلام الله(١) ، أو الملائكة ، أو الأنبياء ، والأئمةعليهم‌السلام إلى بعض الناس المرضي عندهم ؛ أما في المكاتيب المتبادلة بين الكاتب والمكتوب إليه فحدث ولا حرج ؛ إذ السلام كالبسملة مما يبدأ به في الكتابة ، ومن ثم جاء النص « رد جواب الكتاب واجب كوجوب رد السلام ». لدلالة الحديث على مفروغية إبلاغ السلام ورده مشافهة وكتابة.

منها : طلب زائر قبر النبي ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أن يبلغه الله سلامه ، كما في زيارته التي علمها أبو الحسنعليه‌السلام إبراهيم بن أبي البلاد وفي آخرها : « بلغ روح نبيك محمد ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مني السلام »(٢) .

ومنها : ما قاله الحر : ( ١٤ ـ باب استحباب إبلاغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سلام الإخوان من المؤمنين ) في صحيح كاظمي قال : « فإذا أتيت قبر النبي ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقضيت ما يجب عليك ، فصل ركعتين ، ثم قف عند رأس النبي ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم قل : السلام عليك يا نبي الله من أبي ، وأمي ، وولدي ، وخاصيَّتي ، وجميع أهل بلدي ، حرهم ، وعبدهم ، وأبيضهم ، وأسودهم ، فلا تشاء أن تقول للرجل : قد أقرأت رسول الله ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، عنك السلام إلا كنت صادقاً »(٣) .

بـيـان :

إنّ كلّ كلّي انطباقه على أفراده انطباق قهري ، فمن عمم في الدعاء وقال : ( اللهم اغفر للمؤمنين ) فمن كان مؤمناً حقاً شمله ، وطبق على

__________________

١ ـ أصول الكافي ٢ | ٦٧٠ ، باب التكاتب.

٢ ـ كامل الزيارات ١٨ ، الباب ٣.

٣ ـ الوسائل ١٠ | ٢٨٠.

أقول : ومن مواضع طلب الزائر من الله إبلاغ السلام ، ما جاء في دعاء ركعتي الزيارة : « وأبلغهم عني أفضل التحية والسلام ، واردد عليّ منهم التحية والسلام » البحار ١٠١ | ٣٦١.

١٤٩

مصداقه الدعاء ، فكذا الطائف حول البيت الحرام بالأسبوع الناوي بطوافه الناس جميعاً. فالحديث هو سند لصحة النية الشاملة في كل أمر مرضي عند الله تعالى.

٨ ـ روى العياشي عن زرارة ، وحُمران بن أعين ، ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : حدّث أبو سعيد الخدري أن رسول الله ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : « إنّ جبرئيل أتاني ليلة أُسري بي فحين رجعت قلت : يا جبرئيل هل لك من حاجة؟ قال حاجتي أن تقرأ على خديجة من الله ومني السلام ، وحدثنا عند ذلك أنها قالت حين لقيها نبي الله عليه وآله السلام ، فقال لها الذي قال جبرئيل ، فقالت : إن الله هو السلام ، ومنه السلام ، وإليه السلام ، وعلى جبرئيل السلام »(١) .

٩ ـ في حديث المعراج المطول إلى أن قال جبرئيلعليه‌السلام : « يا أحمد العزيز يقرأ عليك السلام ، قال : فقلت : هو السلام ومنه السلام وإليه يعود السلام »(٢) .

بـيان :

كان من الأجدر ذكر الحديثين في أول الفصول العشرة ، ولكن الذي كنا بصدده من إبلاغ السلام أوجب ذكرهما هنا ، وسيأتي في الخاتمة ، في حديث المعراج ، ما يتبين به الغرض من سلام الله تعالى ، وسلام جبرئيل ، وجواب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) .

١٠ ـ حديث دردائيل وقد لقي جبرئيل يهبط إلى الأرض ليهنّأ محمداً بمولود له اسمه الحسين : « إذا هبطت إلى محمد فاقرأه مني السلام ، وقل له : بحق هذا المولود عليك إلا سألت ربك أن يرضى عني »(٤) .

١١ ـ روى الصدوق بإسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قدم

__________________

١ ـ البحار ١٦ | ٧ ، و ٨ | ٣٨٥ ، الحديث ٩٠ من باب المعراج.

٢ ـ البحار ١٨ | ٣١٣.

٣ ـ في الأمر الأول من الأمور الثلاثة في الخاتمة.

٤ ـ كمال الدين ١ | ٢٨٣.

١٥٠

أعرابي على يوسف ليشتري منه طعاماً فباعه ، فلما فرغ قال له يوسف : أين منزلك؟ قال له : بموضع كذا وكذا ، قال : فقال له : فإذا مررت بوادي كذا وكذا فقف فنادِ : يا يعقوب! يا يعقوب! فإنه سيخرج إليك رجل عظيم جميل جسيم وسيم ، فقل له : لقيت رجلاً بمصر وهو يقرئك السلام ويقول لك : إن وديعتك عند الله عزّ وجلّ لن تضيع ، قال : فمضى الأعرابي حتى انتهى إلى الموضع فقال لغلمانه : احفظوا عليّ الإبل ثم نادى : يا يعقوب! يايعقوب! فخرج إليه رجل أعمى ، طويل ، جسيم ، جميل ، يتقي الحائط بيده ، حتى أقبل فقال له الرجل : أنت يعقوب؟ قال : نعم ، فأبلغه ما قال له يوسف ، قال : فسقط مغشياً عليه ، ثم أفاق فقال : يا أعرابي ألك حاجة إلى الله عزّ وجلّ؟ فقال له : نعم إني رجل كثير المال ولي ابنة عم ليس يولد لي منها ، وأحب أن تدعو الله أن يرزقني ولداً ، قال : فتوضأ يعقوب وصلى ركعتين ثم دعا الله عزّ وجلّ ، فرزق أربعة أبطن ، أو قال : ستة أبطن في بطن أثنان(١) .

بـيان :

دعاء الأنبياءعليهم‌السلام لا يرد ، وقد حظي الأعرابي بالأوفر من الحظوظ ، بأن تحمل رسالة نبيّ إلى نبيّ ، فكان موضع الرضا منهما على أنه رزق عدداً من أولاد(٢) .

١٢ ـ إبلاغ جابر الأنصاري عن الرسول إلى الباقر السلام : « فرسول الله يا مولاي يقرئ عليك السلام ، فقال أبو جعفر : يا جابر على رسول الله

__________________

١ ـ كمال الدين ١ | ١٤١ ـ ١٤٢.

٢ ـ ببركة دعاء يعقوبعليه‌السلام كما وهب الله لعلي بن بابويه القمي ولده الصدوق رحمهما الله بدعاء الإمام المهديعليه‌السلام . ولكن أين الثريا من الثرى وأين الصدوق طاب ثراه من الأعرابي. وقولنا : أين الثريا من الثرى من الأمثال ، أمثال وحكم ١ | ٣٣٠ ، وفيه : أين الثرى من الثريا ، وقد جاء ذكره في القصيدة الجلجلية لعمرو بن العاص يخاطب بها معاوية بن أبي سفيان ، والمقارنة بينه وبين عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام في جملة منها إلى أن قال :

فإن قيل بينكما نسبة

فأين الحسام من المنجل

وأين الثريا وأين الثرى

وأين معاوية من علي

الأبيات ، الأنوار النعمانية ١ | ١٢١ ـ ١٢٢ للسيد نعمة الجزائري ولأدنى علاقة جئنا بهذه النبذة.

١٥١

السلام وعليك يا جابر »(١) .

١٣ ـ قال الصدوق : حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقنديرضي‌الله‌عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه ، قال : حدثنا محمد بن نصر [ نصير ] عن الحسين بن موسى الخشاب قال : حدثنا الحكم بن بهلول الأنصاري عن إسماعيل بن همام ، عن عمران بن قرة ، عن أبي محمد المدني ، عن ابن أذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، قال : حدثنا سليم بن قيس الهلالي قال : « سمعت عليّاًعليه‌السلام يقول : ما نزلت على رسول الله ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، آية من القرآن إلا أقرأنيها ، وأملاها عليّ ، وكتبتها بخطي ، وعلمني تأويلها ، وتفسيرها ، وناسخها ، ومنسوخها ، ومحكمها ، ومتشابهها ، ودعا الله عزّ وجلّ لي أن يعلمني فهمها وحفظها ، فما نسيت آية من كتاب الله ، ولا علماً أملاه عليّ فكتبته ، وما ترك شيئاً علمه الله عزّ وجلّ من حلال ، ولا حرام ، ولا أمر ، ولا نهي ، وما كان ، أو يكون ، من طاعة ، أو معصية ، إلا علمنيه وحفظته ، ولم أنس منه حرفاً واحداً ، ثم وضع يده على صدري ودعا الله عزّ وجلّ أن يملأ قلبي فهماً وحكمةً ونوراً ، لم أنس من ذلك شيئاً ، ولم يفتني شيء لم أكتبه ، فقلت : يا رسول الله أتتخوف علي النسيان فيما بعد؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لست أتخوف عليك نسياناً ، ولا جهلاً ، وقد أخبرني ربّي جلّ جلاله أنه قد استجاب لي فيك ، وفي شركائك الذين يكونون من بعدك ، فقلت : يا رسول الله من شركائي من بعدي؟ قال : الذين قرنهم الله عزّ وجلّ بنفسه وبي ، فقال :( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولىِ الأمر منكم ) الآية(٢) ، فقلت : يا رسول الله ومن هم؟ قال : الأوصياء مني ، إلى أن يردوا عليّ الحوض ، كلهم هادٍ مهتدٍ ، لا يضرَّهم من خذلهم ، هم مع القرآن ، والقرآن معهم ، لا يفارقهم ولا يفارقونه ، بهم تنصر أمتي ، وبهم يمطرون ، وبهم يدفع عنهم البلاء ، ويستجاب دعاؤهم. قلت : يا رسول الله سمهم لي. فقال : ابني هذا ـ ووضع يده على رأس الحسن ـ ثم ابني هذا ـ ووضع يده

__________________

١ ـ كمال الدين ١ | ٢٥٤ ، والحديث مطول اختصرناه لضيق المجال.

٢ ـ النساء : ٥٩.

١٥٢

على رأس الحسينعليهما‌السلام ـ ثم ابن له يقال له : عليّ وسيولد في حياتك فاقرئه مني السلام ، ثم تكمله اثني عشر ، فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله سمهم لي [ رجلاً فرجلاً ] ، فسماهم رجلاً رجلاً ، فيهم والله يا أخا بني هلال مهديّ أمّتي محمد ، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، والله إني لأعرف من يبايعه بين الركن والمقام ، وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم »(١) .

١٤ ـ ما رواه الصدوق ، في الكاظمي في سبب إسلام سلمان الفارسي ، نقلاً عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وكان من أهل شيراز ، واسمه روزبه ، والقصة طويلة ، إلى نزوله على راهب ، فلما حضرته الوفاة قال : إني ميت ، فقلت له : فعلى من تخلفني؟ فقال : لا أعرف أحداً يقول بمقالتي هذه إلا راهباً بأنطاكية ، فإذا لقيته فاقرئه مني السلام وادفع إليه هذا اللوح ، وناولني لوحاً فلما مات غسلته(٢)

١٥ ـ « ثم إن آدم لما مرض ، المرضة التي قبض فيها ، أرسل إلى هبة الله فقال له : إن لقيت جبرئيل أو من لقيت من الملائكة فاقرئه مني السلام »(٣) .

ومنها : إبلاغ سلام الكاظمعليه‌السلام لشطيطة :

روى الشيخ المجلسي ، طاب ثراه ، عن شهر آشوب قال أبو علي بن راشد وغيره في خبر طويل : إنه اجتمعت عصابة الشيعة بنيسابور ، واختاروا محمد بن علي النيسابوري ، فدفعوا إليه ثلاثين ألف دينار وخمسين ألف درهم وشقة من الثياب ، وأتت شطيطة بدرهم صحيح وشقة خام من غزل يدها ، تساوي أربعة دراهم ، فقالت : إن الله لا يستحي من الله(٤) .

قال : فثنيت درهمها وجاؤوا بجزءٍ فيه مسائل ملء سبعين ورقة ، في كل

__________________

١ ـ كمال الدين ١ | ٢٨٤ ـ ٢٨٥.

٢ ـ كمال الدين ١ | ١٦١ ـ ١٦٦.

٣ ـ كمال الدين ١ | ٢١٤.

٤ ـ اقتباس من قوله تعالى( والله لا يستحيى من الحق ) الأحزاب : ٥٣.

١٥٣

ورقة مسألة ، وباقي الورق بياض ، ليكتب الجواب تحتها ، وقد حزمت كل ورقتين بثلاث حزم ، وختم عليها بثلاث خواتيم ، على كل حزام خاتم ، وقالوا : أدفع إلى الإمام ليلة وخذ منه في غدٍ ، فإن وجدت الجزء صحيح الخواتيم فاكسر منها خمسة ، وانظر هل أجاب عن المسائل ، فإن لم تنكسر الخواتيم فهو الإمام المستحق للمال فادفع إليه ، وإلا فرد إلينا أموالنا.

فدخل على الأفطح عبد الله بن جعفر وجربه وخرج عنه قائلاً : رب اهدني إلى سواء الصراط ، قال : فبينما أنا واقف إذا أنا بغلام يقول : أجب مَن تريد ، فأتى بي دار جعفر بن جعفر ، فلمّا رآني قال لي : ولِمَ تقنط يا أبا جعفر؟ ـ كنية محمد بن علي النيسابوري ـ ولِمَ تفزع إلى اليهود والنصارى؟ إلي فأنا حجّةالله ووليه ، ألَمْ يعرفك أبو حمزة على باب مسجد جدي؟ وقد أجبتك عما في الجزء من المسائل بجميع ما تحتاج إليه منذ أمس ، فجئني به وبدرهم شطيطة الذي وزنه درهم ودانقان ، الذي في الكيس الذي فيه أربعمائة درهم للوازوري(١) ، والشقة التي في رزمة الأخوين البلخيين.

قال : فطار عقلي من مقاله ، وأتيت بما أمرني ووضعت ذلك قِبَله، فإخذ درهم شطيطة وإزارها ، ثم استقبلني وقال : إن الله لا يستحيي من الحق(٢) ، يا أبا جعفر أبلغ شطيطة سلامي ، واعطها هذه الصرة ، وكانت أربعين درهماً ، ثم قال : وأهديت لها شقة من أكفاني من قطن قريتنا صيدا ، قرية فاطمةعليها‌السلام ، وغزل أختي حليمة ـ ابنة أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام ـ ثم قال : وقل لها : ستعيشين تسعة عشر يوماً من وصول أبي جعفر، ووصول الشقة والدراهم ، فأنفقي على نفسك منها ستة عشر درهماً ، وأجعلي أربعة وعشرين صدقة عنك وما يلزم عنك ، وأنا أتولى الصلاة عليك ، فإذا رأيتني يا أبا جعفر فاكتم عليّ ؛ فإنه أبقى لنفسك ، ثم قال : واردد الأموال إلى أصحابها ، وافكك هذه الخواتيم عن الجزء ، وانظر هل أجبناك عن المسائل أم لا من قبل أن تجيئنا بالجزء؟.

__________________

١ ـ كذا.

٢ ـ محاكاة لما قالته شطيطة عند دفع الحقوق إلى أبي جعفر النيسابوري البريد ، وإعلام بعلمهعليه‌السلام بما قالت.

١٥٤

فوجدت الخواتيم صحيحة ، ففتحت منها واحداً من وسطها فوجدت فيه مكتوباً : ما يقول العالمعليه‌السلام في رجل قال : نذرت لله لأعتقن كل مملوك كان في رقّي قديماً ، وكان له جماعة من العبيد؟.

الجواب بخطه :(١) .

بـيان :

لم نكمل الحديث لطوله ، ولا شاهد لنا منه سوى قولهعليه‌السلام « أبلغ شطيطة سلامي وأعطها هذه الصرة » وقد بلغه أبو جعفر إياها وأدى ماحمّل من الرسالة ، فجزاه الله عن إمامه خيراً.

الناحية الثالثة : نذكر فيها بعض فروع صيغ السلام ، وبيان رد المماثل في الصلاة.

أما بعض الفروع فقد جاء النص على لزوم صيغة الجمع في مواضع ثلاثة :

١ ـ روى الكليني عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « ثلاثة ترد عليهم رد الجماعة وإن كان وحداً : عند العطاس يقال: يرحمكم الله وإن لم يكن معه غيره. الرجل يسلّم على الرجل فيقول : السلام عليكم. والرجل يدعو للرجل فيقول : عافاكم الله وإن كان واحداً ؛ فإن معه غيره »(٢) .

بـيان :

قولهعليه‌السلام آخر الحديث : « فإن معه غيره » دليل صالح للثلاثة ، لأن العاطس معه الملكان ، والكرام الكاتبون ، لا ينفكون عنه في ليل أو نهار ، وهكذا المسلّم عليه ، والمدعوّ له بالعافية. فالحكم معلل وبلفظ أوضح : أنه منصوص العلة لذكرها فيه على أن المؤمن كالكعبة ، وأنه عند

__________________

١ ـ البحار ٤٨ | ٧٣ ـ ٧٥ ، والمناقب ٤ | ٢٩١ ـ ٢٩٢.

٢ ـ أصول الكافي ٢ | ٦٤٥ ، الوسائل ٨ | ٤٤٦.

١٥٥

الله عزّ وجلّ عظيم ، واجب الاحترام ، ومن حرمته عنده تعالى أنّه سمّاه باسمه عزّ اسمه( السلام المؤمن المهيمن ) (١) وله فضائل لا يعدها إلا الله تعالى.

٢ ـ من فروع السلام أنّ المسلّم يجب عليه أن يجهر ، فقد روى الكليني عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إذا سلّم أحدكم فليجهر بسلامه لا يقول : سلّمت فلم يردّوا عليّ ، ولعله يكون قد سلّم ولم يسمعهم ، فإذا ردّ أحدكم فليجهر بردّه ، ولا يقول المسلّم : سلّمت فلم يردّوا عليّ ، ثم قال : كان عليّ »(٢) .

٣ ـ من فروع السلام إذا سلّم واحد من الجماعة بقوم أجزأهم ، وإذا ردَّ واحد من الجماعة أجزأ عنهم ، كما عنونه في الكافي بنفس العنوان ، روى الكليني عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن أسباط ، عن ابن بكير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله قال : « إذا مرت الجماعة يقوم أجزأهم أن يسلم واحد منهم ، وإذا سلم على القوم وهم جماعة أجزأهم أن يرد واحد منهم »(٣) .

٤ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « إذا سلم الرجل من الجماعة أجزأ عنهم ». ولاشك أن عبد الرحمن بن الحجاج لا يقول ذلك إلا عن إمامه الصادقعليه‌السلام (٤) .

٥ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم ، وإذا رد واحد أجزأ عنهم »(٥) .

__________________

١ ـ الحشر : ٢٣.

٢ ـ أصول الكافي ٢ | ٦٤٥ ، الوسائل ٨ | ٤٤٣.

٣ ـ أصول الكافي ٢ | ٦٤٧ ، الوسائل ٨ | ٤٥٠.

٤ ـ أصول الكافي ٢ | ٦٤٧ ، الوسائل ٨ | ٤٥٠.

٥ ـ أصول الكافي ٢ | ٦٤٧ ، الوسائل ٨ | ٤٥٠.

١٥٦

بـيان :

الوحدة الإيمانية بين أفراد الناس تعتبرهم كفرد، وكجسد واحد فيه روح واحدة ، فإذا سلّم واحد من الجماعة كأنهم كلّهم قد سلّموا ، كما لو أجاب فرد من الجماعة على المسلّم فهو بمنزلة إجابة الجماعة نفسها ، وهذا المعنى ثابت في العرف العام أيضاً ، وليس الإجزاء أمراً مخترعاً ، بل ممّا عليه الناس إذا كانت بينهم مؤاصرة ومؤاخاة يضمهم تعامل روحي ، أو ماديّ ، وإن لم يكونوا مؤمنين موحّدين.

بقي من فروع السلام فرع هام ، وهو الإجابة بالمماثل ، إذا كان الإنسان في الصلاة وقد سلّم عليه والحكم بردّ المِثل مشهور بين الأصحاب ، لنصوص نذكرها أوّلاً ثم بيان ما كان منها :

١ ـ روى الشيخ الحرّ عن محمد بن الحسن ، بإسناده عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن محمد بن مسلم ، قال « دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام وهو في الصلاة فقلت : السلام عليك ، فقال : السلام عليك ، فقلت كيف أصبحت؟ فسكت ، فلما انصرف قلت : أيردّ السلام وهو في الصلاة؟ قال : نعم مِثل ما قيل له »(١) .

٢ ـ روى الشيخ الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « سألته عن الرجل يسلّم عليه وهو في الصلاة ، قال : يردّ سلام عليكم ولا يقول : وعليكم السلام ، فإن رسول الله ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كان قائماً يصلي فمرَّ به عمّار بن ياسر ، فسلّم عليه عمّار ، فردّ عليه النبيّ ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، هكذا »(٢) .

٣ ـ روى الحرّ عن الشيخ الطوسي ، بإسناده عن سعد ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن علي بن النعمان ، عن

__________________

١ ـ الوسائل ٤ | ١٢٦٥ ، الباب ١٦ من أبواب قواطع الصلاة ، الحديث ١.

٢ ـ الكافي ٣ | ٣٦٦ ، باب التسليم على المصلي الحديث ١ ، الوسائل ٤ | ١٢٦٥.

١٥٧

منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إذا سلّم عليك الرجل وأنت تصلّي ، قال : تردّ عليه خفيًّا كما قال »(١) .

٤ ـ وعنه عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمّار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « سألته عن السلام على المصلّي؟ فقال : إذا سلم عليك رجل من المسلمين وأنت في الصلاة ، فرد عليه فيما بينك وبين نفسك ، ولا ترفع صوتك »(٢) .

٥ ـ وبإسناده عن محمد بن مسلم ، أنه سأل أبا جعفرعليه‌السلام عن الرجل يسلم على القوم في الصلاة ، فقال : « إذا سلم عليك مسلم وأنت في الصلاة ، فسلم عليه ، تقول : السلام عليك وأشر بأصبعك »(٣) .

٦ ـ قال الصدوق : وقال أبو جعفرعليه‌السلام : « سلّم عمّار على رسول الله ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو في الصلاة فردّ عليه ، ثم قال أبو جعفرعليه‌السلام : إن السلام اسم من أسماء الله عزّ وجلّ »(٤) .

٧ ـ عبد الله بن جعفر الحميري في ( قرب الإسناد ) عن عبد الله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه ، قال : « سألته عن الرجل يكون في الصلاة فيسلم عليه الرجل ، هل يصلح له أن يردّ؟ قال : نعم ، يقول : السلام عليك فيشير إليه بأصبعه »(٥) .

بـيان :

قال الشيخ المجلسي : ردّ السلام واجب على الكفاية في الصلاة وغيرها ، إجماعاً كما في التذكرة ، وتدل على وجوب الرد في الصلاة صريحاً ، أخبار كثيرة ، وقد قطع الأصحاب بأنه يجب الردّ في الصلاة بالمثل ، وجوز جماعة من المحقيقن الردّ بالأحسن أيضاً لعموم الآية(٦) .

__________________

١ ـ الوسائل ٤ | ١٢٦٥ ، الحديث ٣ من الباب ١٦ من القواطع.

٢ ـ الوسائل ٤ | ١٢٦٦.

٣ ـ الوسائل ٤ | ١٢٦٦ ، الحديث ٥.

٤ ـ الوسائل ٤ | ١٢٦٦ ، الحديث ٦.

٥ ـ الوسائل ٤ | ١٢٦٦ ، الحديث ٧.

٦ ـ مرآة العقول ١٥ | ٢٤٠.

١٥٨

وحصر الردّ على الإشارة بالأصبع أو غيره تردّه هذه الأخبار الصريحة في الردّ بالقول : نعم خبران منها : أضافا الإشارة بالأصبع ، وليس فيهما دلالة على الحصر بعد قولهعليه‌السلام : « تقول : السلام عليك وأشر بأصبعك »(١) . أو « يقول : السلام عليك فيشير إليه بأصبعه »(٢) .

وقال طاب ثراه : وهل يجب إسماع المسلّم تحقيقاً أو تقديراً؟ قولان ، ويتحقق الامتثال برد واحد ممن يجب عليه الردّ ، وفي الاكتفاء بردّ الصبيّ المميّز وجهان ، ولو كان المسلّم صبيّاً مميّزاً فالأظهر وجوب الردّ ، وهل يجوز للمصلّي الردّ بعد قيام غيره به؟ قولان ، ولو ترك الردّ فهل تبطل صلاته؟ احتمالات ، ثالثها البطلان إن أتى بشيءٍ من الأذكار وقت توجّه الخطاب بالردّ ، وذكر جمع من الأصحاب أنه لا يكره السلام على المصلّي ، ويمكن القول بالكراهة ، لما رواه الحميري في قرب الإسناد عن الصادقعليه‌السلام إذ قال : « كنت أسمع أبي يقول : إذا دخلت المسجد(٣) والقوم يصلّون ، فلا تسلّم عليهم وصل(٤) على النبي وآله ، ثم أقبل على صلاتك »(٥) .

ويمكن حمل أخبار المنع على التقية ، لكون أكثرها مشتملة على رجال العامّة واشتهاره بينهم(٦) .

أقـول :

تقدمت نصوص الردّ في الصلاة وهي تدلّ بأجمعها على الوجوب ، لأن قولهعليه‌السلام : « تردّ عليه ، أو تقول » ظاهره الوجوب. وأما حديث الباقرعليه‌السلام : « ولا على المصلي ، وذلك لأنّ المصلّي لا يستطيع أن يردّ السلام » فسيأتي(٧) بيانه قريباً بما يوافق النصوص.

__________________

١ ـ كما في الحديث رقم ٥ ـ

٢ ـ حديث الحميري رقم ٧.

٣ ـ في الوسائل ٤ | ١٢٦٧ ، الباب ١٧ قواطع الصلاة ، الحديث ٢ « المسجد الحرام ».

٤ ـ في المصدر نفسه « وسلّم ».

٥ ـ الوسائل ٤ | ١٢٦٧.

٦ ـ مرآة العقول ١٥ | ٢٤٠ ـ ٢٤١.

٧ ـ سادس أحاديث ( ٩ ـ السلام المنهي عنه ).

١٥٩
١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

وأروي: أن لهم في الهم في الدين يذهب بذنوب المؤمن.

ونروي: أن الهموم ساعة الكفارات.

أروي عن العالمعليه‌السلام أنه قال: يقول الله تبارك وتعالى: أنه خير شريك، من أشرك معي عندي في عملي لم أقبل، إلا ما كان لي خالصاً(١) .

ونروي أن الله عز وجل يقول: أنا خير شريك، ما شوركت في شيء إلا تركته.

وأروي عن العالمعليه‌السلام : العالم على غير بصيرة، كالسائر على غير الطريق، لا يزيده سرعة السير الا بعداً عن الطريق.

وروي: كفي باليقين غنى وبالعبادة شغلاً(٢) ، الإيمان في القلب، واليقين خطرات(٣) .

وأروي: ما قسم بين الناس أقل من اليقين(٤) .

وأروي: ان لله عز وجل في عبادة آنية - وهي القلب - فأحبها إليه أصفاها وأصلبها وأرقها: أصلبها في دين الله، وأصفاها من الذنوب، وأرقها على الإخوان.

وروي: ان الله يبغض من عباده المائلين، فلا تزلوا عن الحق، فمن استبدل بالحق هلك، وفاتته الدنيا وخرج منها ساخطاً.

وأروي: من أراد أن يكون أعز الناس، فليتق الله في سره وعلانيته.

أروي عن العالمعليه‌السلام ، في تفسير هذه الآية(وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) (٥) قال: يجعل له مخرجاً في دينه، ويرزقه من حيث لا يحتسب في دنياه.

ونروي: من خاف الله سخت نفسه عن الدنيا(٦) .

____________________

(١) الكافي ٢: ٢٢٣|٩، المحاسن: ٢٥٢|٢٧٠، تفسير العياشي ٢: ٣٥٣، الزهد: ٦٣|١٦٧، مشكاة الأنوار: ١١ باختلاف يسير.

(٢) الكافي ٢: ٧٠|١، المحاسن: ٢٤٧|٢٥١، التمحيص: ٦١|١٣٥، مشكاة الأنوار: ١٣، من « وروي: كفى... ».

(٣) المحاسن: ٢٤٩|٢٦٠، التمحيص: ٦٤|١٤٦.

(٤) الكافي ٢: ٤٣|٢ و ٥، الخصال: ٢٨٥|٣٦.

(٥) الطلاق ٦٥: ٢ و ٣.

(٦) الكافي ٢: ٥٥|٤، مشكاة الأنوار: ١١٧.

٣٨١

ونروي: خف الله كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك، وإن كنت لا تدرى أنه يراك فقد كفرت، وإن كنت تعلم أنه يراك ثم استترت المخلوقين بالمعاصي وبرزت له بها، فقد جعلته أهون الناظرين إليك(١) .

ونروي: من رجا شيئاً طلبه ومن خاف شيئاً هرب منه(٢) ، ما من مؤمن يجتمع في قلبه خوف ورجاء، الا أعطاه الله ما أمل وآمنه مما يخاف.

ونروي: من مات آمناً من أن يسلب سلب، ومن مات خائفاً من أن يسلب أمن السلب وبالله التوفيق.

____________________

(١) جامع الاخبار ١١٤، وورد باختلاف يسير في الكافي ٢: ٥٥|٢، مشكاة الأنوار: ١١٧.

(٢) الكافي ٢: ٥٥|٥.

٣٨٢

١٠٧ - باب البدع والضلالة وأن كل رياسة إلى النار

أروي عن العالمعليه‌السلام ، أنه قال: كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة الى النار(١) .

ونروي: أدنى الشرك أن يبتدع الرجل رأياً، فيحب عليه ويبغض(٢) .

ونروي: أنه كان في الزمان الأول رجل يطلب الدنيا من حلال فلم يقدر عليها، فأتاه الشيطان - عليه اللعنة - فقال له: ألا أدلك على شيء يكثر دنياك، ويعلو ذكرك به؟ فقال نعم، قال: تبتدع ديناً وتدعو الناس إليه، ففعل فاستجاب له خلق كثير، وأطاعوه، وأصاب من الدنيا أمراً عظيماً ثم انه فكر يوماً فقال: ابتدعت ديناً ودعوت الناس إليه، ما أدري ألي التوبة أم لا، إلا أن أرد من دعوته عند فجعل يأتي أصحابه فيقول: أنا الذي دعوتكم إلى الباطل، وإلى بدعة وكذب، فجعلوا يقولون له: كذبت، لا بل إلى الحق دعوتنا، ونحن غير راجعين عما نحن عليه، ولكنك شككت في دينك فرجعت عنه، فلما رأى أن القوم قد تداخلهم الخذلة، عمد إلى سلسلة وأوتد لها وتداً ثم جعلها في عنقه، ثم قال: لا أحلها حتى يتوب الله عليّ - وروي: أنه ثقب ترقوته وأدخلها فيها - فأوحى الله تعالى إلى نبي ذلك الزمان: قل لفلان: لو دعوتني حتى تسقط أو صالك ما استجيب لك، ولا غفرت لك، حتى ترد الناس عما دعوت إليه(٣) .

ونروي: من رد صاحب بدعة عن بدعته، فهو سبيل من سبيل الله.

وأروي عن العالمعليه‌السلام : من دعا الناس إلى نفسه، وفيهم من هو أعلم

____________________

(١) الكافي ١: ٤٥|٨ و ٤٦|١٢، عقاب الأعمال: ٣٠٧|٢.

(٢) عقاب الاعمال: ٣٠٧|٣.

(٣) عقاب الاعمال: ٣٠٦|١، علل الشرائع: ٤٩٢|٢ باختلاف يسير.

٣٨٣

منه، فهو مبتدع ضال.

أروي: من طلب الرياسة لنفسه هلك(١) ، فإن الرياسة لاتصلح إلا لأهلها(٢) .

وأروي: من تعلم العلم ليماري به السفهاء، أو يباهي به العلماء، أو يصرف وجوه الناس إليه ليرئسوه ويعظموه، فليتبوأ مقعده من النار(٣) .

اياك والخصومة فإنها تورث الشك، وتحبط العمل، وتردى بصاحبها، وعسى أن يتكلم بشيء لا يغفر له.

ونروي: أنه كان فيما مضى قوم انتهى بهم الكلام الى الله جل وعز فتحيروا، وإن كان الرجل ليدعى من بين يديه فيجيب من خلفه(٤) .

وأروي عن العالمعليه‌السلام : تكلموا فيما دون العرش، فإن قوماً تكلموا في الله - جل وعز - فتاهو(٥) .

وأروي عن العالمعليه‌السلام ، وسألته عن شيء من الصفات، فقال: لا يتجاوز مما في القرآن(٦) .

أروي أنه قرئ بين يدي العالمعليه‌السلام ، قوله تعالى:(لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ) (٧) فقال: إنما عنى أبصار القلوب - وهي الأوهام - فقال: لا تدرك الأوهام كيفيته، وهو يدرك كل وهم(٨) ، وأما عيون البشر فلا تلحقه، لأنه تعالى لا يحد ولا يوصف، هذا ما نحن عليه كلنا.

____________________

(١) الكافي ٢: ٢٢٥|٢.

(٢) الكافي ١: ٣٧|٦.

(٣) الكافي ١: ٣٧ |٦ باختلاف يسير.

(٤) التوحيد: ٤٥٦|١١، أمالي الصدوق: ٣٤٠|٢، المحاسن: ٢٣٨|٢١٠ باختلاف يسير.

(٥) التوحيد: ٤٥٥|٧، المحاسن: ٢٣٨|٢١١، تفسير القمي ٢: ٣٣٨.

(٦) المحاسن: ٢٣٩|٢١٤.

(٧) الأنعام ٦: ١٠٣.

(٨) المحاسن: ٢٣٩|٢١ باختلاف يسير.

٣٨٤

١٠٨ - باب حديث النفس

أروي أنه سئل العالمعليه‌السلام ، عن حديث النفس، فقال: من يطبق ألا يحدث نفسه!

وسألت العالمعليه‌السلام عن الوسوسة، وإن كثرت، قال: لا شيء فيها، تقول: لا إله إلا الله(١) .

وفي خبر آخر: لا حول ولا قوّة إلا بالله(٢) .

وأروي: أن رجلاً قال العالمعليه‌السلام : يقع في نفسي أمر عظيم، فقال قل: ( لا إله إلا الله(٣) . وفي خبر آخر )(٤) لا حول ولا قوة إلا بالله.

ونروي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ان الله تبارك وتعالى عفا عن أمتي وساوس الصدور ».

ونروي عنه « أن الله تجاوز لاُمتي عما تحدث به أنفسها(٥) ، إلا ما كان يعقد عليه ».

وأروي: إذا خطر ببالك في عظمته وجبروته - أو بعض صفاته - شيء من الأشياء، فقل: لا إله إلا الله، محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، علي أمير المؤمنين، إذا قلت ذلك عدت إلى محض الإيمان.

____________________

(١) الكافي ٢: ٣١٠|١.

(٢) أمالي الصدوق: ٤٣٦|٥، المحاسن: ٤١|٥٢ باختلاف يسير.

(٣) الكافي ٢: ٣١٠|٢.

(٤) ما بين القوسين ليس في « ش ».

(٥) عدة الداعي: ٢١٢ باختلاف يسير.

٣٨٥

وأروي ان الله تبارك وتعالى أسقط عن المؤمن ما لا يعلم، وما لا يتعمد، والنسيان، والسهو، والغلط، وما استكره عليه، وما اتقى فيه، وما لا يطيق. أقول ذلك(١) .

____________________

(١) ورد باختلاف في الفاظه في الفقه ١: ٣٦|١٣٢، والخصال: ٤١٧|٩، والتوحيد: ٣٥٣|٢٤، والكافي ٢: ٣٣٥|٢.

٣٨٦

١٠٩ - باب الرياء والنفاق والعجب

نروي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « قال الله تبارك وتعالى: أنا أعلم بما يصلح عليه دين عبادي المؤمنين، أن يجتهد في عبادتي فيقوم من نومه ولذة وسادته، فيجتهد لي، فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين، نظراً مني له وإبقاء عليه، فينام حتى يصبح، فيقوم وهو ماقت نفسه، ولو خليت بينه وبين ما يريد من عبادتي، لدخله من ذلك العجب، فيصيّره العجب إلى الفتنة، فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه، ألا فلا يتكل العاملون على أمالهم، فإنهم لو اجتهدوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي، كانوا مقصرين غير بالغين كنه عبادتي، فيما يطلبونه عندي، ولكن برحمتي فليثقوا، وبفضلي فليفرحوا، وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا، فإن رحمتي عند ذلك تدركهم، فإني أنا الله الرحمن الرحيم، وبذلك تسميت »(١) .

ونروي في قول الله تبارك وتعالى:(فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (٢) قال: ليس من رجل يعمل شيئاً من الثواب، لا يطلب به وجه الله، إنما يطلب تزكية الناس، يشتهي أن تسمع به الناس، إلا أشرك بعبادة ربه(٣) في ذلك العمل، فيبطله(٤) الرياء، وقد سماه الله تعالى الشرك.

ونروي: من عمل لله كان ثوابه على الله، ومن عمل للناس كان ثوابه على الناس، إن كان رياء شرك(٥) .

____________________

(١) الكافي ٢: ٥٠|٤، التمحيص: ٥٧|١١٥، عدة الداعي: ٢٢٢ باختلاف يسير.

(٢) الكهف ١٨: ١١٠.

(٣) الكافي ٢: ٢٢٢|٤، تفسير العياشي ٢: ٣٥٢|٩٣، الزاهد: ٦٧|١٧٧ باختلاف يسير.

(٤) في نسخة « ش »: « فيطلب » وفي نسخة « ض »: « فيطلبه » وما أثبتناه من البحار ٧٢: ٣٠٠|٣٦.

(٥) الزهد: ٦٧|١٧٧ وورد بتقدم وتأخير في الكافي ٢: ٢٢٢|٣.

٣٨٧

ونروي: ما من عبد أسر خيراً، فيذهب الأيام حتى يظهر الله له خيراً، وما من عبد أسرّ شراً، فيذهب الأيام حتى يظهر الله له شراً(١) .

ونروي: أن عالماً أتى عابداً فقال له: كيف صلاتك؟ قال: تسألني عن صلاتي وأنا أعبد الله منذ كذا وكذا! فقال له: كيف بكاؤك؟ قال: إني لأبكي حتى تجري دموعي، فقال له العالمعليه‌السلام : فان ضحكك وأنت عارف بالله، أفضل من بكائك وأنت تدل على الله، إن المدل(٢) لا يصعد من عمله شيء(٣) .

ونروي: من شك في الله - بعد ما ولد على الفطرة - لم يتب أبداً(٤) .

وأروي: أن أمير المؤمنين علياًعليه‌السلام قال في كلام له: « إن من البلاء الفاقة، وأشد من الفاقة مرض البدن، وأشد من مرض البدن مرض القلب »(٥) .

أروي: لا ينفع مع الشك والجحود عمل(٦) .

وأروي: من شك أو ظن، فأقام على أحدهما، أحبط عمله(٧) .

وأروي في قول الله عز وجل:(وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ) (٨) قال: نزلت في الشكاك(٩) .

وأروي في قوله تعالى:(الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ) (١٠) قال: الشك(١١) ، الشاك في الآخرة مثل الشاك في الاؤلى. نسأل الله الله الثبات وحسن اليقين.

وأروي أنه سئل عنه رجل يقول بالحق، ويسرف على نفسه بشرب الخمر، ويأتي الكبائر، وعن رجل دونه في اليقين، وهو لا يأتي ما يأنيه. فقال صلى الله عليه

____________________

(١) الكافي ٢: ٢٢٤|١٢، الزهد: ٦٧|١٧٧ باختلاف يسير.

(٢) المدل: المنان، انظر « الصحاح - دلل - ٤: ١٦٩٩ ».

(٣) الكافي ٢: ٢٣٦|٥، الزهد: ٦٣|١٦٨، قصص الانبياء: ١٧٩، باختلاف يسير.

(٤) الكافي ٢: ٢٩٤|٦ باختلاف يسير.

(٥) نهج البلاغة ٣: ٢٤٧|٣٨٨.

(٦) الكافي ٢: ٢٩٤|٧.

(٧) الكافي ٢: ٢٩٤|٨.

(٨) الأعراف ٧: ١٠٢.

(٩) الكافي ٢: ٢٩٣|١، تفسير العياشي: ٢: ٢٣| ٦٠.

(١٠) الأنعام ٦: ٨٢.

(١١) الكافي ٢: ٢٩٣|٤، تفسير العياشي ١: ٣٦٦|٤٨.

٣٨٨

وآله: أحسنهما يقيناً كنائم على المحجة إذا انتبه ركبها، والأدون الذي يدخله الشك كالنائم على غير طريق، لا يدري إذا انتبه أيما المحجة.

٣٨٩

١١٠ - باب النوادر

نروي: ان رجلاً أتى أبا جعفرعليه‌السلام فسأله عن الحديث الذي روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « من قال: لا إله إلا الله، دخل الجنة » فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « الخبر حق » فولى الرجل مدبراً، فلما خرج أمر برده ثم قال: « يا هذا، إن للا إله الله شروطاً، وإني من شروطها ».

أروي عن العالمعليه‌السلام أن رجلاً سأله فقال: يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، علمني ما يجمع لي خير الدنيا والآخرة، ولا تطول عليّ، فقال: لا تغضب.

وأروي أن رجلاً سأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عما يجمع به خير الدنيا والآخرة، قال: « لا تكذب ».

وسألني رجل(١) عن ذلك، فقلت: خالف نفسك.

____________________

(١) في نسخة « ض » زيادة: مني، وورد في عوائد الأيام: ٢٥٢: سني، فتأمل.

٣٩٠

١١١ - باب العطاس

واعلم أن علة العطاس هي ان الله تبارك وتعالى إذا أنعم على عبد بنعمة، فنسي أن يشكر عليها، سلّط عليه ريحاً تدور في بدنه، فيخرج من خياشيمه، فيحمد الله على تلك العطسة، فيجعل ذلك الحمد شكراً لتلك النعمة.

وما عطس عاطس إلا هضم له طعامه، أو تجشأ(١) الا مرئ طعامه.

فإذا عطست فاجعل سبابتك على قصبه أنفك، ثم قال: الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله وسلم، رغم أنفي لله داخراً صاغراً غير مستنكف ولا مستكبر(٢) . فإنه من قال هذه الكلمات عند عطسه، خرج من أنفه دابة أكبر من البق وأصغر من الذباب، فلا يزال في الهواء إلى أن يصير تحت العرش، وتسبح لصاحبها إلى يوم القيامة.

فإذا عطس أخوك فسمته، وقل: يرحمك الله. وإذا سمتك أخوك فرد عليه وقل: يغفر الله لنا ولك. هذا إذا عطس مرة أو مرتين أو ثلاثاً، فإذا زاد على ثلاث، فقل: شفاك الله(٣) . فإن ذلك من علة وداء في رأسه ودماغه.

ومن عطس ولم يسمت، سمته سبعون ألف ملك فسمت أخاك إذا سمعته يحمد الله ويصلي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإن لم تسمع ذلك منه فلا تسمته.

وإذا سمعت عطسةً فاحمد الله، وإن كنت في صلاتك، أو كان بينك وبين

____________________

(١) في نسخة « ض »: « يخشى » ولم ترد نسخة « ش » وما أثبتناه من البحار ٧٦: ٥٥|١٣.

(٢) مكارم الأخلاق: ٣٥٥ باختلاف يسير. من « فاذا عطست... ».

(٣) مكارم الأخلاق: ٣٥٥ باختلاف في ألفاظه، من « فاذا عطس... ».

٣٩١

العاطس أرض أو بحر(١) .

ومن سبق العاطس إلى حمد الله، أمن من الصداع.

وإذا سمّتّ فقل: يرحمك الله، وللمنافق: يرحمكم الله، تريد بذلك الملائكة الموكلين به،وتقول للمرأة: عافاك الله، وللمريض: شفاك الله، وللمغموم والمهموم: فرّحك الله، وللغلام: ورّعك(٢) الله وانشاك، وللذمي: هداك الله، ولإمام المسلمين: صلّى الله عليك.

ونروي: أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يقول لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا عطس: « رفع الله ذكرك وقد فعل »، وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لأمير المؤمنينعليه‌السلام إذا عطس: « أعلى الله كعبك وقد فعل ».

وإن عطست وأنت في الصلاة، أو سمعت عطسة، فاحمد الله على أي حالة تكون، وصلّ على النبي وآله.

____________________

(١) مكارم الأخلاق: ٣٥٣ باختلاف يسير.

(٢) من الرّعة: وهي حسن الهيئة « القاموس المحيط - ورع - ٣: ٩٣ ».

٣٩٢

١١٢ - باب الفزع والهم

وإذا فزعت من سلطان - أو غيره - فقل: حسبي الله، لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، أمتنع بحول الله، أمتنع بحول الله وقوته من حولهم وقوتهم، أمتنع برب الفلق من شر ما خلق، وأقول ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله(١) .

وإذا حزنك أمر، فقل سبع مرات: بسم الله الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فان كفيت وإلا أتممت سبعين مرة.

واذا ابتليت ببلوى، أو أصابتك محنة، أو خفت أمراً، أو أصابك غم، فاستعن ببعض إخوانك، وادع بهذا الدعاء، ويؤمّن الاُخ عليه، فإنه روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه دعا وأمّن عليه عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام - في المهمات - وقال: « ما دعا بهذا الدعاء أحد قط - ثلاث مرات - إلا أعطي ما سأل، إلا أن يسأل مأثماً، أو قطيعة رحم، وهو أن يقول: يا حي يا قيوم، يا حي لا يموت، يا حي لا إله إلا أنت، أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض، يا ذاالجلال والإكرام »(٢) .

وإذا كنت مجهوداً فاسجد، ثم اجعل خدك الأيمن على الأرض، ثم خدك الأيسر، وقل في كل واحد: يا مذل كل جبار عنيد، يا معز كل جبار عنيد، يا معز كل ذليل، قد وحقك بلغ مجهودي، فصّل على محمد وآله وفرج عني(٣) .

____________________

(١) الكافي ٢: ٤٠٥|٧.

(٢) الكافي ٢: ٤٠٥|٤، تفسير القمي ١: ٣٥٤ من « أسألك بان الحمد... ».

(٣) مكارم الأخلاق: ٣٢٩.

٣٩٣

١١٣ - باب الحجامة والحلق

فإذا أردت الحجامة، فاجلس بين يدي الحجام وأنت متربع، وقل: بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالله الكريم في حجامتي، من العين في الدم، ومن كل سوء(١) واعلال وأمراض وأقسام وأوجاع، وأسألك العافية والمعفات والشفاء من كل داء.

وقد روي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال: « اقرأ آية الكرسي، واحتجم أي يوم شئت(٢) ، وتصدق واخرج أي يوم شئت ».

وإذا أردت أن تأخذ شعرك، فابدأ بالناصية فإنها من السنة، وقل: بسم الله وبالله، وعلى ملة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسنة، حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، اللهم اعطني بكل شعرة نوراً ساطعاً يوم القيامة.

فإذا فرغت فقل: اللهم زيني بالتقى، وجنبني الردى(٣) ، وجنب شعري وبشري المعاصي وجميع ما تكره مني، فإني لا أملك لنفسي نفعاً. واستقبل القبلة وابتدئ بالناصية، واحلق إلى العظمين النابتين الدانيين للاُذنين وبالله التوفيق.

____________________

(١) معاني الأخبار: ١٧٢، مكارم الأخلاق: ٧٤ باختلاف يسير.

(٢) مكارم الأخلاق: ٧٥.

(٣) مكارم الأخلاق: ٥٩ باختلاف يسير.

٣٩٤

١١٤ - باب الزي والزينة

وإذا لبست ثوبك الجديد فقل: الحمد الله الذي كساني من الرياش ما اُواري به عورتي، وأتجمل به عند الناس، اللهم اجعله لباس التقوى، ولباس العافية، واجعله لباساً أسعى فيه لمرضاتك، واُعمر فيها مساجدك(١) .

إذا أردت أن تلبس السراويل، فلا تلبسه وأنت قائم، والبس وأنت جالس، فإنه يورث الجن(٢) والماء الأصفر، يورث الغم والهم، وقل: بسم الله، اللهم استر عورتي، ولا تهتكني في عرصات القيامة، وأعفّ فرجي، ولا تخلع عني زينة الإيمان(٣) .

وإذا تعممت فقل: بسم الله، اللهم ارفع ذكري، واعل شأني، وأعزّني بعزتك، وأكرمني بكرمك، بين يديك وبين خلقك، اللهم توجني بتاج الكرامة والعز والقبول.

وإذا لبست خاتماً فقل: اللهم سمني بسيماء الإيمان، واختم لي بالخير، واجعل عاقبتي إلى خير، إنك العزيز الكريم.

وإذا أردت النظر في المرآة فخذها بيدك اليسرى وقل: بسم الله.

فإذا نظرت فيها، فضع يدك اليمنى على مقدم رأسك، وامسح على وجهك، اقبض لحيتك، وانظر في المرآة، وتقول: الحمد الله الذي خلقني بشراً سوياً، وزينني ولم يشنّي، وفضلني على كثير من خلقه، ومنّ عليّ بالإسلام ورضية لي ديناً.

____________________

(١) مكارم الأخلاق: ١٠١، وفي المقنع عن رسالة والده: ١٩٤، الكافي ٦: ٤٥٨|٢ باختلاف في ألفاظه.

(٢) في نسخة « ش » و « ض »: « الجبن » والظاهر تصحيف صحته: « الحبن » وهوداء في البطن يعظم منه البطن ويتورم « القاموس المحيط - حبن - ٤: ٢١٢ ».

(٣) المقنع: ١٩٤ عن رسالة والده باختلاف يسير.

٣٩٥

ثم ضعها من يدك وقل: اللهم لا تغير ما بنا من أنعمك، واجعلنا لأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين.

٣٩٦

١١٥ - باب الآداب

وإذا أردت أن تكتحل، فخذ الميل بيدك اليمنى واضربه في المكحلة، وقل: بسم الله.

وإذا جعلت الميل في عينك، فقل: اللهم نور بصري، واجعل فيه نوراً اُبصر به حقك، واهدني إلى الطريق الحق، وأرشدني إلى سبيل الرشاد، اللهم نوّر عليّ دنياي وآخرتي.

وإذا أردت أن تمشط لحيتك، فخذ المشط بيدك اليمنى، وقل: بسم الله. وضع المشك على اُم رأسك، ثم تسرح مقدم رأسك وقل: اللهم حسن شعري بشري، وطيب عيشي، وافرق عني السوء، ثم تسرح مؤخر رأسك وقل: اللهم لا تردني على عقبي، واصرف عني كيد الشيطان، ولا تمكنه مني.

ثم سرّح حاجبيك وقل: اللهم زني بزينة أهل التقوى، ثم تسرح لحيتك من فوق، وقل: اللهم سرّح عني الغموم والهموم ووسوسة الصدور(١) ، ثم أمر المشك على صدغك.

ثم امسح وجهك بماء ورد، فإني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من أراد أن يذهب في حاجة له، ومسح وجهه بماء ورد، لم يرهق، وتقضى حاجته، ولا يصيبه قتر ولا ذلة »(٢) .

وإذا لبست الخف أو النعل، فابدأ برجلك اليمنى قبل اليسرى.

____________________

(١) المقنع: ١٩٥ عن رسالة والده، مكارم الأخلاق: ٧١ باختلاف يسير من « واذا اردت أن تمشط... ».

(٢) المقنع: ١٩٦ عن رسالة والده باختلاف يسير.

٣٩٧

وإذا أردت لبسه فقال: بسم الله والحمد لله، اللهم صل على محمد وآل محمد، اللهم وطيء قدمي في الدنيا والآخرة وثبتهما على الإيمان، ولا تزلهما يوم زلزلة الأقدام، اللهم وقني من جميع الآفات والعاهات والأذى.

وإذا اردت أن تنزعهما فقل: اللهم فرج عني كل هم وغم، ولا تنزع عني حلّة الإيمان(١) .

وإذا أردت الخروج من منزلك فقل: بسم الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، توكلت على الله. فإنك إذا قلت هذا نادى ملك في قولك: بسم الله، هديت أيها العبد. وفي قولك: لا حول ولا قوة إلا بالله، وقيت، وفي قولك: توكلت على الله، كفيت. فيقول الشيطان حينئذ: كيف لي يعبد هدي ووقي كفي(٢)

اقرأ ( قل هن الله أحد ) مرة عن يمينك، ومرة عن يسارك، ومرة من خلفك، ومرة من بين يديك، ومرة من فوقك، ومرة من تحتك، فإنك، ومرة من تحتك، فإنك تكون في يومك كله في أمان الله تعالى.

وإذا وضعت رجلك في الركاب فقل: بسم الله وبالله، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، ومن علينا بالإيمان وبحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) .

فإذا دخلت سوقاً المسلمين، فقل: لا إله إلا الله وحه لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم ارزقني من خيرهها وخير أهلها(٤) .

واجتهد أن لا تلقى أخا من إخوانك، إلا تبسمت في وجهه وضحكت معه في مرضاة الله، فإنه نروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من ضحك في وجه أخيه المؤمن، تواضعاً لله جل وعز، أدخله الجنة ».

وإذا رأيت ذمياً فقل: الحمد لله الذي فضلني عليك بالإسلام ديناً، وبالقرآن

____________________

(١) ورد باختصار في المقنع: ١٩٦ عن رسالة والده، ومكارم الأخلاق: ١٢٣.

(٢) المقنع: ١٩٦ عن رسالة والده، وقد ورد باختلاف في ألفاظه في الكافي ٢: ٣٩٣|٢.

(٣) المقنع: ٦٨، مكارم الأخلاق: ٢٤٨ باختلاف في ألفاظه.

(٤) مكارم الأخلاق: ٢٥٧ باختلاف يسير، وفي عيون أخبار الرضاعليه‌السلام : ٢: ٣١|٤٢ وقد ورد الدعاء فيه إلى « وهو على كل شيء قدير ».

٣٩٨

كتاباً، وبمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله رسولاً ونبيّاً، وبالمؤمنين إخواناً، وبالكعبة قبلة فإنه من قال ذلك لا يجمع بينه وبينه في النار، ويعتقه منها.

فإذا نظرت إلى أهل البلاء، فقل ثلاث مرات: الحمد الله الذي عافاني مما ابتلاك به، ولو شاء الفعل(١) ، وأنا أعوذ بالله منها ومما ابتلاك به، والحمد لله الذي فضلني على كثير من خلقه.

وإذا كان لك دين على قوم، وقد تعسر عليك أخذه، فقل: اللهم لحظة من لحظاتك الكرام، تيسر على غرمائي بها القضاء، وتيسر لي بها منهم الإقتضاء، إنك على كل شيء قدير(٢) .

وإذا وقع عليك دين، فقل: اللهم اغنني بحلالك عن حرامك، واغنني بفضلك عمن سواك. فإنه نروي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لو كان عليك مثل صبير(٣) ديناً قضاه الله عنك » والصبير جبل باليمن، يقال: لا يرى جبل أعظم منه(٤) .

وروي: أكثر من الإستغفار، وأرطب لسانك بقراءة ( إنا أنزلنا في ليلة القدر )(٥) .

وإذا أردت سفراً، فاجمع أهلك وصلّ ركعتين، وقل: اللهم إني أستودعك ديني ونفسي وأهلي وولدي وعيالي(٦) .

فإذا اشتريت متاعاً أو سلعة أو جارية أو دابة، فقل: اللهم إني اشتريته ألتمس فيه من رزقك، فاجعل لي فيه رزقاً اللهم إني ألتمس فيه فضلك، فأجعل لي فيه فضلاً، اللهم إني ألتمس فيه من خيرك وبركتك وسعة رزقك، فاجعل لي فيه رزقاً واسعاً وربحاً طيباً هنيئاً مرياً. يقولها ثلاث مرات(٧) .

____________________

(١) الكافي ٢: ٧٩|٢٠، مكارم الأخلاق: ٣٥١ باختلاف يسير من « فإذا نظرت إلى اهل البلاء... ».

(٢) الكافي ٢: ٤٠٣|١ باختلاف يسير.

(٣) في نسخة « ض » و « ش »: « صيد » وكذا المورد الآتي و كلاهما تصحيف وصوابه ما أثبتناه من البحار ٩٥: ٣٠١|٣. والصبير: إسم جبل باليمين « النهاية ٣: ٩ ».

(٤) أمالي الصدوق: ٣١٧|١٠ باختلاف يسير.

(٥) الكافي ٥: ٣١٧|٥١.

(٦) المقنع: ٦٧، مكارم الأخلاق: ٢٤٥ باختلاف يسير.

(٧) الفقيه ٣: ١٢٥|١ باختلاف يسير، وورد مختصراً في الكافي ٥: ١٥٦|١، مكارم الأخلاق: ٢٥٧.

٣٩٩

فإذا دخلت على سلطان تخاف شره، فقل: اللهم إني أسألك خير فلان، وأعوذ بك من شره، وأسألك بركته، وأعوذ بك من فتنة، اللهم اجعل حاجتي أولها صلاحاً وأوسطها فالحاً وآخرها نجاحاً.

وإذا كان لك إلى رجل حاجة، فقل: خيرك بين عينيك، وشرك تحت قدميك، وأنا أستعين بالله عليك. تقول ذلك مراراً(١) .

وإذا أُصبت بمال، فقل: اللهم إني عبدك، وابن عبدك وابن أمتك، وفي قبضتك، ناصيتي بيدك، تحكم ما تشاء وتفعل ما تريد، اللهم فلك الحمد على حسن قضائك وبلائك، اللهم هو مالك ورزقك، وأنا عبدك، خولتني حين رزقتني، اللهم فألهمني شكرك فيه، والصبر عليه حين أصبت وأخذت، اللهم أنت أعطيت وأنت أصبت، اللهم لا تحرمني ثوابه، ولا تنسني من خلفه في دنياي وآخرتي، إنك على كل شيء قدير، اللهم أن لك وبك وإليك ومنك، لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً.

وإذا أردت أن تحرز متاعك، فاقرأ آية الكرسي واكتبها وضعها في وسطه، واكتب أيضاً(وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ) (٢) لا ضيعة على ما حفظ الله(فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّـهُ) (٣) إلى آخر السورة. فإنك قد أحرزت إن شاء الله، فلا يصل اليه سوء بإذن الله.

فإذا رأيت الأسد، فكبر في وجهه ثلاث تكبيرات وقل: الله أعز وأكبر وأجل، من كل شيء اكبر، وأعوذ بالله مما أخاف وأحذر(٤) .

فإذا نبحك الكلب فاقرا(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ) (٥) إلى آخرها.

وإذا نزلت منزلاً تخاف فيه السبع، فقل: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، أعوذ بالله من شر كل سبع.

وإن خفت عقرباً، فقل: أعوذ بكلمات الله التامات، التي لا يجاوزهن برولا

____________________

(١) مكارم الأخلاق: ٣٤٨ وفيه « إذا دخلت على السلطان فقل ».

(٢) يس ٣٦: ٩.

(٣) التوبة ٩: ١٢٩.

(٤) مكارم الأخلاق: ٣٤٩ باختلاف يسير من « فإذا رأيت الاسد... ».

(٥) الرحمن ٥٥: ٣٣.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447